Professional Documents
Culture Documents
الفرق بين المحضر و التقرير
الفرق بين المحضر و التقرير
الشك أن أول ما يستحضره كل متعامل مع القضاء ،تلك الوثيقة التي تتمخض عن مرحلة ما
قبل المحاكمة ،والتي يحررها ضباط الشرطة القضائية بمناسبة قيامهم بعملهم المتجلي في
التثبت من وقوع الجريمة وجمع األدلة حولها ،وإلقاء القبض أو إيقاف كل شخص له عالقة
بالفعل الجرمي .هنا تتجلى األهمية الحيوية التي تحظى بها هذه الوثيقة ،ليس فقط كوسيلة
إثبات وإنما كآلية سخر إلنجازها سلطات واسعة بيد ضباط الشرطة القضائية .وللتأكيد فقط،
أقول أن ضباط الشرطة القضائية كما عرفتهم المسطرة الجنائية في المادة 19يدخلون إما
كضباط سامين للشرطة القضائية أو ضباط الشرطة القضائية بما فيهم جنود الدرك أو
كأعوان في هذه الشرطة وكموظفين وأعوان مكلفين ببعض مهام الشرطة القضائية بمقتضى
نصوص خاصة.
إذن في هذه المرحلة ،يظهر الدور الخطير الذي يلعبه ضباط الشرطة القضائية ،فبناء على
تلك المحاضر التي توضح ظروف ومالبسات الجريمة قد تحجم النيابة العامة عن المتابعة
وتأمر بحفظ الملف ،أو تقدم على المتابعة وتحيل الملف على المحكمة المختصة أو على
قاضي التحقيق .كما أن هذا األخير كثيرا ما يستند في قراراته إلى ما تحتويه هذه المحاضر
من معلومات نظرا لما لها من حجية في اإلثبات.
إذن ،ماهو المحضر وماهي شروط وشكليات انجاز المحاضر
ال أحد ينكر االهتمام الواسع والكبير الذي حظيت وتحظى به محاضر الضابطة القضائية،
من جميع الفعاليات التي تعمل سواء في الحقل القانوني أو القضائي ،وذلك لمساس هذه
المحاضر بحقوق األفراد وحرياتهم .وهذا ما حدا بالمشرع في قانون المسطرة الجنائية الجديد
إلى تحديد ماهية المحضر وتنظيم شكله القانوني وشروط صحته ،كل ذلك لتتوفر له الحجية
القانونية المفترضة فيه.
تعريف المحضر
لعل من المستجدات التي جاء بها قانون المسطرة الجنائية ،تعريف المحضر وتدقيقات أخرى
مهمة .حيث نجد المادة 24من ق .م.ج .تعرفه وبشكل مطول حيث تنص على أن« :المحضر
هو الوثيقة المكتوبة التي يحررها ضابط الشرطة القضائية أثناء ممارسة مهامه ويضمنها ما
عاينه وما تلقاه من تصريحات أو ما قام به من عمليات ترجع الختصاصه »...وعليه
فالمحضر le procès verbal هو تلك الوثيقة الرسمية المكتوبة التي يحررها ضابط
الشرطة القضائية ،إلثبات التحريات التي قام بها خالل البحث التمهيدي بمعناه الواسع أو في
حالة التلبس أو تنفيذا إلنابة قضائية .فهو إذن اإلطار القانوني الذي يعكس كل العمليات التي
يباشرها ضابط الشرطة القضائية.
وبذلك فالوثائق التي يحررها أعوان الشرطة ،ال تسمى محاضرا وإنما تقارير ،وإن كانت
بعض النصوص الخاصة تسمي الوثائق التي يحررها ضباط الشرطة القضائية تقريرا وليس
محضرا كالمادة 65من ظهير 10أكتوبر 1917المتعلق بقانون الغابات.
إال أنه تجب اإلشارة ،إلى أن المحضر يختلف عن التقرير le rapport في عدة نقط نجملها
في:
-/01أن التقرير الذي هو وسيلة إخبار ال غير يرفعها الموظف عادة إلى رئيسه ليشعره
بمعلومات حول نازلة معينة ،ويمكن أن يحرر من طرف ضابط الشرطة القضائية أو غيره،
بعكس المحضر الذي ال يمكن أن يحرره إال من له صفة ضابط الشرطة القضائية ،ثم قد
-/02يكون التقرير شفويا في حين أن المحضر دائما مكتوب .كما أن مجال المحضر محدود
بما يفيد إثبات الجريمة ويقتصر على المشاهدة والتسجيل ،عكس مجال التقرير الذي هو
أوسع بحيث يستقطب كل ما يمكن أن يتقصاه محرره من معلومات حول الجريمة ويكتسي
طابعا شخصيا يظهر فيه رأي كاتبه.
وعلى العموم ،فإن التقرير وسيلة داخلية لإلخبار ،في حين أن المحضر وسيلة إثبات رسمية.
وقد أوجب المشرع في المحضر احترام شروط متعددة لكي يأتي سليما وخصه بالحجية
بحسب الحاالت وهذا غير وارد بالنسبة للتقرير.
أنواع المحاضر
يمكن تقسيم المحاضر إلى تصنيفات ثالثة :من حيث صفة محرريها أو نوع الجرائم التي
تتضمنها أو من حيث قوتها الثبوتية.
أ) من حيث صفة محرريها تنقسم إلى :
-محاضر ينجزها ضباط الشرطة القضائية في الحالة العادية المرتبطة بالبحث التمهيدي
المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية.
-محاضر يحررها أعوان الشرطة القضائية أو الموظفون واألعوان المنصوص عليهم في
قوانين خاصة مثال :مخالفات لقانون الصيد والقنص .مخالفات لقانون السير والجوالن.
مخالفات متعلقة بالغش في البضائع.
-محاضر ينجزها موظفون وأعوان مكلفون ببعض مهام الشرطة القضائية مثال :مهندسو أو
مأمورو المياه والغابات .المادة 26من قانون المسطرة الجنائية.
ب) من حيث الجرائم التي تتضمنها نجد :محاضر جنايات ،.محاضر الجنح الضبطية
والتأديبية .ومحاضر المخالفات.
ج) من حيث قوتها الثبوتية تنقسم إلى:
-محاضر يوثق بمضمنها إلى أن يثبت ما يخالفها ،محاضر ال يطعن فيها إال بادعاء الزور،
محاضر ال تعتبر إال مجرد بيانات.
باستقراء لمختلف نصوص المسطرة الجنائية يتضح جليا أن المشرع حدد شروطا وشكليات
يجب على محرر المحضر االلتزام بها حتى يكون المحضر صحيحا .ويمكن إجمال هذه
الشروط في ثالث نقط :التقيد باالختصاص القانوني من طرف محرره ،احترام شكله
القانوني ،االلتزام بالوصف الموضوعيˆ وفورية اإلنجاز
التقيد باالختصاص القانوني يستلزم بالضرورة أن يكون محرر المحضر ضابطا للشرطة
القضائية ،فهذا األخير هو وحده المؤهل لتحرير المحاضر .وقد أكد المشرع في المادة 23
من قانون المسطرة .الجنائية على ضرورة اإلشارة في المحضر إلى اتسام محرره بصفة
ضابط الشرطة القضائية وإال انتفت عنه الصفة التي تخول له القيام بذلك .ويتعين إنجاز
المحضر أثناء مزاولته لمهام الشرطة القضائية .كما أنه يقتضي أيضا مراعاة االختصاص
النوعي والمكاني لضابط الشرطة القضائية.
أول شيء يمكن الحديث عنه هو أن المحضر وثيقة مكتوبة -لذلك ال مجال للحديث عن
المحاضر الشفوية أو المسجلة بوسيلة مرئية أو صوتية .بل أكثر من ذلك نجد بعض
النصوص الخاصة تلزم تحرير المحضر وكتابته بخط اليد .واألصل أن يتم تحرير المحضر
باللغة العربية ألنها لغة المرافعات أمام المحاكم وهي اللغة الرسمية للبالد.
ويجب تضمين المحضر البيانات التالية كما حددتها المادة 24من ق.م.ج:
-اسم محرر المحضر وصفته ومكان عمل محرر المحضر وتاريخ وساعة إنجازه.
وإذا تعلق األمر بمحضر االستماع إلى شخص سواء كان متهما أو مشتبها فيه أو شاهدا أو
ضحية أو مجرد مصرح فيجب إدراج البيانات التالية:
-ضرورة إدراج هوية الشخص المستمع إليه بالمحضر ورقم بطاقة تعريفه عند االقتضاء،
وتدون بمحضر االستماع التصريحات التي يدلي بها المصرح واألجوبة التي يرد بها على
أسئلة ض.ش.ق .وليس ضروريا تدوين األسئلة نفسها.
-وينبغي إشعار المشتبه فيه باألفعال المنسوبة إليه .
-ويقرأ المصرح تصريحاته بنفسه أو تتم قراءتها عليه ويشار إلى ذلك بالمحضر .وإذا تم
إدخال تغييرات أو إضافات أو مالحظات على أقواله تدون أيضا بالمحضر أ ويشار إلى عدم
وجودها .كقوله مثال« :بعد أن تال تصريحاته بنفسه أو تليت عليه تمسك بها ولم يبد أي
مالحظة بشأنها».
-وفي األخير يوقع المصرح إلى جانب ض.ش.ق .على المحضر وعلى اإلضافات ويدون
اسمه بخط يده إلى جانب التوقيع وإذا كان ال يحسن الكتابة التوقيع يضع بصمته ويشار في
المحضر إلى ذلك.
وفي حالة رفضه التوقيع أو اإلبصام أو عجز عن ذلك فيشار إلى ذلك.
-وفي حالة تحرير محضر االستماع إلى شخص وضع تحت الحراسة النظرية فيجب تضمينه
يوم وساعة ضبطه ويوم وساعة إطالق سراحه أو تقديمه إلى القاضي المختص .كما تقضي
بذلك المادة من 67ق.م.ج.
إضافة إلى كل ما سبق يجب أن يتضمن المحضر البيانات التالية:
-تحديد طبيعة المحضر هل محضر تفتيش أو استجواب أو معاينة.
-تحديد اإلجراء القانوني المنجز خالله المحضر ،هل بحث تمهيدي أم إنابة قضائية أم
تلبس.
-في حالة اإلنابة يذكر اسم القاضي المكلف بالتحقيق.
وإذا لم يحترم المحضر هاته الشروط أو بعضها فإنه يفقد قوته الثبوتية ويصبح مجرد
معلومات غير ملزمة للقاضي .المادة 291من ق.م.ج.
وقد صرح في المادة 289من ق.م.ج .بأنه «ال يعتد بالمحاضر والتقارير التي يحررها
ضباط وأعوان الشرطة .القضائية إال إذا كانت صحيحة في الشكل وضمن فيها محررها
وهو يمارس مهام وظيفته ،ما عاينه وتلقاه شخصيا في مجال اختصاصه
االلتزام بالوصف الموضوعي وفورية االنجاز.
يتجلى االلتزام بالوصف الموضوعيˆ في ضرورة تضمين المحضر ما عاينه الضابط بنفسه
أو ما تلقاه من تصريحات وكذلك العمليات التي قام بها أثناء مزاولته لمهامه دون إبداء وجهة
نظره ،بحيث يكتفي باستعراض الوقائع دون تكييفها قانونيا ألن هذا ليس من اختصاصه .بل
من اختصاص القضاء،
المحضر
وثيقة معنوية يحررها ضابط الشرطة القضائية أثناء ممارسة مهامه
توجه إلى سلطة قضائية.
ال يمكن إنجازها إال من طرف ض ش ق
يضمنها ما عاينه أو ما تلقاه من تصريحات أو ما قام به من عمليات في إطار
اختصاصه دون إبداء رايه.
يخضع لشروط من ناحية الشكل والمضمون̂.