Professional Documents
Culture Documents
LLKK
LLKK
LLKK
َأبْو َحا ِمدْ ُم َح ّمد الغ َّزايِل ُالطويِس ْ النَي َْسابُ ْو ِر ْي ُالص ْويِف ْ الشَ افْ ِعي األ ْش َع ِر ْي ،أحد أعالم عرصه
وأحد أشهر علامء املسلمني يف القرن اخلامس الهجري 450 ،هـ 505 -هـ 1058 /م 1111 -م) .اكن
شافعي الفق ِه إذ مل يكن للشافعية يف آخر عرصه فقهي ًا وأصولي ًا وفيلسوف ًا ،واكن صو ّيف الطريق ِةّ ،
مثهَل .واكن عىل مذهب األشاعرة يف العقيدة ،وقد عُرف أكحد مؤسيس املدرسة األشعرية يف عمل
والغزايل).لُقّب
الالكم ،وأحد أصولها الثالثة بعد أيب احلسن األشعري( ،واكنوا الباقالين واجلويين ّ
الغزايل بألقاب كثرية يف حياته ،أشهرها لقب "جحّة اإلسالم" ،وهل أيض ًا ألقاب مثل :زين ادلين ،وحم ّجة
ادلين ،والعامل األوحد ،ومفيت األ ّمة ،وبركة األانم ،وإ مام أمئة ادلين ،ورشف األمئة
اكن هل أ ٌثر كبريٌ وبصم ٌة واحض ٌة يف عدّ ة علوم مثل الفلسفة ،والفقه الشافعي ،وعمل الالكم،
والتصوف ،واملنطق ،وترك عدد َا من الكتب يف تكل اجملاالت ]9[.ودل وعاش يف طوس ،مث انتقل إىل
نيسابور ليالزم أاب املعايل اجلويين (امللقّب إب مام احلرمني) ،فأخذ عنه معظم العلوم ،وملّا بلغ معره 34
مدرس ًا يف املدرسة النظامية يف عهد ادلوةل العباسية بطلب من الوزيرسنة ،رحل إىل بغداد ّ
السلجويق نظام املكل .يف تكل الفرتةـ اشهُت ر شهر ًة واسع ًة ،وصار مقصد ًا لطالب العمل الرشعي من
مجيع البدلان ،حىت بلغ أنه اكن جيلس يف جملسه أكرث من 400من أفاضل الناس وعلامهئم يسمتعون هل
ويكتبون عنه العمل ]10[.وبعد 4سنوات من التدريس قرر اعزتال الناس والتفرغ للعبادة وتربية
ابلصوفية وكتهبم ،خفرج من بغداد خفي ًة يف رحةل طويةل بلغت 11سنة ،تنقل نفسه ،متأثر ًا بذكل ّ
خاللها بني دمشق والقدس واخلليل ومكة واملدينة املنورة ،كتب خاللها كتابه املشهور إحياء علوم
ادلين خالص ًة لتجربته الروحية ،عاد بعدها إىل بدله طوس متخذ ًا جبوار بيته مدرس ًة للفقهاء ،وخانقاه
(ماكن للتع ّبد والعزةل) للصوفية.
نسبته :
والدته
الغزايل عام 450هـ املوافق ،1058يف "الطابران" من قصبة طوس ،ويه أحد قسمي ودل ّ
طوس ،وقيل بأن ّه ُودل عام 451هـ املوافق ]7[.1059وقد اكنت أرسته فقرية احلال ،إذ اكن أابه يعمل
غري أيب حامد ،وأخيه أمحد واذليـ اكن يصغره سنّ ًا. يف غزل الصوف وبيعه يف طوس ،ومل يكن هل أبناء َ
[ ]15اكن أبوه مائ ًال للصوفية ،ال يألك إال من كسب يده ،واكن حيرض جمالس الفقهاء وجيالسهم ،ويقوم
عىل خدمهتم ،وينفق مبا أمكنه إنفاقه ،واكن كثري ًا يدعو هللا أن يرزقه ابنا وجيعهل فقهي ًا ،فاكن ابنه أبو
حامد ،واكن ابنه أمحد واعظ ًا مؤثر ًا يف الناس ]16[.وملا قربت وفاة أبهيام ،وىّص هبام إىل صديق هل
متصوف ،وقال هل « :ن يل لتأسف ًا عظاميً عىل تعمل اخلط وأشهتي استدارك ما فاتين يف َودَل ّي َ
هذ ْين ّ
ِإ
فعلّمهام وال عليك أن تنفذ يف ذكل مجيع ما أخلّفه هلام» ،فلام مات أقبل الصو ّيف عىل تعلميهام حىت نفد ما
خلّفهام هلام أبوهام من األموال ،ومل يستطع الصو ّيف اإلنفاق علهيام ،عند ذكل قال هلام« :اعلام أيّن قد أنفقت
عليكام ما اكن لكام وأان رجل من الفقر والتجريد حبيث ال مال يل فأواسيكام به وأصلح ما أرى لَمكَا أن
تلجئا ىَل مدرسة أكنكام من طلبة الْعمل فَيحصل لَمكَا قوت يعينكام عىل وقتكام» ،ففعال ذكل واكن هو
ِإ
الغزايل حَي يك هذا وي ُقول« :طلبنا الْعمل لغري هللا فأىب أن يكون اّل هلل»
ّ السبب يف علو درجهتام ،واكن
ِإ
تعلميه
ابتدأ طلبه للعمل يف صباه عام 465هـ،فأخذ الفقه يف طوس عىل يد الشيخ أمحد الراذاكين ،مث
رحل إىل جرجان وطلب العمل عىل يد الشيخ اإلسامعييل (وهو أبو النرص اإلسامعييل حبسب اتج
ادلين السبيك ،بيامن يرى الباحث فريد جرب أنه إسامعيل بن سعدة اإلسامعييل وليس أاب النرص ألنه تويف
سنة 428هـ قبل والدة الغزايل)،وقد علّق عليه التعليقة (أي ّدون علومه دون حفظ وتسميع) ،ويف
طريق عودته من جرجان إىل طوس ،واهجه ّقطاع طرق ،حيث يروي الغزايل قائ ًال« :قطعت علينا
الط ِريق وأخذ الع ّيارون مجيع ما معي ومضوا فتبعهتم فالتفت ّإيل مقدّ همم وقال :ارجع وحيك و ال هلكت!
فقلت هل :أسأكل ابذلي ترجو السالمة منه أن ترد عيل تعليقيت فقط مفا يه بيشء تنتفعون ِإبه .فقال يل:
وما يه تعليقتك :فقلت :كتبت يف تكل اخملالة هاجرت لسامعها وكتابهتا ومعرفة علمها .فضحك وقال:
كيف تدّ عي أن ّك عرفت علمها وقد أخذانها منك فتجردت من معرفهتا وبقيت بال عمل؟ مث أمر بعض
أحصابه فسمّل ّيل اخملالة».بعد ذكل ّقرر الغزايل الاشتغال هبذه التعليقة ،وعكف عليه 3سنوات من
ِإ
470هـ إىل 473هـ حىت حفظها.
الغزايل إىل نيسابور والزم مام احلرمني أبو املعايل اجلويين (إمام
ويف عام 473هـ رحل ّ
ِإ
الشافعية يف وقته ،ورئيس املدرسة النظامية) ،فدرس عليه خمتلف العلوم ،من فقه الشافعية ،وفقه
اخلالف ،وأصول الفقه ،وعمل الالكم ،واملنطق ،والفلسفة ،وجدّ واجهتد حىت برع وأحمك لك تكل
العلوم ،ووصفه شيخه أبو املعايل اجلويين بأنه« :حبر مغ ِدق».واكن اجلويين يُظهر اعزتازه ابلغزايل ،حىت
جعهل مساعد ًا هل يف التدريس ،وعندما ألف الغزايل كتابه "املنخول يف عمل األصول" قال هل اجلويين:
صربت حىت أموت؟ َ يح ،هاّل
«دفنتين وأان ّ
تدريسه ورحالته
عندما تُويف أبو املعايل اجلويين سنة 478هـ املوافق ،1085خرج الغزايل إىل "العسكر" أي
"عسكر نيسابور" ،قاصد ًا للوزير نظام املكل (وزير ادلوةل السلجوقية) ،واكن هل جملس جيمع العلامء،
فناظر الغزايل كبار العلامء يف جملسه وغلهبم ،وظهر الكمه علهيم ،واعرتفوا بفضهل ،وتلقوه ابلتعظمي
والتبجيل.اكن الوزير نظام املكل زمي ًال للغزايل يف دراسته ،واكن هل األثر الكبري يف نرش املذهب
الشافعي فقه والعقيدة األشعرية السنّية ،وذكل عن طريق تأسيس املدارس النظامية املشهورة .وقد
قبل الغزايل عرض نظام املكل ابلتدريس يف املدرسة النظامية يف بغداد ،واكن ذكل يف جامدى األوىل
عام 484هـ املوافق ،1091ومل يتجاوز الرابعة والثالثني من معره
الغزايل يف بغداد
وصل الغزايل إىل بغداد يف جامدى األوىل سنة 484هـ،يف أايم اخلليفة املقتدي بأمر هللا
ودرس ابملدرسة النظامية حىت ُأجعب به الناس حلسن الكمه وفصاحة لسانه وكامل أخالقه. العبايسّ ،
وأقام عىل التدريس وتدريس العمل ونرشه ابلتعلمي والفتيا والتصنيف مدّة أربعة سنوات ،حىت اتسعت
شهرته وصار يُش ّد هل ّالرحال ،ولُقّب يومئ ٍذ بـ "اإلمام" ملاكنته العالية أثناء التدريس ابلنظامية يف
يدرس أكرث من 300من الطالب يف بغداد،ولقّبه نظام املكل بـ "زين ادلين" و"رشف األمئة".واكن ّ
الفقه وعمل الالكم وأصول الفقه،وحرض جمالسه األمئة الكبارـ اكبن عقيل وأيب اخلطاب وعبد القادر
اجليالين وأيب بكر بن العريب،حيث قال أبو بكر بن العريب« :رأيت الغزايل ببغداد حيرض درسه أربعامئة
عاممة من أاكبر الناس وأفاضلهم يأخذون عنه العمل»،
اهنمك الغزايل يف البحث والاستقصاء والر ّد عىل الفرق اخملالفة جبانب تدريسه يف املدرسة
النظامية ،فألّف كتابه "مقاصد الفالسفة" يبنّي فيه مهنج الفالسفةّ ،مث نقده بكتابه "هتافت الفالسفة"
هماجامً الفلسفة ومب ّين ًا هتافت مهنجهم ّمث تص ّدى الغزايل للفكر الباطين (ومه اإلسامعيلية) اذلي اكن
منترش ًا يف وقته واذليـ أصبح الباطنيون ذوو ّقوة سياسية،حىت أهّن م قد اغتالوا الوزير نظام املكل عام
485هـ املوافق ،1091وتُويف بعده اخلليفة املقتدي بأمر هللا ،فلام جاء اخلليفة املستظهر ابهلل طلب
من الغزايل أن حيارب الباطنية يف أفاكرمه ،فألّف الغزايل يف الر ّد علهيم كتب "فضاحئ الباطنية" و"جحّة
احلق" و"قوامص الباطنية
رحةل الغزايل
بعد خوض الغزايل يف علوم الفلسفة والباطنيةَ ،ع َكف عىل قراءة ودراسة علوم الصوفية،
وحصب الشيخ الفضل بن محمد الفارمذي (اذلي اكن مقصد ًا للصوفية يف عرصه يف نيسابور ،وهو تلميذ
أبو القامس القشريي).
فتأثر الغزايل بذكل ،والحظ عىل نفسه بعده عن حقيقة اإلخالص هلل وعن العلوم احلقيقية
النافعة يف طريق اآلخرة ،وشعر أن تدريسه يف النظامية ميلء حبب الشهرة وال ُع ُجب واملفاسد ،عند
ذكل عقد العزم عىل اخلروج من بغداد ،يقول عن نفسه:
مث الحظت أحوايل ،فإذا أان منغمس يف العالئق ،وقد أحدقت يب أبو حامد الغزايل
من اجلوانب ،والحظت أعاميل -وأحسهنا التدريس والتعلمي -فإذا أان فهيا مقبل عىل علوم غري هممة،
وال انفعة يف طريق اآلخرة .مث تفكرت يف نييت يف التدريس ،فإذا يه غري خالصة لوجه هللا لكمة تعاىل.
،pngبل ابعهثا وحمركها طلب اجلاه وانتشار الصيت ،فتيقنت أين عىل شفا جرف هار ،وأين قد
أشفيت عىل النار ،إن مل أشتغل بتاليف األحوال ..فمل أزل أتردد بني جتاذب شهوات ادلنيا ،ودواعيـ
اآلخرة ،قريب ًا من ستة أشهر أولها رجب سنة 488هـ .ويف هذا الشهر جاوز األمر حد الاختيار إىل
الاضطرار ،إذ أقفل هللا عىل لساين حىت اعتقل عن التدريس ،فكنت أجاهد نفيس أن أدرس يوم ًا
واحد ًا تطييب ًا لقلوب اخملتلفة إيل ،فاكن ال ينطق لساين بلكمة واحدة وال أستطيعها البتة .مث ملا
أحسست بعجزي ،وسقط ابللكية اختياري ،التجأت إىل هللا التجاء املضطر اذلي ال حيةل هل ،فأجابين
اذلي جييب املضطر إذا دعاه ،وسهل عىل قليب اإلعراض عن اجلاه واملال واألهل والودل واألحصاب
أبو حامد الغزايل
.
فاكن خروجه من بغداد يف ذي القعدة سنة 488هـ ،وقد ترك أخاه أمحد ّ
الغزايل ماكنه يف
التدريس يف النظامية يف بغداد .وقد خرج إىل الشام قاصد ًا اإلقامة فهياُ ،مظه َِر ًا أنه متّجه إىل مكة ّ
للحج
حذر ًا أن يعرف اخلليفة فمينعه من السفر إىل الشام.فوصل دمشق يف نفس العام،ومكث فهيا قرابة
السنتني ال شغل هل إال العزةل واخللوة ،واجملاهدة ،اشتغا ًال بزتكية النفس ،وهتذيب األخالق .فاكن
يعتكف يف مسجد دمشق ،يصعد منارة املسجد طول الهنار ،ويغلق عىل نفسه الباب،واكن يكرث
اجللوس يف زاوية الشيخ نرص املقديس يف اجلامع األموي واملعروفة اليوم بـ "الزاوية الغزالية" نسب ًة
إليه.بعد ذكل رحل الغزايل إىل القدس واعتكف يف املسجد األقىص وقبة الصخرة .مث ارحتل وزار
مدينة اخلليل يف فلسطني ،وما لبث أن سافر إىل مكة واملدينة املنورة ألداء فريضة احلج ،مث عاد إىل
بغداد ،بعد أن قىض 11سنة يف رحلته،ألّف خاللها أعظم كتبه "إحياء علوم ادلين" ،وقد استقر أمره
عىل الصوفية.
وحبسب اتج ادلين السبيك وابن اجلوزي وغريهام،ـ فإن الغزايل خرج أو ًال من بغداد إىل احلج
سنة 488هـ ،مث عاد مهنا إىل دمشق فدخلها سنة 489هـ ،فلبث فهيا أايم ًا ،مث تو ّجه إىل القدس،
جفاور فهيا مدّ ة ،مث عاد وبقي يف دمشق معتكف ًا يف جامعها ،مث رحل وزار اإلسكندرية يف مرص،
واس ّمتر جيول يف البدلان ويزور املشَ اهد َويَطوف عىل املساجد حىت عاد إىل بغداد للتدريس فهيا
الغزايل عىل العودة إىل بغداد ،فاكن ذكل يف ذي بعد قرابة 11سنة من العزةل والتنقّل ،عزم ّ
القعدة سنة 499هـ،ومل يدم طوي ًال حىت أمكل رحلته إىل نيسابور ومن ّمث إىل بدله طوس ،وهناك مل
فدرس فهيا مدة يلبث أن استجاب إىل رأيـ الوزير خفر املكل للتدريس يف نظامية نيسابور مكره ًاّ ،
قليةل ،وما لبث أن ُقتل خفر ادلين املكل عىل يد الباطنية ،من مث ّ رحل الغزايل مرة أخرى إىل بدله
طابران يف طوس ،وسكن فهيا ،متخذ ًا جبوار بيته مدرسة للفقهاء وخانقاه (ماكن للتع ّبد والعزةل)
ووزع أوقاته عىل وظائف من خمت القرآن وجمالسة الصوفية والتدريس لطلبة العمل وإ دامة للصوفيةّ ،
الصالة والصيام وسائر ال ِع َبادات،كام حصّح قراءة أحاديث حصيح البخاري وحصيح مسمل عىل يد الشيخ
معر بن عبد الكرمي بن سعدويه الروايس ]31[.يروي بعض الناس حال الغزايل عند دخوهل بغداد أول
مرة ،وحال دخوهل إايها بعد رحلته ،فعن أيب منصور الرزاز الفقيه ،قال« :دخل أبو حامد بغداد،
فقومنا ملبوسه مخسة عرش فقومنا ملبوسه ومركوبه مخسامئة دينار .فل ّما تزهد وسافر وعاد إىل بغدادّ ،
ّ
قرياط ًا» وعن أنورشوان (واكن وزير ًا للخليفة) أنه زار الغزايل فقال هل الغزايل« :زمانك حمسوب عليك
وأنت اكملستاجر فتوفرك عىل ذكل أوىل من زايريت» خفـرج أنورشوان وهو يقول« :ال إهل إال هللا ،هذا
اذلي اكن يف أول معره يسزتيدين فضل لقب يف ألقابه ،اكن يلبس اذلهب واحلرير»
وفاته
الغزايل إىل طوس ،لبث فهيا بضع سنني ،وما لبث أن تُويف يوم االثنني 14بعد أن عاد ّ
جامدى اآلخرة 505هـ ،املوافق 19ديسمرب 1111م ،يف "الطابران" يف مدينة طوس،ومل يعقب إال
البنات .روى أبو الفرج بن اجلوزي يف كتابه "الثبات عند املامت" ،عن أمحد (أخو الغزايل)« :ملا اكن
يوم اإلثنني وقت الصبح توضأ أيخ أبو حامد وصىّل ،وقالّ :
"عيل ابلكفن" ،فأخذه وقبّهل ،ووضعه عىل
عينيه وقال" :مسع ًا وطاعة لدلخول عىل املكل" ،مث م ّد رجليه واستقبل القبةل ومات قبل اإلسفار».
وص .فقال« :عليك ابإلخالص» فمل يزل يكررها حىت وقد سأهل قبيل املوت بعض أحصابه ،:فقالوا هل :أ ِ
مات]20[.
من لك يَح ّ َع ِظمي الْقدر أرشفه بَىَك عىل جحَّة ا ْساَل م ِحني ثوى
عىل أيب َحا ِمد اَل َح يعنفه فَ َما ملن ميرتي يِفِإْل هللا عربته
فالطرف تسهره وادلمع تزنفه ِتكْل َ الرزية تستويه قوي جدلي
َو َما هَل ُ ُشهْب َة يِف الْعمل تعرفه فَ َماهل خهل يِف ّالزهْد تنكره
من اَل ن َِظري هَل ُ يِف النَّاس خيلفه مىض فأعظم َم ْف ُقود جفعت ِب ِه
وقال فيه أيض ًا القايض عبد املكل بن أمحد بن َحم ّمد بن امل َعاىف:
فَىت مل يوال الْحق من مل يواهل بَ َك ْيت بعيين وامج الْقلب واهل
َوقلت جلفين واهل َّمث واهل وسيبت دمعا َطال َما قد َحبسته
صدى ادلّ ين َوا ْساَل م وفْق مقاهل َأاَب َحا ِمد ُمحي الْ ُعلُوم َومن ب َ ِقي
ِإْل
كتبه و فلسفته ( تفاهة الفالسفه )
اكنت الفلسفة يف عرص أيب حامد الغزايل قد أثرت يف تفكري الكثريين من أذكياء عرصه
وسلوكهم ،وأدىـ ذكل إىل التشكيك يف ادلين اإلساليم والاحنالل يف األخالق ،والاضطراب يف
السياسة ،والفساد يف اجملمتع.فتصدّى أبو حامد الغزايل هلم بعد أن عكف عىل دراسة الفلسفة ألكرث من
سنتني ،حىت استوعهبا وفهمها ،وأصبح كواحد من كبار رجالها ،يقول عن نفسه« :مث إين ابتدأت بعد
الفراغ من عمل الالكم بعمل الفلسفة ،وعلمت يقين ًا أنه ال يقف عىل فساد نوع من العلوم ،من ال يقف
عىل منهتى ذكل العمل ،حىت يساوي أعلمهم يف أصل ذكل العمل ..فشمرت عن ساق اجلد يف حتصيل
ذكل العمل من الكتب ..مث مل أزل أواظب عىل التفكر فيه بعد فهمه قريب ًا من سنة أعاوده وأردده وأتفقد
غوائهل وأغواره ،حىت َّاطلعت عىل ما فيه من خداع ،وتلبيسـ وحتقيق وختييل ،واطالع ًا مل أشك
فيه»،وألّفـ يف ذكل كتابه "مقاصد الفالسفة" مب ّين ًا مهنجهم .مث بعد ذكل وصل إىل نتيجته قائ ًال« :فإين
رأيهتم أصناف ًا ،ورأيت علوهمم أقسام ًا ومه -عىل كرثة أصنافهم -يلزهمم ومصة الكفر واإلحلاد ،وإ ن اكن
بني القدماء مهنم واألقدمني ،وبني األواخر مهنم واألوائل ،تفاوت عظمي ،يف البعد عن احلق والقرب
منه».
تناول الغزايل الفلسفة ابلتحليل التفصييل ،وذكر أصنافهم وأقساهمم ،وما يستحقون به من
التكفري حبسب رأيه ،وما ليس من ادلين ،بذكل اع ُترب الغزايل أول عامل ديين يقوم هبذا التحليل العلمي
للفلسفة ،وأول عامل ديين يصنّف يف علوهمم التجريبية النافعة ،ويعرتف بصحة بعضها.إذ ّقسم الغزايل
علوم فالسفة اليوانن إىل العلوم الرايضية ،واملنطقيات ،والطبيعيات ،واإللهيات ،والسياسات،
واألخالقيات ،واكن أكرث انتقاد الغزايل وجهومه عىل الفالسفة ما يتعلق ابإللهيات ،إذ اكن فهيا أكرث
أغاليطهم حبسب الغزايل ،وقد كفّر[؟] الغزايل فالسفة اإلسالم املتأثرين ابلفلسفة اليواننية يف 3
مسائل ،وبدّعهم يف 17عرش مسأةل ،وألّف كتا ًاب خمصوص ًا للرد علهيم يف هذه ال 20مسأةل ّمساه
"هتافت الفالسفة"،وفيه هامج الفالسفة بشلك عام والفالسفة املسلمون بشلك خاص ،وخاصة ابن
سينا والفارايب[؟]ـ فقد هامجهم جهوم ًا شديد ًا ،ويُقال إنه قىض عىل الفلسفة العقالنية يف العامل العريب،
منذ ذكل الوقت ولعدة قرون متواصةل.جفاء بعده ابن رشد فرد عىل الغزايل يف كتابني أساسيني هام
"فصل املقال فامي بني احلمكة والرشيعة من االتصال" ،مث "هتافت الهتافت".
وحبسب الباحثني أمثال يوسف القرضاوي وعباس محمود العقاد ،فإن الغزايل يُع ّد يف كثري من
نظرايته النفس ّية والرتبوية والاجامتعية صاحب فلسفة ممتزّي ة ،وهو يف بعض كتبه أقرب إىل متثيل
رصح به كثريون من العرب فلسفة إسالمية ،وأنه فيلسوف ابلرمغ من عدم كونه يريد ذكل،وهذاـ ما ّ
والغربيني ،حىت قال الفيلسوف املشهور رينان« :مل تنتج الفلسفة العربية فكر ًا مبتكر ًا اكلغزايل»،وقد
رأى كثري من علامء املسلمني قدمي ًا أن الغزايل رمغ حربه للفلسفة ،مل يزل متأثر ًا هبا ،حىت قال تلميذه أبو
بكر بن العريب« :شيخُنا أبو حامد :بَلَ َع الفالسف َة ،وأرادـ أن يتقيَّأمه مفا استطاع
هتافت الفالسفة
هو كتاب اإلمام الغزايل .اعترب البعض هذا الكتاب رضبة ملا وصفه البعض ابستكبار الفالسفة
وادعاهئم التوصل إىل احلقيقة يف املسائل الغيبية بعقوهلم ،أعلن الغزايل يف كتابه هتافت الفالسفة فشل
الفلسفة يف إجياد جواب لطبيعة اخلالق ورصح أنه جيب أن تبقى مواضيع اهامتمات الفلسفة يف املسائل
القابةل للقياس واملالحظة مثل الطب والرايضيات والفكل واعترب الغزايل حماوةل الفالسفة يف إدراك
يشء غري قابل لإل دراك حبواس اإلنسان منافيا ملفهوم الفلسفة أساسا .خلص الغزايل يف كتاب هتافت
الفالسفة إىل فكرة أنه من املستحيل تطبيق قوانني اجلزء املريئ من اإلنسان لفهم طبيعة اجلزء املعنوي
وعليه فإن الوسيةل املثىل لفهم اجلانب الرويح جيب أن تمت بوسائل غري فزيايئية
اكن الغزايل أول الفالسفة املسلمني اذلين أقاموا صلحا بني املنطق والعلوم اإلسالمية حني بني أن
أساسيات املنطق اليوانين ميكن أن تكون حمايدة ومفصوةل عن التصورات امليتافزييقية اليواننية .توسع
الغزايل يف هذا الكتاب يف رشح املنطق واستخدمه يف عمل أصول الفقه ،لكنه شن جهوما عنيفا عىل
الرؤى الفلسفية للفالسفة املسلمني املشائني اذلين تبنوا الفلسفة اليواننية .اعترب الغزايل حماوةل الفالسفة
يف إدراك يشء غري قابل لإل دراك حبواس اإلنسان منافيا ملفهوم الفلسفة من األساس .رد عليه الحقا ابن
رشد يف كتابه هتافت الهتافت.
ابتدأت لتحرير هذا الكتاب ،ردًا عىل الفالسفة القدماء ،مبينًا هتافت هتافت الفالسفة
عقيدهتم ،وتناقض لكمهتم ،فامي يتعلق ابإللهيات ،واكش ًفا عن غوائل مذههبم ،وعوراته اليت يه عىل
التحقيق مضاحك العقالء ،وعربة عند األذكياء .أعين :ما اختصوا به عن امجلاهري وادلهامء ،من فنون
العقائد واآلراء هتافت الفالسفة
كام و يُوحّض يف املقدمة الثالثة للكتاب أنه يتوجه به بشلك خاص إىل من ُأ ِهبر ابلفالسفة حىت ّ
ظن أن
أفاكرمه واستنباطاهتم نقية من التناقض ،ف ُيظهر تناقض مسالكهم وأدلهتم عىل معتقداهتم وهيدهما ،وهو
بذكل ال ي ّدعي تصحيح فلسفاهتم أو بناء فلسفة بديةل.
أان ال أدخل يف الاعرتاض علهيم إال دخول ُمطا ِل ٍب ُمن ِكر ،ال دخول ُمدّ عٍ هتافت الفالسفة