Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 6

‫‪ -٦‬الجامد والمتصرف‬

‫‪ .‬الفعل –من حيث أداؤه معىن ال يتعلق بزمان ‪ ,‬أو يتعلق به – قسمان ‪ :‬جامد ومتصرف‬

‫ألنه‪ ,‬إن تعلق بزمان‪ ,‬كان ذالك داعيا إىل اختالف صوره‪ ,‬الفادة حدوثه يف زمان خمصوص‪ .‬وإن لن(‬

‫‪).‬يتعلق بزمان‪ ,‬كان هذا موجبا جلموده على صورة واحدة‬

‫الفعل الجامد‬

‫‪,‬الفعل اجلامد ‪ :‬هو اشبه احلرف من حيث أداؤه معىن‪ ,‬جمردا عن الزمان واحلث املتعربين يف العفعال‬

‫فلزم مثله طريقة واحدة يف التعبري‪ ,‬فهو اليقبل حتول من صورة اىل صورة‪ ,‬بل يلزم صورة واحدة اليزايلها‬

‫‪.‬وذلك مثل ‪( :‬ليس‪ ,‬وعسى وهب‪ 1‬ونعم وبئس)‬

‫فا الفعل اجلامد – كما علمت – اليتعلق بزمان‪ ,‬وليس مرادا به احلدث‪ .‬فخرج بذلك عن األصل يف األفعال(‬

‫من الداللة على احلدث وازمان‪ ,‬فأشبه احلرف من هذه اجلهةو فكان مثل يف مجوده ولزومه صيغة واحدة يف‬

‫التعبري‪ .‬وإذا كان جمردا عن معىن حدث والزمان مل حيتج إىل التصرف‪ ،‬ألنه معناه الخيتلف باختالف األزمنه‬

‫الداعي إىل تصريف الفعل على صورة املختلفة‪ ،‬بأداء املعاين يف ازمنتها املختلفة‪ ،‬فمعىن الرتجى املفهم من (عسى)‬

‫‪1‬‬
‫هب ‪ :‬فعل امر بمعنى احسب وافرض‪ ,‬ولم يرد ماذته بهذا المعنى إال األمر‪ ,‬فهو فعل ألمر خامد‪( .‬و أما هب المثتق من الهبة –فماضيه‬
‫*وهب* ومضارعه *يهب* فهو مشتق اى متصرف‪( .‬وكذلك *هب* ‪ -‬المشتق من الهيبة ‪ -‬فإنه فعل االمر متصرف فماضيا) هب‬
‫‪.‬ومضارعه يهاب‬
‫ومعىن الذم املفهم من (بئس) تامعىن املدح املفهم من ( نعم)و ومعىن اتعجب املفهم من (مت أشعر زيرا)‪ ,‬ال‬

‫‪.‬خيتلف بإختالف الزمان‪ .‬آلن احلدوث فيها غري مراد ليصح وقوعه يف أزمنة خمتلفة تدعو إىل تصرفه على حسبها‬

‫فشبه الفعل باحلروف مينه التصرف ولزمة اجلمودو كما أن شبه اإلسم باحلرف مينعه أن يتأثر ظاهرا‬

‫بعوامل‪ ,‬ولزم اخره طريقة واحدة ال ينفك عنها‪ ,‬إن اختلفت العوامل الداعية اىل تغري‬

‫‪2).‬االخر‪ .‬فاجلمود يف الفعل كالبناء يف اإلسم‪ ,‬كالمها مسبب عن الشبه باحلرف‬

‫وهو‪ ,‬إما أن يالزم صيغة املاضى‪ ,‬مثل ‪( :‬عسى وليس ونعم وبئس وتبارك اهلل)‪( .‬اى‬

‫تقدس وتنزه)‪ •,‬أو صيغة املضارع‪ ,‬مثل "يهيط" (مبعىن يصيح ويضج‪ 43‬أو صيغة االمر‪ ,‬مثل ‪ :‬هب وهت‬

‫‪.‬وتعال)‪ ,‬ومثل ‪( :‬هلم) يف الغة متيم‬

‫هلم – يف لغة متيم – فعل امر‪ ,‬ألنه عندهم يقبل عالمته‪ ,‬فتلحقه الضمائر‪ ,‬حنو ‪( :‬هلمي وهلما(‬

‫وهلموا وهلمني)‪ .‬أما يف لغة احلجر فهي هسم فعل امر ألهنا تكون عندهم بلفظ واحد للجميع‪ ,‬فال‬

‫تلحقها الضمائر‪ ,‬فتقول ‪( :‬هلم) بلفظ واحد للواحد والواحدة واإلثنني وإلثنتني واجلمع املذكر واملؤنث‪.‬‬

‫‪.‬وهبا نزل القران الكرمي‪ ,‬قال تعاىل ‪ ( :‬هلم شركاءكم)‬

‫‪2‬‬
‫سيأتك بحث ضاف عن شبه االسم بالحرف الموجب بناءه) في الجزء الثانى من هذا الكتاب‬
‫‪3‬‬
‫يقال ‪ #:‬ما زال منذ اليوم يهيط هيطا‪ .#‬وهو مضارع ال ماضي له‪ ,‬كما في لسان العرب = وشرح القاموس نقال عن ابن القطاع ويقال ‪ :‬ما زال في‬
‫هيط وميط (بفتح أولهما)) وفي هياط ومياط (بكسر أولهما)‪ ,‬أى‪ ,‬ضجاج وشر وجلبة‪ .‬وقيل في هياط ومياط) ‪ :‬في دنو وتباعد ‪ :‬ولهياط االقبل‪ .‬ولمياط‬
‫االدبار‪ .‬ولهائط ‪ :‬الجائي‪ ,‬والمائط ‪ :‬الذاهب‪ .‬والمهايطة والهياط‪ ,‬الصياح والجلبة‪ .‬ويقال ‪( :‬بينهما مهايطة وممايطة ومعايطة ومشايطة) اي ‪ :‬الكالم‬
‫‪.‬مختلف‬
‫‪4‬‬
‫ومن األفعال اجلامدة (قَ َّل) –بصيغة املاضي – للنفى احملض‪ ,‬فرتفع الفاعل متلوا بصفة‬

‫رجل يفعل ذلك‪ ,‬وقل رجالن يفعالن ذلك)‪ ,‬مبعىن ( ما‬


‫مطابقة له حنو ‪( :‬قَ َّل ٌ‬
‫‪.‬رجل يفعل بذلك)‬

‫ذكر ذلك اسيؤطى يف (مهع عوامع) ‪ :‬غري أن الكثري يف استعماهلا للنفي إذا كانت ملحقة مبا )‬

‫‪).‬الزائدة الكافة كما سيأيت‬

‫قال سيبويه ‪( :‬كما يف القاموس وشرحه)‪ ,‬يقال ‪ " :‬قل رجل (بضم القاف) وأقل رجل يقول‬

‫‪.‬ذلك اال زيذ‪ ,‬اى ‪ :‬ما رجل يقوله اال هو‬

‫ومما حينئذ امسان مرفوعان باإلبتداء‪ ,‬وال خرب هلما‪ ,‬ملضارعتهما خرف النفي‪ .‬واجلملة بعدمها(‬

‫‪).‬يف حمل جر للمجرور باإلضافة هلما‬

‫وإذا حلقتة (ما) الزائذة كفته عن العمل‪ ,‬فال يليه حينئذ اال فعل‪ .‬وال فاعل له‪ ,‬جلريانه جمرى حرف‬

‫النفي حنو ‪( :‬قلما فعلت هذا‪ ,‬وقلما أفعاله)‪ ,‬اي ‪ :‬ما فعلت‪ ,‬وال أفعل‪ ,‬ومنه‬

‫قوله الشاعر‪ :‬قلما يربح اللبيب‪ ,‬اىل ما يورث اجملد‪ ,‬داعيا أو جميبا أي ‪ :‬ال يزال اللبيب داعيا‪ .‬وقد‬

‫‪ :‬يليه االسم يف ضرورة• الشعر‪ ,‬كقوله‬

‫صددت‪ ,‬فأطولت الصدود‪ ,5‬وقلما وصل على طول الصدود يدوم‬

‫‪5‬‬
‫‪.‬يقال الشيء باالعالل على القياس ‪ :‬ويقال‪ ,‬اطوله ‪ :‬بترك االعالل واالتيان به على األصل الشذوذا‬
‫وقد يراد بقولك ‪" :‬قلما أفعال" إثبات الفعل القليل (كما يف كليات أليب البقاء) غري أن(‬

‫‪).‬الكثري استعماهلا للنفي الصرف‬

‫‪. . .‬ومما يدل على أهنا للنفي احملض أداؤها املعىن (ال) النافية يف البيت السابق ‪( :‬قلما يربح اللبيب‬

‫ألن برح وأخواهتا ال تعمل عمل (كان) الناقصة إال إذا تقدمها نفي او شبهه‪ ,‬كما هو معروف‪ .‬ومما يدل على‬

‫ذلك ايضا أهنا سبقت فاء السببية أو املعانية نصب الفعل بعدمها‪ ,‬كقولك ‪:‬قل رجل يهمل فينجح‪ ,‬ومما يذل على‬

‫ما ذكر صحة االستثناء بعدمها كما يستثىن من املنفي حنو ‪" :‬قلما يفعل هذا إال كرمي" – كما تقول ‪":‬ال يفعله إال‬

‫كرمي"‪ .‬وهذا اللفظ كما يف النهاية‪-‬مستعمال يف نفي أصل الفعل‪ ,‬كقوله تعاىل ‪( :‬قليال ما يؤمنون)‪ .‬أي ‪ :‬فهم ال‬

‫‪.‬يؤمنون‪ .‬ومنه احلديث ‪":‬إنه كان يقل اللغو" أي ‪ :‬كان ال يلغو‬

‫‪,‬ومثل ‪":‬قلما" يف عدم التصرف "طاملا وكثر ما‪ ,‬وقصر ما‪ ,‬وشد ما" فإن (ما) فيهن زائدة للتوكيد‬

‫‪:‬كافة هلن عن العمل‪ ,‬فال فاعل هلن‪ .‬وال يليهن إال فعل‪ ,‬يهن كقلما‬

‫قال يف لسان العرب ‪" :‬فارقت" (طل وقل) بالركيباحلادث فيهماما كانتا عليه منطلبهما األمساء إال(‬

‫ترى أن لو قلت ‪ :‬طاملا زيدا عندنا‪ ,‬أو قلما حممد يف الدار مل جيز‪ .‬والرتكيب حيدث فب املركبني‬

‫معىن مل يكون قبل فيهما" ا‪.‬ه ‪ .‬وقال ابو علي الفاري ‪ :‬طلما وقلما حنومها أفعال ال فاعل هلا مضمرا وال مظهر‬

‫ألن الكالم ملا كان حمموال على النفي سوغ ذلك ان ال حيتاج اليه‪ .‬و (ما) ذخلتعوضا عن الفاعل" ا ه‪ .‬وقال‬
‫بعض العلماء ‪ :‬إن (ما) مثل ذلك مصدريه فما بعدهايف تأويل مصدرا فاعل‪ .‬فإن فلت ‪":‬طلما فعلت" كان‬

‫تأويل‪" :‬طال فعلي"‪ .‬ولو كان األمر كما قال لوجب فصلها عن الفعل يف اخلط‪ ,‬ألهنا ال توصل باسم وال فعل وال‬

‫حرف اال إذا كانت زائدة‪ ,‬إال ما اصطلحوا عليه من وصلها ببعض حروف اجلر‪ .‬ومل نرهم كتبوها موصولة هبذا‬

‫‪).‬األفعال قط‪ .‬فدل ذلك على ما أن قوله ال خيلو من رائحة الصحة‪ ,‬ألن ما بعدها صاحل للتأويل باملصدر‬

‫ومن األفعال اجلامدة قوهلم ‪" :‬سقط يف يده" مبعىن ‪":‬ندم‪ ,‬وحتري‪ ,‬وزل‪,‬وأخطأ"‪ .‬وهو مالزم صورة اجملهول‪,‬‬

‫‪.‬قال تعاىل ‪( :‬وملا سقط يف أيدهم)‪ .‬وقد يقال ‪ ":‬سقط يف يده" باملعلوم‬

‫وهذا من باب الكناية ال احلقيقة‪ .‬ويقال لكل من ندم أو حتري أو عجز أو حزن أو حتسر(‬

‫على فا ئت من فعل أو ترك ‪":‬قد سقط يف يده"‪ .‬وهذا‬

‫‪).‬الكالم مل يسمع قبل القان الكرمي‪ ,‬ول عرفة العرب‪ .‬كما يف شرح القاموس نقال عن هذا الباب‬

‫ومنها "هد" يف قوهلم ‪( :‬هذا رجل من هدك رجل) أي ‪ :‬كفك من رجل‪ .‬وقيل معناه ‪:‬‬

‫أثقلك وصفمحاسنة‪ .‬وقال الزخمشري يف األساس ‪( :‬هذا رجل هدك من‬

‫رجل)‪ .‬إذا وصف جبلد وشدة‪ ,‬أي ‪ ":‬غلبك وكسرك"‪ .‬وهو يثىن وجيمع ويذكر ويؤنثو‪ ,‬إذا كان ما هو‬

‫له كذلك‪ ,‬تقول ‪( :‬هذا رجل هدك من رجل‪ .‬وهذا إمرأة من هدتك إمرأة)‪ ,‬كما تقول ‪( :‬كفاك‬

‫‪.‬وكفتك) وقس على ذلك أمثلة املثىن واجلمع‬

‫ومن العرب من جيريه جمر املصدر املوصوفة به‪ ,‬فيجعل مصدرا هلد يهد هدا‪ .‬وإذا كان(‬

‫ذلك بقي بلفظ واحدة للجمع‪ .‬ويتبع ما قبله يف إعربه على أنه نعت له‪-‬‬
‫تقول ‪ ":‬هذا رجل هدك من رجل" (بالرفع) و "مررت• بامرأة هدك من امرأة" (باجلر) و "أكرمرتجلني‬

‫هدك من رجلني" (بالنصب) كما تقول ‪" :‬هذا رجل من حسبك من رجل" (بالرفع) و "مررت بامرأة‬

‫‪.‬حسبك امرأة" (باجلر) و " أكرمت رجلني حسبك رجلني" (بالنصب)‬

‫ويقال ‪":‬هلدك رجل" و للمدح‪ ,‬مبعىن "نعم" وذلك إذا أثين عليه جبلد وشدة‪ .‬ويقال ‪" :‬هلد‬

‫رجل!"‪ •,‬للتعجب‪ ,‬مبعىن " ما أجلده!" ويف احلديث ‪ ":‬إن أبا هلب قال ‪ :‬هلد ما سحركم‬

‫‪.‬صاحبكم!" أراد التعجوب‪ .‬الالم فيها للتوكيد‬

‫ويف (الفائق) لزخمشري عند شرح هذا احلديث ‪ :‬إن ملعناه لنعم مسحركم‪ ,‬ويف (النهية) البن(‬

‫األثري ‪ :‬إن معنا التعجوب‪ .‬قال ‪":‬هلد" كلمة تعحب هبا يقال ‪ :‬هلد رجل! أي ‪ :‬ما أجلده‪ .‬مث‬

‫ذكر أهنا تكون ايضا مبعىن "نعم" ويف لسان العرب وتاح العروس حنو ذلك‪ .‬وكوهنا هنا للتعجب‬

‫أقرب اىل واقعة احلال‪ .‬ألن أبا هلب (تبت يده) إمنا يتعجبه من املصريهم وجلدهم على‬

‫التصديقهم النيب صلى اهلل علية وسلم يف كل ما جبءهم به‪ ,‬حىت زعم أنه قد سحرهم‪ ,‬فكأنه‬

‫‪).‬قال ما أصربكم وما أجلدكم غلى سحر صاحبكم إياكم‬

You might also like