Professional Documents
Culture Documents
بناء الدور المسرحي
بناء الدور المسرحي
بناء الدور المسرحي
Gشك بأننا غير ملزم 4بديهيا بالتعريف لشخصيه كوستانت 4ستانس/فسكي ،شخصية ا$خرج
العم/ق الذي يقف أمامنا واحدا من أعمدة ا$سرح الغربي الحديث ،تلك الشخصية التي وضعت حجر
اgساس تقريبا لوظيفة ا$خرج في ا$سرح باعتباره أستاذ ومعلم فن التمثيل أو ، Gقبل اعتباره فقط
صاحب الشكل أو الرؤيا ا$نظرية التي تهالك إليها فن اjخراج مؤخرا..
وسواء كنا على اتفاق مع منهج ستانس/فسكي أو كنا مختلف 4معه ،فان اgمانة العلمية تقتضي
ضرورة التعرض إليه عرضا أمينا غير مخل ،خاصة إذا علمنا أن ما قد وصلنا من تراث ستانس/فسكي
العظيم ليس سوى شذرات Gتقاس بالنسبة إلى حجم ما خلفه من آثار وكتابات يكفى لبيان ضخامتها أن
نعلم أن اللجنة اgكاديمية ا$شرفة على تراث ستانس/فسكي في اGتحاد السوفيتي قد عملت على نشرة
كام /في ثمانية مجلدات كبيرة ..غير أن هذه ا$ادة الضخمة قد غابت في معظمها عن أيدي وعيون
الباحث 4وا$سرحي 4العرب ،وبخاصة أولئك العارف 4باللغة الروسية ممن انهوا دراساتهم العليا بمعاهد
الفن السوفيتي وعادوا إلينا يحملون الدكتوراه خ/ل اgربع 4سنة ا$اضية!..
* كوستانت cسيرجيفيتش ستانس1فسكي ) موسكو 5أو 17يناير 1863ـ 7أغسطس :(1938
هو ا$مثل الروسي ،وا$خرج ،وا$علم ا$سرحي ،ومؤسس ومدير مسرح موسكو الفني ،والحائز على
لقب فنان الشعب )باGتحاد السوفيتي( ،1936وهو مفكر عظيم ومنظَر مسرحي .وقد Gترتبط الواقعية
كاتجاه في الفن ا$سرحي بكاتب ،أو مخرج ،من رجال ا$سرح الحديث )مسرح القرن العشرين( مثلما
ترتبط باسم ستانس/فسكي ،وطريقته ،أو منهجه في الواقعية السيكولوجية .فهو أكثر من حققوا عن
جدارة صفة العا$ية بصورة عملية ،وليس مجرد لقب يضيفه إلى اسمه مواطنوه أو معجبوه افتخارا .واgمر
الهام هنا هو أن ستانس/فسكي حاز مكانته تلك ليس بسبب عروضه التجريبية الرائعة ،أو آرائه
السياسية الساخنة ،ولكن gنه كان وبحق أول معلم تمثيل حقيقي ،أي أول من امتلك طريقة أو منهجا في
تدريب ا$مثل.
للمثل
وقد كان مي/د منهج ستانس/فسكي هو خطوة مهدت لها كافة خطوات التطور السابقة ُ
الجمالية للواقعية الروسية خ/ل القرن التاسع عشر ،فقد جاء إبداع ا$نهج تأسيسا على أفضل ما في
التقاليد الفنية الروسية )تقاليد إبداع الفنان 4الروس العظام :بوشك ،4جوجول ،شبك ،4اوستروفسكي،
ل .تولستوي (..إ Gأنه يبدو أن التأثير الخاص على الصياغة الجمالية لنظرة ستانس/فسكي هو ما كان
لكتابات تشيخوف وجوركي الدرامية .وهي الواقعية التي تختلف با$رة عن الطبيعية التي كانت قد سادت
ا$سرح اgوروبي حتى ذلك الوقت ،والتي فرضت على الكل مناهضتها $ا فيها من سطحية وشكلية
فارغة ..وكما يشير ستانس/فسكي فهذه الواقعية التي يقدمها " :لم تعد هي واقعية البيئة ،أو
الصدق الخارجي السابق ،بل واقعية الصدق الداخلي في حياة النفس اiنسانية ،واقعية
ا%عايشة الطبيعية التي تتماس بطبيعتها مع مشارف ا%ذهب الطبيعي الروحي"..
في أولى مراحله الفنية كان ستانس/فسكي )ككل ا$بتدئ (4يقلد لعب العديد من ا$مثل 4الكبار،
فقد لعب في صباه عشرات اgدوار الكوميدية الغنائية الراقصة في الفودفي/ت ،واgوبرتات التي كانت
تقدمها حلقة الهواة التي كونتها عائلته ..وكان لهذا ميزة أته سرعان ما أدرك أن تقليد النماذج اgخرى
مهما يكن فإنه يقود إلى اgكليشيهات ،وأن البحث في الحياة والطبيعة هو ما يقود الفنان ـ عبر طريق
واسع ـ إلى الفن الحقيقي ا$تسع..
وهكذا قرر ستانس/فسكي رفض اgسلوب الحماسي ـ الخطابي للتمثيل من أجل مدخل أكثر
واقعية ،يركز على القواعد النفسية لتطور الشخصية ،وعلى هذا اgساس أقام منهجه/طريقته ،من خ/ل
عمله في مسرحه..مسرح الفن ) (1898في موسكو .ولكن ما هي حقيقة هذا ا$نهاج ،الذي أورثه
ستانس/فسكي ت/مذته في العالم أجمع ،وليس في روسيا وحدها..؟
يتألف ا$نهج )الذي نشرته اللجنة العلمية ا$شرفة على تراث ستانس/فسكي في ثمان مجلدات
باللغة الروسية( وفق الخطة التي وضعها ستانس/فسكي نفسه $ؤلفاته من مدخل وقسم :4ا%دخل :وهو
كتاب )حياتي في الفن( حيث يعرض فيه منطلقاته اgساسية في الفن ا$سرحي ،معتمدا على تجربته
الذاتية..
القسم الثاني :وهو كتاب )عمل ا$مثل مع الدور( أو )إعداد الدور ا$سرحي(..
هذا عدا أبحاثه وكتاباته النقدية في الفن ا$سرحي ،وفن اgوبرا ،وأيضا رسائله.
وتختلف الطريقة ،أو ا$نهج ،عن غالبية الطرق ا$سرحية السابقة عليها في كونها Gتطمح إلى دراسة
النتائج النهائية لîبداع ،ولكن إلى تفسير الدوافع ا$ؤدية إلى هذه النتائج أو تلك ..فمن خ/لها تحل
مشكلة السيطرة الواعية على العملية اjبداعية ال /واعية وتتبع خطوات عملية التجسيد العضوي التي
يجريها ا$مثل للشخصية ..وا$هم أنها لم تكن مجرد نظرية صرف بمعزل عن التجربة الكلية اjبداعية
والتعليمية لـ ستانس/فسكي نفسه ومسرحه ،وقد سماها ستانس/فسكي "فن ا%عايشة" ..و Gيعني
هذا ا$صطلح ،الذي عانى من التباسات كثيرة ،أن يفقد ا$مثل نفسه في الشخصية ،بل يعني ما أشرنا
إليه من عملية وGدة ،أو خلق ا$مثل " شخصية إنسانية جديدة ،على أساس من صفاته الفردية
الخالصة ,.أي أن يُخضع ا%مثل ذاته ،وأفكاره ومشاعره لجميع دقائق ،وخصائص إنسان
آخر"..ـ كما يقول كيدروف ـ فالصدق الذي يسعى إلى تحقيقه ا$مثل وفقا لهذه الطريقة ،ليس هو با$رة
الصدق الواقعي ،بل هو الصدق الفني " :الذي يؤمن ا%مثل بوجوده في نفسه ،وفي أذهان
وقلوب غيره من أعضاء الفرقة ..فالصدق واiيمان مت1زمان في الوجود ،وبدونهما } وجود
للعمل الخ1ق على ا%سرح"..
هكذا نجد أنفسنا ملزم 4بالتعريف $نهج ستانس/فسكي تعريفا سريعا ومختصرا ،ولكن يسبقه
فقط ،تنويه Gزم ،بالجهد الكبير الذي بذله ا$رحوم )د .شريف شاكر ( وهو ناقد مسرحي سوري اgصل
،حيث أخذ على عاتقه مهمة ترجمة وتراث ستانس/فسكي إلى العربية عن اgصل الروسي ،وليس عن
طريق الترجمات اjنجليزية ،التي وصلتنا عن طريقها الترجمات القليلة عنه! ،ولكن القدر لم يمهله
ليستكمل مشروعه الكبير ،وسوف نستع 4في هذا ا$قال بترجمته مرشدا وهاديا ،.وهناك أيضا جهد فقيد
ا$سرح العربي السوري ،ا$خرج )فواز الساجر( ،الذي اعد أطروحته للدكتوراه عن )مشك/ت العمل وفق
نظام ستانس/فسكي مع ا$مثل العربي( ..حتى نتعرف على حقيقة هذا التراث العظيم الذي أورثه
)ستانس/فسكي( ت/مذته Gفي اGتحاد السوفيتي فقط ولكن في كافه أنحاء العالم ! ؟
وسنبدأ من اللحظة التي اكتشف فيها ستانس/فسكي قصور طريقته القديمة في تدريب ا$مثل
اعتمادا على الدوافع السيكولوجية الداخلية ،وعلى طاقته الروحية ،التي تتبدى عند التطبيق العملي
شيئا غائما G ،يمكن اjمساك به ،وهى الطريقة التي مازلنا نعرف بها )ستانس/فسكي( حتى اليوم !
ففي عام 1910م وبعد انتهائه من إخراج مسرحيه )شهر في القرية( للكاتب الروسي )تورجينيف( يشير
ستانس/فسكي أول مرة إلى مشكلة الدور وبنائه بواسطة ا$مثل فيقول " :إن أهم ما توصلت إليه
في هذا العرض هو أنني تعرفت على حقيقة معروفه منذ القدم ،!.فا%مثل ليس بحاجة فقط
للعمل في إعداد نفسه ،بل وللعمل في إعداد دوره أيضا ،.وهذا مجال واسع يتطلب دراسة
خاصة ،وتقنية مستقلة" !.
وخ/ل السنوات التالية ،كان هذا ا$وضوع هو ما يشغل بال ستانس/فسكي على الرغم من
استمراره في العمل وفق اgسلوب السيكولوجي الخالص الذي اشتهر به ،وهكذا بدا يكتب إعداد الدور
ا$سرحي على أساس مسرحية )صاحب العقل يشقى( ل جريبودييف ،ثم )رواية تربوية( ،وقد توصل
ستانس/فسكي بعد هات 4ا$خطوطت 4إلى اكتشاف انه Gيمكن إخضاع ا$شاعر واgحاسيس الداخلية
للمثل $راقبة العقل وتأثيره على طريقة )أنا أريد أن احزن ..إذن ،فلتدر التروس الداخلية ! ،
ولتحترق أعصابي ، (!.فحتى لو تمت هنا معايشة من أي نوع ،فإنها غالبا ما تكون شكليه ،ضعيفة ،
Gيمكن اGعتماد عليها ،ولكن حتى في هذه ا$رحلة كان عمل ستانس/فسكي ما يزال مرتبطا بوجهة
نظره اgولية حول عمل ا$مثل ،التي لم تكن قد وصلت بعد إلى تمام نضجها ،وقد أعرب هو نفسه عن
عدم رضاه عن هذه ا$رحلة.
أما ما يعتبر انه مرحلة النضج الحقيقي في تطوير منهج ستانس/فسكي ،فهو مخطوط إعداد
الدور ا$سرحي على أساس مسرحية )عطيل( شكسبير ،..فهي هذه ا$رحلة )سنوات الث/ثينات( أدرك
ستانس/فسكي أهمية العودة لتقديم نتائج عمله السابق وتعديل منهجه بما يتفق واكتشافاته في الواقع
العملي ،التطبيقي مع ا$مثل 4فما هو هذا الجديد الذي توصل إليه ؟ والذي أصبح بمثابة نقطة التحول
في منهجه كليه ؟ وهو الذي نزعم انه الجزء الغائب عن أبدى معظم العامل 4على طريقته لدينا !؟
هذا الجديد هو )الفعل البدني ـ الفيزيولوجي( باعتباره نقطة اGنط/ق في عمليه خلق الشخصية ،
بد Gعن ا$عايشة السيكولوجية الداخلية ،التي اصبح موقعها تاليا منذ اóن ..وهو ما يعنى استجابة
ستانس/فسكي $عطيات التطور في الفن الدرامي آنذاك ،وتوافقه مع اGتجاهات ا$سرحية الجديدة التي
راحت تظهر متتابعة ،وتلقى بآثارها على كل ما هو موجود أص ، /باعتبار الشكل ا$ثالي ،داعية إلى
تغييره ،و Gننسى أن هذا كله كان يحدث في روسيا التي كانت تعيش مرحلة صاخبة من التغيير بعد
نجاح ثورة أكتوبر وتسلم الب/شفة مقاليد الحكم ، .ويكفى أن نعرف انه في عام 1927كان في روسيا
وحدها حوالي 24ألف مجموعة مسرحية تجريبية ،لها من الورش ا$سرحية وا$عامل وا$سارح ،ما لم
يكن له مثيل في غيرها من البلدان !..
وإذن فقد تخلى ستانس/فسكي عن طريقته السابقة في تحليل ا$سرحية من وراء الطاولة
)الترابيزة( واضطر إلى اللجوء إلى لغة الحركة الفعلية مباشرة على الخشبة جنبا الى جنب مع شرح
الترابيزة ،مكتشفا أهمية )اGرتجال( كقوة دافعة لخيال ا$مثل الحركي ،يمكن أن تساعده في تحليل دوره
وفهمه بشكل عميق وجدلي ! وهو ما سماه ستانس/فسكي )اiحساس الواقعي بحياة ا%سرحية
والدور( وهى الطريقة التي رأى أنها قادرة على تحليل ا$سرحية بسهولة ،باجتذابها للطبيعة العضوية ،
والقوى اjبداعية الداخلية بالتالي ،نحو اjيماء باgفعال ا$ادية والخلق الفعلي للشخصيات من اجل
اكتشاف طبيعة هذه الشخصيات وسلوكها وحقيقتها الداخلية G ،بمجرد النظر والتعبير الصوتي الزائف
،وإنما برؤيتها في مواقف فعلية ،حركية تستدعى استجابات حقيقية ،صادقة وتكشف عن ماضيها
واحتماGت سلوكها وتصرفاتها في ا$واقف ا$ختلفة ،وهكذا يتم استدعاء ا$ادة اjنسانية الحية الضرورية
لîبداع من داخل ا$مثل ،ويتضح منذ البروفات اgولى إ Gحساس بالجو العام للمسرحية ومزاجها .وكما
يقول ستانس/فسكي نفسه " :إن جميع هذه اiمكانيات اiبداعية الجديدة ،وا%همة للغاية
التي تتمتع بها طريقتي ،تجعل منها وسيلة عملية ذات فائدة كبيرة " !!
على إننا Gيجب أن نمضي إلى ابعد من هذا في الحديث عن نظرية )اgفعال( التي صورناها هنا
باعتبارها الركن اgساسي الناقص في معرفتنا بمنهج ستانس/فسكي ،قبل أن نشير إلى م/حظت4
هامت:4
أو :Gما يؤكده هذا القول الذكي لرجل ا$سرح ا$عاصر )بيتر بروك( عن النظرية بأنها )ح cتصاغ
في كلمات فانه كثيرا ما يصيبها الخلط والتشويش( .فمنهج ستانس/فسكي في النهاية عبارة
عن وحدة واحدة ،وان كان هو قد عمد كثيرا إلى بيان أجزائه كل على حدة ،لكنها أيضا Gيمكن فهمها
بمعزل عن وحدتها الكلية ،تماما مثل فكرته عن تقسيم الدور إلى أجزاء أو وحدات منفصلة ،فان تجاهل
فكرة الوحدة والفعل الكلى الذي يربط هذه اgجزاء ،يؤدى إلى ضياع م/مح الدور والى ضياع ا$مثل
نفسه ،وهذا يعنى أن ما نعرضه هنا من أسلوب عمل ستانس/فسكي في بناء الدور Gينفصل في ذاته
عن بقية منهجه في التحليل الباطني للمسرحية وعن مفاهيمه اgساسية ا$عروفة مثل الهدف اgعلى
والذاكرة اGنفعالية ،و Gعن الشروط اgساسية التي وضعها لعمل ا$مثل مع نفسه )في التجسيد اjبداعي
( :مثل الخيال ـ التركيز ـ الصدق ـ اjيمان ـ اGسترخاء ،فما نعرضها هنا يمكن أن يكون على ع/قة بكل
من هذه الشروط على حدة من ناحية ،وبها جميعا مجتمعة من ناحية أخرى ،باjضافة إلى كونه يضيف
إليها شرطا جديدا هو )الفعالية(.
ثانيا G :يمكن ونحن نتحدث عن اGرتجال وتحليل ا$سرحية واقعيا عن طريق الفعل الفيزيولوجي ،أن
نغفل اjشارة إلى أن كل ما يقدمه ا$مثل في هذا ا$جالG ،بد وان يكون مرتبطا بالدرجة اgولى بمفهوم
)الظروف ا$عطاة( ا$عروف في منهج ستانس/فسكي ،وكما ترى )نينا زفيريفا( فإن ا$خرج 4وا$مثل4
يميلون إلى اGنشغال أما بصيغ اgفعال )البحث عن أفعال لغوية طريفة( ،وإما بالبحث عن وسيلة التعبير
الخارجي ،غافل 4عن الشيء اgساسي ،أي البحث عن الدوافع الشعورية الفعالة لúفعال ،وال/زمة من
اجل تنفيذها ،.ويغفل في خضم التهافت على اgفعال ا$عبرة ،أنها يجب أن تولد من ا$جموعة ا$عقدة من
الظروف اGجتماعي ،وا$عيشة ،والجو ،والع/قات ا$تبادلة ،والشعور .والظروف ا$عطاة هي ماضي
ومستقبل الشخصيات ا$سرحية ،وهى الجو الذي تعيش فيه ،وهى النظرة إلى الحياة ،والتربية ،وا$يول
والعادات ،وأعمارها ،ومظهرها ،وهواياتها ،وع/قاتها ببعضها البعض ،وهى ذروة اgوضاع ا$فجعة أو
ا$ضحكة ،العادية أو الخارقة ،والصاخبة ،وا$تآلفة ،أو الهادئة ،والتي Gيكاد يلحظها الناس ا$حيطون
بها ،وبمعنى آخر فانه ينبغي على ا$مثل عند العمل في إعداد دوره ،أن يبرز الصراع ب " 4الوجود
القائم" لبطله ،وب 4حياته الواقعية وكيف يجب ويمكن ويريد ويسعى إلى أن يعيش.
وإذن ..يمكننا اóن العودة لتفصيل مخطط ستانس/فسكي حول "بناء الدور ا$سرحي" ،والذي
اكمل به ا$علم اgول جدران منهجه في العمل "داخليا ـ خارجيا" على خشبة ا$سرح ،وكذلك ـ وهو اgهم ـ
العمل "بشكل مبرر وهادف ومثمر"...
وحتى يكون عملنا واضحا ،وغير مخل بالكتاب اGصلى )والذى ترجمه د .شريف شاكر إلى العربية تحت
عنوان )إعداد الدور ا$سرحي( (..فإننا سنختار جزءا بأكمله منه لنعرضه مختصرا ،وهو عبارة عن
مخطوطة عمل ا$مثل في إعداد الدور حسب الطريقة الجديدة على أساس مسرحية )عطيل( ،والتي يرجح
ا$ؤرخون أنها لم تكتب قبل عام ،1937وهى الوثيقة الوحيدة في هذا ا$وضوع.
خطة العمل في إعداد الدور ا%سرحي :
1ـ التعرف اgول با$سرحية والدور عن طريق سرد سير فعل ا$سرحية سردا عاما وليس تفصيليا ،ويتم
هذا بالطبع بعد القراءة اgولى للمسرحية التي يوصى ستانس/فسكي بأهميتها ،وضرورة مراعاة
أصولها مراعاة كاملة ،تلك اgصول التي يمكن تلخيصها فيما يلي :
-التمهيد للقراءة بصورة تفصلنا عن الشيء اليومي العادي ،وتركز انتباهنا كله على ما نقرا ) Gأن
نقراها في أي مكان وكيفما اتفق(!...
ـ ضرورة أن نكون نشيط 4لحظة القراءة ،سواء من الناحية الروحية أو الجسمانية ،بصورة Gيعيق معها
شئ عمل الحدس أو حياة ا$شاعر .
ـ قراءة ا$سرحية قراءة تقريرية ،بسيطة ،مفهومة ..دون استخدام أي تعبير فني ساطع ،ولكنها قراءة
تكشف في الوقت نفسه عن إدراك حقيقي لجوهر ا$سرحية اgساسي ،وخطة تطورها الرئيسي ،
وميزاتها اgدبية .
2ـ أداء سير الفعل الظاهري )الخارجي( حسب اgفعال البدنية )الحركية (...
على سبيل ا$ثال يدخل ا$مثل إلى غرفة .؟ ،طبعا Gيمكنه الدخول هكذا وبصورة صحيحة إذ كان G
يعرف من أين ؟ والى أين ؟ و$اذا ؟ ولذلك فقد يسال ا$مثل عن الوقائع الخارجية ا$باشرة )ا$ادية( التي قد
تبرر أفعاله ،وهكذا يجرى تبرير اgفعال الفيزيولوجية ا$باشرة ،بالظروف ا$قترحة الظاهرية وا$باشرة
أيضا ،على أن يتم اختيار هذه اgفعال من ا$سرحية نفسها ،وما Gيكفى يمكن ابتكاره من روح
وجدت أنا )اÑن( )اليوم ( )هنا(
ُ ا%ؤلف .وا$هم هو اjجابة على السؤال :ماذا يمكنني أن افعل إذا
..في ظروف مشابهة لظروف الدور.
3ـ القيام بدراسات تجريبية على ا$اضي وا$ستقبل )فالحاضر هو ا$شهد نفسه( من أين جئت ؟ والى
أين اذهب ؟ وماذا حدث ب 4الذهاب وا$جيء ؟
4ـ سرد اgفعال الفيزيولوجية وقصة ا$سرحية سردا تفصيليا اكبر ،من جانب ا$مثل ، 4وتحت إشراف
ا$خرج ،وفى هذه الخطوة يجرى تدقيق الظروف ا%قترحة ،وكلمة لو بصورة تفصيلية اكثر عمقا.
6ـ يتم تحديد خط الفعل ا$تصل التقريبي )وا$ادي( على أساس ا$ادة ا$تلقاه من النص ،.
7ـ ومن اجل تحديد خط الفعل ا$تصل G ،بد من اللجوء إلى تقسيم الدور إلى أجزاء فيزيولوجية كبيرة ...
فيكون السؤال هو :ما هي اgفعال الفيزيولوجية/البدنية الكبيرة التي Gوجود للمسرحية بدونها !؟
8ـ أداء هذه اgفعال )اgجزاء ( الفيزيولوجية على نفس اgساس :ماذا يمكنني أن افعل "لو"...
9ـ إذا كانت اjحاطة بالجزء الكبير متعذرة ،يمكن التقسيم إلى أجزاء متوسطة ،وإذا احتاج اgمر إلى
أجزاء اصغر نوجدها.
ملحوظة :تجرى دراسة طبيعة اgفعال الفيزيولوجية باستخدام أدوات متخيلة ،..ويراعى الحرص على
منطق الترابط ب 4اgجزاء الكبيرة ومكوناتها مراعاة دقيقة توحدها في أفعال كبيرة تامة.
10ـ وضع خط منطقي مترابط لúفعال الفيزيولوجية مترابط لúفعال الفيزيولوجية الظاهرية ،.يسجل هذا
ويتم تثبيته با$مارسة ..فيؤدى هذا الخط عددا اكبر من ا$رات ،ويثبت بقوه بعد التحرر من كل ما هو زائد
فيه ،ولتحذف منه % 95ـ لو احتاج اgمر ـ لنصل إلى الصدق واjيمان ،.فان منطق اgفعال
الفيزيولوجية وترابطها يوص/ن إلى الصدق والى اjيمان بهذا الصدق )وهذا بالطبع غير طريقة الصدق
في سبيل الصدق !(
11ـ يجرى تدعيم ا$نطق والترابط ب 4اgجزاء وكذا تدعيم الصدق واjيمان في الحالة ا$ذكورة )هنا ـ
اليوم ـ اóن ( وتوطيد ذلك كله توطيدا اكبر .
12ـ نجاح هذه الخطوات كلها يؤدى إلى خلق حاله " أنا موجود " ..وحيثما توجد مثل هذه الحالة ،توجد
الطبيعة العضوية وعقلها الباطن.
13ـ كنا نؤدي حتى اóن بكلماتنا الخاصة ،فلنبدأ بقراءة النص جماعية اون..فا$مثل سيلقى اóن من
النص كلمات وجمل معينة يكون في أمس الحاجة إليها ،تدهشه بدقتها ،فليسجلها ويدخلها إلى نص
الدور ب 4كلماته الخاصة والعفوية التي تخلقت حتى اóن..
14ـ بعد مرور وقت قصير تجرى القراءة الثانية ،والثالثة ،.مصحوبة بتسجي/ت أخرى لكلمات جديده ،
تدخل في نص الدور العفوي ال/إرادي ،وهكذا بالتدريج ،في البداية بمساحات منفصلة ،ثم بمراحل
طويلة كاملة ،تم úفيها كلمات ا$ؤلف الدور ،.و Gيبقى بعد ذلك سوى ممرات ووص/ت صغيرة سرعان ما
تمتلئ هي اgخرى بنص ا$سرحية تبعا jحساس ا$مثل باgسلوب واللغة والعبارة.
15ـ يحفظ النص ويثبت ..ولكن يجب أ Gيلفظ بصوت عال ،حتى Gيفسح مجا Gللثرثرة اóلية ،والت/عب
اللفظي )وهو ما يحدث لدينا في البروفات اgولى مباشرة ـ !.. (.وا$يزانس 4أيضا ُ Gيثبت حتى Gيفسح
ا$جال Gتحاد خط ا$يزانس 4مع خط الثرثرة اóلية.
16ـ يعاد أداء خطوط اgفعال ا$نطقية ا$ترابطة ،بالصدق ،واjيمان بهذا الصدق ،وتأكيد حالة )أنا
موجود( والطبيعة العضوية للممثل وعقلها الباطن ،ويكرر هذا لفترة طويلة حتى يتم توطيدها بقوة مع نص
الدور ،فهكذا تتولد أثناء تبرير اgفعال ،بصوره تلقائية ،ظروف مقترحه اكثر دقه ،وينشا خط للفعل
ا$تصل اكثر عمقا واتساعا وشمو.. G
17ـ وأثناء هذا العمل يستمر سرد مضمون ا$سرحية بصورة تفصيلية اكبر فاكبر ،ويبرر تدريجيا
بصورة غير ملحوظة خط اgفعال الفيزيولوجية بظروف مقترحه سيكولوجية معمقه ،وبخط فعل متصل ،
وبمهمة عليا.
18ـ اGستمرار في أداء ا$سرحية حسب الخطوط ا$قررة ،والتفكير بكلمات النص واستبدالها أثناء
اgداء بالنبرات !
19ـ اóن وقد تحددت معالم الخط الداخلي الصحيح من خ/ل عمليه تبرير الخط الفيزيولوجي الظاهري
وغيره من الخطوط ،فانه ينبغي تقويه هذا الخط الداخلي ،حتى يصبح النص ا$نطوق خاضعا له ف/
يصبح نصا آليا..
20ـ يستمر أداء ا$سرحية بالنبرات ،وفى الوقت نفسه العمل على تأكيد خط ما وراء النص الداخلي .
21ـ يعاد السرد $ضمون ا$سرحية ،ولكن بكلمات ا$مثل الخاصة :
أ ـ حول خط الفكرة
ب ـ حول خط الرؤيا.
فيشرح كل ممثل لزميله هذين الخط ، 4من اجل خلق خط داخلي عام )جماعي( للفعل ،وهذه الخطوط
اgساسية $ا وراء نص الدور Gبد من توطيدها بقوة اكبر وتعميقها.
22ـ تتم الخطوة السابقة على الطاولة ،ثم يقرأ ا$مثلون نص ا$ؤلف وهم جالس) 4أياديهم تحت مؤخراتهم
حتى Gتتحرك( معبرين فيما بينهم ،بدقه قصوى عن جميع الخطوط ،عن اgفعال والتفصي/ت ووحدة
الدور التي تمت صياغتها.
23ـ تتكرر هذه العملية مع تحرير اليدين والجسم وبعض اGنتقاGت وا$يزانسينات العرضية على خشبة
ا$سرح.
24ـ صياغة خط الديكور وإقرارها..حيث يسال كل ممثل عن ا$كان الذي يفضل أن يكون فيه ،ويضع كل
ممثل تصوره ،ثم من جميع التصورات التي يضعها ا$مثلون يتم وضع تصور )خطة( الديكور !
25ـ صياغة ا$يز انس 4وتمديده ..حيث يجرى ترتيب خشبة ا$سرح وفق خطة الديكور ،ويسال ا$مثل
عند دخوله مث :/أين يمكنك أن تفصح عن حبك ؟ أو تقنع صاحبك ؟ أو تتحدث بصراحة ..الخ..؟ أين يكون
اGنتقال jخفاء ارتباكك..
وهكذا ،يبدأ ا$مثلون في تنفيذ جميع اgفعال الفيزيولوجية الضرورية حسب ا$سرحية.
26ـ التحقق من خطوط ا$كان وا$يزانس ، 4وفتح هذا الجدار أو ذاك بصورة مقصودة.
27ـ العودة إلى الطاولة وفتح عدد من اgحاديث حول الخطوط اgدبية والسياسية والفنية للمسرحية .
28ـ سمات الشخصية ..إن كل ما تم صنعه حتى اóن ،قد عمل على خلق سمات الخارجية فيجب أن
تظهر أثناء ذلك من تلقاء نفسها ،ولكن ماذا نفعل إذا لم تظهر السمات الخارجية؟...
في هذه الحالة علينا أن نقوم بكل ما تم صنعه ولكن في حاله عرج ما ،أو في حاله كون اللسان به عيب ،
أو في وضيعه معينة لúرجل أو اgيدي أو الجسم كله ،أو في حاله وجود عادات وتصرفات خارجية معينة
!.بمعنى انه إذا لم تتولد السمات الخارجية للشخصية من تلقاء نفسها ،فيجب تطعيمها من الخارج
مثلما نطعم غصن ليمون عادى بليمون هندي !
ـ وبعد ...
فهذا ملخص مبسط جدا لعمل ستانس/فسكي الهام حول بناء الدور ا$سرحي نورده ونحن ندرك أهمية
إعادة النظر في تراث فن التمثيل في ا$سرح ا$صري وهى مهمة مناط بها ا$خرجون بالدرجة اgولى ،
حيث قد تكدست لدينا مجموعه من التقاليد وا$فاهيم ا$غلوطة ،ا$يتة ،للتمثيل واjخراج على خشبة ا$سرح
ا$صري بداية من تقاليد البروفة اgولى ،وبروفات الترابيزه ،وانتهاء بطريقة عمل ا$يزانس ،4ووضع
تصورات الديكور وا/$بس ..وكما يقول )ستانس/فسكي( نفسه مرة أخيرة انه:
" شئ مؤلم أن يعتقد الفنانون بان فنهم اصبح مكتم ،1وان يتوقفوا عن الحركة ..ولكن
ليس اقل من ذلك باعثا على اuلم عندما ينحني الفنانون للجديد فقط %جرد كونه شيئا
جديدا"!...
---------------------------------
نُشرت للمرة اuولى بمجلة ا%سرح ا%صرية – القاهرة – العددين 25،26ديسمبر،1990
يناير1991
undefined
undefined