Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 39

‫الفهرس‬

‫المق ّدمة‪5 ................................................................................ :‬‬


‫عناصر الما ّدة‪5 ........................................................................... :‬‬
‫الحب مع الكتب والعلم‪6 .....‬‬
‫ّ‬ ‫المحور األول‪ :‬الشغف بالكتب والقراءة والطّلب‪ ،‬وقصص في‬
‫المحور الثاني‪ :‬نماذج فريدة في استغالل الوقت وإدراك قيمته وملئه بالعلم والقراءة‪9 ........ .‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬قواعد القراءة والمهارة‪11 ................................................ .‬‬
‫قسم قراءتك إلى خمسة مسارات‪11 ...................................... .‬‬
‫القاعدة األولى‪ّ :‬‬
‫قسم الكتب إلى ع ّدة أنواع‪11 ..............................................‬‬
‫القاعدة الثانية‪ّ :‬‬
‫القاعدة الثالثة‪ :‬أشبع نهمك باالطّالع على الفهرس والمق ّدمة‪11 ........................... .‬‬
‫القاعدة الرابعة‪َّ :‬د ِون فوائد الكتاب المقروء في ّأوله وآخره‪15 ...............................‬‬
‫تمه‪16 ......................... .‬‬
‫القاعدة الخامسة‪ :‬إذا ابتدأت بقراءة كتاب فال تتركه حتى تُ ّ‬
‫مرة واحدة‪16 ........................................... .‬‬ ‫القاعدة السادسة‪ :‬ال تقرأ الكتاب ّ‬
‫القاعدة السابعة‪ :‬اِفهم خارطة الكتاب المعرفيّة‪11 ......................................... .‬‬
‫القاعدة الثّامنة‪ :‬اكتب أو ارسم الخارطة المعرفيّة للكتاب‪19 ............................... .‬‬
‫المعرفي واإلتقان‪19 ........... .‬‬
‫ّ‬ ‫القاعدة التّاسعة‪ :‬تكرار الكتب المركزيّة سر من أسرار التّق ّدم‬
‫تغتر بالعناوين‪11 ......................... .‬‬ ‫ِّ‬
‫القاعدة العاشرة‪ :‬ح ّدد قيمة الكتاب والمؤلف وال ّ‬
‫القاعدة ‪ :11‬اعرف موقع الكتاب في قائمة العلم الذي ينتمي إليه‪11 ...................... .‬‬
‫القاعدة ‪ :11‬اقرأ جميع مؤلّفات بعض المتم ّكنين‪ ،‬أو اجرد مؤلّفات مؤلّف معيّن‪12 ........ .‬‬
‫كونت قاعدة معرفيّة حول موضوع ما‪َ ،‬س ُهل عليك االزدياد فيه‪11 ...... .‬‬
‫القاعدة ‪ :12‬كلّما ّ‬
‫الفن‪15 ... .‬‬
‫القاعدة ‪ :11‬اعتمد كتابا تأسيسيّا وانقل إلى حواشيه فوائد كتاب آخر في نفس ّ‬
‫خصص أو مجال االهتمام وانقل إليه الفوائد‪16 ........... .‬‬
‫القاعدة ‪ :15‬اجعل لك دفترا للتّ ّ‬
‫القاعدة ‪ :16‬ح ّدد لك قدرا من القراءة ال ّدوريّة‪16 ........................................ .‬‬

‫‪2‬‬
‫ِ‬
‫خمسة كتب راجع كتابَين‪11 ................................. .‬‬ ‫كل‬
‫القاعدة ‪ :11‬بعد قراءة ِّ‬
‫القاعدة ‪ :11‬إذا أشكل عليك شيء أثناء القراءة فلك أن تراجعه‪11 ....................... .‬‬
‫كل فن حتى تعود لها‪11 ................‬‬
‫المعتمدة في ّ‬
‫اجع ُ‬
‫القاعدة ‪ :19‬يجب أن تعرف المر َ‬
‫كل شيء في الكتاب‪19 .... .‬‬
‫كل شيء تقرؤه وال أن تقرأ ّ‬
‫القاعدة ‪ :12‬ليس ضروريًّا أن تفهم َّ‬
‫الرابع‪ :‬قواعد التّلخيص واختصار الكتب‪22 ....................................... .‬‬
‫المحور ّ‬
‫كل كتاب يُلخَّص‪22 ............................................... .‬‬
‫القاعدة األولى‪ :‬ليس ّ‬
‫المهمة‪22 ................................ .‬‬
‫القاعدة الثّانية‪ :‬ل ّخص الكتب المركزيّة أو البنائيّة ّ‬
‫القاعدة الثالثّة‪ :‬التّلخيص بعد التّشجير وليس قبله‪22 ...................................... .‬‬
‫الرابعة‪ :‬التّشجير يكون باالستعانة بع ّدة أمور‪21 .................................... .‬‬
‫القاعدة ّ‬
‫القاعدة الخامسة‪ :‬التّلخيص ال يتناول االستطرادات‪21 .................................... .‬‬
‫مرات حتّى يثبت بالنّفس‪21 ........................ .‬‬
‫السادسة‪ :‬قراءة المل ّخص ع ّدة ّ‬
‫القاعدة ّ‬
‫المحور الخامس‪ :‬مشكلة نسيان المقروء‪22 ................................................‬‬
‫خاصة بك‪22 ..................... .‬‬
‫عامة وليست ّ‬
‫القاعدة األولى‪ :‬أن تُدرك أ ّن هذه المشكلة ّ‬
‫القاعدة الثّانية‪ :‬ح ّدد المعلومات الجديدة عليك في القراءة‪21 ............................. .‬‬
‫الم َح َّدد في القراءة الثّانية‪21 ..................................... .‬‬
‫القاعدة الثّالثة‪ :‬ح ّدد من ُ‬
‫األهم في القراءة الثّالثة‪21 ............................................ .‬‬
‫الرابعة‪ :‬اقرأ ّ‬
‫القاعدة ّ‬
‫مرات خالل سنة‪25 ..... .‬‬
‫يقل عن عشر ّ‬
‫المهم واقرأه ما ال ّ‬
‫ّ‬ ‫القاعدة الخامسة‪ :‬ل ّخص الكتاب‬
‫السادس‪ :‬مشكلة الملل من القراءة‪26 ............................................ .‬‬
‫المحور ّ‬
‫القاعدة األولى‪ :‬ح ّدد الهدف‪26 .......................................................... .‬‬
‫القاعدة الثّانية‪ :‬نَ ِّوع الوسيلة‪26 ........................................................... .‬‬
‫القاعدة الثّالثة‪ :‬شارك غيرك‪26 .............................................................‬‬
‫القاعدة الرابعة‪ِ :‬‬
‫أشعر نفسك باإلنجاز‪26 ................................................. .‬‬ ‫ّ‬

‫‪3‬‬
‫شغوفين‪21 ............................................ .‬‬
‫القراء ال ّ‬ ‫ِ‬
‫القاعدة الخامسة‪ :‬اقرأ سيَر ّ‬
‫المهمة‪21 ........................ .‬‬
‫السابع‪ :‬نماذج لتكرار الكتب المركزيّة أو الكتب ّ‬
‫المحور ّ‬
‫ممن قرؤوا كتبا كبيرة في م ّدة يسيرة‪29 ..................... .‬‬
‫المحور الثّامن واألخير‪ :‬نماذج ّ‬

‫‪4‬‬
‫المق ّدمة‪:‬‬
‫حمم ٍد وعلى آله‬
‫وصل اللّهم وسلّم وبارك على نبيّنا ّ‬
‫رب العاملني‪ ،‬حنمده ونستعينه ونستغفره‪ّ ،‬‬
‫احلمد هلل ّ‬
‫وصحبه أمجعني‪ .‬مرحبًا بكم أيّها اإلخوة واألخوات يف هذا اللّقاء‪ ،‬الّذي أسأله سبحانه وتعاىل أن‬
‫ونافعا‪.‬‬
‫يكون لقاءًا مبارًكا ً‬
‫عناصر الما ّدة‪:‬‬
‫طويل؛ ولذلك سأحاول أن أس ّد‬
‫عناصر رّّبا حتتاج أو تتطلّب وقتًا ً‬
‫ٌ‬ ‫عندنا عناصر املوضوع‪ ،‬وهي‬
‫الفجوات الّيت ميكن أن تكون بني العناصر‪.‬‬

‫احلب للكتب والعلم‪.‬‬


‫صص يف ّ‬ ‫األول‪ّ :‬‬
‫الشغف بالكتب وبالقراءة والطّلب‪ ،‬وق ٌ‬ ‫المحور ّ‬

‫المحور الثّاني‪ٌ :‬‬


‫مناذج فريدةٌ يف استغلل الوقت بالقراءة على خمتلف األحوال‪ ،‬وإدراك قيمته وأمهيّته‬
‫وملئِه بالعلم‪.‬‬

‫األساسي‪ :-‬قواعد ومهارات القراءة‪ ،‬وسنتح ّدث عن عشرين قاعدةً‬


‫ّ‬ ‫المحور الثّالث ‪-‬وهو المحور‬
‫ومهارًة من مهارات القراءة بإذن اهلل تعاىل‪.‬‬

‫الرابع‪ :‬قواعد يف تلخيص الكتب‪.‬‬


‫المحور ّ‬
‫المحور الخامس‪ :‬مشكلة نسيان املقروء وحلّها‪.‬‬

‫السادس‪ :‬مشكلة امللل من القراءة‪.‬‬


‫المحور ّ‬

‫السابع‪ :‬تكرار قراءة الكتب‪ٌ ،‬‬


‫مناذج فريدةٌ‪.‬‬ ‫المحور ّ‬
‫ٍ ٍ‬
‫مناذج‪.‬‬
‫صص و ٌ‬‫المحور الثّامن‪ :‬قراءة الكتب الكبرية يف أزمنة يسرية‪ ،‬ق ٌ‬

‫المحور التّاسع‪ :‬املداومة على القراءة وعدم االنقطاع‪ٌ ،‬‬


‫مناذج فريدةٌ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الحب مع الكتب والعلم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المحور األول‪ :‬الشغف بالكتب والقراءة والطّلب‪ ،‬وقصص في‬
‫هذا الفصل والذي يليه ميكن أن يُفرد ّبحاضرات‪ ،‬سلسلة قصصيّة‪ ،‬مناذج رهيبة وأنت تقرأ‬
‫للمتق ّدمني‪ :‬كيف كانوا يتعاملون مع الكتاب وحيبّونه‪ ،‬ويعيشون يف أكناف هذه األوراق‪ ،‬ويستشعرون‬
‫جمرد أور ٍاق وألو ٍان سوداء مسطورةٍ على هذه األوراق‪ ،‬وإّمنا يتعاملون مع ٍ‬
‫روح؛‬ ‫ّأّنم ال يتعاملون مع ّ‬
‫الصحابة والتّابعني والعلماء‪،‬‬
‫جالس مع ّ‬
‫ٌ‬ ‫جالسا مع الكتب‪ ،‬يُف ّكر بأنّه‬
‫خص منهم عندما يكون ً‬ ‫فالش ُ‬‫ّ‬
‫كتاب‪ ،‬لست مع أور ٍاق بيضاء أو صفراء و ٍ‬
‫أحرف سوداء‪،‬‬ ‫فهذه الروح يف التّفكري‪ :‬أنّه أنا لست مع ٍ‬
‫ّ‬
‫عقول ومع ٍ‬
‫أفهام ُسطّرت يف هذه الكتب‪.‬‬ ‫وإّمنا أنا أعيش مع ٍ‬
‫ٍ ٍ‬
‫أكررها‪ ،‬واجلاحظ هو من أمثلة العلماء املعتنني‬ ‫‪ -‬أستفتح هذا احملور بعبارة مجيلة للجاحظ ّ‬
‫أحب أن ّ‬
‫متنوعة‪ ،‬اجلاحظ يقول يف كتابه احليوان‪:‬‬‫شك؛ كتبه ّ‬ ‫بالقراءة عنايةً كبريًة‪ ،‬ويظهر هذا يف كتبه بدون ّ‬
‫عشاق القيان ‪-‬املغنّيات‪ -‬واملستهرتين‬
‫"من مل تكن نفقته الّيت ُترج يف الكتب أل ّذ عنده من إنفاق ّ‬
‫بالبنيان‪ ،‬مل يبلغ يف العلم مبلغًا رضيًّا ‪-‬أي من مل يستمتع وهو ينفق يف شراء الكتب كما يستمتع أهل‬
‫حّت يُؤثِر ّاتاذ الكتب إيثار‬
‫الشهوات؛ فهذا مل يبلغ يف العلم مبلغًا رضيًّا‪ ،-‬وليس ينتفع بإنفاقه ّ‬ ‫ّ‬
‫ايب يف فرسه"‪ ،‬هذا تشبيهٌ من‬‫وحّت يُؤِّمل يف العلم ما يُؤِّم ُل األعر ّ‬
‫ايب فرسه باللّنب على عياله‪ّ ،‬‬
‫األعر ّ‬
‫وملك اإلبل أحيانًا تقول‬
‫العريب‪ ،‬معروف يف العرب إىل اليوم‪ ،‬عندنا بعض رعاة اإلبل ّ‬ ‫أرض الواقع ّ‬
‫حيب البعري أكثر من عياله‪.‬‬
‫عنهم‪ :‬واهلل ّ‬
‫‪ -‬ابن عبد الهادي ‪-‬تلميذ ابن تيمية‪ -‬يقول يف كتابه (طبقات علماء احلدي ) وخمتصر طبقات‬
‫متل‬
‫تكاد نفسه تشبع من العلم‪ ،‬وال تروى من املطالعة‪ ،‬وال ّ‬ ‫علماء احلدي ‪ ،‬عن ابن تيمية يقول‪" :‬ال ُ‬
‫وقل أن يدخل يف عل ٍم من العلوم يف ٍ‬
‫باب من أبوابه ّإال يُفتح له‬ ‫تكل من البح ‪َّ ،‬‬‫من االشتغال‪ ،‬وال ُّ‬
‫اهلمة‪ ،‬العزمية‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اب‪ ،‬ويستدرك أشياءً يف ذلك العلم على ُح ّذاق أهله"؛ احلرص‪ّ ،‬‬ ‫من ذلك الباب أبو ٌ‬
‫أدخل باب عل ٍم أُبدع فيه‪ ،‬هذا كلّه من ّ‬
‫الشغف وامللزمة‪.‬‬

‫منوذج يذكره ابن القيّم يف (روضة‬


‫عشاق الكتب‪ -‬وبني الكتب‪ ،‬هذا ٌ‬ ‫القراء ‪ّ -‬‬
‫حب بني ّ‬‫‪ -‬علقة ٍّ‬
‫احملبّني) عن شيخه ابن تيمية‪ ،‬يقول‪ :‬ح ّدثين شيخنا ابن تيمية قال‪" :‬ابتدأين ٌ‬
‫مرض‪ ،‬فقال يل الطّبيب‪:‬‬
‫‪6‬‬
‫إ ّن مطالعتك وكلمك يف العلم يزيد املرض‪ ،‬فقلت له‪ :‬ال أصرب على ذلك‪ ،‬وأنا أحاكمك إىل علمك‪،‬‬
‫وسَّرت وقويت الطّبيعة دفعت املرض؟ فقال الطّبيب‪ :‬بلى‪ ،‬قلت له‪ :‬فإ ّن‬‫أليست النّفس إذا فرحت ُ‬
‫حب‬
‫ج عن علجنا"‪ .‬فالقضيّة قضيّة ٍّ‬ ‫نفسي تُسّر بالعلم فتقوى به الطّبيعة فأجد راحةً‪ ،‬فقال‪ :‬هذا خار ٌ‬
‫ٍ‬
‫وعشق‪.‬‬

‫حنبلي‪ ،‬وج ّده أفخر من أبيه‬


‫ٌّ‬ ‫السالم‪ ،‬أبوه فقيهٌ‬
‫أيضا‪ ،‬ابن تيمية أحمد بن عبد الحليم بن عبد ّ‬
‫‪ً -‬‬
‫(املسودة يف أصول الفقه)‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أي أكثر شهرةً‪ ،‬له كتب‪( :‬املنتقى)‪ ،‬واشرتك هو وابنه وحفيده يف كتاب‬
‫يقول ابن القيّم يف (روضة احملبّني)‪ :‬ح ّدثين أخو شيخنا ‪-‬أخو ابن تيمية‪ -‬يقول‪ :‬عن أيب عبد احلليم‬
‫قال‪ :‬كان اجل ّد ‪-‬ج ّد ابن تيمية‪ -‬إذا دخل اخللء يقول يل ‪-‬ابنه‪":-‬اقرأ يف هذا الكتاب وارفع صوتك‬
‫ٍ‬
‫وعشق وليست تكلًُّفا‪ ،‬ال ي ُؤّز نفسه ًّأزا ّ‬
‫حّت ميارس هذه‬ ‫حب‬
‫حّت أمسع" ‪.‬فالقضيّة كما ذكرنا قضيّة ٍّ‬
‫ّ‬
‫القضيّة‪.‬‬

‫أيضا‪ ،‬ياقوت الحموي يف (إرشاد األريب) يف ترمجة الجاحظ‪ ،‬يقول‪ :‬ح ّدث أبو ه ّفان قال‪" :‬مل‬
‫‪ً -‬‬
‫ط ّإال استوىف‬
‫كتاب ق ّ‬
‫أحب ال ُكتب والعلوم أكثر من اجلاحظ‪ ،‬فإنّه مل يقع بيده ٌ‬
‫ط وال مسعت من َّ‬ ‫أر ق ّ‬
‫الوراقون هم الّذين‬
‫الوراقني ويبيت فيها للنّظر" ‪ّ -‬‬
‫حّت إنّه كان يكرتي دكاكني ّ‬ ‫قراءته كائنًا ما كان‪ّ ،‬‬
‫احملل‬ ‫ِّ ِ‬
‫احملل وجيلس يف ّ‬ ‫الوراق ويطلبُهُ تأجري حمله ليلةً‪ ،‬فيستأجر ّ‬
‫ينسخون الكتب‪ ،-‬فكان يذهب إىل ّ‬
‫طول اللّيل يقرأ الكتب‪.‬‬

‫شريف المرتضى يقول‪ :‬حكى اخلطيب أبو زكريّا حيىي ابن ٍّ‬
‫علي‬ ‫أيضا يف ترمجة ال ّ‬
‫‪ -‬ابن خلّكان كان ً‬
‫التربيزي اللّغوي أ ّن أبا احلسن القايل األديب كان له نسخةٌ من كتاب اجلمهرة البن در ٍ‬
‫يد يف غاية‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫الشريف املرتضى أبو‬
‫مهم جدًّا‪ ،‬فدعته احلاجة إىل بيع النّسخة فباعها‪ ،‬واشرتاها ّ‬ ‫كتاب ٌّ‬‫اجلودة‪ ،‬وهو ٌ‬
‫ط بائعها‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫دينارا وتص ّفحها‪ ،‬فوجد هبا أبياتًا خب ّ‬ ‫القاسم املذكور بستّني ً‬
‫لقد طال و ْج ِدي بعدها وحنيين‬ ‫حوال وبعِتُها‬
‫ت هبا عشرين ً‬ ‫ِ‬
‫أن ْس ُ‬
‫ولو خلَّدتْين يف الس ِ‬
‫جون ُدي وين‬ ‫وم ا ك ان ظ ّين أنّين س أبيِعُها‬
‫ّ‬
‫ِص غا ٍر عليهم ت ْست ِه ُّل ُش ُؤون ي‬ ‫وصْب ي ٍة‬ ‫ولِ كن لِض ْع ٍ‬
‫ف وافتِقا ٍر ِ‬
‫ْ‬
‫‪7‬‬
‫وي الف ؤ ِاد ح زي ن‬
‫مقال ة مك ّ‬
‫فقل ت ومل أمل ك سواب ق عربةٍ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ب ِهب َّن ضني ين‬
‫كرائِ م م ن ر ٍّ‬ ‫ات يا أ َُّم ٍ‬
‫مالك‬ ‫ِج احلاج ُ‬
‫وقد ُتر ُ‬

‫حسر على هذا الفقدان هلذا الكتاب وهلذه النّسخة اجلميلة‪.‬‬


‫انظروا ق ْدر التّ ُّ‬
‫‪ -‬ابن الجهم يقول‪ ،‬وهذا ذكره الجاحظ يف كتاب (احليوان)‪" :‬إذا غشيين النعاس يف غري وقت ٍ‬
‫نوم‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الشيء النّوم الفاضل عن احلاجة‪ ،‬قال‪ :‬إذا اعرتاين ذلك‪ ،‬تناولت كتابًا من كتب احلكم‪ ،‬فأجد‬ ‫وبئس ّ‬
‫اهتزازي للفوائد واألرحييّة الّيت تعرتيين عند الظّفر ببعض احلاجة والّذي يغشى قليب من سروِر االستبانة‬
‫الشخص إذا أراد أن ينام يأخذ كتابًا‬
‫وعز التّبيني أش ّد إيقاظًا من ّنيق احلمري وه ّدة اهلدم"‪ ،‬احلاصل أ ّن ّ‬
‫ّ‬
‫فيقول أنّه إذا جاءه النّعاس يف غري وقت نومه‪ ،‬يأخذ كتابًا‪ ،‬فمن كثرة ما‬
‫حّت يأتيه النّوم‪ّ ،‬أما هو ُ‬ ‫ّ‬
‫ويهتز هلا جسمه؛ يشعر باالستيقاظ أكثر من مساعه ألصوات ّنيق احلمري وه ّدة‬ ‫يطرب من الفوائد ّ‬ ‫ُ‬
‫اهلدم‪.‬‬

‫حوي املشهور الكبري‪ ،‬كان سبب وفاته أنّه خرج من اجلامع يوم اجلمعة بعد‬
‫أيضا‪ ،‬ثعلب‪ :‬اإلمام النّ ّ‬
‫‪ً -‬‬
‫كتاب ينظر فيه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫صمم ‪-‬بسبب الكرب‪ ،-‬ال يسمع ّإال بعد تع ّدد‪ ،‬وكان يف يده ٌ‬‫العصر‪ ،‬وكان قد حلقه ٌ‬
‫يتأوه‬ ‫فصدمته فرس فألقته يف ٍ‬
‫هوة‪ ،‬فأُخرج منها وهو كاملختلط‪ ،‬فُحمل إىل منزله على تلك احلال وهو ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫من رأسه فمات ثاين ٍ‬
‫يوم‪.‬‬

‫الحسني‪ّ ،‬‬
‫الشيخ علي الطّنطاوي يقول عنه‪" :‬كان جيلس يف‬ ‫ّ‬ ‫شيخ محمد بن بدر ال ّدين‬
‫أيضا‪ ،‬ال ّ‬
‫‪ً -‬‬
‫اللّيل ليقرأ فإذا غلبه النّعاس اتّكأ برأسه على وسائد أُع ّدت له‪ ،‬فأغفى ساعتني أو ثلثًا من اللّيل‬
‫عات‪ ،‬ومن النّهار ساعة"‪.‬‬‫متقطّ ٍ‬

‫حميب العلم والقراءة والكتب الّذين كانوا يعيشون معها‪ ،‬ويُدركون‬


‫هذا شيءٌ من القصص الواردة عن ّ‬
‫قصصا ألمساء‬
‫انتقيت ً‬
‫ُ‬ ‫احلياة الّيت تكون مع هذا العلم العظيم‪ .‬القصص أكثر من ذلك بكث ٍري‪ ،‬ولكن‬
‫ٍ‬
‫حّت تكون أقرب إىل ال ّذهن وأقرب للحفظ‪ ،‬وهذه من وسائل احلفظ‪ :‬أن ترتبط‬ ‫مشهورةٍ معروفة‪ّ ،‬‬
‫الربط‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫أصل يف ال ّذهن فيسهل ّ‬
‫املعلومة بشيء له ٌ‬
‫‪8‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬نماذج فريدة في استغالل الوقت وإدراك قيمته وملئه بالعلم والقراءة‪.‬‬
‫اإلنسان ال ّداخل يف جمال العلم ويف جمال القراءة جيب أن يب ُذل من وقته‪ ،‬و ّأال يشعر أ ّن ما يبذله من‬
‫احلقيقي هو ما يق ّدمه يف سياق القراءة والعلم‬
‫ّ‬ ‫ضائع‪ ،‬وإّمنا يشعر أ ّن وقته‬
‫ثقيل أو ٌ‬
‫وقته هو شيءٌ ٌ‬
‫واالزدياد‪.‬‬

‫مفرد يف ترمجة شيخه ابن حجر العسقالني‪ -‬يقول عن‬ ‫خاوي يف (اجلواهر وال ّدرر)‪- ،‬له ٌ‬
‫كتاب ٌ‬ ‫الس ّ‬‫‪ّ -‬‬
‫السماع‪ ،‬والعبادة والتّصنيف واإلفادة‪ ،‬حبي مل‬
‫شيخه ابن حجر‪" :‬إّمنا كانت مهّته املطالعة والقراءة و ّ‬
‫سالك‪ ،‬كما حكى‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وتوجهه وهو ٌ‬
‫ّ‬ ‫حّت يف حال أكله‬‫يكن ُُيْلي حلظةً من أوقاته عن شيء من ذلك‪ّ ،‬‬
‫أمرا هيّأ أسبابه‪ ،‬وقد مسعته –أي ابن حج ٍر‪ -‬يقول‬ ‫ِ‬
‫يل ذلك بعض رفقته الّذين كانوا معه‪ ،‬وإذا أراد اهلل ً‬
‫ألتعجب ممّن جيلس خاليًا عن االشتغال"‪.‬‬‫إين ّ‬ ‫مرةٍ‪ّ :‬‬
‫غري ّ‬
‫الزمان)‪" :‬مسعت شيخنا ‪-‬أي ابن حج ٍر‪ ،‬يتح ّدث عن نفسه‪ -‬غري مرةٍ‬ ‫البقاعي يف (عنوان ّ‬ ‫‪ -‬قال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حديثي‪ ،‬لو ُجلِّدت‬ ‫يوم‪ ،‬فسمع هبا حنو ألف ٍ‬
‫جزء‬ ‫يقول‪ :‬أنّه أقام يف دمشق يف رحلته الشامية مئة ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫لكانت تقارب مئة جملّد‪ ،‬وكتب فيها عشرة جملّ ٍ‬
‫دات‪ ،‬منها (أطراف املختار)"‪.‬‬

‫لكن هناك شيءٌ مؤملٌ‪ :‬أين كتاب (أطراف املختار)؟ يقول ال ّدكتور علي العمران‪ ،‬وهذه القصص‬
‫مررت عليه‬
‫مهم‪ُ ،‬‬ ‫كتاب ٌّ‬‫منتخبةٌ من كتابه اجلميل الف ّذ (املشوق إىل القراءة وطلب العلم)‪ ،‬وهو ٌ‬
‫وانتخبت منه هذه القصص‪ .‬يقول ال ّدكتور علي العمران‪" :‬وهذا الكتاب الّذي ألّفه احلافظ غرق مع‬
‫مئة وستّ ٍة‪ .‬وكان ممّا غرق فيها أطراف‬
‫ما غرق من كتبه الّيت خبطّه يف رحلته الثّانية إىل اليمن‪ ،‬سنة مثان ٍ‬
‫الطيالسي"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ي وأطراف مسند أمحد وأطراف املختار وترتيب مسندي عبد ابن محيد و‬ ‫املز ّ‬
‫ّ‬
‫هذه كلّها غرقت من ابن حج ٍر يف طريقه إىل اليمن بعد أن كتبها خب ّ‬
‫ط يده‪ .‬يكفيه الّذي بقي‪ ،‬ما‬
‫شاء اهلل‪( ،‬فتح الباري)‪( ،‬لسان امليزان) و(هتذيب التّهذيب) و(تقريب التّهذيب)؛ وح ّدث ما‬
‫شئت‪...‬‬

‫‪9‬‬
‫حنبلي‪ ،‬ابن رجب يف (ال ّذيل على طبقات احلنابلة)‪ ،‬ذكر عن ابن‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬تعرفون أبو الوفاء بن عقيل‬
‫حيل يل أن أُضيّع‬‫إين ال ّ‬ ‫الجوزي أنّه قال عنه‪" :‬كان دائم التّشاؤل بالعلم‪ّ ،‬‬
‫حّت أين رأيت خبطّه‪ّ :‬‬ ‫ّ‬
‫مطالعة‪ ،‬أعملت فكري يف‬ ‫ٍ‬ ‫حّت إذا تعطّل لساين عن مذاكرةٍ ومناظرةٍ‪ ،‬وبصري عن‬
‫ساعةً من عمري‪ّ ،‬‬
‫وإين ألجد من حرصي على العلم‬ ‫حالة راحيت وأنا مستطر ٌح‪ ،‬فل أّنض ّإال وقد خطر يل ما أسطّره‪ّ ،‬‬
‫وأنا يف عشر الثّمانني أش ّد ممّا كنت أجده وأنا ابن عشرين ٍ‬
‫سنة"‪ ،‬هذه هي املواظبة‪ ،‬االستمراريّة‪.‬‬

‫ُقصر بغاية جهدي أوقات أكلي‪،‬‬ ‫أيضا‪ ،‬ابن رجب نقل عن ابن عقيل أنّه قال عن نفسه‪" :‬أنا أ ِّ‬ ‫‪ً -‬‬
‫سف الكعك وحت ِّسيه باملاء على اخلبز‪ -‬يعين‪ :‬اخلبز أو الكعك املطحون؟ ال‪ ،‬آخذ الكعك‬
‫أختار ّ‬
‫حّت ُ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫مطالعة أو تسطري‬ ‫املطحون؛ ألنّه أسرع يف األكل‪-‬؛ ألجل ما بينهما من تفاوت املضغ‪ ،‬توفًّرا على‬
‫فائدةٍ مل أدركها فيه"‪.‬‬
‫وح َّق له أن‬
‫يظن أّّنا مبالغةٌ‪ُ ،‬‬
‫اجلو ّ‬‫طبعا يا مجاعة‪ ،‬مثل هذه القصص‪ ،‬بالنّسبة للّذي مل يعش هذا ّ‬ ‫ً‬
‫يظن أ ّن هذه القصص مبالغةٌ‪ ،‬لكن أنا واهللِ أعرف من يعيش مثل هذه‬ ‫يظن‪ ،‬وال نستنكر على من ّ‬ ‫ّ‬
‫فرق‪،‬‬
‫الزملء‪ ،‬كان إذا ذهب إىل اخللء ميشي سر ًيعا‪ ،‬ولن يكون هناك ٌ‬ ‫احدا من ّ‬
‫األجواء؛ يعين أذكر و ً‬
‫س مع‬ ‫ومتحم ٌ‬
‫ّ‬ ‫جالس يقرأ‬
‫ٌ‬ ‫هي القضيّة ليست أ ّن الوقت سيختلف ‪-‬هذه القضيّة نفسيّة‪ ،-‬هو‬
‫مشتغل‪ ،‬هذه هي القضيّة‬
‫ٌ‬ ‫اضطر إىل ال ّذهاب إىل اخللء‪ ،‬يذهب سر ًيعا ويعود سر ًيعا‪ ،‬ألنّه‬
‫الكتاب‪ّ ،‬‬
‫مشتغل»‪ ،‬ونرى أ ّن اجلاحظ اختصرها‪" :‬كان يُؤثِر القراءة‪ ،‬يُؤثِر إنفاقه على الكتب‬
‫ٌ‬ ‫نفسها‪« :‬إنسا ٌن‬
‫ايب فرسه باللّنب على عياله"‪.‬‬
‫إيثار اإلعر ّ‬
‫األساسي يف هذا اللّقاء‪،‬‬
‫ّ‬ ‫نكتفي هبذه القصص‪ ،‬بقيت بعض النّماذج لكن نتجاوزها‪ .‬ننتقل إىل احملور‬
‫الّذي هو‪:‬‬

‫‪01‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬قواعد القراءة والمهارة‪.‬‬
‫وعندنا عشرون قاعد ًة ومهارًة سنأخذها بإذن اهلل تعاىل‪.‬‬
‫القاعدة األوىل‪ ،‬أو املهارة األوىل‪ ،‬أنا لن أدقّق يف كلمة «قاعدةٍ» أو «مهارةٍ»؛ أنا خلطت القواعد‬
‫تسميه «مهارةً»؛ فسأجتاوز موضوع إطلق‬
‫تسميه «قاعد ًة»‪ ،‬وميكن أن ّ‬‫باملهارات‪ .‬وكلمها ميكن أن ّ‬
‫كثريا يف الفرق بينهما‪.‬‬
‫األمساء‪ ،‬يعين‪ :‬لن أدقّق ً‬
‫قسم قراءتك إلى خمسة مسارات‪.‬‬
‫القاعدة األولى‪ّ :‬‬
‫كل ما ستقرؤه اجعله‬
‫سادسا‪ّ ،‬‬‫ً‬ ‫قسما‬
‫خصص‪ .‬ال تفتح ً‬ ‫التّأصيل‪ ،‬التّمكني‪ ،‬االطّلع‪ ،‬النّوازل‪ ،‬التّ ّ‬
‫ندرجا ضمن أحد هذه املسارات‪ .‬الكتاب الّذي تقرؤه ّإما أن يكون يف مسار التّأصيل‪ ،‬أو يكون يف‬‫ُم ً‬
‫مسار التّمكني‪ ،‬أو يكون يف مسار االطّلع‪ ،‬أو يكون يف مسار النّوازل‪ ،‬أو يكون يف مسار‬
‫خصص‪.‬‬‫التّ ّ‬
‫‪ ‬التّأصيل والتّمكين ما الفرق بينهما؟‬
‫شخصا مل يدرس أصول الفقه‬
‫ً‬ ‫التّأصيل هو‪ :‬الخطوة األولى في بنائك في علم معيّن‪ .‬خذ ً‬
‫مثل‬
‫تعرفه على أصول الفقه هي التّأصيل‪.‬‬
‫أبدا‪ ،‬خطوته األوىل يف ّ‬
‫ً‬
‫خصص‪.‬‬
‫أما التّمكين فهو‪ :‬الخطوة الثّانية قبل التّ ّ‬
‫حتديدا‪ :‬الذي ُميثّل التأصيل‪ :‬هو أن تأخذ أبسط شرح على الورقات‪ ،‬أو‬
‫مثل بأصول الفقه ً‬
‫إذا ضربنا ً‬
‫ضر درس الورقات‪ ،‬أما التّمكين‪ :‬فهو حني تذهب فتأخذ الشرح الذي أكرب منه على الورقات‪.‬‬
‫حت ُ‬

‫إذن فالقاعدة األولى هي‪ :‬ق ِّسم الكتب اليت تتعامل معها إىل مخسة مسارات‪ .‬إذا جاءك ٌ‬
‫مسار‬
‫سادس‪ ،‬سابع‪ ،‬ثامن‪ ،‬اتركهم؛ ألن هذا سيشتتك؛ فكل واحد من هذه املسارات له نظامه ‪-‬سيأتينا‬
‫التفصيل فيهم‪ ،-‬لكن أنت برمج نفسك أن الكتاب تضعه يف واحد من املسارات‪.‬‬

‫‪00‬‬
‫اإلطّالع‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫خصص‪.‬‬ ‫متاما عن طبيعة التّمكني والتّأصيل والتّ ّ‬
‫االطّلع له طبيعة تتلف ً‬ ‫‪-‬‬
‫مثل‪.‬‬
‫االطّلع ال يُشرتط فيه إكمال الكتاب؛ قد تكتفي فيه بالفهرس واملق ّدمة وفصل ً‬ ‫‪-‬‬
‫معني‪ ،‬وغالبًا ما يرتبط باالقتناء اجلديد‪ ،‬وهذا‬
‫بنائي ّ‬
‫ليس له أوقات حم ّددة‪ ،‬يعين ليس له جدول ّ‬ ‫‪-‬‬
‫سيأتينا إن شاء اهلل‪.‬‬
‫مثل فقهيًّا‪ :‬رؤية اهللل يف شهر رمضان‪ ،‬هل يُؤخذ باهللل أم يُؤخذ‬
‫واهلل يا أخي نزلت نازلة‪ ،‬لنفرتض ً‬
‫باحلساب الفلكي؟ صارت قضيّة خلفيّة ونقاش طويل عريض‪ ،‬ال أقول واهلل أنا عندي جدول قراءة‬
‫ممنوع أقرأ كتاب يف هذه املسألة‪ ،‬ال‪ ،‬أنا عندي خانة مسبقة لكتب النّوازل‪ ،‬فيكون هلا نظامها وترتيبها‬
‫يف اجملال‪.‬‬
‫كل‬ ‫مهمة ًّ‬
‫جدا ال ب ّد أن تكون عند ّ‬ ‫أيضا ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬الكلم عنه؛ فهو قضيّة ّ‬
‫خصص سيأتينا ً‬ ‫التّ ّ‬
‫تصص القراءة‪.‬‬
‫خصص األكادميي‪ ،‬نتكلم عن ّ‬‫قارئ‪ .‬ال نتكلّم عن التّ ّ‬
‫قسم الكتب إلى ع ّدة أنواع‪.‬‬
‫القاعدة الثانية‪ّ :‬‬
‫يف القاعدة األوىل ق ّسمناها إىل مسارات‪ ،‬اآلن هنا الكتب نفسها تُق ّسم إىل أنواع‪:‬‬
‫‪ .1‬متون‪.‬‬
‫‪ .1‬كتب بنائيّة تأسيسيّة‪.‬‬
‫‪ .2‬كتب مركزيّة‪.‬‬
‫‪ .1‬كتب تكميليّة‪.‬‬
‫طوالت وموسوعات‪.‬‬ ‫‪ُ .5‬م ّ‬
‫‪ .6‬مراجع‪.‬‬
‫كل واحد من هذه األنواع له طبيعة‪.‬‬

‫‪02‬‬
‫‪ ‬ما هو الفرق بين الكتب المركزيّة وبين الكتب البنائيّة التأسيسيّة وبين الكتب التكميليّة؟‬
‫مهتم بالتّاريخ‪ ،‬وأنا أُح ّدثك عن علوم احلدي ‪ ،‬يف غري جمالك‬
‫مثل أنت ٌّ‬ ‫الصورة أكثر‪ً ،‬‬
‫حّت تتّضح ّ‬‫ّ‬
‫تصصك‪ ،‬ما األمر الذي من املفرتض أن تصل إليه من هذه القائمة؟‬ ‫وغري ّ‬
‫تصصك إىل الكتب املركزية‪ ،‬فأنت قد وصلت إىل أفضل نقطة‬
‫فن هو ليس من ّ‬
‫أي ٍّ‬
‫إذا وصلت يف ّ‬
‫ميكن أن يصل إليها قارئ‪.‬‬
‫املتفردين‪ ،‬لكن نتح ّدث عن عموم ال ُقّراء اجليّدين‪ :‬إذا وصلت إىل مرحلة الكتب‬
‫دعونا من العباقرة ّ‬
‫فن‬
‫متوسع‪ .‬يعين كل ّ‬
‫املركزيّة يف الفنون فأنت قد وصلت إىل أفضل نقطة ميكن أن يصل إليها قارئ ّ‬
‫نقسم الكتب فيه إىل درجات‪:‬‬
‫ميكن أن ّ‬
‫‪ .1‬درجة المتون وما يشبهها ‪-‬ليس ضروريًّا أن يكون متنًا ّبعىن املنت االصطلحي‪.-‬‬
‫‪ .1‬مث تأيت الكتب البنائية التأسيسية‪ ،‬اليت هي غالبًا شروح للمتون‪.‬‬
‫‪ .2‬الكتب المركزيّة‪.‬‬
‫يعين يف احلدي ‪:‬‬
‫‪ -‬املتون ماذا ميثّلها؟ (خنبة الفكر)‪.‬‬
‫‪ -‬الكتب البنائيّة التأسيسيّة ميثّلها‪( :‬النّزهة)‪ ،‬أو شرح النّزهة‪ ،‬أو شرح النّخبة‪.‬‬
‫مذي)‪ .‬عندنا (مق ّدمة ابن الصلح)‬
‫الصلح)‪ ،‬أو (شرح علل ا ّلرت ّ‬‫‪ -‬الكتب املركزيّة مثل‪( :‬مق ّدمة ابن ّ‬
‫اليوم جائزة‪.‬‬
‫متخصص‪ ،‬تكون اآلن قارئًا متميّ ًزا‬
‫ّ‬ ‫أنت إذا أخذت هذه الطّبقات الثّلث يف علم احلدي وأنت غري‬
‫ًّ‬
‫جدا‪ ،‬قارئًا متفنّ نًا‪ .‬لست مث ّق ًفا باملعىن الثّقايف العام‪ ،‬الذي هو يأخذ من كل كعكة قطعة وال يعرف‬
‫كيف جيمعها ويرتّبها‪ ،‬تعرفون كثري من املث ّقفني إذا حت ّدث يف ٍ‬
‫جمال مل يتم ّكن منه يأيت بعجائب؛ لكن‬
‫مثل‪ ،‬لن يكون ضروريًّا أن تصل إىل الكتب‬ ‫ً‬ ‫إن رتّبت الكتب هبذه الطّريقة وكان جمالك هو احلدي‬
‫التّكميليّة يف أصول الفقه‪.‬‬

‫‪03‬‬
‫• ما هي الكتب التّكميليّة؟‬
‫الفن‪ ،‬وتغطّي‬
‫عمق مجال النّظر بعد أخذ القواعد المركزيّة في ّ‬
‫الكتب التّكميليّة هي‪ :‬التي تُ ِّ‬
‫الجوانب الحواشي‪.‬‬
‫مثل (فتح املغي )‬
‫الصلح)‪ ،‬يف شرح العلل نقرأ ً‬‫مثل يف علم احلدي ‪ :‬بعد أن نقرأ كتاب (ابن ّ‬
‫يعين ً‬
‫مثل مواضع من كتب العلل‪ ،‬هذه كتب تكميليّة‪ ،‬املفرتض أنّه ال علقة هلا بغري‬
‫خاوي‪ ،‬نقرأ ً‬
‫لس ّ‬‫ل ّ‬
‫املتخصص‪.‬‬
‫ّ‬
‫صا يف جمال؛ تصل إىل ّناية القائمة‪ :‬متون‪ ،‬مثّ كتب بنائيّة‪ ،‬مثّ كتب مركزيّة‪ ،‬مثّ كتب‬ ‫متخص ً‬
‫ّ‬ ‫لو كنت‬
‫ِ‬
‫فاكتف‬ ‫تصصك؛‬ ‫للرجوع‪ّ ،‬أما إذا مل يكن ّ‬ ‫طوالت وموسوعات‪ ،‬مثّ املراجع تكون لديك ّ‬ ‫تكميليّة‪ ،‬مثّ ُم ّ‬
‫الفن‪.‬‬
‫بالكتب املركزيّة‪ ،‬يعين ال ّدرجة الثّالثة من العلم أو من ّ‬
‫القاعدة الثالثة‪ :‬أشبع نهمك باالطّالع على الفهرس والمق ّدمة‪.‬‬

‫جديدا فأشبِع ّنمك باالطّلع على فهرسه ومق ّدمته ومواضع منه‪ ،‬مثّ ال يقطعك عن‬
‫إذا اقتنيت كتابًا ً‬
‫جدولك القرائي‪.‬‬
‫دفرتا أو جمموعة تيليجرام أو واتس خاصةً بك؛ لتسجيل الفوائد العارضة‪،‬‬ ‫وهنا فائدة‪ :‬اجعل لك ً‬
‫املتخصصة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫دعونا اآلن من الفوائد‬
‫جديدا؛ يتن ّقل لريى‬ ‫ٍ‬
‫جديد فكأنّه اشرتى بيتًا‬ ‫ٍ‬
‫بكتاب‬ ‫حيب الكتب إذا أتى‬
‫ً‬ ‫كل من ّ‬ ‫طبعا تعرفون‪ّ ،‬‬
‫ً‬
‫كل تفاصيله وحمتواه‪ .‬يف معرض الكتاب‪ ،‬قد‬ ‫تفاصيل هذا البيت‪ ،‬كذلك يتص ّفح الكتاب وينظر يف ّ‬
‫تذهب له ألربعة أيّام فتشرتي أربعني كتابًا‪ ،‬يف هذا الوقت غالبًا يتوقّف جدول القراءة لديك‪ ،‬لكن‬
‫كامل من هذه الكتب‬ ‫الصعب أن نقول ال تقرأ‪ ،‬بل اقرأ‪ :-‬ال تقرأ كتابًا ً‬ ‫حّت ال تكون ُمشتّتًا ‪-‬من ّ‬ ‫ّ‬
‫فصل أو فصلني من الكتاب وافهمه‪ ،‬واعرف‬ ‫اجلديدة‪ ،‬وال تشرع بالقراءة قراءةً ترتيبّةً؛ وإّمنا اطّلع على ٍ‬
‫تدون عليه‬
‫دفرتا ّ‬
‫كونت نظرةً عنه‪ ،‬واجعل معك ً‬ ‫عم يتح ّدث حمتواه‪ ،‬تكون خرجت منه ببعض الفوائد و ّ‬ ‫ّ‬
‫الفوائد العارضة؛ أل ّن هذا االطّلع املتفرق إذا مجعت الفوائد اليت فيه خلل مخس أو عشر سنو ٍ‬
‫ات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪04‬‬
‫ٍ‬
‫بكتاب ميكن أن يُطبع‪ُ ( .‬كنَّاشة الفوائد)‪( ،‬صيد اخلاطر)‪( ،‬الفوائد) البن القيّم كلّها أُلِّفت‬ ‫ستخرج‬
‫ّبثل هذه الطريقة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بكتاب ّإال نظر أعله‬ ‫العالمة ابن القاسم الوردي‪ ،‬يذكر عنه‪ :‬أنّه كان ال يُؤتى‬
‫ابن األبَّار يف ترمجة ّ‬
‫ُ‬
‫موضوعا‪.‬‬ ‫حّت مجع من ذلك‬ ‫ٍ‬
‫ً‬ ‫وأسفله‪ ،‬فإن وجد فيه فائد ًة نقلها يف أوراق عنده؛ ّ‬
‫كشي‪ ،‬الذي ألّف ُكتبًا من أمهها‪( :‬البحر احمليط)‪ ،‬وهو‬
‫الزر ّ‬
‫وذكر الحافظ ابن حجر يف ترمجة لإلمام ّ‬
‫أهم كتب األصول على اإلطلق‪ ،‬وقد ألّفه يف عمر االثنتني وعشرين سنة‪ .‬يقول عنه ابن‬ ‫من ّ‬
‫يرتدد إىل سوق الكتب‪ ،‬فإذا حضرهُ أخذ يطالع يف حانوت الكتب طول ّناره‪ ،‬ومعه‬ ‫حجر‪":‬كان ّ‬
‫ظهور أور ٍاق يعلّق فيها ما يعجبه‪ ،‬مثّ يرجع فينقله إىل تصانيفه"؛ وهناك الكثري من كتب العلماء هي‬
‫طبعا بعضها ككتاب (صيد اخلاطر) أقرب لصيد‬‫عبارة عن كتب فوائد‪ ،‬أصلها فوائ ٌد متفرقةٌ ُمجعت‪ً ،‬‬
‫جدا غريها‪.‬‬
‫كتب كثريةٌ ً‬
‫فعل‪ ،‬وبعضها أقرب إىل النُّ ُقوالت ك (كتاب الفنون) البن عقيل‪ ،‬و ٌ‬
‫اخلاطر ً‬
‫القاعدة الرابعة‪َّ :‬د ِون فوائد الكتاب المقروء في ّأوله وآخره‪.‬‬
‫أي ٍ‬
‫كتاب تقرؤه إيّاك أن تكون صفحاته البيضاء يف ّأوله وآخره بيضاء‪ ،‬حذار أن ترتكها بيضاء؛ حبي‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫علمات أخرى‪،‬‬ ‫الصفحات األوىل‪ ،‬وميكن أن تضع‬ ‫تعرف الكتاب يف مكتبتك قرأته أم مل تقرأه من ّ‬
‫طبعا هذا يف حالة الكتاب‬
‫دونت فوائده يف ّأوله وآخره‪ً ،‬‬ ‫كتاب قرأته ّإال وقد ّ‬
‫ولكن ال يكن لديك ٌ‬
‫كتاب مقروءٌ غري ٍ‬
‫كامل ّإال يف حالة الكتاب اجلديد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫كامل‪ ،‬ومن املفروض ّأال يكون لديك ٌ‬ ‫املقروء ً‬
‫وهناك استثناءات أخرى قليلةٌ سنذكرها إن شاء اهلل‪.‬‬

‫فن‬
‫أي ٍّ‬ ‫ي –رمحه اهلل‪ -‬يقول‪" :‬ال حيتقر ّن ‪-‬يُرشد الطّالب‪ -‬فائد ًة يراها أو يسمعها يف ّ‬
‫اإلمام النوو ّ‬
‫كانت‪ ،‬بل يبادر إىل كتابتها‪ ،‬مث يواظب على مطالعة ما كتبه"‪ ،‬ويقول أيضا‪" :‬ال يؤخر حتصيل فائدةٍ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫الزمن الثّاين‬ ‫ٍ‬
‫وإن قلّت إذا مت ّكن منها‪ ،‬وإن أمن حصوهلا بعد ساعة؛ أل ّن للتّأخري آفات‪ ،‬وألنّه يف ّ‬
‫صل غريه"‪.‬‬‫ُحي ِّ‬

‫‪05‬‬
‫تمه‪.‬‬
‫القاعدة الخامسة‪ :‬إذا ابتدأت بقراءة كتاب فال تتركه حتى تُ ّ‬
‫الشباب اآلن‪ :‬مشكلة عدم‬ ‫القراء املعاصرين‪ ،‬وهي من أكرب املشاكل اليت يقع فيها ّ‬
‫هنا تأيت مشكلة ّ‬
‫تستمر سنةً أو سنتني أو أكثر‪ ،‬بالعكس‪ ،‬ما دام اإلنسان مع القراءة‬
‫ّ‬ ‫إكمال الكتاب‪ ،‬وهذه قضيّة ال‬
‫يقة عفويٍّة‬
‫الشيخ العجريي يف مكتبته –حّت أنّه أتى هبا بطر ٍ‬
‫ّ‬ ‫والكتب كانت هذه عادته‪ .‬مسعت من ّ‬
‫كتاب أظنّه قال‪" :‬الكتاب الوحيد الذي ما استطعت أن أكمله"‪،‬‬ ‫أثناء القراءة‪ ،-‬كان يتكلّم عن ٍ‬
‫أي قارئ متميّز جيب أن‬ ‫ٍ‬
‫ويتم قراءته؛ ولذلك ّ‬
‫وذكر عن نفسه أنه ال يستطيع أن يبدأ بكتاب ّإال ّ‬
‫كل جديد يش ّدك وجيذبك إليه‬ ‫تكون عنده هذه القاعدة‪ ،‬ال جيب أن ينشغل بربيق اجلديد‪ ،‬فإذا كان ّ‬
‫فترتك الكتاب الذي بدأت به ألجله‪ ،‬فهذه مشكلةٌ كبريةٌ‪ .‬إذن ال تبدأ بقراءة كتاب ّإال وقد عزمت‬
‫على إمتامه‪ ،‬ويُستثىن من ذلك الكتاب اجلديد‪ ،‬وقلنا ما الذي تصنع باجلديد‪ :‬فل تشرع بقراءته‪،‬‬
‫قليل وتفهمه‪ ،‬وتقرأ فائدتني أو ثلثةً فتنقلها وترتكه باملكتبة‬
‫الشغف‪ ،‬فتقرأ فيه ً‬‫ولكن تُشبع النّهم و ّ‬
‫ليحني وقته وجدوله‪.‬‬
‫هل معنى ذلك إذا بدأت بقراءة كتاب ّأال أقرأ كتابا آخر في نفس الوقت؟ كان عندي ٌّ‬
‫رف يف‬
‫اجي؛ كلما اشتهيت كتابًا منها‬
‫شخص مز ّ‬‫ٌ‬ ‫رف الكتب الّيت أقرؤها هذه الفرتة‪ ،‬وأنا‬
‫املكتبة باملدينة‪ ،‬هو ّ‬
‫املخصصة للقراءة‬
‫ّ‬ ‫ألّنا‬
‫تأخرت؛ فاإلحلاح هو أن أكمل هذه الكتب؛ ّ‬ ‫حّت أّنيها كلّها‪ ،‬ومهما ّ‬
‫أقرؤه ّ‬
‫كتاب أو اثنان أو ثلثةٌ للقراءة‪ ،‬فتقرأ من هذا مثّ ترجع إىل‬
‫هذه الفرتة‪ .‬ال مشكلة أن يكون لديك ٌ‬
‫تتمه‪.‬‬
‫ذاك‪ ،‬ال مشكلة‪ ،‬لكن ال ترتك الكتاب دون أن ّ‬
‫مرة واحدة‪.‬‬
‫القاعدة السادسة‪ :‬ال تقرأ الكتاب ّ‬
‫مرة‪ ،‬ولكن صغتها بأسلوب النّهي؛ ألنّه أبلغ‪ ،‬أي ال تف ّكر‬ ‫كنت أريد أن أقول اقرأ الكتاب أكثر من ّ‬
‫مرًة واحد ًة ّإال إذا كان‪:‬‬‫أن تقرأ الكتاب ّ‬
‫فن أو بقضيٍّة معيّ ٍنة‪ ،‬مثل جزئيّ ٍة يف التّاريخ‪ .‬هذا الكتاب ليس‬
‫ّبسألة معيّ ٍنة من ٍّ‬
‫ٍ‬ ‫‪ ‬جزئيًّا‪ :‬أي متعلّ ًقا‬
‫ضروريًّا أن يُقرأ كلّه‪ ،‬طبيعته أن تفهم املسألة وتنتهي‪.‬‬

‫‪06‬‬
‫فن ّ ٍ‬
‫معني‪ .‬هذه قاعدة أغلبيّة وليست كليّة‪،‬‬ ‫كمل جمالك يف ٍّ‬ ‫‪ ‬تكميليًّا‪ :‬والكتب التكميليّة هي اليت تُ ّ‬
‫أحيانًا الكتب التكميليّة تقرتب من املركزيّة يف أمهيّتها‪.‬‬
‫الرواية‪.‬‬
‫يكررها أحد غالبًا‪ ،‬حسب ّ‬ ‫حيب أن ّ‬ ‫‪ ‬رواية؛ ّ‬
‫فالرواية ال ّ‬
‫الروايات البوليسيّة املصريّة للمؤلّف أدهم‬
‫املتوسط كنت أقرأ ّ‬
‫أنا لست من قُّراء الروايات‪ ،‬يف مرحلة ّ‬
‫وتكون عندي‬ ‫صربي ونبيل فاروق‪ ،‬وكنت شغ ًفا هبا ًّ‬
‫جدا‪ ،‬لكن بعد املرحلة الثّانوية قرأت روايتني فقط‪ّ ،‬‬
‫السكران‪ ،‬فحمدت اهلل‬‫أعرب عنه‪ ،‬إىل أن وجدته يف كتاب (املاجريات) إلبراهيم ّ‬ ‫شعور مل أستطع أن ّ‬ ‫ٌ‬
‫الروايات‪ ،‬قال‪" :‬كلّما حاولت أن‬ ‫الشعور‪ ،‬ذكر نفس شعوري جتاه ّ‬ ‫أين لست الوحيد مع هذا ّ‬ ‫وعرفت ّ‬
‫حمس ملعلومة تذكرت ّأّنا غري صحيحة‬ ‫أقرأ روايةً تذ ّكرت ّأّنا من نسج خيال املؤلّف"؛ كلما أردت التّ ّ‬
‫الرواية من هذا الباب ّأّنا‬
‫شخصي حمض‪ ،‬ولكن القصد أ ّن أصل ّ‬ ‫ّ‬ ‫شعور‬
‫وطبعا هذا ٌ‬‫تتحمس‪ً ،‬‬ ‫فل ّ‬
‫صعبة القراءة؛ فهل ميكن تكرارها؟‬
‫كأول‬
‫تكرره ّ‬
‫الشعور وعدم ّ‬
‫السبب ّ‬
‫الراوي‪ ،‬وقد يكون ّ‬
‫الرواية و ّ‬
‫البعض أجاب أنّه على حسب نوع ّ‬
‫قراءة‪.‬‬

‫القاعدة السابعة‪ :‬اِفهم خارطة الكتاب المعرفيّة‪.‬‬

‫مثل‪( ،‬ماذا خسر العامل باحنطاط املسلمني)‪ ،‬هذا من‬


‫خارطة موضوعات الكتاب‪ ،‬وأفكار الكتاب‪ً .‬‬
‫متفرقة؟ هل هو كتاب مترابط‬
‫قصة أم أفكار ّ‬ ‫املقررة ‪-‬وجائزة‪ ،-‬ماذا يريد المؤلِّف؟ أهي ّ‬
‫الكتب ّ‬
‫الشروع بالقراءة‪ :‬أن تفهم بنيان‬ ‫األطراف‪ ،‬مترابط األجزاء؟ هذا ّ‬
‫السؤال الب ّد من اإلجابة عنه قبل ّ‬
‫الكتاب‪ ،‬وال تتهاونوا يف هذه النّقطة‪.‬‬
‫خطأٌ كبريٌ ًّ‬
‫جدا أن يأخذ املرء كتابًا من ثلث مئة صفحة‪ ،‬فيقرأ عنوان الكتاب مثّ يبدأ بقراءته‪ ،‬بل‬
‫قسم‬
‫خاصةً الكتب والفهارس احلديثة‪ ،‬ت ّ‬
‫عليه أن يفهم قبل أن يقرأ‪ ،‬فيتص ّفح الكتاب‪ ،‬ويقرأ الفهرس‪ّ ،‬‬
‫السوداء العريضة وحتتها الفصول‪ ،‬يعين تكاد تكون اخلارطة مكتوبة يف الفهرس‪.‬‬
‫لك األبواب باخلطوط ّ‬

‫‪07‬‬
‫بالتّفصيل‬ ‫خاصةً إذا كانت رسالةً علميّةً؛ ففي املق ّدمة يكتب الباح‬
‫حاول أن تفهم من املق ّدمة‪ّ ،‬‬
‫هدفه‪ ،‬وماذا يريد‪ ،‬وخلصة الفكرة‪ ،‬واخلطة ال ّدراسية املعتمدة‪.‬‬
‫الصحيح‪ ،‬وال تغرق بالتّفاصيل‪.‬‬
‫احملل ّ‬
‫حّت تضع نفسك أثناء القراءة يف ّ‬
‫مهم أن تفهم خارطة الكتاب؛ ّ‬
‫ٌّ‬
‫والسابعة؟‬
‫‪ ‬ما الفرق بين القاعدة الثّالثة ّ‬
‫في الثّالثة‪ :‬أنت ال تقرأ الكتاب اجلديد بكامله‪ ،‬وإّمنا فقط تشبع النّهم‪ ،‬فتقرأ ّ‬
‫عم يتح ّدث الكتاب‬
‫السابعة؛ أنت ستقرأ الكتاب ً‬
‫كامل‪ ،‬ولكن قبل البدء‪،‬‬ ‫فصل أو فصلني‪ّ .‬أما في القاعدة ّ‬ ‫وتتناول ً‬
‫افهم خارطة الكتاب املعرفيّة‪.‬‬

‫الغريب‬
‫ّ‬ ‫خذ مثال‪ :‬كتاب تش ّكل ظاهرة نقد ال ّدين‪ ،‬هو ً‬
‫أصل امسه (ظاهرة نقد ال ّدين يف الفكر‬
‫ألف وثلمثئة صفحة‪:‬‬‫احلدي )‪ ،‬املتكون من ٍ‬
‫ّ‬
‫األول‪ :‬تش ّكل ظاهرة نقد ال ّدين‪.‬‬
‫‪ ‬الباب ّ‬
‫‪ ‬الباب الثّاني‪ّ :‬‬
‫الركائز اليت اعتمد عليها نُ ّقاد ال ّدين يف الفكر الغريب‪.‬‬
‫‪ ‬الباب الثّالث‪ :‬أبرز االنتقادات اليت أثارها املف ّكرون الغربيّون عن ال ّدين‪ :‬كالوجود اإلهلي والنّ ّبوة‬
‫الشريعة وغريها‪.‬‬
‫وتفاصيل ّ‬
‫تصور الكليّات الكربى‪،‬‬
‫كامل‪ .‬قبل قراءة الكتاب ّ‬ ‫األول بابان‪ ،‬والباب الثّال هو اجمللّد الثّاين ً‬
‫اجمللّد ّ‬
‫موضوع مرت ٍ‬
‫ابط‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫املؤلِّف يتح ّدث عن‬
‫الغريب‪ :‬تارُيها وكيف تش ّكلت‪ .‬خلل‬ ‫األول عن قضيّة نقد ال ّدين يف الفكر ّ‬ ‫‪ -‬يتحدث يف اجمللّد ّ‬
‫التش ّكل ماذا ذكر؟ األسباب‪ ،‬وتفاصيل القرون وماذا حصل فيها‪ ،‬مث املرتكزات‪ ،‬وما أبرز‬
‫املرتكزات الفلسفيّة والعلميّة اليت اعتمدوا عليها لنقد ال ّدين‪.‬‬
‫تكونت خلل القرون‪ ،‬واليت‬ ‫‪ -‬مثّ تتّجه للمجلّد الثّاين وفيه النّتيجة‪ :‬ماذا نتج عن هذه الظّاهرة اليت ّ‬
‫الشبهات املوجودة يف اجمللّد الثّاين‪.‬‬ ‫كانت أسباهبا كذا وركائزها كذا؟ نتج عنها هذه ّ‬

‫‪08‬‬
‫هكذا نفهم اخلارطة‪ ،‬وإذا مل تفهمها ستضيع باجلزئيّات‪ ،‬فتقرأ كتابًا وتقول ال أتذ ّكر منه شيئًا؛ وذلك‬
‫أسباب متع ّددة نذكرها‬ ‫متفرقة مل تستفد منها‪ ،‬وهناك‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ٌ‬ ‫ألنّك تناولت ألف معلومة يف أكثر من جزئيّة ّ‬
‫إن شاء اهلل‪.‬‬

‫القاعدة الثّامنة‪ :‬اكتب أو ارسم الخارطة المعرفيّة للكتاب‪.‬‬

‫فالسابعة‪ :‬افهم‪ ،‬والثّامنة‪ :‬اكتب؛ حبي لو أ ّن‬


‫السابعة؛ ّ‬
‫وتعمدت التّفريق بينها وبين القاعدة ّ‬ ‫ّ‬
‫حّت نقول أنّه من املمكن أن تتّخذ‬
‫ففرقت بينهما ّ‬
‫أقل من أن يفهم؛ ّ‬
‫إنسانًا تكاسل عن الكتابة فل ّ‬
‫أجزئ‬‫ألقسم و ّ‬
‫قائل‪" :‬أنا آخذ وقتًا يف التّشجري ّ‬
‫حّت ال يقول ٌ‬ ‫هذه القاعدة وال تتّخذ تلك‪ّ ،‬‬
‫مهمةً‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫كل كتاب وإن كانت ّ‬ ‫القضيّة‪ ،"...‬ال‪ ،‬ليس ضروريًّا أن تأخذ هذه اخلطوة يف ّ‬
‫الصحابة‪ ،‬نفرتض اآلن أ ّن هذا‬ ‫أنت اآلن ّباذا هتتم أكثر ٍ‬
‫السرية وعصر ّ‬ ‫مثل التّاريخ القدمي أي ِّ‬‫شيء؟ ً‬
‫خاص‪،‬‬
‫وسعت ال ّدائرة لل ّدولة العبّاسيّة‪ ،‬أنت عندك دفرتٌ ٌّ‬ ‫ٍ‬
‫ست سنوات ّ‬ ‫جمال اهتمامك‪ ،‬لن ُقل مخس أو ّ‬
‫فحني تقرأ للجاحظ يف (البيان والتبيني) أو يف (احليوان) ِ‬
‫ستج ُد فائد ًة عن ال ّدولة العبّاسيّة‪ ،‬وحني تقرأ‬ ‫ّ‬
‫وقت من األوقات‪ ،‬هذه الفوائد‬ ‫حبدث حصل يف ٍ‬ ‫قة ٍ‬ ‫نقطة متعلّ ٍ‬
‫ستجده يعلّق على ٍ‬ ‫يف تفسري ابن كثري‬
‫ُ ُ‬
‫خاصا؛ أي أنت‬‫دفرتا ًّ‬ ‫ِ‬
‫تصصك واهتمامك اجعل هلا ً‬ ‫اليت تستخر ُج من الكتب اليت ال تنتمي إىل جمال ّ‬
‫خصص‪ .‬بعد مخس أو‬ ‫عندك دفرتٌ ‪-‬تكلّمنا عنه يف إحدى القواعد‪ -‬وهذا دفرتٌ آخٌر امسه دفرتُ التّ ّ‬
‫كثريا ال‬ ‫وهذه‬ ‫‪،‬‬‫الكتب‬ ‫بطون‬ ‫من‬ ‫أخذهتا‬ ‫صك‬ ‫تص‬ ‫يف‬ ‫ات يصبح لديك مخسمئة فائدةٍ‬ ‫ست سنو ٍ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حلل إشكاالت‬ ‫كثريا ما كانت الفوائد املنقولة من فنون أخرى إىل فنِّك سببًا ِّ‬ ‫الفن نفسه‪ ،‬و ً‬
‫جتدها يف ّ‬ ‫ُ‬
‫كل اجملاالت األخرى‪.‬‬ ‫تنقل له الفوائد من ّ‬
‫تصصك ُ‬ ‫دفرتا يف ُّ‬
‫فكريّة ومعرفيّة كربى‪ ،‬فاجعل لك ً‬
‫المعرفي واإلتقان‪.‬‬
‫ّ‬ ‫القاعدة التّاسعة‪ :‬تكرار الكتب المركزيّة سر من أسرار التّق ّدم‬

‫والسادسة هو أ ّن التّاسعة التّركيز على الكتب المركزيّة‪.‬‬


‫الفرق بين التّاسعة ّ‬
‫أال يلفت انتباهكم بعض الباحثني؟ جتدوّنم متم ّكنني‪ ،‬إذا حت ّدث يف الفقه فهو متم ّكن‪ ،‬إذا حت ّدث يف‬
‫احلدي فهو متم ّكن‪ ،‬إذا حت ّدث يف التّاريخ فهو متم ّكن‪ ،‬إذا حت ّدث يف الفلسفة فهو متم ّكن‪.‬‬
‫‪09‬‬
‫سر ‪-‬هو تشبيه‪-‬؛ أل ّن القضيّة سهلةٌ‬
‫أهم األسرار الكتب املركزيّة؛ فالكتب املركزيّة ٌّ‬
‫يف رأيي أ ّن من ّ‬
‫السر‪.‬‬
‫لكن الكتب املركزيّة هي ّ‬
‫متفرقًا وتستمع‪ ،‬و ّ‬
‫لكنّها مغفول عنها‪ ،‬فالنّاس تقرأ عشرين كتابًا ّ‬
‫كتب مركزيّةٌ‪ ،‬الكتب املركزيّة هذه‬
‫حّت يف الكتب األجنبيّة‪ ،‬فيه ٌ‬
‫فن من الفنون سواءً‪ :‬ديين‪ ،‬أديب‪ّ ،‬‬
‫كل ٍّ‬
‫ّ‬
‫ُحت َّدد بع ّدة وسائل‪.‬‬

‫‪ ‬وسائل تحديد الكتب المركزية‪:‬‬


‫مثل‪:‬‬
‫نعرب عنها بالطّريقة التّقليديّة‪ً ،‬‬
‫الفن‪ ،‬حنن ّ‬
‫املتخصصني يف نفس ّ‬
‫ّ‬ ‫الوسيلة األولى‪ :‬عن طريق سؤال‬
‫يا دكتور ما أهم ٍ‬
‫كتاب يف هذا اجملال؟ أحيانًا تعرف الكتب املركزيّة بأنّك يف قراءتك لتاريخ هذا العلم‬ ‫ّ‬
‫جتد أ ّن اجلهود تتمحور حول ٍ‬
‫كتاب‪.‬‬

‫الصلح‪ ،‬تعرفون من الذي دار يف‬ ‫مثال‪ :‬هذا الكتاب (علوم احلدي ) البن ّ‬
‫الصلح‪ ،‬ملّا كتبه ابن ّ‬
‫اح جيّدون‪ ،‬بعضهم مشهورون وبعضهم غري‬‫كتب مركزيّةٌ يشرحها ُشّر ٌ‬
‫فلكه؟ أنت اآلن عندك ٌ‬
‫مشهورين‪ ،‬هذا الكتاب دار حوله الكبار‪ ،‬مثال‪:‬‬
‫اإلمام ابن كثري صاحب التّفسري اختصر هذا الكتاب يف‪( :‬اختصار علوم احلدي )‪ ،‬وشرح‬ ‫‪-‬‬
‫املختصر أمحد شاكر يف (الباع احلثي شرح اختصار علوم احلدي )‪.‬‬
‫وطي‬
‫السي ّ‬‫ووي يف (التّقريب)‪ ،‬وشرحه ّ‬ ‫أيضا إضافةً إىل ابن كثري‪ :‬اإلمام النّ ّ‬
‫وممّن اختصر هذا الكتاب ً‬ ‫‪-‬‬
‫وي)‪.‬‬
‫الراوي شرح تقريب النوا ّ‬
‫يف (تدريب ّ‬
‫نظم هلذا الكتاب‪ ،‬ومل‬‫أهم متون علم احلدي ‪ -‬هي ٌ‬ ‫اقي يف احلدي ‪-‬ألف بيت من ّ‬ ‫ألفيّة العر ّ‬ ‫‪-‬‬
‫عمل حاشيةً على هذا الكتاب‪.‬‬ ‫يكتفي هبذا بل ِ‬
‫الصلح)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإلمام ابن حجر عمل حاشيةً على هذا الكتاب امسها (النُّكت على كتاب ابن ّ‬ ‫‪-‬‬
‫هيب‬
‫ابن دقيق العيد اختصر هذا الكتاب يف (االقرتاح يف بيان االصطلح)‪ ،‬واختصر اإلمام ال ّذ ّ‬ ‫‪-‬‬
‫هيب اختصار‬ ‫ذ‬
‫ّ‬ ‫لل‬ ‫ة)‬‫ظ‬‫صاحب (سري أعلم النّبلء) خمتصر ابن دقيق العيد يف كتاب (املوقِظة)‪( .‬املوقِ‬
‫ّ‬
‫اختصار هلذا الكتاب‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫االقرتاح واالقرتاح‪،‬‬

‫‪21‬‬
‫احلنفي‪ ،‬الفقه‬
‫ّ‬ ‫مثل يف‪ :‬أصول الفقه‬
‫كزي يف علوم احلدي ‪ ،‬وهكذا جتد ً‬ ‫كتاب مر ٌّ‬
‫إذن هذا الكتاب ٌ‬
‫كل مسا ٍر أن جتد كتابًا مركزيًّا تدور حوله ال ّدراسات‪.‬‬
‫الشافعي؛ لن تعدم يف ّ‬
‫ّ‬ ‫احلنبلي‪ ،‬الفقه‬
‫ّ‬
‫طبعا ليس هذا‬
‫كزي أحيانًا أنت تستطيع استنباطه من خلل قراءتك‪ً ،‬‬‫الوسيلة الثانية‪ :‬الكتاب املر ّ‬
‫اهتماما به‪ ،‬مثّ من خلل قراءتك وعلمك‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫جمرد ًة عن غريها‪ ،‬بل أنت جتد توصيات عن كتاب و ً‬ ‫وسيلةً ّ‬
‫كزي‪.‬‬
‫السابق هبذا اجملال تستطيع أن تستكشف أنّه بالفعل مر ّ‬
‫ّ‬
‫مثال‪ :‬من الكتب الفكريّة اليت أراها مركزيّة يف هذا الوقت‪ :‬كتاب (مآالت اخلطاب املدين) إلبراهيم‬
‫افات فكريٍّة كثريةٍ‪ ،‬كتاب (ينبوع الغواية‬
‫مشكلت أو احنر ٍ‬
‫ٍ‬ ‫حل‬
‫كزي يف ّ‬‫كتاب مر ٌّ‬
‫السكران‪ ،‬أشعر أنّه ٌ‬
‫كزي ًّ‬
‫جدا‪.‬‬ ‫كتاب مر ٌّ‬
‫الفكريّة) للعجريي‪ ،‬أرى أنّه ٌ‬
‫الرتكيز عليه ّإال اآلن؛ هناك علماء ُمسّوا باسم‬
‫يتم ّ‬
‫هذه الكتب املركزيّة ال تظنّوا ّأّنا شيءٌ مبتدعٌ ومل ّ‬
‫ٍ‬
‫بكتاب من الكتب املركزيّة‪ ،‬سنأيت الح ًقا إىل األمساء‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫كتاب؛ من ش ّدة اهتمامهم‬

‫السبكي‬
‫مثل‪ :‬ذكر ّ‬
‫من األشياء العجيبة أ ّن هناك كتبًا مركزيّةً يُلزمها بعض ال ُقّراء مل ّدة مخسني سنةً‪ً ،‬‬
‫افعي‪ -‬منذ‬
‫للش ّ‬ ‫الشافعيّة الكربى) عن المزني يقول‪" :‬أنا أنظر يف كتاب ( ّ‬
‫الرسالة) ‪ّ -‬‬ ‫يف (طبقات ّ‬
‫الرسالة)‬
‫مرًة ّإال وأنا أستفيد شيئًا مل أكن عرفته"‪ ،‬كتاب ( ّ‬
‫أين نظرت فيه ّ‬ ‫مخسني سنةً‪ ،‬ما أعلم ّ‬
‫مثل‪( :‬املوافقات)‪ .‬فهذه هي‬
‫الشريعة ً‬
‫نقاش‪ .‬ملا نتكلّم عن مقاصد ّ‬ ‫كزي دون ٍ‬ ‫كتاب مر ٌّ‬‫افعي هذا ٌ‬
‫ّ‬ ‫للش ّ‬
‫ّ‬
‫أصل وليس شيئًا ُمبتد ًعا آيت به اآلن‪.‬‬
‫ُسنّة ً‬
‫تغتر بالعناوين‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫القاعدة العاشرة‪ :‬ح ّدد قيمة الكتاب والمؤلف وال ّ‬
‫بعض عناوين الكتب تشعر أنّك لو قرأت الكتاب ستصري شيخ اإلسلم‪ ،‬وهذا بالواقع من‬
‫مرًة واحدةً ّإال إذا كان‪ :‬جزئيًّا‪ ،‬أو تكميليًّا‪ ،‬أو روايةً‪ ،‬أو غثيثًا؛ فهناك‬
‫االستثناءات‪ :‬ال تقرأ الكتاب ّ‬
‫ٍ‬
‫بكتاب‬ ‫مير اإلنسان‬‫تعليق على قضيّة التّكرار‪ّ -‬‬ ‫كتب ال تستطيع إكمال قراءهتا‪ ،‬أو أحيانا ‪-‬وهذا ٌ‬ ‫ٌ‬
‫جدا‪ ،‬فيتكلّف ويتكلّف‪ ،‬فلو ما استطاع فل إشكال أن يرتكه‪.‬‬ ‫صعب ًّ‬

‫‪20‬‬
‫حمل‬ ‫ِ‬ ‫عام ح ّدد قيمة الكتاب واملؤلِّف وال ّ‬ ‫ٍ‬
‫تغرت بالعناوين‪ ،‬اعنت بالكتب اليت اعتُين هبا‪ ،‬كتب ّ‬ ‫وبشكل ٍّ‬
‫بالسرية‪( :‬سرية ابن هشام)؛‬
‫املهتمون ّ‬
‫السرية و ّ‬
‫بالسرية‪ ،‬يذكر مجيع ُكتّاب ّ‬
‫مهتم ّ‬‫مثل‪ :‬أنت ٌّ‬ ‫االهتمام‪ً .‬‬
‫كتاب‬
‫بالسرية ّأال تقرأ سرية ابن هشام‪ .‬إذا جاءك ٌ‬
‫مهتم ّ‬
‫السرية أو ٍّ‬
‫ص يف ّ‬ ‫كمتخص ٍ‬
‫ّ‬ ‫حيسن بك‬
‫فل ُ‬
‫السرية فيه قضيّةٌ جزئيّةٌ ال تعرف ما مدى ّقوة الكاتب‪ ،‬ميكن أن أطّلع ولكن ال يكون هذا‬
‫جدي ٌد يف ّ‬
‫لدي فضلة وقت أذهب إىل غريها‪.‬‬
‫حمل اهتمام‪ّ ،‬‬‫كتب أساسيّةٌ أبدأ هبا وأجعلها ّ‬
‫لدي ٌ‬‫هو حموري‪ّ ،‬‬
‫أحيانًا تظفر ّبؤلِّف ترى أنّه متم ّكن ويعاجل الفكرة بوضوح وقوة؛ فهنا ُمتسك ٍ‬
‫خبيط ّ ٍ‬
‫معني تقرأ له يف‬ ‫ّ‬
‫خمتلف اجملاالت ‪-‬سيأتينا قاعدة بعد قليل يف قضيّة املؤلّفني‪.-‬‬
‫تخصصني واسأهلم‪ ،‬هذه تابعة للقاعدة نفسها‪ ،‬أي‪ :‬ح ّدد قيمة الكتاب‬ ‫استفد من توصيات امل ّ‬
‫تخصصني‪ ،‬وهذا كثريٌ اآلن‬
‫تغرت بالعناوين؛ من وسائل ذلك أن تستفيد من توصيات امل ّ‬ ‫واملؤلِّف وال ّ‬
‫الصفحات املعرفيّة الذين يوصون بكتب‬ ‫كتب يف هذا اجملال‪ ،‬وتغريدات‪ ،‬وأصحاب ّ‬ ‫وموجود‪ ،‬فهناك ٌ‬ ‫ٌ‬
‫معيّنة؛ فاعنت هبذه التّوصيات لتحديد قيمة الكتاب واملؤلّف‪ ،‬هناك وسائل متع ّددة منها ما ذكرناه يف‬
‫الكتب املركزيّة‪.‬‬

‫القاعدة ‪ :11‬اعرف موقع الكتاب في قائمة العلم الذي ينتمي إليه‪.‬‬

‫كتب مرتبطةٌ‬
‫الزمين‪ .‬هناك ٌ‬‫اعرف موقع الكتاب وتسلسله يف قائمة العلم الذي ينتمي إليه وسياقه ّ‬
‫ارتباطًا وثي ًقا بغريها‪ ،‬إذا مل تفهم هذه العلقة مع الكتب األخرى ستكون قراءتك للكتاب ناقصةً‪،‬‬
‫وقد قلنا ساب ًقا‪ :‬افهم اخلارطة املعرفيّة؛ لذلك من اجليّد أن تُضيف إليها فهم نسب الكتاب إن كان له‬
‫الصورة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫أيضا يف جزء من ّ‬
‫سب‪ ،‬هذا جيعلك ً‬ ‫ن ٌ‬
‫مثل ما ذكرنا قبل قليل يف علوم احلدي ‪ :‬حني تقرأ يف (املوقِظة) لل ّذهيب‪ ،‬ليكن يف بالك أنّه حفي ٌد‬
‫الصلح‪.‬‬
‫الصلح؛ أل ّن أباه كتاب ابن دقيق العيد‪ ،‬واجل ّد هو كتاب ابن ّ‬
‫لكتاب ابن ّ‬
‫دائما يقول‪" :‬وقال شيخنا ابن‬ ‫هيب‬ ‫ذ‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫جتد‬ ‫)‬‫ظة‬‫أنت حني تدرك هذه العلقة تفهم‪ ،‬حني تقرأ يف (املوقِ‬
‫ً‬
‫وهب‪ ،‬من هو ابن وهب؟ هو ابن دقيق العيد"‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫مي (األنوار الكاشفة)‪ ،‬تفهم ما هو الكتاب املردود‬
‫مثل‪ :‬كتاب املعلّ ّ‬ ‫وحّت اختصار علوم احلدي ‪ً ،‬‬ ‫ّ‬
‫السياق‬
‫احملمديّة) حملمود أبو ريّة‪ ،‬تفهم الكتاب املردود عليه وتُدرك ّ‬
‫السنّة ّ‬
‫عليه‪ ،‬وهو (أضواءٌ على ّ‬
‫تصور املعلومة واستيعاهبا‪.‬‬
‫يب يفيد يف‪ :‬حسن ّ‬‫مين والنَّس ّ‬
‫الز ّ‬
‫صور ّ‬
‫الزمين‪ :‬مّت وكيف‪ .‬هذا التّ ّ‬
‫ّ‬
‫القاعدة ‪ :11‬اقرأ جميع مؤلّفات بعض المتم ّكنين‪ ،‬أو اجرد مؤلّفات مؤلّف معيّن‪.‬‬

‫مهمة وهلا أثر معريف كبري‪ .‬ليكن من خطّتك القرائيّة ‪-‬هناك وسائل لرتتيب اخلطة القرائيّة‪،‬‬ ‫وهذه قاعدة ّ‬
‫عامةً بالفنون األخرى‪ ،-‬ليكن من وسائل اختيارك‬ ‫معني وتريد أن تأخذ ثقافةً ّ‬ ‫بفن ّ ٍ‬
‫هتتم ٍّ‬
‫مثل‪ّ :‬‬‫ً‬
‫معني‪ ،‬ليكن هذا يف خطّتك القرائيّة‪ ،‬هذا مفي ٌد ًّ‬
‫جدا‪،‬‬ ‫ف ٍّ‬ ‫للمقروء‪ :‬أنّك تنهي قراءة كل كتب مؤلِّ ٍ‬
‫ّ‬
‫الزملء‬‫كل كتب ابن القيّم‪ ،‬وأحد ّ‬‫شخصا قرأ ّ‬‫ً‬ ‫فمثل أعرف‬
‫يستحق‪ً ،‬‬‫ّ‬ ‫وبالطّبع جيب أن يكون مؤلًِّفا‬
‫وضع خطّةً لقراءة كتب ابن القيّم كاملةً يف سنة واحدة‪.‬‬

‫كل ما لديه من خلصات‬ ‫هضما؛ حبي أنّك تأخذ ّ‬‫الفائدة‪ :‬أنّك تستوعب ابن القيّم وهتضمه ً‬
‫مهم يف اجملال‬
‫العلمي‪ ،‬بل هو ٌّ‬
‫ّ‬ ‫خاصا باجملال‬
‫يستدل‪ ،‬وكيف يبين املعلومة‪ .‬وهذا ليس ًّ‬
‫ّ‬ ‫األفكار‪ ،‬كيف‬
‫األديب‪.‬‬
‫الرافعي وعلي‬‫كل كتب ّ‬ ‫أريد أن أكتسب أسلوبًا فأقرأ ‪05‬روايةً –عندي صراحةً حت ّفظ‪ !-‬بل اقرأ ّ‬
‫وخاصةً لو مجعت بعض املتق ّدمني‬‫ّ‬ ‫األديب وتتطبّع بأسلوبه‪،‬‬
‫الطّنطاوي وانظر كيف األثر‪ ،‬لتأخذ النّفس ّ‬
‫جرب‪ ،‬أنت تريد تنمية ملكتك األدبيّة؟ خذ هؤالء الثّلثة مؤلّفني‬ ‫مثل‪ّ ،‬‬‫كل كتب اجلاحظ ً‬ ‫وقرأت ّ‬
‫فكل هذه‬
‫كل كتب الطّنطاوي‪ ،‬وهي ليست صعبةً‪ّ ،‬‬ ‫الرافعي و ّ‬
‫كل كتب اجلاحظ وكل كتب ّ‬‫وانظر‪ ،‬خذ ّ‬
‫الرسائل و(البيان والتّبيني) و(احليوان)‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫تُقرأ يف ستّة أشهر؛ كتب اجلاحظ ليست كثريًة‪ :‬أربع جملّدات‪ّ :‬‬
‫جمموعهم يف النّهاية عشرون جملّ ًدا على األكثر‪ ،‬علي الطّنطاوي كتبه صغرية كذلك‪.‬‬
‫ف ٍّ‬
‫معني‪ ،‬فانتهى من‬ ‫الزملء كان ُيصص يوم األحد من أيام األسبوع لقراءة مؤلَّفات مؤلِّ ٍ‬
‫أيضا أحد ّ‬
‫ً‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الرمحن بدوي‪،-...‬‬
‫أظن عبد ّ‬ ‫مؤلّفات اجلويين كاملةً‪ ،‬وكذلك أخربين ّبجموعة مؤلِّفني من املعاصرين ‪ّ -‬‬

‫‪23‬‬
‫معني‪ :‬أ ّن عندي برنامج قراءةٍ يف أيّام‬
‫ف ٍّ‬ ‫وكان يقرأ ‪ 4-3‬ساعات‪ .‬امليزة يف قراءة مؤلَّفات مؤلِّ ٍ‬
‫أخصص يومني من األسبوع لربنامج قراءة آخر‪.‬‬‫األسبوع‪ ،‬و ّ‬
‫الزملء خلل ثلث سنوات أو أربع سنوات فقط يف ّناية مرحلته اجلامعية وبداية‬ ‫يضا أحد ّ‬ ‫أ ً‬
‫جدا هبذا االجناز الذي أجنزه من خلل نصف ٍ‬
‫ساعة فقط‬ ‫املاجستري‪ ،‬ال تص ّدقون ماذا قرأ؛ أُعجبت ًّ‬
‫وغدا‬
‫ساعة فقط‪ ،‬لكن أنا أعرفه جيّ ًدا‪ :‬إذا قال نصف ساعة ال يقول اليوم رحلة ً‬ ‫يوميًّا‪ ،‬نصف ٍ‬
‫يوما ّإال ميكن ما ندر‪ .‬أتعرفون ماذا‬
‫خل هبا ً‬
‫تصور أنّه أ ّ‬
‫ضيوف‪ ،‬نصف ساعة يعين نصف ساعة‪ ،‬ال أ ّ‬
‫كامل البن حجر‪( ،‬التّمهيد) البن‬‫قرأ خلل نصف ساعة يف ثلث أو أربع سنوات؟ (فتح الباري) ً‬
‫كامل‪،‬‬
‫كامل‪( ،‬تفسري ابن كثري) ً‬ ‫كامل‪( ،‬املف ِهم) للقرطيب ً‬
‫للرازي ً‬‫كامل‪( ،‬التفسري الكبري) ّ‬ ‫عبد الربّ ً‬
‫كامل‪ ،‬مخس جملّدات من (تفسري الطّربي)‪ .‬نصف ٍ‬
‫ساعة يف اليوم! وهذا من فمه إىل‬ ‫(تفسري القرطيب) ً‬
‫وجد نصف ٍ‬
‫ساعة يف‬ ‫أذين‪ ،‬مسعتها منه مباشرًة‪ .‬هنا ال توجد قضية وقت؛ من منّا ال يستطيع أن ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫اليوم؟ ولكن االستمرار! ثلث أو أربع سنوات على هذا النّمط‪ ،‬نصف ساعة يعين نصف ساعة‪،‬‬
‫يوميًّا يعين يوميًّا‪.‬‬

‫كونت قاعدة معرفيّة حول موضوع ما‪َ ،‬س ُهل عليك االزدياد فيه‪.‬‬
‫القاعدة ‪ :12‬كلّما ّ‬
‫موضوع ما‪ ،‬س ُهل عليك االزدياد فيه‪ .‬فهناك من يقول‪ :‬أنا قرأت يف‬‫ٍ‬ ‫كونت قاعد ًة معرفيّةً حول‬ ‫كلّما ّ‬
‫شيء‪ ،‬أنا قرأت يف تفسري القرآن‪ ،‬شعرت أ ّين متشتّت أو وجدت‬ ‫التاريخ احلدي ومل أستطع فهم ٍ‬
‫ّ‬
‫جرب إذا أجنزت قراءة عشرة كتب يف‬ ‫جدا‪ ،‬ستجد صعوبة‪ ،‬ستجد حت ّديات‪ ،‬لكن ّ‬ ‫صعوبةً‪ .‬طبيعي ًّ‬
‫سهل؛ فأنت كلّما قرأت يف ٍ‬
‫جمال ّ ٍ‬
‫معني‬ ‫احد كيف سيكون الكتاب احلادي عشر؟ سيكون ً‬ ‫جمال و ٍ‬
‫ٍ‬
‫خزن األرضيّة املناسبة لتل ّقي املعلومات اجلديدة بسهو ٍلة؛ فل حتكم على قراءتك وتيأس‬ ‫كلّما ذهنك ّ‬
‫مثل تقرأ يف الفقه‪ ،‬تدرس الفقه‪ ،‬حفظت متنًا يف الفقه‪ ،‬أو‬ ‫بدا‪ ،‬استمر وسرتى‪ ،‬أنت ً‬ ‫من البداية أ ً‬
‫درست متنًا يف الفقه‪ ،...‬اخلطوة الثّانية‪ :‬حضرت شرحه‪ ،‬واخلطوة الثّالثة‪ :‬قرأت كتابًا يف شرحه أعمق‪،‬‬
‫الرابعة ‪-‬وهي الكتب التّكميليّة أو املركزيّة‪ :-‬ستجد أ ّن القضيّة سهلةٌ عليك‪،‬‬‫انظر حني تقرأ يف املرحلة ّ‬
‫ستستمتع‪ ،‬تستل ّذ‪ ،‬ستجد أ ّن اللّغة قريبة وسهلة عليك‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫موضوع ما‪ ،‬س ُهل عليك االزدياد فيه‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫إذن‪ :‬كلّما ّ‬
‫كونت قاعد ًة معرفيّةً حول‬

‫الفن‪.‬‬
‫القاعدة ‪ :11‬اعتمد كتابا تأسيسيّا وانقل إلى حواشيه فوائد كتاب آخر في نفس ّ‬
‫شرحا‪ ،-‬وانقل إىل حواشيه‬
‫يف مرحلتك يف البناء اعتمد كتابًا يف التّأسيس ‪-‬متنًا أو كتابًا مدرسيًّا أو ً‬
‫الفن‪ ،‬أو أكثر من كتاب‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫فوائد كتاب آخر يف نفس ّ‬

‫مثال‪ :‬لديك كتاب (علوم احلدي )‪ ،‬ولنفرتض أنّك حضرت ً‬


‫درسا يف شرح الكتاب‪ ،‬وتكتب يف‬
‫ِ‬
‫تكتف بذلك‪ ،‬اذهب إىل شرٍح آخر وانقل على نفس‬ ‫الشيخ‪ ،‬ال‬
‫احلواشي الفوائد اليت تسمعها من ّ‬
‫شرحا آخر‪.‬‬
‫شرحا معيّ نًا‪ً -‬‬
‫الكتاب ‪-‬الذي نقلت عليه ً‬
‫السلمي‪( ،‬أصول الفقه الذي ال يسع‬
‫جربتها يف أصول الفقه‪ :‬اعتمدت كتاب أصول الفقه لعياض ّ‬ ‫أنا ّ‬
‫للشيخ خالد املشيقح‬
‫شرحا ّ‬
‫الفقيه جهله)‪ ،‬نقلت عليه شرح نظم الورقات البن عثيمني‪ ،‬وحضرت ً‬
‫للشيخ عبد اهلل الفوزان فيه نقلته على الكتاب‪ ،‬كذلك (معامل أصول الفقه‬
‫فيه‪ ،‬ويوجد شر ٌح جدي ٌد ّ‬
‫مثل‪ -‬مبح اإلمجاع‪،‬‬ ‫السنّة واجلماعة) للجيزاين‪ ،‬مواضع منه‪ .‬القصد أنّه عندما تفتح – ً‬
‫عند أهل ّ‬
‫متخصصني آخرين يف املوضوع ذاته‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فأنت تقرأ كلم املؤلِّف ولديك يف احلواشي ثلثة نصوص لثلثة‬
‫شرحا لنفس الكتاب‪ ،‬ال‪ ،‬يكفي أن يكون يف‬ ‫بالضرورة أن يكون املوضوع الذي تنقل منه هو ً‬ ‫ليس ّ‬
‫دائما تعيد النّظر‬ ‫ٍ‬
‫ذات الباب‪ .‬فأنت حني تعتمد كتابًا‪ ،‬من املفرتض بعد فرتة أن يذهب احلرب؛ ألنّك ً‬
‫فيه‪ ،‬فذاك ص ِحب (الرسالة) مخسني سنةً‪ ،‬وأنت من املمكن أن تصحب كتابا سبع سنو ٍ‬
‫ات أو مثان‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ات‪ ،‬هذا الكتاب صفحاته من املفرتض أ ّّنا ستصبح أثخن؛ من كثرة ما تنقل عليه‪ ،‬ومن العرق‬ ‫سنو ٍ‬
‫الرابعة أنقل عليه‬
‫املرة ّ‬
‫مرتني‪ ،‬ثلثة‪ّ ،‬‬ ‫مرة‪ّ ،‬‬
‫أثناء تقريب ومسك الكتاب؛ فيزداد ُمسكه‪ .‬أنت اآلن قرأته ّ‬
‫السادسة أنقل كلم‬ ‫ص آخر‪ ،‬املرة اخلامسة أنقل كلم متخص ٍ ٍ‬ ‫متخص ٍ‬
‫املرة ّ‬
‫ص ثان‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يف ذات الباب كلم‬
‫املتخصصني اآلخرين؛ هبذه الطّريقة سيكون هذا‬ ‫السابعة اقرأ كلمه وكلم‬ ‫متخص ٍ ٍ‬
‫ّ‬ ‫املرة ّ‬
‫ص ثال ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫الفن‪،‬‬
‫جدا من ّ‬ ‫هم الوسائل لتكون متم ّكنًا مت ّكنًا دقي ًقا ًّ‬
‫متكامل‪ ،‬وهو من أ ّ‬
‫ً‬ ‫مرجعا‬
‫الكتاب لديك ً‬

‫‪25‬‬
‫كتب ميكن‬
‫وبالتّأكيد هذا ينطبق على‪ :‬العلوم االجتماعيّة و العلوم السياسيّة والعلوم األخرى‪ ،‬هناك ٌ‬
‫الرابعة عشرة‪.‬‬
‫أن تعتمدها وتنقل إليها اجلديد املتعلّق هبا‪ .‬هذه القاعدة ّ‬
‫خصص أو مجال االهتمام وانقل إليه الفوائد‪.‬‬
‫القاعدة ‪ :15‬اجعل لك دفترا للتّ ّ‬
‫خصص أو جمال االهتمام وانقل إليه الفوائد من بطون الكتب‪ ،‬وستجد الثّمرة بعد‬
‫دفرتا للتّ ّ‬
‫اجعل لك ً‬
‫سنو ٍ‬
‫ات‪.‬‬

‫الصحابة‪ ،‬لنفرتض بأ ّن هذا جمال اهتمامك‪ ،‬ولنقل‬ ‫السرية وعصر ّ‬ ‫مثال‪ :‬أنت ٌّ‬
‫مهتم بالتّاريخ اإلسلمي‪ّ ،‬‬
‫خاصا؛‬‫دفرتا ًّ‬ ‫ٍ‬
‫وصوال لل ّدولة العبّاسيّة‪ ،‬اجعل لك ً‬
‫وسعت ال ّدائرة فيه ً‬ ‫ست سنوات ّ‬ ‫أنّك خلل مخس أو ّ‬
‫فأنت حني تقرأ للجاحظ يف (البيان والتبيني) أو (احليوان)‪ ،‬ستجد فائد ًة عن ال ّدولة العبّاسيّة‪ ،‬وحني‬
‫وقت من األوقات‪ .‬هذه‬ ‫حبدث حصل يف ٍ‬ ‫تقرأ يف تفسري ابن كثري ستجده يعلّق على نقط ٍة متعلّق ٍة ٍ‬
‫ُ‬
‫خاصا‪،‬‬‫دفرتا ًّ‬
‫تصصك و اهتمامك اجعل هلا ً‬ ‫الفوائد اليت تُستخرج من الكتب اليت ال تنتمي إىل جمال ّ‬
‫خصص‪ ،‬بعد مخس أو‬ ‫لديك دفرتٌ ذكرناه ساب ًقا بإحدى القواعد‪ ،‬هذا دفرتٌ آخر؛ هذا امسه دفرت التّ ّ‬
‫كثريا ال جتدها يف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تصصك أخذهتا من بطون الكتب‪ ،‬هذه ً‬ ‫ست سنوات لديك مخسمائة فائدة يف ّ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫شكاالت فكريٍّة‬ ‫حلل إ‬ ‫ٍ‬
‫ثريا ما كانت الفوائد املنقولة من فنون أخرى إىل فنّك سببًا ّ‬ ‫الفن نفسه‪ ،‬وك ً‬
‫ّ‬
‫كل اجملاالت األخرى‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫تصصك تنقل له الفوائد من ّ‬ ‫دفرتا يف ّ‬‫ومعرفيّة كربى؛ فاجعل لك ً‬
‫القاعدة ‪ :16‬ح ّدد لك قدرا من القراءة ال ّدوريّة‪.‬‬

‫وتسهيل ومتطيطًا‪ :‬الفصليّة‪.‬‬


‫ً‬ ‫قدرا معيّ نًا من القراءة اليوميّة أو األسبوعيّة أو الشهريّة‪ ،‬أو هتاونًا‬
‫حدِّد لك ً‬
‫أسبوع‬
‫كل ٍ‬ ‫أسبوعي‪ ،‬صحيح؟ ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫قدر‬
‫حتديدا ٌ‬
‫واألفضل ّأال تزيد عن أسبوعيّة؛ ملاذا؟ اآلن لدينا يف برناجمنا ً‬
‫اليومي أفضل‪ ،‬لكن‬
‫ّ‬ ‫علما أ ّن‬
‫قدرا أسبوعيًّا أو يوميًّا‪ً ،‬‬
‫مائتان وعشرون صفحةً‪ ،‬ما الفائدة أن جتعل لك ً‬
‫تقسمه حبسب‬ ‫أحيانًا يكون مثاليًّا ويكون لديك مشاغل يف حياتك؛ لذا دعهُ أسبوعيًّا حبي أنّك ّ‬
‫اخلاصة‬ ‫ِ‬
‫جدولك‪ ،‬لنقل أ ّن عندك أسبوعيًّا مائتان وعشرون صفحةً يف هذا الربنامج‪ ،‬وعندك يف قراءتك ّ‬
‫ونظاما ال‬ ‫ٍ‬
‫أيضا مئة صفحةً‪ ،‬فلنقل ثلث مئة ومخسون صفحةً أسبوعيًّا؛ فاجعل لك هذه قاعد ًة ً‬ ‫مثل ً‬
‫ً‬

‫‪26‬‬
‫تطيط وتقسي ٍم؟ ال‪ ،‬بل الفائدة ّأّنا جتعل لك‬ ‫ٍ‬ ‫جمرد‬
‫تتهاون يف تطبيقه‪ ،‬ما الفائدة؟ هل القضيّة هي ّ‬
‫علي من‬
‫مثل‪ :‬لدينا رحلةٌ هذا األسبوع‪ ،‬وأنا بقي ّ‬ ‫ط عليه جدولك ومشاغلك األخرى‪ً ،‬‬ ‫معيارا تضب ُ‬
‫ً‬
‫فلنؤج ِل ِّ‬
‫الرحلة‬ ‫األسبوعي مئةٌ ومخسون صفحةً‪ ،‬هل أستطيع إّناءها أم ال؟ يا شباب‪ ،‬أعتذر ّ‬ ‫ّ‬ ‫جدويل‬
‫الرتتيب‪،‬‬
‫لألسبوع القادم‪ ،‬لدينا لقاءٌ؟ حسنًا‪ ،‬كم بقي يل من جدويل األسبوعي؟‪ ...‬هذا يُعينك على ّ‬
‫وينق ُذك من هذه الكارثة‪ ،‬هذه الكارثة‪ :‬اهلاتف احملمول! هذا ال ينقذك منه ‪-‬بإذن ال ّٰلّه‪ّ -‬إال التّحديد‪،‬‬
‫ئ جيِّ ٌد وهو مل يعطِّل إشعارات الواتس‬ ‫وإال ستغوص؛ وباملناسبة‪ ،‬الذي يقول أنّه قار ٌ‬
‫والتّخصيص‪ّ ،‬‬
‫أشك يف كلمه‪.‬‬
‫وسناب شات فأنا ّ‬
‫أظن‬
‫ئ وإشعارات هاتفه ال تتوقّف! ّ‬ ‫يظن أنّه طالب عل ٍم أو قار ٌ‬
‫شخص ّ‬‫ٍ‬ ‫أنا أستغرب حني أجلس مع‬
‫رسالة ولديك ألف‬‫ات مل أشغّل اإلشعارات؛ ليس من املعقول أن تصلك ألف ٍ‬ ‫أنّه منذ ست سنو ٍ‬
‫ّ‬
‫حّت وإن كان األمر ليس ألجل القراءة‪ ،‬فقط لراحة اإلنسان وصفاء ذهنه؛ جيب تعطيل‬ ‫ٍ‬
‫جمموعة‪ّ ،‬‬
‫إشعارات اهلواتف‪ .‬إذن بقي أربع قواعد سهلة ويسرية وسريعة‪.‬‬
‫ِ‬
‫خمسة كتب راجع كتابَين‪.‬‬ ‫كل‬
‫القاعدة ‪ :11‬بعد قراءة ِّ‬
‫كتب راجع كتابني‪ :‬انتهيت من ٍ‬
‫مخسة‪ ،‬راجع واحد واثنني ‪-‬الكتابان‬ ‫بعد أن تنتهي من قراءة مخسة ٍ‬
‫األول والثّاين‪ ،-‬انتهيت من اخلمسة اليت بعدها‪ ،‬ر ِاجع ثلثة وأربعة‪ ،‬اخلمسة اليت بعدها‪ ،‬راجع مخسة‬
‫ّ‬
‫الصفحات الفارغة بالفوائد واجلداول؛‬
‫وستة‪ ،‬وهكذا‪ .‬واضحة الطّريقة؟ وقد ذكرنا ساب ًقا أنّك متأل ّ‬
‫ضروري جدًّا جدًّا أن تراجع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األقل‪.‬‬
‫فرتجع للكتاب وتقرأ الفوائد على ّ‬
‫القاعدة ‪ :11‬إذا أشكل عليك شيء أثناء القراءة فلك أن تراجعه‪.‬‬

‫مسألة فقهيّ ٍة أشكلت‪،‬‬


‫ٍ‬ ‫كمصطلح‪ ،‬أو معل ٍ‬
‫ومة حتتاج مراجعتها‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬ ‫إذا أشكل عليك شيءٌ أثناء القراءة‬
‫كلم كثريٌ يف الكتاب‬
‫اصة إذا كان يدور حوله ٌ‬ ‫أيًّا كان‪ ،‬فلك أن تراجعه إذا كان ال يقطعك‪ ،‬وخ ًّ‬
‫وإال فاألفضل االستمرار يف القراءة‪.‬‬
‫نفسه‪ّ ،‬‬

‫‪27‬‬
‫للرتاث) إلبراهيم السكران‪ :‬ما بعد «الفيلولوجيا»‪،‬‬‫أنت اآلن تقرأ كتابًا‪ ،‬تقرأ كتاب (التّأويل احلداثي ّ‬
‫ٍ‬
‫صفحة ‪-‬دون‬ ‫واملستشرقون «الفيلولوجيون»‪ ،‬واعتمدوا «الفيولولوجيا» يف كذا‪ ...‬ذكرها يف ّأول أربعني‬
‫مرةً أو أكثر‪ .‬هنا ال أقول ّأال تبح عن املصطلح‪ ،‬بل احب عنه ‪-‬هو‬ ‫عشرة‬ ‫مخس‬ ‫ميكن‬ ‫‪-‬‬ ‫ٍ‬
‫مبالغة‬
‫ّ‬
‫مصطلحا غريبًا يتمحور‬ ‫صفحات‪ ،-‬لكن أنت حني ترى أ ّن هناك‬‫ٍ‬ ‫شرح املصطلح لكن بعد ع ّدة‬
‫ً‬
‫مثل شخصيّةٌ يدور حوهلا الكلم ومل‬ ‫كرر‪ ،‬توقَّف وافهم معناه واقرأ معىن املصطلح‪ ،‬أو ً‬
‫حوله الكلم سيُ ّ‬
‫مثل شخصيةً‬ ‫الغريب ترى ً‬
‫ّ‬ ‫مثل أنت تقرأ يف تاريخ الفكر‬
‫عرف هبذه الشخصيّة‪ ،‬يعين ً‬ ‫يشرح أو مل يُ ِّ‬
‫«كانت»‪ ،‬حت ّدث الكاتب عنه‪« :‬كانت» ذهب‪« ،‬كانت» قام‪« ،‬كانت» شرب‪« ،‬كانت» نام‪،‬‬
‫أي عص ٍر؟ إىل آخره؛ يف هذه احلالة اذهب واقرأ عنه‬‫«كانت» مشى‪ ...‬لكنّه مل يشرح مّت كان؟ يف ّ‬
‫قليل‪.‬‬
‫ً‬
‫ٍ‬
‫معلومة أخرى‪ّ ،‬أما أن يكون لديك‬ ‫املتكررة يف الكتاب‪ ،‬أو الّيت يتوقّف عليها فهم‬
‫ِّ‬ ‫هذا يف املعلومات‬
‫صعب ذهبت وشرحته‪ ،‬فذلك ال يصلح‪ ،‬إذا كنت تفعل ذلك توقّف؛‬ ‫نفسيّة أنّه كلّما جاءك شيءٌ ٌ‬
‫فإنّك لن تنتهي إذا فعلت هذا‪.‬‬

‫كل فن حتى تعود لها‪.‬‬


‫المعتمدة في ّ‬
‫اجع ُ‬
‫القاعدة ‪ :19‬يجب أن تعرف المر َ‬
‫حّت تعود إليها يف املشكلت ‪-‬وهذه متعلِّقةٌ بالقاعدة اليت‬
‫فن ّ‬
‫كل ٍّ‬
‫جيب أن تعرف املراجع املُعتمدة يف ّ‬
‫قبلها‪.-‬‬

‫مثل لديك شخصيّة تارُييّة‪ ،‬لو كنت تقرأ كتاب (البداية والنهاية) البن كثري‬‫لو سألت أين ترجع؟ ً‬
‫اهلجري‪ ،‬ويف هذا الكتاب متّ التّح ّدث عن شخصيّات كثرية أثناء‬ ‫ّ‬ ‫الذي يتكلّم عن القرن اخلامس‬
‫فصل‪ ،‬وخلل قراءتك لفتتك‬ ‫السنة‪ ،‬وليس يف الوفيّات؛ ألنّه يف حديثه عن الوفيّات يُ ّ‬
‫أحداث ّ‬
‫كامل‪ ،‬ففي هذه احلالة ترجع إىل (سري أعلم‬ ‫بشكل ٍ‬‫ٍ‬ ‫شخصيّةٌ أقلقك احلدي عنها ومل تفهمها‬
‫الشخصيات التّارُييّة اليت كانت يف التّاريخ‬
‫ص يف ّ‬‫متخص ٌ‬
‫ّ‬ ‫مرجع‬
‫مثل‪( ،‬سري أعلم النّبلء) ٌ‬
‫النّبلء) ً‬
‫اإلسلمي‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪28‬‬
‫أيضا ليست قضيّةً‬
‫خاصةٌ‪ ،‬وهي ً‬
‫فن‪ ،‬فيُتطلّب هلا دورةٌ ّ‬‫كل ٍّ‬
‫ّأما بالّنسبة ملعرفة املراجع املعتمدة يف ِّ‬
‫السبل املرضيّة) ألمحد سامل‪.‬‬
‫توضح هذه القضيّة‪ ،‬مثل كتاب ( ّ‬
‫كتب ّ‬‫صعبةً؛ فهناك ٌ‬
‫حّت تعود إليها يف املشكلت‪.‬‬
‫فكما قلنا‪ ،‬جيب أن تعرف املراجع املعتمدة يف املوضوع الذي تقرؤه ّ‬
‫كل شيء في الكتاب‪.‬‬
‫القاعدة ‪ :12‬ليس ضروريًّا أن تفهم ك َّل شيء تقرؤه وال أن تقرأ ّ‬
‫فمثل‪ :‬كتاب (سري أعلم‬
‫كامل"‪ً ،‬‬
‫تتمه ً‬ ‫وهذه القاعدة ال تتعارض مع قاعدة "ال ترتك الكتاب حّت ّ‬
‫كامل ليس‬
‫كامل من كان يف مسرية طلب العلم‪ ،‬ولكن معىن أن يقرأه ً‬
‫النّبلء) لل ّذهيب‪ ،‬جيب أن يقرأهُ ً‬
‫لكل شخصيّ ٍة يتح ّدث عنها‪ ،-‬وقد ذُكر يف هذا‬
‫الرتمجة عبارة عن ِسري ِّ‬ ‫ٍ‬
‫كل ترمجة فيه ‪-‬و ّ‬
‫بأن يقرأ ّ‬
‫كامل‪ ،‬بل جيب أن يكون لديك‬
‫الضروري أن تقرأ الكتاب ً‬‫الرتاجم‪ ،‬فهنا ليس من ّ‬ ‫الكتاب آالف ّ‬
‫كامل وأن تتجاوز بعض ما ميكن جتاوزه‪.‬‬
‫عقليّةٌ مرنةٌ تقبل أن تقرأ الكتاب ً‬
‫دليل‪ ،‬وأنت قد فهمت املوضوع‬ ‫ف يشرح مسألةً يذكر عليها مخسة عشر ً‬ ‫ويف بعض األحيان تقرأ ملؤلِّ ٍ‬
‫متاما وميكن أن تتجاوز باقي األدلّة؛ وهذا الفعل ُيتلف‬ ‫الرابع ورأيت أنّك اكتفيت واقتنعت ً‬ ‫من ال ّدليل ّ‬
‫كامل وتفهمه جيّ ًدا‪ .‬وأنا‬
‫صفحة من الكتاب ومن مثّ تركه‪ ،‬هنا أنت تقرأ الكتاب ً‬ ‫ٍ‬ ‫متاما عن قراءة مئة‬
‫ً‬
‫ت جزئيّ ٍة أو‬‫جدا؛ ألنّه أثناء القراءة‪ ،‬ستشعر بامللل من معلوما ٍ‬ ‫مهمةً ومفيدةً ًّ‬‫أرى أن هذه الطّريقة ّ‬
‫طبعا دون مبالغة‪ ،‬حبي ال يكون املتجاوز أكثر من‬ ‫فتعود أن تتجاوز ‪-‬‬ ‫ٍ‬
‫معلومات سبق شرحها؛‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫مهمة‪ ،‬وجيب عليك ‪-‬عزيزي‬ ‫املقروء‪ ،-‬لكن القصد من هذه القاعدة جتاوز جزئيّات‪ ،‬وليس قضايا ّ‬
‫ويظن أنّه قرأ‪ .‬ليس‬
‫حّت ال ُيدع اإلنسان نفسه ّ‬ ‫أصل؛ ّ‬ ‫فرعا وليس ً‬
‫القارئ‪ -‬أن جتعل هذه القاعدة ً‬
‫شيء تقرؤه؛ فأنت يف عجلة قراءةٍ كبريةٍ؛ فافهم احملطّات املركزيّة‪ ،‬والقضايا‬ ‫ضروريًّا أن تفهم كل ٍ‬
‫ّ‬
‫الكربى‪ ،‬وافهم ال ّدالئل األساسيّة للكتاب‪ ،‬واستطرد يف جزئيّ ٍة معيّ ٍنة ‪-‬ليس ضروريًّا أن تفهمها كلّها‪،-‬‬
‫ّبعىن حاول أن تكون استيعابيًّا أكثر من أن تكون تفصيليًّا‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫المحور ال ّرابع‪ :‬قواعد التّلخيص واختصار الكتب‪.‬‬
‫ست قواعد يف تلخيص الكتب‪:‬‬
‫هناك ّ‬
‫كل كتاب يُ َّ‬
‫لخص‪.‬‬ ‫القاعدة األولى‪ :‬ليس ّ‬
‫كل‬
‫ويلخص َّ‬
‫يتحمس اإلنسان عندما يسمع عن التّلخيص وأمهّيّة تلخيص الفوائد‪ ،‬فيقرأ كتابًا ّ‬
‫فأحيانًا ّ‬
‫لخص‪.‬‬
‫كتاب يُ َّ‬ ‫ٍ‬
‫شيء فيه‪ ،‬ال؛ فليس كل ٍ‬
‫ّ‬
‫المهمة‪.‬‬
‫القاعدة الثّانية‪ :‬ل ّخص الكتب المركزيّة أو البنائيّة ّ‬
‫تلخصه‪ ،‬أو كان‬ ‫فن ّ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫معني فاحرص على أن ّ‬ ‫مهمةً يف ٍّ‬
‫فمثل‪ ،‬رأيت أحد الكتب غطّى موضوعات ّ‬ ‫ً‬
‫جدل كب ٍري وحتتاج أن يكون لك فيها أصل‪ ،‬فلنقل ٍ‬
‫كمثال‪( :‬إشكاليّة اإلعذار‬ ‫هناك مسألةٌ يف حمل ٍ‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫نقاش‪ ،‬ونال إعجابك الكتاب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العقدي) لل ّدكتور سلطان؛ مسألةٌ ُمشكلةٌ فيها ٌ‬
‫ّ‬ ‫باجلهل يف البح‬
‫وضا عن أن يكون هذا الكتاب الذي حيتوي ما‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫فلخصه‪ ،‬فع ً‬
‫ورأيت أنّه كاف وواف يف هذه القضيّة ّ‬
‫مثل‪ ،‬مخسون صفحةً‪.‬‬‫ص‪ً ،‬‬ ‫ملخ ٌ‬
‫يقارب أربعمائة ومخسني صفحةً‪ ،‬فليكن لديك ّ‬
‫القاعدة الثالثّة‪ :‬التّلخيص بعد التّشجير وليس قبله‪.‬‬

‫مثل‪:‬‬
‫تلخص على طريقة امأل الفراغات‪ ،‬ويكون ملء الفراغات ً‬
‫فتبدأ بتسجيل موضوعات الكتاب مثّ ّ‬
‫فصول‪ ،‬فكل ٍ‬
‫كلمة كتبتها يف هذا التّشجري تنقلها‬ ‫إذا بدأت بتشجري الباب األول الذي حيتوي مخسة ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فيما بعد إىل دفرت التّلخيص‪ ،‬ومتأل الفراغات بينها من موضوعات الكتاب‪ ،‬وهذا هو التّلخيص‪.‬‬
‫األول‪ :‬تش ّكل‬
‫مثل كتاب الباب ّ‬ ‫وبطريقة شرح أخرى‪ :‬عند رسم اخلارطة املعرفيّة تقوم بتفصيل‪ً ،‬‬
‫لكل‬
‫األول‪ :‬أسباب ظاهرة نقض ال ّدين؛ مثّ األسباب ّ‬‫ظاهرة نقد ال ّدين؛ وتبدأ بكتابة الفروع‪ ،‬الفرع ّ‬
‫مشجر كبري‪ ،‬بعد‬
‫السبب الثّاين‪...‬؛ فاآلن أنت قمت برسم ّ‬ ‫األول‪ :‬فساد الكنيسة‪ّ ،‬‬‫السبب ّ‬ ‫فرٍع‪ّ :‬‬
‫الشجرة‪ ،‬لكن ليس يف نفس‬‫وتسجلها يف دفرتك حتت العناوين اليت يف ّ‬
‫ّ‬ ‫ذلك تأيت خبلصة كلم املؤلِّف‬

‫‪31‬‬
‫الرمسة؛ ألن الرمسة ال تسع للتّلخيص‪ ،‬بل تأخذ العناوين وتضعها يف دفرتك كتابةً وترتك فراغ ٍ‬
‫ات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للتّلخيص تنقل فيها خلصة كلم املؤلِّف حتت العناوين‪ ،‬وهذه أفضل طريقة لتلخيص الكتب‪.‬‬

‫الرابعة‪ :‬التّشجير يكون باالستعانة بع ّدة أمور‪.‬‬


‫القاعدة ّ‬
‫تكتف بالفهرس الذي‬ ‫ِ‬ ‫التّشجري يكون باالستعانة بع ّدة أموٍر‪ :‬الفهرس‪ ،‬املق ّدمة‪ ،‬التّص ّفح والفهم؛ ال‬
‫أحيانًا تضعه ال ّدار النّاشرة وليس املؤلِّف‪ ،‬كما أ ّن املؤلِّف أحيانًا ال يكتب يف املق ّدمة خطّةً تفصيليّةً؛‬
‫الصلح؟ ذكر مخسةً‬ ‫نوعا ذكر املؤلِّف ابن ّ‬ ‫مثل‪ :‬كم ً‬ ‫فيجب عليك أنت أن تقوم بالفهم‪ ،‬فلنقل ً‬
‫متفرقة؟ وهكذا جيب أن‬ ‫نوعا‪ ،‬جيّد‪ ،‬هل من املمكن أن تنضم هذه األنواع إىل بعضها أم هي ّ‬ ‫وستّني ً‬
‫بشكل جيّ ٍد وو ٍ‬
‫اضح‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫جتتهد يف الفهم كي تستطيع التّشجري‬

‫القاعدة الخامسة‪ :‬التّلخيص ال يتناول االستطرادات‪.‬‬

‫قد سبق يل أن خلّصت كتاب (اإلميان األوسط) البن تيميّة الذي شرح فيه حدي جربيل‪ ،‬وكان‬
‫الكتاب يتمحور حول مسائل اإلميان من النّاحية العقديّة‪ ،‬واجلهميّة واملرجئة‪ ،‬وغريها من قضايا‬
‫اإلميان‪ ،‬وقد حت ّدث ابن تيميّة عن األسباب املوجبة لزوال ال ّذنوب فذكر عشرة أسباب‪ ،‬وكان التّساؤل‪:‬‬
‫حّت‬
‫ويرجح ّأّنا تزيل ّ‬
‫طويل حول هذا األمر‪ّ ،‬‬ ‫نقاش ٍ‬ ‫هل هي تزيل الصغائر أم الكبائر؟ مع ذكر ٍ‬
‫الكبائر؛ فهنا نرى أمهيّة هذا اجلزء من املوضوع‪ ،‬ولكنّه استطرادي وليس من صلب الفكرة واملوضوع‪،‬‬
‫نشجر؛ والتّشجري حيتوي على‬
‫لخص‪ ،‬حنن ذكرنا طريقة التّلخيص‪ّ :‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬القضايا االستطراديّة ال تُ َّ‬
‫الصفحة رقم‬
‫العناوين األساسيّة‪ .‬ومن املمكن كتابة‪ :‬ذكر املؤلّف أسبابًا عشرة موجبةً لرفع ال ّذنوب يف ّ‬
‫كذا‪ ،‬ووضع عناوين رئيسيّةً هلا وفوائد يف احلواشي؛ فنضع للستطرادات عناوين فوائد فقط‪.‬‬

‫مرات حتّى يثبت بالنّفس‪.‬‬


‫السادسة‪ :‬قراءة المل ّخص ع ّدة ّ‬
‫القاعدة ّ‬
‫امللخصات والفوائد اليت كتبها‪ .‬تعرفون‬
‫جدوال للمراجعة‪ ،‬وأفضل ما يراجع ّ‬
‫فالقارئ اجليّد جيعل لنفسه ً‬
‫مشهور ب «ابن منظور»‪ ،‬صاحب كتاب (لسان‬ ‫ٌ‬ ‫املكرم؟ هو طالب علم جيّد يف النّحو‪،‬‬ ‫حممد بن ّ‬
‫العرب)‪ ،‬لديه طريقةُ متم ّكنني‪ ،‬قام باختصار (تاريخ بغداد) للخطيب البغدادي‪ ،‬و(ذيل تاريخ بغداد)‬
‫‪30‬‬
‫النجار‪ ،‬و(تاريخ دمشق) البن عساكر‪ ،‬و(األغاين)‪ ،‬و(زهر اآلداب)‪ ،‬و(احليوان) للجاحظ‪،‬‬ ‫البن ّ‬
‫مهمان جدًّا‬
‫ومهمةٌ‪ ،‬فاالختصار والتّلخيص ّ‬
‫و(اليتيمة) للثعاليب‪ ،‬و(الذخرية)‪ ...‬إخل‪ .‬هذه ميزةٌ عظيمةٌ ّ‬
‫جدًّا‪.‬‬
‫تصصه؛ فمن اخلسارة أن‬‫علجا لستّني قضية وجتده يف غاية األمهّيّة يف ُّ‬ ‫أنت قرأت كتابًا ووجدت فيه ً‬
‫ص تستطيع‬ ‫ملخ ٌ‬
‫مرًة أخرى فمن اجليّد أن يكون لك ّ‬ ‫حّت إذا احتجت لقراءته ّ‬ ‫مرًة واحد ًة‪ّ ،‬‬
‫تقرأه ّ‬
‫الرجوع إليه‪ .‬وال جيب أن ترتك كتابًا من دون أن تكتب يف مق ّدمته فائدة الكتاب‪ ،‬وهذا األمر يشمل‬ ‫ّ‬
‫تفسريا‪ ،‬عقيد ًة‪ ،‬تارُيًا‪ ،‬فلسفةً‪ ،‬إخل‪ّ .‬أما التّلخيص ال يكون ّإال‬ ‫كان‬ ‫اء‬‫و‬ ‫س‬ ‫‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫استثناء‬ ‫كل الكتب دون‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫لكتب معيّ ٍنة تكون مركزيّةً بباهبا أو تعاجل مسألةً حتتاج أن يكون عندك رصي ٌد فيها حبسب القضايا‬ ‫ٍ‬
‫واملسائل‪.‬‬

‫الشيخ حممد الغزايل‪ ،‬هذه‬ ‫سؤال‪ :‬هناك بعض الكتب فكريّة‪ ،‬أو ال تتبع ً‬
‫جماال حم ّد ًدا‪ ،‬مثل كتب ّ‬
‫مهمة‪ ،‬فكيف نتعامل معها؟‬‫لخص وبنفس الوقت قراءهتا ّ‬‫الكتب ال تُ َّ‬

‫اإلجابة‪ :‬أخذنا قاعدةً ّ‬


‫هامةً من القواعد وهي‪ :‬ال ترتك كتاباً تقرؤه ّإال وتكتب فوائده يف ّأوله‪ ،‬وهذا‬
‫فكل الكتب دون استثناء‪ :‬تفسري أو حدي أو عقيدة أو تاريخ أو فلسفة أو‬ ‫نقاش‪ّ ،‬‬
‫ليس فيه ٌ‬
‫شيء تكتب الفوائد يف ّأول الكتاب؛ وال ضرورة يف التّلخيص؛ أل ّن التّلخيص‬ ‫سياسة‪ ...‬إخل‪ ،‬يف أي ٍ‬
‫ّ‬
‫لكتب معيّ ٍنة تكون مركزيّةً يف باهبا‪ ،‬أو تعاجل مسألةً حتتاج أن يكون عندك رصي ٌد فيها‬
‫ال يكون ّإال ٍ‬
‫خصص‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫لكتاب يف التّ ّ‬ ‫ص‬
‫ملخ ٌ‬
‫حبسب القضايا واملسائل‪ .‬أحيانًا قد حتتاج‪ ،‬بل جيب أن يكون لديك ّ‬
‫شرحا وشرحني وثلثةً وأربعةً‪ ،‬وقد تستغين‬ ‫وأحيانًا تستغين بالكتاب الذي قلت لكم أن تضيفوا عليه ً‬
‫التخصص‪ :‬الطّريقة اليت يكون هبا‬‫ّ‬ ‫أفضل هذه الطّريقة يف‬
‫تصصك؛ أنا ّ‬ ‫به عن التّلخيص يف جمال ّ‬
‫ومرتني وثلثةً‪ ،‬واملوعد امليدان‪.‬‬
‫مرًة ّ‬
‫متضمنًا أربعة كتب أنت نقلتها‪ ،‬وتقرؤه ّ‬
‫الكتاب األساس ّ‬

‫‪32‬‬
‫سؤال‪ :‬كتاب (اإلحياء) لإلمام الغزايل اختصره ابن قدامة املقدسي يف (منهاج القاصدين)؟‬

‫كزي‪ ،‬وتعامل معه كثريٌ من العلماء بالتّلخيص واالختصار‪ ،‬وأبرز من‬ ‫اإلجابة‪( :‬اإلحياء) ٌ‬
‫كتاب مر ٌّ‬
‫اختصره ابن اجلوزي يف (منهاج القاصدين)‪ ،‬مثّ جاء ابن قدامة املقدسي فاختصر املختصر يف (خمتصر‬
‫املقررة‪.‬‬
‫منهاج القاصدين)‪ ،‬وهو من الكتب ّ‬
‫ت سر ًيعا‪:‬‬
‫الس ّ‬
‫متأخًرا نذكر القواعد ّ‬
‫الرابع‪ .‬وملن حضر ّ‬ ‫كان هذا احملور ّ‬
‫لخص ‪.‬‬ ‫‪ )1‬القاعدة األولى‪ :‬ليس كل ٍ‬
‫كتاب يُ َّ‬ ‫ّ‬
‫‪ )1‬القاعدة الثّانية‪ :‬خلِّص الكتب املركزية والبنائيّة ّ‬
‫املهمة‪.‬‬
‫‪ )2‬القاعدة الثّالثة‪ :‬التّلخيص بعد التّشجري‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬التّشجري يكون باالستعانة بع ّدة أمور‪ :‬الفهرس‪ ،‬واملق ّدمة‪ ،‬التّص ّفح والفهم‪.‬‬
‫‪ )1‬القاعدة ّ‬
‫‪ )5‬القاعدة الخامسة‪ :‬التّلخيص ال يتناول االستطرادات‪.‬‬
‫‪ )6‬القاعدة السادسة‪ :‬جيب قراءة التّلخيص بعد م ّدةٍ ع ّدة مر ٍ‬
‫ات؛ كي يثبت يف ال ّذهن‪.‬‬‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫المحور الخامس‪ :‬مشكلة نسيان المقروء‪.‬‬
‫نفرق بني القاعدة‬
‫هناك مخس قواعد للتّعامل مع مشكلة النّسيان‪ ،‬وكما قلنا يف بداية احملاضرة‪ ،‬لن ّ‬
‫واملهارة‪ ،‬وسنطلق عليها مجيعا مسمى‪« :‬قاعدة»‪ ،‬ولكن عند التّحقيق فبعضها يكون مهار ٍ‬
‫ات أقرب‬ ‫ً ّ‬
‫من كوّنا قواعد‪.‬‬

‫خاصة بك‪.‬‬
‫عامة وليست ّ‬
‫القاعدة األولى‪ :‬أن تُدرك أ ّن هذه المشكلة ّ‬
‫يظن أنّه الوحيد الذي‬ ‫مهم ًّ‬
‫جدا‪ .‬املشكلة أنّه كلّما أمسع من يتح ّدث عن هذه املشكلة‪ّ ،‬‬ ‫وهذا شيءٌ ٌّ‬
‫يعاين منها‪.‬‬
‫‪-‬يا أخي ملاذا ال تكمل القراءة؟‬
‫ألين فقط أنسى‪.‬‬
‫= ّ‬
‫كل من يقرأ ينسى‪.‬‬
‫‪ -‬يا أخي ّ‬
‫‪33‬‬
‫القاعدة الثّانية‪ :‬ح ّدد المعلومات الجديدة عليك في القراءة‪.‬‬

‫ملونًا أمحر‪ ،‬أخضر‪ ...‬وح ّدد املعلومات اجلديدة عليك‬


‫قلما ّ‬
‫مرة‪ ،‬أحضر معك ً‬ ‫ألول ّ‬
‫أنت تقرأ الكتاب ّ‬
‫معلومة جديدةٍ عليك يف‬
‫ٍ‬ ‫كل‬
‫املهم أن حت ّدد ّ‬
‫ٍ‬
‫خط أو قائمة‪ّ ...‬‬ ‫بقوس أو عنو ٍان أو ٍّ‬
‫أثناء القراءة‪ّ ،‬إما‪ٍ :‬‬
‫القراءة‪.‬‬

‫الم َح َّدد في القراءة الثّانية‪.‬‬


‫القاعدة الثّالثة‪ :‬ح ّدد من ُ‬
‫للمرة الثّانية ستجد يف الكتاب‬ ‫هناك قاعدة تقول‪ :‬ال تقرأ كتابًا ّ‬
‫مرًة واحد ًة؛ فعندما تقرأ الكتاب ّ‬
‫األقواس اليت ح ّددهتا يف القراءة األوىل‪ ،‬عندها خذ معك قلما ٍ‬
‫بلون آخر‪ ،‬وحدِّد من املحدَّد اجلُمل‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫اليت بقيت عليك جديدةً أو نسيتها‪.‬‬

‫األهم في القراءة الثّالثة‪.‬‬


‫الرابعة‪ :‬اقرأ ّ‬
‫القاعدة ّ‬
‫كامل‪ ،‬ال‪ ،‬لكن القصد‪ :‬أنّك أحيانًا قد ال جتد فرصةً لقراءة‬
‫هذا ال يعين أنّك ال تعيد قراءة الكتاب ً‬
‫سنة؛ فل مشكلة‪ ،‬لكن خلل هذه‬ ‫مثل‪ -‬بعد ٍ‬‫كامل‪ ،‬أو تريد أن جتعل قراءة الكتاب كاملةً ‪ً -‬‬
‫الكتاب ً‬
‫تنص على أن تقرأ مخسة ٍ‬
‫كتب مثّ تراجع كتابني فتقرأ الفوائد‪،‬‬ ‫السنة طبِّق قاعدة «مخسة اثنني»‪ ،‬اليت ّ‬ ‫ّ‬
‫متر على األقواس‬ ‫بدال عن قراءة الفوائد‪ ،‬أن تقرأ احملدَّد‪ :‬تتص ّفح الكتاب صفحةً صفحةً و ّ‬‫وميكن ً‬
‫مثل نصف ساعة يف العصر تريد أن تشرب شايًا وجتلس‬ ‫وقت وعندك ً‬ ‫احلمراء‪ .‬إن مل يكن لديك ٌ‬
‫كل‬
‫ستمر على ّ‬ ‫جديدا‪ ،‬وخلل نصف ساعة ّ‬ ‫ً‬ ‫فخذ كتابًا قرأته‪ ،‬أفضل من أن تأخذ كتابًا‬ ‫لتقرأ؛ ُ‬
‫املهم‪ ،‬وهذه طريقةٌ‬
‫األهم من ّ‬
‫املعلومات اليت كانت جديدةً عليك‪ ،‬وح ّددهتا يف القراءة الثّانية اليت هي ّ‬
‫مهمةٌ يف جتاوز مشكلة النّسيان‪.‬‬
‫ّ‬
‫تظن أ ّن مشكلة النّسيان ستُح ّل ّبلعقة زبيب مع ماء معدين تلطهم مع بعض وتشرهبم؛‬ ‫إذا كنت ّ‬
‫أكل وال شربًا‪ .‬القضيّة قضيّة تكرا ٍر‪ ،‬وتكرا ٍر‬
‫فاعلم أنك تعيش يف األوهام‪ ،‬فالقضيّة ليست خلطةً‪ ،‬وال ً‬
‫فقط‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫يدرس يف مدرسة‬ ‫درسا يف كتاب صحيح البخاري ‪-‬فهو ّ‬ ‫للشيخ حامد خباري ً‬ ‫مرة أحضر ّ‬ ‫أذكر كنت ّ‬
‫عجيب يف احلفظ‪ ،‬ففي‬ ‫ٌ‬ ‫طالب‬
‫حتفيظ قرآن‪،-‬كان عنده الطّّلب حيفظون الشاطبيّة‪ ،‬يقول‪" :‬عنده ٌ‬
‫أبيات منها‪ ،‬وهذا الطّالب ال ُيطئ‪ ،‬كل يوم يسمع األربع ٍ‬
‫أبيات كما‬ ‫اليوم مقرر عندهم تسميع أربعة ٍ‬
‫ّ ُ ّ‬ ‫ُ ٌّ‬
‫خريا إن شاء اهلل؟ قال‪ :‬واهلل يا‬
‫متسائل‪ً :‬‬
‫ً‬ ‫يوما فتل ّكأ وأخطأ؛ قلت له‬
‫هي؛ فقلت‪ :‬ما شاء اهلل‪ ،‬فجاء ً‬
‫مرةً؛ فاكتشفت أنّه من أسوأ النّاس حفظًا"‪.‬‬ ‫شيخ ما استطعت مراجعة األبيات باألمس ّإال سبعني ّ‬
‫يكررها يف األيّام العاديّة حنو‬
‫مرًة وجاء وأخطأ باألربع أبيات؛ معىن ذلك كان ّ‬ ‫كرر سبعني ّ‬‫فإذا كان ّ‬
‫معروف عند اإلخوة املوريتانيّني ثقافة تكرار احملفوظ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫مرة‪- .‬أظنّه موريتانيًّا‪ ،-‬فهو‬
‫مائتني أو ثلمثائة ّ‬
‫مرة وال مشكلة يف ذلك‪.‬‬ ‫يكرر أربعمائة أو مخسمائة ّ‬
‫فقد ّ‬
‫ومتقن"‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ظ‬
‫احملصلة أنّه حاف ٌ‬
‫الشيخ مع ّقبًا‪" :‬اكتشفت أنّه من أسوأ النّاس حفظًا‪ ،‬لكن النّتيجة و ّ‬
‫يقول ّ‬
‫ٍ‬
‫خلطات‪ ،‬وال شيء‪ ،‬هي تكر ٌار فقط‪.‬‬ ‫ليس بسبب‬

‫مرات خالل سنة‪.‬‬


‫يقل عن عشر ّ‬
‫المهم واقرأه ما ال ّ‬
‫ّ‬ ‫القاعدة الخامسة‪ :‬ل ّخص الكتاب‬

‫مهم‪ ،‬أي ليس‬ ‫ٍ‬


‫لكتاب ٍّ‬ ‫امللخص الذي ِ‬
‫عملته‬ ‫ذكرنا ّبحور التّلخيص ك ّل ما فيه‪ ،‬واآلن حنن نتعامل مع َّ‬
‫جدا عندك‪ ،‬واليت ميكن أن ُحت ِدث عندك نقلةً‬
‫مهم ٍة ًّ‬ ‫صات لقضايا ٍ‬
‫لكتب ّ‬ ‫ملخ ٌ‬ ‫امللخصات‪ ،‬فقط ّ‬ ‫كل ّ‬‫ّ‬
‫امللخص اقرأه‬
‫جدا‪ ،‬فهذا َّ‬ ‫قليل ًّ‬
‫فامللخص الذي سيكون أربعني صفحةً أو مخسني هو ٌ‬ ‫معرفيّةً كبريًة‪َّ ،‬‬
‫سنة ٍ‬
‫كاملة؛ أل ّن مخسون صفحة‪ ،‬يعين‬ ‫ساعات خلل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أقل من عشر‬ ‫يعين‬ ‫‪.‬‬ ‫سنة عشر مر ٍ‬
‫ات‬ ‫خلل ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حتتاج لساعة تقريبا‪.‬‬
‫ذكرنا مخس قواعد سيكون فيها حلٌّ ملشكلة النّسيان‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫السادس‪ :‬مشكلة الملل من القراءة‪.‬‬
‫المحور ّ‬
‫عندنا مخس قواعد‪.‬‬

‫القاعدة األولى‪ :‬ح ّدد الهدف‪.‬‬

‫أهم قضيّ ٍة لطرد امللل‪.‬‬


‫حب استطلع‪ ،‬أم لديك هدف؟ فقضيّة اهلدف ّ‬ ‫فهل القراءة عندك موضة‪ ،‬أم ّ‬
‫ال تتوقّع أ ّن امللل سيُطرد ّبوسيقى هادئة أو غريها‪ ،‬امللل ال يُطرد إّال بوجود هدف‪.‬‬

‫القاعدة الثّانية‪ :‬نَ ِّوع الوسيلة‪.‬‬

‫كتب كثريةٌ‬
‫كامل يف اليوتيوب‪ ،‬و ٌ‬
‫جود ً‬‫فلو كان عندي كتاب (الطّريق إىل القرآن) أريد قراءته ‪-‬وهو مو ٌ‬
‫املقررات اليت عندنا اآلن يف الربنامج موجودةٌ يف اليوتيوب‬
‫حّت بعض ّ‬ ‫موجودةٌ يف اليوتيوب‪ ،‬باملناسبة ّ‬
‫استماعا‪ ،‬وأكتب؛‬
‫ً‬ ‫أين تعبت من القراءة هذا األسبوع؛ فأحاول أن أستمع له‬ ‫كمل ّفات صوتيّة‪ ،-‬لنقل ّ‬
‫سجل كتابًا صوتيًّا ‪-‬‬
‫ومرة ّ‬
‫ومرة اقرأ‪ّ ،‬‬
‫مرة استمع‪ّ ،‬‬ ‫أبدا‪ .‬ن ِّوع الوسيلة‪ّ ،‬‬
‫قاعدة الكتابة ال أستغين عنها ً‬
‫وهي طريقةٌ ناجحةٌ وجيدةٌ‪ -‬واحتفظ به يف هاتفك‪ ،‬وكل ما مشيت يف ٍ‬
‫مكان أو كنت يف احلافلة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫استمع لنفسك‪ ،‬كذلك التّلخيص واملشاركة‪ ،‬كلّها وسائل جيّدة‪.‬‬

‫القاعدة الثّالثة‪ :‬شارك غيرك‪.‬‬

‫أهم الوسائل‪ ،‬ومنها جاءت فكرة جلسات املدارسة عندنا‪ ،‬انظر كيف قرأ صديقك؟ كيف‬
‫وهذه من ّ‬
‫تنافستم؟‪...‬‬
‫القاعدة الرابعة‪ِ :‬‬
‫أشعر نفسك باإلنجاز‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الشغل واالرتباطات‪ ...‬أصل‬
‫حممودا‪ ،‬كيف؟ أحيانًا لكثرة ّ‬
‫حتايل ً‬ ‫كثريا‪ً ،‬‬
‫بالنّسبة يل أحتايل على نفسي ً‬
‫حقيقي‪ ،‬وقد تبقى‬
‫ٍّ‬ ‫آلخر اليوم ما قرأت شيئًا‪ ،‬عندها ينتابين شعور حسيًّا ‪-‬وليس معنويًّا‪ٍ -‬‬
‫بضيق‬
‫حّت‬
‫نوع من املسايسة لنفسك ّ‬ ‫يومني أو ثلثة تشعر أنّك تكاد ال تستطيع التّن ّفس؛ هنا حتتاج إىل ٍ‬
‫عصرا‪،‬‬
‫مثل‪ :‬هذا الكتاب (شرح حدي ما ذئبان جائعان) هذا تقرؤه ً‬ ‫بالسعادة واإلجناز‪ً ،‬‬
‫جتعلها تشعر ّ‬
‫‪36‬‬
‫صغريا مثل هذا أو أصغر منه؛ ستشعر أنّك قرأت‬ ‫آخرا ً‬ ‫وقت يف املساء وقرأت كتيّبًا ً‬
‫ولو كان لديك ٌ‬
‫احد‪ .‬ممتاز احلمد هلل‪ ،‬قرأت كتابني يف بداية الوقت‪ ،‬قرأت كتابًا‪ ،‬فكرةٌ متكاملةٌ‪ ،‬ال‬ ‫كتابني يف ٍ‬
‫يوم و ٍ‬
‫مهم وجيّ ٌد نفسيًّا تشعر أنّك أنت أجنزت‪،‬‬‫أين أقرأ؛ فهذا شيءٌ ٌّ‬ ‫املهم ّ‬
‫كتاب صغريٌ أو كبريٌ‪ّ ،‬‬
‫ذنب يل‪ٌ ،‬‬
‫وميكن أن تنفع هذه الطّريقة حّت املبتدئ بالقراءة إذا كان غري ٍ‬
‫معتاد على قراءة كتب؛ فيأخذ قائمةً هبا‬ ‫ّ‬
‫صغريا يقرؤها خلل أسبوع أو أسبوعني‪ ،‬خلل أسبوعني قرأت مخسة عشر كتابًا‬ ‫مخسة عشر كتابًا ً‬
‫صغريا‬
‫مثل‪ :‬قبل أسبوع قرأت ُكتيّبًا ً‬ ‫خداعا‪ً ،‬‬
‫هذا شيءٌ عظيم!‪ .‬وباملناسبة هذا شيءٌ جيّ ٌد‪ ،‬يعين ليس ً‬
‫مثل هذا أو أصغر‪ ،‬لكن شخصيًّا استفدت منه واهلل‪ ،‬فكرةٌ متكاملةٌ ورائعةٌ‪ ،‬وهو كتاب (تارُييّة القرآن‬
‫يف الفكر احلداثي العريب) لل ّدكتور عبد اهلل القرين من إصدارات تكوين‪ ،‬قرأته وشعرت باإلجناز‪،‬‬
‫بشكل جيّ ٍد‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ومهم‪ ،‬وتشعر أنّك انتهيت منه‬‫معني ّ‬ ‫وبالفعل‪ ،‬فكرة واضحة وموضوع ّ‬
‫شغوفين‪.‬‬
‫القراء ال ّ‬ ‫ِ‬
‫القاعدة الخامسة‪ :‬اقرأ سيَر ّ‬
‫قصص ‪-‬كما رأيتم‪ -‬تبع على التّفكري‬ ‫ٌ‬ ‫مثل القصص اليت ذكرهتا لكم يف ّأول احملاضرة‪ ،‬وهي‬
‫(املشوق إىل القراءة وطلب العلم)‬
‫ّ‬ ‫واالندفاع إىل القراءة ومراجعة النّفس‪ .‬من أمجل الكتب يف ذلك‪:‬‬
‫لل ّدكتور علي العمران‪ ،‬و(صفحات من صرب العلماء) لل ّدكتور عبد الفتّاح أبو غ ّدة –رمحه اهلل‪.-‬‬
‫أختم باحملورين األخريين سر ًيعا‪.‬‬

‫المهمة‪.‬‬
‫السابع‪ :‬نماذج لتكرار الكتب المركزيّة أو الكتب ّ‬
‫المحور ّ‬
‫ص‪ .‬انظروا يا مجاعة للنّماذج‬ ‫سنة عشر ٍ‬
‫امللخص خلل ٍ‬
‫ملخ ٌ‬
‫مرات وهو ّ‬
‫ّ‬ ‫انظروا كيف نقول اقرأ َّ‬
‫وسنجد فيها شيئًا عجيبًا‪.‬‬

‫‪ -‬الفقيه جمال ال ّدين األُشمومي ال ّ‬


‫شافعي‪ ،‬لُِّقب بالوجيزي‪" ،‬الوجيزي" هذه ال هي مدينةٌ وال هي‬
‫كتاب للغزايل‬
‫يكرر ويُد ِّرس األُمشومي كتاب (الوجيز) ‪-‬وهو ٌ‬
‫كتاب؛ من كثرة ما ّ‬
‫قبيلةٌ وال شيء‪ ،‬هذا ٌ‬
‫الشافعي‪ -‬نُ ِسب إليه‪ ،‬وصار لقبه "الوجيزي"‪.‬‬
‫رمحه اهلل يف الفقه ّ‬

‫‪37‬‬
‫يكرره‬ ‫الزركشي‪ ،‬لُِّقب ب "المنهاجي"؛ نسبةً إىل (منهاج الطّالبني) للنّ ّ‬
‫ووي من كثرة ما ّ‬ ‫‪ -‬كذلك اإلمام ّ‬
‫ويدرسه‪.‬‬
‫ّ‬
‫لزما إلقراء (صحيح مسلم)‪،‬‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫‪ -‬عبد الغافر الفارسي‪ ،‬تُ ّ‬
‫ويف عام أربعمائة ومثانية وأربعني هجريًّا‪ ،‬كان ُم ً‬
‫السمرقندي وحده قرأ على الفارسي صحيح مسلم ني ًفا‬ ‫ف ُقرئ عليه أكثر من ستّني مرًة‪ .‬احلافظ احلسن ّ‬
‫مرًة‪ .‬ال ّذهيب –رمحه اهلل‪ -‬يُعلّق على هذه احلادثة يقول‪" :‬هذا سوى ما قرأه عليه املشاهري من‬ ‫وثلثني ّ‬
‫األئمة"‪.‬‬
‫ّ‬
‫أيضا الحافظ ال ّذهبي يف (سري أعلم النّبلء) يذكر يف ترمجة الر َام ُهرُم َّزي‪ ،‬وهو صاحب كتاب‬
‫‪ً -‬‬
‫(احمل ّدث الفاصل)‪ ،‬وهذا الكتاب هو من ّأول ما ُكتب يف علوم احلدي يف األدبيّات التّقليديّة‪ ،‬يُقال‬
‫هو ّأول ما ُكتب بدون تبعيّة‪ .-‬يقول ال ّذهيب يف سري أعلم النّبلء عن هذا الكتاب‪" :‬ما أحسنه من‬
‫كمه ال يكاد‬
‫كمه"؛ يضع الكتاب يف ّ‬ ‫السلفي ‪-‬احلافظ ِّ‬
‫السلفي‪ -‬كان ال يكاد يفارق َّ‬ ‫كتاب‪ ،‬قيل إ ّن ِّ‬
‫يفارقه كتاب (احمل ِّدث الفاصل)‪.‬‬

‫أيضا يف ترمجة أبي بكر محمد بن عبد اهلل الحنفي املعروف ب "التّاجر" يف كتاب (الضوء اللمع)‪،‬‬
‫‪ً -‬‬
‫مرًة‪.‬‬
‫مخسا وتسعني ّ‬
‫قال تلميذه أنّه قرأ (صحيح البخاري) إىل سنة سبع مئة ومثانني ً‬
‫‪ -‬كذلك القاضي ِعياض‪ ،‬له كتاب امسه (ترتيب املدارك وتقريب املسالك ملعرفة أعلم مذهب اإلمام‬
‫مالك)‪ ،‬هذا الكتاب مثانية أجزاء للقاضي ِعياض‪ ،‬يقول يف ترمجة أحد املالكيّة ‪-‬وهو أبو بكر‬
‫مرةٍ ‪-‬يف الفقه املالكي‪،-‬‬
‫األبهري‪ :-‬قال عن نفسه‪" :‬قرأت (خمتصر ابن عبد احلكم) مخسمائة ّ‬
‫و(األسدية) مخسا وسبعني مرًة‪ ،‬و(املوطّأ)مخسا وأربعني مرًة‪ ،‬و(خمتصر الب رقِي ‪-‬أو ِ‬
‫الربقي‪ )-‬سبعني‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫مرًة"‪.‬‬
‫مرًة‪ ،‬و(املبسوط) ثلثني ّ‬
‫ّ‬
‫درة‬
‫اليعمري‪ ،-‬قال عن نفسه يف كتاب ( ّ‬ ‫‪ -‬يف ترمجة عبد اهلل بن حممد بن فرحون اليعمري ‪-‬أو ُ‬
‫احلجال)‪" :‬الزمت تفسير ابن عطيّة حتّى كدت أحفظه"‪ .‬هذه الفكرة اليت ذكرناها َّ‬
‫مفصلةً يف‬
‫القواعد واملهارات‪ :‬قضيّة تكرار الكتب هي قضيّةٌ حاضرةٌ يف تاريخ ال ُقّراء‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫ممن قرؤوا كتبا كبيرة في م ّدة يسيرة‪.‬‬
‫المحور الثّامن واألخير‪ :‬نماذج ّ‬
‫الرابع عشر‬ ‫ويف بداية القرن ّ‬ ‫القاسمي من علماء ّ‬
‫الشام‪ ،‬تُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬تذكرون أمس ذكرت لكم جمال ال ّدين‬
‫هجري‪ ،‬ألف وثلمثا ٍئة واثنني وثلثني‪ ،‬يقول يف كتابه (الفضل املبني)‪" :‬اتّفق يل حبمده تعاىل قراءة‬ ‫ّ‬
‫احد وعشرين يوًما‪ ،‬وقراءة‬‫(صحيح مسلم) بتمامه روايةً يف أربعني يوما‪ ،‬وقراءة (سنن ابن ماجه) يف و ٍ‬
‫ً‬
‫يوما‪ ،‬وقراءة (هتذيب التّهذيب) مع تصحيح سهو القلم فيه وحتشيته يف حنو‬ ‫(املوطّأ) يف تسعة عشر ً‬
‫اللئم الكسل‪ ،‬واحرص على عزيز وقتك بدرس العلم‬ ‫قائل‪" :‬فدع عنك أيّها ّ‬‫عشرة أيّ ٍام"‪ .‬ويُردف ً‬
‫الساعة كم صفحةً‬ ‫وإحسان العمل"‪ .‬يا مجاعة‪ ،‬إذا أردمت أن حنسبها بالوقت واحلساب فهي سهلة‪ ،‬يف ّ‬
‫فذا‪ ،‬كم ساعةً‬ ‫شخص يريد أن يكون قارئًا ًّ‬
‫ٌ‬ ‫الساعة‪ ،‬لنقل يعين كقار ٍئ‪،‬‬
‫جتاوًزا‪ :‬أربعني صفحةً يف ّ‬
‫تقرأ؟ ُ‬
‫ألف ومثامنائة‬
‫الشهر ٌ‬ ‫يقرأ يف اليوم؟ لنفرتض أنّه قرأ ساعةً ونص ًفا فقط‪ ،‬يعين ستّون صفحةً يف اليوم‪ ،‬ويف ّ‬
‫عظيم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫إجناز ٌ‬ ‫السنة؛ وهذا ٌ‬ ‫السنة واح ٌد وعشرون ألف صفحة‪ ،‬أي اثنان وسبعون كتابًا يف ّ‬ ‫صفحة‪ ،‬يف ّ‬
‫جتاوزا‪.‬‬
‫وممكن أكثر؛ حنن ذكرنا ذلك ً‬
‫مقال يف (الذكريات)‪":‬شغلي‬ ‫‪ -‬الطّنطاوي علي –رمحه اهلل‪ ،-‬يقول عن نفسه يف القراءة واملواظبة يف ٍ‬
‫مر‬
‫الصغر‪ ،‬أمضي يومي أكثره يف ال ّدار أقرأ‪ ،‬ورّّبا ّ‬‫ال ّدائم املطالعة‪ ،‬أنا اليوم وأنا باألمس كما كنت يف ّ‬
‫صفحة ‪-‬يوميًّا‪ -‬من سنة ألف وثلث مئة وأربعني‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫صفحة‪ ،‬ومع ّدل قراءيت مئة‬ ‫يوم أقرأ فيه ثلمثائة‬
‫علي ٌ‬
‫ّ‬
‫يوم يقرأ مئة صفحة‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫إىل هذه السنة‪ ،‬ألف وأربعمائة واثنني"‪ ،‬أي يف اثنني وستني سنة‪ ،‬كل ٍ‬
‫ً ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حّت يف‬ ‫ٍ‬
‫موضوع‪ّ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫كل‬
‫يوما فيها‪ ،‬واضربوها ّبئة‪ ،‬تعرفوا كم صفحةً قرأت‪ ،‬اقرأ يف ّ‬ ‫"احسبوا كم ً‬
‫وحصة ومداومة‪ .‬أنا دخلت يف طريق‬ ‫املوضوعات العلميّة"‪ .‬هذه هي الفكرة‪ ،‬فكرة تصيص وقت ّ‬
‫القراءة معناه لن أقف‪.‬‬

‫املعول على احملور األساسي الذي ذكرت فيه‪:‬‬


‫املهمة والقصص‪ ،‬لكن ّ‬
‫كثريا من األشياء ّ‬
‫عموما جتاوزت ً‬
‫ً‬
‫الشواهد‪ .‬وقبل‬
‫مهارات القراءة‪ ،‬مثّ قواعد التلخيص‪ ،‬مثّ قواعد طرد امللل‪ ،‬وكذلك بعض القصص و ّ‬
‫موقعا‬
‫املادة وأن ينفع هبا وأن جيعلها تقع ً‬
‫ذلك وبعده‪ ،‬نسأل اهلل سبحانه وتعاىل أن يبارك يف هذه ّ‬
‫حسنًا‪.‬‬
‫‪39‬‬

You might also like