Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 376

محمد محمد املقالح‬

‫أزمة الديمقراطية اإلنتخابية‬


‫في الجمهورية اليمنية‬
‫من االستفتاء على دستورها‬

‫‪ 16-15‬مايو ‪1991‬م حتى آخر انتخابات رئاسية ‪ ٢٠‬سبتمبر ‪2006‬م‬


‫محتويات الكتاب‬

‫من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب (‪1989‬م‪-1994‬م)‬


‫التعديالت االوىل لدستور الوحدة (يناير ‪1995‬م )‬ ‫الفصل األول‬
‫انتخابات ‪1997‬م الربملانية‬

‫االنتخابات الرئاسية ( سبتمرب ‪1999‬م)‬


‫السـلطة تقصي مرشـح املعارضـة والشـعب يعـزف عـن‬ ‫الفصل الثاني‬
‫املشاركة‬

‫التعديلات الثانيـة لدسـتور اجلمهوريـة اليمنيـة وتزامنها‬


‫الفصل الثالث‬
‫مـع املحليـات األوىل فربايـر ‪2001‬م‬

‫االنتخابات الربملانية الثالية واألخرية أبريل ‪2003‬م‬ ‫الفصل الرابع‬

‫االنتخابات الرئاسية الثانية ‪20‬سبتمرب‪2006‬م‬ ‫الفصل الخامس‬

‫وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬ ‫الفصل السادس‬


‫يف الصراعات‬

‫قف مع حزبك وخيارك السياسي لكن ال تنسى أن تنتقد أخطاءه‬

‫ألن العدو ال يستفيد من نقد األخطاء بل من األخطاء نفسها‪.‬‬


‫إهداء‬
‫أهــدي هــذا الكتــاب إلــى روح أبــي وصديقــي الوالــد األســتاذ أحمــد ابراهيــم اســحاق رحمــه‬
‫اهلل ذلــك اإلنســان اجلميــل الــذي ربطتنــي بــه عالقــة ابــوة وصداقــة متينــة ومــن اللحظــة‬
‫التــي تعرفــت فيهــا عليــه بعــد عودتــي مــن الواليــات املتحــدة االمريكيــة يف بدايــة تســعينات‬
‫القــرن العشــرين أي بعــد اقــل مــن عــام فقــط مــن تاريــخ إعــان الوحــدة اليمنيــة وقيــام‬
‫اجلمهوريــة اليمنيــة يف ‪22‬مايــو ‪1990‬م وقــد بقيــت هــذه الصداقــة قويــة بيننــا ومتناميــة‬
‫حتــى توفــاه اهلل تعالــى يف العــام ‪2019‬م ‪.‬‬

‫قبــل وأثنــاء أزمــة وحــرب ‪1994‬م وبعدهمــا بســنوات عجــاف عشــناها وعاشــتها اليمــن ظــل‬
‫مقيلنــا االســبوعي املفضــل (االربعــاء) هــو ديــوان الصنعانــي األنيــق االســتاذ أحمــد اســحاق‬
‫مبنزلــه الكائــن بحــي اجلــراف شــمال شــرق العاصمــة صنعــاء‪.‬‬

‫ويف مقيلــه رحمــه اهلل كنــا نهــرب مــن صخــب السياســية وصراعهــا الــى دفــئ االخــوة‬
‫والصداقــة والــى احلــوار الفكــري والسياســي ولكــن بعيــدا عــن اجلــدل والصخــب ألن‬
‫املقيــل نفســه كان يطبعنــا بطباعــه وطبــاع صاحبــه مــن الهــدوء واألناقــة والبســاطة‬
‫واللطــف واألدب وحتــى حــن كان أحدنــا يشــتط غضبـاً او يصــرخ جــدالً ســرعان مــا يعــود‬
‫ا مــن نفســه بعــد ان يفــرض عليــه املقيــل ذاتــه وثقافتــه وتقاليــده ولطــف وتواضــع‬ ‫خج ـ ً‬
‫صاحبــه مســايرة كل هــذه التقاليــد والقواعــد غيــر املكتوبــة يف املقيــل الصنعانــي وان شــئت‬
‫اإلســحاقي ‪.‬‬

‫لقــد كان مقيــل (عمــي أحمــد) ‪ -‬كمــا كان يحلــو لنــا ان نســميه ‪ -‬منتــدى سياســي وفكــري‬
‫وادبــي وفنــي بــكل مــا تعنيــه الكلمــة مــن معنــى وكانــت الشــخصيات اليمنيــة والقيــادات‬
‫السياســية التــي تشــاركنا املقيــل بــن اســبوع وآخــر تثــري احلــوار بالقــراءات املختــارة مــن‬
‫الكتــب و بالعطــاء الفكــري واالدبــي مــن قبــل املشــاركني الدائمــن والضيــوف ويف قــراءة‬
‫الشــعر وســماع االغنيــة الصنعانيــة ان وجــد شــاعراً او مطرب ـاً شــاباً ويــا مــا اســتضاف‬

‫‪5‬‬
‫مقيــل احمــد اســحاق امثــال هــؤالء املبدعــن حتــى اننــي تعرفــت علــى الفنانــن عبدالكــرمي‬
‫الشــامي وعبدالرحمــن االخفــش ألول مــرة يف مقيــل (عمــي احمــد) ‪.‬‬

‫كان اخــوة كــرام واصدقــاء اعــزاء ال يغيبــون عــن مقيــل احمــد ابراهيــم اســحاق الرحيــب‬
‫ولــو ملــرة واحــدة اال اضطــرارا امثــال االصدقــاء واالســاتذة االفاضــل عبــد الواحــد مفضــل‬
‫وعلــي الــذاري وعبــد اهلل هاشــم الســياني وعبــد الســام الوجيــه وعبــد امللــك العرشــي‬
‫وعبــد امللــك مفضــل واحمــد العرشــي ومحمــد العوامــي وزيــد الــذاري ومحمــد املنصــور‬
‫وعبــد الكــرمي اخليوانــي والدكتورعبدالرحمــن اســحاق والناشــري ومحمــد املقالــح واخريــن‬
‫ال اتذكرهــم اآلن وان كنــت – ويــا لهــذه الذاكــرة ‪ -‬اتذكــر امللحــق الثقــايف يف الســفارة‬
‫الســودانية الصديــق درديــري محمــد احمــد كمــا اتذكــر حضــور ســفراء وزوار عــرب‬
‫واجانــب الــى املقيــل كضيــوف ‪.‬‬

‫*يف مقيــل احمــد اســحاق ايضــا تعــارف وتصــادق وحتــاور عشــرات ممــن كانــت اليمــن‬
‫وامنهــا واســتقرارها ووحدتهــا وتقدمهــا وازدهارهــا‪ ،‬همهــم اليومــي وقضيتهــم االولــى‬
‫وبعضهــم كانــت كل هــذه املعانــي والقضايــا ســبباً وحيــداً الغتيالهــم غــدرا وارتقائهــم‬
‫شــهداء عنــد اهلل امثــال الشــهداء جــار اهلل عمــر و محمــد عبــد امللــك املتــوكل وعبــد‬
‫الكــرمي اخليوانــي وعبــد الكــرمي جدبــان واخريــن او ممــن توفاهــم اهلل معانــاة وكمــدا‬
‫امثــال االســتاذ املناضــل عبــد القــدوس املضواحــي واالعالمــي واألديــب الكبيــر يحيــى عــاو‬
‫واالنســان االنســان االســتاذ احمــد ابــن احمــد العرشــي واخريــن رحمهــم اهلل جميعــا‪.‬‬

‫*مقيــل احمــد اســحاق يف تلــك الفتــرة مــن تاريــخ اليمــن كان يحضــره اصدقــاء ورفــاق‬
‫مــن مختلــف األحــزاب السياســية واملشــارب الفكريــة ومنهــم ايضــا عبــد الواحــد املــرادي‬
‫وعلــي ســيف حســن وصالــح عبــداهلل مثنــى عبــداهلل وحــامت ابــو حــامت وعبدامللــك املخــايف‬
‫وفــارس الســقاف وعبــد الغنــي الشــميري و و ‪،‬وكنــا معــا نخــوض يف نقــاش طويــل ومتواصــل‬
‫عــن مختلــف القضايــا واألحــداث وكان احمــد اســحاق هــو مــن مينحنــا الشــعور بالتفــاؤل‬
‫والثقــة باســتمرار ويف كل املنعطفــات التــي مــرت بهــا اليمــن يف تلــك املرحلــة ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ا بجمــال ولطــف صاحبــه املرحــوم‬ ‫*مقيــل احمــد اســحاق كان مقيــا صنعانيــاً جميــ ً‬
‫وابنائــه الكــرام وهــم جميعــا اخــوة واصدقــاء (نبيــل وحبيــب وخالــد وماجــد و و ‪ )...‬ويف‬
‫املقيــل مــن األناقــة اكثــر ممــا فيــه مــن الثــراء ومــن البســاطة اكثــر ممــا فيــه مــن الســجاد‬
‫الفارســي او الرومــي ‪،‬يقــع يف اجلهــة الغربيــة العدنيــة ملنــزل حجــري يتكــون مــن طابــق‬
‫واحــد وبنــاء حديــث محكــم الهندســة وردهــات متعــددة جمــع بــن البنــاء الصنعانــي القــدمي‬
‫واملعاصــر يف تداخــل وتناغــم منســجم وجميــل‪.‬‬

‫ويطــل (أي املقيــل) علــى بســتان فيــه مــن الزهــور والفواكــه واغصــان العنــب وعناقيدهــا‬
‫مــا يذكــرك مبدينــة الروضــة حــن كان اآلبــاء يتحدثــون عــن الروضــة ومصايــف صنعــاء‬
‫القدميــة حتــى ان الرفيــق صالــح مثنــى عبــداهلل وزيــر النقــل االســبق حــن شــاركنا املقيــل‬
‫ألول مــرة علــق قائــا «كنــا ونحــن يف عــدن نحلــم بالوحــدة ونتحــدث عــن جمــال مدينــة‬
‫صنعــاء التاريخيــة وكيــف ان اغصــان العنــب تطــل مــن شــبابيكها وعــن القمريــات والســجاد‬
‫والســتائر والشراشــف والفــرش لكننــي لــم اجــد هــذا الوصــف بعــد الوحــدة اال يف هــذا‬
‫املقيــل اجلميــل الــذي يــدل علــى روعــة ورقــي صاحبــه» وهــو كذلــك فعــا ‪.‬‬

‫* احمــد اســحاق هــذا اليمنــي الــذي كان اول مــن ارتــدى ربطــة عنــق يف صنعــاء وظــل‬
‫يحلــم بيمــن عزيــز وموحــد ومتقــدم منــذ أن وجــد نفســه وهــو شــاب يف العشــرينات مــن‬
‫العمــر يســهم وبجــد مــع نفــر قليــل مــن املتطلعــن ليمــن جديــد يف إنــارة صنعــاء بالكهربــاء‬
‫ألول مــرة يف عهــد بيــت حميــد الديــن وحتــى وهــو يبعــث أوالده وبناتــه للدراســة يف أرقــى‬
‫اجلامعــات العلميــة يف امريــكا واجنلتــرا ليكونــوا مــن بعــده منــارة للعلــم والتقــدم يف بالدهــم‬
‫اليمــن‪.‬‬

‫*لقــد ظــل األســتاذ أحمــد إبراهيــم اســحاق إلــى اللحظــة التــي رحــل فيهــا مغــادرا إلــى اهلل‬
‫عــام ‪2019‬م حاضــرا يف احليــاة ويف وعيــي وحياتــي كأمنــوذج لإلنســان اليمنــي الســوي‬
‫والناجــح يف عملــه واحملــب للحيــاة وللنــاس ولبلــده ‪.‬‬

‫*وألنــه كذلــك وألن عالقتــي بــه عالقــة أبــوة وصداقــة يف آن واحــد فقــد كان مــن الطبيعــي‬
‫َّأل أنســى ذكــره وأنــا يف اخلطــف واالخفــاء واالعتقــال ‪....‬اتذكــره مــن بــن اخلــص اهلــي‬

‫‪7‬‬
‫واصدقائــي واقــول يف نفســي تــرى مــاذا عــن عمــي احمــد وصــدره الفســيح وعقلــه املتوقــد‬
‫بالــذكاء مــاذا ومــاذا عنــه وعــن اصدقــاء مقيلــه ‪،‬وعندمــا كشــف النظــام احلاكــم عــن‬
‫مصيــري عــام ‪2010‬م وخرجــت مــن الســجن وزرتــه يف بيتــه وقــد هــده العمــر لكــن قلبــه‬
‫ظــل شــابا كمــا عرفتــه وروحــه ظلــت مرحــه رغــم الســنني ‪.‬‬

‫*احــاول اليــوم بتفاؤلــي ومرحــي وأنــا يف هــذا العمــر الســتيني أن أتقلــد ذلــك الشــاب‬
‫الســبعيني او الثمانينــي الــذي ظــل شــابا وقلبــه أخضــر يعشــق اليمــن وجمــال اليمــن وفــن‬
‫اليمــن وتراثهــا ويقــدر مناضليهــا ومحبيهــا حتــى وافتــه املنيــة‪.‬‬

‫*فإلــى روح احمــد ابراهيــم اســحاق يف عليــن ثــم إلــى أبنائــه وبناتــه الذيــن عرفنــا بعضهــم‬
‫أطفــاال ثــم قابلناهــم وســألنا عنهــم وقــد شــبوا وتعلمــوا وتزوجــوا وأعولــوا وذهبــت بهــم‬
‫احليــاة يف طــرق شــتى مثلنــا ومثــل غيرنــا ومــن خاللهــم جميعــا الــى اصدقائــي ورفاقــي‬
‫اصدقــاء ورفــاق مقيــل (عمــي احمــد) االحيــاء منهــم واالمــوات‪ ،‬اهــدي هــذا الكتــاب مــع‬
‫االعتــذار لــكل مــن لــم اذكرهــم ‪.‬‬

‫محمد محمد املقالح‬

‫‪8‬‬
‫توطئة‬

‫عندما انفجرت احلرب ‪ ..‬كنت هناك‬

‫كانــت األوضــاع قــد بلغــت مداهــا مــن التوتــر وبــدأت احلــرب تلــوح باألفــق وتنــذر باالنفجــار‬
‫يف أيــة حلظــة ‪...‬‬
‫ويف ذلــك «الربــوع» األســود الــذي انفجــرت يف مســاءه حــرب ‪1994‬م كنــت قــد كتبــت يف‬
‫صبــاح اليــوم نفســه مقــاال صحافيـاً ناريـاً عــن مجــزرة اجلنــود والدبابــات التــي حدثــت قبــل‬
‫أيــام يف معســكر اللــواء الثالــث مــدرع يف مدينــة عمــران بعــد اشــتباكات داميــة بــن افــراد‬
‫املعســكر نفســه‪ ،‬مظهــرا – يف املقــال‪ -‬بشــاعة مــا حــدث يف اقتتــال دمــوي بــن رفقــاء‬
‫ســاح حســم ســريعا وخــال ســاعات‪ ،‬لكنــه خلــف عشــرات الضحايــا ودمــر وأحــرق أهــم‬
‫ألويــة املدرعــات وأحدثهــا تســليحا((( وهــو الــذي مــا كان لــه أن يحــدث لــوال التعبئــة التــي‬
‫كان ميارســها السياســيون (القــادة) عبــر التلفزيــون واإلذاعــة والصحافــة فتنعكــس توجسـاً‬
‫وحتفــزا وتوتــرا بــن اجلنــود والضبــاط داخــل معســكرات اجليــش وألويتــه املختلفــة يف‬
‫عمــوم الوطــن‪.‬‬
‫ويف ذلــك املقــال الــذي ظــل طريقــه إلــى الصحيفــة حــذرت ‪-‬صادقـاً ومتأملـاً وحزينـاً‪ -‬مــن‬
‫خطــورة انــدالع احلــرب الشــاملة بــن فرقــاء األزمــة اليمنيــة حينهــا والذيــن– ويــا للمفارقة‪-‬‬
‫هــم أنفســهم شــركاء الوحــدة اليمنيــة قبــل ذلــك التاريــخ بأربــع ســنوات فقــط مستشــهدا‬
‫بصــور اجلثــث املتفحمــة والدبابــات احملروقــة قائــا‪ :‬بــان تلــك اجلثــث احملترقــة قــد ال‬
‫تكــون ســوى لعــب أطفــال ملــا ميكــن أن يحــدث يف حالــة انــدالع احلــرب الشــاملة ال ســمح‬
‫(((‬
‫اهلل‬
‫(‪ )1‬اللــواء الثالــث يف جيــش اليمــن الدميقراطــي قبــل الوحــدة وكان قــد نقــل الــى عمــران ضمــن وحــدات عســكرية اخــرى مــن‬
‫جيشــي الدولتــن قبــل الوحــدة الــى محافظــات شــمالية وجنوبيــة علــى طريــق دمــج وحــدات القــوات املســلحة للدولتــن يف جيــش‬
‫ميني واَحد‪ .‬‬
‫(‪ )2‬وهــو مــا تبــن مصداقيتــه بعــد ذلــك فمــع ان حــرب ‪94‬م كانــت مــن اســرع احلــروب اليمنيــة (ثالثــة اشــهر تقريــا ) ومــن اقلهــا‬
‫ضحايــا حوالــي ‪4‬الــف شــهيد و‪12‬الــف جريــح مــن طــريف القتــال واملدنيــن اال ان مــا خلفتــه تلــك احلــرب القــذرة مــن تداعيــات‬
‫ســلبية يف النفــوس ويف النســيج االجتماعــي ويف جــدار الوحــدة الوطنيــة كان كارثيــاً وتوالــدت بســببها حــروب عديــدة اخــرى‬
‫اضعفــت اليمــن وجعلتهــا عرضــة للتدخــل اخلارجــي ومخططــات التمــزق والتقســيم ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫كان الهــدف هــو التحذيــر والتهويــل مــن خطــورة نتائــج مــا هــم مقدمــون عليــه مــن كــوارث‬
‫ومجــازر اذا مــا اندلعــت احلــرب الشــاملة بينهمــا ولعلنــا بذلــك نردعهــم عــن الســير يف‬
‫طريــق تفجيــر احلــرب الكبيــرة ومحاولــة منــا إلقناعهــم بــان كلفــة احللــول الســلمية مهمــا‬
‫كانــت املشــكلة كبيــرة ومعقــدة اال ان حلهــا باحلــوار يظــل أقــل كلفــة مــن كلفــة احلــرب‪.‬‬

‫ومــع اننــي كنــت أدرك متامــا أننــي أكتــب يف الوقــت الضائــع ســواء نشــر املقــال أو لــم ينشــر‬
‫وعلــى يقــن أن مــن أعــد للحــرب واســتعد لهــا ويــرى فيهــا طريــق اخلــاص لــن يوقفهــا‬
‫مهمــا كانــت كلماتــي مؤثــرة وصــور املجــزرة مرعبــة‪.‬‬

‫ومــن لــم تقنعــه نصائــح كل العقــاء بخطــورة احلــرب طــوال فتــرة عــام كامــل مــن األزمــة لــن‬
‫تنفعــه كلمــة أو كلمتــان تقــال يف ربــع الســاعة األخيــرة عــن اهميــة الســام ‪،‬إال أننــي كنــت‬
‫مصــراً بصــورة بــدت غريبــة وقدريــة علــى إرســال املقــال إلــى صحيفــة الثــوري لعلــه ينشــر‬
‫غــدا اخلميــس وهــو موعــد إصــدار صحيفــة الثــوري ‪.‬‬
‫حاولــت إرســال املقــال عصــر ذلــك اليــوم وطلبــت مــن صديقــي العزيــز الــذي أتــى‬
‫الصطحابــي بســيارته إلــى مقيلنــا األســبوعي املفضــل – كل أربعــاء((( بــان يتوقــف أمــام أي‬
‫محــل فيــه جهــاز فاكــس فرفــض بشــدة متعلــا بــان الوقــت متأخــر علــى املقيــل وانــه يعدنــي‬
‫باننــا سنرســله بعــد خروجنــا مــن املقيــل ومــن أقــرب محــل فيــه جهــاز فاكــس‪.‬‬

‫بعــد خروجنــا مــن املقيــل حوالــى الســاعة الثامنــة والنصــف مســاء ويف أول محــل وجدنــا‬
‫فيــه جهــاز الفاكــس وكان بحــي احلصبــة بدأنــا بإرســال املقــال فعــا لكــن الكهربــاء العمومي‬
‫انطفــأت علــى كامــل احلــي ودون تــردد تركنــا احملــل وقررنــا التحــرك بســرعة إلــى التحريــر‬
‫لنرســل املقــال مــن هنــاك حيــث معظــم احملــات بهــا أجهــزة فاكــس لكــن ومــا إن وصلنــا‬
‫الــى التحريــر حتــى انطفــأت الكهربــاء علــى كامــل حــي التحريــر وشــارع علــي عبــد املغنــي‬
‫وهكــذا حــدث األمــر نفســه يف حــي القــاع ‪.‬‬

‫(‪ )3‬لــم أعــد أتذكــر مــا إذا كان هــو أحمــد العوامــي او عبــد امللــك مفضــل النهــم‪ -‬مــن بــن االصدقــاء الذيــن كانــوا ميــرون علــي‬
‫بســيارة أحدهــم الصطحابــي إلــى مقيــل الوالــد أحمــد ابراهيــم اســحاق يف حــي اجلــراف وجميعهــم مــن أعــز أصدقائــي واشــفقهم‬
‫روحــا وامتعهــم حديثــا واكثرهــم وفــاء ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫وحينهــا فقــط طــارت مــن رأســي فكــرة إرســال املقــال إلــى الصحيفــة وبــدأت أشــعر بالقلــق‬
‫واخلــوف الشــديد متســائال هــل ثمــة شــيء يحــدث يف تطــورات األزمــة املتواصلــة ؟‪.‬‬

‫هــل انفجــرت احلــرب ؟ ســألت الســؤال وأنــا أمتنــى أن ال تكــون اإلجابــة (نعــم) رغــم اننــي‬
‫علــى يقــن اننــي لــن اجــد إجابــة غيرهــا يف ذلــك الظــرف املتــأزم وبعــد اطفــاء كامــل أحيــاء‬
‫صنعــاء علــى غيــر العــادة ‪.‬‬

‫وبالفعــل لــم نصــل إلــى منزلنــا الكائــن يف حــي هائــل ســعيد حتــى أخبرونــي يف البيــت أن‬
‫الكهربــاء قــد انطفــأت قبــل نصــف ســاعة بــل انطفــات يف كل صنعــاء وكل محافظــات‬
‫اجلمهوريــة وأن احلــرب قــد قامــت وأنهــم قلقــون علــي ويحاولــون االتصــال بــي دون فائــدة‬
‫ألن التلفونــات قــد قطعــت أيضــا ‪.‬‬

‫صبــاح اليــوم االول التالــي مــن تلــك احلــرب امللعونــة التــي انفجــرت مســاء االربعــاء ‪ 4‬مايــو‬
‫‪1994‬م وال تــزال متواصلــة بطريقــة أو بأخــرى حتــى اليــوم((( قــررت وقبــل أن «تــزرق»‬
‫الشــمس أن أطلــع إلــى ســطح املنــزل ألســتطلع األجــواء يف صنعــاء يف زمــن احلــرب بعــد‬
‫ليليــة ظلمــاء مــن الرعــب واصــوات املضــادات اجلويــة‪.‬‬

‫ومــن نافــذة صغيــرة يف حمــام شــبه مهجــور علــى ســطح بيتنــا املكــون مــن طابــق واحــد‬
‫حينهــا ولكنــه مبنــي علــى تبــة مرتفعــة قليــا عــن منــازل اجليــران ويطــل علــى وســط املدينــة‬
‫وجنــوب شــرقها اختلســت النظــر إلــى صنعــاء فوجدتهــا ســاكنة وكئيبــة‪ ،‬وبــدون تعمــد رفعــت‬
‫بصــري يف ســماها شــرقا وجنوبــا وجــدت نفســي متســمرا أمــام ثالثــة مناظــر ال تــزال ماثلــة‬
‫يف ذاكرتــي كمــا ارتســمت يف راســي املهمــوم حينهــا وكيــف لــي أن أنســاها وقــد عبــرت عــن‬
‫حالتــي وحالــت اليمــن حينهــا ورمبــا حالتهــا اليــوم أيضــا‪.‬‬

‫‪ -‬األول لقــرص الشــمس وهــو يحــاول أن يتجــاوز صعــودا وببطــيء قمــة جبــل نقــم وبــدا لــي‬
‫قرصــا كبيــرا ومحم ـ ًراَ بشــي مــن االصفــرار وحزينــا وتــكاد تقطــر مــن حوافــه املــدورة‬
‫الدمــاء‪.‬‬

‫(‪ )4‬كتبت هذه املقدمة بتاريخ ‪14‬يوليو‪2020‬م أي بعد تلك االحداث بحوالي ‪26‬عاما‬

‫‪11‬‬
‫‪ -‬والثانــي ظهــر فجــأة يف ســماء صنعــاء وقريبــا مــن قــرص الشــمس وكان لطائرة عســكرية‬
‫وهــي تهــوي محترقــة باجتــاه منطقــة اجلــرداء جنــوب شــرق جبــل نقــم نفســه وقــد ظلــت‬
‫حتتــرق والدخــان يتصاعــد منهــا أمــام ناظــري حتــى تالشــى الدخــان او غيبتــه أشــعة‬
‫الشــمس حــن جتــاوزت جبــل نقــم وأصبــح الوقــت صباحــا‪.‬‬

‫‪ -‬ثــم وبعــد ان كانــت أشــعة الشــمس البــاردة قــد تســللت إلــى معظــم احيــاء صنعــاء وانــا‬
‫ال زلــت علــى ســطح املنــزل اذا بــي اســمع إطــاق رصــاص ومعــدالت رشــاش وانفجــار‬
‫قذائــف يف حــي الصافيــة ومــا هــي إال دقائــق حتــى شــاهدت ألســنة اللهــب والدخــان‬
‫تغمــر ســماء حــي الصافيــة آتيــة مــن مقــر اللجنــة املركزيــة للحــزب االشــتراكي اليمنــي‬
‫ومقــر صحيفــة الثــوري بحــي الصافيــة بالقــرب مــن وزارة املاليــة وســط صنعــاء وهــذا‬
‫هــو املنظــر الثالــث الــذي شــاهدته كأحــد صــور احلــرب يف وقــت مبكــر مــن صبــاح ذلــك‬
‫اليــوم املشــهود املوافــق يــوم اخلميــس ‪ 5‬أبريــل ‪1994‬م ‪.‬‬

‫لقــد تبــن الحق ـاً أن الطائــرة التــي احترقــت يف منطقــة اجلــرداء لــم تكــن إحــدى ثــاث‬
‫طائــرات عســكرية مينيــة قامــت مــن القاعــدة اجلويــة يف عــدن لقصــف القاعــدة اجلويــة يف‬
‫صنعــاء كمــا قيــل يف بدايــة األمــر بــل هــي إحــدى ثــاث طائــرات عســكرية مينيــة كانــت قــد‬
‫أقلعــت مــن قاعــدة الديلمــي بصنعــاء ملطــاردة «شــقيقاتها» الطائــرات التــي أتــت مــن عــدن‬
‫لقصــف قاعــدة يف صنعــاء وباخلطــأ أســقطت أحدهــا املضــادات اجلويــة املنصوبــة يف‬
‫أحــد معســكرات الدفــاع اجلــوي يف جبــل نقــم أو علــى ســفحه مــن جهــة الشــرق ( معســكر‬
‫احلفــا) هــذا أوال‪.‬‬

‫وتبــن ثانيــا أن الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح كان قــد أمــر باقتحــام مقــر اللجنــة‬
‫املركزيــة وصحيفــة الثــوري ومبانــي أخــرى تابعــة للحــزب يف عاصمــة الوحــدة واجلمهوريــة‬
‫بصنعــاء ومبشــورة مــن جهــاز األمــن السياســي مت مصــادرة وثائــق احلــزب والصحيفــة‬
‫وإحــراق «غيراملفيــد» منهــا ثــم اســتدعاء عناصــر األمــن لنهــب مــا تبقــى مــن ممتلــكات‬
‫احلــزب والصحيفــة باعتبــار أنهــا نهبــت مــن قبــل مواطنــن يعبــرون عــن غضبهــم خليانــة‬
‫االشــتراكيني للوحــدة !‬

‫‪12‬‬
‫وعندمــا ســمعت يف وقــت الحــق عــن مشــهد نهــب مقــر صحيفــة الثــوري الــذي بــدا للنــاس‬
‫نهب ـاً عشــوائياً تذكــرت مقالــي املذكــور وقلــت يف نفســي احلمــد هلل انــه لــم يرســل مســاء‬
‫امــس وإال كان قــد أصبــح جــزءا مــن الوثائــق املصــادرة ورمبــا مــن أدلــة اتهامــي كأحــد‬
‫عناصــر الــردة واالنفصــال !!‪.‬‬
‫واخلالصــة لقــد كنــت شــاهدا علــى إعــان احلــرب التــي عرفــت الحقــا بحــرب صيــف‬
‫‪1994‬م اوبحــرب االنفصــال كمــا ســماها الطــرف املنتصــر وكنــت حينهــا جــزء مــن املشــهد‬
‫املأســاوي ولكــن مــن موقــع املتضامــن مــع موقــف احلــزب االشــتراكي اليمنــي ومــن قناعــة‬
‫يقينيــة أن الرئيــس صالــح وحلفــاءه االصالحيــن وبقيــة القــوى االصوليــة واملشــيخية كانــوا‬
‫قــد بيتــوا احلــرب ضــد احلــزب مــن وقــت مبكــر مــن إعــان نتائــج االنتخابــات البرملانيــة‬
‫األولــى علــى األقــل((( وكان اجلميــع يعلــم بذلــك ولكــن البيــض وعــددا مــن قيــادات احلــزب‬
‫وعلــى خلفيــات صراعيــة داخــل احلــزب نفســه لــم يكونــوا يعملــون شــيئا جديـاً لنــزع فتيــل‬
‫احلــرب وعلــى العكــس كانــوا بأخطائهــم وتصرفاتهــم االرجتاليــة مينحــون حتالــف احلــرب‬
‫فرص ـاً لتحقيــق أهدافــه املبيتــة ضــد مشــروع دولــة الوحــدة الوطنــي التشــاركي ونظامهــا‬
‫الدميقراطــي التعــددي ‪ ...‬فالهــم اســتعدوا للحــرب وال هــم عملــوا لنــزع فتيلهــا هــذا اوال‪.‬‬
‫وثانيــا اننــي ومــن بــاب النقــد الذاتــي أقــول إن كثيــراً مــن الكتــاب احملســوبني علــى احلــزب‬
‫االشــتراكي أو مــن حلفائــه وحلفــاء مشــروعه الوطنــي وأنــا أحدهــم كنــا نكتــب ضــد األزمــة‬
‫ونحــذر مــن احلــرب ونوجــه نقدنــا األكبــر ورمبــا الوحيــد للرئيــس صالــح وحتالفــه االخوانــي‬
‫الــذي كنــا نعــرف أنــه صاحــب املصلحــة األولــى يف احلــرب وهــذا جيــد ‪.‬‬
‫ولكننــا لألســف ويف كثيــر مــن األحيــان كنــا نتجاهــل كثيــرا مــن األخطــاء التــي يرتكبهــا‬
‫البيــض ورهطــه املتوتريــن واالنعزاليــن يف قيــادة احلــزب ممــن أداروا األزمــة بغبــاء شــديد‬
‫خــارج أطــر احلــزب وخــارج أطــر البرملــان وخــارج مؤسســات الدولــة فــكان أن حققــوا‬
‫بأخطائهــم القاتلــة وبسياســاتهم االرجتاليــة كل مــا كان يبحــث عنــه أعداؤهــم وســاهموا‬
‫وبفاعليــة ‪ -‬وبالــذات يف األســابيع القليلــة التــي ســبقت احلــرب‪ -‬يف انقــاب الــرأي العــام‬
‫(((‬
‫إلــى جانــب خصومهــم وهــو مــا اســتغله صالــح وحلفــاؤه لتفجيــر احلــرب ومــن ثــم حســمها‪.‬‬

‫(‪ )5‬يفهــم مــن مذكــرات الشــيخ عبــد اهلل بــن حســن األحمــر أن صالــح كان مبيــت احلــرب والعمــل لهزميــة احلــزب مــن يــوم إعــان‬
‫الوحــدة نفســها ومــع أن هــذا غيــر مســتبعد إال أن مــا يخالفــه هــو ان صالــح كان ســعيدا بتحقيــق الوحــدة وبكــون البيــض قــد قبــل‬
‫أن يكــون هــو أي صالــح رئيســا لدولتهــا‪.‬‬
‫(‪ )6‬كان لتــردد علــي ســالم البيــض يف التوقيــع علــى وثيقــة العهــد يف عمــان ورفضــه لــكل الوســاطات العربيــة لتخفيــف حــدة اخلــاف بينــه وبــن صالــح‬

‫‪13‬‬
‫ولــو أننــا كنــا نكتــب نقــداً باجتــاه أخطــاء البيــض وأخطــاء احلــزب ورفضنــا وبقــوة الســير‬
‫يف تلــك الطريــق املعــوج التــي قادنــا إليهــا وعــدد قليــل آخــر مــن داخــل وخــارج االشــتراكي‬
‫حــن هربــوا إلــى األمــام تــارة ثــم هربــوا إلــى اخللــف تــارة أخــرى‪.‬‬

‫وحــن قــرر الوحــده اندماجــا خــارج مؤسســات احلــزب والدولــة ‪-‬حســبناه محمــودا وال‬
‫نــزال‪ -‬ثــم حــن اعلــن انفصــاال متوهمــا مــن خــارج مؤسســات احلــزب والدولــة ‪-‬حســبناه‬
‫قبيحــا وال نــزال‪، -‬لكننــا أو بعضنــا ســايرناهم وصمتنــا علــى مضــض عــن أخطائهــم فوقعنــا‬
‫معهــم ووقعــت البــاد يف غيــر مــا أردنــا ومــا اراد حســنوا النيــة منهــم ‪.‬‬

‫لقــد تبــن لــي شــخصيا وبصــورة قطعيــة أن الطــرف الــذي كنــا ننتقــده بقــوة قبــل احلــرب‬
‫وبعدهــا كان هــو مــن يســتفيد مــن نقدنــا لــه بشــدة بينمــا كان مــن حتاشــينا نقدهــم‬
‫باعتبارهــم أصحابنــا وحتاشــيا مــن ان يســتفيد اخلصــم مــن نقدنــا ويعمــل علــى توســيع‬
‫شــقة اخلــاف بيننــا كانــت نتيجتــه عكســية لديهــم حيــث واصــل البيــض ومــن معــه مــن‬
‫قيــادة احلــزب أخطائهــم معتقديــن انهــم علــى صــح حتــى وقــع «الفــأس بالــرأس» متناســن‬
‫ان العــدو ال يســتفيد مــن نقــد األخطــاء بــل مــن األخطــاء نفســها وان النقــد يفيــد صاحبــه‬
‫إذا أخــذ بالصحيــح منــه أكثــر ممــا يضــره الصمــت علــى أخطائــه والســكوت علــى انحرافــه‬
‫وهــو يســير باجتــاه الهاويــة‪.‬‬

‫يف مقابلــة نشــرتها صحيفــة الوحــدة الرســمية – االســبوعية‪ -‬بعــد حــرب ‪1994‬م مباشــرة‬
‫(((‬
‫مــع اجلنــرال علــي محســن صالــح األحمــر اركان حــرب الفرقــة االولــى مــدرع حينهــا‬
‫قــال عبــارة غايــة يف األهميــة ‪ ،‬بهــذا اخلصــوص ومضمونهــا ‪( ..‬كنــا نتابــع مــا تكتبــه‬
‫صحــف الثــوري وصــوت العمــال والشــورى واملســتقبل واالمــة وكل الصحــف املؤيــدة لقــوى‬
‫الــردة واالنفصــال) ونســتفيد ممــا يكتبونــه عنــا ونصحــح يف مســارنا باجتــاه تعزيــز قوتنــا‬
‫ووحــدة قرارنــا لهزميتهــم‪.‬‬

‫ثــم مغادرتــه عمــان الــى الريــاض بــدال مــن عــدن او صنعــاء دور كبيــر يف انقــاب الــراي العــام اليمنــي الــى جانــب صالــح وضــد البيــض معتقديــن بوجــود‬
‫مؤامــرة ســعودية ضــد الوحــدة اليمنيــة علــى راســها البيــض نفســه وهــو مــا اســتغلها صالــح وقــام بتفجيــر احلــرب باســم الشــرعية وحفاظــا علــى الوحــدة‬
‫وبتأييــد شــعبي كبيــر ‪.‬‬
‫(‪ )7‬كان حينهــا علــى محســن االحمــر وطــوال فتــرة حكــم صالــح حتــى ثــورة ‪11‬فبرايــر ‪2011‬م هــو الرجــل الثانــي يف نظــام صالــح وأحــد كبــار مصعــدي‬
‫األزمــة وممــن أســهموا إســهاما كبيــرا يف تفجيــر حــرب ‪94‬م ويف تفجيــر حــروب الحقــة غيرهــا كحــروب صعــدة الســتة ويف احلــرب الســعودية علــى اليمــن‬

‫‪14‬‬
‫أي انهــم كانــوا قــد اتخــذوا قــرار احلــرب وان مــا كنــا نكتبــه حتذيــرا لهــم ومحاولــة منــا‬
‫ملنعهــم ملــا لهــا مــن مخاطــر عليهــم قبــل خصومهــم لــم تكــن متنعهــم عــن الســير نحــو‬
‫احلــرب بــل كانــوا يضيفــون إلــى جيوشــهم جيوشــا أخــرى حلســمها وخططــا أكثــر دقــة‬
‫النتصارهــم فيهــا أو هكــذا فهمــت ممــا أراد طرحــه يف ذلــك احلــوار الهــام الــذي أنصــح‬
‫بالرجــوع إليــه وإعــادة قراءتــه مــن صحيفــة الوحــدة نفســها‪.‬‬

‫يف املقابــل ظــل البيــض الــذي لــم يكــن معرضــا ألي نقــد جــدي ‪-‬مــن قبــل العقــاء يف‬
‫احلــزب وصحافــة احلــزب وحلفــاء احلــزب ‪ -‬معتقــدا وإلــى آخــر حلظــة ان احلــرب «لــن‬
‫تقــوم ألن صالــح يــدرك خطورتهــا عليــه وإذا مــا قامــت فســيتدخل العالــم بســرعة إليقافهــا‬
‫وبالتالــي الوصــول إلــى اتفاقيــات جديــدة للوحــدة) بــل انــه اعتقــد أن بــدء صالــح للحــرب‬
‫ســيكون لصاحلــه أمــام العالــم متجاهــا وبســذاجة ان العالــم يعمــل ملصاحلــه ويتعامــل مــع‬
‫ومــع األمــر الواقــع وان مــن ال وجــود لــه علــى األرض ال وزن لــه يف السياســة وبالتالــي يف‬
‫حســاباتهم ‪.‬‬

‫*حــن ســألوا الرفيــق علــي ســالم البيــض يف أول وآخــر مؤمتــر صحفــي عقــده بعــد إعالنــه‬
‫االنفصــال الفاشــل يف ‪ 21‬مايــو ‪1994‬م بيومــن تقريب ـاً ‪..‬ملــاذا لــم تعتــرف بكــم الــدول‬
‫بعــد إعالنكــم جمهوريــة اليمــن الدميقراطيــة ؟ حتــى انــه لــم يعلــن االعتــراف بهــا حتــى اآلن‬
‫ســوى «جمهوريــة ارض الصومــال» التــي ال يعتــرف بهــا احــد يف العالــم؟ ‪ ،‬رد بإجابــة بــدت‬
‫ســاذجة وال ميكــن أن يقولهــا سياســي ناضــج ومخضــرم بحجــم تاريــخ وجتربــة الرفيــق‬
‫املناضــل علــي ســالم البيــض «أكيــد ســتبدأ االعترافــات بعــد «الويكنــد» قالهــا باإلجنليــزي‬
‫أي بعــد عطلــة نهايــة االســبوع‪.‬‬

‫وأضــاف مفســرا «أعلنــا جمهوريــة اليمــن الدميقراطيــة فجــر اخلميــس وأمــس كان‬
‫يــوم جمعــة واخلميــس واجلمعــة عطلــة كثيــر مــن الــدول العربيــة والســبت واألحــد نهايــة‬
‫االســبوع لــدى الــدول األخــرى وأكيــد باتبــدأ االعترافــات العربيــة والدوليــة تتوالــى بعــد‬
‫يــوم األحــد «!‬

‫لكــن – ويــا لهــول لكــن‪ -‬مــا ان انتهــى «ويكنــد» االســبوع الثانــي عنــد الــدول التــي ســتعلن‬
‫اعترافهــا باالنفصــال حتــى كان البيــض نفســه يف طريقــه إلــى مســقط هاربــا وكانــت مــا مت‬

‫‪15‬‬
‫تطــرق أبــواب املــكال يف حضرمــوت وعلــى مقربــة مــن أبــواب‬ ‫(((‬
‫تعريفهــا بقــوات الشــرعية‬
‫عــدن‪.‬‬

‫رسالة الى الدكتور ياسني‬

‫* قبــل احلــرب بشــهرين تقريبــا وبســبب مــا اعتقدتــه وألول مــرة مــن مؤشــرات العــودة‬
‫عــن قــرار الوحــدة لــدى قيــادات يف احلــزب االشــتراكي اليمنــي ومــن ذلــك تزامــن انفجــار‬
‫الوضــع يف معســكر باصهيــب يف ذمــار مــع ســفر األمــن العــام املســاعد للحــزب عضــو‬
‫مجلــس الرئاســة حينهــا (الرفيــق ســالم صالــح محمــد) إلــى الســعودية((( شــعرت بوجــود‬
‫مخطــط انفصالــي وبــأن القــوم ميارســون علــى أنفســهم وعلــى حلفائهــم اخلديعــة‪ ،‬ففيمــا‬
‫(نحــن ندافــع عنهــم وبقــوة كوحدويــن كمــا عهدناهــم إذا بنــا نشــهد مؤشــرات لبعــض‬
‫مصداقيــة مــا يقولــه اخلصــوم عنهــم وقــد بقيــت يف ذلــك اليــوم حزينــا ورهــن بعــض‬
‫مشــاعر الغضــب والســخط حتــى اننــي لــم أمن‪.‬‬

‫احلــزب ‪-‬كصديــق وكرجــل أثــق بــه وأشــكو إليــه‪ -‬وكانــت الرســالة التــي كتبتهــا بخــط‬
‫اليــد مكتظــة باملشــاعر ومحاولــة اخيــرة الكتشــاف مــاذا كانــت هواجســي صحيحــة ام ال‬
‫وكان مطلــع الرســالة مصبوغــا بحــزن وشــاعرية هــذه العبــارات ‪ »:‬أكتــب إليــك وعينــاي‬
‫مشــرعتان إلــى املجهــول» ‪ »....‬وأصدقــك القــول إننــي وألول مــرة أشــعر بشــيء مــن‬
‫املصداقيــة خلطــاب خصومكــم عنكــم وبوجــود توجــه انفصالــي لديكــم ولــدى امينكــم العــام‬
‫حتديــدا‪...‬‬

‫وممــا قلتــه ضمنــا يف تلــك الرســالة احلــادة واملكتوبــة علــى وجــه واحــد مــن الورقــة‬
‫‪»....-‬يقــال بــان اخلصــم يتطبــع بطبــاع خصمــه بــدون وعــي» ويبــدو أن أمينكــم العــام‬
‫األســتاذ املناضــل علــي ســالم البيــض الــذي يتهــم صالــح بأنــه يديــر الدولــة بالتلفــون ومــن‬
‫خــارج املؤسســات هــو اليــوم يســير علــى نهــج صالــح وأكثــر ويديــر األزمــة مــن خــارج احلــزب‬
‫(‪ )8‬أطلــق حتالــف احلــرب علــى احلــزب االشــتراكي اليمنــي وحلفائــه توصيــف (قــوى الــردة واالنفصــال) فيمــا أطلــق علــى نفســه‬
‫وحتالفــه يف تلــك احلــرب (قــوات الشــرعية الدســتورية) وكال التوصيفــن لــم يكونــا دقيقــن حتــى أعلــن البيــض االنفصــال الفاشــل‬
‫مســاء ‪21‬مايــو‪1994‬م‬
‫(‪ )9‬انفجــر الوضــع عســكريا يف معســكر باصهيــب بذمــار وكان قائــده حينهــا األخ غيــر الشــقيق لوزيــر الدفــاع آنــذاك (جــواس)‬
‫مرتــن األولــى قبــل احــداث معســكر عمــران والثانيــة بعدهــا‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ومــن خــارج مؤسســات الدولــة واحلــزب ال يعمــل شــيء ســوى مســايرته وحتويــل «حنقاتــه»‬
‫وانفعاالتــه املســتمرة ‪ ...‬أي ان البيــض اليــوم بحاجــة إلــى مــن يعيــده إلــى ذاتــه والــى‬
‫تاريخــه النضالــي «‬

‫وأضفــت وانــا انقلهــا هنــا مــن الذاكــرة ال بنصهــا «اســتغرب كيــف ان هنــاك يف احلــزب عق َ‬
‫ال‬
‫كبيــراً وراجح ـاً بحجــم عقــل الدكتــور ياســن وجتربتــه وال يتدخــل لتهدئــة األوضــاع وفتــح‬
‫(‪((1‬‬
‫نوافــذ للحــل ‪ ...‬ثــم كيــف اســتطعتم أن متــدوا أيديكــم لــكل أعــداء احلــزب التاريخيــن‬
‫وال تســتطيعون أن متدوهــا إلــى شــريككم يف الوحــدة لتخففــوا مــن حالــة االحتقــان التــي‬
‫ســتجر النــاس إلــى احلــرب حتمــا ‪...‬‬

‫لقــد وضــع البيــض وخطاباتــه علــي عبــد اهلل صالــح يف الزاويــة ولــم يعــد لــه مــن مخــرج‬
‫للدفــاع عــن نفســه ســوى احلــرب والقطــة التــي ال تتــرك لهــا طريــق لتهــرب ســتقاتل‬
‫بشراســة «‬

‫وجــاء يف الرســالة والتــي ال آزال اتذكــر مضامينهــا جيــدا «واذا مــا نشــبت احلــرب فإننــي‬
‫أرى االنهيــار الكبيــر للحــزب االشــتراكي اليمنــي وملشــروعه الوطنــي أمــام ناظــري» وختمتها‬
‫بعبــارة كنــت مــاأزال أحفظهــا مــن نشــيد كان االشــتراكيون يــرددون كلماتهــا لنحفظها ونحن‬
‫يف االبتدائــي قائــا ‪ :‬نحــن مــع مشــروع احلــزب يف الوحــدة والدميقراطيــة ولــن نقــف إال‬
‫مــع «اليمــن اجلديــد الواحــد احملــروس بالثــورة ‪ ..‬ســيلتم الشــتات جــداول خضــراء يوحــد‬
‫أرضنــا احلــرة»‬

‫وبعــد ان أكملــت الرســالة بعثتهــا عبــر فاكــس صحيفــة االمــة بصنعــاء الــى فاكــس منــزل‬
‫الدكتــور ياســن ســعيد نعمــان بعــدن وبعدهــا شــعرت بشــيء مــن االرتيــاح وكأن ثقــا قــد‬
‫انــزاح عــن كاهلــي ‪.‬‬

‫ومســاء ذلــك اليــوم اتصــل بــي الدكتــور ياســن ســعيد نعمــان تلفونيــا وهــو يف حالــة انفعــال‬
‫شــديد ‪ -‬متأملــا وحزينــا‪ -‬أن يكــون لــدي هــذا االنطبــاع عــن وجــود نوايــا فضــا عــن‬

‫(‪ )10‬كان البيض وبنصائح من خارج احلزب قد استدعى إلى عدن كال من مكاوي وشيخان احلبشي وغيرهما من خصوم‬
‫احلزب التاريخيني‬

‫‪17‬‬
‫توجهــات نحــو االنفصــال داخــل احلــزب االشــتراكي اليمنــي نافي ـاً ذلــك نفي ـاً قاطع ـاً بــل‬
‫وســمعته يقســم « واهلل يــا أخ محمــد هــذا غيــر موجــود» ولــم تطــرح فكــرة العــودة عــن‬
‫الوحــدة او التلويــح باالنفصــال ال صراحــة وال ضمنــا يف أي مــن هيئــات احلــزب وقياداتــه‬
‫وال يف أي اجتمــاع رســمي و غيــر رســمي»‪.‬‬

‫واحلقيقــة انــه كان صادقــا معــي وكنــت متيقنــا انــه يقــول الصــدق ولكنــه كان يتحــدث عــن‬
‫قيــادة احلــزب يف املكتــب السياســي واللجنــة املركزيــة كهيئــات حزبيــة معنيــة مباشــرة مبثــل‬
‫هــذه التوجهــات اخلطيــرة وبالفعــل فقــد تأكــد ان احلــزب االشــتراكي اليمنــي كحــزب‬
‫وكهيئــات لــم يكــن لــه أي عالقــة البتــة بقــرار اعــان االنفصــال الفاشــل الــذي اعلنــه البيــض‬
‫قبــل أســابيع مــن انتهــاء احلــرب وحتديــدا فجــر ‪21‬مايــو‪1994‬م ‪.‬‬

‫* بعــد تلــك الرســالة بأيــام قليلــة فقــط قــرأت يف الصحــف الرســمية برقيــة تهنئــة مــن‬
‫قبــل الدكتــور ياســن ســعيد الــى الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح مبناســبة عيــد الفطــر‬
‫املبــارك وكأن اول تواصــل بــدا وديـاً بــن قيــادي كبيــر مبكانــة الدكتــور باســن ســعيد نعمــان‬
‫والرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح بعــد انقطــاع لفتــرة ســاد خاللهــا تبــادل التصريحــات‬
‫الناريــة بــن الرئيــس ونائبــة مــن ناحيــة وعــدد مــن قيــادات وصحــف طــريف االزمــة حينهــا‬
‫مــن ناحيــة اخــرى‪.‬‬

‫ليــس هــذا وحســب بــل وتضمنــت برقيــة التهنئــة مــا اعتبــر انفتاحــا كبيــرا قــد يخفــف مــن‬
‫تصاعــد االزمــة باجتــاه احلــرب وهــو قولــه الشــهير انــه «مــن املمكــن ان نبــدأ بتطبيــق وثيقــة‬
‫العهــد واالتفــاق مــن خــال انتخابــات احلكــم احمللــي وليــس شــرطاً ان نبــدأ بتطبيقهــا وفقــا‬
‫لتراتبيــة بنودهــا «!‬

‫كان الدكتــور ياســن يعلــم جيــدا طبيعــة االزمــة وقــد وضــع اصبعــه علــى اجلــرح وعلــى اهــم‬
‫قضايــا وثيقــة العهــد واالتفــاق معتقــدا وهــو علــى حــق ان احلكــم احمللــي والبــدء بإجــراءات‬
‫انتخــاب ســلطاته هــي ركيــزة الوحــدة ومدماكهــا الراســخ واهــم عناويــن ومضامــن وثيقــة‬
‫العهــد (احلكــم احمللــي) وهــي ان اقــرت مــن ستســحب البســاط مــن القــوى النافــذة عــن‬
‫ممارســة االســتفراد بالســلطة ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫ومثلمــا كان يــدرك وبــذات الدرجــة ان توقــف احلــزب عنــد نقطــة توجيــه اصابــع االتهــام‬
‫لألطــراف التــي وقفــت وراء جرائــم االغتيــاالت واملطالبــة مبحاكمتهــا كمــا هــو يف البنــود‬
‫االولــى مــن وثيقــة العهــد لــن يــؤدي اال الــى احلــرب‪ .‬الن مــن يقــف وراء تلــك اجلرائــم‬
‫التــي طالــت قيــادات محليــة ومركزيــة يف احلــزب االشــتراكي هــم قيــادات عليــا يف ســلطة‬
‫صالــح وحلفائــه مــن االخــوان املســلمني والقــوى االصوليــة واملشــيخية وبالتالــي فلــن تســارع‬
‫هــذه القــوى الــى القبــض علــى نفســها وتقدميهــا للمحاكمــة كمــا كان يطالــب البيــض مــن‬
‫ناحيــة كمــا ان تأجيــل النقطــة االولــى يف الوثيقــة ال يعنــي التخلــي عنهــا كجــزء اساســي‬
‫مــن وثيقــة االجمــاع الوطنــي بقــدر مــا ان اثارتهــا والتوقــف عندهــا قــد يفجــر احلــرب واذا‬
‫قامــت احلــرب ألغيــت وثيقــة العهــد وبالتالــي الغيــت اهــم القضايــا الوطنيــة التــي تضمنتهــا‬
‫الوثيقــة كتطبيــق احلكــم احمللــي ‪.‬‬

‫أي انــه وبتلــك البرقيــة القصيــرة قــد أراد وبــذكاء سياســي ليــس فقــط التخفيــف مــن حــدة‬
‫اخلالفــات التــي بــدت شــخصية بــن الرئيــس صالــح ونائبــه البيــض وحســب بــل ومحاولــة‬
‫معاجلــة جــذور االزمــة الوطنيــة نفســها بالعمــل علــى توســيع الشــراكة والالمركزيــة املاليــة‬
‫واالداريــة ولــو ان اآلخريــن اســتمعوا لــه وهــو ينــادي بإجــراء االنتخابــات احملليــة قبــل‬
‫االنتخابــات البرملانيــة(‪ ((1‬ثــم باصــراره عليهــا كعنــوان لتخفيــف التوتــر وايقــاف عجلــة‬
‫الصــراع ملــا ســارت االمــور باجتــاه احلــرب مــن وجهــة نظــري ‪.‬‬

‫لكــن هــذا لــم يــرق للطــرف الــذي كان كمــا يبــدو قــد اتخــذا قــرارا باالجتــاه االخــر داخــل‬
‫قيــادة احلــزب ففــي اليــوم التالــي تقريبــا لتصريحــات ياســن صــدرت صحيفــة صــوت‬
‫العمــال وهــي حتمــل علــى صــدر صفحتهــا االولــى تصريحــا مثيــرا واســتفزازيا لنائــب‬
‫الرئيــس علــي ســالم البيــض لــم يفهــم منــه اال أنــه ردا جارحــا واســتفزازيا وبــا لياقــة‬
‫سياســية علــى تصريحــات ياســن وجــاء فيهــا ومبــا نصــه (تطبيــق وثيقــة العهــد يبــدأا‬
‫مــن الســطر االول والنقطــة االولــى « وال تأجيــل أو مســاومة يف هــذه االمــر وهكــذا ســارت‬
‫االمــور بالضبــط كمــا ارادهــا حتالــف صالــح أي عــدم حــل االزمــة وتفجرهــا حربــا ‪.‬‬

‫(‪ )11‬اجريــت حــواراً صحفي ـاً مــع الدكتــور ياســن ســعيد نعمــان بعــد انتخابــات ‪1993‬م البرملانيــة ويف اوج االزمــة وبعــد جرميــة‬
‫محاولــة اغتيالــه باطــاق صــاروخ «لــو» الــى غرفــة نومــة بصنعــاء وحينهــا اجــاب علــى الســؤال قائــا كنــا نطالــب بإجــراء االنتخابــات‬
‫احملليــة قبــل البرملانيــة ولــو انهــم قبلــوا بذلــك ملــا عشــنا هــذه االزمــة اخلطيــرة ولعاجلنــا مبكــرا جــذور ازمــة الصــراع علــى الســلطة‬
‫املركزيــة‪ ..‬احلــوار نشــر يف الصفحــة االخيــرة مــن صحيفــة االمــة حينهــا‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫* بعــد احلــرب بأشــهر ويف اوقــات مختلفــة ســمعت ومــن جهتــن مختلفتــن عــن تلــك‬
‫الرســالة التــي بعثتهــا الــى الدكتــور ياســن ســعيد ‪.‬‬
‫اجلهــة االولــى هــي احلــزب وعلــى لســان الرفيــق الدكتــور ســيف صائــل خالــد عضــو املكتــب‬
‫السياســي حينهــا الــذي اخبرنــي انــه اطلــع مــع اخريــن علــى رســالتي تلــك وان الرفيــق‬
‫ياســن وزعهــا علــى عــدد مــن اعضــاء املكتــب السياســي وانهــم عندمــا اطلعــوا عليهــا كانــت‬
‫تواســيهم يف تلــك احلــرب التــي لــم يكونــوا جــزءاً منهــا اال بكونهــم املســتهدفني بهــا كحــزب‬
‫وكمشــروع ‪.‬‬

‫أي ان كثيــراً ممــا ورد يف الرســالة حتقــق لألســف مبــا يف ذلــك اعــان البيــض لالنفصــال‬
‫الفاشــل ومتزيــق احلــزب وتشــريد قيادتــه دون ارادة مــن احلــزب ولكــن بســبب عــدم اتخــاذ‬
‫(‪((1‬‬
‫احلــزب القــرار املناســب يف الوقــت املناســب جتــاه اخطائــه قبــل اخطــاء اآلخريــن‬

‫اجلهــة الثانيــة هــو أحــد ضبــاط اجليــش او األمــن – ال أعرفــه شــخصيا ‪ -‬وقابلتــه‬
‫بالصدفــة بعــد اشــهر مــن احلــرب وقــال انــت محمــد املقالــح قلــت نعــم قــال وجدنــا لــك‬
‫رســالة عنــد االنفصاليــن يف عــدن وعلــى طــول تذكــرت الرســالة التــي بعثتهــا الــى الدكتــور‬
‫ياســن قبــل احلــرب فقلــت لــه ســاخرا «هــل وجــدمت مــا يديننــي او يديــن الدكتــور ياســن‬
‫فيهــا» قــال ابــدا واضــاف انــت مخــدوع «كلهــم انفصاليــون ال تصدقهــم « قلــت يف نفســي‬
‫لــن تكــون انــت مــن يحــدد مــن هــو الوطنــي ومــن هــو اخلائــن بــل التاريــخ ولكــن املهــم اننــي‬
‫عرفــت انــه كان يقصــد الرســالة اياهــا واحلقيقــة انــه ال يوجــد غيرهــا اصــا ‪.‬‬

‫الهروب الى القرية‬

‫*يف الثالثــة األيــام االولــى مــن حــرب ‪94‬م بقيــت يف صنعــاء ال اغــادر املنــزل وكانــت صنعــاء‬
‫كئيبــة واجلميــع يف بيتنــا يشــعرون باخلــوف علــى حياتــي وحريتــي وكنــا نتوقــع يف أي‬
‫حلظــة مــن الليــل او النهــار مداهمــة بيتنــا واعتقالــي كواحــد مــن أنشــط حلفــاء االشــتراكي‬

‫(‪ )12‬لــم اكــن حــن بعثــت الرســالة عضــوا يف احلــزب االشــتراكي بــل قياديـاً يف حــزب حليــف لــه هــو حــزب احلــق اســتهدف مــع‬
‫االشتراكي واحزاب معارضة اخرى يف تلك احلرب ‬

‫‪20‬‬
‫حينهــا(‪ ((1‬وكان يعاظــم مــن هــذه املخــاوف اننــي ال اســتطيع االتصــال بأحــد وال أعــرف أيــن‬
‫جرفــت احلــرب برفاقــي واصدقائــي وكانــت اليمــن كلهــا يعمهــا اخلــوف والترقــب واجلميــع‬
‫يتابعــون أخبــار احلــرب مــن الراديــو فقــد قطعــت الســلطة بصنعــاء الكهربــاء مركزيــا يف‬
‫اليــوم األول مــن احلــرب وكذلــك خــط التلفــون األرضــي ‪ -‬ولــم يكــن قــد وجــد التلفــون‬
‫اجلــوال – وادعــت ان مــن كانــت تســميهم بقــوى الــردة واالنفصــال هــم مــن قصفــوا‬
‫محطــة الكهربــاء التحويليــة يف ذمــار!‬
‫لكــن الســلطة لــم تكــن صادقــة فقــد كان ذلــك «الظــام» صوتــا وصــورة جــزءاً أساســياً مــن‬
‫خطــة احلــرب التــي أخذتهــا لقطــع التواصــل مــع املقاتلــن يف الطــرف اآلخــر وتشــتيتهم‬
‫وحصارهــم حتــى عــن تقــدمي املشــورة بالتلفــون وعلــى خلفيــة احلــرب كانــت صنعاء يســودها‬
‫الظــام يف الليــل ويســودها الصمــت والترقــب يف النهــار واليمــن كلهــا غطــت طــوال احلــرب‬
‫يف ظــام دامــس‪.‬‬

‫*وبضغــط مــن أمــي وإخواتــي وزوجتــي غادرنــا جميعــا الــى القريــة وفيهــا وجــدت احليــاة‬
‫افضــل قليــا والنــاس يف املقايــل منقســمني علــى بعضهــم مثــل بقيــة اليمنيــن وان كان مــن‬
‫يقفــون مــع مــا اســموها الشــرعية اكثــر جــراءة يف احلديــث عــن خيانــة الطــرف اآلخــر‬
‫وعــن انتصــارات قــوات الشــرعية‪ ،‬ومثــل مــا هــو موقفــي ظللــت منحــازا بعاطفتــي ووجدانــي‬
‫الــى جانــب البيــض واحلــزب االشــتراكي رغــم اننــي كنــت اشــعر انهــم مهزومــون عســكرياً‬
‫لألســف وبقيــت اعبــر عــن موقفــي بصراحــة ضــد حتالــف صالــح واإلصــاح واجلماعــات‬
‫املتطرفــة طــوال فتــرة اإلقامــة اجلبريــة التــي فرضتهــا وفرضتهــا أســرتي علــي يف القريــة‪.‬‬
‫*يف أحــد املقايــل الصاخبــة بالنقــاش حــاول أحــد األخــوة ممــن لهــم صلــة مباشــرة بأجهــزة‬
‫االمــن يف صنعــاء اســكاتي بالتخويــف قائــا وبصريــح العبــارة « مــن يقــف مــع االنفصاليــن‬
‫ســنبلغ بــه أمــن النــادرة ‪ ((1() ....‬ولكنــه لــم يكمــل الكلمــة حتــى ســمع منــي رداً قويـاً وبعضــه‬
‫مســتفزا قائــا «بلــغ النــادرة واهلل اننــي ال أخــاف ال منــك وال مــن النــادرة وال مــن صالــح‬
‫اجلــز‪« ....‬‬

‫(‪ )13‬كنــت مســتهدفا حينهــا ليــس الننــي كاتبــا معارضــا وبقــوة للرئيــس صالــح وحتالفــه االخوانــي يف تلــك االزمــة بــل وألننــي كنــت‬
‫قياديــا يف حــزب يعتبــره النظــام احــد اخطــر حلفــاء االشــتراكي ولــو لــم يوجــد االشــتراكي وحرصــه علــى الســماح بانشــاء االحــزاب‬
‫ملــا ســمح لــه ان يقــوم خصوصــا واهــم التهــم التــي كانــت توجــه اليــه هــي تهمــة امللكيــة واالماميــة التــي كانــت رائجــة يف خطــاب‬
‫االصــاح واملؤمتــر قبــل وبعــد الوحــدة وقبــل وبعــد احلــرب !‬
‫(‪ )14‬أي التبليغ بكوني مع قوى االنفصال الى اجهزة االمن يف مديرية النادرة العتقالي قريتنا املقالح تتبع اداريا النادرة‬

‫‪21‬‬
‫غــادرت املقيــل غاضبــا ويف اليــوم التالــي أتــى أهــل القريــة ومعهــم صاحــب التلويــح او‬
‫التهديــد لالعتــذار فشــكرتهم علــى مشــاعرهم وقلــت لهــم «مافيــش حاجــة وهــذا يحصــل‬
‫يف النقاشــات العاديــة فمــا بالــك ونحــن يف حــرب» وقــد نســيت مــا حــدث مــن إشــكال مــن‬
‫حلظتهــا ولــم أحمــل أي مشــاعر ضغينــة او انتقــام جتــاه احــد وهلل احلمــد ‪.‬‬

‫* كانــت اإلذاعــات (احملايــدة) كإذاعــة لنــدن مثــا تتحــدث عــن تقــدم قــوات الشــرعية‬
‫باجتــاه عــدن وكنــت قــد وصلــت الــى نتيجــة حاســمة وهــي ان البيــض لــم يعمــل حســابه رغــم‬
‫كل خطاباتــه السياســية احلــادة إلمكانيــة انفجــار احلــرب او انــه كان يف بدايــة اإلعــداد‬
‫لهــا خصوصـاً إذا حســبنا صفقــة االتصــاالت العســكرية التــي اســتولى عليهــا صالــح عبــر‬
‫القرصنــة علــى إحــدى الطائــرات املدنيــة وإنزالهــا يف احلديــدة بــدالً مــن عــدن ثــم شــراء‬
‫الطائــرات احلربيــة واملدفعيــة األوكرانيــة والروســية ذاتيــة احلركــة والتــي دفعــت الســعودية‬
‫ثمنهــا ووصلــت اثنــاء وبعــد إنتهــاء احلــرب الــى يــد الرئيــس صالــح نفســه بعــد هــروب‬
‫البيــض ومســدوس وآخريــن خــارج الوطــن‪.‬‬

‫واملهــم أن البيــض وجماعتــه ظلــوا ينتظــرون «املفاجــأة» والتدخــل والضغــوط اخلارجيــة‬


‫علــى صالــح كرهــان وحيــد تبــن أن ليــس لديهــم غيــره ‪.‬‬

‫ومــع أن البيــض ونفــر قليــل مــن رهطــه يف قيــادة احلــزب قــد تعاملــوا مــع االزمــة واحلــرب‬
‫وكأنهــا تخصهــم شــخصياً أو تخــص «اجلنوبيــن» وال تخــص احلــزب االشــتراكي اليمنــي‬
‫وانصــاره وابنــاء شــعبه او أي مــن مؤسســات الدولــة ‪-‬التــي كان البيــض علــى رأســها‬
‫وميتلــك حزبــه نصــف ســلطتها‪ -‬إال أنهــم لألســف لــم يتحملــوا أي مســؤولية يف ادارة‬
‫احلــرب ال سياســياً وال عســكرياً بــل انــه وقبــل ســاعات مــن انــدالع احلــرب كان قــد غــادر‬
‫عــدن إلــى املــكال تــاركا اجلفــري(‪ ((1‬ليديــر احلــرب سياســيا مــن عــدن‪.‬‬

‫وظلــت ألويــة اجليــش احملــدودة واملفككــة تقاتــل بــا قيــادة سياســية بــل تركــت ملواجهــة‬
‫مصيرهــا ميدانيــا بقيــادة وزيــر الدفــاع هيثــم قاســم طاهــر دون ان متنحهــا القيــادة‬
‫السياســية يف املــكال او يف عــدن حــق اتخــاذ القــرار املناســب يف الوقــت املناســب حتــى‬
‫(‪ )15‬املقصود االستاذ عبد الرحمن اجلفري امني عام رابطة ابناء اليمن ( ابناء اجلنوب سابقا ) الذي اعلنه البيض نائبا‬
‫للرئيس ‪-‬أي نائبا له‪ -‬بعد اعالن قرار االنفصال الفاشل يف ‪21‬مايو‪1994‬م‬

‫‪22‬‬
‫يف التخطيــط لهجــوم معاكــس واحــد طــوال فتــرة احلــرب وحتــى يف كيفيــة االنســحاب او‬
‫االتفــاق ميدانيــا علــى وقــف احلــرب!‬

‫*وهكــذا وجــد اجليــش الــذي نشــأ ومت تربيــة جنــوده وضباطــه وألويتــه ووحداتــه علــى‬
‫عقيــدة الدفــاع عــن اليمــن والوحــدة اليمنيــة بــا قضيــة يف أحســن األحــوال ومــن أجــل‬
‫إعــادة تقســيم اليمــن يف أســوئها أي ان اجلنــود والضبــاط الذيــن خاضــوا احلــرب حتــت‬
‫قيــادة سياســية علــى رأســها اجلفــري كانــوا يقاتلــون ضــد ذاكرتهــم وقضيتهــم وبــا‬
‫معنويــات وال يجــدون يف الســطح السياســي ســوى طرفــن األول هــو اجلفــري وخطــاب‬
‫املشــايخ والســلطنات التــي ســبق أن أســقطتها اجلبهــة القوميــة مــن أجــل وحــدة اليمــن‬
‫الدميقراطــي وتوحيــد اليمــن عمومــا ‪.‬‬

‫والثانــي هــو صالــح والشــيخ األحمــر واالخــوان املســلمون والقــوي الرجعيــة يف اليمــن‬
‫واملنطقــة والذيــن قضــوا نصــف أعمارهــم وهــم يحاربــون ضــد وحــدة اليمــن وإذا بهــم‬
‫اليــوم رمــوزاً وطنيــة تدافــع عــن وحــدة اليمــن ويــا لهــا مــن مفارقــة حــن يكــون االنفصالــي‬
‫وحــدوي والوحــدوي انفصالــي !‬

‫تلــك هــي احلكايــة وأســاس نهايــة حــرب ‪94‬م ســريعا ولصالــح األطــراف التــي متســكت‬
‫بالوحــدة وقاتلــت حتــت يافطتهــا حتــى وقــد قاتلــت يف احلقيقــة مــن أجــل االســتفراد‬
‫بالســلطة وضــرب شــركاء الوحــدة فمــن مينــع مجــداً وطنيـاً علــى طريــق دفاعــه عــن حكمــه‬
‫وســلطته لــن يرفضــه بــل سيتمســك بــه وهــذا ماعمــد صالــح وحلفائــه‪.‬‬

‫يف املقابــل فــان اهلل ال يحمــي املغفلــن وهــذا مــا لــم يدركــه البيــض وحلفــاؤه يف األزمــة‬
‫واحلــرب فهزمــوا وانتصــر صالــح عســكريا باســم الوحــدة وان لــم ينتصــر سياســيا ووطنيــا‬
‫لليمــن واليمنيــن بعــد ذلــك ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫وقع إعالن االنفصال ‪!...‬‬

‫*ليلــة ‪21‬مايــو‪1994‬م ‪-‬ويــا لهــا مــن ليلــة ليــا‪ -‬ســهرت طويــا وانــا اتابــع اخبــار احلــرب‬
‫بألــم شــديد ولــم يكــن يســليني ســوى نشــيد « يــا ســام ثــوري علــى جيــش شــعبي ) الــذي‬
‫ظلــت تــردده إذاعــة عــدن طــوال احلــرب وظــل يذكرنــا بيمنيتنــا وبقتالنــا ضــد اإلجنليــز‬
‫وقــوى الرجعيــة امــام كــم هائــل مــن اخلطــاب االنعزالــي والســاطيني الــذي ال صلــة لنــا بــه‬
‫كيمنيــن وباألخــص االشــتراكيني وبقيــة القــوى الوطنيــة إال مــن كونــه يســتهدفنا‪.‬‬

‫وعنــد منتصــف تلــك الليلــة تقريبــا ســمعت خطابـاً للبيــض مــن إذاعــة عــدن وهــو يخاطــب‬
‫مجاميــع قليلــة مــن النــاس يف املــكال كانــت قــد جمعــت لــه علــى عجــل كمــا يبــدو وكمــا كانــت‬
‫بعــض هتافاتهــم االنفصاليــة مســايرة خلطــاب البيــض نفســه ‪.‬‬
‫وقــد ورد يف اخلطــاب وعلــى لســان الرجــل « مثلمــا أعلنــا قــرار الوحــدة ســنعلن القــرار‬
‫اآلخــر» وأضــاف وبلغــة مــا كان لقائــد سياســي يتحلــى ولــو بشــيء يســير مــن احلصافــة ان‬
‫يقولــه حتــى ولــو كان يؤمــن بــه «هــم مختلفــون عنــا يف ملبســنا ومأكلنــا و و « !‬
‫يــا الهــي ايــن وصــل الرجــل مــن هبــوط يف خطابــه وكــم كان ذلــك يحــز يف نفســي ويــا‬
‫للمفارقــة بــن قولــه امــام االالف يف الســبعني بالعاصمــة صنعــاء وهــو يخاطــب املاليــن مــن‬
‫اليمنيــن يف الســبعني ويف طــول اليمــن وعرضهــا وجنوبهــا وشــمالها قائــا (وحــدة الــى‬
‫االبــد الــى االبــد الــى االبــد) وبــن خطــاب يتحــدث عــن فــروق املــأكل وامللبــس بــن اليمنيــن‬
‫مبتهجــا وهــو يســتمع إلــى نفــر قليــل مــن املصفقــن واملصفريــن يف زاويــة ضيقــة ال يراهــا‬
‫احــد ســوى البيــض ومفــردات خطابــه ذاك ‪.‬‬

‫لقــد كان هــذا مؤشــرا واضحــا بالنســبة لــي بــأن الرجــل علــى وشــك أن يرتكــب آخــر‬
‫حماقاتــه وأكبرهــا نكايــة بنفســه وبتاريخــه عبــر إعــان بائــس لــن يكــون لــه مــن تأثيــر‬
‫ســوى منــح الرئيــس صالــح وحلفائــه يف احلــرب مــا كانــوا يبحثــون عنــه طــوال فتــرة االزمــة‬
‫واحلــرب ليثبــت صحــة كل مــا كانــوا يقولــوه كذبـاً عــن انفصاليــة البيــض واالشــتراكي ولكــن‬
‫(‪((1‬‬
‫بأثــر رجعــي‬

‫(‪ )16‬العبــارة وردت يف احــد تصريحــات الشــهيد جــار اهلل عمــر يف اجابتــه علــى رأيــه يف تاثيــر قــرار االنفصــال بعــد أشــهر مــن‬
‫عودتــه الــى صنعــاء قائــا ( القــرار لــم يكــن لــه أي تأثيــر يف مجريــات احلــرب ســوى انــه منــح مــن اعلنــوا احلــرب شــرعية لــم تكــن‬
‫متتلكهــا ولكــن باثــر رجعــي)‬

‫‪24‬‬
‫املفارقــة أيضــا أن إذاعــة صنعــاء كانــت قــد اذاعــت يف الســاعة احلاديــة عشــر مــن ذلــك‬
‫املســاء خبــر إتصــال أجــراه فهــد بــن عبــد العزيــز آل ســعود ملــك الســعودية مــع الرئيــس‬
‫صالــح معلنــا وقوفــه مــع الوحــدة !‬

‫أغلقــت املذيــاع بعــد خطــاب البيــض ومنــت حزينــا كمــا لــم أحــزن مثلــه مــن قبــل ولــم‬
‫أنهــض إال وأخــي ينادينــي قائــا «محمــد محمــد قــم قــم البيــض يعلــن قــرار االنفصــال «‬
‫يــا للطامــة ‪.‬‬

‫ومــع أننــي كنــت قــد توقعــت األمــر كمــا أشــرت آنفــا اال إننــي شــعرت وأنــا اســمعها بلســان‬
‫البيــض صريحــة « نعلــن جمهوريــة اليمــن الدميقراطــي علــى احملافظــات الســت) أننــي‬
‫كمــن ينشــق نصفــن متذكــرا مصيــر ماليــن اليمنيــن ممــن أملــوا ان يكــون لهــم حضــورا‬
‫ومكانــة يف بلدهــم عبــر شــراكة احلــزب االشــتراكي كيــف لهــذا ان يتركهــم للذئــاب بعــد أن‬
‫منــح صالــح وخطابــه اإلعالمــي مصداقيــة يف دفاعــه عــن الوحــدة ؟‬

‫لقــد وضــع البيــض اليمنيــن عمومــاً وأعضــاء حزبــه وأنصــاره يف كل اليمــن يف حالــة‬
‫انعــدام الــوزن تنتابهــم مشــاعر مضطربــة مــن اخلــوف مــن املســتقبل واحلــزن علــى احللــم‬
‫الوطنــي والغضــب مــن أنفســهم كيــف صمتــوا قبــل كل هــذا علــى كل هــذا العبــث واملهــازل‬
‫التاريخيــة التــي نشــاهد نتائجهــا اليــوم هكــذا مــرة واحــدة ‪.‬‬

‫أصبــح هــذا هــو الوضــع املربــك الــذي وضعنــا فيــه اعــان البيــض حتــى أن كان الواحــد‬
‫منــا ويف نفــس الوقــت يخــاف مــن ان تنتهــي احلــرب قبــل احلفــاظ علــى الوحــدة ويخــاف‬
‫مــن هزميــة احلــزب ومشــروعه الوطنــي الدميقراطــي ومــا كان ميثلــه مــن تــوازن يف الســلطة‬
‫ومظلــة للتعدديــة والدميقراطيــة وبالتالــي انتصــار أصحــاب املشــروع البديــل أي أي مشــروع‬
‫االســتفراد بالســلطة ورفــض الشــراكة وحكــم الغلبــة والفيــد والتطــرف وحتالــف اجلماعــات‬
‫االصوليــة والرجعيــة مع ـاً ولــن أنســى كــم كان صالــح ســعيداً حــن قــرر بعــد ســاعات مــن‬
‫إعــان البيــض لالنفصــال والذهــاب الــى اجلامــع الكبيــر ليخطــب يف املصليــن بعــد صــاة‬
‫العيــد فرحـاً باعــان هزميــة االشــتراكي والبيــض‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫ولألمانــة اننــي لــم أعــش احلالــة نفســها او اقــل قليــا (حالــة احلــزن و القهــر واملــرارة‬
‫وخيبــة األمــل والشــعور بنهايــة حلــم كبيــر) اال بعــد ذلــك بـــ‪ ١٤‬عامـاً تقريبــا وحتديــدا اثنــاء‬
‫ســماعي خلطــاب علــي محســن صالــح االحمــر وهــو يعلــن انضمامــه لثــورة الشــباب مــن‬
‫قنــاة اجلزيــرة يف ‪21‬مــارس ‪2011‬م وحينهــا شــعرت وكأن االرض تنشــق بــي قائــا «لقــد‬
‫انتهــى االمــر وســرقوا حلمنــا مــن جديــد قاتلكــم اهلل يــا أخــوان ويــا مشــترك ويــا كل مــن‬
‫ســيوافق او يصمــت علــى هــذه الســرقة التاريخيــة حللــم اليمــن يف التغييــر للمــرة العاشــرة‬
‫بعــد االلــف !‬

‫*انتهــت حــرب صيــف ‪1994‬م لصالــح حتالــف مــا عــرف بقــوات الشــرعية مقابــل هزميــة‬
‫مــن أســموها بقــوى الــردة واالنفصــال وتشــرد البيــض وقيــادات احلــزب يف املنــايف وعــاد‬
‫صالــح مزهــوا بشــرعية احلفــاظ علــى الوحــدة ومتفــردا بالســلطة مــن جديــد ومــع ان‬
‫التوصيفــن معــا لــم يكونــا كذلــك اال ان هــذا هــو مــا ســجله التاريــخ لألســف الشــديد ‪.‬‬

‫*بالطبــع لــم نســلِّم بخطــاب املنتصريــن يف احلــرب العســكرية تلــك وظللنــا ندافــع عــن‬
‫احلــزب االشــتراكي اليمنــي ومشــروعه الوطنــي الدميقراطــي بقــوة قبــل ان ننتمــي الــى‬
‫صفوفــه رســميا بعــد عشــر ســنوات مــن تلــك احلــرب اللعينــة وبعــد أشــهر مــن كارثــة اخــرى‬
‫نزلــت علــى احلــزب االشــتراكي ممثلــة بجرميــة اغتيــال الشــهيد جــار اهلل عمــر ‪.‬‬

‫أي انــه وبقــدر مــا اعتبــرت نهايــة احلــرب بنتيجــة احلفــاظ علــى الوحــدة اليمنيــة وســقوط‬
‫مؤامــرة االنفصــال والتمــزق جيــدة اال اننــي وغيــري ظللنــا نقــف مــع احلــزب االشــتراكي‬
‫اليمنــي رافضــن سياســة الطــرف املنتصــر وخضنــا نضــاالً مريــراً مــن أجــل اســتعادة دولــة‬
‫املواطنــة والشــراكة ونظامهــا الوطنــي الدميقراطــي الــذي مثلتــه دولــة الوحــدة اليمنيــة‬
‫املعلــن عنهــا يف ‪22‬مايــو ‪1990‬م‪.‬‬

‫ويف ســبيل ذلــك تلقيــت شــخصياً ورفاقــي يف احلــزب وخارجه عنــت ومالحقات ومحاكمات‬
‫واعتقــاالت مــن قبــل ســلطة ‪1994/7/7‬م دون ان نتــردد عــن قــول مــا نؤمــن بــه مثلمــا لــن‬
‫نتخلــى عــن مــا نحملــه وندافــع عنــه مــن القضايــا الوطنيــة الكبــرى‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫واذا كان هنالــك مــن دروس نســتفيد فيهــا مــن اخطــاء رفاقنــا يف حــرب ‪1994‬م ومــا قبلهــا‬
‫ومــا بعدهــا فهــو اننــي شــخصيا قــررت ان ال اصمــت ‪ -‬ومــن يومهــا‪ -‬علــى أي خطيئة كبرى‬
‫يرتكبهــا حزبــي او الطــرف الــذي اقــف معــه وأحمــل مشــروعه الوطنــي ســواء كان حزبـاً او‬
‫قائــداً او تيــاراً خصوصــا اذا كانــت هــذا االخطــاء تتعلــق مبصائــر الشــعب والوطــن ووحــدة‬
‫التــراب الوطنــي وأمنــه القومــي فحينهــا يكــون الصمــت والتغاضــي جــزءاً مــن املؤامــرة‪.‬‬

‫وكــم مــن مؤامــرات لــم يكــن لهــا ان تتحقــق لــوال صمــت املطلعــن ومســايرة املثقفــن‬
‫والكتَّــاب واســاتذة اجلامعــات واألدبــاء واملبدعــن ملــا يرونــه امــام أعينهــم مــن كــوارث‬
‫واخطــاء يرتكــب مــن يدعــون حمــل أحالمهــم ومشــاريعهم الوطنيــة ويحققــون بأخطائهــم‬
‫وخطاياهــم وخياناتهــم مــا يعجــز األعــداء عــن حتقيقــه ‪.‬‬

‫أزمة الدميقراطية االجرائية‬

‫* انطباعاتــي وشــهادتي ‪-‬كمــا ســجلتها هنــا ‪-‬علــى وقائــع واحــداث عشــتها يف ازمــة وحــرب‬
‫‪94‬م ومنهــا بعــض مــن أخطــاء قيــادة احلــزب االشــتراكي اليمنــي يف تلــك الفتــرة والتــي كان‬
‫لهــا نتائــج كارثيــة كمــا أســلفنا ال تعنــي ان االشــتراكي هــو مــن بيــت احلــرب وســعى اليهــا‬
‫مــن وقــت مبكــر مــن اعــان الوحــدة اليمنيــة املجيــدة بــل مــن بيتهــا هــو الطــرف اآلخــر ومــن‬
‫عــرف بتحالــف احلــرب واملنتصريــن عســكريا فيهــا وهــو مــا ســتجدون بعــض مــن جتلياتــه‬
‫يف طيــات هــذا الكتــاب وفصولــه املختلفــة هــذا اوالً‪.‬‬

‫* وامــا ثانيــا فــان هــذا الكتــاب (ازمــة الدميقراطيــة االجرائيــة اليمنيــة) ال يــؤرخ اكادمييــا‬
‫لتلــك احلــرب وال خللفياتهــا وتداعياتهــا بقــدر مــا يرصــد ويحلــل عبــر عــدد مــن التقاريــر‬
‫واملقــاالت لتلــك االســتحقاقات االنتخابيــة التــي أجريــت يف اليمــن بعــد اعــان دولــة الوحدة‬
‫يف ‪22‬مايــو‪90‬م بــدا مــن اســتحقاق االســتفتاء علــى دســتور اجلمهوريــة اليمنيــة ‪16 -15‬‬
‫اغســطس ‪1991‬م وحتــى آخــر انتخابــات رئاســية يف ‪20‬ســبتمبر ‪2006‬م ولكــن احلــرب‬
‫وتداعياتهــا لــم تكــن لتتركنــا وال لتتــرك مــا حــدث بعدهــا دون ان تؤثــر عليــه بنتائجهــا‬
‫الســلبية وعلــى كل املســارات الوطنيــة ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫ا حلوالــي ســبعة‬ ‫* خــال ســبعة فصــول مــن الكتــاب ســتجدون رصــداً وأحصــاء وحتلي ـ ً‬
‫اســتحقاقات انتخابيــة ودســتورية أجريــت يف اليمــن خــال تلــك الفتــرة ومعظمهــا كتــب‬
‫يف حينــه أي قبــل وبعــد كل اســتحقاق منهــا علــى حــده أمــا علــى صيغــة تقاريــر وقــراءات‬
‫سياســية لظــروف االنتخابــات واهدافهــا ونتائجهــا السياســية ســبق ان قــدم بعضهــا للحزب‬
‫االشــتراكي اليمنــي لتضمينهــا تقاريــره السياســية اثنــاء انعقــاد دورات جلنتــه املركزيــة او‬
‫مؤمتراتــه العامــة كمــا هــو احلــال يف مــا تضمنــه الفصــل اخلامــس عــن االنتخابــات احملليــة‬
‫(‪2003‬م ) أو علــى صيغــة اوراق بحثيــة وحتليليــة ونقديــة قــدم بعضهــا يف حلقــات نقــاش‬
‫او يف مراكــز بحــوث كمــا هــو حــال الفصــل الثانــي (االنتخابــات الرئاســية االولــى ‪1999‬م)‪.‬‬

‫مــع مالحظــة ان جميعهــا خضعــت اثنــاء اعدادهــا للنشــر يف هــذا الكتــاب لالضافــة‬
‫والتعديــل او كتابــة مقدمــات توضيحيــة لهــا ولكــن كل تعديــل باالضافــة كنــت أشــير إليــه‬
‫ويتــم تقويســه علــى خــاف مــا مت اختصــاره مــن تلــك التقاريــر التفصيلــة التــي بــدت غيــر‬
‫مفيــدة اليــوم وباالضافــة الــى تلــك التقاريــر يتضمــن الكتــاب تلــك الكتابــات واملواقــف التــي‬
‫نشــرتها لــي صحــف املعارضــة والصحــف اخلليجيــة ووســائل اإلعــام املختلفــة عــن تلــك‬
‫االنتخابــات واالســتحقاقات الدســتورية ومواقــف االطــراف املختلفــة فيهــا ‪.‬‬

‫علــى أن اجلــزء األهــم يف توثيــق شــهادتي علــى تلــك املرحلة واخلروج بنتائج واســتخالصات‬
‫للمســتقبل هــو مــا تضمنــه الفصــل االول مــن هــذا الكتــاب ( ربيــع الدميقراطيــة اليمنيــة)‬
‫والفصل الســادس (تنافس الرئيس صالح مع بن شــمالن يف رئاســيات ســبتمبر التنافســية‬
‫‪2006‬م ) ‪.‬‬

‫ويف كل مــا توصلــت اليــه مــن نتائــج يف كل اســتحقاق مــن تلــك االســتحقاقات الســبعة‬
‫ســتالحظون انــه وبقــدر مــا كان للحــزب االشــتراكي اليمنــي ولكثيــر مــن القــوى الوطنيــة‬
‫املتحالفــة معــه الــدور األهــم يف جعــل النظــام الدميقراطــي التعــددي وحريــة الصحافــة‬
‫وحــق الشــعب يف تقريــر مصيــره واختيــار ممثليــه وحكامــة عبــر االقتــراع احلــر املباشــر‬
‫وتثبيــت كل ذلــك ضمــن دســتور الدولــة وقوانينهــا‪ ،‬وبقــدر مــا كان لنظــام الرئيــس صالــح‬
‫وحلفائــه مــن اإلخــوان املســلمني أوالً والقــوى األصوليــة والرجعيــة عموم ـاً الــدور األكبــر‬
‫واالساســي يف إضعــاف او رفــض كل تلــك االجنــازات التــي حققتهــا دولــة الوحــدة يف‬

‫‪28‬‬
‫(ربيعهــا الدميقراطــي) وان قبلــوا بعضهــا فقــد عملــوا علــى إفراغهــا مــن مضامينهــا‬
‫الفعليــة يف احلريــة والدميقراطيــة والتعدديــة وحقــوق االنســان وحتويلهــا إلــى أشــكال‬
‫فارغــة واجــراءات دوريــة بــا مضمــون بــل نقيضــة ملســمياتها متامــا ‪.‬‬

‫وأكثــر مــن هــذا حتويــل تلــك االســتحقاقات إلــى أزمــات سياســية ووطنيــة متواصلــة‬
‫ومتصاعــدة وبــدالً ان تكــون مخرجــاً مــن مــأزق الصــراع الدمــوي علــى الســلطة كانــت‬
‫دافعــا لهــذه القــوى لتفجيــر االزمــات حروبـاً وصراعــات ومبــا يــؤدي بالنتيحــة – وقــد أدى‬
‫‪ -‬إلــى إضعــاف اليمــن ومتزقــه وتدخــل القــوى اخلارجيــة املتآمــرة يف شــئونه ويف تقريــر‬
‫وحدتــه ومصيــره بــدال عنــه وكلهــا بســبب انانيــة هــذه االطــراف وتآمرهــا وســعيها إليقــاف‬
‫أي شــراكة وطنيــة تــارة وبســبب جهلهــا ملصاحلهــا ومبــدى ارتبــاط تلــك املصالــح املشــروعة‬
‫مبصلحــة الشــعب تــارة اخــرى رافضــة اخلــروج مــن يقينياتهــا الفارغــة يف مفاهيمهــا للوطــن‬
‫والديــن واملجتمــع تــارة ثالثــة‪.‬‬

‫واخلالصــة فقــد توفــرت لليمــن فــرص كثيــرة للنهــوض والتقــدم إال أن القــوى ذاتهــا التــي‬
‫وقفــت ضــد الوحــدة اليمنيــة والنظــام الدميقراطــي التعــددي واحلكــم احمللــي كانــت‬
‫باســتمرار حتــول دون انتهــاز تلــك الفــرص وآخرهــا فرصــة ثــورة الشــباب يف ‪11‬فبرايــر‬
‫‪2011‬م الذيــن لــم يتــرك لهــم الســير بالثــورة الــى األمــام بــل ســارعت تلــك القــوى االصوليــة‬
‫ذاتهــا الــى امتطــاء الثــورة ملقايضتهــا بنصــف النظــام ممثــا بعلــي محســن األحمــر لتوصلنــا‬
‫بعــد تلــك ملقايضــة الوطــن نفســه مبــا أســمته شــرعية الرئيــس عبدربــه منصــور هــادي يف‬
‫احلــرب الســعودية علــى اليمــن‪.‬‬

‫محمد محمد املقالح‬


‫صنعاء‬
‫يف ‪13‬يوليو‪2020‬م‬

‫‪29‬‬
‫ملــاذا ازدهــرت الدميقراطيــة يف‬

‫الفصل‬
‫املرحلــة االنتقاليــة‪.‬‬
‫االســتفتاء على دســتور الوحدة‬
‫وفشــل املناهضــن لها‪.‬‬
‫اول انتخابــات برملانيــة تعدديــة‬
‫من ربيع الدميقراطية‬
‫‪ 27‬ابريــل ‪1993‬م‪.‬‬
‫إلى انفجار احلرب‬
‫االســتقواء بنتائــج االنتخابــات‬
‫لتقليــص ش ــراكة احلــزب‪.‬‬
‫االشــتراكي امــام خيــارات صع بــة‬
‫(الدمــج ‪ -‬املعارضــة ‪ -‬احل ــرب)‪.‬‬
‫النقــاط ال‪ 18‬ووثيقــة العهــد‬
‫واالتفــاق‪.‬‬
‫البيــض يخســر شــعبيا وصالــح‬
‫يفجــر احلــرب‪.‬‬
‫عشرات القوانني والتشريعات الهامة التي أسست‬
‫للنظام التعددي وحرية الصحافة وإنشاء االحزاب‬
‫والنقابات واالنتخابات صدرت جميعها يف املرحلة‬
‫االنتقالية‪.‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫ربيع الدميقراطية اليمنية‬


‫(‪)1994-1989‬‬

‫منــذ اتفاقيــة الوحــدة ‪30‬نوفمبــر‪89‬م مــرورا بإعــان الوحــدة وقيــام اجلمهوريــة اليمنيــة يف‬
‫‪22‬مايــو‪1990‬م فالتحضيــر ثــم االســتفتاء الشــعبي علــى دســتور الوحــدة ‪15-16‬اغســطس‬
‫‪91‬م وحتــى اجــراء اول انتخابــات برملانيــة يف اجلمهوريــة اليمنيــة يف ‪27‬ابريــل ‪1993‬م‪،‬‬
‫خــاض اليمنيــون ‪-‬كل اليمنيــن ‪ -‬افــرادا واحزابــا ومنظمــات وصحافــة ومفكريــن وعلمــاء‬
‫وك َّتــاب ‪ ،‬حــوارات جديــة ومباشــرة ومعمقــة يف السياســة ويف الفكــر وعلــى كل املســتويات‬
‫ومــن راس الدولــة الــى قــاع املجتمــع ‪.‬‬

‫ومثــل مــا طرحــت كل اآلراء والقضايــا بحريــة عبــر البرملــان االنتقالــي(‪ ((1‬للجمهوريــة‬
‫اليمنيــة بجلســاته املفتوحــة واملنقولــة عبــر االثيــر كل يــوم وبــا رقابــة او منتجــة ‪ ،‬فقــد‬
‫خــاض اليمنيــون هــذا احلــوار العــام واملفتــوح ايضــا عبــر النــدوات واحلــوارات يف القنــوات‬
‫االعالميــة املختلفــة (تلفزيــون ‪-‬اذاعــة ‪-‬صحافــة) واكثــر مــن هــذا‪ -‬عبــر منابــر املســاجد‬
‫ومقايــل القــات وســيارات النقــل اجلماعــي فضــا عــن املراكــز واجلامعــات وفيهــا نوقشــت‬
‫كل القضايــا بــكل حريــة وعبــر قنــوات الدولــة وبرعايتهــا ‪.‬‬

‫وخــال عامــن ونيــف مــن اعــان اجلمهوريــة اليمنيــة وهــي الفتــرة ذاتهــا التــي عرفــت‬
‫باملرحلــة االنتقاليــة ‪ -‬صــدرت معظــم قوانــن وتشــريعات النظــام الدميقراطــي التعــددي‬
‫الــذي اعتمدتــه اجلمهوريــة اليمنيــة نظام ـاً سياســياً لهــا وضمنتــه يف اتفاقيــات الوحــدة‬
‫ومشــروع دســتور اجلمهوريــة اليمنيــة مبــا فيهــا قانــون االحــزاب وقانــون الصحافــة‬
‫واملطبوعــات وقانــون االنتخابــات واالســتفتاءات وقانــون املنظمــات املهنيــة واحملامــاة‬
‫وقانــون الســلطة القضائيــة ‪..‬و و الــخ ‪.‬‬

‫(‪ )17‬تشــكل البرملــان االنتقالــي مــن كل مــن اعضــاء مجلــس الشــورى يف صنعــاء وعددهــم (‪ )128‬واعضــاء مجلــس الشــعب االعلــى‬
‫يف عــدن وعددهــم (‪ )111‬ثــم اضيــف اليهــم بقــرار دســتوري (‪ )31‬عضــوا ‪-‬حــرص القــرار ان يكــون معظمهــم مــن الشــخصيات‬
‫الوطنيــة واالحــزاب غيــر احلاكمــة باإلضافــة الــى عــدد مــن اعضــاء احلزبــن‪ -‬ليصبــح عــدد اعضــاء مجلــس النــواب االنتقالــي‬
‫وفقــا لدســتور الوحــدة (‪ )301‬عضــوا‬

‫‪33‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫أي ان عشــرات القوانــن والتشــريعات الهامــة التــي اسســت للنظــام الدميقراطــي التعــددي‬
‫وحريــة الصحافــة واســتقالل القضــاء قــد صــدرت جميعهــا يف تلــك املرحلــة والــى درجــة ان‬
‫مــا صــدر بعدهــا او عــدل مــن التشــريعات الدســتورية والقانونيــة يف اجلمهوريــة اليمنيــة‬
‫كانــت تقريبــا الــى األســوأ فيمــا يخــص الدميقراطيــة وحريــة التعبيــر وبنــاء دولــة القانــون‬
‫والعدالــة واملواطنــة‪.‬‬

‫لقــد ازدهــرت الصحافــة اليمنيــة ايضــا واطلــق العنــان حلريــة التعبيــر وصــدرت عشــرات‬
‫الصحــف احلزبيــة واملســتقلة حتــى قبــل صــدور قانــون الصحافــة اجلديــد وانتعــش يف‬
‫الفتــرة ذاتهــا نشــاط النقابــات املهنيــة واملنظمــات الطالبيــة والنســائية واالبداعيــة واصبــح‬
‫لهــا صوتهــا ولهــا تأثيرهــا يف االحــداث‪.‬‬

‫وبالنســبة للتعدديــة احلزبيــة ســمح لألحــزاب التــي كانــت محرمــة يف صنعــاء(‪ ((1‬ومقصــورة‬
‫علــى احلــزب احلاكــم يف عــدن باخلــروج مــن حتــت الطاولة الى ســطحها ومارســت نشــاطها‬
‫وعقــدت مؤمتراتهــا يف صنعــاء وعــدن وغيرهمــا مــن املــدن اليمنيــة واعلنــت مواقفهــا‬
‫املعارضــة واملؤيــدة دون أي تخــوف او رقابــة مســبقة او الحقــة‪.‬‬

‫ومثلمــا منــح حــق النشــاط واالنتمــاء العلنــي لألحــزاب التقليديــة و التاريخيــة املعروفــة‬
‫كاالشــتراكي واملؤمتــر والناصــري والبعــث واالخــوان واحتــاد القــوى الشــعبية والرابطــة‬
‫فقــد اعلــن عــن انشــاء احــزاب وجماعــات سياســية ودينيــة جديــدة كحــزب احلــق والتجمــع‬
‫الوحــدوي وعشــرات االحــزاب اجلديــدة االخــرى بعضهــا كان إلنشــائه حيثيــات سياســية‬
‫واجتماعيــة فعليــة ولــو محــدودة واغلبهــا كانــت جــزءا مــن موضــة النشــاط السياســي او‬
‫بفعــل اجهــزة واطــراف سياســية!‬

‫واخلالصــة ورغــم التعقيــدات واالزمــات الصغيــرة والكبيــرة التــي بــرزت اثنــاء املرحلــة‬
‫االنتقاليــة وكان لبعضهــا تداعيــات خطيــرة فيمــا بعــد اال ان احلقيقــة التــي جتلــت يف أكثــر‬

‫(‪ )18‬لــم يطلــق علــى تنظيــم املؤمتــر الشــعبي يف صنعــاء حزبــا سياســيا اال بعــد الوحــدة ألن االحــزاب كانــت محرمــة يف اجلمهوريــة‬
‫العربيــة اليمنيــة مــن ناحيــة وألنــه كان – مــن ناحيــة اخــرى‪ -‬عبــارة عــن حتالــف واســع يضــم يف عضويتــه عناصــر مــن كل االحــزاب‬
‫دون ان تكــون احزابهــم جــزءا مــن التحالــف مــا عــدا االخــوان املســلمني وكبــار موظفــي الدولــة يف ســلطة صنعــاء واالخيــرون ومــن‬
‫انضــم اليهــم مــن االحــزاب االخــرى هــم مــن شــكلوا قيــادة املؤمتــر الشــعبي العــام ‪ -‬كحــزب او تنظيــم‪ -‬بعــد قيــام الوحــدة واعــان‬
‫التعددية‬

‫‪34‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫مــن مســار هــي ان املرحلــة االنتقاليــة كانــت أفضــل مراحــل الدميقراطيــة اليمنيــة بشــهادة‬
‫مــن عاشــوها مــن داخلهــا ومــن قبــل املنظمــات والدوائــر املعنيــة باألنظمــة الدميقراطيــة‬
‫مــن خارجهــا ‪.‬‬

‫لقــد كانــت املرحلــة االنتقاليــة ورغــم قصرهــا (‪1989‬م ‪1993-‬م) متثــل بالفعــل (ربيــع‬
‫الدميقراطيــة اليمنيــة ) حســب توصيــف سياســي مينــي كبيــر هــو الشــهيد املناضــل جــاراهلل‬
‫عمــر وهــي كذلــك مقارنــة بــكل العهــود التــي عاشــتها اليمــن قبــل تلــك املرحلــة وبعدهــا‬
‫وحتــى اليــوم‪.‬‬

‫ملاذا ازدهرت الصحافة واألحزاب ؟‬

‫ولكــن ملــاذا ازدهــرت الدميقراطيــة خــال الســنوات القليلــة التــي تلــت اعــان الوحــدة‬
‫اليمنيــة وخــال املرحلــة االنتقاليــة حتديــدا ؟‬
‫وملاذا تراجعت بعد اجراء اول انتخابات برملانية تعددية يف ‪27‬ابريل ‪1993‬م؟‬

‫ويف محاولــة االجابــة ميكــن القــول ان عوامــل واســباب عديــدة ســاهمت يف اعتبــار املرحلــة‬
‫االنتقاليــة هــي (ربيــع الدميقراطيــة اليمنيــة) فعــا مقارنــة مبــا قبلهــا ومــا بعدهــا ايضــا‬
‫ومــن هــذ العوامــل واالســباب مــا ميكــن ايجــازه علــى النحــو التالــي ‪-:‬‬

‫‪1.1‬التأييد الشعبي للوحدة‬

‫كان التأييــد الشــعبي الواســع إلعــان الوحــدة اليمنيــة وملــن كان لهــم الــدور احلاســم‬
‫يف حتقيقهــا وماخلقتــه الوحــدة اليمنيــة واعــان اجلمهوريــة اليمنيــة مــن آمــال وأحــام‬
‫عريضــة لــدى ابنــاء الشــعب وتطلعهــم بــل شــغفهم مبســتقبل مينــي جديــد يســوده االمــن‬
‫واالســتقرار واالزدهــار وتتوقــف فيــه احلــروب الشــطرية واحلــروب الداخليــة والقالقــل‬
‫االمنيــة علــى مســتوى كل شــطر مــن ناحيــة اخــرى كل هــذا كان عام ـ ً‬
‫ا اساســياَ يف تبنــي‬
‫النظــام اجلديــد للتعدديــة ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫وال شــك ان الشــعور بالثقــة وعظمــة االجنــاز لــدى الزعيمــن (صالــح – البيــض)‬
‫واحلزبــن (االشــتراكي واملؤمتــر) اللذيــن وقعــا علــى اعــان الوحــدة اليمنيــة بــن الشــطرين‬
‫قــد ســاهمت يف جعــل الســلطة التشــاركية بحزبيهــا تتبنــى رعايــة الدميقراطيــة والتعدديــة‬
‫بعــد ان تخلصــت باإلجنــاز الوحــدوي مــن املخــاوف واحملاذيــر التــي كانــا يخشــانها مــن‬
‫املعارضــة ومــن حريــة نشــاطها وحريــة التعبيــر وامكانيــة اســتغالل كل نظــام شــطري –‬
‫التعدديــة ‪ -‬ضــد نظــام الشــطر اآلخــر وهــي الدوافــع الرئيســة الســابقة لــكال احلزبــن يف‬
‫تقييــد احلريــة قبــل الوحــدة‪.‬‬

‫أي انــه وعلــى خلفيــة عظمــة االجنــاز الوحــدوي الــذي ظــل حلمـاً كبيــراً لــدى كل مينــي ومــن‬
‫كــون صالــح والبيــض همــا مــن اجنــزا مــا لــم ينجــزه حــكام اليمــن بشــطريه مــن قبــل هــو مــا‬
‫دفعهمــا لالقتــراب مــن شــعبهما اكثــر يف البدايــة وبــدت املخــاوف لــدى كليهمــا مــن حريــة‬
‫التعبيــر والتعدديــة السياســية منتهيــة علــى االقــل يف الســنوات االولــى لتحقيــق الوحــدة الــخ‬

‫وألن الوحــدة متــت اصــا باحلــوار والتفــاوض خالفــا ملــا كان مطروحــا قبــل اعالنهــا‬
‫فقــد ازدهــرت الدميقراطيــة خــال الســنوات االولــى للوحــدة وكانــت احلريــات العامــة‬
‫والصحافيــة واحلزبيــة عامــا يف جتــاوز كثيــر مــن الصعوبــات واالزمــات التــي اعترضــت‬
‫الدولــة اجلديــدة ونظامهــا الدميقراطــي‪.‬‬

‫‪2.2‬التوازن السياسي بني احلزبني‬

‫كان للتــوازن الــذي خلقــه تشــارك االشــتراكي واملؤمتــر داخــل الســلطة اجلديدة دور اساســي‬
‫وفعــال يف حمايــة التجربــة الدميقراطيــة ورعايتهــا خــال املرحلــة االنتقاليــة وكانــت‬
‫شــراكتهما ‪-‬وهمــا مــن ســياقات متعارضــة يف الفكــرة والرؤيــة وتاريــخ النشــأة ‪ -‬قــد مثلــت‬
‫مظلــة كبيــرة وحقيقيــة حلمايــة املواطنــن واالحــزاب واملنظمــات خــارج الســلطة مــن تغــول‬
‫أي منهمــا ضــد االخــر وضــد أي طــرف خارجهمــا ‪.‬‬
‫األمــر الــذي جعــل املواطنــن واالحــزاب والصحافــة يعبــرون عــن معتقداتهــم وآرائهــم‬
‫الفكريــة والسياســية والدينيــة بجــرأة وشــجاعة دون ان يتعرضــوا للعقــاب او للمالحقــة‬
‫طاملــا وتــوازن القــوة يف الســلطة حتمــي اجلميــع وال يســتطيع طــرف ان يتغــول علــى طــرف‬
‫آخــر او ضــد حلفــاء أي منهمــا خــارج الســلطة ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫وبالفعــل نشــأت االحــزاب وازدهــرت الصحافــة وحريــة التعبيــر وحتــى املــدارس الفقهيــة‬
‫واملذهبيــة التــي كانــت مضطهــدة يف الشــمال ومقيــدة يف اجلنــوب هــي األخــرى عبــرت‬
‫عــن نفســها وأنشــأت مدارســها حتــت حمايــة ومظلــة ذلــك التــوازن االيجابــي يف الســلطة‬
‫وحتــت اشــرافها ايضــا ‪.‬‬

‫‪3.3‬قناعة االشتراكي وحاجته‬

‫باإلضافــة الــى حتالــف االشــتراكي مــع املؤمتــر الشــعبي يف املرحلــة االنتقاليــة والــى‬
‫ســلطة التــوازن التــي مثلتهــا شــراكتهما الكاملــة يف دولــة الوحــدة خــال تلــك املرحلــة‬
‫ووفقــا التفاقيتهــا املوقــع عليهــا يف ‪30‬نوفمبــر‪89‬م ميكــن القــول ان متســك واصــرار احلــزب‬
‫االشــتراكي اليمنــي وقيــادات اساســية فيــه دون بقيــة االحــزاب مبــا فيهــا حليفــه املؤمتــر‬
‫بالتعدديــة وحريــة التعبيــر والدميقراطيــة عمومــا كان لذلــك دور اساســي وملحــوظ يف‬
‫ازدهــار الدميقراطيــة اليمنيــة حينهــا ‪.‬‬

‫ويف هــذا الســياق فقــد ظهــر االشــتراكي حينهــا اكثــر قناعــة بالدميقراطيــة واكثــر حاجــة‬
‫لهــا ويعــزو البعــض ذلــك الــى ان هــذه القناعــة جــاءت بعــد جتربــة مريــرة مــن الصراعــات‬
‫التــي خاضهــا ضــد نفســه يف ظــل احلكــم الشــمولي للحــزب يف عــدن ‪،‬وبعــد تعثــر نهــج‬
‫الكفــاح املســلح الــذي انتهجــه ضــد نظــام صنعــاء ‪،‬فضــا عــن وجــود شــيء مــن االنضبــاط‬
‫وااللتــزام بالقانــون يف (اليمــن الدميقراطــي) ميكــن التأســيس عليهــا لقيــام دولــة مدنيــة كل‬
‫هــذه كانــت مــن العوامــل التــي جعلــت االشــتراكي اكثــر االحــزاب اليمنيــة جاهزيــة ملمارســة‬
‫الدميقراطيــة وحمايتهــا يف نظــام الدولــة اجلديــدة ‪.‬‬

‫وبهــذا املعنــى فقــد كانــت الدميقراطيــة وعــن قناعــه لــدى احلــزب بــأن الدميقراطيــة‬
‫والتعدديــة وســيلة وحيــدة لتحقيــق اهدافــه وبرامجــه االجتماعيــة والوطنيــة بعــد ان تعثــرت‬
‫او فشــلت الوســائل األخــرى (حتــى ان احلــزب وبعــد احــداث ‪13‬ينايــر ‪1986‬م وقبــل اعالنــه‬
‫الوحــدة بســنوات كان قــد اعتمــد احلــوار واالصــاح السياســي كوســيلة وحيــدة حلــل‬
‫اخلالفــات داخــل صفوفــه ويف الســلطة مــن ناحيــة واعتمــد املفاوضــات السياســية بــدالً‬
‫مــن الكفــاح املســلح لتحقيــق الوحــدة اليمنيــة مــن ناحيــة اخــرى) ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫طبعــا دون اغفــال عامــل رئيســي آخــر وهــو ان الدميقراطيــة والتعدديــة السياســية كانــت‬
‫متثــل مصلحــة وحاجــة حقيقــة بالنســبة للحــزب االشــتراكي اليمنــي خالفــا لشــريكه اآلخــر‬
‫(املؤمتــر) وآخريــن خــارج شــراكتهما حيــث كانــت التعدديــة احلزبيــة وحريــة الصحافــة‬
‫بالنســبة لــه مبثابــة الورقــة السياســية والشــعبية الرابحــة التــي يســتقوي بهــا حلمايــة نفســه‬
‫ككيــان سياســي وحــزب يســاري قومــي وماركســي امــام القــوى التقليديــة واجلماعــات‬
‫الدينيــة الســلفية والوهابيــة التــي كانــت ترفــض وجــوده وتفتــي بتكفيــره وتعتبــره ومعــه‬
‫احلزبيــة والدميقراطيــة عمومــا كفــرا ومروقــا ومخالفــة ألحــكام الشــريعة ‪.‬‬

‫ومــن هــذه املعطيــات وبغــض النظــر مــا اذا كانــت تعبــر عــن قناعتــه او حاجتــه للدميقراطيــة‬
‫اال ان االشــتراكي اليمنــي هــو بالدرجــة االولــى مــن جعــل وجــوده يف الســلطة مظلــة‬
‫الزدهــار التعدديــة والدميقراطيــة وحريــة التعبيــر وكان لتمســك عــدد مــن قادتــه بالنظــام‬
‫الدميقراطــي التعــددي لدولــة الوحــدة مبــا يف ذلــك رفضهــم خليــار االندمــاج مــع املؤمتــر‬
‫الشــعبي وتشــكيل جبهــة سياســية تضــم كل االحــزاب داخــل الســلطة والغــاء املعارضــة‬
‫(‪((1‬‬
‫خارجهــا قــد مثــل العامــل االهــم يف ازدهــار احلريــات العامــة خــال املرحلــة االنتقاليــة‬

‫الشعب يصوت لدستور الوحدة ويسقط مؤامرة افشالها‬

‫ينبغــي القــول بــأن ازدهــار الدميقراطيــة يف املرحلــة االنتقاليــة لــم يكــن يعنــي ان الواقــع‬
‫السياســي واالجتماعــي منســجم مــع النظــام الدميقراطــي او جاهــز لتبنيــه ‪ ،‬وهكــذا االمــر‬
‫بالنســبة لضعــف اذا لــم نقــل انعــدام البنيــة التحتيــة للنظــام الدميقراطــي يف الدولــة‬
‫املوحــدة (اجلمهوريــة اليمنيــة) ‪.‬‬

‫واذا مــا اضفنــا الــى ذلــك عامــا اخــر وخطيــرا وهــو ان القــوى التقليديــة واالصوليــة‬
‫كانــت ترفــض النظــام الدميقراطــي مــن حيــث املبــدأ مثلمــا ترفــض مجــرد وجــود احلــزب‬
‫(‪ )19‬شــكلت جلنــة سياســية رفيعــة املســتوى ملناقشــة طبيعــة النظــام السياســي بعــد التوقيــع علــى اتفاقيــة الوحــدة وكان امــام‬
‫اللجنــة ثالثــة خيــارات ‪ -1‬دمــج احلــزب واملؤمتــر يف حــزب واحــد يحكــم املرحلــة االنتقاليــة ‪2-‬دمــج كل االحــزاب يف جبهــة وطنيــة‬
‫واحــدة او ‪-3‬تتــرك االحــزاب كمــا هــي احــزاب مســتقلة والســماح الكامــل للتعدديــة وان يحكــم االشــتراكي واملؤمتــر خــال املرحلــة‬
‫االنتقاليــة باســميهما وقــد اصــر االشــتراكي علــى اخليــار االخيــر أي الســماح للتعدديــة السياســية الن الصيغتــن االخريتــن ســتؤدي‬
‫حتمــا الــى الغــاء التعدديــة وبقــاء حــزب واحــد هــو حــزب الســلطة حســب تفســير احــد اعضــاء اللجنــة وهــو الشــهيد جــار اهلل عمــر‬

‫‪38‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫االشــتراكي اليمنــي واحلزبيــة والتعدديــة السياســية عمومــا فمــا بالــك بشــراكة احلــزب‬
‫الكاملــة يف دولــة الوحــدة الــى جانــب املؤمتــر الشــعبي العــام الــذي كان يعنــي فيمــا يعنــي‬
‫نهايــة االمتيــاز التاريخــي الــذي كانــت حتــوز عليــه جماعــة االخــوان كجماعــة منظمــة حتكــم‬
‫بالشــراكة مــع الرئيــس صالــح وكان وجــود االشــتراكي شــريكا ثنائيــا للمؤمتــر يف الســلطة‬
‫مشــكلة كبيــرة لإلخــوان اضطرتهــم للخــروج مــن عضويــة املؤمتــر الشــعبي العــام واعــان‬
‫حزبهــم اخلــاص وهــو التجمــع اليمنــي لإلصــاح ‪.‬‬

‫وهــو مــا يفســر رفــض معظــم ان لــم اقــل جميــع القــوى التقليديــة املرتبطــة باجلــوار‬
‫الرجعــي العربــي امثــال (االخــوان املســلمون) واملشــايخ القبليــن املرتبطــن بالســعودية‬
‫باإلضافــة الــى الســلفيني واجلماعــات املتطرفــة والتــي وقفــت جميعهــا موقــف الرافــض‬
‫متامــا لدســتور دولــة الوحــدة بــل انهــا رفضــت الوحــدة نفســها منــذ البدايــة ‪.‬‬

‫ولهــذه االســباب فقــد ســارعت كل القــوى اآلنفــة الذكــر ومنــذ التوقيــع علــى اتفاقيــة‬
‫الوحــدة يف ‪30‬نوفمبــر ‪1989‬م الــى شــن حملــة سياســية واعالميــة مباشــرة وواســعة ضــد‬
‫احلــزب االشــتراكي اليمنــي وضــد مــا اســمته الدســتور العلمانــي ( أي مشــروع دســتور‬
‫دولــة الوحــدة) رافضــة الوحــدة علــى اساســه او مــع مــن اســمتهم الشــيوعيني وامللحديــن‬
‫والعلمانيــن وقــد ظــل األمــر كذلــك حتــى االســتفتاء علــى دســتور اجلمهوريــة اليمنيــة بــل‬
‫حتــى انــدالع حــرب واســعة بــن شــريكي الوحــدة يف ‪94‬م‪.‬‬

‫ومــع ان مشــروع دســتور دولــة الوحــدة املقــر كمشــروع يف ‪1981‬م قــد نــص على ان (االســام‬
‫هــو املصــدر الرئيســي للتشــريع) اال ان هــذه القــوى لــم تعتبــر ذلــك كافيــا إلخراجــه مــن‬
‫صفــة العلمانيــة‪ :‬رافضــة االقــرار بــأن مــن اعتمــدوه ووقعــوا علــى الوحــدة علــى اساســه‬
‫هــم ايضــا مســلمني مثــل بقيــة اليمنيــن‪.‬‬

‫مــن ناحيتهمــا اعتبــر احلزبــان احلاكمــان حينهــا اصــرار االخــوان علــى تعديــل املــادة الثالثــة‬
‫للدســتور خالفــا ملشــروع الدســتور الــذي اعلنــت مبوجبــه اجلمهوريــة اليمنية طعنــا بالوحدة‬
‫نفســها وعمليــة ابتــزاز مرفوضــة وهكــذا كان موقــف بقيــة القــوى السياســية خــارج حتالــف‬
‫االخــوان املســلمني مبــن فيهــم رجــال ديــن وقــوى سياســية اســامية تقليديــة (شــافعية‬

‫‪39‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫وصوفيــة وزيديــة)(‪ ((2‬اعلنــت موقفهمــا املؤيــد للوحــدة ودســتورها معتبريــن رفــض دســتور‬
‫دولــة الوحــدة تعنــي رفــض الوحــدة نفســها ولذلــك لــم يخضــع احلزبــان وغالبيــة الــرأي‬
‫العــام البتــزاز االخــوان وحلفهــم الرجعــي واعتراضاتهــم الصاخبــة ومظاهراتهــم املســلحة‬
‫التــي ســيروها يف صنعــاء واســموها «مســيرة املليــون»‪.‬‬

‫ولذلــك ورغــم كل ذلــك فقــد مــرت عمليــة االســتفتاء علــى الدســتور بنجــاح كبيــر واجريــت‬
‫يف موعدهــا يف يومــي ‪15‬و‪16‬مايــو ‪1991‬م وبالتالــي لــم تؤثــر احلملــة ضــد الدســتور علــى‬
‫موقــف الشــعب مــن دســتور الوحــدة وال علــى عالقــة التحالــف والشــراكة بــن احلزبــن‬
‫احلاكمــن حتــى ذلــك التاريــخ علــى االقــل حيــث صــوت غالبيــة كبيــرة مــن ابنــاء الشــعب‬
‫اليمنــي املشــاركني يف االســتفتاء ب(نعــم) للدســتور وبالتالــي نعــم للوحــدة اليمنيــة وبنســبة‬
‫كبيــرة جــدا وصلــت الــى (‪ )%98‬وثالثــة مــن عشــرة‪.‬‬

‫ومــن واقــع بيانــات التصويــت التــي اعلنــت رســمياً عــن نتيجــة االســتفتاء فقــد صــوت‬
‫الشــعب بنعــم وبأغلبيــة كاســحة وبنســبة (‪ )%98‬وثالثــة مــن عشــرة كمــا اســلفنا يف جميــع‬
‫محافظــات اجلمهوريــة اليمنيــة شــماال وجنوبــا عمومــا ووصلــت يف بعــض احملافظــات مثــل‬
‫حلــج وصعــدة الــى نســبة الـــ‪ %100‬تقريبــا تليهــا وان بنســب قريبــة ايضــا كل مــن عــدن‬
‫وصنعــاء وتعــز واب والبيضــاء مــا يعنــي ان حملــة القــوى االصوليــة والرجعيــة قــد فشــلت‬
‫فشــا ذريعــا يف دفــع الــرأي العــام الــى مقاطعــة االســتفتاء وهــو مــا اضطرهــا للتراجــع‬
‫قليــا يف موقفهــا الرافــض للوحــدة مــع االشــتراكي واشــتراطها تعديــل املــادة الثالثــة مــن‬
‫الدســتور بعــد اعــان نتيجــة االســتفتاء مباشــرة )‪.‬‬

‫لقــد كان االســتفتاء علــى الدســتور وبذلــك الزخــم الشــعبي الكبيــر الــذي ســبقه ومــا رافقــه‬
‫مــن جــدل وحــوارات وطنيــة واســعة وخالفــات حــادة مــع املعارضــن لــه هــو اول اجــراء‬
‫دميقراطــي ميارســه الشــعب اليمنــي بحريــة وبــا رقابــة او توجيــه يف اجلمهوريــة اليمنيــة‬
‫بــل ويف اجلمهوريتــن الشــطريتني ايضــا‪.‬‬

‫(‪ )20‬يشــار هنــا الــى بيــان علمــاء الديــن التقليديــن مــن املذهبــن الزيــدي والشــافعي الســائدين والــذي صــدر يف الفتــرة نفســها‬
‫مؤيــدا للوحــدة وضــد خطــاب االخــوان والســلفيني متضمنــا دعــوة الشــعب الــى التصويــت بنعــم للوحــدة ودســتورها الــذي نشــر يف‬
‫صحيفــة اجلمهوريــة عشــية اجتمــاع عقــد لقيادتــي جمهوريتــي صنعــاء وعــدن يف مدينــة تعــز‬

‫‪40‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫وبتصويــت الشــعب بنعــم ملشــروع دســتور دولــة الوحــدة انتقــل قــرار الوحــدة مــن احلزبــن‬
‫احلاكمــن الــى الشــعب ومــن حينهــا لــم يعــد ألي طــرف سياســي التراجــع عــن الوحــدة او‬
‫رهنهــا للصراعــات السياســية داخــل اجلمهوريــة اليمنيــة واصبــح التفكيــر بالعــودة عــن‬
‫الوحــدة اليمنيــة وقيــام اجلمهوريــة اليمنيــة او النكــوص عنهــا خيانــة وطنيــة كبــرى‪.‬‬

‫مخاوف ما بعد االنتقالية!‬

‫قبــل واثنــاء االســتفتاء علــى الدســتور كان احلزبــان احلاكمــان علــى وفــاق كبيــر يف املوقــف‬
‫مــن الوحــدة ونظامهــا الدميقراطــي يف مواجهــة القــوى الرجعيــة الرافضــة للوحــدة‪.‬‬

‫ورمبــا كان ذلــك الوفــاق واالنســجام التحالفــي يعــود الــى ان االســتفتاء كان يتعلــق بشــرعية‬
‫الوحــدة ودســتورها وزعيمــي احلزبــن اللذيــن حســما اجنازهــا األمــر الــذي جعــل وحــدة‬
‫موقــف احلزبــن املوقعــن عليهــا حاســمة يف اجنــاح االســتفتاء علــى دســتورها ويف افشــال‬
‫كل مــن حــاول عرقلــة االســتفتاء‪.‬‬

‫ولكــن حــن بــدأت االطــراف تفكــر باإلجابــة علــى ســؤال مــاذا بعــد املرحلــة االنتقاليــة اوال‬
‫وحــن تصاعــدت االزمــة يف املنطقــة واختــاف موقــف احلزبــن مــن غــزو العــراق للكويــت‬
‫وطــرد الســعودية لعشــرات االالف مــن العمــال اليمنيــن وتوتــر العالقــات اليمنيــة الســعودية‬
‫والصعوبــات االقتصاديــة التــي واجهــت الدولــة احلديثــة النشــأة ثانيــا بــدأت االزمــة بــن‬
‫احلزبــن تــزداد حــدة تخللتهــا عمليــات امنيــة واغتيــال سياســية وارهابيــة طالــت عــددا مــن‬
‫قيــادات ومقــرات احلــزب االشــتراكي‪.‬‬
‫وحــن ترافــق ذلــك بضغــط حتالــف ســلطة صنعــاء بضــرورة االســراع بإجــراء االنتخابــات‬
‫البرملانيــة طــرح حينهــا الســؤال وبقــوة ولكــن مــاذا بعــد ان تصبــح شــراكة احلزبــن ال‬
‫تســتند يف شــرعيتها الــى اتفاقيــة الوحــدة التــي نصــت علــى تقاســم الســلطة مناصفــة‬
‫بــن احلزبــن وبالتالــي ســلطة الدولتــن الشــطريتني بــل الــى نســبة مــا ســتفرز نتائــج‬
‫االنتخابــات مــن مقاعــد واصــوات يف البرملــان املنتخــب ومــن ســيخرج او يبقــى يف الشــراكة‬
‫بحكــم الصنــدوق‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫وعنــد هــذه النقطــة بالــذات بــدأت مخــاوف الشــريكني مــن بعضهمــا البعــض ومــن امكانيــة‬
‫ان يســتقوي احدهمــا بنتائــج االنتخابــات إلخــراج الشــريك اآلخــر مــن الســلطة او تقليــص‬
‫وجــوده فيهــا علــى االقــل‪ ،‬وقــد عكســت هــذه املخــاوف نفســها ســلبا وضعفــا يف عالقــة‬
‫التحالــف و عــدم الثقــة فيمــا بينهمــا وادت بالتالــي الــى صــراع داخــل الدولــة واملجتمــع‬
‫وهــذا مــا حــدث لألســف الحقــا وبعــد اول انتخابــات برملانيــة يف اجلمهوريــة اليمنيــة‬
‫حتديــدا‪.‬‬

‫ففــي الفتــرة املمتــدة مــن تاريــخ اجــراء االســتفتاء علــى الدســتور يف أغســطس ‪1991‬م‬
‫وحتــى اجــراء اول انتخابــات برملانيــة ‪27‬ابريــل ‪1993‬م تصاعــدت االزمــة بــن املؤمتــر‬
‫واالشــتراكي يف عالقاتهمــا ومــا ان مــرت اشــهر قليلــة مــن جنــاح االســتفتاء علــى الدســتور‬
‫حتــى بــدأت املناكفــات والصراعــات داخــل شــريكي احلكــم مــن ناحيــة وضدهمــا ومــن‬
‫خراجهمــا مــن ناحيــة ثانيــة وضــد االشــتراكي مــن داخــل الســلطة ومــن خارجهــا مــن ناحيــة‬
‫ثالثــة‪.‬‬

‫ليتبــن ان ازدهــار الدميقراطيــة يف املرحلــة االنتقاليــة كان ســببه الرئيســي هــو التــوازن يف‬
‫شــراكة املؤمتــر واالصــاح داخــل الســلطة والتوافــق يف عالقاتهمــا وهــو مــا حكمتــه اتفاقيــة‬
‫الوحــدة بإعــان فتــرة عامــن ونصــف إلجنــاز مهمــة الدمــج والبنــاء الدميقراطــي للدولــة‬
‫وهــي معادلــة صحيحــة وقويــة احلجــة والدليــل‪ ،‬وطنيــا ومنطقيــا وكان يفتــرض ان تراعــى‬
‫حرصــا علــى الوحــدة ونظامهــا الدميقراطــي االمــر الــذي كان يحتــم مــد املرحلــة االنتقاليــة‬
‫ال تقصيرهــا او الغائهــا ‪.‬‬

‫وبغــض النظــر عــن حيثيــات تغييــر موقف الشــريكني من املرحلة االنتقالية وحســن نواياهما‬
‫الوحدويــة مبســارعتهما الــى اعــان اجلمهوريــة يف ‪22‬مايــو ‪1990‬م قبــل انقضــاء املرحلــة‬
‫االنتقاليــة والــذي كان يفتــرض ان يعــوض بتمديــد شــراكة احلزبــن بعــد االنتخابــات وحتــى‬
‫تدمــج جميــع مؤسســات الدولتــن يف كيــان واحــد وعلــى رأســها اجليــش واجهــزة االمــن‬
‫واجلهازيــن االداريــن األمــر الــذي جعــل عمليــة الدمــج عمليــة اســتعجالية هشــة بــل ان‬
‫عمليــة الدمــج نفســها حتولــت الــى مــادة للســجال والصــراع السياســي بــن احلزبــن وســببا‬
‫مــن اســباب االزمــة وتاليــا احلــرب وهــذا اوال‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫كمــا ان اجــراء االنتخابــات البرملانيــة االولــى بعــد عامــن ونصــف مــن اعــان اجلمهوريــة‬
‫اليمنيــة بــدالً مــن اجرائهــا بعــد فتــرة كافيــة مــن انتهــاء املرحلــة االنتقاليــة كان يعنــي انتقــال‬
‫الســلطة يف الدولــة اجلديــدة مــن شــراكة احلزبــن اللذيــن اعلنــا الوحــدة الــى اختــال‬
‫التــوازن داخــل الســلطة ومــن حالــة الوفــاق والتحالــف يف الســلطة الــى حالــة الصــراع علــى‬
‫الســلطة ‪.‬‬

‫انــه وبــدال مــن مــد الفتــرة االنتقاليــة اكثــر مــن اجــل دمــج مؤسســات الدولتــن يف دولــة‬
‫واحــدة والعمــل علــى ترســيخ التجربــة الدميقراطيــة برعايــة احلزبــن وحتــت مظلتهمــا‬
‫مــن خــال اجــراء االنتخابــات احملليــة قبــل البرملانيــة وبأكثــر مــن دورة انتخابيــة حتولــت‬
‫الدميقراطيــة االجرائيــة (االنتخابــات) ســوطا لضــرب التجربــة الدميقراطيــة الوليــدة‬
‫نفســها وعــدم اســتكمال بنيتهــا واضعافهــا والتحايــل عليهــا بدوافــع االســتحواذ علــى‬
‫الســلطة واقصــاء الشــريك االشــتراكي فيهــا اوال وبهواجــس املخــاوف املتبادلــة مــن نتائــج‬
‫االنتخابــات احملتملــة ثانيــا‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫عناوين الصراع عشية االنتخابات !‬

‫ميكن تلخيص االزمة عشية االنتخابات االولى بعناوينها التالية ‪:‬‬

‫‪-1‬احملاصصة‬

‫بــدأت االزمــة بــن احلزبــن يف اثــارة موضــوع احملاصصــة احلزبيــة واتهــام احلــزب انــه‬
‫اضــاف الــى خزينــة الدولــة وكادرهــا الوظيفــي مئــات االالف مــن عناصــره قــام بدمجهــم‬
‫كموظفــن يف مؤسســات الدولــة عشــية اعــان الوحــدة وبذلــك تقاســم املؤمتــر واالشــتراكي‬
‫الوظائــف االداريــة يف الدولــة دون بقيــة املواطنــن فيمــا احلقيقــة انــه كان ثمــة بعــد آخــر‬
‫لــم يتــم مراعاتــه يف حملــة التعريــض والتحريــض وهــي ان االمــر يف بعــض جوانبــه كان‬
‫يتعلــق بدمــج موظفــي دولــة اليمــن الدميقراطــي يف دولــة الوحــدة وليــس زيــادة حصــة‬
‫احلــزب فيهــا وان التقاســم بــن املؤمتــر واالشــتراكي كان محصــوراً يف املناصــب السياســية‬
‫كالــوزراء واملــدراء ورؤســاء املؤسســات ولكــن االصــاح وهــو مــن اثــار تلــك احلملــة ضــد‬
‫احلــزب ادعــى خــاف ذلــك وضغــط مــع املؤمتــر علــى ضــرورة منــح جميــع رؤســاء النقابــات‬
‫واالحتــادات والروابــط املعنيــة واالبداعيــة التــي كانــت موجــودة يف الشــمال درجــات وظيفية‬
‫ومســاواتهم بوضــع النقابــات احلزبيــة يف اجلنــوب بــل ومت توظيــف كادر واســع لــكل مــن‬
‫املؤمتــر واالصــاح حتــت هــذه احلجــة‪.‬‬
‫غيــر انــه ويف الوقــت الــذي اســتخدمت احملاصصــة ملنــح وظائــف ومناصــب ودرجــات‬
‫وظيفيــة لإلصــاح واملؤمتــر مقابــل مــا زعمــوه حصــة االشــتراكي ال حصــة الدولــة التــي كان‬
‫يحكمهــا بقــدر مــا رفضــوا يف نفــس الوقــت تســكني ألالف مــن مقاتلــي اجلبهــة الوطنيــة يف‬
‫الدولــة (مؤسســتي اجليــش واالمــن) او ومنحهــم درجــات وظيفيــة مســتحقة وقــد مت ذلــك‬
‫بتواطــؤ عــدد مــن قيــادات احلــزب(‪ ((2‬ومــن ثــم اســتخدام تعنتهــم يف محاولــة شــق صفــوف‬
‫احلــزب اال ان تهمــة احملاصصــة ظلــت تهمــة محصــورة باحلــزب وعنوانــا للتحريــض‬
‫عليــه‪.‬‬

‫(‪ )21‬كان اكثــر مــن رفــض عمليــة تســكني عناصــر اجلبهــة الوطنيــة ضمــن كادر الدولــة الوظيفــي كل مــن األخويــن محمــد حيــدرة‬
‫مســدوس‪ -‬اشــتراكي‪ -‬الــذي كان يشــغل منصــب رئيــس الــوزراء لشــؤون املــوارد البشــرية واجلنــرال علــي محســن االحمــر – اخوانــي‬
‫مؤمتــري‪ -‬قائــد الفرقــة االولــى مــدرع ولــكل دوافعــه املختلفــة االول بدوافــع مناطقيــة داخــل احلــزب والثانــي بدوافــع سياســية ضــد‬
‫احلزب‬

‫‪44‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫‪ -2‬جرائم االغتياالت السياسية ضد قيادات احلزب‬

‫كان العنــوان الثانــي واالكبــر يف تأجيــج االزمــة اليمنيــة عشــية اول انتخابــات برملانيــة‬
‫هــي جرائــم االغتيــاالت السياســية التــي طالــت عــدداً كبيــراً مــن قيــادات االشــتراكي‬
‫وكــوادره بينهــم اعضــاء مكتــب سياســي واعضــاء جلنــة مركزيــة وقيــادات محليــة يف‬
‫احملافظــات املختلفــة وقــد جتــاوز عــدد الشــخصيات االشــتراكية التــي مت تصفيتهــا قبــل‬
‫وبعــد االنتخابــات البرملانيــة مباشــرة الــى اكثــر مــن ‪ 156‬شــخصية اشــتراكية معظمهــا مــن‬
‫(‪((2‬‬
‫اعضــاء احلــزب يف احملافظــات الشــمالية‬

‫وعندمــا كانــت جرائــم االغتيــاالت تأخــذ الطابــع التكفيــري فقــد كان الهــدف واضحــا مــن‬
‫ذلــك وهــو اضعــاف احلــزب واحــراج قيادتــه بــن جمهورهــا وتخويفهــا مــن عمــل أي شــيء‬
‫لرفــض سياســة االقصــاء التــي بــدأت ممنهجــة وواضحــة فضــا عــن تخويــف وإرعــاب‬
‫املواطنــن يف الشــمال مــن خطــورة التصويــت للحــزب علــى حياتهــم ومصاحلهــم‪.‬‬

‫‪ -3‬التوجس من نتائج االنتخابات‬

‫كانــت املخــاوف مــن نتائــج االنتخابــات‪ .‬وســعي كل طــرف علــى كســب أكبــر عــدد مــن‬
‫مقاعدهــا وبهــدف تقليــص حصــة اآلخــر يف الســلطة اعتمــادا علــى كــم مــن املقاعــد‬
‫ســيحوزها وبالتالــي االختالفــات احلــادة بــن شــريكي احلكــم التــي رافقــت جميــع مراحــل‬
‫العمليــة االنتخابيــة تقــف ايضــا وراء تصاعــد حمــى االغتيــاالت والتوتــرات االمنيــة‬
‫وويغذيهــا خطــاب سياســي حتريضــي وآخــر دينــي تكفيــري ومــن اعلــى مســتويات قيــادات‬
‫املؤمتــر واالصــاح مــن ومبــا يضعــف مــن امكانيــة فــوز احلــزب االشــتراكي بــأي نســبة‬
‫تبقيــه شــريكاً ثانيــاً يف ائتــاف احلكــم بعــد انتهــاء املرحلــة االنتقاليــة‪.‬‬

‫(‪ )22‬كان مــن بــن ابــرز قيــادات احلــزب التــي مت اغتيالهــا يف تلــك الفتــرة مــن اينــاء احملافظــات اجلنوبيــة هــو الشــهيد ماجــد‬
‫مرشــد ضابــط التوجيــه املعنــوي يف القــوات املســلحة «الصبيحــة حلــج» فقــط ومــن ابــرز القيــادات االشــتراكية التــي اصيبــت‬
‫بجــراح جســيمة هــو املناضــل علــي صالــح عبــاد مقبــل ســكرتير منظمــة احلــزب يف ابــن حينهــا امــا بقيــة جرائــم االغتيــال التــي‬
‫طالــت قيــادات اشــتراكية يف تلــك املرحلــة فجميعهــم تقريبــا مــن ابنــاء احملافظــات الشــمالية بينهــم وزيــر العــدل حينهــا عبــد‬
‫الواســع ســام (اصيــب اصابــات بالغــة ولــم يقتــل وكــذا ســكرتير منظمــة احلــزب يف ذمــار الشــهيد حســني الشــامي وقرابــة ال‪150‬‬
‫شــخصية اخــرى مبــن فيهــم اول ضحايــا االغتيــاالت الشــهيد علــي احلريبــي «التجمــع الوحــدوي»‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫‪ -4‬غزو اجليش العراقي للكويت‬

‫كان ألزمــة اخلليــج واختــاف مواقــف احلزبــن حــول غــزو العــراق للكويــت قــد ســاهم‬
‫يف تأجيــج االزمــة وتصعيدهــا اكثــر وســمح لألطــراف االقليميــة كالســعودية واالمــارات‬
‫وقطــر وحتــى الكويــت والعــراق للتدخــل يف شــئون اليمــن الداخليــة ومبــا يزيــد مــن شــقة‬
‫اخلــاف ويف دعــم القــوى املتطرفــة واالرهابيــة ومتوينهــا ســعوديا حتــى تفجــرت حربـاً بعــد‬
‫االنتخابــات كمــا ســياتي الحقــا ‪.‬‬

‫‪ -5‬النزعة اجلنوبية‬

‫كان لقلــق امــن عــام احلــزب وبعــض قيــادات االشــتراكي مــن محــاوالت الطــرف اآلخــر يف‬
‫عــزل احلــزب عــن احملافظــات الشــمالية وتخوفــه مــن ارتفــاع عــدد الــكادر االشــتراكي يف‬
‫احملافظــات اجلنوبيــة قــد ســاهم يف تعزيــز النزعــة اجلنوبيــة داخــل قيــادة احلــزب والدفــع‬
‫باجتــاه التمتــرس وراء احملافظــات اجلنوبيــة والشــرقية التــي كان يســيطر عليهــا قبــل‬
‫الوحــدة‪ .‬أي ان االصــوات التــي كان لهــا موقــف مــن الوحــدة او مــن طبيعتهــا االندماجيــة‬
‫قــد التقــت مــره اخــرى مــع البيــض الــذي اتهــم بالتعجــل بقــرار الوحــدة مــن ناحيــة والتلويــح‬
‫مــن ناحيــة اخــرى بالدولــة يف اجلنــوب مقابــل الدولــة يف الشــمال ولــو علــى حســاب احلــزب‬
‫وحضــوره ومــا ميكــن حصولــه يف دوائــر احملافظــات الشــمالية هــو ما جعــل االزمة مزدوجة‬
‫داخــل احلــزب وبينــه وبــن خصومــه وقــد ســاهم ذلــك يف فقــدان دوائــر عديــدة للحــزب يف‬
‫الشــمال بســبب مخــاوف البيــض ومســدوس وعــدد مــن قيــادات احلــزب والدولــة يف اليمــن‬
‫الدميقراطــي ســابقا مقابــل حصولــه علــى اصــوات يف الشــمال اكثــر مــن اجلنــوب ومبــا‬
‫يعــزز مــن دور احلــزب علــى حســاب ودولــة اجلنــوب التــي اندمجــت يف كيــان واحــد وعبــر‬
‫االســتفتاء والتأييــد الشــعبي العــارم ‪.‬‬

‫لقــد اســتغل خصــوم االشــتراكي كل ذلــك يف العمــل علــى تعميــق هــذا اخلــاف باتهــام‬
‫قيــادات احلــزب يف الشــمال بانهــا ســبب االزمــة مــع املؤمتــر واالصــاح وانعكــس كل ذلــك‬
‫علــى مخــاوف لــدى امــن عــام احلــزب واخريــن منعكســا ســلبا علــى املوقــف مــن الوحــدة‬
‫نفســها اي ان مــن قــادوا احلــزب الــى الوحــدة دون حتضيــر كاف بــدأوا يقــودون احلــزب الى‬

‫‪46‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫مــا قبلهــا دون تقديــر خلطــورة التحريــض علــى هــذا االســاس‪ ،‬االمــر الــذي خلــق اشــكاالت‬
‫وتوجســات داخــل احلــزب نفســه عملــت القــوى املعاديــة علــى اللعــب عليهــا ضــده ببراعــة‪.‬‬

‫‪ -6‬التطرف واالرهاب‬

‫اســتخدام االرهــاب واجلماعــات املتطرفــة العائــدة مــن افغانســتان حملاربــة مــن اســمتهم‬
‫الشــيوعيني والــى درجــة تــورط الســعودية واجهزتهــا االســتخبارية يف دفــع بــن الدن الــى‬
‫العــودة الــى اليمــن وتشــكيل كتائــب قتاليــة تقاتــل مــع صالــح يف حالــة نشــوب حــرب مــع‬
‫احلــزب وتنفيــذ جرائــم اغتيــال وتفجيــرات يف حالــة لــم تنفجــر احلــرب او بهــدف الوصــول‬
‫الــى تفجيرهــا وهــذا مــا مت عبــر االغتيــاالت بعناويــن دينيــة قبــل احلــرب وعبــر مشــاركة‬
‫(‪((2‬‬
‫اجلماعــات املتطرفــة يف احلــرب ضــد االشــتراكي بعــد انفجارهــا‬

‫‪-7‬حلفاء االشتراكي يف الشمال‬

‫حتالفــات احلــزب مــع كل االطــراف السياســية والدينيــة التــي كانــت مقموعــة او مقصــاه‬
‫يف الشــمال قبــل الوحــدة هــو االخــر اثــار مخــاوف املؤمتــر واالصــاح ودفعهمــا الــى العمــل‬
‫علــى اضعــاف او اقصــاء شــراكة احلــزب يف الدولــة وكل هــذا ســاهم يف تصعيــد االزمــة‬
‫وحــن جــرت االنتخابــات كانــت االزمــة قــد وصلــت الــى ذروتهــا‪.‬‬

‫(‪ )23‬جــاء يف احــد كتــب الشــيخ مقبــل الوادعــي ان الســعودية عرضــت عليــه املشــاركة مــع اجلماعــات الدينيــة يف احلــرب ضــد‬
‫االشــتراكي وانهــم قــد اعــدوا مخيمــات ومستشــفيات ميدانيــة علــى احلــدود وهــو االعتــراف الــذي اعيــد نشــره يف خبــر رئيســي‬
‫علــى صــدر صحيفــة االمــة عــام ‪1993‬م نقــا مــن كتــاب للشــيخ الوادعــي كان قــد صــدر لــه يف تلــك الفتــرة‬

‫‪47‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫رفض مقترح احلزب لتقدمي احملليات واعتماد النسبية‬

‫ادرك االشــتراكي ان اجــراء االنتخابــات البرملانيــة يف موعدهــا لــن يســهم يف تخفيــف حــدة‬
‫االزمــة بــل قــد يفاقمهــا مــع اســتمرار التلويــح باســتخدام نتائجهــا إلقصــاء شــراكة احلــزب‬
‫ومــن ميثلهــم يف اليمــن الدميقراطــي اوال ويف اليمــن عمومــا يف دولــة الوحــدة ثانيــا‪.‬‬

‫(‪((2‬‬
‫ومــع تصاعــد االزمــة وقبــل اجــراء االنتخابــات طــرح عديــد مــن عقــاء االشــتراكي‬
‫اهميــة اجــراء االنتخابــات احملليــة واقامــة حكــم محلــي واســع الصالحيــات قبــل اجــراء‬
‫االنتخابــات البرملانيــة رمبــا لتفــادي مــا تبــن لــه مــن مخاطــر قادمــة وبالتالــي العمــل‬
‫علــى احلــد مــن تداعياتهــا علــى مســتقبل العالقــة بــن احلزبــن ومســتقبل دولــة الوحــدة‬
‫ونظامهــا الدميقراطــي عبــر نقــل الســلطة تدريجيــا الــى الوحــدات االداريــة االدنــى حتــى‬
‫يخــف الصــراع عليهــا يف القمــة‪.‬‬

‫ولكــن املؤمتــر رفــض هــذا املقتــرح منحــازاً الــى موقــف حليفــه القــدمي (االخــوان) الــذي‬
‫اعتبــر احلكــم احمللــي مؤامــرة صهيونيــة لتمزيــق اليمــن(‪.((2‬‬
‫غيــر ان االشــتراكي ســرعان مــا تراجــع عــن هــذا املقتــرح بعــد ان اتهــم انــه بذلــك يرفــض‬
‫الدميقراطيــة ويســعى لتأجيــل االنتخابــات البرملانيــة و(بأنــه يزايــد بالدميقراطيــة ويرفــض‬
‫اجــراء االنتخابــات يف موعدهــا وبذلــك تنــازل عــن شــرطية اجراء احملليات قبــل البرملانيات‬
‫مــع ان موقفــه كان صحيح ـاً ولــو اجريــت االنتخابــات احملليــة قبــل البرملانيــة ملــا تطــورت‬
‫االزمــة الــى صــراع ومــن ثــم حــرب اطاحــت بــكل شــيء ‪.‬‬

‫ومــرة اخــرى طــرح االشــتراكي واحــزاب اخــرى اعتماد النظام النســبي يف قانون االنتخابات‬
‫ولكنهــا ايضــا ســرعان مــا تراجعــت عنهــا رغــم اهميتهــا رمبــا لرفــض االطــراف االخــرى‬
‫القاطــع لنظــام النســبية ورمبــا الن احلــزب نفســه لــم يكــن متيقنــا مــن صحــة او افضليــة‬
‫أي نظــام انتخابــي اخــر مثــل بقيــة االحــزاب اليمنيــة ‪.‬‬

‫(‪ )24‬وكان هذا راي الدكتور ياسني سعيد نعمان‬


‫(‪ )25‬يف ندوة عقدت يف مؤسسة محمد جابر عفيف قال القيادة االصالحي حارث الشوكاني يف كلمة صراحة ان احلكم احمللي‬
‫مؤامرة صهيونية لتقسيم اليمن‪ .‬‬

‫‪48‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫ولــم يكــن امــام اجلميــع ســوى نظــام الدائــرة الفرديــة والفــوز بأكثريــة االصــوات ال بأغلبيــة‬
‫االصــوات لكونــه نظامـاً انتخابيـاً بســيطاً ومباشــراً وال تعــرف االحزاب اليمنيــة واملواطنون‬
‫ســواه ورمبــا الن تفســير النــص الدســتوري اخلــاص بتقســيم الدوائــر ونســبة مــا يحــوز عليــه‬
‫كل مقعــدا اقــرب للفرديــة ‪.‬‬

‫وهــو مــا اعتمــد يف قانــون االنتخابــات اليمنــي وكان باإلضافــة الــى تقســيم الدوائــر‬
‫االنتخابيــة سياســياً احــد اســباب نتائــج االشــتراكي املتدنيــة نســبيا يف عــدد املقاعــدة ال يف‬
‫عــدد االصــوات يف احملافظــات الشــمالية واحــد اهــم تراجــع العمليــة الدميقراطيــة عمومــا‬
‫وهــو ايضــا مــا اســهم واســهمت نتائجــه يف تأجيــج الصــراع ويف اســتقواء االصــاح واملؤمتــر‬
‫علــى االشــتراكي وحلفائــه بدعــاوي الدميقراطيــة العدديــة متهيــدا إلخراجــه او تقليــص‬
‫وجــوده يف الســلطة اعتمــادا علــى نتائــج االنتخابــات البرملانيــة االولــى يف ‪1993‬م‪.‬‬

‫لقــد تأكــد الحق ـاً ان احلــزب واحــزب املعارضــة االخــرى كانــت هــي اخلاســر االكبــر مــن‬
‫اعتمــاد قانــون الدائــرة الفرديــة حيــث انــه ووفقــا للدائــرة الفرديــة خســر احلــزب اكثــر مــن‬
‫‪9‬دوائــر انتخابيــة خســرها مرشــحوه احلزبيــون بالرغــم انــه حصــل علــى نســبة عاليــة مــن‬
‫االصــوات وكانــت كفيلــة بوصــول عــدد الفائزيــن مــن مرشــحيه احلزبيــن الــى ‪ 70‬مرشــحا‬
‫علــى االقــل كونــه حصــل علــى املرتبــة الثانيــة مــن حيــث عــدد االصــوات وبفــوارق معقولــة‬
‫بعــد املؤمتــر الشــعبي العــام ‪.‬‬
‫واخلالصة فقد اجريت االنتخابات البرملانية واالزمة بني االطراف على اشدها‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫قراءة وحتليل نتائج أول انتخابات برملانية تعددية أبريل ‪ 93‬م ‪-:‬‬
‫ •تكريس (‪ )3‬احزاب كبيرة ومتثيل (‪ )5‬اخرى يف البرملان‬
‫ •تأكيد سيطرة االشتراكي على دوائر (اجلنوب )‬
‫ •املؤمتر واالصالح على دوائر (الشمال )‬
‫ •السعي لتقليص حصة االشتراكي يف سلطة الدولة‬

‫جــرت اول انتخابــات يف تاريــخ اجلمهوريــة اليمنيــة يف موعدهــا يف ‪27‬ابريــل ‪1993‬م‬


‫ولكــن يف اجــواء ملبــدة باألزمــة ويف ذروة توتــر العالقــة بــن االشــتراكي وكل مــن االصــاح‬
‫واملؤمتــر‪.‬‬

‫وكان مــن الطبيعــي ان يكــون التنافــس حــادا يف معظــم الدوائــر بعــد ان عولــت االحــزاب‬
‫الثالثــة الكبيــرة علــى فوزهــا بأعلــى نســبة مــن املقاعــد بــل وراهنــت علــى حســم قضايــا‬
‫االزمــة لــدى اطــراف او تفــادي تصعيدهــا لــدى اخــرى وفقــا ملــا ســيفرزه الصنــدوق مــن‬
‫اوزان وارقــام يف البرملــان وبالتالــي يف الســلطة ‪.‬وكان هــذا العامــل لألســف هــو اســاس‬
‫التوتــر فيمــا بعــد اعــان النتائــج اكثــر منــه قبــل اعالنهــا‪.‬‬

‫وبعيــدا عــن حــدة الصــراع وتصاعــد االزمــة يف احلمــات االنتخابيــة للمرشــحني ويف‬
‫اخلطــاب السياســي عمومــا فقــد ســاهمت املشــاركة احلزبيــة والشــعبية الواســعة والرقابــة‬
‫البينيــة لألحــزاب داخــل الســلطة وخارجهــا علــى جعــل االنتخابــات شــفافة وتنافســية‬
‫ودميقراطيــة الــى حــد كبيــر ‪.‬‬

‫لقــد كانــت اول انتخابــات تعدديــة وتنافســية يف تاريــخ اجلمهوريتــن وبعــد قيــام اجلمهوريــة‬
‫اليمنيــة وبشــهادة جميــع االطــراف واالحــزاب احملليــة واملراقبــن الدوليــن والــدول الراعيــة‬
‫للدميقراطية‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫واذا اســتبعدنا مــن احلســاب طبيعــة القانــون االنتخابــي (الدائــرة الفرديــة ‪ +‬الفــوز بأكثريــة‬
‫االصــوات ) والطريقــة الكيفيــة والسياســية التــي مت فيهــا تقســيم الدوائــر االنتخابيــة وهمــا‬
‫العامــان االساســيان يف حصــول اطــراف الســلطة علــى مقاعــد اكثــر وبالــذات املؤمتــر‬
‫واالصــاح يف احملافظــات الشــمالية والغربيــة واالشــتراكي يف احملافظــات اجلنوبيــة‬
‫والشــرقية فقــد كانــت اخلروقــات التــي شــابت عمليتــي االقتــراع والفــرز محــدودة ولــم‬
‫يكــن لهــا تأثيــر كبيــر يف نتائــج االنتخابــات يف معظــم الدوائــر ال ‪301‬دائــرة غطــت عمــوم‬
‫اجلمهوريــة الفتيــة ‪.‬‬

‫واخلالصــة فقــد مت تقييــم اول انتخابــات تنافســية نزيهــة وشــفافة باملقارنــة الــى محدوديــة‬
‫التجربــة الدميقراطيــة يف اليمــن والــى حــدة وتصاعــد االزمــة بــن شــركاء الســلطة عشــية‬
‫اجرائهــا مــن ناحيــة وباملقارنــة مبــا جــرى بعدها مــن انتخابات واســتفتاءات عديدة تراجعت‬
‫فيهــا الدميقراطيــة اليمنيــة بصــورة مريعــة الــى ان توقفــت الدميقراطيــة االجرائيــة نفســها‬
‫قبــل عامــن مــن تفجــر الثــورة واحلــرب بعــد ســقوط صالــح يف مــا عــرف بثــورة ‪11‬فبرايــر‬
‫‪2011‬م ‪.‬‬

‫قرأة حصاد االحزاب واملستقلني يف اول انتخابات برملانية تنافسية‬

‫وقــد اعلنــت اللجنــة العليــا لالنتخابــات رســمياً ويف املوعــد احملــدد تقريبـاً وكان ان كرســت‬
‫النتيجيــة ثالثــة احــزب كبيــرة يف البرمــان حــازت علــى اغلبيــة مقاعــد البرملانيــة وهــي‬
‫املؤمتــر واالشــتراكي واالصــاح باإلضافــة الــى دخــول ‪6‬احــزاب اخــرى الــى البرملــان فضــا‬
‫عــن عــدد مــن املســتقلني وإمرأتــن وعلــى النحــو التالــي‪:‬‬

‫‪ -1‬املؤمتر الشعبي العام‬

‫الــذي يرأســه علــي عبــد اهلل صالــح‪ ،‬فــاز بأكثريــة مقاعــد البرملــان ال بأغلبيتهــا وقــد كان‬
‫عــدد مرشــحيه احلزبيــن ‪256‬مرشــحا أي انــه تقــدم مبرشــحني باســمه يف معظــم دوائــر‬
‫اجلمهوريــة وقــد فازبـــ ‪ 122‬مقعــدا مــن اصــل ‪ 301‬مقعــد أي بنســبة ‪%27‬وصــوت لــه اكثــر‬

‫‪51‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫مــن ‪640،523‬ناخــب وبنســبه ‪ %28.،7‬مــن اصــوات الناخبــن وبعــد اعــان النتائــج انضــم‬
‫الــى كتلتــه البرملانيــة – ترهيبــا وترغيبــا‪ -‬حوالــي ‪19‬نائبــا مســتقال ليصبــح عــدد كتلتــه‬
‫البرملانيــة ‪141‬نائبــا‪.‬‬

‫ومــع انــه لــم يحــز علــى اغلبيــة تؤهلــه لتشــكيل احلكومــة مبفــرده اال انهــا وضعتــه يف املرتبــة‬
‫االولــى بالنســبة لبقيــة االحــزاب وهــي علــى كل حــال نتيجــة مســتحقة ومتوقعــة للمؤمتــر‬
‫بالقيــاس الــى ثالثــة عوامــل اساســية ومهمــة واخــرى اضافيــة وهــي‪-:‬‬

‫ •االول هــو ثقــل الدولــة واجهزتهــا يف التأثيــر علــى توجهــات الناخبــن يف الدوائــر‬
‫االنتخابيــة الواقعــة يف نطــاق احملافظــات التــي كانــت متثــل اجلمهوريــة العربيــة‬
‫اليمنيــة التــي كان يرأســها صالــح وحزبــه املؤمتــر قبــل اعــان الوحــدة وعــدد مقاعــد‬
‫هــذه احملافظــات يتجــاوز ال ‪245‬مقعــدا تقريبــا أي مــا يســاوي اكثــر مــن ثلثــي مقاعــد‬
‫البرملــان (‪ )301‬نظــرا لزيــادة نســبة عــدد الســكان يف تلــك احملافظــات بينمــا مقاعــد‬
‫احملافظــات اجلنوبيــة والشــرقية رغــم اتســاع مســاحتها اجلغرافيــة ميثــل اكثــر قليــا‬
‫مــن ثلــث مقاعــد البرملــان أي (‪ )56‬مقعــدا فقــط‪.‬‬

‫ •العامــل الثانــي هــو ان نســبة كبيــرة مــن الناخبــن يف تلــك الدوائــر صوتــوا حلــزب‬
‫املؤمتــر باعتبــاره اقــل أيدلوجيــة مــن االحــزاب الكبيــرة االخرى كاالشــتراكي واالصالح‬
‫أي ان النــاس صوتــوا حلــزب الدولــة الــذي ال يتطلــب منهــم التزامــات حزبيــة خاصــة‬
‫بقــدر مــا يقــدم لهــم وعــودا ومنافــع وخدمــات ولــو آنيــة وبحكــم ســلطته يف الدولــة‪.‬‬

‫والعامــل الثالــث هــو اعتمــاد املؤمتــر علــى املشــايخ والتجــار وذوي النفــوذ املالــي الذيــن‬
‫فــازوا بجهدهــم وجهــود الدولــة مع ـاً وامثــال هــؤالء النافذيــن غالب ـاً مــا يفــوزون يف‬
‫النظــام االنتخابــي الفــردي الــذي جــرت علــى اساســه االنتخابــات ‪.‬‬

‫ •اســتفادة مرشــحي املؤمتــر مــن طريقــة تقســيم العديــد مــن الدوائــر االنتخابيــة يف‬
‫احملافظــات الشــمالية مبــا يتناســب مــع مقاســات عــدد مــن مرشــحي املؤمتــر ولعــل‬
‫هــذا هــو عامــل احلســم االول يف كثيــر مــن تلــك الدوائــر ويف اول انتخابــات تنافســية ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫ •باإلضافــة الــى حســن ادارة املؤمتــر للعمليــة االنتخابيــة واعتمــاد دعايتــه علــى‬
‫التخويــف مــن اآلخريــن و تنســيقاته يف عــدد مــن الدوائــر مــع االصــاح والشــخصيات‬
‫املســتقلة املتوجســة مــن امكانيــة فــوز خصمهــم اللــدود االشــتراكي وحلفائــه اليســاريني‬
‫واإلســاميني مــن التيــار الزيــدي ‪.‬‬

‫‪ -2‬احلزب االشتراكي اليمني‬

‫وهــو شــريك املؤمتــر يف اعــان الوحــدة ويف احلكومــة االئتالفيــة حينهــا وقــد جــاءت‬
‫نتيجتــه بعــد املؤمتــر الشــعبي يف عــدد املرشــحني احلزبيــن ويف عــدد املقاعــد ويف عــدد‬
‫االصــوات ايضــا فقــد ترشــح باســمه يف عمــوم دوائــر اجلمهوريــة حوالــي ‪200‬مرشــح فــاز‬
‫ب‪56‬مقعــدا بصفتهــم احلزبية‪12+‬مقعــدا فــازوا بهــا كــوادر وقيــادات يف احلــزب رشــحهم‬
‫احلــزب كمســتقلني وانضمــوا الــى كتلتــه البرملانيــة مباشــرة ليصــل مجمــوع املقاعــد التــي‬
‫فــاز بهــا احلــزب هــي ‪68‬مقعــدا‪.‬‬

‫باإلضافــة الــى دعــم احلــزب ل‪6‬مــن املرشــحني يف احــزاب اخــرى ومســتقلني فعــا وهــم‬
‫امــن عــام حــزب االحــرار الدســتوري عبــد الرحمــن نعمــان التربــة – تعــز وامــن عــام‬
‫حــزب التصحيــح الناصــري مجاهــد القهالــي – عمــران صنعــاء – وآخريــن دعمهــم‬
‫بصفتهــم املســتقلة وهــم عبــد الرحمــن احلمــدي (صنعــاء ‪-‬احملافظــة) وعبــد احلبيــب ســالم‬
‫مقبــل (تعــز املدينــة ) وابراهيــم حاميــم تعــز وصــادق الضبــاب تعــز ومحمــد الســمعي تعــز‬
‫وناصــر عرمــان البيضــاء وعبــد اهلل مهــدي احلديــدة ويحيــى قحطــان حلــج ‪..‬‬

‫كمــا حــاز مرشــحوه احلزبيــون دون املســتقلني علــى ( ‪( 413404‬صوتــا ومبــا نســبته‪%18.5‬‬
‫ومــع اضافــة اصــوات االشــتراكيني املســتقلني ومــن دعمهــم احلــزب تصبــح نســبته مــن‬
‫االصــوات حوالــي ‪ %26‬مــن اصــوات الناخبــن يف اجلمهوريــة وهــي اكثــر مــن نســبته يف‬
‫عــدد مقاعــد البرملــان التــي تصــل الــى ‪ %22‬حســب مــا ورد يف كتــاب االســتاذ محمــد حســن‬
‫الفــرح (معالــم عهــود رؤســاء اجلمهوريــة يف اليمــن) وســواء حســبت النتيجــة لالشــتراكي‬
‫علــى هــذا االســاس او علــى اســاس مــا حصــل عليــه مرشــحوا احلــزب الرســميني فــوزا‬
‫واصواتــا فإنهــا نتيجــة كبيــرة ومســتحقة وكان ميكــن ان يحصــل علــى نتائــج افضــل لــو‬

‫‪53‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫احســن تقديــر قوتــه ومكانتــه وادارتــه للعمليــة بعيــدا عــن املماحــكات الصغيــرة داخــل قيــادة‬
‫احلــزب نفســه‪.‬‬

‫وبقراءة نتائج االشتراكي جند‪-:‬‬

‫ •انــه احتكــر الفــوز يف معظــم املقاعــد يف احملافظــات اجلنوبيــة والشــرقية تقريبــا‬


‫(‪ ((2‬أي يف الدوائــر االنتخابيةالـــ(‪ )56‬التــي كان يحكمهــا قبــل الوحــدة وبثقــل الدولــة‬
‫واجهزتهــا وبخــوف املواطنــن يف تلــك احملافظــات مــن امكانيــة االنتقــاص مــن متثيلهــم‬
‫يف دولــة الوحــدة ان خســر احلــزب نفــوذه فيهــا وقــد حصــد احلــزب الفــوز يف كل او‬
‫معظــم تلــك الدوائــر وبفــوارق كبيــرة مــع اقــرب منافســيه مــن االحــزاب االخــرى‪.‬‬

‫ •حقــق احلــزب اختراقــات كبيــرة يف دوائــر احملافظــات الشــمالية التــي كان وجــوده‬
‫العلنــي فيهــا محرمـاً قبــل الوحــدة حيــث فــاز مرشــحوه يف تعــز بتســعة مقاعــد بصفتــه‬
‫احلزبيــة مــن اصــل ‪40‬دائــرة انتخابيــة ‪12 +‬مقعــدا مبرشــحيه املســتقلني باإلضافــة‬
‫الــى فــوز مرشــحني حزبيــن مــن غيــر االشــتراكي دعمهــم احلــزب دون ان يقــدم‬
‫مرشــحاً حزبي ـاً ينافســهم فيهــا ‪.‬‬

‫ •واالهــم انــه حصــد نســبة كبيــرة مــن اصــوات الناخبــن يف محافظــة تعــز رغــم ان‬
‫عــدد مرشــحيه احلزبيــن لــم يتجــاوزوا ال‪35‬مرشــحا مــن اصــل ‪ 40‬دائــرة ;كمــا ان‬
‫االشــتراكي فــاز مبعظــم دوائــر محافظــة البيضــاء مبرشــحيه احلزبيــن واملســتقلني‬
‫ومعظــم اصــوات الناخبــن يف محافظتــي البيضــاء ومــارب باإلضافــة الــى فوز مرشــحه‬
‫مجيــدع يف احــدى دوائرهــا ال‪ 2‬كمــا حقــق اختراقــا يف محافظــات صنعــاء وذمــار‬
‫وصعــدة وكانــت اســوأ نتائجــه يف محافظتــي إب مقعديــن فقــط مــن اصــل ‪36‬مقعــدا‬
‫واحلديــدة مقعــدا واحــدا مــن اصــل ‪50‬مقعــدا ‪.‬‬

‫(‪ )26‬مــا عــدا دائــرة او اثنتــن فــاز فيهــا مســتقلون بينهــا دائــرة االســتاذ فيصــل بــن شــمالن يف الصيعــر بحضرمــوت التــي فــاز‬
‫مبقعدهــا بصفتــه كمســتقل رغــم ان احلــزب اخلــى لــه الدائــرة و لــم ينافســه فيهــا وصــوت لــه جمهــوره وهكــذا عمــل االصــاح‬
‫املؤمتــر وترشــيح بــن شــمالن والتصويــت لــه ملكانتــه الكبيــرة يف املجتمــع ويف احــدى دوائــر حلــج دعــم احلــزب ترشــيح مســتقل‬
‫اخــر هــو رجــل الديــن املقــرب منــه يحيــى قحطــان ويف دائــرة بعــدن دعــم مرشــح مســتقل اخــر هــو قاســم عســكر وهــو اشــتراكي‬
‫االنتمــاء‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫ومــع ان نســبة التصويــت ملرشــحيه يف احلديــدة واب كانــت عاليــة وحصــد اكثــر مــن‬
‫‪150‬الــف صــوت اال ان ان خســارته الكبيــرة مــن حيــث املقاعــد يعــود الــى ســوء التنســيق‬
‫احلزبــي وعــدم ايــاء القيــادة العليــا للحــزب بدوائــر هاتــن احملافظتــن (احلديــدة وإب)‬
‫اللتــن لــه فيهمــا وجــود حزبــي وثقــل تاريخــي كبيــر ‪.‬‬

‫لقــد كانــت نتيجــة احلــزب االنتخابيــة عمومــا ملفتــة بعــد ان توقــع لــه خصومــه واملراقبــون‬
‫اقــل مــن ذلــك بكثيــر وان كان احلــزب نفســه قــد شــعر بخيبــة االمــل مــن نتيجتــه التــي‬
‫جــاءت خالفــا ملــا كانــت بعــض قياداتــه تبالــغ يف امــكان حصــول احلــزب علــى نتائــج اكبــر‬
‫ممــا ظهــر عليــه بكثيــر وبالــذات يف دوائــر تعــز والــى حــد مــا إب‪.‬‬

‫حتليــل البيانــات وفقــا للخارطــة االنتخابيــة كشــفت بوضــوح ان احلــزب االشــتراكي كان‬
‫ميكــن ان يحصــل علــى مقاعــد اكثــر يف دوائــر احملافظــات الشــمالية لــوال ســوء اختيــار‬
‫بعــض املرشــحني وســوء ادارتــه للحملــة االنتخابيــة وطبيعــة التقســيم االداري للدوائــر التــي‬
‫صممــت ضــد كثيــر مــن مرشــحيه حتديــدا وعــدم قدرتــه علــى حماية بعــض دوائــره (كدائرة‬
‫حبــور ظليمــة التــي اخذهــا مرشــح االصــاح الشــيخ حميــد االحمــر بالقــوة ودائــرة اخــرى‬
‫يف قعطبــة ) فضــا عــن وجــود انقســام جهــوي ومناطقــي يف رأس قيادتــه وســوء تنســيقاته‬
‫مــع التنظيــم الناصــري يف تعــز والتــي كان ملبالغــات الناصــري عــن حجمــة يف احملافظــة‬
‫واصــراره علــى اخــاء معظمهــا ملرشــحيه مــن ناحيــة واصــرار اشــتراكيني يف قيــادة حملتــه‬
‫االنتخابيــة يف تعــز علــى تقــدمي مرشــحني يف عــدد مــن الدوائــر التــي للناصــري حضــور‬
‫فعلــي فيهــا مــا ادى الــى فشــل عمليــة التنســيق بــن احلزبــن يف معظــم دوائــر احملافظــة‬
‫وبالتالــي يف تدنــي نتيجتــه احلزبــن معــا يف تلــك الدوائــر‪.‬‬

‫‪-3‬التجمع اليمني لإلصالح‬

‫وهــو الواجهــة السياســية جلماعــة االخــوان املســلمني يف اليمــن وقــد جــاء يف املرتبــة الثالثــة‬
‫بعــد كل مــن املؤمتــر واالشــتراكي وحصــد مرشــحوه احلزبيــون ‪ 62‬مقعــدا برملانيــا بصفتهــم‬
‫احلزبيــة وانظــم الــى كتلتهــم بعــد ذلــك مرشــح مســتقل واحــد لتصبــح كتلتهــم البرملانيــة‬
‫حوالــي ‪63‬نائبــا كمــا حــاز التجمــع علــى حوالي‪379,987‬صوتــا انتخابيــا وبنســبة ‪%17‬مــن‬

‫‪55‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫اصــوات الناخبــن وهــي نتيجــة كبيــرة كونــه يف نظــر املراقبــن احلــزب الــذي حقــق هــذه‬
‫النتيجــة الكبيــرة مــن موقعــه يف املعارضــة ال يف الســلطة ‪.‬‬

‫ولكــن هــذه الصــورة ليســت دقيقــة فاإلخــوان املســلمون كان لهــم حضــور يف دولــة الشــمال‬
‫قبــل الوحــدة وكانــت الســلطة بنفســها تتبنــى خطابهــم وسياســتهم وحتالفــت او دعمــت‬
‫مرشــحي االصــاح يف عديــد مــن الدوائــر قيــادات عســكرية ومشــيخية يف احلــزب احلاكــم‬
‫اكثــر مــن حزبهــا املؤمتــر(‪ ((2‬باإلضافــة الــى ان نســبة كبيــرة مــن الفائزيــن باســم االصــاح‬
‫مشــايخ قبائــل وجتــار وذوي نفــوذ اجتماعــي ولــم يكــون احلســم يف فوزهــم عائــد الــى‬
‫انتمائهــم االخوانــي بــل الــى نفوذهــم االجتماعــي واملالــي يف مناطقهــم‪.‬‬

‫دخول (‪ )5‬احزاب اخرى الى البرملان‬

‫النتيجــة الهامــة الول انتخابــات برملانيــة هــي دخــول ســتة احــزاب اخــرى الــى البرملــان‬
‫اليمنــي الــى جانــب االحــزاب الثالثــة الكبــرى وكان ذلــك مؤشــرا بوجــود متثيــل نســبي لــكل‬
‫التيــارات السياســية ومعظــم الفئــات والشــرائح االجتماعيــة يف برملــان ‪1993‬م وهــذا مــا‬
‫لــم يتكــرر يف االنتخابــات التــي تلتهــا وتلــت احلــرب حيــث تراجــع التمثيــل احلزبــي ليتقلــص‬
‫الــى حزبــن او ثالثــة يف آخــر انتخابــات برملانيــة حيــث جــاءت نتائــج االحــزب املمثلــة يف‬
‫اول برملــان علــى النحــو التالــي ‪-:‬‬

‫‪ -‬حزب البعث العربي االشتراكي ‪7‬مقاعد و ‪76,520‬صوتا وبنسبة ‪%4,3‬‬


‫‪ -‬حزب احلق (اسالمي‪ -‬جديد) مقعدان و‪ 18,454‬صوت وبنسبة ‪%8.‬‬
‫‪ -‬التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري مقعد واحد و‪52,303‬صوت وبنسبة‪%2.3‬‬
‫‪ -‬تنظيم التصحيح الشعبي الناصري مقعد واحد و ‪6,170‬و‪ % 0.3‬‬
‫‪ -‬احلزب الناصري الدميقراطي مقعد واحد و ‪4,687‬و‪ %0.2‬‬

‫(‪ )٢٧‬كنــت شــخصيا مرشــحا عــن حــزب احلــق يف الدائــرة ‪ 121‬مبديريــة الســدة مبحافظــة إب وقــد لوحــظ ان ثقــل الدولــة وعديــد‬
‫مــن وحــدات اجليــش املتواجــدة يف املنطقــة كانــت الــى جانــب مرشــح االصــاح اكثــر مــن مرشــح املؤمتــر وقــد فــاز االصــاح يف‬
‫تلــك الدائــرة فعــا‬

‫‪56‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫*متثيل املرأة واملستقلني‬

‫ومــن النتائــج الهامــة يف تلــك االنتخابــات ايضــا هــو فــوز مرشــحتني مــن النســاء باســم‬
‫احلــزب االشــتراكي اليمنــي احداهمــا مــن دائــرة عــدن (خولــة شــرف) والثانيــة مــن دائــرة‬
‫يف املــكال بحضرمــوت ( منــى باشــراحيل) – ترشــحت بصفــة مســتقلة‪ -‬وانضمــت الــى‬
‫كتلــة احلــزب فــور فوزهــا‪.‬‬

‫ومــع ان نســبة متثيــل املــرأة قــد تراجعــت يف اول برملــان منتخــب قياســا لنســبتها يف‬
‫البرملــان االنتقالــي (‪٩٣-٩٠‬م ) حيــث كان عددهــن ‪ 6‬نســاء وجميعهــن اشــتراكيات ايضــا اال‬
‫ان البرملــان االنتقالــي لــم يكــن اعضــاؤه منتخبــن بصــورة تنافســية وعلــى اســاس التعدديــة‬
‫حيــث كان التمثيــل يف برملــان عــدن (مجلــس الشــعب االعلــى) يتــم بتزكيــة احلــزب يف‬
‫الغالــب وعلــى اســاس متثيــل النقابــات واالحتــادات املهنيــة واالبداعيــة‪.‬‬

‫ومــع هــذا فيعتبــر فــوز مرشــحتني للحــزب يف انتخابــات تنافســية انتصــارا للدميقراطيــة‬
‫وللوعــي االجتماعــي خصوصــا اذا قــورن االمــر بالبرملانــات التــي تلــت برملــان ‪1993‬م حيــث‬
‫لــم تفــز ســوى واحــدة فقــط يف برملــان ‪2003‬م مت انتــزاع مقعدهــا بالقــوة علــى حســاب فــوز‬
‫مرشــح االشــتراكي واعــد بــا ذيــب فيمــا خــا برملــان ‪1997‬م مــن املــرأة متامــا ‪.‬‬

‫* وباالضافــة الــى متثيــل املــرأة يف برملــان ‪93‬م كانــت النتيجــة الدميقراطيــة الهامــة‬
‫السادســة هــي فــوز عــدد كبيــر مــن املســتقلني (‪48‬مقعــد) مــن غيــر االحــزاب وبعــدد‬
‫اصــوات ‪ 613,023‬وبنســبة‪.27%‬‬

‫ومــع ان معظــم هــؤالء املســتقلني قــد فــازوا بدعــم االحــزاب ومعظمهــم انظــم فــورا الــى كتــل‬
‫احزابهــم بعــد الفــوز كاالشــتراكي واملؤمتــر والــى حــد مــا االصــاح اال ان هــذه النســبة مــن‬
‫الفائزيــن كمســتقلني كانــت عاليــة خالفــا لعــدد املرشــحني والفائزيــن يف البرملانــات التــي‬
‫تلــت برملــان ‪1993‬م ايضــا حيــث تقلــص وجــود املســتقلني الــى درجــة كبيــرة‪.‬‬

‫ويف كل االحــوال فقــد كان متثيــل فئــات املجتمــع املختلفــة واضحــا يف نتائــج برملــان ‪1993‬م‬
‫حيــث وجــد الفــاح والعامــل واملعلــم واســتاذ اجلامعــة واملــرأة والشــباب علــى خــاف‬
‫برملانــات اخــرى تلــت حــرب ‪1994‬م ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫اهم ثالثة احداث على خلفية االنتخابات‬

‫وكان ابــرز واهــم احــداث انتخابــات ‪1993‬م هــي ثــاث حــوادث كبيــرة كشــفت طبيعــة‬
‫الصــراع وتداعياتــه قبــل وبعــد االنتخابــات‪.‬‬

‫ •االولــى هــي حرمــان االخ ســلطان الســامعي مــن خــوض االنتخابــات برفــض قبــول‬
‫اوراق ترشــيحه مــن قبــل اللجنــة العليــا لالنتخابــات بقــرار سياســي و بحجــة انــه متهــم‬
‫(‪((2‬‬
‫بقضيــة جنائيــة لــم يبــرا منهــا بحكــم بــات‬

‫ويف كل االحــوال فقــد حــرم الســامعي مــن الترشــح النــه كان شــخصية معارضــة لنظــام‬
‫حتالــف صالــح واالصــاح قبــل وبعــد الوحــدة واقــرب مــا يكــون الــى االشــتراكي اليمنــي‬
‫وان كان مســتقال حينهــا اال انــه عــاد وترشــح باســم احلــزب يف انتخابــات ‪2003‬م وفــاز‬
‫باملقعد‪.‬‬
‫ولكــن امللفــت حينهــا ان غالبيــة ابنــاء دائرتــه صوتــوا لــه رغــم عــدم اعتمــاده رســميا‬
‫مرشــحا وحصــل مــن االصــوات مــا مجموعــة ‪4‬الــف صــوت تقريبــا مقابــل قرابــة‬
‫االلــف صــوت ملــن اعلــن فــوزه رســميا يف الدائــرة كمــا حصــل الســامعي علــى اصــوات‬
‫يف عمــوم دوائــر اجلمهوريــة كتعبيــر احتجاجــي لعــدم قبــول ترشــيحه مــن قبــل الســلطة‬
‫وتلــك كانــت ظاهــرة فريــدة لــم تتكــرر أن يحصــل مرشــح غيــر معتمــد يف الدائــرة علــى‬
‫اغلبيــة اصــوات ناخبــي دائرتــه وعلــى اصــوات يف عمــوم اجلمهوريــة‪.‬‬

‫ •الثانيــة هــو اللغــط الــذي ســاد حــول عــدم دعــم االشــتراكي للمناضــل الكبيــر االســتاذ‬
‫عمــر اجلــاوي يف احــدى دوائــر مدينــة عــدن والــذي ســقط رغــم تاريخــه النضالــي‬
‫بفــوارق كبيــرة مــن االصــوات مقارنــة باملرشــح الفائــز (قاســم عســكر – اشــتراكي) بــل‬
‫ومقارنــة ببقيــة املرشــحني يف الدائــرة ذاتهــا‪.‬‬

‫(‪ )28‬اعتــرض موكــب الســامعي عــدد مــن اجلنــود وحاولــوا انزالــه بالقــوة يف احــدى نقــاط اجليــش يف منطقــة احلوبــان بتعــز‬
‫فاشــتبك مرافقــوه معهــم فقتــل يف االشــتباكات ‪2‬منهــم فتــم مالحقــة الســامعي الــى منزلــه ومحاولــة قتلــه وحينهــا توتــرت العالقــة‬
‫بــن البيــض وصالــح (وحســب روايــة احــد القيــادات املقربــة مــن البيــض ) فقــد هــدد البيــض بالــرد بتفجيــر احلــرب اذا اقتحــم‬
‫منــزل الســامعي او مت اغتيالــه كمــا اشــيع حينهــا االمــر الــذي ادى الــى توجيــه صالــح للجيــش برفــع احلملــة عــن منــزل الســامعي‬
‫وتركــه يغــادر املنــزل ولكنــه علــى خلفيــة هــذا احلــادث اصــر صالــح علــى عــدم قبــول ملــف ترشــيحه يف انتخابــات ‪1993‬م وان كان‬
‫قــد ســمح لــه يف االنتخابــات الالحقــة وفــاز يف عضويــة البرملــان مرشــحا عــن احلــزب يف دائــرة ســامع بتعــز‬

‫‪58‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫ •احلادثــة الثالثــة هــي نشــوب صــراع مســلح يف دائــرة (ظليمــة حبــور) بحاشــد يف‬
‫محافظــة صنعــاء (عمــران حاليــا ) ومت مصــادرة الصناديــق بعــد ان تبــن فــوز مرشــح‬
‫االشــتراكي يف الدائــرة هــو (الشــهيد) املناضــل علــي جميــل علــى مرشــح االصــاح‬
‫الشــيخ حميــد االحمــر وكادت ان تــؤدي الــى نــزاع وتوتــر كبيــر يف املنطقــة وعلــى‬
‫مســتوى العالقــة بــن صالــح والبيــض والشــيخ عبــداهلل االحمــر ‪.‬‬

‫وهــي ذاتهــا املشــكلة التــي مت حلهــا بعــد ذلــك بتنــازل كل مــن البيــض وصالــح واالحمــر عــن‬
‫الطعــون االنتخابيــة املقدمــة باســم االحــزاب الثالثــة يف جميــع دوائــر اجلمهوريــة وخلفيــة‬
‫القــرار هــو اصــرار الشــيخ االحمــر علــى فــوز جنلــه حميــد بــاي طريقــة رافضــا أي طعــون‬
‫انتخابيــة !‬

‫االستقواء سياسي ًا بنتائج االنتخابات يضرب الشراكة ويفجر احلرب!‬

‫النتائــج الهامــة والكبيــرة ونســب االصــوات واملقاعــد التــي حققتهــا االحــزاب الثالثــة‬
‫الكبيــرة وهــي املؤمتــر واالشــتراكي واالصــاح التــي حــازت علــى غالبيــة مقاعــد البرملــان‬
‫وبفــوارق مفهومــة ومحــدودة بــن كل حــزب وآخــر مــن االحــزاب الثالثــة كان يفتــرض ان‬
‫تطم ّئــن اطــراف االزمــة وبالتــي تخفــف مــن حــدة تصاعدهــا علــى االقــل بعــد ان تبــن كل‬
‫طــرف ان اآلخــر موجــود شــعبيا ومــن الصعــب اقصائــه باالنتخابــات مــن ناحيــة وان أي مــن‬
‫حزبــي االئتــاف لــم يحصــل علــى االغلبيــة البرملانيــة التــي متكنــه مــن تشــكيل احلكومــة‬
‫منفــردا وبالتالــي االســتفراد بالســلطة دميقراطيــا‪.‬‬

‫كمــا كان يفتــرض ان يكــون حصــول احلــزب االشــتراكي علــى كل دوائــر احملافظــات‬
‫الشــرقية واجلنوبيــة رغــم محدوديتهــا العدديــة بالنســبة لدوائــر احملافظــات الشــمالية‬
‫والغربيــة (‪65‬مقابــل ‪ )246‬ميثــل اســتحقاقاً شــعبياً وبرملانيـاً لتثبيــت الشــراكة بــن احلــزب‬
‫واملؤمتــر حفاظــاً علــى التــوازن يف دولــة الوحــدة ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫واملعنــى ان االنتخابــات بنتائجهــا املعلنــة كانــت قــد اكــدت بطريقــة او باخــرى اســتمرار‬
‫الشــراكة التناصفيــة بــن احلــزب واملؤمتــر كضــرورة وطنيــة ولــو الــى حــن ليــس بســبب‬
‫توقيعهمــا التفاقيــة الوحــدة واعــان اجلمهوريــة اليمنيــة بــل وألنهمــا يحظيــان بتأييد شــعبي‬
‫كبيــر يف املناطــق التــي حكماهــا قبــل الوحــدة ومبــا يجعــل شــرعية الشــراكة واســتمرارها‬
‫يف حكــم البــاد ضــرورة وطنيــة ولــو لدورتــن انتخابيتــن علــى األقــل حســب راي بعــض‬
‫السياســيني اوعلــى االقــل حتــى يســتكمالن دمــج مؤسســات الدولتــن وبنــاء الدولــة الوليــدة‬
‫دميقراطيــا كحاجــة ضروريــة ومســتحقة للحفــاظ علــى الوحــدة يف ظــل هشاشــة مؤسســات‬
‫دولتهــا الوليــدة‪.‬‬

‫غيــر ان مــا حــدث هــو العكــس متام ـاً لألســف والســبب املباشــر هــو ان الرئيــس صالــح‬
‫وحلفــاءه يف االصــاح كانــوا قــد بيتــوا املوقــف ضــد احلــزب قبــل االنتخابــات والعمــل علــى‬
‫االســتقواء عليــه بنتائجهــا لتقليــص شــراكته يف الســلطة‪ .‬ولذلــك وبــدالً مــن التوقــف عــن‬
‫االفصــاح عــن هــذه النوايــا املبيتــة بعــد حصــول احلــزب علــى كامــل مقاعــد مــا كان يعــرف‬
‫باليمــن الدميقراطــي حــدث ان مضــوا يف مشــروعهم املعــد ســلفا عبــر التلويــح للحــزب يف‬
‫امكانيــة تشــكيل حكومــة إئتــاف بــن االصــاح واملؤمتــر بــدون االشــتراكي او مبشــاركته‬
‫ولكــن بنســبة اقــل يف حكومــة االئتــاف‪.‬‬

‫وهكــذا مضــوا باالزمــة تصعيــدا واتســاعا عبــر ماعــرف باالســتقواء بالدميقراطيــة العدديــة‬
‫ومبــا يشــعر انصــار االشــتراكي عمومــا وابنــاء احملافظــات اجلنوبيــة والشــرقية خصوص ـاً‬
‫بآنهــم قــد صغــروا ولــم يكبــروا بالوحــدة اليمنيــة ونظامهــا الدميقراطــي والعكــس هــو‬
‫الصحيــح وهــذه هــي حجــر الزاويــة يف االزمــة ومفصلهــا األول أي الشــعور بالغــدر والنكــث‬
‫بالوعــود وحتويــل الوحــدة والدميقراطيــة الــى رافعــة لإلقصــاء واالســتفراد بالقــرار الوطني‬
‫وليــس التوافــق والشــراكة بــن قيادتــي احلزبــن‪.‬‬

‫لقــد كان علــى الرئيــس صالــح وحلفائــه يف جتمــع االصــاح ان يعتبــرا نتيجتهمــا الكبيــرة‬
‫نســبيا وســيطرتهما علــى غالبيــة مقاعــد احملافظــات الشــمالية والغربيــة( ‪62‬اصــاح‬
‫‪122+‬مؤمتــر (مــن اصــل ‪240‬دائــرة امــرا طبيعيــا ليــس فقــط بســبب شــعبيتهما بــل الن‬
‫حســم النتيجــة يف معظــم دوائــر تلــك احملافظــات قــد مت بثقــل الدولــة واالجهــزة التــي‬

‫‪60‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫تتحكــم مبصالــح وحاجــات املواطنــن أي تلــك الدولــة التــي حكمهــا املؤمتــر واالصــاح‬
‫كتحالــف اســتراتيجي غيــر معلــن قبــل اعــان الوحــدة والتعدديــة وهــو نفــس املعيــار الــذي‬
‫حســم فيــه االشــتراكي معظــم دوائــر احملافظــات الشــرقية واجلنوبيــة‪.‬‬

‫أي ان الزيــادة العدديــة للمؤمتــر واالصــاح يف مقاعــد احملافظــات الشــمالية لــم يكــن علــى‬
‫اســاس شــعبيتهما يف تلــك احملافظــات وحســب بــل هــو ايضــا بســبب زيــادة عــدد الســكان‬
‫والدوائــر فيهــا اوال والن شــراكة االشــتراكي يف دولــة الوحــدة ليــس فقــط باعتبــاره حزب ـاً‬
‫سياســيا بــل لكونــه ميثــل اليمــن الدميقراطــي يف اعــان الوحــدة ايضــا ‪.‬‬

‫وان الفــرق بــن صالــح وحلفائــه والبيــض وحلفائــه هــي يف عــدد الدوائــر هنــا وهنــاك ال يف‬
‫عــدد مقاعــد الفــوز هنــا اوهنــاك وعلــى العكــس متامــا فقــد حقــق االشــتراكي اختراقــات‬
‫هامــة ومقــدرة نســبيا بالفــوز بعديــد مــن مقاعــد الدوائــر يف احملافظــات الشــمالية علــى‬
‫خــاف كل مــن املؤمتــر واالصــاح بالنســبة للدوائــر يف احملافظــات الشــرقية واجلنوبيــة‬
‫غيــر ان كل هــذه العوامــل مت ضربهــا عــرض احلائــط ولــم يُحســبا لصالــح بقــاء شــراكة‬
‫احلــزب بــل لصالــح اقصائــه او تقليــص متثيلــه يف الدولــة كخطــو اولــى ألقصائــه نهائيــا‬
‫كمــا بيــت خصومــه ذلــك ســلفا واكــدت ذلــك اعترافاتهــم الحقــا ومنهــا مذكــرات الشــيخ‬
‫عبــد اهلل بــن حســن االحمــر نفســه ‪.‬‬

‫ولذلــك ومــا ان اعلنــت االلجنــة العليــا لالنتخابــات نتائــج اول برملــان تعــددي يف اجلمهوريــة‬
‫اليمنيــة حتــى بــدأت حمــات اعالميــة وسياســية واســعة مــن قبــل املؤمتــر واالصــاح‬
‫مطالبــة بتقليــص شــراكة احلــزب يف الدولــة اعتمــادا علــى نتيجتــه االنتخابيــة التــي وضعتــه‬
‫حســب زعمهــم يف املرتبــة الثالثــة ‪-‬بعــد االصــاح‪! -‬‬

‫‪61‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫االشتراكي امام خيارات صعبة‬


‫(الدمج ‪-‬املعارضة ‪ -‬احلرب) !‬

‫ادرك احلــزب االشــتراكي خطــورة االســتقواء مبــا عــرف باألكثريــة العديــدة علــى طبيعــة‬
‫العالقــة املختلــة بينــه وبــن شــركائه يف الوحــدة وبــدا يطــرح بدائــل جديــة ومســؤولة‬
‫للخــروج مــن هــذا املــأزق اجلديــد ويف هــذا الســياق طــرح القيــادي االشــتراكي جــار اهلل‬
‫عمــر مقتــرح خــروج احلــزب الــى املعارضــة وتــرك الســلطة ألنــه بذلــك ســيخفف مــن ثقــل‬
‫الصــراع داخــل الســلطة مــن ناحيــة وسيســهم بكتلتــه البرملانيــة مــن موقــع املعارضــة يف‬
‫احلفــاظ علــى الدميقراطيــة والتعدديــة املســتهدفة مــن قبــل اآلخريــن مــن ناحيــة اخــرى‪.‬‬

‫رمبــا كان يلــوح باخلــروج الــى املعارضــة كتكتيــك سياســي – مــن يــدري ‪ -‬لعــل خصــوم‬
‫احلــزب ومــن يريــدون اقصــاءه يكتشــفون حاجــة الشــراكة مــع احلــزب للحفــاظ علــى دولــة‬
‫الوحــدة ومشــروعها الدميقراطــي أي انــه قــد ال يكــون جــادا باخلــروج الــى املعارضــة بقــدر‬
‫مــا كان جــادا يف حرصــه علــى وحــدة الدولــة واملجتمــع وتعزيــز الدميقراطيــة املــراد وأدهــا‬
‫بــوأد شــراكة احلــزب ولــو بتخويــف مــن يريــدون اقصــاءه قائــا ضمنــا بــان موقعــه يف‬
‫املعارضــة ســيكون خطــراً عليهــم ال خصمــا مــن مكانــة احلــزب كمــا يعتقــدون اوهكــذا قــد‬
‫يفهــم البعــض مــن تصريــح انضمــام االشــتراكي الــى املعارضــة ‪.‬‬

‫يف املقابــل طــرح البيــض وآخــرون فكــرة نقيضــة كان آخريــن يف قيــادة احلــزب يفكــرون بهــا‬
‫مــن قبــل(‪ ((2‬ولكــن لتحقيــق الهــدف نفســه تقريبــا وهــو تخفيــف حــدة التوتــر داخــل الســلطة‬
‫عبــر مقتــرح دمــج املؤمتــر واالشــتراكي يف حــزب واحــد بــدءاً مــن تشــكيل كتلــة برملانيــة‬
‫واحــدة تضــم احلزبــن يف مجلــس النــواب‪.‬‬

‫(‪ )29‬التعامــل مــع اتفــاق الوحــدة كدولتــن ال كحزبــن أي تفضيــل االســتقواء بالشــراكة اجلغرافيــة واحلــق القانونــي الســابق للدولــة‬
‫علــى الشــراكة احلزبيــة والسياســية للحــزب االشــتراكي كعامــل يضمــن تقاســم الســلطة مناصفــة بــن الشــمال واجلنــوب ال بــن‬
‫االحــزاب السياســية بغــض النظــر عــن نتائــج االنتخابــات ‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫ويف هــذا الســياق اتفــق احلزبــان (املؤمتر‪-‬االشــتراكي) يف ‪ 11‬مايــو‪1993‬م علــى االندمــاج‬


‫يف حــزب سياســي واحــد‪ ،‬يتمتــع بالغالبيــة املطلقــة‪ ،‬يف مجلــس النــواب املنتخــب ووقــع علــى‬
‫االتفــاق رئيــس املؤمتــر علــي عبــد اهلل صالــح وامــن عــام االشــتراكي علــي ســالم البيــض ‪.‬‬

‫وفيمــا بــدا ان األمــن العــام املســاعد للحــزب‪ ،‬ســالم صالــح محمــد يعتــرض علــى الدمــج‬
‫ويبحــث عــن صيغــة اخــرى للتحالــف حيــث جــاء يف تصريــح لــه « أهميــة وجــود حــزب‬
‫املؤمتــر الشــعبي‪ ،‬واحلــزب االشــتراكي‪ ،‬يف الســلطة‪ ،‬يف إطــار كتلــة برملانيــة واحــدة‪ ،‬كمــا‬
‫اتُفــق ســلفاً‪ ،‬وأن ذلــك هــو الطريــق الصحيــح» يف احلفــاظ علــى مســار الوحــدة‪ ،‬باعتبــار أن‬
‫احلزبــن‪ ،‬هــم اللــذان حققــا الوحــدة‪ .‬وبغــض النظــر عمــا أفرزتــه االنتخابــات»‪.‬‬

‫لكــن هــذا االتفــاق علــى دمــج احلزبــن اثــار خالفــا داخــل االشــتراكي ومت رفضــه يف نهايــة‬
‫األمــر بأغلبيــة اعضــاء اللجنــة املركزيــة بعــد ان تغلــب املوافقــون علــى الدمــج يف املكتــب‬
‫(‪((3‬‬
‫السياســي بفــارق صــوت واحــد تقريبــا‬

‫كانــت حجــة الرافضــن لقــرار الدمــج بانــه ان مت فلــن تكــون فقــط مقدمــة إللغــاء التعدديــة‬
‫السياســية وهــي رغبــة القــوى التقليديــة القدميــة واحلديثــة خــارج احلــزب وبعض االصوات‬
‫داخلــه ولكــن ايضــا الن الدمــج لــن يحقــق اهــداف مــن يســعون لــه يف احلفــاظ علــى تخفيــف‬
‫التوتــر داخــل الســلطة بقــدر مــا ســيصعد مــن االزمــة داخــل مؤسســات الدولــة مــن ناحيــة‬
‫ويحقــق غــرض الغــاء الشــراكة احلزبيــة يف الدولــة الواحــدة‪.‬‬

‫وبــن فكــرة اخلــروج الــى املعارضــة ومقتــرح دمــج احلزبــن ثــار صــراع داخــل االشــتراكي‬
‫وبــدال مــن تقديــر حاجــة البــاد ملــا يســعى اليــه احلــزب اســتغل خصومــه هــذا اخلــاف‬
‫ومضــوا يف محاولــة شــق صفوفــه مــن بوابــة مــرض املناطقيــة التــي ظــل احلــزب يعانيهــا‬
‫داخــل صفوفــه لألســف بــن جنــوب يريــد البقــاء يف الســلطة علــى اســاس متثيــل دولــة‬
‫اجلنــوب يف اجلمهوريــة اجلديــدة وبالتالــي يريــد الدمــج مــع املؤمتــر وشــمال يريــد املعارضة‬
‫وفــض التحالــف مــع املؤمتــر واســتبداله بتحالــف جديــد مــع القــوى السياســية القوميــة‬
‫والوطنيــة واالســامية التنويريــة القريبــة مــن احلــزب وضــد حزبــي االصــاح واملؤمتــر ‪.‬‬

‫(‪ )30‬املصدر قيادات يف املكتب السياسي بينها جار اهلل عمر‬

‫‪63‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫وامــام هذيــن اخلياريــن يجــر احلــزب الــى اخليــار املعــد لــه وهــو اقصــاؤه باحلــرب وهزميتــه‬
‫عســكرياً وسياســياً او بتقســيمه وتوســيع شــقة اخلــاف داخــل صفــوف قيادتــه‪ ،‬تصاعــدت‬
‫االزمــة بــا افــق وبصــورة مزدوجــة داخــل احلــزب وضــد احلــزب وبصــورة اكبــر ممــا كان‬
‫عليــه االمــر قبــل االنتخابــات ‪.‬‬

‫*يف ‪ 20‬مايــو ‪1993‬م قـ ّدم رئيــس الــوزراء‪ ،‬حيــدر أبــو بكــر العطــاس‪ ،‬اســتقالته إلــى مجلــس‬
‫الرئاســة اليمنــي‪ ،‬وقــرر مجلــس النــواب تكليــف مجلــس الرئاســة‪ ،‬ممارســة صالحياتــه‪،‬‬
‫ومهامــه الدســتورية كاملــة‪ ،‬حتــى تتشــكل هيئــات الدولــة وفقــا لالنتخابــات وكمــا ينــص علــى‬
‫ذلــك الدســتور وحتــى يُبــت باحلــوارات غيــر املعلنــة واملتعلقــة بتعديــل الدســتور‪.‬‬

‫ولكــن ذلــك كان يكشــف حجــم االزمــة واتســاع شــقة اخلــاف حــول التعديــات الدســتورية‬
‫التــي كانــت قــد طرحــت علــى طاولــة املفاوضــات غيــر املعلنــة حلل خــاف الشــراكة الوطنية‬
‫يف الدولــة اجلديــدة وبعــد لقــاءات بــن االحــزاب الثالثــة مبــن فيهــا االصــاح أعلــن عــن‬
‫الوثيقــة الثالثيــة التــي وقعتهــا األحــزاب الثالثــة «املؤمتــر‪ ،‬االشــتراكي‪ ،‬اإلصــاح»‪.‬‬

‫وميكــن القــول‪ ،‬إن األزمــة السياســية حينهــا كانــت تتمحــور حــول مشــروع التعديــات‬
‫الدســتورية الــذي مت تســريبه وتضمــن الغــاء مجلــس الرئاســة وإبدالــه برئيــس ونائبــا‬
‫للرئيــس يعينــه الرئيــس بقــرار جمهــوري وهــذا راي املؤمتــر مقابــل طــرح االشــتراكي‬
‫الــذي اصــر علــى ابقــاء صيغــة مجلــس الرئاســة مــع صالحيــات دســتورية لنائــب رئيــس‬
‫اجلمهوريــة وال مانــع ويف حالــة اصــرار املؤمتــر علــى الغــاء صيغــة مجلــس الرئاســة فابدالــه‬
‫برئيــس ونائبــا لــه ال مانــع يف ذلــك ولكــن بشــرطني االول أي انتخابــه مــع الرئيــس مباشــرة‬
‫مــن قبــل الشــعب يف قائمــة انتخابيــة واحــدة والثانــي منحــه صالحيــات دســتورية تتعلــق‬
‫برئاســة مجالــس احلكــم احمللــي واجتماعــي مجلســي النــواب والشــورى املنتخبــن أي‬
‫االخــذ بالصيغــة الدســتورية االمريكيــة يف مــا يخــص انتخــاب نائــب الرئيــس وصالحياتــه‪.‬‬

‫النقطــة الثانيــة هــي تشــكيل الســلطة التشــريعية مــن غرفتــن (مجلــس نــواب ومجلــس‬
‫شــورى) وكانــت املوافقــة قــد متــت علــى هــذا التعديــل مــن حيــث املبــدأ لكــن الوثيقــة اعلنــت‬
‫بــدون هــذا البنــد مــا اثــار غضــب احلــزب االشــتراكي ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫والنقطــة الثالثــة هــي احلكــم احمللــي واســع الصالحيــات وهــي مــا طرحــه االشــتراكي ايضــا‬
‫ورفضــه املؤمتــر واالصــاح ‪.‬‬

‫والنقطــة الرابعــة هــي مــا يطرحــه االصــاح يف تغييــر املــادة الثالثــة وجعــل الشــرعية‬
‫االســامية مصــدر كل التشــريعات وهــو مــا وافــق عليــه احلــزب مــع اضافــة فقــرة اليهــا «‬
‫(‪((3‬‬
‫مــع بقــاء حــق االجتهــاد مكفــوال» او أي شــيء مــن هــذا القبيــل‬

‫وعلــى مــدار حــورات طويلــة وغيــر معلنــة افضــت الــى اتفــاق عــرف باالتفــاق الثنائــي بــن‬
‫املؤمتــر واالشــتراكي ثــم يف مــا عــرف باالتفــاق الثالثــي بتوقيــع االصــاح الــى جانبهمــا لكــن‬
‫االتفــاق االخيــر اعلــن رســميا دون النــص علــى تشــكيل مجلــس الشــورى مــن غرفتــن وهــو‬
‫مــا اثــار خــاف لــم يتــم معاجلتــه‪.‬‬

‫وقبــل البــت يف مشــروع التعديــات بصــورة كاملــة ويف ظــل اســتمرار االزمــة اعلــن عــن‬
‫تقــدمي خمســة اعضــاء لشــغل مجلــس الرئاســة وفقــا للدســتور النافــذ وبالفعــل انتخــب‬
‫مجلــس النــواب يف ‪11‬كتوبــر ‪1993‬م اعضــاء مجلــس الرئاســة واملؤلــف من خمســة أعضاء‪،‬‬
‫بينهــم الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح‪ ،‬ونائبــه علــي ســالم البيــض‪ ،‬وعضــو حــزب اإلصــاح‪،‬‬
‫الشــيخ عبــد املجيــد الزندانــي‪ ،‬واألمــن العــام املســاعد حلــزب املؤمتــر الشــعبي‪ ،‬عبــد‬
‫العزيــز عبــد الغنــي‪ ،‬واألمــن العــام املســاعد للحــزب االشــتراكي‪ ،‬ســالم صالــح محمــد‪.‬‬

‫فيمــا أ ّكــد نائــب رئيــس مجلــس الرئاســة‪ ،‬علــي ســالم البيــض‪ ،‬أنــه لــن يحضــر إلــى صنعــاء‬
‫ألداء اليمــن الدســتورية وأنــه بــاق يف عــدن‪ ،‬وبــرر رفضــه حضــور اجللســة‪ ،‬بقولــه «إن‬
‫صنعــاء تشــكل ترســانة أســلحة‪ ،‬واســتمرار هــذا الوضــع يعنــي إبقاءنــا مقيديــن‪ ،‬وأن نتقاتــل‬
‫يف مــا بيننــا» مــا كشــف ان االشــتراكي او باألصــح امينــه العــام بالــذات لــم يكــن موافقــا علــى‬
‫تشــكيل مجلــس الرئاســة قبــل االتفــاق علــى مشــروع مــواد الدســتور املطروحــة للتعديــل‬
‫بخصــوص صالحيــات النائــب واحلكــم احمللــي ومجلــس الشــورى‪.‬‬

‫(‪ )31‬االتفــاق علــى هــذه الصيغــة مت بــن اعضــاء جلنــة سداســية مــن االشــتراكي واالصــاح ضمــت كال مــن الزندانــي واليدومــي‬
‫واالنســي مــن االصــاح وياســن وجــار اهلل عمــر والعطــاس مــن االشــتراكي وقــد وافــق االصالحيــون علــى صيغــة توفيقيــة اقترحهــا‬
‫كل مــن عمــر ونعمــان وهــي اضافــة عبــارة (مــع كفالــة حــق االجتهــاد ) الــى نــص اصــر عليــه االصــاح يف تعديــل املــادة الثالثــة‬
‫مــن الدســتور ليصبــح النــص املقتــرح للتعديــل مــن املــادة الثالثــة مــن الدســتور هو(االســام مصــدر كل التشــريعات مــع كفالــة حــق‬
‫االجتهــاد) او مــع بقــاء حــق االجتهــاد مفتوحــا‬

‫‪65‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫وقــد تبــن بالفعــل ان تشــكيل مجلــس رئاســة ورئاســة ومجلــس نــواب علــى اســاس نتائــج‬
‫انتخابــات ‪1993‬م وخــروج رئاســة مجلــس النــواب مــن حصــة االشــتراكي ومنحهــا لإلصــاح‬
‫ا بــل اشــكاالً فاقــم االزمــة‬
‫باالضافــة الــى منحــه مقعــدا يف مجلــس الرئاســة لــم يكــن ح ـ ً‬
‫ولذلــك تصاعــدت االزمــة بشــكل كبيــر وكلهــا كانــت تــدور عــن كيفيــة ايجــاد ضمانــات‬
‫أخــرى لعمليــة التــوازن داخــل مؤسســات الدولــة مــن خــال ضمانــات دســتورية توكــد‬
‫املواطنــة والشــراكة وعــدم االخــال مبعيــار العدالــة يف التمثيــل و تثبيــت صالحيــات نائــب‬
‫الرئيــس يف الدســتور وانتخابــه مباشــرة مــع الرئيــس وتولــي الســلطة بعــده ان حــدث لــه‬
‫أي مكــروه‪.‬‬

‫وهــذا مــا كان يرفضــه نظــام صنعــاء بتحالفــه املؤمتــري االصالحــي ولذلــك ماطــا يف‬
‫انزالهــا الــى البرملــان حتــى تفجــرت احلــرب وكان اول قــرار بعــد انتهائهــا بهزميــة احلــزب‬
‫هــو الغــاء مشــروع التعديــات التــي تلــكا االصــاح واملؤمتــر عــن اقرارهــا بصيغتهــا النهائيــة‬
‫قبــل احلــرب ‪.‬‬

‫النقاط الـ ‪! 18‬‬

‫ظلــت االزمــة تتصاعــد بعــد االنتخابــات وظــل البيــض حانقــاً يف عــدن يرفــض العــودة‬
‫الــى صنعــاء ألداء اليمــن الدســتورية وقــد كان االختــراق الوحيــد والهــام هــو ان قيــادة‬
‫االشــتراكي اســتطاعت ان تعيــد امينهــا العــام البيــض الــى مربعــه االشــتراكي والوطنــي‬
‫ومحاولــة اعادتــه الــى مؤسســات احلــزب والدولــة ودفعــه الــى حتويــل االزمــة مــن خــاف‬
‫شــخصي بينــه وبــن الرئيــس صالــح كمــا كان يظهــر مــن (حنقاتــه) املتواصلــة يف عــدن الــى‬
‫اخلــروج الــى النــاس ملخاطبــة ابنــاء الشــعب اليمنــي عمومــا بصــورة مباشــرة ووضعهــم امــام‬
‫اســباب وعوامــل االزمــة احلقيقــة‪.‬‬

‫وهــو مــا عــرف حينــه بالنقــاط ال‪ 18‬التــي طرحهــا البيــض والتــي انســجم موقفــه مــن‬
‫االزمــة مــع بقيــة هيئــات احلــزب ومــن خاللهــا اســتعاد احلــزب املبــادرة وتوحيــد موقفــه مــع‬
‫موقــف أمينــه العــام عبــر طــرح كل القضايــا علنـاً ومخاطبــة النــاس مباشــرة مبــا يف ذلــك‬
‫اعــادة النظــر يف دســتور دولــة الوحــدة ومبــا يضمــن التــوازن الوطنــي والتمثيــل احلقيقــي‬

‫‪66‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫لــكل اليمنــن يف مؤسســات الدولــة بعيــدا عــن سياســة االقصــاء ومحاولــة االســتقواء‬
‫بالعدديــة االنتخابيــة دون مراعــاة لهشاشــة املؤسســات املختلفــة للدولــة اجلديــدة‪.‬‬
‫وخــال الفتــرة منــذ اعــان نتائــج االنتخابــات حتــى االعــان عــن التوقيــع علــى وثيقــة‬
‫العهــد يف مدينــة عــدن يف ينايــر ‪1994‬م كان البيــض قــد كســب بخطاباتــه املكتوبــة وغيــر‬
‫املكتوبــة قطاعــات واســعة مــن الشــعب يف الشــمال واجلنــوب واصبحــت خطاباتــه التــي‬
‫ظــل يلقيهــا يف اللقــاءات العامــة وتنقــل مباشــرة للــراي العــام ان يعيــد االزمــة ظاهريــا الــى‬
‫بعدهــا املوضوعــي االمــر الــذي مثــل ضغطــا علــى حتالــف املؤمتــر واالصــاح مــا احــدث‬
‫شــيئا مــن التــوازن بــن طــريف االزمــة مــن جديــد‪.‬‬
‫إذ انــه وبعــد ان حــاول االصــاح واملؤمتــر ان يســتقويا علــى احلــزب باألكثريــة البرملانيــة‬
‫القصائــه مــن الســلطة اســتطاع البيــض واالشــتراكي مــن خلفــه ان يســتقوي عليهمــا بالــرأي‬
‫العــام وبالتعاطــف الشــعبي الواســع الــذي كســبه احلــزب مبخاطبتــه مباشــرة للشــعب شــماال‬
‫وجنوبــا وبعيــداً عــن اجلهويــة والشــطرية(‪.((3‬‬

‫(‪ )32‬اذكــر اننــي كتبــت مقــاال حينهــا نشــر يف صحيفــة االمــة التــي كنــت مديــرا لتحريرهــا بعنــوان « اراد صالــح االســتقواء علــى‬
‫احلــزب باألكثريــة العدديــة فــرد احلــزب باالســتقواء بالشــعب « بحثــت عــن املقــال يف ارشــيفي فلــم اجــده لألســف»‬

‫‪67‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫العطاس يدير احلوار الوطني‬


‫وصوال الى وثيقة العهد واالتفاق‬

‫وامــام هــذه املعادلــة (االســتقواء باالكثريــة العدديــة البرملانيــة مقابــل مكاشــفة النــاس‬
‫بطبيعــة االزمــة وكســب موقفهــم ) والتــي بــدت متكافئــة رضخــت االطــراف جميعهــا – امــا‬
‫خيــاراً او اضطــراراً‪ -‬للحــوار ومبشــاركة كل االطــراف الوطنيــة والسياســية وخــال شــهر او‬
‫يزيــد نتــج عــن احلــوار الــذي عقــد يف عــدن برئاســة رئيــس الــوزراء حينهــا حيــدر ابــو بكــر‬
‫العطــاس عــن وثيقــة سياســية وقانونيــة ودســتورية عرفــت «بوثيقــة العهــد واالتفــاق» والتــي‬
‫مت التوقيــع عليهــا للمــرة االولــى يف عــدن يف ‪18‬ينايــر ‪1994‬م مــن قبــل االطــراف احلزبيــة‬
‫والشــخصيات الوطنيــة وعــدد مــن رجــال الفقــه الدســتوري واحملامــن‪.‬‬

‫وقــد بعــث خــروج املشــاركني يف احلــوار بوثيقــة العهــد واالتفــاق ارتياح ـاً شــعبياً ووطني ـاً‬
‫كبيــراً ال يقــل عــن ســعادة وتفــاؤل اليمنيــن بإعــان اجلمهوريــة اليمنيــة ومشــروعها‬
‫الدميقراطــي النهــم شــعروا ان الوثيقــة قــد تضمنــت معاجلــة مــا اغفلتــه اتفاقيــة الوحــدة‬
‫نفســها كالنظــام الالمركــزي مــن ناحيــة وحلــوال لــكل عناويــن االزمــة وبــان موافقــة كل‬
‫االطــراف عليهــا ســيعني انتهــاء االزمــة وعــدم الســير باجتــاه احلــرب التــي كانــت اعالمهــا‬
‫قــد رفعــت طــوال فتــرة االزمــة ولكــن امالهــم ســرعان مــا خابــت ليتبــن ان عــدم الثقــة بــن‬
‫شــركاء الوحــدة قــد بلــغ مــداه ‪.‬‬

‫اهم بنود وثيقة العهد واالتفاق‬

‫يذكــر ان اهــم مــا تضمنتــه وثيقــة العهــد واالتفــاق هــو االتفــاق علــى اعــادة بنــاء الدولــة‬
‫اليمنيــة دســتوريا ومبــا يضمــن ترســيخ الدميقراطيــة واالبقــاء علــى تــوازن الشــراكة يف‬
‫ا عــادالً للمواطنــن واملناطــق اليمنيــة املختلفــة يف‬ ‫املواقــع الســيادية ومبــا يضمــن متثيــ ً‬
‫املؤسســة التشــريعية وهــي االهــم وبحيــث ال يبــت القضايــا املصيريــة اال مــن خــال اجتمــاع‬
‫مشــترك بينهــا ومــن ذلــك االتفــاق علــى مشــروع التعديــات دســتورية دون املــس مبفهومــي‬
‫العدالــة واملواطنــة اهمهــا ‪-:‬‬

‫‪68‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫ •بقــاء صيغــة مجلــس الرئاســة مــن خمســة اعضــاء وبرئيــس ونائــب لــه مــع النــص علــى‬
‫صالحيــات جديــدة ملنصــب نائــب الرئيــس منهــا ان يــرأس مجلســي الشــورى والنــواب‬
‫يف حالــة انعقادهمــا املشــترك (املجلــس الوطنــي) وان يشــرف علــى مجالــس احلكــم‬
‫احمللــي املنتخبــة باإلضافــة الــى ان ينــوب الرئيــس يف حالــة غيابــه‪.‬‬

‫ •النــص علــى تشــكل الســلطة التشــريعية مــن غرفتــن منتخبتــن مباشــرة مــن قبــل‬
‫الشــعب وهمــا ( مجلــس الشــورى) وميثــل املناطــق او احملافظــات بصــورة متســاوية‬
‫أي ان متثــل كل محافظــة او مقاطعــة مبقعديــن او اكثــر بصــورة متســاوية بغــض‬
‫النظــر عــن عــدد ســكانها او مســاحتها اجلغرافيــة علــى ان يبقــى مجلــس النــواب‬
‫(الغرفــة االولــى) ميثــل الســكان ومتثــل كل دائــرة انتخابيــة وفقــا لعــدد الســكان ولــكال‬
‫الغرفتــن صالحيــات تشــريعية ورقابيــة منفــردة ومشــتركة وان كانــت يف الشــورى اقــل‬
‫واالهــم ان القضايــا الكبــرى واملصيريــة كاحلــدود وتغييــر طبيعــة النظــام السياســي‬
‫والدميقراطــي وغيرهــا ال يبــت فيهــا اال باجتمــاع مشــترك للمجلســن والــذي يســمى‬
‫يف حالــة انعقــاده (باملجلــس الوطنــي)‪.‬‬

‫ •النــص بوضــوح علــى النظــام الالمركــزي واحلكــم احمللــي حتــت عنــوان (املخاليــف)‬
‫مــن خــال انتخــاب اعضــاء املجالــس احملليــة ومنحهــا صالحيــات واســعة يف ممارســة‬
‫الســلطة التنفيذيــة علــى مســتوى كل محافظــة او مقاطعــة ‪.‬‬

‫باإلضافــة الــى تشــكيل هيئــة مســتقلة ومنتخبــة مــن املجلســن لإلشــراف علــى املؤسســات‬
‫االعالميــة واخــرى علــى اخلدمــة املدنيــة وقضايــا اخــرى كثيــرة ‪.‬‬

‫ولــو عمــل بهــا او مبقاصدهــا يف التعديــات الدســتورية لضمنــت نظريـاً قيام نظام سياســي‬
‫دميقراطــي تشــاركي المركــزي متــن وملــا قامــت حــرب ادت نتائجهــا لألســف الــى تراجــع‬
‫ائتــاف احلــرب عــن مــا كانــا قــد وقعــا عليــه يف مشــروع التعديــات الدســتورية بــل والــى‬
‫تراجــع الدميقراطيــة وكل العناويــن الكبيــرة يف الوحــدة واجلمهوريــة والعدالــة‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫كانــت وثيقــة العهــد واالتفــاق قــد تالفــت معظــم الثغــرات التــي تبــن خطورتهــا يف الغــاء‬
‫املرحلــة االنتقاليــة يف احلفــاظ علــى طبيعــة الدولــة اليمنيــة كدولــة بســيطة غيــر مركبــة‬
‫حتــى موضــوع « مخاليــف او مناطــق التــي وردت يف الوثيقــة لــم تكــن باجتــاه الفدراليــة‬
‫او االقلمــة االنقســامية خالفــا ملــا طــرح يف مؤمتــر احلــوار الوطنــي بعــد االســتيالء علــى‬
‫ثورة‪11‬فبرايــر ‪2011‬م مبــا عــرف باألقاليــم (انظــر يف امللحــق اهــم مــا تضمنتــه وثيقــة‬
‫العهــد واالتفــاق مــن بنــود )‪.‬‬

‫البيض يخسر شعبيا وصالح يفجر احلرب !‬

‫اعتبــر الــرأي العــام قبــول املؤمتــر واالصــاح وبقيــة القــوى التقليديــة ولــو نظريــا بالكثيــر‬
‫مــن القضايــا االساســية واملركزيــة التــي كان يطرحهــا االشــتراكي اثنــاء االزمــة انتصــاراً لــه‬
‫وألمينــه العــام وهزميــة او تنــازل كبيــر مــن كل القــوى واالحــزاب التــي وقفــت ضدهــا ثــم‬
‫ارغمــت علــى التوقيــع عليهــا مضطــرة او مختــارة ‪.‬‬

‫ويف ظــل هــذه االجــواء بــدا وكأن هــذا الشــعور باإلجنــاز الكبيــر موجــود لــدى معظــم قيــادة‬
‫االشــتراكي ايضــا(‪ ((3‬لكــن االمــن العــام للحــزب علــي ســالم البيــض ومنــذ اليــوم االول‬
‫للتوقيــع علــى الوثيقــة بــدأ يطــرح قضايــا وآراء يبــدو فيهــا متشــائما وغيــر مقــدر حلجــم‬
‫االجنــاز الوطنــي الــذي حتقــق يف وثيقــة العهــد ومبســاهمة اساســية منــه شــخصيا بــل بــدا‬
‫وكانــه متخوفــا مــن اقــرار الوثيقــة وحــل االزمــة !‬

‫لــم يكتــف البيــض بهــذا التشــاؤم الواضــح يف تــردده مــن اجنــاز الوثيقــة ويف التمنــع مــن‬
‫عودتــه او احلكومــة الــى صنعــاء ملمارســة الســلطة والبــدء باجــراء تعديــات دســتورية‬
‫وقانونيــة تثبــت اهــم مــا تصمنتــه بنــود وثيقــة العهــد واالتفــاق بــل وكأنــه مــن يعمــل علــى‬
‫عــدم انفــراج االزمــة مثلــه مثــل بقيــة خصومــه الذيــن كانــوا يعــدون للحــرب كخيــار وحيــد‪.‬‬

‫(‪ )33‬صــادف اننــي كنــت يف عــدن بدعــوة مــن الدكتــور ياســن ســعيد نعمــان بعــد ايــام مــن التوقيــع علــى وثيقــة العهــد واالتفــاق يف‬
‫عــدن وجمعنــي مقيــل يف منــزل الدكتــور ياســن يف خــور مكســر بكثيــر مــن قيــادات احلــزب بينهــم مــن التقيتــه ألول مــرة كهيثــم‬
‫طاهــر ومحمــد ســعيد عبــداهلل وعبــد الواســع ســام والشــطفة واخريــن وجميعهــم كانــوا متفائلــن ويصــرون علــى عــودة رئيــس‬
‫الــوزراء الــى صنعــاء للبــدء بتطبيــق وثيقــة العهــد واعــان أي طــرف يعرقــل الوثيقــة وقــد قــرر العطــاس العــودة فعــا لكــن الطــرف‬
‫اآلخــر اعتــرض موكــب العطــاس يف احــد مداخــل صنعــاء ومطاردتــه الــى املنــزل حتــى يعرقــل اتفاقــا كان قــد مت داخــل قيــادة‬
‫االشــتراكي بعــودة العطــاس الــى عــدن ولــم يرجــع مــرة اخــرى حتــى تفجــرت احلــرب‬

‫‪70‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫لقــد ظهــر البيــض وآخريــن يف قيــادة احلــزب بنزعتهــم االنعزاليــة اجلديــدة وكأنهــم يف‬
‫خنــدق واحــد مــع خصــوم احلــزب التاريخيــن (كصالــح والشــيخ االحمــر واالخــوان) وكل‬
‫القــوى الرجعيــة واالصوليــة و الذيــن وافقــوا علــى الوثيقــة مضطريــن وانهــم يعملــون مــع‬
‫البيــض ومــن مواقــع متعارضــة للوصــول الــى احلــرب ال الــى تطبيــق وثيقــة العهــد واالتفــاق‬
‫وبهــذا الصــدد حــدث ان قــام خصــوم احلــزب بعرقلــة اجتمــاع اللجنــة العســكرية التــي‬
‫تشــكلت مبوجــب الوثيقــة لتخفيــف التوتــر داخــل صفــوف اجليــش ويف وقــت الحــق حالــوا‬
‫دون عــودة رئيــس الــوزراء حيــدر العطــاس الــى صنعــاء وهــو مهنــدس وثيقــة العهــد واالتفــاق‬
‫ورئيــس جلنــة احلــوار التــي توصلــت اليهــا وكان مختلفــا مــع البيــض يف كثيــر مــن القضايــا‬
‫ومنهــا ضــرورة العمــل مــن داخــل مؤسســات الدولــة واحلمــاس ملــا تضمنتــه الوثيقــة والبنــاء‬
‫عليهــا يف رئاســة الــوزراء(‪ ((3‬يف املقابــل اصــر البيــض علــى ضــرورة التوقيــع علــى الوثيقــة‬
‫مــرة اخــرى وهــذه املــرة خــارج اليمــن وبإشــراف اجلامعــة العربيــة وحضــور عربــي رســمي‬
‫ومت املوافقــة علــى ان يكــون التوقيــع بعمــان عاصمــة االردن فعــا ‪.‬‬

‫التوقيع يف عمان والعودة الى الرياض‬

‫انتظــر اليمنيــون باهتمــام وتوجــس كبيريــن التوقيــع علــى وثيقــة العهــد واالتفــاق يف عمــان‬
‫بعــد أن كانــت االزمــة قــد تصاعــدت بصــورة خطيــرة منــذرة للحــرب وكان امــل اليمنيــون ان‬
‫لقــاء البيــض وصالــح بحضــور سياســي مينــي(‪ ((3‬وعربــي وبرعايــة امللــك االردنــي واجلامعــة‬
‫العربيــة بــل وان يســهم يف ردم فجــوة الثقــة التــي توســعت بــن الرئيــس ونائبــه وان ذلــك قــد‬
‫يخفــف مــن حــدة االزمــة ويوقــف عجلــة الســير الــى احلــرب ‪.‬‬

‫ولكــن ويــا لهــا مــن لكــن وبينمــا كانــت عدســات التلفــزة تنقــل تفاصيــل املشــهد مــن العاصمــة‬
‫االردنيــة مباشــرة الــى اليمنيــن وبقيــة العالــم فقــد كان اول مــن صــدم الــرأي العــام هــو‬
‫تأخــر وصــول البيــض الــى عمــان ثــم وبعــد وصولــه الــى املطــار رفــض النــزول مــن الطائــرة‬

‫(‪ )34‬جــرت مطــاردات امنيــة بطقــوم عســكرية ملوكــب رئيــس الــوزراء املهنــدس حيــدر ابــو بكــر العطــاس علــى مدخــل العاصمــة‬
‫صنعــاء واشــعاره بانــه مســتهدف باالغتيــال وهــو مــا دفعــه للعــودة الــى عــدن مــرة اخــرى واالنحيــاز وألول مــرة الــى جانــب موقــف‬
‫البيــض يف تعنتــه يف عناويــن االزمــة واولويــات تطبيقهــا‬
‫(‪ )35‬كنت احد املشاركني يف مراسم التوقيع على وثيقة العهد بعمان كسياسي وكصحفي‬

‫‪71‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ألكثــر مــن نصــف ســاعة ثــم يف افتعالــه خلــاف شــخصي مــع صالــح امــام األردنيــن‬
‫ورفضــه او تأخــره عــن حضــور اللقــاء مــع صالــح وامللــك احلســن ثــم ‪ -‬ويــا للغبــاء – يف‬
‫صعــوده الطائــرة مغاضبــا وبــدال مــن العــودة الــى صنعــاء او عــدن توجــه الــى الريــاض!‬

‫وكان ذلــك كفيــا بتغييــر املشــهد السياســي وموقــف الــرأي العــام اليمنــي رأســا علــى عقــب‬
‫ضــد البيــض واالشــتراكي والــى جانــب صالــح وبقيــة القــوى التقليديــة ومــن حلظتهــا كان‬
‫(‪((3‬‬
‫واضحــا ان البيــض يخســر مــن جديــد مــن رصيــده الشــعبي‬

‫وعلــى العكــس بــدا خصومــه يكســبون فئــات واســعة مــن املجتمــع بعــد ان ظهــر للــرأي العــام‬
‫ان االشــتراكي وامينــه العــام لــم يكونــا صادقــن يف مطالبهمــا التــي تضمنــت وثيقــة العهــد‬
‫معظمهــا وكان قــد ســارع البعــض الــى اتهــام االشــتراكي وامينــه العــام بأنهــم ليســوا مــع‬
‫الوثيقــة كونهــم يبيتــون مطالــب انفصاليــة وفقــا ملــا كان يتهمهــم بــه صالــح غيــر ان ســفر‬
‫البيــض مباشــرة الــى الريــاض بــدال مــن العــودة الــى صنعــاء او الــى عــدن هــو مــا جعــل‬
‫غالبيــة الــرأي العــام الــى جانــب صالــح وضــد البيــض وهــو مــا اســتغله صالــح وفجــر االزمــة‬
‫حرب ـاً عرفــت بحــرب ‪1994‬م ‪.‬‬

‫لقــد كان واضحــا ان تطــاول االزمــة وبنــاء كل طــرف سياســاته علــى صعوبــة حلهــا وامكانيــة‬
‫تفجرهــا حربــا قــد بلغــت مراحــل خطيــرة مــن عــدم الثقــة بــن صالــح والبيــض بدرجــة‬
‫رئيســة وبــن احلزبــن بدرجــة ثانيــة كمــا أن طــول فتــرة االزمــة وتصاعدهــا ســاهم يف‬
‫تهيئــة القــوى العســكرية نفســها إلمكانيــة حســم اخلــاف عســكريا و يف توريــط طــريف‬
‫الصــراع مبخططــات اقليميــة جلــر اليمنيــن الــى حــرب طاحنــة تســتهدف متزيــق اليمــن‬
‫واعادتــه الــى شــطرين متصارعــن بــل الــى كيانــات عديــدة يقتــل بعضهــا بعضــا‪.‬‬

‫انفجرت احلرب وهزم املشروع الوطني مرة اخرى‬


‫قبــل عــودة قــادة الدولــة وقيــادات االحــزاب وعشــرات الصحفيــن الذيــن شــاركوا يف‬
‫مراســيم التوقيــع علــى الوثيقــة كانــت قــد حدثــت اشــتباكات خطيــرة بــن وحــدات اجليــش‬

‫(‪ )36‬يقبــل النــاس ســفر صالــح والشــيخ االحمــر واالصــاح الــى الريــاض ودعمهــا لهــم كونهــم يف نظــر النــاس بعضــا مــن ادواتهــا‬
‫تاريخيــا لكنهــم يســتكثرون علــى البيــض واالشــتراكي التآمــر مــع الســعودية علــى اليمــن كونهــم نقيضهــا ومــن وقــف ضــد مؤامراتهــا‬
‫منــذ نهايــة ســتينات القــرن املاضــي وهــذا مــا لــم يدركــه البيــض يف افتعــال خالفــه مــع صالــح يف عمــان والتوجــه مباشــرة الــى‬
‫الريــاض وهــي اهــم الظــروف التــي وفرهــا البيــض واســتغلها صالــح لتفجيــر احلــرب‬

‫‪72‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫يف محافظــة أبــن وحينهــا قيــل ان احلــرب قــد نشــبت ولكــن احلقيقــة ان احلــرب كانــت قــد‬
‫تفجــرت اولــى معاركهــا يف ‪27‬ابريــل ‪1994‬م و بعمــران وبعــد دقائــق مــن خطــاب الرئيــس‬
‫صالــح النــاري يف ميــدان الســبعني والتــي طالــب فيهــا الشــعب مبحاكمــة قــادة االشــتراكي‬
‫كخونــة للوطــن وبعــد حلظــة مــن خطابــه الشــهير حدثــت مجــزرة اجلنــود واملجنــزرات داخــل‬
‫اللــواء الثالــث مــدرع بعمــران أي ان احلــرب ويــا للمفارقــة املؤملــة واملؤســفة انفجــرت بــن‬
‫ابطــال الوحــدة اليمنيــة يف الذكــرى االولــى إلجــراء اول انتخابــات دميقراطيــة وهــذا هــو‬
‫توقيــت االشــتراكيني إلعــان صالــح وحلفائــه للحــرب بينمــا لــم تعلــن احلــرب الشــاملة اال‬
‫مســاء االربعــاء املوافــق ‪4‬مايــو ‪1994‬م وتنتهــي يف ‪1994/7/7‬م‪.‬‬

‫ويف حــرب ‪94‬م املؤســفة او حــرب االنفصــال كمــا يحلــو للمنتصريــن تســميتها والتــي‬
‫اســتمرت قرابــة الشــهرين كان متوقعــا ان ينتصــر صالــح وحلفــه العســكري فيهــا او مــا‬
‫عــرف حينهــا بقــوات الشــرعية الدســتورية وان يهــزم االشــتراكيني وحلفائهــم والذيــن مت‬
‫وصفهــم «بقــوى الــردة واالنفصــال» ليــس النهــم لــم يكونــوا جاهزيــن للحــرب كمــا هــو حــال‬
‫خصومهــم(‪ ((3‬بــل وألن قضيتهــم كانــت ضعيفــة بــل خاســرة متامــا امــام مــن يقاتلــون بعنــوان‬
‫الدفــاع عــن الوحــدة اليمنيــة امــام مخطــط ســعودي يقــوده البيــض لتمزيقهــا‪.‬‬

‫كمــا بــدا ذلــك للــرأي العــام خصوص ـاً بعــد اعــان البيــض لقــرار االنفصــال الفاشــل يف‬
‫‪21‬مايــو ‪1994‬م والــذي لــم يكــن لــه أي اثــر ســوى انــه عجــل مــن حســمها لصالــح خصومــه‬
‫ومنــح صالــح وحلفائــه شــرعية حلربهــم وان بأثــر رجعــي وقبــل ذلــك «تعنتــه يف عمــان‬
‫وســفره الــى الريــاض» وغيرهــا مــن املؤشــرات التــي لــم يــدرك البيــض انعكاســاتها عليــه‬
‫(‪((3‬‬
‫وعلــى نتائــج احلــرب التــي قادهــا وصالــح وحزبيهمــا اليمــن اليهــا‬

‫انتهــت احلــرب يف ‪7‬يوليــو‪1994‬م بدخــول مــا عــرف بقــوات الشــرعية عــدن وتشــردت‬
‫قيــادات احلــزب خــارج الوطــن واختــل التــوازن يف دولــة الوحــدة بغيــاب احلــزب‪.‬‬

‫(‪ )37‬واضــح ان االشــتراكي لــم يكــن يعــد للحــرب او يبيتهــا منــذ وقــت مبكــر كمــا هــو حــال خصومــه وان كان قــد بــدأ يســتعد‬
‫لهــا يف وقــت متأخــر مــن االزمــة وقبــل اســابيع مــن تفجرهــا حربــا كمــا تبــن مــن صفقــة االســلحة التــي اشــتراها البيــض بتمويــل‬
‫ســعودي مــن اوكرانيــا ولــم يصــل معظمهــا اال بعــد انتهــاء احلــرب وانتصــار مــا عــرف بالشــرعية‬
‫(‪ )38‬لــم يقــرأ البيــض تغيــر املــزاج الشــعبي لغيــر صاحلــه اال بعــد ان فــات االوان وحــن حــاول يف اخــر لقــاء بصالــح يف مســقط‬
‫تخفيفــه حــدة اخلــاف الشــخصي مبعانقــة صالــح كان كثيــر مــن الالعبــن قــد دخلــوا علــى خــط الــا عــودة وهومــا يفســر قــول‬
‫الدكتــور االريانــي الشــهير (لــي الفخــر اننــي مــن افشــل لقــاء مســقط )‬

‫‪73‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫وكان اول اخلاســرين واكبرهــم هــو البيــض نفســه واحلــزب االشــتراكي اوالً وعاشــراً وابنــاء‬
‫احملافظــات التــي انتظــرت متثيــل االشــتراكي لهــا يف ســلطة الدولــة ووجــدت نفســها بــا‬
‫ســند بعــد مغــادرة احلــزب نحــو االنفصــال بــا مراعــاة لهــؤالء املواطنــن‪.‬‬

‫اهم نتائج حرب ‪1994‬م‬

‫لقــد كان مــن اخطــر نتائــج حــرب ‪1994‬م هــو اختــال التــوازن يف الســلطة احلاكمــة‬
‫وفقــدان النظــام الدميقراطــي الناشــئ للمظلــة التــي كانــت حتميــه و التــي كان ميثلهــا‬
‫احلــزب االشــتراكي اليمنــي او باألصــح شــراكته يف نظــام دولــة الوحــدة فــكان ان اســتفرد‬
‫حتالــف احلــرب بالســلطة فســارع الــى تعديــل الدســتور مبــا ينســجم مــع اهــداف احلــرب‬
‫الهادفــة الــى الغــاء الشــراكة والتفــرد بالقــرار وبذلــك ســقط مــا عــرف (بربيــع الدميقراطية‬
‫اليمنيــة) وعــادت اليمــن تدريجيــا الــى نظــام مــا قبــل الوحــدة يف اجلمهوريــة العربيــة‬
‫(الشــمال) ســابقا وميكــن تلخيــص نتائــج احلــرب علــى النحــو التالــي ‪-:‬‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬التعديالت الدستوريه االولى (يناير ‪1995‬م )‬

‫بعــد ‪ 6‬اشــهر مــن توقــف االعمــال العســكرية وحتديــدا يف الفــاحت مــن ينايــر ‪1995‬م‬
‫اجريــت اول التعديــات علــى دســتور دولــة الوحــدة وتضمنــت تعديــل قرابــة ‪ 82‬مــادة‬
‫دســتورية اهمهــا ‪:‬‬

‫ •املــادة الثالثــة التــي كانــت قضيــة االصــاح االولــى كعنــوان لرفــض للوحــدة اوال ويف‬
‫عنــوان تأجيجــه لالزمــة بــن احلزبــن قبــل التوقيــع علــى وثيقــة العهــد واالتفــاق ثانيــا‬
‫وقــد نــص التعديــل علــى ان «الشــريعة االســامية مصــدر جميــع التشــريعات « بعــد‬
‫ان كان نصهــا يف دســتور دولــة الوحــدة (االســام املصــدر الرئيســي للتشــريع) كمــا‬
‫حذفــت اجلملــة املكملــة للمــادة وفقــا ملشــروع التعديــات التــي اتفــق حولهــا قبــل‬
‫احلــرب مــع االشــتراكي وهــي (مــع كفالــة حــق االجتهــاد) ‪.‬‬
‫ •املــادة (‪ )106‬اخلاصــة برئاســة اجلمهوريــة وجــاء التعديــل بإلغــاء صيغــة مجلــس‬
‫الرئاســة وإبدالــه برئيــس اجلمهوريــة وعلــى النحــو التالــي ‪:‬‬

‫‪74‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫أ‪ -‬رئيس اجلمهورية هو رئيس الدولة ويتم انتخابه وفقا للدستور‪.‬‬


‫ب‪ -‬يكــون لرئيــس اجلمهوريــة نائبــا يعينــه الرئيــس وتطبــق فيــه املــواد‬
‫‪107‬و‪117‬و‪118‬و‪ )128‬أي تلــك املــواد التــي تتعلــق بســنه القانونــي ومبرتبــه وبعــدم‬
‫مزاولتــه اعمــال جتاريــة وكيفيــة محاكمتــه دون االشــارة الــى أي شــيء يتعلــق‬
‫بصالحيــة النائــب وعلــى خــاف مــا كان قــد اتفــق عليــه بــن احلزبــن الــذي ســمي‬
‫باالتفــاق الثنائــي وخالفــا ملــا نصــت عليــه وثيقــة العهــد واالتفــاق ايضــا التــي‬
‫منحــت النائــب صالحيــات دســتورية تتعلــق برئاســته للمجلــس الوطنــي ( مجلســي‬
‫النــواب والشــورى)‪.‬‬
‫أي ان تعديــات ‪95‬م للدســتور قــد جتاهلــت كل مــا كان قــد اتفــق عليــه قبــل احلــرب‬
‫وتضمنتــه بعــد ذلــك وثيقــة العهــد واالتفــاق الــذي مت قبــل احلــرب كتشــكيل الســلطة‬
‫التشــريعية مــن غرفتــن واقامــة حكــم محلــي كامــل الصالحيــات وان كان التعديــل قــد منــح‬
‫مجلــس الشــورى املعــن صالحيــات معينــة كتزكيتــه املشــتركة مــع مجلــس النــواب ملرشــحي‬
‫الرئاســة وغيرهــا مــن الصالحيــات التــي بــدت شــكلية‪.‬‬

‫واملعنــى ان التعديــات الدســتورية لعــام ‪1995‬م قــد متحــورت حــول ما كانت تســعى إلجرائه‬
‫االطــراف املنتصــرة يف احلــرب ورفــض كل مــا كان يطرحــه االشــتراكي وحلفائــه وقطاعــات‬
‫واســعة مــن املنظمــات واالحتــادات والنقابــات والشــخصيات الوطنيــة مــن تعديــات تخــص‬
‫احلكــم احمللــي والســلطة التشــريعية وصالحيــات النائــب وغيرها‪.‬‬

‫دون مراعــاة مصلحــة الدولــة والبعــد الوطنــي فيهــا و لــو ان املنتصريــن يف احلــرب اقروهــا‬
‫بعــد هزميــة االشــتراكي عســكرياً لــكان مــن املمكــن ان تخفــف مــن حــدة االحتقــان يف‬
‫احملافظــات اجلنوبيــة وتســهم يف ابقــاء النظــام الدميقراطــي وتؤســس لالمركزيــة ولرمبــا‬
‫تفــادت اليمــن باعتمادهــا كثيــرا مــن االزمــات واحلــروب والتمزقــات التــي جــرت بعــد ذلــك‬
‫علــى خلفيــة اقصــاء شــركاء دولــة الوحــدة وتقليــص مســاحة الدميقراطيــة وزيــادة مســاحة‬
‫االســتفراد ‪.‬‬

‫غيــر ان تعديــات ‪1994‬م التــي اجراهــا البرملــان دون احلاجــة الــى اســتفتاء شــعبي مباشــر‬
‫كانــت لــم متثــل تراجعـاً كبيــراً يف مــا يخــص بقيــة احلريــات واحلقــوق املكتســبة يف دســتور‬

‫‪75‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫الوحــدة خصوصــا اذا مــا قورنــت مــع التعديــات الثانيــة للدســتور ‪2001‬م والتــي قلصــت‬
‫مســاحة املشــاركة الشــعبية واضعفــت دور املجتمــع يف اختيــار ممثليــه ومــدت فتــرة الرئيــس‬
‫يف الســلطة وفتــرة مجلــس النــواب الــى ســبع ســنوات يف مــدة الرئيــس و ســت ســنوات يف‬
‫مــدة البرملــان كمــا ســياتي الحقــا ‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬احلزب االشتراكي يقاطع انتخابات ‪ 97‬م البرملانية‬

‫جــرت االنتخابــات الثانيــة يف اجلمهوريــة اليمنيــة يف ظــل خــاف واســع بــن حــزب الرئيــس‬
‫صالــح واحــزاب املعارضــة ممثلــة بأحــزاب مجلــس التنســيق االعلــى للمعارضــة بقيــادة‬
‫االشــتراكي مــن ناحيــة وبينــه وبــن شــريك احلــرب ممثــا يف املؤمتــر الشــعبي العــام‬
‫والتجمــع اليمنــي لإلصــاح‪.‬‬

‫وفيمــا كانــت تطــرح احــزاب تنســيق املعارضــة ضــرورة اجــراء مصاحلــة وطنيــة واصالحات‬
‫قانونيــة وسياســية تهيــئ إلجــراء انتخابــات حــرة ونزيهــة وهــي الشــروط التــي تضمنتهــا‬
‫وثيقــة (الشــروط القانونيــة والسياســية إلجــراء انتخابــات حــرة ونزيهــة(‪.)((3‬‬

‫ملوحــة مبقاطعــة االنتخابــات اذا لــم يســتجب لهــا النظــام كان االصــاح يطالــب بشــروط‬
‫اخــرى قبــل اجــراء االنتخابــات بينهــا تعديــل نــص القانــون فيمــا يخــص املوطــن االنتخابــي‬
‫واجــراء تصحيــح الســجل االنتخابــي‪.‬‬

‫وقــد ظلــت االزمــة تتصاعــد مــع تصاعــد بــوادر احتجاجــات شــعبية ومطالبــة باملقاطعــة‬
‫لالنتخابــات‪.‬‬

‫كان النظــام متــرددا يف البدايــة مــن اجــراء انتخابــات برملانيــة بعــد احلــرب ال يشــارك فيهــا‬
‫االشــتراكي وامكانيــة ان تقاطعهــا جماهيــره يف احملافظــات اجلنوبيــة والشــرقية ومناطــق‬

‫(‪ )39‬هــذه الوثيقــة كلفنــا انــا كأمــن عــام مســاعد حلــزب احلــق وكل مــن الدكتــور ســيف صائــل خالــد امــن عــام مســاعد احلــزب‬
‫االشــتراكي حينهــا وقيــادي اخــر مــن الناصــري لعلــه االخ محمــد الصبــري (الشــروط السياســية والقانونيــة إلجــراء انتخابــات حــرة‬
‫ونزيهــة) يف بنــود محــددة وبعــد االتفــاق علــى اخلطــوط الرئيســية فيهــا كلفــت بصياغتهــا بصيغتهــا النهائيــة وهــي ذاتهــا التــي كانــت‬
‫فيمــا بعــد الوثيقــة التــي وقــع عليهــا االصــاح ليعلــن مبوجبهــا حتالــف اللقــاء املشــترك‬

‫‪76‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫اخــرى يف الشــمال تضــررت مــن خــروج االشــتراكي مــن الســلطة اال ان النظــام قــرر بعــد‬
‫ذلــك ان يجــري االنتخابــات يف موعدهــا دون احلــد االدنــى مــن مطالــب املعارضــة مراهنــا‬
‫علــى شــق صفهــا مــن ناحيــة وارضــاء االصــاح بتنــازالت ماليــة وانتخابيــة مــن ناحيــة‬
‫اخــرى ‪.‬‬

‫وبالفعــل فقــد و َّقــع االصــاح مــع املؤمتــر علــى وثيقــة حتالــف انتخابــي اخلــى احدهمــا‬
‫لآلخــر مبوجــب االتفــاق اكثــر مــن ‪70‬دائــرة انتخابيــة لإلصــاح مقابــل ‪120‬دائــرة للمؤمتــر‬
‫وبقيــة الدوائــر يتنافســان فيهــا دون تنســيق ‪.‬‬

‫ومــا ان اقتــرب موعــد االنتخابــات حتــى غيــرت معظــم احــزاب التنســيق موقفهــا مــن‬
‫االنتخابــات وقــررت املشــاركة فيهــا علــى رأســهما التنظيــم الوحــدوي الناصــري وحــزب‬
‫احلــق وهمــا احلزبــان الوحيــدان مــن غيــر االشــتراكي اللذيــن كان لهمــا متثيــل يف برملــان‬
‫‪1993‬م (مقعــد للناصــري واثنــان للحــق) وبقــي احلــزب االشــتراكي اليمنــي والــى جانبــه‬
‫التجمــع الوحــدوي يخوضــان خالفــات داخــل صفوفهمــا هــل يقاطعــا االنتخابــات ســلبيا ام‬
‫ايجابيــا أي هــل يعمــان علــى افشــال االنتخابــات ام يكتفيــان بعــدم املشــاركة ويف االخيــر‬
‫لــم يصمــد عمليــا يف عــدم املشــاركة ســوى االشــتراكي الــذي صوتــت جلنتــه املركزيــة‬
‫لصالــح املقاطعــة بفــارق كبيــر مــن االصــوات‪.‬‬

‫وكان مراقبــون سياســيون فضــا عــن قيــادات يف االشــتراكي قــد رأوا بــأن احلــزب قــد‬
‫تضــرر ومعــه الدميقراطيــة اليمنيــة كثيــراً مــن قــرار املقاطعــة بإخالئــه الســاحة خلصومــه‬
‫إلمــاء دوائــره التــي كانــت مغلقــة لــه تاريخيــا لكــن آخريــن رأوا ان موقــف املقاطعــة كان‬
‫اضطراريـاً وضروريـاً كونــه الطــرف الوحيــد الــذي اســتهدفته احلــرب واســتهدفت جمهــوره‬
‫وصــادرت مقراتــه واموالــه كغنيمــة حــرب وان أي مشــاركة لــه لــن تعنــي ســوى تأكيــد‬
‫هزميتــه يف احلــرب شــعبياً ومنــح حلفــاء احلــرب مشــروعية انتصارهــم عليــه مــرة اخــرى‪.‬‬

‫جــرت االنتخابــات البرملانيــة الثانيــة يف اجلمهوريــة اليمنيــة يف موعدهــا بتاريــخ ‪27‬ابريــل‬


‫‪1997‬م ويف اجــواء صراعيــة حــادة بــن مرشــحي املؤمتــر واالصــاح يف اغلــب دوائــر‬
‫اجلمهوريــة ال‪301‬دائــرة مبــا فيهــا تلــك الدوائــر التــي كانــا قــد اتفقــا علــى جعلهــا دوائــر‬
‫مغلقــة للتنســيق بينهمــا‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫واملعنــى فقــد ســقط االتفــاق والتنســيق بــل والتحالــف بــن حزبــي حتالــف احلــرب ملجــرد ان‬
‫غــاب عدوهمــا املشــترك (االشــتراكي) مبقاطعتــه لالنتخابــات والــذي كان ميثــل باســتمرار‬
‫جامــع مشــترك ملــا عــرف بالتحالــف االســتراتيجي بــن املؤمتــر واالصــاح ولعــل هــذا مــا‬
‫عــزز لــدى البعــض صوابيــة مقاطعــة االشــتراكي لالنتخابــات كونــه قــد اســهم يف تفكيــك‬
‫حتالــف احلــرب واصــاب العالقــة التاريخيــة بينهمــا بجــروح عميقــة ‪.‬‬

‫‪.‬عمليــة سياســية أيـاً كانــت حتــى ال يطبــع احليــاة مــع النظــام وهــو رأي ظــل مســتمرا داخــل‬
‫احلــزب وان كان محــدودا يف قياداتــه العليــا علــى االقــل‪.‬‬

‫وكمــا كان متوقعــا فقــد حصــد املؤمتــر غالبيــة مقاعــد البرملــان مبــا عــرف باألغلبيــة املريحة‬
‫(‪ )187‬مقعــدا باســم احلــزب باالضافــة الــى ‪54‬دائــرة فــاز بهــا االصــاح باإلضافــة الــى‬
‫ثالثــة مقاعــد للناصــري ومقعــدان للبعــث‪.‬‬

‫ومــع ان نســبة خســارة االصــاح يف الدوائــر مقارنــة بعــدد مقاعــده يف الــدورة التــي‬
‫ســبقتها(‪ )18‬دائــرة اال ان هزميتــه السياســية كانــت مدويــة وخــرج مــن االنتخابــات مكســورا‬
‫كمــا عبــر الشــيخ عبــداهلل حينها(دوائرنــا اخذناهــا مــن فــم الوحــش) ويف بيــان للتجمــع قــال‬
‫« لــم يكــن صحيحــا يف هــذه االنتخابــات ســوى اجرائهــا يف موعدهــا) ‪.‬‬

‫وكانــت الهزميــة السياســية الكبــرى لــه يف العاصمــة صنعــاء ومحافظــات اب وتعــز وحتــى‬
‫دوائــر احملافظــات الشــمالية لــم يحقــق فيهــا فــوزا ســوى مرشــحي الشــيخ عبــداهلل وابنائــه‬
‫ونفــوذه ال نفــوذ االصــاح (االخــوان املســلمني) مــا يعنــي ان هزميــة االصــاح كانــت كبيــرة‬
‫ويف كل املســتويات ‪.‬‬

‫وحســب مراقبــن فقــد عبــر الناخبــون يف معظــم دوائــر اجلمهوريــة عــن غضبهــم علــى مــا‬
‫افرزتــه حــرب صيــف ‪94‬م مــن ناحيــة وتخوفهــم مــن صعــود حــزب ايدلوجــي الــى الســلطة‬
‫واالســتفراد بهــا مــا دفــع الغالبيــة الكبــرى مــن الناخبــن للتصويــت ملرشــحي املؤمتــر ضــد‬
‫مرشــحي االصــاح وهــو مــا اســتغله االخيــر يف معركــة اقصــاء االصــاح بعــد اقصــاء‬
‫االشــتراكي وكان أول اجــراء هــو الغــاء املعاهــد العلميــة بعــد انتخابــات ‪1997‬م وان كان قــد‬
‫مت بالتدريــج حتــى الغيــت نهائيــا يف مايــو ‪2001‬م‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب‬

‫وكمــا قلنــا فقــد خــرج االصــاح مــن االنتخابــات رمبــا ألول مــرة وهــو يشــعر مبــرارة كبيــرة‬
‫وبأنــه حــزب معــارض وضعيــف كبقيــة االحــزاب االخــرى واعيــا مبــدى ثقــل اجهــزة الدولــة‬
‫علــى توجهــات الناخبــن وان التزويــر املباشــر يف االقتــراع وهــو مــا مارســه بقــوة احلزبــان‬
‫وبالــذات التصويــت باســم املهاجريــن واالمــوات ومــارس ذلــك االصــاح رمبــا اكثــر مــن‬
‫املؤمتــر اال ان حســم النتيجــة هــي يف توجهــات الناخبــن قبــل يــوم االقتــراع‪.‬‬

‫وهــذا كلــه ســمح لإلصــاح اضطــرارا بــأن يقتــرب مــن احــزاب املعارضــة يف مجلــس‬
‫التنســيق ألول مــرة لكنــه مــا لبــث ان تراجــع باتفــاق اخــر مــع صالــح يف اول انتخابــات‬
‫رئاســية ويف التعديــات الدســتورية وهــي الثانيــة واالكثــر ضــررا علــى النظــام الدميقراطــي‬
‫علــى االطــاق ‪.‬‬

‫لقــد كشــفت انتخابــات مــا بعــد حــرب صيــف ‪1994‬م فداحــة االضــرار التــي تلقتهــا‬
‫السياســة يف اليمــن وجتربتهــا الدميقراطيــة يف حــرب صيــف ‪1994‬م واالخــال بالتــوازن‬
‫بإقصــاء االشــتراكي بالقــوة‪.‬‬

‫وهكــذا اتــت نتائــج االنتخابــات لتشــير الــى ان البرملــان اصبــح اقــل متثيــا لألحــزاب‬
‫وللمــرأة وللفئــات االجتماعيــة وكان مــن الطبيعــي للســلطة ان تســتغل اغلبيتهــا املريحــة –‬
‫والكاســحة فيمــا بعــد‪ -‬يف البرملــان لكــي تعيــد النظــر يف كل التشــريعات الدميقراطيــة‬
‫التــي صــدرت إبــان مرحلــة ربيــع الدميقراطيــة اليمنيــة «املرحلــة االنتقاليــة»‬

‫‪79‬‬
‫الفصل‬ ‫املشهد عشية االنتخابات‪.‬‬
‫استقالة فرج بن غامن‪.‬‬
‫انتفاضة ‪ 20‬يوليو الدموية‪.‬‬

‫االنتخابات الرئاسية ‪20‬سبتمبر ‪1999‬م‬ ‫االشتراكي يرشح امينه العام‪.‬‬


‫وموقف االحزاب منها‬ ‫االصــاح واملؤمتــر يرفضــان تزكيــة‬
‫مرشــح املعارضــة‪.‬‬
‫أول صــراع انتخابــي بــن املؤمتــر‬
‫واإلصــاح‪.‬‬
‫استفتاء أم انتخاب ‪.‬‬
‫الشعب يقرر عزوف عن املشاركة‪.‬‬
‫أعلــن اإلصــاح ومــن وقــت مبكــر أن ال مرشــح لــه يف‬
‫الســباق الرئاســي األول (‪ 20‬ســبتمبر ‪1999‬م س) ســوى‬
‫الرئيــس علــي عبــداهلل صالــح «وال نعــرف مــن هــو مرشــح‬
‫املؤمتــر الشــعبي العــام»‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫االنتخابات الرئاسية األولى ‪ 20‬سبتمبر ‪1999‬م‬

‫إستفتاء أم إنتخابات‬

‫اتــى موعــد اول انتخابــات رئاســية تنافســية ومباشــرة يف تاريــخ اجلمهوريــة اليمنيــة بعــد‬
‫خمــس ســنوات علــى تعديــات ‪1994‬م الدســتورية التــي كانــت قــد نصــت علــى الغــاء‬
‫املجلــس الرئاســي وابدالــه برئيــس جمهوريــة ينتخــب باالقتــراع احلــر واملباشــر مــن قبــل‬
‫الشــعب ويف انتخابــات تنافســية ولفتــرة خمــس ســنوات يحــق لــه ان يترشــح لدورتــن‪.‬‬

‫وقــد اعتبــرت املعارضــة هــذه االســتحقاق فرصــة جديــدة إلعــادة االعتبــار للدميقراطيــة‬
‫التــي اهينــت باحلــرب وباســتحقاقات مــا بعــد احلــرب ولذلــك وبعــد جــدل واســع قــرر‬
‫احلــزب االشــتراكي وحلفــاءه يف مجلــس التنســيق االعلــى للمعارضــة خوضهــا بجديــة وقــدم‬
‫احلــزب امينــه العــام املناضــل علــي صالــح عبــاد «مقبــل» مرشــحا باســمه وباســم احــزاب‬
‫املعارضــة‪.‬‬

‫وبســبب اتفــاق االشــتراكي واحــزاب تنســيق املعارضــة علــى مرشــح جــدي واحــد هــو امــن‬
‫عــام االشــتراكي نفســه مــن ناحيــة‪ ،‬ولكونهــا اول انتخابــات مباشــرة للتنافــس علــى اعلــى‬
‫منصــب يف الدولــة فقــد بــدا وكان املشــهد السياســي يتغيــر مــن جديــد لصالــح الدميقراطية‬
‫والتعدديــة والشــراكة الوطنيــة خصوصــا حــن اعلــن امــن عــام احلــزب احلاكــم حينهــا ان‬
‫املؤمتــر قــرر منــح مرشــح االشــتراكي التزكيــة املطلوبــة يف البرملــان‪.‬‬

‫لكــن ومــا ان احتشــدت املعارضــة بزعامــة االشــتراكي خلــوض االنتخابــات وبــدأت تعقــد‬
‫ندواتهــا لتوعيــة جماهيرهــا بأهميــة املشــاركة الفاعلــة يف االنتخابــات حتــى انتكــس املشــهد‬
‫كليــا وحتولــت اآلمــال العريضــة الــى خيبــة آمــال عريضــة ايضــا وانعكســت ضــررا علــى‬
‫اجلميــع وقــد لعــب االصــاح لألســف والقــوى العســكرية يف نظــام صالــح يف الضغــط عليــه‬
‫لســحب وعــد ســبق ان قطعــه لتزكيــة مرشــح احلــزب يف البرملــان ‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫كان االصــاح قــد اعلــن ومــن وقــت مبكــر ان ال مرشــح لــه يف هــذا الســباق الرئاســي ســوى‬
‫الرئيــس صالــح (مرشــحنا الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح وال نعلــم مــن هــو مرشــح املؤمتــر)‬
‫وهــو مــا جــاء علــى لســان امــن عــام االصــاح محمــد اليدومــي يف احــدى النــدوات التــي‬
‫كانــت تناقــش موضــوع االنتخابــات الرئاســية ‪.‬‬

‫كان واضحــا ان االصــاح بهــذا التصريــح يحــاول التقــرب مــن صالــح مقابــل التعريــض‬
‫بحزبــه « املؤمتــر» وكانــه بذلــك يريــد ايصــال رســالة الــى صالــح مفادهــا ان اخلــاف‬
‫الــذي حــدث بيننــا يف انتخابــات ‪ ٢٧‬ابريــل ‪١٩٩٧‬م لــم يكــن بســبب موقفنــا مــن الرئيــس‬
‫بــل بســبب الــدور الشــرير الــذي قــام ويقــوم بــه املؤمتــر الشــعبي العــام لفــض التحالــف‬
‫االســتراتيجي بــن صالــح واالخــوان وانــه يضعــف بذلــك صالــح وليــس االصــاح‪.‬‬

‫وقــد جــاء ذلــك يف ســياق سياســة قدميــة ومعمــول بهــا يف االصــاح وهــي سياســة الســعي‬
‫الــى فــض االرتبــاط بــن املؤمتــر والرئيــس او اســتقالة الرئيــس ليكــون رئيســا للجميــع ويف‬
‫ظــل تنافــس االصــاح واملؤمتــر علــى تقــدمي الــوالء لصالــح علــى حســاب اآلخــر‪.‬‬

‫وقــد اعتقــد االصــاح ان مجــرد حديــث االشــتراكي عــن تقــدمي مرشــح منافــس لصالــح هي‬
‫الفرصــة املناســبة إلقنــاع صالــح بحاجتــه الــى االخــوان كمــا كان حالــه منــذ توليــه الســلطة‬
‫وطــوال مــا كان االشــتراكي عــدوا مشــتركا لهمــا وهــا هــو االشــتراكي يعــود ملعــاداة صالــح‬
‫يف قــرار منافســته يف االنتخابــات فلمــا ال نتقــرب مــن جديــد يف ظــل عــدو مشــترك يحــاول‬
‫ان يعــود!‬

‫وقــد تبــن ان التخويــف مــن خطــورة اســتعادة أي دور لالشــتراكي يف املشــهد السياســي‬
‫بعــد هزميتــه باحلــرب كان اهــم الدوافــع لســحب التزكيــة عــن مرشــح احلــزب واملعارضــة‬
‫حتــى قيــل ان االصــاح ويف اجتمــاع مشــترك بــن احلليفــن بالــغ يف تخويــف النظــام مــن‬
‫خطــورة تزكيــة علــى صالــح عبــاد « مقبــل» الــى درجــة رفــع تقاريــر زائفــة بــأن االنتخابــات‬
‫ستقســم اليمــن بــن جنــوب مــع «مقبــل» وشــمال مــع «صالــح» مــن ناحيــة ‪.‬‬

‫وبــأن االشــتراكي وباألصــوات التــي ســيحوز عليهــا مرشــحه حتــى ولــو لــم يفــز فإنــه ســيعود‬
‫لطــرح قضيــة االنفصــال مــن جديــد فيمــا احلقيقــة ان التخــوف كان مــن امكانيــة عــودة‬

‫‪84‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫االشــتراكي ليشــكل رقم ـاً صحيح ـاً وكبيــراً يف االنتخابــات الرئاســية حيــث ســيكون ومــا‬
‫ســيجمعه مــن اصــوات ويطرحــه مــن قضايــا هــو حــزب املعارضــة االول خصوصــا يف‬
‫ظــل غيــاب االصــاح بقــراره عــدم منافســة صالــح وتأكيــده انــه جــزء مــن الســلطة ال مــن‬
‫املعارضــة االمــر الــذي جعلــه يعمــل اكثــر مــن املؤمتــر علــى عــدم منــح مرشــح االشــتراكي‬
‫تزكيــة خــوض االنتخابــات‪.‬‬

‫واخلالصــة فقــد قــرر صالــح مــع حتالــف احلــرب (اصالح – مؤمتر) رفض منــح «مقبل» أي‬
‫صــوت لتزكيــة ترشــيحه يف البرملــان حيــث كان يحتــاج الى‪29‬صوتــا يف مجلــس النــواب وفقــا‬
‫للدســتور ولــم تكــن املعارضــة متلــك هــذا العــدد بســبب مقاطعــة االشــتراكي لالنتخابــات‬
‫البرملانيــة التــي ســبقت هــذا االســتحقاق ولذلــك لــم يحــز مقبــل ســوى علــى ‪7‬اصــوات فقــط‬
‫هــم جميعــا مــن كتلتــي الناصــري واملســتقلني االشــتراكيني يف البرملــان‪.‬‬

‫بعــد رفــض تزكيــة مرشــح املعارضــة خــاض صالــح االنتخابــات منفــردا مبرشــح شــكلي عينه‬
‫هــو حينهــا وحتولــت االنتخابــات الــى مهزلــة سياســية حــن نافــس «احلصــان ذيلــه»‬
‫(‪((4‬‬

‫حســب تعبيــر امــن عــام االشــتراكي حينهــا‪.‬‬

‫وقــد تضــرر مــن تلــك االنتخابــات غيــر التنافســية واالقــرب الــى االســتفتاء الرئيــس صالــح‬
‫نفســه حــن تغيــب الناخبــون عــن املشــاركة فيهــا بصــورة كبيــرة وغيــر مســبوقة وحســب‬
‫تقاريــر غيــر رســمية «ان نســبة املشــاركني يف االقتــراع لــم تتجــاوز ال ‪ %25‬مقابــل قرابــة‬
‫الـــ ‪ %75‬تغيبــوا عنهــا وال اقــول قاطعوهــا وغالبيتهــم مــن حــزب الرئيــس نفســه‪.‬‬

‫ولــم يكــن ســبب غيــاب الناخبــن عــن املشــاركة يف رئاســيات ســبتمبر‪1999‬م النهــم ضــد‬
‫ترشــح صالــح او ضــد فــوزه يف الســباق الرئاســي بــل النهــم كانــوا يعتقــدون ان مشــاركتهم‬
‫فيهــا لــم يعــد لهــا فائــدة وال حتســم نتيجــة فــوز صالــح مــن عدمــه بعــد ان اصبــح فــوزه‬
‫حتمي ـاً واقــرب الــى االســتفتاء بخــروج املنافــس الوحيــد‪.‬‬

‫* فيمــا يلــي بحــث مفصــل عــن االنتخابــات الرئاســية لعــام ‪1999‬م ومواقف االحــزاب منها)‬
‫وتداعيــات اقصــاء مرشــح املعارضــة علــى نســبة املشــاركة وعلــى تراجــع الدميقراطيــة وثقــة‬
‫(‪ )40‬إشارة الى أن كال املرشحني (علي عبداهلل صالح وقحطان الشعبي) من املؤمتر الشعبي العام‪ .‬‬

‫‪85‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫املواطنــن يف امكانيــة التغييــر عــن طريــق االنتخابــات وهــو بحــث ســبق ان قدمتــه الــى‬
‫مركــز الدراســات والبحــوث اليمينــة يف صنعــاء بتاريــخ ‪ 23-‬صفــر ‪1421‬هـــ ‪ -‬املوافــق ‪27‬‬
‫مايــو ‪2000‬م كجــزء مــن عمــل اقــوم بــه كباحــث يف املركــز واعيــد نشــر اهــم مــا تضمنــه‬
‫البحــث يف هــذا الكتــاب ألهميتــه يف كشــف طبيعــة ازمــة الدميقراطيــة االنتخابيــة اليمنيــة‬
‫وعلــى النحــو التالــي ‪-:‬‬

‫‪86‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫االنتخابات الرئاسية األولى يف اجلمهورية اليمنية‬


‫وموقف األحزاب منها (ورقة بحثية)*‬

‫عندمــا دلــف العــام‪1999‬م عــام االنتخابــات الرئاســية األولــى يف ظــل اجلمهوريــة اليمنيــة‪،‬‬
‫لوحــظ أن معظــم اليمنيــن مبــن فيهــم النخــب السياســية واالجتماعيــة املؤطــرة حزبيــا‪،‬‬
‫غيــر مهتمــن كثيــراً مبوضــوع االســتحقاق الرئاســي‪ ،‬علــى رغــم أن االنتخابــات الرئاســية‬
‫جتــري ألول مــرة «تنافســية» وعــن طريــق االقتــراع العــام املباشــر منــذ قيــام الوحــدة وإعالن‬
‫اجلمهوريــة اليمنيــة ‪ 22‬آيــار مايــو ‪1990‬م بــل هــي االولــى علــى هــذا النحــو طــوال تاريــخ‬
‫اليمــن بشــطريه قبــل الوحــدة‪.‬‬

‫ً‬
‫أوال‪ :‬املشهد السياسي واالجتماعي عشية االنتخابات‬

‫ويف هــذا االجتــاه ميكــن رصــد ثالثــة أو أربعــة عناويــن مثلــت املشــهد اليمنــي [سياســياً‬
‫وأمنيــاً واقتصاديــاً] حينهــا‪ ،‬وكان لهــا عالقــة مباشــرة باملوقــف الشــعبي العــازف عــن‬
‫املشــاركة وإلــى حــد مــا يف التأثيــر علــى املوقــف احلزبــي املتــردد ولعــل مــن اهــم العوامــل‬
‫مــا ميكــن رصــده يف العناويــن التاليــة ‪:‬‬

‫‪ -1‬تداعيات انتخابات ‪97‬م‬

‫ففــي ‪27‬ابريــل‪1997‬م أجريــت ثانــي انتخابــات برملانيــة ‪ ،‬وقــد تنافــس فيهــا عمليـاً حزبــان‬
‫سياســيان رئيســيان همــا‪ :‬املؤمتــر الشــعبي العــام والتجمــع اليمنــي لإلصــاح بعــد مقاطعــة‬
‫احلــزب االشــتراكي وعــدد آخــر مــن أحــزاب املعارضــة‪،‬‬
‫ورغــم العالقــة الوثيقــة بــن املؤمتــر واإلصــاح تاريخيـاً والتــي يحلــو لقيادتهمــا تســميتها‬
‫بـ»العالقــة االســتراتيجية»‪ ،‬إال أن التنافــس االنتخابــي بينهمــا يف تلــك االنتخابــات كان‬
‫تنافســاً حــاداً وصراعيــاً يف كثيــر مــن جوانبــه تخللتــه االتهامــات املتبادلــة حــول تزويــر‬
‫قوائــم الناخبــن والعمليــة االنتخابيــة برمتهــا إلــى درجــة أن البيــان األول لإلصــاح بعــد‬
‫إعــان النتائــج اعلــن فيــه ( أن موعــد االنتخابــات وحــده هــو الصحيــح يف انتخابــات مــزورة‬
‫مــن أولهــا إلــى آخرهــا)‪،‬‬

‫‪87‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ليــس هــذا وحســب‪ ،‬بــل وتخللــت هــذه االنتخابــات اشــتباكات مســلحة بــن مرشــحي‬
‫احلزبــن وأنصارهمــا يف العديــد مــن محافظــات اجلمهوريــة ودوائرهــا االنتخابيــة‪ ،‬وســقط‬
‫جراءهــا قتلــى وجرحــى بــن الطرفــن‪.‬‬
‫وقــد أحــدث هــذا الوضــع شــروخاً عميقــة يف جــدار العالقــة التاريخيــة بــن احلزبــن‬
‫االكبــر يف اخلارطــة السياســية حينهــا وقــد تعمقــت هــذه الشــروخ ومتددت لتمــس العالقات‬
‫االجتماعيــة بــن أتبــاع وأنصــار املؤمتــر واإلصــاح يف عــرض وطــول اخلارطــة اجلغرافيــة‬
‫ا آخــراً مــن عوامــل التوتــر السياســي واالجتماعــي الــذي‬
‫للوطــن‪ ،‬األمــر الــذي أضــاف عامـ ً‬
‫تعيشــه اليمــن وكانــت تعيشــه عشــية االنتخابــات الرئاســية ‪.‬‬

‫لــم تكــن حالــة التوتــر واالحتقــان السياســي واالجتماعــي هــي الشــيء الوحيــد الــذي افرزتــه‬
‫نتائــج االنتخابــات بــل انهــا قــد افــرزت ايضــا مجلس ـاً تشــريعياً ضعيف ـاً بســبب اغلبيتــه‬
‫البرملانيــة املريحــة التــي امتلكهــا احلــزب احلاكــم واصبــح بــا تأثيــر يذكــر علــى سياســات‬
‫احلكومــة وإجراءاتهــا بعــد أن اصبــح ملــك احلكومــة ال معارضــا لسياســاتها وبعــد ان‬
‫ـبب أو آلخــر أكثــر مــن ثالثــة أحــزاب للمعارضــة كانــت ممثلــة يف البرملــان‬
‫خرجــت منــه لسـ ٍ‬
‫(‪((4‬‬
‫الســابق «‪-97 - 93‬م»‬

‫اضــف الــى ذلــك خــروج شــخصيات برملانيــة قويــة وفاعلــة حتــى مــن اعضــاء احلــزب‬
‫احلاكــم كانــوا باإلضافــة الــى زمالئهــم مــن اعضــاء املعارضــة هــم الدينمــو احملــرك لفاعليــة‬
‫البرملــان ودوره الرقابــي علــى احلكومــة ‪.‬‬

‫لقــد ادت نتائــج انتخابــات ‪1997‬م الــى خــروج اإلصــاح مــن االئتــاف احلكومــي الســابق‪،‬‬
‫وخــروج االشــتراكي وعــدد آخــر مــن أحــزاب املعارضــة مــن مجلــس النــواب إلــى الشــارع‬
‫السياســي واصبحــت تعبــر عــن آرائهــا مــن خــارج املؤسســات الدســتورية‪،‬‬
‫وبقــراءة كل مــا ســبق تكــون النتيجــة الطبيعيــة هــي تراجــع التجربــة الدميقراطيــة اليمنيــة‬
‫خصوصـاً يف جانبهــا اإلجرائــي «االنتخابــات» بعــد ضــرب مضمونهــا السياســي يف احلــرب‬
‫وتداعيانهــا األمــر الــذي عمــق لــدى معظــم الشــرائح االجتماعيــة الشــعور بصعوبــة املراهنــة‬
‫علــى عمليــة التغييــر مــن خــال النضــال الســلمي وآليــات الدميقراطيــة التعدديــة‪. ،‬‬

‫(‪ )41‬واالحزاب التي خرجت من البرملان يف ‪١٩٩٧‬م هي‪ -:‬حزب احلق مقعدان وحزب الناصري الدميقراطي مقعد وحزب الناصري مقعد‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫وال شــك أن ذلــك قــد تســبب وبصــورة مباشــرة يف عــزوف املواطنــن عــن املؤسســات املدنيــة‬
‫كاألحــزاب واملنظمــات والنقابــات املهنيــة‪ ،‬كمــا ســ َّرع ذلــك يف عمليــة البحــث مــن قبــل‬
‫شــرائح عديــدة داخــل املجتمــع عــن أطــر وقنــوات غيــر قانونيــة وغيــر ســلمية للتعبيــر عــن‬
‫مطالبهــا وحقوقهــا علــى اعتبــار أن األحــزاب واملؤسســات املدنيــة ‪-‬يف نظرهــا‪ -‬غيــر قــادرة‬
‫علــى إحــداث أي تغييــر فعلــي يف الوضــع القائــم ‪.‬‬

‫ولعــل ظهــور عناصــر وجماعــات متطرفــة متــارس العنــف بعــد انتخابــات ‪97‬م البرملانيــة‪،‬‬
‫لــه عالقــة مباشــرة بســد القنــوات الشــرعية والدســتورية أمــام شــرائح وفئــات واســعة مــن‬
‫الشــعب وإغالقهــا يف وجوههــم‪ ،‬األمــر ذاتــه ينســحب علــى تزايــد أعمــال االختطافــات‬
‫وقطــع الطرقــات وتصاعــد احلــروب اجلزئيــة بــن القبائــل واألفــراد والتــي ارتفعــت حدتهــا‬
‫خــال عامــي ‪٩٨-٩٧‬م ‪.‬وكلهــا أثــرت حتمــا وبصــورة ســلبية علــى موقــف الــرأي العــام مــن‬
‫االنتخابــات الرئاســية االولــى باجتــاه عــدم االهتمــام بهــا او التفاعــل معهــا ‪.‬‬

‫‪ -2‬استقالة فرج بن غامن وتداعياتها‬

‫العنــوان الثانــي «لألزمــة» أو للمشــهد السياســي ملــا قبــل رئاســيات ‪1999‬م هــو ذلــك العنــوان‬
‫الــذي ينــدرج حتتــه أو ضمنــه النتائــج السياســية واالجتماعيــة التــي خلفتهــا اســتقالة‬
‫الدكتــور فــرج بــن غــامن كرئيــس للحكومــة اليمنيــة بتاريــخ ‪98/4/3‬م‬

‫ويف هــذ الســياق جنــد ان حكومــة االســتاذ فــرج بــن غــامن كانــت قد شــكلت بعــد االنتخابات‬
‫البرملانيــة الثانيــة ‪ 27‬أبريــل ‪97‬م) وبعــد مشــاورات وحــوارات طويلــة ومكثفــة أجراهــا‬
‫رئيــس اجلمهوريــة أســتقر الــرأي بعدهــا وبعــد رفــض اإلصــاح املشــاركة يف احلكومــة علــى‬
‫شــخص الدكتــور فــرج بــن غــامن وهــو شــخصية مســتقلة ال ينتمــي حزبيــا الــى عضويــة‬
‫احلــزب احلاكــم «املؤمتــر» او أي مــن احــزاب املعارضــة االخــرى‪.‬‬

‫وملــا عــرف مــن نزاهــة الدكتــور فــرج بــن غــامن فقــد استبشــر الــرأي العــام خيــراً برئاســته‬
‫ـاح كبيــر حيــث بــدا األمــر‬
‫للحكومــة وتقبلــت شــرائح واســعة يف املجتمــع قــرار تعيينــه بارتيـ ٍ‬

‫‪89‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫بالنســبة لهــم وكأن فرصــة جديــدة للتغييــر الســلمي مــن قمــة الســلطة قــد الحــت يف األفــق‬
‫مــن جديــد‪ ،‬وكان ذلــك طبيعيـاً بالنســبة للــرأي العــام والشــرائح الشــعبية املختلفــة بالنظــر‬
‫إلــى عاملــن اثنــن لــم يكونــا متوافريــن يف احلكومــات الســابقة منــذ قيــام الوحــدة علــى‬
‫األقــل‪:‬‬

‫األول‪ :‬هــو أن الدكتــور فــرج بــن غــامن يتولــى املنصــب ألول مــرة علــى خــاف كثيــر مــن‬
‫رؤســاء احلكومــات الســابقة الذيــن تولــوا املنصــب ذاتــه ألكثــر مــن مــرة‪ ،‬مــا جعــل النــاس‬
‫ينظــرون إلــى حكومــة الدكتــور فــرج بــن غــامن كحكومــة جديــدة حتمــل برامــج وسياســات‬
‫مختلفــة عــن ســابقاتها‪ ،‬يســبقه ذلــك بعـ ٌد آخــر اهــم يف هــذا التفــاؤل وهــو أن الدكتــور فــرج‬
‫بــن غــامن معــروف لــدى النــاس بكفاءتــه وخبرتــه ونزاهتــه ‪ ،‬وهــي صفــات –وبالــذات الصفــة‬
‫األخيرة‪-‬لــم تكــن متوفــرة نســبياً يف رؤســاء معظــم احلكومــات الســابقة لــه ‪.‬‬

‫الثانــي‪ :‬أن فــرج بــن غــامن شــكل حكومــة غيــر ائتالفيــة جميــع أعضائهــا تقريبــاً مــن‬
‫حــزب واحــد هــو املؤمتــر الشــعبي العــام وهــو مــا يحصــل ألول مــرة أيضــاً منــذ قيــام‬
‫الوحــدة اليمنيــة ‪1990‬م‪ ،‬مــا يعنــي إمكانيــة وجــود نــوع مــن االنســجام والتوافــق وبالتالــي‬
‫انتفــاء عامــل جتــاذب أو تصــارع القــرار داخــل صفــوف احلكومــة ‪ ،‬وزوال إحــدى أهــم‬
‫احلجــج التــي كانــت تتحجــج بهــا الســلطة كتبريــر لعــدم قيامهــا بإجــراء إصالحــات سياســية‬
‫واقتصاديــة وضبــط احلالــة األمنيــة ‪.‬‬

‫غيــر أن هــذا األمــل الــذي الح باألفــق ســرعان مــا تبــدد تدريجيــاً مــع ظهــور خالفــات‬
‫داخــل صفــوف احلكومــة وبــن احلكومــة والقيــادة السياســية ‪ ،‬وصلــت إلــى ذروتهــا بتقــدمي‬
‫الدكتــور فــرج بــن غــامن اســتقالته يف شــهر إبريــل ‪98‬م أي بعــد عــام واحــد مــن تشــكيلها‬
‫كمــا ســبق ان وعــد غــامن نفســه وشــعبه بذلــك عنــد تكليفــه‪.‬‬

‫لقــد ســاهمت االســتقالة يف رفــع أرصــدة الدكتــور فــرج بــن غــامن كشــخص وكمســئول لــدى‬
‫معظــم شــرائح املجتمــع‪ ،‬حيــث ظهــر أمــام الــرأي العــام كرجــل شــجاع اســتطاع دون غيــره‬
‫مــن رؤســاء احلكومــات الســابقة وبــدون أن يكــون لــه حــزب سياســي أو فئــة اجتماعيــة تعــزز‬
‫نفــوذه يف الســلطة‪ ،‬أن يقــول «ال» ملــا رآه فســاداً داخــل مفاصــل الدولــة واحلكومــة‪ ،‬و»ال»‬

‫‪90‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫حلكومــة بــدون صالحيــات وال ميلــك رئيســها حــق تغييــر وزرائــه او مــن يعتقــد انهــم قــد‬
‫(‪((4‬‬
‫اثبتــوا فشــلهم خــال عــام مــن توليهــم ملناصبهــم‬

‫لكــن اعجــاب النــاس مبوقــف بــن غــامن وقــرار اســتقالته لــم يكــن يعنــي ســوى مزيــد مــن‬
‫مشــاعر اليــأس واإلحبــاط لــدى معظــم الشــرائح الشــعبية مــن امكانيــة التغييــر الــى‬
‫االفضــل مــن خــال املؤسســات احلاكمــة القائمــة معتقديــن أن ال فائــدة ترجــى مــن الوضــع‬
‫السياســي القائــم أو املراهنــة علــى إمكانيــة التغييــر مــن خــال مؤسســاته وحســب تعبيــر‬
‫احــد السياســيني ( إذا كان بــن غــامن املعــروف بكفاءتــه ونزاهتــه قــد عجــز عــن تغييــر عــدد‬
‫مــن وزرائــه أو إحــداث أي إصــاح سياســي أو اقتصــادي يذكــر بســبب مراكــز النفــوذ يف‬
‫الســلطة وانغمــاس العديــد منهــا يف وحــل الفســاد املستشــري فكيــف ألي شــخص آخــر أن‬
‫يصلــح مــا أفســده الدهــر) مــن وجهــة نظرهــم ؟‬

‫ومبعنــى آخــر لــم تــؤد اســتقالة فــرج بــن غــامن إلــى فقــدان األمــل مــن إمكانيــة التغييــر مــن‬
‫خــال قمــة الســلطة احلاكمــة وحســب‪ ،‬بــل وفقــدان الثقــة باملؤسســات الدســتورية القائمــة‪،‬‬
‫وقــد كان لذلــك دور مؤثــر يف رفــض معظــم الشــرائح االجتماعيــة املشــاركة يف أي نشــاط‬
‫سياســي مــن خــال آليــات الدميقراطيــة اليمنيــة ومنهــا آليــة االنتخابــات الرئاســية‪.‬‬

‫‪ -3‬احتجاجات ‪ 20‬يوليو الدموية‬

‫العنــوان الثالــث للمشــهد األمنــي والسياســي واالقتصــادي اليمنــي قبــل االنتخابــات‬


‫الرئاســية والــذي اثــر علــى موقــف النــاس ســلباً هــو العنــوان الــذي تنــدرج حتتــه تلــك‬
‫النتائــج الكبيــرة التــي أحدثتهــا املظاهــرات الشــعبية الواســعة التــي تفجــرت صبيحــة يــوم‬
‫الســبت املوافــق ‪ 20‬يوليــو ‪98‬م‪ ،‬غضبـاً شــعبياً عارمـاً يف العاصمــة صنعــاء وعــدد مــن مــدن‬
‫ومحافظــات يف الشــمال والوســط والشــرق كمدينــة الدليــل مبحافظــة إب ومحافطتــي‬
‫عمــران ومــارب وغيرهــا ‪.‬‬

‫(‪ )42‬كتبــت الصحــف حينهــا ان بــن غــامن ســعى بعــد عــام مــن توليــه رئاســة احلكومــة الــى احــداث تعديــل فيهــا يتــم مبوجبــه تغييــر‬
‫‪7‬وزراء بينهــم وزيــر الشــباب والرياضــة حينهــا فرفــض صالــح او ماطــل وتلــكأ فاضطــر بــن غــامن لتقــدمي اســتقالته وقــد حاولــت‬
‫ان أتأكــد مــن هــذا بســؤال مباشــر طرحتــه علــى املرحــوم فــرج بــن غــامن لكنــه تفــادى االجابــة فعلمــت انــه ال يريــد االجابــة او ان‬
‫مــا قالتــه الصحافــة غيــر دقيــق‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫وهــي االحتجاجــات التــي تطــورت الــى اعمــال شــغب واســعة يف صنعــاء وعمــران وتســببت‬
‫باشــتباكات عســكرية بــن قــوات اجليــش واألمــن ورجــال القبائــل يف محافظتــي مــأرب‬
‫واجلــوف واســتمرت قرابــة الشــهرين ســقط خاللهــا العشــرات مــن الضحايــا يف صفــوف‬
‫قــوات اجليــش ورجــال القبائــل ‪.‬‬

‫ومــع أن الســبب املباشــر لهــذه املظاهــرات الشــعبية الصاخبــة والصدامــات املســلحة‬


‫الداميــة كان قــرار حكومــة الدكتــور عبــد الكــرمي اإلريانــي اخلــاص برفــع الدعــم عــن الســلع‬
‫األساســية ورفــع أســعار مشــتقات النفــط املختلفــة‪ ،‬وهــو القــرار الــذي ســبق املظاهــرات‬
‫بيــوم واحــد ‪1998/6/19‬م ‪.‬‬

‫اال أن صخــب املظاهــرات واتســاع نطــاق االشــتباكات كان يشــير إلــى تراكمــات أزمــة‬
‫عميقــة بــن احلكومــة والشــعب واحتقانــات واســعة وســخط شــعبي عــام جتــاه أخطــاء‬
‫حكومــة املؤمتــر الشــعبي العــام برئاســة الدكتــور عبــد الكــرمي اإلريانــي وعــدم قدرتهــا علــى‬
‫تلبيــة احلــد األدنــى مــن مطالــب الشــعب الضروريــة ‪.‬‬

‫لقــد اســتمرت الصدامــات واالحتجاجــات الصاخبــة يف العاصمــة صنعــاء طــوال يــوم‬


‫‪20‬يوليــو‪1998‬م‪ ،‬احرقــت فيهــا محــات جتاريــة واتلفــت عديــد مــن املبانــي احلكوميــة‬
‫وكادت املظاهــرات ان تتواصــل بعــد خــروج طــاب املعارضــة مبظاهــرة ســلمية مــن جامعــة‬
‫صنعــاء يف اليــوم التالــي لــوال نــزول وحــدات اجليــش املرابطــة حــول العاصمــة إلى الشــوارع‬
‫وقمــع قــوات األمــن للمحتجــن بعنــف واعتقــال قادتهــا وضربهــم أمــام عدســات التصويــر ‪،‬‬

‫واخلالصــة فقــد كان رفــع ســعر املشــتقات النفطيــة ومــا يعــرف شــعبيا «باجلرعــة» هــي‬
‫القشــة التــي قصمــت ظهــر البعيــر ومبــا يفجــر حالــة االحتقــان الشــعبي املتراكــم علــى‬
‫خلفيــة معانــاة الشــعب املعيشــية وتزايــد نســبة البطالــة وقلــة الدخــول‪ ،‬وغيــاب أجهــزة‬
‫الدولــة خصوصـاً يف محافظــات شــمال الشــمال حيــث تنعــدم الدولــة وخدماتهــا كليـاً‪ ،‬مــن‬
‫ناحيــة وتعبــر مــن ناحيــة اخــرى عــن حالــة اليــأس مــن امكانيــة التغييــر بالطــرق الســلمية‬
‫وعــن طريــق االنتخابــات بســبب إصــرار الدولــة علــى عــدم افســاح أي فرصــة للصــوت‬
‫االنتخابــي ليكــون لــه تاثيــر يف اوضــاع النــاس املعيشــية بــل اصــرت الســلطة علــى تشــكيل‬

‫‪92‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫احلكومــة ذاتهــا التــي اســتقال منهــا الدكتــور فــرج بــن غــامن واملجــيء برئيــس لهــا ســبق‬
‫وأن جــرب يف هــذا املنصــب أكثــر مــن مــرة وهــو املعــروف يف أوســاط النــاس كشــخصية‬
‫متحمســة بــل ومتطرفــة يف موضــوع تنفيــذ «رشــتات البنــك الدولــي» والتــي ال يعــرف منهــا‬
‫الشــعب ســوى ارتفــاع األســعار واجلرعــات املتتاليــة يف رفــع الدعــم عــن الســلع األساســية‪،‬‬
‫األمــر الــذي عاظــم مــن ســخط الشــعب جتــاه اإلريانــي ‪.‬‬

‫دون اغفــال حقيقــة ان هنــاك قــوى سياســية ودينيــة ومشــايخية (ســارعت الــى تغذيــة هــذه‬
‫املشــاعر الســاخطة مــن حكومــة االريانــي التــي تعاديــه اصــا ‪-‬هــذه القــوى‪ -‬باعتبــاره‬
‫مــن اكثــر رمــوز العلمانيــة تطرفـاً يف نظــام صالــح واملعاديــة جلماعــة االخــوان املســلمني»‬
‫او هكــذا تنظــر اليــه متهمــة ايــاه انــه أحــد الرمــوز التــي ترفــض التغييــر واإلبقــاء علــى‬
‫األوضــاع كمــا هــي‪،‬‬

‫‪ -4‬احداث املكال والضالع‬

‫باإلضافــة إلــى هــذه العوامــل البــد مــن اإلشــارة أيضـاً إلــى االختــاالت األمنيــة الواســعة‬
‫التــي شــهدتها اليمــن قبــل هــذه املظاهــرات وبعدهــا وطــوال العــام ‪98‬م تخللهــا أعمال عنف‬
‫واســعة يف العديــد مــن محافظــات اجلمهوريــة ‪ ،‬ففــي ‪ 27‬إبريــل ‪1998‬م خرجــت مظاهــرة‬
‫شــعبية كبيــرة يف مدينــة املــكال مبحافظــة حضرمــوت دعــا اليهــا احلــزب االشــتراكي وعــدد‬
‫مــن أحــزاب املعارضــة وعبــروا فيهــا عــن موقفهــم الرافــض لنتائــج االنتخابــات البرملانيــة‬
‫التــي أجريــت يف غيــاب االشــتراكي عنهــا وســقط يف تلــك املظاهــرات شــهيدان همــا ‪ :‬فــرج‬
‫بــن همــام وعــوض بارجــاش بعــد أن اعترضــت قــوات األمــن املســيرة الســلمية وأطلقــت‬
‫النــار علــى املتظاهريــن حســب رأي أحــد جلــان مجلــس النــواب ‪ ،‬فض ـ ً‬
‫ا عــن روايــة قــادة‬
‫(‪((4‬‬
‫املعارضــة واملواطنــن يف حضرمــوت‪،‬‬

‫وبعــد أربعــن يومـاً مــن هــذه املواجهــات تفجــر حــادث أمنــي آخــر ال يقــل أهميــة عن ســابقة‬
‫‪ ،‬ففــي ‪ 5‬حزيــران يوليــو ‪98‬م وبعــد إطــاق أفــراد إحــدى النقــاط العســكرية علــى أحــد‬
‫ا (محمــد ثابــت الزبيــدي) بحجــة عــدم توقــف‬ ‫جتــار منطقــة زبيــد بالضالــع وإردائــه قتي ـ ً‬
‫ســيارته لتفتيشــها‪ ،‬حصلــت اشــتباكات واســعة بــن قــوات اجليــش وابنــاء منطقــة زبيــد‬

‫(‪ )43‬شاركت شخصيا مع قادة املعارضة وشخصيات سياسية معارضة يف مسيرات املكال احياء لذكرى الشهيدان بارجاش وبن همام‬

‫‪93‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫والضالــع عمومـاً‪ ،‬وحينهــا اجتاحــت الدبابــات القــرى واملراكــز الســكنية واحلقــت اضــرار‬
‫بأكثــر مــن ‪14‬منــزالً بقذائــف املدفعيــة والدبابــات التابعــة للــواء املرابــط باملنطقــة(‪ ،((4‬األمــر‬
‫ذاتــه تكــرر يف إحــدى قــرى مدينــة رداع وألســباب مشــابهة وحســب رأي احملامــي محمــد‬
‫ناجــي عــاو فــإن قــوات األمــن املركــزي واألمــن العــام قامــت بتدميــر معظــم مســاكن القريــة‬
‫كليـاً أو جزئيـاً‪،‬‬

‫‪ -5‬بروز االرهاب كظاهرة‬

‫لــم ميــر وقــت طويــل علــى تشــكيل «جيــش عــدن أبــن اإلســامي» حتــى حصلــت حادثــة‬
‫اختطــاف الســواح األجانــب يف إحــدى مديريــات محافظــة أبــن بتاريــخ ‪98/12/28‬م وهــي‬
‫حادثــة االختطــاف الوحيــدة تقريبـاً – رغــم كثرتهــا‪ -‬التــي انتهــت بســقوط عــدد من الســواح‬
‫األجانــب قتلــى وجرحــى اثنــاء محاولــة قــوات األمــن حتريرهــم مــن اخلطــف بالقــوة ‪،‬‬

‫وقــد ظــل جيــش عــدن أبــن اإلســامي أحــد عناويــن األزمــة السياســية اليمنيــة قبــل‬
‫وبعــد االنتخابــات الرئاســية خصوصــاً بعــد إعــدام زعيــم هــذه اجلماعــة ومــا صاحــب‬
‫ذلــك مــن لغــط واســع حــول عالقــة قــادة اجلماعــة ببعــض مــن قــادة املؤسســة العســكرية‬
‫(‪((4‬‬
‫وبعــدد مــن اجلماعــات األصوليــة يف اخلــارج (ابــو احلســن املصــري املقيــم يف لنــدن)‪،‬‬
‫ثــم اللغــط الــذي ال زال دائــراً حــول خطــورة مشــاركة عــدد مــن رجــال األمــن البريطانــي‬
‫«‪ »MI5‬واألمريكــي «‪ »FBI‬يف التحقيــق مــع عناصــر اجلماعــات اإلســامية املســلحة‬
‫وتبــادل االتهامــات بــن أطــراف داخــل الســلطة يف دور القيــادات املواليــة للغــرب يف املؤمتــر‬
‫الشــعبي يف اســتدعاء هــؤالء إلــى اليمــن والســماح لهــم بالتدخــل يف الشــئون الداخليــة ‪.‬‬
‫وباحملصلــة فقــد كانــت هــذه األحــداث تشــير إلــى اخلطــر املاحــق الــذي ينتظــر أمــن‬
‫واســتقرار البلــد ووحدتــه إذا لــم تســارع الســلطة يف إحــداث تغييــر حقيقــي يف كل مســارات‬
‫األوضــاع املترديــة‪.‬‬

‫(‪ )44‬شاركت ايضا مع الشهيد جار اهلل وعلي سيف حسن يف مسيرة بالضالع وزرنا القرى املتضررة من القصف ‬
‫(‪ )45‬ظهــر ابــو احلســن املصــري مــن تلفزيــون اجلزيــرة والبــي بــي ســي وهــو يؤكــد مشــاركة احــد ابنائــه يف جرميــة االختطــاف‬
‫وقــد نقــل يف وقــت الحــق الــى بلــد اخــر كاحــد املتهمــن باالرهــاب وهــو رجــل معــاق جزئيــا علــى خلفيــة تفجيــر قطعــت فيــه احــدى‬
‫يديــه وفقــأت احــدى عينيــه‬

‫‪94‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫وجــاءت االنتخابــات الرئاســية واألوضــاع السياســية واألمنيــة واالقتصاديــة كمــا هــي بــدون‬
‫تغييــر ومبــا جعــل األفــق السياســي اليمنــي مغلقـاً أمــام أنظــار معظــم شــرائح املجتمــع‪ ،‬مبــا‬
‫فيهــم النخــب السياســية احلزبيــة ذاتهــا‪ ،‬األمــر الــذي أوجــد كمــا أســلفنا صعوبــات بالغــة‬
‫لــدى األطــراف السياســية التــي كانــت تشــعر بأهميــة املشــاركة يف االنتخابــات الرئاســية‪،‬‬
‫وعــدم قدرتهــا علــى إقنــاع أانصارهــا وجماهيــر الشــعب بأهميــة االنخــراط بالنشــاط‬
‫السياســي ‪.‬‬

‫« الوحدوي» ترمي حجرا يف البركة الراكدة !‬

‫لــم تكــن نظــرة معظــم األحــزاب والنخــب السياســية والفكريــة إلــى االنتخابــات الرئاســية‬
‫واملوقــف منهــا تختلــف كثيــراً عــن نظــرة شــرائح املجتمــع األخــرى العازفــة عــن االهتمــام‬
‫بهــذا املوضــوع‪.‬‬

‫والــى قبــل شــهرين بدايــة العــام االنتخابــي ســبتمر‪1999‬م أو قبــل ذلــك بشــهرين أو ثالثــة‪،‬‬
‫لــم يكــن أي مــن أحــزاب الســلطة أو املعارضــة قــد أعلــن موقفــا مــن االنتخابــات الرئاســية‬
‫ســلباً او ايجابـاً كشــاهد كبيــر علــى عــدم االهتمــام باالســتحقاق الرئاســي ولــو مــن الناحيــة‬
‫اإلعالميــة علــى االقــل‪.‬‬

‫والســبب يف الالمبــاالة تلــك ال يعــود الــى ان هــذه األحــزاب لــم تكــن مهيئــة أو مســتعدة‬
‫فكريـاً وسياســياً للخــوض يف مثــل هــذا االســتحقاق الدســتوري وحســب ‪ ،‬بــل وألن البعــض‬
‫منهــا كان ينظــر إليهــا نظــرة ســلبية معتقــداً بــأن املشــاركة فيهــا ســتكون علــى حســاب‬
‫أولويــات وهمــوم سياســية ووطنيــة أكثــر أهميــة‪ ،‬ال بــل كان هنــاك مــن يعتقــد أن االنتخابــات‬
‫الرئاســية وغيرهــا مــن االنتخابــات العامــة واألنشــطة السياســية األخــرى قضايــا ال تخصــه‬
‫بقــدر مــا تخــص ســلطة ‪7‬يوليــو ‪-‬وان املشــاركة فيهــا تعنــي تطبيــع العالقــة معهــا ‪-‬ومــن‬
‫اخلطــأ املشــاركة فيهــا أو يف التســويق ألهميــة املشــاركة فيهــا(‪.((4‬‬

‫(‪ )46‬هذا ماكانت تطرحه قيادات يف االشتراكي مطالبة بتصحيح مسار الوحدة أوالً وإجراء مصاحلة وطنية بعد حرب ‪٩٤‬م‪ .‬‬

‫‪95‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫كمــا ان بعــض احــزاب املعارضــة كانــت تطــرح إمكانيــة جعــل االنتخابــات الرئاســية ورقــة‬
‫«تفاوضيــة» مــع الســلطة القائمــة بهــدف حتقيــق أهــداف ومطالــب سياســية أخــرى أكثــر‬
‫أهميــة وأكثــر إحلاحـاً‪ ،‬بالنســبة لهــا مثــل املصاحلــة الوطنيــة وتســوية آثــار احلــرب األهليــة‪،‬‬
‫بالنســبة للبعــض وتصحيــح قوائــم الناخبــن‪ ،‬وتعديــل قــوام اللجنــة العليــا لالنتخابــات‪،‬‬
‫واحلصــول علــى مســاعدات ودرجــات وظيفيــة وعــدم اقصــاء االخــوان مــن الدولــة كمــا‬
‫كانــت تــرى ذلــك قيــادات يف «اإلصــاح» أوالً‪ ،‬وتلتقــي معهــا بعــض قيــادات يف أحــزاب‬
‫مجلــس التنســيق األعلــى ‪.‬وان بدرجــة اكثــر تهافتــا وكمطالــب شــخصية ليــس اال‪.‬‬

‫أمــا املؤمتــر الشــعبي العــام وهــو احلــزب احلاكــم فقــد كان عــدم اهتمامــه باالســتحقاق‬
‫الرئاســية يف بدايــة األمــر يعــود العتبــارات سياســية تتعلــق بطريقــة الســلطة يف طــرح‬
‫القضايــا السياســية مــع األطــراف األخــرى‪ ،‬حيــث ترفــض اخلــوض يف أي موضوعــات‬
‫سياســية محوريــة أو هامــة مــع األطــراف األخــرى يف الوقــت املناســب أو يف وقــت يتــاح فيــه‬
‫فرصــة للحــوار اجلــدي حولهــا ‪ .‬وتنتظــر الــى اخــر حلظــة وتنــزل كل اوراقهــا ‪.‬‬

‫وقــد ظــل االمــر كذلــك حتــى عقــدت صحيفــة الوحــدوي نــدوة سياســية وقانونيــة بتاريــخ‬
‫‪98/10/29‬م حتــت عنــوان (االنتخابــات الرئاســية‪..‬نعم التغييــر الدميقراطــي ممكنــا )‬
‫والتــي شــارك فيهــا عــدد مــن قــادة املعارضــة وحزبــا «املؤمتــر» و «اإلصــاح»‪ ،‬وقدمــت‬
‫خاللهــا أوراق ومداخــات هامــة قانونيــة وسياســية‪،‬‬

‫وكانــت أهميتهــا أنهــا األولــى التــي تناقــش االســتحقاق الرئاســي –تقريبــاً‪ -‬حتــى أن‬
‫األســتاذين عبــد الهــادي الهمدانــي «املؤمتــر» ومحمــد قحطــان «اإلصــاح» اللذيــن شــاركا‬
‫يف تلــك النــدوة ممثلــن حلزبيهمــا‪ ،‬قــد اعتبــرا مــا طــرح فيهــا مــن قبــل املعارضــة محاولــة‬
‫جلــس نبــض املؤمتــر «احلــزب احلاكــم» و اإلصــاح جتــاه هــذا األمــر ليحــدد بعدهــا‬
‫موقــف املعارضــة مــن االنتخابــات الرئاســية علــى أســاس ردود فعــل األطــراف الفاعلــة أو‬
‫التــي بيدهــا زمــام األمــر السياســي» يف حــن كان االمــر مجــرد مبــادرة مــن قبــل صحيفــة‬
‫الوحــدوي ورئيــس حتريرهــا آنــذاك االســتاذ حســن العدينــي الــذي ال يعــرف عنــه مواقــف‬
‫حــادة ضــد النظــام بــل ويوصــف مــن بعــض رفاقــه انــه اقــرب الــى الســلطة ووجهــة نظرهــا‬
‫يف موضــع االنتخابــات وغيرهــا اكثــر ممــا تطرحــه املعارضــة يف مثــل هــذه القضايــا‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫ولكــن احلقيقــة ان مــا قالــه قحطــان والهمدانــي لــم يكــن بعيــدا يف مــا خرجــت اليــه النــدوة‬
‫ال كســبب ودافــع لعقدهــا بــل بســبب مــا طــرح فيهــا فقــد تبودلــت فعــا فيهــا أكثــر مــن‬
‫رســالة سياســية بــن جميــع األطــراف املعنيــة‪ ،‬واألهــم أنهــا ومــا طــرح فيهــا مــن آراء‬
‫ورســائل قــد قلبــت املشــهد السياســي كليـاً وحركــت الســاحة السياســية والفكريــة وجعلــت‬
‫موضــوع «الرئاســيات» يحظــى باالهتمــام املطلــوب مــن قبــل أكثــر مــن طــرف سياســي‬
‫وقانونــي وإعالمــي‪. ،‬‬

‫وقــد لوحــظ انــه وبعــد حالــة الركــود والتجاهــل والالمبــاالة عقــدت بعــد «نــدوة الوحــدوي»‬
‫العديــد مــن النــدوات السياســية والقانونيــة حــول احلــدث االنتخابــي‪ ،‬وتناولــت وســائل‬
‫اإلعــام الكثيــر مــن التحليــات و «التنظيــرات» واملواقــف املتضاربــة حــول أهميــة املشــاركة‬
‫يف االنتخابــات مــن عدمهــا‪ ،‬وضــرورة توفــر شــروط إجرائيــة وسياســية لهــا أوالً‪.‬‬

‫وآخريــن قالــوا ان املشــاركة يف اول ســباق رئاســي مهــم للدميقراطيــة وللمعارضــة حتــى‬
‫ولــو لــم توفــر كامــل شــروط النزاهــة والتنافــس االنتخابــي وقــد دخلــت االحــزاب وبــدون‬
‫اســتثناء منــذ اليــوم التالــي لتلــك النــدوة يف حــوارات مكثفــة داخلهــا وخارجهــا حــول هــذا‬
‫املوضــوع وعلــى النحــو التالــي ‪:‬‬

‫ً‬
‫أوال ‪ :‬احلزب االشتراكي وأحزاب مجلس التنسيق‬

‫مــع اقتــراب موعــد االنتخابــات كان مجــرد التفكيــر بتقــدمي مرشــح باســم االشــتراكي او‬
‫املعارضــة عمومــا ملنافســة الرئيــس صالــح امــر مثيــر للســخرية ومســتنكر لــدى العديــد مــن‬
‫قيــادات وأعضــاء األحــزاب املعارضــة يف مجلــس التنســيق االعلــى خصوص ـاً لــدى أولئــك‬
‫الذيــن يعلمــون جيــدا ان الســلطة لــن تســمح باملنافســة علــى هــذا املنصــب جديـاً واذا كانــت‬
‫قــد شــنت حربــا واســعة اضــرت بوحــدة البــاد علــى مســألة الشــراكة يف الســلطة فمــا‬
‫بالــك يف املنافســة عليهــا ويضــاف الــى هــوالء اولئــك الذيــن تطبعــوا علــى ثقافــة «املقاطعــة»‬
‫للعمــل السياســي والنشــاط امليدانــي عمومـاً و»الهــروب» مــن مواجهــة القضايــا واألحــداث‬
‫مــن خــال اآلليــات الدميقراطيــة املتوفــرة وان كان لكثيــر منهــم مبــررات موضوعيــه بســبب‬
‫انســداد االفــق السياســي متامـاً‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫وهــي ثقافــة توطنــت لــدى عــدد مــن قيــادات احلــزب االشــتراكي اليمنــي حتديــداً بعــد جنــاح‬
‫هــذا التيــار يف دفــع احلــزب ملقاطعــة االنتخابــات البرملانيــة الثانيــة ‪97‬م والتــي قاطعهــا‬
‫احلــزب بقــرار مــن اللجنــة املركزيــة وبتصويــت دميقراطــي فــاز فيــه قــرار املقاطعــة بأغلبيــة‬
‫االصــوات‪ ،‬بــل هــي ثقافــة متوطنــة داخــل احلــزب منــذ نهايــة حــرب ‪94‬م‪.‬‬

‫وهــي ذاتهــا القيــادات التــي ظلــت وباســتمرار تعتبــر أن أي مشــاركة للحــزب وأحــزاب‬
‫املعارضــة األخــرى يف االنتخابــات العامــة إمنــا هــو «تطبيــع» لألوضــاع السياســية التــي‬
‫خلفتهــا احلــرب ‪ ،‬واعتــراف عملــي بالســلطة التــي أفرزتها تداعيات هزمية االشــتراكي وقد‬
‫كنــت (شــخصياً) واحــداً ممــن كتــب منظــرا لهــذه املقاطعــة قبــل انتخابــات ‪1997‬البرملانيــة‬
‫يف سلســلة مقــاالت نشــرت يف الثــوري قبــل اشــهر مــن انتخابــات ‪1997‬م البرملانيــة ولكننــي‬
‫كنــت ادعــو للمقاطعــة االحتجاجيــة التــي تــؤدي الــى تعطيــل االنتخابــات وليــس فقــط‬
‫رفضهــا سياســيا كمــا هــو حــال آخريــن‪.‬‬

‫والشــك ان اإلجــراءات التعســفية ضــد املعارضــة وضــد الدميقراطيــة عمومــاً وحريــة‬


‫التعبيــر والصحافــة خصوص ـاً‪ .‬وكذلــك اســتمرار هيمنــة الســلطة التنفيذيــة علــى اللجنــة‬
‫العليــا لالنتخابــات واملخالفــات الواســعة التــي ارتكبتهــا وثبــت حصولهــا يف عملية التســجيل‬
‫وامتــاء قوائــم الناخبــن باألســماء املكــررة والوهميــة ( لألعــوام ‪99 ، 97 ، 93‬م) كانــت‬
‫جميعهــا تســاعد أولئــك الذيــن يرفضــون املشــاركة يف االنتخابــات أو أي فعاليــات سياســية‬
‫أخــرى ضمــن آليــات النظــام القائــم ومتنحهــم حججـاً إضافيــة لتســويق منطقهــم هــذا يف‬
‫أوســاط فــروع املعارضــة يف احملافظــات ولــدى شــرائح واســعة مــن أبنــاء الشــعب‪.‬‬

‫لقــد كان احلديــث الطاغــي عشــية انتخابــات ‪1999‬م لــدى احلــزب ومعظــم املعارضــة‬
‫هــي اختــاالت الوحــدة بعــد احلــرب وكان يتركــز اخلطــاب حينهــا حــول (تصحيــح مســار‬
‫الوحــدة وإقامــة املصاحلــة الوطنيــة واحلكــم احمللــي علــى أســاس وثيقــة العهــد واالتفــاق‬
‫وحتســن األوضــاع املعيشــية واألمنيــة للمواطنــن) ورفــض أي مشــاركة يف أي اســتحقاق‬
‫انتخابــي قبــل حتقيــق هــذه املطالــب وكان نصــف هــذا العنــوان هــو الشــعار الــذي عقــد‬
‫حتــت يافطتــه مؤمتــر احلــزب اخلامــس ‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫وكان ذلــك يجــد لــه قبــوالً كبيــراً مــن قبــل املواطنــن يف كثيــر مــن احملافظــات اجلنوبيــة‬
‫والشــرقية وغيرهــا بــل كان كل مــن يتحــدث عــن خــاف ذلــك كان يتهــم باخليانــة وبــان‬
‫مشــاركته ســتمثل تطبيعــا مــع النظــام فيمــا كان اكثرهــم تطرف ـاً يطــرح (اصــاح مســار‬
‫الوحــدة) او أي قضيــة مــن هــذا القبيــل ســيمثل غطــاء جذاب ـاً لقــرار سياســي مت اتخــاذه‬
‫مســبقاً و يقضــي برفــض العمــل السياســي عموم ـاً ‪،‬‬

‫مــع مالحظــة أن أصحــاب املواقــف املعارضــة ملشــاركة احلــزب واملعارضــة لــم يكونــوا‬
‫جميعـاً علــى رأي واحــد فيمــا يخــص حيثيــات الدعــوة إلــى مقاطعــة االنتخابــات‪ ،‬فقــد كان‬
‫البعــض ينظــر إلــى األمــر مــن خــال موقــف الســلطة التنفيذيــة مــن الدميقراطيــة وضــرورة‬
‫قيامهــا بعــدد مــن اإلجــراءات السياســية والقانونيــة التــي تســمح بوجــود انتخابــات تنافســية‬
‫حقيقيــة ويتوفــر فيهــا احلــد األدنــى مــن شــروط العدالــة والنزاهــة كموضــوع تصحيــح‬
‫قوائــم الناخبــن وتصحيــح وضــع اللجنــة العليــا مبــا يضمــن حياديتهــا واســتقاللها عــن‬
‫الســلطة التنفيذيــة‪،‬‬

‫يف املقابــل كان هنــاك رأي آخــر نقيــض ميثلــه الشــهيد جــار اهلل عمــر واالمــن العــام حينهــا‬
‫املناضــل علــي صالــح عبــاد «مقبــل» وآخــرون يف املكتــب السياســي واللجنــة املركزيــة ‪.‬‬

‫ومضمــون وجهــة نظــر هــذا الطــرف هــو ان املشــكلة األساســية كانــت وال زالــت تتمثــل يف أن‬
‫أصحــاب املقاطعــة ال ميتلكــون أي بديــل عملــي للوصــول إلــى نتائــج ملموســة لهــا‪ ،‬وكانــت –‬
‫وســتظل‪ -‬وســيلتهم إلــى ذلــك هــو «االعتــزال» والتــواري عــن النشــاط العــام وتكــرار املوقــف‬
‫مــن االنتخابــات البرملانيــة لعــام ‪1997‬م وجعــل ذلــك القــرار ينســحب علــى موقــف املعارضــة‬
‫مــن االنتخابــات الرئاســية‪ ،‬األمــر الــذي يرفضــه وال يقبــل بــه طــرف أساســي آخــر داخــل‬
‫احلــزب االشــتراكي ويف صفــوف املعارضــة‪ .‬خصوصـاً بعــد ان كان االمــن العــام مقبــل قــد‬
‫جــرب مبقاطعتــه النتخابــات ‪97‬م النيابــة بــان الداعيــن للمقاطعــة هــم اول مــن شــاركوا يف‬
‫االنتخابــات ولكــن خــارج اطــر احلــزب واملعارضــة ومبــا يخــدم الطــرف اآلخــر بالنتيجــة‪.‬‬

‫وهــو الــرأي الــذي تغلــب فيمــا بعــد‪ ،‬وحســم خيــار احلــزب واملعارضــة باجتــاه املشــاركة‬
‫يف االنتخابــات الرئاســية‪ ،‬وقــد كانــت حيثيــات الداعــن بقــوة الــى مشــاركة احلــزب يف‬
‫االنتخابــات وتقــدمي مرشــح باســمه وباســم املعارضــة تتلخــص يف ‪-:‬‬

‫‪99‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ •أنهــم وإن كانــوا يتفقــون مــع زمالئهــم يف ضــرورة احلــوار الوطنــي واملصاحلــة الوطنيــة‬
‫الشــاملة وتســوية آثــار احلــرب ومنهــا عــودة املشــردين يف اخلــارج وإقامــة احلكــم‬
‫احمللــي كامــل الصالحيــات وضــرورة توفيــر الشــروط السياســية والدســتورية إلقامــة‬
‫انتخابــات تنافســية حقيقيــة وغيــر ديكوريــة‪ ،‬إال أن اخلــاف هــو حــول وســائل وآليــات‬
‫الوصــول إلــى هــذه األهــداف الكبيــرة والوطنيــة والتــي هــي محــل اتفــاق اجلميــع علــى‬
‫األقــل يف صفــوف احلــزب االشــتراكي يف الداخــل واخلــارج ‪.‬‬

‫ولكنهــم يــرون ان الوســيلة الناجعــة لتحقيــق هــذه األهــداف واملطالــب هــي النــزول إلــى‬
‫ميــدان املواجهــة مــع الســلطة مــن خــال جماهيــر الشــعب وحشــد طاقاتهــا واالنخــراط‬
‫بالعمــل السياســي واحلزبــي مــن خــال مــا هــو متوفــر مــن إمكانيــات‪ ،‬وبالتالــي فــإن من‬
‫الضــروري املشــاركة يف االنتخابــات الرئاســية و»كســر» ثقافــة «املقاطعــة» و «االنعــزال»‬
‫التــي أصبحــت عنــوان أزمــة املعارضــة منــذ انتخابــات ‪ .97‬والتــي ان اســتمرت ســتودي‬
‫الــى ضمــور احلــزب وتالشــي دوره السياســي نهائيــا‪.‬‬

‫ويضيــف هــؤالء انــه «وعلــى افتــراض أن مقاطعــة احلــزب االشــتراكي النتخابــات‬


‫‪1997‬مم البرملانيــة قــد كان لهــا مــا يبررهــا يف ذلــك الوقــت وقــد متــت مــن خــال‬
‫احلــوار السياســي الدميقراطــي داخــل اللجنــة املركزيــة للحــزب االشــتراكي‪ ،‬إ َّال أن‬
‫«املقاطعــة» كانــت قــراراً مؤقتــاً يخــص تلــك االنتخابــات وال ينســحب علــى غيرهــا‬
‫ومــن اخلطــأ السياســي أن يســتمر الوضــع كمــا هــو بــدون تغييــر خصوصـاً وأن نتائــج‬
‫املقاطعــة الســابقة لــم تكــن كمــا خطــط لهــا ولــم تســتطع املعارضــة بواســطتها إفشــال‬
‫االنتخابــات بــل مــرت االنتخابــات ولــم يكــن لهــا مــن نتيجــة ســوى غيــاب او تغييــب‬
‫احلــزب عــن الســاحة وعــن البرملــان ‪،‬‬

‫ •ان املقاطعــة الســلبية لــم تســتطع إحــداث أي ثغــرة يف شــرعية النظــام علــى األقــل أمــام‬
‫الــرأي العــام الداخلــي والدولــي الــذي تراهــن بعــض أطــراف ثقافــة «املقاطعة»‪،‬علــى‬
‫موقفــه وعلــى العكــس فقــد كان مــن نتائجهــا الســلبية أن أُخــذت كحجــة وذريعــة‬
‫لتبريــر قمــع املعارضــة أكثــر وأكثــر‪ ،‬واحلــد مــن نشــاطها السياســي بتهمــة رفضهــا‬
‫«للدميقراطيــة» والعــزوف عــن العمــل السياســي املشــروع مــن خــال الدســتور‬
‫والقوانــن النافــذة‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫صحيــح أن «املقاطعــة» أقــل كلفــة وال حتتــاج إلــى جهــود فكريــة وسياســية وماديــة‬
‫كبيــرة ويكفــي فيهــا اتخــاذ املوقــف السياســي وإعالنــه ثــم الذهــاب إلــى مقــر احلــزب‬
‫أو منــازل قياداتــه لســماع ردود فعــل اآلخريــن حولــه وعلــى عكــس املشــاركة السياســية‬
‫التــي حتتــاج إلــى جهــود ماديــة وفكريــة مكثفــة وعمــل ميدانــي وتنظيمــي كبيريــن إال أن‬
‫ذلــك هــو الشــرط الوحيــد لالختــاط باجلماهيــر وتوســيع قاعــدة املعارضــة واألحــزاب‬
‫وانتــزاع احلقــوق املســتحقة للحــزب وللمواطنيــن مــن الســلطة‪.‬‬

‫ •ان املشــاركة يف االنتخابــات الرئاســية كانــت متثــل حينهــا «فرصــة» تاريخيــة يصعــب‬
‫تعويضهــا لتقويــة نفــوذ االشــتراكي واملعارضــة يف احملافظــات ويف أوســاط عمــوم‬
‫الشــعب ومبــا ســتوفره مــن فــرص إعالميــة وسياســية لعــرض برامجهــا ورؤاهــا‬
‫وتقــدمي البدائــل السياســية واالقتصاديــة لعمــوم الناخبــن‪.‬‬

‫واخلالصــة فقــد اوصــل احلــوار داخــل صفــوف االشــتراكي ان مشــاركة احلــزب واملعارضــة‬
‫مبرشــح واحــد هــي الفرصــة التاريخيــة التــي توفــرت للحــزب يف ان يعيــد تقــدمي نفســه‬
‫امــام جماهيــر الشــعب كحــزب يدافــع عــن احلقــوق واحلريــات والعدالــة االجتماعيــة وضــد‬
‫الفســاد واالســتبداد مؤكديــن ان «هــذا ســيتحقق حتمـاً أيــا كانــت نتيجــة الســباق الرئاســي‬
‫ومبجــرد تقــدمي االمــن العــام او أي مــن قيــادات احلــزب مرشــحاً امــام صالــح فانــه ســيعيد‬
‫احلــزب الــى مرتبتــه الثانيــة»! خصوصــا بعــد ان تاكــد ان االصــاح لــن يقــدم مرشــحا‬
‫رئاســيا ملنافســة صالــح‪.‬‬

‫وهــو مــا سيســهم يف احــداث فــرز حقيقــي بــن ســلطة فاســدة تتحالــف مــع االصــاح‬
‫وطــرف يعارضهمــا جديــا بعيــدا عــن املواقــف البينيــة والتســاومية مــا ســيجعل احلــزب‬
‫االشــتراكي مــن جديــد هــو مركــز الثقــل االجتماعــي والسياســي داخــل املجتمــع ويف صــف‬
‫املعارضــة ويضــاف مــا ســيحصل عليــه مرشــح احلــزب مــن اصــوات الــى تاثيــر الفعــل‬
‫السياســي املباشــرة علــى االحــداث بعــد غيــاب طويــل عــن الســاحة‪.‬‬
‫ويبــدو ان اســتعادة احلــزب ملكانتــه الشــعبية التــي خســرها يف حــرب صيــف ‪94‬م مــن‬
‫خــال تقــدمي امينــه العــام مرشــحا ملنافســة صالــح هــو الدافــع االهــم الــذي جعــل كل‬
‫مــن االصــاح واملؤمتــر يتفقــان فيمــا بعــد علــى منــع التزكيــة عنــه يف البرملــان خوفــا مــن‬
‫اســتعادة احلــزب مكانتــه متقدمــا علــى االصــاح علــى االقــل ‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫واحلقيقــة ان خــط املشــاركة داخــل احلــزب كان يتوجــس امكانيــة ان ترفــض الســلطة‬
‫تزكيــة مرشــحه علــى رغــم وعودهــا املعلنــة بهــذا الشــان خصوصــا وهــي تعتمــد يف شــرعية‬
‫بقائهــا علــى أســاس القــوة املاديــة املباشــرة‪ ،‬ومــن الصعوبــة عليهــا مبــكان ان تقبــل او‬
‫توافــق بســهولة يف إتاحــة الفرصــة خلصمهــا االشــتراكي العــودة الــى الســاحة لينافســها‬
‫علــى أهــم وأخطــر املناصــب السياســية وهــو منصــب رئاســة اجلمهوريــة‪،‬‬

‫لكــن املعارضــة أو باألصــح أصحــاب قــرار املشــاركة يف االنتخابــات الرئاســية كانــوا يــرون‬
‫ضــرورة كســر هــذه «احملرمــات» النظريــة والعمليــة حــول منصــب رئاســة اجلمهوريــة‬
‫واخلــروج عليهــا‪ ،‬كــون التنافــس علــى هــذه املناصــب السياســية والقياديــة هــي يف األصــل‬
‫حقــوق شــرعية ودســتورية لــكل مواطــن توفــرت فيــه الشــروط الدســتورية بغــض النظــر مــن‬
‫موقــف الســلطة مــن ذلــك رفضـاً او قبــوالً بــل ان تقــدمي مرشــحاً ينافــس الرئيــس يف هــذه‬
‫االنتخابــات يضــع الســلطة احلاكمــة أمــام خياريــن ال ثالــث لهمــا‪:‬‬

‫األول‪ :‬هــو أن تقبــل الســلطة بـ»اآلخــر» بــكل مــا يعنيــه هــذا املعنــى مــن دالالت سياســية‬
‫يف قبــول البديــل اآلخــر لهــا ولسياســاتها‪ ،‬ولــو يف انتخابــات قادمــة أي قبــول التنافــس‬
‫اإليجابــي علــى منصــب الرئاســة بقبــول تزكيــة مرشــحها عبــر البرملــان دون ان تطلبــه او‬
‫تســتجدية او تســاوم بــه علــى قضايــا مصيريــة اخــرى واذا مت لهــا ذلــك وســمح ألعضــاء‬
‫البرملــان منــح اصواتهــم للمرشــحني بحريــة فهــو جيــد وهــذا مــا كانــت تســعى اليــه ‪.‬‬

‫ويكفــي االشــتراكي واملعارضــة يف هــذه احلالــة ان احلملــة االنتخابيــة التــي ســيخوضها‬


‫مرشــحها بجديــة ســتحقق عــدداً مــن األهــداف الضروريــة ومنهــا –كمــا يقــول أحــد‬
‫رمــوز املعارضــة‪( -‬إذا لــم يحالفنــا الفــوز ســنحقق إيجابيــات أخــرى وســنراكم يف العمليــة‬
‫الدميقراطيــة‪ ،‬وســيتدرب النــاس علــى املشــاركة واملنافســة والصــراع الســلمي وســنوجد‬
‫ســابقة عمليــة يف التنافــس علــى منصــب الرئاســة ويف أنــه ليــس مــن املمنوعــات ‪..‬‬
‫ـاس معينــن أو‬ ‫وســنفكك الوعــي القائــم يف «موضــوع» منصــب الرئاســة وأنــه مــن نصيــب أنـ ٍ‬
‫مناطــق معينــة ‪ ..‬وســنوجد عنــد النــاس شــعوراً باملواطنــة والتفــاؤل بإمكانيــة التغييــر ولــو‬
‫يف املســتقبل‪ ،‬وسنشــعر بحجــم القــوى السياســية «اجتماعيـاً» مبــا يف ذلــك نحــن ‪ .‬ويضيــف‬
‫‪« :‬وحتــى لــو لــم ننجــح فســيكون هنالــك إجنــا ٌز فكــري وسياســي وحقوقــي وســيكولوجي يف‬
‫هــذه االنتخابــات قــد حتقــق» ‪).‬‬

‫‪102‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫والثانــي‪ :‬هــو أن ترفــض الســلطة مشــاركة املعارضــة وتعمــل علــى إقصــاء مرشــح املعارضــة‬
‫عــن الســباق الرئاســي بحجــب التزكيــة عنــه يف البرملــان ‪ ،‬فتتحمــل املســئولية وحدهــا يف‬
‫إجهــاض املســار االنتخابــي وتكشــف عــن زيــف ادعائهــا بالنهــج الدميقراطــي وهــو مــا‬
‫يحقــق للمعارضــة هدف ـاً آخــر ال يقــل أهميــة عــن ســابقه ‪ ،‬وهــو كشــف هشاشــة وضعــف‬
‫الســلطة وعــدم قدرتهــا علــى مواجهــة االســتحقاق الرئاســي بشــجاعة مــن ناحيــة ونفــي‬
‫التهمــة عــن املعارضــة بعــدم قبــول الدميقراطيــة ورمــي الكــرة يف مرمــى الســلطة وأمــام‬
‫الــرأي العــام احمللــي والدولــي مــن ناحيــة اخــرى وهــو مــا حصــل بالفعــل‪.‬‬

‫لقــد قــرر االمــن العــام للحــزب االشــتراكي املناضــل علــي صالــح عبــاد مقبــل ورفيقــه يف‬
‫النضــال جــار اهلل عمــر وآخريــن مــن قــادة احلزب واحزاب املعارضة االخرى والشــخصيات‬
‫اإلعالميــة والقانونيــة واالجتماعيــة املســاندة لهــا إخــراج املعارضــة مــن «األزمــة» التــي‬
‫تعيشــها منــذ نهايــة احلــرب والعمــل علــى إحــداث حــراك سياســي واجتماعــي واســع يف‬
‫صفوفهــا ويف أوســاط الشــعب ولــدى األطــراف السياســية األخــرى مــن خــال مشــاركتها‬
‫يف االنتخابــات ورفضهــا لسياســة «الشــكوى» وثقافــة «الهــروب» والتــواري عــن النشــاط‬
‫السياســي العــام بدعــاوى «عدميــة» ال تفضــي لشــيء‪ ،‬معتبــرة االنتخابــات الرئاســية‬
‫«فرصــة» سياســية ينبغــي عــدم تفويتهــا أو تــرك الســلطة وحدهــا لتحــدد مســاراتها وترســم‬
‫نتائجهــا ‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫حوارات داخلية مكثفة‬

‫ومــع القــرار قــد اتخــذ داخــل االشــتراكي بتقــدمي امــن عــام احلــزب مرشــحا بعــد حــوارات‬
‫مضنيــة يف مكتبــه السياســي وجلنتــه املركزيــة والصحافــة اال ان مخــاوف جديــة كانــت‬
‫تتوقعهــا قيــادة احلــزب يف أن تســير مواقــف أحــزاب واملعارضــة االخرى بالنســبة للموضوع‬
‫االنتخابــي باجتاهــات شــتى غيــر محســوبة قــد تســبب مخاطــر حقيقيــة ملكانــة احلــزب‬
‫واملعارضــة ولدورهــا السياســي املســتقبلي ومنهــا‪:‬‬

‫‪1.1‬بقيــة أحــزاب املعارضــة إلــى اتخــاذ قــرار ارجتالــي غيــر مــدروس يفضــي إلــى مقاطعــة‬
‫االنتخابــات الرئاســية مــن دون أن متتلــك املعارضــة احلجــج الكافيــة (قانونيــة‬
‫وسياســية) لتبريــر هــذا املوقــف أمــام الــرأي العــام احمللــي واألجنبــي‪.‬‬

‫‪2.2‬أن تـــندفع أحــزاب مجلــس التنســيق أو بعضهــا لتأييــد مرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام‬
‫«الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح» إ ّمــا حتــت مبــرر خطــورة منافســة رأس الســلطة‬
‫وبالتالــي حتويــل اخلــاف السياســي مــع الرئيــس إلــى خالفــات شــخصية يصعــب‬
‫جتاوزهــا مــن قبلــه‪ ،‬وهــو املبــرر الــذي عــادة مــا كان يجعــل «اإلصــاح» يندفــع لترشــيح‬
‫الرئيــس بــدون شــروط(‪.((4‬‬

‫أو حتــت حجــة «املســاومة» مــع الســلطة لتحقيــق أهــداف أخــرى سياســية وحزبيــة‬
‫حيــث كان عــدد مــن قــادة املعارضــة ســوا ًء يف االشــتراكي أو غيــره يعتقــدون بإمكانيــة‬
‫احلصــول علــى مكاســب سياســية مــن الرئيــس إذا مــا أبــدوا مرونــة جتاه دعم ترشــيحه‬
‫كمرشــح لإلجمــاع الوطنــي‪.‬‬

‫(‪ )47‬كانــت سياســة االخــوان املســلمني ‪ -‬ليــس يف اليمــن وحســب بــل يف كل املنطقــة العربيــة – تقــوم علــى املنافســة علــى مقاعــد‬
‫البرملــان واحلصــول علــى اغلبيــة فيهــا دون التنافــس علــى منصــب الرئيــس ومبــا يوحــي لألنظمــة انهــا اقــرب اليهــا مــن اليســار‬
‫والقوميــن الذيــن يطمحــون يف املنافســة علــى مركــز الرئيــس مــا يجعــل االنظمــة تقتــرب مــن اجلماعــة ضــد بقيــة االطــراف وهــذا‬
‫مــا عملــه االصــاح يف كل اســتحقاق يخــص الرئيــس صالــح او يطلبــه الرئيــس صالــح وســواء كان ذلــك يف التعديــات الدســتورية‬
‫االولــى والثانيــة او يف االنتخابــات الرئاســية االولــى والثانيــة !‬
‫وقــد اســتمرت سياســة االخــوان يف اليمــن واملنطقــة العربيــة كمــا هــي حتــى انفجــار مــا عــرف بثــورات الربيــع العربــي ‪2011‬م التــي‬
‫وجــدت اجلماعــة نفســها امــام انظمــة تتهــاوى امــام ثــورات شــعبية غاضبــة وقــد ميــاء الفــراغ غيرهــا فقــررت االســتيالء علــى‬
‫الثــورات والرئاســيات والبرملانــات وكل شــيء وباتفــاق مــع قــوى غربيــة وتركيــا وقطــر ‪...‬‬

‫‪104‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫‪3.3‬إمكانيــة أن تقــرر املعارضــة املشــاركة يف االنتخابــات الرئاســية دون االتفــاق علــى‬


‫برنامــج انتخابــي مشــترك أو مرشــح ملنصــب الرئاســة ميثــل جميــع أطرافهــا أي نــزول‬
‫املعارضــة يف مجلــس التنســيق يف االنتخابــات الرئاســة بأكثــر مــن مرشــح األمــر الــذي‬
‫لــن يســاهم يف خلــط األوراق مــن جديــد وإعــادة العالقــات السياســية واحلزبيــة بينهــا‬
‫إلــى نقطــة الصفــر وحســب بــل وسيســهل إجــراء انتخابــات رئاســية لصالــح الوضــع‬
‫القائــم ‪ ،%100‬وتخــرج منهــا املعارضــة وقــد فقــدت مصداقيتهــا ومتزقــت صفوفهــا‬
‫أكثــر وأكثــر‪،‬‬

‫وسيتســاءل النــاس حينهــا إذا كانــت املعارضــة غيــر قــادرة علــى التنــازل لبعضهــا البعــض‬
‫وهــي التــي تتفــق يف الــرؤى والبرامــج‪ ،‬فكيــف ســتكون هــذه األحــزاب أهـ ٌل لتحمل املســئولية‬
‫الوطنيــة أمــام شــعبها‪.‬‬

‫واحلقيقــة ان هــذه املخاطــر جميعهــا كانــت محتملــة وميكــن القــول ان القــرار التاريخــي‬
‫الذي وصلت اليه املعارضة يف مجلس التنســيق يف املشــاركة يف الســباق الرئاســي مبرشــح‬
‫واحــد لــم يكــن الوصــول إليــه بالســهولة التــي يتصورهــا املراقــب ألوضــاع املعارضــة اليمنيــة‬
‫عــن بعــد‪.‬‬

‫فقــد بذلــت قيــادات يف احلــزب االشــتراكي اليمنــي والتنظيــم الوحــدوي الناصــري وعــدد‬
‫مــن قيــادات األحــزاب األخــرى املنضويــة يف إطــار مجلــس التنســيق‪ ،‬و خــاض امــن عــام‬
‫االشــتراكي وجــار اهلل عمــر وعبــد القــدوس املضواخــي ومحمــد عبــد امللــك والرباعــي‬
‫واخليوانــي وغيرهــم عشــرات يف قيــادات مجلــس التنســيق حــوارات وجهــود مضنيــة‬
‫لتفــادي حــدوث أي مــن تلــك االحتمــاالت!‬

‫وشــاركهم يف تلــك احلــوارات التــي اســتمرت اســابيع عــدد مــن رمــوز وقــادة الــرأي مــن‬
‫خــارج هــذه األحــزاب ومنهــم سياســيون وكتَّــاب ورجــال صحافــة وإعالميــون ومحامــون‬
‫وشــخصيات اجتماعيــة وأكادمييــة كانــوا جميع ـاً يؤمنــون بأهميــة الدميقراطيــة وأهميــة‬
‫التغييــر السياســي الســلمي مــن خــال آلياتهــا املختلفــة كبديــل وحيــد للعنــف واالنقالبــات‬
‫العســكرية واحلــروب الداخليــة التــي لــم تــؤد إلــى شــيء بقــدر مــا ســاهمت يف تخلــف‬
‫املجتمــع ومتزقــه وتأخيــر عوامــل نهضتــه‪،‬‬

‫‪105‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫وقــد كان للصحافــة دور أساســي ومؤثــر حيــث بســط مــن خاللهــا أمــام الــرأي العــام‬
‫احلزبــي والشــعبي العديــد مــن التنظيــرات والتحليــات السياســية لتعميــق الوعــي بأهميــة‬
‫التغييــر الســلمي والوقــوف يف وجــه النظــام غيــر الدميقراطــي مــن خالل اآلليات السياســية‬
‫والدســتورية القائمــة والتــي يدعــي النظــام متســكه بهــا‪،‬‬

‫ويف هــذا االجتــاه ذاتــه عقــدت دورتــان للجنــة املركزيــة للحزب االشــتراكي اليمني‪ ،‬وكالهما‬
‫أكدتــا علــى أهميــة مشــاركة احلــزب وأحــزاب مجلس التنســيق معاً يف االنتخابات الرئاســية‬
‫كمــا أقــرت الــدورة الثانيــة ترشــيح كل مــن الدكتــور ياســن ســعيد نعمــان واألســتاذ علــي‬
‫صالــح عبــاد مقبــل كمرشــحني مــن قبــل احلــزب ‪ ،‬وقــد وضــع األمــن العــام كبديــل آخــر‬
‫إذا لــم يوافــق الدكتــور ياســن الــذي كان يحظــى بإجمــاع أحــزاب املعارضــة كمــا أن وفــداً‬
‫آخــر ســافر إلــى اإلمــارات العربيــة املتحــدة مببــادرة ذاتيــة والتقــى هنــاك بالدكتــور ياســن‬
‫ســعيد نعمــان باإلضافــة إلــى األخويــن محمــد ســعيد عبــد اهلل «محســن» وعبــد العزيــز‬
‫(‪((4‬‬
‫الدالــي وغيرهمــا‬
‫كمــا عقــدت دورة واحــدة للجنــة املركزيــة للتنظيــم الوحــدوي الناصــري وفيهــا مت ترشــيح‬
‫الدكتــور عبــد القــدوس املضواحــي‪ ،‬وكان التنظيــم الناصــري قــد أكــد علــى أهميــة‬
‫االنتخابــات الرئاســية يف مؤمتــره العــام التاســع وأكــد علــى دخــول األحــزاب يف مجلــس‬
‫التنســيق االنتخابــات ببرنامــج ومرشــح واحــد‪،‬‬
‫ويف الســياق ذاتــه شــكلت العديــد مــن الوفــود للســفر إلــى اخلــارج واللقــاء بقــادة احلــزب‬
‫االشــتراكي واملعارضــة عموم ـاً للحــوار معهــم حــول االنتخابــات الرئاســية ومــن ذلــك لقــاء‬
‫األمــن العــام للحــزب االشــتراكي يف القاهــرة بالدكتــور ياســن ســعيد نعمــان واملهنــدس‬
‫حيــدر أبــو بكــر العطــاس ويف لنــدن باألخــوة ســالم صالــح محمــد وعبــد الرحمــن اجلفــري‪.‬‬
‫وأثنــاء هــذه احلــوارات الصعبــة والطويلــة داخــل صفــوف املعارضــة إلقناعهــا باملشــاركة يف‬
‫االنتخابــات الرئاســية كان أصحــاب الــرأي املتحمــس للمشــاركة يخوضــون معركــة أخــرى‬
‫باجتــاه الضغــط علــى الســلطة التنفيذيــة شــروط احلــد االدنــى النتخابــات حــرة ونزيهــة‪،‬‬
‫ومنهــا‪-:‬‬

‫(‪ )48‬كنــت اكثــر املتحمســن لترشــيح الدكتــور ياســن ســعيد نعمــان وقــد وصــل بــي االمــر الــى ان ســافرت انــا والدكتــور فــارس‬
‫الســقاف وعلــى حســابنا اخلــاص الــى االمــارات العربيــة حيــث كان يقيــم نعمــان حملاولــة اقناعــه يترشــح للرئاســة عــن املعارضــة‬
‫وقــد رفــض ذلــك رفضــا قاطعــا وهــو مــا كانــت تعرفــه قيــادة االشــتراكي جيــدا‬

‫‪106‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫‪ -‬حــل مشــكلة القيــد الدســتوري اخلــاص مبوضــوع التركيــز وضــرورة حصــول املرشــح‬
‫للرئاســة تزكيــة الـــ‪ %10‬مــن أعضــاء مجلــس النــواب وأهميــة تصحيــح قوائــم الناخبــن‬
‫ومتثيــل املعارضــة يف اللجــان اإلشــراقية واألساســية بصــورة تضمــن عمليــة التمثيــل‬
‫املتــوازن بــن ممثلــي احلــزب احلاكــم وممثلــي املعارضــة واإلصــاح‪،‬‬

‫وكان اإلصــاح يف هــذه املســألة – تصحيــح ســجل الناخبــن ‪ -‬يقــف إلــى جانــب أحــزاب‬
‫مجلــس التنســيق‪ ،‬فيمــا كانــت بعــض قــوى داخل االصالح ويف الســلطة وأخــرى يف املعارضة‬
‫يف اخلــارج تعمــل علــى عــدم وصــول احلــزب االشــتراكي واملعارضــة إلــى قــرار مشــترك‪.‬‬

‫حيــث لعبــت بعــض قيــادات االشــتراكي «االنعزاليــة» دوراً ســلبياً يف عرقلــة الوصــول إلــى‬
‫قــرار املشــاركة‪ ،‬وقــد كان هنالــك مراهنــات واســعة مــن قبــل أكثــر مــن طــرف يف إمكانيــة‬
‫انقســام االشــتراكي إلــى حــزب جنوبــي «ضــد االنتخابــات» وآخــر شــمالي مــع االنتخابــات‪،‬‬
‫بــل إن هنالــك مــن هــدد علنـاً بتقســيم احلــزب علــى هــذا األســاس اجلغــرايف وكان مقبــل‬
‫يتصــدى بقــوة لهــذه االصــوات ‪.‬‬

‫غيــر أن هــذا لــم يتحقــق أبــداً‪ ,‬والــذي حصــل هــو أن احلــزب االشــتراكي خــرج موحــداً‬
‫واتخــذت اللجنــة املركزيــة قــرار املشــاركة يف االنتخابــات ال بــل وقدمــت إلــى مجلــس‬
‫التنســيق أكبــر قيــادة يف احلــزب وهــو أمــن عــام احلــزب األســتاذ علــي صالــح عبــاد‬
‫«مقبــل» كمرشــح وحيــد وهــو أحــد قيــادات اجلبهــة القوميــة ومــن الذيــن خاضــوا حــروب‬
‫التحريــر ضــد االســتعمار اإلجنليــزي فضـ ً‬
‫ا أنــه مــن مولــود يف قريــة الدرجاجــة مبحافظــة‬
‫أبــن إحــدى أهــم احملافظــات اجلنوبيــة والشــرقية (اليمــن اجلنوبــي ســابقاً)‪.‬‬

‫األمــر الــذي فاجــأ كل الذيــن ظلــوا يراهنــون علــى انقســام احلــزب إلــى جنــاح شــمالي‬
‫يدعــو للمشــاركة االنتخابيــة ويتحمــس لهــا‪ ،‬و»جنــاح جنوبــي» يعارضهــا ويعمــل علــى‬
‫مقاطعــة احلــزب لهــا‪ ،‬كمــا فاجــأ القــرار وبنفــس الدرجــة الذيــن كانــوا يتوقعــون إمكانيــة‬
‫جتــاوب احلــزب كلــه مــع دعــوات املقاطعــة وعــدم املشــاركة يف االنتخابــات مثلمــا حصــل يف‬
‫االنتخابــات البرملانيــة لعــام ‪1997‬م‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ـزل عــن‬
‫غيــر أن وصــول االشــتراكي إلــى هــذا القــرار الهــام لــم يكــن كمــا أســلفنا يف معـ ٍ‬
‫مواقــف األحــزاب األربعــة األخــرى يف مجلــس التنســيق‪( ،‬التنظيــم الوحــدوي الشــعبي‬
‫الناصــري‪ ،‬حــزب احلــق‪ ،‬احتــاد القــوى الشــعبية اليمنيــة‪ ،‬حــزب البعــث العربــي االشــتراكي‬
‫القومــي) فلــوال وقــوف قيــادات اساســية يف هــذه االحــزاب إلــى جانــب قــرار االشــتراكي يف‬
‫املشــاركة ودعمهــا لــه –وإن بصــور متفاوتــة‪ -‬ملــا وصــل إلــى قــرار املشــاركة يف االنتخابــات‬
‫ا‪ ،‬ومــن أجــل أن تكتمــل الصــورة نعيــد تلخيــص مواقــف هــذه األحــزاب مــن االنتخابــات‬ ‫أصـ ً‬
‫الرئاســية ومــن تســمية املرشــح الــذي ميثلهــا فيــه وعلــى النحــو التالــي‪:‬‬

‫‪ -‬التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري‪:‬‬

‫مــن املهــم يف هــذا الســياق مالحظــة أن التنظيــم الوحــدوي الشــعبي الناصــري ‪-‬الــذي يعــد‬
‫مــن حيــث الفاعليــة السياســية أحــد أهــم أحــزاب املعارضــة كان قــد حســم أمــر االنتخابات‬
‫الرئاســية مــن وقــت مبكــر لصالــح املشــاركة وأكــد علــى ذلــك يف البيــان اخلتامــي ملؤمتــره‬
‫العــام التاســع الــذي عقــده يف ابريــل ‪1999‬م‪.‬‬

‫ال بــل إن التنظيــم الناصــري أو باألصــح عــدد مــن قياداتــه الفاعلــة كانــت قــد لعبــت‬
‫دوراً مؤثــراً يف مواقــف أحــزاب مجلــس التنســيق األخــرى حيــث ســاهمت هــذه القيــادات‬
‫الناصريــة (املضواحــي – علــي ســيف حســن‪ -‬حــامت ابــو حــامت – ســامي غالــب وآخريــن)‬
‫ومنــذ البدايــة مســاهمة فاعلــة يف وصــول أحــزاب املجلــس مجتمعــة إلــى قــرار املشــاركة يف‬
‫االنتخابــات الرئاســية‪.‬‬

‫وقــد مت ذلــك مــن خــال احلــوارات الداخليــة مــع االشــتراكي وبقيــة أحــزاب املجلــس‬
‫تــارة ومــن خــال الــدور الريــادي الــذي لعبتــه صحيفــة «الوحــدوي» الناطقــة باســمه تــارة‬
‫أخــرى حيــث كانــت أكثــر صحــف املعارضــة‪ ،‬وطــوال مراحــل العمليــة االنتخابيــة اهتمام ـاً‬
‫باالســتحقاق الرئاســي وأهميــة مشــاركة املعارضــة فيــه بإيجابيــة وبصــورة موحــدة‪- ،‬‬
‫تصــدر هــذا كتــاب مقتــدرون كالزميلــن ســامي غالــب وحســن العدينــي‪ -‬غيــر أن التنظيــم‬
‫الوحــدوي وبالقــدر الــذي لعبــه باجتــاه املشــاركة يف االنتخابــات الرئاســية بالقــدر الــذي كاد‬
‫أن يــؤدي موقفــه أو موقــف بعــض قياداتــه مــن مرشــح املعارضــة لالنتخابــات إلــى انقســام‬
‫أحــزاب املجلــس حــول مــن يكــون املرشــح الرئاســي املتفــق عليــه‪،‬‬

‫‪108‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫ومــن املفارقــات أن الناصــري أو بعــض قياداتــه باألصــح هــي أول مــن طــرح فكــرة أن يكــون‬
‫مرشــح املعارضــة مــن قــادة احلــزب االشــتراكي والعتبــارات عديــدة‪ ،‬إال أن عــدم موافقــة‬
‫الدكتــور ياســن ســعيد نعمــان الــذي كان قــد طــرح اســمه عبــر صحيفــة الوحــدوي ‪ ،‬ومــن‬
‫ثــم اعتمــاد االشــتراكي «ملقبــل» كمرشــح باســم احلــزب واملعارضــة قــد تســبب يف اعتــراض‬
‫بعــض القيــادات يف الناصــري لهــذا الترشــيح معتبــرة ذلــك إمــاء مــن قبــل االشــتراكي غيــر‬
‫مقبــول !‬

‫ويف ســياق اخــر كان قياديــون ناصريــون مقربــون مــن صالــح يتخــذون تقــدمي االشــتراكي‬
‫«مقبــل» مرشــحا قبــل التشــاور معهــم ذريعــة لتخريــب العمليــة برمتهــا األمــر الــذي دفــع‬
‫باجتــاه تقــدمي مرشــح باســم التنظيــم إلــى مجلــس التنســيق ليختــار بعــد ذلــك مرشــح‬
‫املعارضــة املشــترك مــن بــن مرشــحي االحــزاب ‪ ،‬وقــد كان مــن حســن الطالــع أن جتمــع‬
‫اللجنــة املركزيــة علــى «الدكتــور املضواحــي» وهــو الــذي تنــازل عــن ترشــيح نفســه لصالــح‬
‫«مقبــل» مقابــل تعهــد مكتــوب تعهــد فيــه احلــزب يف التنســيق بــن احلزبــن يف االنتخابــات‬
‫احملليــة والبرملانيــة وضمــان إخــاء االشــتراكي لعــدد معــن مــن الدوائــر لصالــح التنظيــم‬
‫وبالــذات تلــك الدوائــر التــي ســبق وأن فــاز فيهــا «التنظيــم» ‪.‬‬

‫‪ -‬حزب احلق‪:‬‬

‫أمــا بالنســبة حلــزب احلــق فقــد كان التخــوف قائمــا مــن أن يؤثــر وضعــه التنظيمــي‬
‫املضطــرب علــى موقفــه مــن االنتخابــات أوالً ومــن تســمية مرشــح املعارضــة ثانيـاً‪ ،‬وبالفعــل‬
‫فلــوال غيــاب األمــن العــام للحــزب العالمــة‪ /‬أحمــد محمــد الشــامي طــوال مراحــل‬
‫االنتخابــات وبقائــه يف قريتــه‪ ،‬بعيــداً عــن ضغوطــات القيــادة السياســية املباشــرة واجلهــود‬
‫التــي بذلهــا الشــهيد عبــد الكــرمي اخليوانــي الــذي كان يديــر احلــزب يف غيــاب الشــامي‪.‬‬

‫ومســارعته لتقــدمي القاضــي صــاح فليتــه مرشــحا رئاســيا ومــن ثــم تنــازل االخيــر عــن‬
‫ترشــيح نفســه لصالــح مرشــح احلــزب واملعارضــة االســتاذ علــى صالــح عبــاد «مقبــل» لــكان‬
‫مــن الصعوبــة أن تصــل املعارضــة «اخلمســة األحــزاب» إلــى موقــف موحــد مــن االنتخابــات‪،‬‬
‫وقــد تأكــد فيمــا بعــد أن القيــادة السياســية للســلطة احلاكمــة كانــت تراهــن حتــى اللحظــات‬
‫األخيــرة علــى إمكانيــة انقســام مجلــس التنســيق األعلــى‪ ،‬معتمــدة علــى إمكانيــة تغييــر‬

‫‪109‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫مواقــف قيادتــي «الناصــري واحلــق» لصالــح النــزول بأكثــر مــن مرشــح باســم املعارضــة‪،‬‬
‫وعندمــا لــم يحصــل هــذا االنقســام كان ذلــك أحــد عوامــل إقصــاء مرشــح املعارضــة‪.‬‬

‫‪ -‬احتاد القوى الشعبية‪:‬‬

‫أمــا بالنســبة ملوقــف احتــاد القــوى الشــعبية فقــد كان واضحـاً منــذ البدايــة أنــه ســيقف إلى‬
‫جانــب املعارضــة يف مجلــس التنســيق ومــع أي قــرار مشــترك قــد تصــل إليــه خصوصـاً وقــد‬
‫عــرف أمينــه العــام األســتاذ‪ /‬إبراهيــم بــن علــي الوزيــر كأحــد الشــخصيات اليمنيــة التــي‬
‫تعمــل علــى توحيــد موقــف املعارضــة للنظــام وضــرورة تعاونهــا وتنــازل بعضهــا لبعــض مــن‬
‫ناحيــة وبســبب الثنائــي القيــادي للحــزب آنــذاك – املناضلــن محمــد الرباعــي – محمــد‬
‫عبــد امللــك) وقــد كانــا االكثــر حماســة بــن كل قيــادات املعارضــة للمشــاركة النضاليــة عبــر‬
‫االنتخابــات ولذلــك فقــد كان مــن الصعوبــة مبــكان املراهنــة علــى مواقــف بعــض القيــادات‬
‫املقربــة مــن النظــام يف االحتــاد للتأثيــر ســلباً علــى موقــف املعارضــة وهــو مــا لــم يحصــل‬
‫ا خصوصــاً بعــد أن اعتــذر األســتاذ محمــد عبــد الرحمــن الرباعــي الــذي طــرح‬ ‫أصــ ً‬
‫اســمه مــن قبــل صحيفــة الشــورى وبعــض قيــادات االحتــاد كأحــد املرشــحني إلــى مجلــس‬
‫التنســيق‪.‬‬

‫‪ -‬حزب البعث القومي‪:‬‬

‫ونأتــي إلــى موقــف حــزب البعــث بزعامــة الدكتــور قاســم ســام ونقــول إن الدكتــور قاســم‬
‫ســام نفســه لعــب دوراً هامـاً يف التقريــب بــن وجهتــي نظــر االشــتراكي والناصــري حــول‬
‫اســم املرشــح املتفــق عليــه لكنــه عــاد بعــد ذلــك وتراجــع عــن موقــف مجلــس التنســيق مــن‬
‫عــدم املشــاركة يف االنتخابــات بعــد حجــب مجلــس النــواب التزكيــة عــن مرشــح املعارضــة‬
‫الوحيــد «مقبــل» ‪.‬اي انــه ظــل مــع املشــاركة حتــى بعــد حجــب املرشــح الوحيــد للمعارضــة !‬

‫‪110‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫(مقبل) مرشحا للمعارضة واالصالح وصالح يرفضان ‪! ...‬‬

‫واملهــم يف كل هــذا هــو أن أحــزاب مجلــس التنســيق اخلمســة قــد اتفقــت فيمــا بينهــا عمومـاً‬
‫ووقعــت كل حــزب علــى حــده وبــن كل حــزب وآخــر (ثنائــي وجماعــي) علــى اتفــاق سياســي‬
‫هــام وغيــر مســبوق ولــم يعلــن عنــه إال فيمــا بعــد إقصــاء مرشــحها‪ ،‬وقــد تضمــن ذلــك‬
‫االتفــاق علــى عــدد مــن البنــود أهمهــا‪:‬‬

‫‪1.1‬اعتمــاد األســتاذ علــي صالــح عبــاد «مقبــل» األمــن العــام للحــزب االشــتراكي اليمنــي‬
‫كمرشــح وحيــد ألحــزاب مجلــس التنســيق يف االنتخابــات الرئاســية وتنــازل مبوجــب‬
‫هــذا االتفــاق كل مــن عبــد القــدوس املضواحــي «الناصــري» والقاضــي صــاح فليتــه‬
‫«احلــق» لصاحلــه‪،‬‬

‫‪2.2‬عــدم اعتمــاد برنامــج احلــزب االشــتراكي االنتخابــي واالتفــاق علــى برنامــج انتخابــي‬
‫ملرشــح املجلــس يتضمــن أهــم القضايــا ألحــزاب املعارضــة مجتمعــة وتقــوم بإعــداده‬
‫جلنــة مختصــة مــن املجلــس‪.‬‬

‫‪3.3‬تشــكيل جلنــة سياســية مــن كبــار قيــادات أحــزاب املجلــس إلدارة احلملــة االنتخابيــة‬
‫للمرشــح والنــزول امليدانــي إبــان الدعايــة االنتخابيــة ‪.‬‬

‫‪4.4‬عــدم إعطــاء مرشــح املجلــس احلــق يف اتخــاذ أي موقــف ســلبي مــن االنتخابــات إال‬
‫ـال مــن األحــوال االنســحاب منهــا‬
‫بالتشــاور مــع أحــزاب املجلــس وال يجــوز لــه بــأي حـ ٍ‬
‫إال إذا اعترضــت املعارضــة ظــروف قاهــرة متنعهــا مــن مواصلــة الســير يف العمليــة‬
‫االنتخابيــة إلــى نهايتهــا كحجــب التزكيــة عــن مرشــح املجلــس مث ـ ً‬
‫ا‪.‬‬

‫‪5.5‬اإلشــراف علــى جميــع التبرعــات وصــرف األمــوال اخلاصــة بالدعايــة االنتخابيــة‬


‫واللجــان الرقابيــة مــن قبــل مجلــس التنســيق أي أن االشــتراكي غيــر مخــول التصــرف‬
‫بأمــوال احلملــة االنتخابيــة مبفــرده‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫واذا كان هــذا االتفــاق غيــر املعلــن قــد مثــل أحــد العوامــل األساســية التفــاق املعارضــة‬
‫علــى دخــول االنتخابــات الرئاســية مبرشــح واحــد ميثلهــا جميعـاً‪ ،‬غيــر أنــه لــم يكــن العامــل‬
‫الوحيــد فقــد كانــت هنالــك عوامــل وأســباب ال تقــل أهميــة عنــه ومنهــا‪:‬‬

‫‪1.1‬تأكــد للمعارضــة وبعــد عامــن مــن قــرار مقاطعــة االشــتراكي لالنتخابــات النيابيــة‪97‬م‬
‫فشــل سياســة املقاطعــة الســلبية «سياســياً وحزبيـاً»‪ ،‬وبالتالــي تعــدل مــزاج العديــد مــن‬
‫قــادة االشــتراكي واملعارضــة ‪ ،‬وتغيــر موقفهــم باجتــاه املشــاركة والنشــاط العــام وقــد‬
‫كان ملوقــف األمــن العــام للحــزب االشــتراكي «مقبــل» الــدور احلاســم يف هــذا االجتــاه‪،‬‬
‫وقــد لعبــت الكتابــات والتحليــات والتنظيــرات العديــدة حــول أهميــة االنتخابــات دوراً‬
‫ا ومؤثــراً يف تعديــل الــرأي العــام والــرأي احلزبــي وتوحيــد صفــوف املعارضــة‬ ‫فاع ـ ً‬
‫باجتــاه املشــاركة يف االنتخابــات‪.‬‬

‫‪2.2‬لعبــت بعــض قيــادات االشــتراكي يف اخلــارج دوراً مهمـاً يف وصــول احلــزب إلــى قــرار‬
‫مشــاركة احلــزب يف االنتخابــات ‪ ،‬ومنهــم االخــوة ياســن ســعيد نعمــان‪ ،‬وحيــدر أبــو‬
‫بكــر العطــاس‪ ،‬ســالم صالــح محمــد‪ ،‬محمــد ســعيد عبــد اهلل «محســن»‪ ،‬عبــد العزيــز‬
‫الدالــي‪ ،‬وأبــو بكــر باذيــب ‪ ..‬وغيرهــم ‪ .‬فضــا عــن ادوار كل مــن جــار اهلل عمــر‬
‫واالمــن العــام للحــزب علــي صالــح عبــاد «مقبــل» احملــوري يف الوصــول الــى هــذا‬
‫القــرار يف الداخــل ‪.‬‬

‫‪3.3‬كان لالتفــاق املوقــع بــن قيــادات مجلــس التنســيق لبرنامــج العمــل السياســي لعــام ‪97‬م‬
‫والــذي تضمنــت إحــدى فقراتــه أهميــة التنســيق بــن هــذه األحــزاب يف أي انتخابــات‬
‫قادمــة‪ ،‬دور يف وصــول هــذه األحــزاب إلــى القــرار األخيــر وكان هــذا البنــد غيــر املعلــن‬
‫يتضمــن اتفــاق ســري بــن االشــتراكي والناصــري علــى عــدم منافســة االخيــر مــن قبــل‬
‫االول يف ثــاث دوائــر انتخابيــة فــاز يف اثنتــان منهــا يف انتخابــات ‪2003‬م البرملانيــة‬
‫ورفضــت قيــادة احلــزب احملليــة التنــازل عــن الثالثــة يف يافــع وهــي الدائــرة التــي فــاز‬
‫بهــا الناصــري بالتنســيق مــع االشــتراكي يف ‪1997‬م التــي قاطعهــا احلــزب ‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫‪4.4‬إعــان اإلصــاح ومنــذ وقــت مبكـ ٍـر نســبياً وقوفــه إلــى جانــب مرشــح املؤمتــر الشــعبي‬
‫العــام ‪ ،‬هــو اآلخــر وبطريقــة غيــر مباشــرة ســاهم يف وصــول املعارضــة إلــى قــرار‬
‫مشــترك حيــث قطــع هــذا املوقــف علــى مــن كانــوا يراهنــون مــن قــادة املعارضــة علــى‬
‫إمكانيــة املســاومة مــع األخ رئيــس اجلمهوريــة مــن جهــة‪ ،‬وأشــعر املعارضــة مــن جهــة‬
‫أخــرى بأهميــة وجــود اصطفــاف سياســي جــاد للمعارضــة علــى أســاس برامجــي‬
‫مقابــل االصطفــاف السياســي واالجتماعــي القائــم بــن أحــزاب الســلطة أو القريبــة‬
‫منهــا ‪.‬‬

‫الرد على تهمة تبييت املؤامرة !‬

‫مــن خــال هــذا الســرد املســهب حــول تطــورات مواقــف املعارضــة يف مجلــس التنســيق‬
‫حــول االنتخابــات الرئاســية منــذ بدايــة احلديــث عنهــا حتــى إقصــاء مرشــحها عــن الســباق‬
‫الرئاســي يف ‪1999/7/21‬م ميكــن اســتخالص احلقائــق أو النتائــج اآلتيــة ‪:‬‬

‫‪1.1‬أن املعارضــة اليمنيــة ممثلــة بأحــزاب مجلــس التنســيق ‪ ،‬وبالقــدر الــذي أدى قرارهــا‬
‫باملشــاركة يف االنتخابــات ارتياحـاً واســعاً لــدى أنصــار املعارضــة يف عمــوم محافظــات‬
‫اجلمهوريــة إال أن هــذا القــرار لــم تصــل إليــه بســهولة ‪.‬‬

‫وقــد ظهــر ذلــك اإلجهــاد يف صفوفهــا واضح ـاً حــن بــدت مربكــة ومشوشــة الرؤيــة‬
‫وغيــر قــادرة علــى القيــام بــأي نشــاط سياســي فعــال ومؤثــر بعــد إقصــاء مرشــحها عــن‬
‫الســباق الرئاســي‪ ،‬وفشــلها بعــد ذلــك يف الوصــول إلــى اتفــاق عمــل مشــترك حلشــد‬
‫طاقاتهــا وجهــود أنصارهــا باجتــاه تنفيــذ قرارهــا بعــدم املشــاركة يف االنتخابــات بعــد‬
‫اقصــاء مرشــحها‪.‬‬

‫‪2.2‬أن قيــادات املعارضــة والشــخصيات السياســية والفكريــة والقانونيــة التــي بذلــت‬


‫جهــوداً مضنيــة مــن أجــل الوصــول إلــى قرارهــا السياســي الهــام حــول املشــاركة كانــت‬
‫بذلــك تؤكــد جديتهــا ومصداقيتهــا الكاملــة يف الســير بالعمليــة االنتخابيــة إلــى نهايتهــا‬

‫‪113‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫والعتبــارات سياســية واجتماعيــة وحزبيــة ســبق اإلشــارة إليهــا‪ .‬وبالتالــي فلــم يكــن‬
‫صحيحـاً البتــة القــول يف أن املعارضــة كانــت «تبيــت» قــرار االنســحاب مــن االنتخابات‬
‫يف اللحظــة األخيــرة كمــا أشــيع عنهــا فيمــا بعــد كمبــرر لعــدم تزكيــة مرشــحها‪،‬‬

‫‪3.3‬يف االجتــاه نفســه فــإن ســفر األمــن العــام للحــزب االشــتراكي إلــى عــدد مــن العواصــم‬
‫العربيــة وبريطانيــا وإجــراء حــوارات مكثفــة مــع قــادة االشــتراكي واملعارضــة يف‬
‫اخلــارج باإلضافــة إلــى ســفر عــدد آخــر مــن قــادة املعارضــة لــم يكــن الهــدف منهــا‬
‫جميع ـاً حبــك خيــوط «مؤامــرة» داخليــة وإقليميــة ودوليــة تســتهدف النظــام القائــم‬
‫كمــا تســتهدف الشــرعية الدســتورية ‪ ،‬كمــا أشــيع بعــد ذلــك ؛ لتبريــر قــرار إقصــاء‬
‫ـدر معقــول‬
‫املعارضــة عــن الســباق الرئاســي ‪ .‬وإمنــا كان الهــدف منــه الوصــول إلــى قـ ٍ‬
‫مــن اإلجمــاع حــول املشــاركة يف االنتخابــات الرئاســية وهــو مــا حتقــق‪.‬‬

‫‪4.4‬إنــه وبالقــدر الــذي كانــت تضغــط املعارضــة سياســياً ومــن خــال مواقفهــا املعلنــة ‪،‬‬
‫ومــن ذلــك الضغــط باجتــاه تصحيــح قوائــم الناخبــن وحــل مشــكلة النــص الدســتوري‬
‫اخلــاص بضــرورة حصــول أي مرشــح علــى نســبة ‪ %10‬مــن أصــوات أعضــاء مجلــس‬
‫النــواب ‪،‬‬

‫إال أن املعارضــة كانــت تعــي أن الدخــول مــع الســلطة التنفيذيــة يف حــوار «تفاوضــي» حــول‬
‫تزكيــة مرشــحها مــن قبــل أعضــاء احلــزب احلاكــم يف مجلــس النــواب ســيعني بالضــرورة‬
‫تقــدمي «تنــازالت» كبيــرة انتخابيــة وسياســية بينهــا التفــاوض علــى شــخص «املرشــح»‬
‫وطبيعــة البرنامــج واخلطــاب االنتخابــي أثنــاء احلملــة الدعائيــة وهــو مــا كانــت تتمنــاه‬
‫الســلطة كشــرط ملنــح التزكيــة ملرشــح املعارضــة ومبــا يفقــد املعارضــة جديتهــا ويفقــد‬
‫االنتخابــات الرئاســية ذاتهــا معناهــا‪ ،‬حيــث ســتبدو للــرأي العــام كانتخابــات شــكلية متفــق‬
‫علــى نتائجهــا وطبيعتهــا ســلفاً ولذلــك قبلــت املعارضــة اقصــاء مرشــحها بــدال مــن ان‬
‫تتنــازل او تســاوم علــى طبيعــة اخلطــاب او البرنامــج االنتخابــي ‪.‬‬

‫وباملقابــل فقــد راهنــت املعارضــة علــى عوامــل أخــرى منهــا مضمــون الدســتور نفســه‬
‫الــذي تنــص عــدد مــن نصوصــه علــى أن تكــون االنتخابــات الرئاســية تنافســية مــا يعنــي‬

‫‪114‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫أن التنافــس ســيكون بــن أطــراف وبرامــج متعارضــة‪ ،‬واعتقادهــا أن ذلــك التنافــس لــن‬
‫يتحقــق إال مبشــاركة املعارضــة فيهــا ‪ ،‬كمــا أنهــا راهنــت علــى أن الســلطة ســبق وأن أعلنــت‬
‫اســتعدادها منــح املعارضــة قــرار التزكيــة كحــق دســتوري لهــا وليــس كهبــة أو صدقــة كمــا‬
‫صــرح أحــد مســئولي املؤمتــر الشــعبي العــام ‪.‬‬

‫تلــك هــي خالصــة مواقــف املعارضــة اليمنيــة يف مجلــس التنســيق األعلــى حتــى إقصــاء‬
‫مرشــحها عــن الســباق الرئاســي يف ‪1999/7/21‬م مــن قبــل كتلتــي االصــاح واملؤمتــر‬
‫مبجلــس النــواب ‪.‬‬

‫ثاني ًا ‪ :‬موقف التجمع اليمني لإلصالح‬

‫لــم يكــن اإلصــاح مثلــه مثــل بقيــة األطــراف السياســية األخــرى والــرأي العــام الداخلــي‪،‬‬
‫مهتمـاً باالســتحقاق الرئاســي يف بدايــة األمــر‪ ،‬وقــد ظــل هــذا املوقــف كمــا هــو بــدون تغييــر‬
‫إلــى أن بــدأت أحــزاب املعارضــة األخــرى تطــرق املوضــوع وتنفعــل بــه ســلباً وإيجاب ـاً مــن‬
‫خــال احلــوار الداخلــي يف صفوفهــا أو عبــر الصحافــة والنــدوات السياســية التــي أشــرنا‬
‫إليهــا آنفـاً‪،‬‬

‫ميكــن القــول أن عــدم اهتمــام اإلصــاح بالســباق الرئاســي يعــود إلــى أســباب عــدة‪،‬‬
‫منهــا‪-:‬‬

‫ •أنــه ويف ســياق تاريــخ االصــاح يف عالقتــه بنظــام الرئيــس صالــح اوال وكمــا يظهــر‬
‫مــن بياناتــه ومبواقفــه لــم يكــن فقــط يــرى بــأن التنافــس علــى منصــب الرئاســة أمــر‬
‫ســابق ألوانــه يف الدميقراطيــة اليمنيــة الناشــئة وحســب ‪ ،‬بــل وألن عالقتــه التاريخيــة‬
‫والدينيــة بالرئيــس صالــح ويف مثــل هــذه املنعطفــات االســتراتيجية الهامــة حتتــم أن‬
‫يقــف إلــى جانــب القيــادة السياســية ممثلــة بــاألخ رئيــس اجلمهوريــة حرصــاً علــى‬
‫عــدم تعكيــر العالقــات بينهمــا أو ظهــور أي موقــف مــن قبــل االصــاح قــد يســيء إلــى‬
‫هــذه العالقــة «االســتراتيجية» والتاريخيــة بينهمــا معزيــة أي خالفــات قــد تنســب الــى‬

‫‪115‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫حــزب املؤمتــر الشــعبي ال الــى رئيــس املؤمتــر الشــعبي الــذي هــو رئيــس للجميــع او‬
‫للحزبــن بنظرهــم !‬

‫ولذلــك ومــا إن بــدأ الشــارع السياســي يتحــدث عــن مضامــن بعــض خطــب الشــيخ عبــد‬
‫املجيــد الزندانــي «املثيــرة» حــول االنتخابــات الرئاســية ‪ ،‬والتــي طــرح يف بعضهــا أهميــة‬
‫املشــاركة يف االنتخابــات إيجابي ـاً مــن خــال تقــدمي مرشــح آخــر منافــس ملرشــح الســلطة‬
‫القائمــة أو مرشــح احلــزب احلاكــم‪ ،‬ســرعان مــا ردت قيــادات اإلصــاح الفعليــة بإعــان‬
‫موقفهــا الصريــح (بــان الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح مرشــحنا وال نعــرف مــن هــو مرشــح‬
‫املؤمتــر !» نافي ـ ًة نفي ـاً قاطع ـاً إمكانيــة أن يقــدم اإلصــاح أو يدعــم أي مرشــح آخــر غيــر‬
‫الرئيــس صالــح ‪،‬‬

‫وإذا كان هــذا هــو موقــف اإلصــاح الثابــت مــن االنتخابــات الرئاســية ومــن عالقتــه برئيــس‬
‫اجلمهوريــة والــذي مت اإلعــان املبكــر عنــه حتــى قبــل أن جتتمــع هيئــات احلــزب (مجلــس‬
‫الشــورى) ‪.‬فــان التعجــل بإعــان هــذا املوقــف الصريــح دعمــا لترشــيح صالــح والــذي ورد‬
‫علــى لســان أكثــر مــن قيــادي كبيــر يف التجمــع اليمنــي لإلصــاح ‪ ،‬ومنهــم االخــوة محمــد‬
‫قحطــان رئيــس الدائــرة السياســية‪ ،‬ومحمــد اليدومــي األمــن العــام للتجمــع‪ ،‬والشــيخ‬
‫عبــداهلل رئيــس الهيئــة العليــا للتجمــع‪ ،‬يســتهدف حتقيــق عــدة أهــداف منهــا ‪- :‬‬

‫ •قطــع الطريــق علــى أي مزايــدات مــن قبــل احلــزب احلاكــم «املؤمتــر» حــول موقــف‬
‫اإلصــاح مــن األخ الرئيــس مــن جهــة ‪ ،‬والعمــل علــى إفشــال أي محاولــة قــد تقــرب‬
‫العالقــة بــن بعــض أحــزاب مجلــس التنســيق واألخ رئيــس اجلمهوريــة «خصوص ـاً أن‬
‫بعــض قيــادات مجلــس التنســيق مــن خــارج االشــتراكي كانــت تنــوي بالفعــل ترشــيح‬
‫الرئيــس مقابــل حتقيقــه لبعــض مطالبهــا كاملصاحلــة الوطنيــة واحلكــم احمللــي» ‪،‬‬
‫حيــث اعتقــد االصــاح ان كل ذلــك ســيكون علــى حســابه أو علــى حســاب عالقتــه‬
‫بالرئيــس ‪،‬‬

‫ •واألهــم مــن ذلــك هــو تأكيــد سياســة ثابتــة لــم تتغيــر بعــد ومضمونهــا أن التنافــس مــع‬
‫رئيــس اجلمهوريــة ســيكون لــه نتائــج خطيــرة وســتنعكس ســلباً علــى مكانــة ومواقــع‬

‫‪116‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫اإلصــاح يف بعــض مفاصــل الســلطة واحلكومــة‪ ،‬وبالتالــي اضعــاف التأثيــر الكبيــر لــه‬
‫مــن خــال هــذه املواقــع علــى الشــارع السياســي واملجتمــع ‪،‬‬

‫ • كان يــرى االصــاح حتــى ذلــك التاريــخ ان طموحاتــه يف املوضــوع الدميقراطــي ينبغــي‬
‫أن يقتصــر علــى البرملــان ال الرئاســة ويف املعارضــة لسياســات احلكومــة واحلــزب‬
‫احلاكــم والتفريــق دائمـاً بــن عالقتــه باحلكومــة واملؤمتــر مــن جهــة‪ ،‬وعالقتــه بالرئيــس‬
‫والســلطة احلاكمــة مــن جهــة أخــرى ‪،‬‬

‫أي أنــه اعتقــد يقينــا وألســباب موضوعيــة وذاتيــة ان موقفــه مــن الســباق الرئاســي بإعــان‬
‫ترشــيح صالــح قــد يكــون لهــا نتائــج ايجابيــة يف تســهيل حتقيــق الهــدف االهــم لــه يف تلــك‬
‫املرحلــة وهــو احلصــول علــى نســبة مقــدرة مــن مقاعــد مجلــس النــواب واملجالــس احملليــة‬
‫باعتبارهــا املواقــع املســموح التنافــس عليهــا يف الدميقراطيــة اليمنيــة يف املرحلــة اجلاريــة‬
‫علــى األقــل خصوصــا بعــد ان تبــن لإلصــاح خطــورة االبتعــاد يف عالقتــه بصالــح اثنــاء‬
‫االنتخابــات البرملانيــة التــي ســبقت الســباق الرئاســي بعامــن فقــط ‪،‬‬
‫واحلقيقــة ان االصــاح قــد اســتطاع أن يســتخدم وبنجــاح كبيــر موقفــه اإليجابــي مــن‬
‫ترشــيح الرئيــس باجتاهــن متوازيــن‪ .‬األول إيجابــي وهــو اســتخدامها كورقــة سياســية‬
‫للضغــط علــى احلــزب احلاكــم ورئيــس اجلمهوريــة يف اجتــاه حتقيــق مكاســب حزبيــة‬
‫واخــرى انتخابيــة بينهــا اصالحــات يف حتســن شــروط االنتخابــات عمومــا وتصحيــح قوائم‬
‫الناخبــن وزيــادة حصتــه يف اللجــان االنتخابيــة ‪ ،‬وهــو مــا حصــل عليــه إلــى حـ ٍـد كبيــر‪.‬‬
‫والثانــي ســلبي وهــو الضغــط باجتــاه إقصــاء مرشــح احلــزب االشــتراكي ومجلــس التنســيق‬
‫للمعارضــة عــن الســباق الرئاســي ومــن خــال مجلــس النــواب وكان ملوقفــه احلاســم يف‬
‫اقصــاء مرشــح احلــزب دور يف تغييــر موقــف بعــض قيــادات املؤمتــر التــي كانــت قــد وعــدت‬
‫(‪((4‬‬
‫بتزكيــة مرشــح املعارضــة كحــق مــن حقوقهــا الدســتورية‬

‫(‪ )49‬كان يعتقــد االصــاح – وهــو علــى حــق‪ -‬ان االشــتراكي سيســتعيد مكانتــه الشــعبية ومبــا يعيــده رقمــا ثانيــا مــن جديــد‬
‫بعــد حــزب صالــح بغــض النظــر عــن النتيجــة التــي كان يعــرف انهــا ستحســم لفــوز الرئيــس صالــح بهــذه الطريقــة او تلــك ولكنــه‬
‫كان يخشــى ان يســتعيد االشــتراكي عافيتــه وقــد جنــح يف ذلــك مــرة بأقصــاء مرشــح احلــزب للرئاســيات عــن التزكيــة املطلوبــة‬
‫يف البرملــان ومــرة يف شــل حركــة احلــزب داخــل املشــترك – الحقــا‪ -‬وعــدم متكينــه مــن ان يكــون غطــاء للحــراك اجلنوبــي الــذي‬
‫كان جســده الشــعبي مــن اعضــاء ومناصــري احلــزب وبــدات شــرارته االولــى يف احملافظــات اجلنوبيــة بعــد االنتخابــات الرئاســية‬
‫الثانيــة ‪2006‬م مباشــرة وكأحــد نتائجهــا بعــد ان تخلــت املعارضــة عــن نتيجــة بــن شــمالن رافضــة البنــاء عليهــا سياســيا ونضاليــا‬
‫مــا جعــل الوعــي الــذي خلفــه ترشــح بــن شــمالن يف كســر حاجــز اخلــوف مــن منافســة صالــح وكســر هيبتــه يذهــب باجتاهــات عــدة‬

‫‪117‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫االصالح يخشى بروز االشتراكي من جديد؟‬

‫لــم يكــن غريبــا علــى املراقــب للشــأن السياســي اليمنــي ان يبــادر االصــاح الــى اعــان‬
‫صالــح مرشــحا لــه يف الســباق الرئاســي وال حتــى مزايدتــه علــى حــزب صالــح نفســه‬
‫بتســاؤله التهكمــي «وال نعــرف مــن هــو مرشــح املؤمتــر!»‬

‫ولكــن مــا اثــار اســتغراب املراقبــن واســتياء احــزاب مجلــس التنســيق االعلــى للمعارضــة‬
‫هــو موقــف االصــاح الســلبي مــن التنافــس الرئاســي والرافــض وبشــدة ملنــح البرملــان‬
‫التزكيــة القانونيــة ملرشــح االشــتراكي وهــي التــي ال ميكــن احلصــول عليهــا اال مبوافقــة‬
‫قرابــة ‪29‬صوتــا برملانيــا ال متلكهــا املعارضــة يف مجلــس النواب‪7-‬مقاعــد فقــط هــي مقاعد‬
‫املعارضــة يف البرملــان حينهــا ) وميلكهــا واحــد مــن احلزبــن فقــط (االصــاح ‪54‬مقعــدا‬
‫واملؤمتــر ‪240‬مقعــدا) وهــو مــا رفضــه االصــاح بشــدة وبــدا ان املؤمتــر اكثــر مرونــة منــه‬
‫بهــذا اخلصــوص علــى االقــل يف بدايــة احلديــث عــن التزكيــة املطلوبــة مــن البرملــان !‬

‫وقــد لوحــظ امتعــاض قيــادات اإلصــاح مــن إجمــاع املعارضــة علــى مرشــح واحــد «اتفقــت‬
‫عليــه املعارضــة» يظهــر بوضــوح وبــدون رتــوش مــن خــال االســتقبال الفاتــر مــن قبــل‬
‫الشــيخ عبــد اهلل بــن حســن األحمــر رئيــس مجلــس النــواب حــن تقــدمي مرشــح املعارضــة‬
‫أوراق ترشــيحه بــل انــه حــاول إثنــاء بعــض الشــخصيات والقيــادات احلزبيــة عــن موقفهــا‬
‫املعلــن يف ترشــيح «مقبــل»‬
‫ليــس هــذا وحســب بــل ان الشــروط غيــر القانونيــة التــي وضعتهــا هيئــة رئاســة مجلــس‬
‫النــواب اخلاصــة بإجــراءات التصويــت العلنــي لتزكيــة املرشــحني‪ ،‬كانــت تســتهدف إقصــاء‬
‫مرشــح املعارضــة بــكل الوســائل والطــرق ‪ ،‬مبــا يف ذلــك وضــع شــروط معينــة أكــد العديــد‬
‫مــن القانونيــن أنهــا غيــر قانونيــة ومنهــا إلــزام عضــو مجلــس النــواب علــى تزكيــة مرشــح‬
‫واحــد فقــط وهــو مالــم ينــص عليــه القانــون والدســتور والزامهــم باظهــار خياراتهــم ملــن‬
‫صوتــوا يف التزكيــة علنــا شــرط اخــر اســتهدف منــع أي عضــو يف كتلتــي االصــاح واملؤمتــر‬
‫التصويــت ملرشــح املعارضــة‪.‬‬

‫خارج النظام السياسي ولصالح قوى جديدة من خارجه بينها احلراك اجلنوبي وحركة االنصار يف صعدة‬

‫‪118‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫واحلقيقــة إن ضغوطـاً كبيــرة كانــت قــد مارســتها قيــادات اإلصــاح علــى أعضــاء حزبهــا‬
‫يف مجلــس النــواب باجتــاه حجــب التزكيــة عــن مرشــح املعارضــة‪ ،‬وأكــد ذلــك عــدم حصــول‬
‫مرشــح املعارضــة علــى أي صــوت مــن أصــوات اإلصــاح يف املجلــس‪.‬‬

‫وقــد كان اإلصــاح مبوقفــه الســلبي هــذا علــى حــق إذا مــا نُظــر إليــه مــن خــال مصلحــة‬
‫اإلصــاح السياســية والشــعبية‪ ،‬فقــد كانــت قيادتــه علــى يقــن أن وقــوف أحــزاب مجلــس‬
‫التنســيق أمــام السياســات القائمــة مــن خــال تقدميهــا مرشــحاً جديــاً للتنافــس علــى‬
‫أخطــر وأهــم املواقــع الســيادية ســيعتبر موقفــاً شــجاعاً أمــام الــرأي العــام ‪ ،‬وســيمنح‬
‫املعارضــة تأييــداَ شــعبياً واســعاً وســينعكس ســلباً علــى شــعبية االصــاح حيــث ســينظر‬
‫ـوال» لــكل السياســات واإلجــراءات األمنيــة واالقتصاديــة‬
‫النــاس الــى االصــاح كحــزب «مـ ٍ‬
‫والسياســية التــي يرفضهــا عمــوم الشــعب ‪.‬‬

‫ثــم إن املعارضــة ومــن خــال هــذه االنتخابــات ســتحصل علــى املوقــع الثانــي تلقائي ـاً –يف‬
‫ظــل غيــاب مرشــح اإلصــاح‪ -‬مــن حيــث عــدد األصــوات‪ ،‬وهــو مــا لــم يكــن مــن الســهل‬
‫القبــول بــه حيــث يحــرص اإلصــاح وباســتمرار علــى احتــكار املوقــع الثانــي بعــد املؤمتــر‬
‫الشــعبي العــام يف اخلارطــة السياســية واحلزبيــة ‪.‬‬

‫لقــد نظــر االصــاح الــى عــودة االشــتراكي الــى الســاحة مــن خــال مرشــحه مقبــل وامكانية‬
‫احتشــاد النــاس حولــه يف املهرجانــات االنتخابيــة وطرحــه لقضايــا الوطــن العالقــة منــذ مــا‬
‫بعــد حــرب صيــف ‪٩٤‬م مــن منظــور حزبــي بحــت ومــن منظــار مصلحتــه كحــزب وجماعــة‬
‫دينيــة ‪-‬يف اخلارطــة السياســية ال مــن منظــور وطنــي ومــا ميكــن ان يســهم عــودة االشــتراكي‬
‫واملعارضــة الــى احليــاة السياســية بقــوة مــن دور كبيــر يف مللمــة جراحــات الوحــدة الوطنيــة‬
‫وشــروخها التــي لــم تغلــق بعــد منــذ حــرب صيــف ‪94‬م كمــا لــم يــراع مصلحــة النظــام‬
‫الدميقراطــي واالســتقرار السياســي التــي ميكــن ان تؤســس لهــا االنتخابــات الرئاســية ‪.‬‬

‫كان االصــاح يعــي متامــا ان مرشــح االشــتراكي لــن يكســب الســباق الرئاســي يف تلــك‬
‫الــدورة ولــن تســمح بذلــك ال ظــروف احلــزب وال ســطوة الدولــة ان يحقــق حتــى نســبة‬
‫ال‪ %40‬مــن اصــوات الناخبــن ولكنــه كان يخشــى ان يعــود االشــتراكي الــى الســاحة‬

‫‪119‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫السياســية والوطنيــة بقــوة بعــد هــذا االســتحقاق اذ انــه وأيــا كانــت النســبة التــي ســيحصل‬
‫عليهــا ســتعيده رقمــا ثانيــا يف اخلارطــة السياســية اليمنيــة وســتعيد االصــاح الــى املرتبــة‬
‫الثالثــة ورمبــا خســر اكثــر مــن ذلــك بظهــوره مؤيــداً ملرشــح احلــزب احلاكــم وضــداً للتنافــس‬
‫الدميقراطــي بــن االحــزاب‪.‬‬

‫فضــا ان املهرجانــات االنتخابيــة ستســهل للمعارضــة عــرض كل قضاياهــا للــرأي العــام‬


‫وكشــف الفســاد واالســتبداد لنظــام حتالــف حــرب ‪94‬م ومــا عــرف بنظــام ‪7‬يوليــو وهــو‬
‫اهــم دوافــع االشــتراكي للتنافــس الرئاســي وكان ال بــد خلصمــه التاريخــي ممثــا بجماعــة‬
‫االخــوان ان يحرمــه مــن كل هــذا وهــو مــا حصــل فعــا وبــدون معرفــة هــذه احليثيــات‬
‫يصعــب علــى أي مراقــب سياســي تفســير موقــف االصــاح الرافــض تزكيــة مرشــح احلــزب‬
‫واملعــارض ‪.‬‬

‫موقف املؤمتر الشعبي العام‬

‫ينبغــي مالحظــة أن التجاهــل والالمبــاالة التــي ظهــرت علــى مواقــف املؤمتــر الشــعبي‬
‫العــام والقيــادات السياســية للســلطة التنفيذيــة جتــاه أول انتخابــات تنافســية مباشــرة‬
‫وبالــذات يف بدايــة العــام االنتخابــي‪ ،‬لــم يكــن لألســباب ذاتهــا التــي حــددت مواقــف أحــزاب‬
‫املعارضــة يف بدايــة االنتخابــات ‪،‬‬

‫وقــد يكــون عــدم إعــان الســلطة موقفهــا منــذ وقـ ٍـت مبكــر‪ ،‬عائــد إلــى أن أنهــا قــد رأت أن‬
‫ـكان آخــر‪ ،‬غيــر أن هــذا‬
‫ليــس مــن مصلحتهــا فتــح هــذا امللــف قبــل أوانــه كمــا أشــرنا يف مـ ٍ‬
‫ا‪ ،‬فمــا أن طــرح املوضــوع مــن قبــل املعارضــة وعــدد مــن الصحفيــن‬ ‫التجاهــل لــم يــدم طويـ ً‬
‫والك َّتــاب والقانونيــن يف النــدوة التــي عقدتهــا «الوحــدوي» يف ‪98/10/29‬م حتــى بــدأت‬
‫اإلشــارات اإلعالميــة والتحــركات السياســية جتــاه املوضــوع االنتخابــي تتوالــى مــن قبــل‬
‫مســئولي الدولــة وزعمــاء املؤمتــر الشــعبي العــام‪،‬‬

‫وكانــت جميعهــا تشــير إلــى ترحيــب الســلطة مبشــاركة املعارضــة فيهــا والعمــل علــى تســهيل‬
‫وتذليــل كل الصعــاب التــي قــد تعتــرض هــذه املشــاركة الهامــة والضروريــة بالنســبة لهــا «أو‬

‫‪120‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫هكــذا ظهــر األمــر» ومــن ذلــك تصريحــات رئيــس اجلمهوريــة التــي تكــررت أكثــر مــن مــرة‬
‫حــول إمكانيــة تعديــل الدســتور وإلغــاء النــص الدســتوري اخلــاص بضــرورة حصــول مرشــح‬
‫املعارضــة علــى نســبة ‪ %10‬مــن األصــوات يف مجلــس النــواب ‪.‬‬

‫ففــي املؤمتــر الصحفــي الــذي عقــده رئيــس اجلمهوريــة يف مدينــة عــدن صــرح بقولــه‬
‫‪»:‬نحــن نبحــث عــن املســتقبل وســنتخذ إجــراءات تضمــن إجــراء انتخابــات رئاســية يف ظــل‬
‫تكافــؤ الفــرص بــن اجلميــع وحتــى يكــون لالنتخابــات الرئاســية طعمـاً وأهميــة ‪ ،‬فنحــن ال‬
‫نريــد أن تكــون االنتخابــات الرئاســية هــي انتخابــات ‪! . « %99‬‬

‫ويف ســؤال عــن مــدى وجــود اجتــاه إلجــراء تعديــات دســتورية أضــاف الرئيــس ‪« :‬إذا متــت‬
‫هــذه اإلصالحــات فلــن يكــون بإمــكان أي حــزب لــه األغلبيــة يف البرملــان أن يفــرض مرشــحه‬
‫دون غيــره ‪ ،‬بــل أن مــن حــق كل حــزب أن يقــدم مرشــحه وكذلــك املســتقلني بغــض النظــر‬
‫عــن نســبته يف البرملــان» ! ‪.‬‬

‫ثــم جــاءت موافقــة رئيــس اجلمهوريــة يف اجتماعــه مــع أمنــاء األحــزاب وأعضــاء اللجنــة‬
‫العليــا لالنتخابــات علــى زيــادة نســبة أعضــاء أحــزاب املعارضــة يف اللجــان االنتخابيــة إبــان‬
‫مرحلتــي التســجيل واالقتــراع واملوافقــة علــى تصحيــح قوائــم الناخبــن وشــطب األســماء‬
‫املكــررة والوهميــة مــن قوائــم الناخبــن لألعــوام [‪1999/97/93‬م ] لتصــب جميعهــا يف‬
‫اخلانــة نفســها أي خانــة تســهيل الصعــاب التــي قــد حتــول دون مشــاركة املعارضــة يف‬
‫االنتخابــات الرئاســية‪،‬‬

‫وبالفعــل فقــد أفضــى هــذا االتفــاق الــذي أشــرف عليــه رئيــس اجلمهوريــة إلــى موافقــة‬
‫أحــزاب املعارضــة والتجمــع اليمنــي لإلصــاح علــى تســمية أعضائهــا يف اللجــان بعد أن كاد‬
‫اخلــاف مــع اللجنــة العليــا لالنتخابــات حــول هــذا األمــر أن يــؤدي إلــى رفــض املعارضــة‬
‫املشــاركة يف اللجــان االنتخابيــة‪،‬‬

‫ومــع أن موضــوع التعديــل الدســتوري قــد مت التغاضــي عنــه بعــد ذلــك رمبــا لعــدم توفــر‬
‫الوقــت الــكايف إلجــراء اســتفتاء شــعبي علــى هــذه التعديــات إال أن تأكيــد كبــار مســئولي‬
‫الدولــة واملؤمتــر الشــعبي العــام حــول التزامهــم منــح مرشــح املعارضــة قــرار التزكيــة مــن‬

‫‪121‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫قبــل مجلــس النــواب قــد جــاءت كمــا يبــدو كبديــل للتعديــات الدســتورية أو هكــذا فهــم‬
‫األمــر مــن قبــل البعــض‪.‬‬

‫حيــث أكــد الدكتــور عبــد الكــرمي اإلريانــي رئيــس الــوزراء األمــن العــام للمؤمتــر الشــعبي‬
‫العــام أن إجــازة مرشــح املعارضــة واالشــتراكي حتديــداً هــو حــق دســتوري لــه وواجــب‬
‫دســتوري وقانونــي علــى أعضــاء مجلــس النــواب» وكان بذلــك التصريــح الواضــح والــذي‬
‫نشــر يف صحيفــة الشــرق االوســط اللندنيــة يــرد علــى تصريحــات لوزيــر خارجيتــه باجمــال‬
‫الــذي أشــار إلــى أن إجــازة مرشــح املعارضــة مــن قبــل كتلــة املؤمتــر يف مجلــس النــواب إمنــا‬
‫هــي «صدقــة» أو «ســلفة» للمعارضــة‪ ،‬وهــي التصريحــات التــي أثــارت لغط ـاً يف الوســط‬
‫السياســي ولــدى أحــزاب املعارضــة بالــذات ‪.‬‬

‫لقــد تغيــر موقــف الســلطة فيمــا بعــد مــن موضــوع مشــاركة املعارضــة يف االنتخابــات‬
‫ووصــل ذروتــه حــن مت إقصــاء مرشــح املعارضــة عــن الســباق الرئاســي يف ‪1999/7/21‬م‬
‫وبقــرار سياســي مباشــر مــن قبــل القيــادة العليــا لكتلتــي املؤمتــر الشــعبي العــام والتجمــع‬
‫اليمنــي لإلصــاح داخــل مجلــس النــواب ‪.‬‬

‫وهنــا يطــرح الســؤال نفســه ‪ :‬ملــاذا تغيــر موقــف القيــادة السياســية للســلطة احلاكمــة‬
‫واملؤمتــر الشــعبي العــام جتــاه االنتخابــات الرئاســية التنافســية وضــرورة مشــاركة املعارضــة‬
‫فيهــا ؟!!‬

‫ومــا هــي الظــروف واألســباب التــي دفعــت باجتــاه قــرار الســلطة الســلبي مــن الدميقراطيــة‬
‫االنتخابيــة‪ ،‬بعــد أن كان هنــاك بــوادر «حســن نيــة» جتــاه األطــراف السياســية األخــرى ‪ .‬؟‬

‫ملاذا تغير موقف السلطة من تزكية مرشح االشتراكي للرئاسة؟‬

‫غيــر أن الــذي تبــن فيمــا بعــد هــو أنــه وبقــدر رغبــة القيادة السياســية يف مشــاركة األحزاب‬
‫األخــرى يف هــذه االنتخابــات لألســباب اآلنفــة الذكــر‪ ،‬يف الوقــت الــذي مــا كان للســلطة أن‬
‫تغامــر يف املضــي بهــذا اخليــار اخلطيــر دون أن تضمــن نتائجــه الكاملــة لصاحلهــا‪،‬‬

‫‪122‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫ومــا لــم تكــن مشــاركة االشــتراكي وأحــزاب مجلــس التنســيق وفقـاً لشــروط معينــة تضعهــا‬
‫الســلطة‪ ،‬فســيكون مــن الصعــب قبــول مرشــح االشــتراكي يف ظــروف تبــدو خطيــرة مــن‬
‫وجهــة نظــر الســلطة ‪.‬‬

‫ومــن أجــل ذلــك فقــد كانــت رغبــة الرئيــس صالــح أن يكــون هنالــك نــوع مــن االتفــاق‬
‫السياســي مــع املعارضــة يف مجلــس التنســيق حــول شــخص املرشــح ومضامــن البرنامــج‬
‫االنتخابي الذي يحمله‪ ،‬وكذلك ســقف اخلطاب الدعائي الذي ســيطرحه املرشــح املنافس‬
‫أمــام جماهيــر الناخبــن أثنــاء احلملــة االنتخابيــة يف مقابــل منــح مرشــح املعارضــة لقــرار‬
‫التزكيــة مــن قبــل كتلتــي املؤمتــر واإلصــاح يف البرملــان‪ ،‬وقــد مت التعبيــر عــن هــذه الرغبــة‬
‫تلميح ـاً يف أكثــر مــن مناســبة جمعــت القيــادة السياســية للدولــة بعــدد مــن الشــخصيات‬
‫والرمــوز السياســية واالجتماعيــة املقربــة مــن أحــزاب مجلــس التنســيق ‪.‬‬

‫إذ أن املؤمتــر الشــعبي والســلطة احلاكمــة عمومـاً كانــت تتخــوف فعـ ً‬


‫ا مــن دخــول املعارضة‬
‫االنتخابــات بشــروطها وبــدون االتفــاق وباحملصلــة فقــد كانــت ترغــب بإجــراء انتخابــات‬
‫رئاســية توافقيــة يقــدم كل طــرف فيهــا بعــض التنــازالت !!‪.‬‬

‫ولعل أهم ما كانت تتمناه السلطة وتعمل من اجل الوصول اليه هي ‪:‬‬

‫‪1.1‬عــدم نــزول املعارضــة مبرشــح واحــد واألفضــل هــو أن يكــون هنــاك مرشــح باســم‬
‫االشــتراكي وآخــر باســم التنظيــم الوحــدوي الناصــري باإلضافــة إلــى مرشــح أو‬
‫مرشــحني آخريــن باســم املعارضــة‪،‬‬

‫وكان باعتقادها أن ذلك ســيمنح االنتخابات حيويتها وشــرعيتها الشــعبية والدســتورية‬


‫وسيســاهم يف ارتفــاع نســبة اإلقبــال الشــعبي علــى صناديــق االقتــراع بســبب حشــد‬
‫األحــزاب ألنصارهــا يف هــذه االنتخابــات‪ ،‬ومــن جهــة أخــرى ســيضمن مشــاركة‬
‫املعارضــة بأكثــر مــن مرشــح نتائــج محســومة لصالــح مرشــح احلــزب احلاكــم حيــث‬
‫ستتشــتت أصــوات املعارضــة بــن مرشــحيها املتنافســن ‪،‬‬

‫‪123‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫كمــا ان نــزول املعارضــة بأكثــر مرشــح ســيؤدي إلــى فقدانهــا التعاطــف الشــعبي‬
‫املطلــوب حيــث ســينظر النــاس إليهــا علــى أنهــا أحــزاب غيــر قــادرة علــى حتمــل‬
‫املســئولية طاملــا وهــي غيــر قــادرة علــى االتفــاق علــى مرشــح واحــد بالرغــم مــن‬
‫اتفاقهــا علــى كل القضايــا السياســية واملطلبيــة ‪.‬‬

‫‪2.2‬إذا كان ال بــد مــن قبــول قــرار املعارضــة النــزول مبرشــح واحــد ميثلهــا جميعـاً يف هــذه‬
‫االنتخابــات فاملطلــوب هــو أن ال يكــون هــذا املرشــح أحــد قيــادات احلــزب االشــتراكي‬
‫أو مــن الذيــن يحظــون مبكانــة شــعبية كبيــرة واألفضــل هــو أال يكــون مرشــح املعارضــة‬
‫مــن أبنــاء احملافظــات اجلنوبيــة وان ال يكــون علــي صالــح عبــاد مقبــل !‬

‫وقــد قيــل بــان ترشــيح علــي صالــح عبــاد «مقبــل» امــن عــام احلــزب االشــتراكي هــو مــا مت‬
‫تخويــف صالــح بــه مــن قبــل اركان النظــام القــدمي (االصــاح والكيانــات املشــائخية وكبار‬
‫ضبــاط اجليــش) حيــث طرحــت االمــر بجديــة خطيــرة وبإمكانيــة أن يتــم تصويــت الناخبني‬
‫يف هــذه احلالــة علــى أســاس «مناطقــي» أو باألصــح «جهــوي» بحيــث يصــوت معظــم أبنــاء‬
‫احملافظــات اجلنوبيــة والشــرقية لصالــح مرشــح املعارضــة «مقبــل» ا‬

‫األمــر الــذي ســيعيد مــن جديــد فتــح ملــف احلــرب األهليــة وإعــادة احلديــث مــن جديــد‬
‫وبصــورة أكثــر تأثيــراً وفاعليــة حــول أهميــة املصاحلــة الوطنيــة وتســوية آثــار احلــرب‬
‫سياســياً واجتماعيـاً وهــو مــا ال ترغــب بحصولــه الســلطة بعــد أن طرحــت أكثــر مــن مــرة‬
‫أن احلــرب قــد حلــت املشــكلة الوطنيــة متامــاً بخــروج الطــرف املتســبب باألزمة‪(،‬وهــي‬
‫تخويفــات ال اســاس لهــا مــن الواقــع وقــد اتــت انتخابــات ‪2006‬م وحصــول بــن شــمالن‬
‫اصــوات انتخابيــة يف احملافظــات الشــمالية اكثــر منهــا يف احملافظــات اجلنوبيــة وان النــاس‬
‫صوتــوا علــى اســاس وطنــي وسياســي ال مناطقــي او جهــوي )‪.‬‬

‫ومــع امكانيــة ان تصــوت قطاعــات واســعة مــن أبنــاء احملافظــات املختلفــة وبالــذات‬
‫احملافظــات اجلنوبيــة وتلــك احملافظــات احملرومــة يف شــمال الشــمال لصالــح مرشــح‬
‫املعارضــة‪ ،‬اال ان ذلــك لــن يحــدث شــرخا يف الوحــدة الوطنيــة كمــا صــوره اخلائفــون مــن‬
‫الســباق الرئاســي التنافســي والعكــس متامــا اال ان النظــام وضــع االمــر بجديــة واعتبــر‬

‫‪124‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫منــح التزكيــة ملرشــح املعارضــة مغامــرة سياســية غيــر محســوبة وقــد تنعكــس نتائجهــا رأسـاً‬
‫علــى عقــب لغيــر صالــح الســلطة‪،‬‬

‫ولعــل تصريــح رئيــس اجلمهوريــة يف املؤمتــر الصحفــي الــذي دشــن بــه احلملــة االنتخابيــة‬
‫بعــد إقصــاء مرشــح املعارضــة وقولــه « إن الشــعب لــن يقبــل مبرشــح لــه ثــأر مــع الوطــن «‪،‬‬
‫كان يشــير إلــى املعانــي الثــاث مجتمعــة « أن ال يكــون مرشــح واحــد ‪ ،‬وأن ال يكــون جنوبيـاً‪،‬‬
‫أو اشــتراكياً» ‪.‬‬

‫ومــع ان ســلطة صالــح بــكل مكوناتهــا كانــت قــد بــدت تتخــوف مــن خطــورة منــح مقبــل‬
‫التزكيــة مــن البرملــان اال انهــا ظلــت متــرددة يف اعــان قــرار بهــذا احلجــم إلــى آخــر‬
‫حلظــة لتخوفهــا مــن انعــكاس ذلــك علــى شــرعية االنتخابــات التنافســية مــن جهــة‪ ،‬وعلــى‬
‫عــدم إقبــال الناخبــن عليهــا مــن جهــة أخــرى‪ ،‬األمــر الــذي دفعهــا أثنــاء فتــرة «عــدم‬
‫احلســم» الــى استشــارة العديــد مــن اجلهــات ومنهــا الســلطات احملليــة يف احملافظــات‬
‫وأعضــاء مجلــس النــواب وقــادة اجليــش‪ ،‬كمــا خاضــت أثنــاء هــذه الفتــرة حــوارات مضنيــة‬
‫ومكثفــة ال تقــل عــن احلــوارات التــي خاضتهــا املعارضــة يف بدايــة مرحلــة االنتخابــات‬
‫داخلهــا ومــع األطــراف املتفقــة معهــا أو التــي تقــف إلــى جانبهــا‪،‬‬

‫ويذكــر يف هــذا االجتــاه أن اســتبيانات ســرية أجرتهــا قيــادات املؤمتــر الشــعبي يف كل مــن‬
‫عــدن‪ ،‬تعــز‪ ،‬صنعــاء‪ ،‬املــكال‪ ،‬وداخــل اجليــش ملعرفــة مــزاج الناخــب وتوجهاتهــم يف هــذه‬
‫املــدن والقطاعــات النوعيــة‪ ،‬يف وقــت واحــد ورمبــا لتحقيــق الغــرض ذاتــه‪.‬‬

‫وقــد جــاءت نتائــج هــذه االســتطالعات واحلــوارات كمــا يؤكــد املعنيــون يف املؤمتــر الشــعبي‪،‬‬
‫لتؤكــد قــرار حجــب التزكيــة عــن مرشــح املعارضــة ‪.‬‬

‫كل ذلــك ســاهم وإلــى حـ ٍـد كبيــر يف إضعــاف الصــوت الــذي يدعــو إلــى مشــاركة املعارضــة‬
‫يف االنتخابــات الرئاســية داخــل الســلطة ويقــوي بالتالــي صــوت الرافضــن لهــذه املشــاركة‬
‫والذيــن يعتبــرون إشــراك املعارضــة فيهــا «مغامــرة» ستشــكل‪ -‬حتــى لــو لــم يفــز مرشــحها‪-‬‬
‫ســابقة خطيــرة يف إمكانيــة التغييــر مــن خــال آليــات الدميقراطيــة بــدالً مــن آليــات التغيير‬
‫التقليديــة كاجليــش واملؤسســة القبليــة‪،‬‬

‫‪125‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫حتــى أن البعــض يذكــر – وإن كان األمــر غيــر مؤكــد‪ -‬أن ضغوط ـاً كبيــرة مارســتها هــذه‬
‫القــوى التقليديــة قبــل ســفر رئيــس اجلمهوريــة إلــى اجلزائــر وهــي الزيــارة التــي ســبقت‬
‫قــرار حجــب التزكيــة عــن مرشــح املعارضــة بيومــن فقــط‪.‬‬

‫حيــث هددتــه بأنهــا ســتتخذ إجــراءات أخــرى فيمــا لــو مت القبــول مبرشــح املعارضة منافسـاً‬
‫علــى أعلــى منصــب قيــادي يف الدولــة وجــاء يف الســياق ذاتــه تلــك الضغــوط الكبيــرة التــي‬
‫مورســت علــى أعضــاء كتلتــي املؤمتــر الشــعبي العــام والتجمــع اليمنــي لإلصــاح ‪ ،‬وفــرض‬
‫طريقــة خاصــة للتصويــت علــى املرشــحني ‪،‬‬

‫وقــد أدى كل ذلــك إلــى حجــب التزكيــة عــن علــي صالــح عبــاد «مقبــل» يف ‪99/7/21‬م حــن‬
‫صــوت أعضــاء مجلــس النــواب علــى أســماء املرشــحني املقدمــة مــن قبــل هيئــة رئاســة‬
‫املجلــس وعــن طريــق االقتــراع بالبطاقــة مــع كتابــة اســم وتوقيــع عضــو مجلــس النــواب علــى‬
‫بطاقــة االقتــراع وبشــرط عــدم التصويــت ألكثــر مــن مرشــح واحــد فقــط‪.‬‬

‫فحصــل حينهــا الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح األحمــر مرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام‬
‫والتجمــع اليمنــي لإلصــاح وأحــزاب املجلــس الوطنــي علــى ‪ 128‬صوتــاً‪ ،‬فيمــا حصــل‬
‫املرشــح جنيــب قحطــان الشــعبي عضــو اللجنــة الدائمــة للمؤمتــر الشــعبي العــام وبصفتــه‬
‫ال» علــى ‪ 38‬صوتــاُ‪ ،‬وبحصولــه علــى هــذا العــدد مــن األصــوات يكــون املرشــح‬ ‫«مســتق ً‬
‫الوحيــد الــذي اختــاره احلزبــان االصــاح واملؤمتــر ملنــح التزكيــة إلــى جانــب الرئيــس صالــح‬
‫بتجــاوزه نســبة الـــ‪ %10‬التــي ينــص عليهــا الدســتور أي ‪ 30‬صوتـاً علــى األقــل مــن اصــل ‪301‬‬
‫هــم أعضــاء مجلــس النــواب‪،‬‬

‫أمــا مرشــح املعارضــة الوحيــد االمــن العــام للحــزب االشــتراكي اليمنــي املناضــل علــى‬
‫صالــح عبــاد «مقبل»فلــم يحصــل ســوى علــى ســبعة أصــوات فقــط هــي أصــوات أعضــاء‬
‫املعارضــة يف البرملــان‪ ،‬وهــم يحيــى منصــور أبــو أصبــع «اشــتراكي» مســتقل‪ ،‬عبــد اهلل‬
‫محمــد صالــح‪ ،‬ســلطان حــزام العتوانــي‪ ،‬علــي اليزيدي»وحــدوي ناصــري»‪ ،‬وطاهــر علــي‬
‫ســيف اشــتراكي مســتقل وناصــر عرمــان األرضــي «مســتقل «‪ ،‬وشــخص اخــر‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫وهــي نســبة ال تؤهلــه للســباق الرئاســي وفق ـاً للنــص الدســتوري اآلنــف الذكــر وبحجــب‬
‫التزكيــة عــن املرشــح اجلــدي الوحيــد أنقلــب املشــهد االنتخابــي كليــاً واصبــح الســباق‬
‫الرئاســي االول يف تاريــخ اجلمهوريــة اليمنيــة بــا معنــى بعــد ان اقتصــر علــى صالــح ومــن‬
‫اختــاره نظــام صالــح ملنافســته شــكلياً ‪.‬‬

‫عدم قانونية احلجب‬

‫مــن ناحيــة عــدم قانونيتهــا أمــا مــن حيــث عــدم قانونيــة حجــب التزكيــة فقــد اكــد العديــد‬
‫مــن رجــال القانــون والفقــه الدســتوري عــدم دســتورية وقانونيــة اإلجــراءات التــي مــن‬
‫خاللهــا مت إقصــاء املعارضــة عــن الســباق الرئاســي األول‪ ،‬وان هيئــة رئاســة مجلــس النــواب‬
‫والقيــادات السياســية لكتلتــي اإلصــاح واملؤمتــر يف مجلــس النــواب قــد خالفــوا بقرارهــم‬
‫بحجــب التزكيــة وطريقــة حجبهــا نصــوص الدســتور وقانــون الئحــة مجلــس النــواب‪ ،‬ومــن‬
‫ذلــك‪-:‬‬

‫ •أن هيئــة رئاســة مجلــس النــواب قــد أضافــت بــدون ســند قانونــي أو دســتوري شــرطاً‬
‫إضافيــاً جديــداً لــم ينــص عليــه الدســتور يف موضــوع التزكيــة‪ ،‬وهــو شــرط إلــزام‬
‫أعضــاء مجلــس النــواب بعــدم تزكيــة أكثــر مــن مرشــح مــن األســماء املعتمــدة مــن قبــل‬
‫رئاســة املجلــس‪،‬‬

‫ •اســتحداث هيئــة رئاســة املجلــس طريقــة ثالثــة للتصويــت لــم ينــص عليهــا قانــون‬
‫«الالئحــة الداخليــة للمجلــس» وهــي طريقــة خلطــت فيهــا بــن التصويــت العلنــي‬
‫«التصويــت باليــد» والتصويــت الســري «االقتــراع دون معرفــة اســم املقتــرع» ‪،‬‬

‫ويف تعليــق للدكتــور محمــد علــي الســقاف أســتاذ القانــون الدولــي والدســتوري يشــير إلــى‬
‫مخالفــة جســيمة لنصــوص الدســتور حــن مت إقصــاء مرشــح املعارضــة واعتمــاد مرشــحني‬
‫اثنــن فقــط ومــن حــزب واحــد‪،‬‬

‫ففــي رأيــه أن ذلــك مخالــف للمــادة «‪ »5‬مــن الدســتور التــي تنــص علــى أن نظــام اجلمهوريــة‬
‫اليمنيــة يقــوم علــى أســاس التعدديــة السياســية واحلزبيــة‪ ،‬ولكــي يطبــق هــذا النــص عمليـاً‬

‫‪127‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫البــد أن ينعكــس يف حالــة االنتخابــات العامــة التــي يتــم مــن خاللهــا انتخــاب الهيئــات‬
‫الدســتورية يف هــذا النظــام السياســي التعــددي‪ ،‬ومبعنــى آخــر فــإن إلغــاء أو إقصــاء مرشــح‬
‫األحــزاب األخــرى تعنــي وبصــورة مباشــرة مخالفــة صريحــة لنظــام التعدديــة احلزبيــة التــي‬
‫يقــوم عليهــا النظــام السياســي يف اجلمهوريــة اليمنيــة‪،‬‬

‫هــذا مــن جهــة ‪ ،‬ومــن جهــة أخــرى كان إقصــاء مرشــح املعارضــة مخالفــة لنــص آخــر مــن‬
‫الدســتور وهــي املــادة التــي تنــص علــى أن االنتخابــات الرئاســية انتخابــات «تنافســية»‬
‫ا ببرنامــج سياســي وانتخابــي واحــد‪،‬‬ ‫وباعتمــاد مرشــحني مــن حــزب واحــد فقــط وعم ـ ً‬
‫يعنــي انتفــاء التنافــس يف هــذه االنتخابــات وبالتالــي مخالفتهــا للدســتور وفقــا لفهــم عــدد‬
‫مــن القانونيــن الدســتوريني‪.‬‬

‫وبذلــك ادت نتائجهــا السياســية واالجتماعيــة النهائيــة الــى توســيع شــروخ الوحــدة الوطنيــة‬
‫وتقليــص مســاحة الدميقراطيــة الــى ابعــد احلــدود واكثــر ممــا كانــت عليــه اصــا وعلــى‬
‫عكــس ممــا ارادت حتقيقــه املعارضــة مبشــاركتها متامــا ‪.‬‬

‫ومــن ناحيــة دميقراطيــة االنتخابــات فقــد تســبب حجــب التزكيــة عــن مرشــح املعارضــة‬
‫وبصــورة مباشــرة يف قلــة االقبــال مــن قبــل املواطنــن علــى صناديــق االقتــراع لتكــون‬
‫االنتخابــات الرئاســية االولــى هــي اقــل االســتحقاقات االنتخابيــة التــي ســبقتها والتــي‬
‫تلتهــا يف عــدد املشــاركني يف االقتــراع‪.‬‬

‫حزب الرابطة (رأي)‬

‫أمــا مواقــف أحــزاب املعارضــة األخــرى غيــر أحــزاب مجلــس التنســيق واإلصــاح ‪ ،‬ويف‬
‫مقدمتهــا حــزب رابطــة أبنــاء اليمــن (رأي) ‪ ،‬فبالرغــم أن صحافــة احلــزب وتصريحــات‬
‫قادتــه قــد دعــت أنصــار احلــزب إلــى تســجيل أســمائهم يف قوائــم الناخبــن مــع بــدء مرحلــة‬
‫التســجيل متقدمــة بذلــك علــى أحــزاب مجلــس التنســيق نفســها ‪،‬‬

‫‪128‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫إال أن موقــف (رأي) يف معظــم املراحــل األولــى لالنتخابــات الرئاســية ظــل يطــرح أهميــة‬
‫اإلصــاح السياســي أوالً وإجــراء انتخابــات محليــة تســبق االنتخابــات الرئاســية مميــزاً‬
‫موقفــه وباســتمرار عــن مواقــف أحــزاب املعارضــة يف مجلــس التنســيق وكان الالفــت للنظــر‬
‫هــو أن «الرابطــة» التــي لــم تكــن متحمســة أبــداً أن جتمــع أحــزاب املعارضــة علــى مرشــح‬
‫واحــد ميثلهــا ‪ ،‬فقــد اســتقبلت بفتــور كبيــر قــرار املعارضــة بترشــيح علــي صالــح عبــاد‬
‫«مقبــل» ‪،‬‬

‫حتــى أن صحيفــة «رأي» الناطقــة باســم احلــزب كانــت قــد ســخرت وبصــورة غيــر متوقعــة‬
‫مــن شــخص «مقبــل» كمرشــح للمعارضــة‪ ،‬معتبــرة أنــه ال يســاوي قامــة رئيــس اجلمهوريــة‬
‫العاليــة‪!!،‬‬

‫مــن جهــة أخــرى اتخــذ حــزب رابطــة أبنــاء اليمــن‪ ،‬وقبــل إقصــاء مرشــح املعارضــة موقفـاً‬
‫جديــداً مــن العمليــة االنتخابيــة حيــث أكــد وعبــر بيــان معلــن أنــه ال مينــع أعضــاءه مــن‬
‫املشــاركة يف االنتخابــات أو يدعوهــم إليهــا‪ ،‬كمــا أنــه ســيمنحهم احلريــة الكاملــة يف أن‬
‫يصوتــوا لرئيــس اجلمهوريــة أو لغيــره مــن املرشــحني ‪.‬‬

‫وقــد رد بذلــك ضمنـاً علــى دعــوة أحــزاب مجلــس التنســيق ملقاطعــة االنتخابــات الرئاســية‬
‫بعــد إقصــاء مرشــحها ‪ ،‬ومــع هــذا فقــد عــدل حــزب الرابطــة مــن هــذا املوقــف تدريجي ـاً‬
‫باجتــاه رفــض نتائــج االنتخابــات الرئاســية كليـاً خصوصـاً بعــد ان مــرت االنتخابــات و بعــد‬
‫ظهــور نتائجهــا وتأكــده مــن ضعــف اإلقبــال الشــعبي عليهــا ‪.‬‬

‫أمــا بالنســبة ملوقــف مــا يســمى بأحــزاب املجلــس الوطنــي ومنهــا حــزب البعــث االشــتراكي‬
‫بزعامــة عبــد الوهــاب محمــود فلــم يكــن لهــا تأثيــر يذكــر يف االنتخابــات الرئاســية‪ ،‬حيــث‬
‫وقفــت منــذ اللحظــة األولــى مــع الســلطة احلاكمــة ومرشــحها ‪ ،‬وقــادت احلملــة االنتخابيــة‬
‫معهــا ضــد املعارضــة‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫بعد حجب التزكية‪:‬‬

‫االنتخابات تصبح استفتاء وعزوف شعبي غير مسبوق‬

‫بعــد اقصــاء مرشــحها الوحيــد للســباق الرئاســي وعــدم حصولــه علــى تزكيــة البرملــان يف‬
‫‪1999/7/21‬م اعلنــت املعارضــة ان ذلــك قــد مت بقــرار سياســي ومــن اعلــى املســتويات‬
‫وباتفــاق بــن االصــاح واملؤمتــر ‪.‬‬

‫واعلــن احلــزب االشــتراكي واحــزاب مجلــس التنســيق عــدم املشــاركة يف االنتخابــات‬


‫وطالبــت جمهورهــا والــرأي العــام مبقاطعتهــا معتبــرة ذلــك مناهضـاً للدميقراطيــة وحرمــان‬
‫لليمنيــن حلــق اصيــل مــن حقوقهــم الدســتورية وهــو حــق االختيــار بــن املرشــحني بحريــة‬
‫وبــدون امــاء او ضغــوط‪.‬‬

‫وجــاء يف بيــان للمعارضــة انــه «لــم يعــد للمعارضــة مصلحــة يف أن تشــارك يف انتخابــات‬
‫غيــر تنافســية ليــس مــن بــن املرشــحني فيهــا من ميثل خيارهــا ‪ ،‬وكال املتنافســن املعتمدين‬
‫مــن حــزب واحــد»‪.‬‬

‫محملــة الســلطة مســئولية إلغــاء االنتخابــات التنافســية‪ ،‬وأي تبعــات قــد ينجــم عنهــا علــى‬
‫املســار السياســي والتجربــة الدميقراطيــة عمومـاً وجــاء ذلــك واملوقــف مــن كل االجــراءات‬
‫االقصائيــة يف بيــان مجلــس التنســيق األعلــى للمعارضــة الصــادر يــوم ‪22‬يوليــو ‪1999‬م ‪.‬‬

‫وعــادت لتؤكــد املوقــف الرافــض املشــاركة يف بيــان آخــر صــدر عنهــا يف ‪7‬اغســطس‬
‫‪99‬م وكان أكثــر وضوح ـاً ومتاســكاً مــن ســابقه يف إظهــار هــذه املوقــف الداعــي ملقاطعــة‬
‫الرئاســيات ‪.‬‬

‫يف املقابــل انطلقــت أحــزاب الســلطة يف حملتهــا االنتخابيــة دون أن تطــرح يف برنامــج‬
‫مرشــحيها أي جديــد بالنســبة ملــا يعانيــه املجتمــع مــن أوضــاع سياســية واقتصاديــة وأمنيــة‬
‫مترديــة‪،‬‬

‫‪130‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫وبــدالً مــن طــرح حلــول أو التعهــد بحلــول لهــذه املشــاكل دشــنت احلملــة االنتخابيــة بعقــد‬
‫رئيــس اجلمهوريــة مؤمتــراً صحفيـاً بالقصــر اجلمهوري‪ ،‬شــن فيه حملة سياســية وإعالمية‬
‫واســعة وغيــر مســبوقة ضــد املعارضــة يف مجلــس التنســيق متهمـاً إياها باخليانــة واالرتهان‬
‫إلــى القــوى «اخلارجيــة» ‪. ،‬‬

‫ويف الســياق ذاتــه ســارت بقيــة املهرجانــات اخلطابيــة التــي أقيمــت ملرشــحي املؤمتــر‬
‫الشــعبي العــام يف معظــم محافظــات اجلمهوريــة حيــث تنافــس املرشــحان املؤمتريــان علــى‬
‫أي منهمــا يكــون أكثــر حــدة يف هجومــه علــى املعارضــة ومرشــحها الغائــب عــن الســباق «‬ ‫ٍّ‬
‫مقبــل» وعديــد مــن نشــطائها وكتَّابهــا‪.‬‬
‫بــل إن عــدد مــن خطــب املرشــح «املســتقل» األخ جنيــب قحطــان الشــعبي كانــت مخصصــة‬
‫بكاملهــا للهجــوم علــى قيــادات ورمــوز املعارضــة والك َّتــاب والصحفيــن الــذي يقفــون إلــى‬
‫(‪((5‬‬
‫جانبهــا‬
‫وقــد ســاهم هــذا النــوع مــن «الشــتائم» يف حتويــل أول انتخابــات رئاســية مينيــة إلــى مــا‬
‫يشــبه املســرحية الهزليــة يف نظــر الكثيــر مــن املراقبــن ‪.‬‬
‫وبقــدر مــا كان تنافــس املرشــحان يف الهجــوم علــى أحــزاب مجلــس التنســيق ‪ ،‬يؤكــد أن‬
‫املعارضــة هــي املنافــس احلقيقــي للوضــع القائــم وأنهــا الطــرف اآلخــر يف هــذه االنتخابــات‬
‫والتــي ال تكتمــل إال بهــا ‪ ،‬بقــدر مــا أدت تلــك احلملــة غيــر املبــررة إلــى تعاطــف شــرائح‬
‫واســعة مــن املجتمــع مــع املعارضــة ومــع قرارهــا بعــدم املشــاركة يف االنتخابــات خصوصـاً‬
‫وقــد نظــر إلــى املعارضــة علــى أنهــا «ضحيــة» التمســك بالســلطة» عــن طريق القوة املباشــرة‬
‫وليــس عــن طريــق االنتخابــات والتنافــس علــى صناديــق االقتــراع‪،‬‬

‫ويف جانــب آخــر خــف أو ضعــف حمــاس أنصــار حزبــي التحالــف االنتخابــي «املؤمتــر‬
‫– اإلصــاح» يف دعــم مرشــحهم الرئاســي شــعبياً بــل وعــدم املشــاركة اصــا يف عمليــة‬
‫االقتــراع والســبب هــو أنهــم كانــوا علــى ثقــة كاملــة يف أن مرشــحهم احلقيقــي يف هــذه‬

‫(‪ )50‬انــا شــخصيا ركــز علــي مهاجمتــي يف مهرجانــن انتخابيــن خطــب فيهمــا وحتديــدا مهرجانــي حلــج واملــكال بحضرمــوت‬
‫ومــرة اخــرى يف مؤمتــره الصحفــي بعــد اعــان النتائــج حتــى انــه اعتــذر ملــن هاجمهــم باالســم وهــم حتديــدا وباالســم (رشــيدة‬
‫القيلــي ومحمــد عبــد امللــك املتــوكل وفــارس الســقاف ومحمــد املقالــح «وعلــى خــاف اعتــذاره لآلخريــن واصــل الهجــوم علــي حتــى‬
‫بعــد اعــان النتائــج ومعــه حــق فقــد كنــت اكثــر كاتــب وسياســي متحدثــا عــن مهزلــة االنتخابــات بعــد ان اقصــى مرشــح املعارضــة‬
‫مبــا يف ذلــك ســخريتي مــن املرشــح الــذي فقــد مــاء وجهــه كمــا ســتالحظون يف مــكان آخــر مــن هــذا الكتــاب‬

‫‪131‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫االنتخابــات ســيفوز بالنســبة املطلوبــة مــن األصــوات‪ ،‬وســوا ًء شــاركوا يف االنتخابــات أو لــم‬
‫يشــاركوا فيهــا طاملــا و «اخلصــم» الــذي كان ميكــن أن يشــكل بقــاؤه منافسـاً تهديــداً حقيقيـاً‬
‫لــه قــد أقصــي عــن الســباق ‪.‬‬

‫ومــن ســوء حــظ صالــح ومــن دفعــوه حلجــب التزكيــة عــن مقبــل هــو ان االقتــراع اجــري‬
‫يف يــوم اجــازة أي يــوم اخلميــس الــذي عــادة مــا يبقــى غالبيــة اليمنيــون يف بيوتهــم الــى‬
‫ســاعات متأخــرة مــن الصبــاح ويف العصــر يقضونــه يف املقيــل االمــر الــذي ضاعــف مــن‬
‫نســبة عــدم املشــاركة الشــعبية يف عمليــة االقتــراع جنبـاً الــى جنــب عامــل عــدم وجــود حافــز‬
‫املنافســة او اخلــوف علــى عــدم فــوز املرشــح احملتمــل‪.‬‬

‫لقــد جــاءت اول انتخابــات رئاســية لتكــون يف نتيجتهــا هــي االقــل مشــاركة شــعبية علــى‬
‫االطــاق حتــى ان اغلــب املراقبــن قالــوا بــان نســبة املشــاركة يف االنتخابــات لــم تتجــاز‬
‫ال‪ %25‬علــى خــاف مــا اعلــن رســمياً عــن طريــق جلنــة االنتخابــات !‬

‫وقــد تأكــد بالفعــل أن قطاعــات واســعة مــن أعضــاء وأنصــار كل مــن املؤمتــر واإلصــاح‬
‫لــم تشــارك يف عمليــة االقتــراع يف هــذه االنتخابــات ‪ ،‬وبســبب ذلــك تبــادل حزبــا التحالــف‬
‫التهــم حــول عــدم املشــاركة يف هــذه االنتخابــات‪،‬‬
‫فبينمــا عــزا املؤمتــر الشــعبي ذلــك إلــى مقاطعــة اإلصــاح لالنتخابــات عمليـاً ‪ ،‬رد اإلصالح‬
‫بالقــول إن عــدم املشــاركة للناخبــن قــد كان بســبب ســوء توزيــع أمــوال احلملــة االنتخابيــة‬
‫مــن قبــل املؤمتــر !‬

‫ويف الســياق نفســه تأكــد أن الســلطة السياســية يف املؤمتــر الشــعبي العــام وقيــادات الدولــة‬
‫ـكل عــام لــم تســتطع رغــم اجلهــود التــي بذلتهــا يف تبريــر قــرار إقصــاء املعارضــة عــن‬‫بشـ ٍ‬
‫الســباق الرئاســي أمــام الــرأي العــام العربــي واألجنبــي وأمــام املنظمــات الدوليــة واحلقوقية‬
‫‪ ،‬بعــد ان تأكــد امتنــاع ‪ 18‬منظمــة حقوقيــة محليــة واجنبيــة عــن إرســال مندوبيهــا ملراقبــة‬
‫ســير العمليــة االنتخابيــة ‪.‬‬

‫كمــا اوقفــت كل مــن أملانيــا وهولنــدا إرســال معونــات نقديــة وعينيــة ســبق ان وعــدت بهــا‬
‫اللجنــة العليــا لالنتخابــات وحتديــداً بعــد إقصــاء مرشــح املعارضــة ‪ ،‬وقــد فســر ذلــك علــى‬
‫أنــه احتجــاج مــن هــذه األطــراف علــى إجهــاض مســار العمليــة االنتخابيــة‪.،‬‬

‫‪132‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫النســبة املتدنيــة للناخبــن طــوال ســاعات اليــوم املخصــص لالقتــراع كانــت قــد اضطــرت‬
‫الســلطة وأجهزتهــا احملليــة واملركزيــة إلــى ممارســة العديــد مــن املخالفــات اإلجرائيــة‬
‫والقانونيــة لرفــع نســبة التصويــت‪ ،‬لكــن هــذه النســبة لــم تكــن كافيــة لدى عدد مــن القيادات‬
‫السياســية العليــا لتــؤدي الغــرض اإلعالمــي منهــا يف تزيــن «أعــراس الدميقراطيــة» التــي‬
‫كان االحتفــال بهــا قــد أعــد ســلفاً‪.‬‬

‫فــكان البــد مــن التنقــل بصناديــق االقتــراع الــى مقايــل القــات وحــن لــم يكــف ذلــك‬
‫مللــئ الصناديــق مت ارغــام اعضــاء جلنــة االنتخابــات علــى مســتوى املراكــز والدوائــر يف‬
‫احملافظــات علــى ملــئ الصناديــق بــآالف اوراق االقتــراع كتــب عليهــا جميعــا «نعــم للرئيــس‬
‫صالــح «‪.‬‬

‫ولعــل عــدم تزامــن أي اســتحقاق آخــر مــع الســباق الرئاســي كمــا حــدث يف اســتفتاء‬
‫‪2001‬م علــى التعديــات ويف ‪2006‬م يف تزامــن احملليــات مــع الرئاســيات قــد ضاعــف مــن‬
‫عمليــة العــزوف الشــعبي عــن املشــاركة يف التصويــت لصالــح االســتفتاء ومــن املفارقــات‬
‫الرئاســيات يف اليمــن حينهــا قــد تصادفــت مــع انتخابــات رئاســية عربيــة أخــرى يف كل مــن‬
‫مصــر وتونــس‪ ،‬وهمــا مــن البلــدان العربيــة التــي تعمــل مــن االنتخابــات الرئاســية الدوريــة‬
‫«ديكــوراً» سياســياً ودميقراطيـاً إلخفــاء الوضــع الشــمولي القائــم بالفعــل يف احليــاة العامــة‪،‬‬
‫وكان أن وضعــت الصحافــة الغربيــة كل هــذه االنتخابــات العربيــة يف ســلة واحــدة‪ ،‬معتبــرة‬
‫إياهــا انتخابــات غيــر دميقراطيــة وال متــت لعمليــة التــداول الســلمي للســلطة بــأي صلــة‪،‬‬
‫بقــدر مــا هــي تكريــس لنظــام الفــرد الواحــد واحلــزب الواحــد‪.‬‬

‫وقــد كتبــت حينهــا مقــاال حتليــا لنتائــج االنتخابــات اســتخلصت فيــه ان نســبة التصويــت‬
‫للرئيــس صالــح لــم تتجــاوز الـــ ‪ %25‬وهــو مــا ينبغــي ان تدفعــه هــذه النتيجــة املتدنيــة مــن‬
‫االصــوات يف اول اختبــار مباشــر امــام الشــعب الــى تقــدمي اســتقالته‪.‬‬

‫وان يبــدأ مــن تلــك اللحظــة االســتعداد النفســي والسياســي ملغــادرة الســلطة اال انــه رفــض‬
‫ووجــه عــدد مــن الكتــاب والصحفيــن ملهاجمتــي ولكــن املفارقــة ان كل مــن صالــح وبــن علــي‬
‫ومبــارك خرجــا مــن الســلطة بعــد نصــف عقــد مــن الزمــان مــن اجــراء تلــك الرئاســيات‬
‫‪-‬بالتتالــي ‪ -‬يف ثــورات شــعبية عرفــت بثــورات الربيــع العربــي ‪2011‬م )‬

‫‪133‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫خـــاتـــمة ‪:‬‬

‫تلــك كانــت صــورة موجــزة لتطــورات العمليــة الدميقراطيــة يف أول انتخابــات رئاســية مينيــة‬
‫كان يفتــرض تنافــس املرشــحني فيهــا وحريــة ونزاهــة إجراءاتهــا املختلفــة‪،‬‬

‫ولكــن وكمــا الحظتــم فقــد ســارت العمليــة االنتخابيــة لــدى األحــزاب والقــوى السياســية‬
‫منــذ بدايتهــا وحتــى نهايتهــا بخطــوط متوازيــة حين ـاً ومتعارضــة أحيان ـاً أخــرى ‪،‬‬

‫وإذا كان هنــاك خــط واحــد قــد ســارت عليــه الدميقراطيــة اليمنيــة الناشــئة فهــو خــط‬
‫متعــرج وغيــر مســتقيم لــدى جميــع األطــراف ولــدى الــرأي العــام عموم ـاً‪،‬‬

‫ففــي البدايــة كان املوقــف منهــا «عدميــاً» علــى األقــل لــدى قطاعــات الشــعب املختلفــة‬
‫ولــدى فئــات معينــة مــن أحــزاب املعارضــة‪ ،‬إال أن املوقــف السياســي منهــا بــدأ يتطــور‬
‫إيجابيـاً لــدى هــذه الشــرائح والفئــات بعــد أن التقطــت قيــادات فاعلــة ومؤثــرة يف أحــزاب‬
‫املعارضــة «اخليــط» وحاولــت الســير بــه إلــى نهايــة الطريــق‪،‬‬

‫األمــر الــذي ســاهم يف أن تســير العمليــة االنتخابيــة بصــورة أفضــل وأكثــر إيجابيــة وباجتــاه‬
‫الصعــود التدريجــي بوعــي النــاس بأهميــة هــذا االســتحقاق الدســتوري سياســياً وفكري ـاً‬
‫ولكــن هــذا اخلــط التصاعــدي ايجابيــا باجتــاه االنتخابــات الرئاســية شــعبياً وحزبيـاً عــاد‬
‫لينتكــس متامــا بإقصــاء مرشــح املعارضــة الوحيــد عــن املنافســة يــوم ‪21‬يوليــو وبقــرار‬
‫سياســي مباشــر ومــن اعلــى املســتويات وباتفــاق بــن املؤمتــر الشــعبي واالصــاح‪ .‬وهــو مــا‬
‫انهــى الســباق الرئاســي متامـاً وقبــل ان يبــدا وعــاد خــط الســير يف «الرئاســيات» اليمنيــة‬
‫األولــى لينحــدر إلــى األســفل وبســرعة كبيــرة إلــى أن فشــلت االنتخابــات الرئاســية يف‬
‫امتحــان الدميقراطيــة اليمنيــة العســير ‪.‬‬

‫حــن تراجــع اهتمــام الــرأي العــام بهــا مــن جديــد‪ ،‬وحــن ع َّبــر الناخبــون اليمنيــون عــن‬
‫«امتعاضهــم» أو باألصــح غضبهــم علــى االنتخابــات غيــر التنافســية مبقاطعتهــم لهــا او‬
‫باألصــح عــدم املشــاركة فيهــا وكان هــذا العــزوف الكبيــر يف بعــض جوانبــه رداً مــن قبلهــم‬
‫علــى موقــف الســلطة االقصائــي بعــد ان عبــرت مــن جانبهــا عــن عــدم جديتهــا يف التمســك‬
‫بالنهــج الدميقراطــي مرتــن ‪:‬‬

‫‪134‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين ‪ :‬االنتخابات الرئاسية ‪1999‬م وموقف االحزاب منها‬

‫ •األولى حني أقصت «اآلخر» املنافس لها واملعارض لسياستها وبرامجها‪.‬‬

‫ •والثانيــة حــن مــارس عــدد مــن مســئوليها يف الســلطات املركزيــة واحملليــة ويف معظــم‬
‫الدوائــر االنتخابيــة عمليــة التزويــر وتغييــر النتيجــة العامــة وبصــورة مكشــوفة وأمــام‬
‫الــرأي العــام اليمنــي‪،‬‬

‫وهــو مــا كشــف لألســف عــن تـ ٍ‬


‫ـرد مريــع يف مــدى االلتــزام بالقيــم الدينيــة والوطنيــة لــدى‬
‫كثيــر مــن الشــرائح والفئــات السياســية واالجتماعيــة‪ ،‬ومنهــم أولئــك الذيــن ميثلــون أســوة‬
‫وقــدوة للجيــل اليمنــي اجلديــد ‪.‬‬

‫إن مــا جــرى يف أول انتخابــات رئاســية مينيــة مباشــرة وقبلهــا يف االنتخابــات البرملانيــة‬
‫الثانيــة إبريــل ‪1997‬م قــد أشــار وبوضــوح إلــى أن الدميقراطيــة اليمنيــة الناشــئة ال زالــت‬
‫تــراوح يف مكانهــا‪ ،‬ال بــل إن آلياتهــا ومكوناتهــا املختلفــة قــد شــهدت تراجعـاً كبيــراً مبقارنــة‬
‫هذيــن االســتحقاقني باالســتحقاق البرملانــي «األول» ‪ 27‬إبريــل ‪1993‬م‪.‬‬

‫يبقــى ان نقــول (ان التجمــع اليمنــي لإلصــاح والقــوى النافــذة املتحالفــة معــه كان قرارهــا‬
‫حاســماً يف عرقلــة ســير العمليــة االنتخابيــة دميقراطيــا وتنافســيا وبدوافــع انانيــة وحزبيــة‬
‫بحتــة وعلــى حســاب االحســاس باملســؤولية جتــاه القضايــا الوطنيــة والدميقراطيــة‬
‫املصيريــة‪.‬‬

‫ويف كل االســتحقاقات السياســية املصيريــة واالنتخابيــة قبــل الســباق الرئاســي وبعــده‬


‫كان موقــف االصــاح حاســماً باالجتاهــات الســلبية ال االيجابيــة لألســف وســواء كان ذلــك‬
‫يف ازمــة ‪ 1993‬التــي تفجــرت حربــا علــى خلفيــة االصــرار علــى انهــاء املرحلــة االنتقاليــة‬
‫قبــل دمــج مؤسســات الدولــة اجلديــدة ثــم االصــرار علــى االســتقواء بنتائــج اول اســتحقاق‬
‫انتخابــي علــى حســاب الشــراكة الوطنيــة والوحــدة اليمنيــة او يف التعديــات الدســتورية‬
‫االولــى لدســتور دولــة الوحــدة والتــي انتقصــت مــن النظــام الدميقراطــي الــى اقصــاء‬
‫مرشــح املعارضــة يف هــذا االســتحقاق الرئاســي ‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ثــم يف تعديــات دســتورية تاليــة للرئاســيات هــي اخطــر مــن ســابقاتها يف تضييــق الهامــش‬
‫الدميقراطــي ومبــا يجعــل االحتقــان والعنــف بابــاً وحيــداً إلدارة اخلالفــات السياســية‬
‫دميقراطيــا كمــا ســياتي الحقــا !)‬

‫األمــر الــذي ســيجعل مــن الصعوبــة مبــكان علــى اليمنيــن وقواهــم السياســية املهتمــة‬
‫بتطويــر آليــات الدميقراطيــة وترســيخها‪ ،‬إعــادة عربــات قطــار الدميقراطيــة املنحــرف‬
‫إلــى خــط ســيره الصحيــح خصوصـاً وقــد أصيبــت «الســكة» كمــا أصيبــت عربــات القطــار‬
‫نفســه بأضــرار بليغــة خلفهــا صــدام اإلرادات الكبيــر يف أول جتربــة عمليــة‪ ،‬يخضــع فيهــا‬
‫ح ـ َّكام اليمــن لالمتحــان الشــعبي املباشــر ‪.‬‬

‫محمد محمد املقالح‬


‫اجلمهورية اليمنية – صنعاء‬
‫مركز الدراسات البحوث اليمنية‬
‫‪ 23-‬صفر ‪1421‬هـ ‪ -‬املوافق ‪ 27‬مايو ‪2000‬م‬

‫‪136‬‬
‫الفصل‬ ‫مــن اهــداف التعديــل‪ :‬مــد فتــرة‬
‫الرئيــس واحتســابها مــن اخــر‬
‫تعديــل‪.‬‬
‫تزامــن االســتحقاقني احمللــي ‪ -1‬التعديل الثاني لدستور اجلمهورية اليمنية‬
‫والدســتوري يحدث ارباك ًا واســع ًا‪ -2 .‬االنتخابات احمللية األولى (‪ 2001‬م)‬
‫لغــط واســع حــول عــدم حصــول‬
‫التعديــات علــى االغلبيــة‪.‬‬
‫أكثــر اســتحقاق انتخابــي مــورس‬
‫فيــه التزويــر‪.‬‬
‫‪03‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬التعديالت الدستورية الثانية‬

‫التعديالت الدستورية الثانية‬

‫واالنتخابات احمللية األولى (يوليو ‪2001‬م)‬

‫اوال التعديالت الدستورية‬

‫بعــد التعديــل االول لدســتور اجلمهوريــة اليمنيــة والــذي أقــر البرملــان يف ســبتمبر ‪١٩٩٤‬م‬
‫طــرح الرئيــس صالــح وحلفائــه مشــروع تعديــات أخــرى علــى الدســتور يف منتصــف شــهر‬
‫يوليــو مــن العــام ‪2001‬م ‪ ,‬وبعــد شــهرين فقــط مــن تاريــخ التوقيــع علــى (اتفاقيــة جــدة)‬
‫احلدوديــة بــن اليمــن والســعودية ( ‪2٠00/6/12‬م) ‪,‬‬

‫واذا كان التعديــل االول لدســتور اجلمهوريــة اليمنيــة والــذي اقــره البرملــان دون اســتفتاء‬
‫شــعبي قــد انتقــص جزئيــا مــن النظــام التشــاركي الدميقراطــي لدولــة الوحــدة بإلغــاء‬
‫مجلــس الرئاســة وبعــدم اقــرار غرفــة ثانيــة للســلطة التشــريعية خالفـاً ملــا مت االتفــاق عليــه‬
‫مــع االشــتراكي قبــل مــا يتــم اقصــاؤه باحلــرب‪ .‬اال ان التعديــات االولــى قــد ســبق االتفــاق‬
‫علــى اهمهــا قبــل احلــرب علــى االقــل وعلــى خــاف مــا جــرى يف التعديــل الثانــي ملــواد‬
‫الدســتور ‪٢٠٠١‬م فقــد كانــت يف مجملهــا تعديــات تراجعيــة فيمــا يخــص نظــام الدولــة‬
‫الدميقراطــي ويف كل الســياقات السياســية واالقتصاديــة واالجتماعيــة‪.‬‬

‫لقــد أبــدت الســلطة وحزبهــا احلاكــم رغبتهــا يف اجــراء التعديــات الثانيــة علــى دســتور‬
‫اجلمهوريــة يف وقــت كانــت األحــزاب اليمنيــة ومؤسســات الدولــة وشــرائح املجتمــع املختلفــة‬
‫مشــغولة يف التحضيــر واالعــداد خلــوض االنتخابــات البرملانيــة الثالثــة التــي كان مــن املقــرر‬
‫(‪((5‬‬
‫إجراؤهــا يف ‪27‬ابريــل ‪2001‬م أي بعــد شــهرين فقــط مــن تاريــخ انــزال التعديــات‬

‫وقــد بــدأ احلديــث يف بدايــة االمــر عــن تعديــات مــواد يف الدســتور ‪,‬تتعلــق بتمديــد فتــرة‬
‫رئيــس اجلمهوريــة ‪,‬واســتحداث مجلــس للشــورى بصالحيــات تشــريعية ‪,‬‬

‫(‪ )51‬التي مت مبوجبها تأجيل موعد االنتخابات البرملانيه بعد متديد مجلس النواب لسنتني اضافيتني تنتهي يف ابريل ‪2003‬م ‬

‫‪139‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ومــع أن ردود الفعــل األوليــة ألحــزاب املعارضــة قــد كشــفت عــن رفضهــا تأجيــل موعــد‬
‫االنتخابــات البرملانيــة ‪ ,‬مــن حيــث املبــدأ فضــا عــن رفضهــا التعديــات الدســتورية التــي‬
‫بــدت مناهضــة كلي ـاً للدميقراطيــة والنظــام السياســي التعــددي إال أن الســلطة لــم تأخــذ‬
‫بــرأي األحــزاب وســرعان مــا كشــفت عــن مشــروع التعديــات الدســتورية املعــد ســلفا !!‬

‫ويف اجللســة البرملانيــة املخصصــة لهــذا الغــرض والتــي عقــدت بتاريــخ ‪2000/8/23‬م مت‬
‫إقــرار املشــروع وباألغلبيــة املطلوبــة بعــد أن اضــاف اليهــا أعضــاء كتلــة اإلصــاح والبعــث‬
‫االشــتراكي وغيرهــم مقترح ـاً آخــر قضــى بتعديــل املــادة (‪ )111‬املتعلقــة بتمديــد فتــرة‬
‫رئيــس اجلمهوريــة إلــى ســبع ســنوات‪.‬‬

‫ويف وقــت الحــق ونتيجــة للجــدل الواســع الــذي أثارتــه املعارضــة والــرأي العــام حــول‬
‫التعديــات مــن ناحيــة ‪,‬وبهــدف تــايف القصــور الــذي لــم يتنبــه إليــه أصحــاب املشــاريع‬
‫الســابقة ‪,‬مت اقتــراح واقــرار تعديــات أخــرى لبعــض مــواد الدســتور ‪,‬حتــى أنــه لــم‬
‫يتــم إقــرار التعديــات والتصويــت عليهــا بصورتهــا النهائيــة مــن قبــل املجلــس بتاريــخ‬
‫‪2000/11/20‬م إال بعــد أن وصــل عــدد املــواد الدســتورية املطلــوب تعديلهــا إلــى ‪20‬مــادة‬
‫دســتورية منهــا ‪13‬مــادة معدلــة و‪ 4‬مــواد دســتورية مضافــة و‪ 3‬مــواد دســتورية ملغــاة‪.‬‬

‫أهم املواد الدستورية املعدلة‬

‫وكانــت أهــم واخطــر املــواد الدســتورية التــي تضمنهــا مشــروع رئيــس اجلمهوريــة للتعديالت‬
‫الدســتورية واملطروحــة لالســتفتاء الشــعبي هــي املــواد الدســتورية (‪ )111‬ومبــا يحقــق‬
‫متديــد واليــة رئيــس اجلمهوريــة إلــى ســبع ســنوات شمســية بــدال مــن خمــس ســنوات‬
‫شمســية ‪,‬واملــادة (‪ )64‬ومبــا يحقــق متديــد فتــرة مجلــس النــواب إلــى ســت ســنوات شمســية‬
‫بــدال مــن أربــع ســنوات شمســية ‪,‬واملــادة (‪ )125‬ومبــا ينــص علــى اســتحداث مجلــس شــورى‬
‫مكــون مــن ‪111‬عضــوا يعينهــم رئيــس اجلمهوريــة ويكــون لــه صالحيــات تشــريعية معينــة‬
‫يشــارك فيهــا مجلــس النــواب املنتخــب‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫‪03‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬التعديالت الدستورية الثانية‬

‫باإلضافــة الــى املــادة الدســتورية املتعلقــة بطريقــة ترشــيح وانتخــاب واختيــار رؤســاء‬
‫املجالــس احملليــة (احملافظــون‪ +‬مــدراء املديريــات) ومبــا مينــح التعديــل املقتــرح للســلطة‬
‫التنفيذيــة حــق تعيينهــم مباشــرة مــن قبلهــا مــع اإلبقــاء علــى خيــار انتخابهــم قائمــا يف‬
‫النــص الدســتوري !!!‬

‫و املــادة (‪ )156‬املتعلقــة بطريقــة تعديــل الدســتور وبحيــث يتضمــن التعديــل تقســيم أبــواب‬
‫ومــواد دســتور اجلمهوريــة اليمنيــة الــى قســمني‪, .‬األول ويتمثــل مبــواد البابــن األول والثاني‬
‫مــن الدســتور ومــا دون ذلــك يتــم إقــرار تعديلهــا عبــر االســتفتاء الشــعبي ‪ ,‬والقســم الثانــي‬
‫مــن املــواد يكتفــي لتعديلهــا بتصويــت ثالثــة أربــاع أعضــاء مجلــس النــواب دون احلاجــة‬
‫إلــى اســتفتاء شــعبي عليهــا واحلقيقــة أن تقســيم الدســتور الــى نوعــن مــن املــواد مــن حيــث‬
‫طريقــة اقرارهــا كانــت بدعــة جديــدة وغيــر دميقراطيــة وحتصــل ألول مــرة يف تاريــخ انشــاء‬
‫واقــرار وتعديــل الدســاتير اليمنيــة ‪.‬‬

‫واملــادة املتعلقــة بشــروط تزكيــة املرشــحني ملنصــب رئيــس اجلمهوريــة ‪,‬ومبــا يجعــل النســبة‬
‫‪ %5‬مــن مجمــوع أعضــاء مجلســي النــواب والشــورى بــدال مــن ‪ %10‬يختــص بهــا مجلــس‬
‫النــواب وحــد كمــا كان احلــال ســابقا‪.‬‬

‫دوافع وأسباب التعديل ‪!..‬‬

‫‪ -١‬مد والية الرئيس‬

‫إنــه ومثلمــا اســتغلت الســلطة االختــاالت الهائلــة التــي خلفتهــا حــرب ‪1994‬م ‪ ,‬علــى‬
‫مســتوى احليــاة السياســية والبرملانيــة ‪,‬والظــروف الصعبــة التــي كانــت تعيشــها كتلــة‬
‫احلــزب االشــتراكي وبقيــة الكتــل البرملانيــة األخــرى ‪ ,‬لتقــوم يف ‪24‬ســبتمبر ‪1994‬م ( وعــن‬
‫طريــق البرملــان) بتعديــل‪ ,‬أو إلغــاء اكثــر مــن ‪83‬مــادة مــن مــواد دســتور اجلمهوريــة اليمنيــة‬
‫املســتفتى عليهــا شــعبيا بتاريــخ ‪16-15‬مايــو‪1991‬م ‪,‬فقــد قامــت هــذه املــرة وبنفــس‬
‫الطريقــة بطــرح مشــروع التعديــات مــن طــرف واحــد مســتغلة نفــس العوامــل والظــروف‬
‫املتعلقــة بضعــف تواجــد املعارضــة يف البرملــان واختــال التــوازن السياســي واالجتماعــي‬
‫عمومــا‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫وإذا مــا نظرنــا إلــى أن مشــروع التعديــات قــد طــرح بعــد شــهرين فقــط مــن تاريــخ التوقيــع‬
‫علــى مذكــرة التفاهــم واتفاقيــة جــدة احلدوديــة مــع الســعودية وعلــى خلفيــة الشــعور‬
‫املتعاظــم بالثقــة لــدى بعــض دوائــر الســلطة مــن أنهــا قــد حلــت كل إشــكالياتها التاريخيــة‬
‫مــع اجليــران وهزمــت كل خصومهــا يف الداخــل وبالتالــي اصبــح بإمكانهــا عمــل مــا تريــد‬
‫دون اعتــراض او عرقلــة او هكــذا ظنــت‪.‬‬

‫ا آخــر اقــل اهميــة وهــو نتائــج االنتخابــات الرئاســية‬ ‫وال ننســى يف هــذا الســياق عامــ ً‬
‫املباشــرة األولــى التــي أجريــت يف ‪22‬ســبتمبر‪1999‬م والتــي ســجل فيهــا الناخبــون اضعــف‬
‫نســبة مشــاركة شــعبية علــى اإلطــاق وهــو مــا اشــعر الســلطة وراســها ورمبــا ألول مــرة‬
‫بتــآكل وانحســار شــعبية الرئيــس صالــح مــن ناحيــة وبخطــورة منــح األمــل للنــاس بإمكانيــة‬
‫التغييــر عــن طريــق آليــات الدميقراطيــة واالنتخابيــة املباشــرة مــن ناحيــة اخــرى فجــاء‬
‫متديــد فتــرة الرئيــس لالبتعــاد اكثــر مــدة ممكنــة مــن االســتحقاق املباشــر وجــاء قــرار‬
‫اجــراء التعديــات متزامنــا مــع احملليــات يف وقــت الحــق لضمــان اكبــر نســبة مشــاركة بعــد‬
‫العــزوف الفاحــش للناخبــن يف انتخابــات ‪1999‬م الرئاســية ‪.‬‬

‫‪ -٢‬التحايل على واليات الرئيس‬

‫أمــا ثانيــا فقــد جــاء مشــروع التعديــات الدســتورية ليحســم اجلــدل الــذي كان دائــراً‬
‫حينهــا حــول مــا إذا كانــت واليــة رئيــس اجلمهوريــة علــي عبــد اهلل صالــح التــي كان يحكــم‬
‫مبوجبهــا يف ذلــك الوقــت هــي الواليــة الدســتورية األولــى لــه‪ ,‬أم أنهــا الواليــة الثانيــة‬
‫واألخيــرة‪ ,‬وفقــا لتعديــات دســتور ســبتمبر ‪1994‬م والتــي نصــت علــى عــدم جــواز تولــي‬
‫الرئيــس ألكثــر مــن دورتــن رئاســيتني مــدة كل دورة منهمــا خمــس ســنوات شمســية فقــط‪.‬‬

‫أي أن تعديــات ‪2001‬م امنــا هــو حتايــل مــن قبــل الســلطة علــى النــص الدســتوري النافــذ‬
‫واخلــاص بحــق الرئيــس يف تولــي املنصــب (لدورتــن رئاســيتني فقــط) وكان الرئيــس صالــح‬
‫قــد اســتكملهما معــاً‪ ،‬االولــى يــوم إقــرار التعديــات االولــى‪1994‬م والتــي مبوجبهــا مت‬
‫انتخابــه مــن قبــل مجلــس النــواب تنتهــي عــام ‪1999‬م والثانيــة يــوم اجــراء االنتخابــات‬
‫الثانيــة ‪1999‬م‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫‪03‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬التعديالت الدستورية الثانية‬

‫وكان مــن املقــرر انتهائهــا عــام ‪2004‬م فتــم متديــد فتــرة واليــة الرئيــس الــى ســبع ســنوات‬
‫بــدال مــن خمــس وهــذا هــو التحايــل االول ثــم حســاب واليتــه الدســتورية بــداء مــن تاريــخ‬
‫إقــرار التعديــات األخيــرة ‪2001‬م وليــس مــن تاريــخ توليــه املنصــب بعــد تعديــات‬
‫ســبتمبر‪1994‬م وهــذا هــو التحايــل الثانــي !!‬

‫وهــو مــا يضمــن اســتمراره ومــن ثــم اســتقرار سياســي أطــول لــراس الســلطة ولعــل متديــد‬
‫فتــرة الرئيــس الــى ســبع ســنوات ولدورتــن وحســابها بــدا مــن تاريــخ التعديــل االخيــر‬
‫وبحيــث تنتهــي الــدورة االولــى يف ســبتمبر ‪2006‬م هــي اهــم دوافــع التعديــات الدســتورية‬
‫االخيــرة ‪.‬‬

‫‪ -٣‬إمكانية توريث السلطة !‬

‫أمــا الدافــع الثالــث ‪,‬فهــو ان التعديــات الدســتورية قــد اســتهدفت هــذه املــرة تغييــر طبيعــة‬
‫النظــام السياســي والتجربــة الدميقراطيــة وفتــح أبــواب الدســتور لتعديــات جديدة أخرى‬
‫ميكــن لهــا أن تســتوعب كل مــا يخبئــه املســتقبل مــن مفاجئــات قــد حتصــل داخل(بيــت‬
‫احلكــم) ومبــا يضمــن طريقــة انتقــال الســلطة فيمــا بــن مكوناتهــا املختلفــة بصــورة ( آمنــة)‬
‫ومتفــق عليهــا خصوص ـاً يف ظــل احلديــث عــن التوريــث يف أنظمــة اجلمهوريــات العربيــة‬
‫وهــو مــا يفهــم مــن البدعــة التــي ميكــن تكرارهــا يف جعــل بعــض مــواد الدســتور ال حتتــاج‬
‫الــى اســتفتاء شــعبي اذا مــا اريــد تعديلهــا يف أي حلظــة طارئــة‪.‬‬

‫هنــاك أهــداف سياســية أخــرى تتعلــق بالتحكــم بآليــات االنتخابــات الدوريــة وضمــان‬
‫نتائجهــا والســيطرة علــى رؤســاء الوحــدات اإلداريــة يف املجالــس احملليــة املنتخبــة وغيرهــا‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫االصالح يقر التعديالت يف البرملان‬

‫ومــع أن تعديــات مــواد الدســتور ‪٢٠٠١‬م بــدت محــدودة مقارنــة بتعديالت ســبتمبر ‪١٩٩٤‬م‬
‫مــن حيــث عــدد املــواد اال ان مضامينهــا مثلــت مجــزرة للدميقراطيــة ومبــا يخــدم القــوى‬
‫االســتبدادية و بقائهــا يف الســلطة بــا رقابــة وبــا شــراكة او تــداول‪.‬‬

‫واذا كان مــن الواضــح أن التعديــات الثانيــة قــد كانــت بطلــب مــن رئيــس اجلمهوريــة وتلبيــة‬
‫حلاجتــه يف تكريــس الســلطة إال أن هــذا مــاكان ميكــن ان يحــدث لــوال موافقــة التجمــع‬
‫اليمنــي لإلصــاح عليهــا ومتريرهــا اوال عبــر التصويــت علــى مشــروعها يف البرملــان الــى‬
‫جانــب كتلــة املؤمتــر ووفقــا للدســتور نفســه كان مشــروع التعديــات يحتــاج ليمــر بالبرملــان‬
‫قبــل االســتفتاء عليــه الــى ثالثــة اربــاع اصــوات مجلــس النــواب وهــذا مالــم يكــن ميتلكــه‬
‫املؤمتــر‪.‬‬

‫صحيــح أن املؤمتــر كان ميتلــك االغلبيــة املريحــة يف البرملــان (‪ )242‬اال انــه لــم يكــن ميلــك‬
‫ثالثــة اربــاع اعضــاء مجلــس النــواب التــي حتتاجهــا التعديــات إلقرارهــا مــن حيــث املبــدأ‬
‫لــوال انضمــام كتلــة االصــاح البرملانيــة (‪ )46‬بالتصويــت عليهــا الــى جانــب اعضــاء كتلــة‬
‫املؤمتــر وكتلــة حــزب البعــث (‪ )3‬مقاعــد ‪.‬‬

‫وال زلــت أتذكــر حــواراً جــرى بهــذا الصــدد بــن االخويــن جــار اهلل عمــر (االشــتراكي)‬
‫ومحمــد قحطــان (االصالحــي) وكنــت حاضــرا فيــه شــخصياً حــن حــاول االخيــر تبريــر‬
‫امكانيــة موافقتهــم علــى التعديــات يف البرملــان مــع التلويــح بانهــم ســيصوتون شــعبيا‬
‫ضدهــا فــرد الشــهيد جــار اهلل عمــر مبــا معناهــا «اذا اردمت ان ال متــر التعديــات فمــن‬
‫خــال تصويتكــم ضــد متريرهــا يف البرملــان امــا بعــد انزالهــا الــى االســتفتاء فانــت وانــا‬
‫نعــرف كيــف ســيعلن النظــام حصولــه علــى االغلبيــة الشــعبية لتمريرهــا‪.‬‬

‫واضــاف «مــن حقكــم عمــل صفقــات سياســية وانتخابيــة مــع احلــزب احلاكــم فهــذا عمــل‬
‫سياســي وجــزء مــن طبيعــة الدميقراطيــة اال يف حالــة واحــدة وهــي ان تكــون صفقــات‬
‫سياســية علــى حســاب البلــد ونظامهــا الدميقراطــي فهــذه ال مجــال فيهــا للصفقــات‬
‫ومشــروع التعديــات الدســتورية مــن القضايــا املصيريــة واملتعلقــة بالنظــام الدميقراطــي‬
‫للدولــة‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫‪03‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬التعديالت الدستورية الثانية‬

‫كان االصــاح قــد لــوح مبقاطعــة االســتفتاء واالنتخابــات احملليــة املصاحبــة لــه بــل واتخــذ‬
‫بذلــك قــراراً مــن مؤمتــره العــام لكنــه مــا لبــث ان تراجــع عــن قــراره بعقــد مؤمتــر آخــر‬
‫دعــا حلضــوره الرئيــس صالــح نفســه ليخطــب يف جمهــور احلــزب وكان بذلــك يتــوج اتفاقــا‬
‫سياســياً خــارج الدميقراطيــة وضــد املعارضــة مــع الرئيــس لــم يعلــن عنــه وافــق مبوجبــه‬
‫االصــاح علــى املشــاركة يف االســتفتاء واحملليــات‪.‬‬

‫ومــع ان االصــاح كان قــد اصبــح جــزءا مــن املعارضــة (البنــاءة) حســب تعبيــره وكان يقتــرب‬
‫اكثــر فاكثــر مــن احــزاب مجلــس التنســيق االعلــى الحــزاب املعارضــة اال انــه كعادتــه مــا ان‬
‫لــوح لــه صالــح بالعــودة الــى التحالــف حتــى نســي كل مــا كان قــد شــكى منــه يف االنتخابــات‬
‫البرملانيــة لعــام ‪1997‬م‪.‬‬

‫ال ادري ان كان ذلــك قــد جــاء بنــاء علــى صفقــة مضمونهــا متريــر التعديــات مقابــل‬
‫احملليــات أي ان يغــض املؤمتــر عــن نتائــج احملليــات مقابــل غــض االصــاح نظــره عــن‬
‫التعديــات الدســتورية لتمــر اال انــه وأيــا كان الدافــع فقــد كان ملوقــف االصــاح مــن تلــك‬
‫التعديــات بتمريرهــا يف البرملــان ومــن كثيــر مــن القضايــا املصيريــة نتائــج وخيمــة علــى‬
‫النظــام الدميقراطــي برمتــه حتــى وان حصــل علــى مقاعــد مهمــة يف املجالــس احملليــة يف‬
‫ذلــك االســتحقاق‪.‬‬

‫موقف احلزب االشتراكي وأحزاب املعارضة‬

‫لقــد كان واضحــاً ومنــذ البدايــة بــان مشــروع التعديــات الدســتورية ميثــل مبضامينــه‬
‫وبتوجهاتــه العامــة خطــورة حقيقــة علــى طبيعــة النظــام الدميقراطــي والتعــددي يف اليمــن‬
‫‪,‬ويســتهدف تقليــص الهامــش احملــدود مــن احلريــات واحلقــوق املدنيــة ‪,‬واســتالب احلقــوق‬
‫السياســية املكتســبة يف دســتور الوحــدة اليمنيــة وعبــر كل نضــاالت احلركــة الوطنيــة منــذ‬
‫بدايــة األربعينيــات وحتــى إعــان الوحــدة وقيــام اجلمهوريــة اليمنيــة عــام ‪1990‬م‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫وأمــام مشــروع مــن هــذا النــوع ‪,‬فقــد كان مــن الطبيعــي أن يرفضــه احلــزب االشــتراكي‬
‫اليمنــي وبقــوة ويحــث أعضــاءه وأنصــاره وأبنــاء الشــعب عمومــا علــى التصويــت ب(ال)‬
‫خصوصــا بعــد أن عجــز احلــزب وبقيــة أحــزاب املعارضــة ومؤسســات املجتمــع املدنــي يف‬
‫إقنــاع الســلطة يف ضــرورة التراجــع عنــه‪.‬‬

‫ولــم يكــن االشــتراكي يرفــض تعديــات الدســتور مــن حيــث املبــدأ ولكنــه كان يصــر علــى‬
‫جعــل أي امــر مصيــري مثــل قضايــا الدســتور والنظــام الدميقراطــي واحلــدود واحلــرب‬
‫والســام قضيــة وطنيــة خاضعــة للحــوار والتــداول مــن قبــل جميــع األطــراف السياســية‪-‬‬
‫وال عالقــة لذلــك مبوضــوع األقليــة واألغلبيــة يف البرملــان والن هــذا لــم يتــم فقــد كان‬
‫احلــزب االشــتراكي اليمنــي مــن أوائــل األحــزاب السياســية اليمنيــة التــي حــددت موقفهــا‬
‫الرافــض للتعديــات بوضــوح ال لبــس فيــه ومنــذ اللحظــة األولــى إلعالنهــا رســميا‪ ,‬ولعــل‬
‫املوقــف احلــازم واملبكــر للحــزب جتــاه مشــروع التعديــات يعــود يف جــزء منــه إلــى القــرار‬
‫الــذي اتخــذه املؤمتــر العــام الرابــع للحــزب بهــذا اخلصــوص يف تاريــخ ‪2000/9/2‬م ‪,‬‬

‫فقــد تزامــن طــرح الرئيــس ملشــروع التعديــات الدســتورية مــع فتــرة انعقــاد املؤمتــر العــام‬
‫الرابــع (الــدورة الثانيــة‪ -‬دورة البردونــي) التي انعقدت يف الفترة من ‪8/30‬الى‪2000/9/2‬م‬
‫والــذي كان مشــروع التعديــات الدســتورية أحــد أهــم القضايــا املطروحــة علــى جــدول‬
‫أعمــال املؤمتــر ورمبــا أهمهــا بعــد موضــوع انتخــاب الهيئــات القياديــة املختلفــة للحــزب‪.‬‬

‫وحــول األســباب والدوافــع ومــن ثــم األهــداف لرفــض احلــزب للتعديــات أكــد البيــان‬
‫اخلتامــي للمؤمتــر أن ‪(:‬التعديــات الدســتورية بتوجهاتهــا العامــة ومبضامينهــا الواضحــة‬
‫متثــل محطــة رئيســية يف مســيرة العــودة بالبــاد إلــى مــا قبــل قيــام اجلمهوريــة والوحــدة‬
‫والنظــام الدميقراطــي التعــددي‪) !...‬‬

‫وان احلــزب وبقــدر مــا يرفــض تلــك التعديــات مــن حيــث املبــدأ‪ ,‬ومــن حيــث طريقــة‬
‫طرحهــا واإلجــراءات التــي اتخــذت بشــأن إنزالهــا وإقرارهــا يف البرملــان‪ ,‬فانــه يرفضهــا‬
‫ملــا تضمنتــه مــن أهــداف واضحــة تســتهدف ضــرب وتقليــص مســاحة املشــاركة السياســية‬
‫وجتميــد أو إضعــاف املؤسســات املنتخبــة ومتديــد دوراتهــا والتحايــل علــى اســتحقاقات‬

‫‪146‬‬
‫‪03‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬التعديالت الدستورية الثانية‬

‫مواعيدهــا الدوريــة ‪ ,‬وعلــى وجــه اخلصــوص أكــد البيــان اخلتامــي علــى رفــض التعديــات‬
‫الدســتورية كونهــا ‪-:‬‬

‫‪ -‬تســتهدف إلغــاء مبــدأ انتخــاب الهيئــات التشــريعية مــن خــال منــح (مجلــس الشــورى)‬
‫غيــر املنتخــب صالحيــات تشــريعية ‪.‬‬

‫‪ -‬اإلخــال مبــا تبقــى مــن تــوازن بــن مؤسســات الدولــة بتركيــز الســلطة يف يــد رئيــس‬
‫اجلمهوريــة مــن خــال منحــه وفقــا للتعديــات املقترحــة حــق تعيــن أعضــاء مجلــس‬
‫الشــورى ‪,‬وحقــه يف حــل مجلــس النــواب املنتخــب بــدون اســتفتاء الشــعب باإلضافــة إلــى‬
‫منــح الســلطة التنفيذيــة حــق تعيــن رؤســاء املجالــس احملليــة املنتخبــة بــدال مــن انتخابهم‬
‫كمــا ينــص الدســتور احلالــي ‪.‬‬

‫‪ -‬إلغــاء احلقــوق االجتماعيــة والثقافيــة للمواطــن واملكفولــة يف الدســتور احلالــي ‪ ,‬وتخلــي‬


‫الدولــة واحلكومــة عــن مســؤولياتها يف حمايــة مؤسســات االقتصــاد واإلنتــاج الوطنيــة‬
‫باعتمــاد نظــام الســوق وحريــة التجــارة العامليــة وفقــا لشــروط منظمــة التجــارة الدوليــة‬
‫(القــات)‪.‬‬

‫وقــد اســتمر موقــف احلــزب الرافــض للتعديــات قويـاً وفاعـ ً‬


‫ا طــوال احلملــة االنتخابيــة‬
‫التــي خاضهــا مــع بقيــة أحــزاب مجلــس التنســيق ومنظمــات املجتمــع املدنــي وجماهيــر‬
‫الشــعب ألكثــر مــن خمســة اشــهر متواصلــة‪.‬‬

‫وممــا ال شــك فيــه أن جنــاح أعمــال املؤمتــر العــام الرابــع بدورتيــه ‪,‬وانتخــاب جميــع هيئــات‬
‫احلــزب القياديــة بالطــرق الدميقراطيــة ومــا مثلــه انعقــاد مؤمتــر احلــزب مــن تظاهــرة‬
‫سياســية ودميقراطيــة‪ ,‬أكــدت وحــدة احلــزب وأعــادت تأكيــد حضــوره وفاعليتــه يف احليــاة‬
‫السياســية فضــا عــن إعــادة ثقــة أعضــاء وانصــار احلــزب بأنفســهم ومبكانــة وحضــور‬
‫حزبهــم داخــل املجتمــع بإقــرار املشــاركة يف أي انتخابــات قادمــة مهمــا كانــت الصعوبــات‬
‫( باعتبــار أن وســائل نشــاط احلــزب هــي الدميقراطيــة والعمــل بآلياتهــا املختلفــة والعمــل‬
‫مــن خاللهــا لتطويرهــا وتــايف آيــة قصــور أو ثغــرات عبــر املشــاركة الفاعلــة والوســائل‬
‫الســلمية ) ‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫كل هــذه العوامــل ســاهمت وبشــكل ملحــوظ يف حتديــد رؤيــة احلــزب مــن التعديــات‬
‫وتوحيــد موقفــه منهــا ومنــذ وقــت مبكــر اآلمــر الــذي دفــع بــكل أعضــاء وكــوادر احلــزب يف‬
‫املركــز واحملافظــات إلــى العمــل بجــد ونشــاط لتجســيد هــذا املوقــف عمليــا‪.‬‬

‫وبالفعــل فقــد انخــرط احلــزب وبقيــة أحــزاب املعارضــة والشــخصيات الوطنيــة والك َّتــاب‬
‫واحملامــن يف معركــة سياســية وفكريــة اســتهدفت توعيــة املجتمــع والــرأي العــام بخطــورة‬
‫التعديــات الدميقراطيــة ومــن اجــل ذلــك عقــدت النــدوات وحلقــات النقــاش يف اكثــر مــن‬
‫منطقــة ومحافظــة مــن محافظــات اجلمهوريــة‪.‬‬

‫جلنة حماية الدستور‬

‫وكان مــن أهــم األنشــطة والفعاليــات التــي قامــت بهــا املعارضــة يف هذا الســياق هو تشــكيل‬
‫اللجنــة الوطنيــة حلمايــة الدســتور والتــي مت تشــكيلها يف مقــر احلــزب االشــتراكي بتاريــخ‬
‫‪2000/10/1‬م علــى خلفيــة الدعــوة التــي تقــدم بهــا حــزب التجمــع اليمنــي الوحــدوي‪,‬‬
‫ورأســها األســتاذ املناضــل محمــد عبــد الرحمــن الرباعــي اآلمــن العــام حلــزب احتــاد‬
‫القــوى الشــعبية باإلضافــة إلــى اكثــر مــن عشــرين عضــواً مثلــوا قوامهــا ‪,‬هــم يف معظمهــم‬
‫مــن قيــادات احلــزب االشــتراكي وأحــزاب مجلــس التنســيق األعلــى للمعارضــة ‪,‬والتجمــع‬
‫الوحــدوي اليمنــي وشــخص أو شــخصني مــن أعضــاء اإلصــاح والعديــد مــن القانونــن‬
‫واحملاميــن والصحفيــن ونشــطاء حقــوق اإلنســان واملجتمــع املدنــي ‪,‬‬

‫ا يف شــرح املوقــف مــن التعديــات ويف توعيــة‬ ‫وقــد لعبــت هــذه اللجنــة دوراً مهم ـاً وفاع ـ ً‬
‫الــرأي العــام بخطورتهــا علــى النهــج الدميقراطــي ‪ ,‬وقــد ســاهم دخــول االشــتراكي يف‬
‫معركــة االســتفتاء بقــوة ومنــذ وقــت مبكــر يف تصليــب مواقــف بقيــة األحــزاب املعارضــة‬
‫ويف منــح احلملــة االنتخابيــة الكثيــر مــن احليويــة‪.‬‬

‫لقــد كان نشــاط احلــزب السياســي والقانونــي واإلعالمــي املناهــض للتعديــات جــزء مــن‬
‫عمــل مشــترك ضــم إلــى جانبــه بقيــة أحــزاب مجلــس التنســيق واللجنــة الوطنيــة حلمايــة‬
‫الدســتور والعديــد مــن الكتَّــاب والسياســيني واحملاميــن الذيــن عملــوا معــا يف احلملــة‬
‫السياســية واإلعالميــة الواســعة التــي اســتمرت أكثــر مــن خمســة أشــهر واســتهدفت توعيــة‬
‫الــرأي العــام اليمنــي بخطــورة التعديــات علــى التجربــة الدميقراطيــة ‪. ,‬‬

‫‪148‬‬
‫‪03‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬التعديالت الدستورية الثانية‬

‫ومــع أن هــذه احلملــة الواســعة والفاعلــة لــم تفــض إلــى تراجــع الســلطة عــن مشــروع‬
‫التعديــات املناهضــة للنظــام الدميقراطــي إال أنهــا حققــت نتائــج إيجابيــة ملحوظــة علــى‬
‫املســتويني السياســي واحلقوقــي لعــل أهمهــا علــى اإلطــاق هــي ‪-:‬‬

‫ •بالنســبة للحــزب االشــتراكي فقــد اســتطاع بتصــدره حلملــة التوعيــة السياســية‬


‫والفكريــة املناهضــة للتعديــات أن يعيــد تقــدمي نفســه إلــى الــرأي العــام والــى شــرائح‬
‫واســعة مــن أبنــاء املجتمــع باعتبــاره احلــزب املدافــع عــن املكتســبات الوطنيــة الكبــرى‬
‫كاجلمهوريــة والوحــدة والدميقراطيــة وغيرهــا مــن احلقــوق املدنيــة والسياســية‬
‫املكتســبة للمواطنــن ‪.‬‬

‫ •جنحــت املعارضــة ومــن خــال النــدوات واألنشــطة السياســية واحلواريــة التــي أقامتهــا‬
‫أو شــاركت فيهــا يف إثــارة حــوار سياســي وقانونــي ودســتوري جــدي ومعمــق علــى‬
‫مســتوى النخبــة والــرأي العــام حــول التعديــات الدســتورية ‪,‬ســاهم يف تعميــق الوعــي‬
‫الدســتوري واحلقوقــي لــدى املواطنــن‪.‬‬

‫وقــد أعــاد ذلــك إلــى األذهــان احلــراك السياســي والفكــري والقانونــي الــذي خلــق‬
‫وســاهم احلــزب يف خلقــه لــدى املجتمــع إبــان معركــة االســتفتاء علــى دســتور دولــة‬
‫الوحــدة عــام ‪1991‬م مــع فــارق يف اختــال التــوازن االجتماعــي والسياســي العــام‬
‫لصالــح الســلطة هــذه املــرة ‪,‬وقــد انعكــس هــذا الوعــي الشــعبي إيجابيــا مــن خــال‬
‫ارتفــاع نســبة التصويــت بـــ( ال) علــى التعديــات الدســتورية ولصالــح عــدد مرشــحي‬
‫املعارضــة يف احملليــات ‪.‬‬

‫ •يف الســياق ذاتــه ســاهم موقــف أحــزاب مجلــس التنســيق املوحــد مــن التعديــات‬
‫وعملهــا املشــترك يف مناهضتهــا مــن ناحيــة ‪,‬وســعي الســلطة وحزبهــا احلاكــم إلقصــاء‬
‫اإلصــاح وعــدم قبــول أي مطلــب مــن مطالبــه املعلنــة قبــل مؤمتــره االســتثنائي مبــا‬
‫فيهــا عــدم تصحيــح الســجل االنتخابــي يف تطويــر وحتســن موقــف التجمــع اليمنــي‬
‫لإلصــاح مــن التعديــات علــى االقــل يف اوســاط قواعــد التجمــع وبعــض فروعــه يف‬
‫احملافظــات وباجتــاه مناهضتهــا والتصويــت ضدهــا‬

‫‪149‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫وقــد اجبــر املوقــف الرافــض للتعديــات والــذي بــدأ يتنامــى شــيئا فشــيئا يتنامــى‪ ,‬داخــل‬
‫املجتمــع علــى إجبــار الســلطة للخضــوع لبعــض التنــازالت يف موضــوع احلــوار حول املشــروع‬
‫مــن ناحيــة ويف التراجــع عــن بعــض املــواد املقترحــة للتعديــل مــن ناحيــة أخــرى‪.‬‬

‫ففــي حــن كانــت الســلطة ترفــض أي لقــاء مــع املعارضــة وفتــح أي حــوار حــول التعديــات‬
‫مــع بقيــة ا ألحــزاب اضطــر مجلــس النــواب إلــى فتــح حــوارات عامــة حــول التعديــات مــن‬
‫خــال النــدوات وحلقــات النقــاش التــي أشــرفت عليهــا هيئــة رئاســة املجلــس وقــد ســاهمت‬
‫املعارضــة وعــدد مــن رموزهــا يف إيضــاح الكثيــر مــن الثغــرات التــي اكتنفــت املشــروع وبينــت‬
‫موقفهــا للــرأي العــام عبــر بعــض النــدوات التلفزيونيــة ‪,‬آمــا فيمــا يخــص التراجــع عــن‬
‫بعــض املــواد التــي كانــت مطروحــة للتعديــل وحتســن نصــوص أخــرى يف املشــروع حســب‬
‫وجهــة نظــر االصــاح وغيرهــم مــن االطــراف السياســية خــارج مجلــس التنســيق فقــد‬
‫جســدها االتفــاق الــذي مت التوقيــع عليــه بــن املؤمتــر واإلصــاح والبعــث القومــي ‪,‬يف ‪15‬‬
‫أغســطس ‪2000‬م‬

‫اجراء التعديالت متزامنة مع احملليات!‬

‫لقــد بــدت الســلطة حينهــا امــام حملــة احلــزب واملعارضــة معزولــة ووحيــدة يف معركــة‬
‫التعديــات وظهــرت أمــام الــرأي العــام الداخلــي واخلارجــي كســلطة دكتاتوريــة تعمــل علــى‬
‫اســتغالل موقعهــا لترتيــب وضعهــا واالنتقــاص مــن املكتســبات الدســتورية للشــعب ‪ ,‬وشــعر‬
‫النظــام أن هــذا التنامــي يف الوعــي الشــعبي جتــاه رفــض التعديــات يف ظــل عجزهــا‬
‫الكامــل يف تبريرهــا دميقراطيــا ســيؤدي حتمــا إلــى وضعهــا أمــام خيــارات صعبــة ‪.‬‬

‫فإمــا أن تلجــأ إلــى عمليــة التزويــر املباشــر واعــان نتيجــة مخالفــة متامــا لــرأي غالبيــة‬
‫الناخبــن والناخبــات ‪,‬أو أن تقبــل بإمكانيــة ســقوط التعديــات شــعبيا وهــذا غيــر مقبــول‬
‫لديهــا ‪ ,‬كمــا أنهــا لــم تكــن تســتبعد خيــار آخــر ال يقــل مــرارة وهــو إمكانيــة أن يلجــأ‬
‫الناخبــون إلــى عــدم املشــاركة كتعبيــر احتجاجــي ضــد التعديــات ويكــررون بهــذا املوقــف‬
‫جتربــة االنتخابــات الرئاســية األولــى‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫‪03‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬التعديالت الدستورية الثانية‬

‫وقــد عبــرت عــن هــذه احلالــة التــي كانــت تعيشــها الســلطة صحيفــة امليثــاق لســان حــال‬
‫احلــزب احلاكــم وبصراحــة ملفتــة للنظــر حــن كتبــت وعلــى صــدر صفحتهــا األولــى( أن‬
‫املؤمتــر يف معركــة التعديــات يف وضــع صعــب فهــو وحيــد وأمامــه تكتــل واســع ميثلــه‬
‫أحــزاب االشــتراكي واإلصــاح(‪ ((5‬وبقيــة أحــزاب املعارضــة!)!!‬

‫وأمــام ذلــك كلــه وبهــدف تفــادي مثــل هــذه الســيناريوهات املتوقعــة جلــأت الســلطة إلــى‬
‫حيلــة طــرح االنتخابــات احملليــة متزامنــة مــع عمليــة االســتفتاء ومبــا يــؤدي ليــس فقــط‬
‫إخراجهــا مــن مــأزق مناهضــة الدميقراطيــة بصــورة فجــة بــل والــى إربــاك خطــاب‬
‫املعارضــة ووضعهــا أمــام اســتحقاق جديــد لــم تكــن قــد اســتعدت لــه أوالً‪.‬‬

‫وكســر حالــة العزلــة واخلــروج بصــورة مختلفــة علــى مــا ظهــرت بهــا يف موضــوع التعديــات‬
‫أمــام الــرأي العــام الداخلــي واخلارجــي ولعــل هــذه املشــورة – أي تزامــن احملليــات مــع‬
‫االســتفتاء علــى التعديــات – هــي التــي قدمهــا االصــاح لصالــح اوهــي الرشــوة التــي‬
‫قدمــت لإلصــاح مــن قبــل صالــح أي املوافقــة علــى التعديــات مقابــل التغاضــي عــن نتائــج‬
‫االصــاح يف عــدد مــن مجالــس احملليــات وهــو مــا لــم يتــم يف نهايــة االمــر وســارت االمــور‬
‫خالفـاً لالتفاقــات والتفاهمــات الشــفوية املســربة ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االنتخابات احمللية‬

‫وقــد جــاء اعــان تزامــن االســتحقاقني احمللــي واالســتفتاء علــى لســان رئيــس اجلمهوريــة‬
‫أثنــاء زيارتــه إلــى مقــر اللجنــة العليــا لالنتخابــات يــوم ‪2001/1/23‬م وبذلــك اإلعــان‬
‫دخلــت عمليــة االســتفتاء مرحلتهــا الثانيــة متمثلــة مبرحلــة اإلعــداد والتحضيــر إلجــراء‬
‫االنتخابــات احملليــة األولــى يف تاريــخ اجلمهوريــة اليمنيــة ‪.‬‬

‫لقــد كان مــن الواضــح أن قــرار إجــراء االنتخابــات احملليــة متزامنــا مــع عمليــة االســتفتاء‬
‫قــرار تكتيكــي متســرع وجــاء لتحقيــق أهــداف سياســية آنيــة لــم تالحــظ الســلطة فيــه‬
‫حجــم اإلربــاك واخلروقــات التــي قــد تضطــر اليهــا جــراء ذلــك‪.‬‬

‫(‪ )52‬كان جمهور االصالح يف بعض احملافظات ضد التعديالت‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ارباك وخروقات ال حدود لها‬

‫اجــراء احملليــات قبــل موعدهــا املقــرر قانونــا وخــال فتــرة قصيــرة وغيــر كافيــة ‪,‬كان البــد‬
‫أن يتبعــه خروقــات وجتــاوزات وأخطــاء دســتورية وقانونيــة وإجرائيــة وفنيــة ال حــدود لهــا‬
‫وهــو مــا حصــل بالفعــل فقــد ســارت اإلجــراءات واخلطــوات املتبعــة إلجــراء االســتحقاقني‬
‫عــل النحــو التالــي‪-:‬‬

‫ •مت تعديــل قانــون االنتخابــات العامــة الــذي كان قــد نــص علــى إجــراء االنتخابــات‬
‫احملليــة متزامنــة مــع انتخابــات مجلــس النــواب واملقــرر أجرائهــا يف ‪27‬ابريــل‬
‫‪2001‬م ‪ ,‬وقــد مت تعديــل هــذا النــص خــال جلســة واحــدة ويف نفــس اليــوم الــذي‬
‫مت إقــراره مــن قبــل احلكومــة وبصــورة مخالفــة للوائــح مجلــس النــواب مبــا يف ذلــك‬
‫عــدم توفــر األغلبيــة املطلوبــة للتصويــت علــى التعديــل ‪.‬‬

‫ويف جلســة أخــرى وبنفــس الطريقــة مــن االســتعجال واملخالفــة مت تعديــل قانــون‬
‫الســلطة احملليــة مــرة اخــرى بإضافــة مــادة انتقاليــة تنــص علــى إجــراء االنتخابــات‬
‫احملليــة للمــرة األولــى متزامنــة مــع االســتفتاء علــى التعديــات الدســتورية ‪,‬وكــذا‬
‫اقتصــار مــدة دورتهــا عــل ســنتني فقــط بــدال مــن أربــع ســنوات كمــا كان ينــص علــى‬
‫ذلــك القانــون‪.‬‬
‫ •لــم تكــن اللجنــة العليــا قــد أجنــزت التقســيم اإلداري علــى مســتوى الدوائــر‬
‫واملراكــز االنتخابيــة اخلاصــة باملجالــس احملليــة األمــر الــذي جعلهــا تســتعجل‬
‫تقســيم الدوائــر بصــورة عشــوائية‪.‬‬

‫ •اجريــت االنتخابــات احملليــة علــى أســاس قانــون مطعــون بعــدم دســتوريته حيــث‬
‫كان عــدد مــن الشــخصيات السياســية قــد رفعــت دعــوى قضائيــة أمــام احملكمــة‬
‫الدســتورية بتاريــخ ‪2000/2/20‬م تتضمــن عــدم دســتورية قانــون الســلطة احملليــة‬
‫رقــم ‪41‬لســنة ‪2000‬م(‪.((5‬‬

‫(‪ )53‬كنــت احــد ثالثــة قمنــا برفــع دعــوى قضائيــة نطعــن بعــدم دســتورية قانــون الســلطة احملليــة الــى احملكمــة العليــا وكان الــى‬
‫جانبــي كل مــن احملامي‪.‬احملبشــي والرفيــق علــي الصــراري‬

‫‪152‬‬
‫‪03‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬التعديالت الدستورية الثانية‬

‫ •متــت عمليتــي االســتفتاء واحملليــات علــى أســاس ســجل انتخابــي مشــكوك يف‬
‫صحتــه ‪ ،‬بــل وســبق أن صــدرت أحــكام قضائيــة نافــذة قضــت ببطالنــه وبإلــزام‬
‫اللجنــة العليــا لالنتخابــات بإعــادة القيــد والتســجيل ‪ ،‬وإبطــال توزيــع البطاقــة‬
‫االنتخابيــة ‪ ،‬وقــد صــدر احلكــم االبتدائــي بهــذا اخلصــوص عــن محكمــة جنــوب‬
‫غــرب صنعــاء برئاســة القاضــي محمــد حمــران بتاريــخ‪96/7/19‬م ومت تأييــد‬
‫احلكــم مــن قبــل محكمــة االســتئناف بأمانــة العاصمــة برئاســة القاضــي حمــود‬
‫الهتــار بتاريــخ ‪96/9/17‬م ‪ ،‬وبذلــك أصبــح احلكــم باتــاً وواجــب التنفيــذ ‪.‬‬

‫ •عــدم قيــام اللجنــة العليــا لالنتخابــات بفتــح «الســجل االنتخابــي» يف املوعــد احملــدد‬
‫قانونـاً األمــر الــذي حــرم أعــداداً كبيــر ًة ممــن بلغــوا الســن القانونيــة (‪18‬عامـاً) مــن‬
‫حــق املشــاركة يف عمليــة االســتفتاء علــى التعديــات الدســتورية ‪،‬‬

‫ •جــرت عمليــة االســتفتاء واالنتخــاب بإشــراف جلنــة عليــا (إدارة انتخابيــة) ضعيفــة‬
‫وغيــر مؤهلــة ‪ ،‬وكان هنــاك شــبه إجمــاع لــدى القــوى السياســية ومنظمــات املجتمــع‬
‫املدنــي والصحافــة مبــا يف ذلــك قيــادات املؤمتــر الشــعبي العــام (احلــزب احلاكــم)‬
‫علــى أن اللجنــة التــي أشــرفت علــى عمليــة االســتفتاء يف ‪20‬فبرايــر ‪2001‬م لــم‬
‫تكــن بــذات الكفــاءة واالســتقالل واحلياديــة التــي يتطلبهــا القانــون والتــي امتلكتهــا‬
‫اللجــان االنتخابيــة الســابقة لهــا (وإن بنســب متفاوتــة) ‪.‬‬

‫واحلقيقــة أن عــدم اســتقاللية أعضــاء اللجنــة العليــا مــن ناحيــة ‪ ،‬وعجزهــم أو‬
‫فشــلهم يف أداء العديــد مــن مهامهــم قبــل وأثنــاء وبعــد عمليــة االســتفتاء قــد تســبب‬
‫بإربــاكات واختــاالت ال حصــر لهــا ‪ ،‬ومثلمــا ثبــت أن العديــد مــن اإلجــراءات التــي‬
‫اتخذتهــا اللجنــة كانــت غيــر قانونيــة ‪ ،‬فــإن املؤكــد أن كل إجراءاتهــا وتصرفــات‬
‫ا كبيــراً يف العمليــة وأثــرت‬
‫أعضائهــا وأعضــاء اللجــان التابعــة لهــا قــد أحدثــت خلـ ً‬
‫بصــورة مباشــرة تأثيــراً ســلبياً علــى نتائــج االســتفتاء العــام واالنتخابــات احملليــة ‪،‬‬

‫ولعــل أهــم األخطــاء التــي ارتكبتهــا اللجنــة يف هــذا املضمــار وأثــرت بشــدة علــى‬
‫النتائــج النهائيــة لالســتحقاقني ميكــن حصرهــا علــى النحــو التالــي ‪:‬‬

‫‪153‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ •إعطــاء احلــق ألي مواطــن بــأن ميــارس عمليــة االســتفتاء واالنتخــاب بالبطاقــة‬
‫الشــخصية حتــى ولــو لــم يكــن ميتلــك بطاقــة انتخابيــة ‪ ،‬بــل وإن لــم يكــن اســمه‬
‫ال يف ســجالت الناخبــن ‪ ،‬حيــث أتاحــت هــذه املخالفــة القانونيــة الصارخــة‬ ‫مســج ً‬
‫الفرصــة الكاملــة ملــا أســمي بـ»املعرفــن» ولبعــض أعضــاء اللجــان االنتخابيــة‬
‫واألمنيــة االقتــراع نيابــة عــن الذيــن لــم يشــاركوا يف االنتخابــات ‪ ،‬وهــو مــا ثبــت‬
‫عملي ـاً ومــن خــال التقاريــر والبيانــات املرفوعــة للجنــة العليــا يف معظــم مراكــز‬
‫ودوائــر اجلمهوريــة ‪ ،‬وقــد كان لذلــك اخللــل القانونــي الفاضــح عالقــة مباشــرة بــل‬
‫وحاســمة يف بعــض األحيــان علــى النتيجــة النهائيــة لالســتفتاء ‪.‬‬

‫* اســتحداث اللجنــة العليــا ملــا أســمته نظــام الدائــرة الواحــدة» يف عواصــم محافظــات‬
‫اجلمهوريــة العشــرين باإلضافــة إلــى كل مــن ســقطرى وســيئون ‪ ،‬واملقصــود هنــا بـــنظام‬
‫الدائــرة الواحــدة « إعطــاء الناخبــن احلــق يف عمليــة االســتفتاء على التعديالت الدســتورية‬
‫خــارج نطــاق الدوائــر واملراكــز االنتخابيــة التــي ســجلوا أســماءهم فيهــا‪.‬‬

‫وهــو مــا عــرف شــعبيا بالصنــدوق (املقعــي) وقــد علَّــل هــذا اإلجــراء املخالــف للقانــون‬
‫بضــرورة إعطــاء الفرصــة ألكبــر عــدد مــن املواطنــن لالســتفتاء علــى التعديــات وبالــذات‬
‫أولئــك الذيــن منعتهــم الظــروف االقتصاديــة الصعبــة مــن فرصــة النــزول إلــى دوائرهــم‬
‫األصليــة ملمارســة حقهــم االنتخابــي !! األمــر الــذي ســاهم يف تعديــل النتائــج النهائيــة‬
‫لالســتفتاء يف كل محافظــة مــن محافظــات اجلمهوريــة كمــا تريــد الســلطة‪.‬‬

‫* قامــت اللجنــة العليــا بطباعــة بطائــق االقتــراع اخلاصــة بعمليــة االســتفتاء يف أكثــر مــن‬
‫مطبعــة رســمية وأهليــة ويف أكثــر مــن محافظة(وقــد اعترفــت اللجنــة العليــا يف بيــان صــادر‬
‫عنهــا انهــا قامــت بطباعــة اكثــر مــن ‪ 17‬مليــون بطاقــة اقتــراع خــارج العاصمــة صنعــاء وقــد‬
‫أوكل هــذا األمــر يف كثيــر مــن األحيــان للمحافظــن ومســئولي الســلطة احملليــة وبــدون‬
‫إشــراف كامــل ودقيــق مــن قبــل اللجنــة وهــو مالــم يحصــل ابــدا يف االنتخابــات التــي‬
‫ســبقتها والتــي حلقتهــا‪،‬‬

‫وقــد ســاهم عــدم ترقيــم بطائــق االقتــراع ترقيم ـاً تسلســلياً وعــدم إعــان اللجنــة لعــدد‬
‫البطائــق املطبوعــة التــي بحوزتهــا يف إعطــاء الفرصــة لــكل مــن يريــد أن ينســخ أو يطبــع‬

‫‪154‬‬
‫‪03‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬التعديالت الدستورية الثانية‬

‫ا عــن تســرب املوجــود منهــا إلــى أكثــر مــن طــرف‬‫أعــداداً إضافيــة مــن البطائــق فضــ ً‬
‫سياســي‪ .‬وهــو مــا فتــح املجــال واســعاً لعمليــة التزويــر يف االســتفتاء علــى التعديــات‬
‫الدســتورية حتديــداً ‪.‬‬

‫* عــدم التــزام اللجنــة العليــا مبعيــار واحــد ومحــدد فيمــا يخــص توزيــع حصــص ممثلــي‬
‫األحــزاب السياســية يف اللجــان اإلشــرافية «األصليــة والفرعيــة» ومبــا يضمــن التكافــؤ‬
‫والعدالــة فيمــا بينهــا مــن ناحيــة‪ ،‬ويضمــن عمليــة الرقابــة املتوازنــة (التبادليــة) علــى‬
‫عمليــات االقتــراع والفــرز مــن ناحيــة أخــرى‪.‬‬

‫* وحــول موقــف احلــزب االشــتراكي وبقيــة أحــزاب املعارضــة األخــرى مــن موضــوع‬
‫املشــاركة يف االنتخابــات احملليــة بعــد أن وضعــت الســلطة اجلميــع أمــام األمــر الواقــع فقــد‬
‫تراوحــت املواقــف بــن التهديــد باملقاطعــة وعــدم املشــاركة كمــا هــو حــال التجمــع اليمنــي‬
‫لإلصــاح‪.‬‬

‫وإن كان هــذا التلويــح ألهــداف اخــرى غيــر اهــداف املعارضــة حيــث أعلــن يف مؤمتــره‬
‫العــام انــه لــن يشــارك يف االنتخابــات مــا لــم يتــم تصحيــح ســجالت الناخبــن ويتــم حــذف‬
‫األســماء الوهميــة مــن الســجل‪.‬‬

‫وبــن التــردد واالنقســام يف املوقــف داخــل كل حــزب علــى حــدة ‪,‬كمــا حصــل يف بدايــة‬
‫األمــر مــن قبــل أشــخاص وقيــادات داخــل صفــوف االشــتراكي نفســه وكــذا داخــل التنظيــم‬
‫الناصــري ‪,,‬لــم يســتمر طوي ـ ً‬
‫ا وعــادت األحــزاب لتحســم أمرهــا يف نهايــة األمــر باجتــاه‬
‫املشــاركة يف االســتحقاقني معــا كمــا نصــت عليــه قــرارات مؤمتراتهــا العامــة جتــاه أي‬
‫انتخابــات قادمــة ‪.‬‬

‫وجــاء قــرار املشــاركة رغــم معرفــة احلــزب بــكل مــا يف االســتحقاقني مــن خروقــات‬
‫ومخالفــات قانونيــة وإجرائيــة أكــدت عليهــا األحــزاب جميعهــا ‪ ,‬محــذرة مــن خطــورة إجــراء‬
‫العمليتــن مع ـاً محملــة الســلطة كل مــا يترتــب علــى ذلــك مــن نتائــج‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫وهــو األمــر الــذي نبهــت إليــه أيضـاً العديــد املنظمــات الدوليــة املعنيــة بالشــأن االنتخابــي‬
‫والدميقراطــي ومنهــا املعهــد الدميقراطــي األمريكــي بصنعــاء الــذي أكــد يف بيــان رســمي‬
‫صــادر بتاريــخ ‪2000/1/11‬م علــى صعوبــة إجــراء االنتخابــات احملليــة يف ذلــك الوقــت‬
‫معلنــا انســحابه مــن املشــاركة يف عمليــة الرقابــة كنــوع مــن أنــواع االحتجــاج ‪.‬‬

‫تزوير وخروقات خطيرة وصدامات مسلحة ‪!...‬‬

‫يف ‪18‬فبرايــر‪2001‬م أي قبــل يومــن فقــط مــن موعــد االقتــراع أعلنــت اللجنــة العليــا‬
‫لالنتخابــات أنهــا قــد اســتكملت إجــراءات التقســيم اإلداري للمراكــز االنتخابيــة وأن‬
‫عــدد املســجلني يف قوائــم الناخبــن ومــن يحــق لهــم ممارســة حــق االقتــراع والتصويــت‬
‫بلــغ ‪ 2,768,587‬ناخبــا وناخبــة وان عــدد املرشــحني لعضويــة املجالــس احملليــة بلــغ‬
‫‪25‬الــف مرشــح ومرشــحة يتنافســون علــى اكثــر مــن ســبعة آالف مقعــد محلــي علــى مســتوى‬
‫املديريــات واحملافظــات ‪,‬‬

‫ويف صبــاح يــوم الثالثــاء املوافــق ‪2001/2/20‬م توجــه الناخبــون والناخبــات يف عمــوم‬
‫محافظــات اجلمهوريــة إلــى مراكــز االقتــراع ملمارســة حقهــم يف التصويــت علــى مرشــحي‬
‫احملليــات وعلــى التعديــات الدســتورية ‪.‬‬

‫وحســب مــا كان متوقعــا ومــا ســبق وان حــذرت منــه املعارضــة ومنظمــات املجتمــع املدنــي‬
‫وجلــان الرقابــة الدوليــة علــى االنتخابــات فوجــئ الناخبــون والناخبــات يف العديــد مــن‬
‫الدوائــر واملراكــز االنتخابيــة أن رمــوز املرشــحني املفتــرض وضعهــا علــى بطائــق االقتــراع‬
‫وفقــا للقانــون قــد مت التالعــب بهــا أو اســتبدالها برمــوز أخــرى ومبــا يخالــف ملــا ســبق‬
‫أن أعلنــت عنــه جلنــة االنتخابــات طــوال فترتــي الدعايــة والطعــون ‪ ,‬تبــن أن أوراق‬
‫وصناديــق االقتــراع التابعــة حملافظــة أو دائــرة انتخابيــة بعينهــا قــد ذهبــت إلــى محافظــة‬
‫ودائــرة انتخابيــة أخــرى والعكــس صحيــح أيضــا ‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫‪03‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬التعديالت الدستورية الثانية‬

‫األمــر الــذي احــدث إربــاكا حقيقيــا علــى مســتوى اللجان االنتخابية وتســبب يف مشــاجرات‬
‫وتوتــرات خطيــرة بــن أنصــار املرشــحني وأعضــاء اللجــان االنتخابيــة مــن ناحيــة وبينهــم‬
‫وبــن رجــال الســلطة احملليــة وأفــراد اجليــش واألمــن املكلفــن بحمايــة العمليــة االنتخابيــة‬
‫مــن ناحيــة أخــرى ‪,‬‬

‫وبســبب ذلــك توقفــت عمليــة االقتــراع يف اكثــر مــن ‪ 136‬مركــزا انتخابيــا شــملت (املراكــز‬
‫املعطلة)غالبيــة محافظــات اجلمهوريــة وحدثــت أعمــال شــغب وصدامــات مســلحة يف اكثــر‬
‫مــن مــكان ســقط بســببها عشــرات القتلــى واجلرحــى حيــث وصــل عــدد الضحايــا يف كل‬
‫العمليــة االنتخابيــة اكثــر مــن ‪ 40‬قتيــا وحوالــي ‪ 81‬جريحــا وهــي أعلــى نســبة تســجل‬
‫لعــدد الضحايــا يف كل االســتحقاقات االنتخابيــة التــي جــرت قبــل وبعــد انتخابــات املجالــس‬
‫احملليــة ‪.‬‬

‫يف اليــوم التالــي أي صبــاح يــوم األربعــاء املوافــق ‪2001/2/21‬م ارتكبــت اللجنــة العليــا‬
‫لالنتخابــات مخالفــة قانونيــة أخــرى متثلــت باســتئناف عمليــة االقتــراع يف املراكــز‬
‫االنتخابيــة التــي توقفــت فيهــا االنتخابــات قبــل مــرور الفتــرة القانونيــة‪ ,‬ومــع أن ذلــك قــد‬
‫أدى إلــى تصعيــد حــاالت العنــف إال انــه لــم يحــل املشــكلة حيــث توقفــت االنتخابــات مــرة‬
‫أخــرى يف اكثــر من‪55‬مركــزا انتخابيــا ‪.‬‬

‫ولعــل ابــرز املخالفــات القانونيــة التــي ســجلت خــال يومــي االقتــراع قــد متثلــت يف إتاحــة‬
‫الفرصــة للمواطنــن واملرشــحني الذيــن أســقطت رموزهــم االنتخابيــة يف العديــد مــن‬
‫الدوائــر بطباعــة رموزهــم علــى أوراق عاديــة وكل مبجهــوده الشــخصي وعلــى قــدر نفــوذه‬
‫وســطوته ‪, ,‬فضــا عــن الســماح آلالف الناخبــن مبمارســة عمليــة االقتــراع دون أن يكــون‬
‫لهــم بطائــق انتخابيــة مكتفــن بإبــراز أيــة وثيقــة يذكــر فيهــا اســم الناخــب حتــى ولــو كانــت‬
‫هــذه الوثائــق شــخصية وحزبيــة أو عســكرية ‪,‬‬

‫ويف اليــوم الثالــث مــن أيــام االنتخابــات وقبــل أن تبــدأ اللجــان بعمليــة عــد وفــرز األصــوات‬
‫أقدمــت الســلطة ومــن خــال اللجنــة العليــا علــى اتخــاذ قــرار آخــر مخالــف للقواعــد‬
‫االنتخابيــة قضــى بتأجيــل عمليــة فــرز وإعــان النتائــج بالنســبة للمحليــات حتــى االنتهــاء‬
‫مــن فــرز وإعــان نتائــج االســتفتاء العــام علــى الدســتور‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫‪ ,‬وقــد مت ذلــك دون أن يســجل للمعارضــة احتجاجــات جديــة علــى هــذا القــرار علــى رغــم‬
‫أن نتيجتــه املباشــرة كانــت تعنــي إجــراء عمليــة فــرز األصــوات مرتــن وبالتالــي تأجيــل‬
‫إعــان النتيجــة عــن موعدهــا القانونــي‪.‬‬

‫مــع مالحظــة أن الهــدف منــه كان واضحــا وهــو متريــر التعديــات الدســتورية والعبــث‬
‫بنتيجتهــا واالســتعجال بإعــان فوزهــا يف حلظــة تكــون املعارضــة ومرشــحوها وأنصارهــم‬
‫مشــغولني مبراقبــة نتائــج احملليــات وبالتالــي نســيان أو جتاهــل نتيجــة االســتفتاء ومــدى‬
‫مطابقــة مــا يتــم إعالنــه حولهــا مــع إرادة الناخبــن‪.‬‬

‫واملهــم هــو أن هــذه املخالفــات القانونيــة واإلجرائيــة باإلضافــة إلــى حالــة التوتــر وأعمــال‬
‫العنــف والصدامــات العســكرية‪ ,‬وضعــف وعــدم كفــاءة اللجنــة العليــا لالنتخابــات واللجــان‬
‫التابعــة لهــا‪ ,‬وقصــر املــدة اخلاصــة بإجــراء مراحــل االنتخابــات احملليــة املختلفــة وعــدم‬
‫اجلاهزيــة فنيـاً واداريـاً ألجرائهــا يف تلــك الفتــرة ‪..‬الــخ‬

‫قــد أدت مجتمعــة إلــى تأخيــر إعــان النتائــج عــن موعدهــا القانونــي (أي خــال‪ 72‬ســاعة‬
‫مــن تاريــخ انتهــاء عمليــة التصويــت) وعندمــا بــدأت اللجنــة العليــا تعلــن أول بياناتهــا‬
‫حــول نتائــج االســتحقاقني بتاريــخ ‪2001/2/23‬م أعلنتهــا بالتقســيط وبصــورة مسيســة‬
‫وعبــر بيانــات وأرقــام ومعلومــات متضاربــة‪ ,‬وعلــى ســبيل املثــال ال احلصــر فقــد تضمــن‬
‫اول تصريــح رســمي صــادر عــن اللجنــة العليــا لالنتخابــات بتاريــخ ‪/23‬فبرايــر أن نســبة‬
‫املشــاركة الشــعبية جتــاوزت ‪ %85‬مــن عــدد املســجلني يف قوائــم االنتخابــات !غيــر أنهــا يف‬
‫بيــان الحــق أعلنــت أن نســبة املشــاركة بلغــت ‪ %50‬وهــو فــارق غيــر طبيعــي بــن االعالنيــن‬
‫لتســتقر يف آخــر بيــان لهــا علــى نســبة ‪ %49‬فقــط ‪,‬‬

‫وهكــذا كان األمــر بالنســبة خلارطــة التصويــت مــع أو ضــد مشــروع التعديــات الدســتورية‬
‫حيــث أشــار البيــان الرســمي الثالــث والصــادر عــن اللجنــة العليــا بتاريــخ ‪ 2/25‬أن نســبة‬
‫املصوتــن بنعــم علــى التعديــات بلغــت ‪ %75‬ومــع أن اللجنــة اعتبــرت هــذا البيــان األخيــر‬
‫والنهائــي إال أنهــا عــادت لتصــدر بيانــا آخــرا بتاريــخ ‪2001/3/4‬م نــص علــى أن ‪%72,91‬‬
‫مــن نســبة املشــاركني قــد صوتــوا بنعــم مقابــل ‪ %21,27‬مــن املشــاركني صوتــوا ب(ال) علــى‬
‫التعديــات‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫‪03‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬التعديالت الدستورية الثانية‬

‫رفض التعديالت الدستورية شعبي ًا واقرارها رسمي ًا‬

‫تلــك البيانــات والتصريحــات املتضاربــة يف مضامينهــا والصــادرة عــن اللجنــة العليــا‬


‫وعــن بعــض أعضائهــا قــد أدت إلــى حــدوث خالفــات معلنــة بــن أعضــاء اللجنــة العليــا‬
‫لالنتخابــات نفســها‪ ,‬خصوصــا عندمــا أعلــن نائــب رئيــس اللجنــة حينهــا االســتاذ محمــد‬
‫حســن دمــاج (إصــاح) أن األرقــام والبيانــات التــي تصــدر باســم اللجنــة العليــا أو باســم‬
‫رئيســها حــول التعديــات عشــوائية وغيــر دقيقــة ولــم يحصــل أن أقــرت رســميا مــن قبــل‬
‫اللجنــة العليــا (كهيئــة) ‪.‬‬

‫‪,‬وبقــدر مــا تســببت هــذه اخلالفــات املعلنــة حــول نتائــج االســتفتاء يف أحــراج الســلطة‬
‫واللجنــة العليــا معـاً بقــدر مــا أكــد تضــارب واختــاف مضامــن البيانــات الرســمية صحــة‬
‫ومصداقيــة أحــزاب املعارضــة ومصداقيــة البيانــات الصــادرة عنهــا بخصــوص حــدوث‬
‫خروقــات هائلــة يف عمليــة االســتفتاء وبخصــوص مــا طرحتــه مــن عــدم حصــول التعديــات‬
‫الدســتورية علــى الغالبيــة املطلوبــة إلقرارهــا ‪.‬‬

‫حيــث أشــارت بعــض تصريحــات قــادة املعارضــة وبعــض التقاريــر الصــادرة عــن عــدد مــن‬
‫املنظمــات الرقابيــة احملليــة إلــى أن غالبيــة الناخبــن الفعليــن يف العديــد مــن احملافظــات‬
‫والدوائــر قــد صوتــوا ب(ال) علــى مشــروع التعديــات ‪,‬وبالــذات يف أمانــة العاصمــة‬
‫ومحافظــات حلــج وإب والضالــع وتعــز واجلــوف وغيرهــا‪,‬‬

‫وعلــى كل حــال فقــد صــدر آخــر بيــان عــن اللجنــة العليــا لالنتخابــات بتاريــخ ‪2001 /3 /4‬م‬
‫أي بعــد ‪ 14‬يومــا مــن عمليــة االقتــراع وقــد تضمــن البيانــات والنتائــج الرســمية التاليــة‪- :‬‬

‫أوال نتائج االستفتاء العام‬

‫‪ -‬اشــار البيــان الــى أن (‪ )2.768.587‬ناخبـاً وناخبــة هــم مجمــوع مــن شــاركوا يف عمليــة‬
‫االســتفتاء‪ ،‬منهــم (‪ )2.018.527‬وبنســبة (‪ ) %72.91‬صوتــوا بـ»نعــم» علــى التعديــات»‬
‫‪ ،‬مقابــل (‪ )588.780‬صوتــوا بـــ»ال» وبنســبة ‪ ، )%21.27‬باإلضافــة الــى و(‪)161.280‬‬
‫وبنســبة (‪ )%6.18‬بطاقــة الغيــة أي «تصويــت احتجاجــي « ‪..‬‬

‫‪159‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫وبقــراءة وحتليــل نتيجــة االســتفتاء العــام وعلــى افتــراض صحــة االرقــام التــي اعلنتهــا‬
‫اللجنــة العليــا لالنتخابــات‪ ,‬فــإن أول مــا ميكــن مالحظتــه يف هــذه األرقــام هــو أن اكثــر‬
‫مــن نصــف مليــون ناخــب وناخبــة أي (‪ )588.780‬ممــن صوتــوا بـــ «ال» ملشــروع التعديــات‬
‫الدســتورية تعتبــر يف الظــروف واألجــواء التــي أجريــت فيهــا عمليــة االســتفتاء نســبة عاليــة‬
‫فضــا عــن (‪ )106.280‬ألــف ورقــة اقتــراع الغيــة معظمهــا تصويــت احتجاجــي ‪.‬‬

‫وهــو مــا يعنــي أنــه وبالقــدر الــذي كانــت فيــه التعديــات الدســتورية متثــل تراجعـاً كبيــراً‬
‫وخطيــراً علــى النهــج الدميقراطــي لدولــة الوحــدة وســحباً مــن احلقــوق املدنيــة والسياســية‬
‫املكتســبة للمواطنــن فــإن النســبة املرتفعــة للتصويــت ضدهــا شــعبياً قــد كشــف عــن وجــود‬
‫شــريحة شــعبية واســعة ومتماســكة داخــل املجتمــع اليمنــي ضــد الســلطة‪.‬‬

‫وهــي شــريحة مسيســة ولديهــا الشــجاعة الكافيــة للدفــاع عــن مكاســبها السياســية‬
‫والدميقراطيــة وهــو أمــر يف غايــة األهميــة‪ .‬أي أن قرابــة ســبعمائة الــف صــوت رافــض‬
‫واحتجاجــي ضــد التعديــات مــن اصــل مليونــن ونصــف هــم املشــاركون يف االســتفتاء‬
‫(حســب إعالنــات اللجنــة العليــا الرســمية) دليــل واضــح علــى تنامــي الوعــي السياســي‬
‫واحلقوقــي لــدى املجتمــع اليمنــي ‪.‬وتأييــد للــدور الريــادي الــذي لعبــه احلــزب االشــتراكي‬
‫اليمنــي وأحــزاب املعارضــة‪.‬‬

‫غيــر أن االهــم مــن كل هــذا هــو ان النتيجــة برمتهــا كانــت مــزورة بالنســبة لنتائــج االســتفتاء‬
‫علــى التعديــات حتديــداً وكثيــراً مــن التقاريــر تقــول ان التعديــات ســقطت شــعبياً يف‬
‫عمليــة االســتفتاء وبعضهــا تقــول انهــا حــازت علــى شــرعية االقــرار شــعبيا ولكــن بنســبه‬
‫ضئيلــة وان نتائــج (نعــم) او (ال) كانــت متقاربــة لــوال عمليــة التزويــر التــي مارســتها الســلطة‬
‫اوال وتواطــؤ االصــاح ثانيــا‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫‪03‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬التعديالت الدستورية الثانية‬

‫حتليل نتائج االحزاب يف احملليات‬

‫أمــا بالنســبة لنتائــج األحــزاب ومــا حصدتــه مــن املقاعــد احملليــة ســواء مــن حيــث عــدد‬
‫املقاعــد او مــن حيــث عــدد االصــوات ومــن ثــم حتليلهــا فيمكــن لنــا تقييمهــا وفقــا لألرقــام‬
‫املعلنــة رســمياً مــن قبــل اللجنــة االنتخابيــة وليــس وفقــا ملــا رصدتــه االحــزاب مــن نتائــج مت‬
‫تســجيلها مباشــرة اثنــاء عمليــة الفــرز يف كل مركــز ودائــرة انتخابيــة الن هــذا لــم يحصــل‬
‫لألســف علــى االقــل بالنســبة للحــزب االشــتراكي واحــزاب املعارضــة يف هــذا االســتحقاق‬
‫وغيــره مــن االســتحقاقات رغــم انهــا متلــك مراقبــن يف كل صنــدوق ويف كل االحــوال فقــد‬
‫جــاء اعــان اللجنــة العليــا لالنتخابــات نتائــج االحــزاب وفقـاً للترتيــب التالــي ‪-:‬‬

‫‪-1‬املؤمتر الشعبي العام‬

‫وقــد فــاز بـــ ‪277‬مقعــدا علــى مســتوى مجالــس احملافظــات‪ ,‬وبـــ ‪ 3807‬مقاعــد يف املديريات‬
‫ومبــا نســبته ‪ %85‬تقريبــا يف كال املســتويني اإلداريــن (احملافظــة واملديريــة) وبهــذه النتيجة‬
‫االنتخابيــة الكبيــرة يكــون احلــزب احلاكــم قــد اقتــرب والــى حــد كبيــر مــن حتقيــق ثانــي‬
‫أحــد أهــم األهــداف السياســية التــي ســعى إلــى حتقيقهــا مــن خــال االســتحقاقني‪ ,‬وهــو‬
‫احلصــول علــى األغلبيــة التــي متكنــه مــن الفــوز بأهــم مراكــز القــرار داخــل املجالــس‬
‫احملليــة يف كل أو أغلــب احملافظــات واملديريــات ويف مقدمتهــا منصــب األمــن العــام ثــم‬
‫منصــب رؤســاء اللجــان الرئيســية الثــاث يف هــذه املجالــس‪.‬‬

‫أمــا كيــف حصــل املؤمتــر الشــعبي العــام علــى هــذه النتيجــة رغــم الزخــم الشــعبي املعــارض‬
‫لسياســاته ورغــم التحالــف امليدانــي بــن أحــزاب املعارضــة ضــده يف ذلــك االســتحقاق؟‬

‫فيعــود إلــى أســباب وعوامــل عديــدة توفــرت للمؤمتــر الشــعبي العــام ولــم تتوفــر لغيــره مــن‬
‫األحــزاب فباإلضافــة إلــى العامــل املعــروف واملتمثــل بتســخير كل إمكانــات الدولــة املاليــة‬
‫واإلداريــة واإلعالميــة واألمنيــة لصالــح مرشــحي املؤمتــر ‪.‬‬

‫فقــد توفــر للســلطة ومــن ثــم املؤمتــر يف االنتخابــات احملليــة عامــل آخــر ســاهم يف حســم‬
‫نتائــج احملليــات لصاحلــه هــو أن الســلطة وليــس القانــون واملؤمتــر الشــعبي أو حتــى اللجنــة‬

‫‪161‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫العليــا لالنتخابــات كانــت هــي صاحبــة قــرار إجــراء االنتخابــات احملليــة يف غيــر موعدهــا‬
‫ويف ذلــك التوقيــت احلــرج وهــي مــن ادارتهــا بالطريقــة التــي تريــد مــن اولهــا الــى اخرهــا‪.‬‬

‫اذ انــه وبقــدر مــا فاجــأ ذلــك القــرار أحــزاب املعارضــة واربكهــا بقــدر مــا جعــل الســلطة‬
‫ومــن ثــم املؤمتــر الشــعبي العــام يتحكمــان متامــا بكامــل العمليــة االنتخابيــة وبــكل مراحلهــا‬
‫وإجراءاتهــا بــد ًء مــن تقســيم الدوائــر علــى أســاس الدائــرة احملليــة وحتديــد وتوزيــع‬
‫مراكزهــا املختلفــة ومبــا يتناســب مــع مقاســات الفــوز ملرشــحيها مــرورا بتحديــد عــدد‬
‫مقاعــد كل مجلــس محلــي علــى حــدة وبحيــث ترفــع نســبتهم يف دائــرة وتخفضهــم يف أخــرى‬
‫حســب معيــار الضعــف والقــوة للحــزب احلاكــم يف هــذه الدائــرة او تلــك‪.‬‬

‫وقبــل ذلــك تفســير نصــوص القانــون وشــروط قبــول املرشــحني ومــن يقبــل ومــن ال‬
‫يقبــل وصــوال إلــى أمــر طباعــة بطائــق االقتــراع وحتديــد الرمــوز االنتخابيــة للمرشــحني‬
‫والتالعــب بهــا وانتهــاء بعمليــة الفــرز وإعــان النتائــج الــخ حيــث ثبــت أنــه بقــدر انــه مــا‬
‫اربــك املعارضــة واللجنــة االنتخابيــة واملشــهد العــام عامــل تزامــن احملليــات مــع االســتفتاء‬
‫واتخــاذ قــرار احملليــات يف ذلــك التوقيــت غيــر مناســب وبتلــك الطريقــة االنتقائيــة كان‬
‫أحــد أهــم العوامــل التــي رفعــت مــن نســبة مقاعــد املؤمتــر الشــعبي وتراجــع نتائــج أحــزاب‬
‫العارضــة يف االنتخابــات احملليــة كــون ثقــل الســلطة وامكانياتهــا هــي التــي ادارت العمليــة‬
‫االنتخابيــة ال املؤمتــر وال اللجنــة االنتخابيــة‪.‬‬

‫‪ -2‬التجمع اليمني لإلصالح‬

‫فــاز اإلصــاح بـــ ‪75‬مقعــدا مــن مقاعــد املجالــس احملليــة للمحافظــات و بـــ ‪ 417‬مقعــدا من‬
‫مقاعــد املجالــس احملليــة ملديريــات وبنســبة ‪ %24‬تقريبــا علــى املســتويني اإلداريــن وفقــا‬
‫إلعــان اللجنــة العليــا لالنتخابــات‪.‬‬

‫ومــع أنهــا نتيجــة انتخابيــة متواضعــة مــن حيــث عــدد املقاعــد ونســبتها الــى عــدد مقاعــد‬
‫املجالــس احملليــة التــي يصــل عددهــا إلــى اكثــر مــن ســبعة آالف مقعــد محلــي ومــن حيــث‬
‫مقارنتهــا بنتائــج احلــزب احلاكــم إال أنهــا تعتبــر نتيجــة جيــدة ومثلــت انتصــاراً سياســياً‬
‫واضحـاً لإلصــاح وألحــزاب املعارضــة عمومــا خصوصـاً إذا مــا مت قراءتهــا وحتليلهــا مــن‬
‫زوايــا أخــرى مختلفــة غيــر النســبة العدديــة للمقاعــد احملليــة ‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫‪03‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬التعديالت الدستورية الثانية‬

‫ومنهــا ‪,‬أن اإلصــاح وبدعــم مؤكــد مــن جمهــور املعارضــة يف احــزاب مجلــس التنســيق قــد‬
‫اســتطاع أن يســجل حضــوره الفاعــل والقــوي يف غالبيــة احملافظــات والدوائــر االنتخابيــة‬
‫مبــا فيهــا تلــك احملافظــات والدوائــر التــي كان قــد خســرها وخــرج منهــا مهزومــا يف‬
‫انتخابــات ‪1997‬م البرملانيــة كاألمانــة ومحافظــة اب وقــد عــزي فــوز االصــاح الــى‬
‫تصويــت االشــتراكي واحــزاب املعارضــة ملعظــم مرشــحي االصــاح يف هاتــن احملافظتــن‬
‫ومحافظــات اخــرى كــون عــدد مرشــحي احلــزب وبقيــة االحــزاب كان محــدوداً مقابــل‬
‫اتســاع عــدد مقاعــد احملليــات وارتفــاع نســبة مرشــحي االصــاح فيهــا ‪.‬‬

‫كمــا حقــق االصــاح تقدمــا ملحوظـاً يف دوائــر ومحافظــات لــم يكــن فيهــا متواجــدا أو أن‬
‫تواجــده فيهــا كان ضعيفـاً خــال انتخابــات ‪1993‬م و‪1997‬م البرملانيــة كمحافظــة احملويــت‬
‫التــي حصــل علــى نصــف مقاعــد املجلــس احمللــي للمحافظــة مقابــل صفــر يف االنتخابــات‬
‫البرملانيــة الســابقة ويف محافظــة مــأرب حصــل علــى غالبيــة مقاعــد مجلــس احملافظــة‬
‫احمللــي وهــو املجلــس احمللــي الوحيــد الــذي ميتلــك حــزب خــارج الســلطة األغلبيــة التــي‬
‫تؤهلــه لتولــي منصــب الرجــل الثانــي يف قيــادة احملافظــة (األمــن العــام) اي نائــب احملافظ‪.‬‬

‫ورمبــا لهــذا الســبب مت تعطيــل عمــل املجلــس احمللــي يف محافظــة مــأرب نهائيــا حتــى اآلن‬
‫ومــع ان حســاب نتائــج احملليــات ال ميكــن مقارنتــه بحســاب نتائــج البرملــان نظــراً الختــاف‬
‫الدوائــر وعــدد املرشــحني وعوامــل اخــرى اال ان البعــد السياســي يف النتائــج مينــح حــق‬
‫املقارنــة ولــو جزئيــا ‪.‬‬

‫‪,‬أمــا البعــد الثانــي يف نتيجــة اإلصــاح االنتخابيــة فيتمثــل يف حصولــه علــى عــدد مــن‬
‫املقاعــد احملليــة يف احملافظــات واملديريــات ذات الثقــل االجتماعــي والسياســي الكبيــر‬
‫والتــي ميثــل الفــوز فيهــا ألي حــزب سياســي رمزيــة خاصــة كأمانــة العاصمــة ومدينــة عــدن‬
‫ومحافظــة اب وحضرمــوت وغيرهــا فقــد حقــق اإلصــاح يف هــذه احملافظــات نتيجــة‬
‫كبيــرة ومقــدرة واصبــح متواجــداً يف عضويــة مجالســها احملليــة علــى املســتويني (املديريــة‬
‫واحملافظــة) ليــس هــذا وحســب بــل إن اإلصــاح كان املنافــس اجلــدي الوحيــد تقريبـاً مــع‬
‫حــزب الســلطة املؤمتــر الشــعبي العــام يف أغلبيــة الدوائــر احملليــة للجمهوريــة‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫‪-3‬احلزب االشتراكي اليمني‬

‫وقــد فازبـــ‪ 16‬مقعــدا علــى مســتوى احملافظــات ‪,‬و بـــ‪ 311‬مقعــدا علــى مســتوى املديريــات‬
‫وبنســبة ‪ %4‬تقريبــا يف املســتويني ‪,‬كمــا تواجــد االشــتراكي بهــذه النتيجــة االنتخابيــة يف‬
‫عضويــة املجالــس احملليــة حلوالــي ‪ 12‬محافظــة واكثــر مــن ‪ 70‬مديريــة وســجلت نتيجتــه‬
‫أغلبيــة يف عضويــة املجلــس احمللــي املديريتــن همــا مديريتــا ســرار وســباح يف أبــن‬
‫وحوالــي نصــف عــدد املقاعــد يف املجالــس احملليــة حملافظــات‪ ,‬حلــج‪ ,‬وأبــن‪ ,‬واملهــرة‪.‬‬

‫وبقــدر مــا أن احلــزب االشــتراكي هــو احلــزب األول يف عــدد النســاء املرشــحات لعضويــة‬
‫املجالــس احملليــة يف املســتويني اإلداريــن معــا حيــث بلــغ عــدد املرشــحات النســاء يف قائمتــه‬
‫‪50‬مرشــحة مــن اصــل ‪ 200‬مرشــحة‪.‬‬

‫فقــد كان احلــزب األول أيضــا الــذي أوصــل املــرأة اليمنيــة إلــى عضويــة املجلــس احمللــي‬
‫علــى مســتوى احملافظــة حيــث فــازت إحــدى مرشــحاته بعضويــة مجلــس محافظــة عــدن‬
‫احمللــي وكادت أخــرى أن تفــوز مبقعــد آخــر مــن مقاعــد مجلــس محافظــة أبــن لــوال تغييــر‬
‫النتيجــة وتالعــب الســلطة بأصواتهــا االنتخابيــة يف أخــر حلظــة فضــا عــن فــوز عــدد‬
‫أخــر مــن مرشــحاته يف عضويــة املجالــس احملليــة للمديريــات‪.‬‬

‫يذكــر انــه ايضــا دعــم املرشــحة الوحيــدة مــن النســاء التــي فــازت مــن دون بقيــة املرشــحات‬
‫يف عمــوم اجلمهوريــة مبنصــب رئيــس املجلــس احمللــي يف مديريــة النــادرة مــع انهــا ترشــحت‬
‫باســم املؤمتــر لكنهــا كانــت مؤهلــة ومــن اســرة اشــتراكية مناضلــة عبــر تاريــخ احلــزب وهــي‬
‫الرفيقــة جنيبــة املعمــري رحمهــا اهلل ‪.‬‬

‫ويف ســياق قــراءة نتائــج االشــتراكي االنتخابيــة جنــد انهــا نتائــج متواضعــة جــدا وال‬
‫متثــل مكانــة وحضــور احلــزب االجتماعــي والسياســي والتاريخــي يف معظــم محافظــات‬
‫اجلمهوريــة ولعــل هــذه النتيجــة تعــود الــى ثالثــة عوامــل رئيســية وهــي ‪:‬‬

‫االول هــو ان اســتحقاقي االســتفتاء واحملليــات هــي اول اســتحقاق انتخابــي يخوضــه‬
‫احلــزب منــذ ان توقــف عــن خوضهــا بعــد حــرب ‪1994‬م وهــو مــا ادى الــى ضمــور العمــل‬
‫التنظيمــي والنشــاط السياســي وامليدانــي للحــزب بصــورة كبيــرة يف املركــز واحملافظــات ‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫‪03‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬التعديالت الدستورية الثانية‬

‫وقــد ظهــر هــذا الضمــور يف كل مناحــي العمليــة االنتخابيــة ســواء يف اشــراف قيــادة احلزب‬
‫العليــا او يف ادارة املنظمــات احلزبيــة واختيــار املرشــحني او يف احلمــات االنتخابيــة وعــدد‬
‫االصــوات وعــدم الفاعليــة يف الدفــاع عنهــا الخ‪.‬‬

‫العامــل الثانــي يعــود الــى الوقــت احلــرج الــذي اتخــذت فيــه الســلطة قــرار اجــراء احملليــات‬
‫فقــد لوحــظ ان الوقــت كان مربــكاً للجميــع وال يوفــر فرصــة اال إلدارة احلملــة االنتخابيــة‬
‫لالســتفتاء علــى التعديــات وهــو مــا ركــز عليــه احلــزب وجنــح فيــه الــى حــد كبيــر ‪.‬‬

‫العامــل الثالــث هــي قلــة االمكانيــات وعــدم دعــم املنظمــات احلزبيــة واملرشــحني بصــورة‬
‫كافيــة فضــا عــن وجــود خالفــات مزمنــة وحــادة داخــل عــدد مــن منظمــات احلــزب‬
‫الرئيســية كمنظمــات تعــز واحلديــدة وعــدن وغيرهــا ‪.‬‬

‫ويف كل االحــوال فقــد كان جلمهــور احلــزب دور مؤثــر يف دعــم مرشــحي املعارضــة عمومــا‬
‫مبــا فيهــا االصــاح يف احملليــات وقــد ســجل احلــزب مفاجــأة غيــر متوقعــة يف فــوز عــدد‬
‫مــن مرشــحيه إلــى عضويــة املجالــس احملليــة يف كل مــن مديريــات ومحافظــات صعــدة‬
‫واجلــوف وحجــة والــى حــد مــا ذمــار مقابــل تراجــع حضــوره يف محافظــات ومديريــات‬
‫أخــرى كان لــه قصــب الســبق فيهــا قبــل هــذه االنتخابــات كمــا هــو احلــال يف محافظــة تعــز‬
‫وحضرمــوت وعــدن والــى حــد مــا البيضــاء ومــآرب مقابــل احملافظــة جزئيـاً علــى حضــوره‬
‫القــوي واملنافــس للســلطة ولإلصــاح مع ـاً يف كل مــن محافظــة حلــج تليهــا أبــن واملهــرة‬
‫ثــم الضالــع ‪.‬‬

‫واحلقيقــة انــه وبالنظــر إلــى أن االنتخابــات احملليــة ‪2001‬م كانــت بالنســبة لالشــتراكي‬
‫هــي االســتحقاق الدســتوري واالنتخابــي األول منــذ حــرب ‪1994‬م وبعــد أن قــرر عــدم‬
‫املشــاركة يف انتخابــات ‪1997‬م البرملانيــة ومنعتــه الســلطة وكــذا بقيــة أحــزاب املعارضــة مــن‬
‫املشــاركة يف االنتخابــات الرئاســية األولــى ‪1999‬م ثــم بالنظــر إلــى شــحة إمكاناتــه املاليــة‬
‫وآثــار احلملــة القمعيــة التــي مارســتها الســلطة واإلنــزال منــذ انتهــاء احلــرب فــان نتيجتــه‬
‫االنتخابيــة علــى قلــة املقاعــد التــي فــاز بهــا تعتبــر بشــكل عــام جيــدة وقــد مثلــت حينهــا‬
‫انتصــاراً سياســياً ملفتـاً يف نظــر العديــد مــن األطــراف حيــث اثبــت مــن خاللهــا انــه عصــي‬
‫علــى الكســر ولــه تواجــد مقــدر علــى مســتوى غالبيــة محافظــات ومديريــات اجلمهوريــة‬

‫‪165‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫وانــه رغــم كل مــا مــورس ضــده مــن قمــع ومــا واجهــه مــن صعوبــات يظــل حزبــا وطنيــا كبيــرا‬
‫وغيــر قابــل لالنكســار او املــوت طاملــا وهنــاك حاجــة اجتماعيــة ووطنيــة لوجــوده وطاملــا‬
‫وهــو ميثــل غطــاء سياســيا لشــرائح وفئــات واســعة يف املجتمــع اليمنــي هــذا مــن ناحيــة ‪.‬‬

‫لقــد كان ملشــاركة احلــزب يف انتخابــات املجالــس احملليــة األولــى بعــد انقطــاع طويــل عــن‬
‫النشــاط امليدانــي واجلماهيــري دور مقــدر يف جتديــد وتنشــيط منظماتــه وكــوادره احلزبيــة‬
‫ويف اســتعادة ولــو جزئيـاً مــن قاعدتــه االجتماعيــة ومتتــن عالقاتــه بأعضائــه وبجماهيــر‬
‫الشــعب يف مختلــف مناطــق اجلمهوريــة بقــدر مــا ســاهمت يف إعــادة اكتشــافه ملكانتــه‬
‫االجتماعيــة والسياســية ومــدى تأثيــر احلــرب وممارســات الســلطة الالحقــة واملســتمرة‬
‫ضــده وضــد مشــروعه السياســي والوطنــي ‪.‬‬
‫يف املقابــل ســاهمت نتائــج احلــزب احملــدودة يف تعريــف قيادتــه وكــوادره الــى خطــورة‬
‫غيابــه وانقطاعــه عــن النشــاط السياســي واالنتخابــي علــى مكانتــه ووجــوده يف أوســاط‬
‫النــاس وعلــى مســتوى فئاتهــم االجتماعيــة وجتمعاتهــم اجلغرافيــة املختلفــة‪.‬‬

‫غيــر أن حصــول احلــزب علــى هــذه املكاســب السياســية واحلزبيــة املهمــة ال تعفيــه أبــدا مــن‬
‫مســؤولية عــدم حصولــه علــى نتائــج انتخابيــة افضــل كان يكمــن احلصــول عليهــا لــو احســن‬
‫اســتخدام وتوظيــف إمكاناتــه احملــدودة والظــروف السياســة املصاحبة للعمليــة االنتخابية‪.‬‬

‫وممــا كشــفته نتائــج االنتخابــات ثبــت أن ســوء إدارة احلــزب للعمليــة االنتخابيــة عمومــا‬
‫وعــدم قــراءة ســليمة للتطــورات واملتغيــرات التــي حدثــت على الواقع االجتماعي والسياســي‬
‫بســبب غيابــه الطويــل عــن العمليــة االنتخابيــة مــن ناحيــة وعــدم تســوية أوضــاع عــدد مــن‬
‫املنظمــات احلزبيــة يف احملافظــات الرئيســية مــن ناحيــة أخــرى قــد ســاهمت هــي األخــرى‬
‫مجتمعــة يف عــدم حتقيــق احلــزب لنتائــج انتخابيــة تعبــر عــن مكانتــه ووجــوده االجتماعــي‬
‫والسياســي ‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫‪03‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬التعديالت الدستورية الثانية‬

‫التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري‬

‫وقــد فــاز بحوالــي ‪ 50‬مقعــداً محليـاً علــى مســتوى مجالــس املديريــات ولــم يحصــل على أي‬
‫مقعــد علــى مســتوى مجالــس احملافظــات ‪ ,‬كمــا فــاز بأغلبيــة أعضــاء املجلــس يف مديريــة‬
‫واحــدة هــي مديريــة صبــر مبحافظــة تعــز وبنصــف عــدد املقاعــد تقريبــا يف مديريــة أخــرى‬
‫هــي مديريــة شــرعب يف نفــس احملافظــة كمــا حقــق فــوزا بعــدد مــن املقاعــد احملليــة يف‬
‫مناطــق ومحافظــات لــم يكــن لــه حضــور كبيــر فيهــا كمــا هــو احلــال يف محافظــة حلــج ‪3‬‬
‫مقاعــد ومحافظــة الضالــع مقعديــن ومحافظــة ذمــار ‪.‬‬

‫ومــع انهــا نتيجــة متواضعــة جــداً نظــرا لتاريــخ التنظيــم اال ان هــذه النتيجــة احملــدودة رغــم‬
‫ضآلتهــا تعــود الــى جاهزيــة قيــادة التنظيــم ونشــاطها التنظيمــي الفاعــل وتركيــز كل جهــوده‬
‫وإمكاناتــه التنظيميــة واملاليــة علــى عــدد محــدود مــن املرشــحني بقــدر مــا تعــود أيضــا إلــى‬
‫الــدور الفاعــل واإليجابــي الــذي لعبــه التحالــف والتنســيق االنتخابــي بــن التنظيــم وبقيــة‬
‫أحــزاب مجلــس التنســيق ويف مقدمتهــا احلــزب االشــتراكي اليمنــي الــذي ثبــت أن معظــم‬
‫أعضــاءه وأنصــاره صوتــوا ملرشــحي الناصــري وبقيــة مرشــحي أحــزاب مجلــس التنســيق‬
‫وفقــا لالتفــاق املوقــع بــن هــذه األحــزاب الــذي أُبــرم بينهــا قبــل االنتخابــات ‪.‬‬

‫وبســبب ذلــك االتفــاق أيضــا فــازت أحــزاب صغيــرة أخــرى يف مجلــس التنســيق بعــدد‬
‫مــن مقاعــد املجالــس احملليــة كمــا هــو حــال احتــاد القــوي الشــعبية الــذي فــاز مرشــحوه‬
‫يف محافظــة صنعــاء مبقعديــن محليــن أمــا بالنســبة حلــزب احلــق فقــد تراجــع حضــوره‬
‫وفاعليتــه بشــكل ملحــوظ باملقارنــة بوضعــه االنتخابــي يف انتخابــات ‪1993‬م البرملانيــة حيث‬
‫لــم يحصــل يف احملليــات ســوى علــى مقعــد واحــد فقــط وهكــذا بالنســبة حلــزب البعــث‬
‫العربــي االشــتراكي القومــي ويعــود ذلــك الــى اخلالفــات التــي عصفــت داخــل صفــوف‬
‫هذيــن احلزبــن ومــا تالهــا مــن انشــقاقات وانكفــاء للقيــادات واالعضــاء معــا‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫الكتل االنتخابية واخلارطة احلزبية‬

‫ميكــن القــول ان قــراءة االنتخابــات احملليــة قــد حــددت مــن جانــب آخــر طبيعــة اخلارطــة‬
‫احلزبيــة ومكوناتهــا مــن ناحيــة وتراجــع األحــزاب ومحدوديــة تأثيرهــا مــن ناحيــة أخــرى‬

‫حيــث اعــادت احملليــات اكتشــاف وجــود ثــاث كتــل انتخابيــة كبيــرة هــي علــى التوالــي‬
‫املؤمتــر الشــعبي العــام وحتالفاتــه االجتماعيــة املختلفــة‪ ,‬ثــم التجمــع اليمنــي لإلصــاح‬
‫ومكوناتــه املختلفــة ‪,‬واخيــرا أحــزاب مجلــس التنســيق األعلــى للمعارضــة ويف مقدمتهــا‬
‫احلــزب االشــتراكي اليمنــي‪.‬‬

‫أمــا بالنســبة لألحــزاب فيمكــن القــول بــان هنــاك خمســة أو ســتة أحــزاب فقــط ميكــن‬
‫اعتبارهــا أحزابـاً حقيقيــة وفاعلــة ولهــا حضــور وتواجــد يف عمــوم او يف غالبيــة محافظــات‬
‫ومديريــات اجلمهوريــة أو علــى األقــل يف كثيــر منهــا وهــي علــى التوالــي وبحســب نتائجهــا‬
‫االنتخابيــة ‪:‬املؤمتــر‪ ,‬واإلصــاح‪ ,‬واالشــتراكي والتنظيــم الناصــري وحــزب البعــث القومــي‬
‫واحتــاد القــوى الشــعبية وحــزب البعــث االشــتراكي مقابــل أحــزاب عديــدة معتــرف بهــا‬
‫مــن قبــل جلنــة األحــزاب ولكــن معظمهــا ال وجــود لــه علــى مســتوى الواقــع أي حضــور‬
‫يذكــر وبعضهــا كان لــه وجــود وفتــح تشــكيلها آمــال كبيــرة لشــرائح كانــت مغيبــة أو مقصــاه‬
‫سياســياً ولكنهــا تالشــت او ضربــت بعــد احلــرب ومتزقــت‪.‬‬

‫مايؤكــد هــذا هــو انــه وباســتثناء الرابطــة والتجمــع الوحــدوي اللــذان لــم يشــاركا يف‬
‫احملليــات‪ ,‬فــان كثيــر مــن هــذه االحــزاب قــد شــاركت يف االنتخابــات احملليــة وتقدمــت‬
‫مبرشــحني لكنهــا لــم حتصــل ولــو علــى مقعــد واحــد مــن بــن اكثــر مــن ســبعة آالف مقعــد‬
‫متنافــس عليهــا كمــا ان بعضهــا لــم يحصــل ولــو علــى ‪ 2500‬صــوت انتخابــي وهــو العــدد‬
‫ذاتــه املطلــوب مــن احلــزب تقدميــه للجنــة شــؤون االحــزاب كشــرط لالعتــراف القانونــي‬
‫بــه!‬

‫‪168‬‬
‫أول حوار جدي بني ال س ــلطة‬
‫واملعارضــة ح ــول قان ــون‬

‫الفصل‬ ‫االنتخابــات‪.‬‬
‫اغتيــال جــار اهلل عمــر يربــك‬
‫املشــهد االنتخابي‪.‬‬
‫االنتخابات البرملانية‬
‫املؤمت ــر الشــعبي يكت ســح‬
‫‪2003‬م‬
‫املقاعــد البرملانيــة بحصوله‬
‫عل ــى ثلثيهــا ‪.‬‬
‫أحــزاب املشــترك تفشــل يف‬
‫أول اخت بــار ميدان ــي وتخ ســر‬
‫‪ 40‬مقعــداً‪.‬‬
‫وهكــذا ثبــت ان غيــاب او تغييــب النائــب يحيــى‬
‫منصــور ابــو اصبــع وغيــره مــن املرشــحني األقويــاء‬
‫ممــن مت اخــذ مقاعدهــم مــن قبــل الســلطة بالقــوة‬
‫قــد افقــد البرملــان صوت ـاً قوي ـاً كان يبــدو وحيــداً يف‬
‫البرملــان الســابق أي انــه لــم يعــوض تغيبــه وامثالــه‬
‫وجــود قرابــة ال‪57‬نائبــا لإلصــاح وبقيــة احــزاب‬
‫املشــترك يف البرملــان‪.‬‬
‫‪04‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬االنتخابات الربملانية ‪ 2003‬م‬

‫(‪((5‬‬
‫االنتخابات البرملانية ‪2003‬م*‬

‫البــد مــن االشــارة يف البدايــة ان االنتخابــات البرملانيــة الثالثــة ‪27‬ابريــل ‪2003‬م قــد جــرت‬
‫متأخــرة عــن موعدهــا الــدوري ملــدة ســنتني كاملتــن حيــث كان مــن املقــرر إجراؤهــا يف‬
‫‪27‬ابريــل‪2001‬م‪ .‬إال أن الســلطة وكمــا هــو معــروف قامــت باســتباق ذلــك املوعد الدســتوري‬
‫بإنــزال مشــروع تعديــات دســتورية تضمنــت تعديــل فتــرة رئيــس اجلمهوريــة الــى ســبع‬
‫ســنوات بــدال مــن خمــس ســنوات وفتــرة مجلــس النــواب الــى ســت ســنوات بــدال مــن اربــع‬
‫كمــا ورد يف الفصــل الثالــث مــن هــذا الكتــاب ‪.‬‬

‫وبــدال مــن ان يســري ذلــك علــى الــدورات القادمــة للبرملــان كمــا هــو مفتــرض حــدث ان‬
‫مــدد البرملــان حينهــا ‪( -‬دورة ‪97 -‬م ) ‪ -‬لنفســه ســنتني اضافيتــن علــى خــاف القواعــد‬
‫(‪((5‬‬
‫التشــريعية حيــث ال يصــح للمشــرع ان يشــرع لنفســه‬

‫وقــد جــاءت االنتخابــات البرملانيــة لعــام ‪2003‬م يف ســياق اســتكمال حتقيــق األهــداف‬
‫السياســية الرئيســية للتعديــات الدســتورية اجلديــدة والتــي ضمنــت بهــا الســلطة تقليــص‬
‫الهامــش الدميقراطــي احملــدود والتحكــم باليــات العمليــة االنتخابيــة والســيطرة علــى‬
‫أغلبيــة مقاعــد املجالــس املنتخبــة بقصــد تعطيلهــا وشــل فاعليتهــا‪،‬‬
‫ولهــذه االســباب ويف هــذه الســياقات ميكــن القــول أيضا أن عملية اإلعــداد والتحضير لهذه‬
‫االنتخابــات النيابيــة (‪ ٢٧‬ابريــل ‪٢٠٠٣‬م) قــد بــدأت مبكــرة نســبياً وفقــا للموعــد اجلديــد‬

‫(‪ )54‬معظــم مــا ورد يف هــذا الفصــل كمــا الفصــل الــذي ســبقه كان يفتــرض ان يكــون جــزءا مــن مشــروع التقريــر السياســي‬
‫للمؤمتــر العــام اخلامــس للحــزب االشــتراكي اليمنــي الــذي كلفــت – كعضــو جلنــة مركزيــة ونائــب رئيــس الدائــرة االعالميــة يف‬
‫احلــزب‪ -‬بأعــداد اجلانــب اخلــاص باالنتخابــات يف التقريــر و بصــورة تفصيليــة مــع اســتيعاب املالحظــات التــي كان قــد طرحهــا‬
‫املشــاركون علــى مشــروع التقريــر املقــدم الــى املؤمتــر وألننــي علــى مــا اذكــر كنــت اكثــر مــن قــدم مالحظــات مكتوبــة علــى نــص‬
‫التقريــر السياســي حينهــا فقــد كلفــت بإضافــة كل مــا طرحتــه يف املالحظــات الــى نــص التقريــر وهــذا مــا مت ولكــن وبــدالً مــن‬
‫كتابــة مالحظــة هنــا واخــرى هنــاك قمــت بإعــادة كتابــة اجلزئــن اخلاصــن باحملليــات ‪2001‬م وبرملــان ‪2003‬م بالكامــل كمــا جــاء‬
‫يف معظــم الفصلــن الثالــث والرابــع ولكــن وبعــد ان اكملــت كتابتهمــا عــادت اللجنــة املكلفــة باســتيعاب املالحظــات لتكتفــي مبــا مت‬
‫توزيعــه علــى اعضــاء املؤمتــر دون اخــذ مــا كنــت قــد كتبتــه كمــا هــو مــع اضافــة بعــض االفــكار والتفصيــات وقــد رأيــت ان انشــر‬
‫مــا كتبتــه ولــم يضمــن تقريــر املؤمتــر هنــا يف هــذا الكتــاب بعــد ان اصبــح جــزءا مــن تاريــخ احلــزب واحلركــة السياســية اليمنيــة‬
‫وتطــورات احليــاة السياســية يف اليمــن‪.‬‬
‫(‪ )55‬واملعنــى ان البرملــان كســلطة تشــريعية ميكــن ان يعــدل فتــرة مجلــس النــواب الــى ســت ســنوات او اكثــر ولكــن هــذا التمديــد ال‬
‫يســري اال علــى الــدورة التاليــة مــن انتخابــات مجلــس النــواب وليــس علــى الــدورة التــي اعتمــدت هــذا التشــريع‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫كمــا ســادها ومراحلهــا املختلفــة التوتــر والتنافــس احلــاد بــن املؤمتــر الشــعبي العــام‪ ,‬وبــن‬
‫أحــزاب اللقــاء املشــترك والتــي يفتــرض ان عالقــات االطــراف قــد تعــززت بفعــل التعــاون‬
‫والتنســيق امليدانــي أثنــاء خــوض اســتحقاقي احملليــات والتعديــات الدســتورية ‪2001‬م‬
‫واصبــح اللقــاء املشــترك عشــية االنتخابــات البرملانيــة الثالثــة ميثــل يف نظــر كثيــر مــن‬
‫املراقبــن والــراي العــام أحــد أهــم احلقائــق السياســية يف الســاحة اليمنيــة منــذ حــرب‬
‫صيــف ‪1994‬م ‪,‬‬

‫يجــدر االشــارة ايضــا الــى ان هــذا االســتحقاق البرملانــي قــد جــرى يف ظــل أحــداث‬
‫ومتغيــرات إقليميــة ودوليــة هامــة وخطيــرة انعكســت آثارهــا وتداعياتهــا علــى كثيــر مــن‬
‫القضايــا الداخليــة حيــث بــدأت املراحــل األولــى منهــا أثنــاء حشــد القــوات األمريكيــة‬
‫والبريطانيــة لغــزو العــراق حتــت حجــة تدميــر أســلحة الدمــار الشــامل وجــرت عمليــة‬
‫االقتــراع بعــد أيــام قليلــة مــن ســقوط العاصمــة العراقيــة بغــداد يف ‪9‬ابريــل ‪2003‬م ‪.‬‬

‫علــى أن العامــل االهــم يف التأثيــر علــى تلــك االنتخابــات ونتائجهــا قــد متثــل يف ارتــكاب‬
‫جرميــة اغتيــال مهنــدس (اللقــاء املشــترك) االمــن العــام املســاعد للحــزب االشــتراكي‬
‫اليمنــي الشــهيد جــار اهلل عمــر قبــل اربعــة اشــهر فقــط مــن اجــراء االنتخابــات‪.‬‬

‫وقــد اجمــع املراقبــون ان تأثيــر وتداعيــات اشــهر جرميــة اغتيــال سياســي يف تاريــخ اليمــن‬
‫بعــد اغتيــال الرئيــس احلمــدي كان ســلبي وكبيــر وانعكــس علــى ســير العمليــة االنتخابيــة‬
‫ونتائجهــا واملشــهد السياســي اليمنــي بكاملــة ‪.‬‬

‫املعارضة حتقق اجنازات مهمة قبل االنتخابات‬

‫ويف كل األحــوال فقــد بــدأت اولــى مراحــل برملانيــات ‪2003‬م وحمالتهــا التنافســية‬
‫مبكــرة نســبياً وحتديــداً منــذ أن قــررت الســلطة منتصــف العــام ‪2001‬م التقــدم مبشــروع‬
‫تعديــات جديــدة علــى قانــون االنتخابــات العامــة رقــم ‪ 4‬لســنة ‪2000‬م والــذي تضمــن‬
‫تعديــل ‪ 20‬مــادة قانونيــة أهمهــا تلــك املــواد التــي منحــت رئيــس اجلمهوريــة حــق تعيــن‬

‫‪172‬‬
‫‪04‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬االنتخابات الربملانية ‪ 2003‬م‬

‫وإقالــة أعضــاء اللجنــة العليــا لالنتخابــات علــى خــاف النــص القانونــي النافــذ حينهــا‬
‫وإلغــاء التمثيــل احلزبــي يف عضويــة اللجنــة العليــا‪ ،‬بــل والغــاء التمثيــل احلزبــي يف عضويــة‬
‫اللجــان األصليــة والفرعيــة واإلشــرافية عمومــا‪.‬‬

‫باإلضافــة إلــى مــواد أخــرى اســتهدف مشــروع احلكومــة تعديلهــا وبقصــد إزالــة أو طمــس‬
‫أي حضــور أو تواجــد يذكــر للحزبيــة واألحــزاب السياســية يف القانــون اجلديــد وهــو مــا‬
‫كشــف ضيــق الســلطة بالعمــل احلزبــي والدميقراطيــة عمومـاً وســعيها إلــى التحكــم بآليــات‬
‫االنتخابــات وضمــان نتائجهــا والعــودة بالبــاد إلــى العهــد الشــمولي والفــردي حــن كانــت‬
‫األحــزاب واحلزبيــة محرمــة بنــص الدســتور‪,‬‬

‫واملفارقــة هــي أن الســلطة وعبــر حكومــة املؤمتــر الشــعبي العام برئاســة األســتاذ عبدالقادر‬
‫باجمــال قــد أرادت أن تتــم كل هــذه التعديــات املناهضــة للعملية الدميقراطية واملســتهدفة‬
‫إلغــاء احلزبيــة وازدراء العمــل احلزبــي ‪ ,‬مــن خــال األحــزاب نفســها وعبــر موافقتهــا‬
‫علــى هــذه التعديــات عبــر الدعــوة للحــوار معهــا حــول اهميــة هــذه التعديــات املناهضــة‬
‫للحزبيــة والتعدديــة ‪.‬‬

‫ويف احلــوار اجلــاد الــذي راســه رئيــس احلكومــة االســتاذ باجمــال يف مقــر مجلــس الــوزراء‬
‫‪,‬واســتمر قرابــة الشــهر والنصــف والــذي اتســم باملســؤولية واجلديــة توصلــت األحــزاب‬
‫ومنظمــات املجتمــع املدنــي إلــى اتفــاق جيــد نســبيا مبقيــا علــى كثيــر مــن املــواد الســابقة‬
‫يف القانــون الــذي كان مقــرر تعديلهــا وقــد مت التوقيــع عليــه مــن قبــل األحــزاب ومنظمــات‬
‫املجتمــع املدنــي وممثلــي حكومــة املؤمتــر الشــعبي العــام ‪,‬‬

‫ســاهمت يف جناحــه جميــع األطــراف يف مقدمــة اجلميــع رئيــس الــوزراء رئيــس جلســات‬
‫احلــوار نفســه الدكتــور عبــد القــادر باجمــال فضــا عــن دور بعــض قيــادات يف احلكومــة‬
‫واحلــزب احلاكــم (التــي راعهــا خطــر مشــروع التعديــات حتــى علــى شــكل الدميقراطيــة‬
‫وليــس فقــط مضمونهــا ) واحلقيقــة أن اجلميــع ســاهم يف اجنــاح هــذا احلــوار‪.‬‬

‫ويف هــذا الســياق فقــد اســتطاع احلــزب االشــتراكي وأحــزاب اللقــاء املشــترك وبســبب‬
‫وحــدة مواقفهــا وتعــاون العديــد مــن منظمــات املجتمــع املدنــي معهــا ان حتقــق العديــد مــن‬

‫‪173‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫مطالبهــا احلقوقيــة والقانونيــة حيــث تضمــن االتفــاق ‪ -‬اإلبقــاء علــى التمثيــل احلزبــي يف‬
‫عضويــة اللجنــة العليــا لالنتخابــات وبقيــة اللجــان التابعــة لهــا وإســقاط النــص املقــدم مــن‬
‫احلكومــة والــذي كان يتضمــن منــح رئيــس اجلمهوريــة حــق إقالــة أو عــزل أعضــاء اللجنــة‬
‫العليــا لالنتخابــات ومبــا يبقــي عمليــة إســقاط عضويتهــم أو عزلهــم مــن مناصبهــم ســلطة‬
‫بيــد القضــاء وحــدة‪.‬‬

‫باإلضافــة الــى (إضافــة مــادة جديــدة) تتعلــق بإجــراء عمليــة الفــرز واعــان النتائــج‬
‫االنتخابيــة يف مراكــز االقتــراع بــدالً مــن نقــل الصناديــق وجتميعهــا إلــى مراكــز الدائــرة‬
‫األصلــي كمــا كان الوضــع ســابقاً وكــذا النــص علــى توســيع مراكــز االقتــراع لتســهيل وصــول‬
‫الناخبــن والناخبــات وإزالــة كل العوائــق التــي كانــت حتــول دون وصولهــم الــى هــذه املراكــز‪.‬‬

‫وعلــى هامــش االتفــاق علــى مــواد القانــون ثــم االتفــاق ايضــا علــى إلغــاء الســجل االنتخابــي‬
‫القــدمي وتشــكيل اللجنــة العليــا لالنتخابــات واللجــان الفرعيــة واالصليــة مــن االحــزاب‬
‫وعددهــم ســبعة يف اللجنــة العليــا والتوصــل مــع قيــادة املؤمتــر الشــعبي العــام برئاســة‬
‫العميــد يحــي املتــوكل رحمــه اهلل إلــى مســودة اتفــاق سياســي حــول القضايــا السياســية‬
‫واإلجرائيــة األخــرى التــي مــن شــانها تهيئــة امللعــب الدميقراطــي مــن الناحيــة السياســية‬
‫وليــس القانونيــة إال أن ذلــك االتفــاق لــم تصــادق عليــه القيــادة العليــا يف الســلطة واحلــزب‬
‫احلاكــم‪.‬‬

‫ورغــم النجــاح النســبي الــذي حقــق يف قانــون االنتخابــات اجلديــد اال أن عــدد مــن القضايــا‬
‫والنصــوص قــد تبــن كمــا هــي يف مشــروع احلكومــة بعــد أن رفضــت احلكومــة‪ ,‬ومعهــا‬
‫ممثلــوا املؤمتــر الشــعبي العــام يف احلــوار االســتجابة لتعديلهــا كتلــك النصــوص التــي تســمح‬
‫بجــواز تعــدد املوطــن االنتخابــي للناخــب الواحــد وبالــذات بالنســبة ألبنــاء القــوات املســلحة‬
‫واألمن‪.‬‬

‫واحلقيقــة أن مرحلــة التســجيل قــد مت اجتيازهــا بنجــاح كبير باملقارنة مع مراحل التســجيل‬
‫يف االنتخابــات الســابقة وقــد ســاهم يف هــذا النجــاح الــذي يضــل جناحـاً نســبياً مــن حيــث‬
‫التقييــم العــام كل مــن األحــزاب السياســية واللجنــة العليــا لالنتخابــات التــي لوحــظ حتســناً‬

‫‪174‬‬
‫‪04‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬االنتخابات الربملانية ‪ 2003‬م‬

‫يف أدائهــا وجاهزيتهــا للعمليــة باملقارنــة باللجنــة التــي اشــرفت علــى التعديــات الدســتورية‬
‫واحملليــات والرئاســيات‪ ،‬ثــم إلــى املنظمــات واملعاهــد الدوليــة املهتمــة بدعــم وتطويــر‬
‫العمليــة االنتخابيــة ويف مقدمتهــا منظمــة ايفــس واملعهــد الدميقراطــي األمريكــي بصنعــاء‪.‬‬

‫أهداف توخت املعارضة حتقيقها‬

‫مــع اقتــراب موعــد االنتخابــات وقبــل أن تبــدا اللجــان يف اســتقبال قوائــم الترشــيحات‬
‫لعضويــة املجلــس كانــت األهــداف واملخططــات االنتخابيــة جلميــع األطــراف قــد تكشــفت‬
‫وكانــت احلملــة االنتخابيــة قــد ازدادت حــدة وشراســة بــن كل مــن حــزب املؤمتــر الشــعبي‬
‫العــام ومــن خلفــه كل مكونــات الســلطة وأطرافهــا املختلفــة وبــن أحــزاب اللقــاء املشــترك‬
‫ويف مقدمتهــا كل مــن االشــتراكي واإلصــاح مــن ناحيــة أخــرى ‪.‬‬

‫وفيمــا تبــن أن احلــزب احلاكــم يســعى مــن خــال هــذه االنتخابــات إلــى حتقيــق مــا‬
‫بعــد األغلبيــة املريحــة أو مــا عــرف حينهــا علــى مســتوى الصحافــة «باألغلبيــة الكاســحة‬
‫«ومعناهــا الســيطرة علــى أغلبيــة ثلثــي مقاعــد مجلــس النــواب ومبــا يضمــن للســلطة متريــر‬
‫واقــرار كل القوانــن واالتفاقــات واملعاهــدات مبــا فيهــا تلــك التــي تتطلــب أغلبيــة خاصــة‬
‫كالتعديــات الدســتورية مثــا وليصبــح متثيــل بقيــة االحــزاب اليمنيــة يف البرملــان رمزي ـاً‬
‫وال يتعــدى جميــع اعضــاء االحــزاب املعارضــة الــى اكثــر مــن الربــع بالكثيــر‪.‬‬

‫أمــا بالنســبة لالشــتراكي خصوصـاً وألحــزاب اللقــاء املشــترك عمومــا فقــد كانــت املعارضــة‬
‫تســعى يف حواراتهــا ونشــاطها السياســي وتنســيقها االنتخابــي لتحقيــق مجموعــة مــن‬
‫األهــداف السياســية كان الشــهيد جــار اهلل عمــر علــى راس الفعاليــة السياســية للحــزب‬
‫واملشــترك لتحقيــق تلــك االهــداف وأهمهــا ‪-:‬‬

‫ •العمــل معـاً علــى حتســن ظروف وشــروط املمارســة الدميقراطية عمومـاً واالنتخابية‬
‫بشــكل خــاص مبــا يف ذلــك التعــاون مــن اجــل الضغــط لتوفيــر ضمانــات وآليــات تؤمــن‬
‫حياديــة املــال العــام والوظيفــة العامــة واإلعــام الرســمي والقــوات املســلحة وجلــان‬
‫االنتخابــات املختلفــة ‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ • العمــل قــدر اإلمــكان علــى حتقيــق شــيء مــن التــوازن السياســي واالجتماعــي املختــل‬
‫منــذ حــرب صيــف ‪1994‬م ومبــا يؤمــن حتقيــق احلــد األدنــى مــن املطالــب احلقوقيــة‬
‫والقضايــا السياســية املختلفــة والتخفيــف مــن تغــول الســلطة وجموحهــا االســتبدادي‪.‬‬

‫ • العمــل علــى تعديــل الوضــع يف مجلــس النــواب ومبــا يــؤدي إلــى زيــادة نســبة التمثيــل‬
‫البرملانــي للمعارضــة ويضمــن تواجــد كل أو غالبيــة األحــزاب السياســية والتيــارات‬
‫والفئــات االجتماعيــة املختلفــة وبحيــث يصبــح البرملــان ميثــل اليمــن ومواطنيهــا بــكل‬
‫فئاتهــم وشــرائحهم املختلفــة ومبــا يف اليمــن مــن تنــوع وتعــدد فكــري وسياســي كمــا‬
‫جــاء يف كلمــة الشــهيد جــار اهلل عمــر يف مؤمتــر االصــاح الرابــع قبــل دقائــق مــن‬
‫اغتيالــه‪.‬‬
‫ •العمــل عــل تصعيــد عــدد مــن القيادات والشــخصيات السياســية واالجتماعيــة والقانونية‬
‫املقتــدرة إلــى البرملــان بهــدف تفعيــل وتنشــيط دور مجلــس النــواب من الناحيتــن الرقابية‬
‫والتشــريعية وبهــدف نقــل احلــراك السياســي واجلــدل الفكــري مــن الشــارع السياســي‬
‫والصحافــة واملنتديــات اخلاصــة والعامــة إلــى قبــة البرملــان ومبــا يجعــل مــن هــذا اجلــدل‬
‫واحلــوار الــذي يجــري بــن اليمنيــن وأحزابهــم وتياراتهــم املختلفــة اكثــر فاعليــة وأهميــة‬
‫ويــؤدي إلــى نتائــج ملموســة علــى الواقــع ويف حيــاة النــاس االجتماعيــة واالقتصاديــة‬
‫والسياســية واألمنيــة (‪ ((5‬الــخ ‪.‬‬
‫تلــك كانــت هــي أهــم األهــداف التــي (ســعى الشــهيد جــار اهلل واحلــزب االشــتراكي)‬
‫بدرجــة رئيســية وأحــزاب املعارضــة األخــرى عمومــا إلــى حتقيقهــا يف انتخابــات ‪2003‬م‬
‫البرملانيــة وهــي تقريبــا األهــداف ذاتهــا التــي تضمنتهــا كلمــة احلــزب التــي القاهــا الشــهيد‬
‫أمــام مؤمتــر اإلصــاح يف ‪28‬ديســمبر‪2002‬م وقبــل دقائــق مــن جرميــة االغتيــال اآلثمــة‪.‬‬
‫وبالفعــل فقــد كان هنــاك آمــال وتطلعــات كبيــرة لــدى املعارضــة ولــدى الشــارع السياســي‬
‫اليمنــي عشــية االنتخابــات خصوصـاً مــع اقتــراب موعــد االنتخابــات يف ظــل تنامــي وتطــور‬
‫العالقــات السياســية بــن أطــراف أحــزاب اللقــاء املشــترك عمومــا وبــن كل مــن اإلصــاح‬
‫او اطــراف رئيســية فيــه واالشــتراكي خصوصــا ‪.‬‬

‫(‪ )56‬وقــد كلفنــا انفســنا انــا والرفيــق والصديــق علــي ســيف حســن علــى وضــع تصــور بهــذا اخلصــوص وقــد اجنزنــاه واطلعنــا‬
‫الشــهيد جــار اهلل مبــا توصلنــا اليــه واعجــب بالورقــة واعتمدهــا وذهــب إلقرارهــا داخــل هيئــات احلــزب واملشــترك لكــن مــا إن مت‬
‫تغييــب الشــهيد باالغتيــال حتــى تخلــو عــن كل شــي وضــع فيهــا مــن بنــود‬

‫‪176‬‬
‫‪04‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬االنتخابات الربملانية ‪ 2003‬م‬

‫تداعيات جرمية اغتيال عمر‬

‫باملقابــل كانــت الســلطة والعديــد مــن مكوناتهــا االجتماعيــة واألصوليــة (خــارج وداخــل‬
‫املعارضــة) تعمــل علــى ضــرب وإفشــال هــذا التحالــف اجلديــد بــكل الطــرق والوســائل‬
‫وحتويــل مهامــه الــى النقيــض متامــا ‪.‬‬

‫واحلقيقــة ان «حتالــف» جرميــة اغتيــال جــار اهلل عمــر قــد حقــق اهدافــه الكثيــرة دفعــة‬
‫واحــدة وبثــاث رصاصــات غــادرة وجهــت الــى صــدر مؤســس املشــترك والدينامــو احملــرك‬
‫لفعلــه السياســي صبــاح الســبت املوافــق ‪ ٢٨‬ديســمبر ‪٢٠٠٢‬م ويســقط مؤســس املشــترك‬
‫شــهيداً امــام شاشــات التلفزيــون اثنــاء انعقــاد مؤمتــر االصــاح الرابــع أنقلــب دور املشــترك‬
‫رأســا علــى عقــب ‪.‬‬
‫وبــدالً مــا كان املشــترك محاولــة لتفكيــك حتالــف احلــرب واختــراق القــوى االصوليــة‬
‫والتقليديــة لصالــح الدميقراطيــة ‪ ،‬حتــول املشــترك وحتولــت االنتخابــات نفســها الــى مجرد‬
‫اداة بيــد الســلطة وبيــد االصــاح والقــوى النافــذة فيــه ومبــا يعيــد الوضــع السياســي برمتــه‬
‫الــى مــا قبــل انشــاء املشــترك بــل اســوأ بكثيــر حيــث مت اضعــاف دور احلــزب االشــتراكي‬
‫كمــا ســيظهر مــن ضعــف فاعليتــه السياســية وضعــف نتائجــه يف اول انتخابــات برملانيــة‬
‫يشــارك فيهــا بعــد حــرب ‪1994‬م‪.‬‬

‫وبغــض النظــر عــن الطــرف الــذي ارتكــب جرميــة االغتيــال ومــا إذا كانــت الســلطة وحدهــا‬
‫أو طــراف آخــر قريبــة او بعيــدة منهــا وقريبــة او بعيــدة مــن االصــاح فــان املهــم يف هــذا‬
‫املقــام(‪ ((5‬ان اجلرميــة قــد غيــرت املشــهد االنتخابــي كليـاً و أحدثــت صدمــة عنيفــة علــى كل‬
‫املســتويات االنتخابيــة ومراحلهــا املختلفــة وعلــى مســتوى كل األطراف املعنيــة وبالذات على‬
‫ا عــن تأثيــر اجلرميــة وتداعياتهــا‬ ‫احلــزب االشــتراكي ووضعــه احلزبــي واالنتخابــي فض ـ ً‬
‫يف إضعــاف العالقــات بــن أحــزاب املشــترك عمومــا وبــن االصــاح واالشــتراكي حتديــداً‬
‫علــى االقــل يف اوســاط قواعــد احلزبــن وانصارهمــا يف املجتمــع ‪.‬‬

‫(‪ )57‬انظر كتابي (من قتل جار اهلل عمر) صنعاء مطبعة عبادي ‪٢٠٠٣‬م باالضافة الى ماورد يف مقدمة كتابي «خمس رسايل‬
‫سياسية» الذي صدر عن مطبعة الثورة للطباعة والنشر صنعاء ‪٢٠١٩‬م‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ومــع أن هــذه األحــزاب قــد حاولــت املضــي يف عمليــة التنســيق والتعــاون فيمــا بينهــا‬
‫وســارعت كمحاولــة للــرد علــى كل مــن راهــن علــى متــزق اللقــاء املشــترك باغتيــال مؤسســه‬
‫االول إلــى التوقيــع علــى وثيقــة تنســيق وتعــاون انتخابيــة فيمــا بينهــا ومت التوقيــع عليهــا‬
‫يف أربعينيــة الشــهيد جــار اهلل عمــر أي يف شــهر مــارس ‪2003‬م وهــو مــا عــرف باتفــاق‬
‫املبــادئ‪.‬‬

‫إال أن ذلــك لــم يــؤد إلــى نتيجــة كبيــرة حيــث كان لغيــاب اآلمــن العــام املســاعد للحــزب‬
‫وملالبســات جرميــة االغتيــال تأثيــراً ســلبياً واضحـاً علــى ســير العمليــة االنتخابيــة داخــل‬
‫احلــزب االشــتراكي ويف اســقاط مــا كان قــد اتفــق عليــه يف حيــاة الشــهيد وبالتالــي فشــل‬
‫التنســيق بصــورة كبيــرة بــن االصــاح واالشــتراكي خصوص ـاً واحــزاب املشــترك عموم ـاً‪.‬‬

‫واســتغل االصــاح مــا خلقتــه اجلرميــة مــن اربــاك يف مواقــف ونشــاط احلــزب يف اصــراره‬
‫علــى جعــل التنســيق لصالــح مرشــحيه ال ملصلحــة العمليــة الدميقراطيــة وممــا الشــك فيــه‬
‫أن اجلرميــة بتداعياتهــا املختلفــة قــد آثــرت علــى نتائــج احلــزب االنتخابيــة ونتائــج أحــزاب‬
‫املعارضــة عمومــا ‪.‬‬

‫مراحل الترشيح واالقتراع العام ونتائج الفرز‬

‫وكمــا أســلفنا فقــد أجريــت االنتخابــات البرملانيــة لعــام ‪2003‬م علــى خلفيــة جرميــة‬
‫االغتيــال وتداعياتهــا السياســية واالنتخابيــة ويف ضــل أجــواء سياســية متوتــرة داخليــاً‬
‫‪,‬وإقليميــاً ‪,‬ودوليــاً ‪.‬‬

‫ويف صبــاح يــوم الثالثــاء املوافــق ‪27‬ابريــل ‪ 2003‬توجــه الناخبــون والناخبــات للممارســة‬
‫حقهــم الدســتوري واإلدالء بأصواتهــم يف صناديــق االقتــراع ‪ ,‬وقــد ســارت العمليــة بشــيء‬
‫مــن الهــدوء والسالســة النســبية ‪,‬باملقارنــة باالنتخابــات التــي ســبقتها‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫‪04‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬االنتخابات الربملانية ‪ 2003‬م‬

‫وكانــت أهــم اخلروقــات والتجــاوزات القانونيــة التــي ســجلت مــن قبــل االحــزاب واملنظمــات‬
‫الرقابيــة يف مرحلــة االقتــراع ‪,‬ويف بقيــة مراحــل االنتخابــات الســابقة ‪,‬والالحقــة لهــا‬
‫‪,‬هــي اخلروقــات والتجــاوزات التــي ميكــن ايرادهــا علــى النحــو التالــي‪-:‬‬

‫ •حرمــان عــدد مــن املتقدمــن للترشــيح بحجــة عــدم اســتقالتهم مــن وظائفهــم وقــد‬
‫تضــرر احلــزب جــراء ذلــك اكثــر مــن غيــره حيــث تعمــدت الســلطة حرمــان العديــد‬
‫مــن اعضــاء احلــزب الذيــن كانــت فــرص فوزهــم متوفــرة واســتخدام املــال العــام‬
‫والوظيفــة العامــة واإلعــام الرســمي ليــس لصالــح مرشــحي حــزب الســلطة بــل‬
‫ولإلضــرار مبرشــحي أحــزاب املعارضــة ويف مقدمتهــم عــدد مــن مرشــحي احلــزب‬
‫االشــتراكي اليمنــي‪.‬‬

‫ •قيــام املتنفذيــن يف أجهــزة الدولــة املدنيــة والعســكرية بتهديــد الناخبــن وإكراههــم‬


‫علــى التصويــت ملرشــحي حــزب املؤمتــر الشــعبي العــام ‪ ,‬وكــذا شــراء أصــوات‬
‫الناخبــن مــن قبــل بعــض مرشــحي ونشــطاء املؤمتــر الشــعبي وتوزيــع بطائــق االقتراع‬
‫خــارج مراكــز االقتــراع واســتخدام اكثــر مــن بطاقــة اقتــراع مت التأشــير عليهــا ســلفاً‬
‫لصالــح مرشــحي حــزب الســلطة ( ال يوجــد ادلــة ملموســة وموثقــة لهــذا اخلــرق‬
‫القانونــي لــدى املعارضــة وان كان شــهود عيــان قــد اكــدوا ذلــك خصوصــا يف بعــض‬
‫دوائــر الريــف) أو مــن قبــل املؤمتــر واالصــاح مع ـاً‪.‬‬
‫ •تأكــد أن العديــد مــن الناخبــن صوتــوا يف اكثــر مــن دائــرة انتخابيــة وبالــذات‬
‫بالنســبة لدوائــر املــدن الكبــرى ومــع أن هــذه املخالفــة قــد ســجلت علــى ناخبــي‬
‫احلــزب احلاكــم وانصــاره‪ ,‬إال أن عــددا مــن أحــزاب املعارضــة (االصــاح) لــم تســلم‬
‫هــي األخــرى مــن ارتــكاب مثــل هــذا الفعــل الشــائن (ويف كثيــر مــن االحيــان اكثــر من‬
‫احلــزب احلاكــم نفســه)‪.‬‬

‫ •ســجلت محافظــة عمــران عمومــا ودوائــر الشــيخ عبــداهلل االحمــر واوالده حميــد‬
‫وصــادق وحســن وحميــر بالــذات اكثــر واخطــر أعمــال التزويــر االنتخابيــة علــى‬
‫اإلطــاق‪ ,‬مــن ضمنهــا قبــول مرشــحني ليســوا مســجلني يف ســجل الدائــرة ‪(,‬حســن‬
‫االحمــر ) والقيــام بتبديــل مواقعهــم مــن دائــرة إلــى أخــرى ليلــة االقتراع‪(,‬صــادق‬
‫االحمــر)‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫وكــذا تغييــر صفاتهــم مــن صفــة املرشــح املســتقل إلــى صفــة املرشــح باســم املؤمتــر‬
‫(حســن) بعــد اغــاق فتــرة الطعــون والســحوبات‪ ,‬وتقــدمي مرشــحني باســم كل مــن‬
‫املؤمتــر واالصــاح معــا (الشــيخ عبــد اهلل نفســه)‪ ,‬وتصويــت املئــات مــن صغــار الســن‬
‫يف بعــض دوائــر مدينــة عمــران ‪ ,‬و ‪.....‬غيرهــا‪.‬‬

‫ •اســتخدام األغلبيــة املمثلــة للمؤمتــر الشــعبي يف جلــان إدارة االنتخابــات لتغييــر أو‬
‫تعطيــل عمليــة الفــرز واعاقــة إعــان نتيجــة الفــرز يف الدوائــر التــي حقــق فيهــا‬
‫مرشــح احلــزب واملعارضــة فــوزاً محققــا وكــذا إبعــاد ممثلــي األحــزاب مــن اللجــان‬
‫بالقــوة ‪,‬والهــروب املتعمــد ألعضــاء اللجــان التابعــن للمؤمتــر ‪,‬وعــدم التوقيــع علــى‬
‫الوثائــق يف حالــة فــوز مرشــح احلــزب واملعارضــة باإلضافــة الــى خروقــات اخــرى وان‬
‫كانــت اقــل اهميــة‪.‬‬

‫قراءة وحتليل نتائج االنتخابات‬

‫أوال النتائج العامة‬

‫ •لوحــظ ارتفــاع نســبة املشــاركة الشــعبية يف إنتخابــات‪2003‬م البرملانيــة باملقارنــة الــى‬


‫ســابقاتها أي انتخابــات ‪97‬م البرملانيــة حيــث وصــل عــدد املشــاركني واملشــاركات يف‬
‫عمليــة االقتــراع إلــى حولــي ســتة ماليــن ونصــف ناخــب وناخبة وبنســبة ‪ %75.8‬من‬
‫إجمالــي املســجلني يف كشــوفات قيــد الناخبــن وبلغــت نســب النســاء الالتــي أدلــن‬
‫بأصواتهــن نحــو ثالثــة مليــون ونصــف ناخبــة وبنســبة ‪ %41‬مــن اجمالــي املســجلني‬
‫واملســجالت يف قوائــم الناخبــن ‪ ,‬ونســبة ‪ %72‬مــن إجمالــي النســاء املســجالت يف‬
‫قوائــم الناخبــن ‪ ,‬وجميــع هــذه األرقــام والنســب ( نســاء ورجــال) تعتبــر مرتفعــة‬
‫باملقارنــة باالنتخابــات الســابقة ويعــود ذلــك إلــى أســباب وعوامــل عديــدة أهمهــا ‪..,‬‬

‫ •زيــادة عــدد مراكــز االقتــراع واســتحداث العديــد منهــا يف القــرى واملناطــق املتعــذر‬
‫الوصــول إليهــا عبــر الســيارات األمــر الــذي ســهل مــن عمليــة وصــول نســبة كبيــرة‬
‫مــن الناخبــن الــى مراكــز االقتــراع وبالــذات النســاء ‪,‬‬

‫‪180‬‬
‫‪04‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬االنتخابات الربملانية ‪ 2003‬م‬

‫ •مشــاركة األحــزاب الرئيســية يف االنتخابــات ‪,‬ويف مقدمتهــا احلــزب االشــتراكي‬


‫واإلصــاح واملؤمتــر الشــعبي العــام وبقيــة أحــزاب اللقــاء املشــترك األمــر الــذي‬
‫ســاهم يف حتشــيد ودفــع جمهــور واســع مــن الناخبــن للتســجيل أســمائهم أوال ثــم‬
‫للمشــاركة يف عمليــة االقتــراع ثانيــا ‪.‬‬

‫كمــا لعــب التنافــس وعمليــة االســتقطاب احلــاد بــن أحــزاب املعارضــة واحلــزب‬
‫احلاكــم مــن ناحيــة ‪ ,‬واآلمــال العريضــة التــي كان التفــاق التنســيق االنتخابــي بــن‬
‫أحــزاب اللقــاء املشــترك دور يف خلقهــا لــدى شــرائح واســعة مــن املجتمــع بإمكانيــة أن‬
‫يحصــل تغييــر معــن مــن خــال هــذه االنتخابــات مــاكان لــه دور مهــم ومؤثــر يف ارتفــاع‬
‫نســبة املشــاركة يف هــذه االنتخابــات ‪,‬‬

‫ •باإلضافــة إلــى عامــل آخــر ال يقــل أهميــة وهــو عامــل ارتفــاع حالــة الوعــي باحلقــوق‬
‫املدنيــة والسياســية لــدى شــرائح مهمــة مــن الناخبــن وبالــذات ناخبــي وناخبــات‬
‫املــدن الكبــرى وعواصــم احملافظــات‪.‬‬

‫ويف ســياق حتليــل ســير ونتائــج االنتخابــات تأكــد أهميــة النــص القانونــي املعــدل والــذي‬
‫قضــى بضــرورة فــرز األصــوات واعــان النتائــج يف مراكــز االقتــراع نفســها بــدال مــن نقــل‬
‫الصناديــق إلــى مراكــز الدائــرة وجتميعهــا‪ ,‬ثــم إجــراء عمليــة الفــرز واعــان النتائــج يف‬
‫نفــس املركــز ‪.‬‬

‫حيــث كان يــؤدي هــذا ليــس فقــط إلــى زيــادة حــدة التوتــر واعمــال العنــف أثنــاء نقــل‬
‫الصناديــق بســبب اخلــوف مــن تغييــر النتائــج او تبديــل الصناديــق أثنــاء نقلهــا وجتميعهــا‬
‫بــل وكان يــؤدي إلــى تأخيــر إعــان النتائــج عــن موعدهــا الرســمي ‪,‬‬

‫‪181‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫مقعد واحد للمرأة يف البرملان !‬

‫يف املقابــل ظهــر انخفــاض كبيــر وملحــوظ يف حضــور املــرأة اليمنيــة املرشــحة ومــن ثــم‬
‫الفائــزة ويف متثيلهــا السياســي يف انتخابــات ‪2003‬م البرملانيــة باملقارنــة مبــا كان عليــه‬
‫الوضــع يف ‪1993‬م‪.‬‬

‫إذ انــه وعلــى الرغــم مــن ارتفــاع نســبة املســجالت يف قوائــم الناخبــن وارتفــاع نســبة‬
‫املشــاركات يف عمليــة االقتــراع إال أن ذلــك لــم ينعكــس إيجاب ـاً يف حضــور املــرأة اليمنيــة‬
‫كمرشــحة أو كفائــزة يف عضويــة مجلــس النــواب فعلــى مســتوى قوائــم املرشــحني لعضويــة‬
‫املجلــس لــم يتجــاوز عــدد النســاء عــن ‪11‬مرشــحة مــن اصــل (‪ )1.396‬مــن املجمــوع الكلــي‬
‫لعــدد املرشــحني وقــد انســحب منهــن ‪3‬مرشــحات‪ ,‬أمــا علــى مســتوى نتائــج الفــوز فلــم يفــز‬
‫منهــن بعضويــة مجلــس النــواب ســوى ســيدة واحــدة هــي مرشــحة احلــزب احلاكــم الوحيــدة‬
‫مــن النســاء ‪,‬والتــي ترشــحت عــن إحــدى دوائــر مدينــة عــدن و(فــازت) مبقعــد الدائــرة ‪,‬بعــد‬
‫جــدل واســع حــول صحــة نتيجتهــا وحصــول تأكيــد مــن جلــان الرقابــة علــى فــوز منافســها‪,‬‬
‫مرشــح احلــزب االشــتراكي يف الدائــرة الدكتــور واعــد باذيــب بعــدن !‬

‫علــى أن مــا يؤســف لــه اكثــر هــو أن بعــض املرشــحات علــى قوائــم األحــزاب ‪,‬وكــذا‬
‫املســتقالت قــد مت إســقاطهن أو إضعــاف نتائجهــن إمــا بواســطة أحزابهــن أو بواســطة‬
‫األحــزاب األخــرى املتحالفــة معهــا ‪,‬كمــا حصــل يف املثــال األول بالنســبة لعضــوة املكتــب‬
‫السياســي للحــزب الرفيقــة رضيــة شمشــير التــي اضطــرت للنــزول عــل قائمــة املســتقلني‬
‫بعــد أن قــررت منظمــة احلــزب تســمية مرشــح آخــر يف الدائــرة اعتقــدت أن فرصــه للفــوز‬
‫باملقعــد النيابــي اقــرب منهــا‪,‬‬

‫وكمــا حصــل يف املثــال الثانــي بالنســبة لعضــوة املكتــب السياســي الرفيقــة خولــه شــرف‬
‫‪,‬التــي مت إســقاطها واضعــاف نتيجتهــا االنتخابيــة بواســطة حتالــف (اإلصــاح والناصــري)‬
‫أي مــن قبــل أبــرز حلفــاء االشــتراكي املفترضــن‪.‬‬

‫واحلقيقــة انــه وبقــدر مــا اعتبــر ضعــف مشــاركة املــرأة يف انتخابــات‪ 2003‬م البرملانيــة‬
‫مؤشــرا آخــر وخطيــر علــى تراجــع الدميقراطيــة اليمنيــة وســير البــاد باجتــاه االنتقــاص‬

‫‪182‬‬
‫‪04‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬االنتخابات الربملانية ‪ 2003‬م‬

‫مــن احلقــوق املدنيــة والسياســية املكتســبة للمواطنــن وبالــذات لــدى املنظمــات الدوليــة‬
‫واملعنيــة بتنميــة الدميقراطيــات الناشــئة ‪,‬‬

‫بقــدر مــا يعــود تراجــع حضــور املــرأة يف هــذه االنتخابــات إلــى أســباب وعوامــل عديــدة‬
‫ومتنوعــة منهــا مراهنــة األحــزاب السياســية الرئيســية علــى الفــوز باملقعــد النيابــي ورفــع‬
‫نســبة تواجدهــا يف البرملــان بــأي صــورة مــن الصــور وبغــض النظــر عــن شــخصية املرشــح‬
‫وكفاءتــه ومــا ميثلــه للحــزب مــن الناحيــة السياســية واحلقوقيــة‪.‬‬

‫أي أن هــذه األحــزاب وفروعهــا وبســبب حــدة التنافــس فيمــا بينهــا والشــعور املتأصــل‬
‫لديهــا بــان فــرص املــرأة ضئيلــة يف الفــوز يف ظــل املوقــف االجتماعــي العــام منهــا –‬
‫كمــا يظنــون‪ -‬لــم تقــدر أهميــة حضــور املــرأة وتواجدهــا السياســي يف العمليــة االنتخابيــة‬
‫والنظــام الدميقراطــي عموم ـاً بقــدر تقديرهــا ألهميــة الفــوز باملقعــد النيابــي أيــا كانــت‬
‫محصلــة هــذه املراهنــة حتــى ولــو كانــت غيــر دقيقــة وعلــى حســاب موقــف احلــزب وســمعته‬
‫مــن املــرأه‪.‬‬

‫علــى ان مــا يجــب مالحظتــه يف هــذا الســياق هــو ان هنــاك مبالغــة لــدى البعــض يف‬
‫احلديــث عــن ضعــف فــرص املــرأة يف الفــوز بســبب موقــف املجتمــع منهــا ومــن دورهــا‬
‫السياســي والبرملانــي ‪,‬والدليــل علــى بطــان هــذا التصــور وعــدم دقتــه‪ ,‬هــو فــوز املرشــحة‬
‫الوحيــدة يف قائمــة املؤمتــر الشــعبي العــام‪ ,‬فقــد فــازت وهــي الوحيــدة مــن النســاء علــى‬
‫قائمــة مرشــحيه ‪,‬مقابــل ســقوط اكثــر مــن ســبعني مرشــحا مــن الرجــال علــى قائمتــه مبــن‬
‫فيهــم ثالثــة مرشــحني يف مدينــة عــدن التــي فــازت فيهــا مرشــحته الوحيــدة !‪.‬‬

‫‪,‬واملعنــى هنــا هــو أن فــرص املــرأة يف الفــوز علــى قائمــة احلــزب احلاكــم غالب ـاً مــا تكــون‬
‫هــي فــرص الرجــل‪ ,‬وأن العوامــل واألســباب التــي أدت الــى فــوز غالبيــة مرشــحي الســلطة‬
‫هــي ذاتهــا العوامــل واألســباب التــي فــازت بهــا مرشــحتها الوحيــدة أيضــا ‪,‬ولــو أنهــا (أي‬
‫الســلطة) قــررت أن تفــوز نســاء أخريــات بعضويــة املجلــس لكانــت اخلطــوة األولــى يف هــذا‬
‫الطريــق هــو أن تزيــد مــن نســبة عــدد املرشــحات يف قائمــة حزبهــا‪ ,‬وهــذا مــا لــم تعملــه‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫أمــا املثــال الثانــي علــى خطــى مثــل هــذه التصــورات فيمكــن مالحظتــه يف الوضــع‬
‫االنتخابــي إلحــدى املرشــحات املســتقالت عــن إحــدى دوائــر محافظــة احملويــت النائيــة‬
‫والتــي نافســت وبقــوة أحــد املرشــحني مــن فئــة املشــايخ وحصلــت علــى اكثــر مــن ســبعة‬
‫ألــف صــوت انتخابــي وباعتــراف اللجنــة العليــا ذاتهــا وهــو مــا يؤكــد ان املوقــف الســلبي مــن‬
‫ترشــيح املــرأة ليــس موقــف املجتمــع أبــداً بــل موقــف االحــزاب نفســها وحتديــداً االصــاح‬
‫اوال وحــرص املؤمتــر علــى فــوز النافذيــن واصحــاب راس املــال والنفــوذ املشــيخي ثانيــا !!‬

‫العامــل الثانــي لتراجــع حضــور املــرأة يف هــذه الــدورة يعــود إلــى موقــف بعــض األحــزاب‬
‫‪-‬وليــس املجتمــع‪ -‬مــن املــرأة ودورهــا السياســي ‪ ,‬فقــد تســبب عــدم حســم التجمــع اليمنــي‬
‫لإلصــاح حتديــدا‪ ,‬للجــدل الدائــر يف صفوفــه وبــن بعــض قياداتــه الســلفية‪ ,‬والقبليــة‬
‫حــول حــق املــرأة الشــرعي يف تولــي املناصــب العامــة والتــي لهــا صلــة (بواليــة األمــر) أو‬
‫بالتشــريع‪ ,‬ليــس فقــط يف عــدم تقــدم حــزب كبيــر بحجــم اإلصــاح بنســاء للترشــح علــى‬
‫قائمتــه االنتخابيــة ولــو مرشــحة واحــدة ‪,‬بــل ويف انعــكاس ذلــك املوقــف علــى حتالفاتــه‬
‫السياســية وموقفــه مــن املرشــحات النســاء لألحــزاب األخــرى حيــث صــوت ضدهــن‬
‫كنســاء وصــوت ضدهــن ألنــه يريــد االســتحواذ علــى الدائــرة دون بقيــة الشــركاء ‪.‬‬

‫يضــاف الــى هذيــن العاملــن الــدور الســلبي الــذي لعبتــه بعــض منظمــات األحــزاب يف‬
‫احملافظــات بهــذا الشــأن والــذي لــم يقتصــر علــى إفشــال العديــد منهــا لالتفاقــات التــي‬
‫كانــت قيــادات األحــزاب قــد اتفقــت عليهــا بــل وعلــى ســوء اختيارهــا للمرشــحني وعــدم‬
‫وجــود خطــة سياســية لــدى هــذه املنظمــات تتعلــق مبعاييــر شــروط ومواصفــات املرشــح‬
‫وجنســه ومتــى يكــون مــن املناســب أن يكــون املرشــح امــرأة أو رجــل وفقــا لرؤيــة احلــزب‬
‫وموقفــه البرامجــي مــن املــرأة ودورهــا يف احليــاة السياســية والبرملانيــة‪.‬‬

‫‪184‬‬
‫‪04‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬االنتخابات الربملانية ‪ 2003‬م‬

‫انخفاض عدد املستقلني‬

‫ •انخفــاض عــدد املرشــحني والفائزيــن علــى قوائــم املســتقلني حيــث قــل عددهــم يف‬
‫قوائــم الترشــيح والفــوز بشــكل ملحــوظ يف هــذه االنتخابــات ‪,‬ويعــود ذلــك إلــى ســببني‬
‫رئيســيني ‪:‬‬

‫‪1.1‬األول هــو الشــرط القانونــي اجلديــد الــذي يشــترط مــن املرشــحني املســتقلني‬
‫ضــرورة جمــع اكثــر مــن مأتــي توقيــع موثقــة إلثبــات جديتهــم يف الترشــيح‪.‬‬

‫‪2.2‬والثانــي هــو تراكــم التجربــة لــدى الطامحــن للترشــح لعضويــة املجالــس املنتخبــة‬
‫‪ ,‬بأهميــة النــزول علــى قوائــم األحــزاب باعتبــار ذلــك اقــرب الشــروط للفــوز‬
‫باملقعــد النيابــي وهــو مؤشــر مهــم ليــس علــى تزايــد الوعــي لــدى اجلمهــور‬
‫بأهميــة احلزبيــة والتحــزب مــن ناحيــة وبــان االحــزاب قــد اصبحــت وبعــد جتــارب‬
‫انتخابيــة عديــدة هــي العامــل املؤثــر واالهــم علــى الناخبــن وحشــدهم مقابــل‬
‫تراجــع عامــل الفعاليــات االجتماعيــة والقبليــة التــي اليــزال دورهــا موجــوداً ولكنــه‬
‫ضعيــف ويضعــف باســتمرار ‪.‬‬

‫ •باإلضافــة الــى تراجــع حضــور املســتقلني ومتثيــل املــرأة يف عضويــة مجلــس النــواب‬
‫تراجــع أيض ـاً متثيــل األحــزاب يف البرملــان حيــث لــم متثــل يف البرملــان ســوى أربعــة‬
‫احــزاب فقــط هــي املؤمتــر واالصــاح واالشــتراكي والناصــري وبتمثيــل محــدود إذا‬
‫جتــاوزت املؤمتــر واإلصــاح كمــا لوحــظ أيضــا تراجــع متثيــل احــزاب املعارضــة مــن‬
‫ناحيــة ‪,‬والفئــات والشــرائح والقــوى السياســية واالجتماعيــة عموم ـاً مــن ناحيــة اخــرى‪.‬‬

‫ففــي حــن ســيطر احلــزب احلاكــم علــى غالبيــة الثلثــن مــن مقاعــد البرملــان‪ %79‬تــكاد‬
‫غالبيــة هــذه العضويــة ميثلــون فئــة أو فئتــن مــن فئــات وشــرائح املجتمــع املختلفــة ‪,‬هــي فئــة‬
‫التجــار واملقاولــون واصحــاب رؤوس األمــوال أوال‪ ,‬ثــم املشــايخ وابنائهــم وأبنــاء املســؤولني‬
‫الكبــار يف الدولــة ثانيــا‪ ,‬واخيــرا رجــال الديــن وخطبــاء املســاجد وبقيــة الفئــات االخــرى‬
‫وبنســب ضئيلــة جــداً‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ثانيا‪ :‬نتائج األحزاب السياسية‬

‫وميكن قراءتها مرتبة على النحو التالي ‪-:‬‬


‫‪ -‬املؤمتر الشعبي العام‬

‫وقــد فــاز بـ‪229‬مقعــدا باســمه ‪,‬وحصــل علــى ثالثــة مليــون وأربعمائــة الــف واربــع مئــة‬
‫واربعــة وخمســون ‪,‬صــوت انتخابــي ‪ ,‬وبهــذه النتيجــة الكبيــرة واملضاعفــة مقارنــة بنتائجــه‬
‫الســابقة يكــون املؤمتــر الشــعبي العــام قــد حقــق معظــم‪ ,‬واهــم أهدافــه السياســية مــن هــذه‬
‫االنتخابــات ويف مقدمتهــا احلصــول علــى أغلبيــة ثلثــي مقاعــد برملــان ‪٢٠٠٣‬م خصوصــا‬
‫بعــد أن اســتطاع إقنــاع أو إغــراء عــدد مــن النــواب املســتقلني لالنضمــام إلى كتلتــه البرملانية‬
‫ليصبــح عــدد أعضــاء كتلتــه يف هــذه الــدورة ‪ 249‬نائبــا و بنســبة ‪%79‬مــن مجمــوع مقاعــد‬
‫البرملــان ‪.‬‬

‫وبهــذه األغلبيــة التــي أصبحــت تعــرف يف الصحافــة بـ(األغلبيــة الكاســحة) ضمنت الســلطة‬
‫ليــس فقــط الســيطرة علــى الســلطة التشــريعية وجعلهــا‪ ،‬والــى حــد كبيــر جــزء مــن مؤسســة‬
‫الرئاســة واحلكومــة‪ ،‬ومــن خاللهــا تســتطيع إقــرار أو متريــر أيــة تشــريعات وقوانــن‬
‫واتفاقيــات مبــا يف ذلــك تلــك التــي حتتــاج إلــى أغلبيــة خاصــة كالتعديــات الدســتورية‬
‫مثــا‪ ,‬وهــو مــا كانــت تســعى إليــه الســلطة باســتمرار ولكنهــا أيضــا تكــون قــد جمــدت مــن‬
‫الناحيــة العمليــة دور وفاعليــة مجلــس النــواب وعطلــت دوره الرقابــي ‪,‬وهــو أمــر مالحــظ‪,‬‬
‫وملمــوس ‪,‬يف أداء مجلــس النــواب ومنــذ أول جلســاته وحتــى اآلن‪.‬‬

‫واحلقيقــة أن هــذه النتيجــة الكبيــرة وغيــر املوضوعيــة‪ ,‬التــي حققهــا املؤمتــر الشــعبي‬
‫العــام تعــود إلــى عوامــل واســباب عديــدة أبرزهــا عامــل اســتخدام كل أدوات وإمكانيــات‬
‫الدولــة املاليــة واإلداريــة واإلعالميــة واألمنيــة وتســخيرها يف حملتهــا االنتخابيــة ولصالــح‬
‫مرشــحيها مبــا يف ذلــك اخلروقــات والتجــاوزات واملمارســات املخالفــة للقانــون والدســتور‪.‬‬

‫باإلضافــة الــى سياســة الســلطة يف اختيــار مرشــحيها حيــث اعتمــدت خطتهــا االنتخابيــة‬
‫علــى النــزول مبرشــحني يف غالبيــة دوائــر اجلمهوريــة (‪ 280‬مرشــح) بهــدف رفــع نســبة‬

‫‪186‬‬
‫‪04‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬االنتخابات الربملانية ‪ 2003‬م‬

‫األصــوات االنتخابيــة هــذا اوال امــا ثانيــا فقــد اختــارت الكثيــر مــن هــؤالء املرشــحني‬
‫‪,‬مــن النــاس املقتدريــن ماليــاً ولهــم نفــوذ اجتماعــي علــى مســتوى دوائرهــم االنتخابيــة‬
‫باإلضافــة الــى اختيــار الســلطة قيــادات (اشــتراكية يف احملافظــات اجلنوبيــة والوســطى)‬
‫و(اصالحيــة يف محافظــات شــمال الشــمال) ســابقة وبالــذات يف الدوائــر التــي يكــون‬
‫للحــزب أو لإلصــاح نفــوذ اجتماعــي كبيــر وبحيــث يســتطيع هــؤالء املرشــحون احلزبيــون‬
‫ســحب نســبة كبيــرة مــن اصــوات ناخبــي احزابهــم الســابقة‪.‬‬

‫واخيــراً يأتــي عامــل ال يقــل اهميــة عــن ســابقاته مــن العوامــل ان لــم يســبقها‪ ,‬ويعــود إلــى‬
‫األخطــاء والثغــرات التــي تســببت بهــا أحــزاب اللقــاء املشــترك وفشــل هــذه األحــزاب فشـ ً‬
‫ا‬
‫ذريعــاً يف عمليــة التنســيق فيمــا بينهــا يف العديــد مــن الدوائــر االنتخابيــة حيــث صــب‬
‫فشــلها ومنافســة بعضهــا بعض ـاً لصالــح فــوز مرشــح املؤمتــر‪.‬‬

‫حيــث ثبــت فــوز املؤمتــر يف دوائــر انتخابيــة معينــة‪ ,‬كان مــن الصعــب أن يفــوز فيهــا لــوال‬
‫تنافــس مرشــحي أحــزاب اللقــاء املشــترك علــى مقعدهــا وبالــذات مرشــحا االشــتراكي‬
‫واالصــاح والــى حــد مــا التنظيــم الناصــري حيــث وصــل عــدد الدوائــر االنتخابيــة التــي‬
‫ســقطت علــى املعارضــة بســبب هــذا العامــل الــى اكثــر مــن ‪ 40‬دائــرة انتخابيــة حســب‬
‫تقريــر ملنظمــة الرقابــة االنتخابيــة التابعــة لــأمم املتحــدة واملراقبــن الدوليــن وبالــذات يف‬
‫عــدن وحلــج وتعــز ‪.‬‬

‫‪ -‬التجمع اليمني لإلصالح ‪,‬‬

‫وقــد فازبـــ ‪46‬مقعــدا‪ ,‬وحصــل علــى (مليــون وثالثمائــة وســتني الــف وأربعمائــة وســتة‬
‫وثالثــن) صوتــاً انتخابيــاً ‪ ,‬وهــي نتيجــة ســلبية وتراجعيــة مــن حيــث عــدد املقاعــد‬
‫النيابيــة التــي حصــل عليهــا يف هــذه الــدورة ‪46‬مقارنــة بــدورة ‪1997‬م االنتخابيــة ‪.‬‬

‫ولكــن يف حالــة قــراءة هــذه النتيجــة مــن زاويــة نوعيــة الدوائــر االنتخابيــة التــي حقــق فيهــا‬
‫اإلصــاح فــوزاً أو حضــوراً انتخابيـاً كبيــراً فــان االمــر يختلــف كثيــرا‪.‬‬

‫‪187‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫حيــث حقــق تقدمــا الفتــا يف الدوائــر االنتخابيــة ذات الثقــل السياســي واالجتماعــي الكبيــر‬
‫والتــي يحمــل الفــوز مبقاعدهــا رمزيــة وداللــة سياســية معينــة كمــا هــو احلــال يف دوائــر‬
‫امانــة العاصمــة ومحافظــات اب ومدينــة عــدن ودوائــر حضرمــوت وغيرهــا‪.‬‬

‫وباملقارنــة بنتيجــة االصــاح االنتخابيــة يف آخــر انتخابــات برملانيــة ســنجد ان االصــاح‬


‫قــد اســتطاع بهــذه النتيجــة ان يعــود وبقــوة الــى كل مــن دوائــر امانــة العاصمــة ‪ 11‬مقعــدا‬
‫مــن اصــل ‪ 19‬دائــرة انتخابيــة مقابــل مقعــد واحــد فقــط يف انتخابــات ‪1997‬م فضــا انــه‬
‫قــد اســتطاع ان يحافــظ والــى حــد كبيــر علــى مركــزه االنتخابــي القــوي يف كل مــن دوائــر‬
‫مدينــة عــدن مقعديــن ومحافظــات حضرمــوت ومــارب واجلــوف وذمــار وصنعــاء وعمــران‪.‬‬

‫مقابــل تراجعــه بقيــة احــزاب املعارضــة يف كل مــن محافظــة تعــز واحلديــدة وصعــدة‬
‫وحجــة وغيرهــا ولعــل اهــم االســباب والعوامــل التــي حقــق االصــاح بســببها لهــذه النتيجــة‬
‫الهامــة تعــود الــى ‪:‬‬

‫قدرتــه التنظيميــة واملاليــة الهائلــة ‪ ,‬ورفعــه خلطــاب سياســي معــارض لسياســات احلــزب‬
‫احلاكــم بوضــوح وقــوة غيــر مســبوقة وكــذا اســتفادته مــن التحالــف بينــه وبقيــة احــزاب‬
‫املشــترك حيــث انــه وبحكــم فاعليتــه امليدانيــة كان اكثــر احــزاب املشــترك اســتفادة مــن‬
‫غطــاء هــذا التحالــف وبالــذات يف امانــة العاصمــة ومدينــة تعــز ومحافظــة حلــج ومحافظــة‬
‫اب وغيرهــا مــن احملافظــات وبالــذات الدوائــر التــي لــم يكــن لبقيــة احــزاب املشــترك‬
‫مرشــحون‪ ,‬وهــي كثيــرة اقتصــرت عمليــة التنافــس فيهــا بــن احلــزب احلاكــم مــن جهــة‬
‫وبقيــة احــزاب املشــترك ممثلــة باإلصــاح مــن جهــة اخــرى حيــث صــوت اعضــاء احلــزب‬
‫االشــتراكي وبقيــة احــزاب املشــترك ملرشــحي االصــاح !!‬

‫مــع مالحظــة ان االصــاح قــد اختــرق يف نتيجتــه االنتخابيــة دوائــر كانت مغلقة لالشــتراكي‬
‫تاريخيــا كدوائــر يف محافظــات عــدن وحلــج ومدينــة عــدن والــى حــد ما محافظتــي الضالع‬
‫وابــن ‪.‬فيمــا لــم يفــز لالشــتراكي ولــو مرشــح واحــد يف الدوائــر التــي كانــت محســوبة وال‬
‫تــزال لإلصــاح ليــس الن االصــاح رفــض التنســيق فيهــا وحســب بــل والن االشــتراكي لــم‬
‫يرشــح احــدا باســمه يف معظمهــا وعندمــا رشــح يف بعضهــا تخلــى عــن دعــم مرشــحه كمــا‬
‫هــو حــال الدائــرة ‪ ١٢‬يف أمانــة العاصمــة والدائــرة ‪ ١٠‬يف أمانــة العاصمــة أيضـاً‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫‪04‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬االنتخابات الربملانية ‪ 2003‬م‬

‫ومــا عــدا دوائــر يحيــى منصــور ابــو اصبــع (جبلــة إب) وعلــي محمــد الصــراري ( ماويــة‬
‫– تعــز) وطــال عقــان (صنعــاء الدائــرة العاشــرة) ودائــرة ســلطان الســامعي يف ســامع‬
‫تعــز التــي اخالهــا االصــاح ملرشــحي االشــتراكي وظهــر داعمــا ملرشــحي احلــزب فــان بقيــة‬
‫الدوائــر االشــتراكية تبــن انهــا لــم تكــن مدعومــة اصالحيــا وحتــى هــذه الدوائــر االربــع لــم‬
‫يعلــن ســوى فــوز الســامعي رســميا امــا فــوز بقيــة مرشــحي االشــتراكي فيهــا فــان املشــترك‬
‫لــم يعمــل شــيئا الســتعادتها مــن ســرقة الســلطة املكشــوفة لفــوز مرشــحي االشــتراكي‬
‫املؤكــد فيهــا ومنهــا فــوز علــي الصــراري املؤكــد يف ماويــة وفــوز يحيــى منصــور أبــو اصبــع‬
‫يف جبلــة محافظــة إب وفــوز املرشــح واعــد باذيــب يف عــدن والــذي اخــذ مقعــده عنــوة‬
‫وبقــوة الســلطة رغــم فــوزه املؤكــد‪.‬‬

‫‪ -‬احلزب االشتراكي اليمني ‪,‬‬

‫وقــد فــاز بســبعة مقاعــد برملانيــة فقــط أي بنســبة ‪.%20،2‬مــن مجمــوع مقاعــد البرملــان ‪,‬‬
‫تركــزت يف دوائــر كل مــن م‪/‬حلــج (‪2‬مقاعــد) ‪,‬وم‪/‬الضالــع (‪2‬مقاعــد) ومقعــد واحــد يف‬
‫كل مــن م‪/‬ابــن‪ ,‬وتعــز‪ ,‬وعــدن ‪,‬كمــا حصــل علــى حوالــي‪ ,‬و (‪ )295,315‬صوتــا انتخابيــا‬
‫وبنســبة‪ %5‬تقريبــا‪.‬‬

‫واحلقيقــة أن النتيجــة مخيبــة جــدا آلمــال احلــزب وجمهــوره ولكــن البعــض اعتبــر مجــرد‬
‫مشــاركة احلــزب االشــتراكي يف االنتخابــات‪ ،‬وحصولــه علــى ســبعة مقاعــد برملانيــة وقرابــة‬
‫الثالثمائــة الــف صــوت انتخابــي متثــل جميعهــا نقــاط إيجابيــة ومتقدمــة بالقيــاس إلــى‬
‫األوضــاع االســتثنائية التــي كان يعيشــها والــى غيابــه البرملانــي يف دورة مجلــس النــواب‬
‫الســابقة (دورة ‪1997‬م) غيــر أن هــذه النتيجــة االنتخابيــة ال تعبــر مطلقــاً عــن حقيقــة‬
‫ومكانــة احلــزب ‪,‬ونســبة تواجــده يف املجتمــع فهــو اكبــر بكثيــر مــن هــذه النتيجــة‬
‫االنتخابيــة‪.‬‬

‫وكان ميكــن أن يحقــق افضــل منهــا بكثيــر اال ان العديــد مــن العوامــل واألســباب قــد‬
‫حالــت دون حتقيقــه لنتائــج افضــل ممــا مت اإلعــان عنــه رســمياً يف هــذه االنتخابــات وهــي‬
‫أســباب ذاتيــة وموضوعيــة بعضهــا لهــا عالقــة مبمارســات الســلطة القمعيــة واالقصائيــة‬

‫‪189‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ضــد مرشــحي احلــزب وأنصــاره وبعضهــا عوامــل قصــور واخطــاء يتحمــل مســؤولياتها‬
‫احلــزب وقيادتــه ومنظماتــه املختلفــة وبعضهــا يعــود الــى غطــاء املشــترك الــذي اســتفاد‬
‫منــه االصــاح وتضــرر منــه االشــتراكي بعــد جرميــة اغتيــال امينــه العــام علــى االقــل ‪.‬‬

‫ولعــل أهــم وابــرز اإلجــراءات واملمارســات واخلروقــات التــي قامــت بهــا الســلطة ضــد‬
‫احلــزب ومرشــحيه وانصــاره‪ ,‬وكان لهــا دور كبيــر يف ضعــف ومحدوديــة النتيجــة التــي‬
‫حصــل عليهــا هــي ‪-:‬‬

‫ •عــدم قبــول اللجــان االنتخابيــة عــدد مــن مرشــحي احلــزب يف كثيــر مــن الدوائــر‬
‫قــدرت الســلطة وأجهزتهــا املختصــة وجــود‬ ‫االنتخابيــة وبالــذات املرشــحني الذيــن َّ‬
‫فــرص كبيــرة لفوزهــم مبقعــد الدائــرة التــي ترشــحوا عنهــا وعلــى ســبيل املثــال ال‬
‫احلصــر ميكــن االشــارة هنــا الــى واقعــة اقصــاء مرشــح احلــزب يف الدائــرة ‪ 13‬امانــة‬
‫العاصمــة الدكتــور جميــل عــون والــذي مت اقصــاؤه بحجــة عــدم تقدميــه الســتقالة‬
‫مســببة مــن وظيفتــه كأســتاذ يف جامعــة صنعــاء ‪.‬‬

‫ومــع ان هــذا تعســف واضــح يف اســتخدام القانــون لغيــر الغــرض الــذي شــرع لــه‪,‬‬
‫حيــث واســتاذ اجلامعــة ليــس مــن بــن الشــاغلني للوظائــف ذات الســلطة يف الدولــة‬
‫واحلكومــة والتــي ميكــن اســتخدام نفــوذ املنصــب للتأثيــر علــى الناخبــن اال ان هــذا‬
‫الشــرط قــد اســتخدم ضــد مرشــح احلــزب يف الدائــرة ‪ 13‬ويف دوائــر انتخابيــة اخــرى‬
‫اقصــي فيهــا مرشــحوا احلــزب بنفــس احلجــة كمــا حصــل يف عــدد مــن دوائــر تعــز‬
‫وغيرهــا والتــي كان ميكــن ان يرفــع احلــزب فيهــا عــدد مقاعــده البرملانيــة او نســبة‬
‫االصــوات االنتخابيــة علــى االقــل‪.‬‬

‫ •التالعــب بالنتائــج املســجلة يف ســجالت الفــرز وتعديــل النتائــج االنتخابيــة التــي كان‬
‫مرشــح احلــزب قــد حقــق فيهــا فــوزاً محقق ـاً أو التــي كانــت عمليــة فــرز االصــوات‬
‫تســير لصالــح مرشــح احلــزب وهــو مــا حصــل يف نتائــج مرشــح احلــزب يف احــدى‬
‫دوائــر مدينــة عــدن وهــي دائــرة الرفيــق واعــد عبــداهلل باذيــب ويف دائرتــن اخريــن‬
‫يف مدينــة عــدن نفســها ‪,‬ودائــرة مرشــح احلــزب يف محافظــة صنعــاء (رميــة حاليــا)‬
‫عبــده مرشــد ودائــرة مرشــح احلــزب الرفيــق طــال عقــان بأمانــة العاصــم ودائــرة‬

‫‪190‬‬
‫‪04‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬االنتخابات الربملانية ‪ 2003‬م‬

‫الرفيــق علــى الصــراري يف ماويــة بتعــز ودائــرة الرفيــق يحيــى منصــور يف جبلــة‬
‫مبحافظــة إب ودائــرة الرفيــق صالــح ناجــي حربــي باملســيمير بلحــج واخريــن أي ان‬
‫مــن ‪15‬الى‪16‬مقعــدا تقريبــا كان مــن املؤكــد فــوز مرشــح احلــزب فيهــا اال ان الســلطة‬
‫وبتعســفها يف اســتخدام القانــون وســطوة الســلطة وبطشــها قــد اخذتهــا منهــم عنــوة‬
‫وهــي حقيقــة شــهد بهــا كل املراقبــن‪.‬‬

‫أمــا فيمــا يتعلــق باألخطــاء والنواقــص التــي يتحملهــا احلــزب وقيادتــه ومنظماتــه املختلفــة‬
‫جتــاه خســارة احلــزب يف االنتخابــات وحصولــه علــى نتيجــة اقــل بكثيــر من واقعه السياســي‬
‫واالجتماعــي فهــي ‪- :‬‬

‫‪1.1‬غيــاب أو ضعــف أداء القيــادة املركزيــة العليــا للحــزب أثنــاء االنتخابــات حيــث دخــل‬
‫احلــزب العمليــة االنتخابيــة وبالــذات يف مراحلهــا األخيــرة واحلاســمة وهــو يعيــش‬
‫حالــة مــن الفــراغ يف ســلطته القياديــة خلفهــا اغتيــال األمــن العــام املســاعد عشــية‬
‫االنتخابــات وقبــل ذلــك مــرض األمــن العــام وبقائــه أثنــاء املراحــل االنتخابيــة‬
‫احلاســمة يف مدينــة عــدن ومــا خلفــه كل ذلــك مــن اربــاك ومــن غيــاب املرجعيــة‬
‫السياســية للمرشــحني والفــرق التنظيميــة الداعمــة لهــم‪،‬‬

‫كمــا ان املخــاوف مــن جرائــم اغتيــاالت مشــابهة مــن االصدقــاء واالعــداء قــد حتكمــت‬
‫بكثيــر مــن حتــركات ومواقــف القيــادات السياســية التــي ادارت العمليــة االنتخابيــة‬
‫وقــد انعكــس هــذا الفــراغ او الغيــاب القيــادي بصــورة ســلبية وخطيــرة علــى كامــل‬
‫اداء احلــزب ونشــاطه يف العمليــة االنتخابيــة‪.‬‬

‫ومــع تقديــر اجلهــود التــي بذلتهــا القياديــة االنتخابيــة اليوميــة ممثلــة بنائــب رئيــس‬
‫احلــزب األمــن العــام املســاعد وأعضــاء األمانــة العامــة وعــدد مــن أعضــاء املكتــب‬
‫السياســي ورؤســاء العديــد مــن املنظمــات احلزبيــة يف احملافظــات اال ان محدوديــة‬
‫الســلطة التــي خولــت لهــذه القيــادة االنتخابيــة للحــزب وانقســام معظــم أعضائها حول‬
‫العديــد مــن القضايــا االنتخابيــة مــن ناحيــة وانشــغال عــدد اخــر منهــم بدوائرهــم‬
‫االنتخابيــة كمرشــحني باســم احلــزب او باحلــوارات الطويلــة وغيــر املفضيــة لشــيء‬

‫‪191‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫مــع قيــادات االصــاح وبقيــة احــزاب اللقــاء املشــترك فضــا عــن نــزول عــدد منهــم‬
‫لدوائــر محــدودة لدعــم مرشــحني بعينهــم دون بقيــة املرشــحني يف احملافظــات االخرى‬
‫قــد ســاهمت مجتمعــة والــى حــد كبيــر يف ســوء ادارة العمليــة االنتخابيــة وبالتالــي‬
‫ســوء وضعــف نتائــج احلــزب يف االصــوات واملقاعــد ‪.‬‬

‫ان ضعــف اداء احلــزب عمومــا وعــدم قدرتــه علــى حتديــد اولوياتــه وقضايــاه‬
‫االنتخابيــة وســواء فيمــا يخــص تطبيــق السياســيات واخلطــط االنتخابيــة املعتمــدة‬
‫ســلفا حــول معاييــر اختيــار املرشــحني والتحالفــات السياســية‪ ,‬أو فيمــا يخــص دعــم‬
‫ومســاندة مرشــحي احلــزب كانــت كنتيجــة اســباب رئيســيه ذات تأثيــر مباشــر علــى‬
‫تراجــع حصــة احلــزب االنتخابيــة‪ ...‬الــخ‪.‬‬

‫وبشــكل عــام ميكــن القــول ان احلــزب بســبب هــذه االشــكالية القياديــة التــي ال يــزال‬
‫يعيشــها حتــى اآلن قــد فشــل يف ادارة العمليــة االنتخابيــة ويف املســاهمة يف حتســن‬
‫نتيجــة احلــزب االنتخابيــة مــن حيــث املقاعــد وعــدد االصــوات ســواء بســواء‪.‬‬

‫‪2.2‬حتكمــت العالقــة التحالفيــة مــع االصــاح يف اربــاك اخلطــاب االنتخابــي وعــدم‬


‫قدرتــه علــى متييــز قضاياهــا والتعمــد يف عــدم طــرح قضيــة اغتيال الشــهيد جاراهلل‬
‫عنوانــا مــن عناويــن احلملــة واخلطــاب االنتخابــي كان لــه تأثيــر قاتــل علــى نتائــج‬
‫احلــزب اذ اصبــح عنــوان التطــرف واالرهــاب غائبــا متامــاً يف خطــاب وبرنامــج‬
‫احلــزب االنتخابــي وهــو اهــم القضايــا التــي كانــت تشــغل جمهــور احلــزب حينهــا‪.‬‬

‫كمــا ان قضايــا اخلصخصــة وتســريح العمــال مــن القطــاع العــام ودعــم الفالحــن‬
‫والطبقــات املعدمــة كلهــا عناويــن اشــتراكية بحتــة لكــن االشــتراكي جتاهلهــا بســبب‬
‫افــراغ احلــزب مــن مضمونــه االجتماعــي والوطنــي وبســبب املشــترك وعالقتــه‬
‫باإلصــاح فخســر جمهــوره دون ان يكســب جمهــور االصــاح او االحــزاب االخــرى‬
‫ســوى دوائــر بعينهــا كدائــرة ابــو اصبــع والصــراري اللــذان دعمــا مــن قبــل االصــاح‬
‫دون ان يســمح لهمــا يف الفــوز رغــم فوزهمــا !‬

‫‪3.3‬عــدم جاهزيــة احلــزب عمومــاً والعديــد مــن املنظمــات احلزبيــة يف احملافظــات‬


‫خصوصــا‪ ,‬لألشــراف والتحضيــر لالنتخابــات مــن جميــع اجلوانــب التنظيميــة‬

‫‪192‬‬
‫‪04‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬االنتخابات الربملانية ‪ 2003‬م‬

‫وامليدانيــة والسياســية وســواء كان ذلــك فيمــا يخــص تســوية اوضــاع بعــض املنظمــات‬
‫احلزبيــة الرئيســية التــي تعيــش خالفــات وانقســامات بــن اعضائهــا او فيمــا يخــص‬
‫توفيــر البيانــات واملعلومــات والوثائــق اخلاصــة مبوضــوع االنتخابــات وقراءتهــا قــراءة‬
‫صحيحــة (علميــاً وسياســياً) ومــن ثــم بنــاء السياســية واخلطــة االنتخابيــة علــى‬
‫اساســها‪.‬‬

‫علــى ان االهــم هــو ضعــف امكانيــات احلــزب املاليــة وعــدم توفيــر احلــزب للمتطلبــات‬
‫واالمكانــات املاليــة الضروريــة لــكل مرحلــة مــن مراحــل العمليــة االنتخابيــة وبالــذات‬
‫اثنــاء احلملــة االنتخابيــة ومرحلتــي االقتــراع والفــرز مبــا يف ذلــك تكاليــف نقــل‬
‫الناخبــن وتوفيــر حاجاتهــم االساســية حلمايــة اصــوات املرشــحني‪.‬‬

‫وبهــذا املعنــى نســتطيع القــول بــان احلــزب االشــتراكي قــد شــارك يف االنتخابــات‬
‫البرملانيــة وقبلهــا احملليــة دون ان يكــون قــد وفــر احلــد االدنــى مــن البنيــة التحتيــة‬
‫ألي عمليــة انتخابيــة مــن هــذا النــوع االمــر الــذي انعكــس وبصــورة ســلبية علــى‬
‫وضــع احلــزب االشــتراكي ومــن ثــم علــى نتيجتــه االنتخابيــة وبالــذات فيمــا يخــص‬
‫املعاييــر املعتمــدة الختيــار املرشــحني وآليــات دعمهــم تنظيميـاً وميدانيـاً اثنــاء احلملــة‬
‫االنتخابيــة ‪.‬‬

‫حيــث لوحــظ ان العديــد مــن منظمــات احلــزب لــم يكــن لهــا أي معيــار محــدد الختيــار‬
‫املرشــحني ســوى معيــار واحــد ‪,‬وهــو دعــم كل مرشــح بــادر بنفســه للترشــيح فضــا‬
‫عــن غيــاب هــذه املنظمــات شــبه الكلــي اثنــاء احلملــة االنتخابيــة ويف مرحلتــي االقتراع‬
‫والفــرز واعــان النتائــج االمــر الــذي جعــل العديــد مــن مرشــحي احلــزب عرضــة‬
‫لالبتــزاز والتالعــب بنتائجهــم مــن قبــل الســلطة واألحــزاب األخــرى‪.‬‬

‫‪4.4‬عــدم قــراءة احلــزب وقياداتــه املركزيــة واحملليــة للمتغيــرات السياســية واالجتماعيــة‬


‫التــي حدثــت يف الواقــع منــذ حــرب ‪1994‬م ومــا أحدثتــه ممارســات الســلطة القمعيــة‬
‫مــن ناحيــة وغيــاب او انقطــاع تواصــل احلــزب مــع النــاس مــن ناحيــة أخــرى مــن‬
‫آثــار ومتغيــرات عميقــة سياســية واجتماعيــة علــى مســتوى كل دائــرة ومحافظــة مــن‬
‫محافظــات اجلمهوريــة ‪.‬‬

‫‪193‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫وقــد كان لهــذه القــراءة القدميــة وغيــر الواقعيــة التــي اعتمدتهــا بعــض منظمــات‬
‫احلــزب يف الدوائــر يف بنــاء خطتهــا االنتخابيــة دور ســلبي ومؤثــر يف نتيجــة احلــزب‬
‫االنتخابيــة حيــث اعتمــد احلــزب يف ترشــيحاته ويف اختيــار أولوياتــه التحالفــات‬
‫السياســية والدعــم املالــي واللوجســتي علــى نتيجــة احلــزب االنتخابيــة يف انتخابــات‬
‫‪1993‬م البرملانيــة دون مالحظــة مــا حصــل مــن متغيــرات كبيــرة يف مــزاج وتوجهــات‬
‫الناخبــن يف هــذه الدوائــر لغيــر صالــح احلــزب يف مقابــل حصــول مــزاج انتخابــي‬
‫آخــر ومغايــر للمــزاج االنتخابــي العــام يف أماكــن ودوائــر أخــرى لصالــح احلــزب‬
‫وتوجهاتــه البرامجيــة ‪.‬‬

‫ويف الســياق ذاتــه لــم تقــرأ قيــادة احلــزب قــراءة صحيحــة للمتغيــر الكبيــر يف‬
‫املــزاج االنتخابــي العــام داخــل املــدن الرئيســية لصالــح مرشــحي (اللقــاء املشــترك)‬
‫فتســارع لفــرض عــدد اكبــر مــن رمــوز احلــزب للترشــح فيهــا وبالعكــس قللــت مــن‬
‫عــدد مرشــحيها يف املــدن لصالــح مرشــحي االصــاح وقــد أدى هــذا ليــس فقــط‬
‫إلــى حرمــان احلــزب مــن فــرص الفــوز او احلصــول علــى نتائــج اصــوات مرتفعــة يف‬
‫عديــد مــن دوائــر املــدن الكبــرى (أمانــة العاصمــة ومدينــة تعــز ومحافظتــي اب وتعــز‬
‫واحلديــدة) وغيرهــا بــل والــى اهــدار امكانيــات وجهــود احلــزب احملــدودة لصالــح‬
‫مرشــحني يف دوائــر انتخابيــة لــم يعــد هنــاك فــرص كبيــرة لفوزهــم فيهــا كمــا كان‬
‫احلــال يف انتخابــات ‪1993‬م كدوائــر محافظــة حضرمــوت وبعــض دوائــر عــدن مثــا‬
‫التــي ســجل احلــزب فيهــا نتائــج مخيبــة لآلمــال‪.‬‬

‫‪5.5‬مــع أن احلــزب قــد اعتمــد خيــاري الفــوز باملقاعــد واحلصــول عــل اصــوات انتخابيــة‬
‫يف خطتــه االنتخابيــة اال ان مــا حصــل مــن الناحيــة العمليــة هــو تقليــل عــدد‬
‫املرشــحني الــى اقصــى حــد والتركيــز علــى دوائــر الفــوز ونســيان او جتاهــل دوائــر‬
‫االصــوات االمــر الــذي فــوت علــى احلــزب فرصــة احلصــول علــى اصــوات انتخابيــة‬
‫عاليــة ثبــت انهــا مــن الناحيــة احلزبيــة والسياســية ال تقــل اهميــة عــن الفــوز باملقعــد‬
‫البرملانــي ‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫‪04‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬االنتخابات الربملانية ‪ 2003‬م‬

‫ويف هــذا الســياق فقــد كان مــن األخطــاء الكبيــرة التــي أدت إلــى ضعــف نتيجة احلزب‬
‫االنتخابيــة يتمثــل يف عــدم رفــع نســبة عــدد مرشــحي احلــزب يف املــدن واحملافظــات‬
‫الكبــرى وذات الثقــل السياســي واالجتماعــي والتــي حتمــل نتائجهــا رمزيــة معينــة‬
‫بالنســبة ملكانــة كل حــزب (أمانــة العاصمــة ومدينــة تعــز ومحافظتهــا ومدينــة احلديــدة‬
‫ومحافظتهــا) وبقيــة مراكــز وعواصــم احملافظــات األخــرى‪.‬‬
‫‪6.6‬ســاهمت أنانيــة اإلصــاح اوال وعــدم تقديــره للمرحلــة وحاجــة الوطــن للتــوازن‬
‫السياســي وعــدد آخــر مــن أحــزاب اللقــاء املشــترك يف عــدم الوصــول الــى اتفــاق‬
‫حتالفــي كامــل يف االنتخابــات وبقــدر مــا عملــوا علــى نقــض كل مــا كان قــد اتفــق‬
‫حولــه ســواء قبــل اغتــال الشــهيد جــار اهلل او بعــد استشــهاده(‪ ((5‬بقــدر مــا حتركــت‬
‫الــة االصــاح االنتخابيــة لدعــم مرشــحيها بعنــوان انهــم ميثلــون حتالــف املشــترك‬
‫وان مرشــحي احلــزب يف تلــك الدوائــر التنافســية قــد فرضــوا انفســهم شــخصيا‬
‫علــى الترشــيح دون رغبــة مــن قيــادة احلــزب وهكــذا‪.‬‬
‫‪ 7.7‬تســاهل احلــزب وقياداتــه العليــا واحملليــة جتــاه قضايــا ومطالــب عديــدة كان‬
‫يطرحهــا ويطالــب بهــا العديــد مــن مرشــحي احلــزب حــول ســرقة الســلطة واجهزتهــا‬
‫لنتائجهــم االنتخابيــة والتعديــل يف ســجالت القيــد حــول االصــوات التــي حصلــوا‬
‫عليهــا وان كان ميكــن العمــل بقليــل مــن اجلهــد السياســي والشــعبي والقانونــي‬
‫الســتعادتها واضافتهــا لرصيــد احلــزب االنتخابيــة‪.‬‬
‫‪ 8.8‬ادى ترشــح بعــض قيــادة املنظمــات احلزبيــة والقيــادات العليــا للحــزب ليــس فقــط‬
‫الــى تســخير كل جهــود وامكانيــات احلــزب التنظيميــة التنســيقية لصالــح هــؤالء‬
‫املرشــحني بــل والــى االضــرار بأوضــاع املرشــحني اآلخريــن يف احملافظــة برمتهــا‬
‫ومــن ذلــك التنــازل واملســاومة علــى بقيــة الدوائــر يف احملافظــة لصالــح االحــزاب‬
‫املتحالفــة وقــد لوحــظ هــذا يف كل مــن دوائــر محافظــة اب ‪ 9‬مرشــحني للحــزب‬
‫فقــط مــن اصــل ‪ 36‬دائــرة ومحافظــة تعــز ‪ 7‬مرشــحني فقــط مــن اصــل (‪ )39‬دائــرة‬
‫(‪ )58‬انــا شــخصيا كنــت قــد قــررت الترشــح يف الدائــرة ال‪12‬يف امانــة العاصمــة وكان هــذا القــرار قــد مت ابــاغ قيــادة االصــاح بــه‬
‫مــن قبــل الشــهيد جــار اهلل و قــد وافقــوا علــى ذلــك مــن حيــث املبــدأ كمــا اخبرنــي الشــهيد خصوصــا والدائــرة مــن الدوائــر التــي‬
‫فــاز فيهــا يف االنتخابــات الســابقة مؤمتــر ال اصــاح لكنهــم غيــروا موقفهــم متامــا بعــد استشــهاد جــار اهلل واضطــروا الــى اســتقدام‬
‫قيــادي كبيــر مــن الروضــة ليترشــح فيهــا ليصعبــوا عمليــة انســحابه لصاحلــي وهــو الصديــق والوزيــر جنيــب غــامن (الدبعــي) وهــو‬
‫مــن مواليــد عــدن واللقــب االخيــر (الدبعــي) لــم يضــف اليــه اال يف االنتخابــات العتقادهــم انهــم سيســتفيدون مــن البعــد املناطقــي‬
‫داخــل احلــزب وخارجــه لصالــح مرشــحهم !‬

‫‪195‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫انتخابيــة والشــاهد هنــا هــو ان احلــزب خســر آالف االصــوات االنتخابيــة بســبب‬
‫عــدم تقدميــه مرشــحني اكثــر يف كل مــن دوائــر تعــز واب وغيرهمــا وقــد اشــيع حينهــا‬
‫بــان دعــم االصــاح قــد اشــترط لعلــي الصــراري يف تعــز وابــو اصبــع يف اب قــد‬
‫ســاهم يف اخــاء معظــم دوائــر احملافظتــن ملرشــحيه !‬

‫‪ 9.9‬قيــام بعــض املرشــحني باســم احلــزب باالتفــاق مــع الســلطة او بعــض شــخصياتها‬
‫مــن وراء احلــزب ومنظماتــه احملليــة ومبــا يجعــل هــؤالء املرشــحني يعملــون لصالــح‬
‫مرشــح احلــزب احلاكــم او االنســحاب يف اللحظــات التــي يكــون مــن الصعــب تقــدمي‬
‫بدائــل لهــم يف تلــك الدوائــر مــا حصــل يف احــدى دوائــر مدينــة تعــز ويف دائــرة مــن‬
‫دائرتــي املهــرة واخــرى يف حضرمــوت‪.‬‬

‫(‪ )4‬حقائق صادمة افرزتها انتخابات ‪2003‬م‬

‫افــرزت انتخابات‪27‬ابريــل ‪2003‬م البرملانيــة ثــاث حقائــق سياســية كبيــرة وخطيــرة يف‬
‫تاريــخ الدميقراطيــة االجرائيــة (االنتخابــات) للجمهوريــة اليمنيــة ســيكون لهــا آثــار ســلبية‬
‫علــى كل مســارات احليــاة السياســية واحلزبيــة واســتقرار الدولــة واملجتمــع وضعــف بــل‬
‫توقــف الدميقراطيــة متامــا وهــي مــا ميكــن تلخيصهــا علــى النحــو التالــي ‪-:‬‬

‫‪ -‬احلقيقة االولى‬

‫هيمنــة احلــزب احلاكــم علــى البرملــان بحصولــه علــى ثالثــة اربــاع مقاعــد مجلــس النــواب‬
‫وحتديــداً علــى قرابــة ‪241‬مــن اصــل (‪ )301‬مقعــد وبنســبة ‪ %72‬اصبــح بإمكانــه تعديــل‬
‫الدســتور يف أي وقــت ودون حاجــة للكتــل البرملانيــة التابعــة ألحــزاب املعارضــة ومتريــر أي‬
‫قضيــة مــن قضايــا املصيــر الوطنــي مبــا فيهــا قضايــا احلــدود وقــرار احلــرب والســلم بــل‬
‫والتخلــي عــن الدميقراطيــة الشــكلية املتبقيــة كيفمــا أراد ويف أي وقــت اراد‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫‪04‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬االنتخابات الربملانية ‪ 2003‬م‬

‫ولقــد جــاء هــذا الفــوز الكاســح للســلطة وحلزبهــا احلاكــم يف ســياق مســار طويــل بــدأ‬
‫بعــد حــرب ‪1994‬م وكــرس يف انتخابــات ‪1997‬م البرملانيــة ثــم تــوج يف هــذا االســتحقاق‬
‫االنتخابــي ‪2003‬م ولــن يتوقــف عنــد هــذه النتيجــة او عنــد هــذا االســتحقاق بــل ســيتواصل‬
‫قدمــاً وبصــورة اســرع ضمــن سياســة تقليــص الهامــش الدميقراطــي والتراجــع عــن كل‬
‫اجنــازات الدميقراطيــة يف دولــة الوحــدة اجلمهوريــة اليمنيــة‪.‬‬

‫كمــا جــاء هــذا الفــوز الكاســح يف البرملــان كنتيجــة مــن نتائــج تعديــات دســتورية متواليــة‬
‫كرســت الرئيــس صالــح رئيســا مــدى احليــاة مــن الناحيــة الفعليــة بــل وبعــد احليــاة‬
‫‪-‬بالتوريــث ان اراد االمــر دســتوريا او برملانيــا كمــا كرســت املؤمتــر الشــعبي حزب ـاً كبيــراً‬
‫ومهيمنــا بــا معارضــة وبــا تعدديــة ‪.‬‬

‫وكنتيجــة طبيعيــة الكتســاح املؤمتــر ملقاعــد البرملــان ســيكون جتميــد دور مجلــس النــواب‬
‫الرقابــي حتصيــل حاصــل بعــد حتويلــه – اي مجلــس النــواب‪ -‬الــى اداة مــن ادوات الســلطة‬
‫التنفيذيــة ولــم يعــد لــه أي دور يذكــر يف مناهضــة الفســاد واالســتبداد او يف رفــض قمــع‬
‫حريــة التعبيــر بــل اصبــح هــو جــزء مــن ادوات القمــع والفســاد وغطــاء لهمــا‪.‬‬

‫كمــا لــم يعــد لــه دور يف معاجلــة االزمــات واحلــروب التــي نشــبت يف اليمــن بعــد اشــهر مــن‬
‫اعــان نتائــج االنتخابــات وعلــى طــول وعــرض اخلارطــة اليمنيــة بــدءاً مــن حــروب صعــدة‬
‫‪٢٠١٠ -٢٠٠٤‬م حتــى حــراك اجلنــوب يف الضالــع وردفــان ‪٢٠١١-٢٠٠٧‬م‪.‬‬

‫وفيهــا كلهــا كان املجلــس غطــاء للحــروب واالزمــات ال يعمــل ســوى مــا تطلــب منــه الســلطة‬
‫التنفيذيــة حتــى انــه لــم يســمح لــه مبناقشــة حــروب صعــدة اال حــن طلــب منــه شــرعنة‬
‫حربهــا الرابعــة امــا قبــل ذلــك فلــم يكــن يســمح لــه حتــى مجــرد احلديــث عــن مــا يــدور‬
‫يف صعــدة وهكــذا وان بصــورة اقــل يف موضــوع احلــراك اجلنوبــي وغيــره مــن االزمــات‬
‫واحلــروب ‪.‬‬

‫واخلالصــة فقــد اوصلــت االغلبيــة الكاســحة للســلطة يف البرملــان دور مجلــس النــواب‬
‫نفســه الــى مرحلــة اجلمــود والتعطيــل ولــم تســتطع هــذه االغلبيــة نفســها ان تعمــل شــيئا‬
‫دفاعــا عــن كرامــة مجلســها حــن مت تأجيــل موعــد انتخــاب دورة ‪2009‬م وملــدة عامــن‬

‫‪197‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫باتفــاق سياســي بــن الرئيــس صالــح واحــزاب املعارضــة يف اللقــاء املشــترك كمحاولــة‬
‫يائســة حلــل قضايــا االزمــة الوطنيــة والسياســية ولكــن دون جــدوى ‪.‬‬

‫ومــن املفارقــة العجيبــة ان احلــزب الــذي حــاز علــى اغلبيــة مجلــس النــواب الكاســحة يف‬
‫دورة ‪2003‬م االنتخابيــة تلبيــة لرغبــة الرئيــس صالــح يف االســتفراد بالســلطة وتوريثهــا او‬
‫تأبيدهــا هــو نفســه احلــزب احلاكــم وبــذات االغلبيــة الكاســحة الــذي صــوت فيمــا بعــد على‬
‫تنحيــة الرئيــس صالــح مــن الســلطة وقبــل جتميــد دوره التشــريعي والرقابــي ليــس بإعــان‬
‫دســتوري بــل بقــرار ســعودي وضمــن مــا عــرف ببنــود املبــادرة اخلليجيــة بعــد اربــع ســنوات‬
‫علــى االقــل مــن تاريــخ تأجيــل االنتخابــات‪.‬‬

‫(وهكــذا تواصــل مسلســل االنحــدار بالدميقراطيــة االجرائيــة اليمنيــة حتــى أصبــح مجلــس‬
‫نــواب ‪2003‬م واغلبيــة الرئيــس صالــح فيــه هــو اخــر مجلــس نــواب منتخــب بعــد ان‬
‫اختنقــت او ماتــت احليــاة السياســية يف اليمــن و تفجــرت االزمــة التراكميــة الطاحنــة‬
‫حروب ـاً وصراعــات ثــم ثــورة شــعبية وثــورة مضــادة ســرقت الثــورة األولــى وانتجــت عنف ـاً‬
‫فثــورة مســلحة ثــم تدخــل ســعودي ودولــي وحــرب علــى اليمــن ال نــزال نعيــش احداثهــا‬
‫وتداعياتهــا او احلقيقــة مــن نتائــج انتخابــات ‪2003‬م البرملانيــة حتــى حلظــة كتابــة هــذا‬
‫النقطــة بتاريــخ (‪2020/11/7‬م))‪.‬‬

‫‪ -‬احلقيقة الثانية‬

‫ان املعارضــة اليمنيــة او مــا عــرف بتحالــف احــزاب اللقــاء املشــترك ومــن ضمنهــا‬
‫ويف مقدمتهــا االشــتراكي واالصــاح والناصــري وغيرهــا قــد فشــلت يف ادارة العمليــة‬
‫االنتخابيــة يف اول اســتحقاق تشــترك فيــه بعــد اعــان اللقــاء املشــترك والتوقيــع علــى‬
‫وثيقــة «التنســيق‪.‬‬

‫وكان لفشــل التنســيق فيمــا بينهــا يف هــذه االنتخابــات دور يف ضعــف النتيجــة التــي حصلــت‬
‫عليهــا مجتمعــة او منفــرده وحتــى حصــول االصــاح علــى قرابــة ‪46‬مقعــدا لــم يكــن اجنــازا‬
‫كبيــرا لــه او للمعارضــة وبالتالــي للدميقراطيــة ليــس الن هــذه النتيجــة احملــدودة (‪)46‬‬

‫‪198‬‬
‫‪04‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬االنتخابات الربملانية ‪ 2003‬م‬

‫مقعــدا لــم تكــن ســوى تعبيــر عــن انانيــة االصــاح وحرصــه علــى االســتحواذ علــى حســاب‬
‫العمــل املشــترك بــل والن دور كتلــة االصــاح يف البرملــان ‪-‬رغــم نســبها املقــدرة مقارنــة بـــ‬
‫‪ 7‬اعضــاء فقــط هــو عــدد اعضــاء كتلــة االشــتراكي ‪ -‬لــم يكــن لهــا أي تأثيــر يف البرملــان‬
‫لصالــح املعارضــة واحليــاة السياســية عمومــا ويف احســن االحــوال كان تأثيــرا محــدودا –‬
‫حــد الغيــاب‪ -‬ســواء يف مجــال التشــريع او يف مجــال الرقابــة ومحاســبة الفســاد‪.‬‬

‫وهكــذا ثبــت ان غيــاب او تغييــب النائــب يحيــى منصــور ابــو اصبــع وغيــره مــن املرشــحني‬
‫األقويــاء ممــن مت اخــذ مقاعدهــم مــن قبــل الســلطة بالقــوة قــد افقــد البرملــان صوتــاً‬
‫قويـاً كان يبــدو وحيــداً يف البرملــان الســابق أي انــه لــم يعــوض تغيبــه وامثالــه وجــود قرابــة‬
‫ال‪57‬نائبــا لإلصــاح وبقيــة احــزاب املشــترك يف البرملــان‪.‬‬

‫وهكــذا عــدد اخــر ممــن مت التآمــر علــى اســقاطهم مــن مرشــحي االشــتراكي وغيــر‬
‫االشــتراكي مــن الشــخصيات املعروفــة بصالبــة موقفهــا وبدورهــا احليــوي يف احليــاة‬
‫السياســية اليمنيــة مــن كل االحــزاب والتــي لــم يســمح ألي منهــا بدخــول البرملــان كمــا كان‬
‫يخطــط لذلــك الشــهيد جــار اهلل عمــر عبــر املشــترك وغيــر املشــترك وهــو مــا اضعــف‬
‫تأثيــر املعارضــة يف احلــد مــن تداعيــات االزمــة اليمنيــة الحقــا‪.‬‬

‫ليتبــن فيمــا بعــد ان جرميــة اغتيــال االمــن العــام املســاعد للحــزب االشــتراكي قبــل اربعــة‬
‫اشــهر مــن االنتخابــات لــم تســتهدف مواصلــة سياســة احلــرب علــى احلــزب االشــتراكي‬
‫وقتــل رمــوزه وتخويــف مــن تبقــى منهــم وجعلــه غيــر قــادر علــى النهــوض مــن جديــد بــل ان‬
‫جرميــة االغتيــال نفســها ادت الــى اغتيــال املشــترك والعمليــة االنتخابيــة ذاتهــا وحتويــل‬
‫نتائجهــا الــى غطــاء ملزيــد مــن اســتفراد صالــح وحزبــه بالســلطة والتحكــم مبصيــر الدولــة‬
‫(‪((5‬‬
‫واملجتمــع وليــس فقــط القــرار السياســي‬

‫وهكــذا حتــول املشــترك يف هــذه االنتخابــات ويف بقيــة انشــطته الالحقــة الــى اطــار جديــد‬
‫للتجمــع اليمنــي لإلصــاح وبقيــة القــوى النافــذة واملناهضــة للدميقراطيــة واملواطنــة‬
‫ومبــا عطــل السياســة وخلــط االوراق باجتــاه تفاقــم االزمــة الوطنيــة وهــذا مــا اتضــح يف‬
‫اســتحقاقات سياســية الحقــة حتــى تفجــرت الثــورة ‪.‬‬

‫(‪ )59‬انظر كتابي (موت السياسية)‬

‫‪199‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫‪ -‬احلقيقة الثالثة‬

‫أثبتــت انتخابــات ‪2003‬م البرملانيــة ومبــا ال يــدع مجــاال للشــك ان احــد اخطــر معوقــات‬
‫الدميقراطيــة والتعدديــة يف اليمــن هــو النظــام االنتخابــي املعمــول بــه وهــو نظــام (الدائــرة‬
‫الفرديــة والفــوز بأكثريــة االصــوات ال بأغلبيتهــا ) ولألســباب عديــدة اهمهــا كونــه نظــام‬
‫غيــر دميقراطــي وال متثيلــي الن الفائــز يف الدائــرة الفرديــة وفقــا للقانــون اليمنــي ال يحتــاج‬
‫الــى اغلبيــة اصــوات الناخبــن للفــوز مبقعــد الدائــرة‪.‬‬

‫واملعنــى ان القانــون اليمنــي ال يشــترط فــوز املرشــح بحصولــه علــى ‪ + %50‬واحــد مــن‬
‫اصــوات الناخبــن املشــاركني يف عمليــة التصويــت بــل يكفيــه ان يحصــل علــى صــوت واحــد‬
‫فقــط زيــاده علــى اقــرب منافســيه مــن املرشــحني ليكــون هــو مــن يشــغل مقعــد الدائــرة‬
‫حتــى ولــو لــم يصــوت لــه ســوى ‪ %30‬مــن ابنائهــا مقابــل ‪ %70‬منهــم صوتــوا لغيــره مــن‬
‫(‪((6‬‬
‫املرشــحني‬
‫والن نظــام الدائــرة الفرديــة والفــوز بأكثريــة االصــوات ليــس نظامـاً دميقراطيـاً وال متثيليــا‬
‫ًكمــا اســلفنا فقــد كان يكفــي ألجهــزة الدولــة بقــرار مــن الســلطة ان تعــدل نتيجــة املرشــحني‬
‫بصــوت او مئــة صــوت اضــايف مــن لديهــا فتقلــب نتائــج الفــرز لصالــح مرشــح وضــد اخــر‬
‫وقــد ثبــت هــذا يف كل االســتحقاقات االنتخابيــة احملليــة والبرملانيــة وســقط لالشــتراكي‬
‫بهــذه الطريقــة اكثــر مــن ‪10‬مرشــحني فــازوا بأكثريــة اصــوات الناخبــن ومت تغييــر نتائجهــم‬
‫يف نهايــة االمــر ‪.‬‬

‫لــو اعتمــد نظــام النســبية يف االنتخابــات ملــا تفجــرت ازمــات وحــروب بســبب تقليــص‬
‫الهامــش الدميقراطــي وضعــف التمثيــل الوطنــي يف مؤسســات الدولــة املنتخبــة وتراجــع‬

‫(‪ )60‬علــى ســبيل املثــال لــو ترشــح ‪5‬مرشــحني يف دائــرة ‪11‬يف امانــة العاصمــة مثــا‪ ،‬احدهــم مرشــح لالشــتراكي واالخــر للمؤمتــر‬
‫والثالــث لإلصــاح واثنــن مســتقلني ‪ ،‬ووصــل عــدد الناخبــن الذيــن شــاركوا يف عمليــة االقتــراع ‪50‬الــف ناخــب وناخبــة مــن‬
‫املســجلني يف ســجالت الدائــرة (‪ )11‬ثــم حصــل مرشــح املؤمتــر علــى ‪9900‬صــوت وحصــل مرشــح االشــتراكي علــى ‪9200‬صــوت‬
‫وحصــل مرشــح االصــاح علــى ‪10100‬صــوت وحصــل املرشــح املســتقل االول علــى ‪6800‬صــوت والثانــي علــى ‪8900‬صــوت ووصــل‬
‫عــدد بطائــق االقتــراع الباطلــة (البيضــاء)او امللغيــة مــن قبــل جلــان الفــرز ‪900‬بطاقــة اقتــراع ليصــل املجمــوع االصــوات الــى ‪50‬الــف‬
‫هــم اجمالــي مــن شــاركوا يف عمليــة االقتــراع فــان الــذي ســيفوز مبقعــد الدائــرة وفقــا للقانــون اليمنــي هــو مرشــح االصــاح‬
‫الــذي حصــل علــى ‪10100‬صــوت وبفــارق ‪200‬صــوت فقــط عــن اقــرب منافســيه وهــو مرشــح املؤمتــر وبذلــك يكــون اربعــن الــف‬
‫وتســعمئة (‪ )40900‬ناخــب وناخبــة مــن ابنــاء الدائــرة ‪ 11‬غيــر ممثلــن يف البرملــان أي ان مــن صــوت غالبيتهــم ضــده وهــو مرشــح‬
‫االصــاح هــو الــذي فــاز وبالتالــي يكــون ممثــا لألقليــة ال لألغلبيــة خالفــا للهــدف االول واملباشــر للدميقراطيــة وهــي حصــول‬
‫الفائــز علــى االغليــة املطلقــة (‪+ %50‬واحــد)‬

‫‪200‬‬
‫‪04‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬االنتخابات الربملانية ‪ 2003‬م‬

‫متثيــل الفئــات املختلفــة يف البرملانــات ولــو لــم يســتقو النظــام بنتائــج انتخابــات ‪1993‬م‬
‫البرملانيــة بســبب االكثريــة العدديــة لدوائــر احملافظــات الشــمالية لرمبــا مــا وصلنــا الــى‬
‫احلــرب ومــا خلفتــه مــن شــروخ يف اجلســد الوطنــي‪.‬‬

‫وهكــذا االمــر لــو اعتمــد نظــام النســبية بــدالً مــن الفرديــة يف انتخابــات ‪2003‬م ملــا حصــد‬
‫احلــزب احلاكــم ثلثــي مقاعــد البرملــان علــى حســاب بقيــة االحــزاب والفئــات االجتماعيــة‬
‫املختلفــة وملــا وصلنــا الــى جتميــد العمليــة االنتخابيــة وتفجيــر االزمــة حروبـاً‪.‬‬

‫‪ -‬احلقيقة الرابعة‬

‫ان احلــزب االشــتراكي اليمنــي كان قــد ادرك وبحــس وطنــي ومنــذ وقــت مبكــر حقيقــة‬
‫اهميــة االخــذ بنظــام النســبية يف االنتخابــات اليمنيــة بــدالً عــن الدائــرة الفرديــة وكان‬
‫ذلــك قبــل اجــراء االنتخابــات االولــى ‪27‬ابريــل ‪1993‬م وســعى الــى طرحهــا لكنــه لــم يصــر‬
‫عليهــا حينــه ثــم وبعــد كل االســتحقاقات التــي تلــت احلــرب اصــر علــى نظــام القائمــة‬
‫النســبية وكانــت احــد شــروطه طــوال فتــرة االســتحقاقات املختلفــة التــي خاضهــا احلــزب‬
‫بعــد حــرب ‪94‬م‪.‬‬
‫لكــن احلزبــن االصــاح واملؤمتــر كانــا يعترضــان ويحــوالن بالتالــي دون اعتمادهــا ولــم‬
‫ينجــح احلــزب يف انتــزاع موافقــة احلزبــن علــى اخضاعهمــا للحــوار يف قضايــا االصــاح‬
‫السياســي والوطنــي ومنهــا نظــام القائمــة النســبية اال يف اتفــاق تأجيــل االنتخابــات املوقــع‬
‫عليــه يف ينايــر ‪2009‬م والــذي نــص علــى احلــوار علــى نظــام القائمــة النســبية والنظــام‬
‫البرملانــي واحلكــم احمللــي أي قضايــا احلــزب الرئيســية‪.‬‬
‫ولكــن هــذا هــو االخــر جــاء متأخــرا وحالــت طبيعــة العالقــات وتبايــن القضايــا داخــل‬
‫املشــترك وموقــف احلــزب احلاكــم دون الوصــول الــى قيــام حــوار بخصــوص اهــم قضايــا‬
‫اصــاح الدولــة ونظامهــا االنتخابــي والدميقراطــي‪.‬‬

‫واخلالصــة لقــد انتهــت انتخابــات ‪2003‬م البرملانيــة الــى متديــد البرملــان وتفجيــر االزمــة‬
‫ومــن ثــم ســرقة الثــورة ولــو ادرك مــن ارادوا االســتفراد بالســلطة واملــال الــذي وصلــوا اليــه‬
‫وكنــا نــراه بأعيننــا ونحذرهــم منــه ملــا دمــروا انفســهم واليمــن كمــا حــدث بالفعــل ‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫أول ســياق رئاســي تنافســي‬
‫يف اليمــن‬

‫الفصل‬ ‫بــن شــمالن يتصــدر املشــهد‬


‫يف املهرجانــات االولــى‪.‬‬
‫كيف تخلت املعارضة عن‬

‫االنتخابات الرئاسية‬ ‫جمهورها ومرشحها؟‬

‫سبتمبر ‪2006‬م‬ ‫بــن شــمالن ينافــس الرئيــس‬


‫صالــح يف أول واخــر ســباق‬
‫رئاســي يف اليمــن‪.‬‬
‫الســعودية تدخل يف االنتخابات‬
‫وتغيــر موقــف قيــادة االصالح‪.‬‬
‫الصورة األخيرة‬

‫ •الرئيس محتار يف القرار الذي يجب اتخاذه‪.‬‬


‫‪ -‬املعارضة تتردد يف استخدام ورقتها الوحيدة والكبيرة‪.‬‬
‫‪ -‬الشــعب‪ ،‬وشــرائح واســعة منــه‪ ،‬متحفــز للتغييــر بــأي وســيلة وعلــى‬
‫حســاب الطرفــن‪.‬‬
‫ •جتري االنتخابات ويعلن فوز الرئيس وسقوط شرعيته‪.‬‬
‫ •تنفجــر األزمــة اليمنيــة وتتشــظى يف كل االجتاهــات ويصبــح‬
‫اجلميــع علــى فعلتهــم نادمــن!!!‬
‫من مقال نشر يف صحيفة النداء بتاريخ ‪ 4‬مايو ‪ 2006‬م‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫االنتخابات الرئاسية التنافسية االولى‬


‫‪ 22‬سبتمبر ‪ 2006‬م‬

‫يف البدء أعلن صالح عدم ترشحه !‬

‫*علــى خــاف االنتخابــات الرئاســية االولــى ‪1999‬م بــدأت حمــات الدعايــة االنتخابيــة‬
‫يف انتخابــات (‪22‬ســبتمبر ‪2006‬م) يف وقــت مبكــر جــداً وقبــل حوالــي عــام مــن تاريــخ‬
‫اجرائهــا‪.‬‬

‫وقــد بــدات احلملــة االنتخابيــة مــن جانــب الســلطة اوال حــن اعلــن رئيــس اجلمهوريــة‬
‫املشــير علــي عبــد اهلل صالــح عــن عــدم ترشــحه يف هــذه االنتخابــات معل ـ ً‬
‫ا ذلــك بانــه‬
‫قــد اكتفــى (مــن منصــب الرئيــس الــذي شــغله لفتــرة طويلــة ) وأنــه «قــد مــل الشــعب وملــه‬
‫الشــعب « وآن اآلوان لظهــور (جيــل جديــد مــن السياســة) !‬

‫باإلضافــة الــى اســباب اخــرى اوضحهــا صالــح يف خطــاب متلفــز يف يوليــو ‪2005‬م بعضهــا‬
‫بــدت منطقيــة حتــى ان كثيــراً مــن ابنــاء الشــعب وعــدد مــن املراقبــن ظنــوا ان الرئيــس‬
‫علــى عبــد اهلل صالــح ومــن نبــرة خطابــه ويف ايــراده ألســباب ومبــررات منطقيــة قــد بــدا‬
‫جــاداً وحاســماً يف اتخــاذ قــرار عــدم الترشــح للرئاســة هــذه املــرة رغــم انــه ســبق وان اعلــن‬
‫عــدم ترشــحه يف مــرات اخــرى عــاد بعدهــا للترشــح للرئاســة بــل والســعي لتوريثهــا مــن‬
‫بعــده ان امكــن‪.‬‬

‫ومــع ان بعــض الك َّتــاب والبرامــج السياســية يف وســائل االعــام الرســمية قــد بــدات تتحدث‬
‫عــن مــدى دميقراطيــة صالــح وعــدم متســكه بالســلطة بــل ويف ســعيه لنقلهــا مــن كاهلــه‬
‫بسالســة ويســر الــى الشــعب ومــن يختــاره الشــعب ليحكمــه برضــاه وبالصــوت االنتخابــي ال‬
‫بالبنــدق واملدفــع وهــو – ودائمــا حســب تلــك الوســائل‪ -‬يتخــذ هــذا القــرار التاريخــي امنــا‬
‫يتخــذه بعــد أدائــه االمانــة علــى اكمــل وجــه وبعــد ان اجنــز الوحــدة والدميقراطيــة والتنميــة‬
‫وانــه ســيذهب مســتريح البــال ‪.‬‬

‫‪205‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫غيــر ان اعضــاء حزبــه وانصــاره وموظفــي الدولــة واجهزتهــا االعالميــة كانــوا اكثــر‬
‫االطــراف درايــة مبكنونــات مــا يريــده الرئيــس مــن رميــه حلجــر عــدم الترشــح لتحريــك‬
‫ميــاه بركــة الدميقراطيــة التــي غــارت مياههــا اصــا منــذ حــرب ‪1994‬م ولذلــك كان ال بــد‬
‫ان يســارعوا الــى االحتجــاج والــى التعبيــر عــن مواقفهــم الرافضــة لذلــك القــرار اخلطيــر‬
‫الــذي ســيعرض اليمــن للخطــر يف حالــة غيــاب صالــح عــن املشــهد السياســي كرئيــس‬
‫وباعتبــاره صمــام األمــان والرجــل االول يف الدولــة واجليــش واحلــزب احلاكــم او هكــذا‬
‫وجــدوا املشــهد خطيــراً يف حالــة غيــاب الزعيــم عنــه ‪.‬‬

‫مــن ناحيتــي اعتبــرت اعــان الرئيــس بعــدم الترشــح مجــرد منــاورة سياســية مكشــوفة لــم‬
‫يكــن لهــا داعــي ألنهــا ســتعرض صالــح نفســه للســخرية اكثــر مــن االشــادة حــن يتبــن‬
‫ألصدقائــه وخصومــه معــا انــه ومــا ان يقتــرب موعــد االنتخابــات حتــى يكــون قــد اخــرج‬
‫االآلف ليتظاهــروا ضــد رغبــة الرئيــس ومــع حاجــة الشــعب والوطــن الــى بقائــه رئيس ـاً‪.‬‬
‫وحينهــا فقــط ومــن اجــل الوطــن والشــعب يوافــق الرئيــس علــى العــودة عــن قــراره بعــدم‬
‫الترشــح ‪.‬‬

‫وقــد كتبــت حينهــا معبــرا عــن موقفــي هــذا مقــاالً قصيــراً ولكــن حــاداً نشــر يف صــدر‬
‫الصفحــة االخيــرة مــن صحيفــة «الثــوري» حتــت عنــوان ( تنــازل فقــط عــن بعــض‬
‫صالحياتــك) وبدأتــه بالســطر التالــي (‪ :‬الــذي يرفــض حتــى اآلن أن يتخلــى عــن بعــض‬
‫صالحياتــه لصالــح الفــرع الثانــي يف الســلطة التنفيذيــة ( احلكومــة ) والفــرع الثالــث فيهــا‬
‫( الســلطة احملليــة ) ال تصدقــوه إن قــال إنــه ســيتخلى عــن الســلطة كاملــة ( دفعــة واحــدة)‬
‫(‪((6‬‬
‫كمــا أعلــن الرئيــس مؤخــرا‪ )...‬انظــر نــص املقــال كامــا يف كتابــي (مــوت السياســية)‬

‫وقــد اثــار املقــال لغط ـاً واســعاً يف الوســطني السياســي واالعالمــي وقدمــت علــى خلفيتــه‬
‫للمحاكمــة بتهمــة «اهانــة الرئيــس» ولكــن احملاكمــة لــم تعقــد ســوى جلســة واحــدة فقــط يف‬
‫محكمــة جنــوب غــرب العاصمــة اجلــت علــى أثرهــا بقيــة اجللســات الــى وقــت غيــر معلــوم‬
‫ثــم تفاجــأت بعــد ســنوات بفتــح ملــف القضيــة مــن جديــد وحتديــداً اثنــاء محاكمتــي عــام‬
‫‪2010‬م بتهمــة اخــرى وهــي تشــكيل عصابــة مســلحة لزعزعــة امــن واســتقرار البــاد يف‬

‫(‪ )61‬نشر يف العدد (‪ )1875‬من صحيفة الثوري بتاريخ ‪ 21‬يوليو ‪2005‬م انظر نص املقال كامال يف كتابي (موت السياسية)‬
‫ضمن مقاالت اخرى‬

‫‪206‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫اشــارة الــى حــروب صعــدة وباعتبــاري احــد (قادتهــا) وهــي تهمــة زائفــة وكيديــة كســابقاتها‬
‫ولكنهــا كلفتنــي إخفــاء قســرياً وتعذيب ـاً معنوي ـاً رهيب ـاً قرابــة ســبعة اشــهر‪ ،‬وبهــدف غســل‬
‫(‪((6‬‬
‫جرميتــي اخلطــف واالخفــاء قدمــت للمحكمــة وانــا ال زلــت يف الســجن‬

‫واملهــم يف هــذا الســياق ان الدعــوى تضمنــت تشــكيكي يف مصداقيــة صالــح بخصــوص‬


‫عــدم ترشــحه للرئاســة وهــو مــا اعتبــر (اهانــة لرئيــس اجلمهوريــة يعاقــب عليهــا القانــون)‪،‬‬

‫غيــر ان الرئيــس صالــح عــاد واكــد مصداقيــة مــا ذهبــت اليــه يف املقــال املذكــور كمــا ســياتي‬
‫(‪((6‬‬
‫تاليا‬

‫*بعــد خطــاب الرئيــس الشــهير اخلــاص بعــدم ترشــحه وظهــور تعليقــات يف الفضائيــات‬
‫العربيــة بــن مصــدق ومشــكك بجديــة القــرار اوقــف صالــح أي حديــث يف الصحافــة‬
‫الرســمية عــن املوضــوع كمــا اوقــف محاكمتــي وظــل الوضــع كذلــك لعــدة اشــهر ولــم يعــد‬
‫الــى احلديــث مــن جديــد عــن عــدم الترشــح اال بعــد عــام كامــل تقريبــا ومــع اقتــراب موعــد‬
‫الســباق الرئاســي‪.‬‬

‫ومــرة اخــرى طــرح قــرار عــدم ترشــحه يف اجتمــاع موســع ألعضــاء وكــوادر املؤمتــر الشــعبي‬
‫العــام واعضــاء احلكومــة والســلطات احملليــة يف احملافظــات وهــو مــا قوبــل بالرفــض‬
‫الصاخــب وعبــر مســيرات حاشــدة دعــت اليهــا الســلطات احملليــة يف املــدن واحملافظــات‬
‫وكمــا كان متوقعــا (اضطــر صالــح للعــودة عــن قــراره حتــت ضغــط الــرأي العــام ) واملهــم‬
‫يف كل هــذا هــو ان احلملــة االنتخابيــة بــدات مبكــراً يف هــذا االســتحقاق الرئاســي خالفــا‬
‫ًللســباق االول الــذي كان عبــارة عــن اســتفتاء بعــد رفــض قبــول مرشــح املعارضــة ملنافســة‬
‫صالــح فيهــا‪.‬‬

‫(‪ )62‬كتبــت عــن جتربتــي يف االختطــاف واالخفــاء القســري يف كتــاب مســتقل وهــو االن يف مرحلــة االعــداد والطباعــة بعنــوان‬
‫(اختطــايف ) وكنــت قــد حتدثــت عــن التجربــة القاســية بعــد االفــراج عنــي مباشــرة يف عــدة صحــف وقنــوات فضائيــة‬
‫(‪ )63‬وكان الزميــل الكاتــب واملناضــل عبــد البــاري طاهــر قــد علــق حينهــا مبــا يشــبه الطرفــة قائــا ‪« »:‬يثبــت لنــا الرئيــس انــه لــن‬
‫يترشــح واعدمــوا محمــد املقالــح شــنقا ان شــئتم ههههــه)‬

‫‪207‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫املعارضة تتفق على فيصل بن شمالن ملنافسة صالح‬

‫*اذا كان الرئيــس صالــح وحزبــه املؤمتــر قــد اســتبقا املعارضــة يف احلملــة االنتخابيــة‬
‫اال ان انتخابــات ‪2006‬م لــم تكتســب اهميتهــا وزخمهــا اال بعــد اتفــاق احــزاب املعارضــة‬
‫اليمنيــة الرئيســية (حتالــف احــزاب اللقــاء املشــترك ) علــى مرشــح واحــد خلــوض الســباق‬
‫الرئاســي وألول مــرة يف تاريخهــا‪.‬‬

‫حيــث قــررت وبوضــوح وعبــر مرشــحها املشــترك فيصــل بــن شــمالن مواجهــة الرئيــس‬
‫صالــح ومرشــح حــزب املؤمتــر الشــعبي العــام وهــو مــا منــح االنتخابــات الرئاســية جديــة‬
‫وزخم ـاً شــعبياً واســعاً‪.‬‬

‫*لقــد ظهــر األمــر يف بدايــة احلملــة االنتخابيــة وبعــد اختيــار املشــترك لفيصــل بــن‬
‫شــمالن مرشــحاً لهــا بــان التجمــع اليمنــي لإلصــاح وهــو الواجهــة السياســية جلماعــة‬
‫االخــوان املســلمني يف اليمــن ومعهــا قــوى تقليديــة عديــدة كالشــيخ حميــد األحمــر وشــقيقه‬
‫حســن األحمــر يقفــون مع ـاً يف مواجهــة الرئيــس صالــح مباشــرة ومتحالفــة مــع احلــزب‬
‫االشــتراكي اليمنــي وبقيــة أحــزاب املعارضــة الوطنيــة والقوميــة خالفــا ملواقــف االصــاح‬
‫وعيــال الشــيخ األحمــر طــوال تاريخهــم وتاريــخ صالــح السياســي حيــث عمــا مع ـاً علــى‬
‫هزميــة االشــتراكي ومواجهتــه منــذ نهايــة ســبعينيات القــرن املاضــي‪.‬‬

‫*ويف أول مهرجانــات احلملــة االنتخابيــة ملرشــح املعارضــة يف أمانــة العاصمــة وعــدد‬
‫مــن احملافظــات كعمــران وحجــة ومــا اتســمت بــه مــن حضــور شــعبي كبيــر بــدا املشــهد‬
‫السياســي واالنتخابــي وكأن اليمــن تعيــش جتربــة تبــادل ســلمي حقيقــي لــرأس الســلطة‬
‫وان صالــح هــو اخلاســر األول واألخيــر يف هــذا الســباق االنتخابــي الفريــد مــن نوعــه يف‬
‫تاريــخ اليمــن ‪.‬‬

‫*واحلقيقــة ان شــخصيات هامــة يف قيــادة املشــترك وعديــد مــن الكتَّــاب والصحفيــن‬


‫والناشــطني السياســيني كان لهــم دور كبيــر ومؤثــر يف دفــع احــزاب املعارضــة الــى خــوض‬
‫االنتخابــات الرئاســية مبرشــح واحــد‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫واذا كان لــي يف هــذا املقــام ان اذكــر بعــض القيــادات والك َّتــاب والصحفيــن الذيــن ســاهموا‬
‫بصــورة مؤثــرة وكبيــرة يف وصــول املعارضــة إلــى اختيــار بــن شــمالن مرشــحاً منافســاً‬
‫لصالــح والســير معــه إلــى آخــر املطــاف فســيكون علــى راســهم محمــد قحطــان وحميــد‬
‫االحمــر وياســن ســعيد نعمــان وعلــي ســيف حســن وعبــد القــدوس املضواحــي ‪.‬‬

‫ومــن الكتــاب كل مــن الزمــاء ســامي غالــب ونبيــل ســبيع وعلــى الصــراري ومحمــد املقالــح‬
‫وعبــد الكــرمي اخليوانــي وجمــال أنعــم واخــرون وقــد كنــت شــخصيا احــد اكبــر املتحمســن‬
‫مــن موقعــي ككاتــب ومــن موقعــي كقيــادي يف احلــزب االشــتراكي اليمنــي وهــو مــا يالحــظ‬
‫يف كتابــات هــذا الفصــل مــن الكتــاب بوضــوح ‪.‬‬

‫مكانة بن شمالن وتاريخه النضالي‬

‫‪ -‬البعــد الثانــي يف أهميــة ذلــك االســتحقاق ويف خلقــه آلمــال عريضــة لــدى شــرائح واســعة‬
‫مــن أبنــاء الشــعب يأتــي مــن اهميــة تاريــخ ومكانــة مرشــح املعارضــة االســتاذ فيصــل عثمــان‬
‫بــن شــمالن وســيرته الوطنيــة والسياســية منــذ ان كان مفاوضــا صلبــاً يف جنيــف عــام‬
‫‪1967‬م ضمــن اعضــاء اجلبهــة القوميــة لتحريــر اجلنــوب اليمنــي احملتــل مــن االجنليــز إلــى‬
‫أن كان وزيــرا للصناعــة تــارة وللتخطيــط أخــرى يف حكومــات احلــزب االشــتراكي يف اليمــن‬
‫الدميقراطــي قبــل الوحــدة ووزيــرا يف اجلمهوريــة اليمنيــة ثــم نائبــا مســتقال يف مجلــس‬
‫النــواب وهــي مجتمعــه مــن جعلــت االســتحقاق الرئاســي يأخــذ زخمــه الشــعبي الواســع‬
‫مبجــرد قبــول الرجــل خــوض التحــدي يف مواجهــة الرئيــس صالــح‪.‬‬

‫*فالرجــل معــروف لــدى النخبــة السياســية والــرأي العــام بالنزاهــة واالســتقامة واجلديــة‬
‫وممــن رفــض املســاومة يف أي قضايــا مصيريــة تهــم اليمــن واليمنيــن ومــن ذلــك انــه‬
‫كان النائــب البرملانــي الوحيــد تقريبــا الــذي قــدم اســتقالته ورفــض ان يكــون عضــوا يف‬
‫مجلــس نــواب ‪2003‬م علــى خلفيــة قبــول املجلــس بغالبيــة أعضائــه التمديــد ألنفســهم ملــدة‬
‫ســنتني بــدون انتخــاب خالفـاً للقواعــد التشــريعية (ال يشــرع املشــرع لنفســه ) وضــد إرادة‬
‫الناخبــن الذيــن انتخبــوا ممثليهــم ملــدة أربــع ســنوات فقــط وال يحــق لهــم متديدهــا ولــو‬
‫لشــهر واحــد دون تفويــض شــعبي‪.‬‬

‫‪209‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫*ويف الســياق ذاتــه لــم يظهــر علــى ســيرة فيصــل ســعيد عثمــان بــن شــمالن طــوال تاريخــه‬
‫الوطني والسياســي أي مثلبة او شــائبة تشــكك بذمته املالية وبنزاهته واســتقامته وحرصه‬
‫علــى خدمــة وطنــه وترســيخ وحدتهــا وبنــاء دولتهــا الوطنيــة بالقــدر الــذي لــم يعــرف عنــه‬
‫أيــة انحيــازات حزبيــة حــادة مــع أو ضــد أي طــرف سياســي بعينــه وان كان معارضـاً صلبـاً‬
‫للفســاد واالســتبداد ونصيــراً صلبـاً للوحــدة واالســتقالل الوطنــي‪.‬‬

‫*ومــع ان اختيــار شــخص فيصــل ســعيد بــن شــمالن كان مقترحــا مقدمــا مــن قبــل أحــد‬
‫قيــادات التجمــع اليمنــي لإلصــاح باعتبــاره أحــد املقربــن مــن اإلصــاح كمــا أشــيع‬
‫حينهــا إال أن االتفــاق عليــه كان ميثــل نقطــة االشــتراك الكبــرى بــن كل االحــزاب والفئــات‬
‫االجتماعيــة والسياســية اليمنيــة املناهضــة لنظــام صالــح حينهــا وال اعتقــد أن شــخصا‬
‫آخــر غيــر بــن شــمالن كان لــه ذاكــرة يف العمــل املشــترك مــع االشــتراكي وقريــب مــن‬
‫االصــاح ميكــن االتفــاق عليــه كمــا حــدث مــع بــن شــمالن ‪.‬‬

‫وهــذا مــا يفســر وقــوف كتلــة شــعبية كبيــرة الــى جانبــه يف كل أنحــاء اليمن العتقــاد اليمنيني‬
‫أو قطــاع واســع منهــم أن بــن شــمالن لــن يقبــل علــى نفســه وال علــى شــعبه ان يكــون مجــرد‬
‫مرشــح شــكلي أو ديكــوري لتمريــر فــوز الرئيــس صالــح كمــا هــو حــال مرشــحني آخريــن‬
‫نزلــوا لهــذا الغــرض يف هــذا االســتحقاق ويف اســتحقاقات انتخابيــة ســابقة‪.‬‬

‫وقــد تأكــد صحــة رهــان الشــعب علــى صالبــة موقــف بــن شــمالن حــن رفــض قبــول نتائــج‬
‫االنتخابــات كمــا رفــض تهنئــة صالــح رافضــا صفقــة قبــول املعارضــة أو بعــض أطرافهــا‬
‫بــدت بائســه وظهــر منــه مقايضــة «توقــف عــن إحصــاء اصــوات الرئاســيات مقابــل االكتفــاء‬
‫بإحصــاء نتائــج احملليــات» ‪.‬‬

‫وحتــى خصومــه يف حملــة الرئيــس صالــح لــم يجــدوا مــا يقدحــوا فيــه ســوى فبركــة حكايــة‬
‫(اإلرهابــي) الــذي ظهــر يف أحــد مهرجاناتــه االنتخابيــة او قولهــم انــه متقــدم يف الســن مــع‬
‫انــه كان رغــم فــارق الســن النســبي بينــه وبــن املرشــح اآلخــر اال انــه كان يف قمــة عطائــه‬
‫وجــال اليمــن طــوالً وعرضــاً بنفســه والــى درجــة ان احملافظــات القليلــة التــي لــم يقــم‬
‫فيهــا مهرجانــا انتخابيــا كصعــدة ورميــة والبيضــاء كانــت اطــراف يف املعارضــة هــي مــن‬

‫‪210‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫عرقــل ذهابــه إليهــا ال هــو بــل إن ذلــك تســبب يف أول شــرخ يف عالقتــه مــع بعــض أطــراف‬
‫املعارضــة قبــل ان ينتهــي املســار االنتخابــي وهمــا علــى طــريف نقيــض مــن نتائــج االنتخابــات‬
‫نفســها ‪.‬‬

‫تنافس جدي وحضور شعبي واسع‬

‫*ولهــذه األســباب ومــع املرشــح املســتقل املدعــوم مــن أحــزاب املعارضــة وجــد اليمنيــون‬
‫أنفســهم وألول مــرة يتحدثــون بوضــوح عــن حقهــم يف املنافســة علــى املركــز األول يف‬
‫الســلطة وكســر كل حواجــز اخلــوف مــن رأس النظــام مــن ناحيــة وألول مــرة أيضــا بــدأ‬
‫اجلســد الوطنــي يتعافــى شــيئا فشــيئا مــن الدمامــل واجلــروح التــي خلفتهــا حــرب صيــف‬
‫‪94‬م ‪.‬‬

‫حيــث خرجــت اجلماهيــر إلــى جانــب بــن شــمالن والــى جانــب صالــح أيضــا يف احملافظــات‬
‫اجلنوبيــة والشــمالية بــذات الزخــم التفاعلــي واجلديــة يف دعــم كل خيــار سياســي خليــاره‬
‫الرئاســي بعيــدا عــن اإلنحيــازات الشــطرية وهــو مــا لــم يحــدث تقريب ـاً منــذ االســتفتاء‬
‫علــى دســتور دولــة الوحــدة ‪1991‬م ‪.‬‬

‫اإلعالم يلعب دورا ً‬


‫* ســاهمت وســائل اإلعــام الرســمية ومــا كان ينقلــه التلفزيــون الرســمي مــن صــور‬
‫ملهرجانــات املتنافســن يف احلملــة االنتخابيــة يف تعميــق الوعــي وكســر حواجــز اخلــوف‬
‫وزيــادة حضــور املهرجانــات االنتخابيــة ملرشــح املعارضــة التاليــة وهكــذا بــدت االنتخابــات‬
‫يف وعــي اجلماهيــر وكأنهــا قــادرة علــى إحــداث التغييــر بواســطة الصــوت االنتخابــي‬
‫وصــوت واحــد لــكل مواطــن وهــو مــا كان قــد يئــس النــاس مــن إمكانيــة حدوثــه منــذ حــرب‬
‫‪94‬م‪.‬‬

‫*وأخيــرا هــو يف ارتفــاع نســبة الوعــي السياســي وبأهميــة العمليــة االنتخابيــة يف التغييــر‬
‫مقابــل ارتفــاع نســبة الســخط وعــدم الرضــا جتــاه األوضــاع القائمــة يف عهــد الرئيــس‬
‫صالــح واملؤمتــر الشــعبي العــام‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫* كل هــذه العوامــل والتــي أشــرت إليهــا يف مقــال نشــر يف حينــه ويعــاد نشــره يف هــذا‬
‫الكتــاب وجــاء فيــه (ســتمثل هــذه االنتخابــات محطــة فارقــة يف تاريــخ الدميقراطيــة اليمنيــة‬
‫والتبــادل الســلمي للســلطة وذلــك مــن خــال خلــق وعــي جديــد لــدى الــرأي العــام ‪ ,‬يف‬
‫أن الدميقراطيــة واالنتخابــات هــي طريــق التغييــر واإلصــاح مــن ناحيــة وأن االحتفــاظ‬
‫بالســلطة عــن طريــق القــوة وآليــات اجليــش واألمــن لــم يعــد لهــا مــكان بعــد اليــوم ‪.‬‬

‫* كمــا (ستســهم املعارضــة مــع مرشــحها فيصــل بــن شــمالن يف تعزيــز الهويــة الوطنيــة‬
‫ومتتــن الوحــدة الداخليــة ومــداواة جروحهــا الغائــرة عبــر إشــعار كل مينــي بغــض النظــر‬
‫عــن منطقتــه أو عشــيرته بــان الدولــة اليمنيــة ملــك جلميــع اليمنيــن وأن الوصــول إلــى‬
‫أعلــى مناصبهــا حــق أصيــل مــن حقــوق املواطنــة وليــس حكــراً علــى شــخص بعينــة أو‬
‫منطقتــه أو شــطر بعينــه‪,‬‬

‫وهــو مــا يعنــي تكريــس الهويــة الوطنيــة لليمنيــن والتقليــل مــن مشــاعر الغــن والتهميــش‬
‫التــي تعتــري شــرائح ومناطــق واســعة مــن ابنــاء ومحافظــات اليمــن)‬

‫* وقــد ســارت األمــور بهــذا االجتــاه فعــا حتــى االســبوع األخيــر مــن احلملــة االنتخابيــة‬
‫ملرشــح املعارضــة بعدهــا تغيــر املشــهد كليــا بســبب تغيــر موقــف بعــض األنظمــة اخلليجيــة‬
‫واإلقليميــة ومــن ثــم موقــف املشــترك أو باألصــح طــرف أساســي فيــه وهــو االصــاح‪.‬‬

‫السعودية تتدخل لتغيير املشهد االنتخابي‬

‫*غيــر انــه وبقــدر مــا خلقــت تلــك املهرجانــات احلاشــدة للمرشــحني مــن آمــال لــدى الشــعب‬
‫اليمنــي يف إمكانيــة اخلــروج مــن مــأزق الصــراع الدمــوي علــى الســلطة بقــدر مــا أثــار‬
‫ذلــك القــوى الرجعيــة يف الداخــل واخلــارج واالنظمــة االســتبدادية يف اجلــوار ودفعهــا‬
‫للتدخــل املباشــر يف حــرف الســباق الرئاســي عــن مســاره وبالتالــي يف حــرف مســار التاريــخ‬
‫السياســي اليمنــي كمــا عملــت كثيــراً وجنحــت لألســف ‪.‬‬

‫* ويف البدايــة لــم تكــن الســعودية وال بقيــة دول اجلــوار الرجعــي وال حتــى مصــر وليبيــا‬
‫مهتمــة بالســباق الرئاســي يف اليمــن ظنـاً منهــا أنــه جــزء مــن اســتحقاقات شــكلية ســبقته‬

‫‪212‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫غيرهــا ولــم تــودِ إال إلــى تكريــس النظــام القائــم يف اليمــن متامـاً كمــا هــي االســتحقاقات‬
‫االنتخابيــة يف مصــر وغيرهــا يف عهــد مبــارك والتــي لــم تكــن تثيــر أي اهتمــام ســعودي أو‬
‫عربــي وإلــى درجــة أن الســعودية يف بدايــة األمــر لــم تفــرض علــى رجلهــا األول يف اليمــن‬
‫وهــو الشــيخ عبــداهلل بــن حســن االحمــر رئيــس مجلــس النــواب أي موقــف حــازم إلــى‬
‫جانــب الرئيــس صالــح ال بالنســبة لــه وال بالنســبة ألوالده (حميــد وحســن) وال بالنســبة‬
‫للحــزب الــذي يرأســه وهــو التجمــع اليمنــي لإلصــاح‪.‬‬

‫*لكــن ‪-‬واه مــن لكــن ‪-‬ومــا ان بــدأت احلملــة االنتخابيــة يف صنعــاء وأظهــرت وســائل‬
‫اإلعــام حشــودا هائلــة مــن اجلماهيــر يؤيــدون حملــة مرشــح املعارضــة بــن شــمالن يف‬
‫العاصمــة صنعــاء ثــم يف مهرجانــه االنتخابــي بعمــران معقــل قبيلة حاشــد ونفوذ آل االحمر‬
‫حتــى انتــاب القلــق نظــام صالــح والنظــام الســعودي الــذي كان يتلقــى تقاريــر خطيــرة تشــير‬
‫الــى إمكانيــة ســقوط صالــح يف حالــة ســارت االنتخابــات كمــا كانــت يف بدايتهــا وهــو مــا قــد‬
‫ميثــل خطــراً مباشــراً علــى الســعودية ليــس ألنهــا تؤيــد صالــح أو تخــاف مــن بــن شــمالن إن‬
‫فــاز بــل مــن طريقــة وصولــه إلــى الرئاســة عبــر صناديــق االقتــراع ال عــن طريــق املشــاورات‬
‫معهــا كــم تعــودت منــذ اغتيالهــا للرئيــس احلمــدي وحتــى مــن قبلــه‪.‬‬

‫لقــد أثــارت احلملــة االنتخابيــة يف الســباق الرئاســي اليمنــي أنظمــة اســتبدادية عربيــة‬
‫أخــرى كمصــر مبــارك وليبيــا القــذايف وعلــى تناقضهمــا إال أن اجلميــع اندفــع مســارعا إلــى‬
‫دعــم صالــح مببالــغ ماليــة لتمويــل حملتــه االنتخابيــة قيــل أنــه حصــل عليهــا مــن الســعودية‬
‫وليبيــا ورمبــا مــن اإلمــارات ايضــا وبتقــدمي مصــر مستشــارين أمنيــن ومتخصصــن يف‬
‫االنتخابــات وكيفيــة إخراجهــا للــرأي العــام ‪.‬‬

‫املعارضة تخذل مرشحها‬

‫*‪ -‬غيــر أن األخطــر واألكثــر تأثيــراً علــى نتائــج االنتخابــات هــو أن الســعودية لــم تكتــف‬
‫بالدعــم املالــي بــل ســارعت إلــى ممارســة ضغــوط هائلــة علــى الشــيخ عبــداهلل بــن حســن‬
‫االحمــر وجماعــة اإلخــوان املســلمني التــي يــرأس حزبهــا (االصــاح )الشــيخ عبــداهلل بــن‬

‫‪213‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫حســن االحمــر بضــرورة التخلــي عــن دعــم مرشــح املعارضــة وهــذا هــو مــا أثــر يف نتائــج‬
‫االنتخابــات ســلباً قبــل بــدء مرحلــة االقتــراع والفــرز وإعــان النتائــج‪.‬‬

‫إلغاء احلملة االنتخابية لنب شمالن يف صعدة!‬

‫لقــد ظهــر الشــيخ عبــد اهلل بــن حســن األحمــر يف منتصــف احلملــة االنتخابيــة وهــو يقــف‬
‫مــن مــكان إقامتــه يف الريــاض بقــوة إلــى جانــب صالــح ويعــرض مبوقــف حزبــه وبــدالً مــن‬
‫ظهــوره مبظهــر احليــاد بحجــة انــه يف املستشــفى انحــاز وبقــوة ضــد بــن شــمالن ودعــم‬
‫ترشــيح صالــح وحينهــا صــرح ضــد موقــف أبنائــه وبالــذات الشــيخ حميــد األحمــر الــذي‬
‫بــدا وكأنــه يقــود حملــة بــن شــمالن مــن موقعــه يف املعارضــة كقيــادي يف حــزب االصــاح‬
‫وتلــك كانــت أول املؤشــرات علــى إمكانيــة تغييــر موقــف التجمــع اليمنــي لإلصــاح أحــد‬
‫أهــم رمــوز املشــترك وأول مــن طلــب مــن بــن شــمالن قبــول الترشــح باســم املعارضــة مــا‬
‫تســبب لــه إحــراج هائــل‪.‬‬

‫ومــع أن اإلصــاح ظــل يدعــم ظاهريــاً حملــة بــن شــمالن إال أن فتــوراً يف مواقفــه قــد‬
‫ظهــر قبــل اســبوع مــن انتهــاء احلملــة االنتخابيــة حيــث بــدا يعرقــل اســتكمال بــن شــمالن‬
‫مهرجاناتــه االنتخابيــة يف عــدد مــن احملافظــات التــي لــم يكــن قــد زارهــا‪.‬‬

‫وعلــى ســبيل املثــال وبعــد أن أعلــن بــن شــمالن بنفســه رغبتــه يف حضــور مهرجــان لــه يف‬
‫صعــدة وكان قــد أرســل وفــداً لزيارتهــا وترتيــب مهرجــان كبيــر فيهــا اال انــه فوجــئ بإلغــاء‬
‫املهرجــان مــن قبــل قيــادة حملتــه االنتخابيــة متعللــة بعــدم توفــر االمــن حلياتــه وقــد تســاءل‬
‫النــاس حينهــا كيــف يأمــن صالــح وهــو مــن يخــوض حربـاً يف صعــدة علــى عقــد مهرجانــه‬
‫فيهــا وبــن شــمالن ال يامــن وهــو يقــف إلــى جانــب دعــاة وقــف احلــرب متضامنــاً مــع‬
‫ضحاياهــا وهكــذا يف مهرجانــات البيضــاء ورميــة حيــث حــرم بــن شــمالن ألســباب ودوافــع‬
‫بــدت واهيــة مــن اســتكمال حملتــه االنتخابيــة فيهــا ‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫*علــى ان مــا أكــد تلــك الشــكوك بوجــود ضغــوط هائلــة علــى قيــادة اإلصــاح وممــول‬
‫احلملــة االنتخابيــة حميــد األحمــر هــي أن احلضــور الباهــت واملخيــب لآلمــال يف مهرجــان‬
‫بــن شــمالن اخلتامــي يف العاصمــة صنعــاء حيــث الثقــل السياســي واالنتخابــي األكبــر‬
‫للمعارضــة وبــدالً مــن أن يكــون هــو اكبــر واكثــر املهرجانــات حشــداً مــن قبــل املعارضــة ويف‬
‫مقدمتهــم اإلصــاح لوحــظ انــه كان أضعــف مهرجاناتــه االنتخابيــة علــى االطــاق وتبــن‬
‫ان عــدم توفيــر وســائل نقــل مــن قبــل املعارضــة لنقــل اجلماهيــر إلــى االســتاد الرياضــي‬
‫باجلــراف شــمال العاصمــة كمــا حــدث يف مهرجانــه االفتتاحــي يف نفــس املــكان هــو الســبب‬
‫املباشــر لهــذا التراجــع الشــعبي املقصــود ‪.‬‬

‫الضغــوط الســعودية ونتائجهــا الســلبية علــى موقــف اإلصــاح ومــن ثــم املشــترك ظهــرت‬
‫أكثــر يــوم فــرز أصــوات املرشــحني يف صناديــق االقتــراع‪ ،‬وبعــد ان كان موقــع الصحــوة نــت‬
‫وهــو املوقــع اإلخبــاري الرســمي لإلصــاح ينقــل نتائــج الفــرز مــن مندوبــي املعارضــة يف كل‬
‫ا توقــف ليتبــن أن‬‫مراكــز الفــرز يف احملافظــات تلقــى توجيهــات بوقــف تلــك األخبــار وفعـ ً‬
‫جميــع مندوبــي املعارضــة وحتديــداً مندوبــوا اإلصــاح قــد توقفــوا عــن فــرز أصــوات بــن‬
‫شــمالن واالنشــغال بــدال عنهــا بفــرز أصــوات مرشــحيها يف احملليــات ليظهــر األمــر وكان‬
‫الصفقــة التــي لــم يعلــن عنهــا هــي التخلــي عــن بــن شــمالن مقابــل احملليــات‪.‬‬

‫* لقــد أثــر موقــف املعارضــة هــذا علــى عالقتهــا مبرشــحها بــن شــمالن وبعالقتهــا‬
‫بجمهورهــا وجماهيــر الشــعب عمومــاً وفيمــا ســارعت الســلطة وعــن طريــق جلنــة‬
‫االنتخابــات إلــى إعــان نتائــج االنتخابــات رســميا معلنــة فــوز صالــح بقرابــة ال ‪%72‬‬
‫مقابــل قرابــة ‪ %27‬ملرشــح املعارضــة لــم تعلــن املعارضــة أي معلومــات أو بيانــات مــن واقــع‬
‫فرزهــا لألصــوات يف املراكــز االنتخابيــة مكتفيــة بالتشــكيك بصحــة األرقــام التــي تعلنهــا‬
‫جلنــة االنتخابــات دون أي دليــل يخالفهــا رافضــة حتــى تقــدمي طعــون باملخالفــات فيمــا‬
‫يخــص االنتخابــات الرئاســية حتديــداً‪.‬‬

‫ولــم يكــن أحــد يتوقــع فــوز بــن شــمالن رغــم مــا ظهــر مــن شــعبية كاســحة لــه ولكــن النســبة‬
‫احملــدودة التــي أعلــن أنــه خســر بهــا ‪ %27‬لــم تكــن صحيحــة وكان أقــل املتفائلــن مينحــه‬
‫نســبة ‪ %45‬علــى األقــل مــن االصــوات ‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ولكــن هــذا بالــذات هــو مــا فرطــت بــه املعارضــة وظهــرت وبعــد تهديــدات فارغــة عــن‬
‫امكانيــة االحتجــاج علــى مــا تعلنــه الســلطة مــن نتائــج أعلنــت املعارضــة قبولهــا رســمياً بفــوز‬
‫صالــح وســقوط بــن شــمالن وتهنئــة الرئيــس صالــح بالفــوز وهــو مــا لــم يقــم بــه بــن شــمالن‬
‫وســجل عنــه غضبـاً كبيــراً جتــاه موقــف املعارضــة ومواقــف اإلصــاح حتديــداً‪.‬‬

‫لم تنب على نتائج االنتخابات‪:‬‬

‫املعارضة تعود إلى أزمتها مع السلطة‬

‫ال خارجياً‪.‬‬
‫ونتائج االنتخابات تتفجر حراكاً يف اجلنوب وحرباً يف الشمال وإرهاباً وتدخ ً‬

‫*لــم يقتصــر موقــف املعارضــة الســلبي علــى إهمــال أصــوات مرشــحها الرئاســي وخــروج‬
‫بــن شــمالن عنهــا مغاضبـاً بــل انهــا وبعــد كل ذلــك احلــراك الشــعبي الواســع الــذي خلقتــه‬
‫احلمــات االنتخابيــة يف وعــي النــاس عــادت إلــى الســير يف سياســاتها املأزومــة بعيــداً عــن‬
‫الشــارع وكأنــه لــم يحــدث شــيء‪.‬‬

‫واملعنــى أن أحــزاب املشــترك وبســبب تعــارض اجنــدات اطرافهــا لــم تســر يف معارضتهــا‬
‫للنظــام بنــاء علــى مــا أفرزتــه حالــة الوعــي العميــق والواســع يف أوســاط النــاس ويف كســر‬
‫حاجــز اخلــوف مــن انتقــاد صالــح وكان ميكــن لهــا أن تبنــي عليــه وتســتفيد منــه يف تصعيــد‬
‫معارضتهــا الشــعبية بنــاء علــى كتلتهــا االنتخابيــة التــي بــدت كبيــرة يف مهرجانــات بــن‬
‫شــمالن ولكــن هــذا لــم يحــدث وعلــى خــاف ذلــك فرطــت بهــذا الوعــي الشــعبي وتركتــه‬
‫ميضــي وحيــدا يف اخلــروج معارضــاً لصالــح وللمعارضــة وللدولــة والعمليــة السياســية‬
‫برمتهــا بعــد أن كســر النــاس كل قيــود اخلــوف مــن الســلطة ورأســها يف ذلــك االســتحقاق‬
‫الكبيــر‪.‬‬

‫وعندمــا توقفــت املعارضــة يف مكانهــا وظلــت تلــوك أزمتهــا مــع النظــام ولــم تقــدم كتلتهــا‬
‫الشــعبية التــي خلقتهــا االنتخابــات الــى الثــورة أو إلــى اختــراق األزمــة باجتــاه احلــوار‬

‫‪216‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫اجلــدي كان مــن الطبيعــي أن أطــراف أخــرى غيــر املعارضــة وخــارج العمليــة السياســية‬
‫هــي التــي ستســتفيد مــن كســر حاجــز اخلــوف مــن رأس النظــام‪ .‬وهــو مــا أفــرز حــراكاً‬
‫جنوبي ـاً واســعاً تفجــر بعــد االنتخابــات الرئاســية بأقــل مــن عــام أي منتصــف ‪2007‬م يف‬
‫أول مســيرات مــا عــرف باملتقاعديــن العســكريني يف الضالــع ومــن ثــم ردفــان لتتصاعــد‬
‫االحتجاجــات التــي كانــت تطالــب عبــر الصحافــة واالنشــطة احلزبيــة لالشــتراكي بتســوية‬
‫آثــار حــرب صيــف ‪1994‬م وتصحيــح مســار الوحــدة إلــى اخلــروج مــن رحــم كل ذلــك‬
‫للمطالبــة باالنفصــال صراحــة ودون مواربــة مقابــل تفجــر حــروب صعــدة يف حربهــا‬
‫السادســة والتــي كانــت أوســع وأشــرس احلــروب وفيهــا شــاركت الســعودية وانتهــت بكســر‬
‫هيبــة اجليــش وانتشــار مــا عــرف الحق ـاً بحركــة انصــار اهلل إلــى محافظــات أخــرى يف‬
‫الشــمال وجنبــا إلــى جنــب حركــة االحتجاجــات يف اجلنــوب وتواصــل حــروب صعــدة يف‬
‫الشــمال كانــت ظاهــرة اإلرهــاب والتنظيمــات الســلفية اجلهاديــة تــزداد عنفــاً وتوســعاً‬
‫ووصلــت إلــى درجــة ســيطرتها علــى محافظــات جنوبيــة بكاملهــا كأبــن وشــبوة بعد إســقاط‬
‫معســكراتها وتدميــر وحــدات اجلبــش فيهــا بــل وضــرب وجنحــت بعملياتهــا االنتحاريــة يف‬
‫ا عــن‬‫تصفيــة واغتيــال الضابــط واجلنــود يف العاصمــة صنعــاء ويف عــدن واملــكال فض ـ ً‬
‫إســقاط عديــد مــن املعســكرات والثكنــات وذبــح مئــات األســرى مــن اجلنــود يف احملافظــات‬
‫اجلنوبيــة ومــارب وغيرهــا‪.‬‬

‫وهكــذا خرجــت املعارضــة احلزبيــة والعمليــة السياســية واالنتخابيــة التــي أثــارت ذلــك‬
‫احلراك الشــعبي الواســع يف االنتخابات الرئاســية بدون فائدة وعادت الســلطة واملعارضة‬
‫الــى نقطــة الصفــر يف األزمــة اليمنيــة لتكــون االنتخابــات الرئاســية التــي خلقــت حــراكاً‬
‫واســعاً وآمــاالً واســعة وكادت أن تخلــق تغييــراً جديـاً هــي ذاتهــا آخــر اســتحقاق انتخابــي يف‬
‫تأريــخ اجلمهوريــة قبــل أن تنفجــر الثــورة وتنهــار الدولــة ويحــدث التدخــل اخلارجــي بعــد‬
‫خمــس ســنوات فقــط مــن آخــر اســتحقاق انتخابــي مينــي ‪.‬‬

‫لقــد لعبــت أطــراف العمليــة السياســية يف الســلطة واملعارضــة جنبـاً الــى جنــب التدخــات‬
‫الســعودية والــدول األقليميــة الــدور االساســي يف اجهــاض أنتخابــات ‪2006‬م التنافســية‬
‫ويف اجهــاض الدميقراطيــة اليمنيــة والعمليــة السياســية عمومـاً منــذ حــرب ابريــل ‪1994‬م‬
‫وحتــى آخــر انتخابــات رئاســية ‪2006‬م ‪.‬‬

‫‪217‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫بالنســبة لــي كناشــط سياســي يف احلــزب االشــتراكي اليمنــي وأحــزاب اللقــاء املشــترك‬
‫حينهــا وككاتــب وصحفــي أيضــا فقــد كنــت يف انتخابــات ‪2006‬م الرئاســية احــد االعضــاء‬
‫الفاعلــن يف قيــادة املشــترك وأحــد أعضــاء احلملــة االنتخابيــة لألســتاذ فيصــل بــن‬
‫شــمالن‪ .‬وقــد كتبــت عــدداً مــن املقــاالت وقدمــت عــدداً مــن الــرؤى واملقترحــات الــى الــرأي‬
‫العــام والــى قيــادات املعارضــة أوال ثــم إلــى املرشــح املســتقل فيصــل بــن شــمالن باعتبــاري‬
‫أحــد أعضــاء ماعــرف باملطبــخ السياســي ملرشــح املعارضــة أثنــاء احلملــة االنتخابيــة والــذي‬
‫شــكل مــن عــدد مــن قيــادات األحــزاب الوســطية بينهــم محمــد املقالــح وعلــي الصــراري‬
‫(االشــتراكي) و عبــده محمــد ســالم وآخريــن (االصــاح) ومحمــد الصبــري عــن التنظيــم‬
‫الناصــري وآخريــن‪.‬‬

‫ويف هــذا الفصــل اخلامــس مــن كتــاب أزمــة الدميقراطيــة اإلجرائيــة اليمنيــة أعيــد نشــر‬
‫بعــض تلــك املقــاالت واالوراق التــي كتبتهــا يف املوضــوع نفســه ولعلهــا تســهم يف التوثيــق‬
‫لتلــك املرحلــة ويف تفســير كيــف بــدأت االنتخابــات جيــدة وانتهــت كارثيــة كعادتنــا نحــن‬
‫اليمنيــون مــع كثيــر مــن القضايــا الوطنيــة واملصيريــة وكحــال كل األوضــاع السياســية‬
‫واحلزبيــة بســبب أزمــة األحــزاب وهزائــم قياداتهــا مــن ناحيــة وبســبب طبيعــة النظــام‬
‫الفــردي التســلطي مــن ناحيــة ثانيــة وبســبب نشــأة جماعــة األخــوان املســلمني ودور حزبهــا‬
‫(التجمــع اليمنــي لإلصــاح ) يف تعفــن السياســة وتخريــب العمليــة السياســية وجرهــا الــى‬
‫االســتحواذ والعنــف مــن ناحيــة ثالثــة ثــم يف وصولنــا ومعنــا االخــوان أنفســهم والبــاد بكلهــا‬
‫إلــى هــذا احلــال مــن احلــروب والتدخــات األجنبيــة ومــوت السياســة وبــروز املليشــيات‬
‫ا للعمليــة السياســية بــل وللدولــة الوطنيــة نفســها ‪.‬‬ ‫واجلماعــات املتطرفــة بدي ـ ً‬

‫ومــع أن اليمــن كانــت اخلاســر األكبــر مــن اجهــاض النظــام الدميقرطــي التشــاركي لدولــة‬
‫الوحــدة اال ان مــن ســعى إلجهاضــه ممثــا بالرئيــس صالــح واإلصــاح واألحــزاب عمومـاً‬
‫كانــوا يف مقدمــة اخلاســرين فيمــا بعــد وفيمــا وصلــت إليــه البــاد اليــوم خالفـاً ملــا كانــوا‬
‫يخططــون لــه ويتآمــرون عليــه مــن ناحيــة وخالفــا ملــا كان مفترض ـاً أو متوقع ـاً مــن تلــك‬
‫االســتحقاقات االنتخابيــة مــن ترســيخ للوحــدة ولدولتهــا ولنظامهــا الدميقراطــي مــن ناحيــة‬
‫أخــرى ‪.‬‬

‫‪218‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫* ويف هــذا الفصــل مــن الكتــاب أعيــد نشــر عــدد مــن املقــاالت والتصريحــات واملواقــف‬
‫التــي واكبــت العمليــة االنتخابيــة والســباق الرئاســي بــن الرئيــس صالــح ومرشــح املعارضــة‬
‫األســتاذ فيصــل بــن شــمالن يف انتخابــات ‪22‬ســبتمبر ‪2006‬م كشــهادة علــى تلــك املرحلــة‬
‫مــن قبــل كاتــب وسياســي عــاش املرحلــة وانغمــس يف كثيــر مــن فصولهــا وشــارك مــع آخريــن‬
‫يف أحالمهــا ويف اجنــازات بعضهــا ويف اخفاقــات بعضهــا اآلخــر لكنــه حــذر مــن انحرافهــا‬
‫وتضــرر كغيــره مــن اليمنيــن مــن إجهــاض مشــروعها الوطنــي‪.‬‬

‫وقــد أعــدت ترتيــب تلــك املقــاالت والــرؤى مبوبــة علــى اســاس تاريــخ نشــرها يف الصحــف‬
‫مــا أمكــن الــى ذلــك ســبيال(‪ ((6‬وبــدون أي تعديــل او زيــادة او نقــص علــى مــا مت نشــره يف‬
‫حينــه وعلــى أن تقســم هنــا إلــى ثالثــة أقســام ‪.‬‬

‫القســم األول مقــاالت واوراق نشــرت او طرحــت قبــل أشــهر مــن اجــراء االنتخابات والقســم‬
‫الثانــي مقــاالت واوراق نشــرت او طرحــت بعــد اختيــار املرشــحني واثنــاء احلملــة االنتخابيــة‬
‫واخيــرا مقــاالت وحتليــات نشــرت بعــد إجــراء االقتــراع واعــان النتيجــة رســمياً وبعــد‬
‫اجهــاض النتائــج االنتخابيــة سياســياً ووطنيـاً عمومـاً واهلل مــن وراء القصــد‪.‬‬

‫محمد محمد املقالح‬


‫صنعاء يف ‪29‬ديسمبر ‪2020‬م‬

‫(‪ )64‬عــدد قليــل مــن املقــاالت املنشــورة هنــا لــم اجــد الصحــف التــي نشــرتها ألكتــب رقــم العــدد والتاريــخ ولذلــك اعتمــدت‬
‫علــى اعــادة نشــرها يف هــذا الكتــاب كمــا هــي يف ارشــيفي قبــل ارســالها الــى الصحــف ولكــن مــن لديــه ارشــيف لصحــف( النــداء‬
‫والثــوري والشــورى واالمــة والوحــدوي وغيرهــا مــن الصحــف التــي كنــت انشــر فيهــا يف ذلــك التاريــخ ســيجد نــص هــذه املقــاالت‬
‫موثقــة بتاريــخ نشــرها‬

‫‪219‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫‪220‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫اوال مقاالت نشرت قبل اختيار مرشح املعارضة !‬

‫(‪)1‬‬

‫السياسة صفقات واملقاطعة آخر اخليارات!!‬

‫اإلثنني ‪ 3‬إبريل‪ -‬نيسان ‪2006‬م‬

‫مــن الواضــح حتــى اآلن‪ ،‬ومــن مواقفهــا وتصريحــات قادتهــا‪ ،‬أن أحــزاب املعارضــة يف اللقــاء‬
‫املشــترك ترفــض رفضــاً قاطعــاً أن تتنــازل عــن مطالبهــا املشــروعة يف ضــرورة توفيــر‬
‫ضمانــات النزاهــة والشــفافية لالنتخابــات الرئاســية القادمــة ســبتمبر ‪2006‬م‪. .‬‬
‫وســيكون مــن ســوء الفهــم والغبــاء الفاحــش الــذي قــد يــؤدي بصاحبــه إلــى الهاويــة‪،‬‬
‫إذا مــا اعتقــد البعــض ولــو للحظــة واحــدة أن املعارضــة ميكــن أن تشــارك يف تزييــف‬
‫االنتخابــات الرئاســية‪ ،‬عبــر (اللجنــة العليــا لالنتخابــات) التــي يصعــب القبــول بشــرعيتها‬
‫ال بســبب مــا ارتكبتــه واعترفــت بارتكابــه مــن جرائــم انتخابيــة كبــرى تكفــي الواحــدة منهــا‬
‫إلســقاط شــرعية نظــام سياســي بكاملــه وليــس فقــط لعــدم شــرعية (جلنــة عليــا) يعتــرف‬
‫احــد أعضاءهــا صراحــة أنهــا أقدمــت ومــع ســبق اإلصــرار والترصــد علــى تغييــر نتائــج‬
‫االنتخابــات الصحيحــة يف أكثــر مــن دائــرة انتخابيــة ويف حتويــل مرشــحني بنتائجهــم غيــر‬
‫(‪((6‬‬
‫الصحيحــة إلــى دوائــر غيرهــم‪ ،‬ومــن ثــم إحاللهــم يف مقاعــد برملانيــة ليســت لهــم‬

‫ولكــن أيضــا بســبب طبيعــة تركيبتهــا وعــدم التــوازن يف عضويتهــا ويف إصــرار احلــزب‬
‫احلاكــم علــى أن يكــون لــه فيهــا األغلبيــة الكاســحة (‪ )5-2‬حتــى (يضمــن نتائــج االنتخابــات‬
‫القادمــة لصالــح مرشــح املؤمتــر!!) وهــو مــا قالــه صراحــة وضمن ـاً أكثــر مــن مســئول يف‬
‫هــذا احلــزب العريــق والضامــن دوم ـاً لألغلبيــة الكاســحة!! ‪.‬‬
‫(‪ )65‬صــرح بذلــك عضــو اللجنــة العليــا حينهــا االســتاذ محمــد حســن دمــاج (اصــاح) وكان قــد حــدث بالفعــل ان نزلــت اللجنــة‬
‫الشــيخ حســن االحمــر مرشــحا يف احــدى دوائــر مدينــة عمــران بــدال مــن اخيــه صــادق الــذي طلــب منــه ان يترشــح يف دائــرة اخــرى‬
‫يف نطــاق محافظــة عمــران وذلــك تفاديــا خلــاف نشــب بــن احملافــظ والشــيخ صــادق بعــد اعتــداء االخيــر عليــه قــرر احملافــظ‬
‫االســتقالة وإلرضائــه نقــل املرشــح صــادق الــى دائــرة اخــرى وجــيء بأخيــه بــدال عنــه قبــل ســاعات مــن بــدء االقتــراع خالفــا لــكل‬
‫قوانــن االرض والســماء ولــم تثــر املعارضــة او باألصــح لــم تتوقــف امــام تلــك اخلروقــات التــي تبطــل نتائــج االنتخابــات متامــا وقــد‬
‫كتبــت حينهــا مقــاال طويــا حتــت عنــوان (انــي اتهــم) اعتبــرت جتاهــل املعارضــة فضيحــة سياســية ويعــاد املقــال يف الفصــل الســابع‬
‫مــن هــذا الكتــاب (وثائــق ومواقــف ذات صلــة)‬

‫‪221‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫حتــى اآلن ال يوجــد حــوار جــدي بــن املؤمتــر واملشــترك حــول أي قضيــة مــن قضايــا‬
‫ضمانــات (النزاهــة والشــفافية) وبالــذات حــول شــرعية (اللجنــة العليــا لالنتخابــات) ويف‬
‫ظــل إصــرار املؤمتــر الغريــب علــى شــرعية هــذه اللجنــة أو االدعــاء بصعوبــة تغييرهــا مــن‬
‫الناحيــة القانونيــة ســيكون احلــوار عبثــي وال ميكــن أن يفضــي إال إلــى تضييــع الوقــت‬
‫(‪((6‬‬
‫وتزييــف الوعــي!!‬

‫يعــرف املؤمتــر الشــعبي العــام جيــداً بــأن تغييــر اللجنــة احلاليــة ال يحتاج إلــى حكم قضائي‬
‫بــات‪ ,‬أو إلــى تشــكيل (جلنــة قانونيــة مشــتركة) وغيــر دســتورية تبــت يف مــدى صحــة مــا‬
‫تدعيــه املعارضــة مــن خروقــات وجرائــم انتخابيــة ارتكبتهــا اللجنــة احلاليــة‪ ،‬وعلــى خــاف‬
‫مثــل هــذه (اخلبيــرات) التــي نعرفهــا جيــدا فــان تغييــر اللجنــة وإعــادة تشــكلها مبــا يضمــن‬
‫احلياديــة واالســتقاللية ال يحتــاج ســوى إلــى توفــر اإلرادة السياســية لــدى الســلطة بأهميــة‬
‫إجــراء انتخابــات رئاســية صحيحــة وشــرعية يشــارك فيهــا ويدافــع عــن نتائجهــا اجلميــع‪.‬‬

‫وإذا مــا توفــرت هــذه اإلرادة الغائبــة أو املغيبــة حتــى اآلن فــإن تعديــل القانــون وحــده كفيــل‬
‫بنفــي وجــود هــذه اللجنــة واســتبدالها بأخــرى ومثلمــا نشــأت بقانــون يتــم نفــي وجودهــا‬
‫بقانــون أيضــا!! ‪.‬‬

‫لــن تقاطــع أحــزاب املشــترك االنتخابــات الرئاســية لكنهــا لــن تشــارك يف إجراءاتهــا‬
‫املختلفــة‪ ،‬ولــن تعتــرف بنتائجهــا إذا لــم تتوفــر الضمانــات الكافيــة لنزاهتهــا‪ ،‬وهــذا مــا‬
‫يجــب أن يتوقــف أمامــه بإمعــان كل مــن يهمــه شــأن االســتحقاق القــادم‪ ،‬وليــس لــه أن‬
‫يغالــط نفســه باألزمــات املفتعلــة أو بالصفقــات اخلائبــة‪ ،‬التــي ال تــؤدي إال إلــى تعميــق‬
‫األزمــة والتهيئــة لالنفجــار الشــعبي الكبيــر!! ‪.‬‬

‫السياســة صفقــات نعــم ولكنهــا مدمــرة يف حالــة جتاهلهــا لــإرادة الشــعبية‪ ،‬وهــو أمــر لــن‬
‫تفــرط بــه املعارضــة حتــى ال تخســر شــعبها ونفســها أيضــا‪ ،‬واملقصــود هنــا هــو أن املعارضــة‬
‫ميكــن أن تقبــل بصفقــة تاريخيــة تصلــح النظــام السياســي واالنتخابــي وتعيــد لــإرادة‬

‫(‪ )66‬قبــل الرئيــس الراحــل علــى عبــد اهلل صالــح بعــد رفــض طويــل بتعديــل قوائــم جلنــة االنتخابــات بإضافــة عضــو مــن‬
‫االشــتراكي واخــر مــن حــزب ناصــري مــوال الــى عضويتهــا ليكــون واقــع تشــكيلها واحــد مســتقل وثالثــة مؤمتــر واثنــان معارضــة‬
‫(اصــاح واشــتراكي)‬

‫‪222‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫الشــعبية اعتبارهــا بــل وجتعــل مــن هــذه اإلرادة الشــعبية جــزءاً رئيســياً مــن الصفقــة‬
‫وأساس ـاً إلبرامهــا‪ ،‬وهــذا لــن يتحقــق إلــى بقبــول مبــدأ الشــراكة الوطنيــة واإلصالحــات‬
‫الشــاملة للنظــام السياســي اليمنــي!!‪.‬‬

‫ويف هــذا الســياق فــإن احلديــث املســرب حــول نيــة الســلطة إلجــراء تعديــات دســتورية‬
‫منتقــاة خطيــر بقــدر مــا يعبــر عــن اســتهتار البعــض بالدســتور وتعديالتــه التــي تهــم كل‬
‫املواطنــن اليمنيــن وكل األطــراف السياســة اليمنيــة‪ ،‬وال يجــوز لطــرف مبفــرده أن يتحــدث‬
‫عــن الدســتور والعبــث بــه بتلــك اخلفــة والالمســوؤلية التــي نقرأهــا يف الصحــف واملواقــع‬
‫االلكترونيــة املقربــة مــن صاحــب القــرار!!‪.‬‬

‫لســنا ضــد التعديــات مــن حيــث املبــدأ ولكننــا نرفــض أن يتــم ســلقها وانتقائهــا مفصلــة‬
‫ألغــراض شــخصية وانتخابيــة فجــة‪ ،‬وإذا كان البــد مــن تعديــات‪ ,‬فلتكــن باجتــاه إصــاح‬
‫النظــام السياســي وعلــى قاعــدة وثيقــة اإلصــاح الوطنــي التــي تتبناهــا أحــزاب املشــترك‬
‫وقطاعــات واســعة مــن مؤسســات املجتمــع املدنــي‪.‬‬

‫*رشيدة القيلي‬

‫عشــرات اآلالف أن لــم يكــن أكثــر بكثيــر مــن املشــاهدين العــرب واليمنيــن تابعــوا مســاء‬
‫الســبت املاضــي باهتمــام كبيــر وقائــع احلوار السياســي الذي أجرته قنــاة العربية الفضائية‬
‫مــع مرشــحة الرئاســة اليمنيــة املســتقلة األســتاذة رشــيدة القيلــي‪ ,‬والتــي اســتطاعت بــذكاء‬
‫ومــن خــال مــا أثبتتــه مــن جهوزيــة معرفيــة وحنكــة سياســية أن تقــدم للمشــاهد العربــي‬
‫واخلليجــي حتديــداً صــورة جميلــة ومختلفــة عــن تلــك الصــور النمطيــة البائســة التــي‬
‫يختزلهــا العقــل العربــي عــن اليمــن عمومــا واملــرأة اليمنيــة خصوصـاً‪.‬‬

‫محمد محمد املقالح‬


‫اعيد نشره يف االشتراكي نت يف يوم اإلثنني ‪ 3‬إبريل‪-‬نيسان ‪2006‬م ‪08:55‬‬

‫‪223‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫(‪)2‬‬

‫اقرأوا خطاب املعارضة جيداً!!‬

‫الثالثاء ‪ 25‬إبريل‪-‬نيسان ‪2006‬م‬

‫ثمــة ثــاث حقائــق كبيــرة يف خطــاب املعارضــة جتــاه العمليــة االنتخابيــة يفتــرض أن تكــون‬
‫الســلطة قــد قــرأت دالالتهــا وأبعادهــا السياســية جيــداً‪ ،‬وحتــى نســهل عليهــا مهمــة القــراءة‬
‫التــي ال جتيدهــا نعيــد تلخيــص تلــك احلقائــق الواضحــة علــى النحــو التالــي‪-:‬‬

‫احلقيقة األولى‪:‬‬

‫هــي أن أحــزاب اللقــاء املشــترك لــن تشــارك يف العمليــة االنتخابيــة وال يف إجراءاتهــا‬
‫املختلفــة كمــا أنهــا لــن تعتــرف بنتائجهــا طاملــا أصــرت الســلطة علــى بقــاء اللجنــة العليــا‬
‫لالنتخابــات احلاليــة كمــا هــي بــدون تغييــر أو تعديــل كبيــر يضمــن توازنها ومن ثــم حياديتها‬
‫واســتقاللها‪ ،‬وينطلــق هــذا املوقــف جتــاه اإلدارة احلاليــة لالنتخابــات مــن ســببني اثنــن‪-:‬‬

‫األول‪ :‬هــو أن شــرعيتها الدســتورية واألخالقيــة لــم تعــد قائمــة وأصبحــت يف نظر املعارضة‬
‫يف حكــم العــدم بعــد أن اعترفــت اللجنــة نفســها وعلــى لســان كبــار مســئوليها أنهــا قامــت‬
‫بارتــكاب جرائــم تزويــر فاضحــة أدت إلــى تغييــر نتائــج االنتخابــات لصالــح احلــزب احلاكــم‬
‫يف أكثــر مــن دائــرة انتخابيــة وســواء كان ذلــك يف االنتخابــات البرملانيــة لعــام ‪2003‬م أو يف‬
‫االنتخابــات التكميليــة لعامــي ‪2005‬م و ‪2006‬م هــذا مــن جهــة‪.‬‬

‫ومــن جهــة ثانيــة بعــد أن ثبــت ومبــا ال يــدع مجــاال للشــك أن هــذه (اللجنــة) وبســبب طبيعــة‬
‫تركيبتهــا وعــدم التــوازن يف عضويتهــا هــي يف احلقيقــة جــزء مــن الســلطة التنفيذيــة وأداة‬
‫مــن أدوات احلــزب احلاكــم واحــد ضماناتــه للتحكــم بالعمليــة االنتخابيــة وتغييــر نتائجهــا‬
‫لصاحله‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫ثــم ألنهــا وعبــر إجراءاتهــا األخيــرة تخالــف الدســتور والقانــون كل يــوم بل وتخالــف قراراتها‬
‫بخصــوص تشــكيل اللجــان مــن طالبــي التوظيــف حيــث ثبــت أن قــرار تشــكيل اللجــان مــن‬
‫طالبــي التوظيــف لــم يكــن ســوى كذبــة كبــرى اخترعهــا احلــزب احلاكــم ثــم صدقهــا ويريــد‬
‫مــن بقيــة األطــراف السياســية تصديقهــا أو مباركتــه عليهــا!!‬

‫أمــا الســبب الثانــي فيعــود إلــى أن أحــزاب املعارضــة ســبق وان أعلنت ألنصارهــا وجلماهير‬
‫الــرأي العــام أنهــا لــن تشــارك يف عمليــة التزويــر االنتخابــي القائــم علــى قــدم وســاق وأن‬
‫أول خطــوة لضمــان نزاهــة وشــفافية هــذه االنتخابــات تبــدأ مــن تغييــر اللجنــة احلاليــة‪،‬‬
‫وعلــى أســاس هــذا اإلعــان كســبت املعارضــة ثقــة الناخبــن بهــا ومبصداقيــة خطابهــا‬
‫مــن العمليــة االنتخابيــة‪ ،‬وهــي تعــي جيــداً أن أي تنــازل عــن موقفهــا مــن اللجنــة احلاليــة‬
‫ســيؤدي حتمــا إلــى هــز هــذه الثقــة واملصداقيــة بــن النــاس وســتكون كمــن يقبــل بهزميتــه‬
‫األخالقيــة بــن مواطنيــه وناخبيــه‪.‬‬

‫وفقــا لهــذه العوامــل مجتمعــة فــان إصــرار الســلطة علــى بقــاء اإلدارة احلاليــة كمــا هــي‬
‫يعنــي فيمــا يعنــي ارتــكاب خطــأ تاريخــي كبيــر يتمثــل برهــن البــاد بكاملها ورهن مســتقبلها‬
‫السياســي لــدى طــرف غيــر أمــن وليــس لديــه أي شــعور باملســؤولية الوطنيــة‪.‬‬

‫احلقيقة الثانية‪:‬‬

‫هــي أن حتالــف اللقــاء املشــترك ســيبقى قائمــا ومتماســكا ولــن ينفــرط عقــده حتــى إجــراء‬
‫االنتخابــات الرئاســية وإعــان نتائجهــا بــل وحتــى حتقيــق املعارضــة برنامجهــا السياســي‬
‫املشــترك‪ ،‬وبالتالــي فــان أي مراهنــة مــن قبــل الســلطة علــى تفكيــك املشــترك أو انضمــام‬
‫أحــد أطرافــه الرئيســية إليهــا قبــل موعــد االنتخابــات الرئاســية هــي يف احلقيقــة مراهنــة‬
‫خاســرة وتتنافــى مــع املنطــق والعقــل واملصلحــة‪،‬‬

‫والســبب هــو أن حتالــف اللقــاء املشــترك لــم يقــم بدافــع الرغبــة الترفيــه أو مــن بــاب‬
‫املماحــكات واالســتقواء املؤقــت علــى الســلطة بــل بســبب احلاجــة والضــرورة حيــث لــكل‬
‫حــزب مــن هــذه األحــزاب مصلحــة مباشــرة مــن وجــود (اللقــاء املشــترك) قويـاً ومتماســكاً‪،‬‬

‫‪225‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫وحيــث يعتقــد كل حــزب مــن هــذه األحــزاب أن خطــأ اخلــروج مــن هذا التحالــف واالنضمام‬
‫إلــى حتالــف الســلطة قبــل حتقيــق أهــداف املشــترك وبرنامجــه الوطنــي يف اإلصالحــات‬
‫السياســية واالنتخابــات الشــفافة‪ ،‬ســيكون اخلطــأ األخيــر والقاتــل أيضــا‪ ،‬وســيكون هــذا‬
‫احلــزب قــد قــدم نفســه لقمــة صائغــة لالســتبداد والفســاد بعــد أن يفقــد مكانتــه وســمعته‬
‫الشــعبية بــن أعضائــه وأنصــاره وجماهيــر الشــعب عمومــا!!‬

‫احلقيقة الثالثة‪:‬‬

‫هــي أن اللقــاء املشــترك الــذي يضــم يف صفوفــه كل مــن اإلصــاح واالشــتراكي والناصــري‬
‫وبقيــة األطــراف األخــرى هــو يف احلقيقــة حتالــف سياســي قــوي ولــه تأثيــر ونفــوذ واســعني‬
‫يف أوســاط الشــعب وان قــوة هــذا التحالــف تأتــي مــن كونــه ميثــل ثلثــي أصــوات الناخبــن‬
‫اليمنيــن ‪،.‬‬

‫كمــا أنهــا مــن وحــدة موقفــه السياســي‪ ،‬ومــن اتســاع قاعدتــه االجتماعيــة والسياســية‪ ،‬ومــن‬
‫ســخط معظــم شــرائح املجتمــع مــن سياســات احلــزب احلاكــم‪ ،‬وحاجتهــا إلــى التغييــر والــى‬
‫ســلطة متثلهــا فعـ ً‬
‫ا وغيــر ملوثــة بالفســاد واالســتبداد واإلرهــاب‪.‬‬

‫كمــا هــو حــال هــذه الســلطة التــي تدخــل االنتخابــات الرئاســية وقــد فقــدت اجلــزء األكبــر‬
‫واألهــم مــن حتالفاتهــا التاريخيــة التــي حفظــت لهــا ولفتــرة ليســت بالقصيــرة‪ ،‬حضورهــا‬
‫وجتذرهــا ألســباب وعوامــل كثيــرة ال يســمح املجــال لذكرهــا أو التوقــف مليـاً أمامهــا!!‪.‬‬

‫وعلــى هــذا األســاس فــان مضــي ســلطة ضعيفــة مبفردهــا يف انتخابــات مــزورة ســلفاً يعنــي‬
‫اجلنــون بعينــه والذهــاب إلــى نقطــة الالعودة‪.‬‬

‫محمد محمد املقالح ‪-‬صحيفة النداء‬


‫الثالثاء ‪ 25‬إبريل‪-‬نيسان ‪2006‬م‬

‫‪226‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫(‪)3‬‬

‫قوة املعارضة وضعف السلطة!!‬

‫الثالثاء‪ 7‬مارس ‪ -‬آذار ‪2006‬م ‪ 07:57‬ص‬

‫القــرار الــذي اتخذتــه الســلطة مؤخــراً باســم اللجنــة العليــا لالنتخابــات والقاضــي بإقصــاء‬
‫أحــزاب املعارضــة واألحــزاب عموم ـاً عــن املشــاركة يف اللجــان االنتخابيــة قــرار مرجتــل‬
‫ولــم يكــن يف ذهــن مــن اتخــذه ســوى اســتهداف أحــزاب املعارضــة (باملماحــكات) وتذكيرهــا‬
‫بــأن الســلطة متلــك كل شــيء وبيدهــا كل الســلطات مبــا يف ذلــك الســلطة علــى اللجنــة‬
‫العليــا لالنتخابــات ومــا ميكــن أن يصــدر عنهــا مــن قــرارات وإجــراءات تتعلــق باالنتخابــات‬
‫القادمــة‪.‬‬

‫مســتندة يف دوافعهــا وأهدافهــا علــى تاريــخ طويــل مــن االســتهتار والالمبــاالة بــكل مــا لــه‬
‫عالقــة مبطالــب الداخــل اليمنــي عمومـاً وردود فعــل أحــزاب املعارضــة يف اللقــاء املشــترك‬
‫حتديــداً ودون أي حســاب ملــا جــرى ويجــري مــن حتــوالت ومتغيــرات كبيــرة هائلــة علــى‬
‫مســتوى أحــزاب املعارضــة وحتالفاتهــا ومواقفهــا السياســية والوطنيــة مــن ناحيــة‪.‬‬

‫وباختصــار شــديد فقــد انطلقــت الســلطة يف قرارهــا األخيــر جتــاه املعارضــة مــن قناعــات‬
‫تبــدو راســخة لديهــا‪ ،‬مضمونهــا أن أحــزاب املعارضــة الرئيســية التــي تدعــوا إلــى إعــادة‬
‫تشــكيل اللجنــة العليــا لالنتخابــات وضــرورة تشــكيل اللجــان االنتخابيــة بصــورة متوازنــة‬
‫ليســت جــادة يف مطالبهــا بقــدر مــا حتــاول االبتــزاز وحتقيــق مصالــح ذاتيــة أو حزبيــة‬
‫ضيقــة لهــذا احلــزب أو ذاك!‬
‫وإذا مــا حققــت الســلطة هــذه املطالــب غيــر املعلنــة فــان هــذه األحــزاب ســتتخلى عــن‬
‫مطالبهــا ورؤاهــا السياســية والوطنيــة‪ ،‬أو أن املعارضــة ضعيفــة وال متلــك أي قــدرة علــى‬
‫التأثيــر وبالتالــي فليــس أمامهــا ســوى القبــول بقــرار إقصائهــا(‪.((6‬‬

‫(‪ )67‬كانــت املعارضــة وبالــذات االصــاح تغــري الســلطة علــى مثــل هــذا االعتقــاد ألنهــا قليـ ً‬
‫ا مــا ثبتــت علــى مواقفهــا‬
‫ملجــرد تلويــح الســلطة ببعــض الفتــات‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫مــن ناحيتــي أقــول بــأن الســلطة علــى خطــأ كبيــر يف تقديرهــا حلجــم ومكانــة وتأثيــر‬
‫املعارضــة يف األحــداث ويف العمليــة االنتخابيــة خصوصـاً حيــث ميكــن ألحــزاب املعارضــة‬
‫أن تقلــب طاولــة االنتخابــات الرئاســية مبــا فيهــا يف وجــه الســلطة وجعلهــا تتخبــط حائــرة‬
‫بــا قــرار‪ ،‬ويكفيهــا هنــا أن تتمســك مبوقفهــا املوحــد مــن اللجنــة العليــا لالنتخابــات‬
‫وترفــض أي حــوار مــع الســلطة قبــل أن تصحــح موقفهــا مــن هــذه القضيــة بالــذات ‪.‬‬

‫وســتجد أن الســلطة ســترضخ يف نهايــة األمــر لهــذا املطلــب املشــروع واملفهــوم مــن قبــل كل‬
‫األطــراف املعنيــة إذ ال يعقــل أن الســلطة ســتمضي مبفردهــا إلجــراء انتخابــات رئاســية‬
‫حاســمة تعلــم قبــل غيرهــا أن اســتبعاد املعارضــة عنهــا وعــن إجراءاتهــا املختلفــة ســيعني‬
‫التشــكيك بشــرعية االنتخابــات ونتائجهــا يف زمــن مختلــف متام ـاً عــن ذلــك الزمــن الــذي‬
‫أجريــت فيــه انتخابــات ‪1999‬م‪.‬‬

‫ويف مثــل هــذه احلالــة لــن تتحمــل املعارضــة مســئولية عــدم مشــاركتها يف االنتخابــات‬
‫فهــي لــم تدعــو إلــى مقاطعتهــا وال إلــى عرقلــة موعدهــا بــل ســعت مبطالبهــا املشــروعة‬
‫واملفهومــة دوليـاً إلــى إجنــاح االســتحقاق وجعلــه أكثــر جديــة وأكثــر نزاهــة وشــفافية فهــل‬
‫تعــي الســلطة خطــورة قراراتهــا االرجتاليــة البائســة!!‪.‬‬

‫كان ميكــن للمعارضــة أن تتمســك مبضامــن وثيقــة اإلصــاح السياســي والوطنــي وجعلهــا‬
‫شــرطاً ملشــاركتها يف أي انتخابــات قادمــة وســيكون ذلــك مفهــوم لــدى الــرأي العــام باعتبــار‬
‫أن النظــام السياســي الــذي يفتــرض أن جتــري العمليــة االنتخابيــة يف ظلــه هــو نظــام خــارب‬
‫ويحتــاج إلــى إصــاح قبــل أي شــيء آخــر‪.‬‬

‫ولكنهــا وبدافــع الشــعور باملســؤولية طرحــت شــروطاً خاصــة بالعمليــة االنتخابيــة وحدهــا‬
‫وأهــم شــرط يف هــذا الطريــق هــو شــرط تصحيــح وضــع الهيئــة الدســتورية املشــرفة علــى‬
‫االنتخابــات واملســئولة عــن صحــة إجراءاتهــا ونتائجهــا‪.‬‬
‫أمــا الشــرط الثانــي فهــو شــرط تعديــل قانــون االنتخابــات مبــا يضمــن نظــام انتخابــي‬
‫عــادل وخــال مــن عيــوب الدائــرة الفرديــة ومبــا يضمــن توســيع عضويــة اللجنــة العليــا‬
‫لالنتخابــات ويعيــد تشــكيلها فضـ ً‬
‫ا عــن شــرط آخــر ال يقــل أهميــة يتعلــق بتحييــد ســلطات‬

‫‪228‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫الدولــة وإمكاناتهــا وعــدم تســخيرها لصالــح احلــزب احلاكــم مبــا يف ذلــك حتييــد اجليــش‬
‫واملــال العــام ووســائل اإلعــام العامــة‪.‬‬

‫باإلضافــة إلــى املوافقــة علــى وجــود رقابــة دوليــة علــى االنتخابــات وإجراءاتهــا املختلفــة‬
‫تلــك هــي شــروط املعارضــة األساســية ومــن يريــد أن يجــري انتخابــات صحيحــة حــرة‬
‫وشــفافة فمــا عليــه إال أن يســتجيب لهــذه الشــروط املشــروعة واملفهومــة لــدى كل اجلهــات‬
‫املعنيــة بالدميقراطيــة اليمنيــة قبــل أن يفــوت كعادتــه الفرصــة املتوفــرة إلخــراج اليمــن‬
‫وســلطتها مــن املــأزق اخلطيــر الــذي تعيشــه وتتحمــل الســلطة وحدها نتائجــه التدميرية!!!‪.‬‬

‫طه اجلند‪:‬‬

‫*طــه اجلنــد الشــاعر كل مــن تتوفــر لــه فرصــة قــراءة ديــوان (أشــياء ال تخصكــم‪)....‬‬
‫سيكتشــف أن اليمــن ال تــزال قــادرة علــى إجنــاب شــعراء كبــار بحجــم طــه اجلنــد وأنهــا لــم‬
‫جتــدب بعــد رغــم كل هــذا اجلفــاف والصقيــع‪.‬‬

‫محمد محمد املقالح‬


‫اعيد نشره يف موقع االشتراكي نت االخباري‬
‫الثالثاء‪ 7‬مارس ‪ -‬آذار ‪2006‬م ‪ 07:57‬ص‬

‫‪229‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫(‪)4‬‬

‫صور متعددة حلقيقة واحدة!!!‬

‫اخلميس ‪ 4‬مايو ‪2006‬م‬

‫الصورة األولى‪:‬‬

‫ •الرئيــس يصــر علــى عــدم ترشــيح نفســه يف االنتخابــات الرئاســية القادمــة‪ - .‬الرئيــس‬
‫يرفــض تســليم الســلطة كمــا يرفــض البــدء بإجــراءات تســليمها بسالســة ويُسـ ْر خللفــه‬
‫القادم‪.‬‬

‫ •الرئيــس يرفــض إجــراء انتخابــات حــرة وشــفافة‪ ،‬ويتمســك (حتــى العظــم) بــاإلدارة‬
‫االنتخابيــة احلاليــة‪ ،‬بــل ومســتعد ‪-‬مــن أجلهــا‪ -‬أن يرهــن االنتخابــات الرئاســية‪،‬‬
‫ونتائجهــا وشــرعيتها والبــاد بكاملهــا‪.‬‬

‫ • الرئيــس وفقــا لهــذه املعطيــات يحضــر لـ(انقــاب عســكري) يعطــل فيــه الدســتور‬
‫والدميقراطيــة ويعلــن األحــكام العرفيــة!! –‬

‫ •غيــر أن الرئيــس يعــرف جيــداً صعوبــة مثــل هــذه اخلطــوة االنقالبيــة‪ ,‬ولذلــك يتــردد‬
‫كثيــراً قبــل أن يقــدم علــى مغامــرة مــن هــذا النــوع قــد تقــوده إلــى املجهــول يف زمــن‬
‫مختلــف عــن األزمنــة والعصــور التــي عاشــها حتــى اآلن علــى قمــة الســلطة‪.‬‬

‫ •الرئيــس‪ ،‬إذن‪ ،‬حائــر ومرتبــك وغيــر قــادر حتــى اآلن علــى اتخــاذ أيــة خطــوة جريئــة‬
‫تخرجــه مــن هــذه احليــرة واالرتبــاك والتشــوش‪.‬‬

‫وبإضافــة املعطــى األخيــر إلــى ســابقاته األربعــة نكــون أمــام نتيجــة واحــدة هــي أن البــاد‬
‫تعيــش أزمــة كبيــرة‪ ،‬وكبيــرة جــدا‪.‬‬

‫‪230‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫الصورة الثانية‪:‬‬

‫ •الرئيس يعلن عدم ترشيح نفسه؛ ألسباب وعوامل تكتيكية‪.‬‬

‫ •الرئيــس يرغــب يف إعــادة ترشــيح نفســه ولكنــه ال يتمنــى أن يع ِّبــر عــن هــذه الرغبــة‬
‫بنفســه أو عــن طريــق حزبــه واملشــايخ واألحــزاب املنزوعــة مــن جذورهــا االجتماعيــة‪.‬‬

‫ •الرئيــس يــدرك بغريزتــه وخبرتــه انــه لــم يعــد الالعــب الوحيــد يف الســاحة ولكنــه‬
‫يرفــض أن يســلم بهــذه احلقيقــة‪.‬‬

‫ •الرئيــس يأمــل ويتمنــى ويراهــن علــى أن تعلــن رغبتــه يف الترشــح علــى لســان أحــزاب‬
‫اللقــاء املشــترك أو علــى األقــل علــى لســان واحــد أو اثنــن منهــا كالتجمــع اليمنــي‬
‫لإلصــاح أو حزبــي االشــتراكي والناصــري علــى األقــل‪.‬‬

‫ •أحــزاب اللقــاء املشــترك ترفــض حتــى اآلن تلبيــة رغبــة الرئيــس يف إعــادة ترشــيح‬
‫نفســه لالنتخابــات القادمــة؛ ليــس ألنهــا ال ترغــب وحســب؛ بــل وألنهــا ال تســتطيع‬
‫وال تقــدر ولــم تعــد متلــك مــن األوراق لتقدميهــا ســوى الورقــة الشــعبية وإرادتهــا يف‬
‫التغييــر‪.‬‬

‫ •الرئيس يراهن على احتمال تفكك املعارضة واقترابها من رغبته يف الترشح‪.‬‬

‫ •املعارضــة تراهــن علــى الوقــت وإمكانيــة اقتــراب الرئيــس مــن مطالبهــا الرئيســة يف‬
‫اإلصــاح واالنتخابــات الشــفافة‪.‬‬

‫ •الوقــت ميــر بســرعة وجلنــة االنتخابــات تســير مبفردهــا نحــو إعــان االنتخابــات غيــر‬
‫الشرعية‪....‬‬

‫وبتحليــل املعطيــات الثمانيــة الســابقة نكــون أمــام نتيجــة واحــدة هــي أن البــاد تعيــش‬
‫أزمــة‪ ،‬وأزمــة كبيــرة جــدا‪.‬‬

‫‪231‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫الصورة األخيرة‪:‬‬

‫ •الرئيــس محتــار يف القــرار الــذي يجــب اتخــاذه‪ - .‬املعارضــة تتــردد يف اســتخدام‬


‫ورقتهــا الوحيــدة والكبيــرة‪ - .‬الشــعب‪ ،‬وشــرائح واســعة منــه‪ ،‬متحفــز للتغييــر بــأي‬
‫وســيلة وعلــى حســاب الطرفــن‪.‬‬

‫ •جتري االنتخابات ويعلن فوز الرئيس وسقوط شرعيته‪.‬‬

‫ •تنفجــر األزمــة اليمنيــة وتتشــظى يف كل االجتاهــات ويصبــح اجلميــع علــى فعلتهــم‬


‫نادمــن!!!‬

‫الشيخ عبد اهلل بن حسني األحمر!!‬

‫تفاقــم األزمــة ‪-‬مثلمــا يقــول املثــل الصينــي‪ -‬يفتــح فرصــة للحــل‪ .‬غيــر أن األزمــات الكبيــرة‬
‫ال تنفــرج مــن نفســها ولكنهــا بحاجــة إلــى شــخصيات كبيــرة تعتــرف بهــا وبخطورتهــا وتقــدم‬
‫تنــازالت كبيــرة مــن أجــل انفراجهــا‪.‬‬

‫والشــيخ عبــد اهلل بــن حســن األحمــر الــذي عــاد بســامة اهلل وحفظــه ال تنقصه الشــجاعة‬
‫وال اإلرادة ويعــرف جيــداً أن املعارضــة لــم يعــد لديهــا مــا تقدمــه مــن التنازالت ســوى ســكني‬
‫ذبحهــا علــى قربــان االنتخابات الرئاســية املزورة!!‬

‫قضية إنسانية بحتة‬

‫األســتاذ محمــد بدرالديــن احلوثــي معتقــل يف ســجن مباحــث العاصمــة منذ قرابة الســنتني‪،‬‬
‫أي منــذ انفجــار األحــداث األولــى يف صعــدة‪ .‬وقــد اقتيــد إلــى الســجن مــن ســوق القــات‬
‫بصنعــاء وليــس مــن «مــران» أو «شــعب ســليمان»‪،‬‬

‫‪232‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫واملعنــى انــه لــم يشــارك يف احلــرب ولــم يكــن مــن (جماعــة الشــعار) الذيــن قاتلــوا إلــى‬
‫جانــب أخيــه حســن رحمــه اهلل‪.‬‬

‫محمــد بــدر الديــن مصــاب مبــرض الكلــى وبضيــق يف التنفــس‪ .‬وإذا مــا أضفنــا إلــى ذلــك‬
‫انــه العائــل الوحيــد ألســرة كبيــرة تتكــون مــن تســعة أفــراد (أوالداً وبنــات) وان زوجتــه قــد‬
‫أصيبــت بالعمــى أثنــاء اعتقالــه ‪ ,‬وان الزيــارة قــد ُمنعــت عنــه مؤخــرا ‪ ,‬وان قــرار العفــو‬
‫العــام مجــرد «كينــي‪ ..‬مينــي»!! فإننــا نكــون أمــام واحــدة مــن املآســي اإلنســانية الكبيــرة‬
‫التــي خلفتهــا ومــا تــزال تخلفهــا حــروب صعــدة‪ ،‬القــذرة‪ ،‬علــى عشــرات األســر اليمنيــة‪.‬‬

‫محمد محمد املقالح‬


‫*نق ًال عن صحيفة «النداء»‬
‫اخلميس ‪ 4‬مايو ‪2006‬م‬

‫‪233‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫(‪)5‬‬

‫سيتصل بك املدير شخصيا‪!!..‬‬

‫الثالثاء ‪ 16‬مايو ‪2006‬م ‪ 09:35‬م‬


‫(‪((6‬‬
‫اإلهداء إلى الصديق محمد الصبري‬

‫كلمــا اقتــرب موعــد االنتخابــات الرئاســية وأحــزاب اللقــاء املشــترك متماســكة يف عالقاتها‪،‬‬
‫ومتمســكة مبواقفهــا مــن العمليــة االنتخابيــة واإلصــاح السياســي‪ ،‬كلمــا ارتفعــت أســعار‬
‫ســلعتني رائجتــن يف بــازار الرئاســة واســتحقاقاتها‪:،‬‬

‫ • األولــى هــي ســلعة الكــذب واإلشــاعات الصــادرة مــن أعلــى إلــى أســفل واملوجهــة‬
‫أساســا إلــى أعضــاء املعارضــة وجمهورهــا االنتخابــي‪،‬‬

‫ •والثانيــة هــي ســلعة الضمائــر واملواقــف املعروضــة للبيــع والشــراء يف األســواق‬


‫واملنتديــات واألحــزاب ويف كل مــكان يتواجــد فيــه النــاس واملهــم هــو (مــن يشــتري)‬
‫ومــن يدفــع أكثــر‪ ،‬وهــو متوفر(الشــاري) علــى كل حــال و(الرئاســيات) موســمها بــكل‬
‫امتيــاز‪..‬‬

‫يف ســوق اإلشــاعات واألكاذيــب ستســمعون يف األيــام واألســابيع القادمــة أشــياء لــم تكــن‬
‫تخطــر علــى قلــب بشــر ولــو لــم نكــن يف موســم األكاذيــب الكبــرى ملــا صدقناهــا‪.‬‬

‫ا خبــراً متواتــراً يتــم تأكيــده علــى أعلــى املســتويات ومــن قبــل صحافــة‬
‫‪1.1‬ستســمعون مثـ ً‬
‫الدولــة نفســها يقــول بــأن شــخصاً محترمــاً مبكانــة العالمــة أ م ش أمــن عــام‬
‫حــزب ‪ ....‬يفتــي بحرمــان العمــل مــع املشــترك ويصــف مشــروعها لإلصــاح السياســي‬
‫واالنتخابــات الشــفافة باملشــروع اخليانــي والصهيونــي‪.‬‬

‫(‪ )68‬املقصــود هــو الصديــق املرحــوم محمــد الصبــري القيــادي يف التنظيــم الوحــدوي الناصــري ذلــك االنســان الــدؤوب يف عملــه‬
‫واملمثــل حلزبــه حرفيــا والــذي عملــت معــه طويــا يف قيــادة احــزاب مجلــس التنســيق اوال واللقــاء املشــترك ثانيــا وبانســجام كبيــر‬
‫وقــد وافتــه املنيــة رحمــه اهلل اثنــاء اعــداد هــذا الكتــاب للنشــر بعــد مــرض الــم بــه وهــو يف القاهــرة بعيــدا عــن االهــل والوطــن بســبب‬
‫ظــروف العــدوان الســعودي علــى اليمــن وتفــرق الســبل بنــا يف املواقــف منــه‪.‬‬

‫‪234‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫‪2.2‬وانــه يعــرف مــن املعلومــات والوقائــع التــي تؤكد بان الســيدة كونداليــزا رايس واجلنرال‬
‫رامســفيلد همــا مــن صاغــا املشــروع يف مبنــى البنتاغــون واملخابــرات الفدراليــة (‪F B‬‬
‫‪ )I‬وعندمــا حتــاول أن تكــذب هــذه اإلشــاعة قائــا بــان أ ح اليجيــد اإلجنليزيــة وال‬
‫يعــرف مــا هــو أل(‪ )F B I‬وان مــن تتحــدث عنــه يــا صاحبــي رمبــا يكــون قاســم ســام‬
‫وليــس احمــد الشــامي‪ ...‬ههههــه‪.‬‬
‫ســيرد عليــك صاحبــك مباشــرة‪ :‬ومــن قــال لــك بــأن الشــامي ال يجيــد اإلجنليزيــة وأنــا‬
‫شــخصيا تزاملــت معــه يف جامعــة اكســفورد وحصلــت فيهــا علــى شــهادة الدكتــوراه يف‬
‫الكذب املقارن وإذا أردت أن تتأكد خذ‪...‬هذا عنوان موقع الغد اإلخباري((‪WWW.‬‬
‫‪ ))COM‬الــذي يبــث أخبــاره مــن مدينــة كولــون بأملانيــا االحتاديــة‪ ...‬افتحــه وتأكــد مــن‬
‫تصريحــات الوالــد الشــامي وســتجدها بالنــص وباللغــة األملانيــة أيضــا‪!.‬‬
‫‪3.3‬ســيتصل بــك شــخص كبيــر يف الســاعة الثانيــة عشــرة مســا ًء وقبــل أن تســأل‪ :‬مــن‬
‫معــي‪ ..‬مــن األخ!؟ ستســمعه علــى الطــرف اآلخــر وهــو يقــول‪ ...:‬صالــح تعــرف ايــش‬
‫حصــل اليــوم بــن اليدومــي وياســن‪ ..‬تطاعنــوا باجلنابــي بعــد أن ســمع ياســن أن‬
‫اإلصــاح يزايــدون علــى االشــتراكي وهــم ينســقون مــع الرئيــس؟؟‬
‫وعندمــا تســترد أنفاســك مــن وقــع اخلبــر الصاعقــة وحتــاول التشــكيك فيــه‪ ..‬قائــا‪:‬‬
‫ولكــن يــا صاحبــي تعــرف أن اليدومــي وياســن ال يتمنطقــون باجلنابــي وال يضعــون‬
‫تلفونــات الســيار علــى خواصرهــم مثــل أصحابكــم‪.‬‬
‫ســيرد عليــك بإجابتــه املعهــودة‪ :‬يــا صالــح أنــت جالــس مغفــل ومصــدق كالم احلــزب‬
‫املعســول وهــو يضحــك عليــك تشــتي تتأكــد ممــا قلتــه لــك خــذ هــذا تلفــون الرباعــي‬
‫واســأله ايــش حصــل اليــوم يف املقيــل مــش اليدومــي اخــذ جنبيتــه واهتــرى بهــا علــى‬
‫ياســن‪...‬‬
‫ولــوال رعايــة اهلل كان قتلــه وســار بــاش ضحيــة هــذا التحالــف املــش معقــول تصــور‬
‫يتحالــف االشــتراكي واإلصــاح الــذي حاربكــم وأفتــى بتكفيركــم‪ ...‬وضــد مــن ضــد‬
‫الرئيــس الــذي فتــح لكــم صــدره ولــم يصفيكــم بعــد احلــرب رغــم كل خياناتكــم وتآمركم‪،‬‬
‫مــع الســامة يــا صالــح مــا بــش فايــدة منــك جالــس مغفــل ومــا رضيتــش تعقــل!!‬
‫‪4.4‬يف الســوق املجــاورة أي ســوق بيــع الضمائــر واملواقــف املعروضــة للبيــع ستكتشــفون‬
‫العجائــب والغرائــب احدهــم ســيتصل بقائــد املنطقــة العســكرية شــخصياً ويخــزن معــه‬

‫‪235‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫القــات يف املقيــل وهنــاك سيســرد كيــف ســيخرب املشــترك يف طرفــة عــن واملهــم هــو‬
‫دفــع مصاريــف اجليــب وحــق العيــال والقــات‪...‬‬
‫‪5.5‬ســتجدون مديــر الناحيــة واحملافــظ يتصــل بكــم وبأصغــر عضــو مــن أحزابكــم عارضـاً‬
‫عليــه منصبـاً كبيــراً يف املديريــة واحملافظــة وحتــى يف احلكومــة ورئاســة الدولــة فقــط‬
‫عليــه أن يعلــن انضمامــه إلــى املؤمتــر يف حفــل رســمي يغطيــه تلفزيــون اجلزيــرة وال‬
‫بــي بــي ســي والبــأس أن يتحــدث يف املهرجــان كيــف مت تضليلــه طــوال هــذه الفتــرة مــن‬
‫قبــل قيــادة حزبــه التــي خانتــه وخانــت مبــادئ احلــزب العظيــم‪ ،‬والــى أي حــد يتمتــع‬
‫املؤمتــر بالوســطية واالعتــدال‪.،‬‬

‫‪6.6‬ســتجد احدهــم ايضــا يطــرق بــاب البيــت يف الســاعة السادســة مســا ًء وعندمــا تفتــح‬
‫البــاب ســتجد صديــق قــدمي يأتــي إليــك بطبعــة مــن أبــو خمســمائة ريــال ويقــول لــك‬
‫هــذه مــن الفنــدم ويشــتي يشــوفك يف املقيــل ويقــول لــك إذا أردت أن ترجــع البيــت‬
‫والوظيفــة التــي أخذوهــا عليــك يف احلــرب وبســبب علــي البيــض وخياناتــه فهــي‬
‫فرصــة ال تعــوض‪.‬‬

‫يــا خضــر بطــل احلــزب وشــوف كيــف أحوالــك وبعــد أنــا اعــرف أنــك صــادق مــع احلــزب‬
‫ومبادئــه لكــن ايــش تفعــل بعــد مــا باعــوه لإلصــاح (والغــوى) الظالميــة‪( ..‬البغــاء) يف‬
‫احلــزب يــا خضــر أصبــح عبــث واعتقــد أن املؤمتــر هــو احلــزب (األغــرب) إلــى مبــادئ‬
‫وأخالقيــات احلــزب التاريخيــة والوطنيــة‪،‬‬

‫وبعديــن مــش مطلــوب منــك تدخــل املؤمتــر فقــط ارفــض حتالــف احلــزب مــع املشــترك‬
‫وأنــت داخــل احلــزب مــش بتقولــوا حريــة اآلراء والتنــوع داخــل احلــزب الواحــد‪.‬‬
‫شي‪.‬‬
‫أعمل لك منبر مثل أصحابك واشتغل ومحد با (يغولك) ْ‬
‫وآخــر شــي آخــر شــي‪ ..‬ســيتصل بــك الرئيــس شــخصياً ويف هــذه احلالــة عليــك أن تصدقــه‬
‫فهــو علــى كل حــال رئيــس اجلمهوريــة ورمزهــا الوطنــي‪.‬‬

‫* نق ًال عن صحيفة «الثوري»‬


‫الثالثاء ‪ 16‬مايو ‪2006‬م ‪ 09:35‬م‬

‫‪236‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫(‪)6‬‬

‫دعوا القلق لغيركم وتوكلوا على اهلل!!‬

‫بتاريخ ‪2006/6/8‬م‬

‫افهــم وأتفهــم إربــاك الرئيــس صالــح وتخوفــه مــن االنتخابــات الرئاســية ‪ ,‬لكننــي ال افهــم‬
‫وال أتفهــم إربــاك أو تخــوف قيــادات املعارضــة منهــا أو جتاههــا ‪.‬‬

‫والســبب ليــس ألن الرئيــس ســيدخل آخــر انتخابــات لــه وهــو يف اضعــف واســوأ أحوالــه‬
‫علــى اإلطــاق بعــد أن انفــض مــن حولــه كل احللفــاء (التاريخيــن واالســتراتيجيني) الذيــن‬
‫دعمــوا حكمــه وأمــدوا يف عمــره طــوال ثالثــة عقــود من الســلطة ‪ ,‬بــل وألن هذه االنتخابات‬
‫متثــل بالنســبة لــه أول وأصعــب ( امتحــان شــعبي )علــى اإلطــاق ‪ ,‬وهــو امتحــان فريــد مــن‬
‫نوعــه إذ ال جنــاح فيــه للتلميــذ مهمــا بــذل مــن جهــد يف احلفــظ والتحصيــل أو يف الغــش‬
‫والبرشــام ‪ ,‬مبعنــى أن التلميــذ فاشــل يف كل األحــوال ‪ ....,‬فاشــل إن جنــح بزيــادة ‪%99‬‬
‫وفاشــل أيضــا إن رســب بناقــص ‪..., %99‬‬

‫فاشــل إن شــاركه اآلخــرون يف االمتحــان وفاشــل أيضــا إن تركــوه يخــوض امتحانــه التكميلي‬
‫وحيدا‪.‬‬

‫هــذا هــو حــال الرئيــس صالــح عشــية آخــر انتخابــات رئاســية‪ ,‬وهــو حــال كل األنظمــة‬
‫االســتبدادية يف أيامهــا األخيــرة ‪ ,‬حيــث ال يقبــل منهــا النــاس أي شــيء آخــر ســوى الرحيــل‬
‫بأقــل اخلســائر واألضــرار(‪.((6‬‬

‫(‪ )69‬كتبــت املقــال يف شــهر يوليــو ‪2oo6‬م ولــم اكــن اعلــم الغيــب حــن اعتبــرت نظــام صالــح آيــل للســقوط ولكــن ذلــك مــا تتســم بــه‬
‫تصرفــات انظمــة سياســية شــبيهة عبــر التاريــخ وقــد رحــل صالــح عــن الســلطة بثــورة شــعبية بعــد ذلــك التاريــخ بخمــس ســنوات‬
‫أي قبــل ان ينهــي مــدة رئاســته يف ذلــك الســباق احملمــوم مــع مرشــح املعارضــة بــن شــمالن‬

‫‪237‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫املســالة بالنســبة لنــا لــم تعــد مــا إذا كان الرئيــس (طيــب) وميكــن إصالحــه وإصــاح‬
‫سياســاته ‪ ,‬أو انــه غيــر ذلــك وال ميكــن إصالحــه وال إصــاح سياســاته بعــد ‪27‬ســنة مــن‬
‫الســلطة ‪ ,‬ولكنهــا ابعــد وأعمــق مــن هــذا بكثيــر إنهــا بالضبــط مثلمــا قــال الرئيــس نفســه‬
‫( لقــد مليــت النــاس وملونــي) وأضيــف ( لقــد خبرتهــم وخبــروك ) ولــم يعــد يربطهــم بــك‬
‫ســوى أن حتــل عنهــم وكفــى اهلل املؤمنــن شــر القتــال‪.‬‬

‫بالنســبة للمعارضــة الوضــع علــى النقيــض مــن ذلــك متامــا ‪ ,‬فهــي ســتدخل أول اختبــار لهــا‬
‫وآخــر اختبــار للرئيــس وهــي يف أفضــل وأعــز حاالتهــا ‪.....‬‬

‫مســلحة بالبرنامــج املشــترك واملوقــف املشــترك والطمــوح املشــترك ‪ ,‬وســيكون االمتحــان‬


‫بالنســبة لهــا أســهل امتحــان علــى اإلطــاق حيــث النتيجــة محســومة لصاحلهــا ســلفاً‬
‫وســيتفهم النــاس أي نتيجــة تأتــي بهــا وأي دعــوى تطرحهــا علــى الرئيــس ‪ ,‬فلمــاذا إذاً‬
‫التــردد واإلربــاك‪ ...‬دعــوه لغيركــم وتوكلــوا علــى اهلل‪.‬‬

‫مالحظة ضرورية‬

‫تذكــروا أيهــا الرفــاق أن أمامكــم خياريــن فقــط األول هــو املشــاركة الفعالــة مبرشــح واحــد‬
‫بــدون أثقــال تاريخيــة ويرضــى عنــه غالبيــة النــاس يف كل أنحــاء اجلمهوريــة أو املقاطعــة‬
‫الفاعلــة التــي تــؤدي إلــى إســقاط شــرعية االنتخابــات ونتيجتهــا !!‬

‫محمد محمد املقالح‬


‫صحيفة الثوري بتاريخ ‪2006/6/8‬م العدد (‪)1915‬‬

‫‪238‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫(‪)7‬‬

‫صفقة املعارضة يف االصالحات‬

‫‪24‬مارس ‪2006‬م‬

‫تشــهد الســاحة اليمنيــة ومنــذ نهايــة نوفمبــر املاضــي جــدالً سياســياً واســع النطــاق‬
‫حــول( اإلصالحــات السياســية ومــا إذا كانــت هــذه اإلصالحــات ضروريــة وشــرطية تســبق‬
‫االنتخابــات الرئاســية املقــرر إجراءهــا يف نهايــة ســبتمبر مــن العــام اجلــاري ‪2006‬م كمــا‬
‫تقــول بعــض أوســاط املعارضــة‪.‬‬

‫أم أن (اإلصالحــات ) مجــرد ورقــة تســاومية تطرحهــا املعارضــة اليمنيــة أمــام الرئيــس‬
‫صالــح وحزبــه احلاكــم بهــدف احلصــول علــى (صفقــة) سياســية معينــة تخــرج هــذه‬
‫األحــزاب مــن مــأزق االســتحقاق الرئاســي ومــا قــد يضطرهــا إليــه مــن دخــول منافســه‬
‫غيــر متكافئــة بينهــا وبــن الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح الــذي مــن املؤكــد انــه ســيعيد‬
‫ترشــيح نفســه رغــم اللغــط الدائــر حــول هــذا األمــر كمــا تقــول أوســاط أخــرى تشــكك يف‬
‫جديــة أحــزاب املعارضــة اليمنيــة جتــاه املشــروع اإلصالحــي املعلــن مــن قبلهــا !؟‬

‫وبغــض النظــر عــن دوافــع وأســباب اجلــدل الســجالي حــول اإلصالحــات والــذي تتصاعــد‬
‫حدتــه بــن األطــراف اليمنيــة املختلفــة يومـاً بعــد يــوم فــإن مــا يلفت نظر املراقب السياســي‬
‫هــو أن املعارضــة اليمنيــة املتهمــة مــن قبــل الــرأي العــام بالســلبية والهشاشــة وعــدم توحيــد‬
‫مواقفهــا جتــاه االســتحقاقات الوطنيــة الكبــرى هــي نفســها هــذه املــرة مــن تســبب بتحريــك‬
‫امليــاه الراكــدة يف األوســاط السياســية واإلعالميــة ولــدى الشــارع اليمنــي عمومــا‪.‬‬

‫وهــي مــن اســتدعى – بالتالــي ‪ -‬غضــب الســلطة ومســئوليها ووســائل إعالمهــا املختلفــة‬
‫وحتديــداً حــن أعلنــت أحــزاب مــا يســمى باللقــاء املشــترك أواخــر شــهر نوفمبــر املاضــي‬
‫وبعــد حــوار طويــل ومضــن بــن أطرافهــا دام قرابــة العــام والنصــف عــن ما أســمته مبشــروع‬

‫‪239‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫( اإلصــاح السياســي والوطنــي ) الــذي ارتكــز علــى قاعــدة املطالبــة بتعديــل دســتور الدولــة‬
‫مبــا يحقــق (الدميقراطيــة البرملانيــة ) وإلغــاء النظــام الرئاســي املختلــط املعمــول بــه اليــوم‬
‫ا عــن مطالبتهــا‬ ‫ومنــذ تعديــل دســتور الوحــدة اليمنيــة بعــد حــرب صيــف ‪1994‬م فض ـ ً‬
‫باعتمــاد نظــام الالمركزيــة املاليــة واإلداريــة ( احلكــم احمللــي) واســع الصالحيــات‪.‬‬

‫ومــن وجهــة نظــري ان الــذي جعــل مبــادرة املعارضــة يف اإلصالحــات السياســية تأخــذ هــذه‬
‫االهميــة وتتحــول مبجــرد االعــان عنهــا الــى حــدث سياســي كبيــر يعــود الــى ثالثــة عوامــل‬
‫رئيســية ميكــن ايجازهــا علــى النحــو التالــي‪:‬‬

‫‪ -‬العامــل االول يعــود الــى اهميــة او مكانــة االطــراف السياســية التــي وقعــت علــى املشــروع‬
‫واعلنتــه برنامج ـاً سياســياً ونضالي ـاً ألحزابهــا خــال الســنوات القادمــة ‪,‬وهــي كل مــن‬
‫التجمــع اليمنــي لإلصــاح ( إســامي – إخــوان مســلمني) ويعتبــر أهــم وأقــوى األحــزاب‬
‫اليمنيــة واكثرهــا تأثيــراً يف احليــاة السياســية واالجتماعيــة ‪,‬‬

‫واحلــزب االشــتراكي اليمنــي ( يســاري – علمانــي) ويعتبــر احلــزب الثانــي يف املعارضــة‬


‫والثالــث يف اخلارطــة احلزبيــة اليمنيــة عمومــا مــن حيــث التواجــد الشــعبي واحلضــور‬
‫السياســي والبرملانــي ويليهمــا كل مــن التنظيــم الناصــري الوحــدوي ‪ , ,‬واحتــاد القــوى‬
‫الشــعبية (إســامي – ليبرالــي) وحــزب احلــق (إســامي ‪ -‬زيــدي) والبعــث القومــي ‪.‬‬

‫أي ان هــذا التكتــل السياســي الــذي أعلــن مبــادرة اإلصــاح ميثــل جميــع أنــواع الطيــف‬
‫السياســي اليمنــي ويــكاد ميثــل املعارضــة الفعليــة لنظــام الرئيــس صالــح ‪ ,‬وهــذا هــو البعــد‬
‫االول يف اهميــة االطــراف املوقــع علــى مشــروع االصالحــات السياســية‪.‬‬

‫امــا البعــد الثانــي فيعــود الــى ان هــذه االحــزاب اليمنيــة التاريخيــة كانــت الــى وقــت قريــب‬
‫والــى ان جمعتهــا الظــروف السياســية وقضاياهــا املتشــعبة يف املشــترك تعيــش حالــة مــن‬
‫الصــراع واخلــاف االيدلوجــي احلــاد وبالــذات عالقــة االشــتراكي واالصــاح حيــث كان‬
‫لهــذا االختــاف االيدلوجــي والصراعــي هــذا مــن ناحيــة‪.‬‬

‫‪240‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫‪ ,‬هــذا مــن ناحيــة ومــن ناحيــة اخــرى وبالنظــر الــى اختــاف البرامــج السياســية واملشــارب‬
‫الفكريــة فيمــا بينهــا مــن ناحيــة والــى تاريــخ الصــراع واحلــروب التــي حكمــت وحتكمــت يف‬
‫عالقاتهــا والتــي كانــت املدخــل او الثغــرة التــي كانــت تدخــل منهــا الســلطات االســتبدادية‬
‫منهــا إلفســاد احليــاة اليمنيــة ومتزيــق كياناتهــا املختلفــة ‪ ,‬فــان مجــرد اتفــاق هــذه االحزاب‬
‫‪ .....‬علــى برنامــج سياســي ونضالــي واحــد ميثــل وســيمثل انقالبــاً حقيقيــاً يف طبيعــة‬
‫العالقــات السياســية واالجتماعيــة اليمنيــة عمومــا ‪.‬‬

‫ليــس ألن آفــاق هــذه االطــراف علــى برنامــج مشــترك ‪ -‬بعــد صراعــات طويلــة وتاريخيــة‬
‫بينها‪-‬سيســهم يف تعزيــز عوامــل االســتقرار والســام االهلــي وإضعــاف عوامــل التوتــر‬
‫والصــراع الداخلــي ‪ ,‬وحســب بــل وألنــه ســيعزز ثقــة املجتمــع وشــرائح واســعة مــن أبنائــه‬
‫بهــذه االحــزاب واملراهنــة عليهــا يف اعــادة حالــة التــوازن السياســي واالجتماعــي التــي‬
‫عاشــته والتــزال الســاحة اليمنيــة منــذ حــرب صيــف‪1994‬م وحتــى اآلن ‪.‬‬

‫العامــل الثانــي يعــود الــى اهميــة التوقيــت أي الوقــت الــذي اعلنت فيه املبــادرة وعالقة ذلك‬
‫مبواعيــد االســتحقاقات الوطنيــة والضغوطــات اخلارجيــة املرتبطــة جميعـاً باإلصالحــات‬
‫واهميــة تطويــر النظــام الدميقراطــي يف اليمــن ‪.‬‬

‫ويف هــذا الســياق ومــع ان البعــض يعتقــد بــأن املعارضــة اليمنيــة قــد تأخــرت يف اعــان‬
‫مبادرتهــا حيــث كان يفتــرض ان تتفــق عليهــا وتعلنهــا قبــل وصــول الرئيــس صالــح الــى‬
‫واشــنطن وبقيــة العواصــم التــي زارهــا يف منتصــف شــهر يوليــو املاضــي حتــى تكــون احــدى‬
‫وســائل الضغــط الدولــي علــى الرئيــس مــن اجــل اصالحــات سياســية مطلوبــة داخليــا‪.‬‬

‫اال ان عــدم حتقيــق الزيــارة ملعظــم االهــداف التــي اراد الرئيــس حتقيقهــا مــع حكومــات‬
‫هــذه البلــدان ومنهــا امريــكا وبالــذات عــدم حصولــه علــى مزيــد مــن املســاعدات والقــروض‬
‫التــي تقدمهــا هــذه البلــدان فضــا عــن عــدم حصولــه علــى الدعــم املعنــوي «واالشــادة‬
‫بتجربــة اليمــن الدميقراطيــة ومــا حققتــه حكومــة الرئيــس صالــح مــن جناحــات فيمــا‬
‫يخــص ملــف مكافحــة الفســاد واحلــرب علــى االرهــاب وجتفيــف منابعــه يف اليمــن»‬

‫‪241‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫حيــث وجــد الرئيــس نفســه وبــدالً مــن االشــادة بحكومتــه والنجاحــات التــي حققتهــا يف‬
‫هــذه امللفــات بانتقــادات واســعة وضغــوط هائلــة مــن قبــل هــذه احلكومــات ويف مقدمتهــا‬
‫امريــكا جــراء عــدم جديتــه يف احلــد مــن انتشــار الســاح وبيعــه وتداولــه يف الســوق اليمنيــة‬
‫‪ ,‬ودوره يف انتشــار الفســاد وتغولــه وعــدم معاقبــة االطــراف واجلهــات التــي متــارس القمــع‬
‫علــى الصحفيــن والتضييــق علــى حريــة الصحافــة‪.‬‬

‫بــل انــه ويف اليــوم الــذي وصــل فيــه الــى واشــنطن فوجــئ بتعليــق عضويــة اليمــن يف الترشــح‬
‫لصنــدوق االلفيــة التــي كانــت قــد ترشــحت لهــا ضمــن ثمــان دول قبــل خمســة اعــوام‬
‫‪2000‬م وعللــت ذلــك بعــدم وفــاء احلكومــة اليمنيــة بالشــروط واملعاييــر التــي وضعــت لهــذه‬
‫العضويــة وان اليمــن تراجعــت خــال الســنوات املاضيــة وبحيــث لــم تعــد حتــز ســوى علــى‬
‫شــرطني مــن اصــل ‪16‬نقطــة بينمــا كانــت عنــد ترشــيحها حاصلــة علــى ‪8‬نقــاط مــن اصــل‬
‫‪ 14‬نقطــة‪.‬‬

‫واخلالصــة أن هــذا الفشــل اجلزئــي للزيــارة وإلــزام الواليــات املتحــدة الرئيــس صالــح‬
‫بضــرورة القيــام بعــدد مــن اإلجــراءات واإلصالحــات يف مجــال احلــد مــن انتشــار الفســاد‬
‫ومحاكمــة األطــراف التــي متــارس القمــع ضــد الصحفيــن وإصــاح القضــاء وحتقيــق‬
‫إجــراءات ملموســة لتصحيــح املســار الدميقراطــي باجتــاه توســيع قاعــدة املشــاركة ‪..‬الــخ‬

‫قــد جعــل مبــادرة املعارضــة وإعالنهــا بعــد ثالثــة أيــام فقــط مــن تاريــخ عــودة الرئيــس‬
‫مــن واشــنطن تأخــذ أهميــة خاصــة ليــس ألن بعــض بنودهــا قــد تطابقــت أو اقتربــت‬
‫كثيــراً مــن املطالــب التــي حددتهــا الواليــات املتحــدة وصنــدوق األلفيــة لليمــن ومنــح ذلــك‬
‫أهميــة خاصــة للمشــروع لــدى اجلهــات املانحــة وباعتبارهــا ورقــة رابحــة ملمارســة مزيــد‬
‫مــن الضغــوط علــى احلكومــة اليمنيــة بــل وألن ذلــك لــه دور يف تعزيــز مصداقيــة املعارضــة‬
‫ومشــروعها لإلصالحــات هــذا مــن ناحيــة ‪,‬‬

‫ومــن ناحيــة أخــرى فــان اهميــة التوقيــت تأتــي مــن كــون االعــان قــد جــاء قبــل موعــد‬
‫االنتخابــات الرئاســية واملقــرر اجرائهــا يف ســبتمبر ‪2006‬م بأشــهر معــدودة ومــن حاجــة‬
‫الرئيــس صالــح الــى خــوض االســتحقاق يف اجــواء مــن التصالــح والوفــاق بعيــدا عــن‬
‫التجاذبــات احلــادة التــي قــد ال تكــون لصاحلــه والنتيجــة التــي يتوخاهــا‪.‬‬

‫‪242‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫أي ان املعارضــة تعتقــد ان االنتخابــات الرئاســية متثــل نقطــة ضعــف حقيقيــة بالنســبة‬
‫للرئيــس وحلزبــه احلاكــم األمــر الــذي يعــرض النظــام لقبــول تنــازالت حقيقيــة لصالــح‬
‫املعارضــة ‪.‬‬

‫ليــس ألنــه يعتقــد ان مشــاركة احــزاب املعارضــة يف االنتخابــات ســيضفي عليهــا شــرعية‬
‫وطنيــة حقيقيــة بــل وألنــه يخشــى ان تنــزل هــذه االحــزاب مبرشــح واحــد ملنافســته فيهــا أي‬
‫ان االنتخابــات الرئاســية متثــل للمعارضــة موســماً حقيقيـاً لنيــل كثيــر مــن مطالبهــا فيمــا‬
‫يخــص االصالحــات السياســية حتديــدا‪.‬‬

‫العامــل الثالــث يف اهميــة االصالحــات يعــود الــى املضامــن والتوجهــات العامــة التــي تبنتهــا‬
‫املعارضة يف مشــروعها‪.‬‬

‫محمد محمد املقالح‬


‫‪24‬مارس ‪2006‬م‬

‫‪243‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫(‪)8‬‬

‫محافظ حجة والضغط على الرئيس !!!‬

‫شهر يونيو ‪2006‬م‬

‫بعــد توقــف – طويــل نســبياً – عــن اإلدالء بالتصريحــات السياســية أعلــن الدكتــور‬
‫عبدالكــرمي االريانــي مؤخــرا ومبــا يشــبه اليمــن املغلظــة التــي اعتــاد عليهــا يف مثــل هــذه‬
‫املناســبات قائــا ‪:‬انــه ســيضطر ( إلــى األخــذ باخليــار األخيــر وهــو الشــعب والنــزول‬
‫إلــى الشــارع للضغــط علــى الرئيــس يف حالــة عجــز املؤمتــر والقــوى السياســية املعتدلــة‬
‫يف إقناعــه التخلــي عــن قــراره يف عــدم الترشــح لالنتخابــات القادمــة !)‪ ..‬لــن اعلــق علــى‬
‫ميــن الدكتــور اآلن !! ‪.‬‬

‫قبــل ميــن الدكتــور االريانــي األخيــر كان محافــظ محافظــة حجــة الصديــق محمــد‬
‫احلــرازي أول مــن اقســم بــاهلل العظيــم انــه ( لــن يبقــى يف منصبــه ولــو حلظــة واحــدة إذا‬
‫لــم يترشــح الرئيــس ) غيــر أن احملافــظ لــم يكتــف باليمــن املغلظــة داخــل اجلامــع الكبيــر‬
‫وأمــام ( املنقــورة واملســمورة ) بــل اتبــع ذلــك القســم بفعلــة اكبــر منهــا‪ ,‬لــن ينســاها لــه األخ‬
‫الرئيــس طــوال حياتــه ‪ ,‬خصوصــا بعــد أن نــزل إلــى الشــارع فعــا وبــدأ يضغــط علــى األخ‬
‫الرئيــس للعــدول عــن قــراره التاريخــي عبــر املظاهــرات املليونيــة يف شــوارع مدينــة عبــس‬
‫والطريــق املــؤدي إلــى الســعودية ولكــي تكونــوا يف صــورة مــا فعلــه احملافــظ بــاألخ الرئيــس‬
‫تعالــوا نقــرأ احلكايــة مــن بدايتهــا ‪.‬‬

‫تقــول بعــض املصــادر الرســمية أن األخ احملافــظ ومعــه مــدراء املديريــات ومشــايخ وعقــال‬
‫القــرى واحلــارات قامــوا بحشــد أكثــر مــن مليــون مواطــن ويف روايــة (رســمية) أخــرى‬
‫خمســمائة ألــف مواطــن (تقــل كــم عــدد ســكان حجــة)!!!‪..,‬‬

‫‪244‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫‪ .‬وقامــوا بعــد ذلــك بحشــرهم يف ســيارات اجليــش وشــاحنات نقــل املواشــي واألغنــام‬
‫وســيارات األجــرة والنقــل العــام ‪ ,‬ثــم ويف خــط ســير واحــد اجتهــوا جميعــاً بالطاســة‬
‫واملرفــع إلــى ســوق مدينــة عبــس وهنــاك شــاهدوا األهــوال فقــد تبــن لهــم وبعــد ســاعات‬
‫طويلــة مــن االنتظــار حتــت الشــمس أن األخ الرئيــس لــن يــأت إلــى مدينــة عبــس ولــن يلقــي‬
‫خطاب ـاً مبناســبة أعيــاد الوحــدة ‪,‬‬

‫وان املســألة بكاملهــا هــي اخلــروج ببيــان مليونــي يؤيــد عــودة الرئيــس عــن قــراره التاريخــي‬
‫تــاه عليهــم وبواســطة ميكرفــون يــدوي (عاطــل) الوزيــر الســابق احمــد محمــد صوفــان ‪,‬‬
‫حلقــه خطــاب مشــوش وغيــر مفهــوم لــأخ احملافــظ ‪.‬‬

‫ومــا إن مت آخــر اخلطبــاء مدائحهــم ومراثيهــم حتــى انفــض اجلمــع وحتركــت ســيارات‬
‫احملافــظ واملســئولني تاركــة ورائهــا الغبــار واجلماهيــر املليونيــة تهيــم علــى وجههــا بــدون‬
‫مــاء وال غــداء ‪ ,‬واالهــم مــن ذلــك بــدون ســيارات كافيــة إلعادتهــم إلــى قراهــم ومنازلهــم‬
‫يف اجلبــال البعيــدة ‪.‬‬

‫وهكــذا تتالــت املصائــب علــى اجلماهيــر املليونيــة الواحــدة بعــد األخــرى فقتــل منهــم مــن‬
‫قتــل وجــرح مــن هــم مــن جــرح ‪ ,‬بعضهــم دهسـاً وبعضهــم اآلخــر ضربـاً بالشــمس وبأعقــاب‬
‫البنــادق فيمــا قتــل آخريــن بانقــاب ســيارة حملــت أكثــر مــن حمولتهــا املقــررة وكانــت‬
‫احلصيلــة (ثالثــة قتلــى وثالثــن جريحــا) ‪.‬‬

‫أي أن املليــون مواطــن حجــاوي قــد شــاهدوا يف ذلــك اليــوم األســود أهــوال يــوم القيامــة‬
‫يف شــوارع مدينــة عبــس وطرقاتهــا اجلبليــة والســهلية ‪ ,‬والــى درجــة أن مــن عــاد منهــم‬
‫ســاملاً إلــى بيتــه يف ذلــك املســاء لــم يكــن قــد تبقــى لديــه وعلــى لســانه اجلــاف ســوى‬
‫اللعنــات والشــتائم التــي ظــل يصدرهــا هنــا وهنــاك نحــو عاقــل القريــة والشــيخ وقائــد‬
‫اللــواء واحملافــظ ‪ ,‬والوزيــر ` و(مطلــع مطلــع ) حتــى االنتخابــات واليــوم الــذي ولــد فيــه ‪. ,‬‬

‫وعندمــا رفــع تقريــراً امني ـاً إلــى األخ الرئيــس يف اليــوم التالــي كانــت اخلالصــة فيــه أن‬
‫نصــف مــن خرجــوا للضغــط عليــه يف مدينــة عبــس لــن يصوتــوا لــه يف االنتخابــات القادمــة‬
‫بعــد (الفعلــة) التــي عملهــا فيهــم احملافــظ وقائــد اللــواء ومشــايخ وعقــال احلــارات والقــرى‬

‫‪245‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫الــم اقــل لكــم بــان الضغــط علــى الرئيــس بالشــارع وبــأوالد النــاس يف الشــوارع أمــر مكلــف‬
‫للغايــة ‪ ,‬وان األخ الرئيــس لــن ينســى طــوال حياتــه مــا فعلــه احملافــظ بــه وبأصواتــه‬
‫االنتخابيــة يف حجــة !!‬

‫مــن هنــا يأتــي حتذيــري لــأخ الرئيــس كــي ال يأخــذ بنصيحــة الدكتــور االريانــي وان يتركــه‬
‫ولــو ملــرة واحــدة ليحنــث بيمنــه املغلظــة ففــي ذلــك مصلحــة للرئيــس والبــاد وأمنهــا‬
‫واســتقرارها‪.‬‬

‫حكاية حجاوية !!‬

‫بعــد اليــوم املشــهود مبدينــة عبــس ســأل أحــد املشــاركني يف املظاهــرة صاحبــه املجــروح‬
‫(تقــل يــا صالــح الرئيــس سيترشــح لالنتخابــات بعــد هــذه املظاهــرة املليونيــة !!؟‬

‫رد صالــح بغضــب وانــا مــا دخلــي يترشــح واال ال زد ترشــح طــول حياتــه وبعــدا مــن قــال‬
‫لــه يــورط نفســه ويقــول انــه مــا عــد عيترشــحش ويشــتي يقــول لــي اليــوم اخــرج يــا صالــح‬
‫طالبنــي بالعــدول عــن قــراري ‪ ...‬يــا ســام وانــا مــا دخلــي ‪ ...‬يترشــح ومــا حــد عيقلــه‬
‫شــي ‪ ,‬وبــاش (خــزى وزرى ) ومظاهــرات ‪ ,‬وزيطــة وزنبليطــة ‪ ....‬خلــي لــي حالــي ياجنــي‬
‫أمانــه ال عتســألني مــن هــاذوال األســئلة مــرة ثانيــة !!‬

‫محمد محمد املقالح‬


‫*اظن املقال نشر يف شهر يونيو ‪2006‬م‬
‫ولكن لم احصل على الصحيفة التي نشر فيها اثناء اعداد الكتاب‬
‫فنشرته من ارشيفي يف الكمبيوتر‬

‫‪246‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫(‪)9‬‬

‫املترددون ال يصنعون التاريخ‬

‫‪2006/6/28‬م‬

‫صناعــة التاريــخ والتحــوالت الكبــرى للشــعوب ال حتتــاج يف كثيــر مــن األحيــان ســوى ألمريــن‬
‫اثنــن ‪ ,...‬فرصــة تاريخيــة مواتيــة ووجــود شــخص طمــوح أو جهــة مســئولة تتقــدم مــع قليــل‬
‫مــن املغامــرة النتهازهــا‪ ,‬ومــلء مســاحتها وتوجيــه مســاراتها لصالــح شــعبها وأمتها ‪.‬‬

‫ويف اليمــن تقــدم االنتخابــات الرئاســية الثانية (ســبتمبر‪2006‬م) فرصــة تاريخية للمعارضة‬
‫يف (اللقــاء املشــترك ) ميكــن لهــا ان حتــدث مــن خاللهــا ثغــرة كبيــرة يف جــدار االســتبداد‬
‫والفســاد ‪ ,‬وتفتــح بهــا آفاق ـاً جديــدة لإلصــاح والتغييــر املطلــوب مــن قبــل غالبيــة ابنــاء‬
‫املجتمــع اليمنــي ‪. .‬‬

‫لــم تعــد عمليتــي اإلصــاح والتغييــر يف اليمــن متثــل مطلب ـاً للنخبــة السياســية وال متثــل‬
‫فقــط حاجــة لترســيخ الدميقراطيــة وتطويرهــا ‪ ,‬ولكنهــا وألســباب وعوامــل كثيــرة اصبحــت‬
‫ضــرورة وطنيــة ملحــة يصعــب بدونهــا اســتمرار احلفــاظ علــى أمــن واســتقرار ووحــدة‬
‫البــاد ‪.,‬‬

‫االمــر الــذي يفــرض علــى احــزاب املعارضــة اليمنيــة ويف هــذه اللحظــة بالــذات عــدم تفويــت‬
‫فرصــة التغييــر التــي الحــت يف األفــق عشــية االنتخابــات الرئاســية ‪ ,‬وقــد ال تلــوح مــرة‬
‫اخــرى اال بعــد شــتاء قــارس وطويــل حســب تعبيــر أمــن عــام احلــزب االشــتراكي‪.‬‬

‫املغامــرون يف كثيــر مــن األحيــان يقــودون أنفســهم وشــعوبهم الــى الهاويــة ‪ ,‬والــى ويــات‬
‫احلــروب والدمــار ‪ ,‬ويف املقابــل فــإن منتظــري ظهــور اإلمــام «الغائــب» واملتردديــن وكثيــري‬
‫احلســابات الفارغــة ‪ ,‬ال يصنعــون التاريــخ وال مــا هــو أدنــى مــن التاريــخ ‪. ,‬‬

‫‪247‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫واذا كان لهــم دور يف التحــوالت الكبــرى للشــعوب فهــو دور (كاســري) اإلضــراب ومثبطــي‬
‫الهمــم والطموحــات ‪ ,‬واذا مــا صــح احلديــث القدســي (بهــم فبــدأ) فهــو ينطبــق عليهــم‬
‫أكثــر مــن أي شــخص او شــريحة أخــرى يف املجتمــع‪.‬‬

‫ان أول مــا يجــب أن حتســمه املعارضــة اليمنيــة هــو اإلقــرار النفســي والواقعــي بأنهــا‬
‫ا لــه ولنظامــه السياســي بكاملــة ‪,‬‬‫(معارضــة) للرئيــس علــى عبــد اهلل صالــح ومتثــل بديـ ً‬
‫وليســت (معارضــة) للمؤمتــر الشــعبي العــام وحتــت رعايــة األخ الرئيــس ‪ ,‬واذا مــا حســمت‬
‫هــذا االمــر أوالً فســتكون قــد قطعــت نصــف الطريــق نحــو التغييــر‪.‬‬

‫مــرة أخــرى ‪.‬اليمــن تعيــش حلظــة صناعــة التاريــخ ‪.‬واالنتخابــات الرئاســة اليمنيــة الثانيــة‬
‫تقــدم فرصــة كبيــرة للتغييــر وتفتــح آفاقـاً واســعة للدميقراطيــة واإلصــاح السياســي ‪.‬‬

‫والســؤال هــو هــل املعارضــة اليمنيــة جاهــزة اللتقاطهــا والســير بهــا إلــى األمــام‪ ,‬أم أنهــا ال‬
‫تــزال (حتســب) وســتظل (حتســب) حتــى تفــوت الفرصــة ‪ ,‬وحتــى تخــرج هــي مــن التاريــخ‬
‫لتعيــش علــى هامشــه !؟‬

‫محمد محمد املقالح‬


‫*من ارشيفي يف الكمبيوتر ولم اجد الصحيفة التي نشرته‬
‫‪2006/6/28‬م‬

‫‪248‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫(‪)10‬‬

‫واَه‪ ...‬يا خويف من آخر املشوار !!‬

‫(خبر جاد‪ ,‬وتعليق ساخر )‬

‫يف ‪18‬يونيو‪2006‬م‬

‫بعــد مخــاض عســير‪ ,‬وثالثــة مؤمتــرات متتاليــة ‪,‬عقدهــا رجــال املــال واألعمــال اليمنيــن‬
‫أعلــن صبــاح اجلمعــة املاضــي ‪,‬عــن ملصــق إعالنــي يحمــل صــورة رئيــس اجلمهوريــة‬
‫‪,‬مكتــوب عليهــا عبــارة ( أكمــل املشــوار!! ) يف تعبيــر واضــح عــن (رغبــة‪ ,‬وإحلــاح) أثريــا‬
‫اليمــن‪ ,‬يف إعــادة ترشــيح الرئيــس نفســه وضــرورة إكمالــه املهمــة (املشــوار) الــذي بــدأه‬
‫قبــل ‪28‬عامــا!‬

‫يذكــر أن هــؤالء التجــار كانــوا قــد عقــدوا بدايــة شــهر يوليــو اجلــاري مؤمتــراً صحافي ـاً‬
‫يف احــد فنــادق العاصمــة صنعــاء هــددوا فيــه بالدعــوة إلــى إضــراب شــامل وكامــل إذا لــم‬
‫يتراجــع الرئيــس عــن قــراره(‪ ((7‬وأعلنــوا ‪-‬يف نفــس الوقــت‪ -‬عــن تبرعهــم ( مبليــار ريــال‬
‫مينــي ) لدعــم احلملــة االنتخابيــة للرئيــس صالــح‪ ,‬وكمــا يبــدو فــإن ثمــن هــذا امللصــق‬
‫(أكمــل املشــوار) قــد دفــع مــن املبلــغ املرصــود ســلفا‪.‬‬

‫يف وقــت الحــق وحتديــداً صبــاح األربعــاء املوافــق ‪2006/6/14‬م عقــد (التجــار) يف‬
‫فنــدق موفمبيــك بالعاصمــة صنعــاء مؤمتــراً صحافي ـاً أخــراً اســتهدف هــذه املــرة إطــاع‬
‫الصحفيــن ومراســلي وكاالت األنبــاء علــى محــددات اخلطــة التــي كانــت الغرفــة التجاريــة‬
‫والصناعيــة قــد أعدتهــا مــن أجــل النــزول امليدانــي إلــى الشــارع للضغــط علــى الرئيــس‪.‬‬

‫غيــر أن تعــرض احــد الصحفيــن لإلعتــداء بالضــرب واالحتجــاز مــن قبــل األمــن السياســي‬
‫داخــل الفنــدق الــذي عقــد فيــه املؤمتــر ‪,‬وعلــى مــرأى ومســمع مــن أصحــاب الدعــوة‬

‫(‪ )70‬يقصــد هنــا قــرار الرئيــس األســبق علــي عبــد اهلل صالــح يف عــدم الترشــح لالنتخابــات الرئاســية التــي كان قــد اعلــن عنهــا‬
‫قبــل عــام مــن ذلــك التاريــخ‬

‫‪249‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫(التجــار) قــد افشــل املؤمتــر بعــد أن انســحب بقيــة الصحفيــن احتجاجــا علــى ضــرب‬
‫زميلهــم واتهامهــم لرجــال املــال واألعمــال بالتواطــؤ مــع اجلنــاة‪.‬‬

‫ضــرب واحتجــاز الصحفــي عابــد املهــذري داخــل الفنــدق حــدث بســبب توزيــع املهــذري‬
‫لنســخ مــن صحيفتــه (الديــار) علــى التجــار والتــي كانــت قــد نشــرت يف عددهــا األخيــر‬
‫خبــراً مثيــراً يتحــدث عــن إمكانيــة قيــام قائــد احلــرس اجلمهــوري العقيــد احمــد علــي‬
‫عبــد اهلل صالــح بإنقــاب عســكري علــى والــده الرئيــس ‪ ,‬علــى غــرار مــا حــدث يف بلــدان‬
‫عربيــة وافريقيــة أخــرى حــن كان قــادة االنقــاب فيهــا هــم أنفســهم أبنــاء وأشــقاء الرؤســاء‬
‫وامللــوك املنقلــب عليهــم ‪.‬‬

‫وحســب مصــادر يف (االشــتراكي نــت) فــإن انســحاب الصحفيــن وفشــل املؤمتــر الثانــي‬
‫لرجــال املــال واألعمــال ‪ ,‬لــم مينعهــم مــن حتديــد لقــاء آخــر مت فيــه االتفــاق علــى طباعــة‬
‫امللصــق املذكــور (أكمــل املشــوار ) الــذي طبعــت منــه –(حســب االشــتراكي نــت ) أكثــر مــن‬
‫مليونــي نســخة بحجمــن مختلفــن‪,‬‬

‫وكمــا جــاء يف اخلبــر‪ ,‬فقــد كلــف عمــال النظافــة يف العاصمــة صنعــاء بتوزيــع امللصــق علــى‬
‫أصحــاب الدكاكــن واحملــات التجاريــة واخــذ تعهــدات مكتوبــة تلزمهــم بوضعهــا علــى‬
‫واجهــة محالتهــم ودكاكينهــم باإلضافــة إلــى إلــزام عمــال النظافــة أنفســهم بوضــع (أكمــل‬
‫املشــوار) يف الشــوارع واملنــازل واملتنزهــات (والزغاطيــط ) العامــة ‪.‬‬

‫وهــو مــا حصــل فعــا حيــث فوجــىء املواطنــون صبــاح اجلمعــة ‪2006/6/16‬م بوجــود‬
‫صــور الرئيــس يف كل مــكان ‪ ,‬ومــع أن عمــال النظافــة لــم يقصــدوا اإلســاءة للرئيــس‬
‫عندمــا وضعــوا صــوره علــى أســوار املقابــر وبوابــات احلمامــات العامــة بقــدر مــا كان هــؤالء‬
‫املســاكني ينفــذون أوامــر مرؤوســيهم‪.‬‬

‫إال أن بعــض ســيئ النيــة مــن املســئولني يف املؤمتــر وأجهــزة األمــن قــد اعتبــروا وضــع صــور‬
‫الرئيــس يف أســوار املقابــر وأبــواب احلمامــات إهانــة للرئيــس ‪,‬وبســبب وشــاية مــن هــذا‬
‫النــوع مت إيقــاف أربعــة مــن عمــال النظافــة عــن أعمالهــم ‪,‬ال يــزال ثالثــة منهــم يراجعــون‬
‫العــودة إليهــا حتــى اآلن ‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫انتهى خبر(أكمل املشوار) فهل نبدأ التعليق !؟ ‪.‬‬

‫تعليقات ساخرة!!‬

‫التعليــق علــى اخلبــر مــن حقنــا مــع العلــم أن اخلبــر نفســه (معلــق) جاهــز‪ ,‬وبالــذات عندمــا‬
‫نحــاول االقتــراب مــن ملصــق (أكمــل املشــوار ) الــذي شــغل اليمنيــن حــول معنــاه باللغــة‬
‫العربيــة واللهجــة اليمنيــة قبــل أن يشــغلهم باملســيرات املليونيــة التــي (مــأت ) ميــدان‬
‫الســبعني ‪,‬وهــي تهتــف (أكمــل املشــوار يــا ريــس‪ ...‬أكمــل املشــوار يــا ريــس !! !)‬

‫لقــد اختــار اثريــا اليمــن عبــارة (أكمــل املشــوار) كهديــة للرئيــس دون بقيــة العبــارات‪ ,‬ودون‬
‫أن يبينــوا لنــا األســباب املقنعــة لهــذا االختيــار‪ ,‬مبعنــى آخــر ملــاذا أختــاروا عبــارة (أكمــل‬
‫املشــوار ) ولــم يختــاروا مثــا( أكمــل املهمــة) أو أكمــل الــدور ‪,‬مثــا ‪ ,‬مثــا ‪.‬‬

‫شــخصيا ســألت احــد فقهــاء اللغــة العربيــة عــن معنــى (مشــوار) فأجابنــي ‪ ...‬مشــوار مــن‬
‫(شــور) شــورا وتشــويرا فهــوى ( ممشــور) أي يأخــذ خلســة أو (ملــوي) عــام يف الشــوارع‬
‫اخللفيــة و(مشــووور) باللهجــة الصنعانيــة معناهــا (داخــل بــدون غســال) ‪ ,‬وبلغــة أهــل‬
‫همــدان فــان الكلمــة مــا خــوذة مــن (شــور ‪,‬وقــول ) أي إن أعجبتــك الدميقراطيــة وال‬
‫رجعتهــا لصاحبهــا وعلــى ضمانتــي ‪!...‬‬

‫انتهــى كالم صاحبنــا املتضلــع باللغــة ‪ ,‬وبقــي أن ننتقــل بالســؤال إلــى الشــارع والــى النــاس‬
‫العاديــن الذيــن ال يعرفــون ال بقواعــد اللغــة وال بــأي شــيء آخــر متامــا كمــا هــو حــال كثيــر‬
‫مــن الرؤســاء واألمــراء يف هــذا العصــر ‪.‬‬

‫ •صاحــب محــل لبيــع األدوات املنزليــة يف شــارع هائــل أجــاب ( وانــأ مــو درانــي مــا‬
‫معنــى مشــوار ‪ ....‬خينــا حــوش )‬

‫ •شــخص آخــر بــدا مــن لهجتــه انــه مــن خبــان – املناطــق الوســطى‪ -‬قــال ( معنــى‬
‫مشــوار مشــوار ‪ ....‬وعندمــا حاولــت أن استفســر أكثــر قــال ‪ :‬يــا خــي اجلــدار الــذي‬
‫يعمــروه فــوق (اجلبــا) يقصــد ســطح املنــزل‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ •صاحــب عطــورات مــن حــراز بــدا أكثــر جــرأة وتنطعا يف اجابته قائــا‪ .. :‬أنا بصراحة‬
‫ضــد كلمــة (مشــوار) ألنهــا ال تليــق بــاألخ الرئيــس وهــي كلمــة ليســت مســتخدمة يف‬
‫اليمــن وعــادة مــا نســمعها يف التمثيليــات واألغانــي املصريــة!!!‬

‫ •صنعانــي يف ســوق امللــح أجــاب بخبــث ( ‪...‬عيــب علــى هــؤالء التجــار يقولــوا للرئيــس‬
‫(كمــل املشــوار) هــذه الكلمــة بيقولوهــا عندنــا (الصيــع ‪ ... ),‬للمــه الرئاســة هــي‬
‫(لــو َّاي) ومشــوره‪ ... ,‬عيــب عيــب يــا فاهــم ويــا حبــاري تقولــوا للرئيــس انــه (بيمشــور‬
‫بنا‪28‬ســنة) ابســروا كلمــه ثانيــة أحســن منهــا !!‬

‫بقــي ان أختــم بأظــرف تعليــق خلــص املشــكلة اليمنيــة عشــية االنتخابــات الرئاســية والــى‬
‫جانبهــا معنــى عبــارة (أكمــل املشــوار) مبقطــع صغيــر مــن أغنيــة مشــهورة للعندليــب‬
‫األســمر تقــول (‪...‬و آه يــا خــويف مــن آخــر املشــوار !!)‬

‫محمد محمد املقالح‬


‫نشر يف صحيفة النداء‬
‫يف ‪18‬يونيو‪2006‬م‬

‫‪252‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫(‪)11‬‬

‫فضيحة استطالعات الرأي حول شعبية الرئيس !!‬

‫بعــد إعــان أحــزاب اللقــاء املشــترك مشــروع اإلصــاح السياســي والوطنــي ‪ ,‬ومــع اقتــراب‬
‫موعــد االنتخابــات الرئاســية بــدأت بعــض الصحــف واملواقــع االخباريــة اإللكترونيــة وبعــض‬
‫مراكــز البحــث والدراســات السياســية تعلــن تباع ـاً عــن نتائــج اســتطالعات الــرأي العــام‬
‫التــي تزعــم أنهــا قامــت بهــا‪.‬‬

‫ويتحــدث فيهــا أصحابهــا عــن كل االســتحقاقات السياســية امللحــة‪ ,‬وحتديــدا اســتطالع‬


‫راي النــاس حــول شــعبية االخ الرئيــس ومــدى موافقتهــم علــى إعــادة ترشــيحه يف الــدورة‬
‫الرئاســية القادمــة مــن عدمهــا ‪ ,‬وكــذا عــن موقفهــم مــن نتائــج املؤمتــر العــام الســابع‬
‫للمؤمتــر الشــعبي العــام ‪ ,‬وأخيــراً موقفهــم مــن أحــزاب اللقــاء املشــترك ومشــروعها‬
‫لإلصالحــات السياســية ‪.‬‬

‫وبقــدر مــا يالحــظ ان معظــم اجلهــات البحثيــة والصحافيــة التــي قامــت بإعــان هــذه‬
‫النتائــج املزعومــة هــي إمــا تابعــة للســلطة وممولــة مــن قبلهــا ‪ ,‬او ان القائمــن عليهــا‬
‫قريبــن مــن الســلطة ويتمنــون وصالهــا والقــرب منهــا اكثــر واكثــر لتغطيــة نفقــات العيــد‬
‫وكســوة االوالد يف هــذه الظــروف الصعبــة التــي ميــر بهــا املواطنــون بعــد انتهــاء اعمــال‬
‫املؤمتــر العــام الســابع ‪ ,‬امــا القليــل والقليــل جــداً مــن هــذه املراكــز والصحــف فهــي امــا‬
‫محايــدة او تابعــة ألحــزاب املعارضــة وقريبــة منهــا أي ان احليــاد معــدوم لــدى طــريف‬
‫املعادلــة السياســية ‪.‬‬

‫ومــع تقديرنــا لبعــض اجلهــود لعــدد محــدود مــن هــذه الصحــف واملراكــز البحثيــة التــي‬
‫حتــاول ان تعمــل جهدهــا لترســيخ ثقافــة املعلومــة والبحــث عنهــا واســتطالع آراء النــاس‬
‫حولهــا اال ان مــا يجــب مالحظتــه يف هــذه االســتطالعات ونتائجهــا هــو هــذه املالحظــات ‪.‬‬

‫‪253‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫‪1.1‬ان اســتطالعات اجتاهــات ومواقــف الــرأي العــام اليمنــي يف قضيــة مــن القضايــا‬
‫السياســية عبــر اســتبيانات مكتوبــة او إلكترونيــة ال يــزال يف اليمــن ويف عمــوم املنطقــة‬
‫العربيــة علمـاً وفنـاً جديــداً عليهــا ولــم يتــم اســتيعابه بعــد مــن قبــل اجلامعــات واملراكــز‬
‫البحثيــة والعلميــة‬

‫أي انــه لــم يتحــول بعــد الــى مــادة عليمــة واكادمييــة يتــم تدريســها وممارســتها عمليـاً‬
‫مــن قبــل هــذه املراكــز العلميــة وينطبــق هــذا وبصــورة اكبــر علــى املنظمــات املدنيــة‬
‫ا عــن عــدم اســتيعاب هــذ الفــن مــن قبــل‬‫واملواقــع االخباريــة واالعالميــة عمومـاً فضـ ً‬
‫الــرأي العــام وشــرائح املجتمــع املختلفــة االمــر الــذي يجعــل االعتمــاد عليهــا واالخــذ‬
‫بنتائجهــا كمعيــار علمــي محفــوف باخلطــر وينســحب هــذا علــى طريقــة وضــع االســئلة‬
‫وحتديــد قضاياهــا ‪ ,‬مــن ناحيــة وقــراءة وحتليــل ومــن ثــم اعــان نتائجهــا مــن ناحيــة‬
‫اخــرى‪.‬‬

‫وعلــى ســبيل املثــال ال احلصــر فــان طريقــة واســلوب وضــع ســؤال االســتبيان ال يــزال‬
‫يأخــذ باملعيــار السياســي البحــت وليــس املعيــار العلمــي واملهنــي ‪ ,‬خــذ مثــاال يف ســؤال‬
‫محــدد وضعــه احــد مراكــز البحــث املعتبــرة ‪ ...‬يقــول الســؤال ‪ (..‬هــل كانــت األحــزاب‬
‫والقضايــا التــي تعبــر عنهــا والهمــوم التــي تســتخدمها سياســيا مرتبطــة حقيقــة بواقــع‬
‫ومشــاكل ‪...‬‬

‫‪ ,,‬وهــل تناضــل مــن اجــل ذلــك حتــى لــو قدمــت يف ذلــك تضحيــات وانهــا لــن تتخلــى‬
‫عــن تلــك القضايــا يف الغــرف املغلقــة وملكاســب حزبيــة مقتصــرة علــى االحــزاب !؟ )‬

‫هــذا الســؤال بتوجهاتــه يســتبطن موقــف مســبق مــن األحــزاب ويســتهدف اجابــات‬
‫محــددة ضدهــا وضــد مواقفهــا ‪ ,‬االمــر الــذي ســيجعل حتم ـاً اجابــة املســتطلعني يف‬
‫غالبيتهــا ضــد االحــزاب أي االجابــة بالنفــي ‪ ,‬وســيكون الغريــب حينهــا هــو ان تكــون‬
‫نســبة املصوتــن ضدهــا مقتصــرة فقــط علــى ‪ %69‬اذ ان املتوقــع هــو ان تكــون النســبة‬
‫اكثــر مــن هــذه بكثيــر وقــد تصــل الــى ‪! %90‬‬

‫‪254‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫ويف مــكان آخــر يطــرح ســؤال محــدد هــو ( هــل االحــزاب اكثــر تأثيــراً علــى الســلطة‬
‫مــن القبائــل !؟) ومــن الطبيعــي يف هــذه احلالــة ان تأتــي االجابــة علــى النحــو التالــي‬
‫‪ %69‬للقبائــل ‪ %25 ,‬لألحــزاب ولكــن مــاذا لــو وضــع ســؤال اخــر واكثــر حتديــداً مــن‬
‫نــوع هــل االحــزاب اكثــر تأثيــراً يف االنتخابــات مــن القبائــل ام العكــس !؟) بــدون‬
‫شــك ســتكون االجابــة هــي االحــزاب وبنســب عاليــة وهــي احلقيقــة امللموســة يؤكدهــا‬
‫تهافــت املشــائخ علــى الترشــح يف قوائــم االحــزاب وليــس باعتبارهــم مســتقلني ‪.‬‬

‫‪2.2‬انــه وبســبب عــدم جتــذر العلنيــة والشــفافية والقيــم الدميقراطيــة وبســبب ممارســات‬
‫الســلطة القمعيــة جتــاه اصحــاب الــرأي املخالــف فمــن الطبيعــي ان ال يفصــح‬
‫املســتبينون عــن آرائهــم وعلــى ســبيل املثــال اذا طــرح ســؤال اســتبيان يف دائــرة‬
‫حكوميــة ويف اوســاط موظفيهــا ويكــون نــص الســؤال ( هــل انــت مــع اعــادة ترشــيح‬
‫رئيــس اجلمهوريــة مــرة اخــرى ام انــك مــع مرشــح احــزاب املعارضــة !!؟)‪.‬‬

‫واضــح ان اجلــواب االعلــى نســبة ســيكون الــى جانــب اعــادة ترشــيح الرئيــس ليــس ألنــه لــم‬
‫يعلــن بعــد مرشــح املعارضــة وهــذا شــيء اساســي فعمليــة االســتبيانات حيــث يجــب املقارنــة‬
‫بــن معلومــن وليــس بــن شــخصني احدهمــا معلــوم باســمه وشــخصه واآلخــر مجهــول يف‬
‫كل شــيء‬

‫ولكــن ايض ـاً الن معظــم املوظفــن يف الدائــرة احلكوميــة ســيحجمون عــن طــرح آرائهــم‬
‫خوفــا علــى وظائفهــم او مراكزهــم الوظيفيــة وهكــذا‪.‬‬

‫محمد محمد املقالح‬

‫‪255‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ثانيا مقاالت بعد الترشيح‬

‫(‪)12‬‬

‫االنتخابات الرئاسية‪ ......‬األبعاد والدالالت وآفاق املستقبل‬

‫جتــري االنتخابــات الرئاســية اليمنيــة يف ‪20‬ايلــول ســبتمبر ‪2006‬م ضمــن ســياق مــن‬
‫التحــوالت السياســية واالجتماعيــة الكبيــرة التــي شــهدتها اليمــن خــال الســبع الســنوات‬
‫املاضيــة وحتديــداً منــذ انتخابــات ‪1999‬م الرئاســية حتــى اليــوم ‪ ,‬وبقــدر مــا أن انتخابــات‬
‫‪2006‬م متثــل ذروة هــذه التحــوالت التــي شــملت املواقــع والعالقــات والتحالفــات السياســية‬
‫بقــدر مــا شــملت املواقــف واآلراء والتصــورات جتــاه العمليــة االنتخابيــة خصوص ـاً وجتــاه‬
‫العمليــة الدميقراطيــة عمومـاً وســواء كان ذلــك علــى مســتوى الطبقــة السياســية واحلزبيــة‬
‫او علــى مســتوى الــرأي العــام وشــرائح واســعة مــن ابنــاء املجتمــع اليمنــي‪.‬‬

‫وإذا كانــت هــذه االنتخابــات ســتجري يف أجــواء مختلفــة متام ـاً عــن تلــك االجــواء التــي‬
‫ســادت او طغــت علــى اســتحقاق‪1999‬م فــان اســتحقاق اليــوم بالضــرورة يتميــز بعديــد مــن‬
‫امليــزات الذاتيــة واملوضوعيــة سياســياً واجتماعيــاً داخليــاً وخارجيــاً عــن االســتحقاقات‬
‫السياســية التــي ســبقته ‪.‬‬

‫وهو ما ميكن إجمالها حتت العناوين التالية ‪:‬‬

‫‪1.1‬ان انتخابــات ‪2006‬م تعتبــر اول انتخابــات رئاســية جتــري مباشــرة ويكــون التنافــس‬
‫بــن املرشــحني والبرامــج والقــوى السياســية التــي تقــف خلفهمــا جديــة وحــادة ‪ ,‬علــى‬
‫االقــل بــن مرشــح احلــزب احلاكــم الرئيــس احلالــي علــي عبــد اهلل صالــح ‪ ,‬ومرشــح‬
‫اللقــاء املشــترك فيصــل بــن شــمالن ‪.,‬‬

‫‪256‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫البعــض قــد يتحجــج بــان اول انتخابــات رئاســية مباشــرة هــي انتخابــات ‪1999‬م‬
‫وليســت هــذه االنتخابــات ‪ ,‬وردنــا علــى ذلــك هــو نعــم انتخابــات ‪1999‬م هــي اول‬
‫انتخابــات رئاســية مباشــرة يف تاريــخ اجلمهوريــة ويف تاريــخ اليمــن عمومــا ‪ ,‬غيــر‬
‫ان حجــب الســلطة حينهــا التزكيــة عــن مرشــح املعارضــة الوحيــد حــن عبــر مجلــس‬
‫النــواب قــد جعــل تلــك االنتخابــات اقــرب الــى االســتفتاء حيــث افقدهــا ذلــك عمليــة‬
‫التنافســية بــن مرشــحني وبرنامجــن مختلفــن وبــدال مــن ذلــك حيــث جــرى التنافــس‬
‫بــن مرشــحني مــن حــزب واحــد احدهمــا حقيقــي واآلخــر صــوري وكالهمــا يعمــان‬
‫لهــدف واحــد هــو اإلبقــاء علــى االوضــاع القائمــة بــدون تغييــر ‪.‬‬

‫‪2.2‬التكتــل السياســي الــذي نشــأ بقيــام حتالــف اللقــاء املشــترك ‪ ,‬وبرنامــج اإلصــاح‬
‫السياســي والوطنــي ومرشــح واحــد لالنتخابــات الرئاســية ‪.‬‬

‫‪3.3‬ارتفــاع نســبة الوعــي السياســي وبأهميــة العمليــة االنتخابيــة يف التغييــر مقابــل ارتفــاع‬
‫نســبة الســخط وعــدم الرضــا جتــاه األوضــاع القائمــة ‪.‬‬

‫‪4.4‬مكانــة وتاريــخ ونزاهــة مرشــح املعارضــة والــذي يعتبــر النقيــض املوضوعــي للمرشــح‬
‫املنافــس ‪.‬‬

‫حقــق تكتــل اللقــاء املشــترك ‪-‬مبجــرد قيامــه‪ -‬إجنــازاً وطنيــاً‪ ,‬ودميقراطيــاً‪ ,‬وقيميــاً‬
‫عظيمـاً ‪ ,‬ســيكون لــه آثــاره االيجابيــة الكبيــرة علــى مســتوى التجربــة الدميقراطيــة والســلم‬
‫االجتماعــي ‪ ,‬ويف تصحيــح كثيــر مــن املفاهيــم والعالقــات السياســية واالجتماعيــة اخلاطئة‬
‫التــي ســادت لألســف الشــديد يف أوســاط مجتمعنــا طــوال العقــود الثالثــة املاضيــة ‪.‬‬
‫وفيهــا ســادت الصراعــات واحلــروب بــن األحــزاب السياســية وعديــد مــن القــوى‬
‫االجتماعيــة ‪ ,‬وســاهمت وألســباب وعوامــل كثيــرة ليــس فقــط يف ترســيخ االســتبداد‬
‫وإطالــة أمــد احلكومــات الظاملــة ويف تكريــس ثقافــة الكراهيــة والعــداء بــن اليمنيــن‬
‫عمومــا وبــن األحــزاب والقــوى الوطنيــة واإلســامية التــي كانــت تنشــد جميعهــا االنعتــاق‬
‫والتحــرر والتقــدم لبلدهــا وشــعبها خصوصــا ‪.‬‬

‫‪257‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫وباتفــاق أحــزاب اللقــاء املشــترك علــى برنامــج اإلصــاح السياســي والوطنــي الــذي‬
‫شــخصت (املعارضــة) مــن خاللــه مشــكالت اليمــن الكبــرى واملتمثــل يف وجــود ســلطة‬
‫اســتبدادية صغيــرة ال تقبــل بالشــراكة الوطنيــة أو بالتــداول الســلمي للســلطة وال تقبــل‬
‫مببــدأ مســاءلة مــن ميتلــك الســلطة أمــام البرملــان والشــعب عمومــا ‪,‬أوال‬

‫‪ ,‬ثــم يف اتفاقهــا – مــن ناحيــة أخــرى ‪ -‬علــى مرشــح رئاســي واحــد مبكانــة ونزاهــة وتاريــخ‬
‫الشــخصية الوطنيــة الكبيــرة فيصــل عثمــان بــن شــمالن ‪ ,‬فــان املعارضــة اليمنيــة ممثلــة‬
‫بأحــزاب اللقــاء املشــترك ‪ ,‬تكــون قــد وضعــت أقدامهــا علــى الطريــق الصحيــح مــن اجــل‬
‫صناعــة تاريــخ جديــد ومجيــد لشــعبها وأمتهــا وســتحقق الكثيــر مــن القضايــا الوطنيــة‬
‫والدميقراطيــة املصيريــة ‪ ,‬حتــى وان لــم يفــز مرشــحها يف هــذه الــدورة الهامــة ‪ ,‬وعلــى‬
‫راس هــذه األهــداف الكبــرى التــي ســتحققها مــا ميكــن إجمالــه بالعناويــن الثالثــة التاليــة‪-:‬‬

‫‪ -‬ستســهم مشــاركة املعارضــة يف االنتخابــات الرئاســية يف حتريــك عجلــة الدميقراطيــة‬


‫اليمنيــة إلــى األمــام بعــد أن كانــت قــد توقفــت وبــدأت تتراجــع إلــى اخللــف ألســباب‬
‫وعوامــل كثيــرة ال مجــال حلصرهــا اآلن ‪,‬‬

‫كمــا ســتمثل هــذه االنتخابــات محطــة فارقــة يف تاريــخ الدميقراطيــة اليمنيــة والتــداول‬
‫الســلمي للســلطة وذلــك مــن خــال خلــق وعــي جديــد لــدى الــرأي العــام ‪ ,‬يف أن‬
‫الدميقراطيــة واالنتخابــات هــي طريــق التغييــر واإلصــاح مــن ناحيــة وأن االحتفــاظ‬
‫بالســلطة عــن طريــق القــوة وآليــات اجليــش واألمــن لــم يعــد لهــا مــكان بعــد اليــوم ‪.‬‬

‫‪ -‬ستســهم املعارضــة مــع مرشــحها فيصــل بــن شــمالن يف تعزيــز الهويــة الوطنيــة ومتتــن‬
‫الوحــدة الداخليــة ومــداواة جروحهــا الغائــرة عبــر إشــعار كل مينــي بغــض النظــر عــن‬
‫منطقتــه او عشــيرته‪ ،‬ان الدولــة اليمنيــة ملــك جلميــع اليمنيــن وان الوصــول الــى اعلــى‬
‫مناصبهــا حــق اصيــل مــن حقــوق املواطنــة وليــس حكــراً علــى شــخص بعينــه ومنطقتــه‬
‫او شــطر بعينــه‪.‬‬

‫‪258‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫وهــو مــا يعنــي تكريــس الهويــة الوطنيــة لليمنيــن والتقليــل مــن مشــاعر الغــن والتهميــش‬
‫التــي تعتــري شــرائح ومناطــق واســعة مــن ابنــاء ومحافظــات اليمــن‪.‬‬

‫وباإلضافــة الــى كل مــا ســبق فستســهم املعارضــة يف هــذا االســتحقاق الوطنــي الكبيــر يف‬
‫نبــذ وإنهــاء فكرتــي (تأبيــد وتوريــث ) الســلطة بعــد ان كان البعــض قــد جنــح والــى حــد كبيــر‬
‫يف ترســيخ مفهــوم التوريــث يف وعــي شــرائح واســعة مــن أبنــاء اليمــن بحكــم األمــر الواقــع ‪.‬‬

‫محمد محمد املقالح‬


‫لم احصل على رقم وتاريخ الصحيفة لتي نشر فيها‬

‫‪259‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫(‪)13‬‬

‫بن شمالن عنوان لعهد جديد‬

‫الثالثاء ‪ 04‬يوليو‪-‬متوز‪2006‬م‬

‫فيصــل بــن شــمالن هــو النقيــض (املوضوعــي) لعلــي عبــداهلل صالــح ‪ ,‬هــذا مــا ســمعته‬
‫مؤخــرا علــى لســان احــد املثقفــن احملترمــن ‪..,‬‬

‫وهــو فعــا نقيــض (موضوعــي ) للرئيــس احلالــي ‪,‬يف كل شــيء تقريب ـاً بــداء مــن رجاحــة‬
‫العقــل‪ ,‬ونظافــة اليــد‪ ,‬والشــعور باملســؤولية جتــاه البــاد والعبــاد ‪ ,‬وانتهــاء برصانــة‬
‫اخلطــاب السياســي وامتــاك زمــام اللغــة ومفرداتهــا باعتبارهــا وعــاء للمعرفــة وأداة‬
‫للتثاقــف والوعــي وليــس أي شــيء آخــر ‪.‬‬

‫واحلقيقــة أن «التناقــض» امللحــوظ بــن الرئيــس احلالــي والرئيــس احملتمــل ســواء يف‬
‫مكونــات بنــاء الشــخصية‪ ،‬أويف طريقــة التفكيــر وقبــل ذلــك يف موقــف كل واحــد منهمــا‬
‫جتــاه النــاس‪ ،‬و القضايــا‪ ،‬واألحــداث هــو مؤشــر آخــر وقــوي علــى جدية التنافــس االنتخابي‬
‫القــادم‪.‬‬

‫ليــس الن التنافــس بــن (املتماثلــن) ال معنــى لــه وال ميكــن لفــوز احــد الشــبيهني أن يحــدث‬
‫تغييــراً ملموس ـاً يف حيــاة النــاس ويف مكانــة الشــعوب واألمم‪ ،‬بــل والن التناقــض املعــريف‬
‫والقيمــي بــن صالــح وبــن شــمالن يجعــل خيــارات الناخــب اليمنــي واضحــة وال لبــس فيهــا‪،‬‬
‫وال مواربــة ‪.‬‬

‫فإمــا أن يختــار املاضــي كلــه ومــا ميثلــه يف حياتــه‪ ،‬أو أن يختــار املســتقبل كلــه‪ ،‬ومــا يطمــح‬
‫أن ميثلــه يف حياتــه‪.‬‬

‫‪260‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫عندمــا ظهــر علــي عبــد اهلل صالــح عنوانـاً بــارزاً يف صحيفــة الثــورة قبــل ‪27‬عامــا لــم يكــن‬
‫معظــم اليمنيــن واليمنيــات يعرفونــه ‪ ,‬ولــم يكــن لــه‪ -‬بالضــرورة‪ -‬قاعــدة شــعبية واســعة‬
‫أو مكانــة اجتماعيــة بــارزة ‪,‬‬

‫ولــوال الظــروف اإلقليميــة والدوليــة حينهــا ومــا فرضتــه علــى اليمــن ونخبتهــا السياســية‬
‫‪ ,‬مــن حتالفــات داخليــة وخارجيــة تصــب يف دعــم الرئيــس اجلديــد ويف اســتمرار حكمــه‬
‫لفتــرة محــددة مــن الزمــن ولغــرض بعينــه مــن األغــراض ‪ ,‬لظــل علــي عبــد اهلل صالــح‬
‫مجــرد (شــاوش) صغيــر يلــوك اســمه بســخرية الرئيــس املقبــور أنــور الســادات ‪ ,‬وغيــره‬
‫مــن الرؤســاء العــرب حينهــا والذيــن اســتكثروا علــى اليمــن أن يظهــر فيهــا عســكري آخــر‬
‫ينافســهم يف زعامــة االســتبداد الداخلــي واالرتهــان اخلارجــي ســواء كان إقليميـاً أو دوليـاً‪.‬‬

‫واليــوم وبعــد ‪27‬ســنة ونيــف‪ ،‬مــن الســلطة لــم يعــد اســم الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح‬
‫مجهــوال لــدى غالبيــة اليمنيــن ‪ ,‬وعلــى خــاف ذلــك متامــا فقــد اصبــح معروفــا يف كل‬
‫بيــت و لــدى الصغيــر والكبيــر ‪ ,‬ولــن نبالــغ إذا قلنــا بــان هنــاك جيــل مينــي بكاملــة تقريبــا‬
‫(ولــد وترعــرع وتــزوج ورمبــا توفــاه اهلل )يف عهــد الرئيــس صالــح ‪,‬‬

‫غيــر أن املشــكلة اليــوم لــم تعــد يف عــدم معرفــة النــاس بالرئيــس أو يف جهلهــم باســمه‬
‫وكيــف وصــل ومــن أوصلــه إلــى الســلطة!؟ بــل هــي يف معرفتهــم لــه ويف اســتمراره فــوق‬
‫رؤوســهم وعلــى كواهلهــم طــوال ثالثــة عقــود مــن الزمــن دون أن يتغيــر أو تتغيــر عقليتــه‬
‫وطــرق تفكيــره ‪,‬‬

‫واالدهــى مــن ذلــك دون أن يعلــم أو يقتنــع بــان العالــم مــن حولــه قــد تغيــر وان الزمــن لــم‬
‫يكــن زمنــه واألولــى انــه لــم يعــد زمنــه ‪ ,‬وبــان اســتمراره رئيســا رغــم كل هــذه املتغيــرات‬
‫والتحــوالت الكبــرى ميثــل إهانــة ألبنــاء مجتمعــه وجرحــاً لكرامتهــم الوطنيــة واتهامــاً‬
‫ألمهاتهــم بالعقــم وبأنهــن لــم يلــدن طــوال ثالثــة عقــود مــن الزمــن ســوى رئيسـاً وحــداً حتــى‬
‫وان كان صاحلــاً‪.‬‬

‫فيصــل بــن شــمالن عنــوان لعهــد جديــد مختلــف متامــا عمــا قبلــه‪ ,‬ولــو لــم تكــن األحــزاب‬
‫التــي اختارتــه صادقــة وجــادة يف جعــل االنتخابــات القادمــة مختلفــة عــن ســابقاتها وطريقـاً‬

‫‪261‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫لفتــح باب ـاً للمســتقبل اليمنــي ‪ ,‬ملــا اختــارت شــخصية كبيــرة مبكانــة ومصداقيــة وجديــة‬
‫فيصــل بــن شــمالن ‪ ,‬الــذي ال ميكــن ملثلــه أن يجعــل مــن نفســه (العوبــة) انتخابيــة بيــد‬
‫الســلطة أو بيــد املعارضــة إلعــادة إنتــاج الوضــع القائــم ‪,‬‬

‫وحتــى لــو افترضنــا جــدالً بــان أحــزاب املشــترك قــررت يف حلظــة مــن اللحظــات أن تقــف‬
‫يف منتصــف الطريــق أو تتراجــع إلــى اخللــف كمــا كان يحصــل مــن قبــل فــان أول مــن‬
‫ســيواجه هــذا التراجــع واخلــذالن هــو بــن شــمالن نفســه الــذي عــرف بصرامتــه ومبدئيتــه‬
‫‪,‬والــذي صــرح بــان التراجــع عــن قبــول الترشــيح يف ظــل األوضــاع املترديــة التــي تعيشــها‬
‫(‪((7‬‬
‫البــاد يعتبــر هروب ـاً و ميثــل بالنســبة لــه معصيــة‬

‫صناعــة التاريــخ والتحــوالت الكبــرى للشــعوب واألمم املختلفــة يحتــاج يف كثيــر مــن األحيــان‬
‫إلــى أمريــن اثنــن فقــط ‪.‬‬
‫فرصــة تاريخيــة مواتيــة ‪ ,‬و وجــود شــخص (بطــل ) أو جهــة مســئولة تتقــدم مــع شــيء مــن‬
‫املغامــرة النتهــاز هــذه الفرصــة ومــلء مســاحتها وتوجيــه مســاراتها لصالــح شــعبها وأمتهــا ‪.‬‬

‫ويف اليمــن توفــر االنتخابــات الرئاســية للمعارضــة ولفيصــل بــن شــمالن هــذه الفرصــة‬
‫التاريخيــة التــي ميكــن مــن خــال انتهازهــا واإلمســاك بهــا احــداث ثغــرة كبيــرة يف جــدار‬
‫االســتبداد والفســاد اليمنــي وفتــح أفاق ـاً جديــدة لإلصــاح والتغييــر الــذي طــال انتظــاره‬
‫بســبب املتردديــن وكثيــري احلســابات الفارغــة‪.‬‬
‫املغامــرون عــادة مــا يقــودون أنفســهم وبلدانهــم إلــى الهاويــة والــى احلــروب والدمــار هــذا‬
‫صحيــح‪ ،‬غيــر أن الصحيــح أيضــا هــو أن املتردديــن واخلائفــن ال يصنعــون تاريخــاً ال‬
‫ألنفســهم وال لشــعوبهم وأوطانهــم‪ ،‬وباعتقــادي أن املعارضــة اليمنيــة باختيارهــا فيصــل‬
‫بــن شــمالن تكــون قــد اختــارت بوعــي يف أن تخطــو اخلطــوة األولــى علــى طريــق صناعــة‬
‫التاريــخ املجيــد لهــذا اجليــل ‪.‬‬

‫(‪ )71‬لألســف هــذا حصــل وتخلــى االصــاح ومــن ثــم املشــترك عــن مرشــحهم بــن شــمالن منــذ االســبوع االخيــر مــن احلملــة‬
‫االنتخابيــة بإيقــاف مهرجانــات صعــدة ورميــة واضعــاف املهرجــان اخلتامــي بأمانــة العاصمــة بصنعــاء ثــم وهــو االهــم اثنــاء عمليــة‬
‫فــرز نتائــج الرئاســيات واحملليــات حيــث قبلــت املعارضــة ان يتحكــم احلــزب احلاكــم بإعــان نتائــج الرئاســيات وانشــغلت عمــدا‬
‫بنتائــج احملليــات وقيــل ان ذلــك قــد مت بضغــوط كبيــرة تلقهــا االصــاح والشــيخ عبــد اهلل مــن قبــل صالــح والســعودية وهــو مــا أثــار‬
‫اســتياء بــن شــمالن يف حينــه حتــى ان املعارضــة رفضــت اعــان االحصــاء الــذي قــام بــه ممثلوهــا يف الصناديــق مكتفيــة برفــض‬
‫شــكلي ملــا اعلنتــه اللجنــة العليــا ثــم االعتــراف بفــوز صالــح وتهنئتــه وهــو مــا رفضــه بــن شــمالن‬

‫‪262‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫لقــد كانــت املعارضــة موفقــة إلــى حــد كبيــر‪ ,‬ولــن يســتطع الرئيــس احلالــي أن يطعــن‬
‫بتاريــخ ومكانــة ونزاهــة بــن شــمالن ‪,‬ولعــل أهــم الرســائل الوطنيــة التــي بعثتهــا املعارضــة‬
‫بهــذا االختيــار املوفــق ‪.‬‬

‫هــي تلــك التــي جــاءت يف تصريــح لرئيــس منتــدى التنميــة السياســة(علي ســيف حســن )‬
‫الــذي قــال (بــان بــن شــمالن ميثــل الوحــدة الوطنيــة ويســهم يف مــداواة جروحهــا الغائــرة من‬
‫ناحيــة ‪,‬وميثــل رمــزاً لالســتقامة والنزاهــة التــي يبحــث عنهــا النــاس يف قادتهــم ومســئوليهم‬
‫اليــوم مــن ناحيــة ثانيــة ‪.‬‬

‫ويفتــح آفاق ـاً جديــدة لعالقــات طبيعيــة ومثمــرة بــن اليمــن وجيرانهــا مــن دول اخلليــج‬
‫والســعودية مــن ناحيــة ثالثــة‪ .‬يقصــد تلــك العالقــات املثقلــة بتاريــخ الصراعــات الشــخصية‬
‫بــن حكامهــا وعلــى حســاب شــعوبها !‬

‫*نقال عن صحيفة النداء‬


‫الثالثاء ‪ 04‬يوليو‪-‬متوز‪2006‬م‬

‫‪263‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫(‪)14‬‬

‫مالك وهذه الرموز الدينية واالجتماعية !!‬

‫لــم يفاجئنــي حضــور أمــن عــام حــزب احلــق الوالــد احمــد محمــد الشــامي املهرجــان‬
‫االنتخابــي ملرشــح احلــزب احلاكــم (الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح) يف أمانــة العاصمــة‬
‫‪,‬والــى جانبــه العاملــن اجلليلــن الســيد محمــد محمــد املنصــور‪ ,‬وحمــود عبــاس املؤيــد ‪,‬‬
‫فقــد كنــت أتوقــع مثــل هــذا احلضــور املهرجانــي منــذ وقــت مبكــر ‪ ,‬ورمبــا تكــون املفاجــأة‬
‫يف تأخــر املوقــف حتــى آخــر يــوم مــن احلملــة االنتخابيــة ‪ ,‬والســبب يعــود إلــى أننــي اعــرف‬
‫بعــض مــن جوانــب شــخصية الوالــد الشــامي ‪ ,‬واعــرف بعض ـاً مــن الظــروف احمليطــة بــه‬
‫والضغــوط األســرية التــي عــادة مــا تفــرض عليــه حضــور مثــل هــذه االحتفــاالت الرئاســية‬
‫واملهرجانــات االنتخابيــة للرئيــس ‪ ,‬وان كنــت بالطبــع ال أتفهمهــا وال اعــذره عليهــا‪.‬‬

‫األمــر يختلــف بعــض الشــيء بالنســبة حلضــور العاملــن اجلليلــن املؤيــد واملنصــور‪ ,‬حيــث‬
‫أتفهــم شــخصياً ذلــك احلضــور «االنتخابــي» ورمبــا اعذرهمــا عليــه‪ ,‬ليــس ألنهمــا ال‬
‫ميثــان حزبـاً سياســياً لــه مرشــح رئاســي آخــر معــارض ملرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام كمــا‬
‫هــو احلــال مــع الوالــد الشــامي ‪,‬بــل وألنهمــا حضــرا املهرجــان االنتخابــي بأمــر «الدولــة‬
‫« وليــس تأييــداً ملرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام ‪ ,‬واالهــم مــن ذلــك هــو أن هنــاك عــدد مــن‬
‫«األفاكــن» الذيــن يســتغلون طيبتهمــا وورعهمــا واحتــرام شــرائح واســعة مــن أبنــاء املجتمــع‬
‫لهمــا وملكانتهمــا العلميــة ال مــن اجــل تأكيــد هــذه املكانــة العاليــة يف نفــوس النــاس بــل مــن‬
‫اجــل احلــط منهــا ‪ ,‬عبــر جرجرتهمــا إلــى مواقــف وأماكــن ال تعبــر عــن قناعاتهمــا بقــدر مــا‬
‫تعبــر عــن نظرتهمــا التقليديــة إلــى «الدولــة» والــى «رئيســها» وهــي باملناســبة نظــرة اقــرب‬
‫إلــى الفكــر الســلفي منهــا إلــى الفكــر الزيــدي جتــاه الســلطة ورئيســها ‪.‬‬

‫يف كل األحــوال فــان جتــار املواقــف ‪,‬والضمائــر ‪,‬هــم مــن يتاجــرون مبكانــة هذيــن العاملــن‬
‫اجلليلــن يف نفــوس النــاس ال لشــيء إال مــن اجــل التقــرب إلــى الرئيــس واحلصــول علــى‬
‫«رضــاه « مــرة باســم «الهاشــمية « ومــرة ثانيــة باســم «الزيديــة « وهــم ال ميثلــون ال هــذه‬
‫وال تلــك‪ ,‬بقــدر مــا يبحثــون عــن األمــوال والدرجــات الوظيفيــة‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫حتــى أن احدهــم حصــل علــى ســيارة «مونيــكا» ‪ -‬و يــا لــه مــن ثمــن بخــس – مقابــل إصــدار‬
‫بيانـاً سياســياً خطيــراً باســم هــؤالء العلمــاء األفاضــل ‪ ,‬األمــر الــذي اضطرهــم فيمــا بعــد‬
‫إلــى إنــكار صلتهــم بــه ولكــن بعــد فــوات األوان‪.‬‬

‫لعلكــم تتذكــرون ذلــك البيــان اخلطيــر الــذي اخــرج «الشــهيد حســن احلوثــي مــن العقيــدة‬
‫الصحيحــة» وكان أن اســتغلته الســلطة حينهــا لشــن حــرب اضطهــاد دينــي ال مثيــل لهــا ضــد‬
‫أبنــاء صعــدة وغيرهــا ‪,‬وصلــت إلــى درجــة حتــرمي االحتفــاالت والطقــوس الدينيــة وإغــاق‬
‫املــدارس الفقهيــة بحجــة اخلــوف مــن اإلماميــة تــارة وامللكيــة تــارة أخــرى بــل إن صحــف‬
‫الســلطة وتلــك املمولــة منهــا ال تــزال حتــى اآلن تشــن حربــا عنصريــة ظاملــة ضــد إتبــاع‬
‫املذهــب الزيــدي عمومــا‪ ,‬وضــد الشــريحة االجتماعيــة التــي ينتمــي إليهــا املؤيــد واملنصــور‬
‫خصوصــا ‪.‬‬

‫لهــذه األســباب مجتمعــه ال أجــد املشــكلة يف حضــور املؤيــد واملنصــور مهرجــان الرئيــس‬
‫االنتخابــي وقــد اعذرهمــا عليــه ‪ ,‬غيــر أننــي علــى يقــن أن ذلــك لــن يغيــر مــن قناعــة‬
‫الناخبــن والناخبــات جتــاه الرئيــس صالــح ‪.‬‬

‫وإذا كان هنالــك مــن نصيحــة بهــذه املناســبة الدميقراطيــة العظيمــة فهــي موجهــة إلــى‬
‫مرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام األخ علــي عبــد اهلل صالــح ‪ ,‬وأقــول لــه مخلصــا‪ :‬يــا ســيدي‬
‫أنــت تراهــن بذلــك علــى الوهــم ‪ ,‬ومثلمــا أن تصريــح الشــيخ عبــد اهلل الــى جانــب ترشــيحك‬
‫لــم يغيــر مــن قناعــات أتباعــه واحملســوبني عليــه مبــن فيهــم عــدد مــن أبنائــه الكــرام‪.‬‬

‫فــان األمــر كذلــك بالنســبة ألعضــاء حــزب الشــامي واحملســوبني مذهبيــاً واجتماعيــاً‬
‫علــى املؤيــد واملنصــور ‪ ,‬ثــم هــل تتصــور يــا ســيدي بــأن يصــوت لــك مــن تعمــدت ومــع‬
‫ســبق اإلصــرار والترصــد إلــى محاولــة إذاللهــم وقهرهــم وبأكثــر الوســائل فتــكاً باإلنســان‬
‫والكرامــة اإلنســانية ‪ ,‬وكأنــك بذلــك احلضــور املهرجانــي الرهيــب ‪ ,‬تنكــي اجلــرح لديهــم‬
‫قائــا «صوتــوا لــي لكــي أعــود حملاربتكــم يــا أعــداء اهلل !!‬

‫‪265‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ثــم مالــك والرمــوز الدينيــة واالجتماعيــة اليــوم وهــل تعلــم أن كل مــن تصــدى حلربــك‬
‫الظاملــة يف صعــدة وغيرهــا أمثــال األســاتذة الكــرام مفتــاح والديلمــي‪ ,‬ولقمــان واخليوانــي ‪,‬‬
‫وعبــد الفتــاح احلكيمــي ورشــيدة القيلــي ورحمــة حجيــرة وتــوكل كرمــان وغيرهــم وغيرهــم‬
‫‪ ,‬وحتملــوا مــن اجــل ذلــك كل العنــت والظلــم هــؤالء ال يزالــون ‪ -‬يــا ســيدي – علــى‬
‫مواقفهــم مــن الوضــع الــذي حتكــم باســمه وإذا كان هنالــك علــى مــن تراهــن فهــو علــى‬
‫الناخــب والناخبــة أوال وعلــى هــذه الرمــوز القياديــة الفاعلــة ثانيــا ‪.‬‬

‫* محمد محمد املقالح‬

‫‪266‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫(‪)15‬‬

‫احلط من كرامة املرشح املستعار!!‬

‫اخلميس ‪ 27‬يوليو‪-‬متوز ‪2006‬م ‪03:2‬‬

‫منصــب رئيــس اجلمهوريــة والوصــول إليــه عبــر التنافســية وصناديــق االقتــراع حــق أصيــل‬
‫مــن حقــوق املواطنــة‪ ,‬وقــد أكــد عليــه دســتور اجلمهوريــة اليمنيــة بوضــوح ال لبــس فيــه‪.‬‬

‫وإذا كان هنالــك مــن جديــد بهــذا اخلصــوص فهــو أن االنتخابــات الرئاســية الثانية يف تاريخ‬
‫اجلمهوريــة اليمنيــة ‪ ,‬تكــرس هــذا احلــق مــن الناحيــة العمليــة والواقعيــة بعــد أن اســتمر‬
‫حقــاً نظريــاً منــذ انتصــار اجلمهوريــة يف صنعــاء عــام‪1962‬م ‪ ,‬وقيــام دولــة االســتقالل‬
‫الوطنــي يف عــدن عــام ‪1967‬م ‪..‬‬

‫لــم اســتغرب أو اســتنكر ارتفــاع نســبة طالبــي الترشــيح ملنصــب رئيــس اجلمهوريــة‬
‫ووصولهــم إلــى أكثــر مــن ‪82‬طالبــا للترشــيح مــن بينهــم ثــاث أو أربــع نســاء ‪,‬وكثيــر منهــم‬
‫نــاس عاديــن وبســطاء قــرروا ذلــك مــن أنفســهم ولــم يدفعهــم إليــه ال حــزب وال رئيــس وال‬
‫شــيخ وال هــم يحزنــون‪.‬‬

‫ا ‪ ,‬وبالتالــي فهــذا‬
‫ولكنهــم اندفعــوا يف معظمهــم لتحقيــق وإظهــار ذاتهــم املقموعــة طوي ـ ً‬
‫العــدد الكبيــر يشــير يف جــزء منــه إلــى وجــود وعــي حقيقــي لــدى قطــاع واســع مــن اليمنيــن‬
‫يف أن منصــب رئيــس اجلمهوريــة أصبــح حــق لــكل مينــي ومينيــة ولــم يعــد حكــراً علــى‬
‫شــخص بعينــه أو منطقــة بعينهــا أو فئــة دينيــة أو عشــائرية بعينهــا‪.‬‬

‫كمــا انــه يشــير إلــى أن النــاس بــدأوا يتعاملــون مــع الدميقراطيــة واالنتخابــات الدوريــة‬
‫بجديــة وشــرعوا شــيئا فشــيئا يقتنعــون يف إمكانيــة التغييــر الســلمي وإمكانيــة اســتبدال‬
‫رئيــس جمهوريــة بآخــر أفضــل منــه عــن طريــق التنافســية والصــوت االنتخابــي وليــس عــن‬

‫‪267‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫طريــق البندقيــة والدبابــة وقطــع الطريــق أو قطــع اإلرســال اإلذاعــي إلعــان البيــان رقــم‬
‫واحــد‪.‬‬

‫ال عيــب إذا ‪ ,‬وال يجــوز أن نعيــب علــى كل مــن يجــد يف نفســه الكفــاءة واألهليــة خلــوض‬
‫ا أو امــرأة ‪ ,‬مســتق ً‬
‫ال‬ ‫الســباق الرئاســي أن يقــدم نفســه للنــاس «مرشــحاً» ســواء كان رجـ ً‬
‫أو حزبيـاً‪ ,‬زيديـاً أو شــافعياً ‪,‬قحطانيـاً أو هاشــمياً‪ ,‬جبليـاً أو ســهلياً ‪ ,‬شــمالياً أو جنوبيـاً‪,‬‬
‫حضرمي ـاً او يافعي ـاً‪ ,‬مثقف ـاً أو أمي ـاً ‪ ,‬و ‪ ,‬و الــخ ‪,‬‬

‫فهــذه هــي اليمــن وهــؤالء هــم اليمنيــون وعلينــا أن نقبــل بهــا وبهــم كمــا هــي وكمــا هــو تنــوع‬
‫شــعبها وليــس كمــا يحــب بعضنــا أو يكــره أن تكــون‪ ,‬واال فالبديــل هــو أن يعمــل كل واحــد‬
‫منــا «اليمــن اخلــاص بــه» !‬

‫واملهــم بالنســبة لهــؤالء املرشــحني احلقيقيــن هــو رأي النــاس فيهــم ‪,‬وقبــل ذلــك اســتيفائهم‬
‫لشــروط الترشــح والتزكيــة املنصــوص عليهــا يف الدســتور‪..‬‬

‫العيــب كل العيــب ومــا ميــس القيــم واألخــاق الدينيــة والدميقراطيــة هــو أن يكــون هنــاك‬
‫مرشــح واحــد غيــر حقيقــي أو «مســتعار» أي أن يقــدم نفســه مرشــحا مــن اجــل أغــراض‬
‫أخــرى سياســية أو ماليــة أو أي شــيء آخــر ال عالقــة لهــا بالترشــيح والتنافــس اجلــدي‬
‫علــى املنصــب الرئاســي‪.‬‬

‫شــخصياً ال اســتطيع ولــو للحظــة واحــدة أن اقبــل أو أتفهــم وجــود شــخص محتــرم أو هكــذا‬
‫يفتــرض ثــم يقبــل علــى نفســه أن يقــوم بــدور املرشــح البديــل أو املســتعار أيـاً كانــت احلجــج‬
‫واملبــررات السياســية وغيــر السياســية التــي قــد يطرحهــا أو تطرحهــا اجلهــة التــي دفعــت‬
‫بــه إلــى هــذه الهاويــة‪ ،‬الن هــذا مــن وجهــة نظــري عمــل غيــر أخالقــي باألســاس وميــس‬
‫أول مــا ميــس كرامــة املرشــح (الكمبــارس) نفســه قبــل أن يكــون نــوع مــن أنــواع اخلــداع‬
‫والتضليــل للنــاس ‪.‬‬

‫‪268‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫يف األســبوع املاضــي اطلعــت علــى عــدد مــن املقابــات الصحافيــة التــي اجــري بعضهــا مــع‬
‫عــدد مــن هــؤالء املرشــحني املســتعارين وقــد الحظــت أنهــم يف اجاباتهــم ال يعملــون شــيئا‬
‫ســوى اإلمعــان يف إذالل أنفســهم واحلــط مــن كرامتهــم وذواتهــم احملترمــة والتأكيــد مــرة‬
‫بعــد مــرة بأنهــم ليســوا مرشــحني ملنصــب الرئاســة بــل للهجــوم علــى مرشــح املعارضــة‬
‫فيصــل بــن شــمالن ومحاولــة النيــل منــه ومــن مكانتــه وســمعته ‪ ,‬والــى درجــة أن احدهــم‬
‫اســتكثر أن يقــول النــاس عــن بــن شــمالن «انــه شــخص نظيــف ولــم يلــوث يديــه وقبــل ذلــك‬
‫ضميــره بالفســاد»‪.‬‬

‫وكان ممــا تضمنــه قــول هــذا املرشــح (كيــف تزايــد أحــزاب املشــترك بنزاهــة مرشــحها‬
‫ملجــرد انــه أعــاد ســيارة صرفتهــا لــه احلكومــة ‪ ,‬أنــا شــخصيا نزيــه وشــريف وقــد توليــت‬
‫مناصــب كثيــرة واعــدت ثــاث ســيارات للحكومــة) وزدت عليهــا أدوات املطبــخ!‬

‫مرشــح آخــر ســبق وان قــال عــن نفســه بأنــه مرشــح ضــد األكادمييــن أو مــع األكادمييــن‬
‫وليــس ضــد فخامــة الرئيــس علــى عبــد اهلل صالــح‪ ,‬وبعــد أن رفــض فخامــة الرئيــس علــي‬
‫عبــد اهلل صالــح تزكيتــه يف مجلــس النــواب‪ ,‬عــاد ليقــول بأنــه انســحب لصالــح فخامــة‬
‫الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح‪.‬‬

‫أمــا املرشــح املســتعار الثالــث وهــو يف هــذه املــرة «حزبــي» فلــم يعــب علــى املعارضــة ســوى‬
‫أنهــا لــم تقــدم مرشــحا مــن قياداتهــا ولــو حصــل ملــا ترشــح هــو (ولعرفنــا مــا إذا كان بــن‬
‫قياداتهــا شــخصية شــريفة ونزيهــة كمــا يزايــدون علــى بــن شــمالن) وهــو مــا ســبق وان قالــه‬
‫بالنــص املرشــح األصلــي للمؤمتــر الشــعبي العــام ولــم ميلــك املرشــح (التقليــد) ســوى ترديــد‬
‫مــا يقولــه الســيد‪.‬‬

‫وهــذا بالضبــط مــا أردت أن أقولــه عــن االنحطــاط بكرامــة املرشــح املســتعار ســواء كان يف‬
‫ال أو حزبيـاً(‪.((7‬‬
‫الســلطة أو يف املعارضــة مســتق ً‬

‫(‪ )72‬قدمت املعارضة واالصالح فتحي العزب مرشحا اخر بحجة زيادة الرقابة ولكنها كانت متارس هي االخرى‬
‫اعمال غير مقبولة اخالقياً أي خداع الناخبني‪.‬‬

‫‪269‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫أمــا القــول بــان املرشــح البديــل قــد يســهم يف ســحب بعــض األصــوات مــن املرشــح اخلصــم‬
‫أو قــد يســهم يف احلصــول علــى املبلــغ املالــي لصالــح املرشــح األصلــي فهــي مبــررات واهيــة‬
‫وقــد تكــون مقبولــة مــن الناحيــة السياســية غيــر أنهــا مــن الناحيــة األخالقيــة نــوع مــن‬
‫أنــواع االحتيــال علــى القانــون وليــس لهــا مــن دور ســوى تضليــل وخــداع وتشــويش الناخبــن‬
‫وبالتالــي فهــي غيــر مقبولــة أخالقيـاً وغيــر مفيــدة سياســياً ‪.‬‬

‫* نقال عن صحيفة النداء‬


‫اخلميس ‪ 27‬يوليو‪-‬متوز ‪2006‬م ‪03:2‬‬

‫‪270‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫(‪)16‬‬

‫الهروب من املمكن إلى املستحيل ‪.‬‬

‫األحد ‪ 6‬أغسطس‪-‬آب ‪2006‬م‬

‫منــذ بدايــة العــدوان اإلســرائيلي البربــري علــى لبنــان وشــعبها الصامــد والرئيــس احلالــي‬
‫يخــوض حملتــه االنتخابيــة داخليـاً ضــد «احلــكام العــرب» وليــس ضــد فيصــل بــن شــمالن ‪,‬‬

‫والــى درجــة انــه ســافر فجــأة إلــى قطــر ال لشــيء ســوى إلجــراء مقابلــة صحافيــة يف‬
‫«اجلزيــرة» حــاول مــن خاللهــا تأكيــد مــا ســبق وان قالــه مــرارا حــول تخــاذل حــكام‬
‫«الســعودية واألردن ومصــر» جتــاه املأســاة التــي يعانــي منهــا شــعب لبنــان وفلســطني‪.‬‬

‫ويف خطــاب املزايــدات االنتخابيــة ظهــر حــزب اهلل نفســه وكأنــه احــد كتائــب الرئيــس‬
‫امليدانيــة‪ ,‬وليــس ذلــك «الرافضــي» الــذي نشــبت حــرب دمويــة يف مــران الن املرحوم حســن‬
‫احلوثــي رفــع علــم احلــزب وردد شــعار (املــوت إلســرائيل املــوت ألمريــكا)‪.‬‬

‫يعتقــد الرئيــس ‪ -‬واهلل اعلــم ‪ -‬بــان احلــرب يف لبنــان قــد وفــرت لــه فرصــة مواتيــة إلعــادة‬
‫االعتبــار لنفســه وبعــض مــن شــعبيته التــي كان قــد خســرها بضربــة واحــدة حــن قــرر‬
‫العــودة عــن قــرار عــدم ترشــيح نفســه عبــر تلــك املســرحية التــي جعلتــه واليمــن معــه محــل‬
‫ســخرية وتنــدر الك َّتــاب واملعلقــن العــرب طــوال الشــهرين املاضيــن ‪ ,‬ومــع احترامنا ملشــاعر‬
‫الرئيــس اجلياشــة جتــاه شــعبه وأمتــه يف لبنــان وفلســطني إال انــه لــم يعمــل يف احلقيقــة أي‬
‫شــيء عملــي ضــد العــدوان والتضامــن مــع شــعب لبنــان ســوى التنديــد باحلــكام املتخاذلــن‪.‬‬

‫كان بإمــكان الرئيــس احلالــي أن يعمــل أشــياء كثيــرة لدعــم املقاومــة واحلــد مــن آثــار‬
‫العــدوان البربــري اإلســرائيلي ‪ ,‬كأن يســتدعي الســفير األمريكــي ويقــدم لــه باســم اليمــن‬
‫احتجاجـاً رســمياً ضــد موقــف إدارة الرئيــس بــوش الرافضــة لوقــف إطــاق النــار بوقاحــة‪.‬‬

‫‪271‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫أو يقــوم بإيقــاف أو تعليــق التعــاون األمنــي مــع الواليــات املتحــدة األمريكيــة بخصــوص‬
‫مكافحــة اإلرهــاب‪ ،‬أو تخصيــص برنامــج تلفزيونــي واحــد لدعــوة اليمنيــن للتبــرع أو‬
‫يعلــن احلــداد الرســمي علــى ضحايــا «قانــا‪ ,‬ومروحــن» وغيرهــم مــن ضحايــا املجــازر‬
‫اإلســرائيلية وكلهــا أمــور بيــده وبإمكانــه عملهــا وســيكون لهــا مــردود طيــب جتــاه القضيــة ‪,‬‬

‫غيــر أن الرئيــس مثــل بقيــة زمالئــه احلــكام ‪ ,‬هــرب مــن املمكــن إلــى املســتحيل وتــرك مــا‬
‫بيــده إلــى مــا بأيــدي اآلخريــن‪ ,‬وذهــب يعــرض مبواقــف احلــكام العــرب يف عــدم فتحهــم‬
‫احلــدود وتوريــد األســلحة والدعــم اللوجســتي للمقاومــة أي تلــك األشــياء التــي ‪-‬مــن غيــر‬
‫املمكــن ان يعملهــا هــو –ولكنــه التعريــض والتحريــض» ليــس اال «‬

‫محمد محمد املقالح‬


‫‪* .‬نقال عن صحيفة الثوري‬
‫األحد ‪ 6‬أغسطس‪-‬آب ‪2006‬م‬

‫‪272‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫(‪)17‬‬

‫صنعاء اجلميلة ‪ ...‬بعد ‪28‬سنة‬

‫اجلمعة ‪ 25‬أغسطس‪-‬آب ‪2006‬م‬

‫مــن يريــد أن ينظــر إلــى وجــه الفســاد يف اليمــن‪ ,‬فمــا عليــه إال أن ينظــر إلــى شــوارع‬
‫وطرقــات مدينــة صنعــاء واملــدن الرئيســة األخــرى‪ ،‬وســيجدها قبيحــة مثــل الســلطة‪،‬‬
‫ووجههــا ملــيء باألخاديــد واحلفــر واحلفريــات واملطبــات و»الرقــع اإلســفلتية» املنثــورة يف‬
‫كل مــكان‪ ,‬جــراء تراكــم الفســاد واالرجتاليــة عليهــا طــوال ‪ 28‬ســنة أو تزيــد‪.‬‬

‫اختــر أي شــارع يف صنعــاء‪ ,‬وجــرب أن تســير يوم ـاً علــى ســيارة أو «دبــاب» أو أي شــيء‬
‫آخــر لــه عجــات‪ ،‬وأنــا علــى يقــن انــك ســتجد نفســك عاجــزا عــن التمييــز بــن مــا إذا‬
‫كنــت تســير يف صنعــاء وعلــى شــارع معبــد «مزفلــت» أنفقــت عليــه الدولــة ماليــن الريــاالت‬
‫اقتطعتهــا مــن أقــوات وأرزاق النــاس املســاكني‪ ،‬أم انــك يف قريــة «املنــازل» اجلبليــة وحتــاول‬
‫(‪((7‬‬
‫الوصــول إليهــا جاهــدا عبــر» نقيــل الشــق» الصخــري‬

‫إعلــم ســيدي أن هــذه هــي صنعــاء و أن هــذا هــو الفســاد الــذي ســلمها وشــوارعها‬
‫وميادينهــا العامــة إلــى السماســرة مــن مقاولــي الباطــن‪ ،‬ليعبثــوا بهــا ويحفــروا علــى وجههــا‬
‫اجلميــل تلــك األخاديــد والبقــع الســوداء ســواد أياديهــم امللطخــة بالفســاد واإلفســاد املتعمــد‬
‫يف كل شــيء وعلــى كل شــيء‪.‬‬

‫قبــل ‪28‬ســنة كانــت مدينــة صنعــاء جميلــة وجذابــة وحتيطهــا البســاتني واملتنزهــات‬
‫الطبيعيــة مــن اجلهــات األربــع‪ .‬أزهــار اللــوز واملشــمش العرائســية تغطــي أفــق ضاحيتهــا‬
‫اجلنوبيــة «حــدة» وعناقيــد العنــب مــن كل صنــف ولــون تتدلــى مــن كرمــات وادي ظهــر‬
‫وســعوان‪ ،‬وبنــي حشــيش‪.‬‬

‫(‪ )73‬اسماء قرى ومناطق بالقرب من قريتي املقالح وقلتها على سبيل السخرية والتهكم!‬

‫‪273‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ثــم تأتــي ضاحيتهــا الشــرقية (الروضــة) ومــا أدراك مــا الروضــة وعجائــب الصناعنــة فيهــا‬
‫يف اخلريــف واالختــراف (اخلريــف يف صنعــاء كالصيــف يف مصــر موســماً لالصطيــاف‬
‫والنزهــة والتمتــع بخضــرة وثمــار بســاتني الروضــة مــن العنــب والرمــان والبلــس) ‪.‬‬

‫يف ذلــك الزمــن اجلميــل كانــت هــذه املدينــة مخططــة وكل مــن يريــد أن يبنــي ألطفالــه‬
‫منــزالً جديــداً يف «الصافيــة» أو يف «بيــر الشــايف» وغيرهــا مــن احلــواري اجلديــدة آنــذاك‪,‬‬
‫كان يذهــب إلــى البلديــة ليســتخرج رخصــة البنــاء‪ ،‬وكان يجــد علــى تلــك القصاصــة‬
‫الصغيــرة «الدولــة»‪.‬‬

‫وكل شــروط ومواصفــات البنــاء التــي يجــب أن يلتــزم بهــا‪ .‬اليــوم وبعد‪28‬عامــا مــن دولــة‬
‫الفســاد‪ ،‬لــم تعــد رخصــة البنــاء ومعهــا الدولــة – دولــة املواطنــة والقانــون‪ -‬ضــرورة إال ملــن‬
‫ال ميلكــون وســاطة كبيــرة‪ ،‬أو ســيارة فاخــرة‪ ،‬وطقم ـاً عســكرياً ميكــن اســتئجاره للبســط‬
‫علــى أراضــي وممتلــكات املســاكني وبعشــرة آالف ريــال فقــط ال غيــر‪.‬‬

‫بعــد ‪28‬عامــا أصبحــت صنعــاء مجــرد قريــة كبيــرة ولكــن بــدون ميــزات القريــة اليمنيــة‪...،‬‬
‫صنعــاء اليــوم ليســت مدينــة وليســت قريــة‪ ،‬ولكنهــا شــيء مــن هــذا وشــيء مــن ذاك‪ ,‬واقــل‬
‫مــن هــذا وذاك‪.‬‬

‫لقــد دخلــت إلــى صنعــاء قــرى‪ ,‬وقبائــل عديــدة مــن ســنحان وبنــي مطــر وبنــي حشــيش‪،‬‬
‫وغيرهــا وقــدم اليهــا مواطنــن مــن كل انحــاء اليمــن وهــذا جيــد وأمــر طبيعــي‪ ،‬واملشــكلة‬
‫ليســت هنــا ولكنهــا يف عــدم اندمــاج القادمــن الــى صنعــاء بســكان صنعــاء وبقائهــم جــزر‬
‫معزولــة عــن بعضهــا البعــض وكل قريــة أو قبيلــة نقلــت نفســها الــى صنعــاء مــن الريــف كمــا‬
‫هــي يف الفســاد واالرجتاليــة التــي جعلــت مــن «بيــت ردم»‪ ،‬و»اجلــرداء» و»بيــت بــوس» بديــا‬
‫للعلمــي والفليحــي وســينما بلقيــس و»مدرهــات البنــات» يف حــارة اجلــاء واالذاعــة وغيرهــا‬
‫مــن معالــم ومتنزهــات ومســارح املدينــة ‪-‬اقصــد مدينــة صنعــاء الســاحرة تلــك التــي نحبهــا‪.‬‬

‫اجلديــد يف صنعــاء اليــوم هــو توســعها وعشــوائيتها وقبــح شــوارعها املرقعــة‪ ،‬وغيــاب دولتهــا‬
‫التــي تصــر علــى ظهــور غيابهــا يف كل شــيء‪ ،‬يف الشــوارع واألزقــة وميــاه األمطــار الراكــدة‪.‬‬

‫‪274‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫يف شــارات املــرور املعطلــة ويف طريقــة ســير الســيارات وطريقــة إيقافهــا يف وعلــى الشــوارع‬
‫العامــة‪ ،‬يف «البلديــة» وبائعــي العربيــات‪ ،‬يف االرتفــاع اجلنونــي لفواتيــر الكهربــاء املقطوعــة‬
‫وميــاه الشــرب الشــحيحة‪ ،‬ويف أســعار تلفوناتهــا األرضيــة والســيارة عبــر األفــاك‪.‬‬

‫يف مكاتــب املوظفــن «الرســميني» وأطقــم األمــن املركــزي والفرقــة االولــى‪ ،‬يف أســواق‬
‫القــات املزدحمــة قبــل أذان الظهــر‪ ,‬يف‪ ،‬ويف…إلــخ‬

‫احلاضــر يف صنعــاء ورمبــا يف كل املــدن اليمنيــة هــي فقــط صــورة الرئيــس ومرشــح‬
‫«املســتقبل» و»اليمــن اجلديــد» وكيــف يكــون جديــداً وهــوه علــى رأس الســلطة منــذ ‪28‬ســنة‪.‬‬

‫مــرة أخــرى مــن يريــد منكــم أن ينظــر إلــى الفســاد يف اليمــن فمــا عليــه ســوى النظــر إلــى‬
‫شــوارع صنعــاء املرقعــة واملليئــة باألخاديــد واحلفــر واملطبــات‪،‬‬

‫وعليــه حينهــا أن يتذكــر ان هنــاك فرصــة تاريخيــة واحــدة إلخــراج صنعــاء وبقيــة اليمــن‬
‫مــن البــؤس الــذي تعيشــه اليــوم يف ظــل دولــة الفســاد وان ‪20‬ســبتمبر القــادم يوفــر هــذه‬
‫الفرصــة التاريخيــة‪.‬‬

‫ا‪ ,‬ولكــن‬
‫*اختــم بالقــول أننــي أحــب صنعــاء‪ ,‬وصنعــاء مدينــة جميلــة وســاحرة فعــ ً‬
‫«عاشــقاها الســل واجلــرب»‪Mr_alhakeem@hotmail.com .‬‬

‫محمد محمد املقالح‬


‫* نقال عن صحيفة النداء‬
‫اجلمعة ‪ 25‬أغسطس‪-‬آب ‪2006‬م‬

‫‪275‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫(‪)18‬‬

‫قطار الدميقراطية يتحرك يا جار اهلل عمر !!‬

‫االثنني ‪ 11‬سبتمبر‪-‬أيلول ‪2006‬م ‪03:31‬‬

‫«إليك ‪ ...‬وأنت يف علياك تشاهد اليمن ‪ -‬حلمك‪ -‬اجلميل»‬

‫يقــال أن بإمــكان الســلطة‪ -‬أي ســلطة يف العالــم‪ -‬أن تســيطر علــى نصــف مواطنيهــا‪ ،‬وان‬
‫الســلطة اجليــدة هــي التــي جتتهــد يف كســب رضــاء النصــف الثانــي‪ ,‬إن أرادت البقــاء يف‬
‫احلكــم ‪.‬‬

‫غيــر أن مــا يبــدو لــي مــن متابعــة احلمــات االنتخابيــة ملرشــحي الســلطة واملعارضــة هــو‬
‫أن الســلطة يف بالدنــا ليســت كبقيــة ســلطات العالــم‪ ,‬فهــي لــم تســتطع أن حتشــد العــدد‬
‫املطلــوب مــن النصــف األول مــن مواطنيهــا حلضــور املهرجانــات االنتخابيــة ملرشــحها‪ ,‬علــى‬
‫األقــل يف كل مــن صعــدة‪ ,‬ومــأرب‪ ,‬واجلــوف‪ ,‬والــى حــد مــا عمــران ‪. ,‬‬

‫ا ذريعـاً وعجــز‬
‫حيــث فشــلت مهرجانــات «الرئيــس» االنتخابيــة يف احملافظــات الثــاث فشـ ً‬
‫فيهــا حتــى عــن إحضــار العــدد الــكايف مــن طــاب املــدارس وأفــراد املعســكرات اجلاهزيــن‬
‫(‪((7‬‬
‫عنــوة ملثــل هــذه املناســبات‬

‫وإذا كان هــذا هــو وضــع الســلطة مــع النصــف األول مــن مواطنيهــا‪ ....‬فليــت شــعري‬
‫كيــف ســيكون حالهــا مــع النصــف الثانــي منهــم والذيــن وكمــا يبــدو مــن الصــور التــي ينقلهــا‬
‫تلفزيــون صنعــاء محتشــدة ملهرجانــات بــن شــمالن قــد حســموا أمرهــم وقــرروا التصويــت‬
‫لــه‪ ،‬وليــس ملرشــح الســلطة علــي عبــد اهلل صالــح ‪.‬‬

‫(‪ )74‬ثــم عــادت مهرجانــات صالــح تكــون اكثــر كثافــ ًة وزخمــاً مــن مرشــح املعارضــة يف محافظــات اب وتعــز واحملويــت واملــكال‬
‫وغيرهــا وبعضهــا اكثــر كثافــة ولكــن الفــارق يف هــذه احملافظــات لــم يكــن كبيــراً واملســالة ظلــت نســبية لصالــح صالــح وخطابــي يف‬
‫املقــال كان تهويلي ـاً وسياســياً وهدفــه اضعــاف اخلصــم وكســر حواجــز اخلــوف لــدى الناخبــن ‪.‬‬

‫‪276‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫ينبغــي القــول أن حشــد مئــات اآلالف وليــس فقط اآلالف مــن املواطنني حلضور مهرجانات‬
‫ا علــى شــعبيته ‪ ,‬وال ميكــن اعتبارهــا مؤشــراً علــى إمكانيــة‬‫رئيــس الســلطة ‪ ,‬ليــس دلي ـ ً‬
‫فــوزه يف الســباق الرئاســي الســاخن مــع بــن شــمالن ‪,‬‬

‫والســبب ووفقــا للمقولــة الســابقة هــو أن الســلطة – أي ســلطة‪ -‬تســتطيع بهيبتهــا‬


‫وإمكانياتهــا الهائلــة أن حتضــر العــدد املطلــوب مــن املواطنــن إلــى أي مناســبة تريــد‬
‫وبالــذات مناســبة املهرجانــات االنتخابيــة للرئيــس‪ ،‬وســواء كان حضــور هــؤالء بالرضــاء أو‬
‫بالزجــا‪ ....‬بذهــب املعــز أو بســيفه‪ ....,‬وســواء كانــوا مــن النصــف األول مــن مواطنيهــا‪ ,‬أو‬
‫مــن النصــف الثانــي‪...,‬‬

‫فمثــل هــؤالء جميعــاً أو األغلــب األعــم منهــم ميكــن إحضارهــم يف أي مناســبة يقيمهــا‬
‫الرئيــس ويحضــر فيهــا التلفزيــون لكــن هــذا ال يعنــي أن جميعهــم ســيصوتون ملرشــح‬
‫الســلطة حــن تتــاح لهــم فرصــة االختيــار احلــر واملباشــر والســري‪.‬‬

‫الوضــع بالنســبة للمعارضــة ‪-‬أي معارضــة‪ -‬وبالــذات يف بلــدان العالــم الثالــث مختلــف‬
‫جــداً‪ ,‬حيــث تكــون كثــرة احلضــور الشــعبي يف مهرجانــات مرشــحها لالنتخابــات الرئاســية‬
‫ا علــى شــعبيتها ومؤشــراً قوي ـاً علــى إمكانيــة فــوز مرشــحها أو علــى األقــل حصولــه‬
‫دلي ـ ً‬
‫علــى نســبة عاليــة مــن األصــوات االنتخابيــة ‪,‬‬

‫والســبب هــو أن الغالبيــة العظمــى ممــن يشــاركون يف مثــل هــذه املهرجانــات‪ ،‬هــم إمــا مــن‬
‫أعضــاء املعارضــة‪ ،‬أو مــن أنصارهــا ومؤيــدي برنامجهــا ومرشــحها‪ ،‬ذلــك أن املعارضــة ال‬
‫متتلــك إجبــار النــاس أو إغرائهــم نفعيـاً حلضــور مثــل هــذه املهرجانــات‪.‬‬

‫ليــس هــذا وحســب بــل والن الغالبيــة العظمــى مــن املشــاركني يف مثــل هــذه املهرجانــات‬
‫احلاســمة‪ ،‬هــم يف احلقيقــة ممــن قــرروا اخلــروج علــى الســلطة علنــاً ‪,‬وكســر هيبتهــا‬
‫وجبروتهــا دون تــردد أو خــوف‪ ,‬مــا يعنــي أن هنالــك أضعــاف أضعافهــم ليســوا بهــذه‬
‫الدرجــة مــن التحــدي العلنــي للســلطة‪,‬‬

‫‪277‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫والكثيــر منهــم ســيكتفي بالتصويــت ملرشــح املعارضــة ســراً دون حاجــة إلــى حضــور‬
‫املهرجانــات االنتخابيــة للمعارضــة ‪ ,‬وبالتالــي خســران رضــا الســلطة أو اســتجالب‬
‫غضبهــا عليهــم بــدون مبــرر كايف ‪.‬‬

‫ووفقــا للمعطيــات الســابقة وبالنظــر إلــى احلضــور الشــعبي الكبيــر يف مهرجانــات بــن‬
‫شــمالن االنتخابيــة وبالــذات يف عمــران واحملويــت ‪ ,‬واجلــوف وحجــة واحلديــدة ‪-‬أي كل‬
‫احملافظــات التــي أقــام فيهــا مهرجانــات انتخابيــة حتــى كتابــة هــذا‪ , -‬ميكــن القــول وبــكل‬
‫اطمئنــان أن بــن شــمالن يتقــدم بأميــال وليــس فقــط بخطــوات علــى مرشــح الســلطة يف‬
‫الســباق الرئاســي لعــام ‪2006‬م ‪ .‬لقــد أذهلنــي احلضــور الشــعبي الكبيــر يف مهرجــان بــن‬
‫شــمالن يف عمــران‪.‬‬

‫وكان قــد فاجأنــي احلضــور امللفــت يف مهرجانــه باحملويــت وهكــذا بالنســبة حلجــة‬
‫واحلديــدة وســيئون‪ ,‬وعتــق‪ ,‬واجلــوف‪ ,‬ومــأرب ‪ ,‬ولقــد الحــظ املشــاهد كيف كانــت «املنتجة»‬
‫التلفزيونيــة و»أجهــزة» األمــن مــن خلفهــا تعبــث بالصــورة وهــي تنقــل تلــك املهرجانــات عبــر‬
‫الفضــاء‪,‬‬

‫وكيــف اضطــر املصــور و»املمنتــج» يف حجــة مث ـ ً‬


‫ا أن يركــز عدســة الكاميــرا «الــزوم» يف‬
‫معظــم الوقــت علــى املســاحة الفارغــة مــن الســاحة ‪ ,‬وحتديــداً علــى موقــف الســيارات‪,‬‬
‫رافضـاً االنتقــال ولــو للحظــة واحــدة إلــى وســط امليــدان الرياضــي حيــث البشــر و احلشــود‬
‫الشــعبية الهائلــة ‪...‬والتــي جــاءت لتســتمع لــن شــمالن وحتيــي شــجاعته وإقدامــه يف‬
‫حتــدى االســتبداد والفســاد ‪.‬‬

‫لــم يكــن التالعــب بالصــورة التلفزيونيــة ســوى تعبيــر عــن اخلــوف والتوجــس مــن إمكانيــة‬
‫أن تســاهم الصــورة يف زيــادة جرعــة التحــدي الشــعبي يف احملافظــات األخــرى‪ ،‬حيــث‬
‫سيتســاءل النــاس هنــاك إذا كان هــذا هــو حــال أبنــاء احملافظــات األقــل كثافــة ســكانية‬
‫جتــاه مرشــح الســلطة فلمــاذا ال يكــون حالنــا نحــن يف احملافظــات األخــرى أفضــل منهــم يف‬
‫عمليــة اخلــروج علــى الســلطة والتحــدي لهيبتهــا وجبروتهــا ‪.‬‬

‫‪278‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫املشــهد السياســي واالنتخابــي اليمنــي اليــوم ‪ ,‬يشــير بوضــوح ‪,‬إلــى أن التغييــر «قــادم ‪..‬‬
‫قــادم «‪ ....‬رغــم كل الزعيــق والتهديــد والوعيــد ‪ ,‬وان قطــار الدميقراطيــة يتحــرك إلــى‬
‫األمــام ‪ ,‬بــل ويســير نحــو احملطــة األخيــرة بســام ‪,‬‬
‫وهــذا بالضبــط مــا كنــا نحلــم بــه ونبشــر النــاس بــه ومبشــروعه الوطنــي الكبيــر فليــت‬
‫(‪((7‬‬
‫شــعري هــل مــن ســعادة اكبــر مــن هــذه الســعادة التــي يعشــها اليمنيــون اليــوم‬

‫صحيفة الثوري‬
‫االثنني ‪ 11‬سبتمبر‪-‬أيلول ‪2006‬م ‪03:31‬‬

‫(‪ )75‬توجهــت باخلطــاب يف هــذا املقــام للشــهيد جــار اهلل عمــر ألنــه كان اكثــر مــن عمــل قبــل استشــهاده للوصــول الــى شــيء مــن‬
‫الدميقراطيــة والتنافســية علــى مركــز الســلطة االول وبنــاء وعــي وطنــي ان ذلــك حــق مــن حقــوق املواطنــة‬

‫‪279‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫(‪)19‬‬

‫املرشح الرئاسي الذي نسي اسمه‬

‫األحد‪ 17‬سبتمبر‪-‬أيلول ‪2006‬م‬

‫هنــاك واحــد علــى األقــل مــن املرشــحني اخلمســة ليــس لــه يف هــذه العمليــة الدميقراطيــة‬
‫الكبيــرة ســوى محاولــة إفســادها بالشــتائم والســباب التــي يقذفهــا بلســانه الطويــل كل يــوم‬
‫ضــد مرشــح اللقــاء املشــترك فيصــل بــن شــمالن مقابــل اإلطــراء واملديــح الــذي يســديه كل‬
‫يــوم أيضــا ملرشــح رئاســي آخــر هــو مرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام علــي عبــد اهلل صالــح ‪.‬‬

‫منــذ طفولتــي وأنــا اســمع عــن الرجــل الــذي فقــد مــاء وجهــه ‪ ,‬لكنهــا املــرة األولــى التــي‬
‫«يحصــل لــي الشــرف» ملقابلتــه وجهــا لوجــه‪ ,‬ليــس هــذا فقــط ‪,‬بــل واالســتماع مباشــرة‬
‫إلــى مــا تقذفــه لســانه ضــد خصومــه وأصدقائــه ســواء بســواء ‪ ,‬ولعــل هــذه هــي إحــدى‬
‫الفوائــد الكثيــرة التــي تزجيهــا لنــا هــذه االنتخابــات الرئاســية‪.‬‬

‫اقصــد فائــدة أن تلتقــي بهــذا النــوع مــن املرشــحني‪ ,‬وقبــل هــذا فائــدة أن تعــرف «النــاس»‬
‫وتختبــر معدنهــم وقدرتهــم علــى الصمــود والتماســك يف امللمــات اجلســام واالســتحقاقات‬
‫الكبــار ‪.‬‬

‫تصــوروا شــخصاً ينســى متامـاً اســمه وانــه مرشــح رئاســي‪ ،‬وقبــل ذلــك ينســى بــان «‪»15‬‬
‫حزبــاً سياســياً هــي التــي رشــحته باســمها يف هــذا الســباق الرئاســي علــى األقــل مــن‬
‫الناحيــة النظريــة‪ ،‬لكنــه يف املقابــل ال ينســى ولــو للحظــة واحــدة تذكــر كل شــاردة وواردة‬
‫قالهــا و يقولهــا فيصــل بــن شــمالن وقيــادات أحــزاب املشــترك طــوال احلملــة االنتخابيــة‪،‬‬
‫هذا هو املرشح الرئاسي الذي نسي اسمه‪ ,‬وأحدثكم اليوم عنه هكذا ‪..‬‬

‫‪280‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫يجلــس كل مســاء أمــام شاشــة التلفزيــون الصنعانــي ويســتمع بإصغــاء واهتمــام شــديدين‬
‫إلــى مــا قالــه فيصــل بــن شــمالن يف مهرجانــه االنتخابــي وبعــد أن يــدون املالحظــات‬
‫«العميقــة» علــى الكلمــة ‪,‬ويتلقــى االتصــاالت التلفونيــة املطلوبــة حولهــا يذهــب إلــى ســريره‬
‫ويخلــد إلــى النــوم مرتاح ـاً ‪,‬وليــس يف بالــه أو ضميــره ســوى االســتيقاظ باكــراً والذهــاب‬
‫إلــى «مهرجانــه» التالــي‪.‬‬

‫وهنــاك وأمــام اجلماهيــر احملتشــدة يف الفصــل الدراســي اخلالــي مــن الكراســي واألبــواب‬
‫يبــدأ حديثــه اليومــي عــن املنجــزات العظيمــة للرئيــس صالــح يف مجــال التعليــم والصحــة‬
‫والطرقــات ومــا أدراك مــا الطرقــات تصــوروا انــه يتحــدث عــن مئــات آالف الكيلــو متــرات‬
‫مــن الطرقــات املســفلتة وغيــر املســفلتة ‪!.‬‬

‫الــم اقــل لكــم بــان هــذا االنتخابــات لهــا فوائــد كثيــرة اقلَّهــا أن تتعرفــوا علــى هــذا املرشــح‬
‫العبقــري الــذي يتحــدث ارجتــاال باألرقــام والبيانــات وعــن الطرقــات‪ ،‬ومــا أدراك مــا‬
‫الطرقــات وبــآالف الكيلومتــرات أيضــا‪.‬‬

‫بالطبــع هنــاك مرشــحون رئاســيون آخــرون قبلــوا علــى أنفســهم القيــام بالــدور الــذي يقــوم‬
‫بــه صاحبنــا‪ ،‬لكننــي علــى يقــن انــه أكثرهــم عنصريــة جتــاه نفســه وأعظمهــم امتهانــا‬
‫(‪((7‬‬
‫إلنســانيته‪ .‬يف هــذه االنتخابــات الرئاســية‪.‬‬

‫هنــاك مفارقــات كثيــرة أيضــا احدهــا أن قيــادي اشــتراكي كبيــر قــرر وقبــل عشــرة أيــام‬
‫فقــط مــن انتهــاء احلملــة االنتخابيــة أن يلتحــق بـ»اجلماهيــر» التــي بايعــت مرشــح املؤمتــر‬
‫الشــعبي العــام يف ســيئون ‪ ,‬وليتــه استشــار اقــرب أصدقائــه فلرمبــا نصحــه بــان الوقــت‬
‫لــم يكــن مناســبا لإلقــدام علــى مثــل هــذا النــوع مــن اخلطــوة غيــر احملســوبة‪ ,‬وان عليــه أن‬
‫ا ويتماســك قليـ ً‬
‫ا ومــا هــي إال أيــام معــدودة وتنتهــي احلملــة االنتخابيــة ويخــرج‬ ‫يصبــر قليـ ً‬
‫(‪((7‬‬
‫منهــا ســاملاً وكفــى اهلل املؤمنــن شــر القتــال‬

‫(‪ )76‬كنــت احتــدث عــن مرشــح رئاســي شــكلي حتــى اســمه وضــع بهــدف محاولــة خــداع الناخــب كونــه اقــرب الــى اســم امــن عــام‬
‫االشــتراكي ورمبــا مــن نفــس منطقتــه !‬
‫(‪ )77‬املقصــود هنــا االخ احمــد املجيــدي الــذي اعلــن تأييــده للرئيــس صالــح يف االيــام االخيــرة للحملــة االنتخابيــة وضــدا علــى‬
‫موقــف حزبــه‬

‫‪281‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ومــن يــدري فقــد يذكــره صديقــه بحكايــة الصنعانــي الذي طلب الهاشــمية كطريــق للوجاهة‬
‫واملكانــة لــدى الســلطة واملجتمــع فتحولــت بســبب ســوء تقديــر ذلــك االنتهــازي للموقــف إلــى‬
‫وبــال عليــه وليــس العكــس ‪.‬‬

‫حكاية الصنعاني العائد من احلبشة‬

‫واحلكايــة هــي أن الصنعانــي املذكــور عــاد مــن احلبشــة إلــى صنعــاء بعــد اغتــراب طويــل‬
‫عنهــا وكان ذلــك يف الســنوات األخيــرة مــن حكــم اإلمــام احمــد وعندمــا وجــد أن احلظــوة‬
‫حينهــا للهاشــميني قــرر أن يرفــع دعــوى يف احملكمــة ليثبــت انــه هاشــمي‪ ،‬وفعـ ً‬
‫ا وبعــد عــام‬
‫ونصــف مــن املشــارعة والعنــاء‪.‬‬

‫صــرف خاللهــا كل املصــروف الــذي جمعــه مــن ارض االغتــراب صــدر حكمـاً قضائيـاً يثبــت‬
‫هاشــميته وتنفــس صاحبنــا الصعــداء وظــن أن أبــواب النعيــم قــد فتحــت أمامــه‪.‬‬

‫غيــر أن مشــكلته احلقيقيــة بــدأت بعــد صــدور احلكــم القضائــي وليــس قبلــه ‪ ,‬والســبب‬
‫هــو أن احلكــم القضائــي صــدر يف اليــوم األول ‪ ,‬ويف اليــوم التالــي قامــت ثــورة ‪26‬ســبتمبر‬
‫وبالتالــي ســقط حكــم بيــت حميــد الديــن ومعهــم كل مــن كان يف الســلطة مــن الهاشــميني‬
‫بــل إن االضطهــاد حينهــا طــال اســر هاشــميه عديــده لــم يكــن لهــا مــع الســلطة عالقــة مــن‬
‫النــوع الــذي كان يطلبــه صاحــب احلكــم القضائــي الــذي وجــد نفســه خــارج الزفــة وبحاجــة‬
‫إلــى شــريعة جديــدة وســنوات أخــرى مــن العنــاء ليثبــت انــه ليــس هاشــميا وان احلكــم‬
‫القضائــي باطــل ويلعــن أبــو مــن أصــدره ههههههــه‬

‫* محمد محمد املقالح‬


‫يف األحد‪ 17‬سبتمبر‪-‬أيلول ‪2006‬م‬

‫‪282‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫(‪)20‬‬

‫مرشح املؤمتر والتهديد باحلروب األهلية !!‬

‫تهديــد بعــض قيــادات الســلطة وكتَّابهــا بـ(احلــرب األهليــة) يف حالــة فــوز مرشــح املعارضــة‬
‫يف االنتخابــات الرئاســية عمــل خطيــر جــدا‪ ,‬بقــدر مــا هــو حقيــر جــداً ‪.‬‬

‫وهــو خطيــر ألنــه يكشــف أن جماعــة الســلطة التــي يرأســها مرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام‪,‬‬
‫يضمــرون نوايــا ســيئة وشــريرة جتــاه االنتخابــات ونتائجهــا ‪ ,‬وأنهــم علــى اســتعداد‬
‫– إن اســتطاعوا طبع ـاً‪ -‬الســتخدام القــوة والســاح بــل وتفجيــر البــاد بكاملهــا حفاظ ـاً‬
‫علــى ســلطتهم املتقادمــة ‪ ,‬ووقوف ـاً يف وجهــة اإلرادة الشــعبية التــي ســتفرزها االنتخابــات‬
‫الرئاســية ‪.‬‬

‫أمــا انــه عمــل حقيــر‪ ,‬فاملعنــى انــه عمــل صغيــر ومتناهــي يف الصغــر جــداً الن مثــل‬
‫هــذه التهديــدات «الشــوربانية» ال تكشــف ســوى عــن قلــق وخــوف جماعــة الســلطة مــن‬
‫نتائــج التنافــس الســاخن مــع مرشــح املعارضــة وال تهــدف ســوى إلــى (تخويــف) الناخبــن‬
‫والناخبــات مــن «خطــورة» التصويــت ملرشــح املعارضــة بعــد أن تكشــف لهــم أن املــزاج العــام‬
‫لشــرائح واســعة مــن أبنــاء وبنــات اليمــن يتجــه نحــو التغييــر والتــداول الســلمي للســلطة‬
‫ومــن أول انتخابــات رئاســية حقيقيــة ‪.‬‬

‫أعلــم بــأن الذيــن يهــددون بـ»احلــرب األهليــة « ال يقــدرون علــى تفجيرهــا ‪ ,‬وعلــى العكــس‬
‫مــن ذلــك متامــا فــان مــن يقفــز مــرة واحــدة ومــن أول خطــوة نحــو التهديــد باألزمــات‬
‫واحلــروب‪ ,‬وبــدون ســبب وجيــه فــان عليــك أن تثــق متامـاً انــه اضعــف واجــن مــن أن يفعلهــا‬
‫أو يقــدر علــى مواجهتهــا أن حصلــت ‪.‬‬

‫نعــم يســتطيع الرئيــس احلالــي مرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام أن يوقــف بالقــوة االنتخابــات‬
‫الرئاســية‪ ،‬وباســتطاعته اآلن أن يفتعــل األزمــات واحلــروب الداخليــة بهــدف تأجيــل‬
‫االنتخابــات‪ ,‬والهــروب مــن مواجهــة اســتحقاقاتها‪،‬‬

‫‪283‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫لكنــه غيــر قــادر مطلقـاً أن يقــف يف وجــه اإلرادة الشــعبية بعــد التعبيــر عنهــا يف صناديــق‬
‫االقتــراع ‪ ,‬وإن حــاول فلــن يعمــل ســوى عــزل نفســه عــن مواطنيــه وإخراجهــا مــن التاريــخ‬
‫مصحوبــة بأصــوات املقــت واالزدراء بــدالً مــن أصــوات الناخبــن وخياراتهــم احلــرة ‪.‬‬

‫مــن يقــوم بتخويــف النــاس مــن خطــورة التصويــت ملرشــح املشــترك علــى امــن واســتقرار‬
‫البــاد ووحدتهــا يقــر ضمنـاً أنــه غيــر مؤهــل للحصــول علــى هــذه األصــوات لكونــه األفضــل‬
‫واألكفــأ‪ ,‬بــل الن خروجــه مــن الســلطة يهــدد امــن واســتقرار البــاد‪.‬‬

‫وكأنهــم يقولــون نعــم مرشــحكم أفضــل أيهــا املعارضــة وهــو أكثــر نزاهــة واســتقامة مــن‬
‫مرشــحنا كمــا انــه ال يكــذب وال ميــارس التضليــل علــى شــعبه مثــل صاحبنــا ‪......‬كل هــذا‬
‫نســلم لكــم بــه‪ ,‬ولكــن عليكــم أن تخافــوا علــى اســتقرار وامــن البــاد يف حــال قــررمت إخــراج‬
‫صاحبنــا منهــا!‪..‬‬

‫آال ميثــل هــذا الطــرح إهانــة ملرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام علــي عبــد اهلل األحمــر‪ ,‬بقــدر‬
‫مــا هــو محاولــة صريحــة لتضليــل الــرأي العــام عبــر تخويفهــم مــن (البوبحــي) ومــن‬
‫(بعيونــه الطحــن) كمــا كانــت تعمــل األمهــات يف القريــة وهــي تخــوف أطفالهــا حتــى ال‬
‫ميارســون حريتهــم يف اخلــروج مــن الغرفــة واللعــب يف ســالم البيــت ودهاليــزه العليــا‪.‬‬

‫فــوز مرشــح املعارضــة أمــر ممكــن جــداً وإذا مــا حصــل فــان اليمــن ســتكون أفضــل وأكثــر‬
‫أمنــاً واســتقراراً ووحــد ًة ‪ ,,‬وعلــى الرئيــس احلالــي «علــي األحمــر»(‪ ((7‬أن يوطــن نفســه‬
‫ويهيئهــا مــن اآلن علــى أمريــن اثنــن ولكــن أساســيني‪:‬‬
‫ •األول هــو أن يقبــل ويتفهــم بــان احلمــات االنتخابيــة التنافســية ال تعنــي شــيء ســوى‬
‫وضعــه وتاريخــه وســيرته الذاتيــة علــى املشــرحة‪ ,‬وان كل مــا عملــه أو مارســه طــوال‬
‫‪28‬ســنة مــن «التفحيــط» فــوق رؤوس النــاس ويف أزقــة اجليــران وبوابــات املــدارس‬
‫الثانويــة مع ـ َّرض للنقــد واالتهــام واملســاءلة‪.‬‬

‫‪ 78‬قدم اوراق ترشحه حينها باسمه الكامل مع لقب االحمر نسبة الى قريته بيت االحمر وليست نسبة الى اسرة بيت االحمر‪.‬‬

‫‪284‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫وإذا مــا حصــل فعليــه أن ال يزعــل أو يغضــب الن هــذه هــي االنتخابــات التنافســية‬
‫واحلمــات االنتخابيــة وعليــه أن يعلــم بــان املعارضــة تنافــس علــى كرســي الرئاســة‬
‫وليــس أي شــيء آخــر‪.‬‬

‫ •األمــر الثانــي هــو أن هــذه االنتخابــات ‪,‬واشــدد علــى كلمــة (هــذه االنتخابــات ) ميكــن‬
‫أن تفضــي إلــى فــوز مرشــح املعارضــة فيصــل بــن شــمالن وبالتالــي خــروج الرئيــس‬
‫احلالــي ســلمياً ودميقراطيـاً مــن الســلطة‪ ,‬وهــو احتمــال قائــم وميكــن أن يتحقــق فعـ ً‬
‫ا‬
‫علــى رغــم أنــف الصديــق العزيــز نصــر طــه مصطفــى‪ ,‬وذلــك ألســباب وعوامــل كثيــرة‬
‫ليــس بينهــا نتائــج اســتطالعات الــرأي االلكترونــي‪.‬‬

‫ولكــن حلاجــة غالبيــة أبنــاء وبنــات اليمــن إلــى التغييــر أوال‪ ,‬وشــخصية ومكانــة وتاريــخ‬
‫مرشــح املعارضــة فيصــل بــن شــمالن واعتبــاره النقيــض املوضوعــي ملرشــح املؤمتــر الشــعبي‬
‫العــام يف كل شــيء تقريب ـاً ثانيــا‪.‬‬

‫والتفــاف خمســة أحــزاب مينيــة رئيســية مــن حولــه بعضهــا لــه حضــور وفاعليــة يف كل قريــة‬
‫ومدينــة مينيــة علــى طــول وعــرض البــاد ثالثــا ‪,‬‬

‫وهــي جميعــاً عوامــل كبيــرة ومؤثــرة علــى اجتاهــات الناخبــن وتصويتاتهــم ينبغــي لــكل‬
‫عاقــل أن يضعهــا يف حســابه وان يعمــل مــن اآلن علــى تهيئــة نفســه وحزبــه لتقبــل نتائجهــا‬
‫بهــدوء‪ ,‬ورباطــة جــاش كبيريــن‪ ,‬أمــا االنفعــال والغضــب والتهديــد باألزمــات واحلــروب‬
‫(‪((7‬‬
‫الداخليــة فلــن ينفــع شــيئا يف مثــل هــذه االســتحقاقات الدميقراطيــة‬

‫محمد محمد املقالح‬

‫(‪ )79‬خطــب صالــح حينهــا انــه لــو فــازت املعارضــة فــان اليمــن ســتتحول الــى صومــال اخــرى! لألســف تبــن بعــد ثــورات الربيــع‬
‫العربــي ‪2011‬م ان احــزاب املعارضــة وجماعــة االخــوان حتديــداً قــد قــادت اليمــن وبلــدان عربيــة اخــرى الــى مــا هــو اســوا مــن‬
‫الصومــال الــذي حــذر منــه صالــح بقصــد تخويــف النــاس مــن املعارضــة لــم تكــن املعارضــة متوقعــه حدوثــه ومــرة اخــرى لألســف‬
‫طلــع كالم صالــح صــح وان كان لــه الــدور االهــم يف وصــول اليمــن الــى مــا وصلــت اليــه دون ان يعنــي ان املعارضــة لــم تســهم يف‬
‫ذلــك بــل ســاهمت فيــه كثيــرا !‬

‫‪285‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫رسائل الى املشترك‬


‫(‪)21‬‬
‫رسالة الى قيادة املشترك‬
‫حتى ال تؤثر االنتخابات احمللية على أهداف املعارضة الكبرى‬

‫صنعاء ‪2006/8/5‬م‬

‫حقــق تكتــل اللقــاء املشــترك ‪-‬مبجــرد قيامــه‪ -‬إجنــازاً وطنيــاً‪ ,‬ودميقراطيــاً‪ ,‬وقيميــاً‬
‫عظيمـاً ‪ ,‬ســيكون لــه آثــاره االيجابيــة الكبيــرة على مســتوى التجربة الدميقراطية والســام‬
‫االجتماعــي ‪ ,‬ويف تصحيــح كثيــر مــن املفاهيــم والعالقــات السياســية واالجتماعيــة اخلاطئة‬
‫التــي ســادت لألســف الشــديد يف أوســاط مجتمعنــا طــوال العقــود الثالثــة املاضيــة ‪.‬‬

‫وهــي العهــود التــي ســادت فيهــا الصراعــات واحلــروب بــن األحــزاب السياســية وعــدد‬
‫مــن القــوى االجتماعيــة ‪ ,‬وســاهمت ألســباب وعوامــل كثيــرة ليــس فقــط يف ترســيخ‬
‫االســتبداد وإطالــة أمــد احلكومــات الظاملــة ويف تكريــس ثقافــة الكراهيــة والعــداء بــن‬
‫اليمنيــن عمومـاً وبــن األحــزاب والقــوى الوطنيــة واإلســامية التــي كانــت تنشــد جميعهــا‬
‫االنعتــاق والتحــرر والتقــدم لبلدهــا وشــعبها خصوصــا ‪.‬‬

‫وباتفــاق أحــزاب اللقــاء املشــترك علــى برنامــج اإلصــاح السياســي والوطنــي الــذي‬
‫شــخصت مــن خاللــه مشــكالت اليمــن الكبــرى واملتمثــل يف وجــود ســلطة اســتبدادية ضيقــه‬
‫ال تقبــل بالشــراكة الوطنيــة أو بالتــداول الســلمي للســلطة وال تقبــل مببــدأ مســاءلة مــن‬
‫ميتلــك الســلطة أمــام البرملــان والشــعب عمومــا ‪,‬أوال ‪.‬‬

‫‪ ,‬ثــم يف اتفاقهــا – مــن ناحيــة أخــرى ‪ -‬علــى مرشــح رئاســي واحــد مبكانــة ونزاهــة وتاريــخ‬
‫الشــخصية الوطنيــة الكبيــرة فيصــل عثمــان بــن شــمالن ‪ ,‬فــان املعارضــة اليمنيــة ممثلــة‬
‫بأحــزاب اللقــاء املشــترك ‪ ,‬تكــون قــد وضعــت أقدامهــا علــى الطريــق الصحيــح مــن اجــل‬
‫صناعــة تاريــخ جديــد ومجيــد لشــعبها وأمتهــا وســتحقق الكثيــر مــن القضايــا الوطنيــة‬

‫‪286‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫والدميقراطيــة املصيريــة ‪ ,‬حتــى وان لــم يفــز مرشــحها يف هــذه الــدورة الهامــة ‪ ,‬وعلــى‬
‫راس هــذه األهــداف الكبــرى التــي ســتحققها مــا ميكــن إجمالــه بالعناويــن الثالثــة التاليــة‪-:‬‬

‫ •ستســهم مشــاركة املعارضــة يف االنتخابــات الرئاســية يف حتريــك عجلــة الدميقراطيــة‬


‫اليمنيــة إلــى األمــام بعــد أن كانــت قــد توقفــت وبــدأت تتراجــع إلــى اخللــف ألســباب‬
‫وعوامــل كثيــرة ال مجــال حلصرهــا اآلن ‪ ,‬وســتمثل هــذه االنتخابــات محطــة فارقــة‬
‫يف تاريــخ الدميقراطيــة اليمنيــة والتــداول الســلمي للســلطة وذلــك مــن خــال خلــق‬
‫وعــي جديــد لــدى الــرأي العــام ‪ ,‬يف أن الدميقراطيــة واالنتخابــات هــي طريــق التغييــر‬
‫واإلصــاح مــن ناحيــة وأن االحتفــاظ بالســلطة عــن طريــق القــوة وآليــات اجليــش‬
‫واألمــن لــم يعــد لهــا مــكان بعــد اليــوم ‪.‬‬

‫ •ستســهم املعارضــة مــع مرشــحها فيصــل بــن شــمالن يف تعزيــز الهويــة الوطنيــة ومتتــن‬
‫الوحــدة الداخليــة ومــداواة جروحهــا الغائــرة عبــر إشــعار كل مينــي بغــض النظــر عــن‬
‫منطقتــه او عشــيرته ان الدولــة اليمنيــة ملــك جلميــع اليمنيــن وان الوصــول الــى اعلــى‬
‫مناصبهــا حــق اصيــل مــن حقــوق املواطنــة وليــس حكــراً علــى شــخص بعينــه ومنطقتــه‬
‫او شــطر بعينــه‪ ,‬وهــو مــا يعنــي تكريــس الهويــة الوطنيــة لــدى املواطــن والتقليــل مــن‬
‫مشــاعر الغــن والتهميــش التــي تعتــري شــرائح ومناطــق واســعة مــن ابنــاء ومحافظــات‬
‫اليمن‪.‬‬

‫ • ستســهم املعارضــة يف هــذا االســتحقاق الوطنــي الكبيــر يف نبــذ وإنهــاء فكرتــي (تأبيــد‬
‫وتوريــث ) الســلطة بعــد أن كان البعــض قــد جنــح والــى حــد كبيــر يف ترســيخ مفهــوم‬
‫التوريــث يف وعــي شــرائح واســعة مــن أبنــاء اليمــن بحكــم األمــر الواقــع ‪.‬‬

‫اعلــم بــأن كل هــذه االهــداف الوطنيــة واملصيريــة واضحــة جــداً يف اذهــان قيــادات وقواعــد‬
‫احــزاب اللقــاء املشــترك واال ملــا وصلــت الــى هــذه النتائــج العظيمــة حتــى اآلن غيــر اننــي‬
‫يف احلقيقــة اشــعر بشــيء مــن القلــق يف ان تغيــب هــذه احلقائــق الوطنيــة الكبــرى يف‬
‫ذهــن بعضنــا أثنــاء احلملــة االنتخابيــة وبســبب تزامــن االنتخابــات الرئاســية مــع احملليــة‬
‫وإمكانيــة أن ننشــغل باالســتحقاق الثانــوي (احملليــات) علــى حســاب االســتحقاق الرئيســي‬
‫واالهــم (الرئاســيات) ‪.‬‬

‫‪287‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫وعلــى ذلــك فــان مــا أهــدف إليــه حتديــداً يف هــذه الورقــة هــو ان نعمــل بوعــي ومبســئولية‬
‫مــن اجــل ان تكــون احملليــات احــد واهــم وســائل إجنــاح الرئاســيات وليــس العكــس ‪,‬‬
‫وحتــى تبــدو املســألة اكثــر وضوحــا يجــب مالحظــة البعديــن التاليــن يف موضــع انتخابــات‬
‫املجالــس احملليــة‪.‬‬

‫البعد األول‬

‫هــو ان فــوز اللقــاء املشــترك او بعــض احزابــه بغالبيــة مقاعدهــا لــن ميثــل ســوى انتصــار‬
‫معنــوي وسياســي امــا مــن الناحيــة العمليــة فــان الفــوز بأغلــب او كل مقاعــد احملليــات‬
‫ســيمثل عبئــا علــى الطــرف الفائــز اكثــر منــه مكســباً‪.‬‬

‫ويعــود ذلــك الــى ان صالحيــات هــذه املجالــس محــدودة جــداً مــن الناحيــة القانونيــة ‪,‬‬
‫فض ـ ً‬
‫ا عــن هيمنــة الســلطة املركزيــة عليهــا مــن الناحيــة العمليــة وبســبب تراكــم الوعــي‬
‫الســلبي يف هــذا االجتــاه‪.‬‬

‫االمــر الــذي لــن يســاعد أي حــزب علــى النجــاح عبــر حصولــه علــى مقاعــد احملليــات يف‬
‫املديريــات واحملافظــات ســوا ًء مــن ناحيــة التنميــة وتوزيــع اخلدمــات االجتماعيــة يف هــذه‬
‫ا يحكمــون أنفســهم‬ ‫املديريــات او مــن الناحيــة الدميقراطيــة وإشــعار النــاس أنهــم فعــ ً‬
‫بواســطة املجالــس احملليــة املنتخبــة ‪,‬‬

‫وهــذا يفــرض علــى املعارضــة ان تتوقــف مليـاً أمــام فكــرة التســابق او التنافــس فيمــا بينهــا‬
‫حــول مــن يفــوز بأغلــب أو كل مقاعــد املجلــس احمللــي وعلــى حســاب بقيــة أطــراف اللقــاء‬
‫املشــترك والدليــل علــى ذلــك هــو أن بعــض أحــزاب اللقــاء املشــترك متتلــك غالبيــة بعــض‬
‫مجالــس املديريــات اال انهــا لــم تعمــل مــن الناحيــة العمليــة أي شــيء مييــز هــذه املديريــات‬
‫عــن بقيــة املديريــات التــي يتحكــم فيهــا بغالبيــة مقاعدهــا املؤمتــر الشــعبي العــام‪ ,‬هــذا مــن‬
‫ناحيــة ‪ ,‬ومــن ناحيــة أخــرى فــان فــوز بعــض احــزاب اللقــاء املشــترك بغالبيــة املقاعــد علــى‬
‫أهميتــه والســعي اليــه اال ان الفــوز لــن يحســب اال اذا كان فــوزاً للمشــترك وليــس فقــط‬

‫‪288‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫حلــزب او حزبــن مــن املشــترك وعلــى العكــس فقــد يتحــول ذلــك الــى عنــوان لــدى اخلصــوم‬
‫لزعزعــة الثقــة بــن احــزاب اللقــاء املشــترك كمــا حصــل يف انتخابــات ‪2003‬م البرملانيــة ‪.‬‬

‫البعد الثاني يف احملليات‬

‫هــو ان مقاعــد املجالــس احملليــة يف كل مديريــة ومحافظــة يتــراوح بــن ‪15‬الــى ‪ 23‬مقعــدا‬
‫األمــر الــذي يتيــح لــكل أحــزاب املعارضــة ان تقــدم مرشــحني يف هــذه املجالــس ان ارادت‬
‫دون ان تؤثــر علــى مرشــحي بقيــة أطــراف املشــترك كل بحجــم تواجــده‪.‬‬

‫االمــر الــذي يوفــر فرصــة للمعارضــة يف أن تخفــف مــن أنانيتهــا أو «ابتزازهــا» وان جتعــل‬
‫مــن االنتخابــات احملليــة وســيلة لتعزيــز الثقــة فيمــا بينهــا علــى مســتوى احملافظــات‬
‫واملديريــات ‪ ,‬وان جتعــل مــن الفــوز املشــترك يف احملليــات عامــل أساســي لتأكيــد فوزهــا‬
‫وجناحهــا يف الرئاســيات ‪.‬‬

‫ومن كل هذا اخلص إلى اآلراء واملقترحات التالية‬

‫ •بــان علــى احــزاب املشــترك ان تركــز علــى االســتحقاق االهــم وهــو الرئاســيات وان ال‬
‫تنشــغل بالتســابق علــى مقاعــد احملليــات مبــا يؤثــر علــى االســتحقاق االول‪.‬‬
‫ • مينــع منعــاً باتــاً التنافــس علــى املقاعــد احملليــة بــن أحــزاب املشــترك ولــو علــى‬
‫مســتوى مقعــد واحــد الن ذلــك لــن يؤثــر ســلباً علــى بقيــة دوائــر التنســيق يف املديريــات‬
‫واحملافظــات املجــاورة بــل وعلــى االنتخابــات الرئاســية نفســها ‪.‬‬

‫ •ان جتعــل مــن االنتخابــات احملليــة وســيلة لتعزيــز الثقــة ومتتــن روابــط التعــاون فيمــا‬
‫بينهــا وليــس العكــس‪.‬‬

‫ •علــى االحــزاب الكبيــرة (االشــتراكي واالصالح) ان تتجــاوز انانيتها يف هذه االنتخابات‬


‫وان تقــدم لألحــزاب الصغيــرة أي شــيء تطلبــه يف موضــع عــدد مرشــحيها الن ذلــك‬
‫لــن يؤثــر علــى حضــور وتواجــد هــذه االحــزاب مهمــا قدمــت مــن تنــازالت ‪.‬‬

‫‪289‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ •علــى االحــزاب الصغيــرة ان ال متــارس أي نــوع مــن انــواع االبتــزاز لألحــزاب الكبيــرة‬
‫مبــا يجعلهــا تطالــب مبرشــحني اكبــر مــن حجمهــا يف هــذ املديريــة او تلــك وان يكــون‬
‫همهــا االول واالخيــر هــو تســجيل حضــور سياســي يف احملافظــات التــي ال يوجــد لهــا‬
‫فيهــا قاعــدة اجتماعيــة ‪.‬‬

‫ •علــى املشــترك عمومـاً أن يحــرص بــان يكــون لعمــوم أحزابــه تواجــد ولــو مبقعــد واحــد‬
‫علــى مســتوى كل مديريــة ومحافظــة‪ ,‬ومبعنــى أوضــح بجــب أن ال يكــون هنالــك مجلــس‬
‫محلــي واحــد يكــون املرشــحني فيــه مــن حــزب معــارض واحــد فقــط مهمــا كان حجمــه‬
‫بــل مــن الضــروري ان يكــون هنالــك حــزب آخــر إلــى جانبــه ولــو مبرشــح واحــد فقــط‪.‬‬

‫ •والهــدف مــن ذلــك هــو تأكيــد فــوز مرشــحي املشــترك وليــس فــوز مرشــح هــذا احلــزب‬
‫أو ذاك وان جتــد األحــزاب األصغــر مصلحتهــا يف املشــترك أفضــل مــن ان يســتفيد‬
‫الطــرف اآلخــر مــن مشــاعر اإلقصــاء والغــن التــي قــد يشــعر بهــا هــذا احلــزب أو‬
‫ذاك ‪.‬‬

‫مقترحات لكيفية اختيار مرشحي املشترك على ضوء ما سبق‪:‬‬

‫‪1.1‬معظــم احملافظــات واملديريــات يكــون التوزيــع فيهــا علــى أســاس نصــف املرشــحني‬
‫للتجمــع اليمنــي لإلصــاح والنصــف اآلخــر لبقيــة أحــزاب املشــترك كل بحســب‬
‫تواجــده وحضــوره وجاهزيتــه وحاجتــه إلــى التواجــد يف هــذه املنطقــة أو تلــك وبذلــك‬
‫نحقــق حضــور املشــترك دون غمــط احلــزب األكبــر يف حقــه يف تقــدمي عــدد اكبــر مــن‬
‫املرشــحني يف كل مديريــات ومحافظــات اجلمهوريــة‪.‬‬

‫‪2.2‬عــدد مقــدر مــن احملافظــات واملديريــات يكــون التوزيــع فيهــا علــى أســاس نصــف‬
‫املرشــحني للحــزب االشــتراكي والنصــف اآلخــر لبقيــة أحــزاب املشــترك كل حســب‬
‫تواجــده وحضــوره ‪ , ,‬الــخ‬

‫‪290‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫‪3.3‬محافظــة وعــدد مــن املديريــات يف محافظــات أخــرى يكــون التوزيــع فيهــا علــى أســاس‬
‫ثلــث لإلصــاح وثلــث لالشــتراكي وثلــث للناصــري واقصــد هنــا محافظــة تعــز وعــدد‬
‫مــن مديريــات اب واحلديــدة والضالــع (جــن) وغيرهــا ‪ ,‬مــع منــح أي حــزب آخــر‬
‫مقعــد أو مقعديــن يرغــب يف احلصــول عليــه يف كل مديريــة ولــه مرشــح مقبــول‬
‫اجتماعي ـاً يف هــذه املديريــات‬

‫محافظــة صعــدة مثــا وعــدد مــن املديريــات يف محافظــة حجــة‪ ,‬وعمــران ‪ ,‬ومحافظــة‬
‫صنعــاء يكــون التوزيــع فيهــا علــى أســاس نصــف املرشــحني لالحتــاد واحلــق‪ ,‬واملســتقلني‬
‫والنصــف اآلخــر لبقيــة أحــزاب املشــترك وبهــذا نكــون قــد أرضينــا جميــع أطــراف املشــترك‬
‫علــى أســاس القاعــدة االجتماعيــة والسياســية لــكل حــزب ودون أن نؤثر على حق األحزاب‬
‫الكبيــرة مــن نيــل حقوقهــا املســتحقة يف غالبيــة احملافظــات واملديريــات ‪.‬‬

‫واألمــر يف األول واألخيــر يعــود إلــى قيــادة املشــترك واتفاقــات فروعهــا يف احملافظــات‬
‫واملديريــات ويبقــى هــذا مجــرد مرشــد أو دليــل لتذليــل أي صعوبــات قــد حتصــل أثنــاء‬
‫اختيــار املرشــحني وحتــى ال يؤثــر اخلــاف يف احملليــات علــى االســتحقاق األهــم واألهــداف‬
‫الوطنيــة والدميقراطيــة األكبــر‪.‬‬

‫وتقبلوا خالص حتياتي‬


‫عضو اللجنة السياسية ملرشح املشترك الرئاسي االستاذ فيصل بن شمالن‬
‫محمد محمد املقالح‬
‫صنعاء ‪2006/8/5‬م‬

‫‪291‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫(‪)22‬‬

‫ترشيح العزب رديف ًا ملرشح املشترك !‬

‫صنعاء ‪2006/8/5‬م‬

‫بالنســبة لــي ترشــيح (العــزب ) الــى جانــب بــن شــمالن مــن قبــل اإلصــاح عمــل غيــر‬
‫أخالقــي ‪ ,‬وغيــر سياســي أيضــا وســواء كان ذلــك بعلــم احــزاب اللقــاء املشــترك او‬
‫بــدون علمهــا ‪ ,‬فــان إقــدام التجمــع اليمنــي لإلصــاح علــى الدفــع باثنــن مــن أعضائــه‬
‫لتقــدمي نفســيهما كمرشــحني مســتقلني ‪ ,‬الــى جانــب مرشــح االصــاح واملشــترك فيصــل‬
‫بــن شــمالن يعتبــر عمــل غيــر مفهــوم ويصعــب تبريــره سياســياً وأخالقي ـاً للــرأي العــام‬
‫وجلمهــور الناخبــن ‪.,‬‬

‫وســيمثل يف احلقيقــة احــد اهــم الثغــرات الكبيــرة التــي ســيدخل منهــا خصــوم املشــترك‬
‫للتأثيــر ســلباً علــى مكانــة مرشــحهم لــدى أبنــاء الشــعب ‪ ,‬ويف التشــكيك مبوقــف اإلصــاح‬
‫واملشــترك جتــاه جديتهمــا يف التعامــل مــع االنتخابــات الرئاســية ومــع مرشــحها املعلــن‬
‫فيصــل بــن شــمالن‬

‫ويعــود ذلــك ألســباب وعوامــل كثيــرة يوفرهــا هــذا القــرار اخلاطــئ وأهمهــا علــى اإلطــاق‬
‫هــو مــا ميكــن حصــره يف النقــاط التاليــة ‪-:‬‬

‫ •أن احــد املرشــحني املســتقلني وهــو الدكتــور فتحــي العــزب ليــس شــخصاً مغمــوراً او‬
‫عضــواً عاديـاً مــن اعضــاء االصــاح ‪ ,‬ولكنــه شــخصية سياســية ونقابيــة معروفــة ولــه‬
‫حضــور وتأثيــر يف اوســاط اهــم الشــرائح االصالحيــة الفاعلــة (الطــاب) حيــث يشــغل‬
‫منصــب عضــو مجلــس شــورى اإلصــاح (اهــم هيئــة قياديــة) ورئيــس القطــاع الطالبــي‬
‫يف االصــاح االمــر الــذي يعنــي ان ترشــيحه (كمســتقل) البــد وان يكــون لــه معنــى كبيــر‬
‫لــدى اإلصــاح واملشــترك وهــو ســؤال كبيــر ســيطرح نفســه امــام الــراي العــام ولــدى‬
‫كل ناخــب اثنــاء احلملــة االنتخابيــة ‪.‬‬

‫‪292‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫والســؤال هــو مــا هــو هــذا الهــدف الكبيــر ‪ ,‬وهــل ميكــن ان يفهــم انــه فقــط ملســاعدة‬
‫املرشــح احلقيقــي بــن شــمالن يف حملتــه االنتخابيــة كمــا يطــرح بعــض الســذج ومــن ال‬
‫يفكــرون بعواقــب األمــور حــن اتخــاذ قــرار مــن هــذا النــوع !؟‬

‫مبعنــى اخــر اذا كان ترشــيح العــزب لــم يتــم بدفــع مــن الســلطة ولــم يثــر حــول ترشــيحه‬
‫أي احتجــاج مــن قبــل االصــاح واملشــترك كمــا حصــل مــع القيــادي االشــتراكي‬
‫(املجيــدي) فهــذا يعنــي انــه قــد مت مبوافقــة االصــاح ورمبــا املشــترك وهــذه هــي‬
‫احلقيقــة فكيــف ســيفهم ذلــك جمهــور الناخبــن وجمهــور املشــترك وكيــف ســيتم‬
‫تبريــره وكيــف ســيتعامل معــه املؤمتــر ومرشــحه الرئيــس ؟ ‪.‬‬

‫اليــس مــن البديهــي ان يقــال بــان املعارضــة لديهــا بديــل لــن شــمالن ‪ ,‬ثــم مــن‬
‫يضمــن ان ال يزكــى العــزب يف مجلســي الشــورى والنــواب بأصــوات اعلــى مــن اصــوات‬
‫بــن شــمالن وكيــف ســيفهم ذلــك مــن قبــل بــن شــمالن وجمهــور الناخبــن ‪.‬‬

‫ • ان تقــدمي مرشــح مســتقل هــو عضــو قيــادي يف احــد احــزاب املشــترك يتناقــض مــع‬
‫قــرارات الهيئــات القياديــة ألحــزاب اللقــاء املشــترك التــي صوتــت يف قراراتهــا علــى ان‬
‫يكــون للمشــترك مرشــح واحــد مت حتديــده فيمــا بعــد والتصويــت عليــه فيمــا بعــد اال‬
‫ميثــل هــذا خرقـاً واضحـاً وفاضحـاً لقــرارات الهيئــات احلزبيــة‪.‬‬

‫ •كيــف ســيتم تبريــر ذلــك ألعضــاء احلــزب االشــتراكي مثــا الــذي اتخــذ قــراراً بتجميــد‬
‫او فصــل احــد قياديــه حــن قــرر ان يرشــح نفســه مســتقال خــارج قــرارات الهيئــات‬
‫‪ ,‬كيــف يكــون هــذا محــرم علــى االشــتراكي وحــال لالصــاح مــع ان الدافــع والســبب‬
‫والهــدف مــن جتميــد املجيــدي واحــد‪.‬‬

‫أال يثيــر هــذا مزيــداً مــن الشــكوك والريبــة بــن االصــاح واالشــتراكي وهــو مــا تبحثــه‬
‫الســلطة وعجــزت حتــى اآلن‪.‬‬

‫ •كيــف ســيفهم املرشــحون املســتقلون الذيــن التقــت بهــم قيــادات املشــترك حلثهــم علــى‬
‫االنســحاب لصالــح بــن شــمالن بينمــا تســارع هــي لتقــدمي مرشــحني مســتقلني خالفـاً‬
‫ملــا تدعيــه امــام املجيــدي مثــا‪.‬‬

‫‪293‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫حميد شحرة‬

‫عندمــا قــرأت خبــر وفــاة الزميــل والصديــق حميــد شــحرة أصابتنــي حالــة مــن الذهــول‬
‫واحليــرة ووقفــت متســمراً أمــام شاشــة الكمبيوتــر لدقائــق‪.‬‬

‫دار خاللهــا شــريط طويــل مــن الصــور واألحداث واملواقــف والتعليقات والنكات والصحافة‬
‫والنــاس وكل الدنيــا واآلخــرة كلهــا مــرت ســريعة يف ذهنــي وانــا واقــف بــدون حركــة غيــر‬
‫قــادر علــى عمــل شــيء وكيــف لــي ذلــك وقــد كنــت أتصــور مــوت جميــع الزمــاء الذيــن‬
‫اعرفهــم إال حميــد شــحرة ذلــك الشــاب الصاعــد إلــى دنيــا الصحافــة بقــوة واملقبــل علــى‬
‫ا يف مهنتــه يف بلــد‬ ‫احليــاة بطمــوح ال حــدود لــه ‪,‬وفــوق هــذا وذاك الناجــح املدهــش فع ـ ً‬
‫قــل مــا جتــد فيهــا الناجحــن يف أعمالهــم ويف حياتهــم الدنيــا وعنــد هــذه النقطــة بالــذات‬
‫خطــر اســم املرحــوم عبــد العزيــز الســقاف صاحــب ميــن تاميــز وصاحــب مشــاريع عديــدة‪.‬‬

‫كانــت الســاعة متأخــرة مــن الليــل ‪ ,‬وكنــت وحيــداً والــى جانبــي جهــاز الكمبيوتــر وخبــر‬
‫املــوت «الصدمــة « يأتــي ويذهــب ســريعا علــى شــريط موقــع الصحــوة نــت اإلخبــاري ‪,‬‬

‫أمســكت علــى جهــاز «املــاوس» محــاوال فتــح اخلبــر لقراءتــه كامـ ً‬


‫ا عل َّنــي اعــرف كيــف ومتــى‬
‫وأيــن وملــاذا؟ وقبــل هــذا وذاك «هــل» مــات حميــد فعــا !؟ لكننــي شــعرت باخلــوف ورفعــت‬
‫يــدي املرعوشــة عــن املــاوس بســرعة وفضلــت أن يبقــى اخلبــر متحــركا ذهابـاً وإيابـاً علــى‬
‫ا معــه شــيء مــن الغمــوض لعــل وعســى ‪,‬ومــن‬ ‫شــريط أخبــار موقــع الصحــوة نــت حام ـ ً‬
‫يــدري فقــد ال يكــون اخلبــر صحيحــا مــن األســاس ‪ ,‬لكــن هــذا غيــر ممكــن فقــد مــات‬
‫الرجــل وانتهينــا س ـلِّم يــا أخــي بقضــاء اهلل وقــدره وكلنــا إلــى هــذا الطريــق طــال العمــر‬
‫او قصــر ‪.‬‬

‫محمد محمد املقالح‬


‫صنعاء ‪2006/8/5‬م‬

‫‪294‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫(‪)23‬‬
‫محددات الرسالة االنتخابية‬
‫(‪((8‬‬
‫لكل من احلزب احلاكم وأحزاب اللقاء املشترك‬

‫صنعاء ‪2006/8/5‬م‬

‫أوال خطاب احلزب احلاكم االنتخابي‬

‫يعتمــد اخلطــاب االنتخابــي ملرشــح احلــزب احلاكــم ومســئولي حملتــه االنتخابيــة علــى أربــع‬
‫ركائــز أساســية وأخــرى غيــر أساســية ‪ ,‬وميكــن اجمالهــا عمومـاً علــى النحــو التالــي ‪-:‬‬

‫ •الركيــزة األولــى وتتمثــل يف االنطــاق يف الرســالة االنتخابيــة مــن قاعــدة الــرد علــى‬
‫رســالة أحــزاب اللقــاء املشــترك والســعي إلــى إضعافهــا واحلــد مــن تأثيراتهــا علــى‬
‫الناخبــن‪ ,‬فبعــد أن الحــظ احلــزب احلاكــم أن املعارضــة كانــت موفقــة إلــى حــد كبيــر‬
‫يف اختيــار مرشــحها الرئاســي ممثــا بفيصــل بــن شــمالن‪ ,‬وان الرجــل مشــهود لــه‬
‫بالنزاهــة واالســتقامة والكفــاءة‪.‬‬

‫حاولــت أن تقلــل مــن شــان هــذا االختيــار الناجــح باحلديــث عــن عــدم نزاهــة وكفــاءة‬
‫قيــادات أحــزاب اللقــاء املشــترك األمــر الــذي اضطــر هــذه األحــزاب أن تبحــث عــن‬
‫شــخص بهــذه الصفــات مــن خارجهــا‪ ,‬غيــر أنــه عندمــا لــم جتــد أي نقيصــة يف ســيرته‬
‫السياســية واألخالقيــة تؤثــر علــى مكانتــه بــن الناخبــن ‪ ,‬ذهبــت تتحــدث بــدون‬
‫اخــاق عــن عمــر الرجــل ونــوع نظارتــه وطقــم أســنانه وغيرهــا مــن األشــياء غيــر‬
‫املالمــح الشــخصية‪.‬‬

‫(‪ )80‬طلــب منــي يف اللقــاء املشــترك باعتبــاري عضــو يف الفريــق االنتخابــي (املطبــخ السياســي) لالســتاذ فيصــل بــن شــمالن‬
‫حتديــد وحتليــل اخلطــاب االنتخابــي لــكال املرشــحني وقــد كان هــذا نــص الورقــة التــي قدمتهــا حــن كنــت واخريــن يف هــذا الفريــق‬
‫السياســي لــن شــمالن بينهــم الزميــل والصديــق عبــده محمــد ســالم‬

‫‪295‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫وباملثــل عندمــا فوجــأت الســلطة ومســئولي حملتهــا االنتخابيــة باتفــاق خمســة أحــزاب‬
‫علــى مرشــح واحــد ميثلهــا جميعــا يف هــذا االســتحقاق الوطنــي والدميقراطــي الكبيــر‬
‫‪ ,‬ذهبــت للحديــث عــن وجــود أجنــدات خفيــة لــكل حــزب مــن هــذه األحــزاب ‪ ,‬وان‬
‫كل حــزب لــه مرشــحه اخلــاص وذهبــوا ليدللــوا علــى ذلــك بوجــود مرشــح إصالحــي‬
‫مســتقل «العــزب» وآخــر اشــتراكي مســتقل «املجيــدي» مــع أنهــا تعــرف حيثيــات‬
‫ترشــيحات هــؤالء املســتقلني لــكل مــن الســلطة واملعارضــة ‪ ,‬ومــع هــذا فقــد تعمــدت‬
‫إلــى إثــارة الغبــار حــول نقــاط قــوة املعارضــة يف حملتهــا االنتخابيــة ‪,‬‬

‫وهنــاك امثلــة كثيــرة تشــير إلــى أن الســلطة تعتمــد بشــكل أساســي يف حملتهــا‬
‫االنتخابيــة علــى الــرد علــى خطــاب املعارضــة ورســالتها االنتخابيــة أكثــر مــن أن يكــون‬
‫للســلطة رســالتها اخلاصــة أو خطابهــا االنتخابــي اخلــاص ‪.‬‬

‫ •الركيــزة الثانيــة للخطــاب االنتخابــي ملرشــح الســلطة يقــوم علــى أســاس تخويــف‬
‫الناخــب اليمنــي مــن خطــورة فــوز مرشــح املعارضــة علــى امــن واســتقرار البــاد‬
‫ووحدتهــا ‪ ,‬وهنــاك شــواهد كثيــرة علــى هــذا النــوع مــن اخلطــاب التحذيــري‪.,‬‬

‫وهــم بذلــك يســتهدفون جتــاوز املقارنــة بــن مرشــحي الســلطة واملعارضــة باعتبــار‬
‫أن املقارنــة ليســت لصاحلهــم ســواء مــن حيــث الكفــاءة والنزاهــة أو مــن حيــث األهليــة‬
‫واملعرفــة والثقافــة وغيرهــا‪ ,‬ولذلــك ذهبــوا يخوفــون الناس باخلطر الــذي يتهدد البالد‬
‫وأمنهــا واســتقرارها يف حالــة فــوز مرشــح نزيــه و»حضرمــي» وميثــل خمســة أحــزاب‬
‫مينيــة رئيســية أي أنهــم يســتبطنون بخطابهــم هــذا تهديــد الناخبــن وتوعدهــم بالويل‬
‫والثبــور حتــى ال يصوتــوا لصالــح املعارضــة ويبقــون حالــة اخلــوف والترقــب والتوجــس‬
‫مــن الســلطة وجبروتهــا كعامــل مــن عوامــل تعديــل مزاجهــم االنتخابــي العــام‪.‬‬

‫وهــذه النقطــة مــن اخطــر مفــردات اخلطــاب االنتخابــي للســلطة وأكثرهــا تأثيــراً علــى‬
‫اجتاهــات الناخبــن ‪ ,‬وعلــى املعارضــة أن تؤكــد باســتمرار علــى أن اليمــن بخيــر‬
‫وســتكون أفضــل وأكثــر أمن ـاً واســتقراراً‪.‬‬

‫‪296‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫الركيــزة الثالثــة وتعتمــد علــى معرفــة النــاس مبرشــح املؤمتــر وتعودهــم عليــه يرافقــه‬
‫احلديــث عــن اإلجنــازات الوطنيــة التــي حققهــا الرئيــس أثنــاء حكمــه ويشــيرون يف هذا‬
‫الســياق إلــى حتقيــق الوحــدة اليمنيــة وتثبيتهــا ‪ ,‬وحتقيــق األمــن واالســتقرار و حتقيــق‬
‫الدميقراطيــة ‪ ,‬والتنميــة ومــن ذلــك اســتخراج النفــط وبنــاء ســد مــأرب ‪ ,‬ومــد شــبكات‬
‫الطــرق إلــى املــدن واحملافظــات املختلفــة وهــي عمليــة تضليليــة تســند إلــى ضعــف‬
‫ذاكــرة النــاس وعــدم توفــر املعرفــة التراكميــة لــدى بســطاء النــاس‪.‬‬

‫أي أنهــم ينظــرون إلــى األمــن واالســتقرار مثــا باملقارنــة بوضــع العــراق مثــا وليــس‬
‫بوضــع األمــن واالســتقرار يف اليمــن نفســها وعــدم مالحظــة أن اليمنيــن يقتلــون يف‬
‫احلــروب الداخليــة والقبليــة والصراعــات اليوميــة أكثــر مــن الذيــن يقتلــون يف احلــرب‬
‫األهليــة الصوماليــة مثــا ‪.‬‬

‫وال يالحظــون مثــا أن القالقــل واحلــروب التــي يخوفــون النــاس مــن العــودة إليهــا هــي‬
‫يف معظمهــا بســبب سياســة النظــام الســيئة وبســبب اســتخدامه للحــروب الداخليــة‬
‫وحتريــك اجليــش ضــد املواطنــن جــزء مــن سياســة الســلطة لالســتمرار يف احلكــم‬
‫(انظــر املزيــد يف موضــوع األمــن الداخلــي إلــى دراســة الدكتــور محمــد القاهــري‬
‫املنشــورة يف نافــذة وجهــات‪.‬‬

‫ •اعتمــدت الســلطة يف خطابهــا أيضــا علــى قاعــدة االتهــام بالعمالــة و أن املعارضــة‬


‫مرتبطــة باخلــارج ومبخططاتــه االســتعمارية ضــد اليمــن واملنطقــة‪.‬‬

‫وان الســلطة تقــف باملرصــاد ضــد هــذه املخططــات وتقاومهــا وهنــا ميكــن اإلشــارة إلــى‬
‫أن النظــام يلــوح بورقــة العمالــة بينمــا هــو يف احلقيقــة مــن يقيــم عالقــات مشــبوهة مــع‬
‫املخططــات األجنبيــة ضــد الــدول العربيــة واإلســامية وميكــن اإلشــارة إلــى موقــف‬
‫اليمــن مــن التعــاون األمنــي مــع الواليــات املتحــدة يف حربهــا علــى اإلرهــاب وكيــف‬
‫حاولــت ترويــج حربهــا يف صعــدة باعتبارهــا حربـاً ضــد اإلرهــاب تــارة ‪ ,‬وضــد الشــيعة‬
‫اإليرانيــة تــارة أخــرى ‪ ,‬وكجــزء مــن سياســة تقــدمي النظــام نفســه إلــى دول اخلليــج‬
‫والواليــات املتحــدة يف حديثهــا عــن اخلطــر الشــيعي كمبــرر للوقــوف يف وجــه إيــران‬
‫وســوريا وحــزب اهلل ‪.‬‬

‫‪297‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ •هنــاك ركائــز للخطــاب االنتخابــي الــذي تعتمــده الســلطة اقــل أهميــة مــن ســابقاته‬
‫أو أنهــا جــزء مكمــل لهــا ومــن ذلــك مواضيــع مثــل اســتغالل عــدم قناعــة النــاس‬
‫أو شــرائح واســعة منهــم يف عــدم إمكانيــة حــدوث التغييــر عــن طريــق االنتخابــات‬
‫أي أنهــم يؤكــدون بخطابهــم هواجــس النــاس مــن عــدم إمكانيــة تســليم احلكــم حتــى‬
‫ولــو فــاز مرشــح املعارضــة ‪ ,‬وكــذا اســتغالل الســلطة لوعــي النــاس الراســخ يف أن‬
‫االنتخابــات ســيتم تزويرهــا األمــر الــذي يدفــع النــاس إلــى عــدم التصويــت ملرشــح‬
‫املعارضــة وخســران رضــاء الســلطة طاملــا وأصواتهــم لــن تعمــل شــيئا يف نهايــة األمــر ‪.‬‬

‫ •وكــذا محاولــة اإليحــاء بوجــود اتفــاق بــن املعارضــة أو عــدد مــن أحزابهــا مــع الرئيــس‬
‫علــى نتائــج االنتخابــات وان املعارضــة قابلــة بنتائــج احملليــات مقابــل تخليهــا عــن‬
‫نتائــج الرئاســيات ‪ ,‬باإلضافــة إلــى عمليــة اإليحــاء والتأكيــد علــى وجــود خالفــات‬
‫بــن هــذه األحــزاب وأنهــا لــن تتفــق جميعهــا مــع بــن شــمالن ولــكل حــزب مــن هــذه‬
‫األحــزاب مرشــحها اخلــاص ‪ ,‬وان اخلــاف علــى مقاعــد احملليــات ســيؤثر علــى نتائــج‬
‫الرئاســيات وهــو مــا يجــب التنبــه لــه‪.‬‬

‫هنــاك أيضــا الضــرب علــى مســألة تقــدم ســن مرشــح املعارضــة وعــدم قدرتــه علــى تولــي‬
‫املســؤولية التــي يفرضهــا منصــب الرئيــس وهــو يف هــذه الســن املتقدمــة ‪ ,‬رغــم انــه ‪72‬‬
‫ســنة عمــر مقبــول يف النظــام البرملانــي الــذي تســعى لتحقيقــه املعارضــة ‪ ,‬فضــا أن‬
‫الفــرق بــن ُع ْمــر بــن شــمالن و ُع ْمــر الرئيــس احلالــي ال يتجــاوز اخلمــس ســنوات فقــط ال‬
‫غيــر رغــم تغييــر الرئيــس احلالــي لتاريــخ مولــده أكثــر مــن مــرة منــذ اعتلــى الســلطة عــام‬
‫‪١٩٧٩‬م ‪,‬‬

‫واحلقيقــة أن محــددات هــذا اخلطــاب ومفرداتــه املختلفــة قــد كتــب عنهــا ومت التصريــح‬
‫بهــا يف أكثــر مــن وســيلة إعالميــة ‪ ,‬فضــا عــن احلملــة امليدانيــة للتأثيــر علــى الناخبــن‬
‫وفق ـاً لهــذا اخلطــاب‪.‬‬

‫‪298‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫ثانيا محددات اخلطاب االنتخابي للمعارضة‬

‫البــد مــن مالحظــة أن رســالة اللقــاء املشــترك االنتخابيــة تعتمــد هــي األخــرى يف مضمونهــا‬
‫وتأثيراتهــا علــى الركائــز التالية ‪-:‬‬

‫ •حاجــة النــاس أو غالبيتهــم إلــى التغييــر بعــد ‪28‬ســنة مــن حكــم الرئيــس صالــح لليمــن‬
‫اجلمهــوري والدميقراطــي أي أن املعارضــة حتــاول بهــذا اخلطــاب أن تســتفز كرامــة‬
‫املواطــن يف بقــاء رئيــس جمهوريــة ملــدة ‪28‬ســنة وهــو أمــر غيــر مقبــول نفســياً ووجدانياً‬
‫بالنســبة للمواطــن اليمنــي الــذي ينظــر إلــى هذهــا الفتــرة الطويلــة ومحاولــة متديدهــا‬
‫ســبع ســنوات اخــرى ميثــل إهانــة لــه ‪ ,‬جتــرح كرامتــه وتوحــي بــان بلــده غيــر قــادره‬
‫ا أن هــذه الفتــرة الطويلــة‬ ‫علــى إجنــاب رئيــس آخــر غيــر علــي عبــد اهلل صالــح فضـ ً‬
‫كانــت مليئــة باأللــم واملعانــاة الشــديدة ‪.‬‬

‫ • تســتند يف خطابهــا أيضــا علــى معانــاة النــاس مــن الفســاد واالســتئثار بالســلطة‬
‫والثــروة علــى حســاب بقيــة املواطنــن وهــي معانــاة حقيقيــة جعلــت كل مينــي يشــعر‬
‫باخلطــر الــذي يهــدد أمنــه املعيشــي ورزق أوالده ‪ ,‬وينــدرج يف هــذا الضغــط يف‬
‫احلديــث علــى سياســية اجلــرع املتواصلــة التــي عــاد ًة مــا تــؤدي إلــى رفــع أســعار الســلع‬
‫واخلدمــات األساســية مــرة بعــد مــرة‪.‬‬
‫وبالــذات ســعر الســكر واألرز والقمــح والدقيــق والزيــت والزبــادي ‪ ,‬فضــا عــن رفــع‬
‫تعريفــات اخلدمــات األساســية مثــل امليــاه والكهربــاء والتلفــون والتعليــم والصحــة‪ .‬أي‬
‫أن املعارضــة ينطلقــون يف حملتهــم االنتخابيــة مــن معانــاة النــاس احلقيقيــة التــي يلمس‬
‫املواطــن نتائجهــا يوميـاً ويذهــب إلــى ذهنــه عنــد احلديــث عنهــا إلــى احلــزب احلاكــم‬
‫والوضــع الــذي يــراد إعادتــه يف هــذه االنتخابــات كمــا هــو بــدون تغييــر ‪.‬‬

‫ •تعتمــد املعارضــة يف خطابهــا علــى نزاهــة واســتقامة مرشــحها الرئاســي فيصــل بــن‬
‫شــمالن الــذي ميثــل النقيــض املوضوعــي ملرشــح الســلطة يف كل شــيء تقريب ـاً ســواء‬
‫يف الرزانــة والعقــل والرشــد واحلكمــة أو يف االســتقامة واملعرفــة والوعــي أو يف كونــه‬
‫ميثــل الوحــدة الوطنيــة وإشــعار كل مواطــن مينــي أن الرئاســة والوصــول إليهــا حــق‬
‫لــكل مواطــن بغــض النظــر عــن منطقتــه ‪.‬‬

‫‪299‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ •تعتمــد املعارضــة يف خطابهــا علــى أن اتفــاق خمســة أحــزاب علــى برنامــج وطنــي‬
‫‪,‬ومرشــح واحــد ميثــل نقطــة ايجابيــة تعــزز الثقــة بهــا لــدى الــرأي العــام وتقــدم‬
‫تطمينــات حقيقيــة إلــى أنهــا علــى مســتوى املســئولية حلكــم البــاد وتقــدمي أمنــوذج‬
‫ا أن ذلــك يقــدم تطمينــات حقيقيــة علــى ضمــان‬ ‫مختلــف عــن الوضــع القائــم فض ـ ً‬
‫مســتقبل وحــدة وامــن البــاد واســتقرارها‪.‬‬

‫ •تعتمــد املعارضــة علــى خطــورة سياســة الســلطة القائمــة علــى التمييــز يف املواطنــة‬
‫بســبب سياســة حكــم األقليــة وشــعور شــرائح واســعة بالضيــم والتهميــش وهــذا مــا‬
‫ينطبــق علــى معظــم أبنــاء احملافظــات اجلنوبيــة والشــرقية ‪ ,‬وأبنــاء صعــدة وبكيــل‬
‫وأبنــاء محافظــات تعــز واب واحلديــدة والبيضــاء واحملافظــات النائيــة كاجلــوف‬
‫ومــأرب والفئــات االجتماعيــة املهمشــة وغيرهــا ‪.‬‬

‫ •‪ -‬تعتمــد املعارضــة علــى برنامجهــا االنتخابــي الــذي يتميز بتشــخيص املشــكلة واقتراح‬
‫النظــام البرملانــي ‪,‬والقائمــة النســبية‪ ,‬مــن اجــل توســيع املشــاركة الشــعبية وحتقيــق‬
‫مبــدأ فصــل الســلطات والتــداول الســلمي للســلطة ‪,‬وهــي القضايــا التــي ال يســتطيع‬
‫النظــام مجاراتهــا يف برنامجــه االنتخابــي ‪.‬‬

‫ويتبــن مــن هــذا ان هنــاك نقــاط ضعــف حقيقيــة لــدى مرشــح الســلطة هــي نفســها نقــاط‬
‫قــوة ملرشــح املعارضــة ينبغــي الضغــط والتركيــز عليهــا يف الــرد علــى خطــاب املؤمتــر‬
‫الشــعبي العــام االنتخابــي ‪.‬‬
‫مع خالص التحية والتقدير‬
‫محمد املقالح‬
‫عضو اللجنة السياسية‬
‫ملرشح املشترك الرئاسي االستاذ فيصل بن شمالن‬
‫صنعاء ‪2006/8/5‬م‬

‫‪300‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫(‪)24‬‬

‫أسئلة التزوير الثالثة التي ترفض السلطة اإلجابة عليها حتى اآلن‬

‫كتب‪ /‬محمد محمد املقالح‬

‫بعــد إغــاق مــا عــرف بـ(الصنــدوق املقعــي) ‪,‬وبالتالــي إغــاق ثغــرة كبيــرة لتزويــر إرادة‬
‫الناخبــن ‪ ,‬ال يــزال هنــاك ثالثــة أســئلة كبيــرة وخطيــرة ســيتحدد موقــف املعارضــة‪,‬‬
‫والناخبــن اليمنيــن‪ ,‬مــن نتائــج االنتخابــات علــى أســاس اإلجابــة عليهــا اآلن وليــس غــدا‬
‫ً‪,‬وســيكون مــن املهــم أن تطرحهــا الســلطة واحلــزب احلاكــم واللجنــة العليــا لالنتخابــات‬
‫علــى طاولــة «احلــوار الداخلــي « مبســئولية وجديــة وقبــل أن «يكــون الفــأس يف الــرأس»‬
‫وعلــى النحــو التالــي‪-:‬‬

‫السؤال األول‪ :‬حول السجل االنتخابي‬

‫ملــاذا لــم تعلــن اللجنــة العليــا لالنتخابــات الســجل االنتخابــي لعــام ‪2006‬م بصــورة رســمية‬
‫ونهائيــة!؟‬

‫وملــاذا تكتفــي بإعالنــه عــن طريــق التســريبات ويف كل مــرة يعلــن برقــم مختلــف !؟ مــع‬
‫مالحظــة أن هــذه هــي املــرة األولــى يف تاريــخ االنتخابــات اليمنيــة مــن‪1993‬م التــي يدخــل‬
‫فيهــا اليمنيــون انتخابــات عامــة دون نشــر الســجل االنتخابــي ودون معرفــة الناخبــن الرقــم‬
‫النهائــي للســجل االنتخابــي !!‬

‫فهــل هــذه مقدمــة إلعــان الســجل االنتخابــي بعــد إعــان نتيجــة االقتــراع العــام ‪,‬ووفقــا‬
‫للنســبة املــراد تزويرهــا يف ســجالت وكــروت الناخبــن !؟‬

‫‪301‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫السؤال الثاني‪ :‬حول عدد كروت االقتراع وضمانات عدم تسريبها‬

‫ملــاذا لــم تعلــن اللجنــة العليــا لالنتخابــات املطبعــة التــي طبعــت فيهــا كــروت االقتــراع!؟‬
‫وكــم عــدد الكــروت املطبوعــة ‪ ,‬وهــل عددهــا يتناســب مــع الســجل االنتخابــي ؟‪ ,‬وكــم عــدد‬
‫االحتيــاط منهــا!؟‪,‬‬

‫ومــا هــي الضمانــات لعــدم تســريبها إلــى خــارج نطــاق اللجنــة العليــا لالنتخابــات!؟ ‪ ,‬ثــم‬
‫وهــو األهــم ملــاذا ترفــض اللجنــة العليــا ومــن ورائهــا الســلطة واحلــزب احلاكــم مقتــرح‬
‫املعارضــة اخلــاص بضــرورة توقيــع أعضــاء جلــان االقتــراع علــى هــذه الكــروت (كــروت‬
‫االقتــراع)!؟ وهــل هــذا الرفــض يشــير بوضــوح إلــى وجــود كــروت اقتــراع مســربة‪ ,‬ومؤشــر‬
‫عليهــا ســلفاً ؟!‬

‫السؤال الثالث‪ :‬حول خرم البطاقة االنتخابية‬

‫وأخيــرا ملــاذا أصــرت اللجنــة العليــا علــى عــدم اســتحداث خانــة يف البطاقــة االنتخابيــة‬
‫يتــم التأشــير عليهــا بعــد أن ميــارس الناخــب حقــه يف االقتــراع حتــى يظهــر مــا إذا كان‬
‫قــد اقتــرع بواســطة هــذه البطاقــة أم ال‪ .‬وحتــى ال يســتخدمها أكثــر مــن مــرة !؟ واذا كان‬
‫إصــاح هــذا اخلطــأ املتعمــد غيــر ممكــن اآلن فلمــاذا ال يســتبدل ذلــك بتخــرمي كل بطاقــة‬
‫انتخابيــة مــارس صاحبهــا حــق االقتــراع !!؟؟‬

‫إن هــذه األســئلة الهامــة واخلطيــرة ال توجــه فقــط إلى الســلطة‪ ,‬واللجنة العليا لالنتخابات‬
‫بــل والــى املراقبــن الدوليني على ســامة إجــراءات العلمية االنتخابية‪.‬‬

‫أمــا ملــاذا نوجــه هــذا النــوع مــن األســئلة يف هــذا الوقــت بالــذات وقبــل يومــن فقــط مــن‬
‫موعــد االقتــراع العــام يف ‪20‬ايلــول ســبتمبر اجلــاري ‪ ,‬فــان ذلــك يعــود إلــى ســببني اثنــن ‪,‬‬
‫األول هــو أننــا يف اللقــاء املشــترك قــد طرحنــا هــذه القضايــا مــراراً وتكــراراً علــى اللجنــة‬
‫العليــا لالنتخابــات وعلــى احلــزب احلاكــم دون فائــدة تذكــر ‪.‬‬

‫‪302‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫وأمــا الســبب الثانــي فهــو أن عــدم اإلجابــة علــى هــذه األســئلة اخلطيــرة بصراحــة ووضــوح‬
‫‪,‬وبالتالــي ســد الثغــرات الكبيــرة واخلطيــرة يف العمليــة االنتخابيــة مــن قبــل اجلهــات‬
‫املعنيــة واملســئولة عــن العمليــة االنتخابيــة ‪ ,‬فإننــا نكــون بهــذا التنبيــه يف حــل مــن امرنــا‬
‫إذا مــا اســتغل احلــزب احلاكــم هــذه الثغــرات املتعمــدة للقيــام بتزويــر كبيــر وفاضــح إلرادة‬
‫الناخبــن ‪.‬‬

‫ومبعنــى آخــر فــان رفــض املواطنــن لنتائــج االنتخابــات املــزورة ‪-‬إذا ســمح اهلل – البــد وان‬
‫يســتند بدرجــة رئيســية علــى هــذه الثغــرات القانونيــة والفنيــة واإلجرائيــة التــي تع َّمــدت‬
‫الســلطة ومنــذ وقــت مبكــر علــى إبقائهــا مفتوحــة ‪ ,‬وبالتالــي الدخــول منهــا لتزويــر إرادة‬
‫الناخبــن اليمنيــن ‪.‬‬

‫اللهم هل بلغت اللهم فاشهد‬

‫‪303‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫(‪)25‬‬

‫تدخل اقليمي لتغيير موقف االصالح من بن شمالن‬


‫الكشف عن دعم سعودي ومصري كبير‬
‫حلملة الرئيس صالح االنتخابية‬

‫االشتراكي نت ‪/‬خاص‬

‫كشــفت مصــادر مقربــة مــن الســلطة احلاكمــة اليمنيــة‪ ,‬عــن مســاعدات ماليــة وسياســية‬
‫وتقنيــة كبيــرة قدمتهــا الســعودية‪ ,‬وعــدد مــن دول اخلليــج‪ ,‬باإلضافــة إلــى كل مــن مصــر‬
‫وليبيــا‪ ,‬لدعــم احلملــة االنتخابيــة ملرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام الرئيــس علــي عبــد اهلل‬
‫صالــح ‪ ,‬وأشــارت املعلومــات التــي بــدأت تتســرب يف اآلونــة األخيــرة مــن بعــض أطــراف‬
‫يف الســلطة «بــان أكثــر مــن ‪25‬مليــون دوالر أمريكــي قدمــت يف منتصــف شــهر ســبتمبر‬
‫املاضــي‪ ,‬كمســاعدة عاجلــة‪ ,‬لدعــم حملــة الرئيــس االنتخابيــة ‪,‬منهــا خمســة ماليــن دوالر‬
‫فقــط مــن ليبيــا والبقيــة مــن اململكــة العربيــة الســعودية‪.‬‬

‫وكانــت بعــض وســائل اإلعــام قــد أشــارت يف وقــت ســابق إلــى أن وفــداً مينيــاً رفيــع‬
‫املســتوى زار يف منتصــف ســبتمبر املاضــي ‪-‬بصفــة ســرية‪ -‬عــدداً مــن البلــدان العربيــة‬
‫منهــا الســعودية‪ ,‬والبحريــن ‪ ,‬باإلضافــة إلــى كل مــن األردن ‪ ,‬ومصــر‪ ,‬و ليبيــا‪ ,‬وان هــذا‬
‫الوفــد الــذي تشــكل مــن شــخصيات مقربــة مــن الرئيــس صالــح‪ ,‬قــد طلــب مــن هــذه البلــدان‬
‫دعمــاً ماليــاً وفنيــاً ملواجهــة التنافــس الدميقراطــي اجلــدي الــذي مثلــه مرشــح اللقــاء‬
‫املشــترك فيصــل بــن شــمالن ‪ ,‬محــذراً أنظمــة تلــك البلــدان مــن خطــورة الســماح لنجــاح‬
‫الدميقراطيــة اليمنيــة يف إرســاء مفاهيــم جديــدة تتعلــق بالتنافــس علــى املركــز الرئاســي‬
‫وتوســيع قاعــدة املشــاركة الشــعبية‪ ,‬وهــو مــا قــد ينعكــس ايجابيــاً ‪ -‬ســلبياً بالنســبة‬
‫للحــكام ‪ -‬علــى بقيــة شــعوب املنطقــة التــي تطالــب باإلصالحــات السياســية والســماح‬
‫لألحــزاب وتوســيع قاعــدة املشــاركة الشــعبية يف القــرار السياســي ‪.‬‬

‫‪304‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫وتشــير معلومــات أخــرى غيــر مؤكــدة إلــى أن دعــم الســعودية‪ ,‬حلملــة الرئيــس صالــح‬
‫االنتخابيــة لــم يقتصــر علــى املســاعدات املاليــة «‪20‬مليــون دوالر» التــي أرســلت بصفــة‬
‫عاجلــة يف األســبوع الثانــي مــن احلملــة االنتخابيــة‪ .‬ولكنهــا أي الســعودية تدخلــت بقــوة‬
‫لدعــم صالــح سياســياً عبــر الضغــط علــى عــدد مــن الوجاهــات االجتماعيــة‪ ,‬وبعــض رمــوز‬
‫املعارضــة يف اخلــارج‪ ،‬وحثهــا علــى الوقــوف مــع صالــح يف االنتخابــات وعــدم تركــه يخــوض‬
‫معركــة الدميقراطيــة مبفــرده ‪,‬وأن تصريحــات رئيــس التجمــع اليمنــي لإلصــاح الشــيخ‬
‫عبــداهلل بــن حســن االحمــر التــي اكــد انحيــازه الكامــل الــى جانــب الرئيــس رافضـاً ترشــيح‬
‫بــن شــمالن ومعرضــا مبواقــف جنلــه حميــد وقيــادات املشــترك عمومــاً وعــودة بعــض‬
‫السياســيني اليمنيــن كاجلفــري وغيــره للمشــاركة يف حملــة صالــح عشــية االنتخابــات‬
‫ا عــن قيــام بعــض مســئولي األجهــزة‬ ‫يأتــي كثمــرة لتلــك الضغــوط اجلديــة عليهــم ‪,‬فض ـ ً‬
‫األمنيــة واملصرفيــة يف اململكــة بتحذيــر التجــار الســعوديني مــن أصــول مينيــة ومنعهــم مــن‬
‫تقــدمي أي مســاعدة ماليــة لدعــم مرشــح اللقــاء املشــترك بعــد أن أشــاعت الســلطة اليمنيــة‬
‫عــن تلقــي بــن شــمالن تبرعــات مــن قبــل التجــار احلضارمــة يف الســعودية واخلليــج ‪,‬وهــو‬
‫مــا تبــن عــدم صحــة اإلشــاعات ‪.‬‬

‫وحــول الدعــم املصــري حلملــة الرئيــس صالــح االنتخابيــة قالــت هــذه املصــادر بأنــه اقتصــر‬
‫علــى تقــدمي خبــرات تقنيــة يف مجــال التحكــم بنتائــج االنتخابــات العامــة وإرســال خبــراء‬
‫متخصصــن يف شــئون االنتخابــات ‪,‬وكيفيــة التأثيــر علــى مــزاج الناخبــن إزاءهــا فضــا‬
‫عــن كيفيــة التالعــب بنتائجهــا قبــل وبعــد عمليــة االقتــراع ‪.‬‬

‫وحســب املعلومــات «املســربة» فــان تركيــز حملــة الرئيــس صالــح االنتخابيــة علــى» إشــاعة‬
‫أجــواء مــن اخلــوف‪ ,‬والرعــب لــدى الناخبــن مــن خطــورة التغييــر‪ ,‬وافتعــال تفجيــرات‬
‫«إرهابيــة» يف كل مــن مــأرب وحضرمــوت ‪ ,‬قبــل أربعــة أيــام فقــط مــن موعــد االقتــراع‬
‫العــام‪ ,‬وكــذا عــرض رئيــس اجلمهوريــة لصــورة بــن شــمالن والــى جانبــه احــد رجــال األمــن‬
‫« الذرحانــي « يف احــد املهرجانــات االنتخابيــة‪ ,‬والــذي قــدم علــى انــه إرهابــي مــن تنظيــم‬
‫القاعــدة ‪,‬‬

‫‪305‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫واحلديــث عــن حتــول اليمــن إلــى عــراق آخــر يف حالــة فــوز بــن شــمالن‪ ,‬وكــذا إجــراء‬
‫تعيينــات قضائيــة‪ ,‬يف محاكــم االســتئناف قبــل يــوم فقــط مــن االقتــراع‪ ،‬كل هــذه وغيرهــا‬
‫جــاءت ‪-‬حســب هــذه املصــادر‪ -‬ضمــن مشــورة مصريــة ســبق أن جربــت وكان لهــا تأثيــرات‬
‫كبيــرة لصالــح توجهــات النظــام املصــري وبهــدف التأثيــر علــى توجهــات الناخبــن اليمنيني‬
‫لصالــح الرئيــس صالــح واســتمرار الوضــع القائــم‪.‬‬

‫وكانــت املعلومــات املســربة مــن بعــض مطابــخ احلكــم يف اليمــن قــد أشــارت «أن عــدداً مــن‬
‫أطــراف احلكــم يف الســعودية التــي كان لهــا خالفــات شــخصية مــع الرئيــس اليمنــي» غيــرت‬
‫موقفهــا ‪,‬عندمــا الحظــت تفاعــل شــعبي كبيــر مــع حملــة مرشــح املعارضــة‪.‬‬

‫وهــو مــا كان ينقلــه التلفزيــون اليمنــي طــوال عشــرين يومـاً مــن احلملــة االنتخابيــة‪ ,‬األمــر‬
‫الــذي دفعهــا للدخــول بقــوة لدعــم حملــة صالــح االنتخابيــة‪ ,‬معتقــدة بــان أي جناحــات‬
‫جزئيــة للمعارضــة اليمنيــة يف املوضــوع الدميقراطــي قــد يكــون لهــا تداعيــات سياســية‬
‫واجتماعيــة خطيــرة ليــس علــى اليمــن وحســب‪ ,‬بــل وعلــى الــدول العربيــة احمليطــة‪ ,‬ومبــا‬
‫يعــزز مطالــب شــعوبها بإجــراء إصالحــات سياســية ودســتورية جديــة تســمح بحريــة‬
‫الصحافــة وتوســيع قاعــدة املشــاركة السياســية‪.‬‬

‫وحــول املوقــف الســعودي مــن وقــوف أبنــاء الشــيخ عبــداهلل بــن حســن األحمــر إلــى‬
‫جانــب املعارضــة ومرشــحها فيصــل بــن شــمالن ‪ ,‬أشــارت هــذه املصــادر بــان تصريحــات‬
‫الشــيخ األخيــرة الداعمــة للرئيــس صالــح ‪ ,‬واملنــددة مبواقــف ابنــه حميــد‪ ,‬قــد جــاءت‬
‫نتيجــة ضغــوط مزدوجــة مارســها الرئيــس صالــح وبعــض مــن رمــوز األســرة‬
‫الســعودية ‪,‬علــى الشــيخ عبــد اهلل وغيــره مــن املشــايخ الذيــن تربطهــم عالقــات‬
‫تاريخيــة بالنظــام الســعودي ‪.‬‬

‫يشــار إلــى أن وســائل اإلعــام العربــي الرســمي عمومــاً ‪ ,‬والقنــوات الفضائيــة املمولــة‬
‫مــن قبــل الســعودية‪ ,‬وبلــدان اخلليــج العربــي خصوصــاً‪ ,‬كانــت طــوال احلملــة‬
‫االنتخابيــة منحــازة كلي ـاً إلــى جانــب ترشــيح صالــح وفــوزه بنســبة عاليــة مــن األصــوات‪،‬‬
‫ماجعلهــا وبعــض مراســليها يف صنعــاء يفقــدون املهنيــة‪ ,‬واملوضوعيــة يف تغطيتهــم‬
‫لســير العمليــة االنتخابيــة عمومــا ‪.‬‬

‫‪306‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫بعد االنتخابات‬
‫(‪)26‬‬
‫بن شمالن‪ ...‬أيها السهل املمتنع‬

‫اجلمعة ‪ 29‬سبتمبر‪-‬أيلول ‪ 2006‬م‬

‫وجــاء مــن أقصــى املدينــة رجــل يســعى قــال يــا قــوم اتبعــوا املرســلني اتبعــوا مــن ال يســألكم‬
‫أجــراً وهــم مهتــدون» صــدق اهلل العظيــم‪« .‬تــرى هــل هــذا اآلتــي مــن أقصــى املدينــة هــو‬
‫فيصــل بن شــمالن‪,‬؟‬

‫اقصــد ذلــك الرجــل ذو الشــعر األشــيب واملالمــح اليمنيــة الزاخــرة بالهــدوء والبســاطة‬
‫والســام الداخلــي !؟‬

‫ا الشــيء الــذي أســتطيع تأكيــده بهــذا اخلصــوص‬ ‫مــن يــدري رمبــا يكــون هــو فعــ ً‬
‫‪,‬هــو أن التاريــخ ســيكتب بحــروف مــن املجــد والكبريــاء أن شــخصيتني عربيتــن‬
‫عظيمتــن ظهرتــا يف النصــف الثانــي مــن العــام ‪2006‬م احدهمــا يف لبنــان‪ ,‬والثانــي‬
‫يف اليمــن‪ ,‬اســتطاعا بشــيء مــن االحتــرام للــذات ‪,‬والثقــة بالنفــس‪ ,‬والشــعور‬
‫باملســؤولية الوطنيــة والقوميــة‪ ,‬أن يعيــدا إلــى أمتهمــا الثقــة بنفســها وبإمكانيــة االنتصــار‬
‫علــى العــدو اخلارجــي الغاشــم علــى بلدانهــا‪ ,‬واالســتبداد الداخلــي اجلاثــم علــى‬
‫صدورهــا‪ ,‬والــكامت ألنفاســها‪.‬‬

‫األول هــو الســيد حســن نصــر اهلل ‪ ,‬والثانــي هــو فيصــل عثمــان بــن شــمالن ‪ .‬واحلقيقــة‬
‫أن فيصــل بــن شــمالن قــد كــرس نفســه ‪-‬خــال الســباق الرئاســي‪ -‬زعيمــاً وطنيــاً‬
‫فــذاً‪ ,‬بالنســبة لليمنيــن اليــوم وســيظل كذلــك بالنســبة ألجيالنــا القادمــة أيضــا ‪.‬‬

‫‪307‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫إن خــروج بــن شــمالن الدميقراطــي القــوي وقبولــه التحــدي واملنافســة علــى املنصــب‬
‫األول يف بلــد غيــر دميقراطــي مثــل اليمــن‪ ,‬كان مبثابــة «التضحيــة» املســتحقة‬
‫لشــعبه الكــرمي ‪ ..‬متامــا مثــل مــا قــال هــو يف أول مؤمتــر صحفــي عقــده بعــد‬
‫اختيــار «املشــترك» لــه مرشــحاً رئاســياً جــاداً ومســئوالً‪ .‬نعــم فيصــل بــن شــمالن هــو‬
‫ذلــك الســهل املمتنــع كالشــعِ ر ‪.‬‬

‫ليــس الن بســاطته وهدوئــه هــي ســر عظمتــه ‪ ,‬ولكــن ألنــه لــم يعمــل شــيئا ســوى‬
‫انــه اليمنــي الوحيــد الــذي «علــق اجلــرس» وقــدم نفســه عنوانــا للتغييــر ومضــى‬
‫يبشــر يف كل خارطــة الوطــن برســالة اإلصــاح والنضــال الســلمي ‪ .‬وألنــه جســد مبوقفــه‬
‫«أمنوذجــا» حيــاً لذلــك الواقــف يف التاريــخ اإلســامي «أمــام ســلطان جائــر»‬
‫فقــد كان البــد أن يبادلــه شــعبه الوفــاء بالوفــاء ‪ ,‬وهــو مــا حصــل فعــا ‪. .‬‬

‫ومــا إن بــدأ خطوتــه األولــى يف هــذا الطريــق حتــى وجــد نفســه محاطــاً مباليــن‬
‫مــن املواطنــن واملواطنــات الذيــن كانــوا ينتظــرون «البطــل» علــى أحــر مــن اجلمــر ‪,‬‬
‫وعلــى اســتعداد كامــل لتقــدمي ضريبــة النضــال وتبعاتــه مــن اجــل إســقاط احلكــم الفــردي‬
‫وبنــاء دولــة املواطنــة والقانــون‪.‬‬

‫عندمــا ســؤل بــن شــمالن يف أول مؤمتــر صحفــي بعــد أن قدمــه املشــترك مرشــحا‬
‫رئاســيا لــه ‪ ,‬ملــاذا قــررت خــوض هــذه املعركــة السياســية والنفســية الصعبــة !؟ أجــاب‬
‫بهدوئــه املعتــاد‪ ,‬ومبــا معنــاه « ‪..‬إذا لــم نخطــو اخلطــوة األولــى فســيظل الوضــع كمــا‬
‫هــو ولــن يحصــل أي تغييــر»‪,‬‬

‫وأضــاف يف مــكان آخــر «لقــد «شــعرت أن القيــام بهــذه املهمــة فريضــة ‪ ,‬والنكــوص عنهــا‬
‫معصيــة» يــا ســام أيهــا احلضرمــي الرائــع‪.‬‬

‫بعــد أن عقــد مهرجاناتــه االنتخابيــة يف كثيــر مــن احملافظــات ووجــد تفاعــ ً‬


‫ا‬
‫واحتشــاداً شــعبياً عارمــا أجــاب علــى ســؤال ثالــث « لقــد تأكــد لــي بــأن التغييــر مطلــب‬
‫شــعبي عــام وان هــذه الرغبــة ال تخــص محافظــة دون أخــرى بــل هــي مطلــب جميــع‬
‫اليمنيــن يف الشــمال واجلنــوب ومــن صعــدة حتــى املهــرة « ومــن خلفــه هتــف مئــات‬

‫‪308‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫اآلالف مــن اليمنيــن واليمنيــات يف تعــز وإب والضالــع وحلــج واحملويــت ‪ ,‬وغيرهــا‪,‬‬
‫وغيرهــا « مــن ســيئون إلــى مــران ال زعيــم إال شــمالن «‬

‫نعــم يــا بــن شــمالن لقــد تأكــد لنــا أيضــا بــان شــعبنا يف اجلــوف ال يقــل حماس ـاً وشــوقا‬
‫للتغيــر ولدولــة املواطنــة والقانــون عــن شــعبنا يف الديــس أو يف الســويري‪ ..‬اقصــد قريتــك‬
‫الطينيــة الواقفــة هنــاك علــى ضواحــي مدينــة ســعاد «ســيئون»‬

‫ومثلما قلت فان عجلة التغيير التي حتركت لن تتوقف ولن يوقفها احد بعد اليوم ‪..‬‬

‫لقــد ظــل بــن شــمالن طــوال احلملــة االنتخابيــة هادئــا ومســئوال يف كلماتــه ومواقفــه‪ ,‬ولــم‬
‫يكلــف نفســه مجاراتهــم يف الشــتائم والســباب ويف تصديــر التهــم والنقائــص بــا حســاب‬
‫ويف كل االجتاهــات‪,‬‬

‫فقــد قيــل فيمــا مضــى «كل إنــاء مبــا فيــه ينضــح « قالــوا عنــه «مســتأجر» ‪ ,‬و»مخــرف»‬
‫‪ ,‬و»غريــب» علــى منصــب الرئاســة اليمنيــة ذو املاركــة املســجلة باســمهم ‪ ,‬لكنــه ظــل‬
‫هادئــاً وحصيفــاً يف كلماتــه ومواقفــه ويف كل يــوم كان يثبــت انــه الزعيــم احلقيقــي‬
‫والبقيــة مجــرد « مهرجــن « رغــم مناصبهــم التــي تبــدو رفيعــة‪ ,‬وعاليــة املقــام ‪.‬‬

‫خ َّوفــوا النــاس منــه ومــن املجهــول الــذي يحملــه ‪..‬افتعلــوا وبــكل وقاحــة «تفجيــرات»‬
‫زائفــة ليرهبــوا بهــا النــاس مــن بــن شــمالن واملشــروع الوطنــي الــذي يحملــه‬
‫ويبشــر بــه ســلماً وبالوســائل الدميقراطيــة ‪,‬‬

‫وممــا ال شــك فيــه أنهــم قــد ا َّثــروا ســلباً علــى حملتــه االنتخابيــة وقــد أدرك ذلــك لكنــه‬
‫رفــض أن ينجــر إلــى أســاليبهم اخلسيســة يف الدعايــة االنتخابيــة ‪ .‬عندمــا عــرض منافســه‬
‫‪ ,‬مرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح أمــام شاشــات التلفــزة‬
‫صــورة بــن شــمالن والــى جانبــه رجــل امــن مدســوس مــن قبــل الرئيــس نفســه (علــى انــه‬
‫ارهابــي) لــم يتخيــل بــن شــمالن أن يصــل منافســيه إلــى هــذا احلــد مــن « ‪ »...‬ولــم يقــل‬
‫ســوى عبارتــه الشــهيرة « ال أجــد العبــارة املناســبة للــرد عليــه‪.‬‬

‫‪309‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ونحــن يــا ســيدي كذلــك ال جنــد العبــارة املناســبة للــرد عليهــم وال لوصفهــم وتوصيــف‬
‫أفعالهــم منــذ ‪28‬عامــا ‪.‬‬

‫يف األخيــر ال أجــد مــا أضيفــه ســوى القــول‪ ..‬شــكراً ألحــزاب اللقــاء املشــترك علــى حســن‬
‫اختيارهــا ملرشــحها الرئاســي فيصــل بــن شــمالن‪ ,‬وشــكرا لليمنيــن واليمنيــات علــى حســن‬
‫اختيارهــم لزعمائهــم احلقيقيــن‪.‬‬

‫محمد محمد املقالح‬


‫اجلمعة ‪ 29‬سبتمبر‪-‬أيلول ‪ 2006‬م‬

‫‪310‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫(‪)27‬‬

‫بعد وعود الرئيس وأكاذيب املرشح‬

‫اجلمعة ‪ 13‬أكتوبر‪-‬تشرين األول‪ 2006‬م‬

‫يعلــم األخ رئيــس اجلمهوريــة بــأن نســبة الفــوز التــي منحتهــا لــه جلنــة االنتخابــات‬
‫لــم تكــن كلهــا مســتحقة وان أكثــر مــن مليونــي صــوت انتخابــي قــد أضيفــت إلــى نســبته‬
‫(‪((8‬‬
‫هكــذا مــن الــرأس‪...‬‬

‫لكــن هــذا ليــس املهــم اآلن‪ ،‬فقــد فــاز الرجــل وانتهينــا‪ ,‬وقبلنــا نحــن باألمــر الواقــع‪ ،‬ولكــن‬
‫الســؤال هــو‪ :‬هــل يقبــل الرئيــس املنتخــب شــعبياً باألمــر الواقــع أيضــا‪ ،‬وبــأن املعارضــة كتلــة‬
‫سياســية كبيــرة ومتماســكة ولهــا قاعــدة اجتماعيــة واســعة متتــد مــن املهــرة وحتــى صعــدة‪،‬‬
‫ولهــا مطالــب حقيقيــة يف التغييــر واإلصــاح السياســي‪ ,‬ومــن حقهــا أن حتصــل علــى هــذا‬
‫احلــق ســواء باالنتخابــات أم بغيرهــا مــن وســائل النضــال الســلمي؟!‪.‬‬

‫لقــد فــاز الرئيــس وحزبــه املؤمتــر الشــعبي العــام بغالبيــة األصــوات الرئاســية واملقاعــد‬
‫احملليــة‪ ,‬وبقــدر مــا ميثــل ذلــك انتصــاراً سياســياً كبيــراً لهمــا بقــدر مــا ميثــل عبئــا‬
‫كبيــرا ينبغــي التعامــل معــه مبســؤولية كبيــرة‪.‬‬

‫وأول مــا يجــب أن يطــرح علــى طاولــة الرئيــس هــو تلــك الوعــود التــي قطعهــا يف احلملــة‬
‫االنتخابيــة وســجلها برنامجــه االنتخابــي‪ .‬وهنــاك علــى األقــل ثــاث قضايــا ميكــن اإلشــارة‬
‫إليهــا بعجالــة وعلــى النحــو التالــي‪:‬‬

‫(‪ )81‬حتدثــت تقاريــر ميدانيــة وشــهود عيــان مــن جلــان الرقابــة واللجنــة العليــا لالنتخابــات ان رئيــس اجلمهوريــة علــي عبــد اهلل‬
‫صالــح كان قــد فــاز يف االنتخابــات علــى مرشــح املعارضــة بــن شــمالن ولكــن بنســبة ‪ %55‬مقابــل قرابــة ‪ %45‬ملرشــح املعارضــة ولكــن‬
‫هــو وكثــر مــن حاشــيته مل يرغــب بهــذه النســبة وكان قــد قــرر منــح املعارضــة نســبة ‪ %27‬فقــط ايــا كانــت النتيجــة ولهــذا الســبب طلــب مــن‬
‫اللجنــة العليــا لالنتخابــات اعــان النتيجــة الرســمية بفــوز صالــح بنســبة ‪ %78‬وقــد اضيــف قرابــة املليونــي صــوت مــن حصــة تعــز واب‬
‫واحلديــدة وغيرهــا وتبقــى هــذه الزيــادات غيــر مؤكــدة وان كانــت احلقيقــة ان نســبة بــن شــمالن كانــت اعلــى ممــا اعلــن رســمياً‬
‫ونســبة صالــح كانــت اقــل ممــا اعلــن رســمياً‬

‫‪311‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫القضيــة األولــى هــي أن الــدورة الرئاســية التــي فــاز بهــا الرئيــس يف ‪20‬ســبتمبر ‪2006‬م‬
‫وبنســبة ‪ %55‬تقريبــا‪ ((8(,‬هــي الــدورة األخيــرة دســتوريا‪ ،‬وحســب برنامجــه االنتخابــي فــإن‬
‫مدتهــا خمــس ســنوات شمســية فقــط‪.‬‬

‫واملعنــى هنــا أن الفتــرة قصيــرة وســتمر مــر الســحاب بالنســبة للرئيــس‪ .‬وإذا كان صادقـاً‬
‫يف مــا يقولــه ويدعيــه فإنهــا لــن تســمح لــه إال بــأن ينشــغل كليــاً ومــن اآلن يف اتخــاذ‬
‫القــرارات واإلجــراءات والسياســات التــي تهيــئ األجــواء فعــا النتقــال الســلطة بسالســة‬
‫ويســر بعــد أن تنتهــي مدتــه الرئاســية‪ .‬أمــا أن ينتظــر إلــى آخــر حلظــة ويقــول بأنــه لــن‬
‫«يترشــح» ولــن يعــدل الدســتور‪ ،‬فســيكون هــذا كالم ـاً فارغ ـاً ولــن يصدقــه احــد‪.‬‬

‫إن مســألة انتقــال الســلطة ســلمياً ليســت مجــرد كالم أو وعــود انتخابيــة ال معنــى لهــا‪ .‬إنهــا‬
‫قــرارات وإجــراءات تتضمــن إصــدار قوانــن وتعديــات دســتورية‪ ،‬وقبــل ذلــك إرادة صادقة‪,‬‬
‫بتــرك الســلطة‪ ،‬وتهيئــة النفــس والطبيعــة التــي تعــودت عليهــا واســتمرأت االســتمرار فيهــا‬
‫ملــدة ثالثــة عقــود متتاليــة‪.‬‬

‫وعلــى الرئيــس أن يتذكــر جيــداً بــأن الناخــب اليمنــي لــن يقبــل منــه بعــد اليــوم «مســرحية»‬
‫جديــدة مــن نــوع عــدم الترشــح وإردافهــا بالقــول والفعــل بــأن «التتــار « قادمــون‪ ،‬واليمــن‬
‫ســتكون يف خطــر عظيــم‪ ,‬وســتتحول إلــى عــراق أو صومــال آخــر إذا تــرك هــو الســلطة‬
‫(‪((8‬‬
‫بسالســة‬
‫القضيــة الثانيــة هــي وعــد الرئيــس بعــد االنتخابــات ‪-‬وليــس قبلهــا أو أثناءهــا‪ -‬بأنــه‬
‫ســيبدأ مــن اآلن بتدويــر مواقــع الســلطة‪ ,‬وبحيــث ال يبقــى أي مســؤول يف منصبــه أكثــر مــن‬
‫أربــع ســنوات‪ ،‬وعنــد هــذه النقطــة بالــذات‪ ,‬هنــاك عناويــن رئيســة ميكــن أن تكــون محــكاً‬
‫لــكالم الرئيــس‪ ،‬و معيــاراً ملصداقيتــه‪ .‬واقصــد بذلــك وجــود قيــادات عســكرية وسياســية‬
‫بعضهــا يشــغل املنصــب القيــادي منــذ أكثــر مــن عشــرين ســنة‪ .‬فهــل سنشــهد يف األيــام‬

‫(‪ )82‬كان صالــح قــد اعلــن يف برنامجــه االنتخابــي انــه ســيعيد تخفيــض فتــرة رئيــس اجلمهوريــة يف الدســتور إلــى خمــس ســنوات‬
‫بــدال مــن ســبع ســنوات واالخيــرة كانــت اســاس التعديــات الدســتورية التــي قدمــت مبشــروع تعديــات مــن قبــل الرئيــس نفســه‬
‫عــام ‪2001‬م‪.‬‬
‫(‪ )83‬يف اشــارة الــى مســرحية اعــان عــدم ترشــحه النتخابــات ‪2006‬م التــي عــاد وتراجــع عنهــا بضغــوط شــعبية مــن قبــل حزبــه‬
‫املؤمتــر وهــو مــا حــول االمــر برمتــه الــى مســرحية هزليــة لــم يكــن بحاجــة اليهــا صالــح وال الــى محاكمتــي ألننــي قلــت انــه ســيعود‬
‫ويترشــح مبظاهــرات مــن حزبــه وتأكــد ذلــك فعــا‪.‬‬

‫‪312‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫أو يف األســابيع القادمــة‪ ,‬تغييــر محمــد صالــح األحمــر مــن قيــادة القــوات اجلويــة مثــا؟‬
‫أو تغييــر احمــد علــي عبــد اهلل صالــح مــن قيــادة احلــرس اجلمهــوري والقــوات اخلاصــة‬
‫(مثــا)؟ أو تغييــر علــي محســن صالــح مــن قيــادة الفرقــة األولــى واملنطقــة الشــمالية‬
‫الغربيــة (مثــا؟) أو‪...‬الــخ‪.‬‬
‫إن هــذه هــي مواقــع الســلطة احلقيقيــة التــي يجــب تدويرهــا‪ .‬أمــا إذا اقتصــر األمــر‬
‫علــى تغييــر مديــر عــام أو رئيــس مصلحــة حكوميــة أو حتــى وزيــر‪ ,‬ورئيــس وزراء‪ ,‬فذلــك‬
‫أمــر عــادي‪ ,‬وميارســه الرئيــس باســتمرار‪ ,‬وال يحقــق املعنــى احلقيقــي الــذي أراد توصيلــه‬
‫للنــاس بالقــول انــه ســيعمل علــى تدويــر مواقــع الســلطة احلقيقيــة‪.‬‬

‫‪-‬القضيــة الثالثــة هــي قانــون إقــرار الذمــة املاليــة الــذي صــدر قبــل عشــرة أيــام فقــط‬
‫مــن تاريــخ االقتــراع العــام وأصبــح اليــوم نافــذاً وإذا كان الرئيــس صادقـاً‪ ,‬وال يكــذب علــى‬
‫نفســه وشــعبه‪ ،‬فــإن أول مــا يجــب القيــام بــه حملاربــة الفســاد هــو تطبيــق هــذا القانــون‪،‬‬
‫واملســارعة إلــى حصــر وإعــان ممتلكاتــه النقديــة والعقاريــة‪ ,‬والــى جانبــه جميــع شــاغلي‬
‫الوظيفــة العامــة يف الدولــة‪ .‬وبغيــر هــذا القــرار الشــجاع الــذي يبــدأ بالنفــس وباألقربــن‪،‬‬
‫يصبــح احلديــث عــن الفســاد واحلــد منــه كالم مرشــح فاشــل ال يصدقــه احــد‪.‬‬

‫حتيــة البــن شــمالن لقــد كان عظيمـاً وهــو يفســر ملــاذا لــن يبــارك للرئيــس النتيجــة‪ ..‬لقــد‬
‫كان يف ذهنــه مليونــا ناخــب وناخبــة(‪ ((8‬صوتــوا لــه‪ ،‬ويرفــض أن يكســر إرادتهــم‪ ..‬وهــو لهــذا‬
‫الســبب يســتحق التحيــة والتقديــر‪.‬‬
‫وليــت شــعري ملــاذا ال يســارع أولئــك املقربــون‪ ،‬إلــى مطالبــة الرئيــس بــأن يعتــذر البــن‬
‫شــمالن بعــد اإلســاءات التــي ارتكبهــا يف حقــه أثنــاء احلملــة االنتخابيــة‪ ،‬وبالــذات عــرض‬
‫صورتــه إلــى جانــب رجــل األمــن «اإلرهابــي» أمــام شاشــات التلفزيــون؟!‬

‫محمد محمد املقالح‬


‫اجلمعة ‪ 13‬أكتوبر‪-‬تشرين األول‪ 2006‬م‬

‫(‪ )84‬رفــض مرشــح املعارضــة املســتقل فيصــل بــن شــمالن ان يقبــل النتيجــة املعلنــة وامتنــع عــن تهنئــة صالــح بالفــوز علــى خــاف‬
‫املعارضــة التــي ترشــح باســمها وقــد ظــل موقفــه ثابتــا حتــى تــويف رحمــه اهلل !‬

‫‪313‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫(‪)28‬‬

‫كيف نتعامل مع إجراءات ونتائج االنتخابات الرئاسية‬

‫ال ميكــن اإلجابــة علــى هــذا الســؤال مــا لــم نحــدد األهــداف السياســية التــي يســعى‬
‫املشــترك الــى حتقيقهــا مــن هــذا االســتحقاق الدميقراطــي والوطنــي الهــام ‪.‬‬

‫ومــن وجهــة نظــري فــان األهــداف يف حدهــا االقصــى تتمثــل يف حتقيــق مبــدا التــداول‬
‫الســلمي للســلطة عملي ـاً عبــر فــوز مرشــحنا االســتاذ فيصــل بــن شــمالن ‪,‬‬

‫وهــي يف حدهــا االدنــى خلــق حالــة مــن الوعــي لــدى املواطــن اليمنــي بأهميــة الصــوت‬
‫االنتخابــي يف عمليــة التغييــر ‪ ,‬ويف ترســيخ ثقافــة ان الوصــول الــى الســلطة وقمتهــا‬
‫حــق لــكل مواطــن مينــي عبــر االنتخابــات بغــض النظــر عــن منطقتــه وعشــيرته او مذهبــه‬
‫الفقهــي ‪.‬‬

‫غيــر ان بــن الهدفــن االقصــى واالدنــى هنــاك اهــداف سياســية ودميقراطيــة ووطنيــة‬
‫أكثــر عمليــة يجــب ان نعمــل لتحقيقهــا عبــر هــذه االنتخابــات وال نكــون قــد خســرنا املعركــة‬
‫الدميقراطيــة بكاملهــا ومنهــا ‪-:‬‬

‫‪1.1‬احــداث حالــة مــن التــوازن السياســي واالجتماعــي املختــل بــن الســلطة واملعارضــة‬
‫عبــر ايجــاد كتلــة سياســية وحزبيــة قويــة ومتماســكة ميثلهــا املشــترك وانصــاره ومــن‬
‫ســيصوتون ملرشــحه فيصــل بــن شــمالن االمــر الــذي تســمح هــذه الكتلــة السياســية‬
‫ومــا ســتخلقه مــن تــوازن الــى فتــح آفــاق جديــدة للتغييــر والبــدء بعمليــة االصــاح‬
‫السياســي وفقــا ملشــروع االصــاح السياســي والوطنــي الــذي وقعــت عليــه احــزاب‬
‫اللقــاء املشــترك‪.‬‬

‫‪314‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫‪2.2‬حتريــك عجلــة الدميقراطيــة اليمنيــة التــي توقفــت او كادت ألســباب وعوامــل كثيــرة‬
‫‪ ,‬وذلــك مــن خــال منــح االنتخابــات الدوريــة اليمنيــة الفارغــة مضمونهــا احلقيقــي‬
‫يف العمليــة الدميقراطيــة التراكميــة يف وعــي وممارســة النــاس أي اعــادة الثقــة لــدى‬
‫املواطــن اليمنــي بأهميــة الدميقراطيــة والتعدديــة والصــوت االنتخابــي ‪ ,‬مــا يســمح‬
‫مبراكمــة الوعــي الدميقراطــي لــدى املواطــن واملواطنــة اليمنيــة‪.‬‬

‫‪3.3‬ملــئ الفــراغ السياســي الــذي يعانــي منــه الشــارع اليمنــي وذلــك عبــر االعــاء مــن شــان‬
‫االحــزاب السياســية ورد اعتبارهــا وتعزيــز الثقــة بهــا لــدى املجتمــع وبالتالــي املســاهمة‬
‫يف اســقاط النظــام شــعبياً واحتجاجي ـاً اعتمــاداً علــى مــا خلقتــه احلملــة االنتخابيــة‬
‫مــن حتشــيد شــعبي ووعــي سياســي وكســر حلواجــز اخلــوف مــن اســتهداف ومعارضــة‬
‫املركــز االول للســلطة‪.‬‬

‫‪315‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫(‪)29‬‬
‫املعارضة تخذل مرشحها‬
‫وجمهورها وتفرط بآخر استحقاق سياسي على مستوى الوطن!‬

‫نســتخلص مــن الســباق الرئاســي لعــام ‪2006‬م ومآالتــه مجموعــة مــن املفاهيــم والنتائــج‬
‫وعلــى النحــو التالــي ‪-:‬‬

‫‪1.1‬اعتبــرت االنتخابــات الرئاســية الثانيــة يف تاريــخ اجلمهوريــة اليمنيــة ( ســبتمبر‬


‫‪2006‬م) اهــم اســتحقاق دميقراطــي مينــي بعــد انتخابــات ‪27‬ابريــل ‪1993‬م علــى‬
‫االقــل مــن حيــث احلــراك والتفاعــل الشــعبي معهــا واآلمــال العريضــة التــي خلقتهــا‬
‫املهرجانــات االنتخابيــة يف اوســاط الشــعب مــن امكانيــة الصــراع علــى الســلطة ســلمياً‬
‫واخلــروج مــن االزمــات التــي كانــت تعيشــها اليمــن ومنــذ مــا قبــل الوحــدة بــل هــي‬
‫افضــل مــن االنتخابــات البرملانيــة االولــى مــن حيــث انقســام املجتمــع افقيـاً ال عموديــا‬
‫ًوعلــى أســاس اخليــارات السياســية والبرامــج االنتخابيــة ال على اســاس االســتقطابات‬
‫املناطقيــة والشــطرية ‪.‬‬

‫*لقــد خــاض كل مــن رئيــس اجلمهوريــة املشــير علــي عبــد اهلل صالــح مرشــح املؤمتــر‬
‫الشــعبي العــام وحلفائــه والــذي يحكــم اليمــن ‪ -‬قبــل الوحــدة وبعدهــا‪ -‬ألكثــر مــن‬
‫‪27‬عامــا واالســتاذ فيصــل ســعيد عثمــان بــن شــمالن مرشــح احــزاب املعارضــة يف‬
‫حتالــف اللقــاء املشــترك حملــة انتخابيــة حقيقيــة يف انتخابــات ‪2006‬م الرئاســية وطــرح‬
‫فيهــا املرشــحان – كل عــن اآلخــر ‪ -‬وقيــادات حملتهمــا ووســائل اعالمهمــا والــراي‬
‫العــام عموم ـاً كل القضايــا العالقــة يف اليمــن بحريــة وشــفافية غيــر مســبوقة متهمــا‬
‫احدهمــا لآلخــر انــه ســببها واملعرقــل حللهــا وبــان تغييــراً ســيحدث يف حالــة فــوز‬
‫املعارضــة او اســتمرار حكــم صالــح للبــاد‪.‬‬

‫‪316‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫*وخــال ثمانيــة اســابيع علــى االقــل هــي فترتــي تقــدمي الترشــيحات والبرامــج‬
‫والدعايــة االنتخابيــة عقــدت املهرجانــات االنتخابيــة التــي حضرهــا عشــرات االالف‬
‫اذا لــم نقــل مئــات االالف يف معظــم محافظــات اجلمهوريــة وفيهــا وخاللهــا حــرص‬
‫املرشــحان ان يلتقيــا مباشــرة بالنــاس بحثــا عــن تأييدهــم ومســتجدين رضاهمــا‬
‫وبقــدر مــا مثــل ذلــك للرئيــس صالــح اول جتربــة مباشــرة مــع الشــعب يف حلظــة‬
‫امتحــان حقيقــة ملــدى شــعبيته ومــا اذا كان يحكــم اليمنيــن فعــا برضــاء النــاس ام‬
‫بدونهــا فقــد كانــت هــي االخــرى اول جتربــة للمعارضــة لتخــوض اســتحقاقاً انتخابيـاً‬
‫منافســة علــى راس الســلطة ‪-‬ال حتــت ظاللهــا ‪-‬وهــي موحــدة مبرشــح وبرنامــج واحــد‬
‫خالفــا لالســتحقاقات االنتخابيــة الســابقة كلهــا ‪.‬‬

‫*لقــد ظهــر االمــر يف بدايــة احلملــة االنتخابيــة وبعــد اختيــار املشــترك مرشــحاً وحيــداً‬
‫للمعارضــة هــو فيصــل بــن شــمالن بــان التجمــع اليمنــي لإلصــاح وهــو الواجهــة‬
‫السياســية جلماعــة االخــوان املســلمني يف اليمــن ومعــه قــوى تقليديــة عدديــة كالشــيخ‬
‫حميــد االحمــر وشــقيقه حســن االحمــر يقفــون معــاً يف مواجهــة الرئيــس صالــح‬
‫مباشــرة ومتحالفــة مــع احلــزب االشــتراكي اليمنــي وبقيــة احــزاب املعارضــة الوطنيــة‬
‫والقوميــة خالف ـاً ملواقــف االصــاح وعيــال الشــيخ االحمــر طــوال تاريخهــم وتاريــخ‬
‫صالــح السياســي حيــث عمــا معــا علــى هزميــة االشــتراكي ومواجهتــه منــذ نهايــة‬
‫ســبعينيات القــرن املاضــي‪.‬‬

‫*ويف اول مهرجانــات احلملــة االنتخابيــة ملرشــح املعارضــة يف امانــة العاصمــة‬


‫واملهرجانــات التــي تلتهــا مباشــرة يف عــدد مــن احملافظــات كعمــران وحجــة ومــا اتســمت‬
‫بــه مــن حضــور شــعبي كبيــر بــدا املشــهد السياســي واالنتخابــي وكأن اليمــن تعيــش‬
‫جتربــة تبــادل ســلمي حقيقــي لــراس الســلطة وان صالــح هــو اخلاســر االول واالخيــر‬
‫يف هــذا الســباق االنتخابــي الفريــد مــن نوعــه يف تاريــخ اليمــن‪.‬‬

‫*واحلقيقــة ان شــخصيات هامــة يف قيــادة املشــترك وعديــد مــن الكتــاب والصحفيــن‬


‫والناشــطني السياســيني كان لهــم دور كبيــر ومؤثــر يف دفــع احــزاب املعارضــة الــى‬
‫خــوض االنتخابــات الرئاســية مبرشــح واحــد واذا كان لــي يف هــذا املقــام ان اذكــر بعــض‬

‫‪317‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫القيــادات والكتــاب والصحفيــن الذيــن ســاهموا بصــورة مؤثــرة وكبيــرة يف وصــول‬


‫املعارضــة الــى اختيــار بــن شــمالن مرشــحاً منافســاًلصالح والســير معــه الــى اخــر‬
‫املطــاف فســيكون علــى راســهم محمــد قحطــان وحميــد االحمــر وياســن ســعيد نعمــان‬
‫وعلــي ســيف حســن وعبــد القــدوس املضواحــي‪.‬‬

‫ومــن الكتــاب كل مــن الزمــاء ســامي غالــب ونبيــل ســبيع وعلــى الصــراري ومحمــد‬
‫املقالــح وعبــد الكــرمي اخليوانــي وجمــال انعــم واخريــن وقــد كنــت شــخصياً احــد اكبــر‬
‫املتحمســن مــن موقعــي ككاتــب ومــن موقعــي كقيــادي يف احلــزب االشــتراكي اليمنــي‬
‫وهــو مــا يالحــظ يف كتابــات هــذا الفصــل مــن الكتــاب بوضــوح ‪.‬‬

‫*ومــع ان اختيــار شــخص فيصــل ســعيد بــن شــمالن كان مقترح ـاً مقدم ـاً مــن قبــل‬
‫احــد قيــادات التجمــع اليمنــي لإلصــاح باعتبــاره احــد املقربــن مــن االصــاح كمــا‬
‫اشــيع حينهــا اال ان االتفــاق عليــه كان ميثــل نقطــة االشــتراك الكبــرى بــن كل االحــزاب‬
‫والفئــات االجتماعيــة والسياســية اليمنيــة املناهضــة لنظــام صالــح حينهــا وال اعتقــد‬
‫ان شــخصاً آخــر غيــر بــن شــمالن كان لــه ذاكــرة يف العمــل املشــترك مــع االشــتراكي‬
‫وقريــب مــن االصــاح ميكــن االتفــاق عليــه كمــا حــدث مــع بــن شــمالن‪.‬‬

‫*تاريــخ بــن شــمالن وســيرته الوطنيــة والسياســية منــذ ان كان مفاوضــاً صلبــاً يف‬
‫جنيــف عــام ‪1967‬م ضمــن اعضــاء اجلبهــة القوميــة لتحريــر اجلنــوب اليمنــي احملتــل‬
‫مــن االجنليــز الــى ان كان وزيــراً للصناعــة تــارة وللتخطيــط اخــرى يف حكومــات احلــزب‬
‫االشــتراكي يف اليمــن الدميقراطــي قبــل الوحــدة ووزيــراً يف اجلمهوريــة اليمنيــة ثــم‬
‫ال يف مجلــس النــواب هــي مجتمعــه مــن جعلــت االســتحقاق الرئاســي يأخــذ‬ ‫نائبـاً مســتق ً‬
‫زخمــه الشــعبي الواســع مبجــرد قبــول الرجــل خــوض التحــدي يف مواجهــة الرئيــس‬
‫صالــح‪.‬‬

‫*فالرجــل معــروف لــدى النخبــة السياســية والــراي العام بالنزاهة واالســتقامة واجلدية‬
‫وممــن رفــض املســاومة يف أي قضيــة مصيريــة تهــم اليمــن واليمنيــن خصوص ـاً بعــد‬
‫ان كان هــو النائــب البرملانــي الوحيــد تقريبــا الــذي قــدم اســتقالته ورفــض ان يكــون‬
‫عضــواً يف مجلــس نــواب ‪2003‬م علــى خلفيــة قبــول املجلــس بغالبيــة اعضــاءه التمديــد‬

‫‪318‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫ألنفســهم ملــدة ســنتني بــدون انتخــاب خالف ـاً للقواعــد التشــريعية (ال يشــرع املشــرع‬
‫لنفســه ) وضــداً إلرادة الناخبــن الذيــن انتخبــوا ممثليهــم ملــدة اربــع ســنوات فقــط وال‬
‫يحــق لهــم متديدهــا ولــو لشــهر واحــد دون تفويــض شــعبي‪.‬‬

‫*ويف الســياق ذاتــه لــم يظهــر علــى ســيرة فيصــل ســعيد عثمــان بــن شــمالن طــوال‬
‫تاريخــه الوطنــي والسياســي أي مثلبــة او شــائبة تشــكك بنزاهتــه واســتقامته وحرصــه‬
‫علــى خدمــة وطنــه وترســيخ وحدتهــا وبنــاء دولتهــا الوطنيــة بالقــدر الــذي لــم يعــرف‬
‫عنــه ايــة انحيــازات حزبيــة حــادة مــع او ضــد أي طــرف سياســي بعينــه وان كان‬
‫معارضـاً صلبـاً للفســاد واالســتبداد ونصيــراً صلبـاً للوحــدة واالســتقالل الوطنــي وكل‬
‫هــذا مــا يفســر ان خصومــه يف حملــة الرئيــس صالــح لــم يجــدوا مــا يقدحــوا فيــه ســوى‬
‫انــه متقــدم يف الســن مــع انــه كان يف قمــة عطائــه وجــال اليمــن طــوالً وعرضـاً بنفســه‬
‫والــى درجــة ان احملافظــات القليلــة التــي لــم تقــام لــه فيهــا مهرجانـاً انتخابيـاً كصعــدة‬
‫ورميــة والبيضــاء فلــم يكــن هــذا الســبب بالقيــادات يف املعارضــة هــي مــن عرقــل ذهابــه‬
‫الــى هنــاك ال هــو بــل ان ذلــك املوقــف قــد تســبب يف احــداث اول شــرخ يف عالقتــه مــع‬
‫بعــض اطــراف املعارضــة وقبــل ان ينتهــي الســباق االنتخابــي وهمــا علــى طــريف نقيــض‬
‫مــن نتائــج االنتخابــات نفســها‪.‬‬

‫*ولهــذه االســباب ومــع املرشــح املســتقل املدعــوم مــن احــزاب املعارضــة وجــد اليمنيــون‬
‫انفســهم وألول مــرة يتحدثــون بوضــوح عــن حقهــم يف املنافســة علــى املركــز االول يف‬
‫الســلطة وكســر كل حواجــز اخلــوف مــن راس النظــام مــن ناحيــة وألول مــرة ايضــا‬
‫بــدا اجلســد الوطنــي يتعافــى شــيئا فشــيئا مــن الدمامــل واجلــروح التــي خلفتهــا حــرب‬
‫صيــف ‪94‬م ‪.‬‬

‫حيــث خرجــت اجلماهيــر الــى جانــب بــن شــمالن وحتــى الــى جانــب صالــح ايضــا يف‬
‫احملافظــات اجلنوبيــة والشــمالية بــذات الزخــم التفاعلــي واجلديــة يف دعــم كل خيــار‬
‫سياســي خليــاره الرئاســي بعيــداً عــن االنحيــازات الشــطرية وهــو مــا لــم يحــدث تقريبــا‬
‫منــذ االســتفتاء علــى دســتور دولــة الوحــدة ‪1991‬م ‪.‬‬

‫‪319‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫*لقــد ســاهمت وســائل االعــام الرســمية ومــا كان ينقلــه التلفزيــون الرســمي مــن‬
‫صــور ملهرجانــات املتنافســن يف احلملــة االنتخابيــة يف تعميــق الوعــي وكســر حواجــز‬
‫اخلــوف وزيــادة حضــور املهرجانــات االنتخابيــة ملرشــح املعارضــة التاليــة وهكــذا بــدت‬
‫االنتخابــات يف وعــي اجلماهيــر وكأنهــا قــادرة علــى احــداث التغييــر بواســطة الصــوت‬
‫االنتخابــي وصــوت واحــد لــكل مواطــن وهــو مــا كان قــد يئــس النــاس مــن امكانيــة‬
‫حدوثــه منــذ حــرب ‪94‬م‪.‬‬

‫‪2.2‬وبقــدر مــا خلــق هــذا كلــه امــاالً لــدى الشــعب اليمنــي يف امكانيــة اخلــروج مــن مــازق‬
‫الصــراع الدمــوي علــى الســلطة بقــدر مــا اثــار القــوى الرجعيــة يف الداخــل واخلــارج‬
‫واالنظمة االســتبدادية يف اجلوار ودفعها للتدخل املباشــر يف حرف الســباق الرئاســي‬
‫عــن مســاره وبالتالــي يف حــرف مســار التاريــخ السياســي اليمنــي كمــا عملــت كثيــرا‬
‫وجنحــت لألســف ‪.‬‬

‫* لــم تكــن الســعودية وال بقيــة دول اجلــوار الرجعــي وال حتــى مصــر وليبيــا مهتمــة‬
‫بالســباق الرئاســي يف اليمــن يف بدايــة احلملــة االنتخابيــة ظنــا منهــا انــه جــزء مــن‬
‫اســتحقاقات شــكلية ســبقته غيرهــا ولــم تــودِ اال الــى تكريــس النظــام القائــم يف اليمــن‬
‫متامــا كمــا هــي االســتحقاقات االنتخابيــة يف مصــر وغيرهــا يف عهــد مبــارك والتــي‬
‫لــم تكــن تثيــر أي اهتمــام ســعودي او عربــي والــى درجــة ان الســعودية يف بدايــة االمــر‬
‫لــم تفــرض علــى رجلهــا االول يف اليمــن وهــو الشــيخ عبــداهلل بــن حســن االحمــر‬
‫رئيــس مجلــس النــواب أي موقــف حــازم الــى جانــب الرئيــس صالــح ال بالنســبة لــه‬
‫وال بالنســبة ألوالده (حميــد وحســن) وال بالنســبة للحــزب الــذي يراســه وهــو التجمــع‬
‫اليمنــي لإلصــاح‪.‬‬

‫*لكــن ومــا ان بــدأت احلملــة االنتخابيــة يف صنعــاء واظهــرت وســائل االعــام حشــودا‬
‫هائلــة مــن اجلماهيــر يــؤدون حملــة مرشــح املعارضــة بــن شــمالن يف العاصمــة صنعــاء‬
‫ثــم يف مهرجانــه االنتخابــي بعمــران معقــل قبيلــة حاشــد ونفــوذ ال االحمــر حتــى انتــاب‬
‫القلــق نظــام صالــح والنظــام الســعودي الــذي كان يتلقــى تقاريــر خطيــرة تشــير الــى‬
‫امكانيــة ســقوط صالــح يف حالــة ســارت االنتخابــات كمــا كانــت يف بدايتهــا وهــو مــا‬

‫‪320‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫قــد ميثــل خطــراً مباشــراً علــى الســعودية ليــس ألنهــا تؤيــد صالــح او تخــاف مــن بــن‬
‫شــمالن ان فــاز بــل مــن طريقــة وصولــه الــى الرئاســة عبــر صناديــق االقتــراع ال عــن‬
‫طريــق املشــاورات معهــا كــم تعــودت منــذ اغتيالهــا للرئيــس احلمــدي ومــن قبلــه‪.‬‬

‫لقــد اثــارت احلملــة االنتخابيــة يف الســباق الرئاســي اليمنــي انظمــة اســتبدادية عربيــة‬
‫اخــرى كمصــر مبــارك وليبيــا القــذايف وعلــى تناقضهمــا اال أن اجلميــع اندفــع مســارعاً‬
‫الــى دعــم انتخــاب صالــح مببالــغ ماليــة لتمويــل حملتــه االنتخابيــة قيــل انــه حصــل‬
‫عليهــا مــن الســعودية وليبيــا ورمبــا مــن االمــارات ايضــا وبتقــدمي مصــر مستشــارين‬
‫امنيــن ومتخصصــن يف االنتخابــات وكيفيــة اخراجهــا للــراي العــام ‪.‬‬

‫‪3.3‬غيــر ان االخطــر واالكثــر تأثيــراً علــى نتائــج االنتخابــات هــو ان الســعودية لــم تكتــف‬
‫بالدعــم املالــي بــل ســارعت الــى ممارســة ضغــوط هائلــة علــى الشــيخ عبــداهلل بــن‬
‫حســن االحمــر وجماعــة االخــوان املســلمني التــي يــراس الشــيخ عبــداهلل حزبهــا‬
‫السياســي (االصــاح) بضــرورة التخلــي عــن دعــم مرشــح املعارضــة وهــذا هــو مــا اثــر‬
‫يف نتائــج االنتخابــات ســلباً قبــل بــدء مرحلــة االقتــراع والفــرز واعــان النتائــج‪.‬‬

‫* لقــد ظهــر الشــيخ عبــد اهلل بــن حســن االحمــر يف منتصــف احلملــة االنتخابيــة وهــو‬
‫يقــف مــن مــكان اقامتــه يف الريــاض بقــوة الــى جانــب صالــح ويعــرض مبوقــف حزبــه وبــدال‬
‫مــن ظهــوره مبظهــر احليــاد بحجــة انــه يف املستشــفى وعلــى فــراش املــوت فضــا عــن‬
‫كونــه رئيســا ملجلــس النــواب انحــاز وبقــوة ضــد بــن شــمالن ودعــم ترشــيح صالــح وحينهــا‬
‫صــرح ضــد موقــف ابنائــه وبالــذات الشــيخ حميــد االحمــر الــذي بــدا وكانــه يقــود حملــة بــن‬
‫شــمالن مــن موقعــه يف املعارضــة كقيــادي يف حــزب االصــاح وتلــك كانــت اول املؤشــرات‬
‫علــى امكانيــة تغييــر موقــف التجمــع اليمنــي لإلصــاح احــد اهــم رمــوز املشــترك واول مــن‬
‫طلــب مــن بــن شــمالن قبــول الترشــح باســم املعارضــة مــا تســبب لــه احــراج هائــل‪.‬‬

‫ومــع ان االصــاح ظــل يدعــم ظاهريــا حملــة بــن شــمالن اال ان فتــوراً يف مواقفــه قــد‬
‫ظهــرت قبــل اســبوع مــن انتهــاء احلملــة االنتخابيــة حيــث بــدا يعرقــل اســتكمال بــن شــمالن‬
‫مهرجاناتــه االنتخابيــة يف عــدد مــن احملافظــات التــي لــم يكــن قــد زارهــا‪ .‬وعلــى ســبيل‬

‫‪321‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫املثــال وبعــد ان اعلــن بــن شــمالن بنفســه رغبتــه يف حضــور مهرجــان لــه يف صعــدة وكان قــد‬
‫ارســل وفــدا لزيارتهــا وترتيــب مهرجــان كبيــر فيهــا اال انــه فوجــئ بإلغــاء املهرجــان مــن قبــل‬
‫قيــادة حملتــه االنتخابيــة متعللــة بعــدم توفــر االمــن حلياتــه وقــد تســاءل النــاس حينهــا كيــف‬
‫يامــن صالــح وهــو مــن يخــوض حربــا يف صعــدة علــى عقــد مهرجانــه فيهــا وبــن شــمالن‬
‫ال يامــن وهــو يقــف الــى جانــب دعــاة وقــف احلــرب متضامنــا مــع ضحاياهــا وهكــذا يف‬
‫مهرجانــات البيضــاء ورميــة حيــث حــرم بــن شــمالن ألســباب ودوافــع بــدت واهيــة مــن‬
‫اســتكمال حملتــه االنتخابيــة فيهــا ‪.‬‬

‫*علــى ان مــا اكــد تلــك الشــكوك بوجــود ضغــوط هائلــة علــى قيــادة االصــاح وممــول‬
‫احلملــة االنتخابيــة حميــد االحمــر هــي ان احلضــور الباهــت واملخيــب لآلمــال يف مهرجــان‬
‫بــن شــمالن اخلتامــي يف العاصمــة صنعــاء حيــث الثقــل السياســي واالنتخابــي االكبــر‬
‫للمعارضــة وبــدالً مــن ان يكــون هــو اكبــر واكثــر املهرجانــات حشــداً مــن قبــل املعارضــة ويف‬
‫مقدمتهــم االصــاح لوحــظ انــه كان اضعــف مهرجاناتــه االنتخابيــة علــى االطــاق وتبــن‬
‫ان عــدم توفيــر وســائل نقــل مــن قبــل املعارضــة لنقــل اجلماهيــر الــى االســتاد الرياضــي‬
‫باجلــراف شــمال العاصمــة كمــا حــدث يف مهرجانــه االفتتاحــي يف نفــس املــكان هــو الســبب‬
‫املباشــر لهــذا التراجــع الشــعبي املقصــود‪.‬‬

‫الضغــوط الســعودية ونتائجهــا الســلبية علــى موقــف االصــاح ومنــذ ثــم املشــترك ظهــرت‬
‫اكثــر يــوم فــرز اصــوات املرشــحني يف صناديــق االقتــراع وبعــد ان كان موقــع الصحــوة نــت‬
‫وهــو املوقــع االخبــاري الرســمي لإلصــاح ينقــل نتائــج الفــرز مــن مندوبــي املعارضــة يف كل‬
‫مراكــز الفــرز يف احملافظــات تلقــى توجيهــات بوقــف تلــك االخبــار وفعــا توقــف ليتبــن ان‬
‫جميــع مندوبــي املعارضــة وحتديــداً مندوبــوا االصــاح قــد توقفــوا عــن فــرز اصــوات بــن‬
‫شــمالن واالنشــغال بــدال عنهــا بفــرز اصــوات مرشــحوها يف احملليــات ليظهــر االمــر وكان‬
‫الصفقــة التــي لــم يعلــن عنهــا هــي التخلــي عــن بــن شــمالن مقابــل احملليــات ‪.‬‬

‫‪ 4.4‬لقــد اثــر موقــف املعارضــة هــذا علــى عالقتهــا مبرشــحها بــن شــمالن وبعالقتهــا‬
‫بجمهورهــا وجماهيــر الشــعب عمومــا وفيمــا ســارعت الســلطة وعــن طريقــة جلنــة‬
‫االنتخابــات الــى اعــان نتائــج االنتخابــات رســميا معلنــة فــوز صالــح بقرابــة ال ‪%72‬‬

‫‪322‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفصل اخلامس‪:‬االنتخابات الرئاسية سبتمرب‪2006‬م‬

‫مقابــل قرابــة ‪ %27‬ملرشــح املعارضــة لــم تعلــن املعارضــة أي معلومــات او بيانــات مــن‬
‫واقــع فرزهــا لألصــوات يف املراكــز االنتخابيــة مكتفيــة بالتشــكيك بصحــة االرقــام‬
‫التــي تعلنهــا جلنــة االنتخابــات دون أي دليــل يخالفهــا رافضــة حتــى تقــدمي طعــون‬
‫باملخالفــات فيمــا يخــص االنتخابــات الرئاســة حتديــدا لــم يكــن احــد يتوقــع فــوز بــن‬
‫شــمالن رغــم مــا ظهــر مــن شــعبية كاســحة لــه ولكــن النســبة احملــدودة التــي اعلــن‬
‫انــه خســر بهــا ‪ %27‬لــم تكــون صحيحــة وكان اقــل املتفائلــن مينحــه نســبة ‪ %45‬علــى‬
‫االقــل مــن االصــوات‬

‫ولكــن هــذا بالــذات هــو مــا فرطــت بــه املعارضــة وظهــرت وبعــد تهديــدات فارغــة عــن‬
‫امكانيــة االحتجــاج علــى مــا تعلنــه الســلطة مــن نتائــج اعلنــت املعارضــة قبولهــا رســميا بفــوز‬
‫صالــح وســقوط بــن شــمالن وتهنئــة الرئيــس صالــح بالفــوز وهــو مــا لــم يقــم بــه بــن شــمالن‬
‫وســجل عنــه غضبــا كبيــرا جتــاه موقــف املعارضــة ومواقــف االصــاح حتديــدا‬

‫لــم يقتصــر موقــف املعارضــة الســلبي مــن نتائــج مرشــحها بــل انهــا بــدأت الســير يف‬
‫سياســاتها وكانــه لــم يحــدث حــراك شــعبي واســع يف االنتخابــات أي انهــا لــم تــن يف‬
‫معارضتهــا للنظــام بنــاء علــى مــا افرزتــه حالــة الوعــي العميــق والواســع يف أوســاط النــاس‬
‫ويف كســر حاجــز اخلــوف مــن انتقــاد صالــح وكان ميكــن للمعارضــة ان تســتفيد مــن ذلــك يف‬
‫تصعيــد معارضتهــا الشــعبية بنــا ًء علــى كتلتهــا االنتخابيــة التــي بــدت كبيــرة يف مهرجانــات‬
‫بــن شــمالن‪.‬‬

‫ولكــن هــذا لــم يحــدث مــن قبــل املعارضــة وعلــى خــاف ذلــك فرطــت بهــذا الوعــي الشــعبي‬
‫وتركتــه ميضــي وحيــداً يف اخلــروج معارضــاً لصالــح وللمعارضــة وللدولــة والعمليــة‬
‫السياســية برمتهــا بعــد ان كســر كل قيــود اخلــوف يف ذلــك االســتحقاق الكبيــر‪.‬‬

‫لقــد فرطــت املعارضــة بكتلهــا الشــعبية ولــم تقودهــا الــى الثــورة او الــى اختــراق االزمــة‬
‫باجتــاه احلــوار اجلــدي بــل توقفــت مكانهــا وكان حــراكاً واســعاً وكبيــراً لــم يحــدث مــا جعــل‬
‫اطــراف اخــرى غيــر املعارضــة تســتفيد مــن كســر حاجــز اخلــوف مــن راس النظــام وهــو‬

‫‪323‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫مــا افــرز حــراكاً جنوبي ـاً واســعاً وتصعيــداً عســكرياً يف الشــمال فيمــا خرجــت املعارضــة‬
‫احلزبيــة التــي اثــارت ذلــك احلــراك بــدون فائــدة وعــادت الــى نقطــة الصفــر يف االزمــة‬
‫اليمنيــة لتكــون االنتخابــات الرئاســية التــي خلقــت حــراكا واســعا وآمــاال واســعة وكادت‬
‫ان تخلــق تغييــراً جــدي هــي ذاتهــا اخــر اســتحقاق انتخابــي يف تأريــخ اجلمهوريــة قبــل ان‬
‫تنفجــر الثــورة وتنهــار الدولــة ويحــدث التدخــل اخلارجــي بعــد خمــس ســنوات فقــط مــن‬
‫اخــر اســتحقاق انتخابــي مينــي‪.‬‬

‫‪324‬‬
‫الفصل‬ ‫اتفاقية الوحدة‪.‬‬

‫اهم بنود وثيقة العهد‬


‫واالتفاق‪.‬‬
‫وثائق سياسية‬
‫أرقام ذات دالله يف االســتفتاء‬
‫وكتابات ومواقف ذات صلة‬ ‫علــى الوحدة‪.‬‬

‫فضيحة االنتخابات يف‬


‫عمران‪.‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫(‪)1‬‬

‫(بنود اتفاقية الوحدة اليمنية)‬

‫مــادة (‪ :)1‬تقــوم بتاريــخ مــن مايــو ‪1990‬م املوافــق ‪1410‬هـــ بــن دولتــي اجلمهوريــة العربيــة‬
‫اليمنيــة وجمهوريــة اليمــن الدميقراطيــة الشــعبية (شــطري الوطــن اليمنــي) وحــدة‬
‫اندماجيــة كاملــة تــذوب فيهــا الشــخصية الدوليــة لــكل منهمــا يف شــخص دولــي واحــد‬
‫يســمى ( اجلمهوريــة اليمنيــة) ويكــون للجمهوريــة اليمنيــة ســلطات تشريعيـــة وتنفيذيــة‬
‫وقضائيـــة واحــدة‪.‬‬

‫مــادة (‪ :)2‬بعــد نفــاذ هــذا االتفــاق يكــون مجلــس الرئـــاسة للجمهوريــة اليمنيــة ملــدة الفتــرة‬
‫االنتقاليـــة يتألــف مــن خمســة أشــخاص ينتخبــون مــن بينهــم يف أول اجتمـــاع لهــم رئيســاً‬
‫ملجلــس الرئاســـة ونائبـاً للرئيـــس ملــدة املجلــس‪.‬‬

‫ويشــكل مجلــس الرئـــاسة عــن طريــق االنتخابــات مــن قبــل اجتمــاع مشــترك لهيئــة‬
‫رئاســة مجلــس الشــعب األعلــى‪ ،‬واملجلــس االستشــاري ‪ ،‬ويــؤدي مجلــس الرئاســة اليمــن‬
‫الدســتورية أمــام هــذا االجتمــاع املشــترك قبــل مباشــرة مهامــه‪ .‬وميــارس مجلــس الرئـــاسة‬
‫فــور انتخـــابه جميــع االختصاصــات املخولــة ملجلــس الرئـــاسة يف الدســتور‪.‬‬

‫*وردت األسماء يف القسم التاسع ص (‪)317 ،316 ،315‬‬

‫مــادة (‪ :)3‬حتــدد فتــرة انتقـــالية ملــدة ســنتني وســتة أشــهر ابتــداء مــن تاريــخ نفــاذ هــذا‬
‫االتفــاق‪ ،‬ويتكــون مجلــس نــواب خــال هــذه الفتــرة مــن كامــل أعضــاء مجلــس الشــورى‬
‫ومجلــس الشــعب األعلــى‪ ،‬باإلضافــة إلــى عــدد (‪ )31‬عضــواً يصــدر بهــم قــرار مــن مجلــس‬
‫الرئـــاسة‪ ،‬وميــارس مجلــس النــواب كافــة الصالحيــات املنصــوص عليهــا يف الدســتور عــدا‬
‫انتخــاب مجلــس الرئاســة وتعديــل الدســتور‪ ..‬ويف حالــة خلــو مقعــد أي مــن أعضــاء مجلــس‬
‫النــواب ألي ســبب كان يتــم ملــؤه عــن طريــق التعيــن مــن قبــل مجلــس الرئاســـة‪.‬‬

‫‪327‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫مــادة (‪ :)4‬يصــدر مجلــس الرئاســة يف أول اجتمــاع لــه قــراراً بتشــكيل مجلــس استشــاري‬
‫مكــون مــن (‪ :)45‬عضــواً وحتــدد مهــام املجلــس يف نفـــس القــرار‪.‬‬

‫مــادة (‪ :)5‬يشــكل مجلــس الرئاســـة حكومــة اجلمهوريــة اليمنيـــة التــي تتولــى جميــع‬
‫االختصاصــات املخولــة للحكومــة مبوجــب الدســتور‪.‬‬

‫مــادة (‪ : )6‬يكلــف مجلــس الرئاســة يف أول اجتمــاع فريقـاً فنيـاً لتقــدمي تصــور حــول إعــادة‬
‫النظــر يف التقســيم اإلداري للجمهوريــة اليمنيــة مبــا يكفــل تعزيــز الوحــدة الوطنيــة وإزالــة‬
‫آثــار التشــطير‪.‬‬

‫مــادة (‪ :)7‬يخــول مجلــس الرئاســـة إصــدار قــرارات لهــا قــوة القانــون بشــأن شــعار‬
‫اجلمهوريــة اليمنيــة وعلمهــا والنشــيد الوطنــي ‪ ،‬يف أول اجتمــاع لــه اتخــاذ قــرار بدعـــوة‬
‫مجلــس النــواب لالنعقــاد وذلــك للبــت فيمــا يلــي‪:‬‬

‫‌أ‪ .‬املصـادقة على القرارات بالقوانني التي أصدرها مجلس الرئاسـة‪.‬‬


‫‌ب‪ .‬منح احلكومة ثقة املجلس يف ضوء البيان الذي ستقدمه‪.‬‬

‫‌ج‪ .‬تكليــف مجلــس الرئاســـة بإنــزال الدســتور لالســتفتاء الشــعبي العــام عليــه قبــل‬
‫‪ 30‬نوفمبــر ‪1990‬م‪.‬‬

‫‌د‪ .‬مشاريع القوانني األساسيـة التي سيقدمها إليه مجلس الرئاسـة‪.‬‬

‫مــادة (‪ :)8‬يكــون هــذا االتفــاق نافــذاً مبجــرد املصادقــة عليــه وعلــى مشــروع دســتور‬
‫اجلمهوريــة اليمنيــة مــن قبــل كل مــن مجلســي الشــورى والشعـــب‪.‬‬

‫مــادة (‪ : )9‬يعتبــر هــذا االتفــاق منظم ـاً لكامــل الفتــرة االنتقاليـــة‪ ،‬وتعتبــر أحــكام دســتور‬
‫اجلمهوريــة اليمنيــة نافــذة خــال املرحلــة االنتقاليــة فــور املصادقــة عليــه وفق ـاً ملــا أشــير‬
‫إليــه يف املــادة الســابقة ومبــا ال يتعــارض مــع أحــكام هــذا االتفــاق‪.‬‬

‫‪328‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫مــادة (‪ :)10‬تعتبــر املصادقــة علــى هــذا االتفــاق ودســتور اجلمهوريــة اليمنيـــة مــن قبــل‬
‫مجلســي الشــورى والشــعب ملغيـــة لدســتور الدولتــن السابقـــة‪.‬‬

‫مت التوقيـــع علــى هــذا االتفــاق يف صنعــاء بتاريــخ ‪ /27‬رمضــان ‪1410‬هـــ املوافــق ‪ 22‬ابريــل‬
‫‪1990‬م‪.‬‬

‫علي سالم البيض‬ ‫العقيد علي عبد اهلل صالح‬


‫االمني العام للجنة املركزية‬ ‫رئيس اجلمهورية القائد العام للقوات املسلحة‬
‫يف احلزب االشتراكي اليمني‬ ‫األمني العام للمؤمتر الشعبي العام‬

‫‪329‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫(‪)2‬‬

‫ارقام ذات داللة يف نتائج االستفتاء على دستور دولة الوحدة‬

‫ •(يف ‪ 30‬ديســمبر ‪ 1981‬م‪ :‬مت االنتهــاء مــن إعــداد مشــروع دســتور الوحــدة لدولــة‬
‫اجلمهوريــة اليمنيــة‪ ،‬وأقرتــه اللجنــة الدســتورية املشــتركة يف جلســتها اخلتاميــة‬
‫للــدورة الثالثــة عشــر‪ ،‬التــي عقدتهــا اللجنــة يف مقــر مكتــب الوحــدة بصنعــاء عاصمــة‬
‫اليمــن املوحــد صبــاح يــوم األربعــاء املوافــق ‪ 30‬ديســمبر ‪ 1981‬م‪.‬‬

‫ •يف ‪ 10‬فبرايــر ‪ 1991‬م‪ :‬مت إقــرار قانــون إجــراء االســتفتاء علــى دســتور الوحــدة‬
‫اليمنيــة مــن قبــل رئيــس مجلــس الــوزراء حيــدر أبــو بكــر العطــاس و رئيــس مجلــس‬
‫الرئاســة علــي عبــد اهلل صالــح‪.‬‬

‫ •يف ‪ 15‬مايــو ‪ 16 /‬مايــو مــن عــام ‪ 1991‬م‪ :‬متــت عمليــة االســتفتاء العــام علــى دســتور‬
‫اجلمهوريــة اليمنيــة‪.‬‬

‫ •يف‪ 20‬مايو ‪ 1991‬م‪ :‬اعلنت اللجنة العليا لالستفتاء النتائج على النحو االتي‪:‬‬

‫‪1.1‬بلــغ عــدد املســجلني يف عمــوم اجلمهوريــة (‪ )1890646‬مليــون وثمامنائــة وتســعني‬


‫الــف وســتمائة وســتة واربعــن مســتفتياً‪،‬‬

‫‪2.2‬وبلــغ عــدد الذيــن أدلــوا بآرائهــم خــال يومــي ‪ 15‬مايــو و ‪ 16‬مايــو (‪)1364788‬‬
‫مليــون وثالثمائــة واربعــة وســتني الــف وســبعمائة وثمانيــة وثمانــن مســتفتياً‬
‫وبنســبة‪ %72,2‬مــن إجمالــي املســجلني يف جــدول االســتفتاء‪.‬‬
‫‪3.3‬صوت لصالح دستور الوحدة (‪ )1371247‬مستفتياً وبنسبة ‪،%98,3‬‬

‫‪330‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫‪4.4‬وصوت ضد الدستور (‪ )20409‬مستفتياً وبنسبة ‪ %1,5‬من إجمالي املستفتني‪.‬‬


‫‪5.5‬وبلغــت عــدد األوراق الباطلــة مــن الناحيــة القانونيــة (‪ )3132‬ثالثــة الــف ومائــة‬
‫واثنــان وثالثــون وبنســبة ‪ %0,2‬مــن الذيــن أدلــوا بآرائهــم)‬

‫ويف ضــوء هــذه النتيجــة فإنــه اســتناداً إلــى املــادة (‪ )29‬مــن الئحــة نظــام االســتفتاء يكــون‬
‫دســتور اجلمهوريــة اليمنيــة موافقـاً عليــه باالســتفتاء الشــعبي وذلــك بأغلبيــة كبيــرة واملعلــن‬
‫عنهــا بنســبة (‪ )%98,3‬وهــي نســبة عاليــة جتــاوزت األغلبيــة املطلقــة احملــددة يف الئحــة‬
‫نظــام االســتفتاء ‪.‬‬

‫‪331‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫(‪)3‬‬

‫من وثيقة العهد واالتفاق‬

‫نعيــد نشــر بعــض اهــم البنــود (القضايــا )التــي تضمنتهــا وثيقــة العهــد واالتفــاق علــى‬
‫النحــو التالــي ‪-:‬‬

‫‪1.1‬هيئات الدولة‪- :‬‬

‫إن الدولــة واســتكمال مؤسســاتها وهيئاتهــا املركزيــة والالمركزيــة وقوانينهــا وأنظمتهــا‬


‫ولوائحهــا مهمــة رئيســية اســتهدفها كل املشــاركني يف جلنــة احلــوار وكافــة املشــاريع التــي‬
‫عرضــت عليهــا رغبــة يف تصحيــح مســار جتربتنــا الوحدويــة والدميقراطيــة الوليــدة وبنــاء‬
‫دولــة النظــام والقانــون‪ ،‬دولــة املؤسســات‪ ،‬التــي تعتمــد علــى قاعــدة الالمركزيــة اإلداريــة‬
‫واملاليــة‪ ،‬إلدارة شــئون الدولــة اليمنيــة الواحــدة‪ ،‬التــي تســتوعب مضامــن الدولــة الوطنيــة‬
‫القائمــة علــى قاعــدة احلكــم احمللــي باختصاصاتــه التنمويــة واخلدميــة واإلداريــة واملاليــة‬
‫ينظمهــا القانــون‪.‬‬

‫‪2.2‬هيئات السلطة املركزية‪- :‬‬

‫ •مجلــس النــواب‪ .‬هــو الهيئــة التشــريعية للجمهوريــة اليمنيــة‪ ..‬ويجــري انتخابــه مــن‬
‫قبــل الشــعب باالقتــراع الســري واحلــر املباشــر‪ ..‬ويحــدد الدســتور صالحيتــه ومهامــه‬
‫وشــروط العضويــة وطريقــة الترشــيح واالنتخــاب‪.‬‬

‫ •مجلــس الشــورى‪ ..‬ويتكــون مــن عــدد متســاو مــن األعضــاء ميثلــون وحــدات احلكــم‬
‫احمللــي يتــم انتخابهــم مــن قبــل مجالــس املقاطعــات‪ ..‬ويحــدد الدســتور عــدد األعضــاء‬
‫مــن كل وحــدة إداريــة وشــروط العضويــة وطريقــة الترشــيح واالنتخــاب كمــا يحــدد‬
‫اختصاصــات ومهــام املجلــس علــى النحــو التالــي‪- :‬‬

‫‪332‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫ •إبــداء الــرأي يف القوانــن األساســية وبشــكل خــاص مــا يتعلــق بشــئون احلكــم‬
‫احمللــي‪ ،‬التــي يحيلهــا إليــه مجلــس الرئاســة بعــد رفعهــا مــن قبــل مجلــس النــواب‬
‫وذلــك قبــل إصدارهــا مــن قبــل رئاســة الدولــة‪.‬‬
‫ •يشارك مع مجلس النواب يف انتخاب أعضاء مجلس الرئاسة‪.‬‬

‫ •إبــداء الــرأي يف مشــروعات امليزانيــة العامــة للدولــة وخطــط التنميــة االقتصاديــة‬


‫واالجتماعيــة قبــل إقرارهــا مــن قبــل مجلــس النــواب وحتــال إليــه مــن احلكومــة‬
‫ويرفــع إليهــا مالحظاتــه ومــن ثــم حتيلهــا احلكومــة ملجلــس النــواب بعــد اســتيعاب‬
‫مالحظــات ومقترحــات املجلــس‪.‬‬
‫ •يتولــى انتخــاب أعضــاء احملكمــة العليــا للجمهوريــة ويقــدم قضــاة اجلمهوريــة‬
‫ضعــف عــدد املرشــحني ويصــدر بهــم قــرار جمهــوري‪.‬‬

‫ •يتولــى انتخــاب أعضــاء املجلــس اإلعالمــي ومجلــس الهيئــة العامــة للخدمــة املدنية‬
‫وتقــدم احلكومــة الترشــيحات ويصــدر بهــم قــرار جمهوري‪.‬‬

‫ •تقدمي مقترحات مبشاريع قوانني إلى احلكومة خاصة بشئون احلكم احمللي‪.‬‬
‫ •يتولــى النظــر يف قضايــا شــئون احلكــم احمللــي احملالــة إليــه مــن احلكومــة أو‬
‫املرفوعــة مــن أي مــن مجلــس الوحــدات اإلداريــة‪.‬‬

‫ •إبــداء الــرأي يف املعاهــدات وقضايــا احلــدود قبــل عرضهــا علــى مجلــس النــواب‬
‫وحتــال إليــه مــن احلكومــة‪.‬‬
‫ •النظر يف أية قضايا حتيلها احلكومة إلى املجلس‪.‬‬
‫ويحدد الدستور صالحيات ومهام املجلس على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ .3‬رئاســة الدولــة‪ - :‬متثــل رئاســة الدولــة الســلطة الســيادية للدولــة وتتكــون مــن مجلــس‬
‫الرئاســة مــن خمســة أعضــاء ينتخبــون مــن قبــل مجلــس النــواب ومجلــس الشــورى‬
‫مجتمعــن‪ ،‬وينتخــب مجلــس الرئاســة رئيســاً ونائبــاً للرئيــس مــن بــن أعضائــه‪.‬‬

‫‪333‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫‪ -‬ال تزيد فترة العضوية يف مجلس الرئاسة عن دورتني انتخابيتني‪.‬‬

‫‪ -‬ال يجــوز للرئيــس ونائبــه وأعضــاء املجلــس ممارســة أي عمــل حزبــي أثنــاء شــغلهم‬
‫لعضويــة املجلــس (وال ينطبــق هــذا احلكــم علــى أعضــاء مجلــس الرئاســة احلالــي للــدورة‬
‫احلاليــة)‪.‬‬

‫‪3.3‬صالحيات احلكم احمللي‪- :‬‬

‫يقــوم احلكــم احمللــي علــى قاعــدة االنتخابــات املباشــرة واحلــرة واملتســاوية لهيئاتــه‪ /.‬ويتــم‬
‫انتخــاب مجالــس احلكــم فيهــا‪ .‬ويتمتــع بصالحيــات إداريــة وماليــة كاملــة متكنــه مــن إدارة‬
‫شــئون الوحــدة اإلداريــة والتنمويــة واخلدميــة علــى قاعــدة التنافــس اإليجابــي يف إطــار‬
‫الوحــدة علــى أن تنعكــس مهمــة بنــاء الدولــة يف انتقــال مركــز الثقــل يف عــدد مــن قضايــا‬
‫إدارة شــئون اإلدارة املركزيــة إلــى أجهــزة احلكــم احمللــي‪.‬‬

‫‪334‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫(‪)4‬‬

‫نص كلمة األستاذ فيصل بن شمالن يف املؤمتر الصحفي‬


‫بعد اعالن نتائج االنتخابات الرئاسية‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫أيها اإلخوة الكرام السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‬

‫ابتــداء أود أوال أهنــيء الشــعب اليمنــي بثــورة ‪26‬ســبتمبر و‪14‬اكتوبــر وأهنــىء كل العالــم‬
‫العربــي واإلســامي وامتنــا اليمنيــة بشــهر رمضــان املبــارك جعلــه اهلل خيــرا وبركــة‬
‫‪ ..........‬وجعــل اهلل قدومــه يف الســنة القادمــة علــى األمــة كلهــا بخيــر وممــا هــي عليــه‬
‫اليــوم ‪.‬‬

‫أود أن اذكر شيئا مما ظهر لنا من احلقيقة يف هذا البيان‬

‫هنالــك تفاصيــل كثيــرة يف هــذا البيــان‪ .....‬نحــن خضنــا هــذه االنتخابــات وكنــا نعــول‬
‫عليهــا الشــيء الكثيــر بأنهــا أول انتخابــات تنافســيه علــى منصــب رئيــس اجلمهوريــة ‪.‬‬

‫وبصــرف النظــر عــن املصاعــب والعقبــات التــي كانــت أمامنــا إال انــه كان يجــب أن نخــوض‬
‫هــده االنتخابــات التنافســية لنضــع الشــعب ‪..‬أمــام أمريــن ‪:‬‬

‫ •األمــر األول‪ :‬أن حالنــا كوطــن مينــي قــد تدهــور يف كل األمــور اقتصادي ـاً وسياســياً‬
‫واجتماعيــاً وكل شــيء ‪.‬‬

‫ •األمر الثاني‪ :‬أن ال سبيل إلى إصالح هذه األوضاع إال يف إصالح الوضع السياسي‪.‬‬

‫‪335‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫فلذلــك كان البــد أن نبصــر ونتباصــر مــع الشــعب اليمني حول هاتني القضيتني الرئيســيتني‬
‫ألننــا ال نســتطيع أن نتجــاوز أيــا منها ‪...,‬‬

‫كنــا نعــول كثيــراً علــى هــذه االنتخابــات ذلــك أن «الشــنة والرنــة» التــي ســبقتها كانــت تطــن‬
‫يف كل اآلذان احلقيقيــة ‪,‬و كانــت تعطينــا هــذا األمــل‪.‬‬

‫غيــر انــه مــع اآلســف قــد «متخــض اجلبــل عــن فــار» وذلــك بالنســبة إلجــراءات االقتــراع‬
‫وإجــراء الفــرز أي العمليــة االنتخابيــة نفســها‪.‬‬

‫لقــد مــرت املســالة قــي املرحلــة الدعائيــة ومرحلــة املهرجانــات بشــكل معقــول ومقبــول ‪,‬إذ‬
‫ســمح لــكل املرشــحني بــان يقولــوا مــا لديهــم يف هــذه املهرجانــات وان شــاب ذلــك شــيء مــن‬
‫عــدم العــدل يف التغطيــة التلفزيونيــة واإلعالميــة عمومــا‪ ,‬وكذلــك احلــال بالنســبة ملواقــع‬
‫املهرجانــات وان كانــت يف بعــض األحيــان توضــع نقــاط يف الطريــق حتــى ال يصــل كل‬
‫املؤيديــن واحملبــن «لالســتماع» أو الذيــن يريــدون أن يحضــرون مهرجانــات اللقــاء املشــترك‬
‫حتــى مــن خارجهــا ‪,‬‬

‫لقــد مــرت هــذه املرحلــة بشــكل مقبــول ولكــن مرحلــة االقتــراع والفــرز لــم تكــن انتخابــات‬
‫حقيقيــة أبــدا ‪...‬هــذه مســالة يجــب أن تســتقر يف الذهــن ‪...‬هنــاك الكثيــر مــن‬
‫االعتقــاالت‪ ....,‬هنــاك الكثيــر مــن البطاقــات التــي وزعــت قبل»االقتــراع» هنالــك ســجل ال‬
‫نعلــم مــا فيــه هــل هــو مفتــوح إلــى ابــد اآلبديــن أم مــاذا !؟‬

‫هــذه األمــور كلهــا قــد شــرحت يف هــذا البيان»(يقصــد بيــان اللقــاء املشــترك ) ولذلــك‬
‫لألســف أن مــا كنــا نــوده أن يكــون عرس ـاً دميقراطي ـاً كان مأمت ـاً حقيقي ـاً‬

‫ولكــن هــذه هــي النتائــج التــي أفــرزت فــوز األخ مرشــح احلــزب احلاكــم رئيس ـاً كواقــع‬
‫لليمــن األخ علــي عبــد اهلل صالــح ‪.‬‬

‫هذه النتيجة أفرزت كواقع وهو واقعنا اليوم ‪.....‬‬

‫‪336‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫أود يف األخيــر أن أقــول ‪ :‬أن هــذا النضــال الســلمي مهمــا كانــت الظــروف ومهمــا كانــت‬
‫العوائــق لــن يتوقــف «بعــد اليــوم « أبــداً حيــث وجدنــا أن جماهيــر الشــعب اليمنــي التــي‬
‫كانــت تتــوق وتتطلــع إلــى التغييــر قــد نســخت أرادتهــا يف هــذه النتائــج وبهــذه اإلجــراءات‬
‫ولكــن النضــال الســلمي لــن يتوقــف وســوف يســتمر حتــى يحقــق أهدافــه كاملــة ‪.‬‬

‫ويف األخيــر أشــكركم واشــكر كل الشــعب اليمنــي وكل الذيــن حضــروا هــذه املهرجانــات‬
‫وكل الذيــن ع َّبــروا عــن شــعورهم يف طــول اليمــن وعرضهــا بــإرادة التغييــر والســام عليكــم‬
‫ورحمــة اهلل وبركاتــه‬

‫‪337‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫(‪)5‬‬

‫فضيحة االنتخابات يف (عمران)‬

‫إني أتهم ‪ ...‬الصمت واخلوف أيضا!‬

‫‪//‬محمد محمد املقالح‬

‫هنــاك فضائــح دميقراطيــة عديــدة جــرت يف انتخابــات ‪2003‬م النيابيــة ‪,‬غيــر أن‬
‫اكبــر هــذه الفضائــح علــى اإلطــاق ‪,‬هــي تلــك التــي جــرت أحداثهــا يف إحــدى دوائــر‬
‫محافظــة عمــران قبــل أربعــة أيــام فقــط مــن تاريــخ االقتــراع العــام ‪,‬واملتمثلــة بقبــول‬
‫اللجنــة العليــا لالنتخابــات العمــل مبوجــب اتفــاق (ترضيــة ) غيــر مكتــوب كان قــد مت‬
‫–كمــا يبــدو‪ -‬بــن كبــار القــوم قضــى باســتبدال مرشــح الدائــرة(‪ )248‬املعتمــد واملســتويف‬
‫الشــروط القانونيــة وهــو الشــيخ صــادق بــن عبــد اهلل األحمر(مســتقل) ‪,‬بأخيــه غيــر‬
‫الشــقيق الشــيخ حســن عبــد اهلل األحمــر (مؤمتــر) ‪,‬ومبــا يخالــف ابســط الشــروط‬
‫القانونيــة بهــذا اخلصــوص‪.‬‬

‫كأن يكــون اســم املرشــح ضمــن قوائــم الناخبــن يف الدائــرة ‪,‬وان يكــون املرشــح قــد‬
‫تقــدم لترشــيح نفســه يف املوعــد احملــدد للترشــيحات القانونيــة وعــن طريــق اللجنــة‬
‫األصليــة يف الدائــرة نفســها ‪..‬الــخ‪.‬‬

‫أمــا إذا أضفنــا إلــى ذلــك القــول أن اللجنــة العليــا لالنتخابــات كانــت قــد أعلنــت رســمياً‬
‫تعليــق االنتخابــات يف الدائــرة بســبب مــا جــرى مــن إطــاق نــار علــى محافــظ احملافظــة‬
‫األخ طــه هاجــر مــن قبــل مرافقــي الشــيخ صــادق األحمــر ومبــا مثــل إهانــة بالغــة لســلطة‬
‫الدولــة وهيبتهــا حســب مــا جــاء يف وســائل اإلعــام الرســمية حينهــا!‪.‬‬

‫‪338‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫ثــم زدنــا عليــه القــول بــان املرشــح (املســتبدل) قــد فــاز وبأعلــى األصــوات وجــاء فــوزه ‪-‬‬
‫غيــر املســتحق‪ -‬علــى لســان اللجنــة العليــا لالنتخابــات ذاتهــا! فعلينــا بعــد ذلــك أن نحصــي‬
‫عــدد و حجــم وفظاعــة اخلروقــات القانونيــة واإلجرائيــة التــي حدثــت يف هــذه الدائــرة‬
‫اخلاصــة!!‬

‫وعلــى ذلــك وباحلســابات كلهــا فــان اقــل مــا ميكــن وصــف تلــك (الفعلــة ) ســوى أنهــا‬
‫فضيحــة انتخابيــة كبيــرة اشــترك فيهــا اكثــر مــن طــرف ومســت بتداعياتهــا اكثــر مــن‬
‫طــرف أيضــا!‬

‫علــى أن املســالة هنــا ال متــس فقــط طــريف اتفــاق الترضيــة القبلــي وال مــن قامــوا باملوافقــة‬
‫عليــه والعمــل مبوجبــه مــن أعضــاء اللجنــة األصليــة واللجنــة اإلشــرافية والعليــا ‪,‬وحســب‬
‫بــل ومتــس الفضيحــة أيضــا كل قــادة املعارضــة اليمنيــة وكل الكتـ َّاب والصحفيــن الذيــن‬
‫تواطئــوا بالصمــت والتجاهــل ملــا جــرى مــن تزويــر وانتهــاب إلرادة وخيــارات الناخبــن يف‬
‫غالبيــة دوائــر محافظــة عمــران عمومـاً ويف الدائــرة (‪ )248‬خصوصـاً !‬

‫صحيــح أن الســلطة احلاكمــة بــكل أطرافهــا ومواقعهــا قــد مارســت اخلروقــات واالنتهــاكات‬
‫وعمليــات التزويــر الواســعة واملكشــوفة يف معظــم دوائــر اجلمهوريــة مبــا يف ذلــك‬
‫مصادرتهــا وبــكل وقاحــة لنتائــج دوائــر جاهــزة ســبق إعالنهــا لصالــح مرشــحي االشــتراكي‬
‫واإلصــاح (يف عــدن حتديــداً)‪.‬‬

‫وصحيــح أن املعارضــة ســواء يف مؤمترهــا الصحفــي أو يف بياناتهــا وتصريحاتهــا قــد‬


‫أدانــت واســتنكرت مــا جــرى مــن عمليــات تزويــر مكشــوف يف معظــم الدوائــر التــي‬
‫تأكــد فيهــا ذلــك التزويــر‪.‬‬

‫إال أن الصحيــح أيضــا هــو أن تلــك اخلروقــات واالنتهــاكات القانونيــة واألخالقيــة قــد‬
‫مت (تسيســها) مــن قبــل أحــزاب املعارضــة يف (املشــترك) ويف غيــر املشــترك ‪,‬بــل إن‬
‫هــذه األحــزاب أو بعضهــا قــد تعاملــت مــع اخلروقــات ومــع مــن قامــوا مبمارســتها‬
‫بشــيء مــن (التمييــز) واالنتقائيــة املخلــة‪.‬‬

‫‪339‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫!ففــي الوقــت الــذي مت تضخيــم بعضهــا‪ ,‬واملبالغــة حــول خطورتهــا علــى الشــرعية‬
‫وعلــى الدميقراطيــة والوحــدة الوطنيــة ‪,‬والــى درجــة االدعــاء بالكــذب‪.‬‬

‫وجدناهــا يف ذات الوقــت واملناســبة تتجاهــل وبصــورة متعمــدة اإلشــارة إلــى خروقــات‬
‫وعمليــات تزويــر أخــرى اكثــر خطــورة وكان معيارهــا يف ذلــك هــو معيار(املجاملــة)‬
‫الشــخصية واحلزبيــة ملقــام وموقــع هــذا الشــخص أو ذاك‪.‬‬

‫والدليــل الصــارخ علــى ذلــك التمييــز وتلــك االنتقائيــة هــو صمتهــا وجتاهلهــا املتعمــد عمــا‬
‫جــرى يف الدائــرة (‪ )248‬حتديــداً ‪,‬وهــو مــا يفقــد املعارضــة وخطابهــا املصداقيــة وقــد‬
‫ا لتحمــل مســؤولية الدفــاع عــن الدســتور والقانــون وقيــم وتقاليــد‬ ‫يجعلهــا غيــر مؤهلــة أصـ ً‬
‫وقواعــد الدميقراطيــة اليمنيــة التــي ال يجــوز املســاومة حولهــا واملجاملــة فيهــا مهمــا كانــت‬
‫الظــروف وأيــا كان مقــام الشــخص الــذي قــد ميارســها أو يرتكبهــا !‬

‫إن ازدواجيــة اخلطــاب يف مثــل هــذه القضايــا الكبيــرة أمــر معيــب يف حــق املعارضــة‬
‫ويف حــق كل مــن يهتــم بقضايــا الشــأن العــام عموم ـاً وبقضايــا حمايــة الدســتور والدفــاع‬
‫عــن قيــم وقواعــد الدميقراطيــة خصوصاً‪.‬‬

‫ومــا يجــب أن نقولــه هنــا هــو أن املعارضــة قــد اخطــأت خط ـ ًأ كبيــراً بــل أنهــا ارتكبــت‬
‫خطيئــة كبيــرة حــن جتاهلــت يف مؤمترهــا الصحفــي ويف كل بياناتهــا وتصريحــات قادتهــا‬
‫اخلاصــة بالنتائــج النهائيــة لالنتخابــات اإلشــارة إلــى مــا جــرى مــن خروقــات صارخــة يف‬
‫الدائــرة (‪ )248‬ويف غالبيــة دوائــر محافظــة عمــران ‪,‬ليــس الن مــا جــرى هنــاك كان‬
‫ا ملموســاً بيــد املعارضــة ميكــن التثبــت منــه علــى بطــان النتائــج‬ ‫لوحــده يكفــي دليــ ً‬
‫املعلنــة رســمياً مــن قبــل اللجنــة العليــا لالنتخابــات‪.‬‬

‫وقبــل ذلــك دليــ ً‬


‫ا علــى عــدم حياديــة واســتقاللية اللجنــة العليــا لالنتخابــات وعلــى‬
‫خضوعهــا كليــاًَ للســلطة التنفيذيــة بــكل أطرافهــا ومواقعهــا‪.‬‬

‫‪340‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫ولكــن أيضــا الن املعارضــة بتجاهلهــا املتعمــد احلديــث عمــا جــرى يف عمــران ويف دائــرة‬
‫الشــيخ عبــد اهلل بــن حســن األحمــر ودوائــر أبنائــه قــد وضعــت نفســها يف زاويــة حرجــة‬
‫وموقــف صعــب ال حتســد عليــه حيــث بــدا خطابهــا جتــاه قضايــا اخلروقــات الدســتورية‬
‫والقانونيــة يف هــذه االنتخابــات يحمــل مــن االزدواجيــة واملغالطــة اكثــر ممــا يحمــل مــن‬
‫املصداقيــة واملســؤولية إزاء مــا تدعيــه مــن دفــاع عــن الدســتور والقانــون ‪,‬ومــن حمايــة‬
‫للقيــم والقواعــد الدميقراطيــة واالنتخابيــة !!‬

‫والســؤال الــذي يطــرح نفســه هنــا ويكشــف املفارقــة واالزدواجيــة املعيبــة ‪ ,‬هــو مــاذا لــو أن‬
‫أحــد قيــادات املؤمتــر الشــعبي العــام كاألخ يحيــى الراعــي مثــا أو األخ ســلطان البركانــي‬
‫‪,‬أو حتــى عبــد الكــرمي االريانــي هــو مــن تقــدم بخمســة مــن أطفالــه للترشــح إلــى عضويــة‬
‫مجلــس النــواب ‪,‬ثــم بطريقــة أو بأخــرى مت فوزهــم جميعــاً ليشــكلوا مــع والدهــم كتلــة‬
‫برملانيــة اكبــر مــن كتلــة الناصــري واقــل بعضــو واحــد مــن كتلــة االشــتراكي نفســه!‬

‫وهــي ســابقة ال اعتقــد أنهــا قــد حدثــت يف أي برملــان معاصــر أو قــدمي ‪ .‬ثــم مــاذا لــو ان‬
‫أحــد هــؤالء الثالثــة هــو مــن قــام باســتبدال مرشــح بآخــر مــن خــارج الدائــرة وقبــل أيــام‬
‫معــدودة مــن موعــد االقتــراع العــام ‪,‬ووفقــا التفــاق ترضيــة مت بينــه وبــن األخ الرئيــس كمــا‬
‫حصــل يف عمران‪....‬الــخ! هــل كان ميكــن أن يســكت (اإلصــاح) أوال وأحــزاب املعارضــة‬
‫األخــرى ثانيــا علــى كل هــذه الفظاعــات واالختراقــات االســتفزازية لــكل شــيء مبــا يف‬
‫ذلــك اســتفزاز ارادات ومشــاعر الناخبــن اليمنيــن يف تلــك الدائــرة ويف دوائــر اجلمهوريــة‬
‫عمومــا‪.‬‬

‫ومبعنــى آخــر هــل كان ميكــن أن متــر هــذه اخلروقــات الغيــر مســبوقة مــرور الكــرام مــن‬
‫أمــام املعارضــة‪ .‬اجلــواب هــو (ال) وألــف (ال) وعلــى خــاف ذلــك متامــاً كانــت الدنيــا‬
‫ســتقوم وال تقعــد ورمبــا مت رفــض نتائــج االنتخابــات كلهــا بســبب البطــان الصريــح الــذي‬
‫تأسســت عليــه نتيجــة الشــيخ (عبــداهلل بــن حســن االحمــر)‪.‬‬

‫وعلــى اقــل تقديــر كانــت طريقــة إجــراء عمليــة الترشــيح واالقتــراع واعــان النتيجــة يف‬
‫تلــك الدائــرة ســتكون بالنســبة لإلصــاح واملعارضــة هــي الدليــل الــذي ال يأتيــه الباطــل‬

‫‪341‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫مــن بــن يديــه وال مــن خلفــه علــى عــدم شــرعية اللجنــة العليــا لالنتخابــات نفســها وليــس‬
‫بطــان نتيجــة الشــيخ حســن عبــد اهلل بــن حســن األحمــر املعلنــة مــن قبلهــا !!!‬

‫وعنــد هــذه النقطــة بالــذات نكتشــف حجــم (اجلنايــة ) التــي ميكــن أن يرتكبهــا بالصمــت أو‬
‫بالتجاهــل كل مــن يدعــي مســئوليته يف الدفــاع عــن الدســتور والقانــون ‪,‬أو يضــع نفســه يف‬
‫موقــع املســؤولية عــن حمايــة الدميقراطيــة ورعايتهــا إزاء مــن ينتهكــون قواعدهــا وتقاليدها‬
‫امللزمــة‪ .‬ولهــذا الســبب بالــذات يأتــي االنتقــاد احلــاد خلطــاب املعارضــة أو بعــض أحزابهــا‬
‫الــذي بــدا مشوشــا وانتقائيــا ‪,‬وال يحمــل مــن الشــجاعة واملســؤولية ســوى االدعــاء!‬

‫علــى أن مــن املهــم التنبيــه إلــى االعتــراض الشــديد ملوقــف املعارضــة إزاء ما حــدث يف دوائر‬
‫محافظــة عمــران خصوصــا ‪,‬ال يعنــي بأننــا بذلــك نغطــي علــى اخلروقــات والتجــاوزات‬
‫التــي ارتكبتهــا الســلطة وحزبهــا احلاكــم يف الدوائــر األخــرى وعلــى العكــس مــن ذلــك فأننــي‬
‫حــن أشــير إلــى دوائــر محافظــة عمــران عمومــا والــى الدائــرة (‪ )248‬خصوصــا ال أشــير‬
‫بأصابــع االتهــام ســوى إلــى الســلطة احلاكمــة بــكل تكويناتهــا ومواقعهــا مبــا فيهــا (اللجنــة‬
‫العليــا لالنتخابــات) التــي أصبحــت ملحقـاً صغيــراً يف جهــاز الســلطة التنفيذيــة وفروعهــا‬
‫املختلفــة‪.‬‬

‫الن هــذه الســلطة حتديــداً هــي التــي ارتكبــت اخلروقــات واعمــال التزويــر املكشــوفة يف‬
‫اكثــر مــن مــكان وســواء كان ذلــك يف دوائــر جمهوريــة عمــران اليمنيــة أو يف بقيــة دوائــر‬
‫اجلمهوريــة اليمنيــة األخــرى‪.‬‬

‫ولكننــي باإلضافــة إلــى ذلــك أحــذر مــن خطــورة عمليــة (التمييــز) واالنتقائيــة يف التعامــل‬
‫مــع هــذه اخلروقــات ومــع مــن يقومــون مبمارســتها ‪,‬مشــيرا إلــى أن املجاملــة الشــخصية‬
‫واحلزبيــة إزاء قضايــا كبــرى تتعلــق بالقانــون وبالدســتور وبــكل مالــه عالقــة بتقريــر‬
‫املصيــر السياســي للمجتمــع اليمنــي كاالنتخابــات وغيرهــا هــو بحــد ذاتــه فعــل معيــب‬
‫وخطيــر ‪.‬‬
‫واخطــر منــه أن يأتــي مــن قبــل املعارضــة وأحزابهــا وكتَّابهــا ‪,‬وهــذا بالضبــط مــا أعيبــه‬
‫علــى مواقــف أحــزاب املعارضــة يف تقييمهــا لنتائــج االنتخابــات يف كل محافظــات‬
‫اجلمهوريــة ودوائرهــا املختلفــة‪.‬‬

‫‪342‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫إن مــا يجــب أن تكــون عليــه املعارضــة هــو أن تكــون منســجمة مــع نفســها ودورهــا وصادقــة‬
‫ومســؤولة أمــام شــعبها وأمتهــا‪ ,‬وقبــل ذلــك وبعــده متلــك الشــجاعة الكافيــة للتعبيــر بوضــوح‬
‫وصراحــة عــن مواقفهــا وقضاياهــا بغــض النظــر عــن الشــخص أو اجلهــة التــي ميكــن أن‬
‫تكــون لهــا عالقــة مبثــل هــذه املواقــف والقضايــا الكبيــرة والتــي يترتــب عليهــا كل مــا يتعلــق‬
‫مبصيــر اليمــن السياســي والدميقراطــي برمتــه!‬
‫النقطــة الثانيــة التــي يجــب التنبيــه إليهــا هــو أننــي ويف الوقــت الــذي ارفــض وبشــدة‬
‫(شــخصنة) السياســات والقضايــا الوطنيــة الكبيــرة ســوا ًء مــن قبــل الســلطة أو مــن قبــل‬
‫املعارضــة ‪,‬ارفــض يف نفــس الوقــت أن يتــم تفســير موقفــي ورأيــي حــول مــا جــرى مــن‬
‫خروقــات فاضحــة للقانــون ولإلجــراءات االنتخابيــة يف دوائــر محافظــة عمــران عمومــا‬
‫ودائــرة (‪ )248‬خصوصــا باعتبــاره موقف ـاً مــن الشــيخ عبــد اهلل أو أحــد أوالده املرشــحني‬
‫‪ ,‬فهــذا غيــر صحيــح البتــة ‪,‬وعلــى خــاف ذلــك فنحــن نحتــرم الشــيخ عبــداهلل كشــخص‬
‫وكشــخصية وطنيــة لهــا دورهــا ولهــا مكانتهــا الكبيرة يف أوســاط شــرائح واســعة من املجتمع‬
‫اليمنــي ‪ ,‬واكثــر مــن ذلــك نحــن نقــدر ونتفهــم طبيعــة العالقــات السياســية التــي‬
‫تربــط الشــيخ عبــداهلل كرئيــس للتجمــع اليمنــي لإلصــاح مــع بقيــة قيــادات املعارضــة‬
‫األخــرى يف اللقــاء املشــترك‪.‬‬

‫ومــا ميكــن أن متليــه هــذه العالقــات السياســية اجلديــدة مــن (مجامــات ) وبيانــات‬
‫إطــراء ومديــح لهــذا املقــام او ذاك مــن قيــادات املشــترك‪.‬‬

‫غيــر أن هــذا كلــه ال يكفــي وال مينحنــي احلــق – وال املعارضــة‪ -‬لكــي نتجــاوز عــن‬
‫اخلروقــات والتجــاوزات واعمــال التزويــر الواســعة النطــاق فقــط الن املســتفيد منهــا‬
‫قــد يكــون أحــد أبنــاء الشــيخ عبــداهلل فمثــل هــذا ال يجــوز ‪,‬مــن كل النواحــي ويف‬
‫مقدمتهــا النواحــي األخالقيــة والقيميــة‪.‬‬

‫كمــا نعتقــد بــان املجاملــة لشــخص الشــيخ يف مثــل هــذه القضايــا ال تفيــده بــل تضــره‬
‫وتســيء إلــى ســمعته‪ ,‬وان صداقتنــا معــه واحترامنــا لشــخصه الكــرمي وموقعــه‬
‫الدســتوري الرفيــع هــو الــذي يحتــم علينــا أن نصارحــه باحلقيقــة كمــا هــي بــدون رتــوش‬
‫‪,‬وان نقــول لــه وبــدون حــرج عليــك أيهــا الصديــق العزيــز وباعتبــارك رئيســا للســلطة‬

‫‪343‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫التشــريعية (املعنيــة بالتشــريع وحمايتــه) وباعتبــارك رئيســا ألكبــر أحــزاب املعارضــة أيضــا‬
‫‪,‬أن ترفــض وبشــدة صحــة نتيجــة الدائــرة (‪ )248‬ألنهــا يف األصــل قــد تأسســت‬
‫ا ‪ ,‬فهــذا املوقــف هــو الصحيــح مــن‬ ‫علــى إجــراءات انتخابيــة باطلــة جملــ ًة وتفصيــ ً‬
‫قبــل رئيــس مجلــس النــواب حتــى ولــو كان املســتفيد مــن تلــك النتيجــة الباطلــة‬
‫هــو أحــد اقــرب األوالد إلــى نفســه– كمــا علمــت مؤخــرا‪-‬‬

‫‪,‬اخلطــاب ذاتــه نوجهــه إلــى بقيــة أطــراف املعارضــة اليمنيــة يف املشــترك والــى العديــد‬
‫مــن الك َّتــاب والصحفيــن ونقــول لهــم وبصريــح العبــارة لقــد أخطــأمت أيهــا الســادة وكنتــم‬
‫بصمتكــم وبتجاهلكــم املتعمــد للحديــث حــول تلــك الفضيحــة‪ ,‬تشــاركون يف جرميــة‬
‫انتخابيــة كبيــرة ال يجــوز بــأي حــال الســكوت عنهــا أو التعامــل معهــا كأمــر واقــع‬
‫‪,‬واقــل مــا ميكــن عملــه هــو التقــدم بطعــن دســتوري إلبطــال صحــة النتيجــة املعلنــة يف‬
‫معظــم دوائــر محافظــة عمــران ويف الدائــرة (‪ )248‬حتديــدا‪ ,‬وان جتعلــوا مــن هــذا‬
‫األمــر موضــوع حتــد دميقراطــي حقيقــي مــع أنفســكم ومــع الغيــر ‪ ,‬الن هــذا وحــده‬
‫هــو الــذي ميكــن أن يكفــر ســيئة الصمــت والتجاهــل التــي ارتكبتموهــا وشــاركتم بهــا بقيــة‬
‫األطــراف األخــرى ‪,‬وبغيــر ذلــك يبقــى احلديــث عــن التزويــر واخلروقــات التــي شــابت‬
‫العمليــة االنتخابيــة مــن قبلكــم عبــارة عــن كالم فــارغ ال معنــى لــه ســوى الضجيــج وقــد قيــل‬
‫بــان األوانــي الفارغــة هــي األكثــر ضجيجــا ‪...‬واهلل املســتعان‬

‫نشر يف صحيفة الثوري العدد (‪ )1773‬وتاريخ ‪2003/5/22‬م‬


‫محمد محمد املقالح‬
‫صنعاء يف ‪2003/5/14‬م‬

‫‪344‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫(‪)6‬‬

‫(احملليات)‬

‫مخطط تزوير سجل االنتخابات‪!! ....‬‬

‫اإلهداء‪ :‬إلى السيدة روبن مدريد‬

‫محمد محمد املقالح‬

‫لقــد عبثــوا بالســجل االنتخابــي‪ ,‬والتزويــر هــذه املــرة مت بقــرار سياســي مباشــر مــن قبــل‬
‫كبــار مســئولي الســلطة وحزبهــا ‪ ,‬ولــم تكــن اللجنــة العليــا لالنتخابــات واللجــان الفرعيــة‬
‫التــي شــكلتها ســوى إحــدى آليــات تنفيــذ القــرار وتســهيل مهمــة املكلفــن إلــى جانبهــا‬
‫بتنفيــذه ‪.‬‬

‫القــرار املذكــور أتخــذ قبــل شــهرين علــى األقــل مــن بــدء عمليــة التســجيل وتضمــن حتقيــق‬
‫هدفــن اثنــن فقــط همــا ‪-:‬‬

‫ • الهــدف األول هــو التحكــم بعمليــة التســجيل مــن حيــث العــدد أي العمــل علــى أن‬
‫ال يتجــاوز عــدد الناخبــن والناخبــات اجلــدد عــن املليــون والثالثمائــة ألــف ناخــب‬
‫وناخبــة بالكثيــر‪ ،‬حتــى يتناســب عــدد املســجلني عموم ـاً مــع مــن يحــق لهــم ممارســة‬
‫االقتــراع وفق ـاً للتعــداد الســكاني لعــام ‪2004‬م وهــو تســعة مليــون وخمســمائة ألــف‬
‫ناخــب وناخبــة تقريبــا ‪,‬‬

‫أي انــه وبــدال مــن تصحيــح الســجل االنتخابــي لعــام‪ 2003‬م بإزالــة املكــررة أســمائهم‬
‫وصغــار الســن واملتوفيــن واملهاجرين(املنقولــن) مت حرمــان أكثــر مــن مليــون ناخــب‬
‫وناخبــة مــن التســجيل وبقــرار سياســي مباشــر مــن أعلــى املســتويات القياديــة‪,‬‬
‫واخلالصــة أنهــم زوروا التعــداد الســكاني والســجل االنتخابــي وكل شــيء يف هــذه‬
‫البــاد ‪ ,‬وقــد كان البــد مــن كذبــة جديــدة تغطــي ســابقاتها وهــو مــا حصــل فعــا‪.‬‬

‫‪345‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫غيــر انــه ومثلمــا يقــول املثــل اليمنــي (‪..‬مــن تغــدى بكذبــه مــا تعشــى بهــا )‪ ,‬فقــد‬
‫فضحهــم اهلل يف نهايــة األمــر الن ( ذاكــرة الكــذاب ضعيفــة ) !!‬

‫ •الهــدف الثانــي هــو التحكــم بنــوع املســجلني واملســجالت وفقــا مليولهــم السياســية‬
‫والعمــل علــى أن ال تقــل نســبة مــن أســماهم يف القــرار ( باملضمونــن ) عــن ‪ % 60‬مــن‬
‫املســجلني اجلــدد‪.‬‬

‫وقــد مت تنفيــذ الهدفــن الســابقني ومــن اجلهمــا ارتكبــت كل املخالفــات أو غالبيتهــا وفق ـاً‬
‫للمخطــط التالــي ‪-:‬‬

‫ •اعتمــاد جلــان التســجيل علــى طريقــة (األثــاث ) املعروفــة أي (ثلــث لطالبــي‬


‫التوظيــف – ثلــث ألعضــاء املؤمتــر الشــعبي العــام – ثلــث لرجــال األمــن القومــي‬
‫واألمــن السياســي وبعــض مســئولي املباحــث اجلنائيــة)‪.‬‬

‫ •اعتمــاد عشــر إلــى خمســة عشــر بطاقــة انتخابيــة فقــط يتــم صرفهــا يوميــا يف‬
‫معظــم مراكــز التســجيل (حتكــم بالعــدد) ‪.‬‬

‫ •إغــاق مراكــز التســجيل لســاعات وأيــام حتــت حجــة نفــاد البطائــق واألفــام‬
‫حتــى يتــم تطفيــش الراغبــن والراغبــات يف تســجيل أســماؤهم مــن غيــر املضمونــن‬
‫(حتكــم بالعــدد)‪.‬‬

‫ •تســليم جــزء كبيــر مــن البطائــق املتوفــرة يف بعــض املراكــز ملســؤولي األجهــزة ورؤســاء‬
‫فــروع املؤمتــر الشــعبي العــام لصرفهــا بنظرهــم ووفقــا لكشــوفات معــدة ســلفا‬
‫(حتكــم بالنــوع) ‪.‬‬

‫ •توزيــع مائتــي ألــف عســكري أو محســوبني علــى اجليــش (مؤقتــا) علــى ثلثــي مراكــز‬
‫التســجيل تقريبــا وتســجيل معظمهــم بغيــر أســمائهم حتــى ال يظهــر التكــرار يف‬
‫الســجل الن معظــم هــؤالء مســجلني منــذ عــام ‪2003‬م دون أن يفــرض عليهــم نقــل‬
‫املوطــن االنتخابــي (حتكــم بالنــوع)‪.‬‬

‫‪346‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫باملناســبة مــن ميتلــك بطاقتــن انتخابيتــن باســمني مختلفــن يســتطيع أن يقتــرع‬


‫بهمــا دون كشــف التكــرار الن الصــورة الشــخصية يف البطاقتــن والســجلني واحــدة‬
‫واملختلــف هــو االســم فقــط !!‬

‫ • تســجيل طــاب املــدارس الثانويــة وصغــار الســن يف املراكــز التــي يــرى املؤمتــر‬
‫ضــرورة تعديــل نتائجهــا لغيــر صالــح املعارضــة يف االنتخابــات احملليــة (حتكــم يف‬
‫النــوع)‪.‬‬

‫ •االنتهــاء يف ســجل الناخبــن برقــم معــن يف اليــوم األول والبــدء برقــم آخــر يف اليــوم‬
‫التالــي كأن ينتهــي برقــم (‪ )250‬والبــدء ب(‪ )300‬ويكــون الفــارق قــد ســجل املســاء‬
‫بأســماء غيــر حقيقيــة ( حتكــم يف النــوع ) ‪.‬‬

‫ •التركيــز علــى الدوائــر التــي لإلصــاح واالشــتراكي واملعارضــة عمومــاً حضــوراً‬


‫اجتماعي ـاً كبيــراً يف مــا يخــص تســجيل أبنــاء القــوات املســلحة واألمــن مــن خــارج‬
‫دوائرهــم (حتكــم بالنــوع) !!‬

‫ •افتعــال مشــاكل وخالفــات يف كل مركــز انتخابــي يوجــد فيــه نســبة كبيــرة مــن‬
‫الراغبــن يف التســجيل حتــى يغلــق املركــز ويطلــب منهــم العــودة يف اليــوم التالــي‬
‫وهكــذا (حتكــم بالعــدد) ‪.‬‬

‫ذلكــم هــو املخطــط الــذي اعتمــد واعتمــدت آليــات تنفيــذه منــذ وقــت مبكــر وقــد نفــذ فعــا‬
‫ليحــرم أكثــر مــن مليــون ناخــب مــن التســجيل ويعــاد تكــرار حوالــي مائتــي ألــف ناخــب‬
‫جديــد أي أن الســجل االنتخابــي باطــل ويصعــب تصحيحــه أو ترميمــه بالطــرق والوســائل‬
‫املعروفــة !!! هــذا الســجل مت تصحيحــه يف انتخابــات ‪٢٠٠٣‬م‪.‬‬

‫‪347‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫تضليل املجتمع الدولي !!‬

‫يف اليومــن املاضيــن احتفــت الســلطة بالرســالة التــي بعثتهــا الســيدة روبن مدريد الرئيســة‬
‫التنفيذيــة للمعهــد الدميقراطــي الدولــي إلــى رئيــس وأعضــاء اللجنــة العليــا لالنتخابــات‬
‫تشــكرهم فيهــا وتهنئهــم علــى إحالــة ثالثــن مخالفــة انتخابيــة للقضــاء (تصــوروا ثالثــن‬
‫مخالفــة فقــط) أي حــذف أو إضافــة ثالثــن شــخص فقــط إلــى أو مــن الســجل اجلديــد!!‬

‫وبهــذا اخلصــوص نــود أن نقــول للســيدة (الدميقراطيــة) بــان الســلطة كانــت تنتظــر‬
‫رســالتها (املضللــة) علــى أحــر مــن اجلمــر ‪ ,‬ألنهــا ستســهم يف تضليــل املجتمــع الدولــي‬
‫والبلــدان املانحــة يف أن اليمــن تتجــه فعــا نحــو الدميقراطيــة واالنتخابــات النزيهــة علــى‬
‫خــاف الواقــع ‪.,‬‬

‫والســؤال الــذي يطــرح نفســه هنــا ‪:‬هــو مــا رأي املعهــد الدميقراطــي (‪ ) NDI‬ومنظمــة‬
‫دعــم االنتخابــات(‪ )IFS‬مبخطــط التزويــر اآلنــف الذكــر والــذي أحتــدى شــخصياً مــن‬
‫اللجنــة العليــا لالنتخابــات وغيرهــا مــن مســئولي الســلطة أن تثبــت خــاف مــا ورد يف هــذا‬
‫املخطــط الرســمي للتزويــر !!؟‬

‫‪348‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫صحفية اخلليج‬

‫(‪)7‬‬
‫الدميقراطية اليمنية‬
‫تتراجع واملعارضة تخرج من السباق مبكر ًا‬

‫صحيفة اخلليج اإلماراتية تاريخ ‪1999/8/13‬م‬

‫اختلفــت تفســيرات الشــارع السياســي اليمنــي كمــا هــي تفســيرات املراقبــن الدوليــن‬
‫حــول خلفيــات قــرار املؤمتــر الشــعبي العــام ( احلاكــم ) وحليفــة االســتراتيجي ( التجمــع‬
‫اليمنــي لإلصــاح ) والقاضــي بحجــب التزكيــة عــن مرشــح مجلــس التنســيق األعلــى‬
‫للمعارضــة الســيد علــي صالــح عبــاد ( مقبــل) األمــن العــام للحــزب االشــتراكي اليمنــي‬
‫وبالتالــي إبهــات العمليــة االنتخابيــة برمتهــا ‪.‬‬
‫بــل وإلغــاء االنتخابــات الرئاســية التنافســية عمليــاً بعــد أن اقتصــرت املنافســة علــى‬
‫مرشــحني اثنــن كالهمــا مــن احلــزب احلاكــم ( املؤمتــر) وهــو مــا يلغــي املنافســة اجلديــة‬
‫ويتجــاوز التعدديــة واألحــزاب السياســية التــي يعتمــد عليهــا النظــام السياســي يف اليمــن‬
‫وينــص عليهــا يف دســتوره وقوانينــه النافــذة ‪.‬‬

‫و يتســاءل هــؤالء عــن الطــرف املســتفيد وصاحــب املصلحــة احلقيقــة يف إقصــاء املعارضــة‬
‫عــن الســباق االنتخابــي ومــا إذا كان الرئيــس اليمنــي نفســه هــو مــن ســعى إلــى انفــاذ القــرار‬
‫آم انــه كان موجهـاً ضــده وبهــدف إجهــاض االنتخابــات الدميقراطيــة التــي حتــاول إظهــار‬
‫الرئيــس مبظهــر الرافــض للدميقراطيــة أمــام أبنــاء الشــعب واملنظمــات والــدول الغربيــة‬
‫املانحــة!!‬

‫وبالقــدر نفســه اختلــف املراقبــون السياســيون حــول مســؤولية التجمــع اليمنــي لإلصــاح‬
‫بزعامــة الشــيخ عبــد اهلل بــن حســن األحمــر رئيــس مجلــس النــواب يف إقصــاء املعارضــة‬
‫عــن التنافــس االنتخابــي والتحضيــر للوصــول إلــى قــرار االقصــاء منــذ وقــت مبكــر ؟‬

‫‪349‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ومــا إذا كان قــد مت بعنايــة كاملــة وباالتفــاق بــن القــوى القبليــة والعســكرية املتنفــذة يف‬
‫الدولــة ‪ ,‬وبهــدف اجهــاض الدميقراطيــة والتأســيس للدولــة احلديثــة ؟ ا‬

‫ام انــه قــرار مرجتــل اتخــذ علــى عجــل ‪ ,‬ومــن قبــل بعــض املزايديــن والغوغائيــن داخــل كتلــة‬
‫املؤمتــر الشــعبي العــام يف البرملــان ‪ ,‬ومبــا يخالــف رغبــة قيادتــه السياســية وقيــادة الدولــة‬
‫ومبــا يظهــر مرشــحهم للرئاســة كقائــد ضعيــف يخشــى التنافــس مــع مرشــح املعارضــة‬
‫ويحرمــه مــن الفــوز علــى مرشــح جــدي وقــوي ‪ ،‬كمــا يطمــح الــى ذلــك الرئيــس ومبــا يعــزز‬
‫نظامــه شــعبياً ودوليـاً ؟‬

‫اســئلة كثيــرة ومتنوعــة ورؤى متابعــة ومتعارضــة افرزهــا قــرار حجــب التزكيــة عــن مرشــح‬
‫املعارضــة االمــن العــام للحــزب االشــتراكي اليمنــي االســتاذ علــي صالــح عبــاد «مقبــل» مــن‬
‫قبــل البرملــان يــوم االربعــاء ‪1999 / 7 /21‬م ‪،‬‬

‫ومــن الطبيعــي ان يختلــف النــاس حــول قــرار مفاجــئ وغيــر متوقــع إتخــذ مــن قبــل اطــراف‬
‫كان يفتــرض انهــا اكثــر االطــراف حاجــة ملشــاركة املعارضــة واحلــزب االشــتراكي حتديــداً‬
‫يف انتخابــات رئاســية تنافســية فريــدة مــن نوعهــا يف املنطقــة ‪.‬‬

‫لقــد علــق اليمنيــون ونخبهــم السياســية والثقافيــة الكثيــر مــن اآلمــال والتطلعــات التــي كان‬
‫ميكــن ان تســاهم يف حتقيقهــا االنتخابــات التنافســية اقلهــا املســاهمة يف جتذيــر التجربــة‬
‫الدميقراطيــة الوليــدة وتنظيــم الصــراع علــى الســلطة وترميــم جــدار الوحــدة الوطنيــة ‪،‬‬
‫واملشــاركة يف بنــاء دولــة موحــدة جديــدة تتميــز عــن بقيــة الــدول املجــاورة يف كونهــا متنــح‬
‫مواطنيهــا حــق االختيــار واالقتــراع والتنافــس علــى موقــع القــرار السياســي والتأثيــر عليــه‪.‬‬

‫ولهــذه املعانــي التــي كانــت الدميقراطيــة اليمنيــة تبشــر بتحقيقهــا ولــو بعــد حــن مت دعــم‬
‫اليمــن سياســياً ومادي ـاً مــن كثيــر مــن البلــدان املعنيــة بالدميقراطيــات الناشــئة وحقــوق‬
‫االنســان ‪ ,‬كمــا مت تشــجيعها علــى املضــي يف هــذا النهــج كشــرط اساســي لبقــاء شــرعية‬
‫نظامهــا السياســي التعــددي خصوصــا واليمــن ال متلــك شــيئاً آخــر يحافــظ علــى كيــان‬
‫الوحــدة واســتقرارها ســوى الدميقراطيــة ومــدى التمســك بهــا ‪.,‬‬

‫‪350‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫تلــك الــدالالت واملعانــي التــي كانــت حتملهــا االنتخابــات الرئاســية التنافســية اليمنيــة والتــي‬
‫كان مــن املقــرر اجراؤهــا يف نهايــة ســبتمبر القــادم ومت اجهاضهــا فجــأة وبصــورة غيــر‬
‫متوقعــة ومخالفــة اللتزامــات الرئيــس وامــن عــام حزبــه الدكتــور عبدالكــرمي االريانــي‪.‬‬

‫واذا كان الرئيــس نفســه متضــرراً وليــس مــن مصلحتــه الغــاء االنتخابــات التنافســية فمــن‬
‫هــي اجلهــة التــي تقــف وراء ذلــك القــرار غيــر املتوقــع !؟‬

‫هل يستفيد الرئيس من اقصاء املعارضة ؟‬

‫يطــرح املراقبــون واحملللــون السياســيون يف اليمــن وخارجهــا املتابعــون لتطــورات االوضــاع‬


‫السياســية منــذ نهايــة حــرب صيــف‪1994‬م ان الرئيــس اليمنــي كان وال يــزال مــن اكثــر‬
‫االطــراف السياســية اســتفادة مــن مشــاركة املعارضــة وبالــذات مشــاركة احلزب االشــتراكي‬
‫اليمنــي يف االنتخابــات التنافســية وبعــد ان ظــل احلــزب يرفــض االعتــراف بشــرعية‬
‫االوضــاع التــي افرزتهــا احلــرب كمــا يرفــض تطبيــع احليــاة السياســية واملشــاركة فيهــا ومــن‬
‫ذلــك مقاطعتــه لالنتخابــات البرملانيــة لعــام ‪1997‬م ‪.‬‬

‫وظــل يطــرح – وبعــض قادتــه يف اخلــارج‪ -‬اهميــة اعــادة االوضــاع الــى مــا كانــت عليــه‬
‫قبــل احلــرب كشــرط اساســي إلعــادة اندمــاج احلــزب يف احليــاة السياســية وقــد جــاءت‬
‫هــذه التحليــات األساســية انطالقــا مــن معرفــة يقينيــة مــن ان االنتخابــات الرئاســية‬
‫ستســاهم والــى درجــة كبيــرة يف التهيئــة إلغــاق ملــف الصراعــات السياســية وترســيخ‬
‫اجلبهــة الداخليــة واملســاهمة يف عمليــة الوئــام واملصاحلــة بــن االطــراف السياســية ويف‬
‫مقدمتهــا املصاحلــة بــن طــريف حــرب ‪1994‬م ( املؤمتــر الشــعبي –احلــزب االشــتراكي)‬
‫والتــي ظلــت الســلطة ممثلــة بالرئيــس اليمنــي ترفــض أي حديــث مــن هــذا القبيــل طاملــا‬
‫واحلــزب االشــتراكي يرفــض املشــاركة يف االنتخابــات الرئاســية وعبــر تصريحــات معلنــة‬
‫اطلقهــا الرئيــس وعــدد مــن القيــادات القاعديــة ‪.‬‬

‫‪351‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫صحيــح ان احلــزب االشــتراكي اليمنــي كان ميكــن لــه ومــن خــال مشــاركته يف االنتخابــات‬
‫الرئاســية ان يســتفيد وبشــكل ملحــوظ ليــس ألنهــا ســتعيده الــى الســاحة وبصــورة فاعلــة‬
‫(‪((8‬‬
‫بعــد غيــاب دام اكثــر مــن خمــس ســنوات كاد فيهــا‬

‫(‪)8‬‬

‫املعارضة ومشروع اإلصالحات السياسية‬

‫ميكــن القــول بــان أحــزاب املعارضــة اليمنيــة املنضويــة يف حتالــف اللقــاء املشــترك قــد‬
‫توصلــت وبعــد حــوار طويــل ومضنــي فيمــا بينهــا إلــى مســودة ملشــروع اإلصالحــات‬
‫السياســية التــي تراهــا ضروريــة ويســبق توقيــع االتفــاق عليهــا قبــل االنتخابــات الرئاســية‬
‫املزمــع إجرائهــا يف ســبتمبر القــادم (‪2006‬م)‪ ,‬ونعتقــد أن مــا تضمنتــه مســودة املشــروع‬
‫ســتكون هــي ذاتهــا قاعــدة احلــوار الوطنــي الــذي يفتــرض أن تشــغل بــه الســاحة السياســية‬
‫اليمنيــة حتــى موعــد إجــراء االســتحقاق الرئاســي القــادم وبالــذات احلــوار الــذي ســيجري‬
‫بــن كل مــن رئيــس اجلمهوريــة واحلــزب احلاكــم مــن جهــة وأحــزاب املعارضــة املوقعــة علــى‬
‫املشــروع مــن جهــة أخــرى ‪.,‬‬

‫وباالطالع على هذه املسودة جند أنها تتمحور بدرجة رئيسية يف الدعوة إلى‪:‬‬

‫‪ -‬تغييــر النظــام السياســي دســتورياً وبالــذات فيمــا يخــص طبيعــة ونــوع الســلطة التنفيذيــة‬
‫وفروعهــا املختلفــة وطريقــة تشــكيلها ‪ ,‬وباالجتــاه الــذي يســمح باعتمــاد النظــام البرملانــي‬
‫أي أن تكــون الســلطة التنفيذيــة بيــد احلكومــة املشــكلة مــن احلــزب الــذي يحــوز علــى‬
‫أغلبيــة برملانيــة ‪ ,‬ومبــا يجعــل ســلطات رئيــس اجلمهوريــة املنتخــب مــن البرملــان ســلطات‬
‫رمزيــة وبروتوكوليــة‪.‬‬

‫(‪ )85‬سقط بقية املقال ولم احصل عليه يف االرشيف‪.‬‬

‫‪352‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫حيــث تــرى املعارضــة بهــذا اخلصــوص أن احــد مشــكالت اليمــن املتفاقمــة هــي مشــكلة‬
‫عــدم االســتقرار السياســي وعــدم حســم موضــوع الصــراع علــى الســلطة التــي تتركــز‬
‫كلهــا بيــد رئيــس اجلمهوريــة دون بقيــة املؤسســات الدســتورية املنتخبــة األخــرى األمــر‬
‫الــذي يجعــل الصــراع علــى املركــز األول يف الدولــة محــل صــراع وتنافــس حــاد باســتمرار‬
‫ومــكان جــذب لالنقالبــات والصراعــات املســلحة أي أنهــا بهــذا املقتــرح تريــد جتنيــب رئيس‬
‫اجلمهوريــة مــن الصــراع واخلصومــة الدائمــة ونقــل هــذا التنافــس املنظــم واملتفــق عليــه‬
‫دســتوريا إلــى احلكومــة املنتخبــة هــذا اوال‬

‫وثانيــا فــان الدســتور النافــذ الــذي يعتمــد نظــام رئاســي مختلــط يقســم الســلطة التنفيذية‬
‫إلــى فرعــن األول يتمثــل بســلطة رئيــس اجلمهوريــة الــذي ميتلــك كل الصالحيــات بــدون‬
‫مســاءلة برملانيــة أو شــعبية ‪ ,‬والثانــي ويتمثــل باحلكومــة املعينــة مــن قبلــه والتــي ال متتلــك‬
‫ســلطة حقيقيــة مقابــل أنهــا مســاءلة مــن قبــل البرملــان‬

‫حيــث تــرى املعارضــة بــان جتربتهــا العمليــة منــذ قيــام اجلمهوريــة اليمنيــة يف ‪1990‬م قــد‬
‫أوصلتهــا إلــى نتيجــة واضحــة مفادهــا أن النظــام الرئاســي املختلــط يف بلــد متخلــف مثــل‬
‫اليمــن ال تــزال ثقافــة الفرديــة واالســتبداد وتســيد الرجــل األول علــى القــرار هــي الســائدة‬
‫ال يســمح بترســيخ النهــج الدميقراطــي التعــددي الــذي تقــوم عليــه الدولــة اليمنيــة ‪ ,‬وال‬
‫يؤســس إلمكانيــة تبــادل ســلمي للســلطة أو الفصــل بــن مؤسســاتها املختلفــة ‪ ,‬فضــا عــن‬
‫دور هــذا النظــام يف انتشــار الفســاد وضيــاع املــال العــام وغيــاب املســؤوليات والرقابــة‬
‫الشــعبية علــى القــرار ‪ ,‬ومــا لــم يتــم حســب رأيهــا الــذي يوافقهــا فيــه نخــب وشــرائح‬
‫اجتماعيــة ونقابيــة عديــدة اعتمــاد النظــام البرملانــي يف تشــكيل الســلطة التنفيذيــة ‪ ,‬ومبــا‬
‫يســمح بتحقيــق مبــدأ الفصــل بــن الســلطات وخضــوع احلكومــة ذات الســلطة والقــرار‬
‫للمســاءلة البرملانيــة ‪ ,‬فــان احلديــث عــن اإلصالحــات احلقيقيــة ســيكون معلــق يف الهــواء‬
‫وبــدون جــدوى أو معنــى ‪ ,‬هــذا أوال ‪....‬‬

‫ •القضيــة الرئيســية األخــرى يف مســودة مشــروع اصالحــات املعارضــة تتمثــل يف قضيــة‬


‫نظــام احلكــم احمللــي أو الالمركزيــة املاليــة واإلداريــة الواســعة الصالحيــات ‪ ,‬ليــس‬
‫باعتبــار ذلــك اســتحقاق دســتوري معطــل او مؤجــل منــذ قيــام الوحــدة اليمنيــة بــل‬

‫‪353‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫باعتبــار نظــام الســلطة احملليــة الالمركزيــة هــو الشــرط الضامــن لترســيخ الوحــدة‬
‫الوطنيــة التــي تعانــي مــن شــروخ ومتزقــات عديــدة منــذ حــرب صيــف ‪1994‬م ومــا‬
‫تالهــا مــن احلــروب والصراعــات الداخليــة املدمــرة وآخرهــا حربــي صعــدة ( ‪2004‬م‬
‫– ‪2005‬م) ‪.‬‬

‫كمــا أن احلكــم احمللــي سيســاهم فعــا يف توســيع املشــاركة الشــعبية يف الســلطة‬


‫ويف حتقيــق التنميــة املرجــوة ومبــا يضمــن حقــوق املواطنــة وعدالــة توزيــع الثــروة‬
‫واخلدمــات علــى مختلــف املناطــق اليمنيــة وهــو مــا أكــد عليــه دســتور دولــة الوحــدة‬
‫اليمنيــة ووثيقــة اإلجمــاع الوطنــي (وثيقــة العهــد واالتفــاق) وناضــل مــن اجلــه اليمنيون‬
‫طــوال تاريخهــم املعاصــر ‪.‬‬

‫ومــع أن الســلطة قــد اســتجابت لهــذا الطلــب جزئيــا ووافقــت علــى إجــراء انتخابــات‬
‫محليــة علــى أســاس تعــددي هــي األولــى مــن نوعهــا يف ‪20‬فبرايــر ‪2001‬م إال أن هــذه‬
‫اخلطــوة املتقدمــة ترافقــت معهــا خطــوات واســعة إلــى اخللــف متثلــت بإجــراء تعديالت‬
‫دســتورية خطيــرة تضــر بالنظــام الدميقراطــي ‪ ,‬وفيهــا مت نــزع صالحيــات املجالــس‬
‫احملليــة املنتخبــة واعتمــاد تعيــن رؤســائها مــن قبــل الســلطة التنفيذيــة وبقــرار مــن‬
‫رئيــس اجلمهوريــة شــخصياً ‪ ,‬بــدالً مــن انتخابهــم مباشــرة مــن قبــل املواطنــن يف‬
‫املديريــات واحملافظــات ( األقاليــم)‪.‬‬

‫األمــر الــذي عطــل نظــام احلكــم احمللــي متام ـاً وأحلقــه مباشــرة باملركزيــة الشــديدة‬
‫وجعــل مجالســها املنتخبــة مجــرد هيئــات شــكلية وبهــذا اخلصــوص تدعــو املعارضــة‬
‫يف مشــروعها إلــى ضــرورة اعتمــاد النــص الدســتوري الســابق ومبــا يســمح بانتخــاب‬
‫احملافظــن ومديــري املديريــات ( رؤســاء الوحــدات اإلداريــة ) مباشــرة مــن قبــل‬
‫الشــعب ‪...‬‬

‫ •هنــاك قضايــا أخــرى تضمنهــا مشــروع املعارضــة ومنهــا إصــاح سياســات التعليــم‬
‫األساســي والثانــوي فيمــا يخــص املناهــج ووســائل التعليــم املختلفــة ومبا يســمح بتكوين‬
‫وإنتــاج املعرفــة مــن ناحيــة وباإلعــاء مــن شــان احلريــة وقيمــة احليــاة وحتريــر العقــل‬

‫‪354‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫مــن اخلرافــات واخلزعبــات التــي تســيء لإلســام وتؤســس لثقافــة التطــرف‬


‫والعنــف داخــل املجتمــع ويف أوســاط الشــباب العاطــل عــن العمــل والفــارغ مــن الفكــر‬
‫والتكويــن التربــوي واملعــريف ‪.‬‬

‫ •باإلضافــة إلــى إصــاح القضــاء اليمنــي وجعلــه ســلطة مســتقلة وحتريــره مــن قبضــة‬
‫الســلطة التنفيذيــة ‪ ,‬ذلــك انــه بــدون نزاهــة واســتقالل القضــاء اليمنــي يصعــب‬
‫احلديــث عــن دولــة القانــون وحتقيــق العدالــة كمــا يصبــح احلديــث عــن احلقــوق‬
‫واحلريــات واملواطنــة املتســاوية التــي يعتمــد عليهــا النظــام الدميقراطــي املفتــرض‬
‫بــدون جــدوى وال فائــدة ‪,‬‬

‫ •ويتضمــن مشــروع املعارضــة أيضــا مســألة تطويــر وحتســن أداء وســائل اإلعــام‬
‫املختلفــة وحتييدهــا مــن قبضــة الســلطة التنفيذيــة وإلغــاء وزارة األعــام والســماح‬
‫بحريــة إنشــاء قنــوات تلفزيونيــة وإذاعيــة أهليــة وهــو مطلــب صحيــح ودميقراطــي‬
‫‪ %100‬حيــث ال توجــد دميقراطيــة وتعدديــة مــع اســتمرار احتــكار وســائل األعــام‬
‫مــن قبــل احلكومــة‪.‬‬

‫تلــك هــي قضايــا اإلصالحــات الرئيســية مــن وجهــة نظــر أحــزاب املعارضــة اليمنيــة يف‬
‫اللقــاء املشــترك والتــي تعتقــد أنهــا ســتكون محــل حــوار وجــدل واســع خــال الفتــرة املمتــدة‬
‫حتــى االنتخابــات الرئاســية وإذا كان الرئيــس صالــح جــاد يف قــراره عــدم ترشــيح نفســه‬
‫فســيكون مشــروع املعارضــة لإلصالحــات السياســية هــو االختبــار اجلــدي الوحيــد يف هــذا‬
‫االجتــاه والســؤال هــو كيــف ســيتعامل الرئيــس مــع هــذا املشــروع وهــل ســيقبل باحلــوار‬
‫الوطنــي حولــه !؟‬

‫‪355‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫الرئيس واإلصالحات‬

‫مــن جهتنــا لــن نســبق األمــور وجنيــب نيابــة عــن الرئيــس صالــح ولكننــا علــى يقــن تــام بــان‬
‫وســائل الوصــول إلــى الســلطة يف اليمــن واالســتمرار فيهــا ليســت االنتخابــات وصناديــق‬
‫االقتــراع كمــا هــو الشــكل اخلارجــي للدميقراطيــة اليمنيــة‪.‬‬

‫بــل هــي ذاتهــا الوســائل القدميــة التــي جــاء عبرهــا الرئيــس إلــى الســلطة واســتمر فيهــا‬
‫ملــدة ‪27‬عامــا ‪ ,‬وبالتالــي فــان احلديــث عــن تخلــي الرئيــس عــن الترشــح يف االنتخابــات‬
‫القادمــة بــدون إصــاح النظــام السياســي لــن يكــون بــأي حــال مــن األحــوال حديثـاً جديـاً‬
‫وذو مصداقيــة بــل إن اخطــر مــا يف مصداقيتــه االفتراضيــة هــو انــه ســيترك اليمــن‬
‫يف املجهــول وعرضــة للمغامــرات العســكرية واالنقالبيــة التــي ال ميتلــك أدواتهــا اليــوم‬
‫ســوى الرئيــس وحــده وأبنــاء عشــيرته األقربــن وهــو مــا يعيــه الرئيــس جيــداً مــا يعنــي أن‬
‫قــراره بعــدم الترشــيح للرئاســيات القادمــة لــم يكــن ســوى بالــون اختبــار وبهــدف وضــع‬
‫اجلميــع أمــام األمــر الواقــع ومعنــاه الرئيــس هــو (إمــا أن تقبلــوا بــي كرئيــس لــدورات قادمــة‬
‫ومتقادمــة‪ ,‬وإمــا أنــا ومــن بعــدي الطوفــان)‪.‬‬

‫وحتــى ال نذهــب بعيــداً فقــد كتبــت شــخصياً يف أحــدى صحــف املعارضــة بعــد إعــان‬
‫الرئيــس مباشــرة مشــككاً يف هــذا القــرار وممــا جــاء فيــه (إن الــذي يرفــض حتــى اآلن‬
‫التنــازل عــن بعــض صالحياتــه لصالــح الفــرع الثانــي يف الســلطة التنفيذيــة (احلكومــة)‬
‫والفــرع الثانــي فيهــا (الســلطة احملليــة ) ال تصدقــوه إذا قــال انــه ســيتخلى عــن كل الســلطة‬
‫دفعــة واحــدة !!‪,‬‬

‫ويف ثنايــا املقــال طالبــت األخ الرئيــس بضــرورة قبــول مشــروع املعارضــة بتحويــل النظــام‬
‫السياســي إلــى نظــام برملانــي يتخلــى مبوجبــه عــن بعــض صالحياتــه الرئاســية وليــس كلهــا‬
‫ويبقــى هــو يف الرئاســة لــدورة ثانيــة ))‪.‬‬

‫غيــر انــه وبــدالً مــن االســتماع إلــى هــذه النصيحــة الصادقــة واملخلصــة مت تقدميــي إلــى‬
‫النيابــة ومــن ثــم احملكمــة بتهمــة اإلســاءة إلــى الرئيــس !‬

‫‪356‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫وهنــا تكــون املفارقــة الكاملــة يف أحاديــث الرئيــس ومزايداتــه علــى الزعمــاء العــرب‬
‫ومطالبتــه لهــم بــان (يحلقــوا ألنفســهم قبــل أن يحلــق لهــم اآلخريــن )‪ ,‬وبــن الواقــع‬
‫الفعلــي الــذي ليــس فيــه ســوى قيــام الرئيــس باحلالقــة ألبنــاء شــعبه ومواطنيــه وعبــر‬
‫القضــاء غيــر املســتقل وغيــر النزيــه ‪.‬‬

‫غيــر أن ذلــك بالضبــط هــو مــا يجعلنــا أكثــر إصــراراً علــى ضــرورة اإلصالحــات وأهميتهــا‬
‫يف اليمــن واملنطقــة العربيــة بغــض النظــر عــن تصريحــات الزعمــاء ومقوالتهــم الشــهيرة ‪.‬‬

‫محمد محمد املقالح‬


‫كاتب وناشط سياسي ميني‬
‫‪19‬اغسطس ‪2006‬م صحيفة اماراتية‬

‫‪357‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫(‪)9‬‬

‫املقالح ملشترك إب ‪ :‬خيارنا هو الطريق الثالث ‪!!..‬‬

‫االشتراكي نت – خاص‬

‫دعــا عضــو اللجنــة املركزيــة يف احلــزب االشــتراكي األســتاذ محمــد محمــد املقالــح‬
‫فــروع أحــزاب اللقــاء املشــترك ومنظمــات املجتمــع املدنــي والشــخصيات االجتماعيــة يف‬
‫احملافظــات واملديريــات إلــى القيــام مبســؤولياتهم الوطنيــة يف عمليــة النضــال الســلمي‬
‫وتوســيع قاعــدة الضغــط الشــعبي وإجبــار الســلطة علــى الرضــوخ لــإرادة الشــعبية ومبــا‬
‫يســهم يف حتقيــق اإلصالحــات السياســية والوطنيــة املنشــودة وإجــراء انتخابــات رئاســية‬
‫ومحليــة نزيهــة وشــفافة ‪.‬‬

‫مؤكــداً ( بــان احلــد األدنــى مــن شــروط النزاهــة والشــفافية لالنتخابــات القادمــة لــن يتــم‬
‫وال ميكــن أن يتــم مــا لــم تشــعر الســلطة وأطرافهــا املختلفــة بــان اخليــار الشــعبي والنضــال‬
‫ا وليــس فقــط‬ ‫الســلمي الــذي تلــوح بــه املعارضــة خيــاراً جديــاً وميكــن األخــذ بــه فعــ ً‬
‫للمناكفــات واملماحــكات السياســية الفارغــة ‪)..‬‬

‫َّ‬
‫وحــذر املقالــح يف الوقــت نفســه مــن خطــورة (اســتمرار ارتفــاع صــوت بعــض رمــوز‬
‫املعارضــة عبــر التصريحــات اإلعالميــة دون أن ينعكــس ذلــك علــى عمــل جــدي وميدانــي‬
‫يفــرض هــذه املطالــب علــى الســلطة ويؤكــد مصداقيــة وجديــة خطــاب املعارضــة أمــام‬
‫جماهيرهــا) ‪.‬‬

‫كاشــفاً بــان هــذا األمــر (اخليــار الشــعبي ) ينا َقـ ْ‬


‫ـش اليــوم بجديــة داخــل القيــادات العليــا‬
‫ألحــزاب املشــترك وســتكون األســابيع القادمــة حاســمة ونهائيــة بالنســبة للمعارضــة حيــث‬
‫لــم يعــد الوقــت يســمح بعــدم حتديــد القضايــا واخليــارات بوضــوح وبــدون لبــس أو غمــوض‪.‬‬

‫‪358‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫و يف الكلمــة التــي ألقاهــا أمــام اجتمــاع قيــادة أحــزاب اللقــاء املشــترك يف محافظــة اب‬
‫عصــر أمــس اخلميــس ‪ ,‬والــذي خُ صــص لتــدارس املوقــف مــن العمليتــن السياســية‬
‫واالنتخابيــة بعــد انتهــاء عمليــة تســجيل الناخبــن‪..‬‬

‫أضــاف املقالــح ( كمــا ســبق وان قلــت فــان األيــام واألســابيع القادمــة ســتكون حاســمة‬
‫بالنســبة للســلطة واملعارضــة ‪ ,‬والجتاهــات ســير العمليــة االنتخابيــة عموم ـاً ‪ ...‬فإمــا ان‬
‫جتــري هــذه االنتخابــات وفقــا لشــروط املشــروعية الدســتورية ومبــا يضمــن احلــد األدنــى‬
‫مــن الشــفافية والنزاهــة كمــا تطالــب بذلــك املعارضــة ‪ ,‬أو ان جتري وفقا لشــروط الســلطة‬
‫وامالءاتهــا القســرية وحتــت إشــراف إدارة انتخابيــة مشــكوك بشــرعيتها وأهليتهــا وهــو‬
‫مــا لــن نقبــل بــه بــأي حــال مــن األحــوال ‪!!,‬؟ ‪) ,‬‬

‫وحــول التســاؤالت التــي طرحهــا املشــاركون يف اللقــاء بخصــوص طبيعــة احلــوارات الثنائيــة‬
‫واجلماعيــة التــي عقدهــا الرئيــس مــع قيــادات يف املشــترك خــال األســابيع املاضيــة‬
‫ومــدى اســتمرار وحــدة موقــف املعارضــة مــن قضايــا اإلصالحــات واالنتخابــات واألحاديث‬
‫التــي تســربها الســلطة إلــى بعــض وســائل اإلعــام حــول إمكانيــة إبــرام (صفقــة) مــا تســبق‬
‫االنتخابــات وتفــرض مــا يســمونه مبرشــح اإلجمــاع الوطنــي !؟ ‪.‬‬

‫‪..‬أجــاب املقالــح ( لســنا ضــد احلــوار مــن حيــث املبــدأ وجميــع هــذه احلــوارات تتــم باتفــاق‬
‫مســبق بــن أحــزاب املعارضــة ويتــم إطــاع جميــع األطــراف حــول مــا دار فيهــا ونعتقــد ان‬
‫ذلــك تقليــد ايجابــي اعتمدتــه قيــادات املشــترك فيمــا بينهــا لتعزيــز الثقــة وتفويــت فــرص‬
‫اللعــب علــى التســريبات الكاذبــة واملضللــة‪,.‬‬

‫غيــر ان مــا يجــب ان تعلمــوه هــو ان هــذه احلــوارات لــم تفــض حتــى اآلن إلى أي شــيء جدي‬
‫وملمــوس بســبب تعنــت الســلطة وإصرارهــا علــى إجــراء انتخابــات بشــروطها الكيفيــة ‪,‬‬
‫والشــيء االيجابــي هــو ان قيــادات املشــترك تعــي جيــداً بــان الســلطة اليــوم لــم تعــد تراهــن‬
‫علــى خيــار متزيــق املعارضــة بعــد ان حاولــت كثيــراً يف هــذا االجتــاه وفشــلت لكنهــا لــم‬
‫تيــأس بعــد ومــن جهتنــا ال نخــاف مــن هــذا الرهــان اخلاســر ســلفاً‪.‬‬

‫‪359‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫واضــاف بــان رهــان الســلطة احلقيقــي اليــوم يتركــز علــى جتزئــة اإلصالحــات (قبــل وبعــد‬
‫االنتخابــات ) وعلــى تضييــع الوقــت واللعــب عليــه ومــن ثــم وضــع املعارضــة أمــام األمــر‬
‫الواقــع وأمــام خيــاري املقاطعــة الســلبية أو املشــاركة بــدون شــروط حتــت حجــة ان الوقــت‬
‫لــم يعــد يســمح بتغييــر طبيعــة تشــكيل اإلدارة االنتخابيــة وال يســمح بإجــراء إصالحــات‬
‫سياســية قبــل االنتخابــات‪.‬‬

‫وبهــذا اخلصــوص أطمئنكــم بــان قيــادات املشــترك تفضــل اخليــار الثالــث علــى خيــاري‬
‫املشــاركة بــدون شــروط او املقاطعــة الســلبية التــي تدفعنــا اليهمــا الســلطة دفعـاً وهــو مــا‬
‫اســميه بخيــار (الطريــق الثالــث) طريــق اجلماهيــر والعمــل معهــا وتوســيع قاعــد الضغــط‬
‫الشــعبي مــن اجــل إجبــار الســلطة علــى التســليم بضــرورة اإلصــاح السياســي وإصــاح‬
‫(‪((8‬‬
‫العمليــة االنتخابيــة ومــن ثــم املشــاركة فيهــا وفق ـاً لهــذه الشــروط‪.‬‬

‫هــذا وقــد اتفــق املشــاركون يف اللقــاء علــى اســتمرار االجتماعــات وطــرح املقترحــات‬
‫وتقدميهــا إلــى قيــادات املشــترك العليــا لتحديــد خياراتهــا علــى ضــوء مــا يرفــع لهــا مــن‬
‫فروعهــا يف احملافظــات واملديريــات املختلفــة ‪.‬‬

‫(‪ )86‬كنت اراهن على موقف حزبنا احلاسم يف عدم الدخول يف االنتخابات قبل تعديالت تعتمد القائمه النسبية على االقل‪.‬‬

‫‪360‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫(‪)10‬‬

‫مقابلة من سؤال واحد مع صحيفة اخلليج االماراتية *‬

‫س‪ -‬االنتخابــات الرئاســية يف اليمــن عالمــة فارقــة يف مشــروع التعــدد السياســي وآفاقــه‬
‫املســتقبلية كيــف تقيمــون حتــى اآلن واقــع احلــال السياســي يف هــذا اخليــار ؟ وهــل‬
‫تنظــرون إلــى املســتقبل بتفــاؤل؟‬

‫ج‪ -‬ســأبدأ باإلجابــة علــى الســؤال مــن نهايتــه ‪ ,‬وأقــول ‪ :‬نعــم يجــب أن ننظــر إلــى املســتقبل‬
‫بتفــاؤل يتناســب مــع طموحاتنــا الكبيــرة يف تغييــر اوضــاع اليمــن الــى االفضــل ‪ ,‬دون ان‬
‫يجعلنــا هــذا التفــاؤل محلقــن يف الفضــاء اخلارجــي أو ينســينا باننــا نقــف علــى االرض‬
‫ونســير يف طريــق غايــة يف الوعــورة والتعقيــد والتــأزم ‪ ,‬بــل علينــا ونحــن نتطلــع الــى‬
‫االمــام بأمــل ان نرســخ اقدامنــا علــى ارض الواقــع ‪ ,‬ال لنتكيــف معــه بــل لنســاهم يف‬
‫تغييــره الــى االحســن ‪ ,‬وعلينــا ان نســاهم يف خلــق الظــروف واملناخــات املناســبة ويف‬
‫مراكمــة جتاربنــا وانتصاراتنــا احملــدودة لصالــح مشــروعنا املســتقبلي والكبيــر والــذي‬
‫لــن يكــون اال بالدميقراطيــة والتعدديــة وحريــة التعبيــر والتفكيــر والتــداول الســلمي‬
‫للســلطة ‪.‬‬

‫ومــن هــذا املنطلــق نراهــن نحــن يف املعارضــة علــى االنتخابــات الرئاســية التنافســية التــي‬
‫ســتجري الول مــرة يف تاريــخ اليمــن باالقتــراع الســري واملباشــر مــن قبــل الشــعب واذا مــا‬
‫شــاركت املعارضــة مــن خــال مرشــح جــدي يف هــذه االنتخابــات فســتكون هــذه الــدورة احد‬
‫املعالــم الفارقــة بــن مرحلتــن ‪ :‬مرحلــة انتقاليــة عاشــتها اجلمهوريــة اليمنيــة قرابــة العشــر‬
‫الســنوات ظلــت فيهــا الدميقراطيــة (نظريــة) مــن خــال نصــوص الدســتور والقانــون ‪,‬‬
‫و(اجرائيــة) مــن خــال تعــدد دورات االنتخابــات البرملانيــة وغيــر املتكافئــة ‪ ,‬شــكال بــدون‬
‫مضمــون ‪ ,‬بــل وديكــوراً مزينـاً لنظــام شــبه ديكتاتــوري ‪.‬‬

‫‪361‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ومرحلــة اخــرى – مغايــرة الــى حــد كبيــر يتبــن فيهــا اخليــط االبيــض مــن اخليــط االســود‬
‫مــن الفجــر ‪ ,‬فإمــا ان نكــرس مــن خاللهــا مفهــوم التــداول الســلمي للســلطة عملي ـاً ولــو‬
‫بعــد حــن ‪ ,‬ويصبــح بالتالــي رقم ـاً محســوباً يف حســابات الربــح واخلســارة يف منظومــة‬
‫الدميقراطيــة ومكوناتهــا املختلفــة ‪ ,‬او ندفــع الســلطة الــى ممارســة وســائل وادوات‬
‫مغايــرة ملــا تدعيــه مــن دميقراطيــة امــام الــراي العــام احمللــي واخلارجــي ‪. .‬‬

‫ونحــن يف املعارضــة ال نريــد ان تصــل الســلطة الــى هــذا الوضــع وعلــى العكــس مــن ذلــك‬
‫فإننــا نعتــزم حتقيــق أهــداف كبــرى وجليلــة يف هــذه الــدورة لصالــح الدميقراطيــة والتعددية‬
‫وتكافــؤ الفــرص ‪ ,‬وإذا مــا حققنــا هــذه األهــداف التراكميــة ال يهمنــا بعــد ذلــك أن يفــوز‬
‫مرشــح املعارضــة يف هــذه الــدورة ‪ ,‬ولكننــا حتمــاً ســننتصر حــن نســاهم يف تقــدمي‬
‫مرشــحنا أمــام الرئيــس احلالــي ونكســر بالتالــي احملرمــات واملمنوعــات الغيــر معلنــه يف‬
‫منصــب الرئاســة حكــراً علــى شــخص بعينــه او منطقــة جغرافيــة ومذهــب دينــي محــدد ‪,‬‬
‫ونعتقــد انــه وبعــد هــذه االنتخابــات ســيتكرس يف املجتمــع مبــدا جديــد مفــاده ان مــن حــق‬
‫كل مواطــن مينــي كفــؤ أن ينافــس علــى هــذا املنصــب بغــض النظــر عــن منطقتــه اجلغرافيــة‬
‫أو مذهبــه الدينــي و السياســي ‪ ,‬وسنســاهم بذلــك يف حتقيــق مبــدأ املواطنــة املتســاوية‬
‫بــن اجلميــع وســيكون مــن أكتوبــر القــادم أيضــا غيــر مســموح ألحــزاب أو تيــار سياســي‬
‫أو ضابــط عســكري الوصــول إلــى الســلطة مــن خــال االنقالبــات والعنــف املســلح بــل مــن‬
‫خــال صنــدوق االقتــراع وهــو مــا سيســاهم يف عمليــة االســتقرار والتنميــة يف بلدنــا ‪.‬‬

‫أهــداف كثيــرة نســعى لتحقيقهــا مــن خــال هــذه الــدورة االنتخابيــة غيــر الفــوز مبنصــب‬
‫الرئاســة مــع عــدم إغفــال هــذا الهــدف وإمكانيــة حتقيقــه مفاجئــة مــن نــوع مــا خصوصــا‬
‫إذا مــا مت النظــر إلــى واقــع احليــاة السياســة واالجتماعيــة واالقتصاديــة واألمنيــة املأزومــة‬
‫نتيجــة السياســات اخلاطئــة خــال العقديــن املاضيــن‪.‬‬

‫نعــم هنــاك إربــاك واربــاك شــديد يف صفــوف املعارضــة ‪ ،‬كمــا أن هنــاك إربــاك يف صفــوف‬
‫الســلطة جتــاه هــذا االســتحقاق الدســتوري الهــام باعتبــاره جديــداً علــى اجلميــع واملطلــوب‬
‫أدوات جديــدة ومغايــرة للتعامــل معــه مــن قبــل اجلميــع ‪.‬‬

‫‪362‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫لكننــي اعتقــد إن اإلربــاك داخــل الســلطة أكثــر منــه داخــل املعارضــة ‪,‬فالــرأي العــام‬
‫ميكــن أن يتفهــم عــدم فــوز مرشــح املعارضــة مــن الــدورة األولــى باعتبــار أن هنــاك شــروطاً‬
‫أخــرى للفــوز ومنهــا‪ :‬وجــود اجليــش واجهــزة الســلطة احلاكمــة واالعــام الرســمي ‪ ,‬لكــن ال‬
‫ميكــن ان يتفهــم بــان يحصــل الرئيــس علــى نســبة ‪%99‬مــن اصــوات الناخبــن‪.‬‬

‫فحينهــا ســتكون الســلطة قــد مارســت التزويــر علــى اوســع صــورة ‪ ,‬وممــا ال يخفــى علــى‬
‫احــد ‪ ,‬فقــد اصبحــت االنتخابــات بالتالــي عبــاره عــن اســتفتاء علــى مرشــح الوضــع القائــم‪.‬‬

‫*بقيــة االســئلة لــم تكــن عــن االنتخابــات وكنــت قــد فصلــت مــا يتعلــق باالنتخابــات يف ملــف‬
‫واحــد يف ارشــيفي وعندمــا جئــت إلعــداد الكتــاب لــم اجــد امللــف الــذي وضعــت بقيــة النــص‬
‫وهــا أنــا اعيــد نشــر االجابــة علــى ســؤال واحــد ‪.‬‬

‫‪363‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫البيان االماراتية‬

‫(‪)11‬‬

‫االنتخابات الرئاسية‪ ..‬األهمية واألبعاد والدالالت‬

‫نــدوة حــول االنتخابــات الرئاســية اليمنيــة) نشــرت يف صحيفــة البيــان بتاريــخ‪ 19 :‬يونيــو‬
‫‪1999‬م‪.‬‬

‫حتــت هــذا العنــوان اســتهل األمــن العــام املســاعد الســابق حلــزب احلــق محمــد محمــد‬
‫املقالــح هــذه النــدوة بورقتــه التــي قــال فيهــا‪ :‬تكتســب االنتخابــات الرئاســية اليمنيــة‬
‫املقــرر اجراؤهــا يف شــهر (ســبتمبر) املقبــل أهميــة بالغــة علــى مســتوى جتديــد أدوات‬
‫ا عــن دعــم النشــاط‬‫الدميقراطيــة الناشــئة وتعزيــز مضامينهــا ومكوناتهــا املختلفــة فض ـ ً‬
‫السياســي التعــددي وجعلــه أكثــر حيويــة وفاعليــة‪.‬‬

‫باإلضافــة الــى دور هــذه االنتخابــات التــي جتــرى ألول مــرة مــن قبــل الشــعب يف تعزيــز‬
‫الوحــدة الوطنيــة ومللمــة جراحــات احلــروب والصراعــات الداميــة وبســبب وجــود أكثــر مــن‬
‫مرشــح‪ .‬ومــن دون اخلــوض يف تفاصيــل مــا ميكــن أن تضيفــه هــذه االنتخابــات الرئاســية‬
‫التنافســية مــن أهميــة لليمــن علــى املســتوى الدولــي علــى نظامهــا السياســي مــن اجلاذبيــة‬
‫والتشــويق‪ ,‬ميكــن تلخيــص أهميــة وفوائــد هــذه االنتخابــات علــى املســتوى الدميقراطــي‬
‫والوطنــي بالنقــاط التاليــة‪:‬‬

‫ •تأكيــد احلــق الدســتوري يف جعــل منصــب الرئاســة حقـاً لــكل مواطــن كفــؤ أي أنــه لــم‬
‫يعــد حكــراً علــى شــخص بعينــه كمــا لــم يعــد محصــورا بأبنــاء منطقــة جغرافيــة أو‬
‫مذهــب دينــي أو سياســي بعينــه‪.‬‬

‫ •ان االنتخابــات الرئاســية التنافســية البــد وان تؤكــد طريقــة واحــدة معتمــدة وشــرعية‬

‫‪364‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫للتعبيــر هــي صنــدوق االقتــراع وان الوصــول الــى أعلــى منصــب قيــادي يف الدولــة‬
‫ميكــن ان يكــون بواســطة اقنــاع أكبــر عــدد ممكــن مــن الناخبــن وليــس مــن خــال‬
‫االنقالبــات العســكرية أو بواســطة العنــف والثــورات الشــعبية أو حتــى التوريــث مــن‬
‫األب الــى بنيــه ومنهــا املبايعــات الصوريــة ‪.‬‬

‫وعلــى ذلــك وابتــدا ًء مــن أول انتخابــات رئاســية جتــرى يف اليمــن ســيكون مــن الصعوبــة‬
‫مبــكان أن يكــون الرئيــس احلاكــم يف البــاد هــو ولــي العهــد للرئيــس الســابق وأقــرب‬
‫املقربــن اليــه وحتــى اذا مت ذلــك فالبــد ان يضطــر مــن يريــد ان يســلك هــذا الســلوك‬
‫امللكــي ان يلجــأ الــى الشــعب ويقــدم مرشــحه األســري الــى أبنــاء الشــعب ليختــاروه‬
‫وهــو مــا ســيواجه صعوبــة كبيــرة‪.‬‬

‫ • ان االنتخابــات الرئاســية ســتوجد حتم ـاً فــرزاً حقيقيــا داخــل املجتمــع بــن القــوى‬
‫املختلفــة ســوا ًء مــن خــال األصــوات التــي ســيحصدها املرشــحون املتنافســون أو‬
‫مــن خــال عــرض البرامــج واألفــكار والــرؤى املختلفــة وســيتبني بالتالــي مــدى حجــم‬
‫األشــخاص واألحــزاب داخــل املجتمــع كمــا تبــن قــدرة األحــزاب علــى الوصــول الــى‬
‫أبنــاء الشــعب وإقناعهــم مبطالبهــا وأفكارهــا‪.‬‬

‫ •االنتخابــات الرئاســية ســتعزز املســار الدميقراطــي مــن خــال فــوز املرشــح بأغلبيــة‬
‫أصــوات الناخبــن وليــس باألكثريــة النســبية لألصــوات حســب النظــام املعمــول بــه يف‬
‫االنتخابــات البرملانيــة والتــي ال يفــوز فيهــا املرشــح بأغلبيــة أصــوات الناخبــن وإمنــا‬
‫بأكثريتهــا يف كل دائــرة علــى حــده‪.‬‬

‫ •االنتخابــات الرئاســية ســتمنح الناخبــن فرصــاً أخــرى للمقارنــة واالختيــار علــى‬


‫أســاس البرنامــج االنتخابــي وليــس علــى نفــوذ الشــخص يف هــذه املنطقــة أو تلــك‬
‫وذلــك باعتبــار أن اليمــن دائــرة انتخابيــة واحــدة‪.‬‬

‫ •ان جعــل املنصــب األول يف النظــام السياســي محــل تنافــس ومــادة للنقــد واالعتــراض‬
‫البــد وان يعــزز فكــرة املشــاركة السياســية والتأثيــر علــى القــرار السياســي وبالتالــي‬
‫سيســاهم يف ازالــة الشــعور باإلقصــاء واإلبعــاد لــدى الفئــات واجلماعــات واملناطــق‬
‫املختلفــة وهــو مــا ســيعزز مســار الوحــدة الوطنيــة ذاتهــا‪.‬‬

‫‪365‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫ •ان االنتخابــات الرئاســية التنافســية ســتعيد اليمــن الــى دائــرة االهتمــام اإلعالمــي‬
‫والسياســي اإلقليمــي والدولــي والبــد أن تســاهم يف اعــادة اكتشــاف التجربــة‬
‫الدميقراطيــة ســواء مــن خــال اجــراء احلــوارات التلفزيونيــة العربيــة أو الدوليــة مــع‬
‫املرشــحني أو مــن خــال الوفــود السياســية والرقابيــة التــي ســتفد الــى اليمــن يف هــذه‬
‫املرحلــة الهامــة مــن تاريــخ البــاد‪.‬‬

‫ • يف حالــة فــوز أي مرشــح مــن خــال االنتخابــات التنافســية اجلــادة فإنهــا ســتمنحه‬
‫اطمئنان ـاً بالشــرعية وبالتالــي تســاهم يف حتســن العالقــة بينــه وبــن شــعبه وقــوى‬
‫املجتمــع املختلفــة ومنهــا األحــزاب السياســية املعارضــة‪.‬‬

‫ •يف ذات الوقــت فــإن األصــوات التــي ســيحصل عليهــا املرشــح الــذي لــم يحالفــه احلــظ‬
‫ا سياســياً‬ ‫يف الفــوز ألســباب عــدة ســتؤخذ يف االعتبــار حيــث أنهــا ســتمنحه ثقــ ً‬
‫خصوصــاً اذا مــا كان املرشــح مرشــحاً حزبيــاً وحينهــا يكــون لرأيــه لــدى صاحــب‬
‫القــرار معنــى واعتبــار البــد مــن مراعاتــه‪.‬‬

‫ • ستكتســب األحــزاب مــن خــال هــذه االنتخابــات وألول مــرة تقريبــا شــرعية شــعبية‬
‫لــم تكــن حتلــم بهــا مــن قبــل خصوصـاً ومثــل هــذه االنتخابــات ســتفرض عليهــا النــزول‬
‫ا أن وســائل اإلعــام العامــة ومــن خــال‬ ‫امليدانــي الــى قطاعــات الشــعب فضــ ً‬
‫املناظــرات وتغطيــة املهرجانــات االنتخابيــة العامــة ســتعيد تقدميهــا مــن جديــد الــى‬
‫فئــات الشــعب املختلفــة‪.‬‬

‫ •االنتخابــات التنافســية وإدالء أصــوات الناخبــن يف صناديــق االقتــراع مــن خــال‬


‫خيــارات الناخــب املختلفــة حتقــق معنــى االعتــراض اإليجابــي لهــذا املرشــح أو ذاك‬
‫وبذلــك ميثــل رأي املقاطعــن للوضــع القائــم بصــورة إيجابيــة بــدالً مــن املقاطعــة‬
‫الســلبية التــي ال متنــح املقاطعــن أي اعتبــار‪ ,‬إذ أن حســاب الربــح واخلســارة ســيقوم‬
‫علــى أســاس األصــوات املعبــر عنهــا يف صناديــق االقتــراع وليــس مــن خــال الغيــاب‬
‫واملقاطعــة الســلبية والغائــب (يف القانــون والشــريعة) ال قبــول لشــهادته‪.‬‬

‫‪366‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫ • هــذه وغيرهــا مــن االعتبــارات الدميقراطيــة والوطنيــة شــرطها قيــام انتخابــات‬


‫تنافســية وإزالــة كل العوائــق الدســتورية والقانونيــة التــي متنــع أو تعرقــل عمليــة‬
‫التنافــس بــن املرشــحني ومــن ذلــك ضــرورة توفيــر الضمانــات اإلعالميــة والسياســية‬
‫واألمنيــة جلميــع املرشــحني دون اســتثناء‪.‬‬

‫وشــكرا‪ .‬د‪ .‬فــارس الســقاف‪ :‬ورقــة املقالــح دعــوة ورؤيــة لألهميــة وضــرورة مثــل هــذه‬
‫االنتخابــات والفوائــد التــي ميكــن أن جتنيهــا القــوى السياســية مــن وراء املشــاركة‪.‬‬

‫يف تقرير للبيان ايضا بتاريخ بعنوان‬

‫(قضيــة عربيــة‪ :‬االنتخابــات الرئاســية ومســتقبل الدميقراطيــة يف اليمــن) نشــر يف‬


‫‪7‬اغســطس ‪1999‬م)‬

‫محمــد املقالــح يقــرر ان الناخــب اليمنــي يعتمــد يف اختيــاره يف االنتخابــات البرملانيــة علــى‬
‫معيــار اساســي هــو شــخص املرشــح ومــدى نفــوذه القبلــي والعســكري ويف بعــض االحيــان‬
‫مــدى كارزميتــه وقدرتــه علــى التأثيــر واالقنــاع وال يكــون يف احملصلــة للبرنامــج االنتخابــي‬
‫اي تأثيــر يذكــر ‪.‬‬

‫لكنــه يؤكــد ان االنتخابــات الرئاســية تختلــف نوع ـاً مــا اذ يعتمــد نظامهــا االنتخابــي علــى‬
‫اعتبــار اليمــن دائــرة واحــدة وبالتالــي ال يكــون للشــخص املرشــح نفــوذ اجتماعــي وقبلــي‬
‫يف جميــع الدوائــر االنتخابيــة الـــ (‪ )٣٠١‬ويضيــف (واســتطيع القــول انــه ومــا عــدا الرئيــس‬
‫احلالــي الــذي يــكاد يكــون لــه نفــوذ يف كل انحــاء اليمــن مــن خــال ســلطات احلكــم ال يوجــد‬
‫اي مــن الشــخصيات التــي ترشــحت لالنتخابــات تتمتــع بهــذا التواجــد او النفــوذ بــل علــى‬
‫العكــس كان نفــوذ مرشــح مجلــس التنســيق االعلــى للمعارضــة علــي صالــح عبــاد (مقبــل)‬
‫قائمــا علــى مــا يحملــه مــن برامــج ومطالــب سياســية واجتماعيــة ولــم يكــن النــاس فيمــا اذا‬
‫متــت تزكيتــه سيرشــحونه لشــخصه بــل علــى اســاس البرنامــج االنتخابــي الــذي يتقــدم بــه‪.‬‬
‫املرشــح يف هــذه االنتخابــات الرئاســية بجديــة وفاعليــة‪.‬‬

‫‪367‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫(‪)12‬‬

‫املقالح يحذر من اغتصاب السلطة‬


‫و تزوير نتائج االنتخابات الرئاسية واحمللية‬

‫احلوار املتمدن‪-‬العدد‪٢٠٠٦ / 9 / ٢٤ - 1683 :‬م ‪) 12:01 -‬‬

‫الكاتــب والسياســي محمــد محمــد املقالــح حــذر مــن ســعي مرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام‬
‫علــي عبــد اهلل صالــح إلــى اغتصــاب الســلطة ‪ ,‬عبــر مجموعــة مــن اإلجــراءات واملمارســات‬
‫التــي يــزور بهــا إرادة الناخبــن اليمنيــن‪.‬‬

‫وأضــاف أن صالــح قــرر ومنــذ البدايــة الفــوز يف هــذه االنتخابــات وبنســب عاليــة تصــل‬
‫إلــى ‪ %80‬علــى األقــل ‪ ,‬وعلــى خــاف إرادة املواطنــن اليمنيــن الذيــن عبـ َّروا عــن رفضهــم‬
‫حلكمــه املتقــادم عبــر رغبتهــم يف التغييــر و تأييدهــم الكبيــر ملرشــح اللقــاء املشــترك فيصــل‬
‫بــن شــمالن‪.‬‬
‫وقــال املقالــح « لقــد عمــل مرشــح احلــزب احلاكــم منــذ البدايــة علــى تزييــف ســجالت‬
‫االنتخابــات وتســريب كــروت االقتــراع والتصويــت بهــا يف أمانــة العاصمــة ومدينــة عــدن‬
‫علــى األقــل ‪ ,‬و فــرض علــى اللجــان االنتخابيــة يف كل مــن صعــدة وعــدد مــن دوائــر اجلــوف‬
‫وتعــز والعديــن ‪ ,‬وغيرهــا التصويــت نيابــة عــن الناخبــن والناخبــات ‪ ,‬ثــم قــام بإحــراق‬
‫أكثــر مــن خمســن صندوق ـاً مــن صناديــق االقتــراع يف بعــض دوائــر تعــز واب وغيرهــا ‪,‬‬
‫ويســعى اآلن إلــى تغييــر النتيجــة العامــة لالنتخابــات عبــر طــرد جلــان الفــرز يف كل مــن‬
‫صنعــاء‪ ,‬وعــدن‪ ,‬وتعــز‪ ,‬وإب «وهــو مــا يعنــي حســب قولــه «اغتصــاب أكثــر مــن مليــون صــوت‬
‫انتخابــي ســجلتها اإلرادة الشــعبية يــوم الـــ ‪ 20‬مــن ســبتمبر اجلــاري» وطالــب محمــد املقالــح‬
‫مــن الرئيــس احلالــي التوقــف عــن العبــث بنتائــج الفــرز‪.‬‬

‫‪368‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‬

‫(‪)13‬‬

‫(السلطة تقطع تلفونات املتوكل واملقالح‬


‫أثناء حوارهما املباشر مع إحدى القنوات الفضائية‬

‫اخلميس ‪ 14‬سبتمبر‪-‬أيلول ‪2006‬م الساعة ‪ 05‬صباح ًا ‪ /‬مأرب برس‬

‫عدد القراءات (‪)1768‬‬

‫أقدمــت أجهــزة التنصــت علــى تلفونــات قيــادات أحــزاب املعارضــة علــى قطــع اخلطــوط‬
‫التلفونيــة لــكل مــن القيــادي االشــتراكي محمــد املقالــح ‪ ,‬واألمــن العــام املســاعد حلــزب‬
‫احتــاد القــوى الشــعبية محمــد عبــد امللــك ‪ ,‬أثنــاء حوارهمــا املباشــر مــع قنــاة «احلــوار»‬
‫الفضائيــة مســاء أمــس «الثالثــاء» حــول االنتخابــات الرئاســية وحظــوظ املعارضــة يف‬
‫نتائجهــا يف ظــل هيمنــة الســلطة علــى كل مقــدرات الدولــة ونقــل موقــع االشــتراكي نــت‬
‫(اســتنكار محمــد املقالــح مثــل هــذه التصرفــات القمعيــة التــي تشــير إلــى ضيــق الســلطة‬
‫بالــرأي اآلخــر) ‪.‬‬

‫«وأضــاف» ونحــن علــى مقربــة مــن موعــد االقتــراع العــام الــذي ســيقرر مصيــر اليمــن‬
‫ودميقراطيتهــا الناشــئة ملــدة خمــس أو ســبع ســنوات علــى األقــل» ‪.‬‬

‫وقــال املقالــح ان الســلطة دخلــت علــى اخلــط يف منتصــف احلــوار تقريبـاً مــا اضطــر املذيــع‬
‫للتواصــل معــي بخــط تلفونــي آخــر «ســيار» وهــو مــا لــم يحصــل مــع زميلــي الدكتــور محمــد‬
‫عبــد امللــك ‪ ,‬وقــد اســتمر تلفونــي األرضــي يعطــي إشــارة « هــذا الرقــم ال ميكــن أن يســتقبل‬
‫مكاملتــك « ملــدة ســاعتني بعــد انتهــاء البرنامــج وقبــل ان تعــاد إليــه احلــرارة ‪.‬‬

‫وأشــار املقالــح « إلــى أن تصــرف أجهــزة التنصــت مــع خطــوط تلفوناتنــا بهــذه الطريقــة‬
‫غيــر القانونيــة يكشــف ومبــا ال يــدع مجــاال للشــك تنصتهــا علــى مواطنيهــا « وهــو مــا يجعــل‬

‫‪369‬‬
‫أزمة الديمقراطية االنتخاببية‬
‫يف اجلمهورية اليمنية‬

‫نقيــب الصحفيــن ومجلــس النقابــة علــى احملــك خصوصـاً وان الســلطة أقدمــت علــى هــذه‬
‫الفعلــة يف الوقــت الــذي كان يشــاركنا يف احلــوار مــن طرفهــا نقيــب الصحفيــن الزميــل‬
‫نصــر طــه مصطفــى‪.‬‬

‫ويف ختــام تصريحــه طالــب املقالــح مــن النائــب العــام الــى التحقيــق يف هــذ الواقعــة‬
‫واملخالفــة ألبســط معانــي اخلصوصيــة‪.‬‬

‫املقالح يسأل‪ :‬من هو املشترك؟‬

‫كتــب السياســي املعــارض محمــد محمــد املقالــح موجه ـاً نقــداً الذع ـاً ألحــزاب املعارضــة‬
‫يف املشــترك التــي ينتمــي اليهــا وهــو احــد قياداتهــا وجــاء يف مقالــه املذكــور واملنشــور يف‬
‫صحيفــة الثــوري لســان حــال حزبــه االشــتراكي اليمنــي بــان (علــى املعارضــة ان ارادت ان‬
‫تســهم يف حــل االزمــة ان جتيــب علــى االســئلة التاليــة ‪-:‬‬

‫‪1.1‬هــل املشــترك حتالــف سياســي حــول قضايــا محــددة ومؤقتــة أم أنــه عمــل جبهــوي‬
‫ينبغــي أن يتفــق أطرافــه علــى كل شــيء يخــص هــذه اجلبهــة؟‬

‫‪ 2.2‬هــل املشــترك مــع إصــاح النظــام احلالــي ويــرى أنــه أقــل تكلفــة أم أنــه مــع تغييــره‬
‫ورفــض أي حــوار معــه ويــرى ضــرورة هــذا اخليــار وطنيــا؟‬

‫‪ 3.3‬هــل ســتدخل املعارضــة االنتخابــات حتــت ســقف قانــون االنتخابــات احلالــي أم أنهــا‬
‫تشــترط نظــام القائمــة النســبية؟!‬
‫‪ 28‬أغسطس‪2008 ،‬م‬

‫‪1.1‬‬

‫‪370‬‬
‫فهرس‬

‫‪9‬‬ ‫‪1.1‬توطئة ‪:‬عندما انفجرت احلرب ‪ ..‬كنت هناك‬


‫‪33‬‬ ‫‪ 2.2‬الفصل األول من ربيع الدميقراطية إلى انفجار احلرب‬
‫‪51‬‬ ‫‪ 3.3‬قرأة حلصاد االحزاب واملستقلني يف اول انتخابات برملانية تنافسية‬

‫‪59‬‬ ‫‪ 4.4‬االستقواء سياسيا بنتائج االنتخابات يضرب الشراكة ويفجر احلرب !‬

‫‪62‬‬ ‫‪ 5.5‬االشتراكي امام خيارات صعبة (الدمج ‪-‬املعارضة ‪ -‬احلرب) !‬


‫‪66‬‬ ‫‪6.6‬النقاط الـ ‪!18‬‬

‫‪68‬‬ ‫‪ 7.7‬العطاس يدير احلوار الوطني وصوالً الى وثيقة العهد واالتفاق‬

‫‪70‬‬ ‫‪8.8‬البيض يخسر شعبياً وصالح يفجر احلرب !‬

‫‪74‬‬ ‫‪9.9‬اهم نتائج حرب ‪1994‬م‬

‫‪83‬‬ ‫‪ 1010‬الفصل الثاني‪ :‬االنتخابات الرئاسية األولى ‪ 20‬سبتمبر ‪ 1999‬م‬

‫‪87‬‬ ‫‪1111‬االنتخابات الرئاسية االولى يف اجلمهورية اليمنية‬


‫‪95‬‬ ‫‪1212‬الوحدوي يرمي حجر يف البركة الراكدة‬
‫‪104‬‬ ‫‪1313‬حوارات داخلية مكثفة‬
‫‪139‬‬ ‫‪ 1414‬الفصل الثالث‪ :‬التعديالت الثانية واالنتخابات احمللية االولى (يوليو ‪)2001‬‬
‫‪144‬‬ ‫‪1515‬اإلصالح يقر التعديالت يف البرملان‪.‬‬
‫‪156‬‬ ‫‪1616‬تزوير وخروقات خطيرة وصدامات مسلحة‬
‫‪159‬‬ ‫‪1717‬رفض التعديالت الدستورية شعبياً واقرارها رسمياً‬
‫‪171‬‬ ‫‪ 1818‬الفصل الرابع‪ :‬االنتخابات البرملانية ‪2003‬م‬

‫‪175‬‬ ‫‪1919‬أهداف توخت املعارضة حتقيقها‪.‬‬

‫‪177‬‬ ‫‪2020‬تداعيات جرمية اغتيال عمر‪.‬‬


‫‪178‬‬ ‫‪2121‬مراحل الترشيح واالقتراع العام ونتائج الفرز‪.‬‬
‫‪180‬‬ ‫‪2222‬قراءة وحتليل نتائج االنتخابات‪.‬‬
‫‪196‬‬ ‫‪2323‬حقائق صادمة افرزتها انتخابات ‪2003‬م‪.‬‬
‫‪205‬‬ ‫‪ 2424‬الفصل اخلامس‪ :‬االنتخابات الرئاسية التنافسية األولى ‪ 22‬سبتمبر ‪2006‬‬
‫‪208‬‬ ‫‪ 2525‬املعارضة تتفق على فيصل بن شمالن ملنافسة صالح‬
‫‪214‬‬ ‫‪2626‬الغاء احلملة االنتخابية لنب شمالن يف صعدة‪.‬‬
‫‪216‬‬ ‫‪2727‬املعارضة تعود الى ازمتها مع السلطة‪.‬‬
‫‪221‬‬ ‫‪2828‬مقاالت نشرت قبل اختيار مرشح املعارضة‪.‬‬
‫‪325‬‬ ‫‪2929‬الفصل السادس‪ :‬وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة‪.‬‬

You might also like