Professional Documents
Culture Documents
أزمة الديمقراطية الإنتخابية في الجمهورية اليمنية
أزمة الديمقراطية الإنتخابية في الجمهورية اليمنية
قبــل وأثنــاء أزمــة وحــرب 1994م وبعدهمــا بســنوات عجــاف عشــناها وعاشــتها اليمــن ظــل
مقيلنــا االســبوعي املفضــل (االربعــاء) هــو ديــوان الصنعانــي األنيــق االســتاذ أحمــد اســحاق
مبنزلــه الكائــن بحــي اجلــراف شــمال شــرق العاصمــة صنعــاء.
ويف مقيلــه رحمــه اهلل كنــا نهــرب مــن صخــب السياســية وصراعهــا الــى دفــئ االخــوة
والصداقــة والــى احلــوار الفكــري والسياســي ولكــن بعيــدا عــن اجلــدل والصخــب ألن
املقيــل نفســه كان يطبعنــا بطباعــه وطبــاع صاحبــه مــن الهــدوء واألناقــة والبســاطة
واللطــف واألدب وحتــى حــن كان أحدنــا يشــتط غضبـاً او يصــرخ جــدالً ســرعان مــا يعــود
ا مــن نفســه بعــد ان يفــرض عليــه املقيــل ذاتــه وثقافتــه وتقاليــده ولطــف وتواضــع خج ـ ً
صاحبــه مســايرة كل هــذه التقاليــد والقواعــد غيــر املكتوبــة يف املقيــل الصنعانــي وان شــئت
اإلســحاقي .
لقــد كان مقيــل (عمــي أحمــد) -كمــا كان يحلــو لنــا ان نســميه -منتــدى سياســي وفكــري
وادبــي وفنــي بــكل مــا تعنيــه الكلمــة مــن معنــى وكانــت الشــخصيات اليمنيــة والقيــادات
السياســية التــي تشــاركنا املقيــل بــن اســبوع وآخــر تثــري احلــوار بالقــراءات املختــارة مــن
الكتــب و بالعطــاء الفكــري واالدبــي مــن قبــل املشــاركني الدائمــن والضيــوف ويف قــراءة
الشــعر وســماع االغنيــة الصنعانيــة ان وجــد شــاعراً او مطرب ـاً شــاباً ويــا مــا اســتضاف
5
مقيــل احمــد اســحاق امثــال هــؤالء املبدعــن حتــى اننــي تعرفــت علــى الفنانــن عبدالكــرمي
الشــامي وعبدالرحمــن االخفــش ألول مــرة يف مقيــل (عمــي احمــد) .
كان اخــوة كــرام واصدقــاء اعــزاء ال يغيبــون عــن مقيــل احمــد ابراهيــم اســحاق الرحيــب
ولــو ملــرة واحــدة اال اضطــرارا امثــال االصدقــاء واالســاتذة االفاضــل عبــد الواحــد مفضــل
وعلــي الــذاري وعبــد اهلل هاشــم الســياني وعبــد الســام الوجيــه وعبــد امللــك العرشــي
وعبــد امللــك مفضــل واحمــد العرشــي ومحمــد العوامــي وزيــد الــذاري ومحمــد املنصــور
وعبــد الكــرمي اخليوانــي والدكتورعبدالرحمــن اســحاق والناشــري ومحمــد املقالــح واخريــن
ال اتذكرهــم اآلن وان كنــت – ويــا لهــذه الذاكــرة -اتذكــر امللحــق الثقــايف يف الســفارة
الســودانية الصديــق درديــري محمــد احمــد كمــا اتذكــر حضــور ســفراء وزوار عــرب
واجانــب الــى املقيــل كضيــوف .
*يف مقيــل احمــد اســحاق ايضــا تعــارف وتصــادق وحتــاور عشــرات ممــن كانــت اليمــن
وامنهــا واســتقرارها ووحدتهــا وتقدمهــا وازدهارهــا ،همهــم اليومــي وقضيتهــم االولــى
وبعضهــم كانــت كل هــذه املعانــي والقضايــا ســبباً وحيــداً الغتيالهــم غــدرا وارتقائهــم
شــهداء عنــد اهلل امثــال الشــهداء جــار اهلل عمــر و محمــد عبــد امللــك املتــوكل وعبــد
الكــرمي اخليوانــي وعبــد الكــرمي جدبــان واخريــن او ممــن توفاهــم اهلل معانــاة وكمــدا
امثــال االســتاذ املناضــل عبــد القــدوس املضواحــي واالعالمــي واألديــب الكبيــر يحيــى عــاو
واالنســان االنســان االســتاذ احمــد ابــن احمــد العرشــي واخريــن رحمهــم اهلل جميعــا.
*مقيــل احمــد اســحاق يف تلــك الفتــرة مــن تاريــخ اليمــن كان يحضــره اصدقــاء ورفــاق
مــن مختلــف األحــزاب السياســية واملشــارب الفكريــة ومنهــم ايضــا عبــد الواحــد املــرادي
وعلــي ســيف حســن وصالــح عبــداهلل مثنــى عبــداهلل وحــامت ابــو حــامت وعبدامللــك املخــايف
وفــارس الســقاف وعبــد الغنــي الشــميري و و ،وكنــا معــا نخــوض يف نقــاش طويــل ومتواصــل
عــن مختلــف القضايــا واألحــداث وكان احمــد اســحاق هــو مــن مينحنــا الشــعور بالتفــاؤل
والثقــة باســتمرار ويف كل املنعطفــات التــي مــرت بهــا اليمــن يف تلــك املرحلــة .
6
ا بجمــال ولطــف صاحبــه املرحــوم *مقيــل احمــد اســحاق كان مقيــا صنعانيــاً جميــ ً
وابنائــه الكــرام وهــم جميعــا اخــوة واصدقــاء (نبيــل وحبيــب وخالــد وماجــد و و )...ويف
املقيــل مــن األناقــة اكثــر ممــا فيــه مــن الثــراء ومــن البســاطة اكثــر ممــا فيــه مــن الســجاد
الفارســي او الرومــي ،يقــع يف اجلهــة الغربيــة العدنيــة ملنــزل حجــري يتكــون مــن طابــق
واحــد وبنــاء حديــث محكــم الهندســة وردهــات متعــددة جمــع بــن البنــاء الصنعانــي القــدمي
واملعاصــر يف تداخــل وتناغــم منســجم وجميــل.
ويطــل (أي املقيــل) علــى بســتان فيــه مــن الزهــور والفواكــه واغصــان العنــب وعناقيدهــا
مــا يذكــرك مبدينــة الروضــة حــن كان اآلبــاء يتحدثــون عــن الروضــة ومصايــف صنعــاء
القدميــة حتــى ان الرفيــق صالــح مثنــى عبــداهلل وزيــر النقــل االســبق حــن شــاركنا املقيــل
ألول مــرة علــق قائــا «كنــا ونحــن يف عــدن نحلــم بالوحــدة ونتحــدث عــن جمــال مدينــة
صنعــاء التاريخيــة وكيــف ان اغصــان العنــب تطــل مــن شــبابيكها وعــن القمريــات والســجاد
والســتائر والشراشــف والفــرش لكننــي لــم اجــد هــذا الوصــف بعــد الوحــدة اال يف هــذا
املقيــل اجلميــل الــذي يــدل علــى روعــة ورقــي صاحبــه» وهــو كذلــك فعــا .
* احمــد اســحاق هــذا اليمنــي الــذي كان اول مــن ارتــدى ربطــة عنــق يف صنعــاء وظــل
يحلــم بيمــن عزيــز وموحــد ومتقــدم منــذ أن وجــد نفســه وهــو شــاب يف العشــرينات مــن
العمــر يســهم وبجــد مــع نفــر قليــل مــن املتطلعــن ليمــن جديــد يف إنــارة صنعــاء بالكهربــاء
ألول مــرة يف عهــد بيــت حميــد الديــن وحتــى وهــو يبعــث أوالده وبناتــه للدراســة يف أرقــى
اجلامعــات العلميــة يف امريــكا واجنلتــرا ليكونــوا مــن بعــده منــارة للعلــم والتقــدم يف بالدهــم
اليمــن.
*لقــد ظــل األســتاذ أحمــد إبراهيــم اســحاق إلــى اللحظــة التــي رحــل فيهــا مغــادرا إلــى اهلل
عــام 2019م حاضــرا يف احليــاة ويف وعيــي وحياتــي كأمنــوذج لإلنســان اليمنــي الســوي
والناجــح يف عملــه واحملــب للحيــاة وللنــاس ولبلــده .
*وألنــه كذلــك وألن عالقتــي بــه عالقــة أبــوة وصداقــة يف آن واحــد فقــد كان مــن الطبيعــي
َّأل أنســى ذكــره وأنــا يف اخلطــف واالخفــاء واالعتقــال ....اتذكــره مــن بــن اخلــص اهلــي
7
واصدقائــي واقــول يف نفســي تــرى مــاذا عــن عمــي احمــد وصــدره الفســيح وعقلــه املتوقــد
بالــذكاء مــاذا ومــاذا عنــه وعــن اصدقــاء مقيلــه ،وعندمــا كشــف النظــام احلاكــم عــن
مصيــري عــام 2010م وخرجــت مــن الســجن وزرتــه يف بيتــه وقــد هــده العمــر لكــن قلبــه
ظــل شــابا كمــا عرفتــه وروحــه ظلــت مرحــه رغــم الســنني .
*احــاول اليــوم بتفاؤلــي ومرحــي وأنــا يف هــذا العمــر الســتيني أن أتقلــد ذلــك الشــاب
الســبعيني او الثمانينــي الــذي ظــل شــابا وقلبــه أخضــر يعشــق اليمــن وجمــال اليمــن وفــن
اليمــن وتراثهــا ويقــدر مناضليهــا ومحبيهــا حتــى وافتــه املنيــة.
*فإلــى روح احمــد ابراهيــم اســحاق يف عليــن ثــم إلــى أبنائــه وبناتــه الذيــن عرفنــا بعضهــم
أطفــاال ثــم قابلناهــم وســألنا عنهــم وقــد شــبوا وتعلمــوا وتزوجــوا وأعولــوا وذهبــت بهــم
احليــاة يف طــرق شــتى مثلنــا ومثــل غيرنــا ومــن خاللهــم جميعــا الــى اصدقائــي ورفاقــي
اصدقــاء ورفــاق مقيــل (عمــي احمــد) االحيــاء منهــم واالمــوات ،اهــدي هــذا الكتــاب مــع
االعتــذار لــكل مــن لــم اذكرهــم .
8
توطئة
كانــت األوضــاع قــد بلغــت مداهــا مــن التوتــر وبــدأت احلــرب تلــوح باألفــق وتنــذر باالنفجــار
يف أيــة حلظــة ...
ويف ذلــك «الربــوع» األســود الــذي انفجــرت يف مســاءه حــرب 1994م كنــت قــد كتبــت يف
صبــاح اليــوم نفســه مقــاال صحافيـاً ناريـاً عــن مجــزرة اجلنــود والدبابــات التــي حدثــت قبــل
أيــام يف معســكر اللــواء الثالــث مــدرع يف مدينــة عمــران بعــد اشــتباكات داميــة بــن افــراد
املعســكر نفســه ،مظهــرا – يف املقــال -بشــاعة مــا حــدث يف اقتتــال دمــوي بــن رفقــاء
ســاح حســم ســريعا وخــال ســاعات ،لكنــه خلــف عشــرات الضحايــا ودمــر وأحــرق أهــم
ألويــة املدرعــات وأحدثهــا تســليحا((( وهــو الــذي مــا كان لــه أن يحــدث لــوال التعبئــة التــي
كان ميارســها السياســيون (القــادة) عبــر التلفزيــون واإلذاعــة والصحافــة فتنعكــس توجسـاً
وحتفــزا وتوتــرا بــن اجلنــود والضبــاط داخــل معســكرات اجليــش وألويتــه املختلفــة يف
عمــوم الوطــن.
ويف ذلــك املقــال الــذي ظــل طريقــه إلــى الصحيفــة حــذرت -صادقـاً ومتأملـاً وحزينـاً -مــن
خطــورة انــدالع احلــرب الشــاملة بــن فرقــاء األزمــة اليمنيــة حينهــا والذيــن– ويــا للمفارقة-
هــم أنفســهم شــركاء الوحــدة اليمنيــة قبــل ذلــك التاريــخ بأربــع ســنوات فقــط مستشــهدا
بصــور اجلثــث املتفحمــة والدبابــات احملروقــة قائــا :بــان تلــك اجلثــث احملترقــة قــد ال
تكــون ســوى لعــب أطفــال ملــا ميكــن أن يحــدث يف حالــة انــدالع احلــرب الشــاملة ال ســمح
(((
اهلل
( )1اللــواء الثالــث يف جيــش اليمــن الدميقراطــي قبــل الوحــدة وكان قــد نقــل الــى عمــران ضمــن وحــدات عســكرية اخــرى مــن
جيشــي الدولتــن قبــل الوحــدة الــى محافظــات شــمالية وجنوبيــة علــى طريــق دمــج وحــدات القــوات املســلحة للدولتــن يف جيــش
ميني واَحد .
( )2وهــو مــا تبــن مصداقيتــه بعــد ذلــك فمــع ان حــرب 94م كانــت مــن اســرع احلــروب اليمنيــة (ثالثــة اشــهر تقريــا ) ومــن اقلهــا
ضحايــا حوالــي 4الــف شــهيد و12الــف جريــح مــن طــريف القتــال واملدنيــن اال ان مــا خلفتــه تلــك احلــرب القــذرة مــن تداعيــات
ســلبية يف النفــوس ويف النســيج االجتماعــي ويف جــدار الوحــدة الوطنيــة كان كارثيــاً وتوالــدت بســببها حــروب عديــدة اخــرى
اضعفــت اليمــن وجعلتهــا عرضــة للتدخــل اخلارجــي ومخططــات التمــزق والتقســيم .
9
كان الهــدف هــو التحذيــر والتهويــل مــن خطــورة نتائــج مــا هــم مقدمــون عليــه مــن كــوارث
ومجــازر اذا مــا اندلعــت احلــرب الشــاملة بينهمــا ولعلنــا بذلــك نردعهــم عــن الســير يف
طريــق تفجيــر احلــرب الكبيــرة ومحاولــة منــا إلقناعهــم بــان كلفــة احللــول الســلمية مهمــا
كانــت املشــكلة كبيــرة ومعقــدة اال ان حلهــا باحلــوار يظــل أقــل كلفــة مــن كلفــة احلــرب.
ومــع اننــي كنــت أدرك متامــا أننــي أكتــب يف الوقــت الضائــع ســواء نشــر املقــال أو لــم ينشــر
وعلــى يقــن أن مــن أعــد للحــرب واســتعد لهــا ويــرى فيهــا طريــق اخلــاص لــن يوقفهــا
مهمــا كانــت كلماتــي مؤثــرة وصــور املجــزرة مرعبــة.
ومــن لــم تقنعــه نصائــح كل العقــاء بخطــورة احلــرب طــوال فتــرة عــام كامــل مــن األزمــة لــن
تنفعــه كلمــة أو كلمتــان تقــال يف ربــع الســاعة األخيــرة عــن اهميــة الســام ،إال أننــي كنــت
مصــراً بصــورة بــدت غريبــة وقدريــة علــى إرســال املقــال إلــى صحيفــة الثــوري لعلــه ينشــر
غــدا اخلميــس وهــو موعــد إصــدار صحيفــة الثــوري .
حاولــت إرســال املقــال عصــر ذلــك اليــوم وطلبــت مــن صديقــي العزيــز الــذي أتــى
الصطحابــي بســيارته إلــى مقيلنــا األســبوعي املفضــل – كل أربعــاء((( بــان يتوقــف أمــام أي
محــل فيــه جهــاز فاكــس فرفــض بشــدة متعلــا بــان الوقــت متأخــر علــى املقيــل وانــه يعدنــي
باننــا سنرســله بعــد خروجنــا مــن املقيــل ومــن أقــرب محــل فيــه جهــاز فاكــس.
بعــد خروجنــا مــن املقيــل حوالــى الســاعة الثامنــة والنصــف مســاء ويف أول محــل وجدنــا
فيــه جهــاز الفاكــس وكان بحــي احلصبــة بدأنــا بإرســال املقــال فعــا لكــن الكهربــاء العمومي
انطفــأت علــى كامــل احلــي ودون تــردد تركنــا احملــل وقررنــا التحــرك بســرعة إلــى التحريــر
لنرســل املقــال مــن هنــاك حيــث معظــم احملــات بهــا أجهــزة فاكــس لكــن ومــا إن وصلنــا
الــى التحريــر حتــى انطفــأت الكهربــاء علــى كامــل حــي التحريــر وشــارع علــي عبــد املغنــي
وهكــذا حــدث األمــر نفســه يف حــي القــاع .
( )3لــم أعــد أتذكــر مــا إذا كان هــو أحمــد العوامــي او عبــد امللــك مفضــل النهــم -مــن بــن االصدقــاء الذيــن كانــوا ميــرون علــي
بســيارة أحدهــم الصطحابــي إلــى مقيــل الوالــد أحمــد ابراهيــم اســحاق يف حــي اجلــراف وجميعهــم مــن أعــز أصدقائــي واشــفقهم
روحــا وامتعهــم حديثــا واكثرهــم وفــاء .
10
وحينهــا فقــط طــارت مــن رأســي فكــرة إرســال املقــال إلــى الصحيفــة وبــدأت أشــعر بالقلــق
واخلــوف الشــديد متســائال هــل ثمــة شــيء يحــدث يف تطــورات األزمــة املتواصلــة ؟.
هــل انفجــرت احلــرب ؟ ســألت الســؤال وأنــا أمتنــى أن ال تكــون اإلجابــة (نعــم) رغــم اننــي
علــى يقــن اننــي لــن اجــد إجابــة غيرهــا يف ذلــك الظــرف املتــأزم وبعــد اطفــاء كامــل أحيــاء
صنعــاء علــى غيــر العــادة .
وبالفعــل لــم نصــل إلــى منزلنــا الكائــن يف حــي هائــل ســعيد حتــى أخبرونــي يف البيــت أن
الكهربــاء قــد انطفــأت قبــل نصــف ســاعة بــل انطفــات يف كل صنعــاء وكل محافظــات
اجلمهوريــة وأن احلــرب قــد قامــت وأنهــم قلقــون علــي ويحاولــون االتصــال بــي دون فائــدة
ألن التلفونــات قــد قطعــت أيضــا .
صبــاح اليــوم االول التالــي مــن تلــك احلــرب امللعونــة التــي انفجــرت مســاء االربعــاء 4مايــو
1994م وال تــزال متواصلــة بطريقــة أو بأخــرى حتــى اليــوم((( قــررت وقبــل أن «تــزرق»
الشــمس أن أطلــع إلــى ســطح املنــزل ألســتطلع األجــواء يف صنعــاء يف زمــن احلــرب بعــد
ليليــة ظلمــاء مــن الرعــب واصــوات املضــادات اجلويــة.
ومــن نافــذة صغيــرة يف حمــام شــبه مهجــور علــى ســطح بيتنــا املكــون مــن طابــق واحــد
حينهــا ولكنــه مبنــي علــى تبــة مرتفعــة قليــا عــن منــازل اجليــران ويطــل علــى وســط املدينــة
وجنــوب شــرقها اختلســت النظــر إلــى صنعــاء فوجدتهــا ســاكنة وكئيبــة ،وبــدون تعمــد رفعــت
بصــري يف ســماها شــرقا وجنوبــا وجــدت نفســي متســمرا أمــام ثالثــة مناظــر ال تــزال ماثلــة
يف ذاكرتــي كمــا ارتســمت يف راســي املهمــوم حينهــا وكيــف لــي أن أنســاها وقــد عبــرت عــن
حالتــي وحالــت اليمــن حينهــا ورمبــا حالتهــا اليــوم أيضــا.
-األول لقــرص الشــمس وهــو يحــاول أن يتجــاوز صعــودا وببطــيء قمــة جبــل نقــم وبــدا لــي
قرصــا كبيــرا ومحم ـ ًراَ بشــي مــن االصفــرار وحزينــا وتــكاد تقطــر مــن حوافــه املــدورة
الدمــاء.
( )4كتبت هذه املقدمة بتاريخ 14يوليو2020م أي بعد تلك االحداث بحوالي 26عاما
11
-والثانــي ظهــر فجــأة يف ســماء صنعــاء وقريبــا مــن قــرص الشــمس وكان لطائرة عســكرية
وهــي تهــوي محترقــة باجتــاه منطقــة اجلــرداء جنــوب شــرق جبــل نقــم نفســه وقــد ظلــت
حتتــرق والدخــان يتصاعــد منهــا أمــام ناظــري حتــى تالشــى الدخــان او غيبتــه أشــعة
الشــمس حــن جتــاوزت جبــل نقــم وأصبــح الوقــت صباحــا.
-ثــم وبعــد ان كانــت أشــعة الشــمس البــاردة قــد تســللت إلــى معظــم احيــاء صنعــاء وانــا
ال زلــت علــى ســطح املنــزل اذا بــي اســمع إطــاق رصــاص ومعــدالت رشــاش وانفجــار
قذائــف يف حــي الصافيــة ومــا هــي إال دقائــق حتــى شــاهدت ألســنة اللهــب والدخــان
تغمــر ســماء حــي الصافيــة آتيــة مــن مقــر اللجنــة املركزيــة للحــزب االشــتراكي اليمنــي
ومقــر صحيفــة الثــوري بحــي الصافيــة بالقــرب مــن وزارة املاليــة وســط صنعــاء وهــذا
هــو املنظــر الثالــث الــذي شــاهدته كأحــد صــور احلــرب يف وقــت مبكــر مــن صبــاح ذلــك
اليــوم املشــهود املوافــق يــوم اخلميــس 5أبريــل 1994م .
لقــد تبــن الحق ـاً أن الطائــرة التــي احترقــت يف منطقــة اجلــرداء لــم تكــن إحــدى ثــاث
طائــرات عســكرية مينيــة قامــت مــن القاعــدة اجلويــة يف عــدن لقصــف القاعــدة اجلويــة يف
صنعــاء كمــا قيــل يف بدايــة األمــر بــل هــي إحــدى ثــاث طائــرات عســكرية مينيــة كانــت قــد
أقلعــت مــن قاعــدة الديلمــي بصنعــاء ملطــاردة «شــقيقاتها» الطائــرات التــي أتــت مــن عــدن
لقصــف قاعــدة يف صنعــاء وباخلطــأ أســقطت أحدهــا املضــادات اجلويــة املنصوبــة يف
أحــد معســكرات الدفــاع اجلــوي يف جبــل نقــم أو علــى ســفحه مــن جهــة الشــرق ( معســكر
احلفــا) هــذا أوال.
وتبــن ثانيــا أن الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح كان قــد أمــر باقتحــام مقــر اللجنــة
املركزيــة وصحيفــة الثــوري ومبانــي أخــرى تابعــة للحــزب يف عاصمــة الوحــدة واجلمهوريــة
بصنعــاء ومبشــورة مــن جهــاز األمــن السياســي مت مصــادرة وثائــق احلــزب والصحيفــة
وإحــراق «غيراملفيــد» منهــا ثــم اســتدعاء عناصــر األمــن لنهــب مــا تبقــى مــن ممتلــكات
احلــزب والصحيفــة باعتبــار أنهــا نهبــت مــن قبــل مواطنــن يعبــرون عــن غضبهــم خليانــة
االشــتراكيني للوحــدة !
12
وعندمــا ســمعت يف وقــت الحــق عــن مشــهد نهــب مقــر صحيفــة الثــوري الــذي بــدا للنــاس
نهب ـاً عشــوائياً تذكــرت مقالــي املذكــور وقلــت يف نفســي احلمــد هلل انــه لــم يرســل مســاء
امــس وإال كان قــد أصبــح جــزءا مــن الوثائــق املصــادرة ورمبــا مــن أدلــة اتهامــي كأحــد
عناصــر الــردة واالنفصــال !!.
واخلالصــة لقــد كنــت شــاهدا علــى إعــان احلــرب التــي عرفــت الحقــا بحــرب صيــف
1994م اوبحــرب االنفصــال كمــا ســماها الطــرف املنتصــر وكنــت حينهــا جــزء مــن املشــهد
املأســاوي ولكــن مــن موقــع املتضامــن مــع موقــف احلــزب االشــتراكي اليمنــي ومــن قناعــة
يقينيــة أن الرئيــس صالــح وحلفــاءه االصالحيــن وبقيــة القــوى االصوليــة واملشــيخية كانــوا
قــد بيتــوا احلــرب ضــد احلــزب مــن وقــت مبكــر مــن إعــان نتائــج االنتخابــات البرملانيــة
األولــى علــى األقــل((( وكان اجلميــع يعلــم بذلــك ولكــن البيــض وعــددا مــن قيــادات احلــزب
وعلــى خلفيــات صراعيــة داخــل احلــزب نفســه لــم يكونــوا يعملــون شــيئا جديـاً لنــزع فتيــل
احلــرب وعلــى العكــس كانــوا بأخطائهــم وتصرفاتهــم االرجتاليــة مينحــون حتالــف احلــرب
فرص ـاً لتحقيــق أهدافــه املبيتــة ضــد مشــروع دولــة الوحــدة الوطنــي التشــاركي ونظامهــا
الدميقراطــي التعــددي ...فالهــم اســتعدوا للحــرب وال هــم عملــوا لنــزع فتيلهــا هــذا اوال.
وثانيــا اننــي ومــن بــاب النقــد الذاتــي أقــول إن كثيــراً مــن الكتــاب احملســوبني علــى احلــزب
االشــتراكي أو مــن حلفائــه وحلفــاء مشــروعه الوطنــي وأنــا أحدهــم كنــا نكتــب ضــد األزمــة
ونحــذر مــن احلــرب ونوجــه نقدنــا األكبــر ورمبــا الوحيــد للرئيــس صالــح وحتالفــه االخوانــي
الــذي كنــا نعــرف أنــه صاحــب املصلحــة األولــى يف احلــرب وهــذا جيــد .
ولكننــا لألســف ويف كثيــر مــن األحيــان كنــا نتجاهــل كثيــرا مــن األخطــاء التــي يرتكبهــا
البيــض ورهطــه املتوتريــن واالنعزاليــن يف قيــادة احلــزب ممــن أداروا األزمــة بغبــاء شــديد
خــارج أطــر احلــزب وخــارج أطــر البرملــان وخــارج مؤسســات الدولــة فــكان أن حققــوا
بأخطائهــم القاتلــة وبسياســاتهم االرجتاليــة كل مــا كان يبحــث عنــه أعداؤهــم وســاهموا
وبفاعليــة -وبالــذات يف األســابيع القليلــة التــي ســبقت احلــرب -يف انقــاب الــرأي العــام
(((
إلــى جانــب خصومهــم وهــو مــا اســتغله صالــح وحلفــاؤه لتفجيــر احلــرب ومــن ثــم حســمها.
( )5يفهــم مــن مذكــرات الشــيخ عبــد اهلل بــن حســن األحمــر أن صالــح كان مبيــت احلــرب والعمــل لهزميــة احلــزب مــن يــوم إعــان
الوحــدة نفســها ومــع أن هــذا غيــر مســتبعد إال أن مــا يخالفــه هــو ان صالــح كان ســعيدا بتحقيــق الوحــدة وبكــون البيــض قــد قبــل
أن يكــون هــو أي صالــح رئيســا لدولتهــا.
( )6كان لتــردد علــي ســالم البيــض يف التوقيــع علــى وثيقــة العهــد يف عمــان ورفضــه لــكل الوســاطات العربيــة لتخفيــف حــدة اخلــاف بينــه وبــن صالــح
13
ولــو أننــا كنــا نكتــب نقــداً باجتــاه أخطــاء البيــض وأخطــاء احلــزب ورفضنــا وبقــوة الســير
يف تلــك الطريــق املعــوج التــي قادنــا إليهــا وعــدد قليــل آخــر مــن داخــل وخــارج االشــتراكي
حــن هربــوا إلــى األمــام تــارة ثــم هربــوا إلــى اخللــف تــارة أخــرى.
وحــن قــرر الوحــده اندماجــا خــارج مؤسســات احلــزب والدولــة -حســبناه محمــودا وال
نــزال -ثــم حــن اعلــن انفصــاال متوهمــا مــن خــارج مؤسســات احلــزب والدولــة -حســبناه
قبيحــا وال نــزال، -لكننــا أو بعضنــا ســايرناهم وصمتنــا علــى مضــض عــن أخطائهــم فوقعنــا
معهــم ووقعــت البــاد يف غيــر مــا أردنــا ومــا اراد حســنوا النيــة منهــم .
لقــد تبــن لــي شــخصيا وبصــورة قطعيــة أن الطــرف الــذي كنــا ننتقــده بقــوة قبــل احلــرب
وبعدهــا كان هــو مــن يســتفيد مــن نقدنــا لــه بشــدة بينمــا كان مــن حتاشــينا نقدهــم
باعتبارهــم أصحابنــا وحتاشــيا مــن ان يســتفيد اخلصــم مــن نقدنــا ويعمــل علــى توســيع
شــقة اخلــاف بيننــا كانــت نتيجتــه عكســية لديهــم حيــث واصــل البيــض ومــن معــه مــن
قيــادة احلــزب أخطائهــم معتقديــن انهــم علــى صــح حتــى وقــع «الفــأس بالــرأس» متناســن
ان العــدو ال يســتفيد مــن نقــد األخطــاء بــل مــن األخطــاء نفســها وان النقــد يفيــد صاحبــه
إذا أخــذ بالصحيــح منــه أكثــر ممــا يضــره الصمــت علــى أخطائــه والســكوت علــى انحرافــه
وهــو يســير باجتــاه الهاويــة.
يف مقابلــة نشــرتها صحيفــة الوحــدة الرســمية – االســبوعية -بعــد حــرب 1994م مباشــرة
(((
مــع اجلنــرال علــي محســن صالــح األحمــر اركان حــرب الفرقــة االولــى مــدرع حينهــا
قــال عبــارة غايــة يف األهميــة ،بهــذا اخلصــوص ومضمونهــا ( ..كنــا نتابــع مــا تكتبــه
صحــف الثــوري وصــوت العمــال والشــورى واملســتقبل واالمــة وكل الصحــف املؤيــدة لقــوى
الــردة واالنفصــال) ونســتفيد ممــا يكتبونــه عنــا ونصحــح يف مســارنا باجتــاه تعزيــز قوتنــا
ووحــدة قرارنــا لهزميتهــم.
ثــم مغادرتــه عمــان الــى الريــاض بــدال مــن عــدن او صنعــاء دور كبيــر يف انقــاب الــراي العــام اليمنــي الــى جانــب صالــح وضــد البيــض معتقديــن بوجــود
مؤامــرة ســعودية ضــد الوحــدة اليمنيــة علــى راســها البيــض نفســه وهــو مــا اســتغلها صالــح وقــام بتفجيــر احلــرب باســم الشــرعية وحفاظــا علــى الوحــدة
وبتأييــد شــعبي كبيــر .
( )7كان حينهــا علــى محســن االحمــر وطــوال فتــرة حكــم صالــح حتــى ثــورة 11فبرايــر 2011م هــو الرجــل الثانــي يف نظــام صالــح وأحــد كبــار مصعــدي
األزمــة وممــن أســهموا إســهاما كبيــرا يف تفجيــر حــرب 94م ويف تفجيــر حــروب الحقــة غيرهــا كحــروب صعــدة الســتة ويف احلــرب الســعودية علــى اليمــن
14
أي انهــم كانــوا قــد اتخــذوا قــرار احلــرب وان مــا كنــا نكتبــه حتذيــرا لهــم ومحاولــة منــا
ملنعهــم ملــا لهــا مــن مخاطــر عليهــم قبــل خصومهــم لــم تكــن متنعهــم عــن الســير نحــو
احلــرب بــل كانــوا يضيفــون إلــى جيوشــهم جيوشــا أخــرى حلســمها وخططــا أكثــر دقــة
النتصارهــم فيهــا أو هكــذا فهمــت ممــا أراد طرحــه يف ذلــك احلــوار الهــام الــذي أنصــح
بالرجــوع إليــه وإعــادة قراءتــه مــن صحيفــة الوحــدة نفســها.
يف املقابــل ظــل البيــض الــذي لــم يكــن معرضــا ألي نقــد جــدي -مــن قبــل العقــاء يف
احلــزب وصحافــة احلــزب وحلفــاء احلــزب -معتقــدا وإلــى آخــر حلظــة ان احلــرب «لــن
تقــوم ألن صالــح يــدرك خطورتهــا عليــه وإذا مــا قامــت فســيتدخل العالــم بســرعة إليقافهــا
وبالتالــي الوصــول إلــى اتفاقيــات جديــدة للوحــدة) بــل انــه اعتقــد أن بــدء صالــح للحــرب
ســيكون لصاحلــه أمــام العالــم متجاهــا وبســذاجة ان العالــم يعمــل ملصاحلــه ويتعامــل مــع
ومــع األمــر الواقــع وان مــن ال وجــود لــه علــى األرض ال وزن لــه يف السياســة وبالتالــي يف
حســاباتهم .
*حــن ســألوا الرفيــق علــي ســالم البيــض يف أول وآخــر مؤمتــر صحفــي عقــده بعــد إعالنــه
االنفصــال الفاشــل يف 21مايــو 1994م بيومــن تقريب ـاً ..ملــاذا لــم تعتــرف بكــم الــدول
بعــد إعالنكــم جمهوريــة اليمــن الدميقراطيــة ؟ حتــى انــه لــم يعلــن االعتــراف بهــا حتــى اآلن
ســوى «جمهوريــة ارض الصومــال» التــي ال يعتــرف بهــا احــد يف العالــم؟ ،رد بإجابــة بــدت
ســاذجة وال ميكــن أن يقولهــا سياســي ناضــج ومخضــرم بحجــم تاريــخ وجتربــة الرفيــق
املناضــل علــي ســالم البيــض «أكيــد ســتبدأ االعترافــات بعــد «الويكنــد» قالهــا باإلجنليــزي
أي بعــد عطلــة نهايــة االســبوع.
وأضــاف مفســرا «أعلنــا جمهوريــة اليمــن الدميقراطيــة فجــر اخلميــس وأمــس كان
يــوم جمعــة واخلميــس واجلمعــة عطلــة كثيــر مــن الــدول العربيــة والســبت واألحــد نهايــة
االســبوع لــدى الــدول األخــرى وأكيــد باتبــدأ االعترافــات العربيــة والدوليــة تتوالــى بعــد
يــوم األحــد «!
لكــن – ويــا لهــول لكــن -مــا ان انتهــى «ويكنــد» االســبوع الثانــي عنــد الــدول التــي ســتعلن
اعترافهــا باالنفصــال حتــى كان البيــض نفســه يف طريقــه إلــى مســقط هاربــا وكانــت مــا مت
15
تطــرق أبــواب املــكال يف حضرمــوت وعلــى مقربــة مــن أبــواب (((
تعريفهــا بقــوات الشــرعية
عــدن.
* قبــل احلــرب بشــهرين تقريبــا وبســبب مــا اعتقدتــه وألول مــرة مــن مؤشــرات العــودة
عــن قــرار الوحــدة لــدى قيــادات يف احلــزب االشــتراكي اليمنــي ومــن ذلــك تزامــن انفجــار
الوضــع يف معســكر باصهيــب يف ذمــار مــع ســفر األمــن العــام املســاعد للحــزب عضــو
مجلــس الرئاســة حينهــا (الرفيــق ســالم صالــح محمــد) إلــى الســعودية((( شــعرت بوجــود
مخطــط انفصالــي وبــأن القــوم ميارســون علــى أنفســهم وعلــى حلفائهــم اخلديعــة ،ففيمــا
(نحــن ندافــع عنهــم وبقــوة كوحدويــن كمــا عهدناهــم إذا بنــا نشــهد مؤشــرات لبعــض
مصداقيــة مــا يقولــه اخلصــوم عنهــم وقــد بقيــت يف ذلــك اليــوم حزينــا ورهــن بعــض
مشــاعر الغضــب والســخط حتــى اننــي لــم أمن.
احلــزب -كصديــق وكرجــل أثــق بــه وأشــكو إليــه -وكانــت الرســالة التــي كتبتهــا بخــط
اليــد مكتظــة باملشــاعر ومحاولــة اخيــرة الكتشــاف مــاذا كانــت هواجســي صحيحــة ام ال
وكان مطلــع الرســالة مصبوغــا بحــزن وشــاعرية هــذه العبــارات »:أكتــب إليــك وعينــاي
مشــرعتان إلــى املجهــول» »....وأصدقــك القــول إننــي وألول مــرة أشــعر بشــيء مــن
املصداقيــة خلطــاب خصومكــم عنكــم وبوجــود توجــه انفصالــي لديكــم ولــدى امينكــم العــام
حتديــدا...
وممــا قلتــه ضمنــا يف تلــك الرســالة احلــادة واملكتوبــة علــى وجــه واحــد مــن الورقــة
»....-يقــال بــان اخلصــم يتطبــع بطبــاع خصمــه بــدون وعــي» ويبــدو أن أمينكــم العــام
األســتاذ املناضــل علــي ســالم البيــض الــذي يتهــم صالــح بأنــه يديــر الدولــة بالتلفــون ومــن
خــارج املؤسســات هــو اليــوم يســير علــى نهــج صالــح وأكثــر ويديــر األزمــة مــن خــارج احلــزب
( )8أطلــق حتالــف احلــرب علــى احلــزب االشــتراكي اليمنــي وحلفائــه توصيــف (قــوى الــردة واالنفصــال) فيمــا أطلــق علــى نفســه
وحتالفــه يف تلــك احلــرب (قــوات الشــرعية الدســتورية) وكال التوصيفــن لــم يكونــا دقيقــن حتــى أعلــن البيــض االنفصــال الفاشــل
مســاء 21مايــو1994م
( )9انفجــر الوضــع عســكريا يف معســكر باصهيــب بذمــار وكان قائــده حينهــا األخ غيــر الشــقيق لوزيــر الدفــاع آنــذاك (جــواس)
مرتــن األولــى قبــل احــداث معســكر عمــران والثانيــة بعدهــا.
16
ومــن خــارج مؤسســات الدولــة واحلــزب ال يعمــل شــيء ســوى مســايرته وحتويــل «حنقاتــه»
وانفعاالتــه املســتمرة ...أي ان البيــض اليــوم بحاجــة إلــى مــن يعيــده إلــى ذاتــه والــى
تاريخــه النضالــي «
وأضفــت وانــا انقلهــا هنــا مــن الذاكــرة ال بنصهــا «اســتغرب كيــف ان هنــاك يف احلــزب عق َ
ال
كبيــراً وراجح ـاً بحجــم عقــل الدكتــور ياســن وجتربتــه وال يتدخــل لتهدئــة األوضــاع وفتــح
(((1
نوافــذ للحــل ...ثــم كيــف اســتطعتم أن متــدوا أيديكــم لــكل أعــداء احلــزب التاريخيــن
وال تســتطيعون أن متدوهــا إلــى شــريككم يف الوحــدة لتخففــوا مــن حالــة االحتقــان التــي
ســتجر النــاس إلــى احلــرب حتمــا ...
لقــد وضــع البيــض وخطاباتــه علــي عبــد اهلل صالــح يف الزاويــة ولــم يعــد لــه مــن مخــرج
للدفــاع عــن نفســه ســوى احلــرب والقطــة التــي ال تتــرك لهــا طريــق لتهــرب ســتقاتل
بشراســة «
وجــاء يف الرســالة والتــي ال آزال اتذكــر مضامينهــا جيــدا «واذا مــا نشــبت احلــرب فإننــي
أرى االنهيــار الكبيــر للحــزب االشــتراكي اليمنــي وملشــروعه الوطنــي أمــام ناظــري» وختمتها
بعبــارة كنــت مــاأزال أحفظهــا مــن نشــيد كان االشــتراكيون يــرددون كلماتهــا لنحفظها ونحن
يف االبتدائــي قائــا :نحــن مــع مشــروع احلــزب يف الوحــدة والدميقراطيــة ولــن نقــف إال
مــع «اليمــن اجلديــد الواحــد احملــروس بالثــورة ..ســيلتم الشــتات جــداول خضــراء يوحــد
أرضنــا احلــرة»
وبعــد ان أكملــت الرســالة بعثتهــا عبــر فاكــس صحيفــة االمــة بصنعــاء الــى فاكــس منــزل
الدكتــور ياســن ســعيد نعمــان بعــدن وبعدهــا شــعرت بشــيء مــن االرتيــاح وكأن ثقــا قــد
انــزاح عــن كاهلــي .
ومســاء ذلــك اليــوم اتصــل بــي الدكتــور ياســن ســعيد نعمــان تلفونيــا وهــو يف حالــة انفعــال
شــديد -متأملــا وحزينــا -أن يكــون لــدي هــذا االنطبــاع عــن وجــود نوايــا فضــا عــن
( )10كان البيض وبنصائح من خارج احلزب قد استدعى إلى عدن كال من مكاوي وشيخان احلبشي وغيرهما من خصوم
احلزب التاريخيني
17
توجهــات نحــو االنفصــال داخــل احلــزب االشــتراكي اليمنــي نافي ـاً ذلــك نفي ـاً قاطع ـاً بــل
وســمعته يقســم « واهلل يــا أخ محمــد هــذا غيــر موجــود» ولــم تطــرح فكــرة العــودة عــن
الوحــدة او التلويــح باالنفصــال ال صراحــة وال ضمنــا يف أي مــن هيئــات احلــزب وقياداتــه
وال يف أي اجتمــاع رســمي و غيــر رســمي».
واحلقيقــة انــه كان صادقــا معــي وكنــت متيقنــا انــه يقــول الصــدق ولكنــه كان يتحــدث عــن
قيــادة احلــزب يف املكتــب السياســي واللجنــة املركزيــة كهيئــات حزبيــة معنيــة مباشــرة مبثــل
هــذه التوجهــات اخلطيــرة وبالفعــل فقــد تأكــد ان احلــزب االشــتراكي اليمنــي كحــزب
وكهيئــات لــم يكــن لــه أي عالقــة البتــة بقــرار اعــان االنفصــال الفاشــل الــذي اعلنــه البيــض
قبــل أســابيع مــن انتهــاء احلــرب وحتديــدا فجــر 21مايــو1994م .
* بعــد تلــك الرســالة بأيــام قليلــة فقــط قــرأت يف الصحــف الرســمية برقيــة تهنئــة مــن
قبــل الدكتــور ياســن ســعيد الــى الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح مبناســبة عيــد الفطــر
املبــارك وكأن اول تواصــل بــدا وديـاً بــن قيــادي كبيــر مبكانــة الدكتــور باســن ســعيد نعمــان
والرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح بعــد انقطــاع لفتــرة ســاد خاللهــا تبــادل التصريحــات
الناريــة بــن الرئيــس ونائبــة مــن ناحيــة وعــدد مــن قيــادات وصحــف طــريف االزمــة حينهــا
مــن ناحيــة اخــرى.
ليــس هــذا وحســب بــل وتضمنــت برقيــة التهنئــة مــا اعتبــر انفتاحــا كبيــرا قــد يخفــف مــن
تصاعــد االزمــة باجتــاه احلــرب وهــو قولــه الشــهير انــه «مــن املمكــن ان نبــدأ بتطبيــق وثيقــة
العهــد واالتفــاق مــن خــال انتخابــات احلكــم احمللــي وليــس شــرطاً ان نبــدأ بتطبيقهــا وفقــا
لتراتبيــة بنودهــا «!
كان الدكتــور ياســن يعلــم جيــدا طبيعــة االزمــة وقــد وضــع اصبعــه علــى اجلــرح وعلــى اهــم
قضايــا وثيقــة العهــد واالتفــاق معتقــدا وهــو علــى حــق ان احلكــم احمللــي والبــدء بإجــراءات
انتخــاب ســلطاته هــي ركيــزة الوحــدة ومدماكهــا الراســخ واهــم عناويــن ومضامــن وثيقــة
العهــد (احلكــم احمللــي) وهــي ان اقــرت مــن ستســحب البســاط مــن القــوى النافــذة عــن
ممارســة االســتفراد بالســلطة .
18
ومثلمــا كان يــدرك وبــذات الدرجــة ان توقــف احلــزب عنــد نقطــة توجيــه اصابــع االتهــام
لألطــراف التــي وقفــت وراء جرائــم االغتيــاالت واملطالبــة مبحاكمتهــا كمــا هــو يف البنــود
االولــى مــن وثيقــة العهــد لــن يــؤدي اال الــى احلــرب .الن مــن يقــف وراء تلــك اجلرائــم
التــي طالــت قيــادات محليــة ومركزيــة يف احلــزب االشــتراكي هــم قيــادات عليــا يف ســلطة
صالــح وحلفائــه مــن االخــوان املســلمني والقــوى االصوليــة واملشــيخية وبالتالــي فلــن تســارع
هــذه القــوى الــى القبــض علــى نفســها وتقدميهــا للمحاكمــة كمــا كان يطالــب البيــض مــن
ناحيــة كمــا ان تأجيــل النقطــة االولــى يف الوثيقــة ال يعنــي التخلــي عنهــا كجــزء اساســي
مــن وثيقــة االجمــاع الوطنــي بقــدر مــا ان اثارتهــا والتوقــف عندهــا قــد يفجــر احلــرب واذا
قامــت احلــرب ألغيــت وثيقــة العهــد وبالتالــي الغيــت اهــم القضايــا الوطنيــة التــي تضمنتهــا
الوثيقــة كتطبيــق احلكــم احمللــي .
أي انــه وبتلــك البرقيــة القصيــرة قــد أراد وبــذكاء سياســي ليــس فقــط التخفيــف مــن حــدة
اخلالفــات التــي بــدت شــخصية بــن الرئيــس صالــح ونائبــه البيــض وحســب بــل ومحاولــة
معاجلــة جــذور االزمــة الوطنيــة نفســها بالعمــل علــى توســيع الشــراكة والالمركزيــة املاليــة
واالداريــة ولــو ان اآلخريــن اســتمعوا لــه وهــو ينــادي بإجــراء االنتخابــات احملليــة قبــل
االنتخابــات البرملانيــة( ((1ثــم باصــراره عليهــا كعنــوان لتخفيــف التوتــر وايقــاف عجلــة
الصــراع ملــا ســارت االمــور باجتــاه احلــرب مــن وجهــة نظــري .
لكــن هــذا لــم يــرق للطــرف الــذي كان كمــا يبــدو قــد اتخــذا قــرارا باالجتــاه االخــر داخــل
قيــادة احلــزب ففــي اليــوم التالــي تقريبــا لتصريحــات ياســن صــدرت صحيفــة صــوت
العمــال وهــي حتمــل علــى صــدر صفحتهــا االولــى تصريحــا مثيــرا واســتفزازيا لنائــب
الرئيــس علــي ســالم البيــض لــم يفهــم منــه اال أنــه ردا جارحــا واســتفزازيا وبــا لياقــة
سياســية علــى تصريحــات ياســن وجــاء فيهــا ومبــا نصــه (تطبيــق وثيقــة العهــد يبــدأا
مــن الســطر االول والنقطــة االولــى « وال تأجيــل أو مســاومة يف هــذه االمــر وهكــذا ســارت
االمــور بالضبــط كمــا ارادهــا حتالــف صالــح أي عــدم حــل االزمــة وتفجرهــا حربــا .
( )11اجريــت حــواراً صحفي ـاً مــع الدكتــور ياســن ســعيد نعمــان بعــد انتخابــات 1993م البرملانيــة ويف اوج االزمــة وبعــد جرميــة
محاولــة اغتيالــه باطــاق صــاروخ «لــو» الــى غرفــة نومــة بصنعــاء وحينهــا اجــاب علــى الســؤال قائــا كنــا نطالــب بإجــراء االنتخابــات
احملليــة قبــل البرملانيــة ولــو انهــم قبلــوا بذلــك ملــا عشــنا هــذه االزمــة اخلطيــرة ولعاجلنــا مبكــرا جــذور ازمــة الصــراع علــى الســلطة
املركزيــة ..احلــوار نشــر يف الصفحــة االخيــرة مــن صحيفــة االمــة حينهــا.
19
* بعــد احلــرب بأشــهر ويف اوقــات مختلفــة ســمعت ومــن جهتــن مختلفتــن عــن تلــك
الرســالة التــي بعثتهــا الــى الدكتــور ياســن ســعيد .
اجلهــة االولــى هــي احلــزب وعلــى لســان الرفيــق الدكتــور ســيف صائــل خالــد عضــو املكتــب
السياســي حينهــا الــذي اخبرنــي انــه اطلــع مــع اخريــن علــى رســالتي تلــك وان الرفيــق
ياســن وزعهــا علــى عــدد مــن اعضــاء املكتــب السياســي وانهــم عندمــا اطلعــوا عليهــا كانــت
تواســيهم يف تلــك احلــرب التــي لــم يكونــوا جــزءاً منهــا اال بكونهــم املســتهدفني بهــا كحــزب
وكمشــروع .
أي ان كثيــراً ممــا ورد يف الرســالة حتقــق لألســف مبــا يف ذلــك اعــان البيــض لالنفصــال
الفاشــل ومتزيــق احلــزب وتشــريد قيادتــه دون ارادة مــن احلــزب ولكــن بســبب عــدم اتخــاذ
(((1
احلــزب القــرار املناســب يف الوقــت املناســب جتــاه اخطائــه قبــل اخطــاء اآلخريــن
اجلهــة الثانيــة هــو أحــد ضبــاط اجليــش او األمــن – ال أعرفــه شــخصيا -وقابلتــه
بالصدفــة بعــد اشــهر مــن احلــرب وقــال انــت محمــد املقالــح قلــت نعــم قــال وجدنــا لــك
رســالة عنــد االنفصاليــن يف عــدن وعلــى طــول تذكــرت الرســالة التــي بعثتهــا الــى الدكتــور
ياســن قبــل احلــرب فقلــت لــه ســاخرا «هــل وجــدمت مــا يديننــي او يديــن الدكتــور ياســن
فيهــا» قــال ابــدا واضــاف انــت مخــدوع «كلهــم انفصاليــون ال تصدقهــم « قلــت يف نفســي
لــن تكــون انــت مــن يحــدد مــن هــو الوطنــي ومــن هــو اخلائــن بــل التاريــخ ولكــن املهــم اننــي
عرفــت انــه كان يقصــد الرســالة اياهــا واحلقيقــة انــه ال يوجــد غيرهــا اصــا .
*يف الثالثــة األيــام االولــى مــن حــرب 94م بقيــت يف صنعــاء ال اغــادر املنــزل وكانــت صنعــاء
كئيبــة واجلميــع يف بيتنــا يشــعرون باخلــوف علــى حياتــي وحريتــي وكنــا نتوقــع يف أي
حلظــة مــن الليــل او النهــار مداهمــة بيتنــا واعتقالــي كواحــد مــن أنشــط حلفــاء االشــتراكي
( )12لــم اكــن حــن بعثــت الرســالة عضــوا يف احلــزب االشــتراكي بــل قياديـاً يف حــزب حليــف لــه هــو حــزب احلــق اســتهدف مــع
االشتراكي واحزاب معارضة اخرى يف تلك احلرب
20
حينهــا( ((1وكان يعاظــم مــن هــذه املخــاوف اننــي ال اســتطيع االتصــال بأحــد وال أعــرف أيــن
جرفــت احلــرب برفاقــي واصدقائــي وكانــت اليمــن كلهــا يعمهــا اخلــوف والترقــب واجلميــع
يتابعــون أخبــار احلــرب مــن الراديــو فقــد قطعــت الســلطة بصنعــاء الكهربــاء مركزيــا يف
اليــوم األول مــن احلــرب وكذلــك خــط التلفــون األرضــي -ولــم يكــن قــد وجــد التلفــون
اجلــوال – وادعــت ان مــن كانــت تســميهم بقــوى الــردة واالنفصــال هــم مــن قصفــوا
محطــة الكهربــاء التحويليــة يف ذمــار!
لكــن الســلطة لــم تكــن صادقــة فقــد كان ذلــك «الظــام» صوتــا وصــورة جــزءاً أساســياً مــن
خطــة احلــرب التــي أخذتهــا لقطــع التواصــل مــع املقاتلــن يف الطــرف اآلخــر وتشــتيتهم
وحصارهــم حتــى عــن تقــدمي املشــورة بالتلفــون وعلــى خلفيــة احلــرب كانــت صنعاء يســودها
الظــام يف الليــل ويســودها الصمــت والترقــب يف النهــار واليمــن كلهــا غطــت طــوال احلــرب
يف ظــام دامــس.
*وبضغــط مــن أمــي وإخواتــي وزوجتــي غادرنــا جميعــا الــى القريــة وفيهــا وجــدت احليــاة
افضــل قليــا والنــاس يف املقايــل منقســمني علــى بعضهــم مثــل بقيــة اليمنيــن وان كان مــن
يقفــون مــع مــا اســموها الشــرعية اكثــر جــراءة يف احلديــث عــن خيانــة الطــرف اآلخــر
وعــن انتصــارات قــوات الشــرعية ،ومثــل مــا هــو موقفــي ظللــت منحــازا بعاطفتــي ووجدانــي
الــى جانــب البيــض واحلــزب االشــتراكي رغــم اننــي كنــت اشــعر انهــم مهزومــون عســكرياً
لألســف وبقيــت اعبــر عــن موقفــي بصراحــة ضــد حتالــف صالــح واإلصــاح واجلماعــات
املتطرفــة طــوال فتــرة اإلقامــة اجلبريــة التــي فرضتهــا وفرضتهــا أســرتي علــي يف القريــة.
*يف أحــد املقايــل الصاخبــة بالنقــاش حــاول أحــد األخــوة ممــن لهــم صلــة مباشــرة بأجهــزة
االمــن يف صنعــاء اســكاتي بالتخويــف قائــا وبصريــح العبــارة « مــن يقــف مــع االنفصاليــن
ســنبلغ بــه أمــن النــادرة ((1() ....ولكنــه لــم يكمــل الكلمــة حتــى ســمع منــي رداً قويـاً وبعضــه
مســتفزا قائــا «بلــغ النــادرة واهلل اننــي ال أخــاف ال منــك وال مــن النــادرة وال مــن صالــح
اجلــز« ....
( )13كنــت مســتهدفا حينهــا ليــس الننــي كاتبــا معارضــا وبقــوة للرئيــس صالــح وحتالفــه االخوانــي يف تلــك االزمــة بــل وألننــي كنــت
قياديــا يف حــزب يعتبــره النظــام احــد اخطــر حلفــاء االشــتراكي ولــو لــم يوجــد االشــتراكي وحرصــه علــى الســماح بانشــاء االحــزاب
ملــا ســمح لــه ان يقــوم خصوصــا واهــم التهــم التــي كانــت توجــه اليــه هــي تهمــة امللكيــة واالماميــة التــي كانــت رائجــة يف خطــاب
االصــاح واملؤمتــر قبــل وبعــد الوحــدة وقبــل وبعــد احلــرب !
( )14أي التبليغ بكوني مع قوى االنفصال الى اجهزة االمن يف مديرية النادرة العتقالي قريتنا املقالح تتبع اداريا النادرة
21
غــادرت املقيــل غاضبــا ويف اليــوم التالــي أتــى أهــل القريــة ومعهــم صاحــب التلويــح او
التهديــد لالعتــذار فشــكرتهم علــى مشــاعرهم وقلــت لهــم «مافيــش حاجــة وهــذا يحصــل
يف النقاشــات العاديــة فمــا بالــك ونحــن يف حــرب» وقــد نســيت مــا حــدث مــن إشــكال مــن
حلظتهــا ولــم أحمــل أي مشــاعر ضغينــة او انتقــام جتــاه احــد وهلل احلمــد .
* كانــت اإلذاعــات (احملايــدة) كإذاعــة لنــدن مثــا تتحــدث عــن تقــدم قــوات الشــرعية
باجتــاه عــدن وكنــت قــد وصلــت الــى نتيجــة حاســمة وهــي ان البيــض لــم يعمــل حســابه رغــم
كل خطاباتــه السياســية احلــادة إلمكانيــة انفجــار احلــرب او انــه كان يف بدايــة اإلعــداد
لهــا خصوصـاً إذا حســبنا صفقــة االتصــاالت العســكرية التــي اســتولى عليهــا صالــح عبــر
القرصنــة علــى إحــدى الطائــرات املدنيــة وإنزالهــا يف احلديــدة بــدالً مــن عــدن ثــم شــراء
الطائــرات احلربيــة واملدفعيــة األوكرانيــة والروســية ذاتيــة احلركــة والتــي دفعــت الســعودية
ثمنهــا ووصلــت اثنــاء وبعــد إنتهــاء احلــرب الــى يــد الرئيــس صالــح نفســه بعــد هــروب
البيــض ومســدوس وآخريــن خــارج الوطــن.
ومــع أن البيــض ونفــر قليــل مــن رهطــه يف قيــادة احلــزب قــد تعاملــوا مــع االزمــة واحلــرب
وكأنهــا تخصهــم شــخصياً أو تخــص «اجلنوبيــن» وال تخــص احلــزب االشــتراكي اليمنــي
وانصــاره وابنــاء شــعبه او أي مــن مؤسســات الدولــة -التــي كان البيــض علــى رأســها
وميتلــك حزبــه نصــف ســلطتها -إال أنهــم لألســف لــم يتحملــوا أي مســؤولية يف ادارة
احلــرب ال سياســياً وال عســكرياً بــل انــه وقبــل ســاعات مــن انــدالع احلــرب كان قــد غــادر
عــدن إلــى املــكال تــاركا اجلفــري( ((1ليديــر احلــرب سياســيا مــن عــدن.
وظلــت ألويــة اجليــش احملــدودة واملفككــة تقاتــل بــا قيــادة سياســية بــل تركــت ملواجهــة
مصيرهــا ميدانيــا بقيــادة وزيــر الدفــاع هيثــم قاســم طاهــر دون ان متنحهــا القيــادة
السياســية يف املــكال او يف عــدن حــق اتخــاذ القــرار املناســب يف الوقــت املناســب حتــى
( )15املقصود االستاذ عبد الرحمن اجلفري امني عام رابطة ابناء اليمن ( ابناء اجلنوب سابقا ) الذي اعلنه البيض نائبا
للرئيس -أي نائبا له -بعد اعالن قرار االنفصال الفاشل يف 21مايو1994م
22
يف التخطيــط لهجــوم معاكــس واحــد طــوال فتــرة احلــرب وحتــى يف كيفيــة االنســحاب او
االتفــاق ميدانيــا علــى وقــف احلــرب!
*وهكــذا وجــد اجليــش الــذي نشــأ ومت تربيــة جنــوده وضباطــه وألويتــه ووحداتــه علــى
عقيــدة الدفــاع عــن اليمــن والوحــدة اليمنيــة بــا قضيــة يف أحســن األحــوال ومــن أجــل
إعــادة تقســيم اليمــن يف أســوئها أي ان اجلنــود والضبــاط الذيــن خاضــوا احلــرب حتــت
قيــادة سياســية علــى رأســها اجلفــري كانــوا يقاتلــون ضــد ذاكرتهــم وقضيتهــم وبــا
معنويــات وال يجــدون يف الســطح السياســي ســوى طرفــن األول هــو اجلفــري وخطــاب
املشــايخ والســلطنات التــي ســبق أن أســقطتها اجلبهــة القوميــة مــن أجــل وحــدة اليمــن
الدميقراطــي وتوحيــد اليمــن عمومــا .
والثانــي هــو صالــح والشــيخ األحمــر واالخــوان املســلمون والقــوي الرجعيــة يف اليمــن
واملنطقــة والذيــن قضــوا نصــف أعمارهــم وهــم يحاربــون ضــد وحــدة اليمــن وإذا بهــم
اليــوم رمــوزاً وطنيــة تدافــع عــن وحــدة اليمــن ويــا لهــا مــن مفارقــة حــن يكــون االنفصالــي
وحــدوي والوحــدوي انفصالــي !
تلــك هــي احلكايــة وأســاس نهايــة حــرب 94م ســريعا ولصالــح األطــراف التــي متســكت
بالوحــدة وقاتلــت حتــت يافطتهــا حتــى وقــد قاتلــت يف احلقيقــة مــن أجــل االســتفراد
بالســلطة وضــرب شــركاء الوحــدة فمــن مينــع مجــداً وطنيـاً علــى طريــق دفاعــه عــن حكمــه
وســلطته لــن يرفضــه بــل سيتمســك بــه وهــذا ماعمــد صالــح وحلفائــه.
يف املقابــل فــان اهلل ال يحمــي املغفلــن وهــذا مــا لــم يدركــه البيــض وحلفــاؤه يف األزمــة
واحلــرب فهزمــوا وانتصــر صالــح عســكريا باســم الوحــدة وان لــم ينتصــر سياســيا ووطنيــا
لليمــن واليمنيــن بعــد ذلــك .
23
وقع إعالن االنفصال !...
*ليلــة 21مايــو1994م -ويــا لهــا مــن ليلــة ليــا -ســهرت طويــا وانــا اتابــع اخبــار احلــرب
بألــم شــديد ولــم يكــن يســليني ســوى نشــيد « يــا ســام ثــوري علــى جيــش شــعبي ) الــذي
ظلــت تــردده إذاعــة عــدن طــوال احلــرب وظــل يذكرنــا بيمنيتنــا وبقتالنــا ضــد اإلجنليــز
وقــوى الرجعيــة امــام كــم هائــل مــن اخلطــاب االنعزالــي والســاطيني الــذي ال صلــة لنــا بــه
كيمنيــن وباألخــص االشــتراكيني وبقيــة القــوى الوطنيــة إال مــن كونــه يســتهدفنا.
وعنــد منتصــف تلــك الليلــة تقريبــا ســمعت خطابـاً للبيــض مــن إذاعــة عــدن وهــو يخاطــب
مجاميــع قليلــة مــن النــاس يف املــكال كانــت قــد جمعــت لــه علــى عجــل كمــا يبــدو وكمــا كانــت
بعــض هتافاتهــم االنفصاليــة مســايرة خلطــاب البيــض نفســه .
وقــد ورد يف اخلطــاب وعلــى لســان الرجــل « مثلمــا أعلنــا قــرار الوحــدة ســنعلن القــرار
اآلخــر» وأضــاف وبلغــة مــا كان لقائــد سياســي يتحلــى ولــو بشــيء يســير مــن احلصافــة ان
يقولــه حتــى ولــو كان يؤمــن بــه «هــم مختلفــون عنــا يف ملبســنا ومأكلنــا و و « !
يــا الهــي ايــن وصــل الرجــل مــن هبــوط يف خطابــه وكــم كان ذلــك يحــز يف نفســي ويــا
للمفارقــة بــن قولــه امــام االالف يف الســبعني بالعاصمــة صنعــاء وهــو يخاطــب املاليــن مــن
اليمنيــن يف الســبعني ويف طــول اليمــن وعرضهــا وجنوبهــا وشــمالها قائــا (وحــدة الــى
االبــد الــى االبــد الــى االبــد) وبــن خطــاب يتحــدث عــن فــروق املــأكل وامللبــس بــن اليمنيــن
مبتهجــا وهــو يســتمع إلــى نفــر قليــل مــن املصفقــن واملصفريــن يف زاويــة ضيقــة ال يراهــا
احــد ســوى البيــض ومفــردات خطابــه ذاك .
لقــد كان هــذا مؤشــرا واضحــا بالنســبة لــي بــأن الرجــل علــى وشــك أن يرتكــب آخــر
حماقاتــه وأكبرهــا نكايــة بنفســه وبتاريخــه عبــر إعــان بائــس لــن يكــون لــه مــن تأثيــر
ســوى منــح الرئيــس صالــح وحلفائــه يف احلــرب مــا كانــوا يبحثــون عنــه طــوال فتــرة االزمــة
واحلــرب ليثبــت صحــة كل مــا كانــوا يقولــوه كذبـاً عــن انفصاليــة البيــض واالشــتراكي ولكــن
(((1
بأثــر رجعــي
( )16العبــارة وردت يف احــد تصريحــات الشــهيد جــار اهلل عمــر يف اجابتــه علــى رأيــه يف تاثيــر قــرار االنفصــال بعــد أشــهر مــن
عودتــه الــى صنعــاء قائــا ( القــرار لــم يكــن لــه أي تأثيــر يف مجريــات احلــرب ســوى انــه منــح مــن اعلنــوا احلــرب شــرعية لــم تكــن
متتلكهــا ولكــن باثــر رجعــي)
24
املفارقــة أيضــا أن إذاعــة صنعــاء كانــت قــد اذاعــت يف الســاعة احلاديــة عشــر مــن ذلــك
املســاء خبــر إتصــال أجــراه فهــد بــن عبــد العزيــز آل ســعود ملــك الســعودية مــع الرئيــس
صالــح معلنــا وقوفــه مــع الوحــدة !
أغلقــت املذيــاع بعــد خطــاب البيــض ومنــت حزينــا كمــا لــم أحــزن مثلــه مــن قبــل ولــم
أنهــض إال وأخــي ينادينــي قائــا «محمــد محمــد قــم قــم البيــض يعلــن قــرار االنفصــال «
يــا للطامــة .
ومــع أننــي كنــت قــد توقعــت األمــر كمــا أشــرت آنفــا اال إننــي شــعرت وأنــا اســمعها بلســان
البيــض صريحــة « نعلــن جمهوريــة اليمــن الدميقراطــي علــى احملافظــات الســت) أننــي
كمــن ينشــق نصفــن متذكــرا مصيــر ماليــن اليمنيــن ممــن أملــوا ان يكــون لهــم حضــورا
ومكانــة يف بلدهــم عبــر شــراكة احلــزب االشــتراكي كيــف لهــذا ان يتركهــم للذئــاب بعــد أن
منــح صالــح وخطابــه اإلعالمــي مصداقيــة يف دفاعــه عــن الوحــدة ؟
لقــد وضــع البيــض اليمنيــن عمومــاً وأعضــاء حزبــه وأنصــاره يف كل اليمــن يف حالــة
انعــدام الــوزن تنتابهــم مشــاعر مضطربــة مــن اخلــوف مــن املســتقبل واحلــزن علــى احللــم
الوطنــي والغضــب مــن أنفســهم كيــف صمتــوا قبــل كل هــذا علــى كل هــذا العبــث واملهــازل
التاريخيــة التــي نشــاهد نتائجهــا اليــوم هكــذا مــرة واحــدة .
أصبــح هــذا هــو الوضــع املربــك الــذي وضعنــا فيــه اعــان البيــض حتــى أن كان الواحــد
منــا ويف نفــس الوقــت يخــاف مــن ان تنتهــي احلــرب قبــل احلفــاظ علــى الوحــدة ويخــاف
مــن هزميــة احلــزب ومشــروعه الوطنــي الدميقراطــي ومــا كان ميثلــه مــن تــوازن يف الســلطة
ومظلــة للتعدديــة والدميقراطيــة وبالتالــي انتصــار أصحــاب املشــروع البديــل أي أي مشــروع
االســتفراد بالســلطة ورفــض الشــراكة وحكــم الغلبــة والفيــد والتطــرف وحتالــف اجلماعــات
االصوليــة والرجعيــة مع ـاً ولــن أنســى كــم كان صالــح ســعيداً حــن قــرر بعــد ســاعات مــن
إعــان البيــض لالنفصــال والذهــاب الــى اجلامــع الكبيــر ليخطــب يف املصليــن بعــد صــاة
العيــد فرحـاً باعــان هزميــة االشــتراكي والبيــض.
25
ولألمانــة اننــي لــم أعــش احلالــة نفســها او اقــل قليــا (حالــة احلــزن و القهــر واملــرارة
وخيبــة األمــل والشــعور بنهايــة حلــم كبيــر) اال بعــد ذلــك بـــ ١٤عامـاً تقريبــا وحتديــدا اثنــاء
ســماعي خلطــاب علــي محســن صالــح االحمــر وهــو يعلــن انضمامــه لثــورة الشــباب مــن
قنــاة اجلزيــرة يف 21مــارس 2011م وحينهــا شــعرت وكأن االرض تنشــق بــي قائــا «لقــد
انتهــى االمــر وســرقوا حلمنــا مــن جديــد قاتلكــم اهلل يــا أخــوان ويــا مشــترك ويــا كل مــن
ســيوافق او يصمــت علــى هــذه الســرقة التاريخيــة حللــم اليمــن يف التغييــر للمــرة العاشــرة
بعــد االلــف !
*انتهــت حــرب صيــف 1994م لصالــح حتالــف مــا عــرف بقــوات الشــرعية مقابــل هزميــة
مــن أســموها بقــوى الــردة واالنفصــال وتشــرد البيــض وقيــادات احلــزب يف املنــايف وعــاد
صالــح مزهــوا بشــرعية احلفــاظ علــى الوحــدة ومتفــردا بالســلطة مــن جديــد ومــع ان
التوصيفــن معــا لــم يكونــا كذلــك اال ان هــذا هــو مــا ســجله التاريــخ لألســف الشــديد .
*بالطبــع لــم نســلِّم بخطــاب املنتصريــن يف احلــرب العســكرية تلــك وظللنــا ندافــع عــن
احلــزب االشــتراكي اليمنــي ومشــروعه الوطنــي الدميقراطــي بقــوة قبــل ان ننتمــي الــى
صفوفــه رســميا بعــد عشــر ســنوات مــن تلــك احلــرب اللعينــة وبعــد أشــهر مــن كارثــة اخــرى
نزلــت علــى احلــزب االشــتراكي ممثلــة بجرميــة اغتيــال الشــهيد جــار اهلل عمــر .
أي انــه وبقــدر مــا اعتبــرت نهايــة احلــرب بنتيجــة احلفــاظ علــى الوحــدة اليمنيــة وســقوط
مؤامــرة االنفصــال والتمــزق جيــدة اال اننــي وغيــري ظللنــا نقــف مــع احلــزب االشــتراكي
اليمنــي رافضــن سياســة الطــرف املنتصــر وخضنــا نضــاالً مريــراً مــن أجــل اســتعادة دولــة
املواطنــة والشــراكة ونظامهــا الوطنــي الدميقراطــي الــذي مثلتــه دولــة الوحــدة اليمنيــة
املعلــن عنهــا يف 22مايــو 1990م.
ويف ســبيل ذلــك تلقيــت شــخصياً ورفاقــي يف احلــزب وخارجه عنــت ومالحقات ومحاكمات
واعتقــاالت مــن قبــل ســلطة 1994/7/7م دون ان نتــردد عــن قــول مــا نؤمــن بــه مثلمــا لــن
نتخلــى عــن مــا نحملــه وندافــع عنــه مــن القضايــا الوطنيــة الكبــرى.
26
واذا كان هنالــك مــن دروس نســتفيد فيهــا مــن اخطــاء رفاقنــا يف حــرب 1994م ومــا قبلهــا
ومــا بعدهــا فهــو اننــي شــخصيا قــررت ان ال اصمــت -ومــن يومهــا -علــى أي خطيئة كبرى
يرتكبهــا حزبــي او الطــرف الــذي اقــف معــه وأحمــل مشــروعه الوطنــي ســواء كان حزبـاً او
قائــداً او تيــاراً خصوصــا اذا كانــت هــذا االخطــاء تتعلــق مبصائــر الشــعب والوطــن ووحــدة
التــراب الوطنــي وأمنــه القومــي فحينهــا يكــون الصمــت والتغاضــي جــزءاً مــن املؤامــرة.
وكــم مــن مؤامــرات لــم يكــن لهــا ان تتحقــق لــوال صمــت املطلعــن ومســايرة املثقفــن
والكتَّــاب واســاتذة اجلامعــات واألدبــاء واملبدعــن ملــا يرونــه امــام أعينهــم مــن كــوارث
واخطــاء يرتكــب مــن يدعــون حمــل أحالمهــم ومشــاريعهم الوطنيــة ويحققــون بأخطائهــم
وخطاياهــم وخياناتهــم مــا يعجــز األعــداء عــن حتقيقــه .
* انطباعاتــي وشــهادتي -كمــا ســجلتها هنــا -علــى وقائــع واحــداث عشــتها يف ازمــة وحــرب
94م ومنهــا بعــض مــن أخطــاء قيــادة احلــزب االشــتراكي اليمنــي يف تلــك الفتــرة والتــي كان
لهــا نتائــج كارثيــة كمــا أســلفنا ال تعنــي ان االشــتراكي هــو مــن بيــت احلــرب وســعى اليهــا
مــن وقــت مبكــر مــن اعــان الوحــدة اليمنيــة املجيــدة بــل مــن بيتهــا هــو الطــرف اآلخــر ومــن
عــرف بتحالــف احلــرب واملنتصريــن عســكريا فيهــا وهــو مــا ســتجدون بعــض مــن جتلياتــه
يف طيــات هــذا الكتــاب وفصولــه املختلفــة هــذا اوالً.
* وامــا ثانيــا فــان هــذا الكتــاب (ازمــة الدميقراطيــة االجرائيــة اليمنيــة) ال يــؤرخ اكادمييــا
لتلــك احلــرب وال خللفياتهــا وتداعياتهــا بقــدر مــا يرصــد ويحلــل عبــر عــدد مــن التقاريــر
واملقــاالت لتلــك االســتحقاقات االنتخابيــة التــي أجريــت يف اليمــن بعــد اعــان دولــة الوحدة
يف 22مايــو90م بــدا مــن اســتحقاق االســتفتاء علــى دســتور اجلمهوريــة اليمنيــة 16 -15
اغســطس 1991م وحتــى آخــر انتخابــات رئاســية يف 20ســبتمبر 2006م ولكــن احلــرب
وتداعياتهــا لــم تكــن لتتركنــا وال لتتــرك مــا حــدث بعدهــا دون ان تؤثــر عليــه بنتائجهــا
الســلبية وعلــى كل املســارات الوطنيــة .
27
ا حلوالــي ســبعة * خــال ســبعة فصــول مــن الكتــاب ســتجدون رصــداً وأحصــاء وحتلي ـ ً
اســتحقاقات انتخابيــة ودســتورية أجريــت يف اليمــن خــال تلــك الفتــرة ومعظمهــا كتــب
يف حينــه أي قبــل وبعــد كل اســتحقاق منهــا علــى حــده أمــا علــى صيغــة تقاريــر وقــراءات
سياســية لظــروف االنتخابــات واهدافهــا ونتائجهــا السياســية ســبق ان قــدم بعضهــا للحزب
االشــتراكي اليمنــي لتضمينهــا تقاريــره السياســية اثنــاء انعقــاد دورات جلنتــه املركزيــة او
مؤمتراتــه العامــة كمــا هــو احلــال يف مــا تضمنــه الفصــل اخلامــس عــن االنتخابــات احملليــة
(2003م ) أو علــى صيغــة اوراق بحثيــة وحتليليــة ونقديــة قــدم بعضهــا يف حلقــات نقــاش
او يف مراكــز بحــوث كمــا هــو حــال الفصــل الثانــي (االنتخابــات الرئاســية االولــى 1999م).
مــع مالحظــة ان جميعهــا خضعــت اثنــاء اعدادهــا للنشــر يف هــذا الكتــاب لالضافــة
والتعديــل او كتابــة مقدمــات توضيحيــة لهــا ولكــن كل تعديــل باالضافــة كنــت أشــير إليــه
ويتــم تقويســه علــى خــاف مــا مت اختصــاره مــن تلــك التقاريــر التفصيلــة التــي بــدت غيــر
مفيــدة اليــوم وباالضافــة الــى تلــك التقاريــر يتضمــن الكتــاب تلــك الكتابــات واملواقــف التــي
نشــرتها لــي صحــف املعارضــة والصحــف اخلليجيــة ووســائل اإلعــام املختلفــة عــن تلــك
االنتخابــات واالســتحقاقات الدســتورية ومواقــف االطــراف املختلفــة فيهــا .
علــى أن اجلــزء األهــم يف توثيــق شــهادتي علــى تلــك املرحلة واخلروج بنتائج واســتخالصات
للمســتقبل هــو مــا تضمنــه الفصــل االول مــن هــذا الكتــاب ( ربيــع الدميقراطيــة اليمنيــة)
والفصل الســادس (تنافس الرئيس صالح مع بن شــمالن يف رئاســيات ســبتمبر التنافســية
2006م ) .
ويف كل مــا توصلــت اليــه مــن نتائــج يف كل اســتحقاق مــن تلــك االســتحقاقات الســبعة
ســتالحظون انــه وبقــدر مــا كان للحــزب االشــتراكي اليمنــي ولكثيــر مــن القــوى الوطنيــة
املتحالفــة معــه الــدور األهــم يف جعــل النظــام الدميقراطــي التعــددي وحريــة الصحافــة
وحــق الشــعب يف تقريــر مصيــره واختيــار ممثليــه وحكامــة عبــر االقتــراع احلــر املباشــر
وتثبيــت كل ذلــك ضمــن دســتور الدولــة وقوانينهــا ،وبقــدر مــا كان لنظــام الرئيــس صالــح
وحلفائــه مــن اإلخــوان املســلمني أوالً والقــوى األصوليــة والرجعيــة عموم ـاً الــدور األكبــر
واالساســي يف إضعــاف او رفــض كل تلــك االجنــازات التــي حققتهــا دولــة الوحــدة يف
28
(ربيعهــا الدميقراطــي) وان قبلــوا بعضهــا فقــد عملــوا علــى إفراغهــا مــن مضامينهــا
الفعليــة يف احلريــة والدميقراطيــة والتعدديــة وحقــوق االنســان وحتويلهــا إلــى أشــكال
فارغــة واجــراءات دوريــة بــا مضمــون بــل نقيضــة ملســمياتها متامــا .
وأكثــر مــن هــذا حتويــل تلــك االســتحقاقات إلــى أزمــات سياســية ووطنيــة متواصلــة
ومتصاعــدة وبــدالً ان تكــون مخرجــاً مــن مــأزق الصــراع الدمــوي علــى الســلطة كانــت
دافعــا لهــذه القــوى لتفجيــر االزمــات حروبـاً وصراعــات ومبــا يــؤدي بالنتيحــة – وقــد أدى
-إلــى إضعــاف اليمــن ومتزقــه وتدخــل القــوى اخلارجيــة املتآمــرة يف شــئونه ويف تقريــر
وحدتــه ومصيــره بــدال عنــه وكلهــا بســبب انانيــة هــذه االطــراف وتآمرهــا وســعيها إليقــاف
أي شــراكة وطنيــة تــارة وبســبب جهلهــا ملصاحلهــا ومبــدى ارتبــاط تلــك املصالــح املشــروعة
مبصلحــة الشــعب تــارة اخــرى رافضــة اخلــروج مــن يقينياتهــا الفارغــة يف مفاهيمهــا للوطــن
والديــن واملجتمــع تــارة ثالثــة.
واخلالصــة فقــد توفــرت لليمــن فــرص كثيــرة للنهــوض والتقــدم إال أن القــوى ذاتهــا التــي
وقفــت ضــد الوحــدة اليمنيــة والنظــام الدميقراطــي التعــددي واحلكــم احمللــي كانــت
باســتمرار حتــول دون انتهــاز تلــك الفــرص وآخرهــا فرصــة ثــورة الشــباب يف 11فبرايــر
2011م الذيــن لــم يتــرك لهــم الســير بالثــورة الــى األمــام بــل ســارعت تلــك القــوى االصوليــة
ذاتهــا الــى امتطــاء الثــورة ملقايضتهــا بنصــف النظــام ممثــا بعلــي محســن األحمــر لتوصلنــا
بعــد تلــك ملقايضــة الوطــن نفســه مبــا أســمته شــرعية الرئيــس عبدربــه منصــور هــادي يف
احلــرب الســعودية علــى اليمــن.
29
ملــاذا ازدهــرت الدميقراطيــة يف
الفصل
املرحلــة االنتقاليــة.
االســتفتاء على دســتور الوحدة
وفشــل املناهضــن لها.
اول انتخابــات برملانيــة تعدديــة
من ربيع الدميقراطية
27ابريــل 1993م.
إلى انفجار احلرب
االســتقواء بنتائــج االنتخابــات
لتقليــص ش ــراكة احلــزب.
االشــتراكي امــام خيــارات صع بــة
(الدمــج -املعارضــة -احل ــرب).
النقــاط ال 18ووثيقــة العهــد
واالتفــاق.
البيــض يخســر شــعبيا وصالــح
يفجــر احلــرب.
عشرات القوانني والتشريعات الهامة التي أسست
للنظام التعددي وحرية الصحافة وإنشاء االحزاب
والنقابات واالنتخابات صدرت جميعها يف املرحلة
االنتقالية.
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
منــذ اتفاقيــة الوحــدة 30نوفمبــر89م مــرورا بإعــان الوحــدة وقيــام اجلمهوريــة اليمنيــة يف
22مايــو1990م فالتحضيــر ثــم االســتفتاء الشــعبي علــى دســتور الوحــدة 15-16اغســطس
91م وحتــى اجــراء اول انتخابــات برملانيــة يف اجلمهوريــة اليمنيــة يف 27ابريــل 1993م،
خــاض اليمنيــون -كل اليمنيــن -افــرادا واحزابــا ومنظمــات وصحافــة ومفكريــن وعلمــاء
وك َّتــاب ،حــوارات جديــة ومباشــرة ومعمقــة يف السياســة ويف الفكــر وعلــى كل املســتويات
ومــن راس الدولــة الــى قــاع املجتمــع .
ومثــل مــا طرحــت كل اآلراء والقضايــا بحريــة عبــر البرملــان االنتقالــي( ((1للجمهوريــة
اليمنيــة بجلســاته املفتوحــة واملنقولــة عبــر االثيــر كل يــوم وبــا رقابــة او منتجــة ،فقــد
خــاض اليمنيــون هــذا احلــوار العــام واملفتــوح ايضــا عبــر النــدوات واحلــوارات يف القنــوات
االعالميــة املختلفــة (تلفزيــون -اذاعــة -صحافــة) واكثــر مــن هــذا -عبــر منابــر املســاجد
ومقايــل القــات وســيارات النقــل اجلماعــي فضــا عــن املراكــز واجلامعــات وفيهــا نوقشــت
كل القضايــا بــكل حريــة وعبــر قنــوات الدولــة وبرعايتهــا .
وخــال عامــن ونيــف مــن اعــان اجلمهوريــة اليمنيــة وهــي الفتــرة ذاتهــا التــي عرفــت
باملرحلــة االنتقاليــة -صــدرت معظــم قوانــن وتشــريعات النظــام الدميقراطــي التعــددي
الــذي اعتمدتــه اجلمهوريــة اليمنيــة نظام ـاً سياســياً لهــا وضمنتــه يف اتفاقيــات الوحــدة
ومشــروع دســتور اجلمهوريــة اليمنيــة مبــا فيهــا قانــون االحــزاب وقانــون الصحافــة
واملطبوعــات وقانــون االنتخابــات واالســتفتاءات وقانــون املنظمــات املهنيــة واحملامــاة
وقانــون الســلطة القضائيــة ..و و الــخ .
( )17تشــكل البرملــان االنتقالــي مــن كل مــن اعضــاء مجلــس الشــورى يف صنعــاء وعددهــم ( )128واعضــاء مجلــس الشــعب االعلــى
يف عــدن وعددهــم ( )111ثــم اضيــف اليهــم بقــرار دســتوري ( )31عضــوا -حــرص القــرار ان يكــون معظمهــم مــن الشــخصيات
الوطنيــة واالحــزاب غيــر احلاكمــة باإلضافــة الــى عــدد مــن اعضــاء احلزبــن -ليصبــح عــدد اعضــاء مجلــس النــواب االنتقالــي
وفقــا لدســتور الوحــدة ( )301عضــوا
33
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
أي ان عشــرات القوانــن والتشــريعات الهامــة التــي اسســت للنظــام الدميقراطــي التعــددي
وحريــة الصحافــة واســتقالل القضــاء قــد صــدرت جميعهــا يف تلــك املرحلــة والــى درجــة ان
مــا صــدر بعدهــا او عــدل مــن التشــريعات الدســتورية والقانونيــة يف اجلمهوريــة اليمنيــة
كانــت تقريبــا الــى األســوأ فيمــا يخــص الدميقراطيــة وحريــة التعبيــر وبنــاء دولــة القانــون
والعدالــة واملواطنــة.
لقــد ازدهــرت الصحافــة اليمنيــة ايضــا واطلــق العنــان حلريــة التعبيــر وصــدرت عشــرات
الصحــف احلزبيــة واملســتقلة حتــى قبــل صــدور قانــون الصحافــة اجلديــد وانتعــش يف
الفتــرة ذاتهــا نشــاط النقابــات املهنيــة واملنظمــات الطالبيــة والنســائية واالبداعيــة واصبــح
لهــا صوتهــا ولهــا تأثيرهــا يف االحــداث.
وبالنســبة للتعدديــة احلزبيــة ســمح لألحــزاب التــي كانــت محرمــة يف صنعــاء( ((1ومقصــورة
علــى احلــزب احلاكــم يف عــدن باخلــروج مــن حتــت الطاولة الى ســطحها ومارســت نشــاطها
وعقــدت مؤمتراتهــا يف صنعــاء وعــدن وغيرهمــا مــن املــدن اليمنيــة واعلنــت مواقفهــا
املعارضــة واملؤيــدة دون أي تخــوف او رقابــة مســبقة او الحقــة.
ومثلمــا منــح حــق النشــاط واالنتمــاء العلنــي لألحــزاب التقليديــة و التاريخيــة املعروفــة
كاالشــتراكي واملؤمتــر والناصــري والبعــث واالخــوان واحتــاد القــوى الشــعبية والرابطــة
فقــد اعلــن عــن انشــاء احــزاب وجماعــات سياســية ودينيــة جديــدة كحــزب احلــق والتجمــع
الوحــدوي وعشــرات االحــزاب اجلديــدة االخــرى بعضهــا كان إلنشــائه حيثيــات سياســية
واجتماعيــة فعليــة ولــو محــدودة واغلبهــا كانــت جــزءا مــن موضــة النشــاط السياســي او
بفعــل اجهــزة واطــراف سياســية!
واخلالصــة ورغــم التعقيــدات واالزمــات الصغيــرة والكبيــرة التــي بــرزت اثنــاء املرحلــة
االنتقاليــة وكان لبعضهــا تداعيــات خطيــرة فيمــا بعــد اال ان احلقيقــة التــي جتلــت يف أكثــر
( )18لــم يطلــق علــى تنظيــم املؤمتــر الشــعبي يف صنعــاء حزبــا سياســيا اال بعــد الوحــدة ألن االحــزاب كانــت محرمــة يف اجلمهوريــة
العربيــة اليمنيــة مــن ناحيــة وألنــه كان – مــن ناحيــة اخــرى -عبــارة عــن حتالــف واســع يضــم يف عضويتــه عناصــر مــن كل االحــزاب
دون ان تكــون احزابهــم جــزءا مــن التحالــف مــا عــدا االخــوان املســلمني وكبــار موظفــي الدولــة يف ســلطة صنعــاء واالخيــرون ومــن
انضــم اليهــم مــن االحــزاب االخــرى هــم مــن شــكلوا قيــادة املؤمتــر الشــعبي العــام -كحــزب او تنظيــم -بعــد قيــام الوحــدة واعــان
التعددية
34
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
مــن مســار هــي ان املرحلــة االنتقاليــة كانــت أفضــل مراحــل الدميقراطيــة اليمنيــة بشــهادة
مــن عاشــوها مــن داخلهــا ومــن قبــل املنظمــات والدوائــر املعنيــة باألنظمــة الدميقراطيــة
مــن خارجهــا .
لقــد كانــت املرحلــة االنتقاليــة ورغــم قصرهــا (1989م 1993-م) متثــل بالفعــل (ربيــع
الدميقراطيــة اليمنيــة ) حســب توصيــف سياســي مينــي كبيــر هــو الشــهيد املناضــل جــاراهلل
عمــر وهــي كذلــك مقارنــة بــكل العهــود التــي عاشــتها اليمــن قبــل تلــك املرحلــة وبعدهــا
وحتــى اليــوم.
ولكــن ملــاذا ازدهــرت الدميقراطيــة خــال الســنوات القليلــة التــي تلــت اعــان الوحــدة
اليمنيــة وخــال املرحلــة االنتقاليــة حتديــدا ؟
وملاذا تراجعت بعد اجراء اول انتخابات برملانية تعددية يف 27ابريل 1993م؟
ويف محاولــة االجابــة ميكــن القــول ان عوامــل واســباب عديــدة ســاهمت يف اعتبــار املرحلــة
االنتقاليــة هــي (ربيــع الدميقراطيــة اليمنيــة) فعــا مقارنــة مبــا قبلهــا ومــا بعدهــا ايضــا
ومــن هــذ العوامــل واالســباب مــا ميكــن ايجــازه علــى النحــو التالــي -:
كان التأييــد الشــعبي الواســع إلعــان الوحــدة اليمنيــة وملــن كان لهــم الــدور احلاســم
يف حتقيقهــا وماخلقتــه الوحــدة اليمنيــة واعــان اجلمهوريــة اليمنيــة مــن آمــال وأحــام
عريضــة لــدى ابنــاء الشــعب وتطلعهــم بــل شــغفهم مبســتقبل مينــي جديــد يســوده االمــن
واالســتقرار واالزدهــار وتتوقــف فيــه احلــروب الشــطرية واحلــروب الداخليــة والقالقــل
االمنيــة علــى مســتوى كل شــطر مــن ناحيــة اخــرى كل هــذا كان عام ـ ً
ا اساســياَ يف تبنــي
النظــام اجلديــد للتعدديــة .
35
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وال شــك ان الشــعور بالثقــة وعظمــة االجنــاز لــدى الزعيمــن (صالــح – البيــض)
واحلزبــن (االشــتراكي واملؤمتــر) اللذيــن وقعــا علــى اعــان الوحــدة اليمنيــة بــن الشــطرين
قــد ســاهمت يف جعــل الســلطة التشــاركية بحزبيهــا تتبنــى رعايــة الدميقراطيــة والتعدديــة
بعــد ان تخلصــت باإلجنــاز الوحــدوي مــن املخــاوف واحملاذيــر التــي كانــا يخشــانها مــن
املعارضــة ومــن حريــة نشــاطها وحريــة التعبيــر وامكانيــة اســتغالل كل نظــام شــطري –
التعدديــة -ضــد نظــام الشــطر اآلخــر وهــي الدوافــع الرئيســة الســابقة لــكال احلزبــن يف
تقييــد احلريــة قبــل الوحــدة.
أي انــه وعلــى خلفيــة عظمــة االجنــاز الوحــدوي الــذي ظــل حلمـاً كبيــراً لــدى كل مينــي ومــن
كــون صالــح والبيــض همــا مــن اجنــزا مــا لــم ينجــزه حــكام اليمــن بشــطريه مــن قبــل هــو مــا
دفعهمــا لالقتــراب مــن شــعبهما اكثــر يف البدايــة وبــدت املخــاوف لــدى كليهمــا مــن حريــة
التعبيــر والتعدديــة السياســية منتهيــة علــى االقــل يف الســنوات االولــى لتحقيــق الوحــدة الــخ
وألن الوحــدة متــت اصــا باحلــوار والتفــاوض خالفــا ملــا كان مطروحــا قبــل اعالنهــا
فقــد ازدهــرت الدميقراطيــة خــال الســنوات االولــى للوحــدة وكانــت احلريــات العامــة
والصحافيــة واحلزبيــة عامــا يف جتــاوز كثيــر مــن الصعوبــات واالزمــات التــي اعترضــت
الدولــة اجلديــدة ونظامهــا الدميقراطــي.
كان للتــوازن الــذي خلقــه تشــارك االشــتراكي واملؤمتــر داخــل الســلطة اجلديدة دور اساســي
وفعــال يف حمايــة التجربــة الدميقراطيــة ورعايتهــا خــال املرحلــة االنتقاليــة وكانــت
شــراكتهما -وهمــا مــن ســياقات متعارضــة يف الفكــرة والرؤيــة وتاريــخ النشــأة -قــد مثلــت
مظلــة كبيــرة وحقيقيــة حلمايــة املواطنــن واالحــزاب واملنظمــات خــارج الســلطة مــن تغــول
أي منهمــا ضــد االخــر وضــد أي طــرف خارجهمــا .
األمــر الــذي جعــل املواطنــن واالحــزاب والصحافــة يعبــرون عــن معتقداتهــم وآرائهــم
الفكريــة والسياســية والدينيــة بجــرأة وشــجاعة دون ان يتعرضــوا للعقــاب او للمالحقــة
طاملــا وتــوازن القــوة يف الســلطة حتمــي اجلميــع وال يســتطيع طــرف ان يتغــول علــى طــرف
آخــر او ضــد حلفــاء أي منهمــا خــارج الســلطة .
36
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
وبالفعــل نشــأت االحــزاب وازدهــرت الصحافــة وحريــة التعبيــر وحتــى املــدارس الفقهيــة
واملذهبيــة التــي كانــت مضطهــدة يف الشــمال ومقيــدة يف اجلنــوب هــي األخــرى عبــرت
عــن نفســها وأنشــأت مدارســها حتــت حمايــة ومظلــة ذلــك التــوازن االيجابــي يف الســلطة
وحتــت اشــرافها ايضــا .
باإلضافــة الــى حتالــف االشــتراكي مــع املؤمتــر الشــعبي يف املرحلــة االنتقاليــة والــى
ســلطة التــوازن التــي مثلتهــا شــراكتهما الكاملــة يف دولــة الوحــدة خــال تلــك املرحلــة
ووفقــا التفاقيتهــا املوقــع عليهــا يف 30نوفمبــر89م ميكــن القــول ان متســك واصــرار احلــزب
االشــتراكي اليمنــي وقيــادات اساســية فيــه دون بقيــة االحــزاب مبــا فيهــا حليفــه املؤمتــر
بالتعدديــة وحريــة التعبيــر والدميقراطيــة عمومــا كان لذلــك دور اساســي وملحــوظ يف
ازدهــار الدميقراطيــة اليمنيــة حينهــا .
ويف هــذا الســياق فقــد ظهــر االشــتراكي حينهــا اكثــر قناعــة بالدميقراطيــة واكثــر حاجــة
لهــا ويعــزو البعــض ذلــك الــى ان هــذه القناعــة جــاءت بعــد جتربــة مريــرة مــن الصراعــات
التــي خاضهــا ضــد نفســه يف ظــل احلكــم الشــمولي للحــزب يف عــدن ،وبعــد تعثــر نهــج
الكفــاح املســلح الــذي انتهجــه ضــد نظــام صنعــاء ،فضــا عــن وجــود شــيء مــن االنضبــاط
وااللتــزام بالقانــون يف (اليمــن الدميقراطــي) ميكــن التأســيس عليهــا لقيــام دولــة مدنيــة كل
هــذه كانــت مــن العوامــل التــي جعلــت االشــتراكي اكثــر االحــزاب اليمنيــة جاهزيــة ملمارســة
الدميقراطيــة وحمايتهــا يف نظــام الدولــة اجلديــدة .
وبهــذا املعنــى فقــد كانــت الدميقراطيــة وعــن قناعــه لــدى احلــزب بــأن الدميقراطيــة
والتعدديــة وســيلة وحيــدة لتحقيــق اهدافــه وبرامجــه االجتماعيــة والوطنيــة بعــد ان تعثــرت
او فشــلت الوســائل األخــرى (حتــى ان احلــزب وبعــد احــداث 13ينايــر 1986م وقبــل اعالنــه
الوحــدة بســنوات كان قــد اعتمــد احلــوار واالصــاح السياســي كوســيلة وحيــدة حلــل
اخلالفــات داخــل صفوفــه ويف الســلطة مــن ناحيــة واعتمــد املفاوضــات السياســية بــدالً
مــن الكفــاح املســلح لتحقيــق الوحــدة اليمنيــة مــن ناحيــة اخــرى) .
37
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
طبعــا دون اغفــال عامــل رئيســي آخــر وهــو ان الدميقراطيــة والتعدديــة السياســية كانــت
متثــل مصلحــة وحاجــة حقيقــة بالنســبة للحــزب االشــتراكي اليمنــي خالفــا لشــريكه اآلخــر
(املؤمتــر) وآخريــن خــارج شــراكتهما حيــث كانــت التعدديــة احلزبيــة وحريــة الصحافــة
بالنســبة لــه مبثابــة الورقــة السياســية والشــعبية الرابحــة التــي يســتقوي بهــا حلمايــة نفســه
ككيــان سياســي وحــزب يســاري قومــي وماركســي امــام القــوى التقليديــة واجلماعــات
الدينيــة الســلفية والوهابيــة التــي كانــت ترفــض وجــوده وتفتــي بتكفيــره وتعتبــره ومعــه
احلزبيــة والدميقراطيــة عمومــا كفــرا ومروقــا ومخالفــة ألحــكام الشــريعة .
ومــن هــذه املعطيــات وبغــض النظــر مــا اذا كانــت تعبــر عــن قناعتــه او حاجتــه للدميقراطيــة
اال ان االشــتراكي اليمنــي هــو بالدرجــة االولــى مــن جعــل وجــوده يف الســلطة مظلــة
الزدهــار التعدديــة والدميقراطيــة وحريــة التعبيــر وكان لتمســك عــدد مــن قادتــه بالنظــام
الدميقراطــي التعــددي لدولــة الوحــدة مبــا يف ذلــك رفضهــم خليــار االندمــاج مــع املؤمتــر
الشــعبي وتشــكيل جبهــة سياســية تضــم كل االحــزاب داخــل الســلطة والغــاء املعارضــة
(((1
خارجهــا قــد مثــل العامــل االهــم يف ازدهــار احلريــات العامــة خــال املرحلــة االنتقاليــة
ينبغــي القــول بــأن ازدهــار الدميقراطيــة يف املرحلــة االنتقاليــة لــم يكــن يعنــي ان الواقــع
السياســي واالجتماعــي منســجم مــع النظــام الدميقراطــي او جاهــز لتبنيــه ،وهكــذا االمــر
بالنســبة لضعــف اذا لــم نقــل انعــدام البنيــة التحتيــة للنظــام الدميقراطــي يف الدولــة
املوحــدة (اجلمهوريــة اليمنيــة) .
واذا مــا اضفنــا الــى ذلــك عامــا اخــر وخطيــرا وهــو ان القــوى التقليديــة واالصوليــة
كانــت ترفــض النظــام الدميقراطــي مــن حيــث املبــدأ مثلمــا ترفــض مجــرد وجــود احلــزب
( )19شــكلت جلنــة سياســية رفيعــة املســتوى ملناقشــة طبيعــة النظــام السياســي بعــد التوقيــع علــى اتفاقيــة الوحــدة وكان امــام
اللجنــة ثالثــة خيــارات -1دمــج احلــزب واملؤمتــر يف حــزب واحــد يحكــم املرحلــة االنتقاليــة 2-دمــج كل االحــزاب يف جبهــة وطنيــة
واحــدة او -3تتــرك االحــزاب كمــا هــي احــزاب مســتقلة والســماح الكامــل للتعدديــة وان يحكــم االشــتراكي واملؤمتــر خــال املرحلــة
االنتقاليــة باســميهما وقــد اصــر االشــتراكي علــى اخليــار االخيــر أي الســماح للتعدديــة السياســية الن الصيغتــن االخريتــن ســتؤدي
حتمــا الــى الغــاء التعدديــة وبقــاء حــزب واحــد هــو حــزب الســلطة حســب تفســير احــد اعضــاء اللجنــة وهــو الشــهيد جــار اهلل عمــر
38
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
االشــتراكي اليمنــي واحلزبيــة والتعدديــة السياســية عمومــا فمــا بالــك بشــراكة احلــزب
الكاملــة يف دولــة الوحــدة الــى جانــب املؤمتــر الشــعبي العــام الــذي كان يعنــي فيمــا يعنــي
نهايــة االمتيــاز التاريخــي الــذي كانــت حتــوز عليــه جماعــة االخــوان كجماعــة منظمــة حتكــم
بالشــراكة مــع الرئيــس صالــح وكان وجــود االشــتراكي شــريكا ثنائيــا للمؤمتــر يف الســلطة
مشــكلة كبيــرة لإلخــوان اضطرتهــم للخــروج مــن عضويــة املؤمتــر الشــعبي العــام واعــان
حزبهــم اخلــاص وهــو التجمــع اليمنــي لإلصــاح .
وهــو مــا يفســر رفــض معظــم ان لــم اقــل جميــع القــوى التقليديــة املرتبطــة باجلــوار
الرجعــي العربــي امثــال (االخــوان املســلمون) واملشــايخ القبليــن املرتبطــن بالســعودية
باإلضافــة الــى الســلفيني واجلماعــات املتطرفــة والتــي وقفــت جميعهــا موقــف الرافــض
متامــا لدســتور دولــة الوحــدة بــل انهــا رفضــت الوحــدة نفســها منــذ البدايــة .
ولهــذه االســباب فقــد ســارعت كل القــوى اآلنفــة الذكــر ومنــذ التوقيــع علــى اتفاقيــة
الوحــدة يف 30نوفمبــر 1989م الــى شــن حملــة سياســية واعالميــة مباشــرة وواســعة ضــد
احلــزب االشــتراكي اليمنــي وضــد مــا اســمته الدســتور العلمانــي ( أي مشــروع دســتور
دولــة الوحــدة) رافضــة الوحــدة علــى اساســه او مــع مــن اســمتهم الشــيوعيني وامللحديــن
والعلمانيــن وقــد ظــل األمــر كذلــك حتــى االســتفتاء علــى دســتور اجلمهوريــة اليمنيــة بــل
حتــى انــدالع حــرب واســعة بــن شــريكي الوحــدة يف 94م.
ومــع ان مشــروع دســتور دولــة الوحــدة املقــر كمشــروع يف 1981م قــد نــص على ان (االســام
هــو املصــدر الرئيســي للتشــريع) اال ان هــذه القــوى لــم تعتبــر ذلــك كافيــا إلخراجــه مــن
صفــة العلمانيــة :رافضــة االقــرار بــأن مــن اعتمــدوه ووقعــوا علــى الوحــدة علــى اساســه
هــم ايضــا مســلمني مثــل بقيــة اليمنيــن.
مــن ناحيتهمــا اعتبــر احلزبــان احلاكمــان حينهــا اصــرار االخــوان علــى تعديــل املــادة الثالثــة
للدســتور خالفــا ملشــروع الدســتور الــذي اعلنــت مبوجبــه اجلمهوريــة اليمنية طعنــا بالوحدة
نفســها وعمليــة ابتــزاز مرفوضــة وهكــذا كان موقــف بقيــة القــوى السياســية خــارج حتالــف
االخــوان املســلمني مبــن فيهــم رجــال ديــن وقــوى سياســية اســامية تقليديــة (شــافعية
39
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وصوفيــة وزيديــة)( ((2اعلنــت موقفهمــا املؤيــد للوحــدة ودســتورها معتبريــن رفــض دســتور
دولــة الوحــدة تعنــي رفــض الوحــدة نفســها ولذلــك لــم يخضــع احلزبــان وغالبيــة الــرأي
العــام البتــزاز االخــوان وحلفهــم الرجعــي واعتراضاتهــم الصاخبــة ومظاهراتهــم املســلحة
التــي ســيروها يف صنعــاء واســموها «مســيرة املليــون».
ولذلــك ورغــم كل ذلــك فقــد مــرت عمليــة االســتفتاء علــى الدســتور بنجــاح كبيــر واجريــت
يف موعدهــا يف يومــي 15و16مايــو 1991م وبالتالــي لــم تؤثــر احلملــة ضــد الدســتور علــى
موقــف الشــعب مــن دســتور الوحــدة وال علــى عالقــة التحالــف والشــراكة بــن احلزبــن
احلاكمــن حتــى ذلــك التاريــخ علــى االقــل حيــث صــوت غالبيــة كبيــرة مــن ابنــاء الشــعب
اليمنــي املشــاركني يف االســتفتاء ب(نعــم) للدســتور وبالتالــي نعــم للوحــدة اليمنيــة وبنســبة
كبيــرة جــدا وصلــت الــى ( )%98وثالثــة مــن عشــرة.
ومــن واقــع بيانــات التصويــت التــي اعلنــت رســمياً عــن نتيجــة االســتفتاء فقــد صــوت
الشــعب بنعــم وبأغلبيــة كاســحة وبنســبة ( )%98وثالثــة مــن عشــرة كمــا اســلفنا يف جميــع
محافظــات اجلمهوريــة اليمنيــة شــماال وجنوبــا عمومــا ووصلــت يف بعــض احملافظــات مثــل
حلــج وصعــدة الــى نســبة الـــ %100تقريبــا تليهــا وان بنســب قريبــة ايضــا كل مــن عــدن
وصنعــاء وتعــز واب والبيضــاء مــا يعنــي ان حملــة القــوى االصوليــة والرجعيــة قــد فشــلت
فشــا ذريعــا يف دفــع الــرأي العــام الــى مقاطعــة االســتفتاء وهــو مــا اضطرهــا للتراجــع
قليــا يف موقفهــا الرافــض للوحــدة مــع االشــتراكي واشــتراطها تعديــل املــادة الثالثــة مــن
الدســتور بعــد اعــان نتيجــة االســتفتاء مباشــرة ).
لقــد كان االســتفتاء علــى الدســتور وبذلــك الزخــم الشــعبي الكبيــر الــذي ســبقه ومــا رافقــه
مــن جــدل وحــوارات وطنيــة واســعة وخالفــات حــادة مــع املعارضــن لــه هــو اول اجــراء
دميقراطــي ميارســه الشــعب اليمنــي بحريــة وبــا رقابــة او توجيــه يف اجلمهوريــة اليمنيــة
بــل ويف اجلمهوريتــن الشــطريتني ايضــا.
( )20يشــار هنــا الــى بيــان علمــاء الديــن التقليديــن مــن املذهبــن الزيــدي والشــافعي الســائدين والــذي صــدر يف الفتــرة نفســها
مؤيــدا للوحــدة وضــد خطــاب االخــوان والســلفيني متضمنــا دعــوة الشــعب الــى التصويــت بنعــم للوحــدة ودســتورها الــذي نشــر يف
صحيفــة اجلمهوريــة عشــية اجتمــاع عقــد لقيادتــي جمهوريتــي صنعــاء وعــدن يف مدينــة تعــز
40
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
وبتصويــت الشــعب بنعــم ملشــروع دســتور دولــة الوحــدة انتقــل قــرار الوحــدة مــن احلزبــن
احلاكمــن الــى الشــعب ومــن حينهــا لــم يعــد ألي طــرف سياســي التراجــع عــن الوحــدة او
رهنهــا للصراعــات السياســية داخــل اجلمهوريــة اليمنيــة واصبــح التفكيــر بالعــودة عــن
الوحــدة اليمنيــة وقيــام اجلمهوريــة اليمنيــة او النكــوص عنهــا خيانــة وطنيــة كبــرى.
قبــل واثنــاء االســتفتاء علــى الدســتور كان احلزبــان احلاكمــان علــى وفــاق كبيــر يف املوقــف
مــن الوحــدة ونظامهــا الدميقراطــي يف مواجهــة القــوى الرجعيــة الرافضــة للوحــدة.
ورمبــا كان ذلــك الوفــاق واالنســجام التحالفــي يعــود الــى ان االســتفتاء كان يتعلــق بشــرعية
الوحــدة ودســتورها وزعيمــي احلزبــن اللذيــن حســما اجنازهــا األمــر الــذي جعــل وحــدة
موقــف احلزبــن املوقعــن عليهــا حاســمة يف اجنــاح االســتفتاء علــى دســتورها ويف افشــال
كل مــن حــاول عرقلــة االســتفتاء.
ولكــن حــن بــدأت االطــراف تفكــر باإلجابــة علــى ســؤال مــاذا بعــد املرحلــة االنتقاليــة اوال
وحــن تصاعــدت االزمــة يف املنطقــة واختــاف موقــف احلزبــن مــن غــزو العــراق للكويــت
وطــرد الســعودية لعشــرات االالف مــن العمــال اليمنيــن وتوتــر العالقــات اليمنيــة الســعودية
والصعوبــات االقتصاديــة التــي واجهــت الدولــة احلديثــة النشــأة ثانيــا بــدأت االزمــة بــن
احلزبــن تــزداد حــدة تخللتهــا عمليــات امنيــة واغتيــال سياســية وارهابيــة طالــت عــددا مــن
قيــادات ومقــرات احلــزب االشــتراكي.
وحــن ترافــق ذلــك بضغــط حتالــف ســلطة صنعــاء بضــرورة االســراع بإجــراء االنتخابــات
البرملانيــة طــرح حينهــا الســؤال وبقــوة ولكــن مــاذا بعــد ان تصبــح شــراكة احلزبــن ال
تســتند يف شــرعيتها الــى اتفاقيــة الوحــدة التــي نصــت علــى تقاســم الســلطة مناصفــة
بــن احلزبــن وبالتالــي ســلطة الدولتــن الشــطريتني بــل الــى نســبة مــا ســتفرز نتائــج
االنتخابــات مــن مقاعــد واصــوات يف البرملــان املنتخــب ومــن ســيخرج او يبقــى يف الشــراكة
بحكــم الصنــدوق.
41
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وعنــد هــذه النقطــة بالــذات بــدأت مخــاوف الشــريكني مــن بعضهمــا البعــض ومــن امكانيــة
ان يســتقوي احدهمــا بنتائــج االنتخابــات إلخــراج الشــريك اآلخــر مــن الســلطة او تقليــص
وجــوده فيهــا علــى االقــل ،وقــد عكســت هــذه املخــاوف نفســها ســلبا وضعفــا يف عالقــة
التحالــف و عــدم الثقــة فيمــا بينهمــا وادت بالتالــي الــى صــراع داخــل الدولــة واملجتمــع
وهــذا مــا حــدث لألســف الحقــا وبعــد اول انتخابــات برملانيــة يف اجلمهوريــة اليمنيــة
حتديــدا.
ففــي الفتــرة املمتــدة مــن تاريــخ اجــراء االســتفتاء علــى الدســتور يف أغســطس 1991م
وحتــى اجــراء اول انتخابــات برملانيــة 27ابريــل 1993م تصاعــدت االزمــة بــن املؤمتــر
واالشــتراكي يف عالقاتهمــا ومــا ان مــرت اشــهر قليلــة مــن جنــاح االســتفتاء علــى الدســتور
حتــى بــدأت املناكفــات والصراعــات داخــل شــريكي احلكــم مــن ناحيــة وضدهمــا ومــن
خراجهمــا مــن ناحيــة ثانيــة وضــد االشــتراكي مــن داخــل الســلطة ومــن خارجهــا مــن ناحيــة
ثالثــة.
ليتبــن ان ازدهــار الدميقراطيــة يف املرحلــة االنتقاليــة كان ســببه الرئيســي هــو التــوازن يف
شــراكة املؤمتــر واالصــاح داخــل الســلطة والتوافــق يف عالقاتهمــا وهــو مــا حكمتــه اتفاقيــة
الوحــدة بإعــان فتــرة عامــن ونصــف إلجنــاز مهمــة الدمــج والبنــاء الدميقراطــي للدولــة
وهــي معادلــة صحيحــة وقويــة احلجــة والدليــل ،وطنيــا ومنطقيــا وكان يفتــرض ان تراعــى
حرصــا علــى الوحــدة ونظامهــا الدميقراطــي االمــر الــذي كان يحتــم مــد املرحلــة االنتقاليــة
ال تقصيرهــا او الغائهــا .
وبغــض النظــر عــن حيثيــات تغييــر موقف الشــريكني من املرحلة االنتقالية وحســن نواياهما
الوحدويــة مبســارعتهما الــى اعــان اجلمهوريــة يف 22مايــو 1990م قبــل انقضــاء املرحلــة
االنتقاليــة والــذي كان يفتــرض ان يعــوض بتمديــد شــراكة احلزبــن بعــد االنتخابــات وحتــى
تدمــج جميــع مؤسســات الدولتــن يف كيــان واحــد وعلــى رأســها اجليــش واجهــزة االمــن
واجلهازيــن االداريــن األمــر الــذي جعــل عمليــة الدمــج عمليــة اســتعجالية هشــة بــل ان
عمليــة الدمــج نفســها حتولــت الــى مــادة للســجال والصــراع السياســي بــن احلزبــن وســببا
مــن اســباب االزمــة وتاليــا احلــرب وهــذا اوال.
42
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
كمــا ان اجــراء االنتخابــات البرملانيــة االولــى بعــد عامــن ونصــف مــن اعــان اجلمهوريــة
اليمنيــة بــدالً مــن اجرائهــا بعــد فتــرة كافيــة مــن انتهــاء املرحلــة االنتقاليــة كان يعنــي انتقــال
الســلطة يف الدولــة اجلديــدة مــن شــراكة احلزبــن اللذيــن اعلنــا الوحــدة الــى اختــال
التــوازن داخــل الســلطة ومــن حالــة الوفــاق والتحالــف يف الســلطة الــى حالــة الصــراع علــى
الســلطة .
انــه وبــدال مــن مــد الفتــرة االنتقاليــة اكثــر مــن اجــل دمــج مؤسســات الدولتــن يف دولــة
واحــدة والعمــل علــى ترســيخ التجربــة الدميقراطيــة برعايــة احلزبــن وحتــت مظلتهمــا
مــن خــال اجــراء االنتخابــات احملليــة قبــل البرملانيــة وبأكثــر مــن دورة انتخابيــة حتولــت
الدميقراطيــة االجرائيــة (االنتخابــات) ســوطا لضــرب التجربــة الدميقراطيــة الوليــدة
نفســها وعــدم اســتكمال بنيتهــا واضعافهــا والتحايــل عليهــا بدوافــع االســتحواذ علــى
الســلطة واقصــاء الشــريك االشــتراكي فيهــا اوال وبهواجــس املخــاوف املتبادلــة مــن نتائــج
االنتخابــات احملتملــة ثانيــا.
43
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
-1احملاصصة
بــدأت االزمــة بــن احلزبــن يف اثــارة موضــوع احملاصصــة احلزبيــة واتهــام احلــزب انــه
اضــاف الــى خزينــة الدولــة وكادرهــا الوظيفــي مئــات االالف مــن عناصــره قــام بدمجهــم
كموظفــن يف مؤسســات الدولــة عشــية اعــان الوحــدة وبذلــك تقاســم املؤمتــر واالشــتراكي
الوظائــف االداريــة يف الدولــة دون بقيــة املواطنــن فيمــا احلقيقــة انــه كان ثمــة بعــد آخــر
لــم يتــم مراعاتــه يف حملــة التعريــض والتحريــض وهــي ان االمــر يف بعــض جوانبــه كان
يتعلــق بدمــج موظفــي دولــة اليمــن الدميقراطــي يف دولــة الوحــدة وليــس زيــادة حصــة
احلــزب فيهــا وان التقاســم بــن املؤمتــر واالشــتراكي كان محصــوراً يف املناصــب السياســية
كالــوزراء واملــدراء ورؤســاء املؤسســات ولكــن االصــاح وهــو مــن اثــار تلــك احلملــة ضــد
احلــزب ادعــى خــاف ذلــك وضغــط مــع املؤمتــر علــى ضــرورة منــح جميــع رؤســاء النقابــات
واالحتــادات والروابــط املعنيــة واالبداعيــة التــي كانــت موجــودة يف الشــمال درجــات وظيفية
ومســاواتهم بوضــع النقابــات احلزبيــة يف اجلنــوب بــل ومت توظيــف كادر واســع لــكل مــن
املؤمتــر واالصــاح حتــت هــذه احلجــة.
غيــر انــه ويف الوقــت الــذي اســتخدمت احملاصصــة ملنــح وظائــف ومناصــب ودرجــات
وظيفيــة لإلصــاح واملؤمتــر مقابــل مــا زعمــوه حصــة االشــتراكي ال حصــة الدولــة التــي كان
يحكمهــا بقــدر مــا رفضــوا يف نفــس الوقــت تســكني ألالف مــن مقاتلــي اجلبهــة الوطنيــة يف
الدولــة (مؤسســتي اجليــش واالمــن) او ومنحهــم درجــات وظيفيــة مســتحقة وقــد مت ذلــك
بتواطــؤ عــدد مــن قيــادات احلــزب( ((2ومــن ثــم اســتخدام تعنتهــم يف محاولــة شــق صفــوف
احلــزب اال ان تهمــة احملاصصــة ظلــت تهمــة محصــورة باحلــزب وعنوانــا للتحريــض
عليــه.
( )21كان اكثــر مــن رفــض عمليــة تســكني عناصــر اجلبهــة الوطنيــة ضمــن كادر الدولــة الوظيفــي كل مــن األخويــن محمــد حيــدرة
مســدوس -اشــتراكي -الــذي كان يشــغل منصــب رئيــس الــوزراء لشــؤون املــوارد البشــرية واجلنــرال علــي محســن االحمــر – اخوانــي
مؤمتــري -قائــد الفرقــة االولــى مــدرع ولــكل دوافعــه املختلفــة االول بدوافــع مناطقيــة داخــل احلــزب والثانــي بدوافــع سياســية ضــد
احلزب
44
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
كان العنــوان الثانــي واالكبــر يف تأجيــج االزمــة اليمنيــة عشــية اول انتخابــات برملانيــة
هــي جرائــم االغتيــاالت السياســية التــي طالــت عــدداً كبيــراً مــن قيــادات االشــتراكي
وكــوادره بينهــم اعضــاء مكتــب سياســي واعضــاء جلنــة مركزيــة وقيــادات محليــة يف
احملافظــات املختلفــة وقــد جتــاوز عــدد الشــخصيات االشــتراكية التــي مت تصفيتهــا قبــل
وبعــد االنتخابــات البرملانيــة مباشــرة الــى اكثــر مــن 156شــخصية اشــتراكية معظمهــا مــن
(((2
اعضــاء احلــزب يف احملافظــات الشــمالية
وعندمــا كانــت جرائــم االغتيــاالت تأخــذ الطابــع التكفيــري فقــد كان الهــدف واضحــا مــن
ذلــك وهــو اضعــاف احلــزب واحــراج قيادتــه بــن جمهورهــا وتخويفهــا مــن عمــل أي شــيء
لرفــض سياســة االقصــاء التــي بــدأت ممنهجــة وواضحــة فضــا عــن تخويــف وإرعــاب
املواطنــن يف الشــمال مــن خطــورة التصويــت للحــزب علــى حياتهــم ومصاحلهــم.
كانــت املخــاوف مــن نتائــج االنتخابــات .وســعي كل طــرف علــى كســب أكبــر عــدد مــن
مقاعدهــا وبهــدف تقليــص حصــة اآلخــر يف الســلطة اعتمــادا علــى كــم مــن املقاعــد
ســيحوزها وبالتالــي االختالفــات احلــادة بــن شــريكي احلكــم التــي رافقــت جميــع مراحــل
العمليــة االنتخابيــة تقــف ايضــا وراء تصاعــد حمــى االغتيــاالت والتوتــرات االمنيــة
وويغذيهــا خطــاب سياســي حتريضــي وآخــر دينــي تكفيــري ومــن اعلــى مســتويات قيــادات
املؤمتــر واالصــاح مــن ومبــا يضعــف مــن امكانيــة فــوز احلــزب االشــتراكي بــأي نســبة
تبقيــه شــريكاً ثانيــاً يف ائتــاف احلكــم بعــد انتهــاء املرحلــة االنتقاليــة.
( )22كان مــن بــن ابــرز قيــادات احلــزب التــي مت اغتيالهــا يف تلــك الفتــرة مــن اينــاء احملافظــات اجلنوبيــة هــو الشــهيد ماجــد
مرشــد ضابــط التوجيــه املعنــوي يف القــوات املســلحة «الصبيحــة حلــج» فقــط ومــن ابــرز القيــادات االشــتراكية التــي اصيبــت
بجــراح جســيمة هــو املناضــل علــي صالــح عبــاد مقبــل ســكرتير منظمــة احلــزب يف ابــن حينهــا امــا بقيــة جرائــم االغتيــال التــي
طالــت قيــادات اشــتراكية يف تلــك املرحلــة فجميعهــم تقريبــا مــن ابنــاء احملافظــات الشــمالية بينهــم وزيــر العــدل حينهــا عبــد
الواســع ســام (اصيــب اصابــات بالغــة ولــم يقتــل وكــذا ســكرتير منظمــة احلــزب يف ذمــار الشــهيد حســني الشــامي وقرابــة ال150
شــخصية اخــرى مبــن فيهــم اول ضحايــا االغتيــاالت الشــهيد علــي احلريبــي «التجمــع الوحــدوي».
45
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
كان ألزمــة اخلليــج واختــاف مواقــف احلزبــن حــول غــزو العــراق للكويــت قــد ســاهم
يف تأجيــج االزمــة وتصعيدهــا اكثــر وســمح لألطــراف االقليميــة كالســعودية واالمــارات
وقطــر وحتــى الكويــت والعــراق للتدخــل يف شــئون اليمــن الداخليــة ومبــا يزيــد مــن شــقة
اخلــاف ويف دعــم القــوى املتطرفــة واالرهابيــة ومتوينهــا ســعوديا حتــى تفجــرت حربـاً بعــد
االنتخابــات كمــا ســياتي الحقــا .
-5النزعة اجلنوبية
كان لقلــق امــن عــام احلــزب وبعــض قيــادات االشــتراكي مــن محــاوالت الطــرف اآلخــر يف
عــزل احلــزب عــن احملافظــات الشــمالية وتخوفــه مــن ارتفــاع عــدد الــكادر االشــتراكي يف
احملافظــات اجلنوبيــة قــد ســاهم يف تعزيــز النزعــة اجلنوبيــة داخــل قيــادة احلــزب والدفــع
باجتــاه التمتــرس وراء احملافظــات اجلنوبيــة والشــرقية التــي كان يســيطر عليهــا قبــل
الوحــدة .أي ان االصــوات التــي كان لهــا موقــف مــن الوحــدة او مــن طبيعتهــا االندماجيــة
قــد التقــت مــره اخــرى مــع البيــض الــذي اتهــم بالتعجــل بقــرار الوحــدة مــن ناحيــة والتلويــح
مــن ناحيــة اخــرى بالدولــة يف اجلنــوب مقابــل الدولــة يف الشــمال ولــو علــى حســاب احلــزب
وحضــوره ومــا ميكــن حصولــه يف دوائــر احملافظــات الشــمالية هــو ما جعــل االزمة مزدوجة
داخــل احلــزب وبينــه وبــن خصومــه وقــد ســاهم ذلــك يف فقــدان دوائــر عديــدة للحــزب يف
الشــمال بســبب مخــاوف البيــض ومســدوس وعــدد مــن قيــادات احلــزب والدولــة يف اليمــن
الدميقراطــي ســابقا مقابــل حصولــه علــى اصــوات يف الشــمال اكثــر مــن اجلنــوب ومبــا
يعــزز مــن دور احلــزب علــى حســاب ودولــة اجلنــوب التــي اندمجــت يف كيــان واحــد وعبــر
االســتفتاء والتأييــد الشــعبي العــارم .
لقــد اســتغل خصــوم االشــتراكي كل ذلــك يف العمــل علــى تعميــق هــذا اخلــاف باتهــام
قيــادات احلــزب يف الشــمال بانهــا ســبب االزمــة مــع املؤمتــر واالصــاح وانعكــس كل ذلــك
علــى مخــاوف لــدى امــن عــام احلــزب واخريــن منعكســا ســلبا علــى املوقــف مــن الوحــدة
نفســها اي ان مــن قــادوا احلــزب الــى الوحــدة دون حتضيــر كاف بــدأوا يقــودون احلــزب الى
46
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
مــا قبلهــا دون تقديــر خلطــورة التحريــض علــى هــذا االســاس ،االمــر الــذي خلــق اشــكاالت
وتوجســات داخــل احلــزب نفســه عملــت القــوى املعاديــة علــى اللعــب عليهــا ضــده ببراعــة.
-6التطرف واالرهاب
اســتخدام االرهــاب واجلماعــات املتطرفــة العائــدة مــن افغانســتان حملاربــة مــن اســمتهم
الشــيوعيني والــى درجــة تــورط الســعودية واجهزتهــا االســتخبارية يف دفــع بــن الدن الــى
العــودة الــى اليمــن وتشــكيل كتائــب قتاليــة تقاتــل مــع صالــح يف حالــة نشــوب حــرب مــع
احلــزب وتنفيــذ جرائــم اغتيــال وتفجيــرات يف حالــة لــم تنفجــر احلــرب او بهــدف الوصــول
الــى تفجيرهــا وهــذا مــا مت عبــر االغتيــاالت بعناويــن دينيــة قبــل احلــرب وعبــر مشــاركة
(((2
اجلماعــات املتطرفــة يف احلــرب ضــد االشــتراكي بعــد انفجارهــا
حتالفــات احلــزب مــع كل االطــراف السياســية والدينيــة التــي كانــت مقموعــة او مقصــاه
يف الشــمال قبــل الوحــدة هــو االخــر اثــار مخــاوف املؤمتــر واالصــاح ودفعهمــا الــى العمــل
علــى اضعــاف او اقصــاء شــراكة احلــزب يف الدولــة وكل هــذا ســاهم يف تصعيــد االزمــة
وحــن جــرت االنتخابــات كانــت االزمــة قــد وصلــت الــى ذروتهــا.
( )23جــاء يف احــد كتــب الشــيخ مقبــل الوادعــي ان الســعودية عرضــت عليــه املشــاركة مــع اجلماعــات الدينيــة يف احلــرب ضــد
االشــتراكي وانهــم قــد اعــدوا مخيمــات ومستشــفيات ميدانيــة علــى احلــدود وهــو االعتــراف الــذي اعيــد نشــره يف خبــر رئيســي
علــى صــدر صحيفــة االمــة عــام 1993م نقــا مــن كتــاب للشــيخ الوادعــي كان قــد صــدر لــه يف تلــك الفتــرة
47
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
ادرك االشــتراكي ان اجــراء االنتخابــات البرملانيــة يف موعدهــا لــن يســهم يف تخفيــف حــدة
االزمــة بــل قــد يفاقمهــا مــع اســتمرار التلويــح باســتخدام نتائجهــا إلقصــاء شــراكة احلــزب
ومــن ميثلهــم يف اليمــن الدميقراطــي اوال ويف اليمــن عمومــا يف دولــة الوحــدة ثانيــا.
(((2
ومــع تصاعــد االزمــة وقبــل اجــراء االنتخابــات طــرح عديــد مــن عقــاء االشــتراكي
اهميــة اجــراء االنتخابــات احملليــة واقامــة حكــم محلــي واســع الصالحيــات قبــل اجــراء
االنتخابــات البرملانيــة رمبــا لتفــادي مــا تبــن لــه مــن مخاطــر قادمــة وبالتالــي العمــل
علــى احلــد مــن تداعياتهــا علــى مســتقبل العالقــة بــن احلزبــن ومســتقبل دولــة الوحــدة
ونظامهــا الدميقراطــي عبــر نقــل الســلطة تدريجيــا الــى الوحــدات االداريــة االدنــى حتــى
يخــف الصــراع عليهــا يف القمــة.
ولكــن املؤمتــر رفــض هــذا املقتــرح منحــازاً الــى موقــف حليفــه القــدمي (االخــوان) الــذي
اعتبــر احلكــم احمللــي مؤامــرة صهيونيــة لتمزيــق اليمــن(.((2
غيــر ان االشــتراكي ســرعان مــا تراجــع عــن هــذا املقتــرح بعــد ان اتهــم انــه بذلــك يرفــض
الدميقراطيــة ويســعى لتأجيــل االنتخابــات البرملانيــة و(بأنــه يزايــد بالدميقراطيــة ويرفــض
اجــراء االنتخابــات يف موعدهــا وبذلــك تنــازل عــن شــرطية اجراء احملليات قبــل البرملانيات
مــع ان موقفــه كان صحيح ـاً ولــو اجريــت االنتخابــات احملليــة قبــل البرملانيــة ملــا تطــورت
االزمــة الــى صــراع ومــن ثــم حــرب اطاحــت بــكل شــيء .
ومــرة اخــرى طــرح االشــتراكي واحــزاب اخــرى اعتماد النظام النســبي يف قانون االنتخابات
ولكنهــا ايضــا ســرعان مــا تراجعــت عنهــا رغــم اهميتهــا رمبــا لرفــض االطــراف االخــرى
القاطــع لنظــام النســبية ورمبــا الن احلــزب نفســه لــم يكــن متيقنــا مــن صحــة او افضليــة
أي نظــام انتخابــي اخــر مثــل بقيــة االحــزاب اليمنيــة .
48
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
ولــم يكــن امــام اجلميــع ســوى نظــام الدائــرة الفرديــة والفــوز بأكثريــة االصــوات ال بأغلبيــة
االصــوات لكونــه نظامـاً انتخابيـاً بســيطاً ومباشــراً وال تعــرف االحزاب اليمنيــة واملواطنون
ســواه ورمبــا الن تفســير النــص الدســتوري اخلــاص بتقســيم الدوائــر ونســبة مــا يحــوز عليــه
كل مقعــدا اقــرب للفرديــة .
وهــو مــا اعتمــد يف قانــون االنتخابــات اليمنــي وكان باإلضافــة الــى تقســيم الدوائــر
االنتخابيــة سياســياً احــد اســباب نتائــج االشــتراكي املتدنيــة نســبيا يف عــدد املقاعــدة ال يف
عــدد االصــوات يف احملافظــات الشــمالية واحــد اهــم تراجــع العمليــة الدميقراطيــة عمومــا
وهــو ايضــا مــا اســهم واســهمت نتائجــه يف تأجيــج الصــراع ويف اســتقواء االصــاح واملؤمتــر
علــى االشــتراكي وحلفائــه بدعــاوي الدميقراطيــة العدديــة متهيــدا إلخراجــه او تقليــص
وجــوده يف الســلطة اعتمــادا علــى نتائــج االنتخابــات البرملانيــة االولــى يف 1993م.
لقــد تأكــد الحق ـاً ان احلــزب واحــزب املعارضــة االخــرى كانــت هــي اخلاســر االكبــر مــن
اعتمــاد قانــون الدائــرة الفرديــة حيــث انــه ووفقــا للدائــرة الفرديــة خســر احلــزب اكثــر مــن
9دوائــر انتخابيــة خســرها مرشــحوه احلزبيــون بالرغــم انــه حصــل علــى نســبة عاليــة مــن
االصــوات وكانــت كفيلــة بوصــول عــدد الفائزيــن مــن مرشــحيه احلزبيــن الــى 70مرشــحا
علــى االقــل كونــه حصــل علــى املرتبــة الثانيــة مــن حيــث عــدد االصــوات وبفــوارق معقولــة
بعــد املؤمتــر الشــعبي العــام .
واخلالصة فقد اجريت االنتخابات البرملانية واالزمة بني االطراف على اشدها.
49
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
قراءة وحتليل نتائج أول انتخابات برملانية تعددية أبريل 93م -:
•تكريس ( )3احزاب كبيرة ومتثيل ( )5اخرى يف البرملان
•تأكيد سيطرة االشتراكي على دوائر (اجلنوب )
•املؤمتر واالصالح على دوائر (الشمال )
•السعي لتقليص حصة االشتراكي يف سلطة الدولة
وكان مــن الطبيعــي ان يكــون التنافــس حــادا يف معظــم الدوائــر بعــد ان عولــت االحــزاب
الثالثــة الكبيــرة علــى فوزهــا بأعلــى نســبة مــن املقاعــد بــل وراهنــت علــى حســم قضايــا
االزمــة لــدى اطــراف او تفــادي تصعيدهــا لــدى اخــرى وفقــا ملــا ســيفرزه الصنــدوق مــن
اوزان وارقــام يف البرملــان وبالتالــي يف الســلطة .وكان هــذا العامــل لألســف هــو اســاس
التوتــر فيمــا بعــد اعــان النتائــج اكثــر منــه قبــل اعالنهــا.
وبعيــدا عــن حــدة الصــراع وتصاعــد االزمــة يف احلمــات االنتخابيــة للمرشــحني ويف
اخلطــاب السياســي عمومــا فقــد ســاهمت املشــاركة احلزبيــة والشــعبية الواســعة والرقابــة
البينيــة لألحــزاب داخــل الســلطة وخارجهــا علــى جعــل االنتخابــات شــفافة وتنافســية
ودميقراطيــة الــى حــد كبيــر .
لقــد كانــت اول انتخابــات تعدديــة وتنافســية يف تاريــخ اجلمهوريتــن وبعــد قيــام اجلمهوريــة
اليمنيــة وبشــهادة جميــع االطــراف واالحــزاب احملليــة واملراقبــن الدوليــن والــدول الراعيــة
للدميقراطية.
50
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
واذا اســتبعدنا مــن احلســاب طبيعــة القانــون االنتخابــي (الدائــرة الفرديــة +الفــوز بأكثريــة
االصــوات ) والطريقــة الكيفيــة والسياســية التــي مت فيهــا تقســيم الدوائــر االنتخابيــة وهمــا
العامــان االساســيان يف حصــول اطــراف الســلطة علــى مقاعــد اكثــر وبالــذات املؤمتــر
واالصــاح يف احملافظــات الشــمالية والغربيــة واالشــتراكي يف احملافظــات اجلنوبيــة
والشــرقية فقــد كانــت اخلروقــات التــي شــابت عمليتــي االقتــراع والفــرز محــدودة ولــم
يكــن لهــا تأثيــر كبيــر يف نتائــج االنتخابــات يف معظــم الدوائــر ال 301دائــرة غطــت عمــوم
اجلمهوريــة الفتيــة .
واخلالصــة فقــد مت تقييــم اول انتخابــات تنافســية نزيهــة وشــفافة باملقارنــة الــى محدوديــة
التجربــة الدميقراطيــة يف اليمــن والــى حــدة وتصاعــد االزمــة بــن شــركاء الســلطة عشــية
اجرائهــا مــن ناحيــة وباملقارنــة مبــا جــرى بعدها مــن انتخابات واســتفتاءات عديدة تراجعت
فيهــا الدميقراطيــة اليمنيــة بصــورة مريعــة الــى ان توقفــت الدميقراطيــة االجرائيــة نفســها
قبــل عامــن مــن تفجــر الثــورة واحلــرب بعــد ســقوط صالــح يف مــا عــرف بثــورة 11فبرايــر
2011م .
وقــد اعلنــت اللجنــة العليــا لالنتخابــات رســمياً ويف املوعــد احملــدد تقريبـاً وكان ان كرســت
النتيجيــة ثالثــة احــزب كبيــرة يف البرمــان حــازت علــى اغلبيــة مقاعــد البرملانيــة وهــي
املؤمتــر واالشــتراكي واالصــاح باإلضافــة الــى دخــول 6احــزاب اخــرى الــى البرملــان فضــا
عــن عــدد مــن املســتقلني وإمرأتــن وعلــى النحــو التالــي:
الــذي يرأســه علــي عبــد اهلل صالــح ،فــاز بأكثريــة مقاعــد البرملــان ال بأغلبيتهــا وقــد كان
عــدد مرشــحيه احلزبيــن 256مرشــحا أي انــه تقــدم مبرشــحني باســمه يف معظــم دوائــر
اجلمهوريــة وقــد فازبـــ 122مقعــدا مــن اصــل 301مقعــد أي بنســبة %27وصــوت لــه اكثــر
51
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
مــن 640،523ناخــب وبنســبه %28.،7مــن اصــوات الناخبــن وبعــد اعــان النتائــج انضــم
الــى كتلتــه البرملانيــة – ترهيبــا وترغيبــا -حوالــي 19نائبــا مســتقال ليصبــح عــدد كتلتــه
البرملانيــة 141نائبــا.
ومــع انــه لــم يحــز علــى اغلبيــة تؤهلــه لتشــكيل احلكومــة مبفــرده اال انهــا وضعتــه يف املرتبــة
االولــى بالنســبة لبقيــة االحــزاب وهــي علــى كل حــال نتيجــة مســتحقة ومتوقعــة للمؤمتــر
بالقيــاس الــى ثالثــة عوامــل اساســية ومهمــة واخــرى اضافيــة وهــي-:
•االول هــو ثقــل الدولــة واجهزتهــا يف التأثيــر علــى توجهــات الناخبــن يف الدوائــر
االنتخابيــة الواقعــة يف نطــاق احملافظــات التــي كانــت متثــل اجلمهوريــة العربيــة
اليمنيــة التــي كان يرأســها صالــح وحزبــه املؤمتــر قبــل اعــان الوحــدة وعــدد مقاعــد
هــذه احملافظــات يتجــاوز ال 245مقعــدا تقريبــا أي مــا يســاوي اكثــر مــن ثلثــي مقاعــد
البرملــان ( )301نظــرا لزيــادة نســبة عــدد الســكان يف تلــك احملافظــات بينمــا مقاعــد
احملافظــات اجلنوبيــة والشــرقية رغــم اتســاع مســاحتها اجلغرافيــة ميثــل اكثــر قليــا
مــن ثلــث مقاعــد البرملــان أي ( )56مقعــدا فقــط.
•العامــل الثانــي هــو ان نســبة كبيــرة مــن الناخبــن يف تلــك الدوائــر صوتــوا حلــزب
املؤمتــر باعتبــاره اقــل أيدلوجيــة مــن االحــزاب الكبيــرة االخرى كاالشــتراكي واالصالح
أي ان النــاس صوتــوا حلــزب الدولــة الــذي ال يتطلــب منهــم التزامــات حزبيــة خاصــة
بقــدر مــا يقــدم لهــم وعــودا ومنافــع وخدمــات ولــو آنيــة وبحكــم ســلطته يف الدولــة.
والعامــل الثالــث هــو اعتمــاد املؤمتــر علــى املشــايخ والتجــار وذوي النفــوذ املالــي الذيــن
فــازوا بجهدهــم وجهــود الدولــة مع ـاً وامثــال هــؤالء النافذيــن غالب ـاً مــا يفــوزون يف
النظــام االنتخابــي الفــردي الــذي جــرت علــى اساســه االنتخابــات .
•اســتفادة مرشــحي املؤمتــر مــن طريقــة تقســيم العديــد مــن الدوائــر االنتخابيــة يف
احملافظــات الشــمالية مبــا يتناســب مــع مقاســات عــدد مــن مرشــحي املؤمتــر ولعــل
هــذا هــو عامــل احلســم االول يف كثيــر مــن تلــك الدوائــر ويف اول انتخابــات تنافســية .
52
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
•باإلضافــة الــى حســن ادارة املؤمتــر للعمليــة االنتخابيــة واعتمــاد دعايتــه علــى
التخويــف مــن اآلخريــن و تنســيقاته يف عــدد مــن الدوائــر مــع االصــاح والشــخصيات
املســتقلة املتوجســة مــن امكانيــة فــوز خصمهــم اللــدود االشــتراكي وحلفائــه اليســاريني
واإلســاميني مــن التيــار الزيــدي .
وهــو شــريك املؤمتــر يف اعــان الوحــدة ويف احلكومــة االئتالفيــة حينهــا وقــد جــاءت
نتيجتــه بعــد املؤمتــر الشــعبي يف عــدد املرشــحني احلزبيــن ويف عــدد املقاعــد ويف عــدد
االصــوات ايضــا فقــد ترشــح باســمه يف عمــوم دوائــر اجلمهوريــة حوالــي 200مرشــح فــاز
ب56مقعــدا بصفتهــم احلزبية12+مقعــدا فــازوا بهــا كــوادر وقيــادات يف احلــزب رشــحهم
احلــزب كمســتقلني وانضمــوا الــى كتلتــه البرملانيــة مباشــرة ليصــل مجمــوع املقاعــد التــي
فــاز بهــا احلــزب هــي 68مقعــدا.
باإلضافــة الــى دعــم احلــزب ل6مــن املرشــحني يف احــزاب اخــرى ومســتقلني فعــا وهــم
امــن عــام حــزب االحــرار الدســتوري عبــد الرحمــن نعمــان التربــة – تعــز وامــن عــام
حــزب التصحيــح الناصــري مجاهــد القهالــي – عمــران صنعــاء – وآخريــن دعمهــم
بصفتهــم املســتقلة وهــم عبــد الرحمــن احلمــدي (صنعــاء -احملافظــة) وعبــد احلبيــب ســالم
مقبــل (تعــز املدينــة ) وابراهيــم حاميــم تعــز وصــادق الضبــاب تعــز ومحمــد الســمعي تعــز
وناصــر عرمــان البيضــاء وعبــد اهلل مهــدي احلديــدة ويحيــى قحطــان حلــج ..
كمــا حــاز مرشــحوه احلزبيــون دون املســتقلني علــى ( ( 413404صوتــا ومبــا نســبته%18.5
ومــع اضافــة اصــوات االشــتراكيني املســتقلني ومــن دعمهــم احلــزب تصبــح نســبته مــن
االصــوات حوالــي %26مــن اصــوات الناخبــن يف اجلمهوريــة وهــي اكثــر مــن نســبته يف
عــدد مقاعــد البرملــان التــي تصــل الــى %22حســب مــا ورد يف كتــاب االســتاذ محمــد حســن
الفــرح (معالــم عهــود رؤســاء اجلمهوريــة يف اليمــن) وســواء حســبت النتيجــة لالشــتراكي
علــى هــذا االســاس او علــى اســاس مــا حصــل عليــه مرشــحوا احلــزب الرســميني فــوزا
واصواتــا فإنهــا نتيجــة كبيــرة ومســتحقة وكان ميكــن ان يحصــل علــى نتائــج افضــل لــو
53
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
احســن تقديــر قوتــه ومكانتــه وادارتــه للعمليــة بعيــدا عــن املماحــكات الصغيــرة داخــل قيــادة
احلــزب نفســه.
•حقــق احلــزب اختراقــات كبيــرة يف دوائــر احملافظــات الشــمالية التــي كان وجــوده
العلنــي فيهــا محرمـاً قبــل الوحــدة حيــث فــاز مرشــحوه يف تعــز بتســعة مقاعــد بصفتــه
احلزبيــة مــن اصــل 40دائــرة انتخابيــة 12 +مقعــدا مبرشــحيه املســتقلني باإلضافــة
الــى فــوز مرشــحني حزبيــن مــن غيــر االشــتراكي دعمهــم احلــزب دون ان يقــدم
مرشــحاً حزبي ـاً ينافســهم فيهــا .
•واالهــم انــه حصــد نســبة كبيــرة مــن اصــوات الناخبــن يف محافظــة تعــز رغــم ان
عــدد مرشــحيه احلزبيــن لــم يتجــاوزوا ال35مرشــحا مــن اصــل 40دائــرة ;كمــا ان
االشــتراكي فــاز مبعظــم دوائــر محافظــة البيضــاء مبرشــحيه احلزبيــن واملســتقلني
ومعظــم اصــوات الناخبــن يف محافظتــي البيضــاء ومــارب باإلضافــة الــى فوز مرشــحه
مجيــدع يف احــدى دوائرهــا ال 2كمــا حقــق اختراقــا يف محافظــات صنعــاء وذمــار
وصعــدة وكانــت اســوأ نتائجــه يف محافظتــي إب مقعديــن فقــط مــن اصــل 36مقعــدا
واحلديــدة مقعــدا واحــدا مــن اصــل 50مقعــدا .
( )26مــا عــدا دائــرة او اثنتــن فــاز فيهــا مســتقلون بينهــا دائــرة االســتاذ فيصــل بــن شــمالن يف الصيعــر بحضرمــوت التــي فــاز
مبقعدهــا بصفتــه كمســتقل رغــم ان احلــزب اخلــى لــه الدائــرة و لــم ينافســه فيهــا وصــوت لــه جمهــوره وهكــذا عمــل االصــاح
املؤمتــر وترشــيح بــن شــمالن والتصويــت لــه ملكانتــه الكبيــرة يف املجتمــع ويف احــدى دوائــر حلــج دعــم احلــزب ترشــيح مســتقل
اخــر هــو رجــل الديــن املقــرب منــه يحيــى قحطــان ويف دائــرة بعــدن دعــم مرشــح مســتقل اخــر هــو قاســم عســكر وهــو اشــتراكي
االنتمــاء.
54
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
ومــع ان نســبة التصويــت ملرشــحيه يف احلديــدة واب كانــت عاليــة وحصــد اكثــر مــن
150الــف صــوت اال ان ان خســارته الكبيــرة مــن حيــث املقاعــد يعــود الــى ســوء التنســيق
احلزبــي وعــدم ايــاء القيــادة العليــا للحــزب بدوائــر هاتــن احملافظتــن (احلديــدة وإب)
اللتــن لــه فيهمــا وجــود حزبــي وثقــل تاريخــي كبيــر .
لقــد كانــت نتيجــة احلــزب االنتخابيــة عمومــا ملفتــة بعــد ان توقــع لــه خصومــه واملراقبــون
اقــل مــن ذلــك بكثيــر وان كان احلــزب نفســه قــد شــعر بخيبــة االمــل مــن نتيجتــه التــي
جــاءت خالفــا ملــا كانــت بعــض قياداتــه تبالــغ يف امــكان حصــول احلــزب علــى نتائــج اكبــر
ممــا ظهــر عليــه بكثيــر وبالــذات يف دوائــر تعــز والــى حــد مــا إب.
حتليــل البيانــات وفقــا للخارطــة االنتخابيــة كشــفت بوضــوح ان احلــزب االشــتراكي كان
ميكــن ان يحصــل علــى مقاعــد اكثــر يف دوائــر احملافظــات الشــمالية لــوال ســوء اختيــار
بعــض املرشــحني وســوء ادارتــه للحملــة االنتخابيــة وطبيعــة التقســيم االداري للدوائــر التــي
صممــت ضــد كثيــر مــن مرشــحيه حتديــدا وعــدم قدرتــه علــى حماية بعــض دوائــره (كدائرة
حبــور ظليمــة التــي اخذهــا مرشــح االصــاح الشــيخ حميــد االحمــر بالقــوة ودائــرة اخــرى
يف قعطبــة ) فضــا عــن وجــود انقســام جهــوي ومناطقــي يف رأس قيادتــه وســوء تنســيقاته
مــع التنظيــم الناصــري يف تعــز والتــي كان ملبالغــات الناصــري عــن حجمــة يف احملافظــة
واصــراره علــى اخــاء معظمهــا ملرشــحيه مــن ناحيــة واصــرار اشــتراكيني يف قيــادة حملتــه
االنتخابيــة يف تعــز علــى تقــدمي مرشــحني يف عــدد مــن الدوائــر التــي للناصــري حضــور
فعلــي فيهــا مــا ادى الــى فشــل عمليــة التنســيق بــن احلزبــن يف معظــم دوائــر احملافظــة
وبالتالــي يف تدنــي نتيجتــه احلزبــن معــا يف تلــك الدوائــر.
وهــو الواجهــة السياســية جلماعــة االخــوان املســلمني يف اليمــن وقــد جــاء يف املرتبــة الثالثــة
بعــد كل مــن املؤمتــر واالشــتراكي وحصــد مرشــحوه احلزبيــون 62مقعــدا برملانيــا بصفتهــم
احلزبيــة وانظــم الــى كتلتهــم بعــد ذلــك مرشــح مســتقل واحــد لتصبــح كتلتهــم البرملانيــة
حوالــي 63نائبــا كمــا حــاز التجمــع علــى حوالي379,987صوتــا انتخابيــا وبنســبة %17مــن
55
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
اصــوات الناخبــن وهــي نتيجــة كبيــرة كونــه يف نظــر املراقبــن احلــزب الــذي حقــق هــذه
النتيجــة الكبيــرة مــن موقعــه يف املعارضــة ال يف الســلطة .
ولكــن هــذه الصــورة ليســت دقيقــة فاإلخــوان املســلمون كان لهــم حضــور يف دولــة الشــمال
قبــل الوحــدة وكانــت الســلطة بنفســها تتبنــى خطابهــم وسياســتهم وحتالفــت او دعمــت
مرشــحي االصــاح يف عديــد مــن الدوائــر قيــادات عســكرية ومشــيخية يف احلــزب احلاكــم
اكثــر مــن حزبهــا املؤمتــر( ((2باإلضافــة الــى ان نســبة كبيــرة مــن الفائزيــن باســم االصــاح
مشــايخ قبائــل وجتــار وذوي نفــوذ اجتماعــي ولــم يكــون احلســم يف فوزهــم عائــد الــى
انتمائهــم االخوانــي بــل الــى نفوذهــم االجتماعــي واملالــي يف مناطقهــم.
النتيجــة الهامــة الول انتخابــات برملانيــة هــي دخــول ســتة احــزاب اخــرى الــى البرملــان
اليمنــي الــى جانــب االحــزاب الثالثــة الكبــرى وكان ذلــك مؤشــرا بوجــود متثيــل نســبي لــكل
التيــارات السياســية ومعظــم الفئــات والشــرائح االجتماعيــة يف برملــان 1993م وهــذا مــا
لــم يتكــرر يف االنتخابــات التــي تلتهــا وتلــت احلــرب حيــث تراجــع التمثيــل احلزبــي ليتقلــص
الــى حزبــن او ثالثــة يف آخــر انتخابــات برملانيــة حيــث جــاءت نتائــج االحــزب املمثلــة يف
اول برملــان علــى النحــو التالــي -:
( )٢٧كنــت شــخصيا مرشــحا عــن حــزب احلــق يف الدائــرة 121مبديريــة الســدة مبحافظــة إب وقــد لوحــظ ان ثقــل الدولــة وعديــد
مــن وحــدات اجليــش املتواجــدة يف املنطقــة كانــت الــى جانــب مرشــح االصــاح اكثــر مــن مرشــح املؤمتــر وقــد فــاز االصــاح يف
تلــك الدائــرة فعــا
56
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
ومــن النتائــج الهامــة يف تلــك االنتخابــات ايضــا هــو فــوز مرشــحتني مــن النســاء باســم
احلــزب االشــتراكي اليمنــي احداهمــا مــن دائــرة عــدن (خولــة شــرف) والثانيــة مــن دائــرة
يف املــكال بحضرمــوت ( منــى باشــراحيل) – ترشــحت بصفــة مســتقلة -وانضمــت الــى
كتلــة احلــزب فــور فوزهــا.
ومــع ان نســبة متثيــل املــرأة قــد تراجعــت يف اول برملــان منتخــب قياســا لنســبتها يف
البرملــان االنتقالــي (٩٣-٩٠م ) حيــث كان عددهــن 6نســاء وجميعهــن اشــتراكيات ايضــا اال
ان البرملــان االنتقالــي لــم يكــن اعضــاؤه منتخبــن بصــورة تنافســية وعلــى اســاس التعدديــة
حيــث كان التمثيــل يف برملــان عــدن (مجلــس الشــعب االعلــى) يتــم بتزكيــة احلــزب يف
الغالــب وعلــى اســاس متثيــل النقابــات واالحتــادات املهنيــة واالبداعيــة.
ومــع هــذا فيعتبــر فــوز مرشــحتني للحــزب يف انتخابــات تنافســية انتصــارا للدميقراطيــة
وللوعــي االجتماعــي خصوصــا اذا قــورن االمــر بالبرملانــات التــي تلــت برملــان 1993م حيــث
لــم تفــز ســوى واحــدة فقــط يف برملــان 2003م مت انتــزاع مقعدهــا بالقــوة علــى حســاب فــوز
مرشــح االشــتراكي واعــد بــا ذيــب فيمــا خــا برملــان 1997م مــن املــرأة متامــا .
* وباالضافــة الــى متثيــل املــرأة يف برملــان 93م كانــت النتيجــة الدميقراطيــة الهامــة
السادســة هــي فــوز عــدد كبيــر مــن املســتقلني (48مقعــد) مــن غيــر االحــزاب وبعــدد
اصــوات 613,023وبنســبة.27%
ومــع ان معظــم هــؤالء املســتقلني قــد فــازوا بدعــم االحــزاب ومعظمهــم انظــم فــورا الــى كتــل
احزابهــم بعــد الفــوز كاالشــتراكي واملؤمتــر والــى حــد مــا االصــاح اال ان هــذه النســبة مــن
الفائزيــن كمســتقلني كانــت عاليــة خالفــا لعــدد املرشــحني والفائزيــن يف البرملانــات التــي
تلــت برملــان 1993م ايضــا حيــث تقلــص وجــود املســتقلني الــى درجــة كبيــرة.
ويف كل االحــوال فقــد كان متثيــل فئــات املجتمــع املختلفــة واضحــا يف نتائــج برملــان 1993م
حيــث وجــد الفــاح والعامــل واملعلــم واســتاذ اجلامعــة واملــرأة والشــباب علــى خــاف
برملانــات اخــرى تلــت حــرب 1994م .
57
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وكان ابــرز واهــم احــداث انتخابــات 1993م هــي ثــاث حــوادث كبيــرة كشــفت طبيعــة
الصــراع وتداعياتــه قبــل وبعــد االنتخابــات.
•االولــى هــي حرمــان االخ ســلطان الســامعي مــن خــوض االنتخابــات برفــض قبــول
اوراق ترشــيحه مــن قبــل اللجنــة العليــا لالنتخابــات بقــرار سياســي و بحجــة انــه متهــم
(((2
بقضيــة جنائيــة لــم يبــرا منهــا بحكــم بــات
ويف كل االحــوال فقــد حــرم الســامعي مــن الترشــح النــه كان شــخصية معارضــة لنظــام
حتالــف صالــح واالصــاح قبــل وبعــد الوحــدة واقــرب مــا يكــون الــى االشــتراكي اليمنــي
وان كان مســتقال حينهــا اال انــه عــاد وترشــح باســم احلــزب يف انتخابــات 2003م وفــاز
باملقعد.
ولكــن امللفــت حينهــا ان غالبيــة ابنــاء دائرتــه صوتــوا لــه رغــم عــدم اعتمــاده رســميا
مرشــحا وحصــل مــن االصــوات مــا مجموعــة 4الــف صــوت تقريبــا مقابــل قرابــة
االلــف صــوت ملــن اعلــن فــوزه رســميا يف الدائــرة كمــا حصــل الســامعي علــى اصــوات
يف عمــوم دوائــر اجلمهوريــة كتعبيــر احتجاجــي لعــدم قبــول ترشــيحه مــن قبــل الســلطة
وتلــك كانــت ظاهــرة فريــدة لــم تتكــرر أن يحصــل مرشــح غيــر معتمــد يف الدائــرة علــى
اغلبيــة اصــوات ناخبــي دائرتــه وعلــى اصــوات يف عمــوم اجلمهوريــة.
•الثانيــة هــو اللغــط الــذي ســاد حــول عــدم دعــم االشــتراكي للمناضــل الكبيــر االســتاذ
عمــر اجلــاوي يف احــدى دوائــر مدينــة عــدن والــذي ســقط رغــم تاريخــه النضالــي
بفــوارق كبيــرة مــن االصــوات مقارنــة باملرشــح الفائــز (قاســم عســكر – اشــتراكي) بــل
ومقارنــة ببقيــة املرشــحني يف الدائــرة ذاتهــا.
( )28اعتــرض موكــب الســامعي عــدد مــن اجلنــود وحاولــوا انزالــه بالقــوة يف احــدى نقــاط اجليــش يف منطقــة احلوبــان بتعــز
فاشــتبك مرافقــوه معهــم فقتــل يف االشــتباكات 2منهــم فتــم مالحقــة الســامعي الــى منزلــه ومحاولــة قتلــه وحينهــا توتــرت العالقــة
بــن البيــض وصالــح (وحســب روايــة احــد القيــادات املقربــة مــن البيــض ) فقــد هــدد البيــض بالــرد بتفجيــر احلــرب اذا اقتحــم
منــزل الســامعي او مت اغتيالــه كمــا اشــيع حينهــا االمــر الــذي ادى الــى توجيــه صالــح للجيــش برفــع احلملــة عــن منــزل الســامعي
وتركــه يغــادر املنــزل ولكنــه علــى خلفيــة هــذا احلــادث اصــر صالــح علــى عــدم قبــول ملــف ترشــيحه يف انتخابــات 1993م وان كان
قــد ســمح لــه يف االنتخابــات الالحقــة وفــاز يف عضويــة البرملــان مرشــحا عــن احلــزب يف دائــرة ســامع بتعــز
58
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
•احلادثــة الثالثــة هــي نشــوب صــراع مســلح يف دائــرة (ظليمــة حبــور) بحاشــد يف
محافظــة صنعــاء (عمــران حاليــا ) ومت مصــادرة الصناديــق بعــد ان تبــن فــوز مرشــح
االشــتراكي يف الدائــرة هــو (الشــهيد) املناضــل علــي جميــل علــى مرشــح االصــاح
الشــيخ حميــد االحمــر وكادت ان تــؤدي الــى نــزاع وتوتــر كبيــر يف املنطقــة وعلــى
مســتوى العالقــة بــن صالــح والبيــض والشــيخ عبــداهلل االحمــر .
وهــي ذاتهــا املشــكلة التــي مت حلهــا بعــد ذلــك بتنــازل كل مــن البيــض وصالــح واالحمــر عــن
الطعــون االنتخابيــة املقدمــة باســم االحــزاب الثالثــة يف جميــع دوائــر اجلمهوريــة وخلفيــة
القــرار هــو اصــرار الشــيخ االحمــر علــى فــوز جنلــه حميــد بــاي طريقــة رافضــا أي طعــون
انتخابيــة !
النتائــج الهامــة والكبيــرة ونســب االصــوات واملقاعــد التــي حققتهــا االحــزاب الثالثــة
الكبيــرة وهــي املؤمتــر واالشــتراكي واالصــاح التــي حــازت علــى غالبيــة مقاعــد البرملــان
وبفــوارق مفهومــة ومحــدودة بــن كل حــزب وآخــر مــن االحــزاب الثالثــة كان يفتــرض ان
تطم ّئــن اطــراف االزمــة وبالتــي تخفــف مــن حــدة تصاعدهــا علــى االقــل بعــد ان تبــن كل
طــرف ان اآلخــر موجــود شــعبيا ومــن الصعــب اقصائــه باالنتخابــات مــن ناحيــة وان أي مــن
حزبــي االئتــاف لــم يحصــل علــى االغلبيــة البرملانيــة التــي متكنــه مــن تشــكيل احلكومــة
منفــردا وبالتالــي االســتفراد بالســلطة دميقراطيــا.
كمــا كان يفتــرض ان يكــون حصــول احلــزب االشــتراكي علــى كل دوائــر احملافظــات
الشــرقية واجلنوبيــة رغــم محدوديتهــا العدديــة بالنســبة لدوائــر احملافظــات الشــمالية
والغربيــة (65مقابــل )246ميثــل اســتحقاقاً شــعبياً وبرملانيـاً لتثبيــت الشــراكة بــن احلــزب
واملؤمتــر حفاظــاً علــى التــوازن يف دولــة الوحــدة .
59
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
واملعنــى ان االنتخابــات بنتائجهــا املعلنــة كانــت قــد اكــدت بطريقــة او باخــرى اســتمرار
الشــراكة التناصفيــة بــن احلــزب واملؤمتــر كضــرورة وطنيــة ولــو الــى حــن ليــس بســبب
توقيعهمــا التفاقيــة الوحــدة واعــان اجلمهوريــة اليمنيــة بــل وألنهمــا يحظيــان بتأييد شــعبي
كبيــر يف املناطــق التــي حكماهــا قبــل الوحــدة ومبــا يجعــل شــرعية الشــراكة واســتمرارها
يف حكــم البــاد ضــرورة وطنيــة ولــو لدورتــن انتخابيتــن علــى األقــل حســب راي بعــض
السياســيني اوعلــى االقــل حتــى يســتكمالن دمــج مؤسســات الدولتــن وبنــاء الدولــة الوليــدة
دميقراطيــا كحاجــة ضروريــة ومســتحقة للحفــاظ علــى الوحــدة يف ظــل هشاشــة مؤسســات
دولتهــا الوليــدة.
غيــر ان مــا حــدث هــو العكــس متام ـاً لألســف والســبب املباشــر هــو ان الرئيــس صالــح
وحلفــاءه يف االصــاح كانــوا قــد بيتــوا املوقــف ضــد احلــزب قبــل االنتخابــات والعمــل علــى
االســتقواء عليــه بنتائجهــا لتقليــص شــراكته يف الســلطة .ولذلــك وبــدالً مــن التوقــف عــن
االفصــاح عــن هــذه النوايــا املبيتــة بعــد حصــول احلــزب علــى كامــل مقاعــد مــا كان يعــرف
باليمــن الدميقراطــي حــدث ان مضــوا يف مشــروعهم املعــد ســلفا عبــر التلويــح للحــزب يف
امكانيــة تشــكيل حكومــة إئتــاف بــن االصــاح واملؤمتــر بــدون االشــتراكي او مبشــاركته
ولكــن بنســبة اقــل يف حكومــة االئتــاف.
وهكــذا مضــوا باالزمــة تصعيــدا واتســاعا عبــر ماعــرف باالســتقواء بالدميقراطيــة العدديــة
ومبــا يشــعر انصــار االشــتراكي عمومــا وابنــاء احملافظــات اجلنوبيــة والشــرقية خصوص ـاً
بآنهــم قــد صغــروا ولــم يكبــروا بالوحــدة اليمنيــة ونظامهــا الدميقراطــي والعكــس هــو
الصحيــح وهــذه هــي حجــر الزاويــة يف االزمــة ومفصلهــا األول أي الشــعور بالغــدر والنكــث
بالوعــود وحتويــل الوحــدة والدميقراطيــة الــى رافعــة لإلقصــاء واالســتفراد بالقــرار الوطني
وليــس التوافــق والشــراكة بــن قيادتــي احلزبــن.
لقــد كان علــى الرئيــس صالــح وحلفائــه يف جتمــع االصــاح ان يعتبــرا نتيجتهمــا الكبيــرة
نســبيا وســيطرتهما علــى غالبيــة مقاعــد احملافظــات الشــمالية والغربيــة( 62اصــاح
122+مؤمتــر (مــن اصــل 240دائــرة امــرا طبيعيــا ليــس فقــط بســبب شــعبيتهما بــل الن
حســم النتيجــة يف معظــم دوائــر تلــك احملافظــات قــد مت بثقــل الدولــة واالجهــزة التــي
60
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
تتحكــم مبصالــح وحاجــات املواطنــن أي تلــك الدولــة التــي حكمهــا املؤمتــر واالصــاح
كتحالــف اســتراتيجي غيــر معلــن قبــل اعــان الوحــدة والتعدديــة وهــو نفــس املعيــار الــذي
حســم فيــه االشــتراكي معظــم دوائــر احملافظــات الشــرقية واجلنوبيــة.
أي ان الزيــادة العدديــة للمؤمتــر واالصــاح يف مقاعــد احملافظــات الشــمالية لــم يكــن علــى
اســاس شــعبيتهما يف تلــك احملافظــات وحســب بــل هــو ايضــا بســبب زيــادة عــدد الســكان
والدوائــر فيهــا اوال والن شــراكة االشــتراكي يف دولــة الوحــدة ليــس فقــط باعتبــاره حزب ـاً
سياســيا بــل لكونــه ميثــل اليمــن الدميقراطــي يف اعــان الوحــدة ايضــا .
وان الفــرق بــن صالــح وحلفائــه والبيــض وحلفائــه هــي يف عــدد الدوائــر هنــا وهنــاك ال يف
عــدد مقاعــد الفــوز هنــا اوهنــاك وعلــى العكــس متامــا فقــد حقــق االشــتراكي اختراقــات
هامــة ومقــدرة نســبيا بالفــوز بعديــد مــن مقاعــد الدوائــر يف احملافظــات الشــمالية علــى
خــاف كل مــن املؤمتــر واالصــاح بالنســبة للدوائــر يف احملافظــات الشــرقية واجلنوبيــة
غيــر ان كل هــذه العوامــل مت ضربهــا عــرض احلائــط ولــم يُحســبا لصالــح بقــاء شــراكة
احلــزب بــل لصالــح اقصائــه او تقليــص متثيلــه يف الدولــة كخطــو اولــى ألقصائــه نهائيــا
كمــا بيــت خصومــه ذلــك ســلفا واكــدت ذلــك اعترافاتهــم الحقــا ومنهــا مذكــرات الشــيخ
عبــد اهلل بــن حســن االحمــر نفســه .
ولذلــك ومــا ان اعلنــت االلجنــة العليــا لالنتخابــات نتائــج اول برملــان تعــددي يف اجلمهوريــة
اليمنيــة حتــى بــدأت حمــات اعالميــة وسياســية واســعة مــن قبــل املؤمتــر واالصــاح
مطالبــة بتقليــص شــراكة احلــزب يف الدولــة اعتمــادا علــى نتيجتــه االنتخابيــة التــي وضعتــه
حســب زعمهــم يف املرتبــة الثالثــة -بعــد االصــاح! -
61
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
ادرك احلــزب االشــتراكي خطــورة االســتقواء مبــا عــرف باألكثريــة العديــدة علــى طبيعــة
العالقــة املختلــة بينــه وبــن شــركائه يف الوحــدة وبــدا يطــرح بدائــل جديــة ومســؤولة
للخــروج مــن هــذا املــأزق اجلديــد ويف هــذا الســياق طــرح القيــادي االشــتراكي جــار اهلل
عمــر مقتــرح خــروج احلــزب الــى املعارضــة وتــرك الســلطة ألنــه بذلــك ســيخفف مــن ثقــل
الصــراع داخــل الســلطة مــن ناحيــة وسيســهم بكتلتــه البرملانيــة مــن موقــع املعارضــة يف
احلفــاظ علــى الدميقراطيــة والتعدديــة املســتهدفة مــن قبــل اآلخريــن مــن ناحيــة اخــرى.
رمبــا كان يلــوح باخلــروج الــى املعارضــة كتكتيــك سياســي – مــن يــدري -لعــل خصــوم
احلــزب ومــن يريــدون اقصــاءه يكتشــفون حاجــة الشــراكة مــع احلــزب للحفــاظ علــى دولــة
الوحــدة ومشــروعها الدميقراطــي أي انــه قــد ال يكــون جــادا باخلــروج الــى املعارضــة بقــدر
مــا كان جــادا يف حرصــه علــى وحــدة الدولــة واملجتمــع وتعزيــز الدميقراطيــة املــراد وأدهــا
بــوأد شــراكة احلــزب ولــو بتخويــف مــن يريــدون اقصــاءه قائــا ضمنــا بــان موقعــه يف
املعارضــة ســيكون خطــراً عليهــم ال خصمــا مــن مكانــة احلــزب كمــا يعتقــدون اوهكــذا قــد
يفهــم البعــض مــن تصريــح انضمــام االشــتراكي الــى املعارضــة .
يف املقابــل طــرح البيــض وآخــرون فكــرة نقيضــة كان آخريــن يف قيــادة احلــزب يفكــرون بهــا
مــن قبــل( ((2ولكــن لتحقيــق الهــدف نفســه تقريبــا وهــو تخفيــف حــدة التوتــر داخــل الســلطة
عبــر مقتــرح دمــج املؤمتــر واالشــتراكي يف حــزب واحــد بــدءاً مــن تشــكيل كتلــة برملانيــة
واحــدة تضــم احلزبــن يف مجلــس النــواب.
( )29التعامــل مــع اتفــاق الوحــدة كدولتــن ال كحزبــن أي تفضيــل االســتقواء بالشــراكة اجلغرافيــة واحلــق القانونــي الســابق للدولــة
علــى الشــراكة احلزبيــة والسياســية للحــزب االشــتراكي كعامــل يضمــن تقاســم الســلطة مناصفــة بــن الشــمال واجلنــوب ال بــن
االحــزاب السياســية بغــض النظــر عــن نتائــج االنتخابــات .
62
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
وفيمــا بــدا ان األمــن العــام املســاعد للحــزب ،ســالم صالــح محمــد يعتــرض علــى الدمــج
ويبحــث عــن صيغــة اخــرى للتحالــف حيــث جــاء يف تصريــح لــه « أهميــة وجــود حــزب
املؤمتــر الشــعبي ،واحلــزب االشــتراكي ،يف الســلطة ،يف إطــار كتلــة برملانيــة واحــدة ،كمــا
اتُفــق ســلفاً ،وأن ذلــك هــو الطريــق الصحيــح» يف احلفــاظ علــى مســار الوحــدة ،باعتبــار أن
احلزبــن ،هــم اللــذان حققــا الوحــدة .وبغــض النظــر عمــا أفرزتــه االنتخابــات».
لكــن هــذا االتفــاق علــى دمــج احلزبــن اثــار خالفــا داخــل االشــتراكي ومت رفضــه يف نهايــة
األمــر بأغلبيــة اعضــاء اللجنــة املركزيــة بعــد ان تغلــب املوافقــون علــى الدمــج يف املكتــب
(((3
السياســي بفــارق صــوت واحــد تقريبــا
كانــت حجــة الرافضــن لقــرار الدمــج بانــه ان مت فلــن تكــون فقــط مقدمــة إللغــاء التعدديــة
السياســية وهــي رغبــة القــوى التقليديــة القدميــة واحلديثــة خــارج احلــزب وبعض االصوات
داخلــه ولكــن ايضــا الن الدمــج لــن يحقــق اهــداف مــن يســعون لــه يف احلفــاظ علــى تخفيــف
التوتــر داخــل الســلطة بقــدر مــا ســيصعد مــن االزمــة داخــل مؤسســات الدولــة مــن ناحيــة
ويحقــق غــرض الغــاء الشــراكة احلزبيــة يف الدولــة الواحــدة.
وبــن فكــرة اخلــروج الــى املعارضــة ومقتــرح دمــج احلزبــن ثــار صــراع داخــل االشــتراكي
وبــدال مــن تقديــر حاجــة البــاد ملــا يســعى اليــه احلــزب اســتغل خصومــه هــذا اخلــاف
ومضــوا يف محاولــة شــق صفوفــه مــن بوابــة مــرض املناطقيــة التــي ظــل احلــزب يعانيهــا
داخــل صفوفــه لألســف بــن جنــوب يريــد البقــاء يف الســلطة علــى اســاس متثيــل دولــة
اجلنــوب يف اجلمهوريــة اجلديــدة وبالتالــي يريــد الدمــج مــع املؤمتــر وشــمال يريــد املعارضة
وفــض التحالــف مــع املؤمتــر واســتبداله بتحالــف جديــد مــع القــوى السياســية القوميــة
والوطنيــة واالســامية التنويريــة القريبــة مــن احلــزب وضــد حزبــي االصــاح واملؤمتــر .
63
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وامــام هذيــن اخلياريــن يجــر احلــزب الــى اخليــار املعــد لــه وهــو اقصــاؤه باحلــرب وهزميتــه
عســكرياً وسياســياً او بتقســيمه وتوســيع شــقة اخلــاف داخــل صفــوف قيادتــه ،تصاعــدت
االزمــة بــا افــق وبصــورة مزدوجــة داخــل احلــزب وضــد احلــزب وبصــورة اكبــر ممــا كان
عليــه االمــر قبــل االنتخابــات .
*يف 20مايــو 1993م قـ ّدم رئيــس الــوزراء ،حيــدر أبــو بكــر العطــاس ،اســتقالته إلــى مجلــس
الرئاســة اليمنــي ،وقــرر مجلــس النــواب تكليــف مجلــس الرئاســة ،ممارســة صالحياتــه،
ومهامــه الدســتورية كاملــة ،حتــى تتشــكل هيئــات الدولــة وفقــا لالنتخابــات وكمــا ينــص علــى
ذلــك الدســتور وحتــى يُبــت باحلــوارات غيــر املعلنــة واملتعلقــة بتعديــل الدســتور.
ولكــن ذلــك كان يكشــف حجــم االزمــة واتســاع شــقة اخلــاف حــول التعديــات الدســتورية
التــي كانــت قــد طرحــت علــى طاولــة املفاوضــات غيــر املعلنــة حلل خــاف الشــراكة الوطنية
يف الدولــة اجلديــدة وبعــد لقــاءات بــن االحــزاب الثالثــة مبــن فيهــا االصــاح أعلــن عــن
الوثيقــة الثالثيــة التــي وقعتهــا األحــزاب الثالثــة «املؤمتــر ،االشــتراكي ،اإلصــاح».
وميكــن القــول ،إن األزمــة السياســية حينهــا كانــت تتمحــور حــول مشــروع التعديــات
الدســتورية الــذي مت تســريبه وتضمــن الغــاء مجلــس الرئاســة وإبدالــه برئيــس ونائبــا
للرئيــس يعينــه الرئيــس بقــرار جمهــوري وهــذا راي املؤمتــر مقابــل طــرح االشــتراكي
الــذي اصــر علــى ابقــاء صيغــة مجلــس الرئاســة مــع صالحيــات دســتورية لنائــب رئيــس
اجلمهوريــة وال مانــع ويف حالــة اصــرار املؤمتــر علــى الغــاء صيغــة مجلــس الرئاســة فابدالــه
برئيــس ونائبــا لــه ال مانــع يف ذلــك ولكــن بشــرطني االول أي انتخابــه مــع الرئيــس مباشــرة
مــن قبــل الشــعب يف قائمــة انتخابيــة واحــدة والثانــي منحــه صالحيــات دســتورية تتعلــق
برئاســة مجالــس احلكــم احمللــي واجتماعــي مجلســي النــواب والشــورى املنتخبــن أي
االخــذ بالصيغــة الدســتورية االمريكيــة يف مــا يخــص انتخــاب نائــب الرئيــس وصالحياتــه.
النقطــة الثانيــة هــي تشــكيل الســلطة التشــريعية مــن غرفتــن (مجلــس نــواب ومجلــس
شــورى) وكانــت املوافقــة قــد متــت علــى هــذا التعديــل مــن حيــث املبــدأ لكــن الوثيقــة اعلنــت
بــدون هــذا البنــد مــا اثــار غضــب احلــزب االشــتراكي .
64
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
والنقطــة الثالثــة هــي احلكــم احمللــي واســع الصالحيــات وهــي مــا طرحــه االشــتراكي ايضــا
ورفضــه املؤمتــر واالصــاح .
والنقطــة الرابعــة هــي مــا يطرحــه االصــاح يف تغييــر املــادة الثالثــة وجعــل الشــرعية
االســامية مصــدر كل التشــريعات وهــو مــا وافــق عليــه احلــزب مــع اضافــة فقــرة اليهــا «
(((3
مــع بقــاء حــق االجتهــاد مكفــوال» او أي شــيء مــن هــذا القبيــل
وعلــى مــدار حــورات طويلــة وغيــر معلنــة افضــت الــى اتفــاق عــرف باالتفــاق الثنائــي بــن
املؤمتــر واالشــتراكي ثــم يف مــا عــرف باالتفــاق الثالثــي بتوقيــع االصــاح الــى جانبهمــا لكــن
االتفــاق االخيــر اعلــن رســميا دون النــص علــى تشــكيل مجلــس الشــورى مــن غرفتــن وهــو
مــا اثــار خــاف لــم يتــم معاجلتــه.
وقبــل البــت يف مشــروع التعديــات بصــورة كاملــة ويف ظــل اســتمرار االزمــة اعلــن عــن
تقــدمي خمســة اعضــاء لشــغل مجلــس الرئاســة وفقــا للدســتور النافــذ وبالفعــل انتخــب
مجلــس النــواب يف 11كتوبــر 1993م اعضــاء مجلــس الرئاســة واملؤلــف من خمســة أعضاء،
بينهــم الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح ،ونائبــه علــي ســالم البيــض ،وعضــو حــزب اإلصــاح،
الشــيخ عبــد املجيــد الزندانــي ،واألمــن العــام املســاعد حلــزب املؤمتــر الشــعبي ،عبــد
العزيــز عبــد الغنــي ،واألمــن العــام املســاعد للحــزب االشــتراكي ،ســالم صالــح محمــد.
فيمــا أ ّكــد نائــب رئيــس مجلــس الرئاســة ،علــي ســالم البيــض ،أنــه لــن يحضــر إلــى صنعــاء
ألداء اليمــن الدســتورية وأنــه بــاق يف عــدن ،وبــرر رفضــه حضــور اجللســة ،بقولــه «إن
صنعــاء تشــكل ترســانة أســلحة ،واســتمرار هــذا الوضــع يعنــي إبقاءنــا مقيديــن ،وأن نتقاتــل
يف مــا بيننــا» مــا كشــف ان االشــتراكي او باألصــح امينــه العــام بالــذات لــم يكــن موافقــا علــى
تشــكيل مجلــس الرئاســة قبــل االتفــاق علــى مشــروع مــواد الدســتور املطروحــة للتعديــل
بخصــوص صالحيــات النائــب واحلكــم احمللــي ومجلــس الشــورى.
( )31االتفــاق علــى هــذه الصيغــة مت بــن اعضــاء جلنــة سداســية مــن االشــتراكي واالصــاح ضمــت كال مــن الزندانــي واليدومــي
واالنســي مــن االصــاح وياســن وجــار اهلل عمــر والعطــاس مــن االشــتراكي وقــد وافــق االصالحيــون علــى صيغــة توفيقيــة اقترحهــا
كل مــن عمــر ونعمــان وهــي اضافــة عبــارة (مــع كفالــة حــق االجتهــاد ) الــى نــص اصــر عليــه االصــاح يف تعديــل املــادة الثالثــة
مــن الدســتور ليصبــح النــص املقتــرح للتعديــل مــن املــادة الثالثــة مــن الدســتور هو(االســام مصــدر كل التشــريعات مــع كفالــة حــق
االجتهــاد) او مــع بقــاء حــق االجتهــاد مفتوحــا
65
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وقــد تبــن بالفعــل ان تشــكيل مجلــس رئاســة ورئاســة ومجلــس نــواب علــى اســاس نتائــج
انتخابــات 1993م وخــروج رئاســة مجلــس النــواب مــن حصــة االشــتراكي ومنحهــا لإلصــاح
ا بــل اشــكاالً فاقــم االزمــة
باالضافــة الــى منحــه مقعــدا يف مجلــس الرئاســة لــم يكــن ح ـ ً
ولذلــك تصاعــدت االزمــة بشــكل كبيــر وكلهــا كانــت تــدور عــن كيفيــة ايجــاد ضمانــات
أخــرى لعمليــة التــوازن داخــل مؤسســات الدولــة مــن خــال ضمانــات دســتورية توكــد
املواطنــة والشــراكة وعــدم االخــال مبعيــار العدالــة يف التمثيــل و تثبيــت صالحيــات نائــب
الرئيــس يف الدســتور وانتخابــه مباشــرة مــع الرئيــس وتولــي الســلطة بعــده ان حــدث لــه
أي مكــروه.
وهــذا مــا كان يرفضــه نظــام صنعــاء بتحالفــه املؤمتــري االصالحــي ولذلــك ماطــا يف
انزالهــا الــى البرملــان حتــى تفجــرت احلــرب وكان اول قــرار بعــد انتهائهــا بهزميــة احلــزب
هــو الغــاء مشــروع التعديــات التــي تلــكا االصــاح واملؤمتــر عــن اقرارهــا بصيغتهــا النهائيــة
قبــل احلــرب .
ظلــت االزمــة تتصاعــد بعــد االنتخابــات وظــل البيــض حانقــاً يف عــدن يرفــض العــودة
الــى صنعــاء ألداء اليمــن الدســتورية وقــد كان االختــراق الوحيــد والهــام هــو ان قيــادة
االشــتراكي اســتطاعت ان تعيــد امينهــا العــام البيــض الــى مربعــه االشــتراكي والوطنــي
ومحاولــة اعادتــه الــى مؤسســات احلــزب والدولــة ودفعــه الــى حتويــل االزمــة مــن خــاف
شــخصي بينــه وبــن الرئيــس صالــح كمــا كان يظهــر مــن (حنقاتــه) املتواصلــة يف عــدن الــى
اخلــروج الــى النــاس ملخاطبــة ابنــاء الشــعب اليمنــي عمومــا بصــورة مباشــرة ووضعهــم امــام
اســباب وعوامــل االزمــة احلقيقــة.
وهــو مــا عــرف حينــه بالنقــاط ال 18التــي طرحهــا البيــض والتــي انســجم موقفــه مــن
االزمــة مــع بقيــة هيئــات احلــزب ومــن خاللهــا اســتعاد احلــزب املبــادرة وتوحيــد موقفــه مــع
موقــف أمينــه العــام عبــر طــرح كل القضايــا علنـاً ومخاطبــة النــاس مباشــرة مبــا يف ذلــك
اعــادة النظــر يف دســتور دولــة الوحــدة ومبــا يضمــن التــوازن الوطنــي والتمثيــل احلقيقــي
66
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
لــكل اليمنــن يف مؤسســات الدولــة بعيــدا عــن سياســة االقصــاء ومحاولــة االســتقواء
بالعدديــة االنتخابيــة دون مراعــاة لهشاشــة املؤسســات املختلفــة للدولــة اجلديــدة.
وخــال الفتــرة منــذ اعــان نتائــج االنتخابــات حتــى االعــان عــن التوقيــع علــى وثيقــة
العهــد يف مدينــة عــدن يف ينايــر 1994م كان البيــض قــد كســب بخطاباتــه املكتوبــة وغيــر
املكتوبــة قطاعــات واســعة مــن الشــعب يف الشــمال واجلنــوب واصبحــت خطاباتــه التــي
ظــل يلقيهــا يف اللقــاءات العامــة وتنقــل مباشــرة للــراي العــام ان يعيــد االزمــة ظاهريــا الــى
بعدهــا املوضوعــي االمــر الــذي مثــل ضغطــا علــى حتالــف املؤمتــر واالصــاح مــا احــدث
شــيئا مــن التــوازن بــن طــريف االزمــة مــن جديــد.
إذ انــه وبعــد ان حــاول االصــاح واملؤمتــر ان يســتقويا علــى احلــزب باألكثريــة البرملانيــة
القصائــه مــن الســلطة اســتطاع البيــض واالشــتراكي مــن خلفــه ان يســتقوي عليهمــا بالــرأي
العــام وبالتعاطــف الشــعبي الواســع الــذي كســبه احلــزب مبخاطبتــه مباشــرة للشــعب شــماال
وجنوبــا وبعيــداً عــن اجلهويــة والشــطرية(.((3
( )32اذكــر اننــي كتبــت مقــاال حينهــا نشــر يف صحيفــة االمــة التــي كنــت مديــرا لتحريرهــا بعنــوان « اراد صالــح االســتقواء علــى
احلــزب باألكثريــة العدديــة فــرد احلــزب باالســتقواء بالشــعب « بحثــت عــن املقــال يف ارشــيفي فلــم اجــده لألســف»
67
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وامــام هــذه املعادلــة (االســتقواء باالكثريــة العدديــة البرملانيــة مقابــل مكاشــفة النــاس
بطبيعــة االزمــة وكســب موقفهــم ) والتــي بــدت متكافئــة رضخــت االطــراف جميعهــا – امــا
خيــاراً او اضطــراراً -للحــوار ومبشــاركة كل االطــراف الوطنيــة والسياســية وخــال شــهر او
يزيــد نتــج عــن احلــوار الــذي عقــد يف عــدن برئاســة رئيــس الــوزراء حينهــا حيــدر ابــو بكــر
العطــاس عــن وثيقــة سياســية وقانونيــة ودســتورية عرفــت «بوثيقــة العهــد واالتفــاق» والتــي
مت التوقيــع عليهــا للمــرة االولــى يف عــدن يف 18ينايــر 1994م مــن قبــل االطــراف احلزبيــة
والشــخصيات الوطنيــة وعــدد مــن رجــال الفقــه الدســتوري واحملامــن.
وقــد بعــث خــروج املشــاركني يف احلــوار بوثيقــة العهــد واالتفــاق ارتياح ـاً شــعبياً ووطني ـاً
كبيــراً ال يقــل عــن ســعادة وتفــاؤل اليمنيــن بإعــان اجلمهوريــة اليمنيــة ومشــروعها
الدميقراطــي النهــم شــعروا ان الوثيقــة قــد تضمنــت معاجلــة مــا اغفلتــه اتفاقيــة الوحــدة
نفســها كالنظــام الالمركــزي مــن ناحيــة وحلــوال لــكل عناويــن االزمــة وبــان موافقــة كل
االطــراف عليهــا ســيعني انتهــاء االزمــة وعــدم الســير باجتــاه احلــرب التــي كانــت اعالمهــا
قــد رفعــت طــوال فتــرة االزمــة ولكــن امالهــم ســرعان مــا خابــت ليتبــن ان عــدم الثقــة بــن
شــركاء الوحــدة قــد بلــغ مــداه .
يذكــر ان اهــم مــا تضمنتــه وثيقــة العهــد واالتفــاق هــو االتفــاق علــى اعــادة بنــاء الدولــة
اليمنيــة دســتوريا ومبــا يضمــن ترســيخ الدميقراطيــة واالبقــاء علــى تــوازن الشــراكة يف
ا عــادالً للمواطنــن واملناطــق اليمنيــة املختلفــة يف املواقــع الســيادية ومبــا يضمــن متثيــ ً
املؤسســة التشــريعية وهــي االهــم وبحيــث ال يبــت القضايــا املصيريــة اال مــن خــال اجتمــاع
مشــترك بينهــا ومــن ذلــك االتفــاق علــى مشــروع التعديــات دســتورية دون املــس مبفهومــي
العدالــة واملواطنــة اهمهــا -:
68
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
•بقــاء صيغــة مجلــس الرئاســة مــن خمســة اعضــاء وبرئيــس ونائــب لــه مــع النــص علــى
صالحيــات جديــدة ملنصــب نائــب الرئيــس منهــا ان يــرأس مجلســي الشــورى والنــواب
يف حالــة انعقادهمــا املشــترك (املجلــس الوطنــي) وان يشــرف علــى مجالــس احلكــم
احمللــي املنتخبــة باإلضافــة الــى ان ينــوب الرئيــس يف حالــة غيابــه.
•النــص علــى تشــكل الســلطة التشــريعية مــن غرفتــن منتخبتــن مباشــرة مــن قبــل
الشــعب وهمــا ( مجلــس الشــورى) وميثــل املناطــق او احملافظــات بصــورة متســاوية
أي ان متثــل كل محافظــة او مقاطعــة مبقعديــن او اكثــر بصــورة متســاوية بغــض
النظــر عــن عــدد ســكانها او مســاحتها اجلغرافيــة علــى ان يبقــى مجلــس النــواب
(الغرفــة االولــى) ميثــل الســكان ومتثــل كل دائــرة انتخابيــة وفقــا لعــدد الســكان ولــكال
الغرفتــن صالحيــات تشــريعية ورقابيــة منفــردة ومشــتركة وان كانــت يف الشــورى اقــل
واالهــم ان القضايــا الكبــرى واملصيريــة كاحلــدود وتغييــر طبيعــة النظــام السياســي
والدميقراطــي وغيرهــا ال يبــت فيهــا اال باجتمــاع مشــترك للمجلســن والــذي يســمى
يف حالــة انعقــاده (باملجلــس الوطنــي).
•النــص بوضــوح علــى النظــام الالمركــزي واحلكــم احمللــي حتــت عنــوان (املخاليــف)
مــن خــال انتخــاب اعضــاء املجالــس احملليــة ومنحهــا صالحيــات واســعة يف ممارســة
الســلطة التنفيذيــة علــى مســتوى كل محافظــة او مقاطعــة .
باإلضافــة الــى تشــكيل هيئــة مســتقلة ومنتخبــة مــن املجلســن لإلشــراف علــى املؤسســات
االعالميــة واخــرى علــى اخلدمــة املدنيــة وقضايــا اخــرى كثيــرة .
ولــو عمــل بهــا او مبقاصدهــا يف التعديــات الدســتورية لضمنــت نظريـاً قيام نظام سياســي
دميقراطــي تشــاركي المركــزي متــن وملــا قامــت حــرب ادت نتائجهــا لألســف الــى تراجــع
ائتــاف احلــرب عــن مــا كانــا قــد وقعــا عليــه يف مشــروع التعديــات الدســتورية بــل والــى
تراجــع الدميقراطيــة وكل العناويــن الكبيــرة يف الوحــدة واجلمهوريــة والعدالــة.
69
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
كانــت وثيقــة العهــد واالتفــاق قــد تالفــت معظــم الثغــرات التــي تبــن خطورتهــا يف الغــاء
املرحلــة االنتقاليــة يف احلفــاظ علــى طبيعــة الدولــة اليمنيــة كدولــة بســيطة غيــر مركبــة
حتــى موضــوع « مخاليــف او مناطــق التــي وردت يف الوثيقــة لــم تكــن باجتــاه الفدراليــة
او االقلمــة االنقســامية خالفــا ملــا طــرح يف مؤمتــر احلــوار الوطنــي بعــد االســتيالء علــى
ثورة11فبرايــر 2011م مبــا عــرف باألقاليــم (انظــر يف امللحــق اهــم مــا تضمنتــه وثيقــة
العهــد واالتفــاق مــن بنــود ).
اعتبــر الــرأي العــام قبــول املؤمتــر واالصــاح وبقيــة القــوى التقليديــة ولــو نظريــا بالكثيــر
مــن القضايــا االساســية واملركزيــة التــي كان يطرحهــا االشــتراكي اثنــاء االزمــة انتصــاراً لــه
وألمينــه العــام وهزميــة او تنــازل كبيــر مــن كل القــوى واالحــزاب التــي وقفــت ضدهــا ثــم
ارغمــت علــى التوقيــع عليهــا مضطــرة او مختــارة .
ويف ظــل هــذه االجــواء بــدا وكأن هــذا الشــعور باإلجنــاز الكبيــر موجــود لــدى معظــم قيــادة
االشــتراكي ايضــا( ((3لكــن االمــن العــام للحــزب علــي ســالم البيــض ومنــذ اليــوم االول
للتوقيــع علــى الوثيقــة بــدأ يطــرح قضايــا وآراء يبــدو فيهــا متشــائما وغيــر مقــدر حلجــم
االجنــاز الوطنــي الــذي حتقــق يف وثيقــة العهــد ومبســاهمة اساســية منــه شــخصيا بــل بــدا
وكانــه متخوفــا مــن اقــرار الوثيقــة وحــل االزمــة !
لــم يكتــف البيــض بهــذا التشــاؤم الواضــح يف تــردده مــن اجنــاز الوثيقــة ويف التمنــع مــن
عودتــه او احلكومــة الــى صنعــاء ملمارســة الســلطة والبــدء باجــراء تعديــات دســتورية
وقانونيــة تثبــت اهــم مــا تصمنتــه بنــود وثيقــة العهــد واالتفــاق بــل وكأنــه مــن يعمــل علــى
عــدم انفــراج االزمــة مثلــه مثــل بقيــة خصومــه الذيــن كانــوا يعــدون للحــرب كخيــار وحيــد.
( )33صــادف اننــي كنــت يف عــدن بدعــوة مــن الدكتــور ياســن ســعيد نعمــان بعــد ايــام مــن التوقيــع علــى وثيقــة العهــد واالتفــاق يف
عــدن وجمعنــي مقيــل يف منــزل الدكتــور ياســن يف خــور مكســر بكثيــر مــن قيــادات احلــزب بينهــم مــن التقيتــه ألول مــرة كهيثــم
طاهــر ومحمــد ســعيد عبــداهلل وعبــد الواســع ســام والشــطفة واخريــن وجميعهــم كانــوا متفائلــن ويصــرون علــى عــودة رئيــس
الــوزراء الــى صنعــاء للبــدء بتطبيــق وثيقــة العهــد واعــان أي طــرف يعرقــل الوثيقــة وقــد قــرر العطــاس العــودة فعــا لكــن الطــرف
اآلخــر اعتــرض موكــب العطــاس يف احــد مداخــل صنعــاء ومطاردتــه الــى املنــزل حتــى يعرقــل اتفاقــا كان قــد مت داخــل قيــادة
االشــتراكي بعــودة العطــاس الــى عــدن ولــم يرجــع مــرة اخــرى حتــى تفجــرت احلــرب
70
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
لقــد ظهــر البيــض وآخريــن يف قيــادة احلــزب بنزعتهــم االنعزاليــة اجلديــدة وكأنهــم يف
خنــدق واحــد مــع خصــوم احلــزب التاريخيــن (كصالــح والشــيخ االحمــر واالخــوان) وكل
القــوى الرجعيــة واالصوليــة و الذيــن وافقــوا علــى الوثيقــة مضطريــن وانهــم يعملــون مــع
البيــض ومــن مواقــع متعارضــة للوصــول الــى احلــرب ال الــى تطبيــق وثيقــة العهــد واالتفــاق
وبهــذا الصــدد حــدث ان قــام خصــوم احلــزب بعرقلــة اجتمــاع اللجنــة العســكرية التــي
تشــكلت مبوجــب الوثيقــة لتخفيــف التوتــر داخــل صفــوف اجليــش ويف وقــت الحــق حالــوا
دون عــودة رئيــس الــوزراء حيــدر العطــاس الــى صنعــاء وهــو مهنــدس وثيقــة العهــد واالتفــاق
ورئيــس جلنــة احلــوار التــي توصلــت اليهــا وكان مختلفــا مــع البيــض يف كثيــر مــن القضايــا
ومنهــا ضــرورة العمــل مــن داخــل مؤسســات الدولــة واحلمــاس ملــا تضمنتــه الوثيقــة والبنــاء
عليهــا يف رئاســة الــوزراء( ((3يف املقابــل اصــر البيــض علــى ضــرورة التوقيــع علــى الوثيقــة
مــرة اخــرى وهــذه املــرة خــارج اليمــن وبإشــراف اجلامعــة العربيــة وحضــور عربــي رســمي
ومت املوافقــة علــى ان يكــون التوقيــع بعمــان عاصمــة االردن فعــا .
انتظــر اليمنيــون باهتمــام وتوجــس كبيريــن التوقيــع علــى وثيقــة العهــد واالتفــاق يف عمــان
بعــد أن كانــت االزمــة قــد تصاعــدت بصــورة خطيــرة منــذرة للحــرب وكان امــل اليمنيــون ان
لقــاء البيــض وصالــح بحضــور سياســي مينــي( ((3وعربــي وبرعايــة امللــك االردنــي واجلامعــة
العربيــة بــل وان يســهم يف ردم فجــوة الثقــة التــي توســعت بــن الرئيــس ونائبــه وان ذلــك قــد
يخفــف مــن حــدة االزمــة ويوقــف عجلــة الســير الــى احلــرب .
ولكــن ويــا لهــا مــن لكــن وبينمــا كانــت عدســات التلفــزة تنقــل تفاصيــل املشــهد مــن العاصمــة
االردنيــة مباشــرة الــى اليمنيــن وبقيــة العالــم فقــد كان اول مــن صــدم الــرأي العــام هــو
تأخــر وصــول البيــض الــى عمــان ثــم وبعــد وصولــه الــى املطــار رفــض النــزول مــن الطائــرة
( )34جــرت مطــاردات امنيــة بطقــوم عســكرية ملوكــب رئيــس الــوزراء املهنــدس حيــدر ابــو بكــر العطــاس علــى مدخــل العاصمــة
صنعــاء واشــعاره بانــه مســتهدف باالغتيــال وهــو مــا دفعــه للعــودة الــى عــدن مــرة اخــرى واالنحيــاز وألول مــرة الــى جانــب موقــف
البيــض يف تعنتــه يف عناويــن االزمــة واولويــات تطبيقهــا
( )35كنت احد املشاركني يف مراسم التوقيع على وثيقة العهد بعمان كسياسي وكصحفي
71
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
ألكثــر مــن نصــف ســاعة ثــم يف افتعالــه خلــاف شــخصي مــع صالــح امــام األردنيــن
ورفضــه او تأخــره عــن حضــور اللقــاء مــع صالــح وامللــك احلســن ثــم -ويــا للغبــاء – يف
صعــوده الطائــرة مغاضبــا وبــدال مــن العــودة الــى صنعــاء او عــدن توجــه الــى الريــاض!
وكان ذلــك كفيــا بتغييــر املشــهد السياســي وموقــف الــرأي العــام اليمنــي رأســا علــى عقــب
ضــد البيــض واالشــتراكي والــى جانــب صالــح وبقيــة القــوى التقليديــة ومــن حلظتهــا كان
(((3
واضحــا ان البيــض يخســر مــن جديــد مــن رصيــده الشــعبي
وعلــى العكــس بــدا خصومــه يكســبون فئــات واســعة مــن املجتمــع بعــد ان ظهــر للــرأي العــام
ان االشــتراكي وامينــه العــام لــم يكونــا صادقــن يف مطالبهمــا التــي تضمنــت وثيقــة العهــد
معظمهــا وكان قــد ســارع البعــض الــى اتهــام االشــتراكي وامينــه العــام بأنهــم ليســوا مــع
الوثيقــة كونهــم يبيتــون مطالــب انفصاليــة وفقــا ملــا كان يتهمهــم بــه صالــح غيــر ان ســفر
البيــض مباشــرة الــى الريــاض بــدال مــن العــودة الــى صنعــاء او الــى عــدن هــو مــا جعــل
غالبيــة الــرأي العــام الــى جانــب صالــح وضــد البيــض وهــو مــا اســتغله صالــح وفجــر االزمــة
حرب ـاً عرفــت بحــرب 1994م .
لقــد كان واضحــا ان تطــاول االزمــة وبنــاء كل طــرف سياســاته علــى صعوبــة حلهــا وامكانيــة
تفجرهــا حربــا قــد بلغــت مراحــل خطيــرة مــن عــدم الثقــة بــن صالــح والبيــض بدرجــة
رئيســة وبــن احلزبــن بدرجــة ثانيــة كمــا أن طــول فتــرة االزمــة وتصاعدهــا ســاهم يف
تهيئــة القــوى العســكرية نفســها إلمكانيــة حســم اخلــاف عســكريا و يف توريــط طــريف
الصــراع مبخططــات اقليميــة جلــر اليمنيــن الــى حــرب طاحنــة تســتهدف متزيــق اليمــن
واعادتــه الــى شــطرين متصارعــن بــل الــى كيانــات عديــدة يقتــل بعضهــا بعضــا.
( )36يقبــل النــاس ســفر صالــح والشــيخ االحمــر واالصــاح الــى الريــاض ودعمهــا لهــم كونهــم يف نظــر النــاس بعضــا مــن ادواتهــا
تاريخيــا لكنهــم يســتكثرون علــى البيــض واالشــتراكي التآمــر مــع الســعودية علــى اليمــن كونهــم نقيضهــا ومــن وقــف ضــد مؤامراتهــا
منــذ نهايــة ســتينات القــرن املاضــي وهــذا مــا لــم يدركــه البيــض يف افتعــال خالفــه مــع صالــح يف عمــان والتوجــه مباشــرة الــى
الريــاض وهــي اهــم الظــروف التــي وفرهــا البيــض واســتغلها صالــح لتفجيــر احلــرب
72
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
يف محافظــة أبــن وحينهــا قيــل ان احلــرب قــد نشــبت ولكــن احلقيقــة ان احلــرب كانــت قــد
تفجــرت اولــى معاركهــا يف 27ابريــل 1994م و بعمــران وبعــد دقائــق مــن خطــاب الرئيــس
صالــح النــاري يف ميــدان الســبعني والتــي طالــب فيهــا الشــعب مبحاكمــة قــادة االشــتراكي
كخونــة للوطــن وبعــد حلظــة مــن خطابــه الشــهير حدثــت مجــزرة اجلنــود واملجنــزرات داخــل
اللــواء الثالــث مــدرع بعمــران أي ان احلــرب ويــا للمفارقــة املؤملــة واملؤســفة انفجــرت بــن
ابطــال الوحــدة اليمنيــة يف الذكــرى االولــى إلجــراء اول انتخابــات دميقراطيــة وهــذا هــو
توقيــت االشــتراكيني إلعــان صالــح وحلفائــه للحــرب بينمــا لــم تعلــن احلــرب الشــاملة اال
مســاء االربعــاء املوافــق 4مايــو 1994م وتنتهــي يف 1994/7/7م.
ويف حــرب 94م املؤســفة او حــرب االنفصــال كمــا يحلــو للمنتصريــن تســميتها والتــي
اســتمرت قرابــة الشــهرين كان متوقعــا ان ينتصــر صالــح وحلفــه العســكري فيهــا او مــا
عــرف حينهــا بقــوات الشــرعية الدســتورية وان يهــزم االشــتراكيني وحلفائهــم والذيــن مت
وصفهــم «بقــوى الــردة واالنفصــال» ليــس النهــم لــم يكونــوا جاهزيــن للحــرب كمــا هــو حــال
خصومهــم( ((3بــل وألن قضيتهــم كانــت ضعيفــة بــل خاســرة متامــا امــام مــن يقاتلــون بعنــوان
الدفــاع عــن الوحــدة اليمنيــة امــام مخطــط ســعودي يقــوده البيــض لتمزيقهــا.
كمــا بــدا ذلــك للــرأي العــام خصوص ـاً بعــد اعــان البيــض لقــرار االنفصــال الفاشــل يف
21مايــو 1994م والــذي لــم يكــن لــه أي اثــر ســوى انــه عجــل مــن حســمها لصالــح خصومــه
ومنــح صالــح وحلفائــه شــرعية حلربهــم وان بأثــر رجعــي وقبــل ذلــك «تعنتــه يف عمــان
وســفره الــى الريــاض» وغيرهــا مــن املؤشــرات التــي لــم يــدرك البيــض انعكاســاتها عليــه
(((3
وعلــى نتائــج احلــرب التــي قادهــا وصالــح وحزبيهمــا اليمــن اليهــا
انتهــت احلــرب يف 7يوليــو1994م بدخــول مــا عــرف بقــوات الشــرعية عــدن وتشــردت
قيــادات احلــزب خــارج الوطــن واختــل التــوازن يف دولــة الوحــدة بغيــاب احلــزب.
( )37واضــح ان االشــتراكي لــم يكــن يعــد للحــرب او يبيتهــا منــذ وقــت مبكــر كمــا هــو حــال خصومــه وان كان قــد بــدأ يســتعد
لهــا يف وقــت متأخــر مــن االزمــة وقبــل اســابيع مــن تفجرهــا حربــا كمــا تبــن مــن صفقــة االســلحة التــي اشــتراها البيــض بتمويــل
ســعودي مــن اوكرانيــا ولــم يصــل معظمهــا اال بعــد انتهــاء احلــرب وانتصــار مــا عــرف بالشــرعية
( )38لــم يقــرأ البيــض تغيــر املــزاج الشــعبي لغيــر صاحلــه اال بعــد ان فــات االوان وحــن حــاول يف اخــر لقــاء بصالــح يف مســقط
تخفيفــه حــدة اخلــاف الشــخصي مبعانقــة صالــح كان كثيــر مــن الالعبــن قــد دخلــوا علــى خــط الــا عــودة وهومــا يفســر قــول
الدكتــور االريانــي الشــهير (لــي الفخــر اننــي مــن افشــل لقــاء مســقط )
73
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وكان اول اخلاســرين واكبرهــم هــو البيــض نفســه واحلــزب االشــتراكي اوالً وعاشــراً وابنــاء
احملافظــات التــي انتظــرت متثيــل االشــتراكي لهــا يف ســلطة الدولــة ووجــدت نفســها بــا
ســند بعــد مغــادرة احلــزب نحــو االنفصــال بــا مراعــاة لهــؤالء املواطنــن.
لقــد كان مــن اخطــر نتائــج حــرب 1994م هــو اختــال التــوازن يف الســلطة احلاكمــة
وفقــدان النظــام الدميقراطــي الناشــئ للمظلــة التــي كانــت حتميــه و التــي كان ميثلهــا
احلــزب االشــتراكي اليمنــي او باألصــح شــراكته يف نظــام دولــة الوحــدة فــكان ان اســتفرد
حتالــف احلــرب بالســلطة فســارع الــى تعديــل الدســتور مبــا ينســجم مــع اهــداف احلــرب
الهادفــة الــى الغــاء الشــراكة والتفــرد بالقــرار وبذلــك ســقط مــا عــرف (بربيــع الدميقراطية
اليمنيــة) وعــادت اليمــن تدريجيــا الــى نظــام مــا قبــل الوحــدة يف اجلمهوريــة العربيــة
(الشــمال) ســابقا وميكــن تلخيــص نتائــج احلــرب علــى النحــو التالــي -:
ً
أوال :التعديالت الدستوريه االولى (يناير 1995م )
بعــد 6اشــهر مــن توقــف االعمــال العســكرية وحتديــدا يف الفــاحت مــن ينايــر 1995م
اجريــت اول التعديــات علــى دســتور دولــة الوحــدة وتضمنــت تعديــل قرابــة 82مــادة
دســتورية اهمهــا :
•املــادة الثالثــة التــي كانــت قضيــة االصــاح االولــى كعنــوان لرفــض للوحــدة اوال ويف
عنــوان تأجيجــه لالزمــة بــن احلزبــن قبــل التوقيــع علــى وثيقــة العهــد واالتفــاق ثانيــا
وقــد نــص التعديــل علــى ان «الشــريعة االســامية مصــدر جميــع التشــريعات « بعــد
ان كان نصهــا يف دســتور دولــة الوحــدة (االســام املصــدر الرئيســي للتشــريع) كمــا
حذفــت اجلملــة املكملــة للمــادة وفقــا ملشــروع التعديــات التــي اتفــق حولهــا قبــل
احلــرب مــع االشــتراكي وهــي (مــع كفالــة حــق االجتهــاد) .
•املــادة ( )106اخلاصــة برئاســة اجلمهوريــة وجــاء التعديــل بإلغــاء صيغــة مجلــس
الرئاســة وإبدالــه برئيــس اجلمهوريــة وعلــى النحــو التالــي :
74
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
واملعنــى ان التعديــات الدســتورية لعــام 1995م قــد متحــورت حــول ما كانت تســعى إلجرائه
االطــراف املنتصــرة يف احلــرب ورفــض كل مــا كان يطرحــه االشــتراكي وحلفائــه وقطاعــات
واســعة مــن املنظمــات واالحتــادات والنقابــات والشــخصيات الوطنيــة مــن تعديــات تخــص
احلكــم احمللــي والســلطة التشــريعية وصالحيــات النائــب وغيرها.
دون مراعــاة مصلحــة الدولــة والبعــد الوطنــي فيهــا و لــو ان املنتصريــن يف احلــرب اقروهــا
بعــد هزميــة االشــتراكي عســكرياً لــكان مــن املمكــن ان تخفــف مــن حــدة االحتقــان يف
احملافظــات اجلنوبيــة وتســهم يف ابقــاء النظــام الدميقراطــي وتؤســس لالمركزيــة ولرمبــا
تفــادت اليمــن باعتمادهــا كثيــرا مــن االزمــات واحلــروب والتمزقــات التــي جــرت بعــد ذلــك
علــى خلفيــة اقصــاء شــركاء دولــة الوحــدة وتقليــص مســاحة الدميقراطيــة وزيــادة مســاحة
االســتفراد .
غيــر ان تعديــات 1994م التــي اجراهــا البرملــان دون احلاجــة الــى اســتفتاء شــعبي مباشــر
كانــت لــم متثــل تراجعـاً كبيــراً يف مــا يخــص بقيــة احلريــات واحلقــوق املكتســبة يف دســتور
75
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
الوحــدة خصوصــا اذا مــا قورنــت مــع التعديــات الثانيــة للدســتور 2001م والتــي قلصــت
مســاحة املشــاركة الشــعبية واضعفــت دور املجتمــع يف اختيــار ممثليــه ومــدت فتــرة الرئيــس
يف الســلطة وفتــرة مجلــس النــواب الــى ســبع ســنوات يف مــدة الرئيــس و ســت ســنوات يف
مــدة البرملــان كمــا ســياتي الحقــا .
جــرت االنتخابــات الثانيــة يف اجلمهوريــة اليمنيــة يف ظــل خــاف واســع بــن حــزب الرئيــس
صالــح واحــزاب املعارضــة ممثلــة بأحــزاب مجلــس التنســيق االعلــى للمعارضــة بقيــادة
االشــتراكي مــن ناحيــة وبينــه وبــن شــريك احلــرب ممثــا يف املؤمتــر الشــعبي العــام
والتجمــع اليمنــي لإلصــاح.
وفيمــا كانــت تطــرح احــزاب تنســيق املعارضــة ضــرورة اجــراء مصاحلــة وطنيــة واصالحات
قانونيــة وسياســية تهيــئ إلجــراء انتخابــات حــرة ونزيهــة وهــي الشــروط التــي تضمنتهــا
وثيقــة (الشــروط القانونيــة والسياســية إلجــراء انتخابــات حــرة ونزيهــة(.)((3
ملوحــة مبقاطعــة االنتخابــات اذا لــم يســتجب لهــا النظــام كان االصــاح يطالــب بشــروط
اخــرى قبــل اجــراء االنتخابــات بينهــا تعديــل نــص القانــون فيمــا يخــص املوطــن االنتخابــي
واجــراء تصحيــح الســجل االنتخابــي.
وقــد ظلــت االزمــة تتصاعــد مــع تصاعــد بــوادر احتجاجــات شــعبية ومطالبــة باملقاطعــة
لالنتخابــات.
كان النظــام متــرددا يف البدايــة مــن اجــراء انتخابــات برملانيــة بعــد احلــرب ال يشــارك فيهــا
االشــتراكي وامكانيــة ان تقاطعهــا جماهيــره يف احملافظــات اجلنوبيــة والشــرقية ومناطــق
( )39هــذه الوثيقــة كلفنــا انــا كأمــن عــام مســاعد حلــزب احلــق وكل مــن الدكتــور ســيف صائــل خالــد امــن عــام مســاعد احلــزب
االشــتراكي حينهــا وقيــادي اخــر مــن الناصــري لعلــه االخ محمــد الصبــري (الشــروط السياســية والقانونيــة إلجــراء انتخابــات حــرة
ونزيهــة) يف بنــود محــددة وبعــد االتفــاق علــى اخلطــوط الرئيســية فيهــا كلفــت بصياغتهــا بصيغتهــا النهائيــة وهــي ذاتهــا التــي كانــت
فيمــا بعــد الوثيقــة التــي وقــع عليهــا االصــاح ليعلــن مبوجبهــا حتالــف اللقــاء املشــترك
76
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
اخــرى يف الشــمال تضــررت مــن خــروج االشــتراكي مــن الســلطة اال ان النظــام قــرر بعــد
ذلــك ان يجــري االنتخابــات يف موعدهــا دون احلــد االدنــى مــن مطالــب املعارضــة مراهنــا
علــى شــق صفهــا مــن ناحيــة وارضــاء االصــاح بتنــازالت ماليــة وانتخابيــة مــن ناحيــة
اخــرى .
وبالفعــل فقــد و َّقــع االصــاح مــع املؤمتــر علــى وثيقــة حتالــف انتخابــي اخلــى احدهمــا
لآلخــر مبوجــب االتفــاق اكثــر مــن 70دائــرة انتخابيــة لإلصــاح مقابــل 120دائــرة للمؤمتــر
وبقيــة الدوائــر يتنافســان فيهــا دون تنســيق .
ومــا ان اقتــرب موعــد االنتخابــات حتــى غيــرت معظــم احــزاب التنســيق موقفهــا مــن
االنتخابــات وقــررت املشــاركة فيهــا علــى رأســهما التنظيــم الوحــدوي الناصــري وحــزب
احلــق وهمــا احلزبــان الوحيــدان مــن غيــر االشــتراكي اللذيــن كان لهمــا متثيــل يف برملــان
1993م (مقعــد للناصــري واثنــان للحــق) وبقــي احلــزب االشــتراكي اليمنــي والــى جانبــه
التجمــع الوحــدوي يخوضــان خالفــات داخــل صفوفهمــا هــل يقاطعــا االنتخابــات ســلبيا ام
ايجابيــا أي هــل يعمــان علــى افشــال االنتخابــات ام يكتفيــان بعــدم املشــاركة ويف االخيــر
لــم يصمــد عمليــا يف عــدم املشــاركة ســوى االشــتراكي الــذي صوتــت جلنتــه املركزيــة
لصالــح املقاطعــة بفــارق كبيــر مــن االصــوات.
وكان مراقبــون سياســيون فضــا عــن قيــادات يف االشــتراكي قــد رأوا بــأن احلــزب قــد
تضــرر ومعــه الدميقراطيــة اليمنيــة كثيــراً مــن قــرار املقاطعــة بإخالئــه الســاحة خلصومــه
إلمــاء دوائــره التــي كانــت مغلقــة لــه تاريخيــا لكــن آخريــن رأوا ان موقــف املقاطعــة كان
اضطراريـاً وضروريـاً كونــه الطــرف الوحيــد الــذي اســتهدفته احلــرب واســتهدفت جمهــوره
وصــادرت مقراتــه واموالــه كغنيمــة حــرب وان أي مشــاركة لــه لــن تعنــي ســوى تأكيــد
هزميتــه يف احلــرب شــعبياً ومنــح حلفــاء احلــرب مشــروعية انتصارهــم عليــه مــرة اخــرى.
77
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
واملعنــى فقــد ســقط االتفــاق والتنســيق بــل والتحالــف بــن حزبــي حتالــف احلــرب ملجــرد ان
غــاب عدوهمــا املشــترك (االشــتراكي) مبقاطعتــه لالنتخابــات والــذي كان ميثــل باســتمرار
جامــع مشــترك ملــا عــرف بالتحالــف االســتراتيجي بــن املؤمتــر واالصــاح ولعــل هــذا مــا
عــزز لــدى البعــض صوابيــة مقاطعــة االشــتراكي لالنتخابــات كونــه قــد اســهم يف تفكيــك
حتالــف احلــرب واصــاب العالقــة التاريخيــة بينهمــا بجــروح عميقــة .
.عمليــة سياســية أيـاً كانــت حتــى ال يطبــع احليــاة مــع النظــام وهــو رأي ظــل مســتمرا داخــل
احلــزب وان كان محــدودا يف قياداتــه العليــا علــى االقــل.
وكمــا كان متوقعــا فقــد حصــد املؤمتــر غالبيــة مقاعــد البرملــان مبــا عــرف باألغلبيــة املريحة
( )187مقعــدا باســم احلــزب باالضافــة الــى 54دائــرة فــاز بهــا االصــاح باإلضافــة الــى
ثالثــة مقاعــد للناصــري ومقعــدان للبعــث.
ومــع ان نســبة خســارة االصــاح يف الدوائــر مقارنــة بعــدد مقاعــده يف الــدورة التــي
ســبقتها( )18دائــرة اال ان هزميتــه السياســية كانــت مدويــة وخــرج مــن االنتخابــات مكســورا
كمــا عبــر الشــيخ عبــداهلل حينها(دوائرنــا اخذناهــا مــن فــم الوحــش) ويف بيــان للتجمــع قــال
« لــم يكــن صحيحــا يف هــذه االنتخابــات ســوى اجرائهــا يف موعدهــا) .
وكانــت الهزميــة السياســية الكبــرى لــه يف العاصمــة صنعــاء ومحافظــات اب وتعــز وحتــى
دوائــر احملافظــات الشــمالية لــم يحقــق فيهــا فــوزا ســوى مرشــحي الشــيخ عبــداهلل وابنائــه
ونفــوذه ال نفــوذ االصــاح (االخــوان املســلمني) مــا يعنــي ان هزميــة االصــاح كانــت كبيــرة
ويف كل املســتويات .
وحســب مراقبــن فقــد عبــر الناخبــون يف معظــم دوائــر اجلمهوريــة عــن غضبهــم علــى مــا
افرزتــه حــرب صيــف 94م مــن ناحيــة وتخوفهــم مــن صعــود حــزب ايدلوجــي الــى الســلطة
واالســتفراد بهــا مــا دفــع الغالبيــة الكبــرى مــن الناخبــن للتصويــت ملرشــحي املؤمتــر ضــد
مرشــحي االصــاح وهــو مــا اســتغله االخيــر يف معركــة اقصــاء االصــاح بعــد اقصــاء
االشــتراكي وكان أول اجــراء هــو الغــاء املعاهــد العلميــة بعــد انتخابــات 1997م وان كان قــد
مت بالتدريــج حتــى الغيــت نهائيــا يف مايــو 2001م.
78
01 الفصل األول :من ربيع الديمقراطية إىل انفجار احلرب
وكمــا قلنــا فقــد خــرج االصــاح مــن االنتخابــات رمبــا ألول مــرة وهــو يشــعر مبــرارة كبيــرة
وبأنــه حــزب معــارض وضعيــف كبقيــة االحــزاب االخــرى واعيــا مبــدى ثقــل اجهــزة الدولــة
علــى توجهــات الناخبــن وان التزويــر املباشــر يف االقتــراع وهــو مــا مارســه بقــوة احلزبــان
وبالــذات التصويــت باســم املهاجريــن واالمــوات ومــارس ذلــك االصــاح رمبــا اكثــر مــن
املؤمتــر اال ان حســم النتيجــة هــي يف توجهــات الناخبــن قبــل يــوم االقتــراع.
وهــذا كلــه ســمح لإلصــاح اضطــرارا بــأن يقتــرب مــن احــزاب املعارضــة يف مجلــس
التنســيق ألول مــرة لكنــه مــا لبــث ان تراجــع باتفــاق اخــر مــع صالــح يف اول انتخابــات
رئاســية ويف التعديــات الدســتورية وهــي الثانيــة واالكثــر ضــررا علــى النظــام الدميقراطــي
علــى االطــاق .
لقــد كشــفت انتخابــات مــا بعــد حــرب صيــف 1994م فداحــة االضــرار التــي تلقتهــا
السياســة يف اليمــن وجتربتهــا الدميقراطيــة يف حــرب صيــف 1994م واالخــال بالتــوازن
بإقصــاء االشــتراكي بالقــوة.
وهكــذا اتــت نتائــج االنتخابــات لتشــير الــى ان البرملــان اصبــح اقــل متثيــا لألحــزاب
وللمــرأة وللفئــات االجتماعيــة وكان مــن الطبيعــي للســلطة ان تســتغل اغلبيتهــا املريحــة –
والكاســحة فيمــا بعــد -يف البرملــان لكــي تعيــد النظــر يف كل التشــريعات الدميقراطيــة
التــي صــدرت إبــان مرحلــة ربيــع الدميقراطيــة اليمنيــة «املرحلــة االنتقاليــة»
79
الفصل املشهد عشية االنتخابات.
استقالة فرج بن غامن.
انتفاضة 20يوليو الدموية.
إستفتاء أم إنتخابات
اتــى موعــد اول انتخابــات رئاســية تنافســية ومباشــرة يف تاريــخ اجلمهوريــة اليمنيــة بعــد
خمــس ســنوات علــى تعديــات 1994م الدســتورية التــي كانــت قــد نصــت علــى الغــاء
املجلــس الرئاســي وابدالــه برئيــس جمهوريــة ينتخــب باالقتــراع احلــر واملباشــر مــن قبــل
الشــعب ويف انتخابــات تنافســية ولفتــرة خمــس ســنوات يحــق لــه ان يترشــح لدورتــن.
وقــد اعتبــرت املعارضــة هــذه االســتحقاق فرصــة جديــدة إلعــادة االعتبــار للدميقراطيــة
التــي اهينــت باحلــرب وباســتحقاقات مــا بعــد احلــرب ولذلــك وبعــد جــدل واســع قــرر
احلــزب االشــتراكي وحلفــاءه يف مجلــس التنســيق االعلــى للمعارضــة خوضهــا بجديــة وقــدم
احلــزب امينــه العــام املناضــل علــي صالــح عبــاد «مقبــل» مرشــحا باســمه وباســم احــزاب
املعارضــة.
وبســبب اتفــاق االشــتراكي واحــزاب تنســيق املعارضــة علــى مرشــح جــدي واحــد هــو امــن
عــام االشــتراكي نفســه مــن ناحيــة ،ولكونهــا اول انتخابــات مباشــرة للتنافــس علــى اعلــى
منصــب يف الدولــة فقــد بــدا وكان املشــهد السياســي يتغيــر مــن جديــد لصالــح الدميقراطية
والتعدديــة والشــراكة الوطنيــة خصوصــا حــن اعلــن امــن عــام احلــزب احلاكــم حينهــا ان
املؤمتــر قــرر منــح مرشــح االشــتراكي التزكيــة املطلوبــة يف البرملــان.
لكــن ومــا ان احتشــدت املعارضــة بزعامــة االشــتراكي خلــوض االنتخابــات وبــدأت تعقــد
ندواتهــا لتوعيــة جماهيرهــا بأهميــة املشــاركة الفاعلــة يف االنتخابــات حتــى انتكــس املشــهد
كليــا وحتولــت اآلمــال العريضــة الــى خيبــة آمــال عريضــة ايضــا وانعكســت ضــررا علــى
اجلميــع وقــد لعــب االصــاح لألســف والقــوى العســكرية يف نظــام صالــح يف الضغــط عليــه
لســحب وعــد ســبق ان قطعــه لتزكيــة مرشــح احلــزب يف البرملــان .
83
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
كان االصــاح قــد اعلــن ومــن وقــت مبكــر ان ال مرشــح لــه يف هــذا الســباق الرئاســي ســوى
الرئيــس صالــح (مرشــحنا الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح وال نعلــم مــن هــو مرشــح املؤمتــر)
وهــو مــا جــاء علــى لســان امــن عــام االصــاح محمــد اليدومــي يف احــدى النــدوات التــي
كانــت تناقــش موضــوع االنتخابــات الرئاســية .
كان واضحــا ان االصــاح بهــذا التصريــح يحــاول التقــرب مــن صالــح مقابــل التعريــض
بحزبــه « املؤمتــر» وكانــه بذلــك يريــد ايصــال رســالة الــى صالــح مفادهــا ان اخلــاف
الــذي حــدث بيننــا يف انتخابــات ٢٧ابريــل ١٩٩٧م لــم يكــن بســبب موقفنــا مــن الرئيــس
بــل بســبب الــدور الشــرير الــذي قــام ويقــوم بــه املؤمتــر الشــعبي العــام لفــض التحالــف
االســتراتيجي بــن صالــح واالخــوان وانــه يضعــف بذلــك صالــح وليــس االصــاح.
وقــد جــاء ذلــك يف ســياق سياســة قدميــة ومعمــول بهــا يف االصــاح وهــي سياســة الســعي
الــى فــض االرتبــاط بــن املؤمتــر والرئيــس او اســتقالة الرئيــس ليكــون رئيســا للجميــع ويف
ظــل تنافــس االصــاح واملؤمتــر علــى تقــدمي الــوالء لصالــح علــى حســاب اآلخــر.
وقــد اعتقــد االصــاح ان مجــرد حديــث االشــتراكي عــن تقــدمي مرشــح منافــس لصالــح هي
الفرصــة املناســبة إلقنــاع صالــح بحاجتــه الــى االخــوان كمــا كان حالــه منــذ توليــه الســلطة
وطــوال مــا كان االشــتراكي عــدوا مشــتركا لهمــا وهــا هــو االشــتراكي يعــود ملعــاداة صالــح
يف قــرار منافســته يف االنتخابــات فلمــا ال نتقــرب مــن جديــد يف ظــل عــدو مشــترك يحــاول
ان يعــود!
وقــد تبــن ان التخويــف مــن خطــورة اســتعادة أي دور لالشــتراكي يف املشــهد السياســي
بعــد هزميتــه باحلــرب كان اهــم الدوافــع لســحب التزكيــة عــن مرشــح احلــزب واملعارضــة
حتــى قيــل ان االصــاح ويف اجتمــاع مشــترك بــن احلليفــن بالــغ يف تخويــف النظــام مــن
خطــورة تزكيــة علــى صالــح عبــاد « مقبــل» الــى درجــة رفــع تقاريــر زائفــة بــأن االنتخابــات
ستقســم اليمــن بــن جنــوب مــع «مقبــل» وشــمال مــع «صالــح» مــن ناحيــة .
وبــأن االشــتراكي وباألصــوات التــي ســيحوز عليهــا مرشــحه حتــى ولــو لــم يفــز فإنــه ســيعود
لطــرح قضيــة االنفصــال مــن جديــد فيمــا احلقيقــة ان التخــوف كان مــن امكانيــة عــودة
84
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
االشــتراكي ليشــكل رقم ـاً صحيح ـاً وكبيــراً يف االنتخابــات الرئاســية حيــث ســيكون ومــا
ســيجمعه مــن اصــوات ويطرحــه مــن قضايــا هــو حــزب املعارضــة االول خصوصــا يف
ظــل غيــاب االصــاح بقــراره عــدم منافســة صالــح وتأكيــده انــه جــزء مــن الســلطة ال مــن
املعارضــة االمــر الــذي جعلــه يعمــل اكثــر مــن املؤمتــر علــى عــدم منــح مرشــح االشــتراكي
تزكيــة خــوض االنتخابــات.
واخلالصــة فقــد قــرر صالــح مــع حتالــف احلــرب (اصالح – مؤمتر) رفض منــح «مقبل» أي
صــوت لتزكيــة ترشــيحه يف البرملــان حيــث كان يحتــاج الى29صوتــا يف مجلــس النــواب وفقــا
للدســتور ولــم تكــن املعارضــة متلــك هــذا العــدد بســبب مقاطعــة االشــتراكي لالنتخابــات
البرملانيــة التــي ســبقت هــذا االســتحقاق ولذلــك لــم يحــز مقبــل ســوى علــى 7اصــوات فقــط
هــم جميعــا مــن كتلتــي الناصــري واملســتقلني االشــتراكيني يف البرملــان.
بعــد رفــض تزكيــة مرشــح املعارضــة خــاض صالــح االنتخابــات منفــردا مبرشــح شــكلي عينه
هــو حينهــا وحتولــت االنتخابــات الــى مهزلــة سياســية حــن نافــس «احلصــان ذيلــه»
(((4
وقــد تضــرر مــن تلــك االنتخابــات غيــر التنافســية واالقــرب الــى االســتفتاء الرئيــس صالــح
نفســه حــن تغيــب الناخبــون عــن املشــاركة فيهــا بصــورة كبيــرة وغيــر مســبوقة وحســب
تقاريــر غيــر رســمية «ان نســبة املشــاركني يف االقتــراع لــم تتجــاوز ال %25مقابــل قرابــة
الـــ %75تغيبــوا عنهــا وال اقــول قاطعوهــا وغالبيتهــم مــن حــزب الرئيــس نفســه.
ولــم يكــن ســبب غيــاب الناخبــن عــن املشــاركة يف رئاســيات ســبتمبر1999م النهــم ضــد
ترشــح صالــح او ضــد فــوزه يف الســباق الرئاســي بــل النهــم كانــوا يعتقــدون ان مشــاركتهم
فيهــا لــم يعــد لهــا فائــدة وال حتســم نتيجــة فــوز صالــح مــن عدمــه بعــد ان اصبــح فــوزه
حتمي ـاً واقــرب الــى االســتفتاء بخــروج املنافــس الوحيــد.
* فيمــا يلــي بحــث مفصــل عــن االنتخابــات الرئاســية لعــام 1999م ومواقف االحــزاب منها)
وتداعيــات اقصــاء مرشــح املعارضــة علــى نســبة املشــاركة وعلــى تراجــع الدميقراطيــة وثقــة
( )40إشارة الى أن كال املرشحني (علي عبداهلل صالح وقحطان الشعبي) من املؤمتر الشعبي العام .
85
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
املواطنــن يف امكانيــة التغييــر عــن طريــق االنتخابــات وهــو بحــث ســبق ان قدمتــه الــى
مركــز الدراســات والبحــوث اليمينــة يف صنعــاء بتاريــخ 23-صفــر 1421هـــ -املوافــق 27
مايــو 2000م كجــزء مــن عمــل اقــوم بــه كباحــث يف املركــز واعيــد نشــر اهــم مــا تضمنــه
البحــث يف هــذا الكتــاب ألهميتــه يف كشــف طبيعــة ازمــة الدميقراطيــة االنتخابيــة اليمنيــة
وعلــى النحــو التالــي -:
86
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
عندمــا دلــف العــام1999م عــام االنتخابــات الرئاســية األولــى يف ظــل اجلمهوريــة اليمنيــة،
لوحــظ أن معظــم اليمنيــن مبــن فيهــم النخــب السياســية واالجتماعيــة املؤطــرة حزبيــا،
غيــر مهتمــن كثيــراً مبوضــوع االســتحقاق الرئاســي ،علــى رغــم أن االنتخابــات الرئاســية
جتــري ألول مــرة «تنافســية» وعــن طريــق االقتــراع العــام املباشــر منــذ قيــام الوحــدة وإعالن
اجلمهوريــة اليمنيــة 22آيــار مايــو 1990م بــل هــي االولــى علــى هــذا النحــو طــوال تاريــخ
اليمــن بشــطريه قبــل الوحــدة.
ً
أوال :املشهد السياسي واالجتماعي عشية االنتخابات
ويف هــذا االجتــاه ميكــن رصــد ثالثــة أو أربعــة عناويــن مثلــت املشــهد اليمنــي [سياســياً
وأمنيــاً واقتصاديــاً] حينهــا ،وكان لهــا عالقــة مباشــرة باملوقــف الشــعبي العــازف عــن
املشــاركة وإلــى حــد مــا يف التأثيــر علــى املوقــف احلزبــي املتــردد ولعــل مــن اهــم العوامــل
مــا ميكــن رصــده يف العناويــن التاليــة :
ففــي 27ابريــل1997م أجريــت ثانــي انتخابــات برملانيــة ،وقــد تنافــس فيهــا عمليـاً حزبــان
سياســيان رئيســيان همــا :املؤمتــر الشــعبي العــام والتجمــع اليمنــي لإلصــاح بعــد مقاطعــة
احلــزب االشــتراكي وعــدد آخــر مــن أحــزاب املعارضــة،
ورغــم العالقــة الوثيقــة بــن املؤمتــر واإلصــاح تاريخيـاً والتــي يحلــو لقيادتهمــا تســميتها
بـ»العالقــة االســتراتيجية» ،إال أن التنافــس االنتخابــي بينهمــا يف تلــك االنتخابــات كان
تنافســاً حــاداً وصراعيــاً يف كثيــر مــن جوانبــه تخللتــه االتهامــات املتبادلــة حــول تزويــر
قوائــم الناخبــن والعمليــة االنتخابيــة برمتهــا إلــى درجــة أن البيــان األول لإلصــاح بعــد
إعــان النتائــج اعلــن فيــه ( أن موعــد االنتخابــات وحــده هــو الصحيــح يف انتخابــات مــزورة
مــن أولهــا إلــى آخرهــا)،
87
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
ليــس هــذا وحســب ،بــل وتخللــت هــذه االنتخابــات اشــتباكات مســلحة بــن مرشــحي
احلزبــن وأنصارهمــا يف العديــد مــن محافظــات اجلمهوريــة ودوائرهــا االنتخابيــة ،وســقط
جراءهــا قتلــى وجرحــى بــن الطرفــن.
وقــد أحــدث هــذا الوضــع شــروخاً عميقــة يف جــدار العالقــة التاريخيــة بــن احلزبــن
االكبــر يف اخلارطــة السياســية حينهــا وقــد تعمقــت هــذه الشــروخ ومتددت لتمــس العالقات
االجتماعيــة بــن أتبــاع وأنصــار املؤمتــر واإلصــاح يف عــرض وطــول اخلارطــة اجلغرافيــة
ا آخــراً مــن عوامــل التوتــر السياســي واالجتماعــي الــذي
للوطــن ،األمــر الــذي أضــاف عامـ ً
تعيشــه اليمــن وكانــت تعيشــه عشــية االنتخابــات الرئاســية .
لــم تكــن حالــة التوتــر واالحتقــان السياســي واالجتماعــي هــي الشــيء الوحيــد الــذي افرزتــه
نتائــج االنتخابــات بــل انهــا قــد افــرزت ايضــا مجلس ـاً تشــريعياً ضعيف ـاً بســبب اغلبيتــه
البرملانيــة املريحــة التــي امتلكهــا احلــزب احلاكــم واصبــح بــا تأثيــر يذكــر علــى سياســات
احلكومــة وإجراءاتهــا بعــد أن اصبــح ملــك احلكومــة ال معارضــا لسياســاتها وبعــد ان
ـبب أو آلخــر أكثــر مــن ثالثــة أحــزاب للمعارضــة كانــت ممثلــة يف البرملــان
خرجــت منــه لسـ ٍ
(((4
الســابق «-97 - 93م»
اضــف الــى ذلــك خــروج شــخصيات برملانيــة قويــة وفاعلــة حتــى مــن اعضــاء احلــزب
احلاكــم كانــوا باإلضافــة الــى زمالئهــم مــن اعضــاء املعارضــة هــم الدينمــو احملــرك لفاعليــة
البرملــان ودوره الرقابــي علــى احلكومــة .
لقــد ادت نتائــج انتخابــات 1997م الــى خــروج اإلصــاح مــن االئتــاف احلكومــي الســابق،
وخــروج االشــتراكي وعــدد آخــر مــن أحــزاب املعارضــة مــن مجلــس النــواب إلــى الشــارع
السياســي واصبحــت تعبــر عــن آرائهــا مــن خــارج املؤسســات الدســتورية،
وبقــراءة كل مــا ســبق تكــون النتيجــة الطبيعيــة هــي تراجــع التجربــة الدميقراطيــة اليمنيــة
خصوصـاً يف جانبهــا اإلجرائــي «االنتخابــات» بعــد ضــرب مضمونهــا السياســي يف احلــرب
وتداعيانهــا األمــر الــذي عمــق لــدى معظــم الشــرائح االجتماعيــة الشــعور بصعوبــة املراهنــة
علــى عمليــة التغييــر مــن خــال النضــال الســلمي وآليــات الدميقراطيــة التعدديــة. ،
( )41واالحزاب التي خرجت من البرملان يف ١٩٩٧م هي -:حزب احلق مقعدان وحزب الناصري الدميقراطي مقعد وحزب الناصري مقعد.
88
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
وال شــك أن ذلــك قــد تســبب وبصــورة مباشــرة يف عــزوف املواطنــن عــن املؤسســات املدنيــة
كاألحــزاب واملنظمــات والنقابــات املهنيــة ،كمــا ســ َّرع ذلــك يف عمليــة البحــث مــن قبــل
شــرائح عديــدة داخــل املجتمــع عــن أطــر وقنــوات غيــر قانونيــة وغيــر ســلمية للتعبيــر عــن
مطالبهــا وحقوقهــا علــى اعتبــار أن األحــزاب واملؤسســات املدنيــة -يف نظرهــا -غيــر قــادرة
علــى إحــداث أي تغييــر فعلــي يف الوضــع القائــم .
ولعــل ظهــور عناصــر وجماعــات متطرفــة متــارس العنــف بعــد انتخابــات 97م البرملانيــة،
لــه عالقــة مباشــرة بســد القنــوات الشــرعية والدســتورية أمــام شــرائح وفئــات واســعة مــن
الشــعب وإغالقهــا يف وجوههــم ،األمــر ذاتــه ينســحب علــى تزايــد أعمــال االختطافــات
وقطــع الطرقــات وتصاعــد احلــروب اجلزئيــة بــن القبائــل واألفــراد والتــي ارتفعــت حدتهــا
خــال عامــي ٩٨-٩٧م .وكلهــا أثــرت حتمــا وبصــورة ســلبية علــى موقــف الــرأي العــام مــن
االنتخابــات الرئاســية االولــى باجتــاه عــدم االهتمــام بهــا او التفاعــل معهــا .
العنــوان الثانــي «لألزمــة» أو للمشــهد السياســي ملــا قبــل رئاســيات 1999م هــو ذلــك العنــوان
الــذي ينــدرج حتتــه أو ضمنــه النتائــج السياســية واالجتماعيــة التــي خلفتهــا اســتقالة
الدكتــور فــرج بــن غــامن كرئيــس للحكومــة اليمنيــة بتاريــخ 98/4/3م
ويف هــذ الســياق جنــد ان حكومــة االســتاذ فــرج بــن غــامن كانــت قد شــكلت بعــد االنتخابات
البرملانيــة الثانيــة 27أبريــل 97م) وبعــد مشــاورات وحــوارات طويلــة ومكثفــة أجراهــا
رئيــس اجلمهوريــة أســتقر الــرأي بعدهــا وبعــد رفــض اإلصــاح املشــاركة يف احلكومــة علــى
شــخص الدكتــور فــرج بــن غــامن وهــو شــخصية مســتقلة ال ينتمــي حزبيــا الــى عضويــة
احلــزب احلاكــم «املؤمتــر» او أي مــن احــزاب املعارضــة االخــرى.
وملــا عــرف مــن نزاهــة الدكتــور فــرج بــن غــامن فقــد استبشــر الــرأي العــام خيــراً برئاســته
ـاح كبيــر حيــث بــدا األمــر
للحكومــة وتقبلــت شــرائح واســعة يف املجتمــع قــرار تعيينــه بارتيـ ٍ
89
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
بالنســبة لهــم وكأن فرصــة جديــدة للتغييــر الســلمي مــن قمــة الســلطة قــد الحــت يف األفــق
مــن جديــد ،وكان ذلــك طبيعيـاً بالنســبة للــرأي العــام والشــرائح الشــعبية املختلفــة بالنظــر
إلــى عاملــن اثنــن لــم يكونــا متوافريــن يف احلكومــات الســابقة منــذ قيــام الوحــدة علــى
األقــل:
األول :هــو أن الدكتــور فــرج بــن غــامن يتولــى املنصــب ألول مــرة علــى خــاف كثيــر مــن
رؤســاء احلكومــات الســابقة الذيــن تولــوا املنصــب ذاتــه ألكثــر مــن مــرة ،مــا جعــل النــاس
ينظــرون إلــى حكومــة الدكتــور فــرج بــن غــامن كحكومــة جديــدة حتمــل برامــج وسياســات
مختلفــة عــن ســابقاتها ،يســبقه ذلــك بعـ ٌد آخــر اهــم يف هــذا التفــاؤل وهــو أن الدكتــور فــرج
بــن غــامن معــروف لــدى النــاس بكفاءتــه وخبرتــه ونزاهتــه ،وهــي صفــات –وبالــذات الصفــة
األخيرة-لــم تكــن متوفــرة نســبياً يف رؤســاء معظــم احلكومــات الســابقة لــه .
الثانــي :أن فــرج بــن غــامن شــكل حكومــة غيــر ائتالفيــة جميــع أعضائهــا تقريبــاً مــن
حــزب واحــد هــو املؤمتــر الشــعبي العــام وهــو مــا يحصــل ألول مــرة أيضــاً منــذ قيــام
الوحــدة اليمنيــة 1990م ،مــا يعنــي إمكانيــة وجــود نــوع مــن االنســجام والتوافــق وبالتالــي
انتفــاء عامــل جتــاذب أو تصــارع القــرار داخــل صفــوف احلكومــة ،وزوال إحــدى أهــم
احلجــج التــي كانــت تتحجــج بهــا الســلطة كتبريــر لعــدم قيامهــا بإجــراء إصالحــات سياســية
واقتصاديــة وضبــط احلالــة األمنيــة .
غيــر أن هــذا األمــل الــذي الح باألفــق ســرعان مــا تبــدد تدريجيــاً مــع ظهــور خالفــات
داخــل صفــوف احلكومــة وبــن احلكومــة والقيــادة السياســية ،وصلــت إلــى ذروتهــا بتقــدمي
الدكتــور فــرج بــن غــامن اســتقالته يف شــهر إبريــل 98م أي بعــد عــام واحــد مــن تشــكيلها
كمــا ســبق ان وعــد غــامن نفســه وشــعبه بذلــك عنــد تكليفــه.
لقــد ســاهمت االســتقالة يف رفــع أرصــدة الدكتــور فــرج بــن غــامن كشــخص وكمســئول لــدى
معظــم شــرائح املجتمــع ،حيــث ظهــر أمــام الــرأي العــام كرجــل شــجاع اســتطاع دون غيــره
مــن رؤســاء احلكومــات الســابقة وبــدون أن يكــون لــه حــزب سياســي أو فئــة اجتماعيــة تعــزز
نفــوذه يف الســلطة ،أن يقــول «ال» ملــا رآه فســاداً داخــل مفاصــل الدولــة واحلكومــة ،و»ال»
90
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
حلكومــة بــدون صالحيــات وال ميلــك رئيســها حــق تغييــر وزرائــه او مــن يعتقــد انهــم قــد
(((4
اثبتــوا فشــلهم خــال عــام مــن توليهــم ملناصبهــم
لكــن اعجــاب النــاس مبوقــف بــن غــامن وقــرار اســتقالته لــم يكــن يعنــي ســوى مزيــد مــن
مشــاعر اليــأس واإلحبــاط لــدى معظــم الشــرائح الشــعبية مــن امكانيــة التغييــر الــى
االفضــل مــن خــال املؤسســات احلاكمــة القائمــة معتقديــن أن ال فائــدة ترجــى مــن الوضــع
السياســي القائــم أو املراهنــة علــى إمكانيــة التغييــر مــن خــال مؤسســاته وحســب تعبيــر
احــد السياســيني ( إذا كان بــن غــامن املعــروف بكفاءتــه ونزاهتــه قــد عجــز عــن تغييــر عــدد
مــن وزرائــه أو إحــداث أي إصــاح سياســي أو اقتصــادي يذكــر بســبب مراكــز النفــوذ يف
الســلطة وانغمــاس العديــد منهــا يف وحــل الفســاد املستشــري فكيــف ألي شــخص آخــر أن
يصلــح مــا أفســده الدهــر) مــن وجهــة نظرهــم ؟
ومبعنــى آخــر لــم تــؤد اســتقالة فــرج بــن غــامن إلــى فقــدان األمــل مــن إمكانيــة التغييــر مــن
خــال قمــة الســلطة احلاكمــة وحســب ،بــل وفقــدان الثقــة باملؤسســات الدســتورية القائمــة،
وقــد كان لذلــك دور مؤثــر يف رفــض معظــم الشــرائح االجتماعيــة املشــاركة يف أي نشــاط
سياســي مــن خــال آليــات الدميقراطيــة اليمنيــة ومنهــا آليــة االنتخابــات الرئاســية.
( )42كتبــت الصحــف حينهــا ان بــن غــامن ســعى بعــد عــام مــن توليــه رئاســة احلكومــة الــى احــداث تعديــل فيهــا يتــم مبوجبــه تغييــر
7وزراء بينهــم وزيــر الشــباب والرياضــة حينهــا فرفــض صالــح او ماطــل وتلــكأ فاضطــر بــن غــامن لتقــدمي اســتقالته وقــد حاولــت
ان أتأكــد مــن هــذا بســؤال مباشــر طرحتــه علــى املرحــوم فــرج بــن غــامن لكنــه تفــادى االجابــة فعلمــت انــه ال يريــد االجابــة او ان
مــا قالتــه الصحافــة غيــر دقيــق.
91
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وهــي االحتجاجــات التــي تطــورت الــى اعمــال شــغب واســعة يف صنعــاء وعمــران وتســببت
باشــتباكات عســكرية بــن قــوات اجليــش واألمــن ورجــال القبائــل يف محافظتــي مــأرب
واجلــوف واســتمرت قرابــة الشــهرين ســقط خاللهــا العشــرات مــن الضحايــا يف صفــوف
قــوات اجليــش ورجــال القبائــل .
اال أن صخــب املظاهــرات واتســاع نطــاق االشــتباكات كان يشــير إلــى تراكمــات أزمــة
عميقــة بــن احلكومــة والشــعب واحتقانــات واســعة وســخط شــعبي عــام جتــاه أخطــاء
حكومــة املؤمتــر الشــعبي العــام برئاســة الدكتــور عبــد الكــرمي اإلريانــي وعــدم قدرتهــا علــى
تلبيــة احلــد األدنــى مــن مطالــب الشــعب الضروريــة .
واخلالصــة فقــد كان رفــع ســعر املشــتقات النفطيــة ومــا يعــرف شــعبيا «باجلرعــة» هــي
القشــة التــي قصمــت ظهــر البعيــر ومبــا يفجــر حالــة االحتقــان الشــعبي املتراكــم علــى
خلفيــة معانــاة الشــعب املعيشــية وتزايــد نســبة البطالــة وقلــة الدخــول ،وغيــاب أجهــزة
الدولــة خصوصـاً يف محافظــات شــمال الشــمال حيــث تنعــدم الدولــة وخدماتهــا كليـاً ،مــن
ناحيــة وتعبــر مــن ناحيــة اخــرى عــن حالــة اليــأس مــن امكانيــة التغييــر بالطــرق الســلمية
وعــن طريــق االنتخابــات بســبب إصــرار الدولــة علــى عــدم افســاح أي فرصــة للصــوت
االنتخابــي ليكــون لــه تاثيــر يف اوضــاع النــاس املعيشــية بــل اصــرت الســلطة علــى تشــكيل
92
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
احلكومــة ذاتهــا التــي اســتقال منهــا الدكتــور فــرج بــن غــامن واملجــيء برئيــس لهــا ســبق
وأن جــرب يف هــذا املنصــب أكثــر مــن مــرة وهــو املعــروف يف أوســاط النــاس كشــخصية
متحمســة بــل ومتطرفــة يف موضــوع تنفيــذ «رشــتات البنــك الدولــي» والتــي ال يعــرف منهــا
الشــعب ســوى ارتفــاع األســعار واجلرعــات املتتاليــة يف رفــع الدعــم عــن الســلع األساســية،
األمــر الــذي عاظــم مــن ســخط الشــعب جتــاه اإلريانــي .
دون اغفــال حقيقــة ان هنــاك قــوى سياســية ودينيــة ومشــايخية (ســارعت الــى تغذيــة هــذه
املشــاعر الســاخطة مــن حكومــة االريانــي التــي تعاديــه اصــا -هــذه القــوى -باعتبــاره
مــن اكثــر رمــوز العلمانيــة تطرفـاً يف نظــام صالــح واملعاديــة جلماعــة االخــوان املســلمني»
او هكــذا تنظــر اليــه متهمــة ايــاه انــه أحــد الرمــوز التــي ترفــض التغييــر واإلبقــاء علــى
األوضــاع كمــا هــي،
باإلضافــة إلــى هــذه العوامــل البــد مــن اإلشــارة أيضـاً إلــى االختــاالت األمنيــة الواســعة
التــي شــهدتها اليمــن قبــل هــذه املظاهــرات وبعدهــا وطــوال العــام 98م تخللهــا أعمال عنف
واســعة يف العديــد مــن محافظــات اجلمهوريــة ،ففــي 27إبريــل 1998م خرجــت مظاهــرة
شــعبية كبيــرة يف مدينــة املــكال مبحافظــة حضرمــوت دعــا اليهــا احلــزب االشــتراكي وعــدد
مــن أحــزاب املعارضــة وعبــروا فيهــا عــن موقفهــم الرافــض لنتائــج االنتخابــات البرملانيــة
التــي أجريــت يف غيــاب االشــتراكي عنهــا وســقط يف تلــك املظاهــرات شــهيدان همــا :فــرج
بــن همــام وعــوض بارجــاش بعــد أن اعترضــت قــوات األمــن املســيرة الســلمية وأطلقــت
النــار علــى املتظاهريــن حســب رأي أحــد جلــان مجلــس النــواب ،فض ـ ً
ا عــن روايــة قــادة
(((4
املعارضــة واملواطنــن يف حضرمــوت،
وبعــد أربعــن يومـاً مــن هــذه املواجهــات تفجــر حــادث أمنــي آخــر ال يقــل أهميــة عن ســابقة
،ففــي 5حزيــران يوليــو 98م وبعــد إطــاق أفــراد إحــدى النقــاط العســكرية علــى أحــد
ا (محمــد ثابــت الزبيــدي) بحجــة عــدم توقــف جتــار منطقــة زبيــد بالضالــع وإردائــه قتي ـ ً
ســيارته لتفتيشــها ،حصلــت اشــتباكات واســعة بــن قــوات اجليــش وابنــاء منطقــة زبيــد
( )43شاركت شخصيا مع قادة املعارضة وشخصيات سياسية معارضة يف مسيرات املكال احياء لذكرى الشهيدان بارجاش وبن همام
93
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
والضالــع عمومـاً ،وحينهــا اجتاحــت الدبابــات القــرى واملراكــز الســكنية واحلقــت اضــرار
بأكثــر مــن 14منــزالً بقذائــف املدفعيــة والدبابــات التابعــة للــواء املرابــط باملنطقــة( ،((4األمــر
ذاتــه تكــرر يف إحــدى قــرى مدينــة رداع وألســباب مشــابهة وحســب رأي احملامــي محمــد
ناجــي عــاو فــإن قــوات األمــن املركــزي واألمــن العــام قامــت بتدميــر معظــم مســاكن القريــة
كليـاً أو جزئيـاً،
لــم ميــر وقــت طويــل علــى تشــكيل «جيــش عــدن أبــن اإلســامي» حتــى حصلــت حادثــة
اختطــاف الســواح األجانــب يف إحــدى مديريــات محافظــة أبــن بتاريــخ 98/12/28م وهــي
حادثــة االختطــاف الوحيــدة تقريبـاً – رغــم كثرتهــا -التــي انتهــت بســقوط عــدد من الســواح
األجانــب قتلــى وجرحــى اثنــاء محاولــة قــوات األمــن حتريرهــم مــن اخلطــف بالقــوة ،
وقــد ظــل جيــش عــدن أبــن اإلســامي أحــد عناويــن األزمــة السياســية اليمنيــة قبــل
وبعــد االنتخابــات الرئاســية خصوصــاً بعــد إعــدام زعيــم هــذه اجلماعــة ومــا صاحــب
ذلــك مــن لغــط واســع حــول عالقــة قــادة اجلماعــة ببعــض مــن قــادة املؤسســة العســكرية
(((4
وبعــدد مــن اجلماعــات األصوليــة يف اخلــارج (ابــو احلســن املصــري املقيــم يف لنــدن)،
ثــم اللغــط الــذي ال زال دائــراً حــول خطــورة مشــاركة عــدد مــن رجــال األمــن البريطانــي
« »MI5واألمريكــي « »FBIيف التحقيــق مــع عناصــر اجلماعــات اإلســامية املســلحة
وتبــادل االتهامــات بــن أطــراف داخــل الســلطة يف دور القيــادات املواليــة للغــرب يف املؤمتــر
الشــعبي يف اســتدعاء هــؤالء إلــى اليمــن والســماح لهــم بالتدخــل يف الشــئون الداخليــة .
وباحملصلــة فقــد كانــت هــذه األحــداث تشــير إلــى اخلطــر املاحــق الــذي ينتظــر أمــن
واســتقرار البلــد ووحدتــه إذا لــم تســارع الســلطة يف إحــداث تغييــر حقيقــي يف كل مســارات
األوضــاع املترديــة.
( )44شاركت ايضا مع الشهيد جار اهلل وعلي سيف حسن يف مسيرة بالضالع وزرنا القرى املتضررة من القصف
( )45ظهــر ابــو احلســن املصــري مــن تلفزيــون اجلزيــرة والبــي بــي ســي وهــو يؤكــد مشــاركة احــد ابنائــه يف جرميــة االختطــاف
وقــد نقــل يف وقــت الحــق الــى بلــد اخــر كاحــد املتهمــن باالرهــاب وهــو رجــل معــاق جزئيــا علــى خلفيــة تفجيــر قطعــت فيــه احــدى
يديــه وفقــأت احــدى عينيــه
94
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
وجــاءت االنتخابــات الرئاســية واألوضــاع السياســية واألمنيــة واالقتصاديــة كمــا هــي بــدون
تغييــر ومبــا جعــل األفــق السياســي اليمنــي مغلقـاً أمــام أنظــار معظــم شــرائح املجتمــع ،مبــا
فيهــم النخــب السياســية احلزبيــة ذاتهــا ،األمــر الــذي أوجــد كمــا أســلفنا صعوبــات بالغــة
لــدى األطــراف السياســية التــي كانــت تشــعر بأهميــة املشــاركة يف االنتخابــات الرئاســية،
وعــدم قدرتهــا علــى إقنــاع أانصارهــا وجماهيــر الشــعب بأهميــة االنخــراط بالنشــاط
السياســي .
لــم تكــن نظــرة معظــم األحــزاب والنخــب السياســية والفكريــة إلــى االنتخابــات الرئاســية
واملوقــف منهــا تختلــف كثيــراً عــن نظــرة شــرائح املجتمــع األخــرى العازفــة عــن االهتمــام
بهــذا املوضــوع.
والــى قبــل شــهرين بدايــة العــام االنتخابــي ســبتمر1999م أو قبــل ذلــك بشــهرين أو ثالثــة،
لــم يكــن أي مــن أحــزاب الســلطة أو املعارضــة قــد أعلــن موقفــا مــن االنتخابــات الرئاســية
ســلباً او ايجابـاً كشــاهد كبيــر علــى عــدم االهتمــام باالســتحقاق الرئاســي ولــو مــن الناحيــة
اإلعالميــة علــى االقــل.
والســبب يف الالمبــاالة تلــك ال يعــود الــى ان هــذه األحــزاب لــم تكــن مهيئــة أو مســتعدة
فكريـاً وسياســياً للخــوض يف مثــل هــذا االســتحقاق الدســتوري وحســب ،بــل وألن البعــض
منهــا كان ينظــر إليهــا نظــرة ســلبية معتقــداً بــأن املشــاركة فيهــا ســتكون علــى حســاب
أولويــات وهمــوم سياســية ووطنيــة أكثــر أهميــة ،ال بــل كان هنــاك مــن يعتقــد أن االنتخابــات
الرئاســية وغيرهــا مــن االنتخابــات العامــة واألنشــطة السياســية األخــرى قضايــا ال تخصــه
بقــدر مــا تخــص ســلطة 7يوليــو -وان املشــاركة فيهــا تعنــي تطبيــع العالقــة معهــا -ومــن
اخلطــأ املشــاركة فيهــا أو يف التســويق ألهميــة املشــاركة فيهــا(.((4
( )46هذا ماكانت تطرحه قيادات يف االشتراكي مطالبة بتصحيح مسار الوحدة أوالً وإجراء مصاحلة وطنية بعد حرب ٩٤م .
95
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
كمــا ان بعــض احــزاب املعارضــة كانــت تطــرح إمكانيــة جعــل االنتخابــات الرئاســية ورقــة
«تفاوضيــة» مــع الســلطة القائمــة بهــدف حتقيــق أهــداف ومطالــب سياســية أخــرى أكثــر
أهميــة وأكثــر إحلاحـاً ،بالنســبة لهــا مثــل املصاحلــة الوطنيــة وتســوية آثــار احلــرب األهليــة،
بالنســبة للبعــض وتصحيــح قوائــم الناخبــن ،وتعديــل قــوام اللجنــة العليــا لالنتخابــات،
واحلصــول علــى مســاعدات ودرجــات وظيفيــة وعــدم اقصــاء االخــوان مــن الدولــة كمــا
كانــت تــرى ذلــك قيــادات يف «اإلصــاح» أوالً ،وتلتقــي معهــا بعــض قيــادات يف أحــزاب
مجلــس التنســيق األعلــى .وان بدرجــة اكثــر تهافتــا وكمطالــب شــخصية ليــس اال.
أمــا املؤمتــر الشــعبي العــام وهــو احلــزب احلاكــم فقــد كان عــدم اهتمامــه باالســتحقاق
الرئاســية يف بدايــة األمــر يعــود العتبــارات سياســية تتعلــق بطريقــة الســلطة يف طــرح
القضايــا السياســية مــع األطــراف األخــرى ،حيــث ترفــض اخلــوض يف أي موضوعــات
سياســية محوريــة أو هامــة مــع األطــراف األخــرى يف الوقــت املناســب أو يف وقــت يتــاح فيــه
فرصــة للحــوار اجلــدي حولهــا .وتنتظــر الــى اخــر حلظــة وتنــزل كل اوراقهــا .
وقــد ظــل االمــر كذلــك حتــى عقــدت صحيفــة الوحــدوي نــدوة سياســية وقانونيــة بتاريــخ
98/10/29م حتــت عنــوان (االنتخابــات الرئاســية..نعم التغييــر الدميقراطــي ممكنــا )
والتــي شــارك فيهــا عــدد مــن قــادة املعارضــة وحزبــا «املؤمتــر» و «اإلصــاح» ،وقدمــت
خاللهــا أوراق ومداخــات هامــة قانونيــة وسياســية،
وكانــت أهميتهــا أنهــا األولــى التــي تناقــش االســتحقاق الرئاســي –تقريبــاً -حتــى أن
األســتاذين عبــد الهــادي الهمدانــي «املؤمتــر» ومحمــد قحطــان «اإلصــاح» اللذيــن شــاركا
يف تلــك النــدوة ممثلــن حلزبيهمــا ،قــد اعتبــرا مــا طــرح فيهــا مــن قبــل املعارضــة محاولــة
جلــس نبــض املؤمتــر «احلــزب احلاكــم» و اإلصــاح جتــاه هــذا األمــر ليحــدد بعدهــا
موقــف املعارضــة مــن االنتخابــات الرئاســية علــى أســاس ردود فعــل األطــراف الفاعلــة أو
التــي بيدهــا زمــام األمــر السياســي» يف حــن كان االمــر مجــرد مبــادرة مــن قبــل صحيفــة
الوحــدوي ورئيــس حتريرهــا آنــذاك االســتاذ حســن العدينــي الــذي ال يعــرف عنــه مواقــف
حــادة ضــد النظــام بــل ويوصــف مــن بعــض رفاقــه انــه اقــرب الــى الســلطة ووجهــة نظرهــا
يف موضــع االنتخابــات وغيرهــا اكثــر ممــا تطرحــه املعارضــة يف مثــل هــذه القضايــا.
96
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
ولكــن احلقيقــة ان مــا قالــه قحطــان والهمدانــي لــم يكــن بعيــدا يف مــا خرجــت اليــه النــدوة
ال كســبب ودافــع لعقدهــا بــل بســبب مــا طــرح فيهــا فقــد تبودلــت فعــا فيهــا أكثــر مــن
رســالة سياســية بــن جميــع األطــراف املعنيــة ،واألهــم أنهــا ومــا طــرح فيهــا مــن آراء
ورســائل قــد قلبــت املشــهد السياســي كليـاً وحركــت الســاحة السياســية والفكريــة وجعلــت
موضــوع «الرئاســيات» يحظــى باالهتمــام املطلــوب مــن قبــل أكثــر مــن طــرف سياســي
وقانونــي وإعالمــي. ،
وقــد لوحــظ انــه وبعــد حالــة الركــود والتجاهــل والالمبــاالة عقــدت بعــد «نــدوة الوحــدوي»
العديــد مــن النــدوات السياســية والقانونيــة حــول احلــدث االنتخابــي ،وتناولــت وســائل
اإلعــام الكثيــر مــن التحليــات و «التنظيــرات» واملواقــف املتضاربــة حــول أهميــة املشــاركة
يف االنتخابــات مــن عدمهــا ،وضــرورة توفــر شــروط إجرائيــة وسياســية لهــا أوالً.
وآخريــن قالــوا ان املشــاركة يف اول ســباق رئاســي مهــم للدميقراطيــة وللمعارضــة حتــى
ولــو لــم توفــر كامــل شــروط النزاهــة والتنافــس االنتخابــي وقــد دخلــت االحــزاب وبــدون
اســتثناء منــذ اليــوم التالــي لتلــك النــدوة يف حــوارات مكثفــة داخلهــا وخارجهــا حــول هــذا
املوضــوع وعلــى النحــو التالــي :
ً
أوال :احلزب االشتراكي وأحزاب مجلس التنسيق
مــع اقتــراب موعــد االنتخابــات كان مجــرد التفكيــر بتقــدمي مرشــح باســم االشــتراكي او
املعارضــة عمومــا ملنافســة الرئيــس صالــح امــر مثيــر للســخرية ومســتنكر لــدى العديــد مــن
قيــادات وأعضــاء األحــزاب املعارضــة يف مجلــس التنســيق االعلــى خصوص ـاً لــدى أولئــك
الذيــن يعلمــون جيــدا ان الســلطة لــن تســمح باملنافســة علــى هــذا املنصــب جديـاً واذا كانــت
قــد شــنت حربــا واســعة اضــرت بوحــدة البــاد علــى مســألة الشــراكة يف الســلطة فمــا
بالــك يف املنافســة عليهــا ويضــاف الــى هــوالء اولئــك الذيــن تطبعــوا علــى ثقافــة «املقاطعــة»
للعمــل السياســي والنشــاط امليدانــي عمومـاً و»الهــروب» مــن مواجهــة القضايــا واألحــداث
مــن خــال اآلليــات الدميقراطيــة املتوفــرة وان كان لكثيــر منهــم مبــررات موضوعيــه بســبب
انســداد االفــق السياســي متامـاً.
97
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وهــي ثقافــة توطنــت لــدى عــدد مــن قيــادات احلــزب االشــتراكي اليمنــي حتديــداً بعــد جنــاح
هــذا التيــار يف دفــع احلــزب ملقاطعــة االنتخابــات البرملانيــة الثانيــة 97م والتــي قاطعهــا
احلــزب بقــرار مــن اللجنــة املركزيــة وبتصويــت دميقراطــي فــاز فيــه قــرار املقاطعــة بأغلبيــة
االصــوات ،بــل هــي ثقافــة متوطنــة داخــل احلــزب منــذ نهايــة حــرب 94م.
وهــي ذاتهــا القيــادات التــي ظلــت وباســتمرار تعتبــر أن أي مشــاركة للحــزب وأحــزاب
املعارضــة األخــرى يف االنتخابــات العامــة إمنــا هــو «تطبيــع» لألوضــاع السياســية التــي
خلفتهــا احلــرب ،واعتــراف عملــي بالســلطة التــي أفرزتها تداعيات هزمية االشــتراكي وقد
كنــت (شــخصياً) واحــداً ممــن كتــب منظــرا لهــذه املقاطعــة قبــل انتخابــات 1997البرملانيــة
يف سلســلة مقــاالت نشــرت يف الثــوري قبــل اشــهر مــن انتخابــات 1997م البرملانيــة ولكننــي
كنــت ادعــو للمقاطعــة االحتجاجيــة التــي تــؤدي الــى تعطيــل االنتخابــات وليــس فقــط
رفضهــا سياســيا كمــا هــو حــال آخريــن.
لقــد كان احلديــث الطاغــي عشــية انتخابــات 1999م لــدى احلــزب ومعظــم املعارضــة
هــي اختــاالت الوحــدة بعــد احلــرب وكان يتركــز اخلطــاب حينهــا حــول (تصحيــح مســار
الوحــدة وإقامــة املصاحلــة الوطنيــة واحلكــم احمللــي علــى أســاس وثيقــة العهــد واالتفــاق
وحتســن األوضــاع املعيشــية واألمنيــة للمواطنــن) ورفــض أي مشــاركة يف أي اســتحقاق
انتخابــي قبــل حتقيــق هــذه املطالــب وكان نصــف هــذا العنــوان هــو الشــعار الــذي عقــد
حتــت يافطتــه مؤمتــر احلــزب اخلامــس .
98
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
وكان ذلــك يجــد لــه قبــوالً كبيــراً مــن قبــل املواطنــن يف كثيــر مــن احملافظــات اجلنوبيــة
والشــرقية وغيرهــا بــل كان كل مــن يتحــدث عــن خــاف ذلــك كان يتهــم باخليانــة وبــان
مشــاركته ســتمثل تطبيعــا مــع النظــام فيمــا كان اكثرهــم تطرف ـاً يطــرح (اصــاح مســار
الوحــدة) او أي قضيــة مــن هــذا القبيــل ســيمثل غطــاء جذاب ـاً لقــرار سياســي مت اتخــاذه
مســبقاً و يقضــي برفــض العمــل السياســي عموم ـاً ،
مــع مالحظــة أن أصحــاب املواقــف املعارضــة ملشــاركة احلــزب واملعارضــة لــم يكونــوا
جميعـاً علــى رأي واحــد فيمــا يخــص حيثيــات الدعــوة إلــى مقاطعــة االنتخابــات ،فقــد كان
البعــض ينظــر إلــى األمــر مــن خــال موقــف الســلطة التنفيذيــة مــن الدميقراطيــة وضــرورة
قيامهــا بعــدد مــن اإلجــراءات السياســية والقانونيــة التــي تســمح بوجــود انتخابــات تنافســية
حقيقيــة ويتوفــر فيهــا احلــد األدنــى مــن شــروط العدالــة والنزاهــة كموضــوع تصحيــح
قوائــم الناخبــن وتصحيــح وضــع اللجنــة العليــا مبــا يضمــن حياديتهــا واســتقاللها عــن
الســلطة التنفيذيــة،
يف املقابــل كان هنــاك رأي آخــر نقيــض ميثلــه الشــهيد جــار اهلل عمــر واالمــن العــام حينهــا
املناضــل علــي صالــح عبــاد «مقبــل» وآخــرون يف املكتــب السياســي واللجنــة املركزيــة .
ومضمــون وجهــة نظــر هــذا الطــرف هــو ان املشــكلة األساســية كانــت وال زالــت تتمثــل يف أن
أصحــاب املقاطعــة ال ميتلكــون أي بديــل عملــي للوصــول إلــى نتائــج ملموســة لهــا ،وكانــت –
وســتظل -وســيلتهم إلــى ذلــك هــو «االعتــزال» والتــواري عــن النشــاط العــام وتكــرار املوقــف
مــن االنتخابــات البرملانيــة لعــام 1997م وجعــل ذلــك القــرار ينســحب علــى موقــف املعارضــة
مــن االنتخابــات الرئاســية ،األمــر الــذي يرفضــه وال يقبــل بــه طــرف أساســي آخــر داخــل
احلــزب االشــتراكي ويف صفــوف املعارضــة .خصوصـاً بعــد ان كان االمــن العــام مقبــل قــد
جــرب مبقاطعتــه النتخابــات 97م النيابــة بــان الداعيــن للمقاطعــة هــم اول مــن شــاركوا يف
االنتخابــات ولكــن خــارج اطــر احلــزب واملعارضــة ومبــا يخــدم الطــرف اآلخــر بالنتيجــة.
وهــو الــرأي الــذي تغلــب فيمــا بعــد ،وحســم خيــار احلــزب واملعارضــة باجتــاه املشــاركة
يف االنتخابــات الرئاســية ،وقــد كانــت حيثيــات الداعــن بقــوة الــى مشــاركة احلــزب يف
االنتخابــات وتقــدمي مرشــح باســمه وباســم املعارضــة تتلخــص يف -:
99
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
•أنهــم وإن كانــوا يتفقــون مــع زمالئهــم يف ضــرورة احلــوار الوطنــي واملصاحلــة الوطنيــة
الشــاملة وتســوية آثــار احلــرب ومنهــا عــودة املشــردين يف اخلــارج وإقامــة احلكــم
احمللــي كامــل الصالحيــات وضــرورة توفيــر الشــروط السياســية والدســتورية إلقامــة
انتخابــات تنافســية حقيقيــة وغيــر ديكوريــة ،إال أن اخلــاف هــو حــول وســائل وآليــات
الوصــول إلــى هــذه األهــداف الكبيــرة والوطنيــة والتــي هــي محــل اتفــاق اجلميــع علــى
األقــل يف صفــوف احلــزب االشــتراكي يف الداخــل واخلــارج .
ولكنهــم يــرون ان الوســيلة الناجعــة لتحقيــق هــذه األهــداف واملطالــب هــي النــزول إلــى
ميــدان املواجهــة مــع الســلطة مــن خــال جماهيــر الشــعب وحشــد طاقاتهــا واالنخــراط
بالعمــل السياســي واحلزبــي مــن خــال مــا هــو متوفــر مــن إمكانيــات ،وبالتالــي فــإن من
الضــروري املشــاركة يف االنتخابــات الرئاســية و»كســر» ثقافــة «املقاطعــة» و «االنعــزال»
التــي أصبحــت عنــوان أزمــة املعارضــة منــذ انتخابــات .97والتــي ان اســتمرت ســتودي
الــى ضمــور احلــزب وتالشــي دوره السياســي نهائيــا.
•ان املقاطعــة الســلبية لــم تســتطع إحــداث أي ثغــرة يف شــرعية النظــام علــى األقــل أمــام
الــرأي العــام الداخلــي والدولــي الــذي تراهــن بعــض أطــراف ثقافــة «املقاطعة»،علــى
موقفــه وعلــى العكــس فقــد كان مــن نتائجهــا الســلبية أن أُخــذت كحجــة وذريعــة
لتبريــر قمــع املعارضــة أكثــر وأكثــر ،واحلــد مــن نشــاطها السياســي بتهمــة رفضهــا
«للدميقراطيــة» والعــزوف عــن العمــل السياســي املشــروع مــن خــال الدســتور
والقوانــن النافــذة.
100
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
صحيــح أن «املقاطعــة» أقــل كلفــة وال حتتــاج إلــى جهــود فكريــة وسياســية وماديــة
كبيــرة ويكفــي فيهــا اتخــاذ املوقــف السياســي وإعالنــه ثــم الذهــاب إلــى مقــر احلــزب
أو منــازل قياداتــه لســماع ردود فعــل اآلخريــن حولــه وعلــى عكــس املشــاركة السياســية
التــي حتتــاج إلــى جهــود ماديــة وفكريــة مكثفــة وعمــل ميدانــي وتنظيمــي كبيريــن إال أن
ذلــك هــو الشــرط الوحيــد لالختــاط باجلماهيــر وتوســيع قاعــدة املعارضــة واألحــزاب
وانتــزاع احلقــوق املســتحقة للحــزب وللمواطنيــن مــن الســلطة.
•ان املشــاركة يف االنتخابــات الرئاســية كانــت متثــل حينهــا «فرصــة» تاريخيــة يصعــب
تعويضهــا لتقويــة نفــوذ االشــتراكي واملعارضــة يف احملافظــات ويف أوســاط عمــوم
الشــعب ومبــا ســتوفره مــن فــرص إعالميــة وسياســية لعــرض برامجهــا ورؤاهــا
وتقــدمي البدائــل السياســية واالقتصاديــة لعمــوم الناخبــن.
واخلالصــة فقــد اوصــل احلــوار داخــل صفــوف االشــتراكي ان مشــاركة احلــزب واملعارضــة
مبرشــح واحــد هــي الفرصــة التاريخيــة التــي توفــرت للحــزب يف ان يعيــد تقــدمي نفســه
امــام جماهيــر الشــعب كحــزب يدافــع عــن احلقــوق واحلريــات والعدالــة االجتماعيــة وضــد
الفســاد واالســتبداد مؤكديــن ان «هــذا ســيتحقق حتمـاً أيــا كانــت نتيجــة الســباق الرئاســي
ومبجــرد تقــدمي االمــن العــام او أي مــن قيــادات احلــزب مرشــحاً امــام صالــح فانــه ســيعيد
احلــزب الــى مرتبتــه الثانيــة»! خصوصــا بعــد ان تاكــد ان االصــاح لــن يقــدم مرشــحا
رئاســيا ملنافســة صالــح.
وهــو مــا سيســهم يف احــداث فــرز حقيقــي بــن ســلطة فاســدة تتحالــف مــع االصــاح
وطــرف يعارضهمــا جديــا بعيــدا عــن املواقــف البينيــة والتســاومية مــا ســيجعل احلــزب
االشــتراكي مــن جديــد هــو مركــز الثقــل االجتماعــي والسياســي داخــل املجتمــع ويف صــف
املعارضــة ويضــاف مــا ســيحصل عليــه مرشــح احلــزب مــن اصــوات الــى تاثيــر الفعــل
السياســي املباشــرة علــى االحــداث بعــد غيــاب طويــل عــن الســاحة.
ويبــدو ان اســتعادة احلــزب ملكانتــه الشــعبية التــي خســرها يف حــرب صيــف 94م مــن
خــال تقــدمي امينــه العــام مرشــحا ملنافســة صالــح هــو الدافــع االهــم الــذي جعــل كل
مــن االصــاح واملؤمتــر يتفقــان فيمــا بعــد علــى منــع التزكيــة عنــه يف البرملــان خوفــا مــن
اســتعادة احلــزب مكانتــه متقدمــا علــى االصــاح علــى االقــل .
101
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
واحلقيقــة ان خــط املشــاركة داخــل احلــزب كان يتوجــس امكانيــة ان ترفــض الســلطة
تزكيــة مرشــحه علــى رغــم وعودهــا املعلنــة بهــذا الشــان خصوصــا وهــي تعتمــد يف شــرعية
بقائهــا علــى أســاس القــوة املاديــة املباشــرة ،ومــن الصعوبــة عليهــا مبــكان ان تقبــل او
توافــق بســهولة يف إتاحــة الفرصــة خلصمهــا االشــتراكي العــودة الــى الســاحة لينافســها
علــى أهــم وأخطــر املناصــب السياســية وهــو منصــب رئاســة اجلمهوريــة،
لكــن املعارضــة أو باألصــح أصحــاب قــرار املشــاركة يف االنتخابــات الرئاســية كانــوا يــرون
ضــرورة كســر هــذه «احملرمــات» النظريــة والعمليــة حــول منصــب رئاســة اجلمهوريــة
واخلــروج عليهــا ،كــون التنافــس علــى هــذه املناصــب السياســية والقياديــة هــي يف األصــل
حقــوق شــرعية ودســتورية لــكل مواطــن توفــرت فيــه الشــروط الدســتورية بغــض النظــر مــن
موقــف الســلطة مــن ذلــك رفضـاً او قبــوالً بــل ان تقــدمي مرشــحاً ينافــس الرئيــس يف هــذه
االنتخابــات يضــع الســلطة احلاكمــة أمــام خياريــن ال ثالــث لهمــا:
األول :هــو أن تقبــل الســلطة بـ»اآلخــر» بــكل مــا يعنيــه هــذا املعنــى مــن دالالت سياســية
يف قبــول البديــل اآلخــر لهــا ولسياســاتها ،ولــو يف انتخابــات قادمــة أي قبــول التنافــس
اإليجابــي علــى منصــب الرئاســة بقبــول تزكيــة مرشــحها عبــر البرملــان دون ان تطلبــه او
تســتجدية او تســاوم بــه علــى قضايــا مصيريــة اخــرى واذا مت لهــا ذلــك وســمح ألعضــاء
البرملــان منــح اصواتهــم للمرشــحني بحريــة فهــو جيــد وهــذا مــا كانــت تســعى اليــه .
102
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
والثانــي :هــو أن ترفــض الســلطة مشــاركة املعارضــة وتعمــل علــى إقصــاء مرشــح املعارضــة
عــن الســباق الرئاســي بحجــب التزكيــة عنــه يف البرملــان ،فتتحمــل املســئولية وحدهــا يف
إجهــاض املســار االنتخابــي وتكشــف عــن زيــف ادعائهــا بالنهــج الدميقراطــي وهــو مــا
يحقــق للمعارضــة هدف ـاً آخــر ال يقــل أهميــة عــن ســابقه ،وهــو كشــف هشاشــة وضعــف
الســلطة وعــدم قدرتهــا علــى مواجهــة االســتحقاق الرئاســي بشــجاعة مــن ناحيــة ونفــي
التهمــة عــن املعارضــة بعــدم قبــول الدميقراطيــة ورمــي الكــرة يف مرمــى الســلطة وأمــام
الــرأي العــام احمللــي والدولــي مــن ناحيــة اخــرى وهــو مــا حصــل بالفعــل.
لقــد قــرر االمــن العــام للحــزب االشــتراكي املناضــل علــي صالــح عبــاد مقبــل ورفيقــه يف
النضــال جــار اهلل عمــر وآخريــن مــن قــادة احلزب واحزاب املعارضة االخرى والشــخصيات
اإلعالميــة والقانونيــة واالجتماعيــة املســاندة لهــا إخــراج املعارضــة مــن «األزمــة» التــي
تعيشــها منــذ نهايــة احلــرب والعمــل علــى إحــداث حــراك سياســي واجتماعــي واســع يف
صفوفهــا ويف أوســاط الشــعب ولــدى األطــراف السياســية األخــرى مــن خــال مشــاركتها
يف االنتخابــات ورفضهــا لسياســة «الشــكوى» وثقافــة «الهــروب» والتــواري عــن النشــاط
السياســي العــام بدعــاوى «عدميــة» ال تفضــي لشــيء ،معتبــرة االنتخابــات الرئاســية
«فرصــة» سياســية ينبغــي عــدم تفويتهــا أو تــرك الســلطة وحدهــا لتحــدد مســاراتها وترســم
نتائجهــا .
103
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
ومــع القــرار قــد اتخــذ داخــل االشــتراكي بتقــدمي امــن عــام احلــزب مرشــحا بعــد حــوارات
مضنيــة يف مكتبــه السياســي وجلنتــه املركزيــة والصحافــة اال ان مخــاوف جديــة كانــت
تتوقعهــا قيــادة احلــزب يف أن تســير مواقــف أحــزاب واملعارضــة االخرى بالنســبة للموضوع
االنتخابــي باجتاهــات شــتى غيــر محســوبة قــد تســبب مخاطــر حقيقيــة ملكانــة احلــزب
واملعارضــة ولدورهــا السياســي املســتقبلي ومنهــا:
1.1بقيــة أحــزاب املعارضــة إلــى اتخــاذ قــرار ارجتالــي غيــر مــدروس يفضــي إلــى مقاطعــة
االنتخابــات الرئاســية مــن دون أن متتلــك املعارضــة احلجــج الكافيــة (قانونيــة
وسياســية) لتبريــر هــذا املوقــف أمــام الــرأي العــام احمللــي واألجنبــي.
2.2أن تـــندفع أحــزاب مجلــس التنســيق أو بعضهــا لتأييــد مرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام
«الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح» إ ّمــا حتــت مبــرر خطــورة منافســة رأس الســلطة
وبالتالــي حتويــل اخلــاف السياســي مــع الرئيــس إلــى خالفــات شــخصية يصعــب
جتاوزهــا مــن قبلــه ،وهــو املبــرر الــذي عــادة مــا كان يجعــل «اإلصــاح» يندفــع لترشــيح
الرئيــس بــدون شــروط(.((4
أو حتــت حجــة «املســاومة» مــع الســلطة لتحقيــق أهــداف أخــرى سياســية وحزبيــة
حيــث كان عــدد مــن قــادة املعارضــة ســوا ًء يف االشــتراكي أو غيــره يعتقــدون بإمكانيــة
احلصــول علــى مكاســب سياســية مــن الرئيــس إذا مــا أبــدوا مرونــة جتاه دعم ترشــيحه
كمرشــح لإلجمــاع الوطنــي.
( )47كانــت سياســة االخــوان املســلمني -ليــس يف اليمــن وحســب بــل يف كل املنطقــة العربيــة – تقــوم علــى املنافســة علــى مقاعــد
البرملــان واحلصــول علــى اغلبيــة فيهــا دون التنافــس علــى منصــب الرئيــس ومبــا يوحــي لألنظمــة انهــا اقــرب اليهــا مــن اليســار
والقوميــن الذيــن يطمحــون يف املنافســة علــى مركــز الرئيــس مــا يجعــل االنظمــة تقتــرب مــن اجلماعــة ضــد بقيــة االطــراف وهــذا
مــا عملــه االصــاح يف كل اســتحقاق يخــص الرئيــس صالــح او يطلبــه الرئيــس صالــح وســواء كان ذلــك يف التعديــات الدســتورية
االولــى والثانيــة او يف االنتخابــات الرئاســية االولــى والثانيــة !
وقــد اســتمرت سياســة االخــوان يف اليمــن واملنطقــة العربيــة كمــا هــي حتــى انفجــار مــا عــرف بثــورات الربيــع العربــي 2011م التــي
وجــدت اجلماعــة نفســها امــام انظمــة تتهــاوى امــام ثــورات شــعبية غاضبــة وقــد ميــاء الفــراغ غيرهــا فقــررت االســتيالء علــى
الثــورات والرئاســيات والبرملانــات وكل شــيء وباتفــاق مــع قــوى غربيــة وتركيــا وقطــر ...
104
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
وسيتســاءل النــاس حينهــا إذا كانــت املعارضــة غيــر قــادرة علــى التنــازل لبعضهــا البعــض
وهــي التــي تتفــق يف الــرؤى والبرامــج ،فكيــف ســتكون هــذه األحــزاب أهـ ٌل لتحمل املســئولية
الوطنيــة أمــام شــعبها.
واحلقيقــة ان هــذه املخاطــر جميعهــا كانــت محتملــة وميكــن القــول ان القــرار التاريخــي
الذي وصلت اليه املعارضة يف مجلس التنســيق يف املشــاركة يف الســباق الرئاســي مبرشــح
واحــد لــم يكــن الوصــول إليــه بالســهولة التــي يتصورهــا املراقــب ألوضــاع املعارضــة اليمنيــة
عــن بعــد.
فقــد بذلــت قيــادات يف احلــزب االشــتراكي اليمنــي والتنظيــم الوحــدوي الناصــري وعــدد
مــن قيــادات األحــزاب األخــرى املنضويــة يف إطــار مجلــس التنســيق ،و خــاض امــن عــام
االشــتراكي وجــار اهلل عمــر وعبــد القــدوس املضواخــي ومحمــد عبــد امللــك والرباعــي
واخليوانــي وغيرهــم عشــرات يف قيــادات مجلــس التنســيق حــوارات وجهــود مضنيــة
لتفــادي حــدوث أي مــن تلــك االحتمــاالت!
وشــاركهم يف تلــك احلــوارات التــي اســتمرت اســابيع عــدد مــن رمــوز وقــادة الــرأي مــن
خــارج هــذه األحــزاب ومنهــم سياســيون وكتَّــاب ورجــال صحافــة وإعالميــون ومحامــون
وشــخصيات اجتماعيــة وأكادمييــة كانــوا جميع ـاً يؤمنــون بأهميــة الدميقراطيــة وأهميــة
التغييــر السياســي الســلمي مــن خــال آلياتهــا املختلفــة كبديــل وحيــد للعنــف واالنقالبــات
العســكرية واحلــروب الداخليــة التــي لــم تــؤد إلــى شــيء بقــدر مــا ســاهمت يف تخلــف
املجتمــع ومتزقــه وتأخيــر عوامــل نهضتــه،
105
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وقــد كان للصحافــة دور أساســي ومؤثــر حيــث بســط مــن خاللهــا أمــام الــرأي العــام
احلزبــي والشــعبي العديــد مــن التنظيــرات والتحليــات السياســية لتعميــق الوعــي بأهميــة
التغييــر الســلمي والوقــوف يف وجــه النظــام غيــر الدميقراطــي مــن خالل اآلليات السياســية
والدســتورية القائمــة والتــي يدعــي النظــام متســكه بهــا،
ويف هــذا االجتــاه ذاتــه عقــدت دورتــان للجنــة املركزيــة للحزب االشــتراكي اليمني ،وكالهما
أكدتــا علــى أهميــة مشــاركة احلــزب وأحــزاب مجلس التنســيق معاً يف االنتخابات الرئاســية
كمــا أقــرت الــدورة الثانيــة ترشــيح كل مــن الدكتــور ياســن ســعيد نعمــان واألســتاذ علــي
صالــح عبــاد مقبــل كمرشــحني مــن قبــل احلــزب ،وقــد وضــع األمــن العــام كبديــل آخــر
إذا لــم يوافــق الدكتــور ياســن الــذي كان يحظــى بإجمــاع أحــزاب املعارضــة كمــا أن وفــداً
آخــر ســافر إلــى اإلمــارات العربيــة املتحــدة مببــادرة ذاتيــة والتقــى هنــاك بالدكتــور ياســن
ســعيد نعمــان باإلضافــة إلــى األخويــن محمــد ســعيد عبــد اهلل «محســن» وعبــد العزيــز
(((4
الدالــي وغيرهمــا
كمــا عقــدت دورة واحــدة للجنــة املركزيــة للتنظيــم الوحــدوي الناصــري وفيهــا مت ترشــيح
الدكتــور عبــد القــدوس املضواحــي ،وكان التنظيــم الناصــري قــد أكــد علــى أهميــة
االنتخابــات الرئاســية يف مؤمتــره العــام التاســع وأكــد علــى دخــول األحــزاب يف مجلــس
التنســيق االنتخابــات ببرنامــج ومرشــح واحــد،
ويف الســياق ذاتــه شــكلت العديــد مــن الوفــود للســفر إلــى اخلــارج واللقــاء بقــادة احلــزب
االشــتراكي واملعارضــة عموم ـاً للحــوار معهــم حــول االنتخابــات الرئاســية ومــن ذلــك لقــاء
األمــن العــام للحــزب االشــتراكي يف القاهــرة بالدكتــور ياســن ســعيد نعمــان واملهنــدس
حيــدر أبــو بكــر العطــاس ويف لنــدن باألخــوة ســالم صالــح محمــد وعبــد الرحمــن اجلفــري.
وأثنــاء هــذه احلــوارات الصعبــة والطويلــة داخــل صفــوف املعارضــة إلقناعهــا باملشــاركة يف
االنتخابــات الرئاســية كان أصحــاب الــرأي املتحمــس للمشــاركة يخوضــون معركــة أخــرى
باجتــاه الضغــط علــى الســلطة التنفيذيــة شــروط احلــد االدنــى النتخابــات حــرة ونزيهــة،
ومنهــا-:
( )48كنــت اكثــر املتحمســن لترشــيح الدكتــور ياســن ســعيد نعمــان وقــد وصــل بــي االمــر الــى ان ســافرت انــا والدكتــور فــارس
الســقاف وعلــى حســابنا اخلــاص الــى االمــارات العربيــة حيــث كان يقيــم نعمــان حملاولــة اقناعــه يترشــح للرئاســة عــن املعارضــة
وقــد رفــض ذلــك رفضــا قاطعــا وهــو مــا كانــت تعرفــه قيــادة االشــتراكي جيــدا
106
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
-حــل مشــكلة القيــد الدســتوري اخلــاص مبوضــوع التركيــز وضــرورة حصــول املرشــح
للرئاســة تزكيــة الـــ %10مــن أعضــاء مجلــس النــواب وأهميــة تصحيــح قوائــم الناخبــن
ومتثيــل املعارضــة يف اللجــان اإلشــراقية واألساســية بصــورة تضمــن عمليــة التمثيــل
املتــوازن بــن ممثلــي احلــزب احلاكــم وممثلــي املعارضــة واإلصــاح،
وكان اإلصــاح يف هــذه املســألة – تصحيــح ســجل الناخبــن -يقــف إلــى جانــب أحــزاب
مجلــس التنســيق ،فيمــا كانــت بعــض قــوى داخل االصالح ويف الســلطة وأخــرى يف املعارضة
يف اخلــارج تعمــل علــى عــدم وصــول احلــزب االشــتراكي واملعارضــة إلــى قــرار مشــترك.
حيــث لعبــت بعــض قيــادات االشــتراكي «االنعزاليــة» دوراً ســلبياً يف عرقلــة الوصــول إلــى
قــرار املشــاركة ،وقــد كان هنالــك مراهنــات واســعة مــن قبــل أكثــر مــن طــرف يف إمكانيــة
انقســام االشــتراكي إلــى حــزب جنوبــي «ضــد االنتخابــات» وآخــر شــمالي مــع االنتخابــات،
بــل إن هنالــك مــن هــدد علنـاً بتقســيم احلــزب علــى هــذا األســاس اجلغــرايف وكان مقبــل
يتصــدى بقــوة لهــذه االصــوات .
غيــر أن هــذا لــم يتحقــق أبــداً ,والــذي حصــل هــو أن احلــزب االشــتراكي خــرج موحــداً
واتخــذت اللجنــة املركزيــة قــرار املشــاركة يف االنتخابــات ال بــل وقدمــت إلــى مجلــس
التنســيق أكبــر قيــادة يف احلــزب وهــو أمــن عــام احلــزب األســتاذ علــي صالــح عبــاد
«مقبــل» كمرشــح وحيــد وهــو أحــد قيــادات اجلبهــة القوميــة ومــن الذيــن خاضــوا حــروب
التحريــر ضــد االســتعمار اإلجنليــزي فضـ ً
ا أنــه مــن مولــود يف قريــة الدرجاجــة مبحافظــة
أبــن إحــدى أهــم احملافظــات اجلنوبيــة والشــرقية (اليمــن اجلنوبــي ســابقاً).
األمــر الــذي فاجــأ كل الذيــن ظلــوا يراهنــون علــى انقســام احلــزب إلــى جنــاح شــمالي
يدعــو للمشــاركة االنتخابيــة ويتحمــس لهــا ،و»جنــاح جنوبــي» يعارضهــا ويعمــل علــى
مقاطعــة احلــزب لهــا ،كمــا فاجــأ القــرار وبنفــس الدرجــة الذيــن كانــوا يتوقعــون إمكانيــة
جتــاوب احلــزب كلــه مــع دعــوات املقاطعــة وعــدم املشــاركة يف االنتخابــات مثلمــا حصــل يف
االنتخابــات البرملانيــة لعــام 1997م.
107
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
ـزل عــن
غيــر أن وصــول االشــتراكي إلــى هــذا القــرار الهــام لــم يكــن كمــا أســلفنا يف معـ ٍ
مواقــف األحــزاب األربعــة األخــرى يف مجلــس التنســيق( ،التنظيــم الوحــدوي الشــعبي
الناصــري ،حــزب احلــق ،احتــاد القــوى الشــعبية اليمنيــة ،حــزب البعــث العربــي االشــتراكي
القومــي) فلــوال وقــوف قيــادات اساســية يف هــذه االحــزاب إلــى جانــب قــرار االشــتراكي يف
املشــاركة ودعمهــا لــه –وإن بصــور متفاوتــة -ملــا وصــل إلــى قــرار املشــاركة يف االنتخابــات
ا ،ومــن أجــل أن تكتمــل الصــورة نعيــد تلخيــص مواقــف هــذه األحــزاب مــن االنتخابــات أصـ ً
الرئاســية ومــن تســمية املرشــح الــذي ميثلهــا فيــه وعلــى النحــو التالــي:
مــن املهــم يف هــذا الســياق مالحظــة أن التنظيــم الوحــدوي الشــعبي الناصــري -الــذي يعــد
مــن حيــث الفاعليــة السياســية أحــد أهــم أحــزاب املعارضــة كان قــد حســم أمــر االنتخابات
الرئاســية مــن وقــت مبكــر لصالــح املشــاركة وأكــد علــى ذلــك يف البيــان اخلتامــي ملؤمتــره
العــام التاســع الــذي عقــده يف ابريــل 1999م.
ال بــل إن التنظيــم الناصــري أو باألصــح عــدد مــن قياداتــه الفاعلــة كانــت قــد لعبــت
دوراً مؤثــراً يف مواقــف أحــزاب مجلــس التنســيق األخــرى حيــث ســاهمت هــذه القيــادات
الناصريــة (املضواحــي – علــي ســيف حســن -حــامت ابــو حــامت – ســامي غالــب وآخريــن)
ومنــذ البدايــة مســاهمة فاعلــة يف وصــول أحــزاب املجلــس مجتمعــة إلــى قــرار املشــاركة يف
االنتخابــات الرئاســية.
وقــد مت ذلــك مــن خــال احلــوارات الداخليــة مــع االشــتراكي وبقيــة أحــزاب املجلــس
تــارة ومــن خــال الــدور الريــادي الــذي لعبتــه صحيفــة «الوحــدوي» الناطقــة باســمه تــارة
أخــرى حيــث كانــت أكثــر صحــف املعارضــة ،وطــوال مراحــل العمليــة االنتخابيــة اهتمام ـاً
باالســتحقاق الرئاســي وأهميــة مشــاركة املعارضــة فيــه بإيجابيــة وبصــورة موحــدة- ،
تصــدر هــذا كتــاب مقتــدرون كالزميلــن ســامي غالــب وحســن العدينــي -غيــر أن التنظيــم
الوحــدوي وبالقــدر الــذي لعبــه باجتــاه املشــاركة يف االنتخابــات الرئاســية بالقــدر الــذي كاد
أن يــؤدي موقفــه أو موقــف بعــض قياداتــه مــن مرشــح املعارضــة لالنتخابــات إلــى انقســام
أحــزاب املجلــس حــول مــن يكــون املرشــح الرئاســي املتفــق عليــه،
108
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
ومــن املفارقــات أن الناصــري أو بعــض قياداتــه باألصــح هــي أول مــن طــرح فكــرة أن يكــون
مرشــح املعارضــة مــن قــادة احلــزب االشــتراكي والعتبــارات عديــدة ،إال أن عــدم موافقــة
الدكتــور ياســن ســعيد نعمــان الــذي كان قــد طــرح اســمه عبــر صحيفــة الوحــدوي ،ومــن
ثــم اعتمــاد االشــتراكي «ملقبــل» كمرشــح باســم احلــزب واملعارضــة قــد تســبب يف اعتــراض
بعــض القيــادات يف الناصــري لهــذا الترشــيح معتبــرة ذلــك إمــاء مــن قبــل االشــتراكي غيــر
مقبــول !
ويف ســياق اخــر كان قياديــون ناصريــون مقربــون مــن صالــح يتخــذون تقــدمي االشــتراكي
«مقبــل» مرشــحا قبــل التشــاور معهــم ذريعــة لتخريــب العمليــة برمتهــا األمــر الــذي دفــع
باجتــاه تقــدمي مرشــح باســم التنظيــم إلــى مجلــس التنســيق ليختــار بعــد ذلــك مرشــح
املعارضــة املشــترك مــن بــن مرشــحي االحــزاب ،وقــد كان مــن حســن الطالــع أن جتمــع
اللجنــة املركزيــة علــى «الدكتــور املضواحــي» وهــو الــذي تنــازل عــن ترشــيح نفســه لصالــح
«مقبــل» مقابــل تعهــد مكتــوب تعهــد فيــه احلــزب يف التنســيق بــن احلزبــن يف االنتخابــات
احملليــة والبرملانيــة وضمــان إخــاء االشــتراكي لعــدد معــن مــن الدوائــر لصالــح التنظيــم
وبالــذات تلــك الدوائــر التــي ســبق وأن فــاز فيهــا «التنظيــم» .
-حزب احلق:
أمــا بالنســبة حلــزب احلــق فقــد كان التخــوف قائمــا مــن أن يؤثــر وضعــه التنظيمــي
املضطــرب علــى موقفــه مــن االنتخابــات أوالً ومــن تســمية مرشــح املعارضــة ثانيـاً ،وبالفعــل
فلــوال غيــاب األمــن العــام للحــزب العالمــة /أحمــد محمــد الشــامي طــوال مراحــل
االنتخابــات وبقائــه يف قريتــه ،بعيــداً عــن ضغوطــات القيــادة السياســية املباشــرة واجلهــود
التــي بذلهــا الشــهيد عبــد الكــرمي اخليوانــي الــذي كان يديــر احلــزب يف غيــاب الشــامي.
ومســارعته لتقــدمي القاضــي صــاح فليتــه مرشــحا رئاســيا ومــن ثــم تنــازل االخيــر عــن
ترشــيح نفســه لصالــح مرشــح احلــزب واملعارضــة االســتاذ علــى صالــح عبــاد «مقبــل» لــكان
مــن الصعوبــة أن تصــل املعارضــة «اخلمســة األحــزاب» إلــى موقــف موحــد مــن االنتخابــات،
وقــد تأكــد فيمــا بعــد أن القيــادة السياســية للســلطة احلاكمــة كانــت تراهــن حتــى اللحظــات
األخيــرة علــى إمكانيــة انقســام مجلــس التنســيق األعلــى ،معتمــدة علــى إمكانيــة تغييــر
109
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
مواقــف قيادتــي «الناصــري واحلــق» لصالــح النــزول بأكثــر مــن مرشــح باســم املعارضــة،
وعندمــا لــم يحصــل هــذا االنقســام كان ذلــك أحــد عوامــل إقصــاء مرشــح املعارضــة.
أمــا بالنســبة ملوقــف احتــاد القــوى الشــعبية فقــد كان واضحـاً منــذ البدايــة أنــه ســيقف إلى
جانــب املعارضــة يف مجلــس التنســيق ومــع أي قــرار مشــترك قــد تصــل إليــه خصوصـاً وقــد
عــرف أمينــه العــام األســتاذ /إبراهيــم بــن علــي الوزيــر كأحــد الشــخصيات اليمنيــة التــي
تعمــل علــى توحيــد موقــف املعارضــة للنظــام وضــرورة تعاونهــا وتنــازل بعضهــا لبعــض مــن
ناحيــة وبســبب الثنائــي القيــادي للحــزب آنــذاك – املناضلــن محمــد الرباعــي – محمــد
عبــد امللــك) وقــد كانــا االكثــر حماســة بــن كل قيــادات املعارضــة للمشــاركة النضاليــة عبــر
االنتخابــات ولذلــك فقــد كان مــن الصعوبــة مبــكان املراهنــة علــى مواقــف بعــض القيــادات
املقربــة مــن النظــام يف االحتــاد للتأثيــر ســلباً علــى موقــف املعارضــة وهــو مــا لــم يحصــل
ا خصوصــاً بعــد أن اعتــذر األســتاذ محمــد عبــد الرحمــن الرباعــي الــذي طــرح أصــ ً
اســمه مــن قبــل صحيفــة الشــورى وبعــض قيــادات االحتــاد كأحــد املرشــحني إلــى مجلــس
التنســيق.
ونأتــي إلــى موقــف حــزب البعــث بزعامــة الدكتــور قاســم ســام ونقــول إن الدكتــور قاســم
ســام نفســه لعــب دوراً هامـاً يف التقريــب بــن وجهتــي نظــر االشــتراكي والناصــري حــول
اســم املرشــح املتفــق عليــه لكنــه عــاد بعــد ذلــك وتراجــع عــن موقــف مجلــس التنســيق مــن
عــدم املشــاركة يف االنتخابــات بعــد حجــب مجلــس النــواب التزكيــة عــن مرشــح املعارضــة
الوحيــد «مقبــل» .اي انــه ظــل مــع املشــاركة حتــى بعــد حجــب املرشــح الوحيــد للمعارضــة !
110
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
واملهــم يف كل هــذا هــو أن أحــزاب مجلــس التنســيق اخلمســة قــد اتفقــت فيمــا بينهــا عمومـاً
ووقعــت كل حــزب علــى حــده وبــن كل حــزب وآخــر (ثنائــي وجماعــي) علــى اتفــاق سياســي
هــام وغيــر مســبوق ولــم يعلــن عنــه إال فيمــا بعــد إقصــاء مرشــحها ،وقــد تضمــن ذلــك
االتفــاق علــى عــدد مــن البنــود أهمهــا:
1.1اعتمــاد األســتاذ علــي صالــح عبــاد «مقبــل» األمــن العــام للحــزب االشــتراكي اليمنــي
كمرشــح وحيــد ألحــزاب مجلــس التنســيق يف االنتخابــات الرئاســية وتنــازل مبوجــب
هــذا االتفــاق كل مــن عبــد القــدوس املضواحــي «الناصــري» والقاضــي صــاح فليتــه
«احلــق» لصاحلــه،
2.2عــدم اعتمــاد برنامــج احلــزب االشــتراكي االنتخابــي واالتفــاق علــى برنامــج انتخابــي
ملرشــح املجلــس يتضمــن أهــم القضايــا ألحــزاب املعارضــة مجتمعــة وتقــوم بإعــداده
جلنــة مختصــة مــن املجلــس.
3.3تشــكيل جلنــة سياســية مــن كبــار قيــادات أحــزاب املجلــس إلدارة احلملــة االنتخابيــة
للمرشــح والنــزول امليدانــي إبــان الدعايــة االنتخابيــة .
4.4عــدم إعطــاء مرشــح املجلــس احلــق يف اتخــاذ أي موقــف ســلبي مــن االنتخابــات إال
ـال مــن األحــوال االنســحاب منهــا
بالتشــاور مــع أحــزاب املجلــس وال يجــوز لــه بــأي حـ ٍ
إال إذا اعترضــت املعارضــة ظــروف قاهــرة متنعهــا مــن مواصلــة الســير يف العمليــة
االنتخابيــة إلــى نهايتهــا كحجــب التزكيــة عــن مرشــح املجلــس مث ـ ً
ا.
111
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
واذا كان هــذا االتفــاق غيــر املعلــن قــد مثــل أحــد العوامــل األساســية التفــاق املعارضــة
علــى دخــول االنتخابــات الرئاســية مبرشــح واحــد ميثلهــا جميعـاً ،غيــر أنــه لــم يكــن العامــل
الوحيــد فقــد كانــت هنالــك عوامــل وأســباب ال تقــل أهميــة عنــه ومنهــا:
1.1تأكــد للمعارضــة وبعــد عامــن مــن قــرار مقاطعــة االشــتراكي لالنتخابــات النيابيــة97م
فشــل سياســة املقاطعــة الســلبية «سياســياً وحزبيـاً» ،وبالتالــي تعــدل مــزاج العديــد مــن
قــادة االشــتراكي واملعارضــة ،وتغيــر موقفهــم باجتــاه املشــاركة والنشــاط العــام وقــد
كان ملوقــف األمــن العــام للحــزب االشــتراكي «مقبــل» الــدور احلاســم يف هــذا االجتــاه،
وقــد لعبــت الكتابــات والتحليــات والتنظيــرات العديــدة حــول أهميــة االنتخابــات دوراً
ا ومؤثــراً يف تعديــل الــرأي العــام والــرأي احلزبــي وتوحيــد صفــوف املعارضــة فاع ـ ً
باجتــاه املشــاركة يف االنتخابــات.
2.2لعبــت بعــض قيــادات االشــتراكي يف اخلــارج دوراً مهمـاً يف وصــول احلــزب إلــى قــرار
مشــاركة احلــزب يف االنتخابــات ،ومنهــم االخــوة ياســن ســعيد نعمــان ،وحيــدر أبــو
بكــر العطــاس ،ســالم صالــح محمــد ،محمــد ســعيد عبــد اهلل «محســن» ،عبــد العزيــز
الدالــي ،وأبــو بكــر باذيــب ..وغيرهــم .فضــا عــن ادوار كل مــن جــار اهلل عمــر
واالمــن العــام للحــزب علــي صالــح عبــاد «مقبــل» احملــوري يف الوصــول الــى هــذا
القــرار يف الداخــل .
3.3كان لالتفــاق املوقــع بــن قيــادات مجلــس التنســيق لبرنامــج العمــل السياســي لعــام 97م
والــذي تضمنــت إحــدى فقراتــه أهميــة التنســيق بــن هــذه األحــزاب يف أي انتخابــات
قادمــة ،دور يف وصــول هــذه األحــزاب إلــى القــرار األخيــر وكان هــذا البنــد غيــر املعلــن
يتضمــن اتفــاق ســري بــن االشــتراكي والناصــري علــى عــدم منافســة االخيــر مــن قبــل
االول يف ثــاث دوائــر انتخابيــة فــاز يف اثنتــان منهــا يف انتخابــات 2003م البرملانيــة
ورفضــت قيــادة احلــزب احملليــة التنــازل عــن الثالثــة يف يافــع وهــي الدائــرة التــي فــاز
بهــا الناصــري بالتنســيق مــع االشــتراكي يف 1997م التــي قاطعهــا احلــزب .
112
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
4.4إعــان اإلصــاح ومنــذ وقــت مبكـ ٍـر نســبياً وقوفــه إلــى جانــب مرشــح املؤمتــر الشــعبي
العــام ،هــو اآلخــر وبطريقــة غيــر مباشــرة ســاهم يف وصــول املعارضــة إلــى قــرار
مشــترك حيــث قطــع هــذا املوقــف علــى مــن كانــوا يراهنــون مــن قــادة املعارضــة علــى
إمكانيــة املســاومة مــع األخ رئيــس اجلمهوريــة مــن جهــة ،وأشــعر املعارضــة مــن جهــة
أخــرى بأهميــة وجــود اصطفــاف سياســي جــاد للمعارضــة علــى أســاس برامجــي
مقابــل االصطفــاف السياســي واالجتماعــي القائــم بــن أحــزاب الســلطة أو القريبــة
منهــا .
مــن خــال هــذا الســرد املســهب حــول تطــورات مواقــف املعارضــة يف مجلــس التنســيق
حــول االنتخابــات الرئاســية منــذ بدايــة احلديــث عنهــا حتــى إقصــاء مرشــحها عــن الســباق
الرئاســي يف 1999/7/21م ميكــن اســتخالص احلقائــق أو النتائــج اآلتيــة :
1.1أن املعارضــة اليمنيــة ممثلــة بأحــزاب مجلــس التنســيق ،وبالقــدر الــذي أدى قرارهــا
باملشــاركة يف االنتخابــات ارتياحـاً واســعاً لــدى أنصــار املعارضــة يف عمــوم محافظــات
اجلمهوريــة إال أن هــذا القــرار لــم تصــل إليــه بســهولة .
وقــد ظهــر ذلــك اإلجهــاد يف صفوفهــا واضح ـاً حــن بــدت مربكــة ومشوشــة الرؤيــة
وغيــر قــادرة علــى القيــام بــأي نشــاط سياســي فعــال ومؤثــر بعــد إقصــاء مرشــحها عــن
الســباق الرئاســي ،وفشــلها بعــد ذلــك يف الوصــول إلــى اتفــاق عمــل مشــترك حلشــد
طاقاتهــا وجهــود أنصارهــا باجتــاه تنفيــذ قرارهــا بعــدم املشــاركة يف االنتخابــات بعــد
اقصــاء مرشــحها.
113
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
والعتبــارات سياســية واجتماعيــة وحزبيــة ســبق اإلشــارة إليهــا .وبالتالــي فلــم يكــن
صحيحـاً البتــة القــول يف أن املعارضــة كانــت «تبيــت» قــرار االنســحاب مــن االنتخابات
يف اللحظــة األخيــرة كمــا أشــيع عنهــا فيمــا بعــد كمبــرر لعــدم تزكيــة مرشــحها،
3.3يف االجتــاه نفســه فــإن ســفر األمــن العــام للحــزب االشــتراكي إلــى عــدد مــن العواصــم
العربيــة وبريطانيــا وإجــراء حــوارات مكثفــة مــع قــادة االشــتراكي واملعارضــة يف
اخلــارج باإلضافــة إلــى ســفر عــدد آخــر مــن قــادة املعارضــة لــم يكــن الهــدف منهــا
جميع ـاً حبــك خيــوط «مؤامــرة» داخليــة وإقليميــة ودوليــة تســتهدف النظــام القائــم
كمــا تســتهدف الشــرعية الدســتورية ،كمــا أشــيع بعــد ذلــك ؛ لتبريــر قــرار إقصــاء
ـدر معقــول
املعارضــة عــن الســباق الرئاســي .وإمنــا كان الهــدف منــه الوصــول إلــى قـ ٍ
مــن اإلجمــاع حــول املشــاركة يف االنتخابــات الرئاســية وهــو مــا حتقــق.
4.4إنــه وبالقــدر الــذي كانــت تضغــط املعارضــة سياســياً ومــن خــال مواقفهــا املعلنــة ،
ومــن ذلــك الضغــط باجتــاه تصحيــح قوائــم الناخبــن وحــل مشــكلة النــص الدســتوري
اخلــاص بضــرورة حصــول أي مرشــح علــى نســبة %10مــن أصــوات أعضــاء مجلــس
النــواب ،
إال أن املعارضــة كانــت تعــي أن الدخــول مــع الســلطة التنفيذيــة يف حــوار «تفاوضــي» حــول
تزكيــة مرشــحها مــن قبــل أعضــاء احلــزب احلاكــم يف مجلــس النــواب ســيعني بالضــرورة
تقــدمي «تنــازالت» كبيــرة انتخابيــة وسياســية بينهــا التفــاوض علــى شــخص «املرشــح»
وطبيعــة البرنامــج واخلطــاب االنتخابــي أثنــاء احلملــة الدعائيــة وهــو مــا كانــت تتمنــاه
الســلطة كشــرط ملنــح التزكيــة ملرشــح املعارضــة ومبــا يفقــد املعارضــة جديتهــا ويفقــد
االنتخابــات الرئاســية ذاتهــا معناهــا ،حيــث ســتبدو للــرأي العــام كانتخابــات شــكلية متفــق
علــى نتائجهــا وطبيعتهــا ســلفاً ولذلــك قبلــت املعارضــة اقصــاء مرشــحها بــدال مــن ان
تتنــازل او تســاوم علــى طبيعــة اخلطــاب او البرنامــج االنتخابــي .
وباملقابــل فقــد راهنــت املعارضــة علــى عوامــل أخــرى منهــا مضمــون الدســتور نفســه
الــذي تنــص عــدد مــن نصوصــه علــى أن تكــون االنتخابــات الرئاســية تنافســية مــا يعنــي
114
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
أن التنافــس ســيكون بــن أطــراف وبرامــج متعارضــة ،واعتقادهــا أن ذلــك التنافــس لــن
يتحقــق إال مبشــاركة املعارضــة فيهــا ،كمــا أنهــا راهنــت علــى أن الســلطة ســبق وأن أعلنــت
اســتعدادها منــح املعارضــة قــرار التزكيــة كحــق دســتوري لهــا وليــس كهبــة أو صدقــة كمــا
صــرح أحــد مســئولي املؤمتــر الشــعبي العــام .
تلــك هــي خالصــة مواقــف املعارضــة اليمنيــة يف مجلــس التنســيق األعلــى حتــى إقصــاء
مرشــحها عــن الســباق الرئاســي يف 1999/7/21م مــن قبــل كتلتــي االصــاح واملؤمتــر
مبجلــس النــواب .
لــم يكــن اإلصــاح مثلــه مثــل بقيــة األطــراف السياســية األخــرى والــرأي العــام الداخلــي،
مهتمـاً باالســتحقاق الرئاســي يف بدايــة األمــر ،وقــد ظــل هــذا املوقــف كمــا هــو بــدون تغييــر
إلــى أن بــدأت أحــزاب املعارضــة األخــرى تطــرق املوضــوع وتنفعــل بــه ســلباً وإيجاب ـاً مــن
خــال احلــوار الداخلــي يف صفوفهــا أو عبــر الصحافــة والنــدوات السياســية التــي أشــرنا
إليهــا آنفـاً،
ميكــن القــول أن عــدم اهتمــام اإلصــاح بالســباق الرئاســي يعــود إلــى أســباب عــدة،
منهــا-:
•أنــه ويف ســياق تاريــخ االصــاح يف عالقتــه بنظــام الرئيــس صالــح اوال وكمــا يظهــر
مــن بياناتــه ومبواقفــه لــم يكــن فقــط يــرى بــأن التنافــس علــى منصــب الرئاســة أمــر
ســابق ألوانــه يف الدميقراطيــة اليمنيــة الناشــئة وحســب ،بــل وألن عالقتــه التاريخيــة
والدينيــة بالرئيــس صالــح ويف مثــل هــذه املنعطفــات االســتراتيجية الهامــة حتتــم أن
يقــف إلــى جانــب القيــادة السياســية ممثلــة بــاألخ رئيــس اجلمهوريــة حرصــاً علــى
عــدم تعكيــر العالقــات بينهمــا أو ظهــور أي موقــف مــن قبــل االصــاح قــد يســيء إلــى
هــذه العالقــة «االســتراتيجية» والتاريخيــة بينهمــا معزيــة أي خالفــات قــد تنســب الــى
115
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
حــزب املؤمتــر الشــعبي ال الــى رئيــس املؤمتــر الشــعبي الــذي هــو رئيــس للجميــع او
للحزبــن بنظرهــم !
ولذلــك ومــا إن بــدأ الشــارع السياســي يتحــدث عــن مضامــن بعــض خطــب الشــيخ عبــد
املجيــد الزندانــي «املثيــرة» حــول االنتخابــات الرئاســية ،والتــي طــرح يف بعضهــا أهميــة
املشــاركة يف االنتخابــات إيجابي ـاً مــن خــال تقــدمي مرشــح آخــر منافــس ملرشــح الســلطة
القائمــة أو مرشــح احلــزب احلاكــم ،ســرعان مــا ردت قيــادات اإلصــاح الفعليــة بإعــان
موقفهــا الصريــح (بــان الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح مرشــحنا وال نعــرف مــن هــو مرشــح
املؤمتــر !» نافي ـ ًة نفي ـاً قاطع ـاً إمكانيــة أن يقــدم اإلصــاح أو يدعــم أي مرشــح آخــر غيــر
الرئيــس صالــح ،
وإذا كان هــذا هــو موقــف اإلصــاح الثابــت مــن االنتخابــات الرئاســية ومــن عالقتــه برئيــس
اجلمهوريــة والــذي مت اإلعــان املبكــر عنــه حتــى قبــل أن جتتمــع هيئــات احلــزب (مجلــس
الشــورى) .فــان التعجــل بإعــان هــذا املوقــف الصريــح دعمــا لترشــيح صالــح والــذي ورد
علــى لســان أكثــر مــن قيــادي كبيــر يف التجمــع اليمنــي لإلصــاح ،ومنهــم االخــوة محمــد
قحطــان رئيــس الدائــرة السياســية ،ومحمــد اليدومــي األمــن العــام للتجمــع ،والشــيخ
عبــداهلل رئيــس الهيئــة العليــا للتجمــع ،يســتهدف حتقيــق عــدة أهــداف منهــا - :
•قطــع الطريــق علــى أي مزايــدات مــن قبــل احلــزب احلاكــم «املؤمتــر» حــول موقــف
اإلصــاح مــن األخ الرئيــس مــن جهــة ،والعمــل علــى إفشــال أي محاولــة قــد تقــرب
العالقــة بــن بعــض أحــزاب مجلــس التنســيق واألخ رئيــس اجلمهوريــة «خصوص ـاً أن
بعــض قيــادات مجلــس التنســيق مــن خــارج االشــتراكي كانــت تنــوي بالفعــل ترشــيح
الرئيــس مقابــل حتقيقــه لبعــض مطالبهــا كاملصاحلــة الوطنيــة واحلكــم احمللــي» ،
حيــث اعتقــد االصــاح ان كل ذلــك ســيكون علــى حســابه أو علــى حســاب عالقتــه
بالرئيــس ،
•واألهــم مــن ذلــك هــو تأكيــد سياســة ثابتــة لــم تتغيــر بعــد ومضمونهــا أن التنافــس مــع
رئيــس اجلمهوريــة ســيكون لــه نتائــج خطيــرة وســتنعكس ســلباً علــى مكانــة ومواقــع
116
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
اإلصــاح يف بعــض مفاصــل الســلطة واحلكومــة ،وبالتالــي اضعــاف التأثيــر الكبيــر لــه
مــن خــال هــذه املواقــع علــى الشــارع السياســي واملجتمــع ،
• كان يــرى االصــاح حتــى ذلــك التاريــخ ان طموحاتــه يف املوضــوع الدميقراطــي ينبغــي
أن يقتصــر علــى البرملــان ال الرئاســة ويف املعارضــة لسياســات احلكومــة واحلــزب
احلاكــم والتفريــق دائمـاً بــن عالقتــه باحلكومــة واملؤمتــر مــن جهــة ،وعالقتــه بالرئيــس
والســلطة احلاكمــة مــن جهــة أخــرى ،
أي أنــه اعتقــد يقينــا وألســباب موضوعيــة وذاتيــة ان موقفــه مــن الســباق الرئاســي بإعــان
ترشــيح صالــح قــد يكــون لهــا نتائــج ايجابيــة يف تســهيل حتقيــق الهــدف االهــم لــه يف تلــك
املرحلــة وهــو احلصــول علــى نســبة مقــدرة مــن مقاعــد مجلــس النــواب واملجالــس احملليــة
باعتبارهــا املواقــع املســموح التنافــس عليهــا يف الدميقراطيــة اليمنيــة يف املرحلــة اجلاريــة
علــى األقــل خصوصــا بعــد ان تبــن لإلصــاح خطــورة االبتعــاد يف عالقتــه بصالــح اثنــاء
االنتخابــات البرملانيــة التــي ســبقت الســباق الرئاســي بعامــن فقــط ،
واحلقيقــة ان االصــاح قــد اســتطاع أن يســتخدم وبنجــاح كبيــر موقفــه اإليجابــي مــن
ترشــيح الرئيــس باجتاهــن متوازيــن .األول إيجابــي وهــو اســتخدامها كورقــة سياســية
للضغــط علــى احلــزب احلاكــم ورئيــس اجلمهوريــة يف اجتــاه حتقيــق مكاســب حزبيــة
واخــرى انتخابيــة بينهــا اصالحــات يف حتســن شــروط االنتخابــات عمومــا وتصحيــح قوائم
الناخبــن وزيــادة حصتــه يف اللجــان االنتخابيــة ،وهــو مــا حصــل عليــه إلــى حـ ٍـد كبيــر.
والثانــي ســلبي وهــو الضغــط باجتــاه إقصــاء مرشــح احلــزب االشــتراكي ومجلــس التنســيق
للمعارضــة عــن الســباق الرئاســي ومــن خــال مجلــس النــواب وكان ملوقفــه احلاســم يف
اقصــاء مرشــح احلــزب دور يف تغييــر موقــف بعــض قيــادات املؤمتــر التــي كانــت قــد وعــدت
(((4
بتزكيــة مرشــح املعارضــة كحــق مــن حقوقهــا الدســتورية
( )49كان يعتقــد االصــاح – وهــو علــى حــق -ان االشــتراكي سيســتعيد مكانتــه الشــعبية ومبــا يعيــده رقمــا ثانيــا مــن جديــد
بعــد حــزب صالــح بغــض النظــر عــن النتيجــة التــي كان يعــرف انهــا ستحســم لفــوز الرئيــس صالــح بهــذه الطريقــة او تلــك ولكنــه
كان يخشــى ان يســتعيد االشــتراكي عافيتــه وقــد جنــح يف ذلــك مــرة بأقصــاء مرشــح احلــزب للرئاســيات عــن التزكيــة املطلوبــة
يف البرملــان ومــرة يف شــل حركــة احلــزب داخــل املشــترك – الحقــا -وعــدم متكينــه مــن ان يكــون غطــاء للحــراك اجلنوبــي الــذي
كان جســده الشــعبي مــن اعضــاء ومناصــري احلــزب وبــدات شــرارته االولــى يف احملافظــات اجلنوبيــة بعــد االنتخابــات الرئاســية
الثانيــة 2006م مباشــرة وكأحــد نتائجهــا بعــد ان تخلــت املعارضــة عــن نتيجــة بــن شــمالن رافضــة البنــاء عليهــا سياســيا ونضاليــا
مــا جعــل الوعــي الــذي خلفــه ترشــح بــن شــمالن يف كســر حاجــز اخلــوف مــن منافســة صالــح وكســر هيبتــه يذهــب باجتاهــات عــدة
117
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
لــم يكــن غريبــا علــى املراقــب للشــأن السياســي اليمنــي ان يبــادر االصــاح الــى اعــان
صالــح مرشــحا لــه يف الســباق الرئاســي وال حتــى مزايدتــه علــى حــزب صالــح نفســه
بتســاؤله التهكمــي «وال نعــرف مــن هــو مرشــح املؤمتــر!»
ولكــن مــا اثــار اســتغراب املراقبــن واســتياء احــزاب مجلــس التنســيق االعلــى للمعارضــة
هــو موقــف االصــاح الســلبي مــن التنافــس الرئاســي والرافــض وبشــدة ملنــح البرملــان
التزكيــة القانونيــة ملرشــح االشــتراكي وهــي التــي ال ميكــن احلصــول عليهــا اال مبوافقــة
قرابــة 29صوتــا برملانيــا ال متلكهــا املعارضــة يف مجلــس النواب7-مقاعــد فقــط هــي مقاعد
املعارضــة يف البرملــان حينهــا ) وميلكهــا واحــد مــن احلزبــن فقــط (االصــاح 54مقعــدا
واملؤمتــر 240مقعــدا) وهــو مــا رفضــه االصــاح بشــدة وبــدا ان املؤمتــر اكثــر مرونــة منــه
بهــذا اخلصــوص علــى االقــل يف بدايــة احلديــث عــن التزكيــة املطلوبــة مــن البرملــان !
وقــد لوحــظ امتعــاض قيــادات اإلصــاح مــن إجمــاع املعارضــة علــى مرشــح واحــد «اتفقــت
عليــه املعارضــة» يظهــر بوضــوح وبــدون رتــوش مــن خــال االســتقبال الفاتــر مــن قبــل
الشــيخ عبــد اهلل بــن حســن األحمــر رئيــس مجلــس النــواب حــن تقــدمي مرشــح املعارضــة
أوراق ترشــيحه بــل انــه حــاول إثنــاء بعــض الشــخصيات والقيــادات احلزبيــة عــن موقفهــا
املعلــن يف ترشــيح «مقبــل»
ليــس هــذا وحســب بــل ان الشــروط غيــر القانونيــة التــي وضعتهــا هيئــة رئاســة مجلــس
النــواب اخلاصــة بإجــراءات التصويــت العلنــي لتزكيــة املرشــحني ،كانــت تســتهدف إقصــاء
مرشــح املعارضــة بــكل الوســائل والطــرق ،مبــا يف ذلــك وضــع شــروط معينــة أكــد العديــد
مــن القانونيــن أنهــا غيــر قانونيــة ومنهــا إلــزام عضــو مجلــس النــواب علــى تزكيــة مرشــح
واحــد فقــط وهــو مالــم ينــص عليــه القانــون والدســتور والزامهــم باظهــار خياراتهــم ملــن
صوتــوا يف التزكيــة علنــا شــرط اخــر اســتهدف منــع أي عضــو يف كتلتــي االصــاح واملؤمتــر
التصويــت ملرشــح املعارضــة.
خارج النظام السياسي ولصالح قوى جديدة من خارجه بينها احلراك اجلنوبي وحركة االنصار يف صعدة
118
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
واحلقيقــة إن ضغوطـاً كبيــرة كانــت قــد مارســتها قيــادات اإلصــاح علــى أعضــاء حزبهــا
يف مجلــس النــواب باجتــاه حجــب التزكيــة عــن مرشــح املعارضــة ،وأكــد ذلــك عــدم حصــول
مرشــح املعارضــة علــى أي صــوت مــن أصــوات اإلصــاح يف املجلــس.
وقــد كان اإلصــاح مبوقفــه الســلبي هــذا علــى حــق إذا مــا نُظــر إليــه مــن خــال مصلحــة
اإلصــاح السياســية والشــعبية ،فقــد كانــت قيادتــه علــى يقــن أن وقــوف أحــزاب مجلــس
التنســيق أمــام السياســات القائمــة مــن خــال تقدميهــا مرشــحاً جديــاً للتنافــس علــى
أخطــر وأهــم املواقــع الســيادية ســيعتبر موقفــاً شــجاعاً أمــام الــرأي العــام ،وســيمنح
املعارضــة تأييــداَ شــعبياً واســعاً وســينعكس ســلباً علــى شــعبية االصــاح حيــث ســينظر
ـوال» لــكل السياســات واإلجــراءات األمنيــة واالقتصاديــة
النــاس الــى االصــاح كحــزب «مـ ٍ
والسياســية التــي يرفضهــا عمــوم الشــعب .
ثــم إن املعارضــة ومــن خــال هــذه االنتخابــات ســتحصل علــى املوقــع الثانــي تلقائي ـاً –يف
ظــل غيــاب مرشــح اإلصــاح -مــن حيــث عــدد األصــوات ،وهــو مــا لــم يكــن مــن الســهل
القبــول بــه حيــث يحــرص اإلصــاح وباســتمرار علــى احتــكار املوقــع الثانــي بعــد املؤمتــر
الشــعبي العــام يف اخلارطــة السياســية واحلزبيــة .
لقــد نظــر االصــاح الــى عــودة االشــتراكي الــى الســاحة مــن خــال مرشــحه مقبــل وامكانية
احتشــاد النــاس حولــه يف املهرجانــات االنتخابيــة وطرحــه لقضايــا الوطــن العالقــة منــذ مــا
بعــد حــرب صيــف ٩٤م مــن منظــور حزبــي بحــت ومــن منظــار مصلحتــه كحــزب وجماعــة
دينيــة -يف اخلارطــة السياســية ال مــن منظــور وطنــي ومــا ميكــن ان يســهم عــودة االشــتراكي
واملعارضــة الــى احليــاة السياســية بقــوة مــن دور كبيــر يف مللمــة جراحــات الوحــدة الوطنيــة
وشــروخها التــي لــم تغلــق بعــد منــذ حــرب صيــف 94م كمــا لــم يــراع مصلحــة النظــام
الدميقراطــي واالســتقرار السياســي التــي ميكــن ان تؤســس لهــا االنتخابــات الرئاســية .
كان االصــاح يعــي متامــا ان مرشــح االشــتراكي لــن يكســب الســباق الرئاســي يف تلــك
الــدورة ولــن تســمح بذلــك ال ظــروف احلــزب وال ســطوة الدولــة ان يحقــق حتــى نســبة
ال %40مــن اصــوات الناخبــن ولكنــه كان يخشــى ان يعــود االشــتراكي الــى الســاحة
119
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
السياســية والوطنيــة بقــوة بعــد هــذا االســتحقاق اذ انــه وأيــا كانــت النســبة التــي ســيحصل
عليهــا ســتعيده رقمــا ثانيــا يف اخلارطــة السياســية اليمنيــة وســتعيد االصــاح الــى املرتبــة
الثالثــة ورمبــا خســر اكثــر مــن ذلــك بظهــوره مؤيــداً ملرشــح احلــزب احلاكــم وضــداً للتنافــس
الدميقراطــي بــن االحــزاب.
ينبغــي مالحظــة أن التجاهــل والالمبــاالة التــي ظهــرت علــى مواقــف املؤمتــر الشــعبي
العــام والقيــادات السياســية للســلطة التنفيذيــة جتــاه أول انتخابــات تنافســية مباشــرة
وبالــذات يف بدايــة العــام االنتخابــي ،لــم يكــن لألســباب ذاتهــا التــي حــددت مواقــف أحــزاب
املعارضــة يف بدايــة االنتخابــات ،
وقــد يكــون عــدم إعــان الســلطة موقفهــا منــذ وقـ ٍـت مبكــر ،عائــد إلــى أن أنهــا قــد رأت أن
ـكان آخــر ،غيــر أن هــذا
ليــس مــن مصلحتهــا فتــح هــذا امللــف قبــل أوانــه كمــا أشــرنا يف مـ ٍ
ا ،فمــا أن طــرح املوضــوع مــن قبــل املعارضــة وعــدد مــن الصحفيــن التجاهــل لــم يــدم طويـ ً
والك َّتــاب والقانونيــن يف النــدوة التــي عقدتهــا «الوحــدوي» يف 98/10/29م حتــى بــدأت
اإلشــارات اإلعالميــة والتحــركات السياســية جتــاه املوضــوع االنتخابــي تتوالــى مــن قبــل
مســئولي الدولــة وزعمــاء املؤمتــر الشــعبي العــام،
وكانــت جميعهــا تشــير إلــى ترحيــب الســلطة مبشــاركة املعارضــة فيهــا والعمــل علــى تســهيل
وتذليــل كل الصعــاب التــي قــد تعتــرض هــذه املشــاركة الهامــة والضروريــة بالنســبة لهــا «أو
120
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
هكــذا ظهــر األمــر» ومــن ذلــك تصريحــات رئيــس اجلمهوريــة التــي تكــررت أكثــر مــن مــرة
حــول إمكانيــة تعديــل الدســتور وإلغــاء النــص الدســتوري اخلــاص بضــرورة حصــول مرشــح
املعارضــة علــى نســبة %10مــن األصــوات يف مجلــس النــواب .
ففــي املؤمتــر الصحفــي الــذي عقــده رئيــس اجلمهوريــة يف مدينــة عــدن صــرح بقولــه
»:نحــن نبحــث عــن املســتقبل وســنتخذ إجــراءات تضمــن إجــراء انتخابــات رئاســية يف ظــل
تكافــؤ الفــرص بــن اجلميــع وحتــى يكــون لالنتخابــات الرئاســية طعمـاً وأهميــة ،فنحــن ال
نريــد أن تكــون االنتخابــات الرئاســية هــي انتخابــات ! . « %99
ويف ســؤال عــن مــدى وجــود اجتــاه إلجــراء تعديــات دســتورية أضــاف الرئيــس « :إذا متــت
هــذه اإلصالحــات فلــن يكــون بإمــكان أي حــزب لــه األغلبيــة يف البرملــان أن يفــرض مرشــحه
دون غيــره ،بــل أن مــن حــق كل حــزب أن يقــدم مرشــحه وكذلــك املســتقلني بغــض النظــر
عــن نســبته يف البرملــان» ! .
ثــم جــاءت موافقــة رئيــس اجلمهوريــة يف اجتماعــه مــع أمنــاء األحــزاب وأعضــاء اللجنــة
العليــا لالنتخابــات علــى زيــادة نســبة أعضــاء أحــزاب املعارضــة يف اللجــان االنتخابيــة إبــان
مرحلتــي التســجيل واالقتــراع واملوافقــة علــى تصحيــح قوائــم الناخبــن وشــطب األســماء
املكــررة والوهميــة مــن قوائــم الناخبــن لألعــوام [1999/97/93م ] لتصــب جميعهــا يف
اخلانــة نفســها أي خانــة تســهيل الصعــاب التــي قــد حتــول دون مشــاركة املعارضــة يف
االنتخابــات الرئاســية،
وبالفعــل فقــد أفضــى هــذا االتفــاق الــذي أشــرف عليــه رئيــس اجلمهوريــة إلــى موافقــة
أحــزاب املعارضــة والتجمــع اليمنــي لإلصــاح علــى تســمية أعضائهــا يف اللجــان بعد أن كاد
اخلــاف مــع اللجنــة العليــا لالنتخابــات حــول هــذا األمــر أن يــؤدي إلــى رفــض املعارضــة
املشــاركة يف اللجــان االنتخابيــة،
ومــع أن موضــوع التعديــل الدســتوري قــد مت التغاضــي عنــه بعــد ذلــك رمبــا لعــدم توفــر
الوقــت الــكايف إلجــراء اســتفتاء شــعبي علــى هــذه التعديــات إال أن تأكيــد كبــار مســئولي
الدولــة واملؤمتــر الشــعبي العــام حــول التزامهــم منــح مرشــح املعارضــة قــرار التزكيــة مــن
121
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
قبــل مجلــس النــواب قــد جــاءت كمــا يبــدو كبديــل للتعديــات الدســتورية أو هكــذا فهــم
األمــر مــن قبــل البعــض.
حيــث أكــد الدكتــور عبــد الكــرمي اإلريانــي رئيــس الــوزراء األمــن العــام للمؤمتــر الشــعبي
العــام أن إجــازة مرشــح املعارضــة واالشــتراكي حتديــداً هــو حــق دســتوري لــه وواجــب
دســتوري وقانونــي علــى أعضــاء مجلــس النــواب» وكان بذلــك التصريــح الواضــح والــذي
نشــر يف صحيفــة الشــرق االوســط اللندنيــة يــرد علــى تصريحــات لوزيــر خارجيتــه باجمــال
الــذي أشــار إلــى أن إجــازة مرشــح املعارضــة مــن قبــل كتلــة املؤمتــر يف مجلــس النــواب إمنــا
هــي «صدقــة» أو «ســلفة» للمعارضــة ،وهــي التصريحــات التــي أثــارت لغط ـاً يف الوســط
السياســي ولــدى أحــزاب املعارضــة بالــذات .
لقــد تغيــر موقــف الســلطة فيمــا بعــد مــن موضــوع مشــاركة املعارضــة يف االنتخابــات
ووصــل ذروتــه حــن مت إقصــاء مرشــح املعارضــة عــن الســباق الرئاســي يف 1999/7/21م
وبقــرار سياســي مباشــر مــن قبــل القيــادة العليــا لكتلتــي املؤمتــر الشــعبي العــام والتجمــع
اليمنــي لإلصــاح داخــل مجلــس النــواب .
وهنــا يطــرح الســؤال نفســه :ملــاذا تغيــر موقــف القيــادة السياســية للســلطة احلاكمــة
واملؤمتــر الشــعبي العــام جتــاه االنتخابــات الرئاســية التنافســية وضــرورة مشــاركة املعارضــة
فيهــا ؟!!
ومــا هــي الظــروف واألســباب التــي دفعــت باجتــاه قــرار الســلطة الســلبي مــن الدميقراطيــة
االنتخابيــة ،بعــد أن كان هنــاك بــوادر «حســن نيــة» جتــاه األطــراف السياســية األخــرى .؟
غيــر أن الــذي تبــن فيمــا بعــد هــو أنــه وبقــدر رغبــة القيادة السياســية يف مشــاركة األحزاب
األخــرى يف هــذه االنتخابــات لألســباب اآلنفــة الذكــر ،يف الوقــت الــذي مــا كان للســلطة أن
تغامــر يف املضــي بهــذا اخليــار اخلطيــر دون أن تضمــن نتائجــه الكاملــة لصاحلهــا،
122
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
ومــا لــم تكــن مشــاركة االشــتراكي وأحــزاب مجلــس التنســيق وفقـاً لشــروط معينــة تضعهــا
الســلطة ،فســيكون مــن الصعــب قبــول مرشــح االشــتراكي يف ظــروف تبــدو خطيــرة مــن
وجهــة نظــر الســلطة .
ومــن أجــل ذلــك فقــد كانــت رغبــة الرئيــس صالــح أن يكــون هنالــك نــوع مــن االتفــاق
السياســي مــع املعارضــة يف مجلــس التنســيق حــول شــخص املرشــح ومضامــن البرنامــج
االنتخابي الذي يحمله ،وكذلك ســقف اخلطاب الدعائي الذي ســيطرحه املرشــح املنافس
أمــام جماهيــر الناخبــن أثنــاء احلملــة االنتخابيــة يف مقابــل منــح مرشــح املعارضــة لقــرار
التزكيــة مــن قبــل كتلتــي املؤمتــر واإلصــاح يف البرملــان ،وقــد مت التعبيــر عــن هــذه الرغبــة
تلميح ـاً يف أكثــر مــن مناســبة جمعــت القيــادة السياســية للدولــة بعــدد مــن الشــخصيات
والرمــوز السياســية واالجتماعيــة املقربــة مــن أحــزاب مجلــس التنســيق .
ولعل أهم ما كانت تتمناه السلطة وتعمل من اجل الوصول اليه هي :
1.1عــدم نــزول املعارضــة مبرشــح واحــد واألفضــل هــو أن يكــون هنــاك مرشــح باســم
االشــتراكي وآخــر باســم التنظيــم الوحــدوي الناصــري باإلضافــة إلــى مرشــح أو
مرشــحني آخريــن باســم املعارضــة،
123
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
كمــا ان نــزول املعارضــة بأكثــر مرشــح ســيؤدي إلــى فقدانهــا التعاطــف الشــعبي
املطلــوب حيــث ســينظر النــاس إليهــا علــى أنهــا أحــزاب غيــر قــادرة علــى حتمــل
املســئولية طاملــا وهــي غيــر قــادرة علــى االتفــاق علــى مرشــح واحــد بالرغــم مــن
اتفاقهــا علــى كل القضايــا السياســية واملطلبيــة .
2.2إذا كان ال بــد مــن قبــول قــرار املعارضــة النــزول مبرشــح واحــد ميثلهــا جميعـاً يف هــذه
االنتخابــات فاملطلــوب هــو أن ال يكــون هــذا املرشــح أحــد قيــادات احلــزب االشــتراكي
أو مــن الذيــن يحظــون مبكانــة شــعبية كبيــرة واألفضــل هــو أال يكــون مرشــح املعارضــة
مــن أبنــاء احملافظــات اجلنوبيــة وان ال يكــون علــي صالــح عبــاد مقبــل !
وقــد قيــل بــان ترشــيح علــي صالــح عبــاد «مقبــل» امــن عــام احلــزب االشــتراكي هــو مــا مت
تخويــف صالــح بــه مــن قبــل اركان النظــام القــدمي (االصــاح والكيانــات املشــائخية وكبار
ضبــاط اجليــش) حيــث طرحــت االمــر بجديــة خطيــرة وبإمكانيــة أن يتــم تصويــت الناخبني
يف هــذه احلالــة علــى أســاس «مناطقــي» أو باألصــح «جهــوي» بحيــث يصــوت معظــم أبنــاء
احملافظــات اجلنوبيــة والشــرقية لصالــح مرشــح املعارضــة «مقبــل» ا
األمــر الــذي ســيعيد مــن جديــد فتــح ملــف احلــرب األهليــة وإعــادة احلديــث مــن جديــد
وبصــورة أكثــر تأثيــراً وفاعليــة حــول أهميــة املصاحلــة الوطنيــة وتســوية آثــار احلــرب
سياســياً واجتماعيـاً وهــو مــا ال ترغــب بحصولــه الســلطة بعــد أن طرحــت أكثــر مــن مــرة
أن احلــرب قــد حلــت املشــكلة الوطنيــة متامــاً بخــروج الطــرف املتســبب باألزمة(،وهــي
تخويفــات ال اســاس لهــا مــن الواقــع وقــد اتــت انتخابــات 2006م وحصــول بــن شــمالن
اصــوات انتخابيــة يف احملافظــات الشــمالية اكثــر منهــا يف احملافظــات اجلنوبيــة وان النــاس
صوتــوا علــى اســاس وطنــي وسياســي ال مناطقــي او جهــوي ).
ومــع امكانيــة ان تصــوت قطاعــات واســعة مــن أبنــاء احملافظــات املختلفــة وبالــذات
احملافظــات اجلنوبيــة وتلــك احملافظــات احملرومــة يف شــمال الشــمال لصالــح مرشــح
املعارضــة ،اال ان ذلــك لــن يحــدث شــرخا يف الوحــدة الوطنيــة كمــا صــوره اخلائفــون مــن
الســباق الرئاســي التنافســي والعكــس متامــا اال ان النظــام وضــع االمــر بجديــة واعتبــر
124
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
منــح التزكيــة ملرشــح املعارضــة مغامــرة سياســية غيــر محســوبة وقــد تنعكــس نتائجهــا رأسـاً
علــى عقــب لغيــر صالــح الســلطة،
ولعــل تصريــح رئيــس اجلمهوريــة يف املؤمتــر الصحفــي الــذي دشــن بــه احلملــة االنتخابيــة
بعــد إقصــاء مرشــح املعارضــة وقولــه « إن الشــعب لــن يقبــل مبرشــح لــه ثــأر مــع الوطــن «،
كان يشــير إلــى املعانــي الثــاث مجتمعــة « أن ال يكــون مرشــح واحــد ،وأن ال يكــون جنوبيـاً،
أو اشــتراكياً» .
ومــع ان ســلطة صالــح بــكل مكوناتهــا كانــت قــد بــدت تتخــوف مــن خطــورة منــح مقبــل
التزكيــة مــن البرملــان اال انهــا ظلــت متــرددة يف اعــان قــرار بهــذا احلجــم إلــى آخــر
حلظــة لتخوفهــا مــن انعــكاس ذلــك علــى شــرعية االنتخابــات التنافســية مــن جهــة ،وعلــى
عــدم إقبــال الناخبــن عليهــا مــن جهــة أخــرى ،األمــر الــذي دفعهــا أثنــاء فتــرة «عــدم
احلســم» الــى استشــارة العديــد مــن اجلهــات ومنهــا الســلطات احملليــة يف احملافظــات
وأعضــاء مجلــس النــواب وقــادة اجليــش ،كمــا خاضــت أثنــاء هــذه الفتــرة حــوارات مضنيــة
ومكثفــة ال تقــل عــن احلــوارات التــي خاضتهــا املعارضــة يف بدايــة مرحلــة االنتخابــات
داخلهــا ومــع األطــراف املتفقــة معهــا أو التــي تقــف إلــى جانبهــا،
ويذكــر يف هــذا االجتــاه أن اســتبيانات ســرية أجرتهــا قيــادات املؤمتــر الشــعبي يف كل مــن
عــدن ،تعــز ،صنعــاء ،املــكال ،وداخــل اجليــش ملعرفــة مــزاج الناخــب وتوجهاتهــم يف هــذه
املــدن والقطاعــات النوعيــة ،يف وقــت واحــد ورمبــا لتحقيــق الغــرض ذاتــه.
وقــد جــاءت نتائــج هــذه االســتطالعات واحلــوارات كمــا يؤكــد املعنيــون يف املؤمتــر الشــعبي،
لتؤكــد قــرار حجــب التزكيــة عــن مرشــح املعارضــة .
كل ذلــك ســاهم وإلــى حـ ٍـد كبيــر يف إضعــاف الصــوت الــذي يدعــو إلــى مشــاركة املعارضــة
يف االنتخابــات الرئاســية داخــل الســلطة ويقــوي بالتالــي صــوت الرافضــن لهــذه املشــاركة
والذيــن يعتبــرون إشــراك املعارضــة فيهــا «مغامــرة» ستشــكل -حتــى لــو لــم يفــز مرشــحها-
ســابقة خطيــرة يف إمكانيــة التغييــر مــن خــال آليــات الدميقراطيــة بــدالً مــن آليــات التغيير
التقليديــة كاجليــش واملؤسســة القبليــة،
125
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
حتــى أن البعــض يذكــر – وإن كان األمــر غيــر مؤكــد -أن ضغوط ـاً كبيــرة مارســتها هــذه
القــوى التقليديــة قبــل ســفر رئيــس اجلمهوريــة إلــى اجلزائــر وهــي الزيــارة التــي ســبقت
قــرار حجــب التزكيــة عــن مرشــح املعارضــة بيومــن فقــط.
حيــث هددتــه بأنهــا ســتتخذ إجــراءات أخــرى فيمــا لــو مت القبــول مبرشــح املعارضة منافسـاً
علــى أعلــى منصــب قيــادي يف الدولــة وجــاء يف الســياق ذاتــه تلــك الضغــوط الكبيــرة التــي
مورســت علــى أعضــاء كتلتــي املؤمتــر الشــعبي العــام والتجمــع اليمنــي لإلصــاح ،وفــرض
طريقــة خاصــة للتصويــت علــى املرشــحني ،
وقــد أدى كل ذلــك إلــى حجــب التزكيــة عــن علــي صالــح عبــاد «مقبــل» يف 99/7/21م حــن
صــوت أعضــاء مجلــس النــواب علــى أســماء املرشــحني املقدمــة مــن قبــل هيئــة رئاســة
املجلــس وعــن طريــق االقتــراع بالبطاقــة مــع كتابــة اســم وتوقيــع عضــو مجلــس النــواب علــى
بطاقــة االقتــراع وبشــرط عــدم التصويــت ألكثــر مــن مرشــح واحــد فقــط.
فحصــل حينهــا الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح األحمــر مرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام
والتجمــع اليمنــي لإلصــاح وأحــزاب املجلــس الوطنــي علــى 128صوتــاً ،فيمــا حصــل
املرشــح جنيــب قحطــان الشــعبي عضــو اللجنــة الدائمــة للمؤمتــر الشــعبي العــام وبصفتــه
ال» علــى 38صوتــاُ ،وبحصولــه علــى هــذا العــدد مــن األصــوات يكــون املرشــح «مســتق ً
الوحيــد الــذي اختــاره احلزبــان االصــاح واملؤمتــر ملنــح التزكيــة إلــى جانــب الرئيــس صالــح
بتجــاوزه نســبة الـــ %10التــي ينــص عليهــا الدســتور أي 30صوتـاً علــى األقــل مــن اصــل 301
هــم أعضــاء مجلــس النــواب،
أمــا مرشــح املعارضــة الوحيــد االمــن العــام للحــزب االشــتراكي اليمنــي املناضــل علــى
صالــح عبــاد «مقبل»فلــم يحصــل ســوى علــى ســبعة أصــوات فقــط هــي أصــوات أعضــاء
املعارضــة يف البرملــان ،وهــم يحيــى منصــور أبــو أصبــع «اشــتراكي» مســتقل ،عبــد اهلل
محمــد صالــح ،ســلطان حــزام العتوانــي ،علــي اليزيدي»وحــدوي ناصــري» ،وطاهــر علــي
ســيف اشــتراكي مســتقل وناصــر عرمــان األرضــي «مســتقل « ،وشــخص اخــر.
126
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
وهــي نســبة ال تؤهلــه للســباق الرئاســي وفق ـاً للنــص الدســتوري اآلنــف الذكــر وبحجــب
التزكيــة عــن املرشــح اجلــدي الوحيــد أنقلــب املشــهد االنتخابــي كليــاً واصبــح الســباق
الرئاســي االول يف تاريــخ اجلمهوريــة اليمنيــة بــا معنــى بعــد ان اقتصــر علــى صالــح ومــن
اختــاره نظــام صالــح ملنافســته شــكلياً .
مــن ناحيــة عــدم قانونيتهــا أمــا مــن حيــث عــدم قانونيــة حجــب التزكيــة فقــد اكــد العديــد
مــن رجــال القانــون والفقــه الدســتوري عــدم دســتورية وقانونيــة اإلجــراءات التــي مــن
خاللهــا مت إقصــاء املعارضــة عــن الســباق الرئاســي األول ،وان هيئــة رئاســة مجلــس النــواب
والقيــادات السياســية لكتلتــي اإلصــاح واملؤمتــر يف مجلــس النــواب قــد خالفــوا بقرارهــم
بحجــب التزكيــة وطريقــة حجبهــا نصــوص الدســتور وقانــون الئحــة مجلــس النــواب ،ومــن
ذلــك-:
•أن هيئــة رئاســة مجلــس النــواب قــد أضافــت بــدون ســند قانونــي أو دســتوري شــرطاً
إضافيــاً جديــداً لــم ينــص عليــه الدســتور يف موضــوع التزكيــة ،وهــو شــرط إلــزام
أعضــاء مجلــس النــواب بعــدم تزكيــة أكثــر مــن مرشــح مــن األســماء املعتمــدة مــن قبــل
رئاســة املجلــس،
•اســتحداث هيئــة رئاســة املجلــس طريقــة ثالثــة للتصويــت لــم ينــص عليهــا قانــون
«الالئحــة الداخليــة للمجلــس» وهــي طريقــة خلطــت فيهــا بــن التصويــت العلنــي
«التصويــت باليــد» والتصويــت الســري «االقتــراع دون معرفــة اســم املقتــرع» ،
ويف تعليــق للدكتــور محمــد علــي الســقاف أســتاذ القانــون الدولــي والدســتوري يشــير إلــى
مخالفــة جســيمة لنصــوص الدســتور حــن مت إقصــاء مرشــح املعارضــة واعتمــاد مرشــحني
اثنــن فقــط ومــن حــزب واحــد،
ففــي رأيــه أن ذلــك مخالــف للمــادة « »5مــن الدســتور التــي تنــص علــى أن نظــام اجلمهوريــة
اليمنيــة يقــوم علــى أســاس التعدديــة السياســية واحلزبيــة ،ولكــي يطبــق هــذا النــص عمليـاً
127
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
البــد أن ينعكــس يف حالــة االنتخابــات العامــة التــي يتــم مــن خاللهــا انتخــاب الهيئــات
الدســتورية يف هــذا النظــام السياســي التعــددي ،ومبعنــى آخــر فــإن إلغــاء أو إقصــاء مرشــح
األحــزاب األخــرى تعنــي وبصــورة مباشــرة مخالفــة صريحــة لنظــام التعدديــة احلزبيــة التــي
يقــوم عليهــا النظــام السياســي يف اجلمهوريــة اليمنيــة،
هــذا مــن جهــة ،ومــن جهــة أخــرى كان إقصــاء مرشــح املعارضــة مخالفــة لنــص آخــر مــن
الدســتور وهــي املــادة التــي تنــص علــى أن االنتخابــات الرئاســية انتخابــات «تنافســية»
ا ببرنامــج سياســي وانتخابــي واحــد، وباعتمــاد مرشــحني مــن حــزب واحــد فقــط وعم ـ ً
يعنــي انتفــاء التنافــس يف هــذه االنتخابــات وبالتالــي مخالفتهــا للدســتور وفقــا لفهــم عــدد
مــن القانونيــن الدســتوريني.
وبذلــك ادت نتائجهــا السياســية واالجتماعيــة النهائيــة الــى توســيع شــروخ الوحــدة الوطنيــة
وتقليــص مســاحة الدميقراطيــة الــى ابعــد احلــدود واكثــر ممــا كانــت عليــه اصــا وعلــى
عكــس ممــا ارادت حتقيقــه املعارضــة مبشــاركتها متامــا .
ومــن ناحيــة دميقراطيــة االنتخابــات فقــد تســبب حجــب التزكيــة عــن مرشــح املعارضــة
وبصــورة مباشــرة يف قلــة االقبــال مــن قبــل املواطنــن علــى صناديــق االقتــراع لتكــون
االنتخابــات الرئاســية االولــى هــي اقــل االســتحقاقات االنتخابيــة التــي ســبقتها والتــي
تلتهــا يف عــدد املشــاركني يف االقتــراع.
أمــا مواقــف أحــزاب املعارضــة األخــرى غيــر أحــزاب مجلــس التنســيق واإلصــاح ،ويف
مقدمتهــا حــزب رابطــة أبنــاء اليمــن (رأي) ،فبالرغــم أن صحافــة احلــزب وتصريحــات
قادتــه قــد دعــت أنصــار احلــزب إلــى تســجيل أســمائهم يف قوائــم الناخبــن مــع بــدء مرحلــة
التســجيل متقدمــة بذلــك علــى أحــزاب مجلــس التنســيق نفســها ،
128
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
إال أن موقــف (رأي) يف معظــم املراحــل األولــى لالنتخابــات الرئاســية ظــل يطــرح أهميــة
اإلصــاح السياســي أوالً وإجــراء انتخابــات محليــة تســبق االنتخابــات الرئاســية مميــزاً
موقفــه وباســتمرار عــن مواقــف أحــزاب املعارضــة يف مجلــس التنســيق وكان الالفــت للنظــر
هــو أن «الرابطــة» التــي لــم تكــن متحمســة أبــداً أن جتمــع أحــزاب املعارضــة علــى مرشــح
واحــد ميثلهــا ،فقــد اســتقبلت بفتــور كبيــر قــرار املعارضــة بترشــيح علــي صالــح عبــاد
«مقبــل» ،
حتــى أن صحيفــة «رأي» الناطقــة باســم احلــزب كانــت قــد ســخرت وبصــورة غيــر متوقعــة
مــن شــخص «مقبــل» كمرشــح للمعارضــة ،معتبــرة أنــه ال يســاوي قامــة رئيــس اجلمهوريــة
العاليــة!!،
مــن جهــة أخــرى اتخــذ حــزب رابطــة أبنــاء اليمــن ،وقبــل إقصــاء مرشــح املعارضــة موقفـاً
جديــداً مــن العمليــة االنتخابيــة حيــث أكــد وعبــر بيــان معلــن أنــه ال مينــع أعضــاءه مــن
املشــاركة يف االنتخابــات أو يدعوهــم إليهــا ،كمــا أنــه ســيمنحهم احلريــة الكاملــة يف أن
يصوتــوا لرئيــس اجلمهوريــة أو لغيــره مــن املرشــحني .
وقــد رد بذلــك ضمنـاً علــى دعــوة أحــزاب مجلــس التنســيق ملقاطعــة االنتخابــات الرئاســية
بعــد إقصــاء مرشــحها ،ومــع هــذا فقــد عــدل حــزب الرابطــة مــن هــذا املوقــف تدريجي ـاً
باجتــاه رفــض نتائــج االنتخابــات الرئاســية كليـاً خصوصـاً بعــد ان مــرت االنتخابــات و بعــد
ظهــور نتائجهــا وتأكــده مــن ضعــف اإلقبــال الشــعبي عليهــا .
أمــا بالنســبة ملوقــف مــا يســمى بأحــزاب املجلــس الوطنــي ومنهــا حــزب البعــث االشــتراكي
بزعامــة عبــد الوهــاب محمــود فلــم يكــن لهــا تأثيــر يذكــر يف االنتخابــات الرئاســية ،حيــث
وقفــت منــذ اللحظــة األولــى مــع الســلطة احلاكمــة ومرشــحها ،وقــادت احلملــة االنتخابيــة
معهــا ضــد املعارضــة.
129
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
بعــد اقصــاء مرشــحها الوحيــد للســباق الرئاســي وعــدم حصولــه علــى تزكيــة البرملــان يف
1999/7/21م اعلنــت املعارضــة ان ذلــك قــد مت بقــرار سياســي ومــن اعلــى املســتويات
وباتفــاق بــن االصــاح واملؤمتــر .
وجــاء يف بيــان للمعارضــة انــه «لــم يعــد للمعارضــة مصلحــة يف أن تشــارك يف انتخابــات
غيــر تنافســية ليــس مــن بــن املرشــحني فيهــا من ميثل خيارهــا ،وكال املتنافســن املعتمدين
مــن حــزب واحــد».
محملــة الســلطة مســئولية إلغــاء االنتخابــات التنافســية ،وأي تبعــات قــد ينجــم عنهــا علــى
املســار السياســي والتجربــة الدميقراطيــة عمومـاً وجــاء ذلــك واملوقــف مــن كل االجــراءات
االقصائيــة يف بيــان مجلــس التنســيق األعلــى للمعارضــة الصــادر يــوم 22يوليــو 1999م .
وعــادت لتؤكــد املوقــف الرافــض املشــاركة يف بيــان آخــر صــدر عنهــا يف 7اغســطس
99م وكان أكثــر وضوح ـاً ومتاســكاً مــن ســابقه يف إظهــار هــذه املوقــف الداعــي ملقاطعــة
الرئاســيات .
يف املقابــل انطلقــت أحــزاب الســلطة يف حملتهــا االنتخابيــة دون أن تطــرح يف برنامــج
مرشــحيها أي جديــد بالنســبة ملــا يعانيــه املجتمــع مــن أوضــاع سياســية واقتصاديــة وأمنيــة
مترديــة،
130
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
وبــدالً مــن طــرح حلــول أو التعهــد بحلــول لهــذه املشــاكل دشــنت احلملــة االنتخابيــة بعقــد
رئيــس اجلمهوريــة مؤمتــراً صحفيـاً بالقصــر اجلمهوري ،شــن فيه حملة سياســية وإعالمية
واســعة وغيــر مســبوقة ضــد املعارضــة يف مجلــس التنســيق متهمـاً إياها باخليانــة واالرتهان
إلــى القــوى «اخلارجيــة» . ،
ويف الســياق ذاتــه ســارت بقيــة املهرجانــات اخلطابيــة التــي أقيمــت ملرشــحي املؤمتــر
الشــعبي العــام يف معظــم محافظــات اجلمهوريــة حيــث تنافــس املرشــحان املؤمتريــان علــى
أي منهمــا يكــون أكثــر حــدة يف هجومــه علــى املعارضــة ومرشــحها الغائــب عــن الســباق « ٍّ
مقبــل» وعديــد مــن نشــطائها وكتَّابهــا.
بــل إن عــدد مــن خطــب املرشــح «املســتقل» األخ جنيــب قحطــان الشــعبي كانــت مخصصــة
بكاملهــا للهجــوم علــى قيــادات ورمــوز املعارضــة والك َّتــاب والصحفيــن الــذي يقفــون إلــى
(((5
جانبهــا
وقــد ســاهم هــذا النــوع مــن «الشــتائم» يف حتويــل أول انتخابــات رئاســية مينيــة إلــى مــا
يشــبه املســرحية الهزليــة يف نظــر الكثيــر مــن املراقبــن .
وبقــدر مــا كان تنافــس املرشــحان يف الهجــوم علــى أحــزاب مجلــس التنســيق ،يؤكــد أن
املعارضــة هــي املنافــس احلقيقــي للوضــع القائــم وأنهــا الطــرف اآلخــر يف هــذه االنتخابــات
والتــي ال تكتمــل إال بهــا ،بقــدر مــا أدت تلــك احلملــة غيــر املبــررة إلــى تعاطــف شــرائح
واســعة مــن املجتمــع مــع املعارضــة ومــع قرارهــا بعــدم املشــاركة يف االنتخابــات خصوصـاً
وقــد نظــر إلــى املعارضــة علــى أنهــا «ضحيــة» التمســك بالســلطة» عــن طريق القوة املباشــرة
وليــس عــن طريــق االنتخابــات والتنافــس علــى صناديــق االقتــراع،
ويف جانــب آخــر خــف أو ضعــف حمــاس أنصــار حزبــي التحالــف االنتخابــي «املؤمتــر
– اإلصــاح» يف دعــم مرشــحهم الرئاســي شــعبياً بــل وعــدم املشــاركة اصــا يف عمليــة
االقتــراع والســبب هــو أنهــم كانــوا علــى ثقــة كاملــة يف أن مرشــحهم احلقيقــي يف هــذه
( )50انــا شــخصيا ركــز علــي مهاجمتــي يف مهرجانــن انتخابيــن خطــب فيهمــا وحتديــدا مهرجانــي حلــج واملــكال بحضرمــوت
ومــرة اخــرى يف مؤمتــره الصحفــي بعــد اعــان النتائــج حتــى انــه اعتــذر ملــن هاجمهــم باالســم وهــم حتديــدا وباالســم (رشــيدة
القيلــي ومحمــد عبــد امللــك املتــوكل وفــارس الســقاف ومحمــد املقالــح «وعلــى خــاف اعتــذاره لآلخريــن واصــل الهجــوم علــي حتــى
بعــد اعــان النتائــج ومعــه حــق فقــد كنــت اكثــر كاتــب وسياســي متحدثــا عــن مهزلــة االنتخابــات بعــد ان اقصــى مرشــح املعارضــة
مبــا يف ذلــك ســخريتي مــن املرشــح الــذي فقــد مــاء وجهــه كمــا ســتالحظون يف مــكان آخــر مــن هــذا الكتــاب
131
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
االنتخابــات ســيفوز بالنســبة املطلوبــة مــن األصــوات ،وســوا ًء شــاركوا يف االنتخابــات أو لــم
يشــاركوا فيهــا طاملــا و «اخلصــم» الــذي كان ميكــن أن يشــكل بقــاؤه منافسـاً تهديــداً حقيقيـاً
لــه قــد أقصــي عــن الســباق .
ومــن ســوء حــظ صالــح ومــن دفعــوه حلجــب التزكيــة عــن مقبــل هــو ان االقتــراع اجــري
يف يــوم اجــازة أي يــوم اخلميــس الــذي عــادة مــا يبقــى غالبيــة اليمنيــون يف بيوتهــم الــى
ســاعات متأخــرة مــن الصبــاح ويف العصــر يقضونــه يف املقيــل االمــر الــذي ضاعــف مــن
نســبة عــدم املشــاركة الشــعبية يف عمليــة االقتــراع جنبـاً الــى جنــب عامــل عــدم وجــود حافــز
املنافســة او اخلــوف علــى عــدم فــوز املرشــح احملتمــل.
لقــد جــاءت اول انتخابــات رئاســية لتكــون يف نتيجتهــا هــي االقــل مشــاركة شــعبية علــى
االطــاق حتــى ان اغلــب املراقبــن قالــوا بــان نســبة املشــاركة يف االنتخابــات لــم تتجــاز
ال %25علــى خــاف مــا اعلــن رســمياً عــن طريــق جلنــة االنتخابــات !
وقــد تأكــد بالفعــل أن قطاعــات واســعة مــن أعضــاء وأنصــار كل مــن املؤمتــر واإلصــاح
لــم تشــارك يف عمليــة االقتــراع يف هــذه االنتخابــات ،وبســبب ذلــك تبــادل حزبــا التحالــف
التهــم حــول عــدم املشــاركة يف هــذه االنتخابــات،
فبينمــا عــزا املؤمتــر الشــعبي ذلــك إلــى مقاطعــة اإلصــاح لالنتخابــات عمليـاً ،رد اإلصالح
بالقــول إن عــدم املشــاركة للناخبــن قــد كان بســبب ســوء توزيــع أمــوال احلملــة االنتخابيــة
مــن قبــل املؤمتــر !
ويف الســياق نفســه تأكــد أن الســلطة السياســية يف املؤمتــر الشــعبي العــام وقيــادات الدولــة
ـكل عــام لــم تســتطع رغــم اجلهــود التــي بذلتهــا يف تبريــر قــرار إقصــاء املعارضــة عــنبشـ ٍ
الســباق الرئاســي أمــام الــرأي العــام العربــي واألجنبــي وأمــام املنظمــات الدوليــة واحلقوقية
،بعــد ان تأكــد امتنــاع 18منظمــة حقوقيــة محليــة واجنبيــة عــن إرســال مندوبيهــا ملراقبــة
ســير العمليــة االنتخابيــة .
كمــا اوقفــت كل مــن أملانيــا وهولنــدا إرســال معونــات نقديــة وعينيــة ســبق ان وعــدت بهــا
اللجنــة العليــا لالنتخابــات وحتديــداً بعــد إقصــاء مرشــح املعارضــة ،وقــد فســر ذلــك علــى
أنــه احتجــاج مــن هــذه األطــراف علــى إجهــاض مســار العمليــة االنتخابيــة.،
132
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
النســبة املتدنيــة للناخبــن طــوال ســاعات اليــوم املخصــص لالقتــراع كانــت قــد اضطــرت
الســلطة وأجهزتهــا احملليــة واملركزيــة إلــى ممارســة العديــد مــن املخالفــات اإلجرائيــة
والقانونيــة لرفــع نســبة التصويــت ،لكــن هــذه النســبة لــم تكــن كافيــة لدى عدد مــن القيادات
السياســية العليــا لتــؤدي الغــرض اإلعالمــي منهــا يف تزيــن «أعــراس الدميقراطيــة» التــي
كان االحتفــال بهــا قــد أعــد ســلفاً.
فــكان البــد مــن التنقــل بصناديــق االقتــراع الــى مقايــل القــات وحــن لــم يكــف ذلــك
مللــئ الصناديــق مت ارغــام اعضــاء جلنــة االنتخابــات علــى مســتوى املراكــز والدوائــر يف
احملافظــات علــى ملــئ الصناديــق بــآالف اوراق االقتــراع كتــب عليهــا جميعــا «نعــم للرئيــس
صالــح «.
ولعــل عــدم تزامــن أي اســتحقاق آخــر مــع الســباق الرئاســي كمــا حــدث يف اســتفتاء
2001م علــى التعديــات ويف 2006م يف تزامــن احملليــات مــع الرئاســيات قــد ضاعــف مــن
عمليــة العــزوف الشــعبي عــن املشــاركة يف التصويــت لصالــح االســتفتاء ومــن املفارقــات
الرئاســيات يف اليمــن حينهــا قــد تصادفــت مــع انتخابــات رئاســية عربيــة أخــرى يف كل مــن
مصــر وتونــس ،وهمــا مــن البلــدان العربيــة التــي تعمــل مــن االنتخابــات الرئاســية الدوريــة
«ديكــوراً» سياســياً ودميقراطيـاً إلخفــاء الوضــع الشــمولي القائــم بالفعــل يف احليــاة العامــة،
وكان أن وضعــت الصحافــة الغربيــة كل هــذه االنتخابــات العربيــة يف ســلة واحــدة ،معتبــرة
إياهــا انتخابــات غيــر دميقراطيــة وال متــت لعمليــة التــداول الســلمي للســلطة بــأي صلــة،
بقــدر مــا هــي تكريــس لنظــام الفــرد الواحــد واحلــزب الواحــد.
وقــد كتبــت حينهــا مقــاال حتليــا لنتائــج االنتخابــات اســتخلصت فيــه ان نســبة التصويــت
للرئيــس صالــح لــم تتجــاوز الـــ %25وهــو مــا ينبغــي ان تدفعــه هــذه النتيجــة املتدنيــة مــن
االصــوات يف اول اختبــار مباشــر امــام الشــعب الــى تقــدمي اســتقالته.
وان يبــدأ مــن تلــك اللحظــة االســتعداد النفســي والسياســي ملغــادرة الســلطة اال انــه رفــض
ووجــه عــدد مــن الكتــاب والصحفيــن ملهاجمتــي ولكــن املفارقــة ان كل مــن صالــح وبــن علــي
ومبــارك خرجــا مــن الســلطة بعــد نصــف عقــد مــن الزمــان مــن اجــراء تلــك الرئاســيات
-بالتتالــي -يف ثــورات شــعبية عرفــت بثــورات الربيــع العربــي 2011م )
133
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
خـــاتـــمة :
تلــك كانــت صــورة موجــزة لتطــورات العمليــة الدميقراطيــة يف أول انتخابــات رئاســية مينيــة
كان يفتــرض تنافــس املرشــحني فيهــا وحريــة ونزاهــة إجراءاتهــا املختلفــة،
ولكــن وكمــا الحظتــم فقــد ســارت العمليــة االنتخابيــة لــدى األحــزاب والقــوى السياســية
منــذ بدايتهــا وحتــى نهايتهــا بخطــوط متوازيــة حين ـاً ومتعارضــة أحيان ـاً أخــرى ،
وإذا كان هنــاك خــط واحــد قــد ســارت عليــه الدميقراطيــة اليمنيــة الناشــئة فهــو خــط
متعــرج وغيــر مســتقيم لــدى جميــع األطــراف ولــدى الــرأي العــام عموم ـاً،
ففــي البدايــة كان املوقــف منهــا «عدميــاً» علــى األقــل لــدى قطاعــات الشــعب املختلفــة
ولــدى فئــات معينــة مــن أحــزاب املعارضــة ،إال أن املوقــف السياســي منهــا بــدأ يتطــور
إيجابيـاً لــدى هــذه الشــرائح والفئــات بعــد أن التقطــت قيــادات فاعلــة ومؤثــرة يف أحــزاب
املعارضــة «اخليــط» وحاولــت الســير بــه إلــى نهايــة الطريــق،
األمــر الــذي ســاهم يف أن تســير العمليــة االنتخابيــة بصــورة أفضــل وأكثــر إيجابيــة وباجتــاه
الصعــود التدريجــي بوعــي النــاس بأهميــة هــذا االســتحقاق الدســتوري سياســياً وفكري ـاً
ولكــن هــذا اخلــط التصاعــدي ايجابيــا باجتــاه االنتخابــات الرئاســية شــعبياً وحزبيـاً عــاد
لينتكــس متامــا بإقصــاء مرشــح املعارضــة الوحيــد عــن املنافســة يــوم 21يوليــو وبقــرار
سياســي مباشــر ومــن اعلــى املســتويات وباتفــاق بــن املؤمتــر الشــعبي واالصــاح .وهــو مــا
انهــى الســباق الرئاســي متامـاً وقبــل ان يبــدا وعــاد خــط الســير يف «الرئاســيات» اليمنيــة
األولــى لينحــدر إلــى األســفل وبســرعة كبيــرة إلــى أن فشــلت االنتخابــات الرئاســية يف
امتحــان الدميقراطيــة اليمنيــة العســير .
حــن تراجــع اهتمــام الــرأي العــام بهــا مــن جديــد ،وحــن ع َّبــر الناخبــون اليمنيــون عــن
«امتعاضهــم» أو باألصــح غضبهــم علــى االنتخابــات غيــر التنافســية مبقاطعتهــم لهــا او
باألصــح عــدم املشــاركة فيهــا وكان هــذا العــزوف الكبيــر يف بعــض جوانبــه رداً مــن قبلهــم
علــى موقــف الســلطة االقصائــي بعــد ان عبــرت مــن جانبهــا عــن عــدم جديتهــا يف التمســك
بالنهــج الدميقراطــي مرتــن :
134
02 الفصل الثاين :االنتخابات الرئاسية 1999م وموقف االحزاب منها
•والثانيــة حــن مــارس عــدد مــن مســئوليها يف الســلطات املركزيــة واحملليــة ويف معظــم
الدوائــر االنتخابيــة عمليــة التزويــر وتغييــر النتيجــة العامــة وبصــورة مكشــوفة وأمــام
الــرأي العــام اليمنــي،
إن مــا جــرى يف أول انتخابــات رئاســية مينيــة مباشــرة وقبلهــا يف االنتخابــات البرملانيــة
الثانيــة إبريــل 1997م قــد أشــار وبوضــوح إلــى أن الدميقراطيــة اليمنيــة الناشــئة ال زالــت
تــراوح يف مكانهــا ،ال بــل إن آلياتهــا ومكوناتهــا املختلفــة قــد شــهدت تراجعـاً كبيــراً مبقارنــة
هذيــن االســتحقاقني باالســتحقاق البرملانــي «األول» 27إبريــل 1993م.
يبقــى ان نقــول (ان التجمــع اليمنــي لإلصــاح والقــوى النافــذة املتحالفــة معــه كان قرارهــا
حاســماً يف عرقلــة ســير العمليــة االنتخابيــة دميقراطيــا وتنافســيا وبدوافــع انانيــة وحزبيــة
بحتــة وعلــى حســاب االحســاس باملســؤولية جتــاه القضايــا الوطنيــة والدميقراطيــة
املصيريــة.
135
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
ثــم يف تعديــات دســتورية تاليــة للرئاســيات هــي اخطــر مــن ســابقاتها يف تضييــق الهامــش
الدميقراطــي ومبــا يجعــل االحتقــان والعنــف بابــاً وحيــداً إلدارة اخلالفــات السياســية
دميقراطيــا كمــا ســياتي الحقــا !)
األمــر الــذي ســيجعل مــن الصعوبــة مبــكان علــى اليمنيــن وقواهــم السياســية املهتمــة
بتطويــر آليــات الدميقراطيــة وترســيخها ،إعــادة عربــات قطــار الدميقراطيــة املنحــرف
إلــى خــط ســيره الصحيــح خصوصـاً وقــد أصيبــت «الســكة» كمــا أصيبــت عربــات القطــار
نفســه بأضــرار بليغــة خلفهــا صــدام اإلرادات الكبيــر يف أول جتربــة عمليــة ،يخضــع فيهــا
ح ـ َّكام اليمــن لالمتحــان الشــعبي املباشــر .
136
الفصل مــن اهــداف التعديــل :مــد فتــرة
الرئيــس واحتســابها مــن اخــر
تعديــل.
تزامــن االســتحقاقني احمللــي -1التعديل الثاني لدستور اجلمهورية اليمنية
والدســتوري يحدث ارباك ًا واســع ًا -2 .االنتخابات احمللية األولى ( 2001م)
لغــط واســع حــول عــدم حصــول
التعديــات علــى االغلبيــة.
أكثــر اســتحقاق انتخابــي مــورس
فيــه التزويــر.
03 الفصل الثالث :التعديالت الدستورية الثانية
بعــد التعديــل االول لدســتور اجلمهوريــة اليمنيــة والــذي أقــر البرملــان يف ســبتمبر ١٩٩٤م
طــرح الرئيــس صالــح وحلفائــه مشــروع تعديــات أخــرى علــى الدســتور يف منتصــف شــهر
يوليــو مــن العــام 2001م ,وبعــد شــهرين فقــط مــن تاريــخ التوقيــع علــى (اتفاقيــة جــدة)
احلدوديــة بــن اليمــن والســعودية ( 2٠00/6/12م) ,
واذا كان التعديــل االول لدســتور اجلمهوريــة اليمنيــة والــذي اقــره البرملــان دون اســتفتاء
شــعبي قــد انتقــص جزئيــا مــن النظــام التشــاركي الدميقراطــي لدولــة الوحــدة بإلغــاء
مجلــس الرئاســة وبعــدم اقــرار غرفــة ثانيــة للســلطة التشــريعية خالفـاً ملــا مت االتفــاق عليــه
مــع االشــتراكي قبــل مــا يتــم اقصــاؤه باحلــرب .اال ان التعديــات االولــى قــد ســبق االتفــاق
علــى اهمهــا قبــل احلــرب علــى االقــل وعلــى خــاف مــا جــرى يف التعديــل الثانــي ملــواد
الدســتور ٢٠٠١م فقــد كانــت يف مجملهــا تعديــات تراجعيــة فيمــا يخــص نظــام الدولــة
الدميقراطــي ويف كل الســياقات السياســية واالقتصاديــة واالجتماعيــة.
لقــد أبــدت الســلطة وحزبهــا احلاكــم رغبتهــا يف اجــراء التعديــات الثانيــة علــى دســتور
اجلمهوريــة يف وقــت كانــت األحــزاب اليمنيــة ومؤسســات الدولــة وشــرائح املجتمــع املختلفــة
مشــغولة يف التحضيــر واالعــداد خلــوض االنتخابــات البرملانيــة الثالثــة التــي كان مــن املقــرر
(((5
إجراؤهــا يف 27ابريــل 2001م أي بعــد شــهرين فقــط مــن تاريــخ انــزال التعديــات
وقــد بــدأ احلديــث يف بدايــة االمــر عــن تعديــات مــواد يف الدســتور ,تتعلــق بتمديــد فتــرة
رئيــس اجلمهوريــة ,واســتحداث مجلــس للشــورى بصالحيــات تشــريعية ,
( )51التي مت مبوجبها تأجيل موعد االنتخابات البرملانيه بعد متديد مجلس النواب لسنتني اضافيتني تنتهي يف ابريل 2003م
139
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
ومــع أن ردود الفعــل األوليــة ألحــزاب املعارضــة قــد كشــفت عــن رفضهــا تأجيــل موعــد
االنتخابــات البرملانيــة ,مــن حيــث املبــدأ فضــا عــن رفضهــا التعديــات الدســتورية التــي
بــدت مناهضــة كلي ـاً للدميقراطيــة والنظــام السياســي التعــددي إال أن الســلطة لــم تأخــذ
بــرأي األحــزاب وســرعان مــا كشــفت عــن مشــروع التعديــات الدســتورية املعــد ســلفا !!
ويف اجللســة البرملانيــة املخصصــة لهــذا الغــرض والتــي عقــدت بتاريــخ 2000/8/23م مت
إقــرار املشــروع وباألغلبيــة املطلوبــة بعــد أن اضــاف اليهــا أعضــاء كتلــة اإلصــاح والبعــث
االشــتراكي وغيرهــم مقترح ـاً آخــر قضــى بتعديــل املــادة ( )111املتعلقــة بتمديــد فتــرة
رئيــس اجلمهوريــة إلــى ســبع ســنوات.
ويف وقــت الحــق ونتيجــة للجــدل الواســع الــذي أثارتــه املعارضــة والــرأي العــام حــول
التعديــات مــن ناحيــة ,وبهــدف تــايف القصــور الــذي لــم يتنبــه إليــه أصحــاب املشــاريع
الســابقة ,مت اقتــراح واقــرار تعديــات أخــرى لبعــض مــواد الدســتور ,حتــى أنــه لــم
يتــم إقــرار التعديــات والتصويــت عليهــا بصورتهــا النهائيــة مــن قبــل املجلــس بتاريــخ
2000/11/20م إال بعــد أن وصــل عــدد املــواد الدســتورية املطلــوب تعديلهــا إلــى 20مــادة
دســتورية منهــا 13مــادة معدلــة و 4مــواد دســتورية مضافــة و 3مــواد دســتورية ملغــاة.
وكانــت أهــم واخطــر املــواد الدســتورية التــي تضمنهــا مشــروع رئيــس اجلمهوريــة للتعديالت
الدســتورية واملطروحــة لالســتفتاء الشــعبي هــي املــواد الدســتورية ( )111ومبــا يحقــق
متديــد واليــة رئيــس اجلمهوريــة إلــى ســبع ســنوات شمســية بــدال مــن خمــس ســنوات
شمســية ,واملــادة ( )64ومبــا يحقــق متديــد فتــرة مجلــس النــواب إلــى ســت ســنوات شمســية
بــدال مــن أربــع ســنوات شمســية ,واملــادة ( )125ومبــا ينــص علــى اســتحداث مجلــس شــورى
مكــون مــن 111عضــوا يعينهــم رئيــس اجلمهوريــة ويكــون لــه صالحيــات تشــريعية معينــة
يشــارك فيهــا مجلــس النــواب املنتخــب.
140
03 الفصل الثالث :التعديالت الدستورية الثانية
باإلضافــة الــى املــادة الدســتورية املتعلقــة بطريقــة ترشــيح وانتخــاب واختيــار رؤســاء
املجالــس احملليــة (احملافظــون +مــدراء املديريــات) ومبــا مينــح التعديــل املقتــرح للســلطة
التنفيذيــة حــق تعيينهــم مباشــرة مــن قبلهــا مــع اإلبقــاء علــى خيــار انتخابهــم قائمــا يف
النــص الدســتوري !!!
و املــادة ( )156املتعلقــة بطريقــة تعديــل الدســتور وبحيــث يتضمــن التعديــل تقســيم أبــواب
ومــواد دســتور اجلمهوريــة اليمنيــة الــى قســمني, .األول ويتمثــل مبــواد البابــن األول والثاني
مــن الدســتور ومــا دون ذلــك يتــم إقــرار تعديلهــا عبــر االســتفتاء الشــعبي ,والقســم الثانــي
مــن املــواد يكتفــي لتعديلهــا بتصويــت ثالثــة أربــاع أعضــاء مجلــس النــواب دون احلاجــة
إلــى اســتفتاء شــعبي عليهــا واحلقيقــة أن تقســيم الدســتور الــى نوعــن مــن املــواد مــن حيــث
طريقــة اقرارهــا كانــت بدعــة جديــدة وغيــر دميقراطيــة وحتصــل ألول مــرة يف تاريــخ انشــاء
واقــرار وتعديــل الدســاتير اليمنيــة .
واملــادة املتعلقــة بشــروط تزكيــة املرشــحني ملنصــب رئيــس اجلمهوريــة ,ومبــا يجعــل النســبة
%5مــن مجمــوع أعضــاء مجلســي النــواب والشــورى بــدال مــن %10يختــص بهــا مجلــس
النــواب وحــد كمــا كان احلــال ســابقا.
إنــه ومثلمــا اســتغلت الســلطة االختــاالت الهائلــة التــي خلفتهــا حــرب 1994م ,علــى
مســتوى احليــاة السياســية والبرملانيــة ,والظــروف الصعبــة التــي كانــت تعيشــها كتلــة
احلــزب االشــتراكي وبقيــة الكتــل البرملانيــة األخــرى ,لتقــوم يف 24ســبتمبر 1994م ( وعــن
طريــق البرملــان) بتعديــل ,أو إلغــاء اكثــر مــن 83مــادة مــن مــواد دســتور اجلمهوريــة اليمنيــة
املســتفتى عليهــا شــعبيا بتاريــخ 16-15مايــو1991م ,فقــد قامــت هــذه املــرة وبنفــس
الطريقــة بطــرح مشــروع التعديــات مــن طــرف واحــد مســتغلة نفــس العوامــل والظــروف
املتعلقــة بضعــف تواجــد املعارضــة يف البرملــان واختــال التــوازن السياســي واالجتماعــي
عمومــا.
141
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وإذا مــا نظرنــا إلــى أن مشــروع التعديــات قــد طــرح بعــد شــهرين فقــط مــن تاريــخ التوقيــع
علــى مذكــرة التفاهــم واتفاقيــة جــدة احلدوديــة مــع الســعودية وعلــى خلفيــة الشــعور
املتعاظــم بالثقــة لــدى بعــض دوائــر الســلطة مــن أنهــا قــد حلــت كل إشــكالياتها التاريخيــة
مــع اجليــران وهزمــت كل خصومهــا يف الداخــل وبالتالــي اصبــح بإمكانهــا عمــل مــا تريــد
دون اعتــراض او عرقلــة او هكــذا ظنــت.
ا آخــر اقــل اهميــة وهــو نتائــج االنتخابــات الرئاســية وال ننســى يف هــذا الســياق عامــ ً
املباشــرة األولــى التــي أجريــت يف 22ســبتمبر1999م والتــي ســجل فيهــا الناخبــون اضعــف
نســبة مشــاركة شــعبية علــى اإلطــاق وهــو مــا اشــعر الســلطة وراســها ورمبــا ألول مــرة
بتــآكل وانحســار شــعبية الرئيــس صالــح مــن ناحيــة وبخطــورة منــح األمــل للنــاس بإمكانيــة
التغييــر عــن طريــق آليــات الدميقراطيــة واالنتخابيــة املباشــرة مــن ناحيــة اخــرى فجــاء
متديــد فتــرة الرئيــس لالبتعــاد اكثــر مــدة ممكنــة مــن االســتحقاق املباشــر وجــاء قــرار
اجــراء التعديــات متزامنــا مــع احملليــات يف وقــت الحــق لضمــان اكبــر نســبة مشــاركة بعــد
العــزوف الفاحــش للناخبــن يف انتخابــات 1999م الرئاســية .
أمــا ثانيــا فقــد جــاء مشــروع التعديــات الدســتورية ليحســم اجلــدل الــذي كان دائــراً
حينهــا حــول مــا إذا كانــت واليــة رئيــس اجلمهوريــة علــي عبــد اهلل صالــح التــي كان يحكــم
مبوجبهــا يف ذلــك الوقــت هــي الواليــة الدســتورية األولــى لــه ,أم أنهــا الواليــة الثانيــة
واألخيــرة ,وفقــا لتعديــات دســتور ســبتمبر 1994م والتــي نصــت علــى عــدم جــواز تولــي
الرئيــس ألكثــر مــن دورتــن رئاســيتني مــدة كل دورة منهمــا خمــس ســنوات شمســية فقــط.
أي أن تعديــات 2001م امنــا هــو حتايــل مــن قبــل الســلطة علــى النــص الدســتوري النافــذ
واخلــاص بحــق الرئيــس يف تولــي املنصــب (لدورتــن رئاســيتني فقــط) وكان الرئيــس صالــح
قــد اســتكملهما معــاً ،االولــى يــوم إقــرار التعديــات االولــى1994م والتــي مبوجبهــا مت
انتخابــه مــن قبــل مجلــس النــواب تنتهــي عــام 1999م والثانيــة يــوم اجــراء االنتخابــات
الثانيــة 1999م.
142
03 الفصل الثالث :التعديالت الدستورية الثانية
وكان مــن املقــرر انتهائهــا عــام 2004م فتــم متديــد فتــرة واليــة الرئيــس الــى ســبع ســنوات
بــدال مــن خمــس وهــذا هــو التحايــل االول ثــم حســاب واليتــه الدســتورية بــداء مــن تاريــخ
إقــرار التعديــات األخيــرة 2001م وليــس مــن تاريــخ توليــه املنصــب بعــد تعديــات
ســبتمبر1994م وهــذا هــو التحايــل الثانــي !!
وهــو مــا يضمــن اســتمراره ومــن ثــم اســتقرار سياســي أطــول لــراس الســلطة ولعــل متديــد
فتــرة الرئيــس الــى ســبع ســنوات ولدورتــن وحســابها بــدا مــن تاريــخ التعديــل االخيــر
وبحيــث تنتهــي الــدورة االولــى يف ســبتمبر 2006م هــي اهــم دوافــع التعديــات الدســتورية
االخيــرة .
أمــا الدافــع الثالــث ,فهــو ان التعديــات الدســتورية قــد اســتهدفت هــذه املــرة تغييــر طبيعــة
النظــام السياســي والتجربــة الدميقراطيــة وفتــح أبــواب الدســتور لتعديــات جديدة أخرى
ميكــن لهــا أن تســتوعب كل مــا يخبئــه املســتقبل مــن مفاجئــات قــد حتصــل داخل(بيــت
احلكــم) ومبــا يضمــن طريقــة انتقــال الســلطة فيمــا بــن مكوناتهــا املختلفــة بصــورة ( آمنــة)
ومتفــق عليهــا خصوص ـاً يف ظــل احلديــث عــن التوريــث يف أنظمــة اجلمهوريــات العربيــة
وهــو مــا يفهــم مــن البدعــة التــي ميكــن تكرارهــا يف جعــل بعــض مــواد الدســتور ال حتتــاج
الــى اســتفتاء شــعبي اذا مــا اريــد تعديلهــا يف أي حلظــة طارئــة.
هنــاك أهــداف سياســية أخــرى تتعلــق بالتحكــم بآليــات االنتخابــات الدوريــة وضمــان
نتائجهــا والســيطرة علــى رؤســاء الوحــدات اإلداريــة يف املجالــس احملليــة املنتخبــة وغيرهــا.
143
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
ومــع أن تعديــات مــواد الدســتور ٢٠٠١م بــدت محــدودة مقارنــة بتعديالت ســبتمبر ١٩٩٤م
مــن حيــث عــدد املــواد اال ان مضامينهــا مثلــت مجــزرة للدميقراطيــة ومبــا يخــدم القــوى
االســتبدادية و بقائهــا يف الســلطة بــا رقابــة وبــا شــراكة او تــداول.
واذا كان مــن الواضــح أن التعديــات الثانيــة قــد كانــت بطلــب مــن رئيــس اجلمهوريــة وتلبيــة
حلاجتــه يف تكريــس الســلطة إال أن هــذا مــاكان ميكــن ان يحــدث لــوال موافقــة التجمــع
اليمنــي لإلصــاح عليهــا ومتريرهــا اوال عبــر التصويــت علــى مشــروعها يف البرملــان الــى
جانــب كتلــة املؤمتــر ووفقــا للدســتور نفســه كان مشــروع التعديــات يحتــاج ليمــر بالبرملــان
قبــل االســتفتاء عليــه الــى ثالثــة اربــاع اصــوات مجلــس النــواب وهــذا مالــم يكــن ميتلكــه
املؤمتــر.
صحيــح أن املؤمتــر كان ميتلــك االغلبيــة املريحــة يف البرملــان ( )242اال انــه لــم يكــن ميلــك
ثالثــة اربــاع اعضــاء مجلــس النــواب التــي حتتاجهــا التعديــات إلقرارهــا مــن حيــث املبــدأ
لــوال انضمــام كتلــة االصــاح البرملانيــة ( )46بالتصويــت عليهــا الــى جانــب اعضــاء كتلــة
املؤمتــر وكتلــة حــزب البعــث ( )3مقاعــد .
وال زلــت أتذكــر حــواراً جــرى بهــذا الصــدد بــن االخويــن جــار اهلل عمــر (االشــتراكي)
ومحمــد قحطــان (االصالحــي) وكنــت حاضــرا فيــه شــخصياً حــن حــاول االخيــر تبريــر
امكانيــة موافقتهــم علــى التعديــات يف البرملــان مــع التلويــح بانهــم ســيصوتون شــعبيا
ضدهــا فــرد الشــهيد جــار اهلل عمــر مبــا معناهــا «اذا اردمت ان ال متــر التعديــات فمــن
خــال تصويتكــم ضــد متريرهــا يف البرملــان امــا بعــد انزالهــا الــى االســتفتاء فانــت وانــا
نعــرف كيــف ســيعلن النظــام حصولــه علــى االغلبيــة الشــعبية لتمريرهــا.
واضــاف «مــن حقكــم عمــل صفقــات سياســية وانتخابيــة مــع احلــزب احلاكــم فهــذا عمــل
سياســي وجــزء مــن طبيعــة الدميقراطيــة اال يف حالــة واحــدة وهــي ان تكــون صفقــات
سياســية علــى حســاب البلــد ونظامهــا الدميقراطــي فهــذه ال مجــال فيهــا للصفقــات
ومشــروع التعديــات الدســتورية مــن القضايــا املصيريــة واملتعلقــة بالنظــام الدميقراطــي
للدولــة.
144
03 الفصل الثالث :التعديالت الدستورية الثانية
كان االصــاح قــد لــوح مبقاطعــة االســتفتاء واالنتخابــات احملليــة املصاحبــة لــه بــل واتخــذ
بذلــك قــراراً مــن مؤمتــره العــام لكنــه مــا لبــث ان تراجــع عــن قــراره بعقــد مؤمتــر آخــر
دعــا حلضــوره الرئيــس صالــح نفســه ليخطــب يف جمهــور احلــزب وكان بذلــك يتــوج اتفاقــا
سياســياً خــارج الدميقراطيــة وضــد املعارضــة مــع الرئيــس لــم يعلــن عنــه وافــق مبوجبــه
االصــاح علــى املشــاركة يف االســتفتاء واحملليــات.
ومــع ان االصــاح كان قــد اصبــح جــزءا مــن املعارضــة (البنــاءة) حســب تعبيــره وكان يقتــرب
اكثــر فاكثــر مــن احــزاب مجلــس التنســيق االعلــى الحــزاب املعارضــة اال انــه كعادتــه مــا ان
لــوح لــه صالــح بالعــودة الــى التحالــف حتــى نســي كل مــا كان قــد شــكى منــه يف االنتخابــات
البرملانيــة لعــام 1997م.
ال ادري ان كان ذلــك قــد جــاء بنــاء علــى صفقــة مضمونهــا متريــر التعديــات مقابــل
احملليــات أي ان يغــض املؤمتــر عــن نتائــج احملليــات مقابــل غــض االصــاح نظــره عــن
التعديــات الدســتورية لتمــر اال انــه وأيــا كان الدافــع فقــد كان ملوقــف االصــاح مــن تلــك
التعديــات بتمريرهــا يف البرملــان ومــن كثيــر مــن القضايــا املصيريــة نتائــج وخيمــة علــى
النظــام الدميقراطــي برمتــه حتــى وان حصــل علــى مقاعــد مهمــة يف املجالــس احملليــة يف
ذلــك االســتحقاق.
لقــد كان واضحــاً ومنــذ البدايــة بــان مشــروع التعديــات الدســتورية ميثــل مبضامينــه
وبتوجهاتــه العامــة خطــورة حقيقــة علــى طبيعــة النظــام الدميقراطــي والتعــددي يف اليمــن
,ويســتهدف تقليــص الهامــش احملــدود مــن احلريــات واحلقــوق املدنيــة ,واســتالب احلقــوق
السياســية املكتســبة يف دســتور الوحــدة اليمنيــة وعبــر كل نضــاالت احلركــة الوطنيــة منــذ
بدايــة األربعينيــات وحتــى إعــان الوحــدة وقيــام اجلمهوريــة اليمنيــة عــام 1990م.
145
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وأمــام مشــروع مــن هــذا النــوع ,فقــد كان مــن الطبيعــي أن يرفضــه احلــزب االشــتراكي
اليمنــي وبقــوة ويحــث أعضــاءه وأنصــاره وأبنــاء الشــعب عمومــا علــى التصويــت ب(ال)
خصوصــا بعــد أن عجــز احلــزب وبقيــة أحــزاب املعارضــة ومؤسســات املجتمــع املدنــي يف
إقنــاع الســلطة يف ضــرورة التراجــع عنــه.
ولــم يكــن االشــتراكي يرفــض تعديــات الدســتور مــن حيــث املبــدأ ولكنــه كان يصــر علــى
جعــل أي امــر مصيــري مثــل قضايــا الدســتور والنظــام الدميقراطــي واحلــدود واحلــرب
والســام قضيــة وطنيــة خاضعــة للحــوار والتــداول مــن قبــل جميــع األطــراف السياســية-
وال عالقــة لذلــك مبوضــوع األقليــة واألغلبيــة يف البرملــان والن هــذا لــم يتــم فقــد كان
احلــزب االشــتراكي اليمنــي مــن أوائــل األحــزاب السياســية اليمنيــة التــي حــددت موقفهــا
الرافــض للتعديــات بوضــوح ال لبــس فيــه ومنــذ اللحظــة األولــى إلعالنهــا رســميا ,ولعــل
املوقــف احلــازم واملبكــر للحــزب جتــاه مشــروع التعديــات يعــود يف جــزء منــه إلــى القــرار
الــذي اتخــذه املؤمتــر العــام الرابــع للحــزب بهــذا اخلصــوص يف تاريــخ 2000/9/2م ,
فقــد تزامــن طــرح الرئيــس ملشــروع التعديــات الدســتورية مــع فتــرة انعقــاد املؤمتــر العــام
الرابــع (الــدورة الثانيــة -دورة البردونــي) التي انعقدت يف الفترة من 8/30الى2000/9/2م
والــذي كان مشــروع التعديــات الدســتورية أحــد أهــم القضايــا املطروحــة علــى جــدول
أعمــال املؤمتــر ورمبــا أهمهــا بعــد موضــوع انتخــاب الهيئــات القياديــة املختلفــة للحــزب.
وحــول األســباب والدوافــع ومــن ثــم األهــداف لرفــض احلــزب للتعديــات أكــد البيــان
اخلتامــي للمؤمتــر أن (:التعديــات الدســتورية بتوجهاتهــا العامــة ومبضامينهــا الواضحــة
متثــل محطــة رئيســية يف مســيرة العــودة بالبــاد إلــى مــا قبــل قيــام اجلمهوريــة والوحــدة
والنظــام الدميقراطــي التعــددي) !...
وان احلــزب وبقــدر مــا يرفــض تلــك التعديــات مــن حيــث املبــدأ ,ومــن حيــث طريقــة
طرحهــا واإلجــراءات التــي اتخــذت بشــأن إنزالهــا وإقرارهــا يف البرملــان ,فانــه يرفضهــا
ملــا تضمنتــه مــن أهــداف واضحــة تســتهدف ضــرب وتقليــص مســاحة املشــاركة السياســية
وجتميــد أو إضعــاف املؤسســات املنتخبــة ومتديــد دوراتهــا والتحايــل علــى اســتحقاقات
146
03 الفصل الثالث :التعديالت الدستورية الثانية
مواعيدهــا الدوريــة ,وعلــى وجــه اخلصــوص أكــد البيــان اخلتامــي علــى رفــض التعديــات
الدســتورية كونهــا -:
-تســتهدف إلغــاء مبــدأ انتخــاب الهيئــات التشــريعية مــن خــال منــح (مجلــس الشــورى)
غيــر املنتخــب صالحيــات تشــريعية .
-اإلخــال مبــا تبقــى مــن تــوازن بــن مؤسســات الدولــة بتركيــز الســلطة يف يــد رئيــس
اجلمهوريــة مــن خــال منحــه وفقــا للتعديــات املقترحــة حــق تعيــن أعضــاء مجلــس
الشــورى ,وحقــه يف حــل مجلــس النــواب املنتخــب بــدون اســتفتاء الشــعب باإلضافــة إلــى
منــح الســلطة التنفيذيــة حــق تعيــن رؤســاء املجالــس احملليــة املنتخبــة بــدال مــن انتخابهم
كمــا ينــص الدســتور احلالــي .
وممــا ال شــك فيــه أن جنــاح أعمــال املؤمتــر العــام الرابــع بدورتيــه ,وانتخــاب جميــع هيئــات
احلــزب القياديــة بالطــرق الدميقراطيــة ومــا مثلــه انعقــاد مؤمتــر احلــزب مــن تظاهــرة
سياســية ودميقراطيــة ,أكــدت وحــدة احلــزب وأعــادت تأكيــد حضــوره وفاعليتــه يف احليــاة
السياســية فضــا عــن إعــادة ثقــة أعضــاء وانصــار احلــزب بأنفســهم ومبكانــة وحضــور
حزبهــم داخــل املجتمــع بإقــرار املشــاركة يف أي انتخابــات قادمــة مهمــا كانــت الصعوبــات
( باعتبــار أن وســائل نشــاط احلــزب هــي الدميقراطيــة والعمــل بآلياتهــا املختلفــة والعمــل
مــن خاللهــا لتطويرهــا وتــايف آيــة قصــور أو ثغــرات عبــر املشــاركة الفاعلــة والوســائل
الســلمية ) .
147
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
كل هــذه العوامــل ســاهمت وبشــكل ملحــوظ يف حتديــد رؤيــة احلــزب مــن التعديــات
وتوحيــد موقفــه منهــا ومنــذ وقــت مبكــر اآلمــر الــذي دفــع بــكل أعضــاء وكــوادر احلــزب يف
املركــز واحملافظــات إلــى العمــل بجــد ونشــاط لتجســيد هــذا املوقــف عمليــا.
وبالفعــل فقــد انخــرط احلــزب وبقيــة أحــزاب املعارضــة والشــخصيات الوطنيــة والك َّتــاب
واحملامــن يف معركــة سياســية وفكريــة اســتهدفت توعيــة املجتمــع والــرأي العــام بخطــورة
التعديــات الدميقراطيــة ومــن اجــل ذلــك عقــدت النــدوات وحلقــات النقــاش يف اكثــر مــن
منطقــة ومحافظــة مــن محافظــات اجلمهوريــة.
وكان مــن أهــم األنشــطة والفعاليــات التــي قامــت بهــا املعارضــة يف هذا الســياق هو تشــكيل
اللجنــة الوطنيــة حلمايــة الدســتور والتــي مت تشــكيلها يف مقــر احلــزب االشــتراكي بتاريــخ
2000/10/1م علــى خلفيــة الدعــوة التــي تقــدم بهــا حــزب التجمــع اليمنــي الوحــدوي,
ورأســها األســتاذ املناضــل محمــد عبــد الرحمــن الرباعــي اآلمــن العــام حلــزب احتــاد
القــوى الشــعبية باإلضافــة إلــى اكثــر مــن عشــرين عضــواً مثلــوا قوامهــا ,هــم يف معظمهــم
مــن قيــادات احلــزب االشــتراكي وأحــزاب مجلــس التنســيق األعلــى للمعارضــة ,والتجمــع
الوحــدوي اليمنــي وشــخص أو شــخصني مــن أعضــاء اإلصــاح والعديــد مــن القانونــن
واحملاميــن والصحفيــن ونشــطاء حقــوق اإلنســان واملجتمــع املدنــي ,
ا يف شــرح املوقــف مــن التعديــات ويف توعيــة وقــد لعبــت هــذه اللجنــة دوراً مهم ـاً وفاع ـ ً
الــرأي العــام بخطورتهــا علــى النهــج الدميقراطــي ,وقــد ســاهم دخــول االشــتراكي يف
معركــة االســتفتاء بقــوة ومنــذ وقــت مبكــر يف تصليــب مواقــف بقيــة األحــزاب املعارضــة
ويف منــح احلملــة االنتخابيــة الكثيــر مــن احليويــة.
لقــد كان نشــاط احلــزب السياســي والقانونــي واإلعالمــي املناهــض للتعديــات جــزء مــن
عمــل مشــترك ضــم إلــى جانبــه بقيــة أحــزاب مجلــس التنســيق واللجنــة الوطنيــة حلمايــة
الدســتور والعديــد مــن الكتَّــاب والسياســيني واحملاميــن الذيــن عملــوا معــا يف احلملــة
السياســية واإلعالميــة الواســعة التــي اســتمرت أكثــر مــن خمســة أشــهر واســتهدفت توعيــة
الــرأي العــام اليمنــي بخطــورة التعديــات علــى التجربــة الدميقراطيــة . ,
148
03 الفصل الثالث :التعديالت الدستورية الثانية
ومــع أن هــذه احلملــة الواســعة والفاعلــة لــم تفــض إلــى تراجــع الســلطة عــن مشــروع
التعديــات املناهضــة للنظــام الدميقراطــي إال أنهــا حققــت نتائــج إيجابيــة ملحوظــة علــى
املســتويني السياســي واحلقوقــي لعــل أهمهــا علــى اإلطــاق هــي -:
•جنحــت املعارضــة ومــن خــال النــدوات واألنشــطة السياســية واحلواريــة التــي أقامتهــا
أو شــاركت فيهــا يف إثــارة حــوار سياســي وقانونــي ودســتوري جــدي ومعمــق علــى
مســتوى النخبــة والــرأي العــام حــول التعديــات الدســتورية ,ســاهم يف تعميــق الوعــي
الدســتوري واحلقوقــي لــدى املواطنــن.
وقــد أعــاد ذلــك إلــى األذهــان احلــراك السياســي والفكــري والقانونــي الــذي خلــق
وســاهم احلــزب يف خلقــه لــدى املجتمــع إبــان معركــة االســتفتاء علــى دســتور دولــة
الوحــدة عــام 1991م مــع فــارق يف اختــال التــوازن االجتماعــي والسياســي العــام
لصالــح الســلطة هــذه املــرة ,وقــد انعكــس هــذا الوعــي الشــعبي إيجابيــا مــن خــال
ارتفــاع نســبة التصويــت بـــ( ال) علــى التعديــات الدســتورية ولصالــح عــدد مرشــحي
املعارضــة يف احملليــات .
•يف الســياق ذاتــه ســاهم موقــف أحــزاب مجلــس التنســيق املوحــد مــن التعديــات
وعملهــا املشــترك يف مناهضتهــا مــن ناحيــة ,وســعي الســلطة وحزبهــا احلاكــم إلقصــاء
اإلصــاح وعــدم قبــول أي مطلــب مــن مطالبــه املعلنــة قبــل مؤمتــره االســتثنائي مبــا
فيهــا عــدم تصحيــح الســجل االنتخابــي يف تطويــر وحتســن موقــف التجمــع اليمنــي
لإلصــاح مــن التعديــات علــى االقــل يف اوســاط قواعــد التجمــع وبعــض فروعــه يف
احملافظــات وباجتــاه مناهضتهــا والتصويــت ضدهــا
149
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وقــد اجبــر املوقــف الرافــض للتعديــات والــذي بــدأ يتنامــى شــيئا فشــيئا يتنامــى ,داخــل
املجتمــع علــى إجبــار الســلطة للخضــوع لبعــض التنــازالت يف موضــوع احلــوار حول املشــروع
مــن ناحيــة ويف التراجــع عــن بعــض املــواد املقترحــة للتعديــل مــن ناحيــة أخــرى.
ففــي حــن كانــت الســلطة ترفــض أي لقــاء مــع املعارضــة وفتــح أي حــوار حــول التعديــات
مــع بقيــة ا ألحــزاب اضطــر مجلــس النــواب إلــى فتــح حــوارات عامــة حــول التعديــات مــن
خــال النــدوات وحلقــات النقــاش التــي أشــرفت عليهــا هيئــة رئاســة املجلــس وقــد ســاهمت
املعارضــة وعــدد مــن رموزهــا يف إيضــاح الكثيــر مــن الثغــرات التــي اكتنفــت املشــروع وبينــت
موقفهــا للــرأي العــام عبــر بعــض النــدوات التلفزيونيــة ,آمــا فيمــا يخــص التراجــع عــن
بعــض املــواد التــي كانــت مطروحــة للتعديــل وحتســن نصــوص أخــرى يف املشــروع حســب
وجهــة نظــر االصــاح وغيرهــم مــن االطــراف السياســية خــارج مجلــس التنســيق فقــد
جســدها االتفــاق الــذي مت التوقيــع عليــه بــن املؤمتــر واإلصــاح والبعــث القومــي ,يف 15
أغســطس 2000م
لقــد بــدت الســلطة حينهــا امــام حملــة احلــزب واملعارضــة معزولــة ووحيــدة يف معركــة
التعديــات وظهــرت أمــام الــرأي العــام الداخلــي واخلارجــي كســلطة دكتاتوريــة تعمــل علــى
اســتغالل موقعهــا لترتيــب وضعهــا واالنتقــاص مــن املكتســبات الدســتورية للشــعب ,وشــعر
النظــام أن هــذا التنامــي يف الوعــي الشــعبي جتــاه رفــض التعديــات يف ظــل عجزهــا
الكامــل يف تبريرهــا دميقراطيــا ســيؤدي حتمــا إلــى وضعهــا أمــام خيــارات صعبــة .
فإمــا أن تلجــأ إلــى عمليــة التزويــر املباشــر واعــان نتيجــة مخالفــة متامــا لــرأي غالبيــة
الناخبــن والناخبــات ,أو أن تقبــل بإمكانيــة ســقوط التعديــات شــعبيا وهــذا غيــر مقبــول
لديهــا ,كمــا أنهــا لــم تكــن تســتبعد خيــار آخــر ال يقــل مــرارة وهــو إمكانيــة أن يلجــأ
الناخبــون إلــى عــدم املشــاركة كتعبيــر احتجاجــي ضــد التعديــات ويكــررون بهــذا املوقــف
جتربــة االنتخابــات الرئاســية األولــى.
150
03 الفصل الثالث :التعديالت الدستورية الثانية
وقــد عبــرت عــن هــذه احلالــة التــي كانــت تعيشــها الســلطة صحيفــة امليثــاق لســان حــال
احلــزب احلاكــم وبصراحــة ملفتــة للنظــر حــن كتبــت وعلــى صــدر صفحتهــا األولــى( أن
املؤمتــر يف معركــة التعديــات يف وضــع صعــب فهــو وحيــد وأمامــه تكتــل واســع ميثلــه
أحــزاب االشــتراكي واإلصــاح( ((5وبقيــة أحــزاب املعارضــة!)!!
وأمــام ذلــك كلــه وبهــدف تفــادي مثــل هــذه الســيناريوهات املتوقعــة جلــأت الســلطة إلــى
حيلــة طــرح االنتخابــات احملليــة متزامنــة مــع عمليــة االســتفتاء ومبــا يــؤدي ليــس فقــط
إخراجهــا مــن مــأزق مناهضــة الدميقراطيــة بصــورة فجــة بــل والــى إربــاك خطــاب
املعارضــة ووضعهــا أمــام اســتحقاق جديــد لــم تكــن قــد اســتعدت لــه أوالً.
وكســر حالــة العزلــة واخلــروج بصــورة مختلفــة علــى مــا ظهــرت بهــا يف موضــوع التعديــات
أمــام الــرأي العــام الداخلــي واخلارجــي ولعــل هــذه املشــورة – أي تزامــن احملليــات مــع
االســتفتاء علــى التعديــات – هــي التــي قدمهــا االصــاح لصالــح اوهــي الرشــوة التــي
قدمــت لإلصــاح مــن قبــل صالــح أي املوافقــة علــى التعديــات مقابــل التغاضــي عــن نتائــج
االصــاح يف عــدد مــن مجالــس احملليــات وهــو مــا لــم يتــم يف نهايــة االمــر وســارت االمــور
خالفـاً لالتفاقــات والتفاهمــات الشــفوية املســربة .
وقــد جــاء اعــان تزامــن االســتحقاقني احمللــي واالســتفتاء علــى لســان رئيــس اجلمهوريــة
أثنــاء زيارتــه إلــى مقــر اللجنــة العليــا لالنتخابــات يــوم 2001/1/23م وبذلــك اإلعــان
دخلــت عمليــة االســتفتاء مرحلتهــا الثانيــة متمثلــة مبرحلــة اإلعــداد والتحضيــر إلجــراء
االنتخابــات احملليــة األولــى يف تاريــخ اجلمهوريــة اليمنيــة .
لقــد كان مــن الواضــح أن قــرار إجــراء االنتخابــات احملليــة متزامنــا مــع عمليــة االســتفتاء
قــرار تكتيكــي متســرع وجــاء لتحقيــق أهــداف سياســية آنيــة لــم تالحــظ الســلطة فيــه
حجــم اإلربــاك واخلروقــات التــي قــد تضطــر اليهــا جــراء ذلــك.
151
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
اجــراء احملليــات قبــل موعدهــا املقــرر قانونــا وخــال فتــرة قصيــرة وغيــر كافيــة ,كان البــد
أن يتبعــه خروقــات وجتــاوزات وأخطــاء دســتورية وقانونيــة وإجرائيــة وفنيــة ال حــدود لهــا
وهــو مــا حصــل بالفعــل فقــد ســارت اإلجــراءات واخلطــوات املتبعــة إلجــراء االســتحقاقني
عــل النحــو التالــي-:
•مت تعديــل قانــون االنتخابــات العامــة الــذي كان قــد نــص علــى إجــراء االنتخابــات
احملليــة متزامنــة مــع انتخابــات مجلــس النــواب واملقــرر أجرائهــا يف 27ابريــل
2001م ,وقــد مت تعديــل هــذا النــص خــال جلســة واحــدة ويف نفــس اليــوم الــذي
مت إقــراره مــن قبــل احلكومــة وبصــورة مخالفــة للوائــح مجلــس النــواب مبــا يف ذلــك
عــدم توفــر األغلبيــة املطلوبــة للتصويــت علــى التعديــل .
ويف جلســة أخــرى وبنفــس الطريقــة مــن االســتعجال واملخالفــة مت تعديــل قانــون
الســلطة احملليــة مــرة اخــرى بإضافــة مــادة انتقاليــة تنــص علــى إجــراء االنتخابــات
احملليــة للمــرة األولــى متزامنــة مــع االســتفتاء علــى التعديــات الدســتورية ,وكــذا
اقتصــار مــدة دورتهــا عــل ســنتني فقــط بــدال مــن أربــع ســنوات كمــا كان ينــص علــى
ذلــك القانــون.
•لــم تكــن اللجنــة العليــا قــد أجنــزت التقســيم اإلداري علــى مســتوى الدوائــر
واملراكــز االنتخابيــة اخلاصــة باملجالــس احملليــة األمــر الــذي جعلهــا تســتعجل
تقســيم الدوائــر بصــورة عشــوائية.
•اجريــت االنتخابــات احملليــة علــى أســاس قانــون مطعــون بعــدم دســتوريته حيــث
كان عــدد مــن الشــخصيات السياســية قــد رفعــت دعــوى قضائيــة أمــام احملكمــة
الدســتورية بتاريــخ 2000/2/20م تتضمــن عــدم دســتورية قانــون الســلطة احملليــة
رقــم 41لســنة 2000م(.((5
( )53كنــت احــد ثالثــة قمنــا برفــع دعــوى قضائيــة نطعــن بعــدم دســتورية قانــون الســلطة احملليــة الــى احملكمــة العليــا وكان الــى
جانبــي كل مــن احملامي.احملبشــي والرفيــق علــي الصــراري
152
03 الفصل الثالث :التعديالت الدستورية الثانية
•متــت عمليتــي االســتفتاء واحملليــات علــى أســاس ســجل انتخابــي مشــكوك يف
صحتــه ،بــل وســبق أن صــدرت أحــكام قضائيــة نافــذة قضــت ببطالنــه وبإلــزام
اللجنــة العليــا لالنتخابــات بإعــادة القيــد والتســجيل ،وإبطــال توزيــع البطاقــة
االنتخابيــة ،وقــد صــدر احلكــم االبتدائــي بهــذا اخلصــوص عــن محكمــة جنــوب
غــرب صنعــاء برئاســة القاضــي محمــد حمــران بتاريــخ96/7/19م ومت تأييــد
احلكــم مــن قبــل محكمــة االســتئناف بأمانــة العاصمــة برئاســة القاضــي حمــود
الهتــار بتاريــخ 96/9/17م ،وبذلــك أصبــح احلكــم باتــاً وواجــب التنفيــذ .
•عــدم قيــام اللجنــة العليــا لالنتخابــات بفتــح «الســجل االنتخابــي» يف املوعــد احملــدد
قانونـاً األمــر الــذي حــرم أعــداداً كبيــر ًة ممــن بلغــوا الســن القانونيــة (18عامـاً) مــن
حــق املشــاركة يف عمليــة االســتفتاء علــى التعديــات الدســتورية ،
•جــرت عمليــة االســتفتاء واالنتخــاب بإشــراف جلنــة عليــا (إدارة انتخابيــة) ضعيفــة
وغيــر مؤهلــة ،وكان هنــاك شــبه إجمــاع لــدى القــوى السياســية ومنظمــات املجتمــع
املدنــي والصحافــة مبــا يف ذلــك قيــادات املؤمتــر الشــعبي العــام (احلــزب احلاكــم)
علــى أن اللجنــة التــي أشــرفت علــى عمليــة االســتفتاء يف 20فبرايــر 2001م لــم
تكــن بــذات الكفــاءة واالســتقالل واحلياديــة التــي يتطلبهــا القانــون والتــي امتلكتهــا
اللجــان االنتخابيــة الســابقة لهــا (وإن بنســب متفاوتــة) .
واحلقيقــة أن عــدم اســتقاللية أعضــاء اللجنــة العليــا مــن ناحيــة ،وعجزهــم أو
فشــلهم يف أداء العديــد مــن مهامهــم قبــل وأثنــاء وبعــد عمليــة االســتفتاء قــد تســبب
بإربــاكات واختــاالت ال حصــر لهــا ،ومثلمــا ثبــت أن العديــد مــن اإلجــراءات التــي
اتخذتهــا اللجنــة كانــت غيــر قانونيــة ،فــإن املؤكــد أن كل إجراءاتهــا وتصرفــات
ا كبيــراً يف العمليــة وأثــرت
أعضائهــا وأعضــاء اللجــان التابعــة لهــا قــد أحدثــت خلـ ً
بصــورة مباشــرة تأثيــراً ســلبياً علــى نتائــج االســتفتاء العــام واالنتخابــات احملليــة ،
ولعــل أهــم األخطــاء التــي ارتكبتهــا اللجنــة يف هــذا املضمــار وأثــرت بشــدة علــى
النتائــج النهائيــة لالســتحقاقني ميكــن حصرهــا علــى النحــو التالــي :
153
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
•إعطــاء احلــق ألي مواطــن بــأن ميــارس عمليــة االســتفتاء واالنتخــاب بالبطاقــة
الشــخصية حتــى ولــو لــم يكــن ميتلــك بطاقــة انتخابيــة ،بــل وإن لــم يكــن اســمه
ال يف ســجالت الناخبــن ،حيــث أتاحــت هــذه املخالفــة القانونيــة الصارخــة مســج ً
الفرصــة الكاملــة ملــا أســمي بـ»املعرفــن» ولبعــض أعضــاء اللجــان االنتخابيــة
واألمنيــة االقتــراع نيابــة عــن الذيــن لــم يشــاركوا يف االنتخابــات ،وهــو مــا ثبــت
عملي ـاً ومــن خــال التقاريــر والبيانــات املرفوعــة للجنــة العليــا يف معظــم مراكــز
ودوائــر اجلمهوريــة ،وقــد كان لذلــك اخللــل القانونــي الفاضــح عالقــة مباشــرة بــل
وحاســمة يف بعــض األحيــان علــى النتيجــة النهائيــة لالســتفتاء .
* اســتحداث اللجنــة العليــا ملــا أســمته نظــام الدائــرة الواحــدة» يف عواصــم محافظــات
اجلمهوريــة العشــرين باإلضافــة إلــى كل مــن ســقطرى وســيئون ،واملقصــود هنــا بـــنظام
الدائــرة الواحــدة « إعطــاء الناخبــن احلــق يف عمليــة االســتفتاء على التعديالت الدســتورية
خــارج نطــاق الدوائــر واملراكــز االنتخابيــة التــي ســجلوا أســماءهم فيهــا.
وهــو مــا عــرف شــعبيا بالصنــدوق (املقعــي) وقــد علَّــل هــذا اإلجــراء املخالــف للقانــون
بضــرورة إعطــاء الفرصــة ألكبــر عــدد مــن املواطنــن لالســتفتاء علــى التعديــات وبالــذات
أولئــك الذيــن منعتهــم الظــروف االقتصاديــة الصعبــة مــن فرصــة النــزول إلــى دوائرهــم
األصليــة ملمارســة حقهــم االنتخابــي !! األمــر الــذي ســاهم يف تعديــل النتائــج النهائيــة
لالســتفتاء يف كل محافظــة مــن محافظــات اجلمهوريــة كمــا تريــد الســلطة.
* قامــت اللجنــة العليــا بطباعــة بطائــق االقتــراع اخلاصــة بعمليــة االســتفتاء يف أكثــر مــن
مطبعــة رســمية وأهليــة ويف أكثــر مــن محافظة(وقــد اعترفــت اللجنــة العليــا يف بيــان صــادر
عنهــا انهــا قامــت بطباعــة اكثــر مــن 17مليــون بطاقــة اقتــراع خــارج العاصمــة صنعــاء وقــد
أوكل هــذا األمــر يف كثيــر مــن األحيــان للمحافظــن ومســئولي الســلطة احملليــة وبــدون
إشــراف كامــل ودقيــق مــن قبــل اللجنــة وهــو مالــم يحصــل ابــدا يف االنتخابــات التــي
ســبقتها والتــي حلقتهــا،
وقــد ســاهم عــدم ترقيــم بطائــق االقتــراع ترقيم ـاً تسلســلياً وعــدم إعــان اللجنــة لعــدد
البطائــق املطبوعــة التــي بحوزتهــا يف إعطــاء الفرصــة لــكل مــن يريــد أن ينســخ أو يطبــع
154
03 الفصل الثالث :التعديالت الدستورية الثانية
ا عــن تســرب املوجــود منهــا إلــى أكثــر مــن طــرفأعــداداً إضافيــة مــن البطائــق فضــ ً
سياســي .وهــو مــا فتــح املجــال واســعاً لعمليــة التزويــر يف االســتفتاء علــى التعديــات
الدســتورية حتديــداً .
* عــدم التــزام اللجنــة العليــا مبعيــار واحــد ومحــدد فيمــا يخــص توزيــع حصــص ممثلــي
األحــزاب السياســية يف اللجــان اإلشــرافية «األصليــة والفرعيــة» ومبــا يضمــن التكافــؤ
والعدالــة فيمــا بينهــا مــن ناحيــة ،ويضمــن عمليــة الرقابــة املتوازنــة (التبادليــة) علــى
عمليــات االقتــراع والفــرز مــن ناحيــة أخــرى.
* وحــول موقــف احلــزب االشــتراكي وبقيــة أحــزاب املعارضــة األخــرى مــن موضــوع
املشــاركة يف االنتخابــات احملليــة بعــد أن وضعــت الســلطة اجلميــع أمــام األمــر الواقــع فقــد
تراوحــت املواقــف بــن التهديــد باملقاطعــة وعــدم املشــاركة كمــا هــو حــال التجمــع اليمنــي
لإلصــاح.
وإن كان هــذا التلويــح ألهــداف اخــرى غيــر اهــداف املعارضــة حيــث أعلــن يف مؤمتــره
العــام انــه لــن يشــارك يف االنتخابــات مــا لــم يتــم تصحيــح ســجالت الناخبــن ويتــم حــذف
األســماء الوهميــة مــن الســجل.
وبــن التــردد واالنقســام يف املوقــف داخــل كل حــزب علــى حــدة ,كمــا حصــل يف بدايــة
األمــر مــن قبــل أشــخاص وقيــادات داخــل صفــوف االشــتراكي نفســه وكــذا داخــل التنظيــم
الناصــري ,,لــم يســتمر طوي ـ ً
ا وعــادت األحــزاب لتحســم أمرهــا يف نهايــة األمــر باجتــاه
املشــاركة يف االســتحقاقني معــا كمــا نصــت عليــه قــرارات مؤمتراتهــا العامــة جتــاه أي
انتخابــات قادمــة .
وجــاء قــرار املشــاركة رغــم معرفــة احلــزب بــكل مــا يف االســتحقاقني مــن خروقــات
ومخالفــات قانونيــة وإجرائيــة أكــدت عليهــا األحــزاب جميعهــا ,محــذرة مــن خطــورة إجــراء
العمليتــن مع ـاً محملــة الســلطة كل مــا يترتــب علــى ذلــك مــن نتائــج.
155
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وهــو األمــر الــذي نبهــت إليــه أيضـاً العديــد املنظمــات الدوليــة املعنيــة بالشــأن االنتخابــي
والدميقراطــي ومنهــا املعهــد الدميقراطــي األمريكــي بصنعــاء الــذي أكــد يف بيــان رســمي
صــادر بتاريــخ 2000/1/11م علــى صعوبــة إجــراء االنتخابــات احملليــة يف ذلــك الوقــت
معلنــا انســحابه مــن املشــاركة يف عمليــة الرقابــة كنــوع مــن أنــواع االحتجــاج .
يف 18فبرايــر2001م أي قبــل يومــن فقــط مــن موعــد االقتــراع أعلنــت اللجنــة العليــا
لالنتخابــات أنهــا قــد اســتكملت إجــراءات التقســيم اإلداري للمراكــز االنتخابيــة وأن
عــدد املســجلني يف قوائــم الناخبــن ومــن يحــق لهــم ممارســة حــق االقتــراع والتصويــت
بلــغ 2,768,587ناخبــا وناخبــة وان عــدد املرشــحني لعضويــة املجالــس احملليــة بلــغ
25الــف مرشــح ومرشــحة يتنافســون علــى اكثــر مــن ســبعة آالف مقعــد محلــي علــى مســتوى
املديريــات واحملافظــات ,
ويف صبــاح يــوم الثالثــاء املوافــق 2001/2/20م توجــه الناخبــون والناخبــات يف عمــوم
محافظــات اجلمهوريــة إلــى مراكــز االقتــراع ملمارســة حقهــم يف التصويــت علــى مرشــحي
احملليــات وعلــى التعديــات الدســتورية .
وحســب مــا كان متوقعــا ومــا ســبق وان حــذرت منــه املعارضــة ومنظمــات املجتمــع املدنــي
وجلــان الرقابــة الدوليــة علــى االنتخابــات فوجــئ الناخبــون والناخبــات يف العديــد مــن
الدوائــر واملراكــز االنتخابيــة أن رمــوز املرشــحني املفتــرض وضعهــا علــى بطائــق االقتــراع
وفقــا للقانــون قــد مت التالعــب بهــا أو اســتبدالها برمــوز أخــرى ومبــا يخالــف ملــا ســبق
أن أعلنــت عنــه جلنــة االنتخابــات طــوال فترتــي الدعايــة والطعــون ,تبــن أن أوراق
وصناديــق االقتــراع التابعــة حملافظــة أو دائــرة انتخابيــة بعينهــا قــد ذهبــت إلــى محافظــة
ودائــرة انتخابيــة أخــرى والعكــس صحيــح أيضــا .
156
03 الفصل الثالث :التعديالت الدستورية الثانية
األمــر الــذي احــدث إربــاكا حقيقيــا علــى مســتوى اللجان االنتخابية وتســبب يف مشــاجرات
وتوتــرات خطيــرة بــن أنصــار املرشــحني وأعضــاء اللجــان االنتخابيــة مــن ناحيــة وبينهــم
وبــن رجــال الســلطة احملليــة وأفــراد اجليــش واألمــن املكلفــن بحمايــة العمليــة االنتخابيــة
مــن ناحيــة أخــرى ,
وبســبب ذلــك توقفــت عمليــة االقتــراع يف اكثــر مــن 136مركــزا انتخابيــا شــملت (املراكــز
املعطلة)غالبيــة محافظــات اجلمهوريــة وحدثــت أعمــال شــغب وصدامــات مســلحة يف اكثــر
مــن مــكان ســقط بســببها عشــرات القتلــى واجلرحــى حيــث وصــل عــدد الضحايــا يف كل
العمليــة االنتخابيــة اكثــر مــن 40قتيــا وحوالــي 81جريحــا وهــي أعلــى نســبة تســجل
لعــدد الضحايــا يف كل االســتحقاقات االنتخابيــة التــي جــرت قبــل وبعــد انتخابــات املجالــس
احملليــة .
يف اليــوم التالــي أي صبــاح يــوم األربعــاء املوافــق 2001/2/21م ارتكبــت اللجنــة العليــا
لالنتخابــات مخالفــة قانونيــة أخــرى متثلــت باســتئناف عمليــة االقتــراع يف املراكــز
االنتخابيــة التــي توقفــت فيهــا االنتخابــات قبــل مــرور الفتــرة القانونيــة ,ومــع أن ذلــك قــد
أدى إلــى تصعيــد حــاالت العنــف إال انــه لــم يحــل املشــكلة حيــث توقفــت االنتخابــات مــرة
أخــرى يف اكثــر من55مركــزا انتخابيــا .
ولعــل ابــرز املخالفــات القانونيــة التــي ســجلت خــال يومــي االقتــراع قــد متثلــت يف إتاحــة
الفرصــة للمواطنــن واملرشــحني الذيــن أســقطت رموزهــم االنتخابيــة يف العديــد مــن
الدوائــر بطباعــة رموزهــم علــى أوراق عاديــة وكل مبجهــوده الشــخصي وعلــى قــدر نفــوذه
وســطوته , ,فضــا عــن الســماح آلالف الناخبــن مبمارســة عمليــة االقتــراع دون أن يكــون
لهــم بطائــق انتخابيــة مكتفــن بإبــراز أيــة وثيقــة يذكــر فيهــا اســم الناخــب حتــى ولــو كانــت
هــذه الوثائــق شــخصية وحزبيــة أو عســكرية ,
ويف اليــوم الثالــث مــن أيــام االنتخابــات وقبــل أن تبــدأ اللجــان بعمليــة عــد وفــرز األصــوات
أقدمــت الســلطة ومــن خــال اللجنــة العليــا علــى اتخــاذ قــرار آخــر مخالــف للقواعــد
االنتخابيــة قضــى بتأجيــل عمليــة فــرز وإعــان النتائــج بالنســبة للمحليــات حتــى االنتهــاء
مــن فــرز وإعــان نتائــج االســتفتاء العــام علــى الدســتور.
157
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
,وقــد مت ذلــك دون أن يســجل للمعارضــة احتجاجــات جديــة علــى هــذا القــرار علــى رغــم
أن نتيجتــه املباشــرة كانــت تعنــي إجــراء عمليــة فــرز األصــوات مرتــن وبالتالــي تأجيــل
إعــان النتيجــة عــن موعدهــا القانونــي.
مــع مالحظــة أن الهــدف منــه كان واضحــا وهــو متريــر التعديــات الدســتورية والعبــث
بنتيجتهــا واالســتعجال بإعــان فوزهــا يف حلظــة تكــون املعارضــة ومرشــحوها وأنصارهــم
مشــغولني مبراقبــة نتائــج احملليــات وبالتالــي نســيان أو جتاهــل نتيجــة االســتفتاء ومــدى
مطابقــة مــا يتــم إعالنــه حولهــا مــع إرادة الناخبــن.
واملهــم هــو أن هــذه املخالفــات القانونيــة واإلجرائيــة باإلضافــة إلــى حالــة التوتــر وأعمــال
العنــف والصدامــات العســكرية ,وضعــف وعــدم كفــاءة اللجنــة العليــا لالنتخابــات واللجــان
التابعــة لهــا ,وقصــر املــدة اخلاصــة بإجــراء مراحــل االنتخابــات احملليــة املختلفــة وعــدم
اجلاهزيــة فنيـاً واداريـاً ألجرائهــا يف تلــك الفتــرة ..الــخ
قــد أدت مجتمعــة إلــى تأخيــر إعــان النتائــج عــن موعدهــا القانونــي (أي خــال 72ســاعة
مــن تاريــخ انتهــاء عمليــة التصويــت) وعندمــا بــدأت اللجنــة العليــا تعلــن أول بياناتهــا
حــول نتائــج االســتحقاقني بتاريــخ 2001/2/23م أعلنتهــا بالتقســيط وبصــورة مسيســة
وعبــر بيانــات وأرقــام ومعلومــات متضاربــة ,وعلــى ســبيل املثــال ال احلصــر فقــد تضمــن
اول تصريــح رســمي صــادر عــن اللجنــة العليــا لالنتخابــات بتاريــخ /23فبرايــر أن نســبة
املشــاركة الشــعبية جتــاوزت %85مــن عــدد املســجلني يف قوائــم االنتخابــات !غيــر أنهــا يف
بيــان الحــق أعلنــت أن نســبة املشــاركة بلغــت %50وهــو فــارق غيــر طبيعــي بــن االعالنيــن
لتســتقر يف آخــر بيــان لهــا علــى نســبة %49فقــط ,
وهكــذا كان األمــر بالنســبة خلارطــة التصويــت مــع أو ضــد مشــروع التعديــات الدســتورية
حيــث أشــار البيــان الرســمي الثالــث والصــادر عــن اللجنــة العليــا بتاريــخ 2/25أن نســبة
املصوتــن بنعــم علــى التعديــات بلغــت %75ومــع أن اللجنــة اعتبــرت هــذا البيــان األخيــر
والنهائــي إال أنهــا عــادت لتصــدر بيانــا آخــرا بتاريــخ 2001/3/4م نــص علــى أن %72,91
مــن نســبة املشــاركني قــد صوتــوا بنعــم مقابــل %21,27مــن املشــاركني صوتــوا ب(ال) علــى
التعديــات.
158
03 الفصل الثالث :التعديالت الدستورية الثانية
,وبقــدر مــا تســببت هــذه اخلالفــات املعلنــة حــول نتائــج االســتفتاء يف أحــراج الســلطة
واللجنــة العليــا معـاً بقــدر مــا أكــد تضــارب واختــاف مضامــن البيانــات الرســمية صحــة
ومصداقيــة أحــزاب املعارضــة ومصداقيــة البيانــات الصــادرة عنهــا بخصــوص حــدوث
خروقــات هائلــة يف عمليــة االســتفتاء وبخصــوص مــا طرحتــه مــن عــدم حصــول التعديــات
الدســتورية علــى الغالبيــة املطلوبــة إلقرارهــا .
حيــث أشــارت بعــض تصريحــات قــادة املعارضــة وبعــض التقاريــر الصــادرة عــن عــدد مــن
املنظمــات الرقابيــة احملليــة إلــى أن غالبيــة الناخبــن الفعليــن يف العديــد مــن احملافظــات
والدوائــر قــد صوتــوا ب(ال) علــى مشــروع التعديــات ,وبالــذات يف أمانــة العاصمــة
ومحافظــات حلــج وإب والضالــع وتعــز واجلــوف وغيرهــا,
وعلــى كل حــال فقــد صــدر آخــر بيــان عــن اللجنــة العليــا لالنتخابــات بتاريــخ 2001 /3 /4م
أي بعــد 14يومــا مــن عمليــة االقتــراع وقــد تضمــن البيانــات والنتائــج الرســمية التاليــة- :
-اشــار البيــان الــى أن ( )2.768.587ناخبـاً وناخبــة هــم مجمــوع مــن شــاركوا يف عمليــة
االســتفتاء ،منهــم ( )2.018.527وبنســبة ( ) %72.91صوتــوا بـ»نعــم» علــى التعديــات»
،مقابــل ( )588.780صوتــوا بـــ»ال» وبنســبة ، )%21.27باإلضافــة الــى و()161.280
وبنســبة ( )%6.18بطاقــة الغيــة أي «تصويــت احتجاجــي « ..
159
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وبقــراءة وحتليــل نتيجــة االســتفتاء العــام وعلــى افتــراض صحــة االرقــام التــي اعلنتهــا
اللجنــة العليــا لالنتخابــات ,فــإن أول مــا ميكــن مالحظتــه يف هــذه األرقــام هــو أن اكثــر
مــن نصــف مليــون ناخــب وناخبــة أي ( )588.780ممــن صوتــوا بـــ «ال» ملشــروع التعديــات
الدســتورية تعتبــر يف الظــروف واألجــواء التــي أجريــت فيهــا عمليــة االســتفتاء نســبة عاليــة
فضــا عــن ( )106.280ألــف ورقــة اقتــراع الغيــة معظمهــا تصويــت احتجاجــي .
وهــو مــا يعنــي أنــه وبالقــدر الــذي كانــت فيــه التعديــات الدســتورية متثــل تراجعـاً كبيــراً
وخطيــراً علــى النهــج الدميقراطــي لدولــة الوحــدة وســحباً مــن احلقــوق املدنيــة والسياســية
املكتســبة للمواطنــن فــإن النســبة املرتفعــة للتصويــت ضدهــا شــعبياً قــد كشــف عــن وجــود
شــريحة شــعبية واســعة ومتماســكة داخــل املجتمــع اليمنــي ضــد الســلطة.
وهــي شــريحة مسيســة ولديهــا الشــجاعة الكافيــة للدفــاع عــن مكاســبها السياســية
والدميقراطيــة وهــو أمــر يف غايــة األهميــة .أي أن قرابــة ســبعمائة الــف صــوت رافــض
واحتجاجــي ضــد التعديــات مــن اصــل مليونــن ونصــف هــم املشــاركون يف االســتفتاء
(حســب إعالنــات اللجنــة العليــا الرســمية) دليــل واضــح علــى تنامــي الوعــي السياســي
واحلقوقــي لــدى املجتمــع اليمنــي .وتأييــد للــدور الريــادي الــذي لعبــه احلــزب االشــتراكي
اليمنــي وأحــزاب املعارضــة.
غيــر أن االهــم مــن كل هــذا هــو ان النتيجــة برمتهــا كانــت مــزورة بالنســبة لنتائــج االســتفتاء
علــى التعديــات حتديــداً وكثيــراً مــن التقاريــر تقــول ان التعديــات ســقطت شــعبياً يف
عمليــة االســتفتاء وبعضهــا تقــول انهــا حــازت علــى شــرعية االقــرار شــعبيا ولكــن بنســبه
ضئيلــة وان نتائــج (نعــم) او (ال) كانــت متقاربــة لــوال عمليــة التزويــر التــي مارســتها الســلطة
اوال وتواطــؤ االصــاح ثانيــا.
160
03 الفصل الثالث :التعديالت الدستورية الثانية
أمــا بالنســبة لنتائــج األحــزاب ومــا حصدتــه مــن املقاعــد احملليــة ســواء مــن حيــث عــدد
املقاعــد او مــن حيــث عــدد االصــوات ومــن ثــم حتليلهــا فيمكــن لنــا تقييمهــا وفقــا لألرقــام
املعلنــة رســمياً مــن قبــل اللجنــة االنتخابيــة وليــس وفقــا ملــا رصدتــه االحــزاب مــن نتائــج مت
تســجيلها مباشــرة اثنــاء عمليــة الفــرز يف كل مركــز ودائــرة انتخابيــة الن هــذا لــم يحصــل
لألســف علــى االقــل بالنســبة للحــزب االشــتراكي واحــزاب املعارضــة يف هــذا االســتحقاق
وغيــره مــن االســتحقاقات رغــم انهــا متلــك مراقبــن يف كل صنــدوق ويف كل االحــوال فقــد
جــاء اعــان اللجنــة العليــا لالنتخابــات نتائــج االحــزاب وفقـاً للترتيــب التالــي -:
وقــد فــاز بـــ 277مقعــدا علــى مســتوى مجالــس احملافظــات ,وبـــ 3807مقاعــد يف املديريات
ومبــا نســبته %85تقريبــا يف كال املســتويني اإلداريــن (احملافظــة واملديريــة) وبهــذه النتيجة
االنتخابيــة الكبيــرة يكــون احلــزب احلاكــم قــد اقتــرب والــى حــد كبيــر مــن حتقيــق ثانــي
أحــد أهــم األهــداف السياســية التــي ســعى إلــى حتقيقهــا مــن خــال االســتحقاقني ,وهــو
احلصــول علــى األغلبيــة التــي متكنــه مــن الفــوز بأهــم مراكــز القــرار داخــل املجالــس
احملليــة يف كل أو أغلــب احملافظــات واملديريــات ويف مقدمتهــا منصــب األمــن العــام ثــم
منصــب رؤســاء اللجــان الرئيســية الثــاث يف هــذه املجالــس.
أمــا كيــف حصــل املؤمتــر الشــعبي العــام علــى هــذه النتيجــة رغــم الزخــم الشــعبي املعــارض
لسياســاته ورغــم التحالــف امليدانــي بــن أحــزاب املعارضــة ضــده يف ذلــك االســتحقاق؟
فيعــود إلــى أســباب وعوامــل عديــدة توفــرت للمؤمتــر الشــعبي العــام ولــم تتوفــر لغيــره مــن
األحــزاب فباإلضافــة إلــى العامــل املعــروف واملتمثــل بتســخير كل إمكانــات الدولــة املاليــة
واإلداريــة واإلعالميــة واألمنيــة لصالــح مرشــحي املؤمتــر .
فقــد توفــر للســلطة ومــن ثــم املؤمتــر يف االنتخابــات احملليــة عامــل آخــر ســاهم يف حســم
نتائــج احملليــات لصاحلــه هــو أن الســلطة وليــس القانــون واملؤمتــر الشــعبي أو حتــى اللجنــة
161
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
العليــا لالنتخابــات كانــت هــي صاحبــة قــرار إجــراء االنتخابــات احملليــة يف غيــر موعدهــا
ويف ذلــك التوقيــت احلــرج وهــي مــن ادارتهــا بالطريقــة التــي تريــد مــن اولهــا الــى اخرهــا.
اذ انــه وبقــدر مــا فاجــأ ذلــك القــرار أحــزاب املعارضــة واربكهــا بقــدر مــا جعــل الســلطة
ومــن ثــم املؤمتــر الشــعبي العــام يتحكمــان متامــا بكامــل العمليــة االنتخابيــة وبــكل مراحلهــا
وإجراءاتهــا بــد ًء مــن تقســيم الدوائــر علــى أســاس الدائــرة احملليــة وحتديــد وتوزيــع
مراكزهــا املختلفــة ومبــا يتناســب مــع مقاســات الفــوز ملرشــحيها مــرورا بتحديــد عــدد
مقاعــد كل مجلــس محلــي علــى حــدة وبحيــث ترفــع نســبتهم يف دائــرة وتخفضهــم يف أخــرى
حســب معيــار الضعــف والقــوة للحــزب احلاكــم يف هــذه الدائــرة او تلــك.
وقبــل ذلــك تفســير نصــوص القانــون وشــروط قبــول املرشــحني ومــن يقبــل ومــن ال
يقبــل وصــوال إلــى أمــر طباعــة بطائــق االقتــراع وحتديــد الرمــوز االنتخابيــة للمرشــحني
والتالعــب بهــا وانتهــاء بعمليــة الفــرز وإعــان النتائــج الــخ حيــث ثبــت أنــه بقــدر انــه مــا
اربــك املعارضــة واللجنــة االنتخابيــة واملشــهد العــام عامــل تزامــن احملليــات مــع االســتفتاء
واتخــاذ قــرار احملليــات يف ذلــك التوقيــت غيــر مناســب وبتلــك الطريقــة االنتقائيــة كان
أحــد أهــم العوامــل التــي رفعــت مــن نســبة مقاعــد املؤمتــر الشــعبي وتراجــع نتائــج أحــزاب
العارضــة يف االنتخابــات احملليــة كــون ثقــل الســلطة وامكانياتهــا هــي التــي ادارت العمليــة
االنتخابيــة ال املؤمتــر وال اللجنــة االنتخابيــة.
فــاز اإلصــاح بـــ 75مقعــدا مــن مقاعــد املجالــس احملليــة للمحافظــات و بـــ 417مقعــدا من
مقاعــد املجالــس احملليــة ملديريــات وبنســبة %24تقريبــا علــى املســتويني اإلداريــن وفقــا
إلعــان اللجنــة العليــا لالنتخابــات.
ومــع أنهــا نتيجــة انتخابيــة متواضعــة مــن حيــث عــدد املقاعــد ونســبتها الــى عــدد مقاعــد
املجالــس احملليــة التــي يصــل عددهــا إلــى اكثــر مــن ســبعة آالف مقعــد محلــي ومــن حيــث
مقارنتهــا بنتائــج احلــزب احلاكــم إال أنهــا تعتبــر نتيجــة جيــدة ومثلــت انتصــاراً سياســياً
واضحـاً لإلصــاح وألحــزاب املعارضــة عمومــا خصوصـاً إذا مــا مت قراءتهــا وحتليلهــا مــن
زوايــا أخــرى مختلفــة غيــر النســبة العدديــة للمقاعــد احملليــة .
162
03 الفصل الثالث :التعديالت الدستورية الثانية
ومنهــا ,أن اإلصــاح وبدعــم مؤكــد مــن جمهــور املعارضــة يف احــزاب مجلــس التنســيق قــد
اســتطاع أن يســجل حضــوره الفاعــل والقــوي يف غالبيــة احملافظــات والدوائــر االنتخابيــة
مبــا فيهــا تلــك احملافظــات والدوائــر التــي كان قــد خســرها وخــرج منهــا مهزومــا يف
انتخابــات 1997م البرملانيــة كاألمانــة ومحافظــة اب وقــد عــزي فــوز االصــاح الــى
تصويــت االشــتراكي واحــزاب املعارضــة ملعظــم مرشــحي االصــاح يف هاتــن احملافظتــن
ومحافظــات اخــرى كــون عــدد مرشــحي احلــزب وبقيــة االحــزاب كان محــدوداً مقابــل
اتســاع عــدد مقاعــد احملليــات وارتفــاع نســبة مرشــحي االصــاح فيهــا .
كمــا حقــق االصــاح تقدمــا ملحوظـاً يف دوائــر ومحافظــات لــم يكــن فيهــا متواجــدا أو أن
تواجــده فيهــا كان ضعيفـاً خــال انتخابــات 1993م و1997م البرملانيــة كمحافظــة احملويــت
التــي حصــل علــى نصــف مقاعــد املجلــس احمللــي للمحافظــة مقابــل صفــر يف االنتخابــات
البرملانيــة الســابقة ويف محافظــة مــأرب حصــل علــى غالبيــة مقاعــد مجلــس احملافظــة
احمللــي وهــو املجلــس احمللــي الوحيــد الــذي ميتلــك حــزب خــارج الســلطة األغلبيــة التــي
تؤهلــه لتولــي منصــب الرجــل الثانــي يف قيــادة احملافظــة (األمــن العــام) اي نائــب احملافظ.
ورمبــا لهــذا الســبب مت تعطيــل عمــل املجلــس احمللــي يف محافظــة مــأرب نهائيــا حتــى اآلن
ومــع ان حســاب نتائــج احملليــات ال ميكــن مقارنتــه بحســاب نتائــج البرملــان نظــراً الختــاف
الدوائــر وعــدد املرشــحني وعوامــل اخــرى اال ان البعــد السياســي يف النتائــج مينــح حــق
املقارنــة ولــو جزئيــا .
,أمــا البعــد الثانــي يف نتيجــة اإلصــاح االنتخابيــة فيتمثــل يف حصولــه علــى عــدد مــن
املقاعــد احملليــة يف احملافظــات واملديريــات ذات الثقــل االجتماعــي والسياســي الكبيــر
والتــي ميثــل الفــوز فيهــا ألي حــزب سياســي رمزيــة خاصــة كأمانــة العاصمــة ومدينــة عــدن
ومحافظــة اب وحضرمــوت وغيرهــا فقــد حقــق اإلصــاح يف هــذه احملافظــات نتيجــة
كبيــرة ومقــدرة واصبــح متواجــداً يف عضويــة مجالســها احملليــة علــى املســتويني (املديريــة
واحملافظــة) ليــس هــذا وحســب بــل إن اإلصــاح كان املنافــس اجلــدي الوحيــد تقريبـاً مــع
حــزب الســلطة املؤمتــر الشــعبي العــام يف أغلبيــة الدوائــر احملليــة للجمهوريــة.
163
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وقــد فازبـــ 16مقعــدا علــى مســتوى احملافظــات ,و بـــ 311مقعــدا علــى مســتوى املديريــات
وبنســبة %4تقريبــا يف املســتويني ,كمــا تواجــد االشــتراكي بهــذه النتيجــة االنتخابيــة يف
عضويــة املجالــس احملليــة حلوالــي 12محافظــة واكثــر مــن 70مديريــة وســجلت نتيجتــه
أغلبيــة يف عضويــة املجلــس احمللــي املديريتــن همــا مديريتــا ســرار وســباح يف أبــن
وحوالــي نصــف عــدد املقاعــد يف املجالــس احملليــة حملافظــات ,حلــج ,وأبــن ,واملهــرة.
وبقــدر مــا أن احلــزب االشــتراكي هــو احلــزب األول يف عــدد النســاء املرشــحات لعضويــة
املجالــس احملليــة يف املســتويني اإلداريــن معــا حيــث بلــغ عــدد املرشــحات النســاء يف قائمتــه
50مرشــحة مــن اصــل 200مرشــحة.
فقــد كان احلــزب األول أيضــا الــذي أوصــل املــرأة اليمنيــة إلــى عضويــة املجلــس احمللــي
علــى مســتوى احملافظــة حيــث فــازت إحــدى مرشــحاته بعضويــة مجلــس محافظــة عــدن
احمللــي وكادت أخــرى أن تفــوز مبقعــد آخــر مــن مقاعــد مجلــس محافظــة أبــن لــوال تغييــر
النتيجــة وتالعــب الســلطة بأصواتهــا االنتخابيــة يف أخــر حلظــة فضــا عــن فــوز عــدد
أخــر مــن مرشــحاته يف عضويــة املجالــس احملليــة للمديريــات.
يذكــر انــه ايضــا دعــم املرشــحة الوحيــدة مــن النســاء التــي فــازت مــن دون بقيــة املرشــحات
يف عمــوم اجلمهوريــة مبنصــب رئيــس املجلــس احمللــي يف مديريــة النــادرة مــع انهــا ترشــحت
باســم املؤمتــر لكنهــا كانــت مؤهلــة ومــن اســرة اشــتراكية مناضلــة عبــر تاريــخ احلــزب وهــي
الرفيقــة جنيبــة املعمــري رحمهــا اهلل .
ويف ســياق قــراءة نتائــج االشــتراكي االنتخابيــة جنــد انهــا نتائــج متواضعــة جــدا وال
متثــل مكانــة وحضــور احلــزب االجتماعــي والسياســي والتاريخــي يف معظــم محافظــات
اجلمهوريــة ولعــل هــذه النتيجــة تعــود الــى ثالثــة عوامــل رئيســية وهــي :
االول هــو ان اســتحقاقي االســتفتاء واحملليــات هــي اول اســتحقاق انتخابــي يخوضــه
احلــزب منــذ ان توقــف عــن خوضهــا بعــد حــرب 1994م وهــو مــا ادى الــى ضمــور العمــل
التنظيمــي والنشــاط السياســي وامليدانــي للحــزب بصــورة كبيــرة يف املركــز واحملافظــات .
164
03 الفصل الثالث :التعديالت الدستورية الثانية
وقــد ظهــر هــذا الضمــور يف كل مناحــي العمليــة االنتخابيــة ســواء يف اشــراف قيــادة احلزب
العليــا او يف ادارة املنظمــات احلزبيــة واختيــار املرشــحني او يف احلمــات االنتخابيــة وعــدد
االصــوات وعــدم الفاعليــة يف الدفــاع عنهــا الخ.
العامــل الثانــي يعــود الــى الوقــت احلــرج الــذي اتخــذت فيــه الســلطة قــرار اجــراء احملليــات
فقــد لوحــظ ان الوقــت كان مربــكاً للجميــع وال يوفــر فرصــة اال إلدارة احلملــة االنتخابيــة
لالســتفتاء علــى التعديــات وهــو مــا ركــز عليــه احلــزب وجنــح فيــه الــى حــد كبيــر .
العامــل الثالــث هــي قلــة االمكانيــات وعــدم دعــم املنظمــات احلزبيــة واملرشــحني بصــورة
كافيــة فضــا عــن وجــود خالفــات مزمنــة وحــادة داخــل عــدد مــن منظمــات احلــزب
الرئيســية كمنظمــات تعــز واحلديــدة وعــدن وغيرهــا .
ويف كل االحــوال فقــد كان جلمهــور احلــزب دور مؤثــر يف دعــم مرشــحي املعارضــة عمومــا
مبــا فيهــا االصــاح يف احملليــات وقــد ســجل احلــزب مفاجــأة غيــر متوقعــة يف فــوز عــدد
مــن مرشــحيه إلــى عضويــة املجالــس احملليــة يف كل مــن مديريــات ومحافظــات صعــدة
واجلــوف وحجــة والــى حــد مــا ذمــار مقابــل تراجــع حضــوره يف محافظــات ومديريــات
أخــرى كان لــه قصــب الســبق فيهــا قبــل هــذه االنتخابــات كمــا هــو احلــال يف محافظــة تعــز
وحضرمــوت وعــدن والــى حــد مــا البيضــاء ومــآرب مقابــل احملافظــة جزئيـاً علــى حضــوره
القــوي واملنافــس للســلطة ولإلصــاح مع ـاً يف كل مــن محافظــة حلــج تليهــا أبــن واملهــرة
ثــم الضالــع .
واحلقيقــة انــه وبالنظــر إلــى أن االنتخابــات احملليــة 2001م كانــت بالنســبة لالشــتراكي
هــي االســتحقاق الدســتوري واالنتخابــي األول منــذ حــرب 1994م وبعــد أن قــرر عــدم
املشــاركة يف انتخابــات 1997م البرملانيــة ومنعتــه الســلطة وكــذا بقيــة أحــزاب املعارضــة مــن
املشــاركة يف االنتخابــات الرئاســية األولــى 1999م ثــم بالنظــر إلــى شــحة إمكاناتــه املاليــة
وآثــار احلملــة القمعيــة التــي مارســتها الســلطة واإلنــزال منــذ انتهــاء احلــرب فــان نتيجتــه
االنتخابيــة علــى قلــة املقاعــد التــي فــاز بهــا تعتبــر بشــكل عــام جيــدة وقــد مثلــت حينهــا
انتصــاراً سياســياً ملفتـاً يف نظــر العديــد مــن األطــراف حيــث اثبــت مــن خاللهــا انــه عصــي
علــى الكســر ولــه تواجــد مقــدر علــى مســتوى غالبيــة محافظــات ومديريــات اجلمهوريــة
165
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وانــه رغــم كل مــا مــورس ضــده مــن قمــع ومــا واجهــه مــن صعوبــات يظــل حزبــا وطنيــا كبيــرا
وغيــر قابــل لالنكســار او املــوت طاملــا وهنــاك حاجــة اجتماعيــة ووطنيــة لوجــوده وطاملــا
وهــو ميثــل غطــاء سياســيا لشــرائح وفئــات واســعة يف املجتمــع اليمنــي هــذا مــن ناحيــة .
لقــد كان ملشــاركة احلــزب يف انتخابــات املجالــس احملليــة األولــى بعــد انقطــاع طويــل عــن
النشــاط امليدانــي واجلماهيــري دور مقــدر يف جتديــد وتنشــيط منظماتــه وكــوادره احلزبيــة
ويف اســتعادة ولــو جزئيـاً مــن قاعدتــه االجتماعيــة ومتتــن عالقاتــه بأعضائــه وبجماهيــر
الشــعب يف مختلــف مناطــق اجلمهوريــة بقــدر مــا ســاهمت يف إعــادة اكتشــافه ملكانتــه
االجتماعيــة والسياســية ومــدى تأثيــر احلــرب وممارســات الســلطة الالحقــة واملســتمرة
ضــده وضــد مشــروعه السياســي والوطنــي .
يف املقابــل ســاهمت نتائــج احلــزب احملــدودة يف تعريــف قيادتــه وكــوادره الــى خطــورة
غيابــه وانقطاعــه عــن النشــاط السياســي واالنتخابــي علــى مكانتــه ووجــوده يف أوســاط
النــاس وعلــى مســتوى فئاتهــم االجتماعيــة وجتمعاتهــم اجلغرافيــة املختلفــة.
غيــر أن حصــول احلــزب علــى هــذه املكاســب السياســية واحلزبيــة املهمــة ال تعفيــه أبــدا مــن
مســؤولية عــدم حصولــه علــى نتائــج انتخابيــة افضــل كان يكمــن احلصــول عليهــا لــو احســن
اســتخدام وتوظيــف إمكاناتــه احملــدودة والظــروف السياســة املصاحبة للعمليــة االنتخابية.
وممــا كشــفته نتائــج االنتخابــات ثبــت أن ســوء إدارة احلــزب للعمليــة االنتخابيــة عمومــا
وعــدم قــراءة ســليمة للتطــورات واملتغيــرات التــي حدثــت على الواقع االجتماعي والسياســي
بســبب غيابــه الطويــل عــن العمليــة االنتخابيــة مــن ناحيــة وعــدم تســوية أوضــاع عــدد مــن
املنظمــات احلزبيــة يف احملافظــات الرئيســية مــن ناحيــة أخــرى قــد ســاهمت هــي األخــرى
مجتمعــة يف عــدم حتقيــق احلــزب لنتائــج انتخابيــة تعبــر عــن مكانتــه ووجــوده االجتماعــي
والسياســي .
166
03 الفصل الثالث :التعديالت الدستورية الثانية
وقــد فــاز بحوالــي 50مقعــداً محليـاً علــى مســتوى مجالــس املديريــات ولــم يحصــل على أي
مقعــد علــى مســتوى مجالــس احملافظــات ,كمــا فــاز بأغلبيــة أعضــاء املجلــس يف مديريــة
واحــدة هــي مديريــة صبــر مبحافظــة تعــز وبنصــف عــدد املقاعــد تقريبــا يف مديريــة أخــرى
هــي مديريــة شــرعب يف نفــس احملافظــة كمــا حقــق فــوزا بعــدد مــن املقاعــد احملليــة يف
مناطــق ومحافظــات لــم يكــن لــه حضــور كبيــر فيهــا كمــا هــو احلــال يف محافظــة حلــج 3
مقاعــد ومحافظــة الضالــع مقعديــن ومحافظــة ذمــار .
ومــع انهــا نتيجــة متواضعــة جــداً نظــرا لتاريــخ التنظيــم اال ان هــذه النتيجــة احملــدودة رغــم
ضآلتهــا تعــود الــى جاهزيــة قيــادة التنظيــم ونشــاطها التنظيمــي الفاعــل وتركيــز كل جهــوده
وإمكاناتــه التنظيميــة واملاليــة علــى عــدد محــدود مــن املرشــحني بقــدر مــا تعــود أيضــا إلــى
الــدور الفاعــل واإليجابــي الــذي لعبــه التحالــف والتنســيق االنتخابــي بــن التنظيــم وبقيــة
أحــزاب مجلــس التنســيق ويف مقدمتهــا احلــزب االشــتراكي اليمنــي الــذي ثبــت أن معظــم
أعضــاءه وأنصــاره صوتــوا ملرشــحي الناصــري وبقيــة مرشــحي أحــزاب مجلــس التنســيق
وفقــا لالتفــاق املوقــع بــن هــذه األحــزاب الــذي أُبــرم بينهــا قبــل االنتخابــات .
وبســبب ذلــك االتفــاق أيضــا فــازت أحــزاب صغيــرة أخــرى يف مجلــس التنســيق بعــدد
مــن مقاعــد املجالــس احملليــة كمــا هــو حــال احتــاد القــوي الشــعبية الــذي فــاز مرشــحوه
يف محافظــة صنعــاء مبقعديــن محليــن أمــا بالنســبة حلــزب احلــق فقــد تراجــع حضــوره
وفاعليتــه بشــكل ملحــوظ باملقارنــة بوضعــه االنتخابــي يف انتخابــات 1993م البرملانيــة حيث
لــم يحصــل يف احملليــات ســوى علــى مقعــد واحــد فقــط وهكــذا بالنســبة حلــزب البعــث
العربــي االشــتراكي القومــي ويعــود ذلــك الــى اخلالفــات التــي عصفــت داخــل صفــوف
هذيــن احلزبــن ومــا تالهــا مــن انشــقاقات وانكفــاء للقيــادات واالعضــاء معــا.
167
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
ميكــن القــول ان قــراءة االنتخابــات احملليــة قــد حــددت مــن جانــب آخــر طبيعــة اخلارطــة
احلزبيــة ومكوناتهــا مــن ناحيــة وتراجــع األحــزاب ومحدوديــة تأثيرهــا مــن ناحيــة أخــرى
حيــث اعــادت احملليــات اكتشــاف وجــود ثــاث كتــل انتخابيــة كبيــرة هــي علــى التوالــي
املؤمتــر الشــعبي العــام وحتالفاتــه االجتماعيــة املختلفــة ,ثــم التجمــع اليمنــي لإلصــاح
ومكوناتــه املختلفــة ,واخيــرا أحــزاب مجلــس التنســيق األعلــى للمعارضــة ويف مقدمتهــا
احلــزب االشــتراكي اليمنــي.
أمــا بالنســبة لألحــزاب فيمكــن القــول بــان هنــاك خمســة أو ســتة أحــزاب فقــط ميكــن
اعتبارهــا أحزابـاً حقيقيــة وفاعلــة ولهــا حضــور وتواجــد يف عمــوم او يف غالبيــة محافظــات
ومديريــات اجلمهوريــة أو علــى األقــل يف كثيــر منهــا وهــي علــى التوالــي وبحســب نتائجهــا
االنتخابيــة :املؤمتــر ,واإلصــاح ,واالشــتراكي والتنظيــم الناصــري وحــزب البعــث القومــي
واحتــاد القــوى الشــعبية وحــزب البعــث االشــتراكي مقابــل أحــزاب عديــدة معتــرف بهــا
مــن قبــل جلنــة األحــزاب ولكــن معظمهــا ال وجــود لــه علــى مســتوى الواقــع أي حضــور
يذكــر وبعضهــا كان لــه وجــود وفتــح تشــكيلها آمــال كبيــرة لشــرائح كانــت مغيبــة أو مقصــاه
سياســياً ولكنهــا تالشــت او ضربــت بعــد احلــرب ومتزقــت.
مايؤكــد هــذا هــو انــه وباســتثناء الرابطــة والتجمــع الوحــدوي اللــذان لــم يشــاركا يف
احملليــات ,فــان كثيــر مــن هــذه االحــزاب قــد شــاركت يف االنتخابــات احملليــة وتقدمــت
مبرشــحني لكنهــا لــم حتصــل ولــو علــى مقعــد واحــد مــن بــن اكثــر مــن ســبعة آالف مقعــد
متنافــس عليهــا كمــا ان بعضهــا لــم يحصــل ولــو علــى 2500صــوت انتخابــي وهــو العــدد
ذاتــه املطلــوب مــن احلــزب تقدميــه للجنــة شــؤون االحــزاب كشــرط لالعتــراف القانونــي
بــه!
168
أول حوار جدي بني ال س ــلطة
واملعارضــة ح ــول قان ــون
الفصل االنتخابــات.
اغتيــال جــار اهلل عمــر يربــك
املشــهد االنتخابي.
االنتخابات البرملانية
املؤمت ــر الشــعبي يكت ســح
2003م
املقاعــد البرملانيــة بحصوله
عل ــى ثلثيهــا .
أحــزاب املشــترك تفشــل يف
أول اخت بــار ميدان ــي وتخ ســر
40مقعــداً.
وهكــذا ثبــت ان غيــاب او تغييــب النائــب يحيــى
منصــور ابــو اصبــع وغيــره مــن املرشــحني األقويــاء
ممــن مت اخــذ مقاعدهــم مــن قبــل الســلطة بالقــوة
قــد افقــد البرملــان صوت ـاً قوي ـاً كان يبــدو وحيــداً يف
البرملــان الســابق أي انــه لــم يعــوض تغيبــه وامثالــه
وجــود قرابــة ال57نائبــا لإلصــاح وبقيــة احــزاب
املشــترك يف البرملــان.
04 الفصل الرابع :االنتخابات الربملانية 2003م
(((5
االنتخابات البرملانية 2003م*
البــد مــن االشــارة يف البدايــة ان االنتخابــات البرملانيــة الثالثــة 27ابريــل 2003م قــد جــرت
متأخــرة عــن موعدهــا الــدوري ملــدة ســنتني كاملتــن حيــث كان مــن املقــرر إجراؤهــا يف
27ابريــل2001م .إال أن الســلطة وكمــا هــو معــروف قامــت باســتباق ذلــك املوعد الدســتوري
بإنــزال مشــروع تعديــات دســتورية تضمنــت تعديــل فتــرة رئيــس اجلمهوريــة الــى ســبع
ســنوات بــدال مــن خمــس ســنوات وفتــرة مجلــس النــواب الــى ســت ســنوات بــدال مــن اربــع
كمــا ورد يف الفصــل الثالــث مــن هــذا الكتــاب .
وبــدال مــن ان يســري ذلــك علــى الــدورات القادمــة للبرملــان كمــا هــو مفتــرض حــدث ان
مــدد البرملــان حينهــا ( -دورة 97 -م ) -لنفســه ســنتني اضافيتــن علــى خــاف القواعــد
(((5
التشــريعية حيــث ال يصــح للمشــرع ان يشــرع لنفســه
وقــد جــاءت االنتخابــات البرملانيــة لعــام 2003م يف ســياق اســتكمال حتقيــق األهــداف
السياســية الرئيســية للتعديــات الدســتورية اجلديــدة والتــي ضمنــت بهــا الســلطة تقليــص
الهامــش الدميقراطــي احملــدود والتحكــم باليــات العمليــة االنتخابيــة والســيطرة علــى
أغلبيــة مقاعــد املجالــس املنتخبــة بقصــد تعطيلهــا وشــل فاعليتهــا،
ولهــذه االســباب ويف هــذه الســياقات ميكــن القــول أيضا أن عملية اإلعــداد والتحضير لهذه
االنتخابــات النيابيــة ( ٢٧ابريــل ٢٠٠٣م) قــد بــدأت مبكــرة نســبياً وفقــا للموعــد اجلديــد
( )54معظــم مــا ورد يف هــذا الفصــل كمــا الفصــل الــذي ســبقه كان يفتــرض ان يكــون جــزءا مــن مشــروع التقريــر السياســي
للمؤمتــر العــام اخلامــس للحــزب االشــتراكي اليمنــي الــذي كلفــت – كعضــو جلنــة مركزيــة ونائــب رئيــس الدائــرة االعالميــة يف
احلــزب -بأعــداد اجلانــب اخلــاص باالنتخابــات يف التقريــر و بصــورة تفصيليــة مــع اســتيعاب املالحظــات التــي كان قــد طرحهــا
املشــاركون علــى مشــروع التقريــر املقــدم الــى املؤمتــر وألننــي علــى مــا اذكــر كنــت اكثــر مــن قــدم مالحظــات مكتوبــة علــى نــص
التقريــر السياســي حينهــا فقــد كلفــت بإضافــة كل مــا طرحتــه يف املالحظــات الــى نــص التقريــر وهــذا مــا مت ولكــن وبــدالً مــن
كتابــة مالحظــة هنــا واخــرى هنــاك قمــت بإعــادة كتابــة اجلزئــن اخلاصــن باحملليــات 2001م وبرملــان 2003م بالكامــل كمــا جــاء
يف معظــم الفصلــن الثالــث والرابــع ولكــن وبعــد ان اكملــت كتابتهمــا عــادت اللجنــة املكلفــة باســتيعاب املالحظــات لتكتفــي مبــا مت
توزيعــه علــى اعضــاء املؤمتــر دون اخــذ مــا كنــت قــد كتبتــه كمــا هــو مــع اضافــة بعــض االفــكار والتفصيــات وقــد رأيــت ان انشــر
مــا كتبتــه ولــم يضمــن تقريــر املؤمتــر هنــا يف هــذا الكتــاب بعــد ان اصبــح جــزءا مــن تاريــخ احلــزب واحلركــة السياســية اليمنيــة
وتطــورات احليــاة السياســية يف اليمــن.
( )55واملعنــى ان البرملــان كســلطة تشــريعية ميكــن ان يعــدل فتــرة مجلــس النــواب الــى ســت ســنوات او اكثــر ولكــن هــذا التمديــد ال
يســري اال علــى الــدورة التاليــة مــن انتخابــات مجلــس النــواب وليــس علــى الــدورة التــي اعتمــدت هــذا التشــريع.
171
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
كمــا ســادها ومراحلهــا املختلفــة التوتــر والتنافــس احلــاد بــن املؤمتــر الشــعبي العــام ,وبــن
أحــزاب اللقــاء املشــترك والتــي يفتــرض ان عالقــات االطــراف قــد تعــززت بفعــل التعــاون
والتنســيق امليدانــي أثنــاء خــوض اســتحقاقي احملليــات والتعديــات الدســتورية 2001م
واصبــح اللقــاء املشــترك عشــية االنتخابــات البرملانيــة الثالثــة ميثــل يف نظــر كثيــر مــن
املراقبــن والــراي العــام أحــد أهــم احلقائــق السياســية يف الســاحة اليمنيــة منــذ حــرب
صيــف 1994م ,
يجــدر االشــارة ايضــا الــى ان هــذا االســتحقاق البرملانــي قــد جــرى يف ظــل أحــداث
ومتغيــرات إقليميــة ودوليــة هامــة وخطيــرة انعكســت آثارهــا وتداعياتهــا علــى كثيــر مــن
القضايــا الداخليــة حيــث بــدأت املراحــل األولــى منهــا أثنــاء حشــد القــوات األمريكيــة
والبريطانيــة لغــزو العــراق حتــت حجــة تدميــر أســلحة الدمــار الشــامل وجــرت عمليــة
االقتــراع بعــد أيــام قليلــة مــن ســقوط العاصمــة العراقيــة بغــداد يف 9ابريــل 2003م .
علــى أن العامــل االهــم يف التأثيــر علــى تلــك االنتخابــات ونتائجهــا قــد متثــل يف ارتــكاب
جرميــة اغتيــال مهنــدس (اللقــاء املشــترك) االمــن العــام املســاعد للحــزب االشــتراكي
اليمنــي الشــهيد جــار اهلل عمــر قبــل اربعــة اشــهر فقــط مــن اجــراء االنتخابــات.
وقــد اجمــع املراقبــون ان تأثيــر وتداعيــات اشــهر جرميــة اغتيــال سياســي يف تاريــخ اليمــن
بعــد اغتيــال الرئيــس احلمــدي كان ســلبي وكبيــر وانعكــس علــى ســير العمليــة االنتخابيــة
ونتائجهــا واملشــهد السياســي اليمنــي بكاملــة .
ويف كل األحــوال فقــد بــدأت اولــى مراحــل برملانيــات 2003م وحمالتهــا التنافســية
مبكــرة نســبياً وحتديــداً منــذ أن قــررت الســلطة منتصــف العــام 2001م التقــدم مبشــروع
تعديــات جديــدة علــى قانــون االنتخابــات العامــة رقــم 4لســنة 2000م والــذي تضمــن
تعديــل 20مــادة قانونيــة أهمهــا تلــك املــواد التــي منحــت رئيــس اجلمهوريــة حــق تعيــن
172
04 الفصل الرابع :االنتخابات الربملانية 2003م
وإقالــة أعضــاء اللجنــة العليــا لالنتخابــات علــى خــاف النــص القانونــي النافــذ حينهــا
وإلغــاء التمثيــل احلزبــي يف عضويــة اللجنــة العليــا ،بــل والغــاء التمثيــل احلزبــي يف عضويــة
اللجــان األصليــة والفرعيــة واإلشــرافية عمومــا.
باإلضافــة إلــى مــواد أخــرى اســتهدف مشــروع احلكومــة تعديلهــا وبقصــد إزالــة أو طمــس
أي حضــور أو تواجــد يذكــر للحزبيــة واألحــزاب السياســية يف القانــون اجلديــد وهــو مــا
كشــف ضيــق الســلطة بالعمــل احلزبــي والدميقراطيــة عمومـاً وســعيها إلــى التحكــم بآليــات
االنتخابــات وضمــان نتائجهــا والعــودة بالبــاد إلــى العهــد الشــمولي والفــردي حــن كانــت
األحــزاب واحلزبيــة محرمــة بنــص الدســتور,
واملفارقــة هــي أن الســلطة وعبــر حكومــة املؤمتــر الشــعبي العام برئاســة األســتاذ عبدالقادر
باجمــال قــد أرادت أن تتــم كل هــذه التعديــات املناهضــة للعملية الدميقراطية واملســتهدفة
إلغــاء احلزبيــة وازدراء العمــل احلزبــي ,مــن خــال األحــزاب نفســها وعبــر موافقتهــا
علــى هــذه التعديــات عبــر الدعــوة للحــوار معهــا حــول اهميــة هــذه التعديــات املناهضــة
للحزبيــة والتعدديــة .
ويف احلــوار اجلــاد الــذي راســه رئيــس احلكومــة االســتاذ باجمــال يف مقــر مجلــس الــوزراء
,واســتمر قرابــة الشــهر والنصــف والــذي اتســم باملســؤولية واجلديــة توصلــت األحــزاب
ومنظمــات املجتمــع املدنــي إلــى اتفــاق جيــد نســبيا مبقيــا علــى كثيــر مــن املــواد الســابقة
يف القانــون الــذي كان مقــرر تعديلهــا وقــد مت التوقيــع عليــه مــن قبــل األحــزاب ومنظمــات
املجتمــع املدنــي وممثلــي حكومــة املؤمتــر الشــعبي العــام ,
ســاهمت يف جناحــه جميــع األطــراف يف مقدمــة اجلميــع رئيــس الــوزراء رئيــس جلســات
احلــوار نفســه الدكتــور عبــد القــادر باجمــال فضــا عــن دور بعــض قيــادات يف احلكومــة
واحلــزب احلاكــم (التــي راعهــا خطــر مشــروع التعديــات حتــى علــى شــكل الدميقراطيــة
وليــس فقــط مضمونهــا ) واحلقيقــة أن اجلميــع ســاهم يف اجنــاح هــذا احلــوار.
ويف هــذا الســياق فقــد اســتطاع احلــزب االشــتراكي وأحــزاب اللقــاء املشــترك وبســبب
وحــدة مواقفهــا وتعــاون العديــد مــن منظمــات املجتمــع املدنــي معهــا ان حتقــق العديــد مــن
173
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
مطالبهــا احلقوقيــة والقانونيــة حيــث تضمــن االتفــاق -اإلبقــاء علــى التمثيــل احلزبــي يف
عضويــة اللجنــة العليــا لالنتخابــات وبقيــة اللجــان التابعــة لهــا وإســقاط النــص املقــدم مــن
احلكومــة والــذي كان يتضمــن منــح رئيــس اجلمهوريــة حــق إقالــة أو عــزل أعضــاء اللجنــة
العليــا لالنتخابــات ومبــا يبقــي عمليــة إســقاط عضويتهــم أو عزلهــم مــن مناصبهــم ســلطة
بيــد القضــاء وحــدة.
باإلضافــة الــى (إضافــة مــادة جديــدة) تتعلــق بإجــراء عمليــة الفــرز واعــان النتائــج
االنتخابيــة يف مراكــز االقتــراع بــدالً مــن نقــل الصناديــق وجتميعهــا إلــى مراكــز الدائــرة
األصلــي كمــا كان الوضــع ســابقاً وكــذا النــص علــى توســيع مراكــز االقتــراع لتســهيل وصــول
الناخبــن والناخبــات وإزالــة كل العوائــق التــي كانــت حتــول دون وصولهــم الــى هــذه املراكــز.
وعلــى هامــش االتفــاق علــى مــواد القانــون ثــم االتفــاق ايضــا علــى إلغــاء الســجل االنتخابــي
القــدمي وتشــكيل اللجنــة العليــا لالنتخابــات واللجــان الفرعيــة واالصليــة مــن االحــزاب
وعددهــم ســبعة يف اللجنــة العليــا والتوصــل مــع قيــادة املؤمتــر الشــعبي العــام برئاســة
العميــد يحــي املتــوكل رحمــه اهلل إلــى مســودة اتفــاق سياســي حــول القضايــا السياســية
واإلجرائيــة األخــرى التــي مــن شــانها تهيئــة امللعــب الدميقراطــي مــن الناحيــة السياســية
وليــس القانونيــة إال أن ذلــك االتفــاق لــم تصــادق عليــه القيــادة العليــا يف الســلطة واحلــزب
احلاكــم.
ورغــم النجــاح النســبي الــذي حقــق يف قانــون االنتخابــات اجلديــد اال أن عــدد مــن القضايــا
والنصــوص قــد تبــن كمــا هــي يف مشــروع احلكومــة بعــد أن رفضــت احلكومــة ,ومعهــا
ممثلــوا املؤمتــر الشــعبي العــام يف احلــوار االســتجابة لتعديلهــا كتلــك النصــوص التــي تســمح
بجــواز تعــدد املوطــن االنتخابــي للناخــب الواحــد وبالــذات بالنســبة ألبنــاء القــوات املســلحة
واألمن.
واحلقيقــة أن مرحلــة التســجيل قــد مت اجتيازهــا بنجــاح كبير باملقارنة مع مراحل التســجيل
يف االنتخابــات الســابقة وقــد ســاهم يف هــذا النجــاح الــذي يضــل جناحـاً نســبياً مــن حيــث
التقييــم العــام كل مــن األحــزاب السياســية واللجنــة العليــا لالنتخابــات التــي لوحــظ حتســناً
174
04 الفصل الرابع :االنتخابات الربملانية 2003م
يف أدائهــا وجاهزيتهــا للعمليــة باملقارنــة باللجنــة التــي اشــرفت علــى التعديــات الدســتورية
واحملليــات والرئاســيات ،ثــم إلــى املنظمــات واملعاهــد الدوليــة املهتمــة بدعــم وتطويــر
العمليــة االنتخابيــة ويف مقدمتهــا منظمــة ايفــس واملعهــد الدميقراطــي األمريكــي بصنعــاء.
مــع اقتــراب موعــد االنتخابــات وقبــل أن تبــدا اللجــان يف اســتقبال قوائــم الترشــيحات
لعضويــة املجلــس كانــت األهــداف واملخططــات االنتخابيــة جلميــع األطــراف قــد تكشــفت
وكانــت احلملــة االنتخابيــة قــد ازدادت حــدة وشراســة بــن كل مــن حــزب املؤمتــر الشــعبي
العــام ومــن خلفــه كل مكونــات الســلطة وأطرافهــا املختلفــة وبــن أحــزاب اللقــاء املشــترك
ويف مقدمتهــا كل مــن االشــتراكي واإلصــاح مــن ناحيــة أخــرى .
وفيمــا تبــن أن احلــزب احلاكــم يســعى مــن خــال هــذه االنتخابــات إلــى حتقيــق مــا
بعــد األغلبيــة املريحــة أو مــا عــرف حينهــا علــى مســتوى الصحافــة «باألغلبيــة الكاســحة
«ومعناهــا الســيطرة علــى أغلبيــة ثلثــي مقاعــد مجلــس النــواب ومبــا يضمــن للســلطة متريــر
واقــرار كل القوانــن واالتفاقــات واملعاهــدات مبــا فيهــا تلــك التــي تتطلــب أغلبيــة خاصــة
كالتعديــات الدســتورية مثــا وليصبــح متثيــل بقيــة االحــزاب اليمنيــة يف البرملــان رمزي ـاً
وال يتعــدى جميــع اعضــاء االحــزاب املعارضــة الــى اكثــر مــن الربــع بالكثيــر.
أمــا بالنســبة لالشــتراكي خصوصـاً وألحــزاب اللقــاء املشــترك عمومــا فقــد كانــت املعارضــة
تســعى يف حواراتهــا ونشــاطها السياســي وتنســيقها االنتخابــي لتحقيــق مجموعــة مــن
األهــداف السياســية كان الشــهيد جــار اهلل عمــر علــى راس الفعاليــة السياســية للحــزب
واملشــترك لتحقيــق تلــك االهــداف وأهمهــا -:
•العمــل معـاً علــى حتســن ظروف وشــروط املمارســة الدميقراطية عمومـاً واالنتخابية
بشــكل خــاص مبــا يف ذلــك التعــاون مــن اجــل الضغــط لتوفيــر ضمانــات وآليــات تؤمــن
حياديــة املــال العــام والوظيفــة العامــة واإلعــام الرســمي والقــوات املســلحة وجلــان
االنتخابــات املختلفــة .
175
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
• العمــل قــدر اإلمــكان علــى حتقيــق شــيء مــن التــوازن السياســي واالجتماعــي املختــل
منــذ حــرب صيــف 1994م ومبــا يؤمــن حتقيــق احلــد األدنــى مــن املطالــب احلقوقيــة
والقضايــا السياســية املختلفــة والتخفيــف مــن تغــول الســلطة وجموحهــا االســتبدادي.
• العمــل علــى تعديــل الوضــع يف مجلــس النــواب ومبــا يــؤدي إلــى زيــادة نســبة التمثيــل
البرملانــي للمعارضــة ويضمــن تواجــد كل أو غالبيــة األحــزاب السياســية والتيــارات
والفئــات االجتماعيــة املختلفــة وبحيــث يصبــح البرملــان ميثــل اليمــن ومواطنيهــا بــكل
فئاتهــم وشــرائحهم املختلفــة ومبــا يف اليمــن مــن تنــوع وتعــدد فكــري وسياســي كمــا
جــاء يف كلمــة الشــهيد جــار اهلل عمــر يف مؤمتــر االصــاح الرابــع قبــل دقائــق مــن
اغتيالــه.
•العمــل عــل تصعيــد عــدد مــن القيادات والشــخصيات السياســية واالجتماعيــة والقانونية
املقتــدرة إلــى البرملــان بهــدف تفعيــل وتنشــيط دور مجلــس النــواب من الناحيتــن الرقابية
والتشــريعية وبهــدف نقــل احلــراك السياســي واجلــدل الفكــري مــن الشــارع السياســي
والصحافــة واملنتديــات اخلاصــة والعامــة إلــى قبــة البرملــان ومبــا يجعــل مــن هــذا اجلــدل
واحلــوار الــذي يجــري بــن اليمنيــن وأحزابهــم وتياراتهــم املختلفــة اكثــر فاعليــة وأهميــة
ويــؤدي إلــى نتائــج ملموســة علــى الواقــع ويف حيــاة النــاس االجتماعيــة واالقتصاديــة
والسياســية واألمنيــة ( ((5الــخ .
تلــك كانــت هــي أهــم األهــداف التــي (ســعى الشــهيد جــار اهلل واحلــزب االشــتراكي)
بدرجــة رئيســية وأحــزاب املعارضــة األخــرى عمومــا إلــى حتقيقهــا يف انتخابــات 2003م
البرملانيــة وهــي تقريبــا األهــداف ذاتهــا التــي تضمنتهــا كلمــة احلــزب التــي القاهــا الشــهيد
أمــام مؤمتــر اإلصــاح يف 28ديســمبر2002م وقبــل دقائــق مــن جرميــة االغتيــال اآلثمــة.
وبالفعــل فقــد كان هنــاك آمــال وتطلعــات كبيــرة لــدى املعارضــة ولــدى الشــارع السياســي
اليمنــي عشــية االنتخابــات خصوصـاً مــع اقتــراب موعــد االنتخابــات يف ظــل تنامــي وتطــور
العالقــات السياســية بــن أطــراف أحــزاب اللقــاء املشــترك عمومــا وبــن كل مــن اإلصــاح
او اطــراف رئيســية فيــه واالشــتراكي خصوصــا .
( )56وقــد كلفنــا انفســنا انــا والرفيــق والصديــق علــي ســيف حســن علــى وضــع تصــور بهــذا اخلصــوص وقــد اجنزنــاه واطلعنــا
الشــهيد جــار اهلل مبــا توصلنــا اليــه واعجــب بالورقــة واعتمدهــا وذهــب إلقرارهــا داخــل هيئــات احلــزب واملشــترك لكــن مــا إن مت
تغييــب الشــهيد باالغتيــال حتــى تخلــو عــن كل شــي وضــع فيهــا مــن بنــود
176
04 الفصل الرابع :االنتخابات الربملانية 2003م
باملقابــل كانــت الســلطة والعديــد مــن مكوناتهــا االجتماعيــة واألصوليــة (خــارج وداخــل
املعارضــة) تعمــل علــى ضــرب وإفشــال هــذا التحالــف اجلديــد بــكل الطــرق والوســائل
وحتويــل مهامــه الــى النقيــض متامــا .
واحلقيقــة ان «حتالــف» جرميــة اغتيــال جــار اهلل عمــر قــد حقــق اهدافــه الكثيــرة دفعــة
واحــدة وبثــاث رصاصــات غــادرة وجهــت الــى صــدر مؤســس املشــترك والدينامــو احملــرك
لفعلــه السياســي صبــاح الســبت املوافــق ٢٨ديســمبر ٢٠٠٢م ويســقط مؤســس املشــترك
شــهيداً امــام شاشــات التلفزيــون اثنــاء انعقــاد مؤمتــر االصــاح الرابــع أنقلــب دور املشــترك
رأســا علــى عقــب .
وبــدالً مــا كان املشــترك محاولــة لتفكيــك حتالــف احلــرب واختــراق القــوى االصوليــة
والتقليديــة لصالــح الدميقراطيــة ،حتــول املشــترك وحتولــت االنتخابــات نفســها الــى مجرد
اداة بيــد الســلطة وبيــد االصــاح والقــوى النافــذة فيــه ومبــا يعيــد الوضــع السياســي برمتــه
الــى مــا قبــل انشــاء املشــترك بــل اســوأ بكثيــر حيــث مت اضعــاف دور احلــزب االشــتراكي
كمــا ســيظهر مــن ضعــف فاعليتــه السياســية وضعــف نتائجــه يف اول انتخابــات برملانيــة
يشــارك فيهــا بعــد حــرب 1994م.
وبغــض النظــر عــن الطــرف الــذي ارتكــب جرميــة االغتيــال ومــا إذا كانــت الســلطة وحدهــا
أو طــراف آخــر قريبــة او بعيــدة منهــا وقريبــة او بعيــدة مــن االصــاح فــان املهــم يف هــذا
املقــام( ((5ان اجلرميــة قــد غيــرت املشــهد االنتخابــي كليـاً و أحدثــت صدمــة عنيفــة علــى كل
املســتويات االنتخابيــة ومراحلهــا املختلفــة وعلــى مســتوى كل األطراف املعنيــة وبالذات على
ا عــن تأثيــر اجلرميــة وتداعياتهــا احلــزب االشــتراكي ووضعــه احلزبــي واالنتخابــي فض ـ ً
يف إضعــاف العالقــات بــن أحــزاب املشــترك عمومــا وبــن االصــاح واالشــتراكي حتديــداً
علــى االقــل يف اوســاط قواعــد احلزبــن وانصارهمــا يف املجتمــع .
( )57انظر كتابي (من قتل جار اهلل عمر) صنعاء مطبعة عبادي ٢٠٠٣م باالضافة الى ماورد يف مقدمة كتابي «خمس رسايل
سياسية» الذي صدر عن مطبعة الثورة للطباعة والنشر صنعاء ٢٠١٩م.
177
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
ومــع أن هــذه األحــزاب قــد حاولــت املضــي يف عمليــة التنســيق والتعــاون فيمــا بينهــا
وســارعت كمحاولــة للــرد علــى كل مــن راهــن علــى متــزق اللقــاء املشــترك باغتيــال مؤسســه
االول إلــى التوقيــع علــى وثيقــة تنســيق وتعــاون انتخابيــة فيمــا بينهــا ومت التوقيــع عليهــا
يف أربعينيــة الشــهيد جــار اهلل عمــر أي يف شــهر مــارس 2003م وهــو مــا عــرف باتفــاق
املبــادئ.
إال أن ذلــك لــم يــؤد إلــى نتيجــة كبيــرة حيــث كان لغيــاب اآلمــن العــام املســاعد للحــزب
وملالبســات جرميــة االغتيــال تأثيــراً ســلبياً واضحـاً علــى ســير العمليــة االنتخابيــة داخــل
احلــزب االشــتراكي ويف اســقاط مــا كان قــد اتفــق عليــه يف حيــاة الشــهيد وبالتالــي فشــل
التنســيق بصــورة كبيــرة بــن االصــاح واالشــتراكي خصوص ـاً واحــزاب املشــترك عموم ـاً.
واســتغل االصــاح مــا خلقتــه اجلرميــة مــن اربــاك يف مواقــف ونشــاط احلــزب يف اصــراره
علــى جعــل التنســيق لصالــح مرشــحيه ال ملصلحــة العمليــة الدميقراطيــة وممــا الشــك فيــه
أن اجلرميــة بتداعياتهــا املختلفــة قــد آثــرت علــى نتائــج احلــزب االنتخابيــة ونتائــج أحــزاب
املعارضــة عمومــا .
وكمــا أســلفنا فقــد أجريــت االنتخابــات البرملانيــة لعــام 2003م علــى خلفيــة جرميــة
االغتيــال وتداعياتهــا السياســية واالنتخابيــة ويف ضــل أجــواء سياســية متوتــرة داخليــاً
,وإقليميــاً ,ودوليــاً .
ويف صبــاح يــوم الثالثــاء املوافــق 27ابريــل 2003توجــه الناخبــون والناخبــات للممارســة
حقهــم الدســتوري واإلدالء بأصواتهــم يف صناديــق االقتــراع ,وقــد ســارت العمليــة بشــيء
مــن الهــدوء والسالســة النســبية ,باملقارنــة باالنتخابــات التــي ســبقتها.
178
04 الفصل الرابع :االنتخابات الربملانية 2003م
وكانــت أهــم اخلروقــات والتجــاوزات القانونيــة التــي ســجلت مــن قبــل االحــزاب واملنظمــات
الرقابيــة يف مرحلــة االقتــراع ,ويف بقيــة مراحــل االنتخابــات الســابقة ,والالحقــة لهــا
,هــي اخلروقــات والتجــاوزات التــي ميكــن ايرادهــا علــى النحــو التالــي-:
•حرمــان عــدد مــن املتقدمــن للترشــيح بحجــة عــدم اســتقالتهم مــن وظائفهــم وقــد
تضــرر احلــزب جــراء ذلــك اكثــر مــن غيــره حيــث تعمــدت الســلطة حرمــان العديــد
مــن اعضــاء احلــزب الذيــن كانــت فــرص فوزهــم متوفــرة واســتخدام املــال العــام
والوظيفــة العامــة واإلعــام الرســمي ليــس لصالــح مرشــحي حــزب الســلطة بــل
ولإلضــرار مبرشــحي أحــزاب املعارضــة ويف مقدمتهــم عــدد مــن مرشــحي احلــزب
االشــتراكي اليمنــي.
•ســجلت محافظــة عمــران عمومــا ودوائــر الشــيخ عبــداهلل االحمــر واوالده حميــد
وصــادق وحســن وحميــر بالــذات اكثــر واخطــر أعمــال التزويــر االنتخابيــة علــى
اإلطــاق ,مــن ضمنهــا قبــول مرشــحني ليســوا مســجلني يف ســجل الدائــرة (,حســن
االحمــر ) والقيــام بتبديــل مواقعهــم مــن دائــرة إلــى أخــرى ليلــة االقتراع(,صــادق
االحمــر).
179
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وكــذا تغييــر صفاتهــم مــن صفــة املرشــح املســتقل إلــى صفــة املرشــح باســم املؤمتــر
(حســن) بعــد اغــاق فتــرة الطعــون والســحوبات ,وتقــدمي مرشــحني باســم كل مــن
املؤمتــر واالصــاح معــا (الشــيخ عبــد اهلل نفســه) ,وتصويــت املئــات مــن صغــار الســن
يف بعــض دوائــر مدينــة عمــران ,و .....غيرهــا.
•اســتخدام األغلبيــة املمثلــة للمؤمتــر الشــعبي يف جلــان إدارة االنتخابــات لتغييــر أو
تعطيــل عمليــة الفــرز واعاقــة إعــان نتيجــة الفــرز يف الدوائــر التــي حقــق فيهــا
مرشــح احلــزب واملعارضــة فــوزاً محققــا وكــذا إبعــاد ممثلــي األحــزاب مــن اللجــان
بالقــوة ,والهــروب املتعمــد ألعضــاء اللجــان التابعــن للمؤمتــر ,وعــدم التوقيــع علــى
الوثائــق يف حالــة فــوز مرشــح احلــزب واملعارضــة باإلضافــة الــى خروقــات اخــرى وان
كانــت اقــل اهميــة.
•زيــادة عــدد مراكــز االقتــراع واســتحداث العديــد منهــا يف القــرى واملناطــق املتعــذر
الوصــول إليهــا عبــر الســيارات األمــر الــذي ســهل مــن عمليــة وصــول نســبة كبيــرة
مــن الناخبــن الــى مراكــز االقتــراع وبالــذات النســاء ,
180
04 الفصل الرابع :االنتخابات الربملانية 2003م
كمــا لعــب التنافــس وعمليــة االســتقطاب احلــاد بــن أحــزاب املعارضــة واحلــزب
احلاكــم مــن ناحيــة ,واآلمــال العريضــة التــي كان التفــاق التنســيق االنتخابــي بــن
أحــزاب اللقــاء املشــترك دور يف خلقهــا لــدى شــرائح واســعة مــن املجتمــع بإمكانيــة أن
يحصــل تغييــر معــن مــن خــال هــذه االنتخابــات مــاكان لــه دور مهــم ومؤثــر يف ارتفــاع
نســبة املشــاركة يف هــذه االنتخابــات ,
•باإلضافــة إلــى عامــل آخــر ال يقــل أهميــة وهــو عامــل ارتفــاع حالــة الوعــي باحلقــوق
املدنيــة والسياســية لــدى شــرائح مهمــة مــن الناخبــن وبالــذات ناخبــي وناخبــات
املــدن الكبــرى وعواصــم احملافظــات.
ويف ســياق حتليــل ســير ونتائــج االنتخابــات تأكــد أهميــة النــص القانونــي املعــدل والــذي
قضــى بضــرورة فــرز األصــوات واعــان النتائــج يف مراكــز االقتــراع نفســها بــدال مــن نقــل
الصناديــق إلــى مراكــز الدائــرة وجتميعهــا ,ثــم إجــراء عمليــة الفــرز واعــان النتائــج يف
نفــس املركــز .
حيــث كان يــؤدي هــذا ليــس فقــط إلــى زيــادة حــدة التوتــر واعمــال العنــف أثنــاء نقــل
الصناديــق بســبب اخلــوف مــن تغييــر النتائــج او تبديــل الصناديــق أثنــاء نقلهــا وجتميعهــا
بــل وكان يــؤدي إلــى تأخيــر إعــان النتائــج عــن موعدهــا الرســمي ,
181
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
يف املقابــل ظهــر انخفــاض كبيــر وملحــوظ يف حضــور املــرأة اليمنيــة املرشــحة ومــن ثــم
الفائــزة ويف متثيلهــا السياســي يف انتخابــات 2003م البرملانيــة باملقارنــة مبــا كان عليــه
الوضــع يف 1993م.
إذ انــه وعلــى الرغــم مــن ارتفــاع نســبة املســجالت يف قوائــم الناخبــن وارتفــاع نســبة
املشــاركات يف عمليــة االقتــراع إال أن ذلــك لــم ينعكــس إيجاب ـاً يف حضــور املــرأة اليمنيــة
كمرشــحة أو كفائــزة يف عضويــة مجلــس النــواب فعلــى مســتوى قوائــم املرشــحني لعضويــة
املجلــس لــم يتجــاوز عــدد النســاء عــن 11مرشــحة مــن اصــل ( )1.396مــن املجمــوع الكلــي
لعــدد املرشــحني وقــد انســحب منهــن 3مرشــحات ,أمــا علــى مســتوى نتائــج الفــوز فلــم يفــز
منهــن بعضويــة مجلــس النــواب ســوى ســيدة واحــدة هــي مرشــحة احلــزب احلاكــم الوحيــدة
مــن النســاء ,والتــي ترشــحت عــن إحــدى دوائــر مدينــة عــدن و(فــازت) مبقعــد الدائــرة ,بعــد
جــدل واســع حــول صحــة نتيجتهــا وحصــول تأكيــد مــن جلــان الرقابــة علــى فــوز منافســها,
مرشــح احلــزب االشــتراكي يف الدائــرة الدكتــور واعــد باذيــب بعــدن !
علــى أن مــا يؤســف لــه اكثــر هــو أن بعــض املرشــحات علــى قوائــم األحــزاب ,وكــذا
املســتقالت قــد مت إســقاطهن أو إضعــاف نتائجهــن إمــا بواســطة أحزابهــن أو بواســطة
األحــزاب األخــرى املتحالفــة معهــا ,كمــا حصــل يف املثــال األول بالنســبة لعضــوة املكتــب
السياســي للحــزب الرفيقــة رضيــة شمشــير التــي اضطــرت للنــزول عــل قائمــة املســتقلني
بعــد أن قــررت منظمــة احلــزب تســمية مرشــح آخــر يف الدائــرة اعتقــدت أن فرصــه للفــوز
باملقعــد النيابــي اقــرب منهــا,
وكمــا حصــل يف املثــال الثانــي بالنســبة لعضــوة املكتــب السياســي الرفيقــة خولــه شــرف
,التــي مت إســقاطها واضعــاف نتيجتهــا االنتخابيــة بواســطة حتالــف (اإلصــاح والناصــري)
أي مــن قبــل أبــرز حلفــاء االشــتراكي املفترضــن.
واحلقيقــة انــه وبقــدر مــا اعتبــر ضعــف مشــاركة املــرأة يف انتخابــات 2003م البرملانيــة
مؤشــرا آخــر وخطيــر علــى تراجــع الدميقراطيــة اليمنيــة وســير البــاد باجتــاه االنتقــاص
182
04 الفصل الرابع :االنتخابات الربملانية 2003م
مــن احلقــوق املدنيــة والسياســية املكتســبة للمواطنــن وبالــذات لــدى املنظمــات الدوليــة
واملعنيــة بتنميــة الدميقراطيــات الناشــئة ,
بقــدر مــا يعــود تراجــع حضــور املــرأة يف هــذه االنتخابــات إلــى أســباب وعوامــل عديــدة
ومتنوعــة منهــا مراهنــة األحــزاب السياســية الرئيســية علــى الفــوز باملقعــد النيابــي ورفــع
نســبة تواجدهــا يف البرملــان بــأي صــورة مــن الصــور وبغــض النظــر عــن شــخصية املرشــح
وكفاءتــه ومــا ميثلــه للحــزب مــن الناحيــة السياســية واحلقوقيــة.
أي أن هــذه األحــزاب وفروعهــا وبســبب حــدة التنافــس فيمــا بينهــا والشــعور املتأصــل
لديهــا بــان فــرص املــرأة ضئيلــة يف الفــوز يف ظــل املوقــف االجتماعــي العــام منهــا –
كمــا يظنــون -لــم تقــدر أهميــة حضــور املــرأة وتواجدهــا السياســي يف العمليــة االنتخابيــة
والنظــام الدميقراطــي عموم ـاً بقــدر تقديرهــا ألهميــة الفــوز باملقعــد النيابــي أيــا كانــت
محصلــة هــذه املراهنــة حتــى ولــو كانــت غيــر دقيقــة وعلــى حســاب موقــف احلــزب وســمعته
مــن املــرأه.
علــى ان مــا يجــب مالحظتــه يف هــذا الســياق هــو ان هنــاك مبالغــة لــدى البعــض يف
احلديــث عــن ضعــف فــرص املــرأة يف الفــوز بســبب موقــف املجتمــع منهــا ومــن دورهــا
السياســي والبرملانــي ,والدليــل علــى بطــان هــذا التصــور وعــدم دقتــه ,هــو فــوز املرشــحة
الوحيــدة يف قائمــة املؤمتــر الشــعبي العــام ,فقــد فــازت وهــي الوحيــدة مــن النســاء علــى
قائمــة مرشــحيه ,مقابــل ســقوط اكثــر مــن ســبعني مرشــحا مــن الرجــال علــى قائمتــه مبــن
فيهــم ثالثــة مرشــحني يف مدينــة عــدن التــي فــازت فيهــا مرشــحته الوحيــدة !.
,واملعنــى هنــا هــو أن فــرص املــرأة يف الفــوز علــى قائمــة احلــزب احلاكــم غالب ـاً مــا تكــون
هــي فــرص الرجــل ,وأن العوامــل واألســباب التــي أدت الــى فــوز غالبيــة مرشــحي الســلطة
هــي ذاتهــا العوامــل واألســباب التــي فــازت بهــا مرشــحتها الوحيــدة أيضــا ,ولــو أنهــا (أي
الســلطة) قــررت أن تفــوز نســاء أخريــات بعضويــة املجلــس لكانــت اخلطــوة األولــى يف هــذا
الطريــق هــو أن تزيــد مــن نســبة عــدد املرشــحات يف قائمــة حزبهــا ,وهــذا مــا لــم تعملــه.
183
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
أمــا املثــال الثانــي علــى خطــى مثــل هــذه التصــورات فيمكــن مالحظتــه يف الوضــع
االنتخابــي إلحــدى املرشــحات املســتقالت عــن إحــدى دوائــر محافظــة احملويــت النائيــة
والتــي نافســت وبقــوة أحــد املرشــحني مــن فئــة املشــايخ وحصلــت علــى اكثــر مــن ســبعة
ألــف صــوت انتخابــي وباعتــراف اللجنــة العليــا ذاتهــا وهــو مــا يؤكــد ان املوقــف الســلبي مــن
ترشــيح املــرأة ليــس موقــف املجتمــع أبــداً بــل موقــف االحــزاب نفســها وحتديــداً االصــاح
اوال وحــرص املؤمتــر علــى فــوز النافذيــن واصحــاب راس املــال والنفــوذ املشــيخي ثانيــا !!
العامــل الثانــي لتراجــع حضــور املــرأة يف هــذه الــدورة يعــود إلــى موقــف بعــض األحــزاب
-وليــس املجتمــع -مــن املــرأة ودورهــا السياســي ,فقــد تســبب عــدم حســم التجمــع اليمنــي
لإلصــاح حتديــدا ,للجــدل الدائــر يف صفوفــه وبــن بعــض قياداتــه الســلفية ,والقبليــة
حــول حــق املــرأة الشــرعي يف تولــي املناصــب العامــة والتــي لهــا صلــة (بواليــة األمــر) أو
بالتشــريع ,ليــس فقــط يف عــدم تقــدم حــزب كبيــر بحجــم اإلصــاح بنســاء للترشــح علــى
قائمتــه االنتخابيــة ولــو مرشــحة واحــدة ,بــل ويف انعــكاس ذلــك املوقــف علــى حتالفاتــه
السياســية وموقفــه مــن املرشــحات النســاء لألحــزاب األخــرى حيــث صــوت ضدهــن
كنســاء وصــوت ضدهــن ألنــه يريــد االســتحواذ علــى الدائــرة دون بقيــة الشــركاء .
يضــاف الــى هذيــن العاملــن الــدور الســلبي الــذي لعبتــه بعــض منظمــات األحــزاب يف
احملافظــات بهــذا الشــأن والــذي لــم يقتصــر علــى إفشــال العديــد منهــا لالتفاقــات التــي
كانــت قيــادات األحــزاب قــد اتفقــت عليهــا بــل وعلــى ســوء اختيارهــا للمرشــحني وعــدم
وجــود خطــة سياســية لــدى هــذه املنظمــات تتعلــق مبعاييــر شــروط ومواصفــات املرشــح
وجنســه ومتــى يكــون مــن املناســب أن يكــون املرشــح امــرأة أو رجــل وفقــا لرؤيــة احلــزب
وموقفــه البرامجــي مــن املــرأة ودورهــا يف احليــاة السياســية والبرملانيــة.
184
04 الفصل الرابع :االنتخابات الربملانية 2003م
•انخفــاض عــدد املرشــحني والفائزيــن علــى قوائــم املســتقلني حيــث قــل عددهــم يف
قوائــم الترشــيح والفــوز بشــكل ملحــوظ يف هــذه االنتخابــات ,ويعــود ذلــك إلــى ســببني
رئيســيني :
1.1األول هــو الشــرط القانونــي اجلديــد الــذي يشــترط مــن املرشــحني املســتقلني
ضــرورة جمــع اكثــر مــن مأتــي توقيــع موثقــة إلثبــات جديتهــم يف الترشــيح.
2.2والثانــي هــو تراكــم التجربــة لــدى الطامحــن للترشــح لعضويــة املجالــس املنتخبــة
,بأهميــة النــزول علــى قوائــم األحــزاب باعتبــار ذلــك اقــرب الشــروط للفــوز
باملقعــد النيابــي وهــو مؤشــر مهــم ليــس علــى تزايــد الوعــي لــدى اجلمهــور
بأهميــة احلزبيــة والتحــزب مــن ناحيــة وبــان االحــزاب قــد اصبحــت وبعــد جتــارب
انتخابيــة عديــدة هــي العامــل املؤثــر واالهــم علــى الناخبــن وحشــدهم مقابــل
تراجــع عامــل الفعاليــات االجتماعيــة والقبليــة التــي اليــزال دورهــا موجــوداً ولكنــه
ضعيــف ويضعــف باســتمرار .
•باإلضافــة الــى تراجــع حضــور املســتقلني ومتثيــل املــرأة يف عضويــة مجلــس النــواب
تراجــع أيض ـاً متثيــل األحــزاب يف البرملــان حيــث لــم متثــل يف البرملــان ســوى أربعــة
احــزاب فقــط هــي املؤمتــر واالصــاح واالشــتراكي والناصــري وبتمثيــل محــدود إذا
جتــاوزت املؤمتــر واإلصــاح كمــا لوحــظ أيضــا تراجــع متثيــل احــزاب املعارضــة مــن
ناحيــة ,والفئــات والشــرائح والقــوى السياســية واالجتماعيــة عموم ـاً مــن ناحيــة اخــرى.
ففــي حــن ســيطر احلــزب احلاكــم علــى غالبيــة الثلثــن مــن مقاعــد البرملــان %79تــكاد
غالبيــة هــذه العضويــة ميثلــون فئــة أو فئتــن مــن فئــات وشــرائح املجتمــع املختلفــة ,هــي فئــة
التجــار واملقاولــون واصحــاب رؤوس األمــوال أوال ,ثــم املشــايخ وابنائهــم وأبنــاء املســؤولني
الكبــار يف الدولــة ثانيــا ,واخيــرا رجــال الديــن وخطبــاء املســاجد وبقيــة الفئــات االخــرى
وبنســب ضئيلــة جــداً.
185
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وقــد فــاز بـ229مقعــدا باســمه ,وحصــل علــى ثالثــة مليــون وأربعمائــة الــف واربــع مئــة
واربعــة وخمســون ,صــوت انتخابــي ,وبهــذه النتيجــة الكبيــرة واملضاعفــة مقارنــة بنتائجــه
الســابقة يكــون املؤمتــر الشــعبي العــام قــد حقــق معظــم ,واهــم أهدافــه السياســية مــن هــذه
االنتخابــات ويف مقدمتهــا احلصــول علــى أغلبيــة ثلثــي مقاعــد برملــان ٢٠٠٣م خصوصــا
بعــد أن اســتطاع إقنــاع أو إغــراء عــدد مــن النــواب املســتقلني لالنضمــام إلى كتلتــه البرملانية
ليصبــح عــدد أعضــاء كتلتــه يف هــذه الــدورة 249نائبــا و بنســبة %79مــن مجمــوع مقاعــد
البرملــان .
وبهــذه األغلبيــة التــي أصبحــت تعــرف يف الصحافــة بـ(األغلبيــة الكاســحة) ضمنت الســلطة
ليــس فقــط الســيطرة علــى الســلطة التشــريعية وجعلهــا ،والــى حــد كبيــر جــزء مــن مؤسســة
الرئاســة واحلكومــة ،ومــن خاللهــا تســتطيع إقــرار أو متريــر أيــة تشــريعات وقوانــن
واتفاقيــات مبــا يف ذلــك تلــك التــي حتتــاج إلــى أغلبيــة خاصــة كالتعديــات الدســتورية
مثــا ,وهــو مــا كانــت تســعى إليــه الســلطة باســتمرار ولكنهــا أيضــا تكــون قــد جمــدت مــن
الناحيــة العمليــة دور وفاعليــة مجلــس النــواب وعطلــت دوره الرقابــي ,وهــو أمــر مالحــظ,
وملمــوس ,يف أداء مجلــس النــواب ومنــذ أول جلســاته وحتــى اآلن.
واحلقيقــة أن هــذه النتيجــة الكبيــرة وغيــر املوضوعيــة ,التــي حققهــا املؤمتــر الشــعبي
العــام تعــود إلــى عوامــل واســباب عديــدة أبرزهــا عامــل اســتخدام كل أدوات وإمكانيــات
الدولــة املاليــة واإلداريــة واإلعالميــة واألمنيــة وتســخيرها يف حملتهــا االنتخابيــة ولصالــح
مرشــحيها مبــا يف ذلــك اخلروقــات والتجــاوزات واملمارســات املخالفــة للقانــون والدســتور.
باإلضافــة الــى سياســة الســلطة يف اختيــار مرشــحيها حيــث اعتمــدت خطتهــا االنتخابيــة
علــى النــزول مبرشــحني يف غالبيــة دوائــر اجلمهوريــة ( 280مرشــح) بهــدف رفــع نســبة
186
04 الفصل الرابع :االنتخابات الربملانية 2003م
األصــوات االنتخابيــة هــذا اوال امــا ثانيــا فقــد اختــارت الكثيــر مــن هــؤالء املرشــحني
,مــن النــاس املقتدريــن ماليــاً ولهــم نفــوذ اجتماعــي علــى مســتوى دوائرهــم االنتخابيــة
باإلضافــة الــى اختيــار الســلطة قيــادات (اشــتراكية يف احملافظــات اجلنوبيــة والوســطى)
و(اصالحيــة يف محافظــات شــمال الشــمال) ســابقة وبالــذات يف الدوائــر التــي يكــون
للحــزب أو لإلصــاح نفــوذ اجتماعــي كبيــر وبحيــث يســتطيع هــؤالء املرشــحون احلزبيــون
ســحب نســبة كبيــرة مــن اصــوات ناخبــي احزابهــم الســابقة.
واخيــراً يأتــي عامــل ال يقــل اهميــة عــن ســابقاته مــن العوامــل ان لــم يســبقها ,ويعــود إلــى
األخطــاء والثغــرات التــي تســببت بهــا أحــزاب اللقــاء املشــترك وفشــل هــذه األحــزاب فشـ ً
ا
ذريعــاً يف عمليــة التنســيق فيمــا بينهــا يف العديــد مــن الدوائــر االنتخابيــة حيــث صــب
فشــلها ومنافســة بعضهــا بعض ـاً لصالــح فــوز مرشــح املؤمتــر.
حيــث ثبــت فــوز املؤمتــر يف دوائــر انتخابيــة معينــة ,كان مــن الصعــب أن يفــوز فيهــا لــوال
تنافــس مرشــحي أحــزاب اللقــاء املشــترك علــى مقعدهــا وبالــذات مرشــحا االشــتراكي
واالصــاح والــى حــد مــا التنظيــم الناصــري حيــث وصــل عــدد الدوائــر االنتخابيــة التــي
ســقطت علــى املعارضــة بســبب هــذا العامــل الــى اكثــر مــن 40دائــرة انتخابيــة حســب
تقريــر ملنظمــة الرقابــة االنتخابيــة التابعــة لــأمم املتحــدة واملراقبــن الدوليــن وبالــذات يف
عــدن وحلــج وتعــز .
وقــد فازبـــ 46مقعــدا ,وحصــل علــى (مليــون وثالثمائــة وســتني الــف وأربعمائــة وســتة
وثالثــن) صوتــاً انتخابيــاً ,وهــي نتيجــة ســلبية وتراجعيــة مــن حيــث عــدد املقاعــد
النيابيــة التــي حصــل عليهــا يف هــذه الــدورة 46مقارنــة بــدورة 1997م االنتخابيــة .
ولكــن يف حالــة قــراءة هــذه النتيجــة مــن زاويــة نوعيــة الدوائــر االنتخابيــة التــي حقــق فيهــا
اإلصــاح فــوزاً أو حضــوراً انتخابيـاً كبيــراً فــان االمــر يختلــف كثيــرا.
187
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
حيــث حقــق تقدمــا الفتــا يف الدوائــر االنتخابيــة ذات الثقــل السياســي واالجتماعــي الكبيــر
والتــي يحمــل الفــوز مبقاعدهــا رمزيــة وداللــة سياســية معينــة كمــا هــو احلــال يف دوائــر
امانــة العاصمــة ومحافظــات اب ومدينــة عــدن ودوائــر حضرمــوت وغيرهــا.
مقابــل تراجعــه بقيــة احــزاب املعارضــة يف كل مــن محافظــة تعــز واحلديــدة وصعــدة
وحجــة وغيرهــا ولعــل اهــم االســباب والعوامــل التــي حقــق االصــاح بســببها لهــذه النتيجــة
الهامــة تعــود الــى :
قدرتــه التنظيميــة واملاليــة الهائلــة ,ورفعــه خلطــاب سياســي معــارض لسياســات احلــزب
احلاكــم بوضــوح وقــوة غيــر مســبوقة وكــذا اســتفادته مــن التحالــف بينــه وبقيــة احــزاب
املشــترك حيــث انــه وبحكــم فاعليتــه امليدانيــة كان اكثــر احــزاب املشــترك اســتفادة مــن
غطــاء هــذا التحالــف وبالــذات يف امانــة العاصمــة ومدينــة تعــز ومحافظــة حلــج ومحافظــة
اب وغيرهــا مــن احملافظــات وبالــذات الدوائــر التــي لــم يكــن لبقيــة احــزاب املشــترك
مرشــحون ,وهــي كثيــرة اقتصــرت عمليــة التنافــس فيهــا بــن احلــزب احلاكــم مــن جهــة
وبقيــة احــزاب املشــترك ممثلــة باإلصــاح مــن جهــة اخــرى حيــث صــوت اعضــاء احلــزب
االشــتراكي وبقيــة احــزاب املشــترك ملرشــحي االصــاح !!
مــع مالحظــة ان االصــاح قــد اختــرق يف نتيجتــه االنتخابيــة دوائــر كانت مغلقة لالشــتراكي
تاريخيــا كدوائــر يف محافظــات عــدن وحلــج ومدينــة عــدن والــى حــد ما محافظتــي الضالع
وابــن .فيمــا لــم يفــز لالشــتراكي ولــو مرشــح واحــد يف الدوائــر التــي كانــت محســوبة وال
تــزال لإلصــاح ليــس الن االصــاح رفــض التنســيق فيهــا وحســب بــل والن االشــتراكي لــم
يرشــح احــدا باســمه يف معظمهــا وعندمــا رشــح يف بعضهــا تخلــى عــن دعــم مرشــحه كمــا
هــو حــال الدائــرة ١٢يف أمانــة العاصمــة والدائــرة ١٠يف أمانــة العاصمــة أيضـاً.
188
04 الفصل الرابع :االنتخابات الربملانية 2003م
ومــا عــدا دوائــر يحيــى منصــور ابــو اصبــع (جبلــة إب) وعلــي محمــد الصــراري ( ماويــة
– تعــز) وطــال عقــان (صنعــاء الدائــرة العاشــرة) ودائــرة ســلطان الســامعي يف ســامع
تعــز التــي اخالهــا االصــاح ملرشــحي االشــتراكي وظهــر داعمــا ملرشــحي احلــزب فــان بقيــة
الدوائــر االشــتراكية تبــن انهــا لــم تكــن مدعومــة اصالحيــا وحتــى هــذه الدوائــر االربــع لــم
يعلــن ســوى فــوز الســامعي رســميا امــا فــوز بقيــة مرشــحي االشــتراكي فيهــا فــان املشــترك
لــم يعمــل شــيئا الســتعادتها مــن ســرقة الســلطة املكشــوفة لفــوز مرشــحي االشــتراكي
املؤكــد فيهــا ومنهــا فــوز علــي الصــراري املؤكــد يف ماويــة وفــوز يحيــى منصــور أبــو اصبــع
يف جبلــة محافظــة إب وفــوز املرشــح واعــد باذيــب يف عــدن والــذي اخــذ مقعــده عنــوة
وبقــوة الســلطة رغــم فــوزه املؤكــد.
وقــد فــاز بســبعة مقاعــد برملانيــة فقــط أي بنســبة .%20،2مــن مجمــوع مقاعــد البرملــان ,
تركــزت يف دوائــر كل مــن م/حلــج (2مقاعــد) ,وم/الضالــع (2مقاعــد) ومقعــد واحــد يف
كل مــن م/ابــن ,وتعــز ,وعــدن ,كمــا حصــل علــى حوالــي ,و ( )295,315صوتــا انتخابيــا
وبنســبة %5تقريبــا.
واحلقيقــة أن النتيجــة مخيبــة جــدا آلمــال احلــزب وجمهــوره ولكــن البعــض اعتبــر مجــرد
مشــاركة احلــزب االشــتراكي يف االنتخابــات ،وحصولــه علــى ســبعة مقاعــد برملانيــة وقرابــة
الثالثمائــة الــف صــوت انتخابــي متثــل جميعهــا نقــاط إيجابيــة ومتقدمــة بالقيــاس إلــى
األوضــاع االســتثنائية التــي كان يعيشــها والــى غيابــه البرملانــي يف دورة مجلــس النــواب
الســابقة (دورة 1997م) غيــر أن هــذه النتيجــة االنتخابيــة ال تعبــر مطلقــاً عــن حقيقــة
ومكانــة احلــزب ,ونســبة تواجــده يف املجتمــع فهــو اكبــر بكثيــر مــن هــذه النتيجــة
االنتخابيــة.
وكان ميكــن أن يحقــق افضــل منهــا بكثيــر اال ان العديــد مــن العوامــل واألســباب قــد
حالــت دون حتقيقــه لنتائــج افضــل ممــا مت اإلعــان عنــه رســمياً يف هــذه االنتخابــات وهــي
أســباب ذاتيــة وموضوعيــة بعضهــا لهــا عالقــة مبمارســات الســلطة القمعيــة واالقصائيــة
189
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
ضــد مرشــحي احلــزب وأنصــاره وبعضهــا عوامــل قصــور واخطــاء يتحمــل مســؤولياتها
احلــزب وقيادتــه ومنظماتــه املختلفــة وبعضهــا يعــود الــى غطــاء املشــترك الــذي اســتفاد
منــه االصــاح وتضــرر منــه االشــتراكي بعــد جرميــة اغتيــال امينــه العــام علــى االقــل .
ولعــل أهــم وابــرز اإلجــراءات واملمارســات واخلروقــات التــي قامــت بهــا الســلطة ضــد
احلــزب ومرشــحيه وانصــاره ,وكان لهــا دور كبيــر يف ضعــف ومحدوديــة النتيجــة التــي
حصــل عليهــا هــي -:
•عــدم قبــول اللجــان االنتخابيــة عــدد مــن مرشــحي احلــزب يف كثيــر مــن الدوائــر
قــدرت الســلطة وأجهزتهــا املختصــة وجــود االنتخابيــة وبالــذات املرشــحني الذيــن َّ
فــرص كبيــرة لفوزهــم مبقعــد الدائــرة التــي ترشــحوا عنهــا وعلــى ســبيل املثــال ال
احلصــر ميكــن االشــارة هنــا الــى واقعــة اقصــاء مرشــح احلــزب يف الدائــرة 13امانــة
العاصمــة الدكتــور جميــل عــون والــذي مت اقصــاؤه بحجــة عــدم تقدميــه الســتقالة
مســببة مــن وظيفتــه كأســتاذ يف جامعــة صنعــاء .
ومــع ان هــذا تعســف واضــح يف اســتخدام القانــون لغيــر الغــرض الــذي شــرع لــه,
حيــث واســتاذ اجلامعــة ليــس مــن بــن الشــاغلني للوظائــف ذات الســلطة يف الدولــة
واحلكومــة والتــي ميكــن اســتخدام نفــوذ املنصــب للتأثيــر علــى الناخبــن اال ان هــذا
الشــرط قــد اســتخدم ضــد مرشــح احلــزب يف الدائــرة 13ويف دوائــر انتخابيــة اخــرى
اقصــي فيهــا مرشــحوا احلــزب بنفــس احلجــة كمــا حصــل يف عــدد مــن دوائــر تعــز
وغيرهــا والتــي كان ميكــن ان يرفــع احلــزب فيهــا عــدد مقاعــده البرملانيــة او نســبة
االصــوات االنتخابيــة علــى االقــل.
•التالعــب بالنتائــج املســجلة يف ســجالت الفــرز وتعديــل النتائــج االنتخابيــة التــي كان
مرشــح احلــزب قــد حقــق فيهــا فــوزاً محقق ـاً أو التــي كانــت عمليــة فــرز االصــوات
تســير لصالــح مرشــح احلــزب وهــو مــا حصــل يف نتائــج مرشــح احلــزب يف احــدى
دوائــر مدينــة عــدن وهــي دائــرة الرفيــق واعــد عبــداهلل باذيــب ويف دائرتــن اخريــن
يف مدينــة عــدن نفســها ,ودائــرة مرشــح احلــزب يف محافظــة صنعــاء (رميــة حاليــا)
عبــده مرشــد ودائــرة مرشــح احلــزب الرفيــق طــال عقــان بأمانــة العاصــم ودائــرة
190
04 الفصل الرابع :االنتخابات الربملانية 2003م
الرفيــق علــى الصــراري يف ماويــة بتعــز ودائــرة الرفيــق يحيــى منصــور يف جبلــة
مبحافظــة إب ودائــرة الرفيــق صالــح ناجــي حربــي باملســيمير بلحــج واخريــن أي ان
مــن 15الى16مقعــدا تقريبــا كان مــن املؤكــد فــوز مرشــح احلــزب فيهــا اال ان الســلطة
وبتعســفها يف اســتخدام القانــون وســطوة الســلطة وبطشــها قــد اخذتهــا منهــم عنــوة
وهــي حقيقــة شــهد بهــا كل املراقبــن.
أمــا فيمــا يتعلــق باألخطــاء والنواقــص التــي يتحملهــا احلــزب وقيادتــه ومنظماتــه املختلفــة
جتــاه خســارة احلــزب يف االنتخابــات وحصولــه علــى نتيجــة اقــل بكثيــر من واقعه السياســي
واالجتماعــي فهــي - :
1.1غيــاب أو ضعــف أداء القيــادة املركزيــة العليــا للحــزب أثنــاء االنتخابــات حيــث دخــل
احلــزب العمليــة االنتخابيــة وبالــذات يف مراحلهــا األخيــرة واحلاســمة وهــو يعيــش
حالــة مــن الفــراغ يف ســلطته القياديــة خلفهــا اغتيــال األمــن العــام املســاعد عشــية
االنتخابــات وقبــل ذلــك مــرض األمــن العــام وبقائــه أثنــاء املراحــل االنتخابيــة
احلاســمة يف مدينــة عــدن ومــا خلفــه كل ذلــك مــن اربــاك ومــن غيــاب املرجعيــة
السياســية للمرشــحني والفــرق التنظيميــة الداعمــة لهــم،
كمــا ان املخــاوف مــن جرائــم اغتيــاالت مشــابهة مــن االصدقــاء واالعــداء قــد حتكمــت
بكثيــر مــن حتــركات ومواقــف القيــادات السياســية التــي ادارت العمليــة االنتخابيــة
وقــد انعكــس هــذا الفــراغ او الغيــاب القيــادي بصــورة ســلبية وخطيــرة علــى كامــل
اداء احلــزب ونشــاطه يف العمليــة االنتخابيــة.
ومــع تقديــر اجلهــود التــي بذلتهــا القياديــة االنتخابيــة اليوميــة ممثلــة بنائــب رئيــس
احلــزب األمــن العــام املســاعد وأعضــاء األمانــة العامــة وعــدد مــن أعضــاء املكتــب
السياســي ورؤســاء العديــد مــن املنظمــات احلزبيــة يف احملافظــات اال ان محدوديــة
الســلطة التــي خولــت لهــذه القيــادة االنتخابيــة للحــزب وانقســام معظــم أعضائها حول
العديــد مــن القضايــا االنتخابيــة مــن ناحيــة وانشــغال عــدد اخــر منهــم بدوائرهــم
االنتخابيــة كمرشــحني باســم احلــزب او باحلــوارات الطويلــة وغيــر املفضيــة لشــيء
191
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
مــع قيــادات االصــاح وبقيــة احــزاب اللقــاء املشــترك فضــا عــن نــزول عــدد منهــم
لدوائــر محــدودة لدعــم مرشــحني بعينهــم دون بقيــة املرشــحني يف احملافظــات االخرى
قــد ســاهمت مجتمعــة والــى حــد كبيــر يف ســوء ادارة العمليــة االنتخابيــة وبالتالــي
ســوء وضعــف نتائــج احلــزب يف االصــوات واملقاعــد .
ان ضعــف اداء احلــزب عمومــا وعــدم قدرتــه علــى حتديــد اولوياتــه وقضايــاه
االنتخابيــة وســواء فيمــا يخــص تطبيــق السياســيات واخلطــط االنتخابيــة املعتمــدة
ســلفا حــول معاييــر اختيــار املرشــحني والتحالفــات السياســية ,أو فيمــا يخــص دعــم
ومســاندة مرشــحي احلــزب كانــت كنتيجــة اســباب رئيســيه ذات تأثيــر مباشــر علــى
تراجــع حصــة احلــزب االنتخابيــة ...الــخ.
وبشــكل عــام ميكــن القــول ان احلــزب بســبب هــذه االشــكالية القياديــة التــي ال يــزال
يعيشــها حتــى اآلن قــد فشــل يف ادارة العمليــة االنتخابيــة ويف املســاهمة يف حتســن
نتيجــة احلــزب االنتخابيــة مــن حيــث املقاعــد وعــدد االصــوات ســواء بســواء.
كمــا ان قضايــا اخلصخصــة وتســريح العمــال مــن القطــاع العــام ودعــم الفالحــن
والطبقــات املعدمــة كلهــا عناويــن اشــتراكية بحتــة لكــن االشــتراكي جتاهلهــا بســبب
افــراغ احلــزب مــن مضمونــه االجتماعــي والوطنــي وبســبب املشــترك وعالقتــه
باإلصــاح فخســر جمهــوره دون ان يكســب جمهــور االصــاح او االحــزاب االخــرى
ســوى دوائــر بعينهــا كدائــرة ابــو اصبــع والصــراري اللــذان دعمــا مــن قبــل االصــاح
دون ان يســمح لهمــا يف الفــوز رغــم فوزهمــا !
192
04 الفصل الرابع :االنتخابات الربملانية 2003م
وامليدانيــة والسياســية وســواء كان ذلــك فيمــا يخــص تســوية اوضــاع بعــض املنظمــات
احلزبيــة الرئيســية التــي تعيــش خالفــات وانقســامات بــن اعضائهــا او فيمــا يخــص
توفيــر البيانــات واملعلومــات والوثائــق اخلاصــة مبوضــوع االنتخابــات وقراءتهــا قــراءة
صحيحــة (علميــاً وسياســياً) ومــن ثــم بنــاء السياســية واخلطــة االنتخابيــة علــى
اساســها.
علــى ان االهــم هــو ضعــف امكانيــات احلــزب املاليــة وعــدم توفيــر احلــزب للمتطلبــات
واالمكانــات املاليــة الضروريــة لــكل مرحلــة مــن مراحــل العمليــة االنتخابيــة وبالــذات
اثنــاء احلملــة االنتخابيــة ومرحلتــي االقتــراع والفــرز مبــا يف ذلــك تكاليــف نقــل
الناخبــن وتوفيــر حاجاتهــم االساســية حلمايــة اصــوات املرشــحني.
وبهــذا املعنــى نســتطيع القــول بــان احلــزب االشــتراكي قــد شــارك يف االنتخابــات
البرملانيــة وقبلهــا احملليــة دون ان يكــون قــد وفــر احلــد االدنــى مــن البنيــة التحتيــة
ألي عمليــة انتخابيــة مــن هــذا النــوع االمــر الــذي انعكــس وبصــورة ســلبية علــى
وضــع احلــزب االشــتراكي ومــن ثــم علــى نتيجتــه االنتخابيــة وبالــذات فيمــا يخــص
املعاييــر املعتمــدة الختيــار املرشــحني وآليــات دعمهــم تنظيميـاً وميدانيـاً اثنــاء احلملــة
االنتخابيــة .
حيــث لوحــظ ان العديــد مــن منظمــات احلــزب لــم يكــن لهــا أي معيــار محــدد الختيــار
املرشــحني ســوى معيــار واحــد ,وهــو دعــم كل مرشــح بــادر بنفســه للترشــيح فضــا
عــن غيــاب هــذه املنظمــات شــبه الكلــي اثنــاء احلملــة االنتخابيــة ويف مرحلتــي االقتراع
والفــرز واعــان النتائــج االمــر الــذي جعــل العديــد مــن مرشــحي احلــزب عرضــة
لالبتــزاز والتالعــب بنتائجهــم مــن قبــل الســلطة واألحــزاب األخــرى.
193
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وقــد كان لهــذه القــراءة القدميــة وغيــر الواقعيــة التــي اعتمدتهــا بعــض منظمــات
احلــزب يف الدوائــر يف بنــاء خطتهــا االنتخابيــة دور ســلبي ومؤثــر يف نتيجــة احلــزب
االنتخابيــة حيــث اعتمــد احلــزب يف ترشــيحاته ويف اختيــار أولوياتــه التحالفــات
السياســية والدعــم املالــي واللوجســتي علــى نتيجــة احلــزب االنتخابيــة يف انتخابــات
1993م البرملانيــة دون مالحظــة مــا حصــل مــن متغيــرات كبيــرة يف مــزاج وتوجهــات
الناخبــن يف هــذه الدوائــر لغيــر صالــح احلــزب يف مقابــل حصــول مــزاج انتخابــي
آخــر ومغايــر للمــزاج االنتخابــي العــام يف أماكــن ودوائــر أخــرى لصالــح احلــزب
وتوجهاتــه البرامجيــة .
ويف الســياق ذاتــه لــم تقــرأ قيــادة احلــزب قــراءة صحيحــة للمتغيــر الكبيــر يف
املــزاج االنتخابــي العــام داخــل املــدن الرئيســية لصالــح مرشــحي (اللقــاء املشــترك)
فتســارع لفــرض عــدد اكبــر مــن رمــوز احلــزب للترشــح فيهــا وبالعكــس قللــت مــن
عــدد مرشــحيها يف املــدن لصالــح مرشــحي االصــاح وقــد أدى هــذا ليــس فقــط
إلــى حرمــان احلــزب مــن فــرص الفــوز او احلصــول علــى نتائــج اصــوات مرتفعــة يف
عديــد مــن دوائــر املــدن الكبــرى (أمانــة العاصمــة ومدينــة تعــز ومحافظتــي اب وتعــز
واحلديــدة) وغيرهــا بــل والــى اهــدار امكانيــات وجهــود احلــزب احملــدودة لصالــح
مرشــحني يف دوائــر انتخابيــة لــم يعــد هنــاك فــرص كبيــرة لفوزهــم فيهــا كمــا كان
احلــال يف انتخابــات 1993م كدوائــر محافظــة حضرمــوت وبعــض دوائــر عــدن مثــا
التــي ســجل احلــزب فيهــا نتائــج مخيبــة لآلمــال.
5.5مــع أن احلــزب قــد اعتمــد خيــاري الفــوز باملقاعــد واحلصــول عــل اصــوات انتخابيــة
يف خطتــه االنتخابيــة اال ان مــا حصــل مــن الناحيــة العمليــة هــو تقليــل عــدد
املرشــحني الــى اقصــى حــد والتركيــز علــى دوائــر الفــوز ونســيان او جتاهــل دوائــر
االصــوات االمــر الــذي فــوت علــى احلــزب فرصــة احلصــول علــى اصــوات انتخابيــة
عاليــة ثبــت انهــا مــن الناحيــة احلزبيــة والسياســية ال تقــل اهميــة عــن الفــوز باملقعــد
البرملانــي .
194
04 الفصل الرابع :االنتخابات الربملانية 2003م
ويف هــذا الســياق فقــد كان مــن األخطــاء الكبيــرة التــي أدت إلــى ضعــف نتيجة احلزب
االنتخابيــة يتمثــل يف عــدم رفــع نســبة عــدد مرشــحي احلــزب يف املــدن واحملافظــات
الكبــرى وذات الثقــل السياســي واالجتماعــي والتــي حتمــل نتائجهــا رمزيــة معينــة
بالنســبة ملكانــة كل حــزب (أمانــة العاصمــة ومدينــة تعــز ومحافظتهــا ومدينــة احلديــدة
ومحافظتهــا) وبقيــة مراكــز وعواصــم احملافظــات األخــرى.
6.6ســاهمت أنانيــة اإلصــاح اوال وعــدم تقديــره للمرحلــة وحاجــة الوطــن للتــوازن
السياســي وعــدد آخــر مــن أحــزاب اللقــاء املشــترك يف عــدم الوصــول الــى اتفــاق
حتالفــي كامــل يف االنتخابــات وبقــدر مــا عملــوا علــى نقــض كل مــا كان قــد اتفــق
حولــه ســواء قبــل اغتــال الشــهيد جــار اهلل او بعــد استشــهاده( ((5بقــدر مــا حتركــت
الــة االصــاح االنتخابيــة لدعــم مرشــحيها بعنــوان انهــم ميثلــون حتالــف املشــترك
وان مرشــحي احلــزب يف تلــك الدوائــر التنافســية قــد فرضــوا انفســهم شــخصيا
علــى الترشــيح دون رغبــة مــن قيــادة احلــزب وهكــذا.
7.7تســاهل احلــزب وقياداتــه العليــا واحملليــة جتــاه قضايــا ومطالــب عديــدة كان
يطرحهــا ويطالــب بهــا العديــد مــن مرشــحي احلــزب حــول ســرقة الســلطة واجهزتهــا
لنتائجهــم االنتخابيــة والتعديــل يف ســجالت القيــد حــول االصــوات التــي حصلــوا
عليهــا وان كان ميكــن العمــل بقليــل مــن اجلهــد السياســي والشــعبي والقانونــي
الســتعادتها واضافتهــا لرصيــد احلــزب االنتخابيــة.
8.8ادى ترشــح بعــض قيــادة املنظمــات احلزبيــة والقيــادات العليــا للحــزب ليــس فقــط
الــى تســخير كل جهــود وامكانيــات احلــزب التنظيميــة التنســيقية لصالــح هــؤالء
املرشــحني بــل والــى االضــرار بأوضــاع املرشــحني اآلخريــن يف احملافظــة برمتهــا
ومــن ذلــك التنــازل واملســاومة علــى بقيــة الدوائــر يف احملافظــة لصالــح االحــزاب
املتحالفــة وقــد لوحــظ هــذا يف كل مــن دوائــر محافظــة اب 9مرشــحني للحــزب
فقــط مــن اصــل 36دائــرة ومحافظــة تعــز 7مرشــحني فقــط مــن اصــل ( )39دائــرة
( )58انــا شــخصيا كنــت قــد قــررت الترشــح يف الدائــرة ال12يف امانــة العاصمــة وكان هــذا القــرار قــد مت ابــاغ قيــادة االصــاح بــه
مــن قبــل الشــهيد جــار اهلل و قــد وافقــوا علــى ذلــك مــن حيــث املبــدأ كمــا اخبرنــي الشــهيد خصوصــا والدائــرة مــن الدوائــر التــي
فــاز فيهــا يف االنتخابــات الســابقة مؤمتــر ال اصــاح لكنهــم غيــروا موقفهــم متامــا بعــد استشــهاد جــار اهلل واضطــروا الــى اســتقدام
قيــادي كبيــر مــن الروضــة ليترشــح فيهــا ليصعبــوا عمليــة انســحابه لصاحلــي وهــو الصديــق والوزيــر جنيــب غــامن (الدبعــي) وهــو
مــن مواليــد عــدن واللقــب االخيــر (الدبعــي) لــم يضــف اليــه اال يف االنتخابــات العتقادهــم انهــم سيســتفيدون مــن البعــد املناطقــي
داخــل احلــزب وخارجــه لصالــح مرشــحهم !
195
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
انتخابيــة والشــاهد هنــا هــو ان احلــزب خســر آالف االصــوات االنتخابيــة بســبب
عــدم تقدميــه مرشــحني اكثــر يف كل مــن دوائــر تعــز واب وغيرهمــا وقــد اشــيع حينهــا
بــان دعــم االصــاح قــد اشــترط لعلــي الصــراري يف تعــز وابــو اصبــع يف اب قــد
ســاهم يف اخــاء معظــم دوائــر احملافظتــن ملرشــحيه !
9.9قيــام بعــض املرشــحني باســم احلــزب باالتفــاق مــع الســلطة او بعــض شــخصياتها
مــن وراء احلــزب ومنظماتــه احملليــة ومبــا يجعــل هــؤالء املرشــحني يعملــون لصالــح
مرشــح احلــزب احلاكــم او االنســحاب يف اللحظــات التــي يكــون مــن الصعــب تقــدمي
بدائــل لهــم يف تلــك الدوائــر مــا حصــل يف احــدى دوائــر مدينــة تعــز ويف دائــرة مــن
دائرتــي املهــرة واخــرى يف حضرمــوت.
افــرزت انتخابات27ابريــل 2003م البرملانيــة ثــاث حقائــق سياســية كبيــرة وخطيــرة يف
تاريــخ الدميقراطيــة االجرائيــة (االنتخابــات) للجمهوريــة اليمنيــة ســيكون لهــا آثــار ســلبية
علــى كل مســارات احليــاة السياســية واحلزبيــة واســتقرار الدولــة واملجتمــع وضعــف بــل
توقــف الدميقراطيــة متامــا وهــي مــا ميكــن تلخيصهــا علــى النحــو التالــي -:
-احلقيقة االولى
هيمنــة احلــزب احلاكــم علــى البرملــان بحصولــه علــى ثالثــة اربــاع مقاعــد مجلــس النــواب
وحتديــداً علــى قرابــة 241مــن اصــل ( )301مقعــد وبنســبة %72اصبــح بإمكانــه تعديــل
الدســتور يف أي وقــت ودون حاجــة للكتــل البرملانيــة التابعــة ألحــزاب املعارضــة ومتريــر أي
قضيــة مــن قضايــا املصيــر الوطنــي مبــا فيهــا قضايــا احلــدود وقــرار احلــرب والســلم بــل
والتخلــي عــن الدميقراطيــة الشــكلية املتبقيــة كيفمــا أراد ويف أي وقــت اراد.
196
04 الفصل الرابع :االنتخابات الربملانية 2003م
ولقــد جــاء هــذا الفــوز الكاســح للســلطة وحلزبهــا احلاكــم يف ســياق مســار طويــل بــدأ
بعــد حــرب 1994م وكــرس يف انتخابــات 1997م البرملانيــة ثــم تــوج يف هــذا االســتحقاق
االنتخابــي 2003م ولــن يتوقــف عنــد هــذه النتيجــة او عنــد هــذا االســتحقاق بــل ســيتواصل
قدمــاً وبصــورة اســرع ضمــن سياســة تقليــص الهامــش الدميقراطــي والتراجــع عــن كل
اجنــازات الدميقراطيــة يف دولــة الوحــدة اجلمهوريــة اليمنيــة.
كمــا جــاء هــذا الفــوز الكاســح يف البرملــان كنتيجــة مــن نتائــج تعديــات دســتورية متواليــة
كرســت الرئيــس صالــح رئيســا مــدى احليــاة مــن الناحيــة الفعليــة بــل وبعــد احليــاة
-بالتوريــث ان اراد االمــر دســتوريا او برملانيــا كمــا كرســت املؤمتــر الشــعبي حزب ـاً كبيــراً
ومهيمنــا بــا معارضــة وبــا تعدديــة .
وكنتيجــة طبيعيــة الكتســاح املؤمتــر ملقاعــد البرملــان ســيكون جتميــد دور مجلــس النــواب
الرقابــي حتصيــل حاصــل بعــد حتويلــه – اي مجلــس النــواب -الــى اداة مــن ادوات الســلطة
التنفيذيــة ولــم يعــد لــه أي دور يذكــر يف مناهضــة الفســاد واالســتبداد او يف رفــض قمــع
حريــة التعبيــر بــل اصبــح هــو جــزء مــن ادوات القمــع والفســاد وغطــاء لهمــا.
كمــا لــم يعــد لــه دور يف معاجلــة االزمــات واحلــروب التــي نشــبت يف اليمــن بعــد اشــهر مــن
اعــان نتائــج االنتخابــات وعلــى طــول وعــرض اخلارطــة اليمنيــة بــدءاً مــن حــروب صعــدة
٢٠١٠ -٢٠٠٤م حتــى حــراك اجلنــوب يف الضالــع وردفــان ٢٠١١-٢٠٠٧م.
وفيهــا كلهــا كان املجلــس غطــاء للحــروب واالزمــات ال يعمــل ســوى مــا تطلــب منــه الســلطة
التنفيذيــة حتــى انــه لــم يســمح لــه مبناقشــة حــروب صعــدة اال حــن طلــب منــه شــرعنة
حربهــا الرابعــة امــا قبــل ذلــك فلــم يكــن يســمح لــه حتــى مجــرد احلديــث عــن مــا يــدور
يف صعــدة وهكــذا وان بصــورة اقــل يف موضــوع احلــراك اجلنوبــي وغيــره مــن االزمــات
واحلــروب .
واخلالصــة فقــد اوصلــت االغلبيــة الكاســحة للســلطة يف البرملــان دور مجلــس النــواب
نفســه الــى مرحلــة اجلمــود والتعطيــل ولــم تســتطع هــذه االغلبيــة نفســها ان تعمــل شــيئا
دفاعــا عــن كرامــة مجلســها حــن مت تأجيــل موعــد انتخــاب دورة 2009م وملــدة عامــن
197
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
باتفــاق سياســي بــن الرئيــس صالــح واحــزاب املعارضــة يف اللقــاء املشــترك كمحاولــة
يائســة حلــل قضايــا االزمــة الوطنيــة والسياســية ولكــن دون جــدوى .
ومــن املفارقــة العجيبــة ان احلــزب الــذي حــاز علــى اغلبيــة مجلــس النــواب الكاســحة يف
دورة 2003م االنتخابيــة تلبيــة لرغبــة الرئيــس صالــح يف االســتفراد بالســلطة وتوريثهــا او
تأبيدهــا هــو نفســه احلــزب احلاكــم وبــذات االغلبيــة الكاســحة الــذي صــوت فيمــا بعــد على
تنحيــة الرئيــس صالــح مــن الســلطة وقبــل جتميــد دوره التشــريعي والرقابــي ليــس بإعــان
دســتوري بــل بقــرار ســعودي وضمــن مــا عــرف ببنــود املبــادرة اخلليجيــة بعــد اربــع ســنوات
علــى االقــل مــن تاريــخ تأجيــل االنتخابــات.
(وهكــذا تواصــل مسلســل االنحــدار بالدميقراطيــة االجرائيــة اليمنيــة حتــى أصبــح مجلــس
نــواب 2003م واغلبيــة الرئيــس صالــح فيــه هــو اخــر مجلــس نــواب منتخــب بعــد ان
اختنقــت او ماتــت احليــاة السياســية يف اليمــن و تفجــرت االزمــة التراكميــة الطاحنــة
حروب ـاً وصراعــات ثــم ثــورة شــعبية وثــورة مضــادة ســرقت الثــورة األولــى وانتجــت عنف ـاً
فثــورة مســلحة ثــم تدخــل ســعودي ودولــي وحــرب علــى اليمــن ال نــزال نعيــش احداثهــا
وتداعياتهــا او احلقيقــة مــن نتائــج انتخابــات 2003م البرملانيــة حتــى حلظــة كتابــة هــذا
النقطــة بتاريــخ (2020/11/7م)).
-احلقيقة الثانية
ان املعارضــة اليمنيــة او مــا عــرف بتحالــف احــزاب اللقــاء املشــترك ومــن ضمنهــا
ويف مقدمتهــا االشــتراكي واالصــاح والناصــري وغيرهــا قــد فشــلت يف ادارة العمليــة
االنتخابيــة يف اول اســتحقاق تشــترك فيــه بعــد اعــان اللقــاء املشــترك والتوقيــع علــى
وثيقــة «التنســيق.
وكان لفشــل التنســيق فيمــا بينهــا يف هــذه االنتخابــات دور يف ضعــف النتيجــة التــي حصلــت
عليهــا مجتمعــة او منفــرده وحتــى حصــول االصــاح علــى قرابــة 46مقعــدا لــم يكــن اجنــازا
كبيــرا لــه او للمعارضــة وبالتالــي للدميقراطيــة ليــس الن هــذه النتيجــة احملــدودة ()46
198
04 الفصل الرابع :االنتخابات الربملانية 2003م
مقعــدا لــم تكــن ســوى تعبيــر عــن انانيــة االصــاح وحرصــه علــى االســتحواذ علــى حســاب
العمــل املشــترك بــل والن دور كتلــة االصــاح يف البرملــان -رغــم نســبها املقــدرة مقارنــة بـــ
7اعضــاء فقــط هــو عــدد اعضــاء كتلــة االشــتراكي -لــم يكــن لهــا أي تأثيــر يف البرملــان
لصالــح املعارضــة واحليــاة السياســية عمومــا ويف احســن االحــوال كان تأثيــرا محــدودا –
حــد الغيــاب -ســواء يف مجــال التشــريع او يف مجــال الرقابــة ومحاســبة الفســاد.
وهكــذا ثبــت ان غيــاب او تغييــب النائــب يحيــى منصــور ابــو اصبــع وغيــره مــن املرشــحني
األقويــاء ممــن مت اخــذ مقاعدهــم مــن قبــل الســلطة بالقــوة قــد افقــد البرملــان صوتــاً
قويـاً كان يبــدو وحيــداً يف البرملــان الســابق أي انــه لــم يعــوض تغيبــه وامثالــه وجــود قرابــة
ال57نائبــا لإلصــاح وبقيــة احــزاب املشــترك يف البرملــان.
وهكــذا عــدد اخــر ممــن مت التآمــر علــى اســقاطهم مــن مرشــحي االشــتراكي وغيــر
االشــتراكي مــن الشــخصيات املعروفــة بصالبــة موقفهــا وبدورهــا احليــوي يف احليــاة
السياســية اليمنيــة مــن كل االحــزاب والتــي لــم يســمح ألي منهــا بدخــول البرملــان كمــا كان
يخطــط لذلــك الشــهيد جــار اهلل عمــر عبــر املشــترك وغيــر املشــترك وهــو مــا اضعــف
تأثيــر املعارضــة يف احلــد مــن تداعيــات االزمــة اليمنيــة الحقــا.
ليتبــن فيمــا بعــد ان جرميــة اغتيــال االمــن العــام املســاعد للحــزب االشــتراكي قبــل اربعــة
اشــهر مــن االنتخابــات لــم تســتهدف مواصلــة سياســة احلــرب علــى احلــزب االشــتراكي
وقتــل رمــوزه وتخويــف مــن تبقــى منهــم وجعلــه غيــر قــادر علــى النهــوض مــن جديــد بــل ان
جرميــة االغتيــال نفســها ادت الــى اغتيــال املشــترك والعمليــة االنتخابيــة ذاتهــا وحتويــل
نتائجهــا الــى غطــاء ملزيــد مــن اســتفراد صالــح وحزبــه بالســلطة والتحكــم مبصيــر الدولــة
(((5
واملجتمــع وليــس فقــط القــرار السياســي
وهكــذا حتــول املشــترك يف هــذه االنتخابــات ويف بقيــة انشــطته الالحقــة الــى اطــار جديــد
للتجمــع اليمنــي لإلصــاح وبقيــة القــوى النافــذة واملناهضــة للدميقراطيــة واملواطنــة
ومبــا عطــل السياســة وخلــط االوراق باجتــاه تفاقــم االزمــة الوطنيــة وهــذا مــا اتضــح يف
اســتحقاقات سياســية الحقــة حتــى تفجــرت الثــورة .
199
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
-احلقيقة الثالثة
أثبتــت انتخابــات 2003م البرملانيــة ومبــا ال يــدع مجــاال للشــك ان احــد اخطــر معوقــات
الدميقراطيــة والتعدديــة يف اليمــن هــو النظــام االنتخابــي املعمــول بــه وهــو نظــام (الدائــرة
الفرديــة والفــوز بأكثريــة االصــوات ال بأغلبيتهــا ) ولألســباب عديــدة اهمهــا كونــه نظــام
غيــر دميقراطــي وال متثيلــي الن الفائــز يف الدائــرة الفرديــة وفقــا للقانــون اليمنــي ال يحتــاج
الــى اغلبيــة اصــوات الناخبــن للفــوز مبقعــد الدائــرة.
واملعنــى ان القانــون اليمنــي ال يشــترط فــوز املرشــح بحصولــه علــى + %50واحــد مــن
اصــوات الناخبــن املشــاركني يف عمليــة التصويــت بــل يكفيــه ان يحصــل علــى صــوت واحــد
فقــط زيــاده علــى اقــرب منافســيه مــن املرشــحني ليكــون هــو مــن يشــغل مقعــد الدائــرة
حتــى ولــو لــم يصــوت لــه ســوى %30مــن ابنائهــا مقابــل %70منهــم صوتــوا لغيــره مــن
(((6
املرشــحني
والن نظــام الدائــرة الفرديــة والفــوز بأكثريــة االصــوات ليــس نظامـاً دميقراطيـاً وال متثيليــا
ًكمــا اســلفنا فقــد كان يكفــي ألجهــزة الدولــة بقــرار مــن الســلطة ان تعــدل نتيجــة املرشــحني
بصــوت او مئــة صــوت اضــايف مــن لديهــا فتقلــب نتائــج الفــرز لصالــح مرشــح وضــد اخــر
وقــد ثبــت هــذا يف كل االســتحقاقات االنتخابيــة احملليــة والبرملانيــة وســقط لالشــتراكي
بهــذه الطريقــة اكثــر مــن 10مرشــحني فــازوا بأكثريــة اصــوات الناخبــن ومت تغييــر نتائجهــم
يف نهايــة االمــر .
لــو اعتمــد نظــام النســبية يف االنتخابــات ملــا تفجــرت ازمــات وحــروب بســبب تقليــص
الهامــش الدميقراطــي وضعــف التمثيــل الوطنــي يف مؤسســات الدولــة املنتخبــة وتراجــع
( )60علــى ســبيل املثــال لــو ترشــح 5مرشــحني يف دائــرة 11يف امانــة العاصمــة مثــا ،احدهــم مرشــح لالشــتراكي واالخــر للمؤمتــر
والثالــث لإلصــاح واثنــن مســتقلني ،ووصــل عــدد الناخبــن الذيــن شــاركوا يف عمليــة االقتــراع 50الــف ناخــب وناخبــة مــن
املســجلني يف ســجالت الدائــرة ( )11ثــم حصــل مرشــح املؤمتــر علــى 9900صــوت وحصــل مرشــح االشــتراكي علــى 9200صــوت
وحصــل مرشــح االصــاح علــى 10100صــوت وحصــل املرشــح املســتقل االول علــى 6800صــوت والثانــي علــى 8900صــوت ووصــل
عــدد بطائــق االقتــراع الباطلــة (البيضــاء)او امللغيــة مــن قبــل جلــان الفــرز 900بطاقــة اقتــراع ليصــل املجمــوع االصــوات الــى 50الــف
هــم اجمالــي مــن شــاركوا يف عمليــة االقتــراع فــان الــذي ســيفوز مبقعــد الدائــرة وفقــا للقانــون اليمنــي هــو مرشــح االصــاح
الــذي حصــل علــى 10100صــوت وبفــارق 200صــوت فقــط عــن اقــرب منافســيه وهــو مرشــح املؤمتــر وبذلــك يكــون اربعــن الــف
وتســعمئة ( )40900ناخــب وناخبــة مــن ابنــاء الدائــرة 11غيــر ممثلــن يف البرملــان أي ان مــن صــوت غالبيتهــم ضــده وهــو مرشــح
االصــاح هــو الــذي فــاز وبالتالــي يكــون ممثــا لألقليــة ال لألغلبيــة خالفــا للهــدف االول واملباشــر للدميقراطيــة وهــي حصــول
الفائــز علــى االغليــة املطلقــة (+ %50واحــد)
200
04 الفصل الرابع :االنتخابات الربملانية 2003م
متثيــل الفئــات املختلفــة يف البرملانــات ولــو لــم يســتقو النظــام بنتائــج انتخابــات 1993م
البرملانيــة بســبب االكثريــة العدديــة لدوائــر احملافظــات الشــمالية لرمبــا مــا وصلنــا الــى
احلــرب ومــا خلفتــه مــن شــروخ يف اجلســد الوطنــي.
وهكــذا االمــر لــو اعتمــد نظــام النســبية بــدالً مــن الفرديــة يف انتخابــات 2003م ملــا حصــد
احلــزب احلاكــم ثلثــي مقاعــد البرملــان علــى حســاب بقيــة االحــزاب والفئــات االجتماعيــة
املختلفــة وملــا وصلنــا الــى جتميــد العمليــة االنتخابيــة وتفجيــر االزمــة حروبـاً.
-احلقيقة الرابعة
ان احلــزب االشــتراكي اليمنــي كان قــد ادرك وبحــس وطنــي ومنــذ وقــت مبكــر حقيقــة
اهميــة االخــذ بنظــام النســبية يف االنتخابــات اليمنيــة بــدالً عــن الدائــرة الفرديــة وكان
ذلــك قبــل اجــراء االنتخابــات االولــى 27ابريــل 1993م وســعى الــى طرحهــا لكنــه لــم يصــر
عليهــا حينــه ثــم وبعــد كل االســتحقاقات التــي تلــت احلــرب اصــر علــى نظــام القائمــة
النســبية وكانــت احــد شــروطه طــوال فتــرة االســتحقاقات املختلفــة التــي خاضهــا احلــزب
بعــد حــرب 94م.
لكــن احلزبــن االصــاح واملؤمتــر كانــا يعترضــان ويحــوالن بالتالــي دون اعتمادهــا ولــم
ينجــح احلــزب يف انتــزاع موافقــة احلزبــن علــى اخضاعهمــا للحــوار يف قضايــا االصــاح
السياســي والوطنــي ومنهــا نظــام القائمــة النســبية اال يف اتفــاق تأجيــل االنتخابــات املوقــع
عليــه يف ينايــر 2009م والــذي نــص علــى احلــوار علــى نظــام القائمــة النســبية والنظــام
البرملانــي واحلكــم احمللــي أي قضايــا احلــزب الرئيســية.
ولكــن هــذا هــو االخــر جــاء متأخــرا وحالــت طبيعــة العالقــات وتبايــن القضايــا داخــل
املشــترك وموقــف احلــزب احلاكــم دون الوصــول الــى قيــام حــوار بخصــوص اهــم قضايــا
اصــاح الدولــة ونظامهــا االنتخابــي والدميقراطــي.
واخلالصــة لقــد انتهــت انتخابــات 2003م البرملانيــة الــى متديــد البرملــان وتفجيــر االزمــة
ومــن ثــم ســرقة الثــورة ولــو ادرك مــن ارادوا االســتفراد بالســلطة واملــال الــذي وصلــوا اليــه
وكنــا نــراه بأعيننــا ونحذرهــم منــه ملــا دمــروا انفســهم واليمــن كمــا حــدث بالفعــل .
201
أول ســياق رئاســي تنافســي
يف اليمــن
*علــى خــاف االنتخابــات الرئاســية االولــى 1999م بــدأت حمــات الدعايــة االنتخابيــة
يف انتخابــات (22ســبتمبر 2006م) يف وقــت مبكــر جــداً وقبــل حوالــي عــام مــن تاريــخ
اجرائهــا.
وقــد بــدات احلملــة االنتخابيــة مــن جانــب الســلطة اوال حــن اعلــن رئيــس اجلمهوريــة
املشــير علــي عبــد اهلل صالــح عــن عــدم ترشــحه يف هــذه االنتخابــات معل ـ ً
ا ذلــك بانــه
قــد اكتفــى (مــن منصــب الرئيــس الــذي شــغله لفتــرة طويلــة ) وأنــه «قــد مــل الشــعب وملــه
الشــعب « وآن اآلوان لظهــور (جيــل جديــد مــن السياســة) !
باإلضافــة الــى اســباب اخــرى اوضحهــا صالــح يف خطــاب متلفــز يف يوليــو 2005م بعضهــا
بــدت منطقيــة حتــى ان كثيــراً مــن ابنــاء الشــعب وعــدد مــن املراقبــن ظنــوا ان الرئيــس
علــى عبــد اهلل صالــح ومــن نبــرة خطابــه ويف ايــراده ألســباب ومبــررات منطقيــة قــد بــدا
جــاداً وحاســماً يف اتخــاذ قــرار عــدم الترشــح للرئاســة هــذه املــرة رغــم انــه ســبق وان اعلــن
عــدم ترشــحه يف مــرات اخــرى عــاد بعدهــا للترشــح للرئاســة بــل والســعي لتوريثهــا مــن
بعــده ان امكــن.
ومــع ان بعــض الك َّتــاب والبرامــج السياســية يف وســائل االعــام الرســمية قــد بــدات تتحدث
عــن مــدى دميقراطيــة صالــح وعــدم متســكه بالســلطة بــل ويف ســعيه لنقلهــا مــن كاهلــه
بسالســة ويســر الــى الشــعب ومــن يختــاره الشــعب ليحكمــه برضــاه وبالصــوت االنتخابــي ال
بالبنــدق واملدفــع وهــو – ودائمــا حســب تلــك الوســائل -يتخــذ هــذا القــرار التاريخــي امنــا
يتخــذه بعــد أدائــه االمانــة علــى اكمــل وجــه وبعــد ان اجنــز الوحــدة والدميقراطيــة والتنميــة
وانــه ســيذهب مســتريح البــال .
205
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
غيــر ان اعضــاء حزبــه وانصــاره وموظفــي الدولــة واجهزتهــا االعالميــة كانــوا اكثــر
االطــراف درايــة مبكنونــات مــا يريــده الرئيــس مــن رميــه حلجــر عــدم الترشــح لتحريــك
ميــاه بركــة الدميقراطيــة التــي غــارت مياههــا اصــا منــذ حــرب 1994م ولذلــك كان ال بــد
ان يســارعوا الــى االحتجــاج والــى التعبيــر عــن مواقفهــم الرافضــة لذلــك القــرار اخلطيــر
الــذي ســيعرض اليمــن للخطــر يف حالــة غيــاب صالــح عــن املشــهد السياســي كرئيــس
وباعتبــاره صمــام األمــان والرجــل االول يف الدولــة واجليــش واحلــزب احلاكــم او هكــذا
وجــدوا املشــهد خطيــراً يف حالــة غيــاب الزعيــم عنــه .
مــن ناحيتــي اعتبــرت اعــان الرئيــس بعــدم الترشــح مجــرد منــاورة سياســية مكشــوفة لــم
يكــن لهــا داعــي ألنهــا ســتعرض صالــح نفســه للســخرية اكثــر مــن االشــادة حــن يتبــن
ألصدقائــه وخصومــه معــا انــه ومــا ان يقتــرب موعــد االنتخابــات حتــى يكــون قــد اخــرج
االآلف ليتظاهــروا ضــد رغبــة الرئيــس ومــع حاجــة الشــعب والوطــن الــى بقائــه رئيس ـاً.
وحينهــا فقــط ومــن اجــل الوطــن والشــعب يوافــق الرئيــس علــى العــودة عــن قــراره بعــدم
الترشــح .
وقــد كتبــت حينهــا معبــرا عــن موقفــي هــذا مقــاالً قصيــراً ولكــن حــاداً نشــر يف صــدر
الصفحــة االخيــرة مــن صحيفــة «الثــوري» حتــت عنــوان ( تنــازل فقــط عــن بعــض
صالحياتــك) وبدأتــه بالســطر التالــي ( :الــذي يرفــض حتــى اآلن أن يتخلــى عــن بعــض
صالحياتــه لصالــح الفــرع الثانــي يف الســلطة التنفيذيــة ( احلكومــة ) والفــرع الثالــث فيهــا
( الســلطة احملليــة ) ال تصدقــوه إن قــال إنــه ســيتخلى عــن الســلطة كاملــة ( دفعــة واحــدة)
(((6
كمــا أعلــن الرئيــس مؤخــرا )...انظــر نــص املقــال كامــا يف كتابــي (مــوت السياســية)
وقــد اثــار املقــال لغط ـاً واســعاً يف الوســطني السياســي واالعالمــي وقدمــت علــى خلفيتــه
للمحاكمــة بتهمــة «اهانــة الرئيــس» ولكــن احملاكمــة لــم تعقــد ســوى جلســة واحــدة فقــط يف
محكمــة جنــوب غــرب العاصمــة اجلــت علــى أثرهــا بقيــة اجللســات الــى وقــت غيــر معلــوم
ثــم تفاجــأت بعــد ســنوات بفتــح ملــف القضيــة مــن جديــد وحتديــداً اثنــاء محاكمتــي عــام
2010م بتهمــة اخــرى وهــي تشــكيل عصابــة مســلحة لزعزعــة امــن واســتقرار البــاد يف
( )61نشر يف العدد ( )1875من صحيفة الثوري بتاريخ 21يوليو 2005م انظر نص املقال كامال يف كتابي (موت السياسية)
ضمن مقاالت اخرى
206
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
اشــارة الــى حــروب صعــدة وباعتبــاري احــد (قادتهــا) وهــي تهمــة زائفــة وكيديــة كســابقاتها
ولكنهــا كلفتنــي إخفــاء قســرياً وتعذيب ـاً معنوي ـاً رهيب ـاً قرابــة ســبعة اشــهر ،وبهــدف غســل
(((6
جرميتــي اخلطــف واالخفــاء قدمــت للمحكمــة وانــا ال زلــت يف الســجن
غيــر ان الرئيــس صالــح عــاد واكــد مصداقيــة مــا ذهبــت اليــه يف املقــال املذكــور كمــا ســياتي
(((6
تاليا
*بعــد خطــاب الرئيــس الشــهير اخلــاص بعــدم ترشــحه وظهــور تعليقــات يف الفضائيــات
العربيــة بــن مصــدق ومشــكك بجديــة القــرار اوقــف صالــح أي حديــث يف الصحافــة
الرســمية عــن املوضــوع كمــا اوقــف محاكمتــي وظــل الوضــع كذلــك لعــدة اشــهر ولــم يعــد
الــى احلديــث مــن جديــد عــن عــدم الترشــح اال بعــد عــام كامــل تقريبــا ومــع اقتــراب موعــد
الســباق الرئاســي.
ومــرة اخــرى طــرح قــرار عــدم ترشــحه يف اجتمــاع موســع ألعضــاء وكــوادر املؤمتــر الشــعبي
العــام واعضــاء احلكومــة والســلطات احملليــة يف احملافظــات وهــو مــا قوبــل بالرفــض
الصاخــب وعبــر مســيرات حاشــدة دعــت اليهــا الســلطات احملليــة يف املــدن واحملافظــات
وكمــا كان متوقعــا (اضطــر صالــح للعــودة عــن قــراره حتــت ضغــط الــرأي العــام ) واملهــم
يف كل هــذا هــو ان احلملــة االنتخابيــة بــدات مبكــراً يف هــذا االســتحقاق الرئاســي خالفــا
ًللســباق االول الــذي كان عبــارة عــن اســتفتاء بعــد رفــض قبــول مرشــح املعارضــة ملنافســة
صالــح فيهــا.
( )62كتبــت عــن جتربتــي يف االختطــاف واالخفــاء القســري يف كتــاب مســتقل وهــو االن يف مرحلــة االعــداد والطباعــة بعنــوان
(اختطــايف ) وكنــت قــد حتدثــت عــن التجربــة القاســية بعــد االفــراج عنــي مباشــرة يف عــدة صحــف وقنــوات فضائيــة
( )63وكان الزميــل الكاتــب واملناضــل عبــد البــاري طاهــر قــد علــق حينهــا مبــا يشــبه الطرفــة قائــا « »:يثبــت لنــا الرئيــس انــه لــن
يترشــح واعدمــوا محمــد املقالــح شــنقا ان شــئتم ههههــه)
207
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
*اذا كان الرئيــس صالــح وحزبــه املؤمتــر قــد اســتبقا املعارضــة يف احلملــة االنتخابيــة
اال ان انتخابــات 2006م لــم تكتســب اهميتهــا وزخمهــا اال بعــد اتفــاق احــزاب املعارضــة
اليمنيــة الرئيســية (حتالــف احــزاب اللقــاء املشــترك ) علــى مرشــح واحــد خلــوض الســباق
الرئاســي وألول مــرة يف تاريخهــا.
حيــث قــررت وبوضــوح وعبــر مرشــحها املشــترك فيصــل بــن شــمالن مواجهــة الرئيــس
صالــح ومرشــح حــزب املؤمتــر الشــعبي العــام وهــو مــا منــح االنتخابــات الرئاســية جديــة
وزخم ـاً شــعبياً واســعاً.
*لقــد ظهــر األمــر يف بدايــة احلملــة االنتخابيــة وبعــد اختيــار املشــترك لفيصــل بــن
شــمالن مرشــحاً لهــا بــان التجمــع اليمنــي لإلصــاح وهــو الواجهــة السياســية جلماعــة
االخــوان املســلمني يف اليمــن ومعهــا قــوى تقليديــة عديــدة كالشــيخ حميــد األحمــر وشــقيقه
حســن األحمــر يقفــون مع ـاً يف مواجهــة الرئيــس صالــح مباشــرة ومتحالفــة مــع احلــزب
االشــتراكي اليمنــي وبقيــة أحــزاب املعارضــة الوطنيــة والقوميــة خالفــا ملواقــف االصــاح
وعيــال الشــيخ األحمــر طــوال تاريخهــم وتاريــخ صالــح السياســي حيــث عمــا مع ـاً علــى
هزميــة االشــتراكي ومواجهتــه منــذ نهايــة ســبعينيات القــرن املاضــي.
*ويف أول مهرجانــات احلملــة االنتخابيــة ملرشــح املعارضــة يف أمانــة العاصمــة وعــدد
مــن احملافظــات كعمــران وحجــة ومــا اتســمت بــه مــن حضــور شــعبي كبيــر بــدا املشــهد
السياســي واالنتخابــي وكأن اليمــن تعيــش جتربــة تبــادل ســلمي حقيقــي لــرأس الســلطة
وان صالــح هــو اخلاســر األول واألخيــر يف هــذا الســباق االنتخابــي الفريــد مــن نوعــه يف
تاريــخ اليمــن .
208
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
واذا كان لــي يف هــذا املقــام ان اذكــر بعــض القيــادات والك َّتــاب والصحفيــن الذيــن ســاهموا
بصــورة مؤثــرة وكبيــرة يف وصــول املعارضــة إلــى اختيــار بــن شــمالن مرشــحاً منافســاً
لصالــح والســير معــه إلــى آخــر املطــاف فســيكون علــى راســهم محمــد قحطــان وحميــد
االحمــر وياســن ســعيد نعمــان وعلــي ســيف حســن وعبــد القــدوس املضواحــي .
ومــن الكتــاب كل مــن الزمــاء ســامي غالــب ونبيــل ســبيع وعلــى الصــراري ومحمــد املقالــح
وعبــد الكــرمي اخليوانــي وجمــال أنعــم واخــرون وقــد كنــت شــخصيا احــد اكبــر املتحمســن
مــن موقعــي ككاتــب ومــن موقعــي كقيــادي يف احلــزب االشــتراكي اليمنــي وهــو مــا يالحــظ
يف كتابــات هــذا الفصــل مــن الكتــاب بوضــوح .
-البعــد الثانــي يف أهميــة ذلــك االســتحقاق ويف خلقــه آلمــال عريضــة لــدى شــرائح واســعة
مــن أبنــاء الشــعب يأتــي مــن اهميــة تاريــخ ومكانــة مرشــح املعارضــة االســتاذ فيصــل عثمــان
بــن شــمالن وســيرته الوطنيــة والسياســية منــذ ان كان مفاوضــا صلبــاً يف جنيــف عــام
1967م ضمــن اعضــاء اجلبهــة القوميــة لتحريــر اجلنــوب اليمنــي احملتــل مــن االجنليــز إلــى
أن كان وزيــرا للصناعــة تــارة وللتخطيــط أخــرى يف حكومــات احلــزب االشــتراكي يف اليمــن
الدميقراطــي قبــل الوحــدة ووزيــرا يف اجلمهوريــة اليمنيــة ثــم نائبــا مســتقال يف مجلــس
النــواب وهــي مجتمعــه مــن جعلــت االســتحقاق الرئاســي يأخــذ زخمــه الشــعبي الواســع
مبجــرد قبــول الرجــل خــوض التحــدي يف مواجهــة الرئيــس صالــح.
*فالرجــل معــروف لــدى النخبــة السياســية والــرأي العــام بالنزاهــة واالســتقامة واجلديــة
وممــن رفــض املســاومة يف أي قضايــا مصيريــة تهــم اليمــن واليمنيــن ومــن ذلــك انــه
كان النائــب البرملانــي الوحيــد تقريبــا الــذي قــدم اســتقالته ورفــض ان يكــون عضــوا يف
مجلــس نــواب 2003م علــى خلفيــة قبــول املجلــس بغالبيــة أعضائــه التمديــد ألنفســهم ملــدة
ســنتني بــدون انتخــاب خالفـاً للقواعــد التشــريعية (ال يشــرع املشــرع لنفســه ) وضــد إرادة
الناخبــن الذيــن انتخبــوا ممثليهــم ملــدة أربــع ســنوات فقــط وال يحــق لهــم متديدهــا ولــو
لشــهر واحــد دون تفويــض شــعبي.
209
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
*ويف الســياق ذاتــه لــم يظهــر علــى ســيرة فيصــل ســعيد عثمــان بــن شــمالن طــوال تاريخــه
الوطني والسياســي أي مثلبة او شــائبة تشــكك بذمته املالية وبنزاهته واســتقامته وحرصه
علــى خدمــة وطنــه وترســيخ وحدتهــا وبنــاء دولتهــا الوطنيــة بالقــدر الــذي لــم يعــرف عنــه
أيــة انحيــازات حزبيــة حــادة مــع أو ضــد أي طــرف سياســي بعينــه وان كان معارضـاً صلبـاً
للفســاد واالســتبداد ونصيــراً صلبـاً للوحــدة واالســتقالل الوطنــي.
*ومــع ان اختيــار شــخص فيصــل ســعيد بــن شــمالن كان مقترحــا مقدمــا مــن قبــل أحــد
قيــادات التجمــع اليمنــي لإلصــاح باعتبــاره أحــد املقربــن مــن اإلصــاح كمــا أشــيع
حينهــا إال أن االتفــاق عليــه كان ميثــل نقطــة االشــتراك الكبــرى بــن كل االحــزاب والفئــات
االجتماعيــة والسياســية اليمنيــة املناهضــة لنظــام صالــح حينهــا وال اعتقــد أن شــخصا
آخــر غيــر بــن شــمالن كان لــه ذاكــرة يف العمــل املشــترك مــع االشــتراكي وقريــب مــن
االصــاح ميكــن االتفــاق عليــه كمــا حــدث مــع بــن شــمالن .
وهــذا مــا يفســر وقــوف كتلــة شــعبية كبيــرة الــى جانبــه يف كل أنحــاء اليمن العتقــاد اليمنيني
أو قطــاع واســع منهــم أن بــن شــمالن لــن يقبــل علــى نفســه وال علــى شــعبه ان يكــون مجــرد
مرشــح شــكلي أو ديكــوري لتمريــر فــوز الرئيــس صالــح كمــا هــو حــال مرشــحني آخريــن
نزلــوا لهــذا الغــرض يف هــذا االســتحقاق ويف اســتحقاقات انتخابيــة ســابقة.
وقــد تأكــد صحــة رهــان الشــعب علــى صالبــة موقــف بــن شــمالن حــن رفــض قبــول نتائــج
االنتخابــات كمــا رفــض تهنئــة صالــح رافضــا صفقــة قبــول املعارضــة أو بعــض أطرافهــا
بــدت بائســه وظهــر منــه مقايضــة «توقــف عــن إحصــاء اصــوات الرئاســيات مقابــل االكتفــاء
بإحصــاء نتائــج احملليــات» .
وحتــى خصومــه يف حملــة الرئيــس صالــح لــم يجــدوا مــا يقدحــوا فيــه ســوى فبركــة حكايــة
(اإلرهابــي) الــذي ظهــر يف أحــد مهرجاناتــه االنتخابيــة او قولهــم انــه متقــدم يف الســن مــع
انــه كان رغــم فــارق الســن النســبي بينــه وبــن املرشــح اآلخــر اال انــه كان يف قمــة عطائــه
وجــال اليمــن طــوالً وعرضــاً بنفســه والــى درجــة ان احملافظــات القليلــة التــي لــم يقــم
فيهــا مهرجانــا انتخابيــا كصعــدة ورميــة والبيضــاء كانــت اطــراف يف املعارضــة هــي مــن
210
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
عرقــل ذهابــه إليهــا ال هــو بــل إن ذلــك تســبب يف أول شــرخ يف عالقتــه مــع بعــض أطــراف
املعارضــة قبــل ان ينتهــي املســار االنتخابــي وهمــا علــى طــريف نقيــض مــن نتائــج االنتخابــات
نفســها .
*ولهــذه األســباب ومــع املرشــح املســتقل املدعــوم مــن أحــزاب املعارضــة وجــد اليمنيــون
أنفســهم وألول مــرة يتحدثــون بوضــوح عــن حقهــم يف املنافســة علــى املركــز األول يف
الســلطة وكســر كل حواجــز اخلــوف مــن رأس النظــام مــن ناحيــة وألول مــرة أيضــا بــدأ
اجلســد الوطنــي يتعافــى شــيئا فشــيئا مــن الدمامــل واجلــروح التــي خلفتهــا حــرب صيــف
94م .
حيــث خرجــت اجلماهيــر إلــى جانــب بــن شــمالن والــى جانــب صالــح أيضــا يف احملافظــات
اجلنوبيــة والشــمالية بــذات الزخــم التفاعلــي واجلديــة يف دعــم كل خيــار سياســي خليــاره
الرئاســي بعيــدا عــن اإلنحيــازات الشــطرية وهــو مــا لــم يحــدث تقريب ـاً منــذ االســتفتاء
علــى دســتور دولــة الوحــدة 1991م .
*وأخيــرا هــو يف ارتفــاع نســبة الوعــي السياســي وبأهميــة العمليــة االنتخابيــة يف التغييــر
مقابــل ارتفــاع نســبة الســخط وعــدم الرضــا جتــاه األوضــاع القائمــة يف عهــد الرئيــس
صالــح واملؤمتــر الشــعبي العــام.
211
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
* كل هــذه العوامــل والتــي أشــرت إليهــا يف مقــال نشــر يف حينــه ويعــاد نشــره يف هــذا
الكتــاب وجــاء فيــه (ســتمثل هــذه االنتخابــات محطــة فارقــة يف تاريــخ الدميقراطيــة اليمنيــة
والتبــادل الســلمي للســلطة وذلــك مــن خــال خلــق وعــي جديــد لــدى الــرأي العــام ,يف
أن الدميقراطيــة واالنتخابــات هــي طريــق التغييــر واإلصــاح مــن ناحيــة وأن االحتفــاظ
بالســلطة عــن طريــق القــوة وآليــات اجليــش واألمــن لــم يعــد لهــا مــكان بعــد اليــوم .
* كمــا (ستســهم املعارضــة مــع مرشــحها فيصــل بــن شــمالن يف تعزيــز الهويــة الوطنيــة
ومتتــن الوحــدة الداخليــة ومــداواة جروحهــا الغائــرة عبــر إشــعار كل مينــي بغــض النظــر
عــن منطقتــه أو عشــيرته بــان الدولــة اليمنيــة ملــك جلميــع اليمنيــن وأن الوصــول إلــى
أعلــى مناصبهــا حــق أصيــل مــن حقــوق املواطنــة وليــس حكــراً علــى شــخص بعينــة أو
منطقتــه أو شــطر بعينــه,
وهــو مــا يعنــي تكريــس الهويــة الوطنيــة لليمنيــن والتقليــل مــن مشــاعر الغــن والتهميــش
التــي تعتــري شــرائح ومناطــق واســعة مــن ابنــاء ومحافظــات اليمــن)
* وقــد ســارت األمــور بهــذا االجتــاه فعــا حتــى االســبوع األخيــر مــن احلملــة االنتخابيــة
ملرشــح املعارضــة بعدهــا تغيــر املشــهد كليــا بســبب تغيــر موقــف بعــض األنظمــة اخلليجيــة
واإلقليميــة ومــن ثــم موقــف املشــترك أو باألصــح طــرف أساســي فيــه وهــو االصــاح.
*غيــر انــه وبقــدر مــا خلقــت تلــك املهرجانــات احلاشــدة للمرشــحني مــن آمــال لــدى الشــعب
اليمنــي يف إمكانيــة اخلــروج مــن مــأزق الصــراع الدمــوي علــى الســلطة بقــدر مــا أثــار
ذلــك القــوى الرجعيــة يف الداخــل واخلــارج واالنظمــة االســتبدادية يف اجلــوار ودفعهــا
للتدخــل املباشــر يف حــرف الســباق الرئاســي عــن مســاره وبالتالــي يف حــرف مســار التاريــخ
السياســي اليمنــي كمــا عملــت كثيــراً وجنحــت لألســف .
* ويف البدايــة لــم تكــن الســعودية وال بقيــة دول اجلــوار الرجعــي وال حتــى مصــر وليبيــا
مهتمــة بالســباق الرئاســي يف اليمــن ظنـاً منهــا أنــه جــزء مــن اســتحقاقات شــكلية ســبقته
212
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
غيرهــا ولــم تــودِ إال إلــى تكريــس النظــام القائــم يف اليمــن متامـاً كمــا هــي االســتحقاقات
االنتخابيــة يف مصــر وغيرهــا يف عهــد مبــارك والتــي لــم تكــن تثيــر أي اهتمــام ســعودي أو
عربــي وإلــى درجــة أن الســعودية يف بدايــة األمــر لــم تفــرض علــى رجلهــا األول يف اليمــن
وهــو الشــيخ عبــداهلل بــن حســن االحمــر رئيــس مجلــس النــواب أي موقــف حــازم إلــى
جانــب الرئيــس صالــح ال بالنســبة لــه وال بالنســبة ألوالده (حميــد وحســن) وال بالنســبة
للحــزب الــذي يرأســه وهــو التجمــع اليمنــي لإلصــاح.
*لكــن -واه مــن لكــن -ومــا ان بــدأت احلملــة االنتخابيــة يف صنعــاء وأظهــرت وســائل
اإلعــام حشــودا هائلــة مــن اجلماهيــر يؤيــدون حملــة مرشــح املعارضــة بــن شــمالن يف
العاصمــة صنعــاء ثــم يف مهرجانــه االنتخابــي بعمــران معقــل قبيلة حاشــد ونفوذ آل االحمر
حتــى انتــاب القلــق نظــام صالــح والنظــام الســعودي الــذي كان يتلقــى تقاريــر خطيــرة تشــير
الــى إمكانيــة ســقوط صالــح يف حالــة ســارت االنتخابــات كمــا كانــت يف بدايتهــا وهــو مــا قــد
ميثــل خطــراً مباشــراً علــى الســعودية ليــس ألنهــا تؤيــد صالــح أو تخــاف مــن بــن شــمالن إن
فــاز بــل مــن طريقــة وصولــه إلــى الرئاســة عبــر صناديــق االقتــراع ال عــن طريــق املشــاورات
معهــا كــم تعــودت منــذ اغتيالهــا للرئيــس احلمــدي وحتــى مــن قبلــه.
لقــد أثــارت احلملــة االنتخابيــة يف الســباق الرئاســي اليمنــي أنظمــة اســتبدادية عربيــة
أخــرى كمصــر مبــارك وليبيــا القــذايف وعلــى تناقضهمــا إال أن اجلميــع اندفــع مســارعا إلــى
دعــم صالــح مببالــغ ماليــة لتمويــل حملتــه االنتخابيــة قيــل أنــه حصــل عليهــا مــن الســعودية
وليبيــا ورمبــا مــن اإلمــارات ايضــا وبتقــدمي مصــر مستشــارين أمنيــن ومتخصصــن يف
االنتخابــات وكيفيــة إخراجهــا للــرأي العــام .
* -غيــر أن األخطــر واألكثــر تأثيــراً علــى نتائــج االنتخابــات هــو أن الســعودية لــم تكتــف
بالدعــم املالــي بــل ســارعت إلــى ممارســة ضغــوط هائلــة علــى الشــيخ عبــداهلل بــن حســن
االحمــر وجماعــة اإلخــوان املســلمني التــي يــرأس حزبهــا (االصــاح )الشــيخ عبــداهلل بــن
213
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
حســن االحمــر بضــرورة التخلــي عــن دعــم مرشــح املعارضــة وهــذا هــو مــا أثــر يف نتائــج
االنتخابــات ســلباً قبــل بــدء مرحلــة االقتــراع والفــرز وإعــان النتائــج.
لقــد ظهــر الشــيخ عبــد اهلل بــن حســن األحمــر يف منتصــف احلملــة االنتخابيــة وهــو يقــف
مــن مــكان إقامتــه يف الريــاض بقــوة إلــى جانــب صالــح ويعــرض مبوقــف حزبــه وبــدالً مــن
ظهــوره مبظهــر احليــاد بحجــة انــه يف املستشــفى انحــاز وبقــوة ضــد بــن شــمالن ودعــم
ترشــيح صالــح وحينهــا صــرح ضــد موقــف أبنائــه وبالــذات الشــيخ حميــد األحمــر الــذي
بــدا وكأنــه يقــود حملــة بــن شــمالن مــن موقعــه يف املعارضــة كقيــادي يف حــزب االصــاح
وتلــك كانــت أول املؤشــرات علــى إمكانيــة تغييــر موقــف التجمــع اليمنــي لإلصــاح أحــد
أهــم رمــوز املشــترك وأول مــن طلــب مــن بــن شــمالن قبــول الترشــح باســم املعارضــة مــا
تســبب لــه إحــراج هائــل.
ومــع أن اإلصــاح ظــل يدعــم ظاهريــاً حملــة بــن شــمالن إال أن فتــوراً يف مواقفــه قــد
ظهــر قبــل اســبوع مــن انتهــاء احلملــة االنتخابيــة حيــث بــدا يعرقــل اســتكمال بــن شــمالن
مهرجاناتــه االنتخابيــة يف عــدد مــن احملافظــات التــي لــم يكــن قــد زارهــا.
وعلــى ســبيل املثــال وبعــد أن أعلــن بــن شــمالن بنفســه رغبتــه يف حضــور مهرجــان لــه يف
صعــدة وكان قــد أرســل وفــداً لزيارتهــا وترتيــب مهرجــان كبيــر فيهــا اال انــه فوجــئ بإلغــاء
املهرجــان مــن قبــل قيــادة حملتــه االنتخابيــة متعللــة بعــدم توفــر االمــن حلياتــه وقــد تســاءل
النــاس حينهــا كيــف يأمــن صالــح وهــو مــن يخــوض حربـاً يف صعــدة علــى عقــد مهرجانــه
فيهــا وبــن شــمالن ال يامــن وهــو يقــف إلــى جانــب دعــاة وقــف احلــرب متضامنــاً مــع
ضحاياهــا وهكــذا يف مهرجانــات البيضــاء ورميــة حيــث حــرم بــن شــمالن ألســباب ودوافــع
بــدت واهيــة مــن اســتكمال حملتــه االنتخابيــة فيهــا .
214
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
*علــى ان مــا أكــد تلــك الشــكوك بوجــود ضغــوط هائلــة علــى قيــادة اإلصــاح وممــول
احلملــة االنتخابيــة حميــد األحمــر هــي أن احلضــور الباهــت واملخيــب لآلمــال يف مهرجــان
بــن شــمالن اخلتامــي يف العاصمــة صنعــاء حيــث الثقــل السياســي واالنتخابــي األكبــر
للمعارضــة وبــدالً مــن أن يكــون هــو اكبــر واكثــر املهرجانــات حشــداً مــن قبــل املعارضــة ويف
مقدمتهــم اإلصــاح لوحــظ انــه كان أضعــف مهرجاناتــه االنتخابيــة علــى االطــاق وتبــن
ان عــدم توفيــر وســائل نقــل مــن قبــل املعارضــة لنقــل اجلماهيــر إلــى االســتاد الرياضــي
باجلــراف شــمال العاصمــة كمــا حــدث يف مهرجانــه االفتتاحــي يف نفــس املــكان هــو الســبب
املباشــر لهــذا التراجــع الشــعبي املقصــود .
الضغــوط الســعودية ونتائجهــا الســلبية علــى موقــف اإلصــاح ومــن ثــم املشــترك ظهــرت
أكثــر يــوم فــرز أصــوات املرشــحني يف صناديــق االقتــراع ،وبعــد ان كان موقــع الصحــوة نــت
وهــو املوقــع اإلخبــاري الرســمي لإلصــاح ينقــل نتائــج الفــرز مــن مندوبــي املعارضــة يف كل
ا توقــف ليتبــن أنمراكــز الفــرز يف احملافظــات تلقــى توجيهــات بوقــف تلــك األخبــار وفعـ ً
جميــع مندوبــي املعارضــة وحتديــداً مندوبــوا اإلصــاح قــد توقفــوا عــن فــرز أصــوات بــن
شــمالن واالنشــغال بــدال عنهــا بفــرز أصــوات مرشــحيها يف احملليــات ليظهــر األمــر وكان
الصفقــة التــي لــم يعلــن عنهــا هــي التخلــي عــن بــن شــمالن مقابــل احملليــات.
* لقــد أثــر موقــف املعارضــة هــذا علــى عالقتهــا مبرشــحها بــن شــمالن وبعالقتهــا
بجمهورهــا وجماهيــر الشــعب عمومــاً وفيمــا ســارعت الســلطة وعــن طريــق جلنــة
االنتخابــات إلــى إعــان نتائــج االنتخابــات رســميا معلنــة فــوز صالــح بقرابــة ال %72
مقابــل قرابــة %27ملرشــح املعارضــة لــم تعلــن املعارضــة أي معلومــات أو بيانــات مــن واقــع
فرزهــا لألصــوات يف املراكــز االنتخابيــة مكتفيــة بالتشــكيك بصحــة األرقــام التــي تعلنهــا
جلنــة االنتخابــات دون أي دليــل يخالفهــا رافضــة حتــى تقــدمي طعــون باملخالفــات فيمــا
يخــص االنتخابــات الرئاســية حتديــداً.
ولــم يكــن أحــد يتوقــع فــوز بــن شــمالن رغــم مــا ظهــر مــن شــعبية كاســحة لــه ولكــن النســبة
احملــدودة التــي أعلــن أنــه خســر بهــا %27لــم تكــن صحيحــة وكان أقــل املتفائلــن مينحــه
نســبة %45علــى األقــل مــن االصــوات .
215
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
ولكــن هــذا بالــذات هــو مــا فرطــت بــه املعارضــة وظهــرت وبعــد تهديــدات فارغــة عــن
امكانيــة االحتجــاج علــى مــا تعلنــه الســلطة مــن نتائــج أعلنــت املعارضــة قبولهــا رســمياً بفــوز
صالــح وســقوط بــن شــمالن وتهنئــة الرئيــس صالــح بالفــوز وهــو مــا لــم يقــم بــه بــن شــمالن
وســجل عنــه غضبـاً كبيــراً جتــاه موقــف املعارضــة ومواقــف اإلصــاح حتديــداً.
ال خارجياً.
ونتائج االنتخابات تتفجر حراكاً يف اجلنوب وحرباً يف الشمال وإرهاباً وتدخ ً
*لــم يقتصــر موقــف املعارضــة الســلبي علــى إهمــال أصــوات مرشــحها الرئاســي وخــروج
بــن شــمالن عنهــا مغاضبـاً بــل انهــا وبعــد كل ذلــك احلــراك الشــعبي الواســع الــذي خلقتــه
احلمــات االنتخابيــة يف وعــي النــاس عــادت إلــى الســير يف سياســاتها املأزومــة بعيــداً عــن
الشــارع وكأنــه لــم يحــدث شــيء.
واملعنــى أن أحــزاب املشــترك وبســبب تعــارض اجنــدات اطرافهــا لــم تســر يف معارضتهــا
للنظــام بنــاء علــى مــا أفرزتــه حالــة الوعــي العميــق والواســع يف أوســاط النــاس ويف كســر
حاجــز اخلــوف مــن انتقــاد صالــح وكان ميكــن لهــا أن تبنــي عليــه وتســتفيد منــه يف تصعيــد
معارضتهــا الشــعبية بنــاء علــى كتلتهــا االنتخابيــة التــي بــدت كبيــرة يف مهرجانــات بــن
شــمالن ولكــن هــذا لــم يحــدث وعلــى خــاف ذلــك فرطــت بهــذا الوعــي الشــعبي وتركتــه
ميضــي وحيــدا يف اخلــروج معارضــاً لصالــح وللمعارضــة وللدولــة والعمليــة السياســية
برمتهــا بعــد أن كســر النــاس كل قيــود اخلــوف مــن الســلطة ورأســها يف ذلــك االســتحقاق
الكبيــر.
وعندمــا توقفــت املعارضــة يف مكانهــا وظلــت تلــوك أزمتهــا مــع النظــام ولــم تقــدم كتلتهــا
الشــعبية التــي خلقتهــا االنتخابــات الــى الثــورة أو إلــى اختــراق األزمــة باجتــاه احلــوار
216
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
اجلــدي كان مــن الطبيعــي أن أطــراف أخــرى غيــر املعارضــة وخــارج العمليــة السياســية
هــي التــي ستســتفيد مــن كســر حاجــز اخلــوف مــن رأس النظــام .وهــو مــا أفــرز حــراكاً
جنوبي ـاً واســعاً تفجــر بعــد االنتخابــات الرئاســية بأقــل مــن عــام أي منتصــف 2007م يف
أول مســيرات مــا عــرف باملتقاعديــن العســكريني يف الضالــع ومــن ثــم ردفــان لتتصاعــد
االحتجاجــات التــي كانــت تطالــب عبــر الصحافــة واالنشــطة احلزبيــة لالشــتراكي بتســوية
آثــار حــرب صيــف 1994م وتصحيــح مســار الوحــدة إلــى اخلــروج مــن رحــم كل ذلــك
للمطالبــة باالنفصــال صراحــة ودون مواربــة مقابــل تفجــر حــروب صعــدة يف حربهــا
السادســة والتــي كانــت أوســع وأشــرس احلــروب وفيهــا شــاركت الســعودية وانتهــت بكســر
هيبــة اجليــش وانتشــار مــا عــرف الحق ـاً بحركــة انصــار اهلل إلــى محافظــات أخــرى يف
الشــمال وجنبــا إلــى جنــب حركــة االحتجاجــات يف اجلنــوب وتواصــل حــروب صعــدة يف
الشــمال كانــت ظاهــرة اإلرهــاب والتنظيمــات الســلفية اجلهاديــة تــزداد عنفــاً وتوســعاً
ووصلــت إلــى درجــة ســيطرتها علــى محافظــات جنوبيــة بكاملهــا كأبــن وشــبوة بعد إســقاط
معســكراتها وتدميــر وحــدات اجلبــش فيهــا بــل وضــرب وجنحــت بعملياتهــا االنتحاريــة يف
ا عــنتصفيــة واغتيــال الضابــط واجلنــود يف العاصمــة صنعــاء ويف عــدن واملــكال فض ـ ً
إســقاط عديــد مــن املعســكرات والثكنــات وذبــح مئــات األســرى مــن اجلنــود يف احملافظــات
اجلنوبيــة ومــارب وغيرهــا.
وهكــذا خرجــت املعارضــة احلزبيــة والعمليــة السياســية واالنتخابيــة التــي أثــارت ذلــك
احلراك الشــعبي الواســع يف االنتخابات الرئاســية بدون فائدة وعادت الســلطة واملعارضة
الــى نقطــة الصفــر يف األزمــة اليمنيــة لتكــون االنتخابــات الرئاســية التــي خلقــت حــراكاً
واســعاً وآمــاالً واســعة وكادت أن تخلــق تغييــراً جديـاً هــي ذاتهــا آخــر اســتحقاق انتخابــي يف
تأريــخ اجلمهوريــة قبــل أن تنفجــر الثــورة وتنهــار الدولــة ويحــدث التدخــل اخلارجــي بعــد
خمــس ســنوات فقــط مــن آخــر اســتحقاق انتخابــي مينــي .
لقــد لعبــت أطــراف العمليــة السياســية يف الســلطة واملعارضــة جنبـاً الــى جنــب التدخــات
الســعودية والــدول األقليميــة الــدور االساســي يف اجهــاض أنتخابــات 2006م التنافســية
ويف اجهــاض الدميقراطيــة اليمنيــة والعمليــة السياســية عمومـاً منــذ حــرب ابريــل 1994م
وحتــى آخــر انتخابــات رئاســية 2006م .
217
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
بالنســبة لــي كناشــط سياســي يف احلــزب االشــتراكي اليمنــي وأحــزاب اللقــاء املشــترك
حينهــا وككاتــب وصحفــي أيضــا فقــد كنــت يف انتخابــات 2006م الرئاســية احــد االعضــاء
الفاعلــن يف قيــادة املشــترك وأحــد أعضــاء احلملــة االنتخابيــة لألســتاذ فيصــل بــن
شــمالن .وقــد كتبــت عــدداً مــن املقــاالت وقدمــت عــدداً مــن الــرؤى واملقترحــات الــى الــرأي
العــام والــى قيــادات املعارضــة أوال ثــم إلــى املرشــح املســتقل فيصــل بــن شــمالن باعتبــاري
أحــد أعضــاء ماعــرف باملطبــخ السياســي ملرشــح املعارضــة أثنــاء احلملــة االنتخابيــة والــذي
شــكل مــن عــدد مــن قيــادات األحــزاب الوســطية بينهــم محمــد املقالــح وعلــي الصــراري
(االشــتراكي) و عبــده محمــد ســالم وآخريــن (االصــاح) ومحمــد الصبــري عــن التنظيــم
الناصــري وآخريــن.
ويف هــذا الفصــل اخلامــس مــن كتــاب أزمــة الدميقراطيــة اإلجرائيــة اليمنيــة أعيــد نشــر
بعــض تلــك املقــاالت واالوراق التــي كتبتهــا يف املوضــوع نفســه ولعلهــا تســهم يف التوثيــق
لتلــك املرحلــة ويف تفســير كيــف بــدأت االنتخابــات جيــدة وانتهــت كارثيــة كعادتنــا نحــن
اليمنيــون مــع كثيــر مــن القضايــا الوطنيــة واملصيريــة وكحــال كل األوضــاع السياســية
واحلزبيــة بســبب أزمــة األحــزاب وهزائــم قياداتهــا مــن ناحيــة وبســبب طبيعــة النظــام
الفــردي التســلطي مــن ناحيــة ثانيــة وبســبب نشــأة جماعــة األخــوان املســلمني ودور حزبهــا
(التجمــع اليمنــي لإلصــاح ) يف تعفــن السياســة وتخريــب العمليــة السياســية وجرهــا الــى
االســتحواذ والعنــف مــن ناحيــة ثالثــة ثــم يف وصولنــا ومعنــا االخــوان أنفســهم والبــاد بكلهــا
إلــى هــذا احلــال مــن احلــروب والتدخــات األجنبيــة ومــوت السياســة وبــروز املليشــيات
ا للعمليــة السياســية بــل وللدولــة الوطنيــة نفســها . واجلماعــات املتطرفــة بدي ـ ً
ومــع أن اليمــن كانــت اخلاســر األكبــر مــن اجهــاض النظــام الدميقرطــي التشــاركي لدولــة
الوحــدة اال ان مــن ســعى إلجهاضــه ممثــا بالرئيــس صالــح واإلصــاح واألحــزاب عمومـاً
كانــوا يف مقدمــة اخلاســرين فيمــا بعــد وفيمــا وصلــت إليــه البــاد اليــوم خالفـاً ملــا كانــوا
يخططــون لــه ويتآمــرون عليــه مــن ناحيــة وخالفــا ملــا كان مفترض ـاً أو متوقع ـاً مــن تلــك
االســتحقاقات االنتخابيــة مــن ترســيخ للوحــدة ولدولتهــا ولنظامهــا الدميقراطــي مــن ناحيــة
أخــرى .
218
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
* ويف هــذا الفصــل مــن الكتــاب أعيــد نشــر عــدد مــن املقــاالت والتصريحــات واملواقــف
التــي واكبــت العمليــة االنتخابيــة والســباق الرئاســي بــن الرئيــس صالــح ومرشــح املعارضــة
األســتاذ فيصــل بــن شــمالن يف انتخابــات 22ســبتمبر 2006م كشــهادة علــى تلــك املرحلــة
مــن قبــل كاتــب وسياســي عــاش املرحلــة وانغمــس يف كثيــر مــن فصولهــا وشــارك مــع آخريــن
يف أحالمهــا ويف اجنــازات بعضهــا ويف اخفاقــات بعضهــا اآلخــر لكنــه حــذر مــن انحرافهــا
وتضــرر كغيــره مــن اليمنيــن مــن إجهــاض مشــروعها الوطنــي.
وقــد أعــدت ترتيــب تلــك املقــاالت والــرؤى مبوبــة علــى اســاس تاريــخ نشــرها يف الصحــف
مــا أمكــن الــى ذلــك ســبيال( ((6وبــدون أي تعديــل او زيــادة او نقــص علــى مــا مت نشــره يف
حينــه وعلــى أن تقســم هنــا إلــى ثالثــة أقســام .
القســم األول مقــاالت واوراق نشــرت او طرحــت قبــل أشــهر مــن اجــراء االنتخابات والقســم
الثانــي مقــاالت واوراق نشــرت او طرحــت بعــد اختيــار املرشــحني واثنــاء احلملــة االنتخابيــة
واخيــرا مقــاالت وحتليــات نشــرت بعــد إجــراء االقتــراع واعــان النتيجــة رســمياً وبعــد
اجهــاض النتائــج االنتخابيــة سياســياً ووطنيـاً عمومـاً واهلل مــن وراء القصــد.
( )64عــدد قليــل مــن املقــاالت املنشــورة هنــا لــم اجــد الصحــف التــي نشــرتها ألكتــب رقــم العــدد والتاريــخ ولذلــك اعتمــدت
علــى اعــادة نشــرها يف هــذا الكتــاب كمــا هــي يف ارشــيفي قبــل ارســالها الــى الصحــف ولكــن مــن لديــه ارشــيف لصحــف( النــداء
والثــوري والشــورى واالمــة والوحــدوي وغيرهــا مــن الصحــف التــي كنــت انشــر فيهــا يف ذلــك التاريــخ ســيجد نــص هــذه املقــاالت
موثقــة بتاريــخ نشــرها
219
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
220
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
()1
مــن الواضــح حتــى اآلن ،ومــن مواقفهــا وتصريحــات قادتهــا ،أن أحــزاب املعارضــة يف اللقــاء
املشــترك ترفــض رفضــاً قاطعــاً أن تتنــازل عــن مطالبهــا املشــروعة يف ضــرورة توفيــر
ضمانــات النزاهــة والشــفافية لالنتخابــات الرئاســية القادمــة ســبتمبر 2006م. .
وســيكون مــن ســوء الفهــم والغبــاء الفاحــش الــذي قــد يــؤدي بصاحبــه إلــى الهاويــة،
إذا مــا اعتقــد البعــض ولــو للحظــة واحــدة أن املعارضــة ميكــن أن تشــارك يف تزييــف
االنتخابــات الرئاســية ،عبــر (اللجنــة العليــا لالنتخابــات) التــي يصعــب القبــول بشــرعيتها
ال بســبب مــا ارتكبتــه واعترفــت بارتكابــه مــن جرائــم انتخابيــة كبــرى تكفــي الواحــدة منهــا
إلســقاط شــرعية نظــام سياســي بكاملــه وليــس فقــط لعــدم شــرعية (جلنــة عليــا) يعتــرف
احــد أعضاءهــا صراحــة أنهــا أقدمــت ومــع ســبق اإلصــرار والترصــد علــى تغييــر نتائــج
االنتخابــات الصحيحــة يف أكثــر مــن دائــرة انتخابيــة ويف حتويــل مرشــحني بنتائجهــم غيــر
(((6
الصحيحــة إلــى دوائــر غيرهــم ،ومــن ثــم إحاللهــم يف مقاعــد برملانيــة ليســت لهــم
ولكــن أيضــا بســبب طبيعــة تركيبتهــا وعــدم التــوازن يف عضويتهــا ويف إصــرار احلــزب
احلاكــم علــى أن يكــون لــه فيهــا األغلبيــة الكاســحة ( )5-2حتــى (يضمــن نتائــج االنتخابــات
القادمــة لصالــح مرشــح املؤمتــر!!) وهــو مــا قالــه صراحــة وضمن ـاً أكثــر مــن مســئول يف
هــذا احلــزب العريــق والضامــن دوم ـاً لألغلبيــة الكاســحة!! .
( )65صــرح بذلــك عضــو اللجنــة العليــا حينهــا االســتاذ محمــد حســن دمــاج (اصــاح) وكان قــد حــدث بالفعــل ان نزلــت اللجنــة
الشــيخ حســن االحمــر مرشــحا يف احــدى دوائــر مدينــة عمــران بــدال مــن اخيــه صــادق الــذي طلــب منــه ان يترشــح يف دائــرة اخــرى
يف نطــاق محافظــة عمــران وذلــك تفاديــا خلــاف نشــب بــن احملافــظ والشــيخ صــادق بعــد اعتــداء االخيــر عليــه قــرر احملافــظ
االســتقالة وإلرضائــه نقــل املرشــح صــادق الــى دائــرة اخــرى وجــيء بأخيــه بــدال عنــه قبــل ســاعات مــن بــدء االقتــراع خالفــا لــكل
قوانــن االرض والســماء ولــم تثــر املعارضــة او باألصــح لــم تتوقــف امــام تلــك اخلروقــات التــي تبطــل نتائــج االنتخابــات متامــا وقــد
كتبــت حينهــا مقــاال طويــا حتــت عنــوان (انــي اتهــم) اعتبــرت جتاهــل املعارضــة فضيحــة سياســية ويعــاد املقــال يف الفصــل الســابع
مــن هــذا الكتــاب (وثائــق ومواقــف ذات صلــة)
221
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
حتــى اآلن ال يوجــد حــوار جــدي بــن املؤمتــر واملشــترك حــول أي قضيــة مــن قضايــا
ضمانــات (النزاهــة والشــفافية) وبالــذات حــول شــرعية (اللجنــة العليــا لالنتخابــات) ويف
ظــل إصــرار املؤمتــر الغريــب علــى شــرعية هــذه اللجنــة أو االدعــاء بصعوبــة تغييرهــا مــن
الناحيــة القانونيــة ســيكون احلــوار عبثــي وال ميكــن أن يفضــي إال إلــى تضييــع الوقــت
(((6
وتزييــف الوعــي!!
يعــرف املؤمتــر الشــعبي العــام جيــداً بــأن تغييــر اللجنــة احلاليــة ال يحتاج إلــى حكم قضائي
بــات ,أو إلــى تشــكيل (جلنــة قانونيــة مشــتركة) وغيــر دســتورية تبــت يف مــدى صحــة مــا
تدعيــه املعارضــة مــن خروقــات وجرائــم انتخابيــة ارتكبتهــا اللجنــة احلاليــة ،وعلــى خــاف
مثــل هــذه (اخلبيــرات) التــي نعرفهــا جيــدا فــان تغييــر اللجنــة وإعــادة تشــكلها مبــا يضمــن
احلياديــة واالســتقاللية ال يحتــاج ســوى إلــى توفــر اإلرادة السياســية لــدى الســلطة بأهميــة
إجــراء انتخابــات رئاســية صحيحــة وشــرعية يشــارك فيهــا ويدافــع عــن نتائجهــا اجلميــع.
وإذا مــا توفــرت هــذه اإلرادة الغائبــة أو املغيبــة حتــى اآلن فــإن تعديــل القانــون وحــده كفيــل
بنفــي وجــود هــذه اللجنــة واســتبدالها بأخــرى ومثلمــا نشــأت بقانــون يتــم نفــي وجودهــا
بقانــون أيضــا!! .
لــن تقاطــع أحــزاب املشــترك االنتخابــات الرئاســية لكنهــا لــن تشــارك يف إجراءاتهــا
املختلفــة ،ولــن تعتــرف بنتائجهــا إذا لــم تتوفــر الضمانــات الكافيــة لنزاهتهــا ،وهــذا مــا
يجــب أن يتوقــف أمامــه بإمعــان كل مــن يهمــه شــأن االســتحقاق القــادم ،وليــس لــه أن
يغالــط نفســه باألزمــات املفتعلــة أو بالصفقــات اخلائبــة ،التــي ال تــؤدي إال إلــى تعميــق
األزمــة والتهيئــة لالنفجــار الشــعبي الكبيــر!! .
السياســة صفقــات نعــم ولكنهــا مدمــرة يف حالــة جتاهلهــا لــإرادة الشــعبية ،وهــو أمــر لــن
تفــرط بــه املعارضــة حتــى ال تخســر شــعبها ونفســها أيضــا ،واملقصــود هنــا هــو أن املعارضــة
ميكــن أن تقبــل بصفقــة تاريخيــة تصلــح النظــام السياســي واالنتخابــي وتعيــد لــإرادة
( )66قبــل الرئيــس الراحــل علــى عبــد اهلل صالــح بعــد رفــض طويــل بتعديــل قوائــم جلنــة االنتخابــات بإضافــة عضــو مــن
االشــتراكي واخــر مــن حــزب ناصــري مــوال الــى عضويتهــا ليكــون واقــع تشــكيلها واحــد مســتقل وثالثــة مؤمتــر واثنــان معارضــة
(اصــاح واشــتراكي)
222
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
الشــعبية اعتبارهــا بــل وجتعــل مــن هــذه اإلرادة الشــعبية جــزءاً رئيســياً مــن الصفقــة
وأساس ـاً إلبرامهــا ،وهــذا لــن يتحقــق إلــى بقبــول مبــدأ الشــراكة الوطنيــة واإلصالحــات
الشــاملة للنظــام السياســي اليمنــي!!.
ويف هــذا الســياق فــإن احلديــث املســرب حــول نيــة الســلطة إلجــراء تعديــات دســتورية
منتقــاة خطيــر بقــدر مــا يعبــر عــن اســتهتار البعــض بالدســتور وتعديالتــه التــي تهــم كل
املواطنــن اليمنيــن وكل األطــراف السياســة اليمنيــة ،وال يجــوز لطــرف مبفــرده أن يتحــدث
عــن الدســتور والعبــث بــه بتلــك اخلفــة والالمســوؤلية التــي نقرأهــا يف الصحــف واملواقــع
االلكترونيــة املقربــة مــن صاحــب القــرار!!.
لســنا ضــد التعديــات مــن حيــث املبــدأ ولكننــا نرفــض أن يتــم ســلقها وانتقائهــا مفصلــة
ألغــراض شــخصية وانتخابيــة فجــة ،وإذا كان البــد مــن تعديــات ,فلتكــن باجتــاه إصــاح
النظــام السياســي وعلــى قاعــدة وثيقــة اإلصــاح الوطنــي التــي تتبناهــا أحــزاب املشــترك
وقطاعــات واســعة مــن مؤسســات املجتمــع املدنــي.
*رشيدة القيلي
عشــرات اآلالف أن لــم يكــن أكثــر بكثيــر مــن املشــاهدين العــرب واليمنيــن تابعــوا مســاء
الســبت املاضــي باهتمــام كبيــر وقائــع احلوار السياســي الذي أجرته قنــاة العربية الفضائية
مــع مرشــحة الرئاســة اليمنيــة املســتقلة األســتاذة رشــيدة القيلــي ,والتــي اســتطاعت بــذكاء
ومــن خــال مــا أثبتتــه مــن جهوزيــة معرفيــة وحنكــة سياســية أن تقــدم للمشــاهد العربــي
واخلليجــي حتديــداً صــورة جميلــة ومختلفــة عــن تلــك الصــور النمطيــة البائســة التــي
يختزلهــا العقــل العربــي عــن اليمــن عمومــا واملــرأة اليمنيــة خصوصـاً.
223
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
()2
ثمــة ثــاث حقائــق كبيــرة يف خطــاب املعارضــة جتــاه العمليــة االنتخابيــة يفتــرض أن تكــون
الســلطة قــد قــرأت دالالتهــا وأبعادهــا السياســية جيــداً ،وحتــى نســهل عليهــا مهمــة القــراءة
التــي ال جتيدهــا نعيــد تلخيــص تلــك احلقائــق الواضحــة علــى النحــو التالــي-:
احلقيقة األولى:
هــي أن أحــزاب اللقــاء املشــترك لــن تشــارك يف العمليــة االنتخابيــة وال يف إجراءاتهــا
املختلفــة كمــا أنهــا لــن تعتــرف بنتائجهــا طاملــا أصــرت الســلطة علــى بقــاء اللجنــة العليــا
لالنتخابــات احلاليــة كمــا هــي بــدون تغييــر أو تعديــل كبيــر يضمــن توازنها ومن ثــم حياديتها
واســتقاللها ،وينطلــق هــذا املوقــف جتــاه اإلدارة احلاليــة لالنتخابــات مــن ســببني اثنــن-:
األول :هــو أن شــرعيتها الدســتورية واألخالقيــة لــم تعــد قائمــة وأصبحــت يف نظر املعارضة
يف حكــم العــدم بعــد أن اعترفــت اللجنــة نفســها وعلــى لســان كبــار مســئوليها أنهــا قامــت
بارتــكاب جرائــم تزويــر فاضحــة أدت إلــى تغييــر نتائــج االنتخابــات لصالــح احلــزب احلاكــم
يف أكثــر مــن دائــرة انتخابيــة وســواء كان ذلــك يف االنتخابــات البرملانيــة لعــام 2003م أو يف
االنتخابــات التكميليــة لعامــي 2005م و 2006م هــذا مــن جهــة.
ومــن جهــة ثانيــة بعــد أن ثبــت ومبــا ال يــدع مجــاال للشــك أن هــذه (اللجنــة) وبســبب طبيعــة
تركيبتهــا وعــدم التــوازن يف عضويتهــا هــي يف احلقيقــة جــزء مــن الســلطة التنفيذيــة وأداة
مــن أدوات احلــزب احلاكــم واحــد ضماناتــه للتحكــم بالعمليــة االنتخابيــة وتغييــر نتائجهــا
لصاحله.
224
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
ثــم ألنهــا وعبــر إجراءاتهــا األخيــرة تخالــف الدســتور والقانــون كل يــوم بل وتخالــف قراراتها
بخصــوص تشــكيل اللجــان مــن طالبــي التوظيــف حيــث ثبــت أن قــرار تشــكيل اللجــان مــن
طالبــي التوظيــف لــم يكــن ســوى كذبــة كبــرى اخترعهــا احلــزب احلاكــم ثــم صدقهــا ويريــد
مــن بقيــة األطــراف السياســية تصديقهــا أو مباركتــه عليهــا!!
أمــا الســبب الثانــي فيعــود إلــى أن أحــزاب املعارضــة ســبق وان أعلنت ألنصارهــا وجلماهير
الــرأي العــام أنهــا لــن تشــارك يف عمليــة التزويــر االنتخابــي القائــم علــى قــدم وســاق وأن
أول خطــوة لضمــان نزاهــة وشــفافية هــذه االنتخابــات تبــدأ مــن تغييــر اللجنــة احلاليــة،
وعلــى أســاس هــذا اإلعــان كســبت املعارضــة ثقــة الناخبــن بهــا ومبصداقيــة خطابهــا
مــن العمليــة االنتخابيــة ،وهــي تعــي جيــداً أن أي تنــازل عــن موقفهــا مــن اللجنــة احلاليــة
ســيؤدي حتمــا إلــى هــز هــذه الثقــة واملصداقيــة بــن النــاس وســتكون كمــن يقبــل بهزميتــه
األخالقيــة بــن مواطنيــه وناخبيــه.
وفقــا لهــذه العوامــل مجتمعــة فــان إصــرار الســلطة علــى بقــاء اإلدارة احلاليــة كمــا هــي
يعنــي فيمــا يعنــي ارتــكاب خطــأ تاريخــي كبيــر يتمثــل برهــن البــاد بكاملها ورهن مســتقبلها
السياســي لــدى طــرف غيــر أمــن وليــس لديــه أي شــعور باملســؤولية الوطنيــة.
احلقيقة الثانية:
هــي أن حتالــف اللقــاء املشــترك ســيبقى قائمــا ومتماســكا ولــن ينفــرط عقــده حتــى إجــراء
االنتخابــات الرئاســية وإعــان نتائجهــا بــل وحتــى حتقيــق املعارضــة برنامجهــا السياســي
املشــترك ،وبالتالــي فــان أي مراهنــة مــن قبــل الســلطة علــى تفكيــك املشــترك أو انضمــام
أحــد أطرافــه الرئيســية إليهــا قبــل موعــد االنتخابــات الرئاســية هــي يف احلقيقــة مراهنــة
خاســرة وتتنافــى مــع املنطــق والعقــل واملصلحــة،
والســبب هــو أن حتالــف اللقــاء املشــترك لــم يقــم بدافــع الرغبــة الترفيــه أو مــن بــاب
املماحــكات واالســتقواء املؤقــت علــى الســلطة بــل بســبب احلاجــة والضــرورة حيــث لــكل
حــزب مــن هــذه األحــزاب مصلحــة مباشــرة مــن وجــود (اللقــاء املشــترك) قويـاً ومتماســكاً،
225
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وحيــث يعتقــد كل حــزب مــن هــذه األحــزاب أن خطــأ اخلــروج مــن هذا التحالــف واالنضمام
إلــى حتالــف الســلطة قبــل حتقيــق أهــداف املشــترك وبرنامجــه الوطنــي يف اإلصالحــات
السياســية واالنتخابــات الشــفافة ،ســيكون اخلطــأ األخيــر والقاتــل أيضــا ،وســيكون هــذا
احلــزب قــد قــدم نفســه لقمــة صائغــة لالســتبداد والفســاد بعــد أن يفقــد مكانتــه وســمعته
الشــعبية بــن أعضائــه وأنصــاره وجماهيــر الشــعب عمومــا!!
احلقيقة الثالثة:
هــي أن اللقــاء املشــترك الــذي يضــم يف صفوفــه كل مــن اإلصــاح واالشــتراكي والناصــري
وبقيــة األطــراف األخــرى هــو يف احلقيقــة حتالــف سياســي قــوي ولــه تأثيــر ونفــوذ واســعني
يف أوســاط الشــعب وان قــوة هــذا التحالــف تأتــي مــن كونــه ميثــل ثلثــي أصــوات الناخبــن
اليمنيــن ،.
كمــا أنهــا مــن وحــدة موقفــه السياســي ،ومــن اتســاع قاعدتــه االجتماعيــة والسياســية ،ومــن
ســخط معظــم شــرائح املجتمــع مــن سياســات احلــزب احلاكــم ،وحاجتهــا إلــى التغييــر والــى
ســلطة متثلهــا فعـ ً
ا وغيــر ملوثــة بالفســاد واالســتبداد واإلرهــاب.
كمــا هــو حــال هــذه الســلطة التــي تدخــل االنتخابــات الرئاســية وقــد فقــدت اجلــزء األكبــر
واألهــم مــن حتالفاتهــا التاريخيــة التــي حفظــت لهــا ولفتــرة ليســت بالقصيــرة ،حضورهــا
وجتذرهــا ألســباب وعوامــل كثيــرة ال يســمح املجــال لذكرهــا أو التوقــف مليـاً أمامهــا!!.
وعلــى هــذا األســاس فــان مضــي ســلطة ضعيفــة مبفردهــا يف انتخابــات مــزورة ســلفاً يعنــي
اجلنــون بعينــه والذهــاب إلــى نقطــة الالعودة.
226
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
()3
القــرار الــذي اتخذتــه الســلطة مؤخــراً باســم اللجنــة العليــا لالنتخابــات والقاضــي بإقصــاء
أحــزاب املعارضــة واألحــزاب عموم ـاً عــن املشــاركة يف اللجــان االنتخابيــة قــرار مرجتــل
ولــم يكــن يف ذهــن مــن اتخــذه ســوى اســتهداف أحــزاب املعارضــة (باملماحــكات) وتذكيرهــا
بــأن الســلطة متلــك كل شــيء وبيدهــا كل الســلطات مبــا يف ذلــك الســلطة علــى اللجنــة
العليــا لالنتخابــات ومــا ميكــن أن يصــدر عنهــا مــن قــرارات وإجــراءات تتعلــق باالنتخابــات
القادمــة.
مســتندة يف دوافعهــا وأهدافهــا علــى تاريــخ طويــل مــن االســتهتار والالمبــاالة بــكل مــا لــه
عالقــة مبطالــب الداخــل اليمنــي عمومـاً وردود فعــل أحــزاب املعارضــة يف اللقــاء املشــترك
حتديــداً ودون أي حســاب ملــا جــرى ويجــري مــن حتــوالت ومتغيــرات كبيــرة هائلــة علــى
مســتوى أحــزاب املعارضــة وحتالفاتهــا ومواقفهــا السياســية والوطنيــة مــن ناحيــة.
وباختصــار شــديد فقــد انطلقــت الســلطة يف قرارهــا األخيــر جتــاه املعارضــة مــن قناعــات
تبــدو راســخة لديهــا ،مضمونهــا أن أحــزاب املعارضــة الرئيســية التــي تدعــوا إلــى إعــادة
تشــكيل اللجنــة العليــا لالنتخابــات وضــرورة تشــكيل اللجــان االنتخابيــة بصــورة متوازنــة
ليســت جــادة يف مطالبهــا بقــدر مــا حتــاول االبتــزاز وحتقيــق مصالــح ذاتيــة أو حزبيــة
ضيقــة لهــذا احلــزب أو ذاك!
وإذا مــا حققــت الســلطة هــذه املطالــب غيــر املعلنــة فــان هــذه األحــزاب ســتتخلى عــن
مطالبهــا ورؤاهــا السياســية والوطنيــة ،أو أن املعارضــة ضعيفــة وال متلــك أي قــدرة علــى
التأثيــر وبالتالــي فليــس أمامهــا ســوى القبــول بقــرار إقصائهــا(.((6
( )67كانــت املعارضــة وبالــذات االصــاح تغــري الســلطة علــى مثــل هــذا االعتقــاد ألنهــا قليـ ً
ا مــا ثبتــت علــى مواقفهــا
ملجــرد تلويــح الســلطة ببعــض الفتــات.
227
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
مــن ناحيتــي أقــول بــأن الســلطة علــى خطــأ كبيــر يف تقديرهــا حلجــم ومكانــة وتأثيــر
املعارضــة يف األحــداث ويف العمليــة االنتخابيــة خصوصـاً حيــث ميكــن ألحــزاب املعارضــة
أن تقلــب طاولــة االنتخابــات الرئاســية مبــا فيهــا يف وجــه الســلطة وجعلهــا تتخبــط حائــرة
بــا قــرار ،ويكفيهــا هنــا أن تتمســك مبوقفهــا املوحــد مــن اللجنــة العليــا لالنتخابــات
وترفــض أي حــوار مــع الســلطة قبــل أن تصحــح موقفهــا مــن هــذه القضيــة بالــذات .
وســتجد أن الســلطة ســترضخ يف نهايــة األمــر لهــذا املطلــب املشــروع واملفهــوم مــن قبــل كل
األطــراف املعنيــة إذ ال يعقــل أن الســلطة ســتمضي مبفردهــا إلجــراء انتخابــات رئاســية
حاســمة تعلــم قبــل غيرهــا أن اســتبعاد املعارضــة عنهــا وعــن إجراءاتهــا املختلفــة ســيعني
التشــكيك بشــرعية االنتخابــات ونتائجهــا يف زمــن مختلــف متام ـاً عــن ذلــك الزمــن الــذي
أجريــت فيــه انتخابــات 1999م.
ويف مثــل هــذه احلالــة لــن تتحمــل املعارضــة مســئولية عــدم مشــاركتها يف االنتخابــات
فهــي لــم تدعــو إلــى مقاطعتهــا وال إلــى عرقلــة موعدهــا بــل ســعت مبطالبهــا املشــروعة
واملفهومــة دوليـاً إلــى إجنــاح االســتحقاق وجعلــه أكثــر جديــة وأكثــر نزاهــة وشــفافية فهــل
تعــي الســلطة خطــورة قراراتهــا االرجتاليــة البائســة!!.
كان ميكــن للمعارضــة أن تتمســك مبضامــن وثيقــة اإلصــاح السياســي والوطنــي وجعلهــا
شــرطاً ملشــاركتها يف أي انتخابــات قادمــة وســيكون ذلــك مفهــوم لــدى الــرأي العــام باعتبــار
أن النظــام السياســي الــذي يفتــرض أن جتــري العمليــة االنتخابيــة يف ظلــه هــو نظــام خــارب
ويحتــاج إلــى إصــاح قبــل أي شــيء آخــر.
ولكنهــا وبدافــع الشــعور باملســؤولية طرحــت شــروطاً خاصــة بالعمليــة االنتخابيــة وحدهــا
وأهــم شــرط يف هــذا الطريــق هــو شــرط تصحيــح وضــع الهيئــة الدســتورية املشــرفة علــى
االنتخابــات واملســئولة عــن صحــة إجراءاتهــا ونتائجهــا.
أمــا الشــرط الثانــي فهــو شــرط تعديــل قانــون االنتخابــات مبــا يضمــن نظــام انتخابــي
عــادل وخــال مــن عيــوب الدائــرة الفرديــة ومبــا يضمــن توســيع عضويــة اللجنــة العليــا
لالنتخابــات ويعيــد تشــكيلها فضـ ً
ا عــن شــرط آخــر ال يقــل أهميــة يتعلــق بتحييــد ســلطات
228
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
الدولــة وإمكاناتهــا وعــدم تســخيرها لصالــح احلــزب احلاكــم مبــا يف ذلــك حتييــد اجليــش
واملــال العــام ووســائل اإلعــام العامــة.
باإلضافــة إلــى املوافقــة علــى وجــود رقابــة دوليــة علــى االنتخابــات وإجراءاتهــا املختلفــة
تلــك هــي شــروط املعارضــة األساســية ومــن يريــد أن يجــري انتخابــات صحيحــة حــرة
وشــفافة فمــا عليــه إال أن يســتجيب لهــذه الشــروط املشــروعة واملفهومــة لــدى كل اجلهــات
املعنيــة بالدميقراطيــة اليمنيــة قبــل أن يفــوت كعادتــه الفرصــة املتوفــرة إلخــراج اليمــن
وســلطتها مــن املــأزق اخلطيــر الــذي تعيشــه وتتحمــل الســلطة وحدها نتائجــه التدميرية!!!.
طه اجلند:
*طــه اجلنــد الشــاعر كل مــن تتوفــر لــه فرصــة قــراءة ديــوان (أشــياء ال تخصكــم)....
سيكتشــف أن اليمــن ال تــزال قــادرة علــى إجنــاب شــعراء كبــار بحجــم طــه اجلنــد وأنهــا لــم
جتــدب بعــد رغــم كل هــذا اجلفــاف والصقيــع.
229
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
()4
الصورة األولى:
•الرئيــس يصــر علــى عــدم ترشــيح نفســه يف االنتخابــات الرئاســية القادمــة - .الرئيــس
يرفــض تســليم الســلطة كمــا يرفــض البــدء بإجــراءات تســليمها بسالســة ويُسـ ْر خللفــه
القادم.
•الرئيــس يرفــض إجــراء انتخابــات حــرة وشــفافة ،ويتمســك (حتــى العظــم) بــاإلدارة
االنتخابيــة احلاليــة ،بــل ومســتعد -مــن أجلهــا -أن يرهــن االنتخابــات الرئاســية،
ونتائجهــا وشــرعيتها والبــاد بكاملهــا.
• الرئيــس وفقــا لهــذه املعطيــات يحضــر لـ(انقــاب عســكري) يعطــل فيــه الدســتور
والدميقراطيــة ويعلــن األحــكام العرفيــة!! –
•غيــر أن الرئيــس يعــرف جيــداً صعوبــة مثــل هــذه اخلطــوة االنقالبيــة ,ولذلــك يتــردد
كثيــراً قبــل أن يقــدم علــى مغامــرة مــن هــذا النــوع قــد تقــوده إلــى املجهــول يف زمــن
مختلــف عــن األزمنــة والعصــور التــي عاشــها حتــى اآلن علــى قمــة الســلطة.
•الرئيــس ،إذن ،حائــر ومرتبــك وغيــر قــادر حتــى اآلن علــى اتخــاذ أيــة خطــوة جريئــة
تخرجــه مــن هــذه احليــرة واالرتبــاك والتشــوش.
وبإضافــة املعطــى األخيــر إلــى ســابقاته األربعــة نكــون أمــام نتيجــة واحــدة هــي أن البــاد
تعيــش أزمــة كبيــرة ،وكبيــرة جــدا.
230
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
الصورة الثانية:
•الرئيــس يرغــب يف إعــادة ترشــيح نفســه ولكنــه ال يتمنــى أن يع ِّبــر عــن هــذه الرغبــة
بنفســه أو عــن طريــق حزبــه واملشــايخ واألحــزاب املنزوعــة مــن جذورهــا االجتماعيــة.
•الرئيــس يــدرك بغريزتــه وخبرتــه انــه لــم يعــد الالعــب الوحيــد يف الســاحة ولكنــه
يرفــض أن يســلم بهــذه احلقيقــة.
•الرئيــس يأمــل ويتمنــى ويراهــن علــى أن تعلــن رغبتــه يف الترشــح علــى لســان أحــزاب
اللقــاء املشــترك أو علــى األقــل علــى لســان واحــد أو اثنــن منهــا كالتجمــع اليمنــي
لإلصــاح أو حزبــي االشــتراكي والناصــري علــى األقــل.
•أحــزاب اللقــاء املشــترك ترفــض حتــى اآلن تلبيــة رغبــة الرئيــس يف إعــادة ترشــيح
نفســه لالنتخابــات القادمــة؛ ليــس ألنهــا ال ترغــب وحســب؛ بــل وألنهــا ال تســتطيع
وال تقــدر ولــم تعــد متلــك مــن األوراق لتقدميهــا ســوى الورقــة الشــعبية وإرادتهــا يف
التغييــر.
•املعارضــة تراهــن علــى الوقــت وإمكانيــة اقتــراب الرئيــس مــن مطالبهــا الرئيســة يف
اإلصــاح واالنتخابــات الشــفافة.
•الوقــت ميــر بســرعة وجلنــة االنتخابــات تســير مبفردهــا نحــو إعــان االنتخابــات غيــر
الشرعية....
وبتحليــل املعطيــات الثمانيــة الســابقة نكــون أمــام نتيجــة واحــدة هــي أن البــاد تعيــش
أزمــة ،وأزمــة كبيــرة جــدا.
231
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
الصورة األخيرة:
تفاقــم األزمــة -مثلمــا يقــول املثــل الصينــي -يفتــح فرصــة للحــل .غيــر أن األزمــات الكبيــرة
ال تنفــرج مــن نفســها ولكنهــا بحاجــة إلــى شــخصيات كبيــرة تعتــرف بهــا وبخطورتهــا وتقــدم
تنــازالت كبيــرة مــن أجــل انفراجهــا.
والشــيخ عبــد اهلل بــن حســن األحمــر الــذي عــاد بســامة اهلل وحفظــه ال تنقصه الشــجاعة
وال اإلرادة ويعــرف جيــداً أن املعارضــة لــم يعــد لديهــا مــا تقدمــه مــن التنازالت ســوى ســكني
ذبحهــا علــى قربــان االنتخابات الرئاســية املزورة!!
األســتاذ محمــد بدرالديــن احلوثــي معتقــل يف ســجن مباحــث العاصمــة منذ قرابة الســنتني،
أي منــذ انفجــار األحــداث األولــى يف صعــدة .وقــد اقتيــد إلــى الســجن مــن ســوق القــات
بصنعــاء وليــس مــن «مــران» أو «شــعب ســليمان»،
232
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
واملعنــى انــه لــم يشــارك يف احلــرب ولــم يكــن مــن (جماعــة الشــعار) الذيــن قاتلــوا إلــى
جانــب أخيــه حســن رحمــه اهلل.
محمــد بــدر الديــن مصــاب مبــرض الكلــى وبضيــق يف التنفــس .وإذا مــا أضفنــا إلــى ذلــك
انــه العائــل الوحيــد ألســرة كبيــرة تتكــون مــن تســعة أفــراد (أوالداً وبنــات) وان زوجتــه قــد
أصيبــت بالعمــى أثنــاء اعتقالــه ,وان الزيــارة قــد ُمنعــت عنــه مؤخــرا ,وان قــرار العفــو
العــام مجــرد «كينــي ..مينــي»!! فإننــا نكــون أمــام واحــدة مــن املآســي اإلنســانية الكبيــرة
التــي خلفتهــا ومــا تــزال تخلفهــا حــروب صعــدة ،القــذرة ،علــى عشــرات األســر اليمنيــة.
233
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
()5
كلمــا اقتــرب موعــد االنتخابــات الرئاســية وأحــزاب اللقــاء املشــترك متماســكة يف عالقاتها،
ومتمســكة مبواقفهــا مــن العمليــة االنتخابيــة واإلصــاح السياســي ،كلمــا ارتفعــت أســعار
ســلعتني رائجتــن يف بــازار الرئاســة واســتحقاقاتها:،
• األولــى هــي ســلعة الكــذب واإلشــاعات الصــادرة مــن أعلــى إلــى أســفل واملوجهــة
أساســا إلــى أعضــاء املعارضــة وجمهورهــا االنتخابــي،
يف ســوق اإلشــاعات واألكاذيــب ستســمعون يف األيــام واألســابيع القادمــة أشــياء لــم تكــن
تخطــر علــى قلــب بشــر ولــو لــم نكــن يف موســم األكاذيــب الكبــرى ملــا صدقناهــا.
ا خبــراً متواتــراً يتــم تأكيــده علــى أعلــى املســتويات ومــن قبــل صحافــة
1.1ستســمعون مثـ ً
الدولــة نفســها يقــول بــأن شــخصاً محترمــاً مبكانــة العالمــة أ م ش أمــن عــام
حــزب ....يفتــي بحرمــان العمــل مــع املشــترك ويصــف مشــروعها لإلصــاح السياســي
واالنتخابــات الشــفافة باملشــروع اخليانــي والصهيونــي.
( )68املقصــود هــو الصديــق املرحــوم محمــد الصبــري القيــادي يف التنظيــم الوحــدوي الناصــري ذلــك االنســان الــدؤوب يف عملــه
واملمثــل حلزبــه حرفيــا والــذي عملــت معــه طويــا يف قيــادة احــزاب مجلــس التنســيق اوال واللقــاء املشــترك ثانيــا وبانســجام كبيــر
وقــد وافتــه املنيــة رحمــه اهلل اثنــاء اعــداد هــذا الكتــاب للنشــر بعــد مــرض الــم بــه وهــو يف القاهــرة بعيــدا عــن االهــل والوطــن بســبب
ظــروف العــدوان الســعودي علــى اليمــن وتفــرق الســبل بنــا يف املواقــف منــه.
234
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
2.2وانــه يعــرف مــن املعلومــات والوقائــع التــي تؤكد بان الســيدة كونداليــزا رايس واجلنرال
رامســفيلد همــا مــن صاغــا املشــروع يف مبنــى البنتاغــون واملخابــرات الفدراليــة (F B
)Iوعندمــا حتــاول أن تكــذب هــذه اإلشــاعة قائــا بــان أ ح اليجيــد اإلجنليزيــة وال
يعــرف مــا هــو أل( )F B Iوان مــن تتحــدث عنــه يــا صاحبــي رمبــا يكــون قاســم ســام
وليــس احمــد الشــامي ...ههههــه.
ســيرد عليــك صاحبــك مباشــرة :ومــن قــال لــك بــأن الشــامي ال يجيــد اإلجنليزيــة وأنــا
شــخصيا تزاملــت معــه يف جامعــة اكســفورد وحصلــت فيهــا علــى شــهادة الدكتــوراه يف
الكذب املقارن وإذا أردت أن تتأكد خذ...هذا عنوان موقع الغد اإلخباري((WWW.
))COMالــذي يبــث أخبــاره مــن مدينــة كولــون بأملانيــا االحتاديــة ...افتحــه وتأكــد مــن
تصريحــات الوالــد الشــامي وســتجدها بالنــص وباللغــة األملانيــة أيضــا!.
3.3ســيتصل بــك شــخص كبيــر يف الســاعة الثانيــة عشــرة مســا ًء وقبــل أن تســأل :مــن
معــي ..مــن األخ!؟ ستســمعه علــى الطــرف اآلخــر وهــو يقــول ...:صالــح تعــرف ايــش
حصــل اليــوم بــن اليدومــي وياســن ..تطاعنــوا باجلنابــي بعــد أن ســمع ياســن أن
اإلصــاح يزايــدون علــى االشــتراكي وهــم ينســقون مــع الرئيــس؟؟
وعندمــا تســترد أنفاســك مــن وقــع اخلبــر الصاعقــة وحتــاول التشــكيك فيــه ..قائــا:
ولكــن يــا صاحبــي تعــرف أن اليدومــي وياســن ال يتمنطقــون باجلنابــي وال يضعــون
تلفونــات الســيار علــى خواصرهــم مثــل أصحابكــم.
ســيرد عليــك بإجابتــه املعهــودة :يــا صالــح أنــت جالــس مغفــل ومصــدق كالم احلــزب
املعســول وهــو يضحــك عليــك تشــتي تتأكــد ممــا قلتــه لــك خــذ هــذا تلفــون الرباعــي
واســأله ايــش حصــل اليــوم يف املقيــل مــش اليدومــي اخــذ جنبيتــه واهتــرى بهــا علــى
ياســن...
ولــوال رعايــة اهلل كان قتلــه وســار بــاش ضحيــة هــذا التحالــف املــش معقــول تصــور
يتحالــف االشــتراكي واإلصــاح الــذي حاربكــم وأفتــى بتكفيركــم ...وضــد مــن ضــد
الرئيــس الــذي فتــح لكــم صــدره ولــم يصفيكــم بعــد احلــرب رغــم كل خياناتكــم وتآمركم،
مــع الســامة يــا صالــح مــا بــش فايــدة منــك جالــس مغفــل ومــا رضيتــش تعقــل!!
4.4يف الســوق املجــاورة أي ســوق بيــع الضمائــر واملواقــف املعروضــة للبيــع ستكتشــفون
العجائــب والغرائــب احدهــم ســيتصل بقائــد املنطقــة العســكرية شــخصياً ويخــزن معــه
235
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
القــات يف املقيــل وهنــاك سيســرد كيــف ســيخرب املشــترك يف طرفــة عــن واملهــم هــو
دفــع مصاريــف اجليــب وحــق العيــال والقــات...
5.5ســتجدون مديــر الناحيــة واحملافــظ يتصــل بكــم وبأصغــر عضــو مــن أحزابكــم عارضـاً
عليــه منصبـاً كبيــراً يف املديريــة واحملافظــة وحتــى يف احلكومــة ورئاســة الدولــة فقــط
عليــه أن يعلــن انضمامــه إلــى املؤمتــر يف حفــل رســمي يغطيــه تلفزيــون اجلزيــرة وال
بــي بــي ســي والبــأس أن يتحــدث يف املهرجــان كيــف مت تضليلــه طــوال هــذه الفتــرة مــن
قبــل قيــادة حزبــه التــي خانتــه وخانــت مبــادئ احلــزب العظيــم ،والــى أي حــد يتمتــع
املؤمتــر بالوســطية واالعتــدال.،
6.6ســتجد احدهــم ايضــا يطــرق بــاب البيــت يف الســاعة السادســة مســا ًء وعندمــا تفتــح
البــاب ســتجد صديــق قــدمي يأتــي إليــك بطبعــة مــن أبــو خمســمائة ريــال ويقــول لــك
هــذه مــن الفنــدم ويشــتي يشــوفك يف املقيــل ويقــول لــك إذا أردت أن ترجــع البيــت
والوظيفــة التــي أخذوهــا عليــك يف احلــرب وبســبب علــي البيــض وخياناتــه فهــي
فرصــة ال تعــوض.
يــا خضــر بطــل احلــزب وشــوف كيــف أحوالــك وبعــد أنــا اعــرف أنــك صــادق مــع احلــزب
ومبادئــه لكــن ايــش تفعــل بعــد مــا باعــوه لإلصــاح (والغــوى) الظالميــة( ..البغــاء) يف
احلــزب يــا خضــر أصبــح عبــث واعتقــد أن املؤمتــر هــو احلــزب (األغــرب) إلــى مبــادئ
وأخالقيــات احلــزب التاريخيــة والوطنيــة،
وبعديــن مــش مطلــوب منــك تدخــل املؤمتــر فقــط ارفــض حتالــف احلــزب مــع املشــترك
وأنــت داخــل احلــزب مــش بتقولــوا حريــة اآلراء والتنــوع داخــل احلــزب الواحــد.
شي.
أعمل لك منبر مثل أصحابك واشتغل ومحد با (يغولك) ْ
وآخــر شــي آخــر شــي ..ســيتصل بــك الرئيــس شــخصياً ويف هــذه احلالــة عليــك أن تصدقــه
فهــو علــى كل حــال رئيــس اجلمهوريــة ورمزهــا الوطنــي.
236
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
()6
بتاريخ 2006/6/8م
افهــم وأتفهــم إربــاك الرئيــس صالــح وتخوفــه مــن االنتخابــات الرئاســية ,لكننــي ال افهــم
وال أتفهــم إربــاك أو تخــوف قيــادات املعارضــة منهــا أو جتاههــا .
والســبب ليــس ألن الرئيــس ســيدخل آخــر انتخابــات لــه وهــو يف اضعــف واســوأ أحوالــه
علــى اإلطــاق بعــد أن انفــض مــن حولــه كل احللفــاء (التاريخيــن واالســتراتيجيني) الذيــن
دعمــوا حكمــه وأمــدوا يف عمــره طــوال ثالثــة عقــود من الســلطة ,بــل وألن هذه االنتخابات
متثــل بالنســبة لــه أول وأصعــب ( امتحــان شــعبي )علــى اإلطــاق ,وهــو امتحــان فريــد مــن
نوعــه إذ ال جنــاح فيــه للتلميــذ مهمــا بــذل مــن جهــد يف احلفــظ والتحصيــل أو يف الغــش
والبرشــام ,مبعنــى أن التلميــذ فاشــل يف كل األحــوال ....,فاشــل إن جنــح بزيــادة %99
وفاشــل أيضــا إن رســب بناقــص ..., %99
فاشــل إن شــاركه اآلخــرون يف االمتحــان وفاشــل أيضــا إن تركــوه يخــوض امتحانــه التكميلي
وحيدا.
هــذا هــو حــال الرئيــس صالــح عشــية آخــر انتخابــات رئاســية ,وهــو حــال كل األنظمــة
االســتبدادية يف أيامهــا األخيــرة ,حيــث ال يقبــل منهــا النــاس أي شــيء آخــر ســوى الرحيــل
بأقــل اخلســائر واألضــرار(.((6
( )69كتبــت املقــال يف شــهر يوليــو 2oo6م ولــم اكــن اعلــم الغيــب حــن اعتبــرت نظــام صالــح آيــل للســقوط ولكــن ذلــك مــا تتســم بــه
تصرفــات انظمــة سياســية شــبيهة عبــر التاريــخ وقــد رحــل صالــح عــن الســلطة بثــورة شــعبية بعــد ذلــك التاريــخ بخمــس ســنوات
أي قبــل ان ينهــي مــدة رئاســته يف ذلــك الســباق احملمــوم مــع مرشــح املعارضــة بــن شــمالن
237
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
املســالة بالنســبة لنــا لــم تعــد مــا إذا كان الرئيــس (طيــب) وميكــن إصالحــه وإصــاح
سياســاته ,أو انــه غيــر ذلــك وال ميكــن إصالحــه وال إصــاح سياســاته بعــد 27ســنة مــن
الســلطة ,ولكنهــا ابعــد وأعمــق مــن هــذا بكثيــر إنهــا بالضبــط مثلمــا قــال الرئيــس نفســه
( لقــد مليــت النــاس وملونــي) وأضيــف ( لقــد خبرتهــم وخبــروك ) ولــم يعــد يربطهــم بــك
ســوى أن حتــل عنهــم وكفــى اهلل املؤمنــن شــر القتــال.
بالنســبة للمعارضــة الوضــع علــى النقيــض مــن ذلــك متامــا ,فهــي ســتدخل أول اختبــار لهــا
وآخــر اختبــار للرئيــس وهــي يف أفضــل وأعــز حاالتهــا .....
مالحظة ضرورية
تذكــروا أيهــا الرفــاق أن أمامكــم خياريــن فقــط األول هــو املشــاركة الفعالــة مبرشــح واحــد
بــدون أثقــال تاريخيــة ويرضــى عنــه غالبيــة النــاس يف كل أنحــاء اجلمهوريــة أو املقاطعــة
الفاعلــة التــي تــؤدي إلــى إســقاط شــرعية االنتخابــات ونتيجتهــا !!
238
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
()7
24مارس 2006م
تشــهد الســاحة اليمنيــة ومنــذ نهايــة نوفمبــر املاضــي جــدالً سياســياً واســع النطــاق
حــول( اإلصالحــات السياســية ومــا إذا كانــت هــذه اإلصالحــات ضروريــة وشــرطية تســبق
االنتخابــات الرئاســية املقــرر إجراءهــا يف نهايــة ســبتمبر مــن العــام اجلــاري 2006م كمــا
تقــول بعــض أوســاط املعارضــة.
أم أن (اإلصالحــات ) مجــرد ورقــة تســاومية تطرحهــا املعارضــة اليمنيــة أمــام الرئيــس
صالــح وحزبــه احلاكــم بهــدف احلصــول علــى (صفقــة) سياســية معينــة تخــرج هــذه
األحــزاب مــن مــأزق االســتحقاق الرئاســي ومــا قــد يضطرهــا إليــه مــن دخــول منافســه
غيــر متكافئــة بينهــا وبــن الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح الــذي مــن املؤكــد انــه ســيعيد
ترشــيح نفســه رغــم اللغــط الدائــر حــول هــذا األمــر كمــا تقــول أوســاط أخــرى تشــكك يف
جديــة أحــزاب املعارضــة اليمنيــة جتــاه املشــروع اإلصالحــي املعلــن مــن قبلهــا !؟
وبغــض النظــر عــن دوافــع وأســباب اجلــدل الســجالي حــول اإلصالحــات والــذي تتصاعــد
حدتــه بــن األطــراف اليمنيــة املختلفــة يومـاً بعــد يــوم فــإن مــا يلفت نظر املراقب السياســي
هــو أن املعارضــة اليمنيــة املتهمــة مــن قبــل الــرأي العــام بالســلبية والهشاشــة وعــدم توحيــد
مواقفهــا جتــاه االســتحقاقات الوطنيــة الكبــرى هــي نفســها هــذه املــرة مــن تســبب بتحريــك
امليــاه الراكــدة يف األوســاط السياســية واإلعالميــة ولــدى الشــارع اليمنــي عمومــا.
وهــي مــن اســتدعى – بالتالــي -غضــب الســلطة ومســئوليها ووســائل إعالمهــا املختلفــة
وحتديــداً حــن أعلنــت أحــزاب مــا يســمى باللقــاء املشــترك أواخــر شــهر نوفمبــر املاضــي
وبعــد حــوار طويــل ومضــن بــن أطرافهــا دام قرابــة العــام والنصــف عــن ما أســمته مبشــروع
239
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
( اإلصــاح السياســي والوطنــي ) الــذي ارتكــز علــى قاعــدة املطالبــة بتعديــل دســتور الدولــة
مبــا يحقــق (الدميقراطيــة البرملانيــة ) وإلغــاء النظــام الرئاســي املختلــط املعمــول بــه اليــوم
ا عــن مطالبتهــا ومنــذ تعديــل دســتور الوحــدة اليمنيــة بعــد حــرب صيــف 1994م فض ـ ً
باعتمــاد نظــام الالمركزيــة املاليــة واإلداريــة ( احلكــم احمللــي) واســع الصالحيــات.
ومــن وجهــة نظــري ان الــذي جعــل مبــادرة املعارضــة يف اإلصالحــات السياســية تأخــذ هــذه
االهميــة وتتحــول مبجــرد االعــان عنهــا الــى حــدث سياســي كبيــر يعــود الــى ثالثــة عوامــل
رئيســية ميكــن ايجازهــا علــى النحــو التالــي:
-العامــل االول يعــود الــى اهميــة او مكانــة االطــراف السياســية التــي وقعــت علــى املشــروع
واعلنتــه برنامج ـاً سياســياً ونضالي ـاً ألحزابهــا خــال الســنوات القادمــة ,وهــي كل مــن
التجمــع اليمنــي لإلصــاح ( إســامي – إخــوان مســلمني) ويعتبــر أهــم وأقــوى األحــزاب
اليمنيــة واكثرهــا تأثيــراً يف احليــاة السياســية واالجتماعيــة ,
أي ان هــذا التكتــل السياســي الــذي أعلــن مبــادرة اإلصــاح ميثــل جميــع أنــواع الطيــف
السياســي اليمنــي ويــكاد ميثــل املعارضــة الفعليــة لنظــام الرئيــس صالــح ,وهــذا هــو البعــد
االول يف اهميــة االطــراف املوقــع علــى مشــروع االصالحــات السياســية.
امــا البعــد الثانــي فيعــود الــى ان هــذه االحــزاب اليمنيــة التاريخيــة كانــت الــى وقــت قريــب
والــى ان جمعتهــا الظــروف السياســية وقضاياهــا املتشــعبة يف املشــترك تعيــش حالــة مــن
الصــراع واخلــاف االيدلوجــي احلــاد وبالــذات عالقــة االشــتراكي واالصــاح حيــث كان
لهــذا االختــاف االيدلوجــي والصراعــي هــذا مــن ناحيــة.
240
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
,هــذا مــن ناحيــة ومــن ناحيــة اخــرى وبالنظــر الــى اختــاف البرامــج السياســية واملشــارب
الفكريــة فيمــا بينهــا مــن ناحيــة والــى تاريــخ الصــراع واحلــروب التــي حكمــت وحتكمــت يف
عالقاتهــا والتــي كانــت املدخــل او الثغــرة التــي كانــت تدخــل منهــا الســلطات االســتبدادية
منهــا إلفســاد احليــاة اليمنيــة ومتزيــق كياناتهــا املختلفــة ,فــان مجــرد اتفــاق هــذه االحزاب
.....علــى برنامــج سياســي ونضالــي واحــد ميثــل وســيمثل انقالبــاً حقيقيــاً يف طبيعــة
العالقــات السياســية واالجتماعيــة اليمنيــة عمومــا .
ليــس ألن آفــاق هــذه االطــراف علــى برنامــج مشــترك -بعــد صراعــات طويلــة وتاريخيــة
بينها-سيســهم يف تعزيــز عوامــل االســتقرار والســام االهلــي وإضعــاف عوامــل التوتــر
والصــراع الداخلــي ,وحســب بــل وألنــه ســيعزز ثقــة املجتمــع وشــرائح واســعة مــن أبنائــه
بهــذه االحــزاب واملراهنــة عليهــا يف اعــادة حالــة التــوازن السياســي واالجتماعــي التــي
عاشــته والتــزال الســاحة اليمنيــة منــذ حــرب صيــف1994م وحتــى اآلن .
العامــل الثانــي يعــود الــى اهميــة التوقيــت أي الوقــت الــذي اعلنت فيه املبــادرة وعالقة ذلك
مبواعيــد االســتحقاقات الوطنيــة والضغوطــات اخلارجيــة املرتبطــة جميعـاً باإلصالحــات
واهميــة تطويــر النظــام الدميقراطــي يف اليمــن .
ويف هــذا الســياق ومــع ان البعــض يعتقــد بــأن املعارضــة اليمنيــة قــد تأخــرت يف اعــان
مبادرتهــا حيــث كان يفتــرض ان تتفــق عليهــا وتعلنهــا قبــل وصــول الرئيــس صالــح الــى
واشــنطن وبقيــة العواصــم التــي زارهــا يف منتصــف شــهر يوليــو املاضــي حتــى تكــون احــدى
وســائل الضغــط الدولــي علــى الرئيــس مــن اجــل اصالحــات سياســية مطلوبــة داخليــا.
اال ان عــدم حتقيــق الزيــارة ملعظــم االهــداف التــي اراد الرئيــس حتقيقهــا مــع حكومــات
هــذه البلــدان ومنهــا امريــكا وبالــذات عــدم حصولــه علــى مزيــد مــن املســاعدات والقــروض
التــي تقدمهــا هــذه البلــدان فضــا عــن عــدم حصولــه علــى الدعــم املعنــوي «واالشــادة
بتجربــة اليمــن الدميقراطيــة ومــا حققتــه حكومــة الرئيــس صالــح مــن جناحــات فيمــا
يخــص ملــف مكافحــة الفســاد واحلــرب علــى االرهــاب وجتفيــف منابعــه يف اليمــن»
241
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
حيــث وجــد الرئيــس نفســه وبــدالً مــن االشــادة بحكومتــه والنجاحــات التــي حققتهــا يف
هــذه امللفــات بانتقــادات واســعة وضغــوط هائلــة مــن قبــل هــذه احلكومــات ويف مقدمتهــا
امريــكا جــراء عــدم جديتــه يف احلــد مــن انتشــار الســاح وبيعــه وتداولــه يف الســوق اليمنيــة
,ودوره يف انتشــار الفســاد وتغولــه وعــدم معاقبــة االطــراف واجلهــات التــي متــارس القمــع
علــى الصحفيــن والتضييــق علــى حريــة الصحافــة.
بــل انــه ويف اليــوم الــذي وصــل فيــه الــى واشــنطن فوجــئ بتعليــق عضويــة اليمــن يف الترشــح
لصنــدوق االلفيــة التــي كانــت قــد ترشــحت لهــا ضمــن ثمــان دول قبــل خمســة اعــوام
2000م وعللــت ذلــك بعــدم وفــاء احلكومــة اليمنيــة بالشــروط واملعاييــر التــي وضعــت لهــذه
العضويــة وان اليمــن تراجعــت خــال الســنوات املاضيــة وبحيــث لــم تعــد حتــز ســوى علــى
شــرطني مــن اصــل 16نقطــة بينمــا كانــت عنــد ترشــيحها حاصلــة علــى 8نقــاط مــن اصــل
14نقطــة.
واخلالصــة أن هــذا الفشــل اجلزئــي للزيــارة وإلــزام الواليــات املتحــدة الرئيــس صالــح
بضــرورة القيــام بعــدد مــن اإلجــراءات واإلصالحــات يف مجــال احلــد مــن انتشــار الفســاد
ومحاكمــة األطــراف التــي متــارس القمــع ضــد الصحفيــن وإصــاح القضــاء وحتقيــق
إجــراءات ملموســة لتصحيــح املســار الدميقراطــي باجتــاه توســيع قاعــدة املشــاركة ..الــخ
قــد جعــل مبــادرة املعارضــة وإعالنهــا بعــد ثالثــة أيــام فقــط مــن تاريــخ عــودة الرئيــس
مــن واشــنطن تأخــذ أهميــة خاصــة ليــس ألن بعــض بنودهــا قــد تطابقــت أو اقتربــت
كثيــراً مــن املطالــب التــي حددتهــا الواليــات املتحــدة وصنــدوق األلفيــة لليمــن ومنــح ذلــك
أهميــة خاصــة للمشــروع لــدى اجلهــات املانحــة وباعتبارهــا ورقــة رابحــة ملمارســة مزيــد
مــن الضغــوط علــى احلكومــة اليمنيــة بــل وألن ذلــك لــه دور يف تعزيــز مصداقيــة املعارضــة
ومشــروعها لإلصالحــات هــذا مــن ناحيــة ,
ومــن ناحيــة أخــرى فــان اهميــة التوقيــت تأتــي مــن كــون االعــان قــد جــاء قبــل موعــد
االنتخابــات الرئاســية واملقــرر اجرائهــا يف ســبتمبر 2006م بأشــهر معــدودة ومــن حاجــة
الرئيــس صالــح الــى خــوض االســتحقاق يف اجــواء مــن التصالــح والوفــاق بعيــدا عــن
التجاذبــات احلــادة التــي قــد ال تكــون لصاحلــه والنتيجــة التــي يتوخاهــا.
242
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
أي ان املعارضــة تعتقــد ان االنتخابــات الرئاســية متثــل نقطــة ضعــف حقيقيــة بالنســبة
للرئيــس وحلزبــه احلاكــم األمــر الــذي يعــرض النظــام لقبــول تنــازالت حقيقيــة لصالــح
املعارضــة .
ليــس ألنــه يعتقــد ان مشــاركة احــزاب املعارضــة يف االنتخابــات ســيضفي عليهــا شــرعية
وطنيــة حقيقيــة بــل وألنــه يخشــى ان تنــزل هــذه االحــزاب مبرشــح واحــد ملنافســته فيهــا أي
ان االنتخابــات الرئاســية متثــل للمعارضــة موســماً حقيقيـاً لنيــل كثيــر مــن مطالبهــا فيمــا
يخــص االصالحــات السياســية حتديــدا.
العامــل الثالــث يف اهميــة االصالحــات يعــود الــى املضامــن والتوجهــات العامــة التــي تبنتهــا
املعارضة يف مشــروعها.
243
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
()8
بعــد توقــف – طويــل نســبياً – عــن اإلدالء بالتصريحــات السياســية أعلــن الدكتــور
عبدالكــرمي االريانــي مؤخــرا ومبــا يشــبه اليمــن املغلظــة التــي اعتــاد عليهــا يف مثــل هــذه
املناســبات قائــا :انــه ســيضطر ( إلــى األخــذ باخليــار األخيــر وهــو الشــعب والنــزول
إلــى الشــارع للضغــط علــى الرئيــس يف حالــة عجــز املؤمتــر والقــوى السياســية املعتدلــة
يف إقناعــه التخلــي عــن قــراره يف عــدم الترشــح لالنتخابــات القادمــة !) ..لــن اعلــق علــى
ميــن الدكتــور اآلن !! .
قبــل ميــن الدكتــور االريانــي األخيــر كان محافــظ محافظــة حجــة الصديــق محمــد
احلــرازي أول مــن اقســم بــاهلل العظيــم انــه ( لــن يبقــى يف منصبــه ولــو حلظــة واحــدة إذا
لــم يترشــح الرئيــس ) غيــر أن احملافــظ لــم يكتــف باليمــن املغلظــة داخــل اجلامــع الكبيــر
وأمــام ( املنقــورة واملســمورة ) بــل اتبــع ذلــك القســم بفعلــة اكبــر منهــا ,لــن ينســاها لــه األخ
الرئيــس طــوال حياتــه ,خصوصــا بعــد أن نــزل إلــى الشــارع فعــا وبــدأ يضغــط علــى األخ
الرئيــس للعــدول عــن قــراره التاريخــي عبــر املظاهــرات املليونيــة يف شــوارع مدينــة عبــس
والطريــق املــؤدي إلــى الســعودية ولكــي تكونــوا يف صــورة مــا فعلــه احملافــظ بــاألخ الرئيــس
تعالــوا نقــرأ احلكايــة مــن بدايتهــا .
تقــول بعــض املصــادر الرســمية أن األخ احملافــظ ومعــه مــدراء املديريــات ومشــايخ وعقــال
القــرى واحلــارات قامــوا بحشــد أكثــر مــن مليــون مواطــن ويف روايــة (رســمية) أخــرى
خمســمائة ألــف مواطــن (تقــل كــم عــدد ســكان حجــة)!!!..,
244
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
.وقامــوا بعــد ذلــك بحشــرهم يف ســيارات اجليــش وشــاحنات نقــل املواشــي واألغنــام
وســيارات األجــرة والنقــل العــام ,ثــم ويف خــط ســير واحــد اجتهــوا جميعــاً بالطاســة
واملرفــع إلــى ســوق مدينــة عبــس وهنــاك شــاهدوا األهــوال فقــد تبــن لهــم وبعــد ســاعات
طويلــة مــن االنتظــار حتــت الشــمس أن األخ الرئيــس لــن يــأت إلــى مدينــة عبــس ولــن يلقــي
خطاب ـاً مبناســبة أعيــاد الوحــدة ,
وان املســألة بكاملهــا هــي اخلــروج ببيــان مليونــي يؤيــد عــودة الرئيــس عــن قــراره التاريخــي
تــاه عليهــم وبواســطة ميكرفــون يــدوي (عاطــل) الوزيــر الســابق احمــد محمــد صوفــان ,
حلقــه خطــاب مشــوش وغيــر مفهــوم لــأخ احملافــظ .
ومــا إن مت آخــر اخلطبــاء مدائحهــم ومراثيهــم حتــى انفــض اجلمــع وحتركــت ســيارات
احملافــظ واملســئولني تاركــة ورائهــا الغبــار واجلماهيــر املليونيــة تهيــم علــى وجههــا بــدون
مــاء وال غــداء ,واالهــم مــن ذلــك بــدون ســيارات كافيــة إلعادتهــم إلــى قراهــم ومنازلهــم
يف اجلبــال البعيــدة .
وهكــذا تتالــت املصائــب علــى اجلماهيــر املليونيــة الواحــدة بعــد األخــرى فقتــل منهــم مــن
قتــل وجــرح مــن هــم مــن جــرح ,بعضهــم دهسـاً وبعضهــم اآلخــر ضربـاً بالشــمس وبأعقــاب
البنــادق فيمــا قتــل آخريــن بانقــاب ســيارة حملــت أكثــر مــن حمولتهــا املقــررة وكانــت
احلصيلــة (ثالثــة قتلــى وثالثــن جريحــا) .
أي أن املليــون مواطــن حجــاوي قــد شــاهدوا يف ذلــك اليــوم األســود أهــوال يــوم القيامــة
يف شــوارع مدينــة عبــس وطرقاتهــا اجلبليــة والســهلية ,والــى درجــة أن مــن عــاد منهــم
ســاملاً إلــى بيتــه يف ذلــك املســاء لــم يكــن قــد تبقــى لديــه وعلــى لســانه اجلــاف ســوى
اللعنــات والشــتائم التــي ظــل يصدرهــا هنــا وهنــاك نحــو عاقــل القريــة والشــيخ وقائــد
اللــواء واحملافــظ ,والوزيــر ` و(مطلــع مطلــع ) حتــى االنتخابــات واليــوم الــذي ولــد فيــه . ,
وعندمــا رفــع تقريــراً امني ـاً إلــى األخ الرئيــس يف اليــوم التالــي كانــت اخلالصــة فيــه أن
نصــف مــن خرجــوا للضغــط عليــه يف مدينــة عبــس لــن يصوتــوا لــه يف االنتخابــات القادمــة
بعــد (الفعلــة) التــي عملهــا فيهــم احملافــظ وقائــد اللــواء ومشــايخ وعقــال احلــارات والقــرى
245
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
الــم اقــل لكــم بــان الضغــط علــى الرئيــس بالشــارع وبــأوالد النــاس يف الشــوارع أمــر مكلــف
للغايــة ,وان األخ الرئيــس لــن ينســى طــوال حياتــه مــا فعلــه احملافــظ بــه وبأصواتــه
االنتخابيــة يف حجــة !!
مــن هنــا يأتــي حتذيــري لــأخ الرئيــس كــي ال يأخــذ بنصيحــة الدكتــور االريانــي وان يتركــه
ولــو ملــرة واحــدة ليحنــث بيمنــه املغلظــة ففــي ذلــك مصلحــة للرئيــس والبــاد وأمنهــا
واســتقرارها.
بعــد اليــوم املشــهود مبدينــة عبــس ســأل أحــد املشــاركني يف املظاهــرة صاحبــه املجــروح
(تقــل يــا صالــح الرئيــس سيترشــح لالنتخابــات بعــد هــذه املظاهــرة املليونيــة !!؟
رد صالــح بغضــب وانــا مــا دخلــي يترشــح واال ال زد ترشــح طــول حياتــه وبعــدا مــن قــال
لــه يــورط نفســه ويقــول انــه مــا عــد عيترشــحش ويشــتي يقــول لــي اليــوم اخــرج يــا صالــح
طالبنــي بالعــدول عــن قــراري ...يــا ســام وانــا مــا دخلــي ...يترشــح ومــا حــد عيقلــه
شــي ,وبــاش (خــزى وزرى ) ومظاهــرات ,وزيطــة وزنبليطــة ....خلــي لــي حالــي ياجنــي
أمانــه ال عتســألني مــن هــاذوال األســئلة مــرة ثانيــة !!
246
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
()9
2006/6/28م
صناعــة التاريــخ والتحــوالت الكبــرى للشــعوب ال حتتــاج يف كثيــر مــن األحيــان ســوى ألمريــن
اثنــن ,...فرصــة تاريخيــة مواتيــة ووجــود شــخص طمــوح أو جهــة مســئولة تتقــدم مــع قليــل
مــن املغامــرة النتهازهــا ,ومــلء مســاحتها وتوجيــه مســاراتها لصالــح شــعبها وأمتها .
ويف اليمــن تقــدم االنتخابــات الرئاســية الثانية (ســبتمبر2006م) فرصــة تاريخية للمعارضة
يف (اللقــاء املشــترك ) ميكــن لهــا ان حتــدث مــن خاللهــا ثغــرة كبيــرة يف جــدار االســتبداد
والفســاد ,وتفتــح بهــا آفاق ـاً جديــدة لإلصــاح والتغييــر املطلــوب مــن قبــل غالبيــة ابنــاء
املجتمــع اليمنــي . .
لــم تعــد عمليتــي اإلصــاح والتغييــر يف اليمــن متثــل مطلب ـاً للنخبــة السياســية وال متثــل
فقــط حاجــة لترســيخ الدميقراطيــة وتطويرهــا ,ولكنهــا وألســباب وعوامــل كثيــرة اصبحــت
ضــرورة وطنيــة ملحــة يصعــب بدونهــا اســتمرار احلفــاظ علــى أمــن واســتقرار ووحــدة
البــاد .,
االمــر الــذي يفــرض علــى احــزاب املعارضــة اليمنيــة ويف هــذه اللحظــة بالــذات عــدم تفويــت
فرصــة التغييــر التــي الحــت يف األفــق عشــية االنتخابــات الرئاســية ,وقــد ال تلــوح مــرة
اخــرى اال بعــد شــتاء قــارس وطويــل حســب تعبيــر أمــن عــام احلــزب االشــتراكي.
املغامــرون يف كثيــر مــن األحيــان يقــودون أنفســهم وشــعوبهم الــى الهاويــة ,والــى ويــات
احلــروب والدمــار ,ويف املقابــل فــإن منتظــري ظهــور اإلمــام «الغائــب» واملتردديــن وكثيــري
احلســابات الفارغــة ,ال يصنعــون التاريــخ وال مــا هــو أدنــى مــن التاريــخ . ,
247
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
واذا كان لهــم دور يف التحــوالت الكبــرى للشــعوب فهــو دور (كاســري) اإلضــراب ومثبطــي
الهمــم والطموحــات ,واذا مــا صــح احلديــث القدســي (بهــم فبــدأ) فهــو ينطبــق عليهــم
أكثــر مــن أي شــخص او شــريحة أخــرى يف املجتمــع.
ان أول مــا يجــب أن حتســمه املعارضــة اليمنيــة هــو اإلقــرار النفســي والواقعــي بأنهــا
ا لــه ولنظامــه السياســي بكاملــة ,(معارضــة) للرئيــس علــى عبــد اهلل صالــح ومتثــل بديـ ً
وليســت (معارضــة) للمؤمتــر الشــعبي العــام وحتــت رعايــة األخ الرئيــس ,واذا مــا حســمت
هــذا االمــر أوالً فســتكون قــد قطعــت نصــف الطريــق نحــو التغييــر.
مــرة أخــرى .اليمــن تعيــش حلظــة صناعــة التاريــخ .واالنتخابــات الرئاســة اليمنيــة الثانيــة
تقــدم فرصــة كبيــرة للتغييــر وتفتــح آفاقـاً واســعة للدميقراطيــة واإلصــاح السياســي .
والســؤال هــو هــل املعارضــة اليمنيــة جاهــزة اللتقاطهــا والســير بهــا إلــى األمــام ,أم أنهــا ال
تــزال (حتســب) وســتظل (حتســب) حتــى تفــوت الفرصــة ,وحتــى تخــرج هــي مــن التاريــخ
لتعيــش علــى هامشــه !؟
248
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
()10
يف 18يونيو2006م
بعــد مخــاض عســير ,وثالثــة مؤمتــرات متتاليــة ,عقدهــا رجــال املــال واألعمــال اليمنيــن
أعلــن صبــاح اجلمعــة املاضــي ,عــن ملصــق إعالنــي يحمــل صــورة رئيــس اجلمهوريــة
,مكتــوب عليهــا عبــارة ( أكمــل املشــوار!! ) يف تعبيــر واضــح عــن (رغبــة ,وإحلــاح) أثريــا
اليمــن ,يف إعــادة ترشــيح الرئيــس نفســه وضــرورة إكمالــه املهمــة (املشــوار) الــذي بــدأه
قبــل 28عامــا!
يذكــر أن هــؤالء التجــار كانــوا قــد عقــدوا بدايــة شــهر يوليــو اجلــاري مؤمتــراً صحافي ـاً
يف احــد فنــادق العاصمــة صنعــاء هــددوا فيــه بالدعــوة إلــى إضــراب شــامل وكامــل إذا لــم
يتراجــع الرئيــس عــن قــراره( ((7وأعلنــوا -يف نفــس الوقــت -عــن تبرعهــم ( مبليــار ريــال
مينــي ) لدعــم احلملــة االنتخابيــة للرئيــس صالــح ,وكمــا يبــدو فــإن ثمــن هــذا امللصــق
(أكمــل املشــوار) قــد دفــع مــن املبلــغ املرصــود ســلفا.
يف وقــت الحــق وحتديــداً صبــاح األربعــاء املوافــق 2006/6/14م عقــد (التجــار) يف
فنــدق موفمبيــك بالعاصمــة صنعــاء مؤمتــراً صحافي ـاً أخــراً اســتهدف هــذه املــرة إطــاع
الصحفيــن ومراســلي وكاالت األنبــاء علــى محــددات اخلطــة التــي كانــت الغرفــة التجاريــة
والصناعيــة قــد أعدتهــا مــن أجــل النــزول امليدانــي إلــى الشــارع للضغــط علــى الرئيــس.
غيــر أن تعــرض احــد الصحفيــن لإلعتــداء بالضــرب واالحتجــاز مــن قبــل األمــن السياســي
داخــل الفنــدق الــذي عقــد فيــه املؤمتــر ,وعلــى مــرأى ومســمع مــن أصحــاب الدعــوة
( )70يقصــد هنــا قــرار الرئيــس األســبق علــي عبــد اهلل صالــح يف عــدم الترشــح لالنتخابــات الرئاســية التــي كان قــد اعلــن عنهــا
قبــل عــام مــن ذلــك التاريــخ
249
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
(التجــار) قــد افشــل املؤمتــر بعــد أن انســحب بقيــة الصحفيــن احتجاجــا علــى ضــرب
زميلهــم واتهامهــم لرجــال املــال واألعمــال بالتواطــؤ مــع اجلنــاة.
ضــرب واحتجــاز الصحفــي عابــد املهــذري داخــل الفنــدق حــدث بســبب توزيــع املهــذري
لنســخ مــن صحيفتــه (الديــار) علــى التجــار والتــي كانــت قــد نشــرت يف عددهــا األخيــر
خبــراً مثيــراً يتحــدث عــن إمكانيــة قيــام قائــد احلــرس اجلمهــوري العقيــد احمــد علــي
عبــد اهلل صالــح بإنقــاب عســكري علــى والــده الرئيــس ,علــى غــرار مــا حــدث يف بلــدان
عربيــة وافريقيــة أخــرى حــن كان قــادة االنقــاب فيهــا هــم أنفســهم أبنــاء وأشــقاء الرؤســاء
وامللــوك املنقلــب عليهــم .
وحســب مصــادر يف (االشــتراكي نــت) فــإن انســحاب الصحفيــن وفشــل املؤمتــر الثانــي
لرجــال املــال واألعمــال ,لــم مينعهــم مــن حتديــد لقــاء آخــر مت فيــه االتفــاق علــى طباعــة
امللصــق املذكــور (أكمــل املشــوار ) الــذي طبعــت منــه –(حســب االشــتراكي نــت ) أكثــر مــن
مليونــي نســخة بحجمــن مختلفــن,
وكمــا جــاء يف اخلبــر ,فقــد كلــف عمــال النظافــة يف العاصمــة صنعــاء بتوزيــع امللصــق علــى
أصحــاب الدكاكــن واحملــات التجاريــة واخــذ تعهــدات مكتوبــة تلزمهــم بوضعهــا علــى
واجهــة محالتهــم ودكاكينهــم باإلضافــة إلــى إلــزام عمــال النظافــة أنفســهم بوضــع (أكمــل
املشــوار) يف الشــوارع واملنــازل واملتنزهــات (والزغاطيــط ) العامــة .
وهــو مــا حصــل فعــا حيــث فوجــىء املواطنــون صبــاح اجلمعــة 2006/6/16م بوجــود
صــور الرئيــس يف كل مــكان ,ومــع أن عمــال النظافــة لــم يقصــدوا اإلســاءة للرئيــس
عندمــا وضعــوا صــوره علــى أســوار املقابــر وبوابــات احلمامــات العامــة بقــدر مــا كان هــؤالء
املســاكني ينفــذون أوامــر مرؤوســيهم.
إال أن بعــض ســيئ النيــة مــن املســئولني يف املؤمتــر وأجهــزة األمــن قــد اعتبــروا وضــع صــور
الرئيــس يف أســوار املقابــر وأبــواب احلمامــات إهانــة للرئيــس ,وبســبب وشــاية مــن هــذا
النــوع مت إيقــاف أربعــة مــن عمــال النظافــة عــن أعمالهــم ,ال يــزال ثالثــة منهــم يراجعــون
العــودة إليهــا حتــى اآلن .
250
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
تعليقات ساخرة!!
التعليــق علــى اخلبــر مــن حقنــا مــع العلــم أن اخلبــر نفســه (معلــق) جاهــز ,وبالــذات عندمــا
نحــاول االقتــراب مــن ملصــق (أكمــل املشــوار ) الــذي شــغل اليمنيــن حــول معنــاه باللغــة
العربيــة واللهجــة اليمنيــة قبــل أن يشــغلهم باملســيرات املليونيــة التــي (مــأت ) ميــدان
الســبعني ,وهــي تهتــف (أكمــل املشــوار يــا ريــس ...أكمــل املشــوار يــا ريــس !! !)
لقــد اختــار اثريــا اليمــن عبــارة (أكمــل املشــوار) كهديــة للرئيــس دون بقيــة العبــارات ,ودون
أن يبينــوا لنــا األســباب املقنعــة لهــذا االختيــار ,مبعنــى آخــر ملــاذا أختــاروا عبــارة (أكمــل
املشــوار ) ولــم يختــاروا مثــا( أكمــل املهمــة) أو أكمــل الــدور ,مثــا ,مثــا .
شــخصيا ســألت احــد فقهــاء اللغــة العربيــة عــن معنــى (مشــوار) فأجابنــي ...مشــوار مــن
(شــور) شــورا وتشــويرا فهــوى ( ممشــور) أي يأخــذ خلســة أو (ملــوي) عــام يف الشــوارع
اخللفيــة و(مشــووور) باللهجــة الصنعانيــة معناهــا (داخــل بــدون غســال) ,وبلغــة أهــل
همــدان فــان الكلمــة مــا خــوذة مــن (شــور ,وقــول ) أي إن أعجبتــك الدميقراطيــة وال
رجعتهــا لصاحبهــا وعلــى ضمانتــي !...
انتهــى كالم صاحبنــا املتضلــع باللغــة ,وبقــي أن ننتقــل بالســؤال إلــى الشــارع والــى النــاس
العاديــن الذيــن ال يعرفــون ال بقواعــد اللغــة وال بــأي شــيء آخــر متامــا كمــا هــو حــال كثيــر
مــن الرؤســاء واألمــراء يف هــذا العصــر .
•صاحــب محــل لبيــع األدوات املنزليــة يف شــارع هائــل أجــاب ( وانــأ مــو درانــي مــا
معنــى مشــوار ....خينــا حــوش )
•شــخص آخــر بــدا مــن لهجتــه انــه مــن خبــان – املناطــق الوســطى -قــال ( معنــى
مشــوار مشــوار ....وعندمــا حاولــت أن استفســر أكثــر قــال :يــا خــي اجلــدار الــذي
يعمــروه فــوق (اجلبــا) يقصــد ســطح املنــزل.
251
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
•صاحــب عطــورات مــن حــراز بــدا أكثــر جــرأة وتنطعا يف اجابته قائــا .. :أنا بصراحة
ضــد كلمــة (مشــوار) ألنهــا ال تليــق بــاألخ الرئيــس وهــي كلمــة ليســت مســتخدمة يف
اليمــن وعــادة مــا نســمعها يف التمثيليــات واألغانــي املصريــة!!!
•صنعانــي يف ســوق امللــح أجــاب بخبــث ( ...عيــب علــى هــؤالء التجــار يقولــوا للرئيــس
(كمــل املشــوار) هــذه الكلمــة بيقولوهــا عندنــا (الصيــع ... ),للمــه الرئاســة هــي
(لــو َّاي) ومشــوره ... ,عيــب عيــب يــا فاهــم ويــا حبــاري تقولــوا للرئيــس انــه (بيمشــور
بنا28ســنة) ابســروا كلمــه ثانيــة أحســن منهــا !!
بقــي ان أختــم بأظــرف تعليــق خلــص املشــكلة اليمنيــة عشــية االنتخابــات الرئاســية والــى
جانبهــا معنــى عبــارة (أكمــل املشــوار) مبقطــع صغيــر مــن أغنيــة مشــهورة للعندليــب
األســمر تقــول (...و آه يــا خــويف مــن آخــر املشــوار !!)
252
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
()11
بعــد إعــان أحــزاب اللقــاء املشــترك مشــروع اإلصــاح السياســي والوطنــي ,ومــع اقتــراب
موعــد االنتخابــات الرئاســية بــدأت بعــض الصحــف واملواقــع االخباريــة اإللكترونيــة وبعــض
مراكــز البحــث والدراســات السياســية تعلــن تباع ـاً عــن نتائــج اســتطالعات الــرأي العــام
التــي تزعــم أنهــا قامــت بهــا.
وبقــدر مــا يالحــظ ان معظــم اجلهــات البحثيــة والصحافيــة التــي قامــت بإعــان هــذه
النتائــج املزعومــة هــي إمــا تابعــة للســلطة وممولــة مــن قبلهــا ,او ان القائمــن عليهــا
قريبــن مــن الســلطة ويتمنــون وصالهــا والقــرب منهــا اكثــر واكثــر لتغطيــة نفقــات العيــد
وكســوة االوالد يف هــذه الظــروف الصعبــة التــي ميــر بهــا املواطنــون بعــد انتهــاء اعمــال
املؤمتــر العــام الســابع ,امــا القليــل والقليــل جــداً مــن هــذه املراكــز والصحــف فهــي امــا
محايــدة او تابعــة ألحــزاب املعارضــة وقريبــة منهــا أي ان احليــاد معــدوم لــدى طــريف
املعادلــة السياســية .
ومــع تقديرنــا لبعــض اجلهــود لعــدد محــدود مــن هــذه الصحــف واملراكــز البحثيــة التــي
حتــاول ان تعمــل جهدهــا لترســيخ ثقافــة املعلومــة والبحــث عنهــا واســتطالع آراء النــاس
حولهــا اال ان مــا يجــب مالحظتــه يف هــذه االســتطالعات ونتائجهــا هــو هــذه املالحظــات .
253
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
1.1ان اســتطالعات اجتاهــات ومواقــف الــرأي العــام اليمنــي يف قضيــة مــن القضايــا
السياســية عبــر اســتبيانات مكتوبــة او إلكترونيــة ال يــزال يف اليمــن ويف عمــوم املنطقــة
العربيــة علمـاً وفنـاً جديــداً عليهــا ولــم يتــم اســتيعابه بعــد مــن قبــل اجلامعــات واملراكــز
البحثيــة والعلميــة
أي انــه لــم يتحــول بعــد الــى مــادة عليمــة واكادمييــة يتــم تدريســها وممارســتها عمليـاً
مــن قبــل هــذه املراكــز العلميــة وينطبــق هــذا وبصــورة اكبــر علــى املنظمــات املدنيــة
ا عــن عــدم اســتيعاب هــذ الفــن مــن قبــلواملواقــع االخباريــة واالعالميــة عمومـاً فضـ ً
الــرأي العــام وشــرائح املجتمــع املختلفــة االمــر الــذي يجعــل االعتمــاد عليهــا واالخــذ
بنتائجهــا كمعيــار علمــي محفــوف باخلطــر وينســحب هــذا علــى طريقــة وضــع االســئلة
وحتديــد قضاياهــا ,مــن ناحيــة وقــراءة وحتليــل ومــن ثــم اعــان نتائجهــا مــن ناحيــة
اخــرى.
وعلــى ســبيل املثــال ال احلصــر فــان طريقــة واســلوب وضــع ســؤال االســتبيان ال يــزال
يأخــذ باملعيــار السياســي البحــت وليــس املعيــار العلمــي واملهنــي ,خــذ مثــاال يف ســؤال
محــدد وضعــه احــد مراكــز البحــث املعتبــرة ...يقــول الســؤال (..هــل كانــت األحــزاب
والقضايــا التــي تعبــر عنهــا والهمــوم التــي تســتخدمها سياســيا مرتبطــة حقيقــة بواقــع
ومشــاكل ...
,,وهــل تناضــل مــن اجــل ذلــك حتــى لــو قدمــت يف ذلــك تضحيــات وانهــا لــن تتخلــى
عــن تلــك القضايــا يف الغــرف املغلقــة وملكاســب حزبيــة مقتصــرة علــى االحــزاب !؟ )
هــذا الســؤال بتوجهاتــه يســتبطن موقــف مســبق مــن األحــزاب ويســتهدف اجابــات
محــددة ضدهــا وضــد مواقفهــا ,االمــر الــذي ســيجعل حتم ـاً اجابــة املســتطلعني يف
غالبيتهــا ضــد االحــزاب أي االجابــة بالنفــي ,وســيكون الغريــب حينهــا هــو ان تكــون
نســبة املصوتــن ضدهــا مقتصــرة فقــط علــى %69اذ ان املتوقــع هــو ان تكــون النســبة
اكثــر مــن هــذه بكثيــر وقــد تصــل الــى ! %90
254
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
ويف مــكان آخــر يطــرح ســؤال محــدد هــو ( هــل االحــزاب اكثــر تأثيــراً علــى الســلطة
مــن القبائــل !؟) ومــن الطبيعــي يف هــذه احلالــة ان تأتــي االجابــة علــى النحــو التالــي
%69للقبائــل %25 ,لألحــزاب ولكــن مــاذا لــو وضــع ســؤال اخــر واكثــر حتديــداً مــن
نــوع هــل االحــزاب اكثــر تأثيــراً يف االنتخابــات مــن القبائــل ام العكــس !؟) بــدون
شــك ســتكون االجابــة هــي االحــزاب وبنســب عاليــة وهــي احلقيقــة امللموســة يؤكدهــا
تهافــت املشــائخ علــى الترشــح يف قوائــم االحــزاب وليــس باعتبارهــم مســتقلني .
2.2انــه وبســبب عــدم جتــذر العلنيــة والشــفافية والقيــم الدميقراطيــة وبســبب ممارســات
الســلطة القمعيــة جتــاه اصحــاب الــرأي املخالــف فمــن الطبيعــي ان ال يفصــح
املســتبينون عــن آرائهــم وعلــى ســبيل املثــال اذا طــرح ســؤال اســتبيان يف دائــرة
حكوميــة ويف اوســاط موظفيهــا ويكــون نــص الســؤال ( هــل انــت مــع اعــادة ترشــيح
رئيــس اجلمهوريــة مــرة اخــرى ام انــك مــع مرشــح احــزاب املعارضــة !!؟).
واضــح ان اجلــواب االعلــى نســبة ســيكون الــى جانــب اعــادة ترشــيح الرئيــس ليــس ألنــه لــم
يعلــن بعــد مرشــح املعارضــة وهــذا شــيء اساســي فعمليــة االســتبيانات حيــث يجــب املقارنــة
بــن معلومــن وليــس بــن شــخصني احدهمــا معلــوم باســمه وشــخصه واآلخــر مجهــول يف
كل شــيء
ولكــن ايض ـاً الن معظــم املوظفــن يف الدائــرة احلكوميــة ســيحجمون عــن طــرح آرائهــم
خوفــا علــى وظائفهــم او مراكزهــم الوظيفيــة وهكــذا.
255
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
()12
جتــري االنتخابــات الرئاســية اليمنيــة يف 20ايلــول ســبتمبر 2006م ضمــن ســياق مــن
التحــوالت السياســية واالجتماعيــة الكبيــرة التــي شــهدتها اليمــن خــال الســبع الســنوات
املاضيــة وحتديــداً منــذ انتخابــات 1999م الرئاســية حتــى اليــوم ,وبقــدر مــا أن انتخابــات
2006م متثــل ذروة هــذه التحــوالت التــي شــملت املواقــع والعالقــات والتحالفــات السياســية
بقــدر مــا شــملت املواقــف واآلراء والتصــورات جتــاه العمليــة االنتخابيــة خصوص ـاً وجتــاه
العمليــة الدميقراطيــة عمومـاً وســواء كان ذلــك علــى مســتوى الطبقــة السياســية واحلزبيــة
او علــى مســتوى الــرأي العــام وشــرائح واســعة مــن ابنــاء املجتمــع اليمنــي.
وإذا كانــت هــذه االنتخابــات ســتجري يف أجــواء مختلفــة متام ـاً عــن تلــك االجــواء التــي
ســادت او طغــت علــى اســتحقاق1999م فــان اســتحقاق اليــوم بالضــرورة يتميــز بعديــد مــن
امليــزات الذاتيــة واملوضوعيــة سياســياً واجتماعيــاً داخليــاً وخارجيــاً عــن االســتحقاقات
السياســية التــي ســبقته .
1.1ان انتخابــات 2006م تعتبــر اول انتخابــات رئاســية جتــري مباشــرة ويكــون التنافــس
بــن املرشــحني والبرامــج والقــوى السياســية التــي تقــف خلفهمــا جديــة وحــادة ,علــى
االقــل بــن مرشــح احلــزب احلاكــم الرئيــس احلالــي علــي عبــد اهلل صالــح ,ومرشــح
اللقــاء املشــترك فيصــل بــن شــمالن .,
256
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
البعــض قــد يتحجــج بــان اول انتخابــات رئاســية مباشــرة هــي انتخابــات 1999م
وليســت هــذه االنتخابــات ,وردنــا علــى ذلــك هــو نعــم انتخابــات 1999م هــي اول
انتخابــات رئاســية مباشــرة يف تاريــخ اجلمهوريــة ويف تاريــخ اليمــن عمومــا ,غيــر
ان حجــب الســلطة حينهــا التزكيــة عــن مرشــح املعارضــة الوحيــد حــن عبــر مجلــس
النــواب قــد جعــل تلــك االنتخابــات اقــرب الــى االســتفتاء حيــث افقدهــا ذلــك عمليــة
التنافســية بــن مرشــحني وبرنامجــن مختلفــن وبــدال مــن ذلــك حيــث جــرى التنافــس
بــن مرشــحني مــن حــزب واحــد احدهمــا حقيقــي واآلخــر صــوري وكالهمــا يعمــان
لهــدف واحــد هــو اإلبقــاء علــى االوضــاع القائمــة بــدون تغييــر .
2.2التكتــل السياســي الــذي نشــأ بقيــام حتالــف اللقــاء املشــترك ,وبرنامــج اإلصــاح
السياســي والوطنــي ومرشــح واحــد لالنتخابــات الرئاســية .
3.3ارتفــاع نســبة الوعــي السياســي وبأهميــة العمليــة االنتخابيــة يف التغييــر مقابــل ارتفــاع
نســبة الســخط وعــدم الرضــا جتــاه األوضــاع القائمــة .
4.4مكانــة وتاريــخ ونزاهــة مرشــح املعارضــة والــذي يعتبــر النقيــض املوضوعــي للمرشــح
املنافــس .
حقــق تكتــل اللقــاء املشــترك -مبجــرد قيامــه -إجنــازاً وطنيــاً ,ودميقراطيــاً ,وقيميــاً
عظيمـاً ,ســيكون لــه آثــاره االيجابيــة الكبيــرة علــى مســتوى التجربــة الدميقراطيــة والســلم
االجتماعــي ,ويف تصحيــح كثيــر مــن املفاهيــم والعالقــات السياســية واالجتماعيــة اخلاطئة
التــي ســادت لألســف الشــديد يف أوســاط مجتمعنــا طــوال العقــود الثالثــة املاضيــة .
وفيهــا ســادت الصراعــات واحلــروب بــن األحــزاب السياســية وعديــد مــن القــوى
االجتماعيــة ,وســاهمت وألســباب وعوامــل كثيــرة ليــس فقــط يف ترســيخ االســتبداد
وإطالــة أمــد احلكومــات الظاملــة ويف تكريــس ثقافــة الكراهيــة والعــداء بــن اليمنيــن
عمومــا وبــن األحــزاب والقــوى الوطنيــة واإلســامية التــي كانــت تنشــد جميعهــا االنعتــاق
والتحــرر والتقــدم لبلدهــا وشــعبها خصوصــا .
257
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وباتفــاق أحــزاب اللقــاء املشــترك علــى برنامــج اإلصــاح السياســي والوطنــي الــذي
شــخصت (املعارضــة) مــن خاللــه مشــكالت اليمــن الكبــرى واملتمثــل يف وجــود ســلطة
اســتبدادية صغيــرة ال تقبــل بالشــراكة الوطنيــة أو بالتــداول الســلمي للســلطة وال تقبــل
مببــدأ مســاءلة مــن ميتلــك الســلطة أمــام البرملــان والشــعب عمومــا ,أوال
,ثــم يف اتفاقهــا – مــن ناحيــة أخــرى -علــى مرشــح رئاســي واحــد مبكانــة ونزاهــة وتاريــخ
الشــخصية الوطنيــة الكبيــرة فيصــل عثمــان بــن شــمالن ,فــان املعارضــة اليمنيــة ممثلــة
بأحــزاب اللقــاء املشــترك ,تكــون قــد وضعــت أقدامهــا علــى الطريــق الصحيــح مــن اجــل
صناعــة تاريــخ جديــد ومجيــد لشــعبها وأمتهــا وســتحقق الكثيــر مــن القضايــا الوطنيــة
والدميقراطيــة املصيريــة ,حتــى وان لــم يفــز مرشــحها يف هــذه الــدورة الهامــة ,وعلــى
راس هــذه األهــداف الكبــرى التــي ســتحققها مــا ميكــن إجمالــه بالعناويــن الثالثــة التاليــة-:
كمــا ســتمثل هــذه االنتخابــات محطــة فارقــة يف تاريــخ الدميقراطيــة اليمنيــة والتــداول
الســلمي للســلطة وذلــك مــن خــال خلــق وعــي جديــد لــدى الــرأي العــام ,يف أن
الدميقراطيــة واالنتخابــات هــي طريــق التغييــر واإلصــاح مــن ناحيــة وأن االحتفــاظ
بالســلطة عــن طريــق القــوة وآليــات اجليــش واألمــن لــم يعــد لهــا مــكان بعــد اليــوم .
-ستســهم املعارضــة مــع مرشــحها فيصــل بــن شــمالن يف تعزيــز الهويــة الوطنيــة ومتتــن
الوحــدة الداخليــة ومــداواة جروحهــا الغائــرة عبــر إشــعار كل مينــي بغــض النظــر عــن
منطقتــه او عشــيرته ،ان الدولــة اليمنيــة ملــك جلميــع اليمنيــن وان الوصــول الــى اعلــى
مناصبهــا حــق اصيــل مــن حقــوق املواطنــة وليــس حكــراً علــى شــخص بعينــه ومنطقتــه
او شــطر بعينــه.
258
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
وهــو مــا يعنــي تكريــس الهويــة الوطنيــة لليمنيــن والتقليــل مــن مشــاعر الغــن والتهميــش
التــي تعتــري شــرائح ومناطــق واســعة مــن ابنــاء ومحافظــات اليمــن.
وباإلضافــة الــى كل مــا ســبق فستســهم املعارضــة يف هــذا االســتحقاق الوطنــي الكبيــر يف
نبــذ وإنهــاء فكرتــي (تأبيــد وتوريــث ) الســلطة بعــد ان كان البعــض قــد جنــح والــى حــد كبيــر
يف ترســيخ مفهــوم التوريــث يف وعــي شــرائح واســعة مــن أبنــاء اليمــن بحكــم األمــر الواقــع .
259
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
()13
الثالثاء 04يوليو-متوز2006م
فيصــل بــن شــمالن هــو النقيــض (املوضوعــي) لعلــي عبــداهلل صالــح ,هــذا مــا ســمعته
مؤخــرا علــى لســان احــد املثقفــن احملترمــن ..,
وهــو فعــا نقيــض (موضوعــي ) للرئيــس احلالــي ,يف كل شــيء تقريب ـاً بــداء مــن رجاحــة
العقــل ,ونظافــة اليــد ,والشــعور باملســؤولية جتــاه البــاد والعبــاد ,وانتهــاء برصانــة
اخلطــاب السياســي وامتــاك زمــام اللغــة ومفرداتهــا باعتبارهــا وعــاء للمعرفــة وأداة
للتثاقــف والوعــي وليــس أي شــيء آخــر .
واحلقيقــة أن «التناقــض» امللحــوظ بــن الرئيــس احلالــي والرئيــس احملتمــل ســواء يف
مكونــات بنــاء الشــخصية ،أويف طريقــة التفكيــر وقبــل ذلــك يف موقــف كل واحــد منهمــا
جتــاه النــاس ،و القضايــا ،واألحــداث هــو مؤشــر آخــر وقــوي علــى جدية التنافــس االنتخابي
القــادم.
ليــس الن التنافــس بــن (املتماثلــن) ال معنــى لــه وال ميكــن لفــوز احــد الشــبيهني أن يحــدث
تغييــراً ملموس ـاً يف حيــاة النــاس ويف مكانــة الشــعوب واألمم ،بــل والن التناقــض املعــريف
والقيمــي بــن صالــح وبــن شــمالن يجعــل خيــارات الناخــب اليمنــي واضحــة وال لبــس فيهــا،
وال مواربــة .
فإمــا أن يختــار املاضــي كلــه ومــا ميثلــه يف حياتــه ،أو أن يختــار املســتقبل كلــه ،ومــا يطمــح
أن ميثلــه يف حياتــه.
260
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
عندمــا ظهــر علــي عبــد اهلل صالــح عنوانـاً بــارزاً يف صحيفــة الثــورة قبــل 27عامــا لــم يكــن
معظــم اليمنيــن واليمنيــات يعرفونــه ,ولــم يكــن لــه -بالضــرورة -قاعــدة شــعبية واســعة
أو مكانــة اجتماعيــة بــارزة ,
ولــوال الظــروف اإلقليميــة والدوليــة حينهــا ومــا فرضتــه علــى اليمــن ونخبتهــا السياســية
,مــن حتالفــات داخليــة وخارجيــة تصــب يف دعــم الرئيــس اجلديــد ويف اســتمرار حكمــه
لفتــرة محــددة مــن الزمــن ولغــرض بعينــه مــن األغــراض ,لظــل علــي عبــد اهلل صالــح
مجــرد (شــاوش) صغيــر يلــوك اســمه بســخرية الرئيــس املقبــور أنــور الســادات ,وغيــره
مــن الرؤســاء العــرب حينهــا والذيــن اســتكثروا علــى اليمــن أن يظهــر فيهــا عســكري آخــر
ينافســهم يف زعامــة االســتبداد الداخلــي واالرتهــان اخلارجــي ســواء كان إقليميـاً أو دوليـاً.
واليــوم وبعــد 27ســنة ونيــف ،مــن الســلطة لــم يعــد اســم الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح
مجهــوال لــدى غالبيــة اليمنيــن ,وعلــى خــاف ذلــك متامــا فقــد اصبــح معروفــا يف كل
بيــت و لــدى الصغيــر والكبيــر ,ولــن نبالــغ إذا قلنــا بــان هنــاك جيــل مينــي بكاملــة تقريبــا
(ولــد وترعــرع وتــزوج ورمبــا توفــاه اهلل )يف عهــد الرئيــس صالــح ,
غيــر أن املشــكلة اليــوم لــم تعــد يف عــدم معرفــة النــاس بالرئيــس أو يف جهلهــم باســمه
وكيــف وصــل ومــن أوصلــه إلــى الســلطة!؟ بــل هــي يف معرفتهــم لــه ويف اســتمراره فــوق
رؤوســهم وعلــى كواهلهــم طــوال ثالثــة عقــود مــن الزمــن دون أن يتغيــر أو تتغيــر عقليتــه
وطــرق تفكيــره ,
واالدهــى مــن ذلــك دون أن يعلــم أو يقتنــع بــان العالــم مــن حولــه قــد تغيــر وان الزمــن لــم
يكــن زمنــه واألولــى انــه لــم يعــد زمنــه ,وبــان اســتمراره رئيســا رغــم كل هــذه املتغيــرات
والتحــوالت الكبــرى ميثــل إهانــة ألبنــاء مجتمعــه وجرحــاً لكرامتهــم الوطنيــة واتهامــاً
ألمهاتهــم بالعقــم وبأنهــن لــم يلــدن طــوال ثالثــة عقــود مــن الزمــن ســوى رئيسـاً وحــداً حتــى
وان كان صاحلــاً.
فيصــل بــن شــمالن عنــوان لعهــد جديــد مختلــف متامــا عمــا قبلــه ,ولــو لــم تكــن األحــزاب
التــي اختارتــه صادقــة وجــادة يف جعــل االنتخابــات القادمــة مختلفــة عــن ســابقاتها وطريقـاً
261
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
لفتــح باب ـاً للمســتقبل اليمنــي ,ملــا اختــارت شــخصية كبيــرة مبكانــة ومصداقيــة وجديــة
فيصــل بــن شــمالن ,الــذي ال ميكــن ملثلــه أن يجعــل مــن نفســه (العوبــة) انتخابيــة بيــد
الســلطة أو بيــد املعارضــة إلعــادة إنتــاج الوضــع القائــم ,
وحتــى لــو افترضنــا جــدالً بــان أحــزاب املشــترك قــررت يف حلظــة مــن اللحظــات أن تقــف
يف منتصــف الطريــق أو تتراجــع إلــى اخللــف كمــا كان يحصــل مــن قبــل فــان أول مــن
ســيواجه هــذا التراجــع واخلــذالن هــو بــن شــمالن نفســه الــذي عــرف بصرامتــه ومبدئيتــه
,والــذي صــرح بــان التراجــع عــن قبــول الترشــيح يف ظــل األوضــاع املترديــة التــي تعيشــها
(((7
البــاد يعتبــر هروب ـاً و ميثــل بالنســبة لــه معصيــة
صناعــة التاريــخ والتحــوالت الكبــرى للشــعوب واألمم املختلفــة يحتــاج يف كثيــر مــن األحيــان
إلــى أمريــن اثنــن فقــط .
فرصــة تاريخيــة مواتيــة ,و وجــود شــخص (بطــل ) أو جهــة مســئولة تتقــدم مــع شــيء مــن
املغامــرة النتهــاز هــذه الفرصــة ومــلء مســاحتها وتوجيــه مســاراتها لصالــح شــعبها وأمتهــا .
ويف اليمــن توفــر االنتخابــات الرئاســية للمعارضــة ولفيصــل بــن شــمالن هــذه الفرصــة
التاريخيــة التــي ميكــن مــن خــال انتهازهــا واإلمســاك بهــا احــداث ثغــرة كبيــرة يف جــدار
االســتبداد والفســاد اليمنــي وفتــح أفاق ـاً جديــدة لإلصــاح والتغييــر الــذي طــال انتظــاره
بســبب املتردديــن وكثيــري احلســابات الفارغــة.
املغامــرون عــادة مــا يقــودون أنفســهم وبلدانهــم إلــى الهاويــة والــى احلــروب والدمــار هــذا
صحيــح ،غيــر أن الصحيــح أيضــا هــو أن املتردديــن واخلائفــن ال يصنعــون تاريخــاً ال
ألنفســهم وال لشــعوبهم وأوطانهــم ،وباعتقــادي أن املعارضــة اليمنيــة باختيارهــا فيصــل
بــن شــمالن تكــون قــد اختــارت بوعــي يف أن تخطــو اخلطــوة األولــى علــى طريــق صناعــة
التاريــخ املجيــد لهــذا اجليــل .
( )71لألســف هــذا حصــل وتخلــى االصــاح ومــن ثــم املشــترك عــن مرشــحهم بــن شــمالن منــذ االســبوع االخيــر مــن احلملــة
االنتخابيــة بإيقــاف مهرجانــات صعــدة ورميــة واضعــاف املهرجــان اخلتامــي بأمانــة العاصمــة بصنعــاء ثــم وهــو االهــم اثنــاء عمليــة
فــرز نتائــج الرئاســيات واحملليــات حيــث قبلــت املعارضــة ان يتحكــم احلــزب احلاكــم بإعــان نتائــج الرئاســيات وانشــغلت عمــدا
بنتائــج احملليــات وقيــل ان ذلــك قــد مت بضغــوط كبيــرة تلقهــا االصــاح والشــيخ عبــد اهلل مــن قبــل صالــح والســعودية وهــو مــا أثــار
اســتياء بــن شــمالن يف حينــه حتــى ان املعارضــة رفضــت اعــان االحصــاء الــذي قــام بــه ممثلوهــا يف الصناديــق مكتفيــة برفــض
شــكلي ملــا اعلنتــه اللجنــة العليــا ثــم االعتــراف بفــوز صالــح وتهنئتــه وهــو مــا رفضــه بــن شــمالن
262
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
لقــد كانــت املعارضــة موفقــة إلــى حــد كبيــر ,ولــن يســتطع الرئيــس احلالــي أن يطعــن
بتاريــخ ومكانــة ونزاهــة بــن شــمالن ,ولعــل أهــم الرســائل الوطنيــة التــي بعثتهــا املعارضــة
بهــذا االختيــار املوفــق .
هــي تلــك التــي جــاءت يف تصريــح لرئيــس منتــدى التنميــة السياســة(علي ســيف حســن )
الــذي قــال (بــان بــن شــمالن ميثــل الوحــدة الوطنيــة ويســهم يف مــداواة جروحهــا الغائــرة من
ناحيــة ,وميثــل رمــزاً لالســتقامة والنزاهــة التــي يبحــث عنهــا النــاس يف قادتهــم ومســئوليهم
اليــوم مــن ناحيــة ثانيــة .
ويفتــح آفاق ـاً جديــدة لعالقــات طبيعيــة ومثمــرة بــن اليمــن وجيرانهــا مــن دول اخلليــج
والســعودية مــن ناحيــة ثالثــة .يقصــد تلــك العالقــات املثقلــة بتاريــخ الصراعــات الشــخصية
بــن حكامهــا وعلــى حســاب شــعوبها !
263
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
()14
لــم يفاجئنــي حضــور أمــن عــام حــزب احلــق الوالــد احمــد محمــد الشــامي املهرجــان
االنتخابــي ملرشــح احلــزب احلاكــم (الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح) يف أمانــة العاصمــة
,والــى جانبــه العاملــن اجلليلــن الســيد محمــد محمــد املنصــور ,وحمــود عبــاس املؤيــد ,
فقــد كنــت أتوقــع مثــل هــذا احلضــور املهرجانــي منــذ وقــت مبكــر ,ورمبــا تكــون املفاجــأة
يف تأخــر املوقــف حتــى آخــر يــوم مــن احلملــة االنتخابيــة ,والســبب يعــود إلــى أننــي اعــرف
بعــض مــن جوانــب شــخصية الوالــد الشــامي ,واعــرف بعض ـاً مــن الظــروف احمليطــة بــه
والضغــوط األســرية التــي عــادة مــا تفــرض عليــه حضــور مثــل هــذه االحتفــاالت الرئاســية
واملهرجانــات االنتخابيــة للرئيــس ,وان كنــت بالطبــع ال أتفهمهــا وال اعــذره عليهــا.
األمــر يختلــف بعــض الشــيء بالنســبة حلضــور العاملــن اجلليلــن املؤيــد واملنصــور ,حيــث
أتفهــم شــخصياً ذلــك احلضــور «االنتخابــي» ورمبــا اعذرهمــا عليــه ,ليــس ألنهمــا ال
ميثــان حزبـاً سياســياً لــه مرشــح رئاســي آخــر معــارض ملرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام كمــا
هــو احلــال مــع الوالــد الشــامي ,بــل وألنهمــا حضــرا املهرجــان االنتخابــي بأمــر «الدولــة
« وليــس تأييــداً ملرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام ,واالهــم مــن ذلــك هــو أن هنــاك عــدد مــن
«األفاكــن» الذيــن يســتغلون طيبتهمــا وورعهمــا واحتــرام شــرائح واســعة مــن أبنــاء املجتمــع
لهمــا وملكانتهمــا العلميــة ال مــن اجــل تأكيــد هــذه املكانــة العاليــة يف نفــوس النــاس بــل مــن
اجــل احلــط منهــا ,عبــر جرجرتهمــا إلــى مواقــف وأماكــن ال تعبــر عــن قناعاتهمــا بقــدر مــا
تعبــر عــن نظرتهمــا التقليديــة إلــى «الدولــة» والــى «رئيســها» وهــي باملناســبة نظــرة اقــرب
إلــى الفكــر الســلفي منهــا إلــى الفكــر الزيــدي جتــاه الســلطة ورئيســها .
يف كل األحــوال فــان جتــار املواقــف ,والضمائــر ,هــم مــن يتاجــرون مبكانــة هذيــن العاملــن
اجلليلــن يف نفــوس النــاس ال لشــيء إال مــن اجــل التقــرب إلــى الرئيــس واحلصــول علــى
«رضــاه « مــرة باســم «الهاشــمية « ومــرة ثانيــة باســم «الزيديــة « وهــم ال ميثلــون ال هــذه
وال تلــك ,بقــدر مــا يبحثــون عــن األمــوال والدرجــات الوظيفيــة.
264
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
حتــى أن احدهــم حصــل علــى ســيارة «مونيــكا» -و يــا لــه مــن ثمــن بخــس – مقابــل إصــدار
بيانـاً سياســياً خطيــراً باســم هــؤالء العلمــاء األفاضــل ,األمــر الــذي اضطرهــم فيمــا بعــد
إلــى إنــكار صلتهــم بــه ولكــن بعــد فــوات األوان.
لعلكــم تتذكــرون ذلــك البيــان اخلطيــر الــذي اخــرج «الشــهيد حســن احلوثــي مــن العقيــدة
الصحيحــة» وكان أن اســتغلته الســلطة حينهــا لشــن حــرب اضطهــاد دينــي ال مثيــل لهــا ضــد
أبنــاء صعــدة وغيرهــا ,وصلــت إلــى درجــة حتــرمي االحتفــاالت والطقــوس الدينيــة وإغــاق
املــدارس الفقهيــة بحجــة اخلــوف مــن اإلماميــة تــارة وامللكيــة تــارة أخــرى بــل إن صحــف
الســلطة وتلــك املمولــة منهــا ال تــزال حتــى اآلن تشــن حربــا عنصريــة ظاملــة ضــد إتبــاع
املذهــب الزيــدي عمومــا ,وضــد الشــريحة االجتماعيــة التــي ينتمــي إليهــا املؤيــد واملنصــور
خصوصــا .
لهــذه األســباب مجتمعــه ال أجــد املشــكلة يف حضــور املؤيــد واملنصــور مهرجــان الرئيــس
االنتخابــي وقــد اعذرهمــا عليــه ,غيــر أننــي علــى يقــن أن ذلــك لــن يغيــر مــن قناعــة
الناخبــن والناخبــات جتــاه الرئيــس صالــح .
وإذا كان هنالــك مــن نصيحــة بهــذه املناســبة الدميقراطيــة العظيمــة فهــي موجهــة إلــى
مرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام األخ علــي عبــد اهلل صالــح ,وأقــول لــه مخلصــا :يــا ســيدي
أنــت تراهــن بذلــك علــى الوهــم ,ومثلمــا أن تصريــح الشــيخ عبــد اهلل الــى جانــب ترشــيحك
لــم يغيــر مــن قناعــات أتباعــه واحملســوبني عليــه مبــن فيهــم عــدد مــن أبنائــه الكــرام.
فــان األمــر كذلــك بالنســبة ألعضــاء حــزب الشــامي واحملســوبني مذهبيــاً واجتماعيــاً
علــى املؤيــد واملنصــور ,ثــم هــل تتصــور يــا ســيدي بــأن يصــوت لــك مــن تعمــدت ومــع
ســبق اإلصــرار والترصــد إلــى محاولــة إذاللهــم وقهرهــم وبأكثــر الوســائل فتــكاً باإلنســان
والكرامــة اإلنســانية ,وكأنــك بذلــك احلضــور املهرجانــي الرهيــب ,تنكــي اجلــرح لديهــم
قائــا «صوتــوا لــي لكــي أعــود حملاربتكــم يــا أعــداء اهلل !!
265
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
ثــم مالــك والرمــوز الدينيــة واالجتماعيــة اليــوم وهــل تعلــم أن كل مــن تصــدى حلربــك
الظاملــة يف صعــدة وغيرهــا أمثــال األســاتذة الكــرام مفتــاح والديلمــي ,ولقمــان واخليوانــي ,
وعبــد الفتــاح احلكيمــي ورشــيدة القيلــي ورحمــة حجيــرة وتــوكل كرمــان وغيرهــم وغيرهــم
,وحتملــوا مــن اجــل ذلــك كل العنــت والظلــم هــؤالء ال يزالــون -يــا ســيدي – علــى
مواقفهــم مــن الوضــع الــذي حتكــم باســمه وإذا كان هنالــك علــى مــن تراهــن فهــو علــى
الناخــب والناخبــة أوال وعلــى هــذه الرمــوز القياديــة الفاعلــة ثانيــا .
266
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
()15
منصــب رئيــس اجلمهوريــة والوصــول إليــه عبــر التنافســية وصناديــق االقتــراع حــق أصيــل
مــن حقــوق املواطنــة ,وقــد أكــد عليــه دســتور اجلمهوريــة اليمنيــة بوضــوح ال لبــس فيــه.
وإذا كان هنالــك مــن جديــد بهــذا اخلصــوص فهــو أن االنتخابــات الرئاســية الثانية يف تاريخ
اجلمهوريــة اليمنيــة ,تكــرس هــذا احلــق مــن الناحيــة العمليــة والواقعيــة بعــد أن اســتمر
حقــاً نظريــاً منــذ انتصــار اجلمهوريــة يف صنعــاء عــام1962م ,وقيــام دولــة االســتقالل
الوطنــي يف عــدن عــام 1967م ..
لــم اســتغرب أو اســتنكر ارتفــاع نســبة طالبــي الترشــيح ملنصــب رئيــس اجلمهوريــة
ووصولهــم إلــى أكثــر مــن 82طالبــا للترشــيح مــن بينهــم ثــاث أو أربــع نســاء ,وكثيــر منهــم
نــاس عاديــن وبســطاء قــرروا ذلــك مــن أنفســهم ولــم يدفعهــم إليــه ال حــزب وال رئيــس وال
شــيخ وال هــم يحزنــون.
ا ,وبالتالــي فهــذا
ولكنهــم اندفعــوا يف معظمهــم لتحقيــق وإظهــار ذاتهــم املقموعــة طوي ـ ً
العــدد الكبيــر يشــير يف جــزء منــه إلــى وجــود وعــي حقيقــي لــدى قطــاع واســع مــن اليمنيــن
يف أن منصــب رئيــس اجلمهوريــة أصبــح حــق لــكل مينــي ومينيــة ولــم يعــد حكــراً علــى
شــخص بعينــه أو منطقــة بعينهــا أو فئــة دينيــة أو عشــائرية بعينهــا.
كمــا انــه يشــير إلــى أن النــاس بــدأوا يتعاملــون مــع الدميقراطيــة واالنتخابــات الدوريــة
بجديــة وشــرعوا شــيئا فشــيئا يقتنعــون يف إمكانيــة التغييــر الســلمي وإمكانيــة اســتبدال
رئيــس جمهوريــة بآخــر أفضــل منــه عــن طريــق التنافســية والصــوت االنتخابــي وليــس عــن
267
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
طريــق البندقيــة والدبابــة وقطــع الطريــق أو قطــع اإلرســال اإلذاعــي إلعــان البيــان رقــم
واحــد.
ال عيــب إذا ,وال يجــوز أن نعيــب علــى كل مــن يجــد يف نفســه الكفــاءة واألهليــة خلــوض
ا أو امــرأة ,مســتق ً
ال الســباق الرئاســي أن يقــدم نفســه للنــاس «مرشــحاً» ســواء كان رجـ ً
أو حزبيـاً ,زيديـاً أو شــافعياً ,قحطانيـاً أو هاشــمياً ,جبليـاً أو ســهلياً ,شــمالياً أو جنوبيـاً,
حضرمي ـاً او يافعي ـاً ,مثقف ـاً أو أمي ـاً ,و ,و الــخ ,
فهــذه هــي اليمــن وهــؤالء هــم اليمنيــون وعلينــا أن نقبــل بهــا وبهــم كمــا هــي وكمــا هــو تنــوع
شــعبها وليــس كمــا يحــب بعضنــا أو يكــره أن تكــون ,واال فالبديــل هــو أن يعمــل كل واحــد
منــا «اليمــن اخلــاص بــه» !
واملهــم بالنســبة لهــؤالء املرشــحني احلقيقيــن هــو رأي النــاس فيهــم ,وقبــل ذلــك اســتيفائهم
لشــروط الترشــح والتزكيــة املنصــوص عليهــا يف الدســتور..
العيــب كل العيــب ومــا ميــس القيــم واألخــاق الدينيــة والدميقراطيــة هــو أن يكــون هنــاك
مرشــح واحــد غيــر حقيقــي أو «مســتعار» أي أن يقــدم نفســه مرشــحا مــن اجــل أغــراض
أخــرى سياســية أو ماليــة أو أي شــيء آخــر ال عالقــة لهــا بالترشــيح والتنافــس اجلــدي
علــى املنصــب الرئاســي.
شــخصياً ال اســتطيع ولــو للحظــة واحــدة أن اقبــل أو أتفهــم وجــود شــخص محتــرم أو هكــذا
يفتــرض ثــم يقبــل علــى نفســه أن يقــوم بــدور املرشــح البديــل أو املســتعار أيـاً كانــت احلجــج
واملبــررات السياســية وغيــر السياســية التــي قــد يطرحهــا أو تطرحهــا اجلهــة التــي دفعــت
بــه إلــى هــذه الهاويــة ،الن هــذا مــن وجهــة نظــري عمــل غيــر أخالقــي باألســاس وميــس
أول مــا ميــس كرامــة املرشــح (الكمبــارس) نفســه قبــل أن يكــون نــوع مــن أنــواع اخلــداع
والتضليــل للنــاس .
268
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
يف األســبوع املاضــي اطلعــت علــى عــدد مــن املقابــات الصحافيــة التــي اجــري بعضهــا مــع
عــدد مــن هــؤالء املرشــحني املســتعارين وقــد الحظــت أنهــم يف اجاباتهــم ال يعملــون شــيئا
ســوى اإلمعــان يف إذالل أنفســهم واحلــط مــن كرامتهــم وذواتهــم احملترمــة والتأكيــد مــرة
بعــد مــرة بأنهــم ليســوا مرشــحني ملنصــب الرئاســة بــل للهجــوم علــى مرشــح املعارضــة
فيصــل بــن شــمالن ومحاولــة النيــل منــه ومــن مكانتــه وســمعته ,والــى درجــة أن احدهــم
اســتكثر أن يقــول النــاس عــن بــن شــمالن «انــه شــخص نظيــف ولــم يلــوث يديــه وقبــل ذلــك
ضميــره بالفســاد».
وكان ممــا تضمنــه قــول هــذا املرشــح (كيــف تزايــد أحــزاب املشــترك بنزاهــة مرشــحها
ملجــرد انــه أعــاد ســيارة صرفتهــا لــه احلكومــة ,أنــا شــخصيا نزيــه وشــريف وقــد توليــت
مناصــب كثيــرة واعــدت ثــاث ســيارات للحكومــة) وزدت عليهــا أدوات املطبــخ!
مرشــح آخــر ســبق وان قــال عــن نفســه بأنــه مرشــح ضــد األكادمييــن أو مــع األكادمييــن
وليــس ضــد فخامــة الرئيــس علــى عبــد اهلل صالــح ,وبعــد أن رفــض فخامــة الرئيــس علــي
عبــد اهلل صالــح تزكيتــه يف مجلــس النــواب ,عــاد ليقــول بأنــه انســحب لصالــح فخامــة
الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح.
أمــا املرشــح املســتعار الثالــث وهــو يف هــذه املــرة «حزبــي» فلــم يعــب علــى املعارضــة ســوى
أنهــا لــم تقــدم مرشــحا مــن قياداتهــا ولــو حصــل ملــا ترشــح هــو (ولعرفنــا مــا إذا كان بــن
قياداتهــا شــخصية شــريفة ونزيهــة كمــا يزايــدون علــى بــن شــمالن) وهــو مــا ســبق وان قالــه
بالنــص املرشــح األصلــي للمؤمتــر الشــعبي العــام ولــم ميلــك املرشــح (التقليــد) ســوى ترديــد
مــا يقولــه الســيد.
وهــذا بالضبــط مــا أردت أن أقولــه عــن االنحطــاط بكرامــة املرشــح املســتعار ســواء كان يف
ال أو حزبيـاً(.((7
الســلطة أو يف املعارضــة مســتق ً
( )72قدمت املعارضة واالصالح فتحي العزب مرشحا اخر بحجة زيادة الرقابة ولكنها كانت متارس هي االخرى
اعمال غير مقبولة اخالقياً أي خداع الناخبني.
269
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
أمــا القــول بــان املرشــح البديــل قــد يســهم يف ســحب بعــض األصــوات مــن املرشــح اخلصــم
أو قــد يســهم يف احلصــول علــى املبلــغ املالــي لصالــح املرشــح األصلــي فهــي مبــررات واهيــة
وقــد تكــون مقبولــة مــن الناحيــة السياســية غيــر أنهــا مــن الناحيــة األخالقيــة نــوع مــن
أنــواع االحتيــال علــى القانــون وليــس لهــا مــن دور ســوى تضليــل وخــداع وتشــويش الناخبــن
وبالتالــي فهــي غيــر مقبولــة أخالقيـاً وغيــر مفيــدة سياســياً .
270
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
()16
منــذ بدايــة العــدوان اإلســرائيلي البربــري علــى لبنــان وشــعبها الصامــد والرئيــس احلالــي
يخــوض حملتــه االنتخابيــة داخليـاً ضــد «احلــكام العــرب» وليــس ضــد فيصــل بــن شــمالن ,
والــى درجــة انــه ســافر فجــأة إلــى قطــر ال لشــيء ســوى إلجــراء مقابلــة صحافيــة يف
«اجلزيــرة» حــاول مــن خاللهــا تأكيــد مــا ســبق وان قالــه مــرارا حــول تخــاذل حــكام
«الســعودية واألردن ومصــر» جتــاه املأســاة التــي يعانــي منهــا شــعب لبنــان وفلســطني.
ويف خطــاب املزايــدات االنتخابيــة ظهــر حــزب اهلل نفســه وكأنــه احــد كتائــب الرئيــس
امليدانيــة ,وليــس ذلــك «الرافضــي» الــذي نشــبت حــرب دمويــة يف مــران الن املرحوم حســن
احلوثــي رفــع علــم احلــزب وردد شــعار (املــوت إلســرائيل املــوت ألمريــكا).
يعتقــد الرئيــس -واهلل اعلــم -بــان احلــرب يف لبنــان قــد وفــرت لــه فرصــة مواتيــة إلعــادة
االعتبــار لنفســه وبعــض مــن شــعبيته التــي كان قــد خســرها بضربــة واحــدة حــن قــرر
العــودة عــن قــرار عــدم ترشــيح نفســه عبــر تلــك املســرحية التــي جعلتــه واليمــن معــه محــل
ســخرية وتنــدر الك َّتــاب واملعلقــن العــرب طــوال الشــهرين املاضيــن ,ومــع احترامنا ملشــاعر
الرئيــس اجلياشــة جتــاه شــعبه وأمتــه يف لبنــان وفلســطني إال انــه لــم يعمــل يف احلقيقــة أي
شــيء عملــي ضــد العــدوان والتضامــن مــع شــعب لبنــان ســوى التنديــد باحلــكام املتخاذلــن.
كان بإمــكان الرئيــس احلالــي أن يعمــل أشــياء كثيــرة لدعــم املقاومــة واحلــد مــن آثــار
العــدوان البربــري اإلســرائيلي ,كأن يســتدعي الســفير األمريكــي ويقــدم لــه باســم اليمــن
احتجاجـاً رســمياً ضــد موقــف إدارة الرئيــس بــوش الرافضــة لوقــف إطــاق النــار بوقاحــة.
271
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
أو يقــوم بإيقــاف أو تعليــق التعــاون األمنــي مــع الواليــات املتحــدة األمريكيــة بخصــوص
مكافحــة اإلرهــاب ،أو تخصيــص برنامــج تلفزيونــي واحــد لدعــوة اليمنيــن للتبــرع أو
يعلــن احلــداد الرســمي علــى ضحايــا «قانــا ,ومروحــن» وغيرهــم مــن ضحايــا املجــازر
اإلســرائيلية وكلهــا أمــور بيــده وبإمكانــه عملهــا وســيكون لهــا مــردود طيــب جتــاه القضيــة ,
غيــر أن الرئيــس مثــل بقيــة زمالئــه احلــكام ,هــرب مــن املمكــن إلــى املســتحيل وتــرك مــا
بيــده إلــى مــا بأيــدي اآلخريــن ,وذهــب يعــرض مبواقــف احلــكام العــرب يف عــدم فتحهــم
احلــدود وتوريــد األســلحة والدعــم اللوجســتي للمقاومــة أي تلــك األشــياء التــي -مــن غيــر
املمكــن ان يعملهــا هــو –ولكنــه التعريــض والتحريــض» ليــس اال «
272
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
()17
مــن يريــد أن ينظــر إلــى وجــه الفســاد يف اليمــن ,فمــا عليــه إال أن ينظــر إلــى شــوارع
وطرقــات مدينــة صنعــاء واملــدن الرئيســة األخــرى ،وســيجدها قبيحــة مثــل الســلطة،
ووجههــا ملــيء باألخاديــد واحلفــر واحلفريــات واملطبــات و»الرقــع اإلســفلتية» املنثــورة يف
كل مــكان ,جــراء تراكــم الفســاد واالرجتاليــة عليهــا طــوال 28ســنة أو تزيــد.
اختــر أي شــارع يف صنعــاء ,وجــرب أن تســير يوم ـاً علــى ســيارة أو «دبــاب» أو أي شــيء
آخــر لــه عجــات ،وأنــا علــى يقــن انــك ســتجد نفســك عاجــزا عــن التمييــز بــن مــا إذا
كنــت تســير يف صنعــاء وعلــى شــارع معبــد «مزفلــت» أنفقــت عليــه الدولــة ماليــن الريــاالت
اقتطعتهــا مــن أقــوات وأرزاق النــاس املســاكني ،أم انــك يف قريــة «املنــازل» اجلبليــة وحتــاول
(((7
الوصــول إليهــا جاهــدا عبــر» نقيــل الشــق» الصخــري
إعلــم ســيدي أن هــذه هــي صنعــاء و أن هــذا هــو الفســاد الــذي ســلمها وشــوارعها
وميادينهــا العامــة إلــى السماســرة مــن مقاولــي الباطــن ،ليعبثــوا بهــا ويحفــروا علــى وجههــا
اجلميــل تلــك األخاديــد والبقــع الســوداء ســواد أياديهــم امللطخــة بالفســاد واإلفســاد املتعمــد
يف كل شــيء وعلــى كل شــيء.
قبــل 28ســنة كانــت مدينــة صنعــاء جميلــة وجذابــة وحتيطهــا البســاتني واملتنزهــات
الطبيعيــة مــن اجلهــات األربــع .أزهــار اللــوز واملشــمش العرائســية تغطــي أفــق ضاحيتهــا
اجلنوبيــة «حــدة» وعناقيــد العنــب مــن كل صنــف ولــون تتدلــى مــن كرمــات وادي ظهــر
وســعوان ،وبنــي حشــيش.
( )73اسماء قرى ومناطق بالقرب من قريتي املقالح وقلتها على سبيل السخرية والتهكم!
273
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
ثــم تأتــي ضاحيتهــا الشــرقية (الروضــة) ومــا أدراك مــا الروضــة وعجائــب الصناعنــة فيهــا
يف اخلريــف واالختــراف (اخلريــف يف صنعــاء كالصيــف يف مصــر موســماً لالصطيــاف
والنزهــة والتمتــع بخضــرة وثمــار بســاتني الروضــة مــن العنــب والرمــان والبلــس) .
يف ذلــك الزمــن اجلميــل كانــت هــذه املدينــة مخططــة وكل مــن يريــد أن يبنــي ألطفالــه
منــزالً جديــداً يف «الصافيــة» أو يف «بيــر الشــايف» وغيرهــا مــن احلــواري اجلديــدة آنــذاك,
كان يذهــب إلــى البلديــة ليســتخرج رخصــة البنــاء ،وكان يجــد علــى تلــك القصاصــة
الصغيــرة «الدولــة».
وكل شــروط ومواصفــات البنــاء التــي يجــب أن يلتــزم بهــا .اليــوم وبعد28عامــا مــن دولــة
الفســاد ،لــم تعــد رخصــة البنــاء ومعهــا الدولــة – دولــة املواطنــة والقانــون -ضــرورة إال ملــن
ال ميلكــون وســاطة كبيــرة ،أو ســيارة فاخــرة ،وطقم ـاً عســكرياً ميكــن اســتئجاره للبســط
علــى أراضــي وممتلــكات املســاكني وبعشــرة آالف ريــال فقــط ال غيــر.
بعــد 28عامــا أصبحــت صنعــاء مجــرد قريــة كبيــرة ولكــن بــدون ميــزات القريــة اليمنيــة...،
صنعــاء اليــوم ليســت مدينــة وليســت قريــة ،ولكنهــا شــيء مــن هــذا وشــيء مــن ذاك ,واقــل
مــن هــذا وذاك.
لقــد دخلــت إلــى صنعــاء قــرى ,وقبائــل عديــدة مــن ســنحان وبنــي مطــر وبنــي حشــيش،
وغيرهــا وقــدم اليهــا مواطنــن مــن كل انحــاء اليمــن وهــذا جيــد وأمــر طبيعــي ،واملشــكلة
ليســت هنــا ولكنهــا يف عــدم اندمــاج القادمــن الــى صنعــاء بســكان صنعــاء وبقائهــم جــزر
معزولــة عــن بعضهــا البعــض وكل قريــة أو قبيلــة نقلــت نفســها الــى صنعــاء مــن الريــف كمــا
هــي يف الفســاد واالرجتاليــة التــي جعلــت مــن «بيــت ردم» ،و»اجلــرداء» و»بيــت بــوس» بديــا
للعلمــي والفليحــي وســينما بلقيــس و»مدرهــات البنــات» يف حــارة اجلــاء واالذاعــة وغيرهــا
مــن معالــم ومتنزهــات ومســارح املدينــة -اقصــد مدينــة صنعــاء الســاحرة تلــك التــي نحبهــا.
اجلديــد يف صنعــاء اليــوم هــو توســعها وعشــوائيتها وقبــح شــوارعها املرقعــة ،وغيــاب دولتهــا
التــي تصــر علــى ظهــور غيابهــا يف كل شــيء ،يف الشــوارع واألزقــة وميــاه األمطــار الراكــدة.
274
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
يف شــارات املــرور املعطلــة ويف طريقــة ســير الســيارات وطريقــة إيقافهــا يف وعلــى الشــوارع
العامــة ،يف «البلديــة» وبائعــي العربيــات ،يف االرتفــاع اجلنونــي لفواتيــر الكهربــاء املقطوعــة
وميــاه الشــرب الشــحيحة ،ويف أســعار تلفوناتهــا األرضيــة والســيارة عبــر األفــاك.
يف مكاتــب املوظفــن «الرســميني» وأطقــم األمــن املركــزي والفرقــة االولــى ،يف أســواق
القــات املزدحمــة قبــل أذان الظهــر ,يف ،ويف…إلــخ
احلاضــر يف صنعــاء ورمبــا يف كل املــدن اليمنيــة هــي فقــط صــورة الرئيــس ومرشــح
«املســتقبل» و»اليمــن اجلديــد» وكيــف يكــون جديــداً وهــوه علــى رأس الســلطة منــذ 28ســنة.
مــرة أخــرى مــن يريــد منكــم أن ينظــر إلــى الفســاد يف اليمــن فمــا عليــه ســوى النظــر إلــى
شــوارع صنعــاء املرقعــة واملليئــة باألخاديــد واحلفــر واملطبــات،
وعليــه حينهــا أن يتذكــر ان هنــاك فرصــة تاريخيــة واحــدة إلخــراج صنعــاء وبقيــة اليمــن
مــن البــؤس الــذي تعيشــه اليــوم يف ظــل دولــة الفســاد وان 20ســبتمبر القــادم يوفــر هــذه
الفرصــة التاريخيــة.
ا ,ولكــن
*اختــم بالقــول أننــي أحــب صنعــاء ,وصنعــاء مدينــة جميلــة وســاحرة فعــ ً
«عاشــقاها الســل واجلــرب»Mr_alhakeem@hotmail.com .
275
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
()18
يقــال أن بإمــكان الســلطة -أي ســلطة يف العالــم -أن تســيطر علــى نصــف مواطنيهــا ،وان
الســلطة اجليــدة هــي التــي جتتهــد يف كســب رضــاء النصــف الثانــي ,إن أرادت البقــاء يف
احلكــم .
غيــر أن مــا يبــدو لــي مــن متابعــة احلمــات االنتخابيــة ملرشــحي الســلطة واملعارضــة هــو
أن الســلطة يف بالدنــا ليســت كبقيــة ســلطات العالــم ,فهــي لــم تســتطع أن حتشــد العــدد
املطلــوب مــن النصــف األول مــن مواطنيهــا حلضــور املهرجانــات االنتخابيــة ملرشــحها ,علــى
األقــل يف كل مــن صعــدة ,ومــأرب ,واجلــوف ,والــى حــد مــا عمــران . ,
ا ذريعـاً وعجــز
حيــث فشــلت مهرجانــات «الرئيــس» االنتخابيــة يف احملافظــات الثــاث فشـ ً
فيهــا حتــى عــن إحضــار العــدد الــكايف مــن طــاب املــدارس وأفــراد املعســكرات اجلاهزيــن
(((7
عنــوة ملثــل هــذه املناســبات
وإذا كان هــذا هــو وضــع الســلطة مــع النصــف األول مــن مواطنيهــا ....فليــت شــعري
كيــف ســيكون حالهــا مــع النصــف الثانــي منهــم والذيــن وكمــا يبــدو مــن الصــور التــي ينقلهــا
تلفزيــون صنعــاء محتشــدة ملهرجانــات بــن شــمالن قــد حســموا أمرهــم وقــرروا التصويــت
لــه ،وليــس ملرشــح الســلطة علــي عبــد اهلل صالــح .
( )74ثــم عــادت مهرجانــات صالــح تكــون اكثــر كثافــ ًة وزخمــاً مــن مرشــح املعارضــة يف محافظــات اب وتعــز واحملويــت واملــكال
وغيرهــا وبعضهــا اكثــر كثافــة ولكــن الفــارق يف هــذه احملافظــات لــم يكــن كبيــراً واملســالة ظلــت نســبية لصالــح صالــح وخطابــي يف
املقــال كان تهويلي ـاً وسياســياً وهدفــه اضعــاف اخلصــم وكســر حواجــز اخلــوف لــدى الناخبــن .
276
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
ينبغــي القــول أن حشــد مئــات اآلالف وليــس فقط اآلالف مــن املواطنني حلضور مهرجانات
ا علــى شــعبيته ,وال ميكــن اعتبارهــا مؤشــراً علــى إمكانيــةرئيــس الســلطة ,ليــس دلي ـ ً
فــوزه يف الســباق الرئاســي الســاخن مــع بــن شــمالن ,
فمثــل هــؤالء جميعــاً أو األغلــب األعــم منهــم ميكــن إحضارهــم يف أي مناســبة يقيمهــا
الرئيــس ويحضــر فيهــا التلفزيــون لكــن هــذا ال يعنــي أن جميعهــم ســيصوتون ملرشــح
الســلطة حــن تتــاح لهــم فرصــة االختيــار احلــر واملباشــر والســري.
الوضــع بالنســبة للمعارضــة -أي معارضــة -وبالــذات يف بلــدان العالــم الثالــث مختلــف
جــداً ,حيــث تكــون كثــرة احلضــور الشــعبي يف مهرجانــات مرشــحها لالنتخابــات الرئاســية
ا علــى شــعبيتها ومؤشــراً قوي ـاً علــى إمكانيــة فــوز مرشــحها أو علــى األقــل حصولــه
دلي ـ ً
علــى نســبة عاليــة مــن األصــوات االنتخابيــة ,
والســبب هــو أن الغالبيــة العظمــى ممــن يشــاركون يف مثــل هــذه املهرجانــات ،هــم إمــا مــن
أعضــاء املعارضــة ،أو مــن أنصارهــا ومؤيــدي برنامجهــا ومرشــحها ،ذلــك أن املعارضــة ال
متتلــك إجبــار النــاس أو إغرائهــم نفعيـاً حلضــور مثــل هــذه املهرجانــات.
ليــس هــذا وحســب بــل والن الغالبيــة العظمــى مــن املشــاركني يف مثــل هــذه املهرجانــات
احلاســمة ،هــم يف احلقيقــة ممــن قــرروا اخلــروج علــى الســلطة علنــاً ,وكســر هيبتهــا
وجبروتهــا دون تــردد أو خــوف ,مــا يعنــي أن هنالــك أضعــاف أضعافهــم ليســوا بهــذه
الدرجــة مــن التحــدي العلنــي للســلطة,
277
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
والكثيــر منهــم ســيكتفي بالتصويــت ملرشــح املعارضــة ســراً دون حاجــة إلــى حضــور
املهرجانــات االنتخابيــة للمعارضــة ,وبالتالــي خســران رضــا الســلطة أو اســتجالب
غضبهــا عليهــم بــدون مبــرر كايف .
ووفقــا للمعطيــات الســابقة وبالنظــر إلــى احلضــور الشــعبي الكبيــر يف مهرجانــات بــن
شــمالن االنتخابيــة وبالــذات يف عمــران واحملويــت ,واجلــوف وحجــة واحلديــدة -أي كل
احملافظــات التــي أقــام فيهــا مهرجانــات انتخابيــة حتــى كتابــة هــذا , -ميكــن القــول وبــكل
اطمئنــان أن بــن شــمالن يتقــدم بأميــال وليــس فقــط بخطــوات علــى مرشــح الســلطة يف
الســباق الرئاســي لعــام 2006م .لقــد أذهلنــي احلضــور الشــعبي الكبيــر يف مهرجــان بــن
شــمالن يف عمــران.
وكان قــد فاجأنــي احلضــور امللفــت يف مهرجانــه باحملويــت وهكــذا بالنســبة حلجــة
واحلديــدة وســيئون ,وعتــق ,واجلــوف ,ومــأرب ,ولقــد الحــظ املشــاهد كيف كانــت «املنتجة»
التلفزيونيــة و»أجهــزة» األمــن مــن خلفهــا تعبــث بالصــورة وهــي تنقــل تلــك املهرجانــات عبــر
الفضــاء,
لــم يكــن التالعــب بالصــورة التلفزيونيــة ســوى تعبيــر عــن اخلــوف والتوجــس مــن إمكانيــة
أن تســاهم الصــورة يف زيــادة جرعــة التحــدي الشــعبي يف احملافظــات األخــرى ،حيــث
سيتســاءل النــاس هنــاك إذا كان هــذا هــو حــال أبنــاء احملافظــات األقــل كثافــة ســكانية
جتــاه مرشــح الســلطة فلمــاذا ال يكــون حالنــا نحــن يف احملافظــات األخــرى أفضــل منهــم يف
عمليــة اخلــروج علــى الســلطة والتحــدي لهيبتهــا وجبروتهــا .
278
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
املشــهد السياســي واالنتخابــي اليمنــي اليــوم ,يشــير بوضــوح ,إلــى أن التغييــر «قــادم ..
قــادم « ....رغــم كل الزعيــق والتهديــد والوعيــد ,وان قطــار الدميقراطيــة يتحــرك إلــى
األمــام ,بــل ويســير نحــو احملطــة األخيــرة بســام ,
وهــذا بالضبــط مــا كنــا نحلــم بــه ونبشــر النــاس بــه ومبشــروعه الوطنــي الكبيــر فليــت
(((7
شــعري هــل مــن ســعادة اكبــر مــن هــذه الســعادة التــي يعشــها اليمنيــون اليــوم
صحيفة الثوري
االثنني 11سبتمبر-أيلول 2006م 03:31
( )75توجهــت باخلطــاب يف هــذا املقــام للشــهيد جــار اهلل عمــر ألنــه كان اكثــر مــن عمــل قبــل استشــهاده للوصــول الــى شــيء مــن
الدميقراطيــة والتنافســية علــى مركــز الســلطة االول وبنــاء وعــي وطنــي ان ذلــك حــق مــن حقــوق املواطنــة
279
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
()19
هنــاك واحــد علــى األقــل مــن املرشــحني اخلمســة ليــس لــه يف هــذه العمليــة الدميقراطيــة
الكبيــرة ســوى محاولــة إفســادها بالشــتائم والســباب التــي يقذفهــا بلســانه الطويــل كل يــوم
ضــد مرشــح اللقــاء املشــترك فيصــل بــن شــمالن مقابــل اإلطــراء واملديــح الــذي يســديه كل
يــوم أيضــا ملرشــح رئاســي آخــر هــو مرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام علــي عبــد اهلل صالــح .
منــذ طفولتــي وأنــا اســمع عــن الرجــل الــذي فقــد مــاء وجهــه ,لكنهــا املــرة األولــى التــي
«يحصــل لــي الشــرف» ملقابلتــه وجهــا لوجــه ,ليــس هــذا فقــط ,بــل واالســتماع مباشــرة
إلــى مــا تقذفــه لســانه ضــد خصومــه وأصدقائــه ســواء بســواء ,ولعــل هــذه هــي إحــدى
الفوائــد الكثيــرة التــي تزجيهــا لنــا هــذه االنتخابــات الرئاســية.
اقصــد فائــدة أن تلتقــي بهــذا النــوع مــن املرشــحني ,وقبــل هــذا فائــدة أن تعــرف «النــاس»
وتختبــر معدنهــم وقدرتهــم علــى الصمــود والتماســك يف امللمــات اجلســام واالســتحقاقات
الكبــار .
تصــوروا شــخصاً ينســى متامـاً اســمه وانــه مرشــح رئاســي ،وقبــل ذلــك ينســى بــان «»15
حزبــاً سياســياً هــي التــي رشــحته باســمها يف هــذا الســباق الرئاســي علــى األقــل مــن
الناحيــة النظريــة ،لكنــه يف املقابــل ال ينســى ولــو للحظــة واحــدة تذكــر كل شــاردة وواردة
قالهــا و يقولهــا فيصــل بــن شــمالن وقيــادات أحــزاب املشــترك طــوال احلملــة االنتخابيــة،
هذا هو املرشح الرئاسي الذي نسي اسمه ,وأحدثكم اليوم عنه هكذا ..
280
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
يجلــس كل مســاء أمــام شاشــة التلفزيــون الصنعانــي ويســتمع بإصغــاء واهتمــام شــديدين
إلــى مــا قالــه فيصــل بــن شــمالن يف مهرجانــه االنتخابــي وبعــد أن يــدون املالحظــات
«العميقــة» علــى الكلمــة ,ويتلقــى االتصــاالت التلفونيــة املطلوبــة حولهــا يذهــب إلــى ســريره
ويخلــد إلــى النــوم مرتاح ـاً ,وليــس يف بالــه أو ضميــره ســوى االســتيقاظ باكــراً والذهــاب
إلــى «مهرجانــه» التالــي.
وهنــاك وأمــام اجلماهيــر احملتشــدة يف الفصــل الدراســي اخلالــي مــن الكراســي واألبــواب
يبــدأ حديثــه اليومــي عــن املنجــزات العظيمــة للرئيــس صالــح يف مجــال التعليــم والصحــة
والطرقــات ومــا أدراك مــا الطرقــات تصــوروا انــه يتحــدث عــن مئــات آالف الكيلــو متــرات
مــن الطرقــات املســفلتة وغيــر املســفلتة !.
الــم اقــل لكــم بــان هــذا االنتخابــات لهــا فوائــد كثيــرة اقلَّهــا أن تتعرفــوا علــى هــذا املرشــح
العبقــري الــذي يتحــدث ارجتــاال باألرقــام والبيانــات وعــن الطرقــات ،ومــا أدراك مــا
الطرقــات وبــآالف الكيلومتــرات أيضــا.
بالطبــع هنــاك مرشــحون رئاســيون آخــرون قبلــوا علــى أنفســهم القيــام بالــدور الــذي يقــوم
بــه صاحبنــا ،لكننــي علــى يقــن انــه أكثرهــم عنصريــة جتــاه نفســه وأعظمهــم امتهانــا
(((7
إلنســانيته .يف هــذه االنتخابــات الرئاســية.
هنــاك مفارقــات كثيــرة أيضــا احدهــا أن قيــادي اشــتراكي كبيــر قــرر وقبــل عشــرة أيــام
فقــط مــن انتهــاء احلملــة االنتخابيــة أن يلتحــق بـ»اجلماهيــر» التــي بايعــت مرشــح املؤمتــر
الشــعبي العــام يف ســيئون ,وليتــه استشــار اقــرب أصدقائــه فلرمبــا نصحــه بــان الوقــت
لــم يكــن مناســبا لإلقــدام علــى مثــل هــذا النــوع مــن اخلطــوة غيــر احملســوبة ,وان عليــه أن
ا ويتماســك قليـ ً
ا ومــا هــي إال أيــام معــدودة وتنتهــي احلملــة االنتخابيــة ويخــرج يصبــر قليـ ً
(((7
منهــا ســاملاً وكفــى اهلل املؤمنــن شــر القتــال
( )76كنــت احتــدث عــن مرشــح رئاســي شــكلي حتــى اســمه وضــع بهــدف محاولــة خــداع الناخــب كونــه اقــرب الــى اســم امــن عــام
االشــتراكي ورمبــا مــن نفــس منطقتــه !
( )77املقصــود هنــا االخ احمــد املجيــدي الــذي اعلــن تأييــده للرئيــس صالــح يف االيــام االخيــرة للحملــة االنتخابيــة وضــدا علــى
موقــف حزبــه
281
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
ومــن يــدري فقــد يذكــره صديقــه بحكايــة الصنعانــي الذي طلب الهاشــمية كطريــق للوجاهة
واملكانــة لــدى الســلطة واملجتمــع فتحولــت بســبب ســوء تقديــر ذلــك االنتهــازي للموقــف إلــى
وبــال عليــه وليــس العكــس .
واحلكايــة هــي أن الصنعانــي املذكــور عــاد مــن احلبشــة إلــى صنعــاء بعــد اغتــراب طويــل
عنهــا وكان ذلــك يف الســنوات األخيــرة مــن حكــم اإلمــام احمــد وعندمــا وجــد أن احلظــوة
حينهــا للهاشــميني قــرر أن يرفــع دعــوى يف احملكمــة ليثبــت انــه هاشــمي ،وفعـ ً
ا وبعــد عــام
ونصــف مــن املشــارعة والعنــاء.
صــرف خاللهــا كل املصــروف الــذي جمعــه مــن ارض االغتــراب صــدر حكمـاً قضائيـاً يثبــت
هاشــميته وتنفــس صاحبنــا الصعــداء وظــن أن أبــواب النعيــم قــد فتحــت أمامــه.
غيــر أن مشــكلته احلقيقيــة بــدأت بعــد صــدور احلكــم القضائــي وليــس قبلــه ,والســبب
هــو أن احلكــم القضائــي صــدر يف اليــوم األول ,ويف اليــوم التالــي قامــت ثــورة 26ســبتمبر
وبالتالــي ســقط حكــم بيــت حميــد الديــن ومعهــم كل مــن كان يف الســلطة مــن الهاشــميني
بــل إن االضطهــاد حينهــا طــال اســر هاشــميه عديــده لــم يكــن لهــا مــع الســلطة عالقــة مــن
النــوع الــذي كان يطلبــه صاحــب احلكــم القضائــي الــذي وجــد نفســه خــارج الزفــة وبحاجــة
إلــى شــريعة جديــدة وســنوات أخــرى مــن العنــاء ليثبــت انــه ليــس هاشــميا وان احلكــم
القضائــي باطــل ويلعــن أبــو مــن أصــدره ههههههــه
282
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
()20
تهديــد بعــض قيــادات الســلطة وكتَّابهــا بـ(احلــرب األهليــة) يف حالــة فــوز مرشــح املعارضــة
يف االنتخابــات الرئاســية عمــل خطيــر جــدا ,بقــدر مــا هــو حقيــر جــداً .
وهــو خطيــر ألنــه يكشــف أن جماعــة الســلطة التــي يرأســها مرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام,
يضمــرون نوايــا ســيئة وشــريرة جتــاه االنتخابــات ونتائجهــا ,وأنهــم علــى اســتعداد
– إن اســتطاعوا طبع ـاً -الســتخدام القــوة والســاح بــل وتفجيــر البــاد بكاملهــا حفاظ ـاً
علــى ســلطتهم املتقادمــة ,ووقوف ـاً يف وجهــة اإلرادة الشــعبية التــي ســتفرزها االنتخابــات
الرئاســية .
أمــا انــه عمــل حقيــر ,فاملعنــى انــه عمــل صغيــر ومتناهــي يف الصغــر جــداً الن مثــل
هــذه التهديــدات «الشــوربانية» ال تكشــف ســوى عــن قلــق وخــوف جماعــة الســلطة مــن
نتائــج التنافــس الســاخن مــع مرشــح املعارضــة وال تهــدف ســوى إلــى (تخويــف) الناخبــن
والناخبــات مــن «خطــورة» التصويــت ملرشــح املعارضــة بعــد أن تكشــف لهــم أن املــزاج العــام
لشــرائح واســعة مــن أبنــاء وبنــات اليمــن يتجــه نحــو التغييــر والتــداول الســلمي للســلطة
ومــن أول انتخابــات رئاســية حقيقيــة .
أعلــم بــأن الذيــن يهــددون بـ»احلــرب األهليــة « ال يقــدرون علــى تفجيرهــا ,وعلــى العكــس
مــن ذلــك متامــا فــان مــن يقفــز مــرة واحــدة ومــن أول خطــوة نحــو التهديــد باألزمــات
واحلــروب ,وبــدون ســبب وجيــه فــان عليــك أن تثــق متامـاً انــه اضعــف واجــن مــن أن يفعلهــا
أو يقــدر علــى مواجهتهــا أن حصلــت .
نعــم يســتطيع الرئيــس احلالــي مرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام أن يوقــف بالقــوة االنتخابــات
الرئاســية ،وباســتطاعته اآلن أن يفتعــل األزمــات واحلــروب الداخليــة بهــدف تأجيــل
االنتخابــات ,والهــروب مــن مواجهــة اســتحقاقاتها،
283
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
لكنــه غيــر قــادر مطلقـاً أن يقــف يف وجــه اإلرادة الشــعبية بعــد التعبيــر عنهــا يف صناديــق
االقتــراع ,وإن حــاول فلــن يعمــل ســوى عــزل نفســه عــن مواطنيــه وإخراجهــا مــن التاريــخ
مصحوبــة بأصــوات املقــت واالزدراء بــدالً مــن أصــوات الناخبــن وخياراتهــم احلــرة .
مــن يقــوم بتخويــف النــاس مــن خطــورة التصويــت ملرشــح املشــترك علــى امــن واســتقرار
البــاد ووحدتهــا يقــر ضمنـاً أنــه غيــر مؤهــل للحصــول علــى هــذه األصــوات لكونــه األفضــل
واألكفــأ ,بــل الن خروجــه مــن الســلطة يهــدد امــن واســتقرار البــاد.
وكأنهــم يقولــون نعــم مرشــحكم أفضــل أيهــا املعارضــة وهــو أكثــر نزاهــة واســتقامة مــن
مرشــحنا كمــا انــه ال يكــذب وال ميــارس التضليــل علــى شــعبه مثــل صاحبنــا ......كل هــذا
نســلم لكــم بــه ,ولكــن عليكــم أن تخافــوا علــى اســتقرار وامــن البــاد يف حــال قــررمت إخــراج
صاحبنــا منهــا!..
آال ميثــل هــذا الطــرح إهانــة ملرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام علــي عبــد اهلل األحمــر ,بقــدر
مــا هــو محاولــة صريحــة لتضليــل الــرأي العــام عبــر تخويفهــم مــن (البوبحــي) ومــن
(بعيونــه الطحــن) كمــا كانــت تعمــل األمهــات يف القريــة وهــي تخــوف أطفالهــا حتــى ال
ميارســون حريتهــم يف اخلــروج مــن الغرفــة واللعــب يف ســالم البيــت ودهاليــزه العليــا.
فــوز مرشــح املعارضــة أمــر ممكــن جــداً وإذا مــا حصــل فــان اليمــن ســتكون أفضــل وأكثــر
أمنــاً واســتقراراً ووحــد ًة ,,وعلــى الرئيــس احلالــي «علــي األحمــر»( ((7أن يوطــن نفســه
ويهيئهــا مــن اآلن علــى أمريــن اثنــن ولكــن أساســيني:
•األول هــو أن يقبــل ويتفهــم بــان احلمــات االنتخابيــة التنافســية ال تعنــي شــيء ســوى
وضعــه وتاريخــه وســيرته الذاتيــة علــى املشــرحة ,وان كل مــا عملــه أو مارســه طــوال
28ســنة مــن «التفحيــط» فــوق رؤوس النــاس ويف أزقــة اجليــران وبوابــات املــدارس
الثانويــة مع ـ َّرض للنقــد واالتهــام واملســاءلة.
78قدم اوراق ترشحه حينها باسمه الكامل مع لقب االحمر نسبة الى قريته بيت االحمر وليست نسبة الى اسرة بيت االحمر.
284
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
وإذا مــا حصــل فعليــه أن ال يزعــل أو يغضــب الن هــذه هــي االنتخابــات التنافســية
واحلمــات االنتخابيــة وعليــه أن يعلــم بــان املعارضــة تنافــس علــى كرســي الرئاســة
وليــس أي شــيء آخــر.
•األمــر الثانــي هــو أن هــذه االنتخابــات ,واشــدد علــى كلمــة (هــذه االنتخابــات ) ميكــن
أن تفضــي إلــى فــوز مرشــح املعارضــة فيصــل بــن شــمالن وبالتالــي خــروج الرئيــس
احلالــي ســلمياً ودميقراطيـاً مــن الســلطة ,وهــو احتمــال قائــم وميكــن أن يتحقــق فعـ ً
ا
علــى رغــم أنــف الصديــق العزيــز نصــر طــه مصطفــى ,وذلــك ألســباب وعوامــل كثيــرة
ليــس بينهــا نتائــج اســتطالعات الــرأي االلكترونــي.
ولكــن حلاجــة غالبيــة أبنــاء وبنــات اليمــن إلــى التغييــر أوال ,وشــخصية ومكانــة وتاريــخ
مرشــح املعارضــة فيصــل بــن شــمالن واعتبــاره النقيــض املوضوعــي ملرشــح املؤمتــر الشــعبي
العــام يف كل شــيء تقريب ـاً ثانيــا.
والتفــاف خمســة أحــزاب مينيــة رئيســية مــن حولــه بعضهــا لــه حضــور وفاعليــة يف كل قريــة
ومدينــة مينيــة علــى طــول وعــرض البــاد ثالثــا ,
وهــي جميعــاً عوامــل كبيــرة ومؤثــرة علــى اجتاهــات الناخبــن وتصويتاتهــم ينبغــي لــكل
عاقــل أن يضعهــا يف حســابه وان يعمــل مــن اآلن علــى تهيئــة نفســه وحزبــه لتقبــل نتائجهــا
بهــدوء ,ورباطــة جــاش كبيريــن ,أمــا االنفعــال والغضــب والتهديــد باألزمــات واحلــروب
(((7
الداخليــة فلــن ينفــع شــيئا يف مثــل هــذه االســتحقاقات الدميقراطيــة
( )79خطــب صالــح حينهــا انــه لــو فــازت املعارضــة فــان اليمــن ســتتحول الــى صومــال اخــرى! لألســف تبــن بعــد ثــورات الربيــع
العربــي 2011م ان احــزاب املعارضــة وجماعــة االخــوان حتديــداً قــد قــادت اليمــن وبلــدان عربيــة اخــرى الــى مــا هــو اســوا مــن
الصومــال الــذي حــذر منــه صالــح بقصــد تخويــف النــاس مــن املعارضــة لــم تكــن املعارضــة متوقعــه حدوثــه ومــرة اخــرى لألســف
طلــع كالم صالــح صــح وان كان لــه الــدور االهــم يف وصــول اليمــن الــى مــا وصلــت اليــه دون ان يعنــي ان املعارضــة لــم تســهم يف
ذلــك بــل ســاهمت فيــه كثيــرا !
285
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
صنعاء 2006/8/5م
حقــق تكتــل اللقــاء املشــترك -مبجــرد قيامــه -إجنــازاً وطنيــاً ,ودميقراطيــاً ,وقيميــاً
عظيمـاً ,ســيكون لــه آثــاره االيجابيــة الكبيــرة على مســتوى التجربة الدميقراطية والســام
االجتماعــي ,ويف تصحيــح كثيــر مــن املفاهيــم والعالقــات السياســية واالجتماعيــة اخلاطئة
التــي ســادت لألســف الشــديد يف أوســاط مجتمعنــا طــوال العقــود الثالثــة املاضيــة .
وهــي العهــود التــي ســادت فيهــا الصراعــات واحلــروب بــن األحــزاب السياســية وعــدد
مــن القــوى االجتماعيــة ,وســاهمت ألســباب وعوامــل كثيــرة ليــس فقــط يف ترســيخ
االســتبداد وإطالــة أمــد احلكومــات الظاملــة ويف تكريــس ثقافــة الكراهيــة والعــداء بــن
اليمنيــن عمومـاً وبــن األحــزاب والقــوى الوطنيــة واإلســامية التــي كانــت تنشــد جميعهــا
االنعتــاق والتحــرر والتقــدم لبلدهــا وشــعبها خصوصــا .
وباتفــاق أحــزاب اللقــاء املشــترك علــى برنامــج اإلصــاح السياســي والوطنــي الــذي
شــخصت مــن خاللــه مشــكالت اليمــن الكبــرى واملتمثــل يف وجــود ســلطة اســتبدادية ضيقــه
ال تقبــل بالشــراكة الوطنيــة أو بالتــداول الســلمي للســلطة وال تقبــل مببــدأ مســاءلة مــن
ميتلــك الســلطة أمــام البرملــان والشــعب عمومــا ,أوال .
,ثــم يف اتفاقهــا – مــن ناحيــة أخــرى -علــى مرشــح رئاســي واحــد مبكانــة ونزاهــة وتاريــخ
الشــخصية الوطنيــة الكبيــرة فيصــل عثمــان بــن شــمالن ,فــان املعارضــة اليمنيــة ممثلــة
بأحــزاب اللقــاء املشــترك ,تكــون قــد وضعــت أقدامهــا علــى الطريــق الصحيــح مــن اجــل
صناعــة تاريــخ جديــد ومجيــد لشــعبها وأمتهــا وســتحقق الكثيــر مــن القضايــا الوطنيــة
286
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
والدميقراطيــة املصيريــة ,حتــى وان لــم يفــز مرشــحها يف هــذه الــدورة الهامــة ,وعلــى
راس هــذه األهــداف الكبــرى التــي ســتحققها مــا ميكــن إجمالــه بالعناويــن الثالثــة التاليــة-:
•ستســهم املعارضــة مــع مرشــحها فيصــل بــن شــمالن يف تعزيــز الهويــة الوطنيــة ومتتــن
الوحــدة الداخليــة ومــداواة جروحهــا الغائــرة عبــر إشــعار كل مينــي بغــض النظــر عــن
منطقتــه او عشــيرته ان الدولــة اليمنيــة ملــك جلميــع اليمنيــن وان الوصــول الــى اعلــى
مناصبهــا حــق اصيــل مــن حقــوق املواطنــة وليــس حكــراً علــى شــخص بعينــه ومنطقتــه
او شــطر بعينــه ,وهــو مــا يعنــي تكريــس الهويــة الوطنيــة لــدى املواطــن والتقليــل مــن
مشــاعر الغــن والتهميــش التــي تعتــري شــرائح ومناطــق واســعة مــن ابنــاء ومحافظــات
اليمن.
• ستســهم املعارضــة يف هــذا االســتحقاق الوطنــي الكبيــر يف نبــذ وإنهــاء فكرتــي (تأبيــد
وتوريــث ) الســلطة بعــد أن كان البعــض قــد جنــح والــى حــد كبيــر يف ترســيخ مفهــوم
التوريــث يف وعــي شــرائح واســعة مــن أبنــاء اليمــن بحكــم األمــر الواقــع .
اعلــم بــأن كل هــذه االهــداف الوطنيــة واملصيريــة واضحــة جــداً يف اذهــان قيــادات وقواعــد
احــزاب اللقــاء املشــترك واال ملــا وصلــت الــى هــذه النتائــج العظيمــة حتــى اآلن غيــر اننــي
يف احلقيقــة اشــعر بشــيء مــن القلــق يف ان تغيــب هــذه احلقائــق الوطنيــة الكبــرى يف
ذهــن بعضنــا أثنــاء احلملــة االنتخابيــة وبســبب تزامــن االنتخابــات الرئاســية مــع احملليــة
وإمكانيــة أن ننشــغل باالســتحقاق الثانــوي (احملليــات) علــى حســاب االســتحقاق الرئيســي
واالهــم (الرئاســيات) .
287
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وعلــى ذلــك فــان مــا أهــدف إليــه حتديــداً يف هــذه الورقــة هــو ان نعمــل بوعــي ومبســئولية
مــن اجــل ان تكــون احملليــات احــد واهــم وســائل إجنــاح الرئاســيات وليــس العكــس ,
وحتــى تبــدو املســألة اكثــر وضوحــا يجــب مالحظــة البعديــن التاليــن يف موضــع انتخابــات
املجالــس احملليــة.
البعد األول
هــو ان فــوز اللقــاء املشــترك او بعــض احزابــه بغالبيــة مقاعدهــا لــن ميثــل ســوى انتصــار
معنــوي وسياســي امــا مــن الناحيــة العمليــة فــان الفــوز بأغلــب او كل مقاعــد احملليــات
ســيمثل عبئــا علــى الطــرف الفائــز اكثــر منــه مكســباً.
ويعــود ذلــك الــى ان صالحيــات هــذه املجالــس محــدودة جــداً مــن الناحيــة القانونيــة ,
فض ـ ً
ا عــن هيمنــة الســلطة املركزيــة عليهــا مــن الناحيــة العمليــة وبســبب تراكــم الوعــي
الســلبي يف هــذا االجتــاه.
االمــر الــذي لــن يســاعد أي حــزب علــى النجــاح عبــر حصولــه علــى مقاعــد احملليــات يف
املديريــات واحملافظــات ســوا ًء مــن ناحيــة التنميــة وتوزيــع اخلدمــات االجتماعيــة يف هــذه
ا يحكمــون أنفســهم املديريــات او مــن الناحيــة الدميقراطيــة وإشــعار النــاس أنهــم فعــ ً
بواســطة املجالــس احملليــة املنتخبــة ,
وهــذا يفــرض علــى املعارضــة ان تتوقــف مليـاً أمــام فكــرة التســابق او التنافــس فيمــا بينهــا
حــول مــن يفــوز بأغلــب أو كل مقاعــد املجلــس احمللــي وعلــى حســاب بقيــة أطــراف اللقــاء
املشــترك والدليــل علــى ذلــك هــو أن بعــض أحــزاب اللقــاء املشــترك متتلــك غالبيــة بعــض
مجالــس املديريــات اال انهــا لــم تعمــل مــن الناحيــة العمليــة أي شــيء مييــز هــذه املديريــات
عــن بقيــة املديريــات التــي يتحكــم فيهــا بغالبيــة مقاعدهــا املؤمتــر الشــعبي العــام ,هــذا مــن
ناحيــة ,ومــن ناحيــة أخــرى فــان فــوز بعــض احــزاب اللقــاء املشــترك بغالبيــة املقاعــد علــى
أهميتــه والســعي اليــه اال ان الفــوز لــن يحســب اال اذا كان فــوزاً للمشــترك وليــس فقــط
288
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
حلــزب او حزبــن مــن املشــترك وعلــى العكــس فقــد يتحــول ذلــك الــى عنــوان لــدى اخلصــوم
لزعزعــة الثقــة بــن احــزاب اللقــاء املشــترك كمــا حصــل يف انتخابــات 2003م البرملانيــة .
هــو ان مقاعــد املجالــس احملليــة يف كل مديريــة ومحافظــة يتــراوح بــن 15الــى 23مقعــدا
األمــر الــذي يتيــح لــكل أحــزاب املعارضــة ان تقــدم مرشــحني يف هــذه املجالــس ان ارادت
دون ان تؤثــر علــى مرشــحي بقيــة أطــراف املشــترك كل بحجــم تواجــده.
االمــر الــذي يوفــر فرصــة للمعارضــة يف أن تخفــف مــن أنانيتهــا أو «ابتزازهــا» وان جتعــل
مــن االنتخابــات احملليــة وســيلة لتعزيــز الثقــة فيمــا بينهــا علــى مســتوى احملافظــات
واملديريــات ,وان جتعــل مــن الفــوز املشــترك يف احملليــات عامــل أساســي لتأكيــد فوزهــا
وجناحهــا يف الرئاســيات .
•بــان علــى احــزاب املشــترك ان تركــز علــى االســتحقاق االهــم وهــو الرئاســيات وان ال
تنشــغل بالتســابق علــى مقاعــد احملليــات مبــا يؤثــر علــى االســتحقاق االول.
• مينــع منعــاً باتــاً التنافــس علــى املقاعــد احملليــة بــن أحــزاب املشــترك ولــو علــى
مســتوى مقعــد واحــد الن ذلــك لــن يؤثــر ســلباً علــى بقيــة دوائــر التنســيق يف املديريــات
واحملافظــات املجــاورة بــل وعلــى االنتخابــات الرئاســية نفســها .
•ان جتعــل مــن االنتخابــات احملليــة وســيلة لتعزيــز الثقــة ومتتــن روابــط التعــاون فيمــا
بينهــا وليــس العكــس.
289
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
•علــى االحــزاب الصغيــرة ان ال متــارس أي نــوع مــن انــواع االبتــزاز لألحــزاب الكبيــرة
مبــا يجعلهــا تطالــب مبرشــحني اكبــر مــن حجمهــا يف هــذ املديريــة او تلــك وان يكــون
همهــا االول واالخيــر هــو تســجيل حضــور سياســي يف احملافظــات التــي ال يوجــد لهــا
فيهــا قاعــدة اجتماعيــة .
•علــى املشــترك عمومـاً أن يحــرص بــان يكــون لعمــوم أحزابــه تواجــد ولــو مبقعــد واحــد
علــى مســتوى كل مديريــة ومحافظــة ,ومبعنــى أوضــح بجــب أن ال يكــون هنالــك مجلــس
محلــي واحــد يكــون املرشــحني فيــه مــن حــزب معــارض واحــد فقــط مهمــا كان حجمــه
بــل مــن الضــروري ان يكــون هنالــك حــزب آخــر إلــى جانبــه ولــو مبرشــح واحــد فقــط.
•والهــدف مــن ذلــك هــو تأكيــد فــوز مرشــحي املشــترك وليــس فــوز مرشــح هــذا احلــزب
أو ذاك وان جتــد األحــزاب األصغــر مصلحتهــا يف املشــترك أفضــل مــن ان يســتفيد
الطــرف اآلخــر مــن مشــاعر اإلقصــاء والغــن التــي قــد يشــعر بهــا هــذا احلــزب أو
ذاك .
1.1معظــم احملافظــات واملديريــات يكــون التوزيــع فيهــا علــى أســاس نصــف املرشــحني
للتجمــع اليمنــي لإلصــاح والنصــف اآلخــر لبقيــة أحــزاب املشــترك كل بحســب
تواجــده وحضــوره وجاهزيتــه وحاجتــه إلــى التواجــد يف هــذه املنطقــة أو تلــك وبذلــك
نحقــق حضــور املشــترك دون غمــط احلــزب األكبــر يف حقــه يف تقــدمي عــدد اكبــر مــن
املرشــحني يف كل مديريــات ومحافظــات اجلمهوريــة.
2.2عــدد مقــدر مــن احملافظــات واملديريــات يكــون التوزيــع فيهــا علــى أســاس نصــف
املرشــحني للحــزب االشــتراكي والنصــف اآلخــر لبقيــة أحــزاب املشــترك كل حســب
تواجــده وحضــوره , ,الــخ
290
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
3.3محافظــة وعــدد مــن املديريــات يف محافظــات أخــرى يكــون التوزيــع فيهــا علــى أســاس
ثلــث لإلصــاح وثلــث لالشــتراكي وثلــث للناصــري واقصــد هنــا محافظــة تعــز وعــدد
مــن مديريــات اب واحلديــدة والضالــع (جــن) وغيرهــا ,مــع منــح أي حــزب آخــر
مقعــد أو مقعديــن يرغــب يف احلصــول عليــه يف كل مديريــة ولــه مرشــح مقبــول
اجتماعي ـاً يف هــذه املديريــات
محافظــة صعــدة مثــا وعــدد مــن املديريــات يف محافظــة حجــة ,وعمــران ,ومحافظــة
صنعــاء يكــون التوزيــع فيهــا علــى أســاس نصــف املرشــحني لالحتــاد واحلــق ,واملســتقلني
والنصــف اآلخــر لبقيــة أحــزاب املشــترك وبهــذا نكــون قــد أرضينــا جميــع أطــراف املشــترك
علــى أســاس القاعــدة االجتماعيــة والسياســية لــكل حــزب ودون أن نؤثر على حق األحزاب
الكبيــرة مــن نيــل حقوقهــا املســتحقة يف غالبيــة احملافظــات واملديريــات .
واألمــر يف األول واألخيــر يعــود إلــى قيــادة املشــترك واتفاقــات فروعهــا يف احملافظــات
واملديريــات ويبقــى هــذا مجــرد مرشــد أو دليــل لتذليــل أي صعوبــات قــد حتصــل أثنــاء
اختيــار املرشــحني وحتــى ال يؤثــر اخلــاف يف احملليــات علــى االســتحقاق األهــم واألهــداف
الوطنيــة والدميقراطيــة األكبــر.
291
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
()22
صنعاء 2006/8/5م
بالنســبة لــي ترشــيح (العــزب ) الــى جانــب بــن شــمالن مــن قبــل اإلصــاح عمــل غيــر
أخالقــي ,وغيــر سياســي أيضــا وســواء كان ذلــك بعلــم احــزاب اللقــاء املشــترك او
بــدون علمهــا ,فــان إقــدام التجمــع اليمنــي لإلصــاح علــى الدفــع باثنــن مــن أعضائــه
لتقــدمي نفســيهما كمرشــحني مســتقلني ,الــى جانــب مرشــح االصــاح واملشــترك فيصــل
بــن شــمالن يعتبــر عمــل غيــر مفهــوم ويصعــب تبريــره سياســياً وأخالقي ـاً للــرأي العــام
وجلمهــور الناخبــن .,
وســيمثل يف احلقيقــة احــد اهــم الثغــرات الكبيــرة التــي ســيدخل منهــا خصــوم املشــترك
للتأثيــر ســلباً علــى مكانــة مرشــحهم لــدى أبنــاء الشــعب ,ويف التشــكيك مبوقــف اإلصــاح
واملشــترك جتــاه جديتهمــا يف التعامــل مــع االنتخابــات الرئاســية ومــع مرشــحها املعلــن
فيصــل بــن شــمالن
ويعــود ذلــك ألســباب وعوامــل كثيــرة يوفرهــا هــذا القــرار اخلاطــئ وأهمهــا علــى اإلطــاق
هــو مــا ميكــن حصــره يف النقــاط التاليــة -:
•أن احــد املرشــحني املســتقلني وهــو الدكتــور فتحــي العــزب ليــس شــخصاً مغمــوراً او
عضــواً عاديـاً مــن اعضــاء االصــاح ,ولكنــه شــخصية سياســية ونقابيــة معروفــة ولــه
حضــور وتأثيــر يف اوســاط اهــم الشــرائح االصالحيــة الفاعلــة (الطــاب) حيــث يشــغل
منصــب عضــو مجلــس شــورى اإلصــاح (اهــم هيئــة قياديــة) ورئيــس القطــاع الطالبــي
يف االصــاح االمــر الــذي يعنــي ان ترشــيحه (كمســتقل) البــد وان يكــون لــه معنــى كبيــر
لــدى اإلصــاح واملشــترك وهــو ســؤال كبيــر ســيطرح نفســه امــام الــراي العــام ولــدى
كل ناخــب اثنــاء احلملــة االنتخابيــة .
292
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
والســؤال هــو مــا هــو هــذا الهــدف الكبيــر ,وهــل ميكــن ان يفهــم انــه فقــط ملســاعدة
املرشــح احلقيقــي بــن شــمالن يف حملتــه االنتخابيــة كمــا يطــرح بعــض الســذج ومــن ال
يفكــرون بعواقــب األمــور حــن اتخــاذ قــرار مــن هــذا النــوع !؟
مبعنــى اخــر اذا كان ترشــيح العــزب لــم يتــم بدفــع مــن الســلطة ولــم يثــر حــول ترشــيحه
أي احتجــاج مــن قبــل االصــاح واملشــترك كمــا حصــل مــع القيــادي االشــتراكي
(املجيــدي) فهــذا يعنــي انــه قــد مت مبوافقــة االصــاح ورمبــا املشــترك وهــذه هــي
احلقيقــة فكيــف ســيفهم ذلــك جمهــور الناخبــن وجمهــور املشــترك وكيــف ســيتم
تبريــره وكيــف ســيتعامل معــه املؤمتــر ومرشــحه الرئيــس ؟ .
اليــس مــن البديهــي ان يقــال بــان املعارضــة لديهــا بديــل لــن شــمالن ,ثــم مــن
يضمــن ان ال يزكــى العــزب يف مجلســي الشــورى والنــواب بأصــوات اعلــى مــن اصــوات
بــن شــمالن وكيــف ســيفهم ذلــك مــن قبــل بــن شــمالن وجمهــور الناخبــن .
• ان تقــدمي مرشــح مســتقل هــو عضــو قيــادي يف احــد احــزاب املشــترك يتناقــض مــع
قــرارات الهيئــات القياديــة ألحــزاب اللقــاء املشــترك التــي صوتــت يف قراراتهــا علــى ان
يكــون للمشــترك مرشــح واحــد مت حتديــده فيمــا بعــد والتصويــت عليــه فيمــا بعــد اال
ميثــل هــذا خرقـاً واضحـاً وفاضحـاً لقــرارات الهيئــات احلزبيــة.
•كيــف ســيتم تبريــر ذلــك ألعضــاء احلــزب االشــتراكي مثــا الــذي اتخــذ قــراراً بتجميــد
او فصــل احــد قياديــه حــن قــرر ان يرشــح نفســه مســتقال خــارج قــرارات الهيئــات
,كيــف يكــون هــذا محــرم علــى االشــتراكي وحــال لالصــاح مــع ان الدافــع والســبب
والهــدف مــن جتميــد املجيــدي واحــد.
أال يثيــر هــذا مزيــداً مــن الشــكوك والريبــة بــن االصــاح واالشــتراكي وهــو مــا تبحثــه
الســلطة وعجــزت حتــى اآلن.
•كيــف ســيفهم املرشــحون املســتقلون الذيــن التقــت بهــم قيــادات املشــترك حلثهــم علــى
االنســحاب لصالــح بــن شــمالن بينمــا تســارع هــي لتقــدمي مرشــحني مســتقلني خالفـاً
ملــا تدعيــه امــام املجيــدي مثــا.
293
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
حميد شحرة
عندمــا قــرأت خبــر وفــاة الزميــل والصديــق حميــد شــحرة أصابتنــي حالــة مــن الذهــول
واحليــرة ووقفــت متســمراً أمــام شاشــة الكمبيوتــر لدقائــق.
دار خاللهــا شــريط طويــل مــن الصــور واألحداث واملواقــف والتعليقات والنكات والصحافة
والنــاس وكل الدنيــا واآلخــرة كلهــا مــرت ســريعة يف ذهنــي وانــا واقــف بــدون حركــة غيــر
قــادر علــى عمــل شــيء وكيــف لــي ذلــك وقــد كنــت أتصــور مــوت جميــع الزمــاء الذيــن
اعرفهــم إال حميــد شــحرة ذلــك الشــاب الصاعــد إلــى دنيــا الصحافــة بقــوة واملقبــل علــى
ا يف مهنتــه يف بلــد احليــاة بطمــوح ال حــدود لــه ,وفــوق هــذا وذاك الناجــح املدهــش فع ـ ً
قــل مــا جتــد فيهــا الناجحــن يف أعمالهــم ويف حياتهــم الدنيــا وعنــد هــذه النقطــة بالــذات
خطــر اســم املرحــوم عبــد العزيــز الســقاف صاحــب ميــن تاميــز وصاحــب مشــاريع عديــدة.
كانــت الســاعة متأخــرة مــن الليــل ,وكنــت وحيــداً والــى جانبــي جهــاز الكمبيوتــر وخبــر
املــوت «الصدمــة « يأتــي ويذهــب ســريعا علــى شــريط موقــع الصحــوة نــت اإلخبــاري ,
294
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
()23
محددات الرسالة االنتخابية
(((8
لكل من احلزب احلاكم وأحزاب اللقاء املشترك
صنعاء 2006/8/5م
يعتمــد اخلطــاب االنتخابــي ملرشــح احلــزب احلاكــم ومســئولي حملتــه االنتخابيــة علــى أربــع
ركائــز أساســية وأخــرى غيــر أساســية ,وميكــن اجمالهــا عمومـاً علــى النحــو التالــي -:
•الركيــزة األولــى وتتمثــل يف االنطــاق يف الرســالة االنتخابيــة مــن قاعــدة الــرد علــى
رســالة أحــزاب اللقــاء املشــترك والســعي إلــى إضعافهــا واحلــد مــن تأثيراتهــا علــى
الناخبــن ,فبعــد أن الحــظ احلــزب احلاكــم أن املعارضــة كانــت موفقــة إلــى حــد كبيــر
يف اختيــار مرشــحها الرئاســي ممثــا بفيصــل بــن شــمالن ,وان الرجــل مشــهود لــه
بالنزاهــة واالســتقامة والكفــاءة.
حاولــت أن تقلــل مــن شــان هــذا االختيــار الناجــح باحلديــث عــن عــدم نزاهــة وكفــاءة
قيــادات أحــزاب اللقــاء املشــترك األمــر الــذي اضطــر هــذه األحــزاب أن تبحــث عــن
شــخص بهــذه الصفــات مــن خارجهــا ,غيــر أنــه عندمــا لــم جتــد أي نقيصــة يف ســيرته
السياســية واألخالقيــة تؤثــر علــى مكانتــه بــن الناخبــن ,ذهبــت تتحــدث بــدون
اخــاق عــن عمــر الرجــل ونــوع نظارتــه وطقــم أســنانه وغيرهــا مــن األشــياء غيــر
املالمــح الشــخصية.
( )80طلــب منــي يف اللقــاء املشــترك باعتبــاري عضــو يف الفريــق االنتخابــي (املطبــخ السياســي) لالســتاذ فيصــل بــن شــمالن
حتديــد وحتليــل اخلطــاب االنتخابــي لــكال املرشــحني وقــد كان هــذا نــص الورقــة التــي قدمتهــا حــن كنــت واخريــن يف هــذا الفريــق
السياســي لــن شــمالن بينهــم الزميــل والصديــق عبــده محمــد ســالم
295
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
وباملثــل عندمــا فوجــأت الســلطة ومســئولي حملتهــا االنتخابيــة باتفــاق خمســة أحــزاب
علــى مرشــح واحــد ميثلهــا جميعــا يف هــذا االســتحقاق الوطنــي والدميقراطــي الكبيــر
,ذهبــت للحديــث عــن وجــود أجنــدات خفيــة لــكل حــزب مــن هــذه األحــزاب ,وان
كل حــزب لــه مرشــحه اخلــاص وذهبــوا ليدللــوا علــى ذلــك بوجــود مرشــح إصالحــي
مســتقل «العــزب» وآخــر اشــتراكي مســتقل «املجيــدي» مــع أنهــا تعــرف حيثيــات
ترشــيحات هــؤالء املســتقلني لــكل مــن الســلطة واملعارضــة ,ومــع هــذا فقــد تعمــدت
إلــى إثــارة الغبــار حــول نقــاط قــوة املعارضــة يف حملتهــا االنتخابيــة ,
وهنــاك امثلــة كثيــرة تشــير إلــى أن الســلطة تعتمــد بشــكل أساســي يف حملتهــا
االنتخابيــة علــى الــرد علــى خطــاب املعارضــة ورســالتها االنتخابيــة أكثــر مــن أن يكــون
للســلطة رســالتها اخلاصــة أو خطابهــا االنتخابــي اخلــاص .
•الركيــزة الثانيــة للخطــاب االنتخابــي ملرشــح الســلطة يقــوم علــى أســاس تخويــف
الناخــب اليمنــي مــن خطــورة فــوز مرشــح املعارضــة علــى امــن واســتقرار البــاد
ووحدتهــا ,وهنــاك شــواهد كثيــرة علــى هــذا النــوع مــن اخلطــاب التحذيــري.,
وهــم بذلــك يســتهدفون جتــاوز املقارنــة بــن مرشــحي الســلطة واملعارضــة باعتبــار
أن املقارنــة ليســت لصاحلهــم ســواء مــن حيــث الكفــاءة والنزاهــة أو مــن حيــث األهليــة
واملعرفــة والثقافــة وغيرهــا ,ولذلــك ذهبــوا يخوفــون الناس باخلطر الــذي يتهدد البالد
وأمنهــا واســتقرارها يف حالــة فــوز مرشــح نزيــه و»حضرمــي» وميثــل خمســة أحــزاب
مينيــة رئيســية أي أنهــم يســتبطنون بخطابهــم هــذا تهديــد الناخبــن وتوعدهــم بالويل
والثبــور حتــى ال يصوتــوا لصالــح املعارضــة ويبقــون حالــة اخلــوف والترقــب والتوجــس
مــن الســلطة وجبروتهــا كعامــل مــن عوامــل تعديــل مزاجهــم االنتخابــي العــام.
وهــذه النقطــة مــن اخطــر مفــردات اخلطــاب االنتخابــي للســلطة وأكثرهــا تأثيــراً علــى
اجتاهــات الناخبــن ,وعلــى املعارضــة أن تؤكــد باســتمرار علــى أن اليمــن بخيــر
وســتكون أفضــل وأكثــر أمن ـاً واســتقراراً.
296
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
الركيــزة الثالثــة وتعتمــد علــى معرفــة النــاس مبرشــح املؤمتــر وتعودهــم عليــه يرافقــه
احلديــث عــن اإلجنــازات الوطنيــة التــي حققهــا الرئيــس أثنــاء حكمــه ويشــيرون يف هذا
الســياق إلــى حتقيــق الوحــدة اليمنيــة وتثبيتهــا ,وحتقيــق األمــن واالســتقرار و حتقيــق
الدميقراطيــة ,والتنميــة ومــن ذلــك اســتخراج النفــط وبنــاء ســد مــأرب ,ومــد شــبكات
الطــرق إلــى املــدن واحملافظــات املختلفــة وهــي عمليــة تضليليــة تســند إلــى ضعــف
ذاكــرة النــاس وعــدم توفــر املعرفــة التراكميــة لــدى بســطاء النــاس.
أي أنهــم ينظــرون إلــى األمــن واالســتقرار مثــا باملقارنــة بوضــع العــراق مثــا وليــس
بوضــع األمــن واالســتقرار يف اليمــن نفســها وعــدم مالحظــة أن اليمنيــن يقتلــون يف
احلــروب الداخليــة والقبليــة والصراعــات اليوميــة أكثــر مــن الذيــن يقتلــون يف احلــرب
األهليــة الصوماليــة مثــا .
وال يالحظــون مثــا أن القالقــل واحلــروب التــي يخوفــون النــاس مــن العــودة إليهــا هــي
يف معظمهــا بســبب سياســة النظــام الســيئة وبســبب اســتخدامه للحــروب الداخليــة
وحتريــك اجليــش ضــد املواطنــن جــزء مــن سياســة الســلطة لالســتمرار يف احلكــم
(انظــر املزيــد يف موضــوع األمــن الداخلــي إلــى دراســة الدكتــور محمــد القاهــري
املنشــورة يف نافــذة وجهــات.
وان الســلطة تقــف باملرصــاد ضــد هــذه املخططــات وتقاومهــا وهنــا ميكــن اإلشــارة إلــى
أن النظــام يلــوح بورقــة العمالــة بينمــا هــو يف احلقيقــة مــن يقيــم عالقــات مشــبوهة مــع
املخططــات األجنبيــة ضــد الــدول العربيــة واإلســامية وميكــن اإلشــارة إلــى موقــف
اليمــن مــن التعــاون األمنــي مــع الواليــات املتحــدة يف حربهــا علــى اإلرهــاب وكيــف
حاولــت ترويــج حربهــا يف صعــدة باعتبارهــا حربـاً ضــد اإلرهــاب تــارة ,وضــد الشــيعة
اإليرانيــة تــارة أخــرى ,وكجــزء مــن سياســة تقــدمي النظــام نفســه إلــى دول اخلليــج
والواليــات املتحــدة يف حديثهــا عــن اخلطــر الشــيعي كمبــرر للوقــوف يف وجــه إيــران
وســوريا وحــزب اهلل .
297
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
•هنــاك ركائــز للخطــاب االنتخابــي الــذي تعتمــده الســلطة اقــل أهميــة مــن ســابقاته
أو أنهــا جــزء مكمــل لهــا ومــن ذلــك مواضيــع مثــل اســتغالل عــدم قناعــة النــاس
أو شــرائح واســعة منهــم يف عــدم إمكانيــة حــدوث التغييــر عــن طريــق االنتخابــات
أي أنهــم يؤكــدون بخطابهــم هواجــس النــاس مــن عــدم إمكانيــة تســليم احلكــم حتــى
ولــو فــاز مرشــح املعارضــة ,وكــذا اســتغالل الســلطة لوعــي النــاس الراســخ يف أن
االنتخابــات ســيتم تزويرهــا األمــر الــذي يدفــع النــاس إلــى عــدم التصويــت ملرشــح
املعارضــة وخســران رضــاء الســلطة طاملــا وأصواتهــم لــن تعمــل شــيئا يف نهايــة األمــر .
•وكــذا محاولــة اإليحــاء بوجــود اتفــاق بــن املعارضــة أو عــدد مــن أحزابهــا مــع الرئيــس
علــى نتائــج االنتخابــات وان املعارضــة قابلــة بنتائــج احملليــات مقابــل تخليهــا عــن
نتائــج الرئاســيات ,باإلضافــة إلــى عمليــة اإليحــاء والتأكيــد علــى وجــود خالفــات
بــن هــذه األحــزاب وأنهــا لــن تتفــق جميعهــا مــع بــن شــمالن ولــكل حــزب مــن هــذه
األحــزاب مرشــحها اخلــاص ,وان اخلــاف علــى مقاعــد احملليــات ســيؤثر علــى نتائــج
الرئاســيات وهــو مــا يجــب التنبــه لــه.
هنــاك أيضــا الضــرب علــى مســألة تقــدم ســن مرشــح املعارضــة وعــدم قدرتــه علــى تولــي
املســؤولية التــي يفرضهــا منصــب الرئيــس وهــو يف هــذه الســن املتقدمــة ,رغــم انــه 72
ســنة عمــر مقبــول يف النظــام البرملانــي الــذي تســعى لتحقيقــه املعارضــة ,فضــا أن
الفــرق بــن ُع ْمــر بــن شــمالن و ُع ْمــر الرئيــس احلالــي ال يتجــاوز اخلمــس ســنوات فقــط ال
غيــر رغــم تغييــر الرئيــس احلالــي لتاريــخ مولــده أكثــر مــن مــرة منــذ اعتلــى الســلطة عــام
١٩٧٩م ,
واحلقيقــة أن محــددات هــذا اخلطــاب ومفرداتــه املختلفــة قــد كتــب عنهــا ومت التصريــح
بهــا يف أكثــر مــن وســيلة إعالميــة ,فضــا عــن احلملــة امليدانيــة للتأثيــر علــى الناخبــن
وفق ـاً لهــذا اخلطــاب.
298
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
البــد مــن مالحظــة أن رســالة اللقــاء املشــترك االنتخابيــة تعتمــد هــي األخــرى يف مضمونهــا
وتأثيراتهــا علــى الركائــز التالية -:
•حاجــة النــاس أو غالبيتهــم إلــى التغييــر بعــد 28ســنة مــن حكــم الرئيــس صالــح لليمــن
اجلمهــوري والدميقراطــي أي أن املعارضــة حتــاول بهــذا اخلطــاب أن تســتفز كرامــة
املواطــن يف بقــاء رئيــس جمهوريــة ملــدة 28ســنة وهــو أمــر غيــر مقبــول نفســياً ووجدانياً
بالنســبة للمواطــن اليمنــي الــذي ينظــر إلــى هذهــا الفتــرة الطويلــة ومحاولــة متديدهــا
ســبع ســنوات اخــرى ميثــل إهانــة لــه ,جتــرح كرامتــه وتوحــي بــان بلــده غيــر قــادره
ا أن هــذه الفتــرة الطويلــة علــى إجنــاب رئيــس آخــر غيــر علــي عبــد اهلل صالــح فضـ ً
كانــت مليئــة باأللــم واملعانــاة الشــديدة .
• تســتند يف خطابهــا أيضــا علــى معانــاة النــاس مــن الفســاد واالســتئثار بالســلطة
والثــروة علــى حســاب بقيــة املواطنــن وهــي معانــاة حقيقيــة جعلــت كل مينــي يشــعر
باخلطــر الــذي يهــدد أمنــه املعيشــي ورزق أوالده ,وينــدرج يف هــذا الضغــط يف
احلديــث علــى سياســية اجلــرع املتواصلــة التــي عــاد ًة مــا تــؤدي إلــى رفــع أســعار الســلع
واخلدمــات األساســية مــرة بعــد مــرة.
وبالــذات ســعر الســكر واألرز والقمــح والدقيــق والزيــت والزبــادي ,فضــا عــن رفــع
تعريفــات اخلدمــات األساســية مثــل امليــاه والكهربــاء والتلفــون والتعليــم والصحــة .أي
أن املعارضــة ينطلقــون يف حملتهــم االنتخابيــة مــن معانــاة النــاس احلقيقيــة التــي يلمس
املواطــن نتائجهــا يوميـاً ويذهــب إلــى ذهنــه عنــد احلديــث عنهــا إلــى احلــزب احلاكــم
والوضــع الــذي يــراد إعادتــه يف هــذه االنتخابــات كمــا هــو بــدون تغييــر .
•تعتمــد املعارضــة يف خطابهــا علــى نزاهــة واســتقامة مرشــحها الرئاســي فيصــل بــن
شــمالن الــذي ميثــل النقيــض املوضوعــي ملرشــح الســلطة يف كل شــيء تقريب ـاً ســواء
يف الرزانــة والعقــل والرشــد واحلكمــة أو يف االســتقامة واملعرفــة والوعــي أو يف كونــه
ميثــل الوحــدة الوطنيــة وإشــعار كل مواطــن مينــي أن الرئاســة والوصــول إليهــا حــق
لــكل مواطــن بغــض النظــر عــن منطقتــه .
299
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
•تعتمــد املعارضــة يف خطابهــا علــى أن اتفــاق خمســة أحــزاب علــى برنامــج وطنــي
,ومرشــح واحــد ميثــل نقطــة ايجابيــة تعــزز الثقــة بهــا لــدى الــرأي العــام وتقــدم
تطمينــات حقيقيــة إلــى أنهــا علــى مســتوى املســئولية حلكــم البــاد وتقــدمي أمنــوذج
ا أن ذلــك يقــدم تطمينــات حقيقيــة علــى ضمــان مختلــف عــن الوضــع القائــم فض ـ ً
مســتقبل وحــدة وامــن البــاد واســتقرارها.
•تعتمــد املعارضــة علــى خطــورة سياســة الســلطة القائمــة علــى التمييــز يف املواطنــة
بســبب سياســة حكــم األقليــة وشــعور شــرائح واســعة بالضيــم والتهميــش وهــذا مــا
ينطبــق علــى معظــم أبنــاء احملافظــات اجلنوبيــة والشــرقية ,وأبنــاء صعــدة وبكيــل
وأبنــاء محافظــات تعــز واب واحلديــدة والبيضــاء واحملافظــات النائيــة كاجلــوف
ومــأرب والفئــات االجتماعيــة املهمشــة وغيرهــا .
• -تعتمــد املعارضــة علــى برنامجهــا االنتخابــي الــذي يتميز بتشــخيص املشــكلة واقتراح
النظــام البرملانــي ,والقائمــة النســبية ,مــن اجــل توســيع املشــاركة الشــعبية وحتقيــق
مبــدأ فصــل الســلطات والتــداول الســلمي للســلطة ,وهــي القضايــا التــي ال يســتطيع
النظــام مجاراتهــا يف برنامجــه االنتخابــي .
ويتبــن مــن هــذا ان هنــاك نقــاط ضعــف حقيقيــة لــدى مرشــح الســلطة هــي نفســها نقــاط
قــوة ملرشــح املعارضــة ينبغــي الضغــط والتركيــز عليهــا يف الــرد علــى خطــاب املؤمتــر
الشــعبي العــام االنتخابــي .
مع خالص التحية والتقدير
محمد املقالح
عضو اللجنة السياسية
ملرشح املشترك الرئاسي االستاذ فيصل بن شمالن
صنعاء 2006/8/5م
300
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
()24
أسئلة التزوير الثالثة التي ترفض السلطة اإلجابة عليها حتى اآلن
بعــد إغــاق مــا عــرف بـ(الصنــدوق املقعــي) ,وبالتالــي إغــاق ثغــرة كبيــرة لتزويــر إرادة
الناخبــن ,ال يــزال هنــاك ثالثــة أســئلة كبيــرة وخطيــرة ســيتحدد موقــف املعارضــة,
والناخبــن اليمنيــن ,مــن نتائــج االنتخابــات علــى أســاس اإلجابــة عليهــا اآلن وليــس غــدا
ً,وســيكون مــن املهــم أن تطرحهــا الســلطة واحلــزب احلاكــم واللجنــة العليــا لالنتخابــات
علــى طاولــة «احلــوار الداخلــي « مبســئولية وجديــة وقبــل أن «يكــون الفــأس يف الــرأس»
وعلــى النحــو التالــي-:
ملــاذا لــم تعلــن اللجنــة العليــا لالنتخابــات الســجل االنتخابــي لعــام 2006م بصــورة رســمية
ونهائيــة!؟
وملــاذا تكتفــي بإعالنــه عــن طريــق التســريبات ويف كل مــرة يعلــن برقــم مختلــف !؟ مــع
مالحظــة أن هــذه هــي املــرة األولــى يف تاريــخ االنتخابــات اليمنيــة مــن1993م التــي يدخــل
فيهــا اليمنيــون انتخابــات عامــة دون نشــر الســجل االنتخابــي ودون معرفــة الناخبــن الرقــم
النهائــي للســجل االنتخابــي !!
فهــل هــذه مقدمــة إلعــان الســجل االنتخابــي بعــد إعــان نتيجــة االقتــراع العــام ,ووفقــا
للنســبة املــراد تزويرهــا يف ســجالت وكــروت الناخبــن !؟
301
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
ملــاذا لــم تعلــن اللجنــة العليــا لالنتخابــات املطبعــة التــي طبعــت فيهــا كــروت االقتــراع!؟
وكــم عــدد الكــروت املطبوعــة ,وهــل عددهــا يتناســب مــع الســجل االنتخابــي ؟ ,وكــم عــدد
االحتيــاط منهــا!؟,
ومــا هــي الضمانــات لعــدم تســريبها إلــى خــارج نطــاق اللجنــة العليــا لالنتخابــات!؟ ,ثــم
وهــو األهــم ملــاذا ترفــض اللجنــة العليــا ومــن ورائهــا الســلطة واحلــزب احلاكــم مقتــرح
املعارضــة اخلــاص بضــرورة توقيــع أعضــاء جلــان االقتــراع علــى هــذه الكــروت (كــروت
االقتــراع)!؟ وهــل هــذا الرفــض يشــير بوضــوح إلــى وجــود كــروت اقتــراع مســربة ,ومؤشــر
عليهــا ســلفاً ؟!
وأخيــرا ملــاذا أصــرت اللجنــة العليــا علــى عــدم اســتحداث خانــة يف البطاقــة االنتخابيــة
يتــم التأشــير عليهــا بعــد أن ميــارس الناخــب حقــه يف االقتــراع حتــى يظهــر مــا إذا كان
قــد اقتــرع بواســطة هــذه البطاقــة أم ال .وحتــى ال يســتخدمها أكثــر مــن مــرة !؟ واذا كان
إصــاح هــذا اخلطــأ املتعمــد غيــر ممكــن اآلن فلمــاذا ال يســتبدل ذلــك بتخــرمي كل بطاقــة
انتخابيــة مــارس صاحبهــا حــق االقتــراع !!؟؟
إن هــذه األســئلة الهامــة واخلطيــرة ال توجــه فقــط إلى الســلطة ,واللجنة العليا لالنتخابات
بــل والــى املراقبــن الدوليني على ســامة إجــراءات العلمية االنتخابية.
أمــا ملــاذا نوجــه هــذا النــوع مــن األســئلة يف هــذا الوقــت بالــذات وقبــل يومــن فقــط مــن
موعــد االقتــراع العــام يف 20ايلــول ســبتمبر اجلــاري ,فــان ذلــك يعــود إلــى ســببني اثنــن ,
األول هــو أننــا يف اللقــاء املشــترك قــد طرحنــا هــذه القضايــا مــراراً وتكــراراً علــى اللجنــة
العليــا لالنتخابــات وعلــى احلــزب احلاكــم دون فائــدة تذكــر .
302
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
وأمــا الســبب الثانــي فهــو أن عــدم اإلجابــة علــى هــذه األســئلة اخلطيــرة بصراحــة ووضــوح
,وبالتالــي ســد الثغــرات الكبيــرة واخلطيــرة يف العمليــة االنتخابيــة مــن قبــل اجلهــات
املعنيــة واملســئولة عــن العمليــة االنتخابيــة ,فإننــا نكــون بهــذا التنبيــه يف حــل مــن امرنــا
إذا مــا اســتغل احلــزب احلاكــم هــذه الثغــرات املتعمــدة للقيــام بتزويــر كبيــر وفاضــح إلرادة
الناخبــن .
ومبعنــى آخــر فــان رفــض املواطنــن لنتائــج االنتخابــات املــزورة -إذا ســمح اهلل – البــد وان
يســتند بدرجــة رئيســية علــى هــذه الثغــرات القانونيــة والفنيــة واإلجرائيــة التــي تع َّمــدت
الســلطة ومنــذ وقــت مبكــر علــى إبقائهــا مفتوحــة ,وبالتالــي الدخــول منهــا لتزويــر إرادة
الناخبــن اليمنيــن .
303
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
()25
االشتراكي نت /خاص
كشــفت مصــادر مقربــة مــن الســلطة احلاكمــة اليمنيــة ,عــن مســاعدات ماليــة وسياســية
وتقنيــة كبيــرة قدمتهــا الســعودية ,وعــدد مــن دول اخلليــج ,باإلضافــة إلــى كل مــن مصــر
وليبيــا ,لدعــم احلملــة االنتخابيــة ملرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام الرئيــس علــي عبــد اهلل
صالــح ,وأشــارت املعلومــات التــي بــدأت تتســرب يف اآلونــة األخيــرة مــن بعــض أطــراف
يف الســلطة «بــان أكثــر مــن 25مليــون دوالر أمريكــي قدمــت يف منتصــف شــهر ســبتمبر
املاضــي ,كمســاعدة عاجلــة ,لدعــم حملــة الرئيــس االنتخابيــة ,منهــا خمســة ماليــن دوالر
فقــط مــن ليبيــا والبقيــة مــن اململكــة العربيــة الســعودية.
وكانــت بعــض وســائل اإلعــام قــد أشــارت يف وقــت ســابق إلــى أن وفــداً مينيــاً رفيــع
املســتوى زار يف منتصــف ســبتمبر املاضــي -بصفــة ســرية -عــدداً مــن البلــدان العربيــة
منهــا الســعودية ,والبحريــن ,باإلضافــة إلــى كل مــن األردن ,ومصــر ,و ليبيــا ,وان هــذا
الوفــد الــذي تشــكل مــن شــخصيات مقربــة مــن الرئيــس صالــح ,قــد طلــب مــن هــذه البلــدان
دعمــاً ماليــاً وفنيــاً ملواجهــة التنافــس الدميقراطــي اجلــدي الــذي مثلــه مرشــح اللقــاء
املشــترك فيصــل بــن شــمالن ,محــذراً أنظمــة تلــك البلــدان مــن خطــورة الســماح لنجــاح
الدميقراطيــة اليمنيــة يف إرســاء مفاهيــم جديــدة تتعلــق بالتنافــس علــى املركــز الرئاســي
وتوســيع قاعــدة املشــاركة الشــعبية ,وهــو مــا قــد ينعكــس ايجابيــاً -ســلبياً بالنســبة
للحــكام -علــى بقيــة شــعوب املنطقــة التــي تطالــب باإلصالحــات السياســية والســماح
لألحــزاب وتوســيع قاعــدة املشــاركة الشــعبية يف القــرار السياســي .
304
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
وتشــير معلومــات أخــرى غيــر مؤكــدة إلــى أن دعــم الســعودية ,حلملــة الرئيــس صالــح
االنتخابيــة لــم يقتصــر علــى املســاعدات املاليــة «20مليــون دوالر» التــي أرســلت بصفــة
عاجلــة يف األســبوع الثانــي مــن احلملــة االنتخابيــة .ولكنهــا أي الســعودية تدخلــت بقــوة
لدعــم صالــح سياســياً عبــر الضغــط علــى عــدد مــن الوجاهــات االجتماعيــة ,وبعــض رمــوز
املعارضــة يف اخلــارج ،وحثهــا علــى الوقــوف مــع صالــح يف االنتخابــات وعــدم تركــه يخــوض
معركــة الدميقراطيــة مبفــرده ,وأن تصريحــات رئيــس التجمــع اليمنــي لإلصــاح الشــيخ
عبــداهلل بــن حســن االحمــر التــي اكــد انحيــازه الكامــل الــى جانــب الرئيــس رافضـاً ترشــيح
بــن شــمالن ومعرضــا مبواقــف جنلــه حميــد وقيــادات املشــترك عمومــاً وعــودة بعــض
السياســيني اليمنيــن كاجلفــري وغيــره للمشــاركة يف حملــة صالــح عشــية االنتخابــات
ا عــن قيــام بعــض مســئولي األجهــزة يأتــي كثمــرة لتلــك الضغــوط اجلديــة عليهــم ,فض ـ ً
األمنيــة واملصرفيــة يف اململكــة بتحذيــر التجــار الســعوديني مــن أصــول مينيــة ومنعهــم مــن
تقــدمي أي مســاعدة ماليــة لدعــم مرشــح اللقــاء املشــترك بعــد أن أشــاعت الســلطة اليمنيــة
عــن تلقــي بــن شــمالن تبرعــات مــن قبــل التجــار احلضارمــة يف الســعودية واخلليــج ,وهــو
مــا تبــن عــدم صحــة اإلشــاعات .
وحــول الدعــم املصــري حلملــة الرئيــس صالــح االنتخابيــة قالــت هــذه املصــادر بأنــه اقتصــر
علــى تقــدمي خبــرات تقنيــة يف مجــال التحكــم بنتائــج االنتخابــات العامــة وإرســال خبــراء
متخصصــن يف شــئون االنتخابــات ,وكيفيــة التأثيــر علــى مــزاج الناخبــن إزاءهــا فضــا
عــن كيفيــة التالعــب بنتائجهــا قبــل وبعــد عمليــة االقتــراع .
وحســب املعلومــات «املســربة» فــان تركيــز حملــة الرئيــس صالــح االنتخابيــة علــى» إشــاعة
أجــواء مــن اخلــوف ,والرعــب لــدى الناخبــن مــن خطــورة التغييــر ,وافتعــال تفجيــرات
«إرهابيــة» يف كل مــن مــأرب وحضرمــوت ,قبــل أربعــة أيــام فقــط مــن موعــد االقتــراع
العــام ,وكــذا عــرض رئيــس اجلمهوريــة لصــورة بــن شــمالن والــى جانبــه احــد رجــال األمــن
« الذرحانــي « يف احــد املهرجانــات االنتخابيــة ,والــذي قــدم علــى انــه إرهابــي مــن تنظيــم
القاعــدة ,
305
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
واحلديــث عــن حتــول اليمــن إلــى عــراق آخــر يف حالــة فــوز بــن شــمالن ,وكــذا إجــراء
تعيينــات قضائيــة ,يف محاكــم االســتئناف قبــل يــوم فقــط مــن االقتــراع ،كل هــذه وغيرهــا
جــاءت -حســب هــذه املصــادر -ضمــن مشــورة مصريــة ســبق أن جربــت وكان لهــا تأثيــرات
كبيــرة لصالــح توجهــات النظــام املصــري وبهــدف التأثيــر علــى توجهــات الناخبــن اليمنيني
لصالــح الرئيــس صالــح واســتمرار الوضــع القائــم.
وكانــت املعلومــات املســربة مــن بعــض مطابــخ احلكــم يف اليمــن قــد أشــارت «أن عــدداً مــن
أطــراف احلكــم يف الســعودية التــي كان لهــا خالفــات شــخصية مــع الرئيــس اليمنــي» غيــرت
موقفهــا ,عندمــا الحظــت تفاعــل شــعبي كبيــر مــع حملــة مرشــح املعارضــة.
وهــو مــا كان ينقلــه التلفزيــون اليمنــي طــوال عشــرين يومـاً مــن احلملــة االنتخابيــة ,األمــر
الــذي دفعهــا للدخــول بقــوة لدعــم حملــة صالــح االنتخابيــة ,معتقــدة بــان أي جناحــات
جزئيــة للمعارضــة اليمنيــة يف املوضــوع الدميقراطــي قــد يكــون لهــا تداعيــات سياســية
واجتماعيــة خطيــرة ليــس علــى اليمــن وحســب ,بــل وعلــى الــدول العربيــة احمليطــة ,ومبــا
يعــزز مطالــب شــعوبها بإجــراء إصالحــات سياســية ودســتورية جديــة تســمح بحريــة
الصحافــة وتوســيع قاعــدة املشــاركة السياســية.
وحــول املوقــف الســعودي مــن وقــوف أبنــاء الشــيخ عبــداهلل بــن حســن األحمــر إلــى
جانــب املعارضــة ومرشــحها فيصــل بــن شــمالن ,أشــارت هــذه املصــادر بــان تصريحــات
الشــيخ األخيــرة الداعمــة للرئيــس صالــح ,واملنــددة مبواقــف ابنــه حميــد ,قــد جــاءت
نتيجــة ضغــوط مزدوجــة مارســها الرئيــس صالــح وبعــض مــن رمــوز األســرة
الســعودية ,علــى الشــيخ عبــد اهلل وغيــره مــن املشــايخ الذيــن تربطهــم عالقــات
تاريخيــة بالنظــام الســعودي .
يشــار إلــى أن وســائل اإلعــام العربــي الرســمي عمومــاً ,والقنــوات الفضائيــة املمولــة
مــن قبــل الســعودية ,وبلــدان اخلليــج العربــي خصوصــاً ,كانــت طــوال احلملــة
االنتخابيــة منحــازة كلي ـاً إلــى جانــب ترشــيح صالــح وفــوزه بنســبة عاليــة مــن األصــوات،
ماجعلهــا وبعــض مراســليها يف صنعــاء يفقــدون املهنيــة ,واملوضوعيــة يف تغطيتهــم
لســير العمليــة االنتخابيــة عمومــا .
306
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
بعد االنتخابات
()26
بن شمالن ...أيها السهل املمتنع
وجــاء مــن أقصــى املدينــة رجــل يســعى قــال يــا قــوم اتبعــوا املرســلني اتبعــوا مــن ال يســألكم
أجــراً وهــم مهتــدون» صــدق اهلل العظيــم« .تــرى هــل هــذا اآلتــي مــن أقصــى املدينــة هــو
فيصــل بن شــمالن,؟
اقصــد ذلــك الرجــل ذو الشــعر األشــيب واملالمــح اليمنيــة الزاخــرة بالهــدوء والبســاطة
والســام الداخلــي !؟
ا الشــيء الــذي أســتطيع تأكيــده بهــذا اخلصــوص مــن يــدري رمبــا يكــون هــو فعــ ً
,هــو أن التاريــخ ســيكتب بحــروف مــن املجــد والكبريــاء أن شــخصيتني عربيتــن
عظيمتــن ظهرتــا يف النصــف الثانــي مــن العــام 2006م احدهمــا يف لبنــان ,والثانــي
يف اليمــن ,اســتطاعا بشــيء مــن االحتــرام للــذات ,والثقــة بالنفــس ,والشــعور
باملســؤولية الوطنيــة والقوميــة ,أن يعيــدا إلــى أمتهمــا الثقــة بنفســها وبإمكانيــة االنتصــار
علــى العــدو اخلارجــي الغاشــم علــى بلدانهــا ,واالســتبداد الداخلــي اجلاثــم علــى
صدورهــا ,والــكامت ألنفاســها.
األول هــو الســيد حســن نصــر اهلل ,والثانــي هــو فيصــل عثمــان بــن شــمالن .واحلقيقــة
أن فيصــل بــن شــمالن قــد كــرس نفســه -خــال الســباق الرئاســي -زعيمــاً وطنيــاً
فــذاً ,بالنســبة لليمنيــن اليــوم وســيظل كذلــك بالنســبة ألجيالنــا القادمــة أيضــا .
307
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
إن خــروج بــن شــمالن الدميقراطــي القــوي وقبولــه التحــدي واملنافســة علــى املنصــب
األول يف بلــد غيــر دميقراطــي مثــل اليمــن ,كان مبثابــة «التضحيــة» املســتحقة
لشــعبه الكــرمي ..متامــا مثــل مــا قــال هــو يف أول مؤمتــر صحفــي عقــده بعــد
اختيــار «املشــترك» لــه مرشــحاً رئاســياً جــاداً ومســئوالً .نعــم فيصــل بــن شــمالن هــو
ذلــك الســهل املمتنــع كالشــعِ ر .
ليــس الن بســاطته وهدوئــه هــي ســر عظمتــه ,ولكــن ألنــه لــم يعمــل شــيئا ســوى
انــه اليمنــي الوحيــد الــذي «علــق اجلــرس» وقــدم نفســه عنوانــا للتغييــر ومضــى
يبشــر يف كل خارطــة الوطــن برســالة اإلصــاح والنضــال الســلمي .وألنــه جســد مبوقفــه
«أمنوذجــا» حيــاً لذلــك الواقــف يف التاريــخ اإلســامي «أمــام ســلطان جائــر»
فقــد كان البــد أن يبادلــه شــعبه الوفــاء بالوفــاء ,وهــو مــا حصــل فعــا . .
ومــا إن بــدأ خطوتــه األولــى يف هــذا الطريــق حتــى وجــد نفســه محاطــاً مباليــن
مــن املواطنــن واملواطنــات الذيــن كانــوا ينتظــرون «البطــل» علــى أحــر مــن اجلمــر ,
وعلــى اســتعداد كامــل لتقــدمي ضريبــة النضــال وتبعاتــه مــن اجــل إســقاط احلكــم الفــردي
وبنــاء دولــة املواطنــة والقانــون.
عندمــا ســؤل بــن شــمالن يف أول مؤمتــر صحفــي بعــد أن قدمــه املشــترك مرشــحا
رئاســيا لــه ,ملــاذا قــررت خــوض هــذه املعركــة السياســية والنفســية الصعبــة !؟ أجــاب
بهدوئــه املعتــاد ,ومبــا معنــاه « ..إذا لــم نخطــو اخلطــوة األولــى فســيظل الوضــع كمــا
هــو ولــن يحصــل أي تغييــر»,
وأضــاف يف مــكان آخــر «لقــد «شــعرت أن القيــام بهــذه املهمــة فريضــة ,والنكــوص عنهــا
معصيــة» يــا ســام أيهــا احلضرمــي الرائــع.
308
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
اآلالف مــن اليمنيــن واليمنيــات يف تعــز وإب والضالــع وحلــج واحملويــت ,وغيرهــا,
وغيرهــا « مــن ســيئون إلــى مــران ال زعيــم إال شــمالن «
نعــم يــا بــن شــمالن لقــد تأكــد لنــا أيضــا بــان شــعبنا يف اجلــوف ال يقــل حماس ـاً وشــوقا
للتغيــر ولدولــة املواطنــة والقانــون عــن شــعبنا يف الديــس أو يف الســويري ..اقصــد قريتــك
الطينيــة الواقفــة هنــاك علــى ضواحــي مدينــة ســعاد «ســيئون»
ومثلما قلت فان عجلة التغيير التي حتركت لن تتوقف ولن يوقفها احد بعد اليوم ..
لقــد ظــل بــن شــمالن طــوال احلملــة االنتخابيــة هادئــا ومســئوال يف كلماتــه ومواقفــه ,ولــم
يكلــف نفســه مجاراتهــم يف الشــتائم والســباب ويف تصديــر التهــم والنقائــص بــا حســاب
ويف كل االجتاهــات,
فقــد قيــل فيمــا مضــى «كل إنــاء مبــا فيــه ينضــح « قالــوا عنــه «مســتأجر» ,و»مخــرف»
,و»غريــب» علــى منصــب الرئاســة اليمنيــة ذو املاركــة املســجلة باســمهم ,لكنــه ظــل
هادئــاً وحصيفــاً يف كلماتــه ومواقفــه ويف كل يــوم كان يثبــت انــه الزعيــم احلقيقــي
والبقيــة مجــرد « مهرجــن « رغــم مناصبهــم التــي تبــدو رفيعــة ,وعاليــة املقــام .
خ َّوفــوا النــاس منــه ومــن املجهــول الــذي يحملــه ..افتعلــوا وبــكل وقاحــة «تفجيــرات»
زائفــة ليرهبــوا بهــا النــاس مــن بــن شــمالن واملشــروع الوطنــي الــذي يحملــه
ويبشــر بــه ســلماً وبالوســائل الدميقراطيــة ,
وممــا ال شــك فيــه أنهــم قــد ا َّثــروا ســلباً علــى حملتــه االنتخابيــة وقــد أدرك ذلــك لكنــه
رفــض أن ينجــر إلــى أســاليبهم اخلسيســة يف الدعايــة االنتخابيــة .عندمــا عــرض منافســه
,مرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام الرئيــس علــي عبــد اهلل صالــح أمــام شاشــات التلفــزة
صــورة بــن شــمالن والــى جانبــه رجــل امــن مدســوس مــن قبــل الرئيــس نفســه (علــى انــه
ارهابــي) لــم يتخيــل بــن شــمالن أن يصــل منافســيه إلــى هــذا احلــد مــن « »...ولــم يقــل
ســوى عبارتــه الشــهيرة « ال أجــد العبــارة املناســبة للــرد عليــه.
309
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
ونحــن يــا ســيدي كذلــك ال جنــد العبــارة املناســبة للــرد عليهــم وال لوصفهــم وتوصيــف
أفعالهــم منــذ 28عامــا .
يف األخيــر ال أجــد مــا أضيفــه ســوى القــول ..شــكراً ألحــزاب اللقــاء املشــترك علــى حســن
اختيارهــا ملرشــحها الرئاســي فيصــل بــن شــمالن ,وشــكرا لليمنيــن واليمنيــات علــى حســن
اختيارهــم لزعمائهــم احلقيقيــن.
310
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
()27
يعلــم األخ رئيــس اجلمهوريــة بــأن نســبة الفــوز التــي منحتهــا لــه جلنــة االنتخابــات
لــم تكــن كلهــا مســتحقة وان أكثــر مــن مليونــي صــوت انتخابــي قــد أضيفــت إلــى نســبته
(((8
هكــذا مــن الــرأس...
لكــن هــذا ليــس املهــم اآلن ،فقــد فــاز الرجــل وانتهينــا ,وقبلنــا نحــن باألمــر الواقــع ،ولكــن
الســؤال هــو :هــل يقبــل الرئيــس املنتخــب شــعبياً باألمــر الواقــع أيضــا ،وبــأن املعارضــة كتلــة
سياســية كبيــرة ومتماســكة ولهــا قاعــدة اجتماعيــة واســعة متتــد مــن املهــرة وحتــى صعــدة،
ولهــا مطالــب حقيقيــة يف التغييــر واإلصــاح السياســي ,ومــن حقهــا أن حتصــل علــى هــذا
احلــق ســواء باالنتخابــات أم بغيرهــا مــن وســائل النضــال الســلمي؟!.
لقــد فــاز الرئيــس وحزبــه املؤمتــر الشــعبي العــام بغالبيــة األصــوات الرئاســية واملقاعــد
احملليــة ,وبقــدر مــا ميثــل ذلــك انتصــاراً سياســياً كبيــراً لهمــا بقــدر مــا ميثــل عبئــا
كبيــرا ينبغــي التعامــل معــه مبســؤولية كبيــرة.
وأول مــا يجــب أن يطــرح علــى طاولــة الرئيــس هــو تلــك الوعــود التــي قطعهــا يف احلملــة
االنتخابيــة وســجلها برنامجــه االنتخابــي .وهنــاك علــى األقــل ثــاث قضايــا ميكــن اإلشــارة
إليهــا بعجالــة وعلــى النحــو التالــي:
( )81حتدثــت تقاريــر ميدانيــة وشــهود عيــان مــن جلــان الرقابــة واللجنــة العليــا لالنتخابــات ان رئيــس اجلمهوريــة علــي عبــد اهلل
صالــح كان قــد فــاز يف االنتخابــات علــى مرشــح املعارضــة بــن شــمالن ولكــن بنســبة %55مقابــل قرابــة %45ملرشــح املعارضــة ولكــن
هــو وكثــر مــن حاشــيته مل يرغــب بهــذه النســبة وكان قــد قــرر منــح املعارضــة نســبة %27فقــط ايــا كانــت النتيجــة ولهــذا الســبب طلــب مــن
اللجنــة العليــا لالنتخابــات اعــان النتيجــة الرســمية بفــوز صالــح بنســبة %78وقــد اضيــف قرابــة املليونــي صــوت مــن حصــة تعــز واب
واحلديــدة وغيرهــا وتبقــى هــذه الزيــادات غيــر مؤكــدة وان كانــت احلقيقــة ان نســبة بــن شــمالن كانــت اعلــى ممــا اعلــن رســمياً
ونســبة صالــح كانــت اقــل ممــا اعلــن رســمياً
311
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
القضيــة األولــى هــي أن الــدورة الرئاســية التــي فــاز بهــا الرئيــس يف 20ســبتمبر 2006م
وبنســبة %55تقريبــا ((8(,هــي الــدورة األخيــرة دســتوريا ،وحســب برنامجــه االنتخابــي فــإن
مدتهــا خمــس ســنوات شمســية فقــط.
واملعنــى هنــا أن الفتــرة قصيــرة وســتمر مــر الســحاب بالنســبة للرئيــس .وإذا كان صادقـاً
يف مــا يقولــه ويدعيــه فإنهــا لــن تســمح لــه إال بــأن ينشــغل كليــاً ومــن اآلن يف اتخــاذ
القــرارات واإلجــراءات والسياســات التــي تهيــئ األجــواء فعــا النتقــال الســلطة بسالســة
ويســر بعــد أن تنتهــي مدتــه الرئاســية .أمــا أن ينتظــر إلــى آخــر حلظــة ويقــول بأنــه لــن
«يترشــح» ولــن يعــدل الدســتور ،فســيكون هــذا كالم ـاً فارغ ـاً ولــن يصدقــه احــد.
إن مســألة انتقــال الســلطة ســلمياً ليســت مجــرد كالم أو وعــود انتخابيــة ال معنــى لهــا .إنهــا
قــرارات وإجــراءات تتضمــن إصــدار قوانــن وتعديــات دســتورية ،وقبــل ذلــك إرادة صادقة,
بتــرك الســلطة ،وتهيئــة النفــس والطبيعــة التــي تعــودت عليهــا واســتمرأت االســتمرار فيهــا
ملــدة ثالثــة عقــود متتاليــة.
وعلــى الرئيــس أن يتذكــر جيــداً بــأن الناخــب اليمنــي لــن يقبــل منــه بعــد اليــوم «مســرحية»
جديــدة مــن نــوع عــدم الترشــح وإردافهــا بالقــول والفعــل بــأن «التتــار « قادمــون ،واليمــن
ســتكون يف خطــر عظيــم ,وســتتحول إلــى عــراق أو صومــال آخــر إذا تــرك هــو الســلطة
(((8
بسالســة
القضيــة الثانيــة هــي وعــد الرئيــس بعــد االنتخابــات -وليــس قبلهــا أو أثناءهــا -بأنــه
ســيبدأ مــن اآلن بتدويــر مواقــع الســلطة ,وبحيــث ال يبقــى أي مســؤول يف منصبــه أكثــر مــن
أربــع ســنوات ،وعنــد هــذه النقطــة بالــذات ,هنــاك عناويــن رئيســة ميكــن أن تكــون محــكاً
لــكالم الرئيــس ،و معيــاراً ملصداقيتــه .واقصــد بذلــك وجــود قيــادات عســكرية وسياســية
بعضهــا يشــغل املنصــب القيــادي منــذ أكثــر مــن عشــرين ســنة .فهــل سنشــهد يف األيــام
( )82كان صالــح قــد اعلــن يف برنامجــه االنتخابــي انــه ســيعيد تخفيــض فتــرة رئيــس اجلمهوريــة يف الدســتور إلــى خمــس ســنوات
بــدال مــن ســبع ســنوات واالخيــرة كانــت اســاس التعديــات الدســتورية التــي قدمــت مبشــروع تعديــات مــن قبــل الرئيــس نفســه
عــام 2001م.
( )83يف اشــارة الــى مســرحية اعــان عــدم ترشــحه النتخابــات 2006م التــي عــاد وتراجــع عنهــا بضغــوط شــعبية مــن قبــل حزبــه
املؤمتــر وهــو مــا حــول االمــر برمتــه الــى مســرحية هزليــة لــم يكــن بحاجــة اليهــا صالــح وال الــى محاكمتــي ألننــي قلــت انــه ســيعود
ويترشــح مبظاهــرات مــن حزبــه وتأكــد ذلــك فعــا.
312
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
أو يف األســابيع القادمــة ,تغييــر محمــد صالــح األحمــر مــن قيــادة القــوات اجلويــة مثــا؟
أو تغييــر احمــد علــي عبــد اهلل صالــح مــن قيــادة احلــرس اجلمهــوري والقــوات اخلاصــة
(مثــا)؟ أو تغييــر علــي محســن صالــح مــن قيــادة الفرقــة األولــى واملنطقــة الشــمالية
الغربيــة (مثــا؟) أو...الــخ.
إن هــذه هــي مواقــع الســلطة احلقيقيــة التــي يجــب تدويرهــا .أمــا إذا اقتصــر األمــر
علــى تغييــر مديــر عــام أو رئيــس مصلحــة حكوميــة أو حتــى وزيــر ,ورئيــس وزراء ,فذلــك
أمــر عــادي ,وميارســه الرئيــس باســتمرار ,وال يحقــق املعنــى احلقيقــي الــذي أراد توصيلــه
للنــاس بالقــول انــه ســيعمل علــى تدويــر مواقــع الســلطة احلقيقيــة.
-القضيــة الثالثــة هــي قانــون إقــرار الذمــة املاليــة الــذي صــدر قبــل عشــرة أيــام فقــط
مــن تاريــخ االقتــراع العــام وأصبــح اليــوم نافــذاً وإذا كان الرئيــس صادقـاً ,وال يكــذب علــى
نفســه وشــعبه ،فــإن أول مــا يجــب القيــام بــه حملاربــة الفســاد هــو تطبيــق هــذا القانــون،
واملســارعة إلــى حصــر وإعــان ممتلكاتــه النقديــة والعقاريــة ,والــى جانبــه جميــع شــاغلي
الوظيفــة العامــة يف الدولــة .وبغيــر هــذا القــرار الشــجاع الــذي يبــدأ بالنفــس وباألقربــن،
يصبــح احلديــث عــن الفســاد واحلــد منــه كالم مرشــح فاشــل ال يصدقــه احــد.
حتيــة البــن شــمالن لقــد كان عظيمـاً وهــو يفســر ملــاذا لــن يبــارك للرئيــس النتيجــة ..لقــد
كان يف ذهنــه مليونــا ناخــب وناخبــة( ((8صوتــوا لــه ،ويرفــض أن يكســر إرادتهــم ..وهــو لهــذا
الســبب يســتحق التحيــة والتقديــر.
وليــت شــعري ملــاذا ال يســارع أولئــك املقربــون ،إلــى مطالبــة الرئيــس بــأن يعتــذر البــن
شــمالن بعــد اإلســاءات التــي ارتكبهــا يف حقــه أثنــاء احلملــة االنتخابيــة ،وبالــذات عــرض
صورتــه إلــى جانــب رجــل األمــن «اإلرهابــي» أمــام شاشــات التلفزيــون؟!
( )84رفــض مرشــح املعارضــة املســتقل فيصــل بــن شــمالن ان يقبــل النتيجــة املعلنــة وامتنــع عــن تهنئــة صالــح بالفــوز علــى خــاف
املعارضــة التــي ترشــح باســمها وقــد ظــل موقفــه ثابتــا حتــى تــويف رحمــه اهلل !
313
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
()28
ال ميكــن اإلجابــة علــى هــذا الســؤال مــا لــم نحــدد األهــداف السياســية التــي يســعى
املشــترك الــى حتقيقهــا مــن هــذا االســتحقاق الدميقراطــي والوطنــي الهــام .
ومــن وجهــة نظــري فــان األهــداف يف حدهــا االقصــى تتمثــل يف حتقيــق مبــدا التــداول
الســلمي للســلطة عملي ـاً عبــر فــوز مرشــحنا االســتاذ فيصــل بــن شــمالن ,
وهــي يف حدهــا االدنــى خلــق حالــة مــن الوعــي لــدى املواطــن اليمنــي بأهميــة الصــوت
االنتخابــي يف عمليــة التغييــر ,ويف ترســيخ ثقافــة ان الوصــول الــى الســلطة وقمتهــا
حــق لــكل مواطــن مينــي عبــر االنتخابــات بغــض النظــر عــن منطقتــه وعشــيرته او مذهبــه
الفقهــي .
غيــر ان بــن الهدفــن االقصــى واالدنــى هنــاك اهــداف سياســية ودميقراطيــة ووطنيــة
أكثــر عمليــة يجــب ان نعمــل لتحقيقهــا عبــر هــذه االنتخابــات وال نكــون قــد خســرنا املعركــة
الدميقراطيــة بكاملهــا ومنهــا -:
1.1احــداث حالــة مــن التــوازن السياســي واالجتماعــي املختــل بــن الســلطة واملعارضــة
عبــر ايجــاد كتلــة سياســية وحزبيــة قويــة ومتماســكة ميثلهــا املشــترك وانصــاره ومــن
ســيصوتون ملرشــحه فيصــل بــن شــمالن االمــر الــذي تســمح هــذه الكتلــة السياســية
ومــا ســتخلقه مــن تــوازن الــى فتــح آفــاق جديــدة للتغييــر والبــدء بعمليــة االصــاح
السياســي وفقــا ملشــروع االصــاح السياســي والوطنــي الــذي وقعــت عليــه احــزاب
اللقــاء املشــترك.
314
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
2.2حتريــك عجلــة الدميقراطيــة اليمنيــة التــي توقفــت او كادت ألســباب وعوامــل كثيــرة
,وذلــك مــن خــال منــح االنتخابــات الدوريــة اليمنيــة الفارغــة مضمونهــا احلقيقــي
يف العمليــة الدميقراطيــة التراكميــة يف وعــي وممارســة النــاس أي اعــادة الثقــة لــدى
املواطــن اليمنــي بأهميــة الدميقراطيــة والتعدديــة والصــوت االنتخابــي ,مــا يســمح
مبراكمــة الوعــي الدميقراطــي لــدى املواطــن واملواطنــة اليمنيــة.
3.3ملــئ الفــراغ السياســي الــذي يعانــي منــه الشــارع اليمنــي وذلــك عبــر االعــاء مــن شــان
االحــزاب السياســية ورد اعتبارهــا وتعزيــز الثقــة بهــا لــدى املجتمــع وبالتالــي املســاهمة
يف اســقاط النظــام شــعبياً واحتجاجي ـاً اعتمــاداً علــى مــا خلقتــه احلملــة االنتخابيــة
مــن حتشــيد شــعبي ووعــي سياســي وكســر حلواجــز اخلــوف مــن اســتهداف ومعارضــة
املركــز االول للســلطة.
315
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
()29
املعارضة تخذل مرشحها
وجمهورها وتفرط بآخر استحقاق سياسي على مستوى الوطن!
نســتخلص مــن الســباق الرئاســي لعــام 2006م ومآالتــه مجموعــة مــن املفاهيــم والنتائــج
وعلــى النحــو التالــي -:
*لقــد خــاض كل مــن رئيــس اجلمهوريــة املشــير علــي عبــد اهلل صالــح مرشــح املؤمتــر
الشــعبي العــام وحلفائــه والــذي يحكــم اليمــن -قبــل الوحــدة وبعدهــا -ألكثــر مــن
27عامــا واالســتاذ فيصــل ســعيد عثمــان بــن شــمالن مرشــح احــزاب املعارضــة يف
حتالــف اللقــاء املشــترك حملــة انتخابيــة حقيقيــة يف انتخابــات 2006م الرئاســية وطــرح
فيهــا املرشــحان – كل عــن اآلخــر -وقيــادات حملتهمــا ووســائل اعالمهمــا والــراي
العــام عموم ـاً كل القضايــا العالقــة يف اليمــن بحريــة وشــفافية غيــر مســبوقة متهمــا
احدهمــا لآلخــر انــه ســببها واملعرقــل حللهــا وبــان تغييــراً ســيحدث يف حالــة فــوز
املعارضــة او اســتمرار حكــم صالــح للبــاد.
316
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
*وخــال ثمانيــة اســابيع علــى االقــل هــي فترتــي تقــدمي الترشــيحات والبرامــج
والدعايــة االنتخابيــة عقــدت املهرجانــات االنتخابيــة التــي حضرهــا عشــرات االالف
اذا لــم نقــل مئــات االالف يف معظــم محافظــات اجلمهوريــة وفيهــا وخاللهــا حــرص
املرشــحان ان يلتقيــا مباشــرة بالنــاس بحثــا عــن تأييدهــم ومســتجدين رضاهمــا
وبقــدر مــا مثــل ذلــك للرئيــس صالــح اول جتربــة مباشــرة مــع الشــعب يف حلظــة
امتحــان حقيقــة ملــدى شــعبيته ومــا اذا كان يحكــم اليمنيــن فعــا برضــاء النــاس ام
بدونهــا فقــد كانــت هــي االخــرى اول جتربــة للمعارضــة لتخــوض اســتحقاقاً انتخابيـاً
منافســة علــى راس الســلطة -ال حتــت ظاللهــا -وهــي موحــدة مبرشــح وبرنامــج واحــد
خالفــا لالســتحقاقات االنتخابيــة الســابقة كلهــا .
*لقــد ظهــر االمــر يف بدايــة احلملــة االنتخابيــة وبعــد اختيــار املشــترك مرشــحاً وحيــداً
للمعارضــة هــو فيصــل بــن شــمالن بــان التجمــع اليمنــي لإلصــاح وهــو الواجهــة
السياســية جلماعــة االخــوان املســلمني يف اليمــن ومعــه قــوى تقليديــة عدديــة كالشــيخ
حميــد االحمــر وشــقيقه حســن االحمــر يقفــون معــاً يف مواجهــة الرئيــس صالــح
مباشــرة ومتحالفــة مــع احلــزب االشــتراكي اليمنــي وبقيــة احــزاب املعارضــة الوطنيــة
والقوميــة خالف ـاً ملواقــف االصــاح وعيــال الشــيخ االحمــر طــوال تاريخهــم وتاريــخ
صالــح السياســي حيــث عمــا معــا علــى هزميــة االشــتراكي ومواجهتــه منــذ نهايــة
ســبعينيات القــرن املاضــي.
317
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
ومــن الكتــاب كل مــن الزمــاء ســامي غالــب ونبيــل ســبيع وعلــى الصــراري ومحمــد
املقالــح وعبــد الكــرمي اخليوانــي وجمــال انعــم واخريــن وقــد كنــت شــخصياً احــد اكبــر
املتحمســن مــن موقعــي ككاتــب ومــن موقعــي كقيــادي يف احلــزب االشــتراكي اليمنــي
وهــو مــا يالحــظ يف كتابــات هــذا الفصــل مــن الكتــاب بوضــوح .
*ومــع ان اختيــار شــخص فيصــل ســعيد بــن شــمالن كان مقترح ـاً مقدم ـاً مــن قبــل
احــد قيــادات التجمــع اليمنــي لإلصــاح باعتبــاره احــد املقربــن مــن االصــاح كمــا
اشــيع حينهــا اال ان االتفــاق عليــه كان ميثــل نقطــة االشــتراك الكبــرى بــن كل االحــزاب
والفئــات االجتماعيــة والسياســية اليمنيــة املناهضــة لنظــام صالــح حينهــا وال اعتقــد
ان شــخصاً آخــر غيــر بــن شــمالن كان لــه ذاكــرة يف العمــل املشــترك مــع االشــتراكي
وقريــب مــن االصــاح ميكــن االتفــاق عليــه كمــا حــدث مــع بــن شــمالن.
*تاريــخ بــن شــمالن وســيرته الوطنيــة والسياســية منــذ ان كان مفاوضــاً صلبــاً يف
جنيــف عــام 1967م ضمــن اعضــاء اجلبهــة القوميــة لتحريــر اجلنــوب اليمنــي احملتــل
مــن االجنليــز الــى ان كان وزيــراً للصناعــة تــارة وللتخطيــط اخــرى يف حكومــات احلــزب
االشــتراكي يف اليمــن الدميقراطــي قبــل الوحــدة ووزيــراً يف اجلمهوريــة اليمنيــة ثــم
ال يف مجلــس النــواب هــي مجتمعــه مــن جعلــت االســتحقاق الرئاســي يأخــذ نائبـاً مســتق ً
زخمــه الشــعبي الواســع مبجــرد قبــول الرجــل خــوض التحــدي يف مواجهــة الرئيــس
صالــح.
*فالرجــل معــروف لــدى النخبــة السياســية والــراي العام بالنزاهة واالســتقامة واجلدية
وممــن رفــض املســاومة يف أي قضيــة مصيريــة تهــم اليمــن واليمنيــن خصوص ـاً بعــد
ان كان هــو النائــب البرملانــي الوحيــد تقريبــا الــذي قــدم اســتقالته ورفــض ان يكــون
عضــواً يف مجلــس نــواب 2003م علــى خلفيــة قبــول املجلــس بغالبيــة اعضــاءه التمديــد
318
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
ألنفســهم ملــدة ســنتني بــدون انتخــاب خالف ـاً للقواعــد التشــريعية (ال يشــرع املشــرع
لنفســه ) وضــداً إلرادة الناخبــن الذيــن انتخبــوا ممثليهــم ملــدة اربــع ســنوات فقــط وال
يحــق لهــم متديدهــا ولــو لشــهر واحــد دون تفويــض شــعبي.
*ويف الســياق ذاتــه لــم يظهــر علــى ســيرة فيصــل ســعيد عثمــان بــن شــمالن طــوال
تاريخــه الوطنــي والسياســي أي مثلبــة او شــائبة تشــكك بنزاهتــه واســتقامته وحرصــه
علــى خدمــة وطنــه وترســيخ وحدتهــا وبنــاء دولتهــا الوطنيــة بالقــدر الــذي لــم يعــرف
عنــه ايــة انحيــازات حزبيــة حــادة مــع او ضــد أي طــرف سياســي بعينــه وان كان
معارضـاً صلبـاً للفســاد واالســتبداد ونصيــراً صلبـاً للوحــدة واالســتقالل الوطنــي وكل
هــذا مــا يفســر ان خصومــه يف حملــة الرئيــس صالــح لــم يجــدوا مــا يقدحــوا فيــه ســوى
انــه متقــدم يف الســن مــع انــه كان يف قمــة عطائــه وجــال اليمــن طــوالً وعرضـاً بنفســه
والــى درجــة ان احملافظــات القليلــة التــي لــم تقــام لــه فيهــا مهرجانـاً انتخابيـاً كصعــدة
ورميــة والبيضــاء فلــم يكــن هــذا الســبب بالقيــادات يف املعارضــة هــي مــن عرقــل ذهابــه
الــى هنــاك ال هــو بــل ان ذلــك املوقــف قــد تســبب يف احــداث اول شــرخ يف عالقتــه مــع
بعــض اطــراف املعارضــة وقبــل ان ينتهــي الســباق االنتخابــي وهمــا علــى طــريف نقيــض
مــن نتائــج االنتخابــات نفســها.
*ولهــذه االســباب ومــع املرشــح املســتقل املدعــوم مــن احــزاب املعارضــة وجــد اليمنيــون
انفســهم وألول مــرة يتحدثــون بوضــوح عــن حقهــم يف املنافســة علــى املركــز االول يف
الســلطة وكســر كل حواجــز اخلــوف مــن راس النظــام مــن ناحيــة وألول مــرة ايضــا
بــدا اجلســد الوطنــي يتعافــى شــيئا فشــيئا مــن الدمامــل واجلــروح التــي خلفتهــا حــرب
صيــف 94م .
حيــث خرجــت اجلماهيــر الــى جانــب بــن شــمالن وحتــى الــى جانــب صالــح ايضــا يف
احملافظــات اجلنوبيــة والشــمالية بــذات الزخــم التفاعلــي واجلديــة يف دعــم كل خيــار
سياســي خليــاره الرئاســي بعيــداً عــن االنحيــازات الشــطرية وهــو مــا لــم يحــدث تقريبــا
منــذ االســتفتاء علــى دســتور دولــة الوحــدة 1991م .
319
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
*لقــد ســاهمت وســائل االعــام الرســمية ومــا كان ينقلــه التلفزيــون الرســمي مــن
صــور ملهرجانــات املتنافســن يف احلملــة االنتخابيــة يف تعميــق الوعــي وكســر حواجــز
اخلــوف وزيــادة حضــور املهرجانــات االنتخابيــة ملرشــح املعارضــة التاليــة وهكــذا بــدت
االنتخابــات يف وعــي اجلماهيــر وكأنهــا قــادرة علــى احــداث التغييــر بواســطة الصــوت
االنتخابــي وصــوت واحــد لــكل مواطــن وهــو مــا كان قــد يئــس النــاس مــن امكانيــة
حدوثــه منــذ حــرب 94م.
2.2وبقــدر مــا خلــق هــذا كلــه امــاالً لــدى الشــعب اليمنــي يف امكانيــة اخلــروج مــن مــازق
الصــراع الدمــوي علــى الســلطة بقــدر مــا اثــار القــوى الرجعيــة يف الداخــل واخلــارج
واالنظمة االســتبدادية يف اجلوار ودفعها للتدخل املباشــر يف حرف الســباق الرئاســي
عــن مســاره وبالتالــي يف حــرف مســار التاريــخ السياســي اليمنــي كمــا عملــت كثيــرا
وجنحــت لألســف .
* لــم تكــن الســعودية وال بقيــة دول اجلــوار الرجعــي وال حتــى مصــر وليبيــا مهتمــة
بالســباق الرئاســي يف اليمــن يف بدايــة احلملــة االنتخابيــة ظنــا منهــا انــه جــزء مــن
اســتحقاقات شــكلية ســبقته غيرهــا ولــم تــودِ اال الــى تكريــس النظــام القائــم يف اليمــن
متامــا كمــا هــي االســتحقاقات االنتخابيــة يف مصــر وغيرهــا يف عهــد مبــارك والتــي
لــم تكــن تثيــر أي اهتمــام ســعودي او عربــي والــى درجــة ان الســعودية يف بدايــة االمــر
لــم تفــرض علــى رجلهــا االول يف اليمــن وهــو الشــيخ عبــداهلل بــن حســن االحمــر
رئيــس مجلــس النــواب أي موقــف حــازم الــى جانــب الرئيــس صالــح ال بالنســبة لــه
وال بالنســبة ألوالده (حميــد وحســن) وال بالنســبة للحــزب الــذي يراســه وهــو التجمــع
اليمنــي لإلصــاح.
*لكــن ومــا ان بــدأت احلملــة االنتخابيــة يف صنعــاء واظهــرت وســائل االعــام حشــودا
هائلــة مــن اجلماهيــر يــؤدون حملــة مرشــح املعارضــة بــن شــمالن يف العاصمــة صنعــاء
ثــم يف مهرجانــه االنتخابــي بعمــران معقــل قبيلــة حاشــد ونفــوذ ال االحمــر حتــى انتــاب
القلــق نظــام صالــح والنظــام الســعودي الــذي كان يتلقــى تقاريــر خطيــرة تشــير الــى
امكانيــة ســقوط صالــح يف حالــة ســارت االنتخابــات كمــا كانــت يف بدايتهــا وهــو مــا
320
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
قــد ميثــل خطــراً مباشــراً علــى الســعودية ليــس ألنهــا تؤيــد صالــح او تخــاف مــن بــن
شــمالن ان فــاز بــل مــن طريقــة وصولــه الــى الرئاســة عبــر صناديــق االقتــراع ال عــن
طريــق املشــاورات معهــا كــم تعــودت منــذ اغتيالهــا للرئيــس احلمــدي ومــن قبلــه.
لقــد اثــارت احلملــة االنتخابيــة يف الســباق الرئاســي اليمنــي انظمــة اســتبدادية عربيــة
اخــرى كمصــر مبــارك وليبيــا القــذايف وعلــى تناقضهمــا اال أن اجلميــع اندفــع مســارعاً
الــى دعــم انتخــاب صالــح مببالــغ ماليــة لتمويــل حملتــه االنتخابيــة قيــل انــه حصــل
عليهــا مــن الســعودية وليبيــا ورمبــا مــن االمــارات ايضــا وبتقــدمي مصــر مستشــارين
امنيــن ومتخصصــن يف االنتخابــات وكيفيــة اخراجهــا للــراي العــام .
3.3غيــر ان االخطــر واالكثــر تأثيــراً علــى نتائــج االنتخابــات هــو ان الســعودية لــم تكتــف
بالدعــم املالــي بــل ســارعت الــى ممارســة ضغــوط هائلــة علــى الشــيخ عبــداهلل بــن
حســن االحمــر وجماعــة االخــوان املســلمني التــي يــراس الشــيخ عبــداهلل حزبهــا
السياســي (االصــاح) بضــرورة التخلــي عــن دعــم مرشــح املعارضــة وهــذا هــو مــا اثــر
يف نتائــج االنتخابــات ســلباً قبــل بــدء مرحلــة االقتــراع والفــرز واعــان النتائــج.
* لقــد ظهــر الشــيخ عبــد اهلل بــن حســن االحمــر يف منتصــف احلملــة االنتخابيــة وهــو
يقــف مــن مــكان اقامتــه يف الريــاض بقــوة الــى جانــب صالــح ويعــرض مبوقــف حزبــه وبــدال
مــن ظهــوره مبظهــر احليــاد بحجــة انــه يف املستشــفى وعلــى فــراش املــوت فضــا عــن
كونــه رئيســا ملجلــس النــواب انحــاز وبقــوة ضــد بــن شــمالن ودعــم ترشــيح صالــح وحينهــا
صــرح ضــد موقــف ابنائــه وبالــذات الشــيخ حميــد االحمــر الــذي بــدا وكانــه يقــود حملــة بــن
شــمالن مــن موقعــه يف املعارضــة كقيــادي يف حــزب االصــاح وتلــك كانــت اول املؤشــرات
علــى امكانيــة تغييــر موقــف التجمــع اليمنــي لإلصــاح احــد اهــم رمــوز املشــترك واول مــن
طلــب مــن بــن شــمالن قبــول الترشــح باســم املعارضــة مــا تســبب لــه احــراج هائــل.
ومــع ان االصــاح ظــل يدعــم ظاهريــا حملــة بــن شــمالن اال ان فتــوراً يف مواقفــه قــد
ظهــرت قبــل اســبوع مــن انتهــاء احلملــة االنتخابيــة حيــث بــدا يعرقــل اســتكمال بــن شــمالن
مهرجاناتــه االنتخابيــة يف عــدد مــن احملافظــات التــي لــم يكــن قــد زارهــا .وعلــى ســبيل
321
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
املثــال وبعــد ان اعلــن بــن شــمالن بنفســه رغبتــه يف حضــور مهرجــان لــه يف صعــدة وكان قــد
ارســل وفــدا لزيارتهــا وترتيــب مهرجــان كبيــر فيهــا اال انــه فوجــئ بإلغــاء املهرجــان مــن قبــل
قيــادة حملتــه االنتخابيــة متعللــة بعــدم توفــر االمــن حلياتــه وقــد تســاءل النــاس حينهــا كيــف
يامــن صالــح وهــو مــن يخــوض حربــا يف صعــدة علــى عقــد مهرجانــه فيهــا وبــن شــمالن
ال يامــن وهــو يقــف الــى جانــب دعــاة وقــف احلــرب متضامنــا مــع ضحاياهــا وهكــذا يف
مهرجانــات البيضــاء ورميــة حيــث حــرم بــن شــمالن ألســباب ودوافــع بــدت واهيــة مــن
اســتكمال حملتــه االنتخابيــة فيهــا .
*علــى ان مــا اكــد تلــك الشــكوك بوجــود ضغــوط هائلــة علــى قيــادة االصــاح وممــول
احلملــة االنتخابيــة حميــد االحمــر هــي ان احلضــور الباهــت واملخيــب لآلمــال يف مهرجــان
بــن شــمالن اخلتامــي يف العاصمــة صنعــاء حيــث الثقــل السياســي واالنتخابــي االكبــر
للمعارضــة وبــدالً مــن ان يكــون هــو اكبــر واكثــر املهرجانــات حشــداً مــن قبــل املعارضــة ويف
مقدمتهــم االصــاح لوحــظ انــه كان اضعــف مهرجاناتــه االنتخابيــة علــى االطــاق وتبــن
ان عــدم توفيــر وســائل نقــل مــن قبــل املعارضــة لنقــل اجلماهيــر الــى االســتاد الرياضــي
باجلــراف شــمال العاصمــة كمــا حــدث يف مهرجانــه االفتتاحــي يف نفــس املــكان هــو الســبب
املباشــر لهــذا التراجــع الشــعبي املقصــود.
الضغــوط الســعودية ونتائجهــا الســلبية علــى موقــف االصــاح ومنــذ ثــم املشــترك ظهــرت
اكثــر يــوم فــرز اصــوات املرشــحني يف صناديــق االقتــراع وبعــد ان كان موقــع الصحــوة نــت
وهــو املوقــع االخبــاري الرســمي لإلصــاح ينقــل نتائــج الفــرز مــن مندوبــي املعارضــة يف كل
مراكــز الفــرز يف احملافظــات تلقــى توجيهــات بوقــف تلــك االخبــار وفعــا توقــف ليتبــن ان
جميــع مندوبــي املعارضــة وحتديــداً مندوبــوا االصــاح قــد توقفــوا عــن فــرز اصــوات بــن
شــمالن واالنشــغال بــدال عنهــا بفــرز اصــوات مرشــحوها يف احملليــات ليظهــر االمــر وكان
الصفقــة التــي لــم يعلــن عنهــا هــي التخلــي عــن بــن شــمالن مقابــل احملليــات .
4.4لقــد اثــر موقــف املعارضــة هــذا علــى عالقتهــا مبرشــحها بــن شــمالن وبعالقتهــا
بجمهورهــا وجماهيــر الشــعب عمومــا وفيمــا ســارعت الســلطة وعــن طريقــة جلنــة
االنتخابــات الــى اعــان نتائــج االنتخابــات رســميا معلنــة فــوز صالــح بقرابــة ال %72
322
05 الفصل اخلامس:االنتخابات الرئاسية سبتمرب2006م
مقابــل قرابــة %27ملرشــح املعارضــة لــم تعلــن املعارضــة أي معلومــات او بيانــات مــن
واقــع فرزهــا لألصــوات يف املراكــز االنتخابيــة مكتفيــة بالتشــكيك بصحــة االرقــام
التــي تعلنهــا جلنــة االنتخابــات دون أي دليــل يخالفهــا رافضــة حتــى تقــدمي طعــون
باملخالفــات فيمــا يخــص االنتخابــات الرئاســة حتديــدا لــم يكــن احــد يتوقــع فــوز بــن
شــمالن رغــم مــا ظهــر مــن شــعبية كاســحة لــه ولكــن النســبة احملــدودة التــي اعلــن
انــه خســر بهــا %27لــم تكــون صحيحــة وكان اقــل املتفائلــن مينحــه نســبة %45علــى
االقــل مــن االصــوات
ولكــن هــذا بالــذات هــو مــا فرطــت بــه املعارضــة وظهــرت وبعــد تهديــدات فارغــة عــن
امكانيــة االحتجــاج علــى مــا تعلنــه الســلطة مــن نتائــج اعلنــت املعارضــة قبولهــا رســميا بفــوز
صالــح وســقوط بــن شــمالن وتهنئــة الرئيــس صالــح بالفــوز وهــو مــا لــم يقــم بــه بــن شــمالن
وســجل عنــه غضبــا كبيــرا جتــاه موقــف املعارضــة ومواقــف االصــاح حتديــدا
لــم يقتصــر موقــف املعارضــة الســلبي مــن نتائــج مرشــحها بــل انهــا بــدأت الســير يف
سياســاتها وكانــه لــم يحــدث حــراك شــعبي واســع يف االنتخابــات أي انهــا لــم تــن يف
معارضتهــا للنظــام بنــاء علــى مــا افرزتــه حالــة الوعــي العميــق والواســع يف أوســاط النــاس
ويف كســر حاجــز اخلــوف مــن انتقــاد صالــح وكان ميكــن للمعارضــة ان تســتفيد مــن ذلــك يف
تصعيــد معارضتهــا الشــعبية بنــا ًء علــى كتلتهــا االنتخابيــة التــي بــدت كبيــرة يف مهرجانــات
بــن شــمالن.
ولكــن هــذا لــم يحــدث مــن قبــل املعارضــة وعلــى خــاف ذلــك فرطــت بهــذا الوعــي الشــعبي
وتركتــه ميضــي وحيــداً يف اخلــروج معارضــاً لصالــح وللمعارضــة وللدولــة والعمليــة
السياســية برمتهــا بعــد ان كســر كل قيــود اخلــوف يف ذلــك االســتحقاق الكبيــر.
لقــد فرطــت املعارضــة بكتلهــا الشــعبية ولــم تقودهــا الــى الثــورة او الــى اختــراق االزمــة
باجتــاه احلــوار اجلــدي بــل توقفــت مكانهــا وكان حــراكاً واســعاً وكبيــراً لــم يحــدث مــا جعــل
اطــراف اخــرى غيــر املعارضــة تســتفيد مــن كســر حاجــز اخلــوف مــن راس النظــام وهــو
323
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
مــا افــرز حــراكاً جنوبي ـاً واســعاً وتصعيــداً عســكرياً يف الشــمال فيمــا خرجــت املعارضــة
احلزبيــة التــي اثــارت ذلــك احلــراك بــدون فائــدة وعــادت الــى نقطــة الصفــر يف االزمــة
اليمنيــة لتكــون االنتخابــات الرئاســية التــي خلقــت حــراكا واســعا وآمــاال واســعة وكادت
ان تخلــق تغييــراً جــدي هــي ذاتهــا اخــر اســتحقاق انتخابــي يف تأريــخ اجلمهوريــة قبــل ان
تنفجــر الثــورة وتنهــار الدولــة ويحــدث التدخــل اخلارجــي بعــد خمــس ســنوات فقــط مــن
اخــر اســتحقاق انتخابــي مينــي.
324
الفصل اتفاقية الوحدة.
()1
مــادة ( :)1تقــوم بتاريــخ مــن مايــو 1990م املوافــق 1410هـــ بــن دولتــي اجلمهوريــة العربيــة
اليمنيــة وجمهوريــة اليمــن الدميقراطيــة الشــعبية (شــطري الوطــن اليمنــي) وحــدة
اندماجيــة كاملــة تــذوب فيهــا الشــخصية الدوليــة لــكل منهمــا يف شــخص دولــي واحــد
يســمى ( اجلمهوريــة اليمنيــة) ويكــون للجمهوريــة اليمنيــة ســلطات تشريعيـــة وتنفيذيــة
وقضائيـــة واحــدة.
مــادة ( :)2بعــد نفــاذ هــذا االتفــاق يكــون مجلــس الرئـــاسة للجمهوريــة اليمنيــة ملــدة الفتــرة
االنتقاليـــة يتألــف مــن خمســة أشــخاص ينتخبــون مــن بينهــم يف أول اجتمـــاع لهــم رئيســاً
ملجلــس الرئاســـة ونائبـاً للرئيـــس ملــدة املجلــس.
ويشــكل مجلــس الرئـــاسة عــن طريــق االنتخابــات مــن قبــل اجتمــاع مشــترك لهيئــة
رئاســة مجلــس الشــعب األعلــى ،واملجلــس االستشــاري ،ويــؤدي مجلــس الرئاســة اليمــن
الدســتورية أمــام هــذا االجتمــاع املشــترك قبــل مباشــرة مهامــه .وميــارس مجلــس الرئـــاسة
فــور انتخـــابه جميــع االختصاصــات املخولــة ملجلــس الرئـــاسة يف الدســتور.
مــادة ( :)3حتــدد فتــرة انتقـــالية ملــدة ســنتني وســتة أشــهر ابتــداء مــن تاريــخ نفــاذ هــذا
االتفــاق ،ويتكــون مجلــس نــواب خــال هــذه الفتــرة مــن كامــل أعضــاء مجلــس الشــورى
ومجلــس الشــعب األعلــى ،باإلضافــة إلــى عــدد ( )31عضــواً يصــدر بهــم قــرار مــن مجلــس
الرئـــاسة ،وميــارس مجلــس النــواب كافــة الصالحيــات املنصــوص عليهــا يف الدســتور عــدا
انتخــاب مجلــس الرئاســة وتعديــل الدســتور ..ويف حالــة خلــو مقعــد أي مــن أعضــاء مجلــس
النــواب ألي ســبب كان يتــم ملــؤه عــن طريــق التعيــن مــن قبــل مجلــس الرئاســـة.
327
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
مــادة ( :)4يصــدر مجلــس الرئاســة يف أول اجتمــاع لــه قــراراً بتشــكيل مجلــس استشــاري
مكــون مــن ( :)45عضــواً وحتــدد مهــام املجلــس يف نفـــس القــرار.
مــادة ( :)5يشــكل مجلــس الرئاســـة حكومــة اجلمهوريــة اليمنيـــة التــي تتولــى جميــع
االختصاصــات املخولــة للحكومــة مبوجــب الدســتور.
مــادة ( : )6يكلــف مجلــس الرئاســة يف أول اجتمــاع فريقـاً فنيـاً لتقــدمي تصــور حــول إعــادة
النظــر يف التقســيم اإلداري للجمهوريــة اليمنيــة مبــا يكفــل تعزيــز الوحــدة الوطنيــة وإزالــة
آثــار التشــطير.
مــادة ( :)7يخــول مجلــس الرئاســـة إصــدار قــرارات لهــا قــوة القانــون بشــأن شــعار
اجلمهوريــة اليمنيــة وعلمهــا والنشــيد الوطنــي ،يف أول اجتمــاع لــه اتخــاذ قــرار بدعـــوة
مجلــس النــواب لالنعقــاد وذلــك للبــت فيمــا يلــي:
ج .تكليــف مجلــس الرئاســـة بإنــزال الدســتور لالســتفتاء الشــعبي العــام عليــه قبــل
30نوفمبــر 1990م.
مــادة ( :)8يكــون هــذا االتفــاق نافــذاً مبجــرد املصادقــة عليــه وعلــى مشــروع دســتور
اجلمهوريــة اليمنيــة مــن قبــل كل مــن مجلســي الشــورى والشعـــب.
مــادة ( : )9يعتبــر هــذا االتفــاق منظم ـاً لكامــل الفتــرة االنتقاليـــة ،وتعتبــر أحــكام دســتور
اجلمهوريــة اليمنيــة نافــذة خــال املرحلــة االنتقاليــة فــور املصادقــة عليــه وفق ـاً ملــا أشــير
إليــه يف املــادة الســابقة ومبــا ال يتعــارض مــع أحــكام هــذا االتفــاق.
328
06 الفصل السادس :وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة
مــادة ( :)10تعتبــر املصادقــة علــى هــذا االتفــاق ودســتور اجلمهوريــة اليمنيـــة مــن قبــل
مجلســي الشــورى والشــعب ملغيـــة لدســتور الدولتــن السابقـــة.
مت التوقيـــع علــى هــذا االتفــاق يف صنعــاء بتاريــخ /27رمضــان 1410هـــ املوافــق 22ابريــل
1990م.
329
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
()2
•(يف 30ديســمبر 1981م :مت االنتهــاء مــن إعــداد مشــروع دســتور الوحــدة لدولــة
اجلمهوريــة اليمنيــة ،وأقرتــه اللجنــة الدســتورية املشــتركة يف جلســتها اخلتاميــة
للــدورة الثالثــة عشــر ،التــي عقدتهــا اللجنــة يف مقــر مكتــب الوحــدة بصنعــاء عاصمــة
اليمــن املوحــد صبــاح يــوم األربعــاء املوافــق 30ديســمبر 1981م.
•يف 10فبرايــر 1991م :مت إقــرار قانــون إجــراء االســتفتاء علــى دســتور الوحــدة
اليمنيــة مــن قبــل رئيــس مجلــس الــوزراء حيــدر أبــو بكــر العطــاس و رئيــس مجلــس
الرئاســة علــي عبــد اهلل صالــح.
•يف 15مايــو 16 /مايــو مــن عــام 1991م :متــت عمليــة االســتفتاء العــام علــى دســتور
اجلمهوريــة اليمنيــة.
•يف 20مايو 1991م :اعلنت اللجنة العليا لالستفتاء النتائج على النحو االتي:
2.2وبلــغ عــدد الذيــن أدلــوا بآرائهــم خــال يومــي 15مايــو و 16مايــو ()1364788
مليــون وثالثمائــة واربعــة وســتني الــف وســبعمائة وثمانيــة وثمانــن مســتفتياً
وبنســبة %72,2مــن إجمالــي املســجلني يف جــدول االســتفتاء.
3.3صوت لصالح دستور الوحدة ( )1371247مستفتياً وبنسبة ،%98,3
330
06 الفصل السادس :وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة
ويف ضــوء هــذه النتيجــة فإنــه اســتناداً إلــى املــادة ( )29مــن الئحــة نظــام االســتفتاء يكــون
دســتور اجلمهوريــة اليمنيــة موافقـاً عليــه باالســتفتاء الشــعبي وذلــك بأغلبيــة كبيــرة واملعلــن
عنهــا بنســبة ( )%98,3وهــي نســبة عاليــة جتــاوزت األغلبيــة املطلقــة احملــددة يف الئحــة
نظــام االســتفتاء .
331
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
()3
نعيــد نشــر بعــض اهــم البنــود (القضايــا )التــي تضمنتهــا وثيقــة العهــد واالتفــاق علــى
النحــو التالــي -:
•مجلــس النــواب .هــو الهيئــة التشــريعية للجمهوريــة اليمنيــة ..ويجــري انتخابــه مــن
قبــل الشــعب باالقتــراع الســري واحلــر املباشــر ..ويحــدد الدســتور صالحيتــه ومهامــه
وشــروط العضويــة وطريقــة الترشــيح واالنتخــاب.
•مجلــس الشــورى ..ويتكــون مــن عــدد متســاو مــن األعضــاء ميثلــون وحــدات احلكــم
احمللــي يتــم انتخابهــم مــن قبــل مجالــس املقاطعــات ..ويحــدد الدســتور عــدد األعضــاء
مــن كل وحــدة إداريــة وشــروط العضويــة وطريقــة الترشــيح واالنتخــاب كمــا يحــدد
اختصاصــات ومهــام املجلــس علــى النحــو التالــي- :
332
06 الفصل السادس :وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة
•إبــداء الــرأي يف القوانــن األساســية وبشــكل خــاص مــا يتعلــق بشــئون احلكــم
احمللــي ،التــي يحيلهــا إليــه مجلــس الرئاســة بعــد رفعهــا مــن قبــل مجلــس النــواب
وذلــك قبــل إصدارهــا مــن قبــل رئاســة الدولــة.
•يشارك مع مجلس النواب يف انتخاب أعضاء مجلس الرئاسة.
•يتولــى انتخــاب أعضــاء املجلــس اإلعالمــي ومجلــس الهيئــة العامــة للخدمــة املدنية
وتقــدم احلكومــة الترشــيحات ويصــدر بهــم قــرار جمهوري.
•تقدمي مقترحات مبشاريع قوانني إلى احلكومة خاصة بشئون احلكم احمللي.
•يتولــى النظــر يف قضايــا شــئون احلكــم احمللــي احملالــة إليــه مــن احلكومــة أو
املرفوعــة مــن أي مــن مجلــس الوحــدات اإلداريــة.
•إبــداء الــرأي يف املعاهــدات وقضايــا احلــدود قبــل عرضهــا علــى مجلــس النــواب
وحتــال إليــه مــن احلكومــة.
•النظر يف أية قضايا حتيلها احلكومة إلى املجلس.
ويحدد الدستور صالحيات ومهام املجلس على النحو التالي:
.3رئاســة الدولــة - :متثــل رئاســة الدولــة الســلطة الســيادية للدولــة وتتكــون مــن مجلــس
الرئاســة مــن خمســة أعضــاء ينتخبــون مــن قبــل مجلــس النــواب ومجلــس الشــورى
مجتمعــن ،وينتخــب مجلــس الرئاســة رئيســاً ونائبــاً للرئيــس مــن بــن أعضائــه.
333
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
-ال يجــوز للرئيــس ونائبــه وأعضــاء املجلــس ممارســة أي عمــل حزبــي أثنــاء شــغلهم
لعضويــة املجلــس (وال ينطبــق هــذا احلكــم علــى أعضــاء مجلــس الرئاســة احلالــي للــدورة
احلاليــة).
يقــوم احلكــم احمللــي علــى قاعــدة االنتخابــات املباشــرة واحلــرة واملتســاوية لهيئاتــه /.ويتــم
انتخــاب مجالــس احلكــم فيهــا .ويتمتــع بصالحيــات إداريــة وماليــة كاملــة متكنــه مــن إدارة
شــئون الوحــدة اإلداريــة والتنمويــة واخلدميــة علــى قاعــدة التنافــس اإليجابــي يف إطــار
الوحــدة علــى أن تنعكــس مهمــة بنــاء الدولــة يف انتقــال مركــز الثقــل يف عــدد مــن قضايــا
إدارة شــئون اإلدارة املركزيــة إلــى أجهــزة احلكــم احمللــي.
334
06 الفصل السادس :وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة
()4
ابتــداء أود أوال أهنــيء الشــعب اليمنــي بثــورة 26ســبتمبر و14اكتوبــر وأهنــىء كل العالــم
العربــي واإلســامي وامتنــا اليمنيــة بشــهر رمضــان املبــارك جعلــه اهلل خيــرا وبركــة
..........وجعــل اهلل قدومــه يف الســنة القادمــة علــى األمــة كلهــا بخيــر وممــا هــي عليــه
اليــوم .
هنالــك تفاصيــل كثيــرة يف هــذا البيــان .....نحــن خضنــا هــذه االنتخابــات وكنــا نعــول
عليهــا الشــيء الكثيــر بأنهــا أول انتخابــات تنافســيه علــى منصــب رئيــس اجلمهوريــة .
وبصــرف النظــر عــن املصاعــب والعقبــات التــي كانــت أمامنــا إال انــه كان يجــب أن نخــوض
هــده االنتخابــات التنافســية لنضــع الشــعب ..أمــام أمريــن :
•األمــر األول :أن حالنــا كوطــن مينــي قــد تدهــور يف كل األمــور اقتصادي ـاً وسياســياً
واجتماعيــاً وكل شــيء .
•األمر الثاني :أن ال سبيل إلى إصالح هذه األوضاع إال يف إصالح الوضع السياسي.
335
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
فلذلــك كان البــد أن نبصــر ونتباصــر مــع الشــعب اليمني حول هاتني القضيتني الرئيســيتني
ألننــا ال نســتطيع أن نتجــاوز أيــا منها ...,
كنــا نعــول كثيــراً علــى هــذه االنتخابــات ذلــك أن «الشــنة والرنــة» التــي ســبقتها كانــت تطــن
يف كل اآلذان احلقيقيــة ,و كانــت تعطينــا هــذا األمــل.
غيــر انــه مــع اآلســف قــد «متخــض اجلبــل عــن فــار» وذلــك بالنســبة إلجــراءات االقتــراع
وإجــراء الفــرز أي العمليــة االنتخابيــة نفســها.
لقــد مــرت املســالة قــي املرحلــة الدعائيــة ومرحلــة املهرجانــات بشــكل معقــول ومقبــول ,إذ
ســمح لــكل املرشــحني بــان يقولــوا مــا لديهــم يف هــذه املهرجانــات وان شــاب ذلــك شــيء مــن
عــدم العــدل يف التغطيــة التلفزيونيــة واإلعالميــة عمومــا ,وكذلــك احلــال بالنســبة ملواقــع
املهرجانــات وان كانــت يف بعــض األحيــان توضــع نقــاط يف الطريــق حتــى ال يصــل كل
املؤيديــن واحملبــن «لالســتماع» أو الذيــن يريــدون أن يحضــرون مهرجانــات اللقــاء املشــترك
حتــى مــن خارجهــا ,
لقــد مــرت هــذه املرحلــة بشــكل مقبــول ولكــن مرحلــة االقتــراع والفــرز لــم تكــن انتخابــات
حقيقيــة أبــدا ...هــذه مســالة يجــب أن تســتقر يف الذهــن ...هنــاك الكثيــر مــن
االعتقــاالت ....,هنــاك الكثيــر مــن البطاقــات التــي وزعــت قبل»االقتــراع» هنالــك ســجل ال
نعلــم مــا فيــه هــل هــو مفتــوح إلــى ابــد اآلبديــن أم مــاذا !؟
هــذه األمــور كلهــا قــد شــرحت يف هــذا البيان»(يقصــد بيــان اللقــاء املشــترك ) ولذلــك
لألســف أن مــا كنــا نــوده أن يكــون عرس ـاً دميقراطي ـاً كان مأمت ـاً حقيقي ـاً
ولكــن هــذه هــي النتائــج التــي أفــرزت فــوز األخ مرشــح احلــزب احلاكــم رئيس ـاً كواقــع
لليمــن األخ علــي عبــد اهلل صالــح .
336
06 الفصل السادس :وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة
أود يف األخيــر أن أقــول :أن هــذا النضــال الســلمي مهمــا كانــت الظــروف ومهمــا كانــت
العوائــق لــن يتوقــف «بعــد اليــوم « أبــداً حيــث وجدنــا أن جماهيــر الشــعب اليمنــي التــي
كانــت تتــوق وتتطلــع إلــى التغييــر قــد نســخت أرادتهــا يف هــذه النتائــج وبهــذه اإلجــراءات
ولكــن النضــال الســلمي لــن يتوقــف وســوف يســتمر حتــى يحقــق أهدافــه كاملــة .
ويف األخيــر أشــكركم واشــكر كل الشــعب اليمنــي وكل الذيــن حضــروا هــذه املهرجانــات
وكل الذيــن ع َّبــروا عــن شــعورهم يف طــول اليمــن وعرضهــا بــإرادة التغييــر والســام عليكــم
ورحمــة اهلل وبركاتــه
337
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
()5
هنــاك فضائــح دميقراطيــة عديــدة جــرت يف انتخابــات 2003م النيابيــة ,غيــر أن
اكبــر هــذه الفضائــح علــى اإلطــاق ,هــي تلــك التــي جــرت أحداثهــا يف إحــدى دوائــر
محافظــة عمــران قبــل أربعــة أيــام فقــط مــن تاريــخ االقتــراع العــام ,واملتمثلــة بقبــول
اللجنــة العليــا لالنتخابــات العمــل مبوجــب اتفــاق (ترضيــة ) غيــر مكتــوب كان قــد مت
–كمــا يبــدو -بــن كبــار القــوم قضــى باســتبدال مرشــح الدائــرة( )248املعتمــد واملســتويف
الشــروط القانونيــة وهــو الشــيخ صــادق بــن عبــد اهلل األحمر(مســتقل) ,بأخيــه غيــر
الشــقيق الشــيخ حســن عبــد اهلل األحمــر (مؤمتــر) ,ومبــا يخالــف ابســط الشــروط
القانونيــة بهــذا اخلصــوص.
كأن يكــون اســم املرشــح ضمــن قوائــم الناخبــن يف الدائــرة ,وان يكــون املرشــح قــد
تقــدم لترشــيح نفســه يف املوعــد احملــدد للترشــيحات القانونيــة وعــن طريــق اللجنــة
األصليــة يف الدائــرة نفســها ..الــخ.
أمــا إذا أضفنــا إلــى ذلــك القــول أن اللجنــة العليــا لالنتخابــات كانــت قــد أعلنــت رســمياً
تعليــق االنتخابــات يف الدائــرة بســبب مــا جــرى مــن إطــاق نــار علــى محافــظ احملافظــة
األخ طــه هاجــر مــن قبــل مرافقــي الشــيخ صــادق األحمــر ومبــا مثــل إهانــة بالغــة لســلطة
الدولــة وهيبتهــا حســب مــا جــاء يف وســائل اإلعــام الرســمية حينهــا!.
338
06 الفصل السادس :وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة
ثــم زدنــا عليــه القــول بــان املرشــح (املســتبدل) قــد فــاز وبأعلــى األصــوات وجــاء فــوزه -
غيــر املســتحق -علــى لســان اللجنــة العليــا لالنتخابــات ذاتهــا! فعلينــا بعــد ذلــك أن نحصــي
عــدد و حجــم وفظاعــة اخلروقــات القانونيــة واإلجرائيــة التــي حدثــت يف هــذه الدائــرة
اخلاصــة!!
وعلــى ذلــك وباحلســابات كلهــا فــان اقــل مــا ميكــن وصــف تلــك (الفعلــة ) ســوى أنهــا
فضيحــة انتخابيــة كبيــرة اشــترك فيهــا اكثــر مــن طــرف ومســت بتداعياتهــا اكثــر مــن
طــرف أيضــا!
علــى أن املســالة هنــا ال متــس فقــط طــريف اتفــاق الترضيــة القبلــي وال مــن قامــوا باملوافقــة
عليــه والعمــل مبوجبــه مــن أعضــاء اللجنــة األصليــة واللجنــة اإلشــرافية والعليــا ,وحســب
بــل ومتــس الفضيحــة أيضــا كل قــادة املعارضــة اليمنيــة وكل الكتـ َّاب والصحفيــن الذيــن
تواطئــوا بالصمــت والتجاهــل ملــا جــرى مــن تزويــر وانتهــاب إلرادة وخيــارات الناخبــن يف
غالبيــة دوائــر محافظــة عمــران عمومـاً ويف الدائــرة ( )248خصوصـاً !
صحيــح أن الســلطة احلاكمــة بــكل أطرافهــا ومواقعهــا قــد مارســت اخلروقــات واالنتهــاكات
وعمليــات التزويــر الواســعة واملكشــوفة يف معظــم دوائــر اجلمهوريــة مبــا يف ذلــك
مصادرتهــا وبــكل وقاحــة لنتائــج دوائــر جاهــزة ســبق إعالنهــا لصالــح مرشــحي االشــتراكي
واإلصــاح (يف عــدن حتديــداً).
إال أن الصحيــح أيضــا هــو أن تلــك اخلروقــات واالنتهــاكات القانونيــة واألخالقيــة قــد
مت (تسيســها) مــن قبــل أحــزاب املعارضــة يف (املشــترك) ويف غيــر املشــترك ,بــل إن
هــذه األحــزاب أو بعضهــا قــد تعاملــت مــع اخلروقــات ومــع مــن قامــوا مبمارســتها
بشــيء مــن (التمييــز) واالنتقائيــة املخلــة.
339
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
!ففــي الوقــت الــذي مت تضخيــم بعضهــا ,واملبالغــة حــول خطورتهــا علــى الشــرعية
وعلــى الدميقراطيــة والوحــدة الوطنيــة ,والــى درجــة االدعــاء بالكــذب.
وجدناهــا يف ذات الوقــت واملناســبة تتجاهــل وبصــورة متعمــدة اإلشــارة إلــى خروقــات
وعمليــات تزويــر أخــرى اكثــر خطــورة وكان معيارهــا يف ذلــك هــو معيار(املجاملــة)
الشــخصية واحلزبيــة ملقــام وموقــع هــذا الشــخص أو ذاك.
والدليــل الصــارخ علــى ذلــك التمييــز وتلــك االنتقائيــة هــو صمتهــا وجتاهلهــا املتعمــد عمــا
جــرى يف الدائــرة ( )248حتديــداً ,وهــو مــا يفقــد املعارضــة وخطابهــا املصداقيــة وقــد
ا لتحمــل مســؤولية الدفــاع عــن الدســتور والقانــون وقيــم وتقاليــد يجعلهــا غيــر مؤهلــة أصـ ً
وقواعــد الدميقراطيــة اليمنيــة التــي ال يجــوز املســاومة حولهــا واملجاملــة فيهــا مهمــا كانــت
الظــروف وأيــا كان مقــام الشــخص الــذي قــد ميارســها أو يرتكبهــا !
إن ازدواجيــة اخلطــاب يف مثــل هــذه القضايــا الكبيــرة أمــر معيــب يف حــق املعارضــة
ويف حــق كل مــن يهتــم بقضايــا الشــأن العــام عموم ـاً وبقضايــا حمايــة الدســتور والدفــاع
عــن قيــم وقواعــد الدميقراطيــة خصوصاً.
ومــا يجــب أن نقولــه هنــا هــو أن املعارضــة قــد اخطــأت خط ـ ًأ كبيــراً بــل أنهــا ارتكبــت
خطيئــة كبيــرة حــن جتاهلــت يف مؤمترهــا الصحفــي ويف كل بياناتهــا وتصريحــات قادتهــا
اخلاصــة بالنتائــج النهائيــة لالنتخابــات اإلشــارة إلــى مــا جــرى مــن خروقــات صارخــة يف
الدائــرة ( )248ويف غالبيــة دوائــر محافظــة عمــران ,ليــس الن مــا جــرى هنــاك كان
ا ملموســاً بيــد املعارضــة ميكــن التثبــت منــه علــى بطــان النتائــج لوحــده يكفــي دليــ ً
املعلنــة رســمياً مــن قبــل اللجنــة العليــا لالنتخابــات.
340
06 الفصل السادس :وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة
ولكــن أيضــا الن املعارضــة بتجاهلهــا املتعمــد احلديــث عمــا جــرى يف عمــران ويف دائــرة
الشــيخ عبــد اهلل بــن حســن األحمــر ودوائــر أبنائــه قــد وضعــت نفســها يف زاويــة حرجــة
وموقــف صعــب ال حتســد عليــه حيــث بــدا خطابهــا جتــاه قضايــا اخلروقــات الدســتورية
والقانونيــة يف هــذه االنتخابــات يحمــل مــن االزدواجيــة واملغالطــة اكثــر ممــا يحمــل مــن
املصداقيــة واملســؤولية إزاء مــا تدعيــه مــن دفــاع عــن الدســتور والقانــون ,ومــن حمايــة
للقيــم والقواعــد الدميقراطيــة واالنتخابيــة !!
والســؤال الــذي يطــرح نفســه هنــا ويكشــف املفارقــة واالزدواجيــة املعيبــة ,هــو مــاذا لــو أن
أحــد قيــادات املؤمتــر الشــعبي العــام كاألخ يحيــى الراعــي مثــا أو األخ ســلطان البركانــي
,أو حتــى عبــد الكــرمي االريانــي هــو مــن تقــدم بخمســة مــن أطفالــه للترشــح إلــى عضويــة
مجلــس النــواب ,ثــم بطريقــة أو بأخــرى مت فوزهــم جميعــاً ليشــكلوا مــع والدهــم كتلــة
برملانيــة اكبــر مــن كتلــة الناصــري واقــل بعضــو واحــد مــن كتلــة االشــتراكي نفســه!
وهــي ســابقة ال اعتقــد أنهــا قــد حدثــت يف أي برملــان معاصــر أو قــدمي .ثــم مــاذا لــو ان
أحــد هــؤالء الثالثــة هــو مــن قــام باســتبدال مرشــح بآخــر مــن خــارج الدائــرة وقبــل أيــام
معــدودة مــن موعــد االقتــراع العــام ,ووفقــا التفــاق ترضيــة مت بينــه وبــن األخ الرئيــس كمــا
حصــل يف عمران....الــخ! هــل كان ميكــن أن يســكت (اإلصــاح) أوال وأحــزاب املعارضــة
األخــرى ثانيــا علــى كل هــذه الفظاعــات واالختراقــات االســتفزازية لــكل شــيء مبــا يف
ذلــك اســتفزاز ارادات ومشــاعر الناخبــن اليمنيــن يف تلــك الدائــرة ويف دوائــر اجلمهوريــة
عمومــا.
ومبعنــى آخــر هــل كان ميكــن أن متــر هــذه اخلروقــات الغيــر مســبوقة مــرور الكــرام مــن
أمــام املعارضــة .اجلــواب هــو (ال) وألــف (ال) وعلــى خــاف ذلــك متامــاً كانــت الدنيــا
ســتقوم وال تقعــد ورمبــا مت رفــض نتائــج االنتخابــات كلهــا بســبب البطــان الصريــح الــذي
تأسســت عليــه نتيجــة الشــيخ (عبــداهلل بــن حســن االحمــر).
وعلــى اقــل تقديــر كانــت طريقــة إجــراء عمليــة الترشــيح واالقتــراع واعــان النتيجــة يف
تلــك الدائــرة ســتكون بالنســبة لإلصــاح واملعارضــة هــي الدليــل الــذي ال يأتيــه الباطــل
341
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
مــن بــن يديــه وال مــن خلفــه علــى عــدم شــرعية اللجنــة العليــا لالنتخابــات نفســها وليــس
بطــان نتيجــة الشــيخ حســن عبــد اهلل بــن حســن األحمــر املعلنــة مــن قبلهــا !!!
وعنــد هــذه النقطــة بالــذات نكتشــف حجــم (اجلنايــة ) التــي ميكــن أن يرتكبهــا بالصمــت أو
بالتجاهــل كل مــن يدعــي مســئوليته يف الدفــاع عــن الدســتور والقانــون ,أو يضــع نفســه يف
موقــع املســؤولية عــن حمايــة الدميقراطيــة ورعايتهــا إزاء مــن ينتهكــون قواعدهــا وتقاليدها
امللزمــة .ولهــذا الســبب بالــذات يأتــي االنتقــاد احلــاد خلطــاب املعارضــة أو بعــض أحزابهــا
الــذي بــدا مشوشــا وانتقائيــا ,وال يحمــل مــن الشــجاعة واملســؤولية ســوى االدعــاء!
علــى أن مــن املهــم التنبيــه إلــى االعتــراض الشــديد ملوقــف املعارضــة إزاء ما حــدث يف دوائر
محافظــة عمــران خصوصــا ,ال يعنــي بأننــا بذلــك نغطــي علــى اخلروقــات والتجــاوزات
التــي ارتكبتهــا الســلطة وحزبهــا احلاكــم يف الدوائــر األخــرى وعلــى العكــس مــن ذلــك فأننــي
حــن أشــير إلــى دوائــر محافظــة عمــران عمومــا والــى الدائــرة ( )248خصوصــا ال أشــير
بأصابــع االتهــام ســوى إلــى الســلطة احلاكمــة بــكل تكويناتهــا ومواقعهــا مبــا فيهــا (اللجنــة
العليــا لالنتخابــات) التــي أصبحــت ملحقـاً صغيــراً يف جهــاز الســلطة التنفيذيــة وفروعهــا
املختلفــة.
الن هــذه الســلطة حتديــداً هــي التــي ارتكبــت اخلروقــات واعمــال التزويــر املكشــوفة يف
اكثــر مــن مــكان وســواء كان ذلــك يف دوائــر جمهوريــة عمــران اليمنيــة أو يف بقيــة دوائــر
اجلمهوريــة اليمنيــة األخــرى.
ولكننــي باإلضافــة إلــى ذلــك أحــذر مــن خطــورة عمليــة (التمييــز) واالنتقائيــة يف التعامــل
مــع هــذه اخلروقــات ومــع مــن يقومــون مبمارســتها ,مشــيرا إلــى أن املجاملــة الشــخصية
واحلزبيــة إزاء قضايــا كبــرى تتعلــق بالقانــون وبالدســتور وبــكل مالــه عالقــة بتقريــر
املصيــر السياســي للمجتمــع اليمنــي كاالنتخابــات وغيرهــا هــو بحــد ذاتــه فعــل معيــب
وخطيــر .
واخطــر منــه أن يأتــي مــن قبــل املعارضــة وأحزابهــا وكتَّابهــا ,وهــذا بالضبــط مــا أعيبــه
علــى مواقــف أحــزاب املعارضــة يف تقييمهــا لنتائــج االنتخابــات يف كل محافظــات
اجلمهوريــة ودوائرهــا املختلفــة.
342
06 الفصل السادس :وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة
إن مــا يجــب أن تكــون عليــه املعارضــة هــو أن تكــون منســجمة مــع نفســها ودورهــا وصادقــة
ومســؤولة أمــام شــعبها وأمتهــا ,وقبــل ذلــك وبعــده متلــك الشــجاعة الكافيــة للتعبيــر بوضــوح
وصراحــة عــن مواقفهــا وقضاياهــا بغــض النظــر عــن الشــخص أو اجلهــة التــي ميكــن أن
تكــون لهــا عالقــة مبثــل هــذه املواقــف والقضايــا الكبيــرة والتــي يترتــب عليهــا كل مــا يتعلــق
مبصيــر اليمــن السياســي والدميقراطــي برمتــه!
النقطــة الثانيــة التــي يجــب التنبيــه إليهــا هــو أننــي ويف الوقــت الــذي ارفــض وبشــدة
(شــخصنة) السياســات والقضايــا الوطنيــة الكبيــرة ســوا ًء مــن قبــل الســلطة أو مــن قبــل
املعارضــة ,ارفــض يف نفــس الوقــت أن يتــم تفســير موقفــي ورأيــي حــول مــا جــرى مــن
خروقــات فاضحــة للقانــون ولإلجــراءات االنتخابيــة يف دوائــر محافظــة عمــران عمومــا
ودائــرة ( )248خصوصــا باعتبــاره موقف ـاً مــن الشــيخ عبــد اهلل أو أحــد أوالده املرشــحني
,فهــذا غيــر صحيــح البتــة ,وعلــى خــاف ذلــك فنحــن نحتــرم الشــيخ عبــداهلل كشــخص
وكشــخصية وطنيــة لهــا دورهــا ولهــا مكانتهــا الكبيرة يف أوســاط شــرائح واســعة من املجتمع
اليمنــي ,واكثــر مــن ذلــك نحــن نقــدر ونتفهــم طبيعــة العالقــات السياســية التــي
تربــط الشــيخ عبــداهلل كرئيــس للتجمــع اليمنــي لإلصــاح مــع بقيــة قيــادات املعارضــة
األخــرى يف اللقــاء املشــترك.
ومــا ميكــن أن متليــه هــذه العالقــات السياســية اجلديــدة مــن (مجامــات ) وبيانــات
إطــراء ومديــح لهــذا املقــام او ذاك مــن قيــادات املشــترك.
غيــر أن هــذا كلــه ال يكفــي وال مينحنــي احلــق – وال املعارضــة -لكــي نتجــاوز عــن
اخلروقــات والتجــاوزات واعمــال التزويــر الواســعة النطــاق فقــط الن املســتفيد منهــا
قــد يكــون أحــد أبنــاء الشــيخ عبــداهلل فمثــل هــذا ال يجــوز ,مــن كل النواحــي ويف
مقدمتهــا النواحــي األخالقيــة والقيميــة.
كمــا نعتقــد بــان املجاملــة لشــخص الشــيخ يف مثــل هــذه القضايــا ال تفيــده بــل تضــره
وتســيء إلــى ســمعته ,وان صداقتنــا معــه واحترامنــا لشــخصه الكــرمي وموقعــه
الدســتوري الرفيــع هــو الــذي يحتــم علينــا أن نصارحــه باحلقيقــة كمــا هــي بــدون رتــوش
,وان نقــول لــه وبــدون حــرج عليــك أيهــا الصديــق العزيــز وباعتبــارك رئيســا للســلطة
343
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
التشــريعية (املعنيــة بالتشــريع وحمايتــه) وباعتبــارك رئيســا ألكبــر أحــزاب املعارضــة أيضــا
,أن ترفــض وبشــدة صحــة نتيجــة الدائــرة ( )248ألنهــا يف األصــل قــد تأسســت
ا ,فهــذا املوقــف هــو الصحيــح مــن علــى إجــراءات انتخابيــة باطلــة جملــ ًة وتفصيــ ً
قبــل رئيــس مجلــس النــواب حتــى ولــو كان املســتفيد مــن تلــك النتيجــة الباطلــة
هــو أحــد اقــرب األوالد إلــى نفســه– كمــا علمــت مؤخــرا-
,اخلطــاب ذاتــه نوجهــه إلــى بقيــة أطــراف املعارضــة اليمنيــة يف املشــترك والــى العديــد
مــن الك َّتــاب والصحفيــن ونقــول لهــم وبصريــح العبــارة لقــد أخطــأمت أيهــا الســادة وكنتــم
بصمتكــم وبتجاهلكــم املتعمــد للحديــث حــول تلــك الفضيحــة ,تشــاركون يف جرميــة
انتخابيــة كبيــرة ال يجــوز بــأي حــال الســكوت عنهــا أو التعامــل معهــا كأمــر واقــع
,واقــل مــا ميكــن عملــه هــو التقــدم بطعــن دســتوري إلبطــال صحــة النتيجــة املعلنــة يف
معظــم دوائــر محافظــة عمــران ويف الدائــرة ( )248حتديــدا ,وان جتعلــوا مــن هــذا
األمــر موضــوع حتــد دميقراطــي حقيقــي مــع أنفســكم ومــع الغيــر ,الن هــذا وحــده
هــو الــذي ميكــن أن يكفــر ســيئة الصمــت والتجاهــل التــي ارتكبتموهــا وشــاركتم بهــا بقيــة
األطــراف األخــرى ,وبغيــر ذلــك يبقــى احلديــث عــن التزويــر واخلروقــات التــي شــابت
العمليــة االنتخابيــة مــن قبلكــم عبــارة عــن كالم فــارغ ال معنــى لــه ســوى الضجيــج وقــد قيــل
بــان األوانــي الفارغــة هــي األكثــر ضجيجــا ...واهلل املســتعان
344
06 الفصل السادس :وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة
()6
(احملليات)
لقــد عبثــوا بالســجل االنتخابــي ,والتزويــر هــذه املــرة مت بقــرار سياســي مباشــر مــن قبــل
كبــار مســئولي الســلطة وحزبهــا ,ولــم تكــن اللجنــة العليــا لالنتخابــات واللجــان الفرعيــة
التــي شــكلتها ســوى إحــدى آليــات تنفيــذ القــرار وتســهيل مهمــة املكلفــن إلــى جانبهــا
بتنفيــذه .
القــرار املذكــور أتخــذ قبــل شــهرين علــى األقــل مــن بــدء عمليــة التســجيل وتضمــن حتقيــق
هدفــن اثنــن فقــط همــا -:
• الهــدف األول هــو التحكــم بعمليــة التســجيل مــن حيــث العــدد أي العمــل علــى أن
ال يتجــاوز عــدد الناخبــن والناخبــات اجلــدد عــن املليــون والثالثمائــة ألــف ناخــب
وناخبــة بالكثيــر ،حتــى يتناســب عــدد املســجلني عموم ـاً مــع مــن يحــق لهــم ممارســة
االقتــراع وفق ـاً للتعــداد الســكاني لعــام 2004م وهــو تســعة مليــون وخمســمائة ألــف
ناخــب وناخبــة تقريبــا ,
أي انــه وبــدال مــن تصحيــح الســجل االنتخابــي لعــام 2003م بإزالــة املكــررة أســمائهم
وصغــار الســن واملتوفيــن واملهاجرين(املنقولــن) مت حرمــان أكثــر مــن مليــون ناخــب
وناخبــة مــن التســجيل وبقــرار سياســي مباشــر مــن أعلــى املســتويات القياديــة,
واخلالصــة أنهــم زوروا التعــداد الســكاني والســجل االنتخابــي وكل شــيء يف هــذه
البــاد ,وقــد كان البــد مــن كذبــة جديــدة تغطــي ســابقاتها وهــو مــا حصــل فعــا.
345
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
غيــر انــه ومثلمــا يقــول املثــل اليمنــي (..مــن تغــدى بكذبــه مــا تعشــى بهــا ) ,فقــد
فضحهــم اهلل يف نهايــة األمــر الن ( ذاكــرة الكــذاب ضعيفــة ) !!
•الهــدف الثانــي هــو التحكــم بنــوع املســجلني واملســجالت وفقــا مليولهــم السياســية
والعمــل علــى أن ال تقــل نســبة مــن أســماهم يف القــرار ( باملضمونــن ) عــن % 60مــن
املســجلني اجلــدد.
وقــد مت تنفيــذ الهدفــن الســابقني ومــن اجلهمــا ارتكبــت كل املخالفــات أو غالبيتهــا وفق ـاً
للمخطــط التالــي -:
•اعتمــاد عشــر إلــى خمســة عشــر بطاقــة انتخابيــة فقــط يتــم صرفهــا يوميــا يف
معظــم مراكــز التســجيل (حتكــم بالعــدد) .
•إغــاق مراكــز التســجيل لســاعات وأيــام حتــت حجــة نفــاد البطائــق واألفــام
حتــى يتــم تطفيــش الراغبــن والراغبــات يف تســجيل أســماؤهم مــن غيــر املضمونــن
(حتكــم بالعــدد).
•تســليم جــزء كبيــر مــن البطائــق املتوفــرة يف بعــض املراكــز ملســؤولي األجهــزة ورؤســاء
فــروع املؤمتــر الشــعبي العــام لصرفهــا بنظرهــم ووفقــا لكشــوفات معــدة ســلفا
(حتكــم بالنــوع) .
•توزيــع مائتــي ألــف عســكري أو محســوبني علــى اجليــش (مؤقتــا) علــى ثلثــي مراكــز
التســجيل تقريبــا وتســجيل معظمهــم بغيــر أســمائهم حتــى ال يظهــر التكــرار يف
الســجل الن معظــم هــؤالء مســجلني منــذ عــام 2003م دون أن يفــرض عليهــم نقــل
املوطــن االنتخابــي (حتكــم بالنــوع).
346
06 الفصل السادس :وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة
• تســجيل طــاب املــدارس الثانويــة وصغــار الســن يف املراكــز التــي يــرى املؤمتــر
ضــرورة تعديــل نتائجهــا لغيــر صالــح املعارضــة يف االنتخابــات احملليــة (حتكــم يف
النــوع).
•االنتهــاء يف ســجل الناخبــن برقــم معــن يف اليــوم األول والبــدء برقــم آخــر يف اليــوم
التالــي كأن ينتهــي برقــم ( )250والبــدء ب( )300ويكــون الفــارق قــد ســجل املســاء
بأســماء غيــر حقيقيــة ( حتكــم يف النــوع ) .
•افتعــال مشــاكل وخالفــات يف كل مركــز انتخابــي يوجــد فيــه نســبة كبيــرة مــن
الراغبــن يف التســجيل حتــى يغلــق املركــز ويطلــب منهــم العــودة يف اليــوم التالــي
وهكــذا (حتكــم بالعــدد) .
ذلكــم هــو املخطــط الــذي اعتمــد واعتمــدت آليــات تنفيــذه منــذ وقــت مبكــر وقــد نفــذ فعــا
ليحــرم أكثــر مــن مليــون ناخــب مــن التســجيل ويعــاد تكــرار حوالــي مائتــي ألــف ناخــب
جديــد أي أن الســجل االنتخابــي باطــل ويصعــب تصحيحــه أو ترميمــه بالطــرق والوســائل
املعروفــة !!! هــذا الســجل مت تصحيحــه يف انتخابــات ٢٠٠٣م.
347
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
يف اليومــن املاضيــن احتفــت الســلطة بالرســالة التــي بعثتهــا الســيدة روبن مدريد الرئيســة
التنفيذيــة للمعهــد الدميقراطــي الدولــي إلــى رئيــس وأعضــاء اللجنــة العليــا لالنتخابــات
تشــكرهم فيهــا وتهنئهــم علــى إحالــة ثالثــن مخالفــة انتخابيــة للقضــاء (تصــوروا ثالثــن
مخالفــة فقــط) أي حــذف أو إضافــة ثالثــن شــخص فقــط إلــى أو مــن الســجل اجلديــد!!
وبهــذا اخلصــوص نــود أن نقــول للســيدة (الدميقراطيــة) بــان الســلطة كانــت تنتظــر
رســالتها (املضللــة) علــى أحــر مــن اجلمــر ,ألنهــا ستســهم يف تضليــل املجتمــع الدولــي
والبلــدان املانحــة يف أن اليمــن تتجــه فعــا نحــو الدميقراطيــة واالنتخابــات النزيهــة علــى
خــاف الواقــع .,
والســؤال الــذي يطــرح نفســه هنــا :هــو مــا رأي املعهــد الدميقراطــي ( ) NDIومنظمــة
دعــم االنتخابــات( )IFSمبخطــط التزويــر اآلنــف الذكــر والــذي أحتــدى شــخصياً مــن
اللجنــة العليــا لالنتخابــات وغيرهــا مــن مســئولي الســلطة أن تثبــت خــاف مــا ورد يف هــذا
املخطــط الرســمي للتزويــر !!؟
348
06 الفصل السادس :وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة
صحفية اخلليج
()7
الدميقراطية اليمنية
تتراجع واملعارضة تخرج من السباق مبكر ًا
اختلفــت تفســيرات الشــارع السياســي اليمنــي كمــا هــي تفســيرات املراقبــن الدوليــن
حــول خلفيــات قــرار املؤمتــر الشــعبي العــام ( احلاكــم ) وحليفــة االســتراتيجي ( التجمــع
اليمنــي لإلصــاح ) والقاضــي بحجــب التزكيــة عــن مرشــح مجلــس التنســيق األعلــى
للمعارضــة الســيد علــي صالــح عبــاد ( مقبــل) األمــن العــام للحــزب االشــتراكي اليمنــي
وبالتالــي إبهــات العمليــة االنتخابيــة برمتهــا .
بــل وإلغــاء االنتخابــات الرئاســية التنافســية عمليــاً بعــد أن اقتصــرت املنافســة علــى
مرشــحني اثنــن كالهمــا مــن احلــزب احلاكــم ( املؤمتــر) وهــو مــا يلغــي املنافســة اجلديــة
ويتجــاوز التعدديــة واألحــزاب السياســية التــي يعتمــد عليهــا النظــام السياســي يف اليمــن
وينــص عليهــا يف دســتوره وقوانينــه النافــذة .
و يتســاءل هــؤالء عــن الطــرف املســتفيد وصاحــب املصلحــة احلقيقــة يف إقصــاء املعارضــة
عــن الســباق االنتخابــي ومــا إذا كان الرئيــس اليمنــي نفســه هــو مــن ســعى إلــى انفــاذ القــرار
آم انــه كان موجهـاً ضــده وبهــدف إجهــاض االنتخابــات الدميقراطيــة التــي حتــاول إظهــار
الرئيــس مبظهــر الرافــض للدميقراطيــة أمــام أبنــاء الشــعب واملنظمــات والــدول الغربيــة
املانحــة!!
وبالقــدر نفســه اختلــف املراقبــون السياســيون حــول مســؤولية التجمــع اليمنــي لإلصــاح
بزعامــة الشــيخ عبــد اهلل بــن حســن األحمــر رئيــس مجلــس النــواب يف إقصــاء املعارضــة
عــن التنافــس االنتخابــي والتحضيــر للوصــول إلــى قــرار االقصــاء منــذ وقــت مبكــر ؟
349
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
ومــا إذا كان قــد مت بعنايــة كاملــة وباالتفــاق بــن القــوى القبليــة والعســكرية املتنفــذة يف
الدولــة ,وبهــدف اجهــاض الدميقراطيــة والتأســيس للدولــة احلديثــة ؟ ا
ام انــه قــرار مرجتــل اتخــذ علــى عجــل ,ومــن قبــل بعــض املزايديــن والغوغائيــن داخــل كتلــة
املؤمتــر الشــعبي العــام يف البرملــان ,ومبــا يخالــف رغبــة قيادتــه السياســية وقيــادة الدولــة
ومبــا يظهــر مرشــحهم للرئاســة كقائــد ضعيــف يخشــى التنافــس مــع مرشــح املعارضــة
ويحرمــه مــن الفــوز علــى مرشــح جــدي وقــوي ،كمــا يطمــح الــى ذلــك الرئيــس ومبــا يعــزز
نظامــه شــعبياً ودوليـاً ؟
اســئلة كثيــرة ومتنوعــة ورؤى متابعــة ومتعارضــة افرزهــا قــرار حجــب التزكيــة عــن مرشــح
املعارضــة االمــن العــام للحــزب االشــتراكي اليمنــي االســتاذ علــي صالــح عبــاد «مقبــل» مــن
قبــل البرملــان يــوم االربعــاء 1999 / 7 /21م ،
ومــن الطبيعــي ان يختلــف النــاس حــول قــرار مفاجــئ وغيــر متوقــع إتخــذ مــن قبــل اطــراف
كان يفتــرض انهــا اكثــر االطــراف حاجــة ملشــاركة املعارضــة واحلــزب االشــتراكي حتديــداً
يف انتخابــات رئاســية تنافســية فريــدة مــن نوعهــا يف املنطقــة .
لقــد علــق اليمنيــون ونخبهــم السياســية والثقافيــة الكثيــر مــن اآلمــال والتطلعــات التــي كان
ميكــن ان تســاهم يف حتقيقهــا االنتخابــات التنافســية اقلهــا املســاهمة يف جتذيــر التجربــة
الدميقراطيــة الوليــدة وتنظيــم الصــراع علــى الســلطة وترميــم جــدار الوحــدة الوطنيــة ،
واملشــاركة يف بنــاء دولــة موحــدة جديــدة تتميــز عــن بقيــة الــدول املجــاورة يف كونهــا متنــح
مواطنيهــا حــق االختيــار واالقتــراع والتنافــس علــى موقــع القــرار السياســي والتأثيــر عليــه.
ولهــذه املعانــي التــي كانــت الدميقراطيــة اليمنيــة تبشــر بتحقيقهــا ولــو بعــد حــن مت دعــم
اليمــن سياســياً ومادي ـاً مــن كثيــر مــن البلــدان املعنيــة بالدميقراطيــات الناشــئة وحقــوق
االنســان ,كمــا مت تشــجيعها علــى املضــي يف هــذا النهــج كشــرط اساســي لبقــاء شــرعية
نظامهــا السياســي التعــددي خصوصــا واليمــن ال متلــك شــيئاً آخــر يحافــظ علــى كيــان
الوحــدة واســتقرارها ســوى الدميقراطيــة ومــدى التمســك بهــا .,
350
06 الفصل السادس :وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة
تلــك الــدالالت واملعانــي التــي كانــت حتملهــا االنتخابــات الرئاســية التنافســية اليمنيــة والتــي
كان مــن املقــرر اجراؤهــا يف نهايــة ســبتمبر القــادم ومت اجهاضهــا فجــأة وبصــورة غيــر
متوقعــة ومخالفــة اللتزامــات الرئيــس وامــن عــام حزبــه الدكتــور عبدالكــرمي االريانــي.
واذا كان الرئيــس نفســه متضــرراً وليــس مــن مصلحتــه الغــاء االنتخابــات التنافســية فمــن
هــي اجلهــة التــي تقــف وراء ذلــك القــرار غيــر املتوقــع !؟
وظــل يطــرح – وبعــض قادتــه يف اخلــارج -اهميــة اعــادة االوضــاع الــى مــا كانــت عليــه
قبــل احلــرب كشــرط اساســي إلعــادة اندمــاج احلــزب يف احليــاة السياســية وقــد جــاءت
هــذه التحليــات األساســية انطالقــا مــن معرفــة يقينيــة مــن ان االنتخابــات الرئاســية
ستســاهم والــى درجــة كبيــرة يف التهيئــة إلغــاق ملــف الصراعــات السياســية وترســيخ
اجلبهــة الداخليــة واملســاهمة يف عمليــة الوئــام واملصاحلــة بــن االطــراف السياســية ويف
مقدمتهــا املصاحلــة بــن طــريف حــرب 1994م ( املؤمتــر الشــعبي –احلــزب االشــتراكي)
والتــي ظلــت الســلطة ممثلــة بالرئيــس اليمنــي ترفــض أي حديــث مــن هــذا القبيــل طاملــا
واحلــزب االشــتراكي يرفــض املشــاركة يف االنتخابــات الرئاســية وعبــر تصريحــات معلنــة
اطلقهــا الرئيــس وعــدد مــن القيــادات القاعديــة .
351
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
صحيــح ان احلــزب االشــتراكي اليمنــي كان ميكــن لــه ومــن خــال مشــاركته يف االنتخابــات
الرئاســية ان يســتفيد وبشــكل ملحــوظ ليــس ألنهــا ســتعيده الــى الســاحة وبصــورة فاعلــة
(((8
بعــد غيــاب دام اكثــر مــن خمــس ســنوات كاد فيهــا
()8
ميكــن القــول بــان أحــزاب املعارضــة اليمنيــة املنضويــة يف حتالــف اللقــاء املشــترك قــد
توصلــت وبعــد حــوار طويــل ومضنــي فيمــا بينهــا إلــى مســودة ملشــروع اإلصالحــات
السياســية التــي تراهــا ضروريــة ويســبق توقيــع االتفــاق عليهــا قبــل االنتخابــات الرئاســية
املزمــع إجرائهــا يف ســبتمبر القــادم (2006م) ,ونعتقــد أن مــا تضمنتــه مســودة املشــروع
ســتكون هــي ذاتهــا قاعــدة احلــوار الوطنــي الــذي يفتــرض أن تشــغل بــه الســاحة السياســية
اليمنيــة حتــى موعــد إجــراء االســتحقاق الرئاســي القــادم وبالــذات احلــوار الــذي ســيجري
بــن كل مــن رئيــس اجلمهوريــة واحلــزب احلاكــم مــن جهــة وأحــزاب املعارضــة املوقعــة علــى
املشــروع مــن جهــة أخــرى .,
وباالطالع على هذه املسودة جند أنها تتمحور بدرجة رئيسية يف الدعوة إلى:
-تغييــر النظــام السياســي دســتورياً وبالــذات فيمــا يخــص طبيعــة ونــوع الســلطة التنفيذيــة
وفروعهــا املختلفــة وطريقــة تشــكيلها ,وباالجتــاه الــذي يســمح باعتمــاد النظــام البرملانــي
أي أن تكــون الســلطة التنفيذيــة بيــد احلكومــة املشــكلة مــن احلــزب الــذي يحــوز علــى
أغلبيــة برملانيــة ,ومبــا يجعــل ســلطات رئيــس اجلمهوريــة املنتخــب مــن البرملــان ســلطات
رمزيــة وبروتوكوليــة.
352
06 الفصل السادس :وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة
حيــث تــرى املعارضــة بهــذا اخلصــوص أن احــد مشــكالت اليمــن املتفاقمــة هــي مشــكلة
عــدم االســتقرار السياســي وعــدم حســم موضــوع الصــراع علــى الســلطة التــي تتركــز
كلهــا بيــد رئيــس اجلمهوريــة دون بقيــة املؤسســات الدســتورية املنتخبــة األخــرى األمــر
الــذي يجعــل الصــراع علــى املركــز األول يف الدولــة محــل صــراع وتنافــس حــاد باســتمرار
ومــكان جــذب لالنقالبــات والصراعــات املســلحة أي أنهــا بهــذا املقتــرح تريــد جتنيــب رئيس
اجلمهوريــة مــن الصــراع واخلصومــة الدائمــة ونقــل هــذا التنافــس املنظــم واملتفــق عليــه
دســتوريا إلــى احلكومــة املنتخبــة هــذا اوال
وثانيــا فــان الدســتور النافــذ الــذي يعتمــد نظــام رئاســي مختلــط يقســم الســلطة التنفيذية
إلــى فرعــن األول يتمثــل بســلطة رئيــس اجلمهوريــة الــذي ميتلــك كل الصالحيــات بــدون
مســاءلة برملانيــة أو شــعبية ,والثانــي ويتمثــل باحلكومــة املعينــة مــن قبلــه والتــي ال متتلــك
ســلطة حقيقيــة مقابــل أنهــا مســاءلة مــن قبــل البرملــان
حيــث تــرى املعارضــة بــان جتربتهــا العمليــة منــذ قيــام اجلمهوريــة اليمنيــة يف 1990م قــد
أوصلتهــا إلــى نتيجــة واضحــة مفادهــا أن النظــام الرئاســي املختلــط يف بلــد متخلــف مثــل
اليمــن ال تــزال ثقافــة الفرديــة واالســتبداد وتســيد الرجــل األول علــى القــرار هــي الســائدة
ال يســمح بترســيخ النهــج الدميقراطــي التعــددي الــذي تقــوم عليــه الدولــة اليمنيــة ,وال
يؤســس إلمكانيــة تبــادل ســلمي للســلطة أو الفصــل بــن مؤسســاتها املختلفــة ,فضــا عــن
دور هــذا النظــام يف انتشــار الفســاد وضيــاع املــال العــام وغيــاب املســؤوليات والرقابــة
الشــعبية علــى القــرار ,ومــا لــم يتــم حســب رأيهــا الــذي يوافقهــا فيــه نخــب وشــرائح
اجتماعيــة ونقابيــة عديــدة اعتمــاد النظــام البرملانــي يف تشــكيل الســلطة التنفيذيــة ,ومبــا
يســمح بتحقيــق مبــدأ الفصــل بــن الســلطات وخضــوع احلكومــة ذات الســلطة والقــرار
للمســاءلة البرملانيــة ,فــان احلديــث عــن اإلصالحــات احلقيقيــة ســيكون معلــق يف الهــواء
وبــدون جــدوى أو معنــى ,هــذا أوال ....
353
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
باعتبــار نظــام الســلطة احملليــة الالمركزيــة هــو الشــرط الضامــن لترســيخ الوحــدة
الوطنيــة التــي تعانــي مــن شــروخ ومتزقــات عديــدة منــذ حــرب صيــف 1994م ومــا
تالهــا مــن احلــروب والصراعــات الداخليــة املدمــرة وآخرهــا حربــي صعــدة ( 2004م
– 2005م) .
ومــع أن الســلطة قــد اســتجابت لهــذا الطلــب جزئيــا ووافقــت علــى إجــراء انتخابــات
محليــة علــى أســاس تعــددي هــي األولــى مــن نوعهــا يف 20فبرايــر 2001م إال أن هــذه
اخلطــوة املتقدمــة ترافقــت معهــا خطــوات واســعة إلــى اخللــف متثلــت بإجــراء تعديالت
دســتورية خطيــرة تضــر بالنظــام الدميقراطــي ,وفيهــا مت نــزع صالحيــات املجالــس
احملليــة املنتخبــة واعتمــاد تعيــن رؤســائها مــن قبــل الســلطة التنفيذيــة وبقــرار مــن
رئيــس اجلمهوريــة شــخصياً ,بــدالً مــن انتخابهــم مباشــرة مــن قبــل املواطنــن يف
املديريــات واحملافظــات ( األقاليــم).
األمــر الــذي عطــل نظــام احلكــم احمللــي متام ـاً وأحلقــه مباشــرة باملركزيــة الشــديدة
وجعــل مجالســها املنتخبــة مجــرد هيئــات شــكلية وبهــذا اخلصــوص تدعــو املعارضــة
يف مشــروعها إلــى ضــرورة اعتمــاد النــص الدســتوري الســابق ومبــا يســمح بانتخــاب
احملافظــن ومديــري املديريــات ( رؤســاء الوحــدات اإلداريــة ) مباشــرة مــن قبــل
الشــعب ...
•هنــاك قضايــا أخــرى تضمنهــا مشــروع املعارضــة ومنهــا إصــاح سياســات التعليــم
األساســي والثانــوي فيمــا يخــص املناهــج ووســائل التعليــم املختلفــة ومبا يســمح بتكوين
وإنتــاج املعرفــة مــن ناحيــة وباإلعــاء مــن شــان احلريــة وقيمــة احليــاة وحتريــر العقــل
354
06 الفصل السادس :وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة
•باإلضافــة إلــى إصــاح القضــاء اليمنــي وجعلــه ســلطة مســتقلة وحتريــره مــن قبضــة
الســلطة التنفيذيــة ,ذلــك انــه بــدون نزاهــة واســتقالل القضــاء اليمنــي يصعــب
احلديــث عــن دولــة القانــون وحتقيــق العدالــة كمــا يصبــح احلديــث عــن احلقــوق
واحلريــات واملواطنــة املتســاوية التــي يعتمــد عليهــا النظــام الدميقراطــي املفتــرض
بــدون جــدوى وال فائــدة ,
•ويتضمــن مشــروع املعارضــة أيضــا مســألة تطويــر وحتســن أداء وســائل اإلعــام
املختلفــة وحتييدهــا مــن قبضــة الســلطة التنفيذيــة وإلغــاء وزارة األعــام والســماح
بحريــة إنشــاء قنــوات تلفزيونيــة وإذاعيــة أهليــة وهــو مطلــب صحيــح ودميقراطــي
%100حيــث ال توجــد دميقراطيــة وتعدديــة مــع اســتمرار احتــكار وســائل األعــام
مــن قبــل احلكومــة.
تلــك هــي قضايــا اإلصالحــات الرئيســية مــن وجهــة نظــر أحــزاب املعارضــة اليمنيــة يف
اللقــاء املشــترك والتــي تعتقــد أنهــا ســتكون محــل حــوار وجــدل واســع خــال الفتــرة املمتــدة
حتــى االنتخابــات الرئاســية وإذا كان الرئيــس صالــح جــاد يف قــراره عــدم ترشــيح نفســه
فســيكون مشــروع املعارضــة لإلصالحــات السياســية هــو االختبــار اجلــدي الوحيــد يف هــذا
االجتــاه والســؤال هــو كيــف ســيتعامل الرئيــس مــع هــذا املشــروع وهــل ســيقبل باحلــوار
الوطنــي حولــه !؟
355
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
الرئيس واإلصالحات
مــن جهتنــا لــن نســبق األمــور وجنيــب نيابــة عــن الرئيــس صالــح ولكننــا علــى يقــن تــام بــان
وســائل الوصــول إلــى الســلطة يف اليمــن واالســتمرار فيهــا ليســت االنتخابــات وصناديــق
االقتــراع كمــا هــو الشــكل اخلارجــي للدميقراطيــة اليمنيــة.
بــل هــي ذاتهــا الوســائل القدميــة التــي جــاء عبرهــا الرئيــس إلــى الســلطة واســتمر فيهــا
ملــدة 27عامــا ,وبالتالــي فــان احلديــث عــن تخلــي الرئيــس عــن الترشــح يف االنتخابــات
القادمــة بــدون إصــاح النظــام السياســي لــن يكــون بــأي حــال مــن األحــوال حديثـاً جديـاً
وذو مصداقيــة بــل إن اخطــر مــا يف مصداقيتــه االفتراضيــة هــو انــه ســيترك اليمــن
يف املجهــول وعرضــة للمغامــرات العســكرية واالنقالبيــة التــي ال ميتلــك أدواتهــا اليــوم
ســوى الرئيــس وحــده وأبنــاء عشــيرته األقربــن وهــو مــا يعيــه الرئيــس جيــداً مــا يعنــي أن
قــراره بعــدم الترشــيح للرئاســيات القادمــة لــم يكــن ســوى بالــون اختبــار وبهــدف وضــع
اجلميــع أمــام األمــر الواقــع ومعنــاه الرئيــس هــو (إمــا أن تقبلــوا بــي كرئيــس لــدورات قادمــة
ومتقادمــة ,وإمــا أنــا ومــن بعــدي الطوفــان).
وحتــى ال نذهــب بعيــداً فقــد كتبــت شــخصياً يف أحــدى صحــف املعارضــة بعــد إعــان
الرئيــس مباشــرة مشــككاً يف هــذا القــرار وممــا جــاء فيــه (إن الــذي يرفــض حتــى اآلن
التنــازل عــن بعــض صالحياتــه لصالــح الفــرع الثانــي يف الســلطة التنفيذيــة (احلكومــة)
والفــرع الثانــي فيهــا (الســلطة احملليــة ) ال تصدقــوه إذا قــال انــه ســيتخلى عــن كل الســلطة
دفعــة واحــدة !!,
ويف ثنايــا املقــال طالبــت األخ الرئيــس بضــرورة قبــول مشــروع املعارضــة بتحويــل النظــام
السياســي إلــى نظــام برملانــي يتخلــى مبوجبــه عــن بعــض صالحياتــه الرئاســية وليــس كلهــا
ويبقــى هــو يف الرئاســة لــدورة ثانيــة )).
غيــر انــه وبــدالً مــن االســتماع إلــى هــذه النصيحــة الصادقــة واملخلصــة مت تقدميــي إلــى
النيابــة ومــن ثــم احملكمــة بتهمــة اإلســاءة إلــى الرئيــس !
356
06 الفصل السادس :وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة
وهنــا تكــون املفارقــة الكاملــة يف أحاديــث الرئيــس ومزايداتــه علــى الزعمــاء العــرب
ومطالبتــه لهــم بــان (يحلقــوا ألنفســهم قبــل أن يحلــق لهــم اآلخريــن ) ,وبــن الواقــع
الفعلــي الــذي ليــس فيــه ســوى قيــام الرئيــس باحلالقــة ألبنــاء شــعبه ومواطنيــه وعبــر
القضــاء غيــر املســتقل وغيــر النزيــه .
غيــر أن ذلــك بالضبــط هــو مــا يجعلنــا أكثــر إصــراراً علــى ضــرورة اإلصالحــات وأهميتهــا
يف اليمــن واملنطقــة العربيــة بغــض النظــر عــن تصريحــات الزعمــاء ومقوالتهــم الشــهيرة .
357
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
()9
االشتراكي نت – خاص
دعــا عضــو اللجنــة املركزيــة يف احلــزب االشــتراكي األســتاذ محمــد محمــد املقالــح
فــروع أحــزاب اللقــاء املشــترك ومنظمــات املجتمــع املدنــي والشــخصيات االجتماعيــة يف
احملافظــات واملديريــات إلــى القيــام مبســؤولياتهم الوطنيــة يف عمليــة النضــال الســلمي
وتوســيع قاعــدة الضغــط الشــعبي وإجبــار الســلطة علــى الرضــوخ لــإرادة الشــعبية ومبــا
يســهم يف حتقيــق اإلصالحــات السياســية والوطنيــة املنشــودة وإجــراء انتخابــات رئاســية
ومحليــة نزيهــة وشــفافة .
مؤكــداً ( بــان احلــد األدنــى مــن شــروط النزاهــة والشــفافية لالنتخابــات القادمــة لــن يتــم
وال ميكــن أن يتــم مــا لــم تشــعر الســلطة وأطرافهــا املختلفــة بــان اخليــار الشــعبي والنضــال
ا وليــس فقــط الســلمي الــذي تلــوح بــه املعارضــة خيــاراً جديــاً وميكــن األخــذ بــه فعــ ً
للمناكفــات واملماحــكات السياســية الفارغــة )..
َّ
وحــذر املقالــح يف الوقــت نفســه مــن خطــورة (اســتمرار ارتفــاع صــوت بعــض رمــوز
املعارضــة عبــر التصريحــات اإلعالميــة دون أن ينعكــس ذلــك علــى عمــل جــدي وميدانــي
يفــرض هــذه املطالــب علــى الســلطة ويؤكــد مصداقيــة وجديــة خطــاب املعارضــة أمــام
جماهيرهــا) .
358
06 الفصل السادس :وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة
و يف الكلمــة التــي ألقاهــا أمــام اجتمــاع قيــادة أحــزاب اللقــاء املشــترك يف محافظــة اب
عصــر أمــس اخلميــس ,والــذي خُ صــص لتــدارس املوقــف مــن العمليتــن السياســية
واالنتخابيــة بعــد انتهــاء عمليــة تســجيل الناخبــن..
أضــاف املقالــح ( كمــا ســبق وان قلــت فــان األيــام واألســابيع القادمــة ســتكون حاســمة
بالنســبة للســلطة واملعارضــة ,والجتاهــات ســير العمليــة االنتخابيــة عموم ـاً ...فإمــا ان
جتــري هــذه االنتخابــات وفقــا لشــروط املشــروعية الدســتورية ومبــا يضمــن احلــد األدنــى
مــن الشــفافية والنزاهــة كمــا تطالــب بذلــك املعارضــة ,أو ان جتري وفقا لشــروط الســلطة
وامالءاتهــا القســرية وحتــت إشــراف إدارة انتخابيــة مشــكوك بشــرعيتها وأهليتهــا وهــو
مــا لــن نقبــل بــه بــأي حــال مــن األحــوال !!,؟ ) ,
وحــول التســاؤالت التــي طرحهــا املشــاركون يف اللقــاء بخصــوص طبيعــة احلــوارات الثنائيــة
واجلماعيــة التــي عقدهــا الرئيــس مــع قيــادات يف املشــترك خــال األســابيع املاضيــة
ومــدى اســتمرار وحــدة موقــف املعارضــة مــن قضايــا اإلصالحــات واالنتخابــات واألحاديث
التــي تســربها الســلطة إلــى بعــض وســائل اإلعــام حــول إمكانيــة إبــرام (صفقــة) مــا تســبق
االنتخابــات وتفــرض مــا يســمونه مبرشــح اإلجمــاع الوطنــي !؟ .
..أجــاب املقالــح ( لســنا ضــد احلــوار مــن حيــث املبــدأ وجميــع هــذه احلــوارات تتــم باتفــاق
مســبق بــن أحــزاب املعارضــة ويتــم إطــاع جميــع األطــراف حــول مــا دار فيهــا ونعتقــد ان
ذلــك تقليــد ايجابــي اعتمدتــه قيــادات املشــترك فيمــا بينهــا لتعزيــز الثقــة وتفويــت فــرص
اللعــب علــى التســريبات الكاذبــة واملضللــة,.
غيــر ان مــا يجــب ان تعلمــوه هــو ان هــذه احلــوارات لــم تفــض حتــى اآلن إلى أي شــيء جدي
وملمــوس بســبب تعنــت الســلطة وإصرارهــا علــى إجــراء انتخابــات بشــروطها الكيفيــة ,
والشــيء االيجابــي هــو ان قيــادات املشــترك تعــي جيــداً بــان الســلطة اليــوم لــم تعــد تراهــن
علــى خيــار متزيــق املعارضــة بعــد ان حاولــت كثيــراً يف هــذا االجتــاه وفشــلت لكنهــا لــم
تيــأس بعــد ومــن جهتنــا ال نخــاف مــن هــذا الرهــان اخلاســر ســلفاً.
359
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
واضــاف بــان رهــان الســلطة احلقيقــي اليــوم يتركــز علــى جتزئــة اإلصالحــات (قبــل وبعــد
االنتخابــات ) وعلــى تضييــع الوقــت واللعــب عليــه ومــن ثــم وضــع املعارضــة أمــام األمــر
الواقــع وأمــام خيــاري املقاطعــة الســلبية أو املشــاركة بــدون شــروط حتــت حجــة ان الوقــت
لــم يعــد يســمح بتغييــر طبيعــة تشــكيل اإلدارة االنتخابيــة وال يســمح بإجــراء إصالحــات
سياســية قبــل االنتخابــات.
وبهــذا اخلصــوص أطمئنكــم بــان قيــادات املشــترك تفضــل اخليــار الثالــث علــى خيــاري
املشــاركة بــدون شــروط او املقاطعــة الســلبية التــي تدفعنــا اليهمــا الســلطة دفعـاً وهــو مــا
اســميه بخيــار (الطريــق الثالــث) طريــق اجلماهيــر والعمــل معهــا وتوســيع قاعــد الضغــط
الشــعبي مــن اجــل إجبــار الســلطة علــى التســليم بضــرورة اإلصــاح السياســي وإصــاح
(((8
العمليــة االنتخابيــة ومــن ثــم املشــاركة فيهــا وفق ـاً لهــذه الشــروط.
هــذا وقــد اتفــق املشــاركون يف اللقــاء علــى اســتمرار االجتماعــات وطــرح املقترحــات
وتقدميهــا إلــى قيــادات املشــترك العليــا لتحديــد خياراتهــا علــى ضــوء مــا يرفــع لهــا مــن
فروعهــا يف احملافظــات واملديريــات املختلفــة .
( )86كنت اراهن على موقف حزبنا احلاسم يف عدم الدخول يف االنتخابات قبل تعديالت تعتمد القائمه النسبية على االقل.
360
06 الفصل السادس :وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة
()10
س -االنتخابــات الرئاســية يف اليمــن عالمــة فارقــة يف مشــروع التعــدد السياســي وآفاقــه
املســتقبلية كيــف تقيمــون حتــى اآلن واقــع احلــال السياســي يف هــذا اخليــار ؟ وهــل
تنظــرون إلــى املســتقبل بتفــاؤل؟
ج -ســأبدأ باإلجابــة علــى الســؤال مــن نهايتــه ,وأقــول :نعــم يجــب أن ننظــر إلــى املســتقبل
بتفــاؤل يتناســب مــع طموحاتنــا الكبيــرة يف تغييــر اوضــاع اليمــن الــى االفضــل ,دون ان
يجعلنــا هــذا التفــاؤل محلقــن يف الفضــاء اخلارجــي أو ينســينا باننــا نقــف علــى االرض
ونســير يف طريــق غايــة يف الوعــورة والتعقيــد والتــأزم ,بــل علينــا ونحــن نتطلــع الــى
االمــام بأمــل ان نرســخ اقدامنــا علــى ارض الواقــع ,ال لنتكيــف معــه بــل لنســاهم يف
تغييــره الــى االحســن ,وعلينــا ان نســاهم يف خلــق الظــروف واملناخــات املناســبة ويف
مراكمــة جتاربنــا وانتصاراتنــا احملــدودة لصالــح مشــروعنا املســتقبلي والكبيــر والــذي
لــن يكــون اال بالدميقراطيــة والتعدديــة وحريــة التعبيــر والتفكيــر والتــداول الســلمي
للســلطة .
ومــن هــذا املنطلــق نراهــن نحــن يف املعارضــة علــى االنتخابــات الرئاســية التنافســية التــي
ســتجري الول مــرة يف تاريــخ اليمــن باالقتــراع الســري واملباشــر مــن قبــل الشــعب واذا مــا
شــاركت املعارضــة مــن خــال مرشــح جــدي يف هــذه االنتخابــات فســتكون هــذه الــدورة احد
املعالــم الفارقــة بــن مرحلتــن :مرحلــة انتقاليــة عاشــتها اجلمهوريــة اليمنيــة قرابــة العشــر
الســنوات ظلــت فيهــا الدميقراطيــة (نظريــة) مــن خــال نصــوص الدســتور والقانــون ,
و(اجرائيــة) مــن خــال تعــدد دورات االنتخابــات البرملانيــة وغيــر املتكافئــة ,شــكال بــدون
مضمــون ,بــل وديكــوراً مزينـاً لنظــام شــبه ديكتاتــوري .
361
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
ومرحلــة اخــرى – مغايــرة الــى حــد كبيــر يتبــن فيهــا اخليــط االبيــض مــن اخليــط االســود
مــن الفجــر ,فإمــا ان نكــرس مــن خاللهــا مفهــوم التــداول الســلمي للســلطة عملي ـاً ولــو
بعــد حــن ,ويصبــح بالتالــي رقم ـاً محســوباً يف حســابات الربــح واخلســارة يف منظومــة
الدميقراطيــة ومكوناتهــا املختلفــة ,او ندفــع الســلطة الــى ممارســة وســائل وادوات
مغايــرة ملــا تدعيــه مــن دميقراطيــة امــام الــراي العــام احمللــي واخلارجــي . .
ونحــن يف املعارضــة ال نريــد ان تصــل الســلطة الــى هــذا الوضــع وعلــى العكــس مــن ذلــك
فإننــا نعتــزم حتقيــق أهــداف كبــرى وجليلــة يف هــذه الــدورة لصالــح الدميقراطيــة والتعددية
وتكافــؤ الفــرص ,وإذا مــا حققنــا هــذه األهــداف التراكميــة ال يهمنــا بعــد ذلــك أن يفــوز
مرشــح املعارضــة يف هــذه الــدورة ,ولكننــا حتمــاً ســننتصر حــن نســاهم يف تقــدمي
مرشــحنا أمــام الرئيــس احلالــي ونكســر بالتالــي احملرمــات واملمنوعــات الغيــر معلنــه يف
منصــب الرئاســة حكــراً علــى شــخص بعينــه او منطقــة جغرافيــة ومذهــب دينــي محــدد ,
ونعتقــد انــه وبعــد هــذه االنتخابــات ســيتكرس يف املجتمــع مبــدا جديــد مفــاده ان مــن حــق
كل مواطــن مينــي كفــؤ أن ينافــس علــى هــذا املنصــب بغــض النظــر عــن منطقتــه اجلغرافيــة
أو مذهبــه الدينــي و السياســي ,وسنســاهم بذلــك يف حتقيــق مبــدأ املواطنــة املتســاوية
بــن اجلميــع وســيكون مــن أكتوبــر القــادم أيضــا غيــر مســموح ألحــزاب أو تيــار سياســي
أو ضابــط عســكري الوصــول إلــى الســلطة مــن خــال االنقالبــات والعنــف املســلح بــل مــن
خــال صنــدوق االقتــراع وهــو مــا سيســاهم يف عمليــة االســتقرار والتنميــة يف بلدنــا .
أهــداف كثيــرة نســعى لتحقيقهــا مــن خــال هــذه الــدورة االنتخابيــة غيــر الفــوز مبنصــب
الرئاســة مــع عــدم إغفــال هــذا الهــدف وإمكانيــة حتقيقــه مفاجئــة مــن نــوع مــا خصوصــا
إذا مــا مت النظــر إلــى واقــع احليــاة السياســة واالجتماعيــة واالقتصاديــة واألمنيــة املأزومــة
نتيجــة السياســات اخلاطئــة خــال العقديــن املاضيــن.
نعــم هنــاك إربــاك واربــاك شــديد يف صفــوف املعارضــة ،كمــا أن هنــاك إربــاك يف صفــوف
الســلطة جتــاه هــذا االســتحقاق الدســتوري الهــام باعتبــاره جديــداً علــى اجلميــع واملطلــوب
أدوات جديــدة ومغايــرة للتعامــل معــه مــن قبــل اجلميــع .
362
06 الفصل السادس :وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة
لكننــي اعتقــد إن اإلربــاك داخــل الســلطة أكثــر منــه داخــل املعارضــة ,فالــرأي العــام
ميكــن أن يتفهــم عــدم فــوز مرشــح املعارضــة مــن الــدورة األولــى باعتبــار أن هنــاك شــروطاً
أخــرى للفــوز ومنهــا :وجــود اجليــش واجهــزة الســلطة احلاكمــة واالعــام الرســمي ,لكــن ال
ميكــن ان يتفهــم بــان يحصــل الرئيــس علــى نســبة %99مــن اصــوات الناخبــن.
فحينهــا ســتكون الســلطة قــد مارســت التزويــر علــى اوســع صــورة ,وممــا ال يخفــى علــى
احــد ,فقــد اصبحــت االنتخابــات بالتالــي عبــاره عــن اســتفتاء علــى مرشــح الوضــع القائــم.
*بقيــة االســئلة لــم تكــن عــن االنتخابــات وكنــت قــد فصلــت مــا يتعلــق باالنتخابــات يف ملــف
واحــد يف ارشــيفي وعندمــا جئــت إلعــداد الكتــاب لــم اجــد امللــف الــذي وضعــت بقيــة النــص
وهــا أنــا اعيــد نشــر االجابــة علــى ســؤال واحــد .
363
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
البيان االماراتية
()11
نــدوة حــول االنتخابــات الرئاســية اليمنيــة) نشــرت يف صحيفــة البيــان بتاريــخ 19 :يونيــو
1999م.
حتــت هــذا العنــوان اســتهل األمــن العــام املســاعد الســابق حلــزب احلــق محمــد محمــد
املقالــح هــذه النــدوة بورقتــه التــي قــال فيهــا :تكتســب االنتخابــات الرئاســية اليمنيــة
املقــرر اجراؤهــا يف شــهر (ســبتمبر) املقبــل أهميــة بالغــة علــى مســتوى جتديــد أدوات
ا عــن دعــم النشــاطالدميقراطيــة الناشــئة وتعزيــز مضامينهــا ومكوناتهــا املختلفــة فض ـ ً
السياســي التعــددي وجعلــه أكثــر حيويــة وفاعليــة.
باإلضافــة الــى دور هــذه االنتخابــات التــي جتــرى ألول مــرة مــن قبــل الشــعب يف تعزيــز
الوحــدة الوطنيــة ومللمــة جراحــات احلــروب والصراعــات الداميــة وبســبب وجــود أكثــر مــن
مرشــح .ومــن دون اخلــوض يف تفاصيــل مــا ميكــن أن تضيفــه هــذه االنتخابــات الرئاســية
التنافســية مــن أهميــة لليمــن علــى املســتوى الدولــي علــى نظامهــا السياســي مــن اجلاذبيــة
والتشــويق ,ميكــن تلخيــص أهميــة وفوائــد هــذه االنتخابــات علــى املســتوى الدميقراطــي
والوطنــي بالنقــاط التاليــة:
•تأكيــد احلــق الدســتوري يف جعــل منصــب الرئاســة حقـاً لــكل مواطــن كفــؤ أي أنــه لــم
يعــد حكــراً علــى شــخص بعينــه كمــا لــم يعــد محصــورا بأبنــاء منطقــة جغرافيــة أو
مذهــب دينــي أو سياســي بعينــه.
•ان االنتخابــات الرئاســية التنافســية البــد وان تؤكــد طريقــة واحــدة معتمــدة وشــرعية
364
06 الفصل السادس :وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة
للتعبيــر هــي صنــدوق االقتــراع وان الوصــول الــى أعلــى منصــب قيــادي يف الدولــة
ميكــن ان يكــون بواســطة اقنــاع أكبــر عــدد ممكــن مــن الناخبــن وليــس مــن خــال
االنقالبــات العســكرية أو بواســطة العنــف والثــورات الشــعبية أو حتــى التوريــث مــن
األب الــى بنيــه ومنهــا املبايعــات الصوريــة .
وعلــى ذلــك وابتــدا ًء مــن أول انتخابــات رئاســية جتــرى يف اليمــن ســيكون مــن الصعوبــة
مبــكان أن يكــون الرئيــس احلاكــم يف البــاد هــو ولــي العهــد للرئيــس الســابق وأقــرب
املقربــن اليــه وحتــى اذا مت ذلــك فالبــد ان يضطــر مــن يريــد ان يســلك هــذا الســلوك
امللكــي ان يلجــأ الــى الشــعب ويقــدم مرشــحه األســري الــى أبنــاء الشــعب ليختــاروه
وهــو مــا ســيواجه صعوبــة كبيــرة.
• ان االنتخابــات الرئاســية ســتوجد حتم ـاً فــرزاً حقيقيــا داخــل املجتمــع بــن القــوى
املختلفــة ســوا ًء مــن خــال األصــوات التــي ســيحصدها املرشــحون املتنافســون أو
مــن خــال عــرض البرامــج واألفــكار والــرؤى املختلفــة وســيتبني بالتالــي مــدى حجــم
األشــخاص واألحــزاب داخــل املجتمــع كمــا تبــن قــدرة األحــزاب علــى الوصــول الــى
أبنــاء الشــعب وإقناعهــم مبطالبهــا وأفكارهــا.
•االنتخابــات الرئاســية ســتعزز املســار الدميقراطــي مــن خــال فــوز املرشــح بأغلبيــة
أصــوات الناخبــن وليــس باألكثريــة النســبية لألصــوات حســب النظــام املعمــول بــه يف
االنتخابــات البرملانيــة والتــي ال يفــوز فيهــا املرشــح بأغلبيــة أصــوات الناخبــن وإمنــا
بأكثريتهــا يف كل دائــرة علــى حــده.
•ان جعــل املنصــب األول يف النظــام السياســي محــل تنافــس ومــادة للنقــد واالعتــراض
البــد وان يعــزز فكــرة املشــاركة السياســية والتأثيــر علــى القــرار السياســي وبالتالــي
سيســاهم يف ازالــة الشــعور باإلقصــاء واإلبعــاد لــدى الفئــات واجلماعــات واملناطــق
املختلفــة وهــو مــا ســيعزز مســار الوحــدة الوطنيــة ذاتهــا.
365
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
•ان االنتخابــات الرئاســية التنافســية ســتعيد اليمــن الــى دائــرة االهتمــام اإلعالمــي
والسياســي اإلقليمــي والدولــي والبــد أن تســاهم يف اعــادة اكتشــاف التجربــة
الدميقراطيــة ســواء مــن خــال اجــراء احلــوارات التلفزيونيــة العربيــة أو الدوليــة مــع
املرشــحني أو مــن خــال الوفــود السياســية والرقابيــة التــي ســتفد الــى اليمــن يف هــذه
املرحلــة الهامــة مــن تاريــخ البــاد.
• يف حالــة فــوز أي مرشــح مــن خــال االنتخابــات التنافســية اجلــادة فإنهــا ســتمنحه
اطمئنان ـاً بالشــرعية وبالتالــي تســاهم يف حتســن العالقــة بينــه وبــن شــعبه وقــوى
املجتمــع املختلفــة ومنهــا األحــزاب السياســية املعارضــة.
•يف ذات الوقــت فــإن األصــوات التــي ســيحصل عليهــا املرشــح الــذي لــم يحالفــه احلــظ
ا سياســياً يف الفــوز ألســباب عــدة ســتؤخذ يف االعتبــار حيــث أنهــا ســتمنحه ثقــ ً
خصوصــاً اذا مــا كان املرشــح مرشــحاً حزبيــاً وحينهــا يكــون لرأيــه لــدى صاحــب
القــرار معنــى واعتبــار البــد مــن مراعاتــه.
• ستكتســب األحــزاب مــن خــال هــذه االنتخابــات وألول مــرة تقريبــا شــرعية شــعبية
لــم تكــن حتلــم بهــا مــن قبــل خصوصـاً ومثــل هــذه االنتخابــات ســتفرض عليهــا النــزول
ا أن وســائل اإلعــام العامــة ومــن خــال امليدانــي الــى قطاعــات الشــعب فضــ ً
املناظــرات وتغطيــة املهرجانــات االنتخابيــة العامــة ســتعيد تقدميهــا مــن جديــد الــى
فئــات الشــعب املختلفــة.
366
06 الفصل السادس :وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة
وشــكرا .د .فــارس الســقاف :ورقــة املقالــح دعــوة ورؤيــة لألهميــة وضــرورة مثــل هــذه
االنتخابــات والفوائــد التــي ميكــن أن جتنيهــا القــوى السياســية مــن وراء املشــاركة.
محمــد املقالــح يقــرر ان الناخــب اليمنــي يعتمــد يف اختيــاره يف االنتخابــات البرملانيــة علــى
معيــار اساســي هــو شــخص املرشــح ومــدى نفــوذه القبلــي والعســكري ويف بعــض االحيــان
مــدى كارزميتــه وقدرتــه علــى التأثيــر واالقنــاع وال يكــون يف احملصلــة للبرنامــج االنتخابــي
اي تأثيــر يذكــر .
لكنــه يؤكــد ان االنتخابــات الرئاســية تختلــف نوع ـاً مــا اذ يعتمــد نظامهــا االنتخابــي علــى
اعتبــار اليمــن دائــرة واحــدة وبالتالــي ال يكــون للشــخص املرشــح نفــوذ اجتماعــي وقبلــي
يف جميــع الدوائــر االنتخابيــة الـــ ( )٣٠١ويضيــف (واســتطيع القــول انــه ومــا عــدا الرئيــس
احلالــي الــذي يــكاد يكــون لــه نفــوذ يف كل انحــاء اليمــن مــن خــال ســلطات احلكــم ال يوجــد
اي مــن الشــخصيات التــي ترشــحت لالنتخابــات تتمتــع بهــذا التواجــد او النفــوذ بــل علــى
العكــس كان نفــوذ مرشــح مجلــس التنســيق االعلــى للمعارضــة علــي صالــح عبــاد (مقبــل)
قائمــا علــى مــا يحملــه مــن برامــج ومطالــب سياســية واجتماعيــة ولــم يكــن النــاس فيمــا اذا
متــت تزكيتــه سيرشــحونه لشــخصه بــل علــى اســاس البرنامــج االنتخابــي الــذي يتقــدم بــه.
املرشــح يف هــذه االنتخابــات الرئاســية بجديــة وفاعليــة.
367
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
()12
الكاتــب والسياســي محمــد محمــد املقالــح حــذر مــن ســعي مرشــح املؤمتــر الشــعبي العــام
علــي عبــد اهلل صالــح إلــى اغتصــاب الســلطة ,عبــر مجموعــة مــن اإلجــراءات واملمارســات
التــي يــزور بهــا إرادة الناخبــن اليمنيــن.
وأضــاف أن صالــح قــرر ومنــذ البدايــة الفــوز يف هــذه االنتخابــات وبنســب عاليــة تصــل
إلــى %80علــى األقــل ,وعلــى خــاف إرادة املواطنــن اليمنيــن الذيــن عبـ َّروا عــن رفضهــم
حلكمــه املتقــادم عبــر رغبتهــم يف التغييــر و تأييدهــم الكبيــر ملرشــح اللقــاء املشــترك فيصــل
بــن شــمالن.
وقــال املقالــح « لقــد عمــل مرشــح احلــزب احلاكــم منــذ البدايــة علــى تزييــف ســجالت
االنتخابــات وتســريب كــروت االقتــراع والتصويــت بهــا يف أمانــة العاصمــة ومدينــة عــدن
علــى األقــل ,و فــرض علــى اللجــان االنتخابيــة يف كل مــن صعــدة وعــدد مــن دوائــر اجلــوف
وتعــز والعديــن ,وغيرهــا التصويــت نيابــة عــن الناخبــن والناخبــات ,ثــم قــام بإحــراق
أكثــر مــن خمســن صندوق ـاً مــن صناديــق االقتــراع يف بعــض دوائــر تعــز واب وغيرهــا ,
ويســعى اآلن إلــى تغييــر النتيجــة العامــة لالنتخابــات عبــر طــرد جلــان الفــرز يف كل مــن
صنعــاء ,وعــدن ,وتعــز ,وإب «وهــو مــا يعنــي حســب قولــه «اغتصــاب أكثــر مــن مليــون صــوت
انتخابــي ســجلتها اإلرادة الشــعبية يــوم الـــ 20مــن ســبتمبر اجلــاري» وطالــب محمــد املقالــح
مــن الرئيــس احلالــي التوقــف عــن العبــث بنتائــج الفــرز.
368
06 الفصل السادس :وثائق سياسية وكتابات ومواقف ذات صلة
()13
أقدمــت أجهــزة التنصــت علــى تلفونــات قيــادات أحــزاب املعارضــة علــى قطــع اخلطــوط
التلفونيــة لــكل مــن القيــادي االشــتراكي محمــد املقالــح ,واألمــن العــام املســاعد حلــزب
احتــاد القــوى الشــعبية محمــد عبــد امللــك ,أثنــاء حوارهمــا املباشــر مــع قنــاة «احلــوار»
الفضائيــة مســاء أمــس «الثالثــاء» حــول االنتخابــات الرئاســية وحظــوظ املعارضــة يف
نتائجهــا يف ظــل هيمنــة الســلطة علــى كل مقــدرات الدولــة ونقــل موقــع االشــتراكي نــت
(اســتنكار محمــد املقالــح مثــل هــذه التصرفــات القمعيــة التــي تشــير إلــى ضيــق الســلطة
بالــرأي اآلخــر) .
«وأضــاف» ونحــن علــى مقربــة مــن موعــد االقتــراع العــام الــذي ســيقرر مصيــر اليمــن
ودميقراطيتهــا الناشــئة ملــدة خمــس أو ســبع ســنوات علــى األقــل» .
وقــال املقالــح ان الســلطة دخلــت علــى اخلــط يف منتصــف احلــوار تقريبـاً مــا اضطــر املذيــع
للتواصــل معــي بخــط تلفونــي آخــر «ســيار» وهــو مــا لــم يحصــل مــع زميلــي الدكتــور محمــد
عبــد امللــك ,وقــد اســتمر تلفونــي األرضــي يعطــي إشــارة « هــذا الرقــم ال ميكــن أن يســتقبل
مكاملتــك « ملــدة ســاعتني بعــد انتهــاء البرنامــج وقبــل ان تعــاد إليــه احلــرارة .
وأشــار املقالــح « إلــى أن تصــرف أجهــزة التنصــت مــع خطــوط تلفوناتنــا بهــذه الطريقــة
غيــر القانونيــة يكشــف ومبــا ال يــدع مجــاال للشــك تنصتهــا علــى مواطنيهــا « وهــو مــا يجعــل
369
أزمة الديمقراطية االنتخاببية
يف اجلمهورية اليمنية
نقيــب الصحفيــن ومجلــس النقابــة علــى احملــك خصوصـاً وان الســلطة أقدمــت علــى هــذه
الفعلــة يف الوقــت الــذي كان يشــاركنا يف احلــوار مــن طرفهــا نقيــب الصحفيــن الزميــل
نصــر طــه مصطفــى.
ويف ختــام تصريحــه طالــب املقالــح مــن النائــب العــام الــى التحقيــق يف هــذ الواقعــة
واملخالفــة ألبســط معانــي اخلصوصيــة.
كتــب السياســي املعــارض محمــد محمــد املقالــح موجه ـاً نقــداً الذع ـاً ألحــزاب املعارضــة
يف املشــترك التــي ينتمــي اليهــا وهــو احــد قياداتهــا وجــاء يف مقالــه املذكــور واملنشــور يف
صحيفــة الثــوري لســان حــال حزبــه االشــتراكي اليمنــي بــان (علــى املعارضــة ان ارادت ان
تســهم يف حــل االزمــة ان جتيــب علــى االســئلة التاليــة -:
1.1هــل املشــترك حتالــف سياســي حــول قضايــا محــددة ومؤقتــة أم أنــه عمــل جبهــوي
ينبغــي أن يتفــق أطرافــه علــى كل شــيء يخــص هــذه اجلبهــة؟
2.2هــل املشــترك مــع إصــاح النظــام احلالــي ويــرى أنــه أقــل تكلفــة أم أنــه مــع تغييــره
ورفــض أي حــوار معــه ويــرى ضــرورة هــذا اخليــار وطنيــا؟
3.3هــل ســتدخل املعارضــة االنتخابــات حتــت ســقف قانــون االنتخابــات احلالــي أم أنهــا
تشــترط نظــام القائمــة النســبية؟!
28أغسطس2008 ،م
1.1
370
فهرس
68 7.7العطاس يدير احلوار الوطني وصوالً الى وثيقة العهد واالتفاق