Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 3

‫‪11/20/21, 11:42 PM‬‬ ‫فرح التوبة | مدونة المطران بولس يازجي‬

‫مدونة المطران بولس يازجي‬

‫كل جديد يتعلق بالمطران‬

‫فرح التوبة‬

‫فبراير ‪ by metpaulyazigi ·
in
· 2013 ,28‬عظات‪· .‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪https://paulyazigi.files.wordpress.com/2013/02/d8a3d8add8af-d8a7d984d8a7d8a8d986-‬‬
‫‪)d8a7d984d8b6d8a7d984.jpg‬‬

‫“اذبحوا العجل المثّمن لنأكل ونفرح‪ ،‬ألن ابني هذا كان ميتًا فعاش وضاًال فوجد”‬

‫‪ ‬‬

‫كّل سنة يعود إلينا َم َثُل االبن الضال كِم سحٍة من نور تبّد د كّل عتمة يأس‪ ،‬وتنهض بالنفوس المتعبة من أثقال الكورة البعيدة‪ .‬إّنه النّص اإلنجيلّي‬
‫األفضل لكي نفهم أبعاد العالقة مع هللا واللقاء به بعد نسيان طويل‪ ،‬وذلك في وقٍت يتعّرض فيه سّر التوبة لبعض التراجع أو الغموض أو التشويه‪.‬‬

‫‪/‬فرح‪-‬التوبة‪https://paulyazigi.wordpress.com/2013/02/28/‬‬ ‫‪1/3‬‬
‫‪11/20/21, 11:42 PM‬‬ ‫فرح التوبة | مدونة المطران بولس يازجي‬

‫تبدو الحياة المسيحّية لدى البعض مثل “دِين” يحِّم ل الناس “َدْينًا” من الوصايا لكي نّتقي الغضب اإللهّي ‪ .‬ولما كان هذا مستحيًال بالكلّية‪ ،‬أضافت‬
‫األديان “عقوبات” و”تكفيرات” لمصالحة هللا واستدرار غفرانه‪.‬‬

‫لغة الكتاب المقّد س مختلفة تمامًا عن هذه الحلقة الغامضة من “الخطيئة البشرّية ثم الفداء اإللهّي ثم أعمال الغفران”! لغة الكتاب المقّد س‪ ،‬والكلمة‬
‫الوحيدة التي تلخص فحواه‪ ،‬هي تلك التي بدأ بها يسوع كرازته “التوبة”! والتوبة في الكتاب مرتبطة مباشرة بالفرح كما سمعنا في نهاية هذا المثل‬
‫اليوم‪ .‬هناك خمسة معاٍن تخرج من مطالعتنا وسماعنا لمثل االبن الضال وتستحق مّنا التأّم ل العميق وهي‪:‬‬

‫‪ -1 ‬التمييز ما بين الخاطئ والخطيئة‬

‫من الواضح أن السّيد يشّد د في تركيب هذا المثل على القيمة الغالية لكّل إنسان بغّض النظر عن وضعه كان في بٍّر أم في خطيئة‪ .‬فاإلنسان هو “ابٌن ”‬
‫في أوضاع متبّد لة‪ ،‬ومهما كان وضعه‪ ،‬في بيت أبوي أم في كورة بعيدة‪ ،‬فهو ال يفتأ يبقى “االبن” وله المحّبة ذاتها‪ .‬هللا محّبة‪ .‬هللا أٌب يحّب أوالده‪-‬‬
‫يحّبنا‪ .‬لكن لمحّبته هذه عنده وجهان‪ ،‬وجه الفرح ‪-‬حين نعود‪ -‬ووجه الصليب حين نرحل‪ .‬نعم الخطيئة غير الخاطئ‪ .‬الخطيئة هي خطأ االبن وليست‬
‫قيمَته الحقيقّية‪ .‬قيمة االبن هي في محّبة اآلب التي ال تتبّد ل‪ ،‬أما الخطيئة فهي ضعٌف فيه يمكن أن يتبّد ل‪ .‬البّر والخطيئة احتماالن لإلنسان ذاته‪ .‬لذلك‬
‫عندما يخطئ اإلنسان ال يصير في الئحة الملعونين وإّنما من المطلوبين لدى اآلب! لهذا يوصينا بولس أن يصلح األقوياء وهن الضعفاء بالمحّبة‬
‫وروحّيًا‪ .‬ألّنه كما أن هناك خطيئة هناك توبة‪ .‬والخاطئ هو ابن غير تائب بعد‪ ،‬والبار ما هو إّال االبن الذي تاب إلى هللا‪.‬‬

‫‪-2 ‬انتظار اآلب‬

‫يصّور يسوع لنا في المثل األَب في وضع تشّو ٍق وانتظار البنه الذي رحل‪ .‬يحّق لهذا األب أن يرجو عودة ابنه‪ ،‬ولرّبما بثقة‪ ،‬ألّنه يعرف أّن االبن‬
‫لن يجد في أّية كورة دفَء البيِت األبوّي‪ .‬ترسم بعض األيقونات هذا المثل وتصّور األب مترّقبًا من على السطح عودة ابنه من بعيد‪ .‬نعم هللا في‬
‫انتظار‪ ،‬فليت انتظاره لكّل مّنا ال يطول! هذا هو صليب الرّب ‪ :‬انتظاُره! ال يطلب هللا تكفيرات وال يتمّلكه غضب الكرامة المنتقمة حين نخطئ‪ ،‬إ ما‬
‫ّن‬
‫يصلبه الرجاء بأّن نعود‪ .‬هذا هو قدر “الحّب ” في عالم تلّون بالضعف كما بالنعمة‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -3‬عدم محاسبة التائب‬

‫العجيب‪ ،‬أّنه عندما عاد االبن بادر األب إلى إعطائه الحقوق والنعم المفقودة بدل أن يسأله أين بّد د المال‪ ،‬أو لماذا أهان الحّب األبوّي ورحل‪ .‬هذا‬
‫طبيعي لمن ينتظر‪ .‬ألم تكن هذه هي أسئلة االبن األكبر‪ ،‬وهذا ما أدهشه في أبيه؟ أليست هذه المحاسبة الغريبة هي التي ستجعل االبن العائد ال يعود‬
‫يفكر بالرحيل ثانية ويبقى مدينًا بالحّب والتوبة مدى الحياة؟ نعم‪ ،‬ال يحاسب هللا على الماضي‪ ،‬ألّنه األب الحنون وليس األب المهان أو المجروح‪.‬‬

‫كّلنا نتّم نى المصالحة مع بعضنا البعض‪ ،‬ولكن غالبًا ما نسلك طرقًا مخالفة لطريقة هذا األب الحنون‪ .‬ألّننا نطالب وال نسامح عند اللقاء! نعاتب‬
‫ونحاسب ونشترط إعادة الحقوق قبل الغفران‪ .‬لكن بالنسبة هلل المسألة هي “لقاء” وليست تصفية حسابات! “يا بني أعطني قلبك”! وهذا هو حّق هللا‬
‫األثمن من كّل خاطئ يعود!‬

‫‪ -4 ‬الفرح األكبر‬

‫لا بّد أّن هذا األب كان فرحًا في بيته مع ابنه األكبر الذي لم يغادر‪ .‬ولكن الغريب هو ما يشّد د عليه هذا المثل‪ ،‬وعّد ة أمثلة حوله في الكتاب‪ ،‬أن تشير‬
‫إلى “فرح أكبر” بعودة االبن الذي ضّل‪ ،‬وبإيجاد الدرهم الضائع‪ ،‬والعثور على الخروف الذي تاه في الجبال‪ .‬فهناك فرح خاص بهؤالء! ويريد‬
‫يسوع في هذه األمثلة أن يؤّك د علينا “أن نفرح أكثر” بعودة الضال! هذا األمر ليس صورة شعرّية! إّنها حقيقة أنثروبولوجّية يؤّك د الكتاب عليها! نعم‬
‫ال ينتظر هللا منا البّر دون خبرة الضعف! القّد يس ليس من ُو لد ومات دون خطيئة! فهذا مفهوم عكس حقيقة السّر ذاته‪.‬‬

‫القّد يس هو من أخطأ حينًا لكّنه تاب أبدًا‪ .‬واإلنسان ينمو في القداسة فيتبّد ل وجه حياته ويغلب عليه لون النعمة بدل لون الخطيئة‪ .‬يتحّم ل هللا في الكتاب‬
‫الخطيئَة كحدث‪ ،‬ولكن يرفضها كحياة‪ .‬الخطيئة ُتصلح بالتوبة وتقابل بالغفران المجاني! والمهّم هو أن تكون وجهتنا دائمًا نحو البيت األبوّي وليس‬
‫باتجاه كورة بعيدة!‬

‫ليست خطيئتنا أّننا ال نحّب هللا‪ ،‬ولم يكن االبن الضال يومًا ال يحّب أباه‪ ،‬حّتى في اللحظة التي رحل فيها‪ .‬كانت خطيئته كما هي خطيئتنا‪ ،‬أّنه في‬
‫لحظة ما أحّب ما في الكورة البعيدة أكثر مّم ا في بيته األبوّي‪ .‬ال نخطئ نحن عندما ال نحّب هللا! إّننا نخطئ عندما نحّب أّي شيء في الدنيا أكثر من‬
‫هللا‪ .‬أليس هذا هو السبب الذي دفع االبن األصغر ويدفع أّيًا مّنا ليترك اآلب ويقسم المعيشة معه ويرحل؟ هذه هي الخطيئة الحقيقّية التي نجّرب بها كّل‬

‫‪/‬فرح‪-‬التوبة‪https://paulyazigi.wordpress.com/2013/02/28/‬‬ ‫‪2/3‬‬
‫‪11/20/21, 11:42 PM‬‬ ‫فرح التوبة | مدونة المطران بولس يازجي‬

‫يوم‪ ،‬وتتطّلب مّنا توبة كامل اليوم كّل يوم! التوبة والخطيئة ليستا حدثًا معينًا‪ ،‬إّنما هما حالة توازن بين محّبة اآلب ومحّبة األشياء‪ .‬من يحّب هللا أقّل‬
‫من األشياء هو الضال‪ ،‬ومن يحّب هللا فوق كّل شيء هو التائب‪ .‬إّنه التوازن الدائم الذي نسّم ي رجوح كّفة هللا فيه “توبًة”‪ .‬وهذه التوبة هي التي‬
‫دفعت باالبن إلى العودة‪.‬‬

‫يتفّهم الكتاب إذًا مرورنا بلحظات الضعف وترجيحنا حينًا حّبًا ما على حّب اآلب‪ ،‬لكن يدعونا إلى التوبة والعودة‪ .‬ليس دينونًة أن نخطئ أحيانًا‪،‬‬
‫ولكن الدينونة أن نبقى في الخطيئة‪ .‬ليس دينونة أن نرحل للحظات‪ ،‬ولكن دينونة أن نبقى في الكورة البعيدة‪ .‬مفهوم البّر في الكتاب ال يقوم على قداسة‬
‫فطرية عفوية لم تختبر خطيئة ولم تمّر بلحظة ضعف‪ .‬يقوم مفهوم البّر على تفضيل العجل المثمن على كّل خرنوب الدنيا‪ .‬ينمو اإلنسان في الحّب‬
‫اإللهّي ‪ ،‬ويبدأ بحّب الخبز السماوّي أكثر من ملّذ ات الدنيا كّلها‪ .‬لدرجة زهد فيها بعض البشر حّتى عن الخبز اليومي الضرورّي حينًا‪ ،‬ولصق لحم‬
‫داؤود بعظمه وسها عن أكل خبزه عندما هام في طلب البيت األبوّي‪ .‬لهذا هناك فرح خاّص “بتائب واحد يعود” أكثر من الـ”تسعة والتسعين”!‬

‫‪ -5 ‬افخارستيا التوبة‬

‫يمركز الرّب يسوع هنا الخطيئة والتوبة حول الطعام‪ .‬فهذا االبن يرحل ويأكل الخرنوب مع الملّذ ات‪ ،‬وهذا االبن يعود فيأكل العجل المسّم ن مع‬
‫األفراح! إّن اللقاء مع األب الحنون‪ ،‬وخبرة المصالحة والغفران المجاني‪ ،‬تتّم في االفخارستيا‪.‬‬

‫ُت متحن توبتنا كّل يوم أمام دعوة االفخارستيا الرهيبة‪“ :‬خذوا كلوا… وخذوا اشربوا كلكم‪ .”..‬هذا هو نداء األب الغفور المحّب والحنون الذي يبحث‬
‫كّل حين عن خرافه‪ .‬يمّد العالم أمامنا كَّل مغرياته وشباكه‪ ،‬ويمّد الرّب يسوع أمامنا مائدته وجسده ودمه‪ ،‬والخطيئة والتوبة تتعلقان في تفضيل أحد‬
‫العرضين على اآلخر‪.‬‬

‫“اذبحوا العجل المسّم ن وتعالوا لنأكل ونفرح”‪ .‬الكأس المقّد سة المعروضة كّل يوم‪ ،‬وصرخة المرّنم “ذوقوا وانظروا ما أطيب الرّب ” غدًا في أّيام‬
‫الصوم الكبير‪ ،‬كلها قادرة فعًال أن تجعلنا نقول “ليذهب العالم ولتأِت النعمة”؛ كلها قادرة أن تجعلنا نقرر تفضيل الخبز الجوهري على الرغبات‪،‬‬
‫وتجعل الصالة والصوم طعامنا اليومي األساسّي ‪ -‬الجوهري‪ .‬هذه الكأس االفخارستية قادرة‪ ،‬عندما نراها‪ ،‬أن تنهض فينا القرار لنقول‪“ :‬أقوم وأعود‬
‫وأقول ألبي‪ :‬يا أبي قد أخطأت إلى السماء وأمامك فاقبلني اآلن كأحد أجرائك”‪ ،‬فيذبح لنا ونأكل ونفرح‪.‬‬

‫آميــن‬

‫األوسمة‪ :‬لوم الذات‪،‬آحاد التريودي‪،‬االبن الضال‪ ،‬االبن الشاطر‬

‫المدونة على ووردبريس‪.‬كوم‪.‬‬

‫‪/‬فرح‪-‬التوبة‪https://paulyazigi.wordpress.com/2013/02/28/‬‬ ‫‪3/3‬‬

You might also like