Professional Documents
Culture Documents
الحق في الحصول على المعلومة - Copie imprimer
الحق في الحصول على المعلومة - Copie imprimer
ليس خافيا على أحد أن العصر الذي نعيش فيه اليوم يتسم بغلبة المعلومات واالتصال والتكنولوجيا الحديثة ،فقد انتقل
العالم من عصر الصناعة إلى عصر المعلومات .فال يمكن بأي حال من األحوال مواكبة عصر المعلومات دون تمكين
.المواطنين من حقهم في الحصول على المعلومة ،وذلك من خالل إقرار الدول لشعوبها ممارسة هذا الحق
هذا وقد شهد المغرب منذ أواخر الثمانينات من القرن الماضي تطورات على مستوى حقوق اإلنسان والتي تعززت
بمناسبة دستور 2011الذ ي كرس حق الحصول على المعلومة و بات من الالزم وضع إطار قانوني لضبط هذا الحق
وضمان ممارسته بروح من المسؤولية والمواطنة تعزيزا النفتاح اإلدارة على محيطها ،وللشفافية ومحاربة الفساد
.وترسيخا لثقافة الحكامة الجيدة،مع ضرورة إبقاء بعض االستثناءات التي ينبغي عدم اإلفصاح عنها
هذا ويتبوأ موضوع الحق في المعلومة مكانة ال جدال فيها ضمن موضوعات حقوق اإلنسان وحرياته األساسية ،كما أنه
.ضمن األولويات لدى الحكومات الراغبة في إعادة كسب الثقة بين مؤسساتها وإدارتها العمومية وبين مواطنيها
انطالقا مما سبق ،يمكن طرح اإلشكال التالي هل كرست المواثيق الدولية والتشريعات الداخلية آليات فعالة لممارسة
وحماية حق المواطن في الحصول على المعلومة؟
يعتبر Oاإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان المصدر الرئيسي لحقوق اإلنسان الدولية ومادته 19هي األساس القانوني األول
لحق اإلطالع على المعلومات ،التي تكفل حق حرية التعبير والحصول على المعلومات ،وذلك في ثالث نطاقات أساسية
.الحق في التماس المعلومات سواء أخذت هذه المعلومات صيغة األنباء O،أو أخذت صيغة األفكار
.ـ الحق في تلقي المعلومات ،بمعنى استالمها من الغير
.ـ الحق في نقل المعلومات ،أي نشرها وإذاعتها
المالحظ أن أهم ما يميز نص المادة 19أعاله في معرض تناول حرية تداول المعلومات ،أنه لم يقيد ممارسة هذا الحق
.بأية قيود ،وهو ما تجاوزته المواثيق الدولية التي تلته
كما انه جاء في الفصل 27من دستور ”:2011للمواطنين والمواطنات حق الحصول على المعلومات ،الموجودة في
حوزة ;اإلدارة العمومية ،والمؤسسات المنتخبة ،والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام
” ...ال يمكن تقييد الحق في المعلومة إال بمقتضى القانون
وبالتالي يكون المغرب قد عرف طفرة نوعية في مجال إقرار الحق في المعلومة ،وأضحى المغرب أول بلد عربي
.يستحدث نصا دستوريا يكفل الحق في المعلومة
وإذا كان الدستور نص صرح على الحق في المعلومة في الفصل ،27فإننا نستشف هذا الحق ضمنيا إثر تصفح فصول
أخرى للدستور ،من بينها الفصل 25الذي ينص على حرية الرأي والتعبير وكذا الفصل 28منه الذي ينص
.على حرية اإلبداع والنشر والعرض ،والتي ال يمكن أن تتحقق هذه الحرية إال ارتباطا بحق المعلومة
أحاط مشرع الحق في المعلومة من خالل القانون 13.31المتعلق بالحق في المعلومة& إجراءات الحصول على
المعلومات بمقتضيات إجرائية مفروضة على اإلدارة ،بحيث يستطيع من خاللها العموم معرفة ما تقوم به اإلدارة وتكفل
للمواطن الحق في المعرفة وفهم ومراقبة وتقييم قراراتها ،وتتوزع هذه اآلليات في اإلجراءات الشكلية لتقديم الطلب
.واآلجال الزمنية لإلجابة على الطلب ثم الكلفة
ذلك أنه يتم الحصول على المعلومة بناء على طلب يقدمه المعني باألمر وفق نموذج تعده اللجنة المكلفة بإعمال الحق في
.الحصول على المعلومات
وهكذا فإن اإلدارة يقع على عاتقها اإلجابة على طلب المعلومة وتقديمها إلى طالبيها داخل األجل القانوني المقرر والذي
.حدده مشرع الحق في المعلومة في 20يوما من أيام العمل الفعلية من تاريخ تسلم الطلب
في حالة عدم االستجابة لطالب الحق في االطالع ،يحق له تقديم شكاية لرئيس المؤسسة أو الهيئة في غضون 20يوم
.عمل من تاريخ انقضاء األجل المخصص للرد
هذا ،وقد أقرت المادة 5من قانون 13.31بأن تكاليف الحصول على المعلومة تكون مجانية ،وهو ما يشكل من جهتنا
حجر الزاوية لضمان ممارسة الحق على أوسع نطاق ممكن ،إال أن إثقال هذا الحق بفرض ضرائب والتزامات مالية قد
.يمثل قيدا يحول دون تحقيق الحق ،وعكس ذلك فإن تكريس المجانية قد يثقل كاهل العاملين بالمؤسسات والهيئات المعنية
استهل المشرع مقتضيات المادة 10من الباب الثالث المتعلق بتدابير النشر االستباقي بوضع التزاما على عاتق
المؤسسات والهيئات المعنية ،بنشر جملة من الوثائق والمعلومات من تلقاء نفسها ودون حاجة لتقديم طلبات في
.الموضوع بجميع وسائل النشر المتاحة خاصة منها اإللكترونية ،وهو ما يعرف بتدابير النشر االستباقي
إذن كان هذا عن المقتضيات الناظمة للحق في المعلومة انطالقا من اآلليات الدولية والوطنية ،فماذا عن تطبيقات هذا
.الحق في نصوص قانونية أخرى واالستثناءات Oالواردة عليه؟ هذا ما نتناوله في المحور الموالي
المحور الثاني :تطبيقات الحق في المعلومة من خالل النصوص القانونية واالستثناءات الواردة على
هذا الحق
إن إعالم المستهلك بشكل كافي بحقيقة وأوصاف السلعة أو الخدمة التي سوف يقتنيها تتيح له أن يتهيأ إلبرام العقد بعد
المقارنة بين كافة السلع والخدمات المعروضة عليه من طرف منتجي السلع المتشابهة ،لذلك فإن إعالم المستهلك يعتبر
.شرطا ضروريا لضمان حرية االختيار لديه
وهكذا تلزم المادة 3من قانون حماية المستهلك بإحاطة المستهلك علما بالمميزات والخصائص األساسية للمنتوج أو
السلعة أو الخدمة التي يريد اقتناءها Oأو استعمالها وكذلك مصدر المنتوج وتاريخ صالحيته لالستهالك إن كانت طبيعته
.تفرض ذلك ،أو كان محل العقد من المنتوجات أو السلع التي يصيبها الفساد
ما أوجب المشرع على المورد ضرورة إخبار المستهلك بمدة الضمان اإلتفاقي في تأمين حقوق ومصالح المستهلك
وشروط االستفادة منه بكل دقة ،باإلضافة إلعالم المستهلك بكل المعلومات التي من شأنها أن تساعده على االختيارO
.المعقول وفقا لحاجياته وإمكانياته المادية
باإلضافة لذلك فالمورد ملزم باإلعالم أثناء تنفيذ العقد ،وأهميته تبرز في الثقة وحسن النية في مجال تنفيذ العقود ،وثانيا
.يعمل على تحقيق نوع من التكافؤ في المراكز العقدية ويحقق المساواة في العلم بين المتعاقدين
إن حقوق الدفاع تعتبر ضمانة من ضمانات المحاكمة العادلة ،والتي تتجسد في تمكين الموظف العمومي من حقه في
.االطالع على ملفه قبل اإلقدام على اتخاذ القرار من قبل السلطة اإلدارية المختصة
ذلك أن حق اإلطالع على الملف يجد أساسه في الفصل 67من النظام األساسي للوظيفة العمومية& ،الذي جاء
فيه أن للموظف المتهم الحق في أن يطلع على ملفه وعلى جميع الوثائق الملحقة به ،وذلك بمجرد ما تقام عليه دعوى
التأديب ،ويمكنه أن يقدم إلى المجلس التأديبي مالحظات كتابية أو شفاهية ”..وهذه القاعدة طبقها القضاء في الكثير Oمن
الدعاوى المرفوعة إليه ،على الرغم من أنها كانت مقتصرة في أول األمر على مجال المنازعات اإلدارية المتعلقة
.بالوظيفة العمومية ،بعد ذلك تم تمديد تطبيق هذا المبدأ إلى مجاالت أخرى
لما كان الحق في الحصول على المعلومة حقا من الحقوق المقيدة بضوابط معينة ،ذلك أن جملة من المفاهيم شكلت قيدا
على حق المعلومة،كاألمن والدفاع الوطني ،ويجب أن تكون هذه االستثناءات واضحة ومحددة وتخضع Oلمعيار المعقولية
.وهو الموازنة بين الضرر الخاص والمصلحة العامة
وقد تناول الدستور المغربي في فصله 2/27مسألة االستثناءات ذلك أنه ال يمكن تقييد الحق في المعلومة إال بمقتضى
القانون ،بهدف حماية كل ما يتعلق بالدفاع الوطني ،وحماية أمن الدولة الداخلي والخارجي ،والحياة
الخاصة لألفراد ،وكذا الوقاية من المس بالحريات والحقوق األساسية المنصوص عليها في هذا الدستور،
.وحماية مصادر المعلومات والمجاالت التي يحددها القانون بدقة
عالقة بمقتضيات المادة 7من القانون المتعلق بالحق في المعلومة& ،نجد بأن هذه القيود قد يفرض بعضها لصالح
:اإلدارة ،وقد توضع بعضها لصالح األفراد
:المقررة لصالح اإلدارة -
تعرض المشرع المغربي لواجبات الموظفين ضمانا لحسن سير الوظيفة العمومية ،ومن أخطرها واجب كتمان
أسرار الوظيفة ،فالموظف بحكم وظيفته قد يطلع على أمور وأسرار يتعلق البعض منها بمسائل تمس السير
العادي للمؤسسات وأسرار الدفاع الوطني واألمن الوطني والمنصوص عليها ضمن المادة 7من قانون
المعلومة والفصل 187من القانون الجنائي ،والتي تشمل المعلومات المتعلقة باألسرار العسكرية،
وبالسياسات العليا أو باألمن العام ،باإلضافة لقيود ذات ارتباط بالجوانب المالية واالقتصادية والتي تم
تحديدها في السياسة النقدية أو االقتصادية أو المالية للدولة وتلك المرتبطة بسير إجراءات التقاضي كعدم السماح
للجمهور بحضور إجراءات التحقيق وحضر نشر المحاضر
.فالمالحظ أن هذه القيود المقررة لصالح اإلدارة كثيرة Oو الهدف منها تحقيق األمن واالستقرار الداخلي والخارجي
:المرتبطة بحرمة الحياة الخاصة -
فقد نصت المادة 89من قانون الصحافة والنشر رقم 13.88وكذلك القانون المتعلق بالعنف ضد النساء ،على أنه يعد
تدخال في الحياة الخاصة كل تعرض لشخص يمكن التعرف عليه وذلك عن طريق اختالق ادعاءات أو
إفشاء وقائع أو صور فوتوغرافية أو أفالم حميمية& ألشخاص أو تتعلق بحياتهم الخاصة ما لم تكن لها
.عالقة وثيقة بالحياة العامة ،أو تأثير على تدبير الشأن العام
يمكن القول أن إصدار القانون المتعلق بالحق في المعلومة وضمانه للمواطنين سيزيد من شفافية اإلدارة وقابليتها
للمحاسبة ،ويقلل من فرص الفساد ،وسيخول لألشخاص مراقبة وتتبع وتقييم القرارات اإلدارية والسياسات العامة
.والعمومية للدولة وللقطاعات
بالمقابل فإن اإلدارة العمومية ملزمة بمراجعة طرق التسيير اإلداري ،عن طريق تفعيل سياسة التحديث اإلداري
باعتباره Oحجر الزاوية للدفع بعجلة التنمية المندمجة ،وبهدف تقديم أجود الخدمات للمرتفقين .كما أن انتشار تكنولوجيا
المعلوميات واالتصاالت Oوتوافرها للمواطنين ،شكلت أهم األسباب التي جعلت مختلف الفاعلين يطالبون الحكومات
بتحسين كفاءة اإلدارة في مجال تقديم المعلومات وتوفيرها للجميع بتحقيق المساواة .كما أن هذا الحق سيساهم في تفعيل
آليات التواصل من خالل تداول المعلومة ،الشيء الذي يستلزم معه تأهيل الموارد البشرية بالمؤسسات والهيئات المعنية
عن طريق التكوين المستمر لتعزيز ثقة المواطن وإشراكه في صنع القرار اإلداري