Professional Documents
Culture Documents
السياسة
السياسة
السياسة
ws
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة
الر ِحيم
الر ْح َمن َّ بِسم اهلل َّ
َو َما توفيقي ِإاَّل بِاللَّه
الرسالَة
الْغََرض من َ
احد من النَّاس َمتى َما َر َج َع ِإلَى نَفسه َوتَأمل أحوالها وأحوال غَيره من َأبنَاء النَّاس ِإن كل و ِ
َ
ِ ِ ِئ ِ ِئ ِ ِ
وجد نَفسه في ُر ْتبَة يشركهُ ف َيها طَا َفة م ْن ُهم َووجد فَوق رتبته طَا َفة م ْن ُهم َأعلَى منزلَة م ْنهُ
دونها طَاِئَفة هم أوضع ِم ْنهُ بِ ِج َهة َأو ِج َهات َأِلن الْملك اَأْل ْعظَم َوَأن بِ ِج َهة َأو بجهات َووجد َ
وجد نَفسه فِي َمحل اَل يرى ألحد من النَّاس فِي َز َمانه منزلَة َأعلَى من َم ْن ِزلَته فَِإ نَّهُ َمتى تَأمل
َأجزاء ضيلَة ِإ ْذ لَي ِ
حالَة نعما وجد فيهم من يفضل َعلَْي ِه بَِنوع من الْ َف ِ
س في َ ْ َ ْ َ
()1/7
اُأْلمور الَّتِي يسلكها ال َْم ْرء فِي استجالب 5علم السياسة َوغَيره من الْعُلُوم ونقول َأيْضا ِإن َأْن َفع ُ
اب َع ْن َها ِم َّما َسمعه وتناهى ِإل َْيهِ
َأح َوال النَّاس وأعمالهم ومتصرفاتهم َما َش ِه َد َها َو َما غَ َ َأن يتَ ََّأمل ْ
ِم ْن َها َوَأن يمعن النّظر فِ َيها ويميز بَين محاسنها ومساوئها َوبَين النافع والضار ل َُهم ِم ْن َها َّ
ثم
َّح ُّرز واالجتناب من ِ ِ ِ
عها مثل َما نالوا َوفي الت َ سك بمحاسنها لينال من َمنَاف َ َّم ُّ
ليجتهد في الت َ
سلموا
مساوئها ليأمن من مضارها َويسلم من غوائلها مثل َما ُ
ِ
سان قوتان في اِإْل نْ َ
()1/8
نزاع غَالب
فنزاع الْ ُق َّوة البهيمية نَ ْحو مصادفة اللَّ َّذات العاجلة الشهوانية مثل َأْن َواع الْغ َذاء وأنواع
االستفراغات وأنواع االستراحات
اُأْلمور المحمودة العواقب مثل َأْن َواع الْعُلُوم وأنواع اَأْل ْف َعال الَّتِي
ونزاع الْ ُق َّوة النطقية نَ ْحو ُ
تَ ِجد العواقب المحمودة
سان فِي حيّز الَْب َهاِئم ِإلَى َأن َيت َولَّد فِ ِيه الْعقل َأوال فأوال وتقوى فِ ِيه الْ ُق َّوة فَأول َما ينشأ اِإْل نْ َ
الناطقة فالقوة البهيمية ِإذن أغلب َعلَْي ِه وكل َما َكا َن أقوى وأغلب فالحاجة ِإلَى إخماده
وتوهينه َوأخذ األهبة واالستعداد لَهُ َأشد وألزم
اضل َأن اَل يتغافل َعن تيقيظ نَفسه فِي كل َوقت وتحريضها اجب على كل من يروم نيل الْ َف ِ َفو ِ
َ
ِ
اعة فَ نَّهُ َمتى َما أهملها َوهي َحيَّة والحي متحرك اَل بُد ِإ على َما ُه َو أصلح لَهُ َوَأن اَل يهملها َس َ
ِ
من َأن تتحرك نَ ْحو الطّرف اآلخر الَّ ِذي ُه َو البهيمي َوِإذا تحركت نَحوه تشبثت بَِب ْعض م ْنهُ
ض َعاف َما َكا َن يلْحقهُ لَو لم يهملها ردها َع َّما تحركت ِإل َْي ِه لحقه من النصب َأ ْ اد َ َحتَّى ِإذا ََأر َ
ضيلَة الشتغاله باالحتيال لردها َع َّما تحركت ويعطل وقته الَّ ِذي َكا َن ي ْنب ِغي َأن يحصل فِ ِيه فَ ِ
ََ
ْك الْ َف ِ
ضيلَة نَحوه وفاتته تِل َ
ال َْم ْرء بَين َحالين
ِ
ودا َأو أمرا مذموما ونقول َأيْضا ِإن ال َْم ْرء اَل يَ ْخلُو في َج ِميع تَ َ
ص ُّرفَاته من َأن يلقى أمرا َم ْح ُم ً
احد من اَأْلمريْ ِن فَاِئ َدة ِإن استفادها ويجد وله فِي كل و ِ
َ َ
()1/9
()1/10
فصل 1معرفَة الْ َخالِق َو َما يجب لعزته
ونقول َأيْضا ِإن أول َما َي ْنبَ ِغي َأن َي ْبتَ ِدئ بِ ِه ال َْم ْرء ُه َو َأن يعلم ِإن َله َذا ال َْعالم وأجزائه صانعا
احد ِم ْن َها َسببا َوعلة أم اَل
بَِأن يت ََّأمل الموجودات كلها هل يجد لكل و ِ
َ َ َ َ
احد ِم ْن َها َسببا َعنهُ وجد
فَِإ نَّه يجد ِع ْند االستقراء لكل و ِ
َ ُ
اَأْلسبَاب الْ َق ِريبَة من الموجودات َهل ل ََها َأسبَاب َأيْضا أم لَيست ل ََها َأسبَاب ْك ْثم ينظر ِإلَى تِل َ َّ
اَأْلسبَاب َذ ِاهبَة ِإلَى َما اَل نِ َهايَة لَهُ أم ِه َي واقفة ثم يتَ ََّأمل َوينظر َهل ْفَِإ نَّهُ يجد ل ََها َأيْضا أسبابا َّ
ِع ْند نِ َهايَة بعض الموجودات َأسبَاب للَْب ْعض على سبل ال ّدور فَِإ نَّهُ يجد ال َق ْول بِ ََّأن َها ذَ ِاهبَة ِإلَى
ِ
ضها َسبَب غير نِ َهايَة محاال ومضطربا َأِلنَّهُ اَل يُحيط الْعلم بِ َما اَل نِ َهايَة لَهُ ويجد ال َق ْول بَِأن َب ْع َ
فس ِه َك َما َأنه لَو الشيء سببا لنَ ِ ِ
َّعاقُب محاال َأيْضا َأِلنَّهُ يلْزم من ذَلك َأن يكون َّ ْ َ للَْب ْعض على الت َ
فس ِ5ه َو َه َذا
ْجيم سببا للدال لَ َكا َن اأْل لف سببا لنَ ِ
َ َ
َكا َن اأْل لف سببا للباء والْباء سببا للجيم وال ِ
َ َ َ َ َ
ِ ِ
اَأْلسبَاب متناهية َوَأقل َما يتناهى ِإل َْيه الْكثير ُه َو ال َْواحد فسبب ْ
اَأْلسبَاب قي َأن تكون ْ محال َفبَ َ َ
موجود وهو و ِ
احد َْ ُ َ َُ َ
اح ًدا فسبب َأسبَاب ال َْعالم ُم ْن َفرد بِ َذاتِِه السبب وذَات الْمسبب و ِ
ُ َّ َ َواَل يجوز َأن يكون ذَات َّ َ َ
َع َّما دونه
()1/11
ِ
ص َفات اهلل
سان على معرفَة َش ْيء سوى َما َشاهده بحواسه وفهمه بعقله ِم َّما َشاهده لم َولما لم يقدر اِإْل نْ َ
السبِيل ِإل َْي ِه من
اَأْلسبَاب والعبارة َعنهُ بِ َما وجد َّ ِ
يجد بدا من وصف البارئ الَّذي ُه َو َسبَب ْ
اَأْللْ َفاظ واألوصاف
صاف الَّتِي َش َ
اهدها اَأْلو َ ِ
صف لَهُ َوعلم انه اَل يلْحقهُ َش ْيء من َجميع ْ ْعبارة َعنهُ َوال َْو ْ اد ال َ َفلَ َّما ََأر َ
علمها لَِت َف ُّر ِد ِه بِ َذاتِِه َوَأِلنَّهُ منزه َعن كل َما أحسه وعرفه لم يجد طَ ِريقا أحسن من َأن ينظر َو َ
وجدها صنفين فَاضال وخسيسا َووجد اَأْللْيَق واألجدر َ فِي الموجودات الَّتِي لَ َديْ ِه فَِإ ذا تأملها
احد الْحق َأن يُطلق َعلَْي ِه من كل ِّ
الص ْن َف ْي ِن أفضلهما بِسبب اَأْلسباب الْو ِ
َ َْ ََ
مثل َأنه رأى ال َْم ْو ُجود والمعدوم َوعلم َأن ال َْم ْو ُجود أفضل من ال َْم ْع ُدوم فَأطلق ال َق ْول َعلَْي ِه
ال ِإنَّه َم ْو ُجود
َوقَ َ
ال ِإنَّه َح ّي ْح ّي فَأطلق ال َق ْول َعلَْي ِه َوقَ َ
ْح ّي أفضل من غير ال َ ْح ّي َوعلم َأن ال َْح ّي َوغير ال َ َو َرأى ال َ
َو َرأى ال َْعلِيم َوغير ال َْعلِيم فأضاف ِإل َْي ِه الْعلم
صاف و َك َذلِ َ ِ
اَأْلو َ
ك َجميع ْ َ
ْك الصفة َأنه بِ َذاتِهِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
على َأن ال َْواجب على كل من يصف البارئ بصفة َما َأن ي ْخطر ببَاله َم َع تل َ ّ
الصفة بل ُه َو أفضل وأشرف َوَأ ْعلَى َوإنَّهُ اَل يتهيأ ألحد إحاطة الْعلم بِ ِه ْك ّ منزه َعن َأن يشبه تِل َ
َك َما ُه َو ُم ْستَح ّ5ق لَهُ
ِ ِ
كلها ثم ِإنَّه ِإذا علم َه َذا الَّذي وصفناه َفَي ْنبَغي َأن يتَ ََّأمل َ
َأجزاء ال َْعالم َ َّ
()1/12
أفضلها َما ُه َو ذُو نفس ويجد أفضل ذوى اَأْلنْفس الَّ ِذي لَهُ ااِل ْختِيَار واإلرادة َ فَِإ نَّهُ يجد
ْح َر َكة َعن الروية الَّ ِذي لَهُ الت َّْميِيز والفكرادة َوال َ ْح َر َكة الَّتِي َعن روية َوأفضل ذوى اِإْل َر َ
َوال َ
اضل َوَأن يعلم َم َع َذلِك َأن الطبيعة اَل تفعل َش ْيئا والنَّظَر البليغ فِي العواقب و ُهو اِإْل نْسان الْ َف ِ
َ َ َ َ
ِ
ث ُه َو وهب ا ْختيَار والفكر والروية المبرية لماِل بَاطال فَكيف مبدع الطبيعة والبارئ َت َعالَى َح ْي ُ ِ
اجب فِي عدله وصنعه المتقن َأن ينهج ل ََها منهجا أمرها و َكا َن من الْو ِ
َ
ِ
يكن َي ْنبَغي َأن يهمل َ َ
يسلكونه
النبوات
()1/13
اجبَة فِي الطبيعة َوِإَّن َها ِإنَّ َما تجب فِي اَأْل ْع َمال المقرونة
ثم ي ْنب ِغي َأن يعلم ِإن الْم َكافََأة و ِ
َ ُ َّ َ َ
النيَّ ِ
ات بِ ِّ
َوالدَّلِيل على ذَلِك َأن ال َْم ْرء اَل يجازى على َما يعمله فِي نَومه َواَل على َما لبس من ِإ َر َ
ادته
واختياره مثل سعاله وعطاسه وحياته َو َموته وتنفسه واغتذائه واستفراغه َوِإن َكا َن فِ َيها بعض
ادةاِإْل َر َ
َواَل يجازى َأيْضا على نياته ال ُْم َج َّر َدة
دل بِ ِه ال َْم ْرء على وجوب ال ُْم َكافََأة ُه َو َأنه َمتى َما أعتقد َما تقدم ذكره يستَ ّ ِ
َوأول َما َي ْنبَغي َأن ْ
ِ ِ
من معرفَة البارئ ووحدانيته وتنزهه َعن ص َفات 5المخلوقين َو َم ْع ِرفَة َر ُسوله في َأي َ
زمان َكا َن
المةَ 5وعند ِ ِ
َأح َواله استقامة َو َعن األشرار َس َ صدره َس َعة َوفي ْ وانتهج النهج ال ُْم ْستَقيم وجد في َ
ِ ِ
ااِل ْختِيَار خط َْوة َوفِي معاشه سدادا م ْق َدار َما َي ْف َعله وينويه م ْنهُ
ادقَة َوصدر َواسعوِإذا َتي ّقن ذَلِك َفي ْنب ِغي َأن يقدم على سياسة اَأْلحوال بقلب قوي ونِيَّة ص ِ
َ َ َْ ََ َ َ
وثقة بَِأن َما يَْأتِ ِيه من ذَلِك َوِإن قل يجدي َعلَْي ِه نفعا يجل
()1/14
فصل َ 2ما َي ْنبَ ِغي َأن يَ ْسَت ْع ِملهُ ال َْم ْرء َم َع رؤسائه
جل ُم ْجتَهدا فِي طلب ُو ُجوه ِِ وَأن يكون مازجا لَهُ مقرظا ِ
لجميع َما يَْأتيه الرئيس من دق َأو ّ َ َ
ِإ ِ
اُأْلمور في ال َْعالم اَّل َوله ِإ ِ ِ
س َش ْيء من ُ
حسان لكل َما َي ْف َعله ويقوله َو ُه َو َواجد ذَلك ْذ ل َْي َ
َأحدهما جميل َواآْل خر قَبِيحَ َو ْج َهان
()1/15
ض َرتِِه وغيبته
فليطلب لكل َأمر من ُُأموره َوجها جميال يعرفهُ ِإل َْي ِه ويتكلف بِذك ِر ِه بِ َح ْ
الصالح للرئيس بالحيلة
َبيَان َوجه ّ
َوِإن َكا َن ال َْم ْرء ِم َّمن فوض ِإل َْي ِه تَ ْدبِير ذَلِك الرئيس مثل َأن يكون وزيرا َأو ُم ِشيرا َأو معلما َواَل
الصالح فِي اَأْل ْع َمال فَليعلم َأن الرئيس كالسيل المنحدر من الربوة ِإن بُد من تعريفة َوجه ّ
الس ْيل فأغرقهاد ال َْم ْرء َأن يصرفهُ ِإلَى نَاحيَة من النواحي وواجهه أهلك نَفسه وأتى َعلَْي ِه َّ ََأر َ
وِإن سعي معه 5وعلى جانبيه وتلطف ليصرفه ِإلَى الن ِ
َّاحيَة الَّتِي يريدها بَِأن يط َْرح فِي بعض ََ َ َ
اء ْجانِب اآلخر اَل ينشب َأن يصرفهُ ِإلَى َح ْي ُ ِ
ث َش َ جوانبه م ْق َد ًارا من السدد ويطرق لَهُ من ال َ
يسَت ْعمل َم َع الرئيس فِي صرف َوجهه َع َّما يُ ِريد صرفه من َأمر يُ ِريد َأن ويبغي لَهُ َأيْضا َأن ْ
الصالح فِي خالف َما يجرى َم َعه 5في َما ُه َو َجار نَحوه َواَل يواجهه بِ َْأمر َواَل نهي بل ي ِريه َوجه ّ
ِ
يَْأتِ ِيه ويقبح ِع ْنده فِي ال َْوقْت بعد ال َْوقْت على َسبِيل الحكايات َعن غَيره والحيل اللطيفة بعض
ِ ِِ
ْحال بمراده اس ْتعمل َم َعه َهذه الطَّ ِري َقة اَل يلبث َأن يعود ال ََما يعرض بِ َما ُه َو فيه فَِإ نَّهُ ِإذا ْ
حفظ أسرار الرئيس وأحواله الظَّ ِ
اه َرة
()1/16
ِ
ا ْعت َقاد الرؤساء اِإْل َ
صابَة وسببها
ض َرة الرئيس َش ْيئا يُمكن َأن يتَّخذ َذلِك بَِو ْجه يحتَرز كل ااِل ْحتِ َراز بَِأن يخبر َعن نَفسه بِ َح ْ َوَأن ْ
من ال ُْو ُجوه جرما َعلَْي ِه َوِإن َكا َن فِي غَايَة االنبساط َم َعه َواَل يقر بِ َما يلقى ِم ْنهُ ِإلَى الرئيس ِم َّما
اَأْلح َوال
س يُؤمن تغير ْ ِإْل ِ
يستقبح ن ْسيَان بَين الْ َخبَر َوا ق َْرار َول َْي َ
صرف الْ َقبِيح َعن الرئيس
َوأما ِإذا ا ْعترض بَينه َوبَين الرئيس َحال اَل يُمكن صرف الْ َقبِيح ِم ْنهُ َأال ِإل َْي ِه َأو ِإلَى الرئيس
َف َقط فليجتهد فِي صرف ذَلِك الْ َقبِيح ِإلَى نَفسه وليجعل ل َذلِك أوجها فَِإ ذا اتجه الْ َقبِيح نَحوه
تبرأت ساحة الرئيس ِم ْنهُ َأو َكاد َأن يتَّجه فَليَ ْحتَ ْل َأِلن يطْلب ل َذلِك اَأْلمر َسببا يكون بدؤه من
ص ِد الثَّانِي على غَيره لَِئاَّل يلْتَزم بالالئمة
غَيره لترجع الالئمة لعيه َوِإن َكا َن بِالْ َق ْ
ظ نَفسه لعلمه ترك ال َْم ْرء َح ّ
ظ نَفسه فِي َج ِميع َما ُيبَاشر وما من َشيء أبلغ وأعم نفعا فِي باب الْعب ِ
وديَّة من ترك ال َْم ْرء َح ُُّ َ ْ ََ
من اَأْل ْعمال الرئيسية فَِإ نَّهُ ما من َأمر يتعاطاه الْمرء ِم َّما هو بينه وبين الرئيس َأال ويجد لنَ ِ
فس 5هِ
َُ َ َ َ َْ َ َ
ِ ِإ
ظ الرئيس فَ نَّهُ مهما فعل ذَلك ِ
ظ َفَي ْنبَغي َأن ْيتركهُ ويتجنبه ويستخلص لما ُه َو َح ّ فِ ِيه م ِ
وضع َح ّ َ
اجتنى ثمره
()1/17
استِي َفاء َحظه اَل يَْأتِي اَأْلمر على َوجهه َو َوقع فِ ِيه خلل َوترك اَأْلمر خير
َخيره َومهما ا ْشتغل بِ ْ
من إفساده
طلب َأسبَاب ال َْمنَافِع
َو َي ْنبَ ِغي َأن يتلطف كل التطلف فِي نيل ال َْمنَافِع من ِج َهة الرؤساء بَِأن اَل يلح فِي ُّ
السَؤ ال َواَل
يديمه َواَل يظْهر الطمع والشره من نَفسه ويجتهد فِي َأن يطْلب من الرؤساء َأسبَاب ال َْمنَافِع اَل
اَأْلم َوال َوال َْمنَافِع ليقل ُّ ِ ِ ِ
السَؤ ال َويكثر فسها مثل ِإطْاَل ق الْيَد في ُو ُجوه يجلب م ْن َها ْال َْمنَافع َأنْ َ
الن ْفع ويجتهد فَأن ي ْنتَفع بالرئيس اَل ِم ْنهُ من انْتفع بهم أعزوه َومن انْتفع ِم ْن ُهم ملوه
َّ
خدمة الرئيس ِ
يضع لمرءوس َماله َونَفسه 5في َ
ورة من يتخلع َعن ملكه وقنيته ل َُهم بِ َْأه َون كلمة وأدون سعى ِ ِ
ص َ وليضع نَفسه ع ْندهم في ُ
ش ْيء من ص َّور ِع ْندهم ِم ْنهُ َأنه يضن بِ َمالِه َأو يحب َأن يستأثر بِ َ
وليحذر كل الحذر من َأن يتَ َ
صاء والممنوع محروص َعلَْي ِه والمبذول مملول اِل ِ ِ ِئ ٍ ِ
عرض من ا ْست ْق َ مفتنياته فَِإ نَّهُ يصير حينَ ذ ب ْ
فس ِ5ه فََأنَّهُ ِم ْنهُ وليجتهد َأن يظْهر فِي كل ما ي ْقتَ ِ
ض ِيه ِإنَّما ي ْفعله لي ُكون ِزينَة وجماال للرئيس اَل لنَ ِ
َ ََ َ َ َ
مالك لإلبقاء
االبتعاد َع َّما ي ْن َفرد بِ ِه الرؤساء
فس ِه َش ْيئا ِم َّما يتفرد بِ ِه الرئيس َأو ِم َّما يَلِيق بالرؤساء الَّذين َف ْوقه فَِإ نَّهُ كلما
وليحذر َأن يتَّخذ لنَ ِ
اتخذ َش ْيئا من ذَلِك عرض نَفسه للهالك َوعرض ذَلِك َّ
الش ْيء للذهاب
()1/18
ِ
ِإظ َْهار َحاجته للرؤساء في كل ْ
اَأْلح َوال
()1/19
أما َما َي ْنبَ ِغي للمرء َأن يَ ْسَت ْع ِملهُ َم َع اَأْلكفاء فسنذكر ِم ْنهُ جمال ونقول ِإن اَأْلكفاء اَل يخلون
سوا بأصدقاء َواَل َأع َداء
من َأن يَ ُكونُوا أصدقاء َأو َأع َداء َأو ل َْي ُ
َأصنَاف األصدقاء وأحوالهم
ْ
واألصدقاء صنفان
َأح َوالهم ِ ِ
َأحدهما األصفياء المخلصون في الصداقة َفَي ْنبَغي للمرء َأن يديم مالطفتهم وتعهد ْ َ
ِ ِ
بينهم
يما بَينه َو ْ ْحال ف َ سر لَهُ ِإل َْي ِهم في كل َوقت َوي ْخفى ال َوأسبابهم وإهداء َما يستحسنه َو َما تيَ ّ
صير بِغَْير َأن يظْهر ِم ْنهُ مالل َأو َت ْق ِ
ِ ِ
الصديق زين ال َْم ْرء وعضده وعونه وناصره ومذيع ويجتهد في األكثار م ْن ُهم غَايَة الْجهد فَِإ ن ّ
يما بَينهم ِ ِ
َأح َوال ال َْم ْرء ف َ
فضائلة وكاتم هفواته َو َما َح ّي زالته َومهما َكا َن َهُؤ اَل ء َأكثر َكانَت ْ
أحسن وأقوم
يما يظهرونه بل بتشبه وتصنع َفَي ْنبَ ِغي ِ ِ ِ
والصنف اآلخر األصدقاء في الظَّاهر َعن غير صدق ف َ
للمرء َأن يجاملهم َويحسنِ 5إل َْي ِهم َواَل يطلعهم َعن َش ْيء من أسراره وخصوصا من عيونه َواَل
اديثه وأفعاله وأحواله َواَل يحثهم َعن ْنع َمة َواَل َعن َأسبَاب َمنَافِعه يلقى ِإلَي ِهم من َخواص َأح ِ
َ ْ
ذه ْم اط ِل َواَل يَ ُاهر دون َأخذهم بِالْب ِ الصبر معهم بِحسب الظَّ ِ ِ
ْأخ ُ َ وليجتهد في استمالتهم َو َّ ْ َ َ َ
يما يَقع ِم ْن ُهم من َّ
الت ْق ِ
صير َواَل يجازهم ِ
بالتقصير َواَل يقطع عتابهم ف َ
()1/20
حهم ورجوعهم ِإلَى ُم َراده ولعلهم يصيرون فِي ُر ْتبَة ِ ِ
صاَل ْعلى َذلك فَِإ نَّهُ مهما فعل َذلك ترجى َ
س َش ْيء أدل على صدق اإلخاء َوِإظ َْهار ال َْوفَاء َواَل َأشد استجالبا للمحبة األصفياء لَهُ َول َْي َ
َأح َوال أصدقاء األصدقاء فَِإ ن ال َْم ْرء ِإذا رأى صديقه َو ُه َو يتعهد َو ُو ُجوب الْحق من تعهد ْ
دل بذلك على صدق محبته لَهُ ويثق بوداده ويقوى أمله يستَ ّ ِِ
َأح َوال أخالنه والمتصلين به ْ ْ
ِ ِ ِ
ْحاجة والفاقة ورجاؤه فيه َوأفضل َما يَ ْسَت ْع ِملهُ ال َْم ْرء َم َع أصدقائه ُه َو َأن يتعهد ْ
َأح َوالهم ع ْند ال َ
ويؤاسيهم بِ َما يُمكنهُ من غير َأن يحوجهم ِإلَى المسئلة ويتعاهد أقاربهم وعائالتهم ِإذا َماتُوا
فَِإ نَّهُ َمتى شهر بذلك رغب صداقته كل أحد َوبِ َذلِك يكثر أصدقاؤه
َأصنَاف واألعداء وأحوالهم
ْ
()1/21
سوا بصديق َواَل َعدو َواَل متصنع فهم طََب َقات سنذكر جلها َوجل َما َّ ِئ
فََأما َسا ر النَّاس الذين ل َْي ُ
َي ْنبَ ِغي للمرء َأن يَ ْسَت ْع ِملهُ َم َع كل طَاِئَفة ِم ْن َها
أ -النصحاء
اجب على ال َْم ْرء َأن يتفرغ بالخلوة َم َع كل من َّصيح ِة فَالْو ِ
ِ ِ َّ
منهم النصحاء الذين يتبرعون بالن َ َ فَ ْ
أدعى َأنه نَاصح لَهُ َويسمع ِإلَى َق ْوله ويعزم على قلبه َأوال بَِأن اَل يغتر بِ ُكل قَول يسمعهُ َوَأن اَل
يعجل ِإلَى قبُوله َواَل ْيعمل بِ ُكل َما ُي ْن ِهي ِإل َْي ِه بل يتَ ََّأمل أقاويلهم ويتعرف أغراضهم غَايَة
الص َواب َو َح ِقي َقة5 ِ
التعرف ليقف َم َع معرفَة أغراضهم على َحقي َقة أقاويلهم فَِإ ذا اَل َ
ح لَهُ َوجه َّ
احد ِم ْن ُهم بهشاشة اَأْلمر فِي َشيء ِم َّما ألقوه ِإلَي ِه بادر ِإلَى ِإ ْن َفاذ اَأْلمر فِ ِيه وليكن تلقيه لكل و ِ
َ َ ْ َ ْ
وِإظْهار حرص على ما يلقيه ِإلَيهِ
ْ َ َ َ
()1/22
ب -الصلحاء
ِ
صاَل ح َما بَين النَّاس فَيجب على ال َْم ْرء َأن يمدحهم أبدا َوم ْن ُهم الصلحاء وهم إناس يتبرعون ِإل ْ
َأح َواله فَِإ ن مذاهبهم مرضية ِع ْند َج ِميع النَّاس َومهما ِ
على َما َي ْف َعلُونَهُ َوِإن يتشبه بهم في َج ِميع ْ
تشبه ال َْم ْرء بهم عرف بِالْ َخي ِر َوحسن ِّ
النيَّة
الس َف َهاء
ج ُّ -
استِ ْع َمال الْحلم َم َعهم َوَأن اَل يؤاتيهم َواَل يقابلهم بِ َما ُه َو َوِم ْن ُهم ُّ
الس َف َهاء فَيجب على ال َْم ْرء ْ
فِ ِيه من السفاهة بل يتلقاهم أبدا بحلم رزين َو ُس ُكون بليغ ليعرفوا قلَّة مباالته بِ َما هم فِ ِيه َواَل
يؤذوه بعد ذَلِك َمتى تلقوهُ بالمشاتمة والسفه 5فَيجب ِإن يتلقاهم بالمحقرة َوقلة االكتراث
د -أهل الْكبر والمنافة
()1/23
فصل َ 4ما َي ْنبَ ِغي َأن يَ ْسَت ْع ِملهُ ال َْم ْرء َم َع من دونه
ِ
ِإن م ْن ُهم الض َ
ُّع َفاء وهم صنفان
أ -المحاويج ذَ ُوو الْ َفاقَة وصنوفهم
َأحدهما المحاويج َذ ُوو الْ َفاقَة وهم صنوف ِم ْن ُهم الملحفون َفَي ْنبَ ِغي َأن اَل يعطيهم َواَل ْيبذل َ
ِإ ِإ ِإ ِ
ْحاجة لَى َّ
الش ْيء ل َُهم على إلحاحهم َش ْيئا لينزجروا َعن ذَلك اَّل ذا علم َأنهم صادقو ال َ
َّرو ِر ّ
ي الض ُ
يما يَدعُونَهُ من الْ َفاقَة َفَي ْنبَ ِغي َأن يُ َميّز بَينهم فَِإ ن َكا َن تعمدهم للكذب ِ ِ ِ
َوم ْن ُهم الْ َكاذبُو َن ف َ
ِ
لضرب من التَّ ْدبِير فلتكن ُم َع َاملَته َم َعهم في المؤاساة وسطا من غير منع َواَل بذل تَ ّ
ام
ْحاجة َفَي ْنبَ ِغي َأن يتعهدهم المؤاساة بغاية َما أمكنه ِ ِ
يما يبدونه من ال َ ُّع َفاء الصادقون ف َ َوم ْن ُهم الض َ
من غير َأن يخل بأحوال نَفسه
ْحاجة وطبائعهم
ب -المتعلمون ذَ ُوو ال َ
()1/24
()1/25
فس ِه
فصل 5فِي سياسة الْمرء لنَ ِ
َْ
ِ َّ ِ
َأح َواله َما يعود
يسَت ْعمل في كل َحال من ْ ثم َي ْنبَغي للمرء َأن يرجع ِإلَى َخاص ْ
َأح َواله فيميزها َو ْ
بصالحها
المال
َ
اجب َعلَْي ِه فِي ذَلِك َأن يتَ ََّأمل ُو ُجوه الدخل ووجوه الخرج فَمن ذَلِك خلل الْقنية والْمال فَالْو ِ
َ َ َ
المال ِم ْن َها ِإلَى ملكه َِّ
ويستقصى النّظر في َأسبَاب الدخل َوال ُْو ُجوه التي يُمكنهُ استجالب َ
ِ
اُأْلصول اعني بِ ِه اَل يخل ث اَل يضر بِ َ ِ فيبالغ فِي استجالبه 5من َح ْي ُ
ش ْيء م َّما تقدم ذكرنَا لَهُ من ُ
س كل َوجه تكون فِ ِيه َم ْن َف َعة يحسن بِ ُكل أحد َأن َيت َع َّرض لَهُ ِإ ِ ِ ِِ
بدينه ومروءته َواَل بعرضه فَ نَّهُ ل َْي َ
ِمثَال ذَلِك الدباغة والكناسة والتجارات الخسيسة 5والقمار َوال ُْو ُجوه الَّتِي اَل يحسن بِ ِذي
ِ ِ
المال من َوجهه فَيجب َأن المال م ْن َها فَِإ ذا تجنب َهذه ال ُْو ُجوه واكتسب َ وءة َأن يجتلب َ ال ُْم ُر َ
س السخاء ِ ِ ِِ ِ
يُخرجهُ ب َحسبه َأعني َأن يكون خرجه ب َحسب دخله ويجتهد َأن يعرف بالسخاء َول َْي َ
ث َي ْنبَ ِغي وبالمقدار الَّ ِذي َي ْنبَ ِغي على َسبِيل يما َي ْنبَ ِغي َو َح ْي ُ ِ
ث اتّفق لَكن بذلها ف َ
ِ اَأْلم َوال َح ْي ُ
بذل ْ
ااِل ْعتِ َدال الاَّل ِئق بِ َحال طب َقة من النَّاس
الجاه
ومن َذلِك الجاه َفي ْنب ِغي للمرء َأن يجتَهد كل الْجهد فِي ِإحراز الجاه لنَ ِ
فس ِه َو َمتى َما استقبله َْ ْ ََ َ
ِ َّ ِإ
ادة الجاه فليبادر لَى اَأْلمر الذي ِ ِ
ادة ال َْمنَافع َوفي اآلخر ِزيَ َ
َأحدهما ِزيَ َ ِ
َْأم َران يكون في تنَاول ِ
َ
ُه َو َأعُود َعلَْي ِه فِي ِزيَ َ
ادة الجاه ِإ ْذ الجاه
()1/26
الن ْفع َما يَ ْسَت ْع ِملهُ ال َْم ْرء فِي معاشه َما نذكرهُ
َومن َّ
كلها ِإلَى نَفسه بجاهه اَل بِ َمالِه بِ ُكل َما أمكنه
الذات والشهوات َ َو ُه َو َأنه يجب َأن يستجلب َّ
فَِإ ن من استجلب اللَّ َّذات بِ َمالِه دون جاهه اَل يصل ِإلَى لذته َك َما يشتهيه َواَل ينشب َأن يذهب
َماله َويصير سخرية بَين النَّاس َويصير كل من انْتفع بِ ِه عدوا لَهُ
ضاء حوائج النَّاس وصل ِإل َْي َها َك َما يشتهيه َوفَوق َما يشتهيه
َومن استجلب بجاهه قَ َ
َذة لطعمه فِي جاهه َكا َن صديقا لَهُ أبدا محبا لخيراته ومواليا وكل من جلب ِإل َْي ِه ل َّ
ولسنا نومئ ِإلَى َأنه اَل ي ْنب ِغي َأن ي ْنفق من ماله َشيئا فِي اجتالب لذاته ول ِ
َكن ِإلَى َأن يكون َ َ ْ ََ
المال ِ ِ
معوله في َذلك على الجاه اَل على َ
اَأْلس َرار
تحصين ْ
اَأْلس َرار َوفِي استخراجها َعن المناوئين َوِإذا عرف ال َْم ْرء أحد ه َذيْن ِ
ونقول اآْل ن في تحصين ْ
الْبَ َاب ْي ِن حصلت لَهُ الْمعرفَة بِالثَّانِي َول ُكل طَاِئَفة من أهل الطََّب َقات الثَّاَل ث نوع من التحصين
اُأْلصول فِ َيها يصلح لكل طَاِئَفة ِم ْن ُهم على ِم ْق َداره
َونَوع من االستخراج َو َما نذكرهُ من ُ
ومرتبته
أصاله لرأي
()1/27
اورة َم َع غَيره فِي آراء وتدبيره َفَي ْنبَ ِغي َأن يستودعها ذَوي النبل وكبير
ش َ َواَل بُد للمرء من ال ُْم َ
الهمة َوعزة النَّفس َو َذوي الْعُ ُقول واأللباب فَِإ ن أمثالهم اَل يذيعونها َوِإن ُيبَاشر فِي َوقت
الرْأي من االستشارة َوالنَّظَر فِي اُأْلمور الَّتِي يستعان بِ ِمثْلِ َها على إحكام ذَلِك َّالرْأي ُ إفشاء َّ
اديث فِي السياسات الالئقة بذلك التَّ ْدبِير َوَأن يستر َأ ْخبار الْمَت َقدِّمين وااِل ستِماع ِإلَى اَأْلح ِ
َ َ ْ َ َ ُ
ِ ِ
يسَت ْعمل َما
الس ّر َو ْ اُأْلمور الظَّاه َرة المتعلقه بذلك التَّ ْدبِير الَّذي يظْهر َم َع ظُ ُه َ
ورها ِّ وجهده ُ
استِ ْع َمال األضداد ِ
الرْأي من غير َأن يظْهر في نَفسه حرصا على ْ يضاد َذلِك َّ
()1/28
ُّه َمة وتطلب معرفَة فَِإ َّن َها َأيْضا ِإذا َكانَت َم َع حرص مفرط تدل على نفس اَأْلمر وتوقع الت ْ
اه َرة والباطنة َج ِم ًيعا اَأْلسرار من اُأْلمور الظَّ ِ
ُ َْ
ِ ِ
يما َي ْب ُدو من الرئيس من َأخذ ال َْع ْزم وأعداد الْع َدد َوأخذ األهبة لألمور اُأْلمور الظَّاه َرة ف َ أما ُ
ْج ْملَ ِة َت ْغيِير
الت ْقصير َومن جمع المتفرقات وتفريق المجتمعات َوبِال ُ
الَّتِي َكانَت فِيما قبل على َّ ِ
َ
رها ال َْم ْرء قبل ذَلِك َومن إدناء من ِ
ساك َعن ُُأمور َكا َن ُيبَاش َ ضا من اِإْل ْم َ
اَأْلحوال الظَّ ِ
اه َرة َوَأيْ ً َْ
اديثَكا َن قاصيا وإقصاء من َكا َن دانيا وشدَّة التطلع لَأْل ْخبار وحرص َزاِئد للوقوف على اَأْلح ِ
َ َ َ
ِ
الزاِئد على كل َما َكا َن قبل َذلك المختلطة َومن التيقظ َّ
َأح َوال البطانة والحزم وإمساكهم َع َّما َكانُوا غير ِ
اُأْلمور الْبَاطنَة فَمن استطالع ْ َوأما من ُ
ممسكين لَهُ واستعمالهم لما َكانُوا ممسكين َعنهُ فَِإ ن البطانة والخواص ِإذا لم يَ ُكونُوا حزمة
مصادر ُُأمورهم ومواردها َما يسره الرئيس ويستطلع من َأ ْف َواه ال َْعجم َوالصبيان ظهر من َ
س َم َع َهُؤ اَل ِء حصافة َواَل ِع ْندهم ِإ ِ
ِّساء َوالذين هم قليلو الت َّْمييز والعقول 5فَ نَّهُ ل َْي َ
َّ
والجهال َوالن َ
َّح ُّرز بِ ِه من اإلفشاء لألسرار مكنهم الت َ من الرزانة َما يُ ُ
يستَْأنس بِ ِه ِ ِ
اَأْلس َرار َك ْث َرة المحادثة فَِإ ن لكل َواحد من النَّاس من ْ وأجودها َما تستخرج بِه ْ
اديثه وجلها َوِإذا َأكثر الْكَاَل م والمحادثة فَِإ نَّهُ اَل بُد من َأن يَْأتِي ذَلِك ويلقي ِإلَي ِه بِج ِمي ِع َأح ِ
َ ْ َ
جل َما فِي الضمائر على ّ
صاحب ض َرة الرئيس َأو َ ْج ِميع ِم َّمن بِ َح ْ س كل َأمر وتدبير يكون بموافقة ال َ َوَأيْ ً ِإ
ضا فَ نَّهُ ل َْي َ
التَّ ْدبِير ومالك َأسبَاب الظفر باألعداء ُه َو َما نذكرهُ َفَن ُقول
()1/29
طلب الْعُلُ ّو على ال َْعدو
ضيلَة يذكر َبها َأن أول ما يجب َأن يسَت ْع ِملهُ الْمرء ُهو َأن يطْلب الْعلُو على عدوه فِي كل فَ ِ
ُّ َْ َ َْ َ
ِ ِ ِ
ِإن َكا َن من أهل الْفضل ويتحرى َأن يقف ال َْعدو على ذَلك ويعلمه م ْنهُ فَِإ ن ذَلك َما يُضعفهُ
اطنا منويخمد ثائرته وَأن يحصي َعلَي ِه معايبه حتَّى اَل يبقى ص ِغيرا واَل َكبِيرا اَل ظَاهرا واَل ب ِ
َ َ ْ َ َ َ ْ َ
ِ ِ ِ ِ
عيوبه ِإاَّل جمعه ونشره في النَّاس وليتوخ في ذَلك الص ْدق لَئاَّل يذهب َحدثهُ وليجتنب
ِ ِ ِ
ص َّرف َأ ْخاَل ق ال َْعدو وشيمة وسجاياه الْ َكذب على ال َْعدو فَِإ ن الْ َكذب َعلَْيه ُق َّوة لَهُ َوَأن يتَ َ
احد ِم ْن َها بِ َما يضاده ويناقضه وعاداته ليقابل كل و ِ
َ
ِ
وليجتهد فِي معرفَة َما يقلقه ويضجره فيوكل كل َواحد َوبِ ُكل َسبَب من َأسبَاب ضجره
وقلقله َما يهيجه فَِإ ن ذَلِك مالك الظفر َومن أبلغ َأسبَاب الفضيحة وأصل ذَلِك ُكله والمرجع
ادة على طلب النكاية فِ ِيه المة ِم ْنهُ َومن مكايده بِ ُكل َما أمكن ِزيَ َ الس َ ُه َو طلب َّ
اَأْلدب
َ
()1/30
ضا َم َع َه َذا ااِل ْستِ ْع َمال َوِم ْنه َأن َي ْبتَ ِدئ باالعتالء من اَأْل ْدنَى فاألدنى ِإلَى اَأْل ْعلَى فاألعلى فَِإ ن ِّ
الر َ
َوفِي خاَل فَة السخط
ثم األخف َوِم ْنه َأن يحصل األصعب َّ
ضا بإفراط
الر َضب َواَل ِّ َوِم ْنه َأن اَل يظْهر الْغَ َ
اَأْلح َوال ِإذا تعقبها اإلنجاح ِ ِ
َوم ْنه َأيْضا المطل في بعض ْ
الص ْبر على َأن يظفر بالفرصة َوِم ْنه َّ
دمات 5تصير تواطئه ل ََها ِ
َومن ذَلك َأن يقدم لألمور ُم َق َ
سان غَيره ِِ ِ ِ
َوم ْنه َأن يلقي اَأْلمر بل َ
()1/31
َخاتِ َمة
صدرا يكون َخاتِ َمة لقولنا َه َذا فَِإ ن َونحن اآْل ن ذاكرون من أقاويل القدماء َوأهل الْفضل َ
للحكايات والنوادر واألمثال فِي مثل َه َذا الْ َف ّن غناء َع ِظيما َفَن ُقول
الش ْيء الَّ ِذي اَل َي ْنبَ ِغي َأن َت ْف َعلهُ فَاَل تهواه
ال أفالطون َّ قَ َ
ال وأهنأ توقعا استحق ِم ْنك الْ َخ ْير فَاَل ت ْنتَظر ابتداءه بِال َْم ْسَألَة ليَ ُكون أكمل التذاذا َوقَ َ ال من ْ َوقَ َ
ِ
يسَأل َعنهُ
يما اَل ينفع وإخباره َع َّما اَل ْ َوقيل خساسة ال َْم ْرء تعرف بشيئين بقوله ف َ
ص َم ْي ِن
َوقيل اَل تحكم من قبل َأن تسمع قَول الْ َخ ْ
علمتُم َأكثر َكانَت عنايتكم بِال ِ
ْعلم َأشد ِئ
َو ُس َل لم كلما ْ
ال َألنا كلما ازددنا علما ازددنا معرفَة بِ َم ْن َف َعة الْعلم قَ َ
وسِئل َأي اَأْل ْشياء َْأهون قَ َ ِئ
ْجهَّال ال اَأْل َّمة ال ُ َ َُ َ
سان َأن يجود بِ ِه ِإ ِئ
َو ُس َل َأي َش ْيء يقدر نْ َ
ال حبه الْ َخ ْير للنَّاس قَ َ
ورة َوأما َساِئر ْعلماء فعلمهم بِ ََّأن َها َ
ض ُر َ ال أما ال َ َو ُسِئ َل َما أفضل َما يتعزى بِ ِه َعن المصائب قَ َ
النَّاس فالتأسي
يحسد َعلَْي َها َوأي عيب اَل يقبله أحد سنَة اَل ْ ِئ
َو ُس َل َأي َح َ
يحسد َعلَْي َها َوالْكبر عيب يرذله كل أحد سنَة اَل ْ اضع َح ََّو ُال الت َ قَ َ
الش ْيء الَّ ِذي ِإذا فَقده ال َْم ْرء َكا َن َداِئم الْباَل ء
َو ُسِئ َل َما َّ
فَقيل الْعقل
()1/32
()1/33
()1/34