Download as odt, pdf, or txt
Download as odt, pdf, or txt
You are on page 1of 4

‫مؤسسة المجتمع المدني وسؤال التنمية المستدامة بالمغرب ‪:‬‬

‫تقديم‪  ‬‬
‫تنطلق فكرة مساهمة المجتمع المدني في التنمية المحلية من كون أنه أصبحت له مساهمة فعلية في العمليات‬
‫التنموية على الصعيد المحلي‪ ،‬مما يؤهله ألن يلعب دور طالئعي لالنخراط" في مشاكل المجتمع المحلي‬
‫إذ أن دور مؤسسات المجتمع المدني ال يقل عن دور القطاع العام أو الخاص في المشاركة في تحقيق‬
‫‪:‬التنمية المستدامة‪ ،‬المؤسسات المدنية لها‪ ‬دور أكثر من مطلوب على المستوى االجتماعي من خالل‬
‫الرفع من مستوى معيشة األفراد وتقليص حدة الفقر وتحسين مستوى الرفاه ‪-‬االجتماعي‬
‫كذلك فإن هذه المؤسسات لها دور مماثل في األهمية لدى الفاعلين األخرين‪ ،‬من‪ -‬خالل تبنيها لمشاريع‬
‫تنموية على الصعيد المحلي‬
‫من جهة أخرى يمكن القول أن عملية إنجاز أي مبادرة يتوقف بالكامل على الفعالية الحرة للمجتمع المدني‬
‫على المستوى المحلي ومشاركته‪ ،‬والمشاركة المقصود هنا ليست هي االستشارة فقط‪ ،‬ففي التنمية يجب‬
‫أن تشارك المجتمعات في تحديد مشكالت التنمية بها والسعي لحلها واتخاذ القرارات حول‬
‫كيفية تنفيذ الحلول ‪ ،‬ولذلك فإن الديمقراطية التشاركية غالبا ما تكون ديمقراطية القرب‪ ،‬تسمح بمناقشة‬
‫جل الرهانات‬

‫من هذا المنطلق‪،‬أصبح النسيج الجمعوي يشكل احد األركان األساسية ضمن جهود حركة المجتمع‬
‫المدني‪،‬كما أصبح يعول كثيرا على‪   ‬مساهمته في قيادة المسيرة التنموية ببلدنا‪،‬وذلك جنبا الى جنب مع‬
‫جهود الدولة وباقي القطاعات األخرى‪ ،‬ومنها القطاع الخاص‪ ،‬خصوصا وان هذا النسيخ تحول الى قوة‬
‫اجتماعية فاعلة ومنظمة تسهم في تفعيل التنمية الشاملة والمستدامة ‪ ،‬وفي العمل على تحقيق التنمية‬
‫البشرية‬
‫وبناءا على هذا التقديم المبسط يمكن طرح اإلشكالية المحورية والمتمتلة في‪ ،‬حدود أدوار المجتمع‬
‫المدني في التنمية المستدامة بين الواقع واألفاق‪  ‬؟‬

‫المحور األول‪ :‬البعد العالئقي مع المجتمع المدني‬


‫ينطوي مفهوم المجتمع المدني في التفكير الفلسفي واالجتماعي على كثير من التعقيد المعرفي والمنهجي‬
‫الذي ينزله منزلة المفاهيم التي يستعصى اإلمساك بها‪ ،‬من حيث اعتبارها تندرج في سياقات يتداخل‬
‫ضمنها المعرفي واالجتماعي والسياسي والتاريخي‪ ،‬وهي سياسات يلزم الوعي بمضامينها معرفيا ومنهجيا‬
‫للتمكين في الحد األدنى من التأمل في المفهوم‪ ،‬بحيث يكون تأمال في عطائه وتراه وتدخله إزاء ما يرتبط‬
‫من مفاهيم أخرى‪ ،‬وهذا التأمل هو في ذات الوقت اشتغال بكيان المفهوم واستنطاق له والتجاهاته‪،‬أو بمعنى‬
‫من المعاني رؤية المفهوم في باطنه[‪ ، ]3‬لكن بعيدا عن كل التعقيدات الفلسفية التي تناولت المجتمع المدني‪،‬‬
‫والتي بالرغم من أهميتها في ضبط المفهوم‪.‬وارتباطا بموضوع بحثنا هذا فإنه ال يسمح تتبع كل تلك‬
‫السياقات‪،‬وعليه يمكن القول بأن المجتمع المدني هو مجتمع مستقر إلى حد كبير عن إشراف الدولة‬
‫المباشر‪ ،‬فهو يتميز باالستقاللية والتنظيم التلقائي وروح المبادرة الفردية والجماعية‪،‬والعمل‬
‫التطوعي‪،‬والحماية من أجل خدمة المصلحة العامة‪ ،‬والدفاع عن حقوق الفئات الضعيفة‪ ،‬ورغم أنه يعلي من‬
‫شأن الفرد إال أنه ليس مجتمع الفردية‪ ،‬بل على العكس مجتمع التضامن عبر شبكية واسعة من المؤسسات‬
‫‪:‬المتعددة‪،‬سواء الرسمية أو غير الرسمية تتمثل في‬

‫تنظيمات اقتصادية‪:‬المنظمات التجارية واالنتاجية وشبكة األعمال‬


‫تنظيمات ثقافية‪:‬المؤسسات الدينية والحرفيةوالتعليمية والمعلوماتية؛‬
‫تنظيمات مهنية وتنموية‪ :‬لها إهتمام مهني وتنموي؛" تنظيمات مدنية موجهة للدفاع عن قضية ما (حماية‬
‫البيئة‪،‬حقوق اإلنسان…)[‪4‬‬
‫على مستوى التدبير المؤسساتي الترابي‪ :‬التسليم لمراكز الفعل المتعددة‪ ،‬وبالتالي صيغ التكامل‬
‫المؤسساتي ما بين الفاعلين الترابيين في التعامل الجيد مع مجموع القوى الحية المحلية حيث القطاع‬
‫الخاص‪ ،‬وجمعيات المجتمع المدني المحلي كشركاء متكاملين؛ على مستوى التدبير النوعي للسياسات‬
‫العمومية المحلية‪ :‬عبر الخروج عن تلك الرؤيا القطاعية المتصلبة‪ ،‬أو التخطيط من قبل المركز برؤيا أفقية‬
‫إلى سياسات عمومية ترابية متجانسة تراعي الخصائص والحقائق المحلية‪ ،‬تقوم على التكامل المؤسساتي‬
‫للفاعلين وتتشبع بطرح التدبير الترابي االستراتيجي‪ ،‬مجموع هاته االعتبارات تفسر لما العودة للمحلي‪ "،‬ال‬
‫‪.‬سيما في ظل التنافسية الترابية‬
‫وهنا نجد البعد التفاعلي ما بين الحكامة المحلية والالمركزية‪ "،‬من خالل إعطاء بعد تحديثي لمنطق تصريف‬
‫الشأن العام المحلي‪ ،‬عبر الدعوة للتكامل المؤسساتي ما بين مراكز الفعل المتعددة من جهة‪ ،‬ومن خالل‬
‫بعث نظام قيمي يدكي المبادرة المحلية‪ ،‬ويوسع هامش القدرة على الترافع أو التفاوض من جهة أخرى‪،‬‬
‫وذلك قصد تكامل األدوار والمسؤوليات‬

‫ومن خالل كل ما سبق فمؤسسات المجتمع المدني باإلضافة إلى كون أنها تأخذ على عاتقها إستعاب طاقات‬
‫المجتمع وتبلور كفاءاته وقدراته‪ ،‬فهي تساهم في معالجة المشكالت التي يمر منها المجتمع‪ ،‬ومن ثم ترفع‬
‫معدالت التنمية البشرية المستدامة‪ ،‬فكلما كان الفرد منخرطا في قضايا المجتمع المدني كما ارتفعت‬
‫معدالت التنمية داخله بيد أنه ال يكفي خلق عدد من جمعيات المجتمع المدني يقدر ما ينبغي الحرص على‬
‫‪ .‬أن تساهم هذه الجمعيات في تجسيد وبلورة المساهمة الفاعلة في السياسات العمومية[‪]7‬‬
‫من هنا تجدر اإلشارة حتى يكون هذا المجتمع المدني فاعال حقيقيا في التنمية الشاملة‪ ،‬يجب أن تكون له‬
‫المقومات والمؤهالت ليصبح مشاركا فعليا في البرامج التنموية‪ ،‬وهذا ال يتحقق إال من خالل عقلنته وتأهيله‬
‫‪.‬حتى يصبح شريكا حقيقيا ومنتج فعليا‬

‫المحور التاني‪  :‬المجتمع المدني و مسألة حماية البيئة‬


‫إن المجتمع المدني بحكم قربه من السكان والتصاقه اليومي بقضايا المجتمع والبيئة وما تعرفه من مشاكل‬
‫كمعضلة تدبير الموارد المائية يشكل بذلك قوة اقتراحية أو أداة ضغط على السلطات العمومية لحثها على‬
‫اتخاذ التدابير والتشريعات والسياسات الالزمة والتي تحتم قضايا المجتمع والبيئة سواء من خالل توعيتها‬
‫بخطورة المشاكل ا أو عبر الضغط عليها بكل الوسائل الممكنة لثنيها عن عدم اإلقدام على اتخاذ سياسات‬
‫اقتصادية أو تنموية ال تخدم البيئة وتلحق أضرار بليغة باألوساط الطبيعية والنظم البيئية خاصة منظومة‬
‫الموارد المائية‬
‫كما أن المجتمع المدني أصبح اليوم من أهم المداخل لترسيخ الحكامة البيئية بتدبير معقلن وفعال‬
‫للثروات الطبيعية واإليكولوجية بشكل عام‪ ،‬كما أنه يواجه كل الممارسات المخالفة للقانون من‬
‫أي جهة كانت تشريعية أو تنفيذية أو قضائية حيث يستطيع إبداء رأيه وتنبيه السلطات إلى وجود‬
‫حاجات تحتاج إلى إشباع أو وجود اختالالت تحتاج إلى معالجة وإلى إدراجها ضمن برامج‬
‫الدولة سواء على المستوى المحلي أوالوطني‪ ،‬ما يقوم به المجتمع المدني من نشر ثقافة خلق‬
‫المبادرة الذاتية والتأكيد على إرادة المواطنين والمساهمة الفعالة في تحقيق التحوالت‬
‫الكبرى للمجتمع‪ ،‬مما يواجهه في تفعيل وتنظيم السياسات التي تؤثر في مصير أفراده‬
‫‪[8].‬‬
‫كما ال أحد ينكر أهمية الجمعيات المدنية بمختلف أنواعها‪ : ‬جمعيات ثقافية ورياضية واجتماعية وسياسية‪،‬‬
‫وجمعيات بيئيةفي خدمة التنمية البشرية المستدامة ‪ ،‬فهي تقوم بتأطير األفراد مهاريا أو سلوكيا أو علميا‪،‬‬
‫ونوعية دينية وأخالقية وسياسة وإيكولوجية‪ ،‬وتغيير سلوكهم تغييرا ايجابيا‪ ،‬وتكوينهم تكوينا تخصصيا‬
‫نوعيا‪ ،‬أو تكوينا شامال وموسوعيا‪ ،‬بل تقوم هذه الجمعيات بدور تثقيفي وتنموي وتوعوي الفت للنظر‪ "،‬في‬
‫‪.‬شكل مبادرات فردية أو جماعية‬
‫كما تساهم هذه الجمعيات في تحقيق األمن واالستقرار والطمأنينة في البالد‪ ،‬لما تقوم به مهام عالجية‬
‫نفسية واجتماعية وإرشادية بغية توجيه األطفال والشباب والبالغين نحو المواطنة الصالحة‪ ،‬وقد تكون هذه‬
‫الجمعيات البيئية مدعمة أو غير مدعمة‪ ،‬لكن هدفها الوحيد هي التوعية للمواطن‪ ،‬وتكوينه تكوينا مهاريا‬
‫مفيدا‪ ،‬وتأطيره وينبغي على الجمعيات المدنية أن تهتم بالبيئة في إطار سياسة التنمية المستدامة‪ ،‬بالعناية‬
‫بالطبيعة‪ ،‬والحفاظ على الرأسمال البيئي‪ ،‬وترشيد الناس إلى كيفية التعامل مع الموارد التي يمتلكها المجتمع‬
‫والسعي نحو الحد من الثلوت الهوائي والمائي والبري‪ "،‬وتنطبق األنهار والبحار والمحيطات‪ ،‬وجمع‬
‫النفايات الصلبة‪ ،‬بالبحث عن مطارح صالحة لحرقها‪ "،‬والتخلص منها بطريقة بيئية مثلى‪ ،‬وتوعية المواطنين‬
‫‪.‬بأهمية العناية بالبيئة في البوادي والمدن[‪]9‬‬
‫لذا‪ ،‬ال يجب على الجمعيات المجتمع المدني ان تنهج نفس نهج القاربة التقليدية في العمل التنموي والبيئي‬
‫عل الخصوص‪ "،‬بل يجب تنفتح على المجتمع المحلي‪،‬وهي قادرة اكتر من أي جهاز اخر على اختراق هذا‬
‫المجتمع والتواصل معه‪ ،‬باعتبار ان الوظائف الوسائطية التي يختبرها المجتمع المدني‪ ،‬هي وظائف‬
‫سوسيولوجية يعبر من خاللها األعضاء عن انفسهم بطرق جماعية‪ ،‬ويؤسسون في فضاءاتها روابط‬
‫مكسبة‪ ،‬وليست ارثية او روابط تتوسط الهوايات الجزئية وتنسج لها شبكة تواصل عبر انتاج وإعادة انتاج‬
‫قيم جديدية‪ ،  ]10[ ‬تساهم في خلق التالحم والتضامن المجتمعي الكفيل بغرس قيم المشاركة والمواطنة في‬
‫‪.‬الحياة المحلية‬
‫وهدا كله يدفع الى تطوير المجتمع المدني في كافة المجاالت‪ ،‬وتعزيز التطور الديمقراطي وتوفير" الشروط‬
‫‪  .‬الضرورية لتعميق الممارسة الديمقراطية‬

‫‪ ‬‬

‫‪Conclusion : ‬‬
‫‪‬‬ ‫يتضح مما سبق ان مؤسسة المجتمع اصبح لها دور أساسي وريادي في التنمية المستدامة‪ ،‬من‬
‫خالل ادواره وقربه من المشاكل اليومية للسكان‪  ،‬كما تنطلق فكرة مساهمة المجتمع المدني في التنمية‬
‫المحلية من كونه أصبحت له مساهمة فعلية في العمليات التنموية على الصعيد المحلي‪ ،‬مما يؤهله ألن‬
‫يلعب دور طالئعي لالنخراط في حل مشاكل المجتمع المحلي‪ ،‬إذ أن دور مؤسسات المجتمع المدني ال‬
‫يقل عن دور القطاع العام أو الخاص في المشاركة في تحقيق التنمية المستدامة‪ ،‬فالمؤسسات المدنية‬
‫تشكل بامتياز ما يمكن أن تنعته بالرأسمال اإلجتماعي من خالل الرفع من مستوى معيشة األفراد‬
‫وتقليص حدة الفقر وتحسين مستوى الرفاه االجتماعي أيضا‪ ،‬كذلك فإن المؤسسات لها دور مماثل في‬
‫‪ .‬األهمية لدى الفاعلين األخرين‪ ،‬من خالل تبنها لمشاريع تنموية على الصعيد المحلي‬

‫لكن ورغم االعتراف القانوني لهذه المؤسسة ضمن الوتيقة الدستورية‪،‬فانها على ارض الواقع ال زالت‬
‫تتخبط في مجموعة من العراقيل منها الذاتية والموضوعية الشيء الذي يقف حاجزا منيعا دون تحقيق‬
‫األهداف المرجوة والمتمتلة بالتنمية المستدامة‪،‬فهذه المؤسسة الزالت تعيش إشكالية التمويل المشاريع‬
‫التنموية وأيضا‪،‬الضعف التكويني لدى المخرطين في مجال التنمية بكافة ابعادها الى غير ذلك من‬
‫المشاكل ‪ ،‬ناهيك عن المشاكل الذاتية المرتبطة بها مثل الصراعات الهامشية والتطاحنات وتغليب المصالح‬
‫الشخصية عن المصالح ذات النفع العام ‪،‬ولتجاوز" هذه االكراهات يجب إعادة النظر في هده المؤسسة و‬
‫تأهيلها لما يخدم الطرح العام ويساير المتطلبات التنموية‪ ،‬والعتماد على اقتراحات المجتمع المدني بدل أخد‬
‫اقتراحانه على وجه االستئناس رغم التنصيص الدستوري على ذلك‪ ،‬وفي ذلك عبرة إيجاد سياسات عامة‬
‫مبنية تقارب وجهات نظر جميع الفاعلين في عملية التنمية المستدامة‪ .‬وذلك من اجل حكامة تنموية جيدة و‬
‫مستدامة تخدم وتساعد الطرح الذي ينهجه المغرب و المتمثل في الوصل الى نموذج تنموي يتماشى و‬
‫‪ ‬تطلعات المغرب ‪ ،‬وقطع الصلة مع النموذج المتحجر المتجاوز الذي شابته عدة عيوب ونقائص‬

You might also like