Professional Documents
Culture Documents
'' الكلام على حديث الجارية نسخة
'' الكلام على حديث الجارية نسخة
وهذا أوان الكالم على حديث الجارية الذي طالما اختلفت واضطربت روايا ُتهُ ،وهو
الذي َعنو َّنا له في هذا الكتاب ،وهذا الحديث الذي ينادي به حشويَّة زماننا إلثبات أنَّ
.هللا ج َّل جالله في السماء ،تعالى هللا عمَّا يقولون
واعلم َّأوالً أ َّننا لسنا َّأو َل َمن تكلَّم على هذا الحديث و َبي ََّن ما فيه من االضطراب ،فقد
حنبل حيث قال ( :ليس ك ُّل أحد يقول فيه: ٍ سبقنا إلى ذلك أئم ٌَّة؛ منهم اإلمام أحم ُد ابن
إ َّنها مؤمنة ،يقولون :أعتقها)( ،)1فهذا نصٌّ من اإلمام أحمد باضطراب الحديث،
ومنهم أيضا ً اإلمام الفقيه األصوليُّ شمس األئمَّة الس ََّرخسِ يُّ حيث قال في كتابه
ي :أنَّ الكبير «المبسوط» ...( :مع أنَّ في صِ حَّ ة ذلك الحديثِ( )2كالماً؛ فقد ر ُِو َ
ظنُّ برسول هللا النبيَّ صلَّى هللا عليه وسلَّم قال :أين هللا؟ فأشارت إلى السماء ،وال َن ُ
جهة وال مكاناً)(،)3 ً صلَّى هللا عليه وسلَّم أ َّنه َيطلب مِن أح ٍد أن يُثبت هلل تعالى
.وسيأتي مزي ُد أقوال لألئمَّة في ذلك
ولو أنَّ الحشو َّي َة سبروا طرق هذا الحديث ومتو َنه ،وأنصفوا ،ووسَّعوا دائرة فهمهم-
إن لم يكن زيغا ً -لعلموا أ َّنه ال حجَّ ة في هذا الحديث أصالً ،ال من قريب وال من
بعيد ،ومن خالل ما َمرَّ بك من أنَّ اختالف األلفاظِ يؤ ِّدي إلى اختالف المعاني يتبيَّن
صبر بتتبُّع ما ٍ لك األمر نف ُس ُه في حديث الجارية ،وأريد منك أيُّها القارئ الكريم قلي َل
صرفت فيه م َِن الوقت والتعب والبحث ُ سأذكره من تفصيل الكالم عليه؛ فإ َّنه ممَّا
حلية َيعرفُ قيم َتها أه ُل ً وال ِف ْكر والعناء مع معاناة المرض الشي َء الكثير ،ووضع ُته
هداية لمن ً ُ
التحقيق الفضل ،وإ َّنما يعرفُ الفض َل ألهل الفضل أهلُهُ ،فإن لم يكن هذا
.خالف و َش َّب َهَ ،ف َحسبُ أهل ال ُّس َّنة حجَّ ة لهم ،وهللا المو ِّفق
:نبدأ َّأوالً ببيان الروايات وتفنيدها؛ لي َّتضح األم ُر جل ّيا ً بعون هللا سبحانه
روى اإلمام أحمد في «مسنده» بإسنا ٍد حسن قال( :حدثنا عبد الصمد ،حدثنا حماد
ُ
بن سلمة ،حدثنا محمد بن عمرو ،عن أبي سلم َة ،عن الشريد رضي هللا عنه :أنَّ أ َّم ُه
ٌ
جارية رقبة مؤمنة ،فسأل رسو َل هللا عن ذلك فقال :عندي ٌ أوصت أن يُع َت َق عنها
سودا ُء نوبي ٌَّة ،فأُع ِتقُ َها؟ فقال« :ائت بها» ،فدعوتها ،فجاءت ،فقال لهاَ « :من
َربُّكِ ؟» ،قالت :هللا ،قالَ « :من أنا؟» ،فقالت :أنت رسول هللا ،قال« :أعتقها؛ فإ َّنها
).مؤمنة»)(4
».فهذه الرواية قال فيها صلَّى هللا عليه وسلَّمَ «:من ربُّكِ ؟
وروى الدارميُّ بإسناد حسن قال( :أخبرنا أبو الوليد الطيالسيُّ ،حدثنا حماد بن
سلمة ،عن محمد بن عمرو ،عن أبي سلم َة ،عن الشريد قال :أتيت النبيَّ صلَّى هللا
جارية سودا َء نوبي ًَّة ،أفتجزئ ً رقبة ،وإنَّ عندي ً ُ
فقلت :إنَّ على أمي عليه وسلَّم،
عنها؟ قال« :ادع بها» ،قال« :أتشهدين أن ال إله إالَّ هللا؟» ،قالت :نعم ،قال:
«).أعتقها؛ فإ َّنها مؤمنة»)(5
فهاتان روايتان عن الشريد بن سويد ،والسن ُد من حماد إلى الشريد واح ٌد ،واللفظ
:مختلفٌ
».ففي األول قالَ « :من ربُّكِ ؟» ،ثم قالَ « :من أنا؟
».وفي الثاني قال« :أتشهدين أن ال إله إالَّ هللا؟
فهذا َّأول اضطراب لحديث الجارية ،مع عدم اختالف القصة ،ومِن هنا ترى كيف
يتصرَّ ف الرواة بالحديث ،ومِن َث َّم فأيُّ اللفظين أقرب إلى اإليمان« :أين هللا؟» ،أم
ما في هاتين الروايتين؟
ولماذا ترك الحشويَّة هاتين الروايتين ،مع أنَّ سندَ هما حسنٌ ،وشي ُخه ُم األلبانيُّ قد
َح َك َم على إسناد روايةَِ « :من ربُّكِ ؟» في كتابه «صحيح أبي داود» بأ َّنه حسن
ي خلف التجسيم؟ صحيح( ،)6فهل هذا إالَّ انتقا ٌء بال َّتشهِّي والهوىَ ،
وجرْ ٌ
وروى مسلم في «صحيحه» قال( :حدثنا أبو جعفر محمد بن الصباح ،وأبو بكر بن
أبي شيبة ،وتقاربا في لفظ الحديث ،قاال :حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ،عن حجاج
الصواف ،عن يحيى بن أبي كثير ،عن هالل بن أبي ميمونة ،عن عطاء بن يسار،
عن معاوية بن الحكم السلمي قال ...:وكانت لي جارية ترعى غنما ً لي ِق َب َل أ ُ ُح ٍد
والجوانية ،فاطلعت ذات يوم ،فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها ،وأنا رجل من بني
آدم ،آ َسفُ كما يأسفون ،لك ِّني صكك ُتها ص َّك ًة ،فأتيت رسول هللا صلَّى هللا عليه وسلَّم،
َف َع َّظ َم ذلك علي ،قلت :يا رسول هللا ،أفال أعتقها؟ قال« :ائتني بها» ،فأتي ُته بها ،فقال
لها« :أين هللا؟» ،قالت :في السماء ،قال« :من أنا؟» ،قالت :أنت رسول هللا ،قال:
«).أعتقها؛ فإ َّنها مؤمنة»)(7
وروى ابن قانع في «معجم الصحابة» بإسنا ٍد حسن قال( :حدثنا محمد بن أحمد بن
البراء -هو العبديُّ -حدثنا معافى بن سليمان ،حدثنا فليح ،عن هالل ،عن عطاء بن
يسار ،عن معاوية بن الحكم :أ َّنه أراد عتق أَ َم ٍة له سودا َء ،فأتى بها النبيَّ صلَّى هللا
عليه وسلَّم ،فقال لهاَ « :من ربُّكِ ؟» ،قالت :الذي في السماء ،فقال لها« :من أنا؟»،
).قالت :رسول هللا ،قال« :أعتقها؛ فإ َّنها مؤمنة»)(8
ثقات ،ابنُ قانع وصفه الحافظ الذهبيُّ باإلمام الحافظ البارع ٌ وهذا سن ٌد رجالُه
الصدوق إن شاء هللا تعالى( ،)9والكالم فيه من جهة البرقانيِّ مدفوعٌ ،قال الحافظ ِ
الخطيب البغداديُّ ( :ال أدري لماذا ضعَّفه البرقاني ،فقد كان من أهل العلم والدراية
يوثقو َنهُ)( ،)10ومحمد بن أحمد بن البراء البغدادي ورأيت عا َّم َة مشاي ِخ َنا ِّ
ُ وال َفهم،
ثقة( ،)11ومثل ُ ُه معافى بن العبدي ،قال عنه الحافظ الخطيب في «تاريخه»ٌ :
سليمان ،وأمَّا فليح؛ فمن رجال «الصحيحين» ،وأنت ترى أنَّ هذه الرواية ،ورواية
مسلم َس َن ُدها عن هالل بن أبي ميمون َة ،عن عطاء بن يسار ،عن معاوي َة بن الحكم،
ولفظ هذه الرواية يختلف عن لفظ مسلم ،حيث قال هناَ « :من َربُّكِ ؟» ،ولم يقل لها:
أين هللا؟» ،فهذا اضطراب في متن هذه الرواية ،والقصَّة م َّتحدة ،مع أن لفظ: « َ
ت بلسانها، «قالت :في السماء» مُح َت ِم ٌل أ َّنها أشارت إلى السماء ،فال تكونُ قد َت َكلَّ َم ْ
.وهو َمج َم ُع الروايات كما يأتي
ورواه مالك في «الموطأ»( :عن هالل بن أسامة ،عن عطاء بن يسار ،عن عمر بن
ً
جارية الحكم أ َّنه قال :أتيت رسول هللا صلَّى هللا عليه وسلَّم فقلت :يا رسول هللا ،إنَّ
لي كانت ترعى غنما ً لي ،فجئ ُتها وقد فقدت شاة من الغنم ،فسأل ُتها عنها ،فقالت:
ٌ
رقبة، فلطمت وجهها ،و َعلَيَّ
ُ أكلَ َها الذئبُ ،فأسفت عليها ،وكنت من بني آدم،
أفأعتقها؟ فقال لها رسول هللا صلَّى هللا عليه وسلَّم« :أين هللا؟» ،فقالت :في السماء،
فقالَ « :من أنا؟» ،فقالت :أنت رسول هللا ،فقال رسول هللا صلَّى هللا عليه وسلَّم:
«).أعتقها»)(12
ث َّم ال ُب َّد لنا من الوقوف عند هاتين الروايتين :رواية مسلم ،ورواي ِة مالك؛ كي ال
ت ال ِف ْكرُ ،ث َّم ننظر في السند لنرى أنَّ في سند هاتين يطو َل بنا الفص ُل ويتش َّت َ
بن أبي كثير ،وقد َت َفرَّ َد عطاء بن يسار في ك ِّل بن يسار ،ويحيى َ الروايتين عطا َء َ
الروايات بالرواية عن معاوية بن الحكم ،فاحفظ هذا؛ ألنَّ له شأنا ً سيأتي إن شاء هللا
.تعالى
أما الكالم من جهة السند فإن مالكا يرويه عن عمر بن الحكم و ال يوجد في الصحابة
من اسمه عمر بن الحكم تص على ذلك ابن عبد البر في التمهيد ( )13و باقي رواته
يروونه عن معاوية ابن الحكم فإذا أردنا أن ند ِّقق نقول :هذا اضطراب في السند؛
بن الحكم صحابيٌّ ، بن الحكم تابعيٌّ أنصاريٌّ مدنيٌّ معروف ،ومعاوي َة َ ألنَّ عمر َ
ك مُصِ رٌّ على أ َّنه عمر بن الحكم ،ولم ُيقِرَّ أ َّنه سها أو أخطأ ،ي ُد ُّل لذلك ما ومال ٌ
أخرجه أبو الفضل السليماني ،أنَّ معن بن عيسى قال لمالك :الناس يقولون :إ َّنك
ُتخطئ في أسامي الرجال ،تقول :عمر بن الحكم ،وإ َّنما هو معاوية ،فقال مالك :هذا
ِفظ َنا ،وهكذا وقع في كتابي(14 ).ح ُ
وقال اإلمام الشافعيُّ ( :وهو -أي :راوي الحديث -معاوية بن الحكم ،وكذلك رواه
).غي ُر مالكٍ ،وأظنُّ مالكا ً لم يحفظِ اس َمه)(15
إذاً االضطراب واق ٌع ال يُد َفع؛ إذ ال يمكن أن تكون الرواية عن عمر بن الحكم
التابعيِّ ؛ أل َّنه مصرِّ ٌح بالصالة مع رسول هللا صلَّى هللا عليه وسلَّم ،ويروي القص َة
عن نفسه أ َّنه أتى رسو َل هللا صلَّى هللا عليه وسلَّم ،وال يقال :إنَّ مالكا ً أخطأ أو سها؛
إذ قد مرَّ إصرا ُرهُ أ َّنه عمر بن الحكم ،هذا من حيث السن ُد ،أمَّا من حيث المتنُ ؛ فبين
رواية مسلم ورواية مالك اختالف في المعنى ،إذ في رواية مالك يقول( :و َعلَيَّ
رقبة ،أفأعتقها؟) ،وهذا يفيد أنَّ عليه نذراً سابقاً ،وعند مسلم يقول( :فعظم ذلك عليَّ ،
تبرئة لذمَّته مِن ً قلت :يا رسول هللا ،أفال أعتقها؟) ،فهذه الرواية تفيد أ َّنه إ َّنما أعتقها ُ
الضرب بالعتق
َ .ضربها ليكافئ
وربَّما تقول ما الفرق؟
ُ
والجواب :أ َّنه إن كان إ َّنما أعتقها براءة لذمَّته بسبب لطمها ،فال يُش َت َرط فيها اإليمان؛
ألنَّ النبي صلَّى هللا عليه وسلَّم قالَ ( :من لَ َط َم مملو َكه أو َ
ض َر َب ُه فك َّفار ُت ُه أن
يُعت َقهُ)( .)16فما وجه الجواب في رواية مسلم بـ« :فإ َّنها مؤمنة»؟!! مع أنَّ هذا
اللف َظ لم يُذ َكر في أكثر الروايات ،بل في رواية عبد الرزاق اآلتية قال له صلَّى هللا
عليه وسلَّم« :أعتق أو أمسك» ،وهذا اضطرابٌ في المتن الختالف اللفظِ ،ال يُنكره
إالَّ معاند؛ ألنَّ الحكم أيضا ً يختلف كما ال يخفى ،ففي رواية مالك :قال الصحابيُّ :
رقبة مؤمنة) ،فأجابه صلَّى هللا عليه وسلَّم بقوله« :أعتقها» ،ولم يقل«:فإ َّنها ٌ ( َعلَيَّ
مؤمنة» ،مع أ َّنه موضعها ،وفي رواية مسلم :أ َّنه جاء يستشيره في عتقها ،فكان
الجواب« :فإ َّنها مؤمنة» ،وأيضا ً رواية الدارمي حيث قال الصحابي« :إنَّ على أمِّي
رقبة» ،ولم يقيِّدها باإليمان ،ثم كان الجواب « :فإ َّنها مؤمنة» ،وهذا فيه مخالفة ً
.واضطرابٌ بين السؤال والجواب كما ال يخفى ،وسيأتي لهذا االختالف فائدة فانتظر
وقلت: ُ بن يسار، وكالمنا اآلن يجب أن يُتنبَّه له ،قد أشرت له عندما ذكرت عطاء َ
:إنَّ لنا معه شأناً ،وهذا هو
روى عبد الرزاق عن ابن جريج قال( :أخبرني عطاء -وهو راوي حديث معاوية
بن الحكم -أنَّ رجالً كانت له جارية في غنم ترعاها ،وكانت شاة صفي -يعني:
غزيرة في غنمه تلك -فأراد أن يعط َيها نبيَّ هللا صلَّى هللا عليه وسلَّم ،فجاء الس ُب ُع
ك وجه جاريته ،فجاء نبيَّ هللا صلَّى هللا عليه فانتزع ضرعها ،فغضب الرجل ،فص َّ
ٌ ٌ
فذكر ذلك له ،وذكر أ َّنها كانت عليه رقبة مؤمنة وافية ،قد َه َّم أن يجعلَها إيَّاها َ وسلَّم،
حين ص َّكها ،فقال له النبيُّ صلَّى هللا عليه وسلَّم« :إيتيني بها» ،فسألها النبيُّ صلَّى
هللا عليه وسلَّم« :أتشهدين أن ال إله إال هللا؟» ،قالت :نعم« ،وأن محمَّداً عبد هللا
حق؟» ،قالت :نعم« ،وأن الجنة َ
والبعث ٌّ ورسوله؟» ،قالت :نعم« ،وأنَّ الموت
حق؟» ،قالت :نعم ،فلمَّا فرغ قال« :أعتق أو أمسك»)(17 ).والنار ٌّ
وأنا أريد منك أن تحكم اآلن :ما الفرق بين هذه القصة والقصة التي عند مالك؟
أليست عي َنها؟ فإ َّنه قال في رواية مالك( :و َعلَيَّ رقبة) ،وهذه مثلها ،وفي رواية مالك
قال« :أين هللا؟» ،وفي هذه الرواية قال« :أتشهدين أن ال إله إال هللا» ،وعطاء بن
يسار هو الذي روى القصة نف َسها عن معاوية بن الحكم ،لك َّنه هنا أبهمه ،وقال:
«رجالً» ،ومسلم قال« :معاوية بن الحكم» ،وانظر ماذا سألها النبيُّ صلَّى هللا عليه
ك كثي ٌر وسلَّم َتعرفْ كيف يتصرَّ فُ الرواة بألفاظ الحديث ،فتق ُع َّ
الطامَّة ،ومن هنا َت َر َ
من األئ َّم ِة ال َّنحْ ويِّين االحتجا َج بالحديث؛ لتصرُّ ف الرواة بألفاظه ،علما ً أ َّنه ال يُسلَّم
لهم ما ذهبوا إليه ،فما تصرَّ ف فيه الرواة واضح جليّ ،وأكثر النقلة من أهل الثقة
واألمانة ينقلون الحديث مع الضبط واإلتقان كما روي مع بيان مواضع الشك إن
.وجدت ،ولهذا تفصيل وبيا ن ليس محله ههنا
ث َّم شأننا اآلن مع الراوي الثاني ،وهو يحيى بن أبي كثير ،وبيان كيف يتصرَّ ف
الراوي بالرواية ،فقد روى عبد الرزاق في «مصنفه»( :عن معمر ،عن يحيى بن
جارية له ،فجاء بها النبيَّ صلَّى هللا عليه وسلَّم يستشيره ً ك رج ٌلأبي كثير ،قال :ص َّ
في عتقها ،فقال لها النبيُّ صلَّى هللا عليه وسلَّم« :أين ربك؟» ،فأشارت إلى السماء،
تالبعث بعد المو ِ َ قال« :من أنا؟» ،قالت :أنت رسول هللا ،قال :أحسبه أيضا ً ذكر
).والج َّنة والنار ،ثم قال« :أعتقها؛ فإ َّنها مؤمنة»)(18
عين القصة التي عند مسلم؟ حيث قال هنا( :فجاء ...يستشيره) ،ولم يقل: أليست هذه َ
رقبة مؤمنة) ،وقال هنا«( :أين َربُّكِ ؟» ،فأشارت إلى السماء) ،ورواية مسلم: ٌ ( َعلَيَّ
(قالت :في السماء) ،ويحيى بنُ أبي كثير هو نف ُس ُه راوي القصة التي عند مسلم وعب ِد
.الرزاق
ٌ َ
ص َة واحدةٌ واأللفاظ مختلفة ،ث َّم أيُّ األلفاظ ُتوافق اإليمان؟ وهل ك أنَّ الق َّ
هل بقي ش ٌّ
عن النبيِّ صلَّى هللا عليه وسلَّم أ َّنه حكم على أحد باإليمان بمجرَّ ِد اعتقاده أنَّ هللا ورد ِ
ت المضطربة ،ث َّم انظر كيف صرَّ ح الراوي بش ِّكه في السماء في غير هذه الروايا ِ
في رواية عبد الرزاق عن يحيى ،فقال« :أحسبه أيضا ً ذكر البعث بعد الموت،»...
مع أ َّنه في رواية عبد الرزاق السابق ِة عن عطاء قد جزم بذلك ،وانتظر ما يُوضِّح لك
.األمر أكثر
َ
حديث الجارية عن معاوية بن الحكم ،ثم َ روى الحافظ المزيُّ في «تحفة األشراف»
عن عمر بن الحكم كما عند مالك ،إلى أن قال ...( :ورواه سعيد بن زيد أخو حماد
بن سلمة ،عن توبة العنبري ،عن عطاء بن يسار ،قال :حدثني صاحب هذه الجارية
لفظ ُه كما ساقه الحافظ الذهبيُّ بإسناده إلى سعيد نف ُسهُ ،ولم يس ِّم اس َمهُ)( ،)19وهذا ُ
بن زيد ...( :نا سعيد بن زيد ،نا توبة العنبري ،حدثني عطاء بن يسار ،حدثني
صاحب الجارية نف ُسهُ ،قال :كانت لي جارية ترعى ...الحديث ،وفيه :فم َّد النبيُّ
صلَّى هللا عليه وسلَّم ي َده إليها ،وأشار إليها مستفهماًَ :من في السماء؟ قالت :هللا،
).قال«:ف َمن أنا؟» ،قالت :أنت رسول هللا ،قال«:أعتقها؛ فإ َّنها مسلمة»)(20
ُ
واللفظ ورواية الحافظِ الم ِِّزيِّ إسنا ُدها إلى صاحب الجارية نفسِ ِه حسنٌ كما ترى،
مختلِفٌ تماماً؛ فإ َّنه صلَّى هللا عليه وسلَّم أشار إليها مستفهماً ،ولم يسألها قوالً ،ثم
انظر رواية عبد الرزاق عن يحيى( :فأشارت إلى السماء) لي َّتضح لك األمرُ ،وي ُدلَّك
.أنَّ الراوي تصرَّ ف به ،ففعل بالمعنى ما تراه من االضطراب
ضعِّفُ راويه الحسن يهد ُم عليه فسا َد معتقده راح ُي َ َ َ
الحديث واأللبانيُّ لما رأى هذا
حديث عطاء عن صاحب الجارية نفسِ ِه ال َ بن زيد ،فقال( :وإذا َعل َ
ِمت أنَّ سعي َد َ
يص ُّح مِن ِق َب ِل إسناده؛ أل َّنه من رواية سعيد بن زيد ،فهو وإن كان في نفسه صدوقاً،
فليس قويَّ الحفظ ،ولذلك ضعَّفه جمعٌ ،بل كان يحيى بن سعيد يضعفه ج ّداً ،وقد
).أشار الحافظ في «التقريب» إلى هذا فقال :صدوق له أوهام21()...
وصف األلبانيَّ بقوله: َ ث ال ِّديار المغربيَّة عبد العزيز الغماريَّ حيث رحم هللا مح ِّد َ
(يختر ُع القواعد على حسب ما يظهر له ويري ُده فهمُه ،ولهذا تجده في كالمه على
ُثبت ،ويُبط ُل بما يخالفُ هو نف َس ُه إذا اقتضى نظ ُرهُ، األحاديث يصحِّ حُ ،ويضعِّفُ ،وي ُ
وجدالُهُ ،وخصا ُمهُ ،ولَ َد ُدهُ ذلك؛ ألنَّ قواع َدهُ مبعثرةٌ ،فال هي تابعة ألهل الحديث ،وال
ض ُه بذلك الهربُ من الوقوع في يد خصمه؛ إذ وقع ألهل األصول ،وال للفقهاء ،وغر ُ
ألخرج منها كتابا ً َ من األقوال الشاذة الواهية وهي كثيرة ...بحيث لو تتبَّعها اإلنسانُ
الشاق ،يصلح أن يكون ذيالً لكتاب «أخبار ّ وقت االستراحة من العمل َ مفيداً للفُكاهة
).الحمقى والمغفلين» البن الجوزيِّ رحمه هللا تعالى)(22
كتاب األلبانيَِّ َ
أخذت والحق أنَّ األمر أكثر ممَّا قاله المح ِّد ُ
ث الغماريُّ ؛ أل َّنك لو ُّ
«إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل» ونظرت في الجزء الخامس منه،
لرأيت تناقضه كما هو شأنه ،حيث قال عند الكالم على حديث َ في الصفحة (،)338
(قلت -أي :األلبانيُّ :-وهذا إسنا ٌد حسنٌ ،رجال ُ ُه كلُّهُم ُ ابن عمر في سبق الخيل:
حديث ُه عن ُ ثقات ،وفي سعيد بن زيد -وهو أخو حماد بن زيد -كال ٌم ال ينزل به
ٌ
حديث رتبة الحسن إن شاء هللا ،وقال ابن القيم في «الفروسية» (ص«:)20وهو
َ ).ج ِّي ُد اإلسناد»23()...
أليس هذا عجباً!! فإ َّنه لمَّا كانت رواية سعيد بن زيد في سبق الخيل ولم تتعلَّق بما
يخالف هواه َج َع َل حدي َثه ال ينزل عن رتبة الحسن ،ولكن لما وُ ِج َد في حديث الجارية
الحديث بهِ ،فتعجَّ ب ما بدا لك أن تعجب َ ف !!ما يخالف عقيد َته َ
ض َّع َ
ث سعي ِد بن زيد حسنا ً هو الصوابُ عند َمن يخاف مواله ويخالف هواه، وكونُ حدي ِ
ِّ ِّ ُ
فقد ذكر سعي َد بن زيد هذا الحافظ الذهبيُّ في كتابه « َمن ُت ُكل َم فيه وقد وُ ثق» ،وقد
حديثهُم في أعلى مراتب الصِ حَّ ة ،فال ينزل عن ُ قال في أَ َّولِهِ( :فهؤالء إن لم يكن
).رتبة الحسن)(24
ثم هو من رجال مسلم ،فقد احت َّج به في «صحيحه» ،واستشهد به البخاريُّ أيضاً،
َف َعلَّ َق له في مواضع من «صحيحه»( ،)25قال الحافظ الذهبي في كتابه «الموقظة
في علم مصطلح الحديث»( :فما في الكتابين رج ٌل احت َّج به البخاريُّ أو مسل ٌم في
حة)(26 حسنة أو صحي ٌ ٌ ٌ
ضعيفة ،بل ).األصول ،ورواي ُت ُه
بن حربٍ، وسليمان ِ
َ وابن سعد،ِ ِين،
توثيق األئمَّة له؛ كابن َمع ٍ َ زد على ذلك
والعِجليِّ ( ،)27أمَّا اإلما ُم البخاريُّ ؛ فقد قال فيه :صدوق حافظ ،ورضيه عبد
الرحمن بن مهدي( ،)28وقال فيه ابن عدي بعد أن ساق عنه جملة أحاديث له:
ولسعيد بن زيد غير ما ذكرت أحاديث حسان ،وليس له متنٌ مُنك ٌر ال يأتي به غيره،
).وهو عندي في جملة َمن ينسب إلى الصدق(29
حسنة شأ ُنها شأنُ رواية اإلمام مسلم كما يأتي ،وهي تفيد ٌ فرواية الحافظِ الم ِِّزيِّ إذاً
أنَّ السؤا َل إ َّنما وقع باإلشارة ،دون قوله« :أين هللا؟»؛ ألنَّ القول يُطلق على الفعل
.واإلشارة كما سيأتي
وروى اإلمام مالك في «الموطأ»( :عن ابن شهاب ،عن عبيد هللا بن عبد هللا بن
عتبة بن مسعود :أن رجالً من األنصار جاء إلى رسول هللا صلَّى هللا عليه وسلَّم
كنت تراها مؤمنة بجارية له سوداء ،فقال :يا رسول هللا :إنَّ عليَّ رقبة مؤمنة ،فإن َ
أعتقها ،فقال لها رسول هللا صلَّى هللا عليه وسلَّم« :أتشهدين أن ال إله إال هللا؟»،
قالت :نعم ،قال« :أتشهدين أن محمداً رسول هللا؟» ،قالت :نعم ،قال« :أتوقنين
بالبعث بعد الموت؟» ،قالت :نعم ،فقال رسول هللا صلَّى هللا عليه وسلَّم:
«).أعتقها»)(30
.فهذه الرواية هي التي توافق األصول ،فقد أقرَّ ت باإليمان
ثم ُن َن ِّب ُه هنا أنَّ الكال َم في بيان أنَّ الحديث إ َّنما يكون مضطربا ً إذا تساوت الروايات
أحفظ ،فينتفي االضطراب ،وي َ
ُؤخذ َ صِ حَّ ًة ولم ُت َرجَّ ح إحداها ،أمَّا إذا كان أح ُد الرواة
ك الرواي ُة األضعفُ تر ُ.بالرواية األصحِّ ،و ُت َ
قال اإلمام النوويُّ في «التقريب»( :المضطرب هو الذي يروى على أوجه مختلفة
متقاربة ،فإن رجحت إحدى الروايتين بحفظ رُواتها ،أو كثر ِة صحبته المروي عنه،
ضعف
َ غير ذلك؛ فالحكم للراجحة ،وال يكون مضطرباً ،واالضطراب يُوجب أو ِ
الحديث؛ إلشعاره بعدم الضبط ،ويقع في اإلسناد تارة ،وفي المتن أخرى ،وفيهما،
راو ،أو جماعة)(31 ).مِن ٍ
فال ريب أنَّ رواية اإلمام عبد الرزاق الصنعانيِّ عن عطاء أص ُّح من رواية اإلمام
مسلم سنداً ومتناً ،ف ُت َق َّدم عليها ،و ُتترك رواية مسلم ،و َمن أبى الترجي َح فقد أبقى
.االضطراب ال محالة
َ
مرسلة لعدم ذِكر الصحابي؟ ٌ قلت :رواية عطا ٍء فإن َ
فالجواب :أنَّ عطا ًء رواه عن صاحب الجارية نفسِ هِ ،وقد لَ ِق َي ُه كما في رواية الحافظِ
.الم ِِّزيِّ ،حيث قال( :حدثني صاحبُ الجاري ِة نف ُسهُ) ،فال تغفل
فق على صِ حَّ تها()32؛ فإنَّ الرجل ٌ
ثابتة م َّت ٌ وال يهول َّنك زعْ ُم األلبانيِّ أنَّ رواية مسلم
والتدليس والتناقض ،خصوصا ً عندما يريد ِ علم معروفٌ عند أهل العلم بالكذب دَعِ يُّ ٍ
ودفع كالم الغير ،وبيانُ ذلك أن نقول َ :تأيي َد مشربه،
والحافظ ابنُ عبد البَّر يقول في كتابه ُ فق على صِ حَّ تها، كيف ُي َّدعى أنَّ رواية مسلم م َّت ٌ
ٌ
حديث واح ٌد عن النبيِّ صلَّى هللا عليه وسلَّم «االستيعاب»( :معاوية بن الحكم له ِ
).حسنٌ في الكهانة ...وفي عتق الجارية)(33
ويقول الحافظ ال َفسويُّ في كتابه «المعرفة والتاريخ» عند الكالم عن هالل بن أبي
ثقة َح َسنُ الحديث، حديث الجارية( :هال ٌل ٌ َ ميمون َة الذي يروي في مسلم عن عطا ٍء
أحاديث حِساناً)(34
َ بن يسار ).يروي عن عطاء ِ
ُسن الذي هو الوصف ،وليس الحك َم .فإن ا َّدعى ُم َّد ٍع أنَّ المراد بقوله( :حِساناً) الح َ
حديثهُ(،)35 ُ فالجواب :أنَّ هالل بن أبي ميمون َة قد قال فيه أبو حاتم الرازيُّ :يُكتب
وهو شي ٌخ( ،)36وقال فيه النسائي :ليس به بأس( ،)37وهذا مِن أدنى ألفاظ التعديل؛
فحديث ُه يكون حسنا ً ال صحيحا ً ُ .و َمن كان هذا حاله
ِين على تصحيحه؟ هذا من حيث السند ،وأمَّا من فأين دعوى األلبانيِّ ا ِّت َ
فاق الم َُح ِّدث َ
البيان
َ :حيث المتنُ ؛ فإليك
َّس األلبانيُّ وغشَّ وخان إذ أسقط من كالم الحافظ البيهقي ما يخالف هواه عند قد لَب َ
حديث الجارية الحاف َظ َ ذكر حديث مسلم في «مختصر العلو» ،فزعم أنَّ ِممَّن صحَّ ح
ص ُه بحروفه ،حيث قال( :والبيهقيُّ في «األسماء» ،قال عقبه -أي: البيهقيَّ ،وهذا ن ُّ
ث الجارية ( -ص :)422وهذا صحيح قد أخرجه مسلم)(38 ).عقب حدي ِ
ُّ
الحق لكن كالم الحافظ البيهقي خالف هذا تماماً ،وإليك نصَّه بحروفه لي َّتض َح لك
ويظهر تلبيسُ هذه الطائفة ،قال الحافظ البيهقيُّ رحمه هللا تعالى( :وهذا صحيحٌ ،قد َ
أخرجه مسلم مقطعا ً من حديث األوزاعي ،وح ّجاج الصواف ،عن يحيى بن أبي
كثير ،دون قصة الجارية ،وأظ ُّنه -مُسلِما ً -إ َّنما تركها من الحديث الختالف الرواة
في لفظه ،وقد ذكرت في كتاب الظهار من «السنن» مخالفة من خالف معاوية بن
)الحكم في لفظ الحديث
من كتاب رفع الغاشية
للشيخ العالمة
نضال إبراهيم آله رشي
الهوامش :
---------------------------------------------
( )1أخرجه الخالل في السنة 993 - 991
( )2يريد حديث الجارية
( )3المبسوط 4 / 7باب العتق في الظهار
( )4رواه اإلمام أحمد في مواضع من " مسنده " منها 465/29 :برقم 7945و
أخرجه النسائي في السنن الكبرى 163/6
و أبو داود في سننه ص 477برقم 3283و ابن حبان 418/1كتاب األيمان و
النذور برقم . 189
( )5سنن الدارمي كتاب النذور و األيمان باب (إذا كان على الرجل رقبة مؤمنة)
ص 325برقم . 2384
( )6صحيح أبي داود 322/2الرقم . 3283
( )7رواه اإلمام مسلم في صحيحه 20/5بشرح اإلمام النووي كتاب الصالة باب
تحريم الكالم في الصالة برقم . 537
( )8معجم الصحابة 73/3برقم 1027ترجمة الصحابي معاوية بن الحكم .
( )9سير أعالم النبالء . 256/15
( )10تاريخ بغداد 88/11و انظر لسان الميزان 50/5برقم 4538ترجمة عبد
الباقي بن قانع أبي الحسين الحافظ .
( )11تاريخ بغداد 281/1و ذكره اإلمام ابن الجزري في غاية النهاية في طبقات
القراء و قال عنه :القاضي مقري ثقة مشهور و نقل توثيقه عن الخطيب البغدادي و
غيره .
( )12موطأ مالك كتاب العتق و الوالء باب ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة
ص . 555
( )13التمهيد . 76/22
( )14ذكر ذلك اإلمام الزرقاني في شرحه على الموطأ 107/4كتاب العتق و
الوالء باب ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة رقم . 1550
( )15الرسالة لإلمام الشافعي ص 76رقم . 243
( )16رواه اإلمام مسلم في صحيحه 126/11بشرح النووي كتاب األيمان باب
صحبة المماليك رقم . 1657
( )17مصنف عبد الرزاق 175/9رقم 16815باب ما يجوز من الرقاب .
( )18مصنف عبد الرزاق 176/9رقم 16816باب ما يجوز من الرقاب .
( )19تحفة األشراف 216/10رقم . 11378
( )20العلو للعلي الغفار ص 120رقم 5و إذا أمعنت النظر تجد أن حديث مسلم
و مالك و عبد الرزاق و المزي واحد و تكون الجارية خرساء لكن الرواة ذكروا
القول بدل اإلشارة و هذا مستعمل في اللغة كما سيأتي .
( )21مختصر العلو ص 82في أثناء رده على اإلمام الزاهد الكوثري .
( )22بيان نكث الناكث ص . 52
( )23إرواء الغليل 338/5برقم . 1507
( )24من تكلم فيه و قد وُ ثق ص . 65
( )25يقول اإلمام ابن التركماني في كتابه الجوهر النقي : 112/6استشهد به -أي
سعيد بن زيد -البخاري و مسلم .
و وثقه الحافظ الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد 482/1برقم 996فكيف يُلتفت بعد
ذلك إلى دعوى تضعيف األلباني له هذا مع تناقضه فيه ؟!!
( )26الموقظة في علم مصطلح الحديث ص . 80
( )27معرفة الثقات 399/1رقم 590و انظر تهذيب التهذيب . 32/4
( )28تهذيب التهذيب . 32/4
( )29الكامل في الضعفاء 425/4رقم 406و به يتبين لك مدى صحة ما ذكره
األلباني في مختصر العلو ص 82حيث قال :
ما جاء في روايته -أي سعيد بن زيد -من ذكر اليد و االستفهام هو مما تفرد به
دون كل من روى هذا الحديث من الرواة الحفاظ و من دونهم فتفرده بذلك يعده أهل
العلم بالحديث منكرا بال ريب ؟! و ما ندري من هم أهل العلم الذين عناهم ؟!!
( )30موطأ مالك كتاب العتق و الوالء باب ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة
ص . 555
( )31التقريب مع شرحه تدريب الراوي . 220/1
( )32و ذلك في كتابه مختصر العلو ص 82عند الكالم على حديث سعيد بن زيد :
" فمد النبي صلى هللا عليه و سلم يده إليها و أشار مستفهما :من في السماء ؟ "
حيث تعرض لإلمام الكبير المحدث الزاهد الكوثري بالذم و اتهمه بمحاولة التشكيك
و قد بينا صحة ما ذهب إليه الكوثري من تحسين الحديث و بطالن ما ادعاه هذا
اللصيق و تناقضه في الحكم على سند الحديث و هنا نتابع الرد عليه فيما بقي من
تخبطاته و تدليساته المكشوفة التي أودعها ص 82من مختصره .
( )33االستيعاب في معرفة االصحاب . 1414/3
( )34المعرفة و التاريخ . 270/2
( )35يقول الذهبي في سيره : 360/6قد علمت باالستقراء التام أن أبا حاتم
الرازي إذا قال في رجل :يكتب حديثه أنه عنده ليس بحجة .
( )36انظر الجرح و التعديل البن أبي حاتم 76/9رقم 300وقول أبي حاتم :
شيخ يراد بالشيخ الضعيف كما في الجرح و التعديل 109/6و عند الذهبي قولهم
شيخ ليس بجرح و ال تعديل و قول ثالث :أنه من أدنى ألفاظ التعديل .
( )37انظر تهذيب الكمال 344/30رقم . 6626
( )38مختصر العلو ص . 82