Professional Documents
Culture Documents
قصة المقابر المتحركة
قصة المقابر المتحركة
لطالما كانت المدافن والمقابر أماكن مخيفة و تثير الرعب في النفس و القشعريرة في البدن ,مهما كانت نظيفة و مهما كان حجم
العناية المبذولة فيها إال أنها تبقى في عين الناظر بصورتها األصلية المخيفة و المريعة و تحمل بين زواياها هوا ًء يقبض األنفاس .إنها
تذكرنا بأننا فانين ال محالة و أننا سننتهي يوم ما في إحداها بغض النظر عن أي مميزات نمتلكها .ومما يزيد هولها أنها تعرف دائما ً
سوا ًء عن طريق الحقائق المكتوبة و المروية أو عن طريق األساطير و الخيال بأنها موطن الظواهر غير الطبيعية و الخوارق و غني
عن القول أنها تعتبر مساكن األشباح المفضلة .
مدفن تشيس
يقع المدفن على التل المطل على البحر الكاريبي حيث تنتصب كنيسة أبرشية المسيح .وهي مثل الكثير من الكنائس في جميع
أنحاء العالم تستكمل بناءها بمقبرة هادئة ينتهي إليها الكثير من سكان الجزيرة في نهاية المطاف لقضاء راحتهم األبدية /.لكن
في هذا المدفن من بين كل مدافن المقبرة ،كان الموتى أبعد ما يكونون عن الراحة .
ٌ
درجات حجرية. شيد المدفن ألول مرة من قبل فخامة جيمس اليوت .كان بنا ًء مهيبا ً غائراً إلى منتصفه في األرض تمتد منه
بُني من الكتل المرجانية المتراصة التي تشكل جزءاً كبيراً من المؤسسات القائمة في الجزيرة وترتكز جدرانه الخراسانية
على قوائم سميكة .و مدخله مختوم ببالطة رخامية زرقاء اللون و هائلة الحجم تتطلب إلزاحتها من اجل الدخول للمدفن
العديد /من الرجال األشداء .و يعتبر هذا المدفن أحد معالم جزيرة باربادوس و مركزاً ألحد أسرارها التي تقشعر لها األبدان
األكفان المتحركة
كان المدفن قد تقادم حينما توفيت اليزابيث اليوت زوجة جيمس اليوت في مايو عام 1792و دفنت في هذا المدفن ,و لم يكن
قد دفن فيه أح ٌد قبلها ,و قد تآكل بفعل الوقت و الهواء البحري المالح .ثم فتح مجدداً لدفن توماسينا جودارد و ذلك عام
,1807و لما أزاح زوجها توماس جودارد بمعونة عدد من الرجال البالطة الرخامية لفتح البوابة ,أصيب حاملو النعش
بالحيرة حينما لم يجدوا كفن السيدة اليوت ألنه اختفى مع جثته بال أثر مع أنهم يعلمون انه لم يتم نقله من قبل أي شخص .
بعد هذه الحادثة بفترة قصيرة تقارب السنة ,اشترت عائلة تشيس الغنية المدفن ,لكن المشتري الجديد /الكولونيل توماس
تشيس رفض إخراج كفن السيدة جودارد و نقله إلى مدفن آخر ألنه لم يرى داعيا ً إلقالق راحتها في مرقدها األخير و فضل
إبقاءها في مكانها طالما أنه كان النعش الوحيد حيث لم يدفن غيرها خالل تلك السنة .
كانت عائلةً تشيس سيئة السمعة و مكروهةً في محيطها بسبب سلوك أفرادها غريب األطوار و معاملتها اآلثمة لعبيدها .و
لم يطل الوقت حتى توفيت الطفلة ماري آن تشيس عن عمر عامين في فبراير عام ,1808لتصبح أول عضو يتم دفنه في
ذلك المدفن من أسرة تشيس .لم يكن في المدفن غير نعش السيدة جودارد ,و وضع نعش الصغيرة ماري المصنوع من
الرصاص بقربه ثم ُأعيدت البالطة الرخامية مكانها واقفل الباب على ماري الصغيرة في مثواها األخير.
كان لماري أخت تكبرها بكثير تدعى دوركاس ,أذاقها والدها الكولونيل تشيس أصناف العذاب هي األخرى و قد عرف عنه
أنه رج ٌل سادي وقاسي في معاملة عائلته وعبيده .لم تعد دوركاس قادرة على العيش في ظل هذه المعاملة السيئة من والدها
فجوعت نفسها حتى الموت .ولحقت بأختها آن ماري بعد أربعة أعوام فقط و كان ذلك في ,1812و وضع جثمانها في كفن
ثقيالً جداً مصنوع من الرصاص و استلزم بضعه رجال لحمله إلى المدفن.
انتحر والدها توماس بعد شهر واحد من وفاتها في أواخر عام , 1812ربما إثر تعذيب ضميره فيما فعله بابنته .كان نعشه
ثقيالً و يزن 109كيلوغرامات يحمله ثمانية رجال ,وعندما ازحيت البالطة الرخامية وجدت نعوش فتاتي عائلة تشيس في
ب و فوضى .كان نعش ماري آن مدفوعا ً بجانب الجدار ,و نعش شقيقتها الكبرى مثبتا ً بشكل عامودي و مقلوبا ً حالة اضطرا ٍ
رأسا ً على عقب .ذهل حاملو النعش من هذا المشهد و اعتقدوا في البداية أن القبر قد نهب من قبل لصوص القبور ,لكن كان
ظاهراً للجميع أن النعوش ثقيلة جداً ألنها مصنوعة من الرصاص و يصعب على أيا ً كان حملها ,و لم تتعرض الجثث ألي
ضرر و لم يسرق شيء من المدفن أو من النعوش ,كما أن البالطة الرخامية الثقيلة المستخدمة لغلق المدفن لم يتم تحريكها
من مكانها و هي التي تحتاج العديد من الرجال لتحريكها .و رغم هذا الوضع المحير إال أنهم أعادوا وضع األكفان إلى
أماكنها و وضعوا بجانبها نعش توماس تشيس.
ظل المدفن مغلقا ً لمدة أربع سنوات ،و خالل هذه األعوام زعم سكان الجزيرة الفضوليون والذين كانوا يتجولون حول
المدفن من أجل الحصول على نظرة على المدفن سيئ السمعة ,زعموا سماعهم أصواتا ً غريبة وعواء ذئاب يأتي من
الداخل ,و بهذا حصل مدفن تشيس على سمعته كنذير شر بامتياز .
حتى توفي تشارلز بروستر آمس البالغ من العمر أحد عشر عاماً .و حين فُتح المدفن الرطب لوضع الكفن بداخله كانت كافة
التوابيت مبعثرة في كل مكان كأنها لُعب أطفال حتى كفن الكولونيل ثقيل الوزن ,و كما في المرات السابقة لم يكن هناك اثر
لتالعب أحدهم بمدخل المدفن .و تطلب األمر عدة رجال ضخام البنية إلعادة األكفان لوضعها السابق ,و وضع معها كفن
الطفل آمس و أعادوا إحكام غلق المدفن .
وبعد 52يوما في عام 1816توفي صامويل بروستر ,و قرروا له أن يدفن في هذا المدفن .و عندما وصلوا بالكفن إلى
المدفن تفقدوه من الخارج من أجل التحقق مما إذا كان هناك أي شيء خارج عن المألوف ,كان المدخل محكم اإلغال ً
ق و ال
وجود لتسريبات المياه ،و بدا أنه الشيء يمكن أن يدخل أو يخرج منه .لكن عند فتح المدفن اكتشفوا مرة أخرى أن التوابيت
على ما يبدو كانت في حالة فوضى عنيفة .و كذلك كان الحال عندما فتح المدفن لدفن السيدة توماسينا كالرك في عام 1819
كانت األكفان في حالة فوضى كالعادة .وكان هناك دائما ٌ
كفن واحد من هذه األكفان يبقى في مكانه و ال يتم تحريكه و هو
التابوت الخشبي للسيدة جودارد على الرغم من أنه قد تعرض ألضرار جسيمة من تابوت آخر اصطدم به لدرجة أن الهيكل
العظمي للسيدة جودارد خرج منه.
يقول ناثان لوكاس عضو مجلس نواب باربادوس الذي كان حاضراً و رأى ذلك :
شيء فيه كما هو .و كان برفقتي أحد البنائيين /و قام بضرب كل جزء
ٍ " تفحصت الجدران ،وكل جزء من المدفن ،وجدت كل
في أسفل الجدران بمطرقته ،و كانت كلها صلبة .اعترفت لنفسي في حيرة أن هذه التوابيت المصنوعة من الرصاص
تتحرك بنفسها .بالتأكيد /لم يكن للصوص يد في ذلك ،و إن كان األمر عبارة عن خدع أو العاب سحرية فإنها تتطلب الكثير
من األشياء الضرورية حتى يمكن الوثوق بها لإلبقاء على هذا السر مجهوالً.
مع هذا االكتشاف ,لم تستطع عائلة تشيس تحمل المزيد من المعاناة و نقلت أكفان العائلة إلى مقبرة أخرى غير معروفة .و
أمر الحاكم بإخراج بقية النعوش و دفنها في مقبرة الكنيسة منعزلةً عن بعضها ,و ظل مدفن تشيس فارغا ً و لم يدفن فيه أحد
حتى هذا اليوم .