Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 4

‫الزيادة على الواجب ‪١٥ :‬‬

‫– اختلف الفقهاء فيمن وجبت عليه عبادة فأتى بالواجب وزاد عليه‪ ،‬هل يقع الكل واجبا أم لا؟‬

‫قال الحنفية – على ما جاء فى الأشباه والنظائر لابن نجيم – ‪ :‬إذا أتى بالواجب وزاد عليه هل يقع الكل‬
‫واجبا أم لا؟ قال أصحابنا رحمهم الله تعالى‪ :‬لو قرأ القرآن كله في الصلاة وقع فرضا‪ ،‬ولو أطال الركوع‬
‫والسجود فيها واقع فرضا‪.‬‬

‫واختلفوا فيما إذا مسح جميع رأسه‪ ،‬فقيل‪ :‬يقع الكل فرضا‪ ،‬والمعتمد وقوع الربع فرضا والباقي سنة‪،‬‬
‫واختلفوا في تكرار الغسل‪ ،‬فقيل يقع الكل فرضا‪ ،‬والمعتمد أن الأولى فرض‪ ،‬والثانية مع الثالثة سنة‬
‫مؤكدة‪ ،‬قال ابن نجيم ‪ :‬ولم أر الآن ما إذا أخرج بعيرا عن خمسة من الإبل‪ ،‬هل يقع فرضا أو خمسه؟‬
‫وأما إذا نذر ذبح شاة فذبح بدنة‪ ،‬ولعل فائدته في النية ‪ ،‬هل ينوي في الكل الوجوب أولا؟ وفي الثواب‬
‫هل يثاب على الكل ثواب الواجب أو ثواب النفل فيما زاد؟‬

‫وفى مسألة الزكاة ‪ :‬لو استحق الاسترداد من العامل‪ ،‬هل يرجع بقدر الواجب أو الكل؟‬

‫قال ابن نجيم‪ :‬ثم رأيتهم قالوا في الأضحية كما ذكره ابن وهبان معزيا إلى الخلاصة ‪ . :‬الغني إذا ضحى‬
‫بشاتين وقعت واحدة منهما فرضا والأخرى تطوعا وقيل ‪ :‬الأخرى لحما‪.‬‬

‫وقال ابن نجيم‪ :‬ولم أر حكم ما إذا وقف بعرفات أزيد من القدر الواجب‪ ،‬أو زاد على حالهما في نفقة‬
‫الزوجة‪ ،‬أو كشف عورته في الخلاء زائدا على القدر المحتاج إليه‪ ،‬هل يأثم على الجميع أو لا؟''‪.‬‬

‫وقال الكاساني في بيان ما يفارق التطوع الفرض في الصلاة ‪ :‬إن التطوع غير موقت ‪ .‬بوقت خاص ‪،‬‬
‫ولا مقدر بمقدار مخصوص ‪ ،‬فيجوز في أي وقتي كان على أي مقدار كان‪ ،‬إلا أنه يكره في بعض‬
‫الأوقات‪ ،‬وعلى بعض المقادير‪ ،‬والفرض مقدر بمقدار خاص‪ ،‬مؤقت بأوقات مخصوصة ‪ ،‬فلا تجوز‬
‫الزيادة على قدره''‪.‬‬

‫وجاء في المبسوط في زيادة ما دون الركعة قبل إكمال الفريضة‪ :‬إن زيادة ما دون الركعة قبل إكمال‬
‫الفريضة لا يكون مفسدا للصلاة بخلاف زيادة الركعة الكاملة‪ ،‬وإنما تتقيد الركعة بالسجدة ‪ ،‬وفي‬
‫رواية عن محمد زيادة السجادة الواحدة قبل إكمال الفريضة يفسدها"‪.‬‬
‫وجاء فيه أيضا ً في باب رمي الجمار‪ :‬إن رماها بأكثر من سبع حصيات لم تضره تلك الزيادة‪ ،‬لأنه أتى‬
‫بما هو الواجب عليه‪ ،‬فلا يضره الزيادة عليه بعد ذلك‪.".‬‬

‫وجاء فيه أيضا في باب المهور‪ :‬لو تزوجها على مهر مسمى ثم زاد فيه جازت الزيادة إن دخل بها أو‬
‫مات عنها إلا على قول زفر رحمه الله تعالى‪ ،‬أصله‪ :‬الزيادة في الثمن بعد العقد ‪ ،‬وهي مسألة البيوع ‪،‬‬
‫ودليلنا لجواز الزيادة هنا قوله تعالى‪ ﴿ :‬ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة» معناه من‬
‫فريضة بعد الفريضة‪ ،‬ولو طلقها قبل الدخول بها بطلت الزيادة إلا في قول أبي يوسف الأول''‪.‬‬

‫ويختلف حكم الزيادة على الواجب عند المالكية ‪.‬‬

‫والذي يؤخذ من الأمثلة الواردة عندهم أن الذي أوجبه الشرع وحدد مقداره فإن الزيادة عليه تكون‬
‫مكروهة‪ ،‬ومن أمثلة ذلك عندهم ‪:‬‬

‫أ– من فرائض الوضوء مسح الرأس‪ ،‬فإن غسله أجزأ‪ ،‬لاشتماله على المسح وزيادة‪ ،‬ولكنه مكروه"‪.‬‬

‫ب – في زكاة الفطر‪ :‬الواجب صاع ‪ ،‬والزيادة على الصاع مكروهة‪ ،‬لأن الصاع تحديد من الشارع‪،‬‬
‫فالزيادة عليه بدعة م (‪ )٣‬مكروهة " ‪.‬‬

‫ج – في زكاة الإبل ‪ :‬الواجب في كل خمس من الإبل شاة ‪ ،‬فإن أخرج بعيرا عن الشاة أجزأ – وهو‬
‫الأصح عند ابن عبد السلام إن استوت قيمتها‪ -‬وقال الباجي وابن العربي ‪ :‬لا يجزىء إخراج البعير‬
‫عوضا عن الشاة"‪.‬‬

‫د – في صلاة الجنازة ‪ :‬الفرض أربع تكبيرات فلو زاد الإمام على أربع تكبيرات بطلت‪ ،‬وعلى‬
‫المأمومين أن يسلموا عقب التكبيرة الرابعة‪ ،‬وقال أشهب‪ :‬ينتظرون الإمام ليسلموا عقبه"‪.‬‬

‫هـ – الطمأنينة فرض في الركوع والسجود والرفع منهما في الصلاة‪ ،‬واختلف في حكم الزائد على أقل‬
‫ما يقع عليه اسم الطمأنينة‪ :‬فقيل ‪ :‬فرض موسع ‪ ،‬وقيل ‪ :‬نافلة‪ ،‬وهو الأحسن"‪.‬‬

‫هذا بالنسبة لما أوجبه الشارع‪ ،‬أما ما أوجبه الإنسان على نفسه بالنذر فقد وضع المالكية لذلك قاعدة‬
‫وهي ‪ :‬أنه لا يجزى فعل الأعلى عن فعل الأدنى إذا نذره‪ ،‬فمن نذر أن يتصدق برغيف لا يجزئه أن‬
‫يتصدق بثوب وإن كان أعظم منه وقعا عند الله تعالى وعند المسلمين‪ ،‬ومن نذر أن يصوم يوما لم يجزه‬
‫أن يصليه بدلا من الصوم وإن كانت الصلاة أفضل في نظر الشرع‪ ،‬ومن نذر أن يحج لم يجزه بأن‬
‫يتصدق بآلاف من الدنانير على الأولياء والضعفاء‪ ،‬ولا أن يصلي السنين‪ ،‬مع أن الصلاة أفضل من‬
‫الحج‪ ،‬ونظائر ذلك كثيرة''‪.‬‬

‫قال صاحب تهذيب الفروق ‪ :‬وإنما لم يجز فعل الأعلى عن فعل الأدنى – وإن كان الأعلى أعظم قدرا‬
‫– لأن في ترك الأدنى المنذور مخالفة للنذر‪ ،‬وإذا خولف المنذور حصل ارتكاب الممنوع‪ ،‬وهو عدم‬
‫الوفاء لله تعالى بما التزم لوجهه"‪.‬‬

‫قال القرافي‪ :‬وإذا تقررت هذه القاعدة كيف صح في هذا الباب أن من نذر أن يصلي بالبيت المقدس‬
‫فإنه يصلي بالمسجد النبوي بالمدينة أو بالمسجد الحرام بمكة إذا كان مقيما بهما ولا يأتي بيت المقدس‪،‬‬
‫وغايته أنه ترك المفضول لفعل الفاضل والقاعدة منع ذلك‪ ،‬فكيف ساغ ذلك هنا؟‬

‫قال القرافي‪ :‬ظاهر كلام الأصحاب أنه يصلي بالحرمين إذا كان مقيما بهما حالة النذر‪ ،‬لأنه حينئذ نذر‬
‫الخروج وترك الصلاة في الحرمين حتى يصليها ببيت المقدس ‪ ،‬فقد نذر المرجوح‪ ،‬والنذر لا يؤثر في‬
‫المرجوح بل في المندوب الراجح‪ ،‬أما لو كان بغير المواضع الثلاثة من أقطار الدنيا ونذر المشي إلى بيت‬
‫المقدس ينبغي أن يتعين عليه‪.‬‬

‫وقد ذكر القرافي وجها آخر‬

‫فقال‪ :‬أو يقال‪ :‬الصلاة من حيث هى صلاة حقيقة واحدة ‪ ،‬فالعدول فيها عن الصفة الدنيا إلى الصفة‬
‫العليا لا يقدح في موجب النذر‪ ،‬ألا ترى أنه لو نذر أن يتصدق بثوب خلق أو غليظ أو غير ذلك من‬
‫الصفات التي لا تتضمن مصلحة بل هي مرجوحة في الثياب ‪ ،‬فتصدق بثوب جديد أو غير ذلك من‬
‫الثياب الموصوفة بالصفات الجيدة ‪ ،‬فإنه يجزئه ‪ . . .‬فإن النذر لما ورد على الثوب الخلق ورد على‬
‫شيئين ‪ :‬أحدهما‪ :‬أصل الثوب‪ ،‬والآخر صفته‪ ،‬فأما التصدق في أصل الثوب فقربة فتجب‪ ،‬وأما‬
‫التصدق بوصف الخلق فليس فيه ندب شرعي فلا يؤثر فيه النذر‪ ،‬فيجزى ضده فكذلك هاهنا‪ .‬لأنه لما‬
‫نذر الصلاة ببيت المقدس فقد نذر الصلاة موصوفة بخمسمائة صلاة كما ورد في الحديث ‪ ،‬وهذه‬
‫الخمسمائة هي بعينها في الحرمين مع زيادة خمسمائة أخرى للحديث"‪ ،‬فكل ما هو مطلوب للشرع في بيت‬
‫المقدس هو موجود في الحرمين من أصل الصلاة وزيادة أجرها‪ ،‬ولم يفترقا إلا في زيادة خمسمائة‬
‫أخرى تحصل له في الحرمين‪ ،‬وترك هذه الزيادة ليست مقصودة للشارع ‪ ،‬فلا جرم لم يتعلق بها نذر‪،‬‬
‫ويكون وزان ذلك من نذر أن يتصدق بثوب فتصدق بثوبين فإنه يجزئه إجماعا‪ ،‬ولا يكون وزانه من‬
‫نذر أن يصوم فصلى لأن خصوص الصوم من حيث هو صوم مطلوب لصاحب الشرع ‪ ،‬ولم يحصل‬
‫هذا الخصوص فى الصلاة كما حصل خصوصا الخمسمائة في الألف من غير خلل ألبتة"؟‪.‬‬

‫ونص الشافعية على أن الواجب إذا قدر بشيء فعدل إلى ما فوقه فهل يجزىء؟ فقالوا ‪ :‬إنه إن كان مما‬
‫يجمعهما نوع واحد أجزأ وإلا فلا ‪ ،‬أقسامه أ بعة ‪:‬‬

‫أحدها‪ :‬ما يجزىء قطعا كما لو وجبت شاة في خمس من الإبل فدفع بعيرا ً مع أن واجبها شاة‪ ،‬وإذا‬
‫ذبح المتمتع بدنة أو بقرة بدل الشاة‪ ،‬وإذا مسح المتوضىء جميع الرأس‪ ،‬وإذا أطال السجود والركوع‬
‫زيادة على القدر الواجب ونحو ذلك‬

‫وإنما اختلفوا هل يقع الزائد كله فرضا أم يقع الزائد نفلا على وجهين ‪ :‬فصحح بعض المتأخرين أن ما‬
‫لا يمكن فيه التمييز كبعير الزكاة أن الكل يقع فرضا‪ .‬وما أمكن التمييز فيه كمسح الرأس ونحوه يقع‬
‫البعض فرضا والزائد على القدر الواجب نفلا''‪.‬‬

‫ومنه ‪ :‬قيام المسجد الحرام مقام مسجد المدينة والأقصى عند نذرهما للاعتكاف‪ ،‬لأنه أفضل منهما ولا‬
‫عكس لأنهما مفضولان بالنسبة إليه ‪.‬‬

‫وقيام مسجد المدينة مقام الأقصى‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬ما ي إذا وجب في الفطرة قوت نفسه أو قوت البلد فعدل إلى أعلى منه أجزأ في الأصح لأنه‬
‫زاد ‪. )٢( .‬‬

You might also like