Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 10

‫أيام‬

‫في زاوية سيدي أحمد التجاني‬


‫رضي هللا عنه‬
‫فاس‪-‬المغرب‬
‫الفضيلة العارف باهلل تعالى‬
‫سيدي الشيخ‪/‬محمد الحافظ التجاني المصرى‬
‫رمضان‪1356‬م‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫الحمد هلل‪ ،‬اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح الخاتم‪ ،‬وآله ومن وااله‪.‬‬
‫إلى سيدي أحمد أفندي عوض‪ ،‬وس‪FF‬عيد أفن‪FF‬دي‪ ،‬وش‪FF‬فيق أفن‪FF‬دي‪،‬‬
‫وفوده أفندي‪ ،‬وجميع األحباب‪.‬‬
‫س‪FF‬ادتي األحب‪FF‬اب حفظكم هللا جميع‪FF‬ا‪ ،‬الس‪FF‬الم عليكم ورحمة هللا‬
‫وبركاته‪...‬‬
‫أكتب إليكم ونحن في جوار شيخنا رضي هللا عنه‪ ،‬وض‪FF‬يافته ظ‪FF‬اهرا‬
‫وباطن‪FF‬ا‪ ،‬وقد أكرمنا هللا ف‪FF‬وق ما كنا نرجو ونحب‪ ،‬ويسر هللا األم‪FF‬ور‬
‫تيسيرا عجيبا‪.‬‬
‫وقد اجتمعنا في مراكش بسيدنا الش‪FF‬يخ النظيفي‪ ،‬وهو رجل كأنه‬
‫في ال‪FFF‬دار اآلخ‪FFF‬رة‪ ،‬ال يخ‪FFF‬رج من خلوته إال في أوق‪FFF‬ات الص‪FFF‬لوات‬
‫فيصلي بالناس ثم يدخل مباشرة‪ ،‬إال بعد العصر فإنه يق‪FF‬رأ الوظيفة ثم‬
‫‪1‬‬
‫يدخل خلوت‪FF‬ه‪ ،‬ويق‪FF‬رأ مع األحب‪FF‬اب الوظيفة بعد المغ‪FF‬رب – مباش‪FF‬رة‪-‬‬
‫مرة أخرى‪.‬‬
‫ثم يخرج من خلوته فيجلس في الزاوي‪FF‬ة‪ ،‬وينكب عليه األحب‪FF‬اب‬
‫بين طالب للدعاء‪ ،‬وبين طالب للتجديد‪ ،‬ومس‪FF‬تفهم عن مس‪FF‬ائل‪ ،‬ح‪FF‬تى‬
‫تجب العشاء فيصلي بالناس ويدخل‪ ،‬وكلما سلم أحد عليه أعطاه تمرا‬
‫من كومة من التمر وضعها بجواره‪.‬‬
‫وزرنا الفقيه الكنسوسي في ق‪FFF‬بره‪ ،‬وقد رأى الش‪FFF‬يخ رضي هللا‬
‫عن‪FF‬ه‪ ،‬ولكنه أخذ عن أص‪FF‬حابه‪ ،‬واجتمعنا بس‪FF‬يدي عم‪FF‬ار بن س‪FF‬يدي‬
‫محمود بن سيدنا رضي هللا عنه‪.‬‬
‫وسافرنا إلى دمن‪FF‬ات وهي بلد جبلي‪FF‬ة‪ ،‬وفيها نه‪FF‬ير ويكس‪FF‬وها ال‪FF‬زرع‪،‬‬
‫فمنظرها بهي جميل‪ ،‬فزرنا الفقيه الحجوجي‪.‬‬
‫ثم عدنا لمراكش ومنها إلى السطات‪ ،‬زرنا سيدي أحمد‬
‫س‪FF‬كيرج‪ ،‬وهو ي‪FF‬دعو لكم بخ‪FF‬ير‪ ،‬وأقمنا عن‪FF‬ده ثالثة أي‪FF‬ام بعد رجوعنا‬
‫من مراكش‪ ،‬كما أقمنا عنده أربعة أي‪FF‬ام قبل الس‪FF‬فر إليه‪FF‬ا‪ ،‬وهو بخ‪FF‬ير‬
‫شفانا هللا وإياه‪.‬‬
‫ثم سافرنا إلى الدار البيضاء‪ ،‬وهي ميناء على ش‪FF‬اطئ المحي‪FF‬ط‪،‬‬
‫وهى منتهى أفريقيا ومنتهى بالد المغرب‪ ،‬فمكثنا بها أسبوعا‪.‬‬
‫ثم س‪FF‬افرنا إلى الرب‪FF‬اط وتعت‪FF‬بر العاص‪FF‬مة ‪ -‬رب‪FF‬اط الفتح‪ -‬حيث‬
‫سيدي العربي بن السائح مؤلف بغية المس‪FF‬تفيد‪ ،‬وإذا قيل هنا‪ :‬س‪FF‬يدنا‪،‬‬
‫السيد ال تطلق إال على س‪FF‬يدي الع‪FF‬ربي‪ ،‬وإذا قيل‪ :‬الفقي‪FF‬ه‪ ،‬ال تطلق إال‬

‫‪2‬‬
‫على الفقيه الكنسوس‪FFF‬ي‪ ،‬وإذا قيل‪ :‬المق‪FFF‬دم‪ ،‬ال تطلق إال على س‪FFF‬يدي‬
‫محمد بن قاسم بصرى المكناسي‪.‬‬
‫وقد أكرمنا هللا ‪ -‬وهلل الحمد والمنة ‪ -‬وش‪FF‬رح ذلك يط‪FF‬ول‪ ،‬ومنه‬
‫أن س‪FF‬يدي الع‪FF‬ربي رضي هللا عنه ج‪FF‬اء في الرؤيا ألك‪FF‬بر التج‪FF‬انيين‬
‫بالرب‪FF‬اط – وهو تلمي‪FF‬ذه‪ ،‬وقد خ‪FF‬دم الفقيه الكنسوسي س‪FF‬نتين في داره‬
‫وهو صغير‪ ،‬وقد صحب سيدي العربي ‪ 16‬سنة ‪ -‬وقد جاوز المائة‪،‬‬
‫وكان عنده كأس س‪FF‬يدي الع‪FF‬ربي ال‪FF‬ذي يش‪FF‬رب فيه الش‪FF‬اي‪ ،‬ف‪FF‬أمره أن‬
‫يعطيه إلي‪ ،‬ففع‪FF‬ل‪ ،‬فالحمد هلل على ذل‪FF‬ك‪ ،‬وقد ذك‪FF‬رتكم في الم‪FF‬واطن‬
‫التي أرجو أن تكون من خير المواطن‪ ،‬إن شاء هللا تعالى‪.‬‬
‫ثم سافرنا إلى سيدي قاسم‪ ،‬ثم مكناس‪ ،‬ثم عدنا إلى فاس في يوم‬
‫الجمعة المب‪FFFF‬ارك في أول رمض‪FFFF‬ان‪ ،‬فحض‪FFFF‬رنا الهيللة في الزاوية‬
‫المباركة‪ ،‬حيث نزلنا في حج‪FF‬رة فيها‪ -‬هي الحج‪FF‬رة ال‪FF‬تي كنا فيها من‬
‫قبل‪ -‬والزاوية مألى بأولياء هللا السادة التجانيين ذوي القل‪F‬وب النقي‪F‬ة‪،‬‬
‫ال‪FF‬ذين تنطق آث‪FF‬ار التقى على ظ‪FF‬واهرهم‪ ،‬وتكس‪FF‬وهم األن‪FF‬وار الحقية‬
‫والنفوس الطاهرة الراضية المرضية‪ ،‬يجتمعون من النواحي البعي‪FF‬دة‬
‫النائية على الحب في هللا‪ ،‬وعلى ذكر هللا تبارك وتعالى‬
‫هؤالء هم الق‪FF‬وم ال‪FF‬ذين ال يش‪FF‬قى بهم جليس‪FF‬هم‪ ،‬ه‪FF‬ؤالء هم الق‪FF‬وم‬
‫الذين قلوبهم معلقة بالمساجد‬
‫وبهاء وروعة وسنــــــــــــــــــاء‬ ‫أي نور وأي تقوى وفضل‬
‫فيك يا دار الهدى والشفاء‬ ‫وجالل وبهجة وكمال‬

‫‪3‬‬
‫الحال هنا في الزاوية السامية‪ ،‬ال يش‪FF‬عر العبد إن ك‪FF‬ان في الملك‬
‫أو الملك‪FF‬وت‪ ،‬قل‪FF‬وب ن‪FF‬يرة‪ ،‬وأرواح مقدسة ط‪FF‬اهرة‪ ،‬وص‪FF‬ورة كاملة‬
‫لإلسالم في الصدر األول‪.‬‬
‫يصلي األحباب الصبح في الزاوية‪ ،‬فتمتلئ على سعتها‪ ،‬وبعد‬
‫ختام الص‪FF‬الة تق‪FF‬رأ الوظيف‪FF‬ة‪ ،‬ثم يق‪FF‬رأ موالنا الش‪FF‬يخ محمد بن عبد هللا‬
‫أحد مشهوري علماء فاس‪ ،‬وهو عالمة في المعق‪FF‬ول والمنق‪FF‬ول ـ مع‬
‫إتقانه للق‪FF‬راءات العشر وهي مما يدرسه ـ يق‪FF‬رأ الش‪FF‬فاء في الزاوية ‪،‬‬
‫فيحضر من شاء‪ ،‬وينصرف من ش‪F‬اء لعمل‪F‬ه‪ ،‬ف‪F‬إذا انتهى من ال‪F‬درس‬
‫شرع جماعة في قراءة جزء من القرآن جماعة بص‪FF‬وت واح‪FF‬د‪ ،‬ومن‬
‫األحباب من يقرأ‪ ،‬ومنهم من يستمع‪ ،‬ف‪FF‬إذا ختم‪FF‬وه انص‪FF‬رف من ش‪FF‬اء‬
‫لعمله‪ ،‬وبقي من يحب أن يذكر هللا في الزاوية‪.‬‬
‫وقبل الظهر يبدأ العالمة الفقيه الح‪FF‬اج الحسن م‪ُّ F‬‬
‫‪F‬زور في ق‪FF‬راءة‬
‫درس في الش‪FF‬مائل المحمدي‪FF‬ة‪ ،‬وهو العالمة الفاضل ذو الفهم والحفظ‬
‫وحسن األداء والمحاض‪FFF‬رة‪ ،‬ثم نص‪FFF‬لي ص‪FFF‬الة الظهر ‪،‬ثم يق‪FFF‬رؤون‬
‫جزءا ً من القرآن جماعة بصوت واحد‪.‬‬
‫ثم يصلي العصر‪ ،‬ثم يقرؤون هذا الجزء مرة أخرى ‪،‬ثم يقرؤون‬
‫أورادهم ‪،‬ثم ينص‪FFFFFFF‬رف من يريد االنص‪FFFFFFF‬راف ‪،‬ويبقى من يبقى‪،‬‬
‫ويحضر من يحضر لص‪FF‬الة المغ‪FF‬رب‪ ،‬فيفط‪FF‬رون على ما يتيس‪FF‬ر‪ ،‬ثم‬
‫يصلون وينصرفون‪.‬‬
‫ويجتمعون في صالة العشاء‪ ،‬ف‪F‬تزدحم الزاوي‪FF‬ة‪ ،‬ويص‪FF‬لي الفقيه‬
‫الش‪FF‬ريف س‪FF‬يدي محمد بن العابد الع‪FF‬راقي ص‪FF‬الة العش‪FF‬اء‪ ،‬وص‪FF‬الته‬

‫‪4‬‬
‫متقنة تشبه صالة الصحابة وصالة الشيخ رضي هللا عن‪FF‬ه‪ ،‬ومق‪FF‬دارها‬
‫في الصالة الرباعية عشر دقائق‪ ،‬ثم يبدأ في صالة التراويح‪ ،‬فيصلي‬
‫اإلمام الراتب س‪F‬يدي العابد عشر ركع‪FF‬ات‪ ،‬يق‪F‬رأ في كل ركعة نصف‬
‫ربع‪ ،‬فيختم التراويح ويكون قد ق‪F‬رأ ج‪F‬زءاً ونص‪FF‬ف‪ ،‬ثم يع‪F‬ودون إلى‬
‫دورهم‪ ،‬ويبقى من أحب ممن ي‪FF‬رغب في عب‪FF‬ادة رب‪FF‬ه‪ ،‬وال تق‪FF‬وم في‬
‫الليل في أي وقت من األوق‪FF‬ات إال أص‪FF‬بت من توجه إلى ربه خاش‪FF‬عا ً‬
‫مخبتا ً ضارعا‬
‫وقبل الفجر ي‪FF‬أتي ذلك الم‪FF‬درس الش‪FF‬يخ محمد بن عبد هللا‪ ،‬وس‪FF‬نه‬
‫يغلب على السبعين – وهو نحيف البدن ضعيفه إال أنه قوي في هللا –‬
‫فيقف في المح‪FFFF‬راب يص‪FFFF‬لي ويق‪FFF‬رأ‪ ،‬ويعل‪FFFF‬وه الجالل والخش‪FFFF‬وع‬
‫واإلخبات هلل تبارك وتع‪FF‬الى‪ ،‬يمثل العبد الف‪FF‬اني في هللا أص‪FF‬دق فن‪FF‬اء‪،‬‬
‫وليت‪FFFFF‬ني أس‪FFFFF‬تطيع أن أري أحبابنا منظر ذلك الرجل المتحطم وهو‬
‫يحمل نفسه على القيام في حض‪FF‬رة هللا عز وج‪FF‬ل‪ ،‬واإلخالص يت‪FF‬دفق‬
‫من قلبه الطاهر‪ ،‬وكل عضو من أعضائه الضعيفة لسان ناطق بأبدع‬
‫بيان‪ ،‬يمثل للناس تجرد ال‪FF‬روح عن الم‪FF‬ادة‪ ،‬وكيف يس‪FF‬مو الحق بأهله‬
‫وهم بين أهل هذه األرض المتقاتلين على الزائل الذاهب‪ ،‬فيلحق أهل‬
‫الحق المخلص‪FFFF‬ين الص‪FFFF‬ادقين ب‪FFFF‬المأل األعلى‪ ،‬حيث األنس مبعث‬
‫الراحة‪ ،‬حيث الشهود‪ ،‬حيث ثلج اليقين‪.‬‬
‫ثم يوترون وها طلع الصبح‪ ،‬فيعودون إلى ما ك‪FF‬انوا فيه من ذكر‬
‫وق‪FF‬راءة ق‪FF‬رآن وم‪FF‬ذاكرة‪ ،‬وال تظن أنهم ترك‪FF‬وا ال‪FF‬دنيا‪ ،‬فأهل ف‪FF‬اس‬
‫قائمون بالجد في الدين والدنيا معا‪ ،‬هذه حياتهم‪ ،‬وهذا ح‪FF‬الهم‪ ،‬رضي‬
‫هللا عنهم‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫وفي ليلة السابع والعشرين يبدأ الفقيه العابد في القيام بأول القرآن‪،‬‬
‫ثم ين‪FF‬وب عنه غ‪FF‬يره‪ ،‬وغ‪FF‬يره‪ ،‬والش‪FF‬يخ محمد عبد هللا‪ ،‬وغ‪FF‬يره ط‪FF‬ول‬
‫الليل ح‪FF‬تى يختم‪FF‬وا الق‪FF‬رآن من أوله إلى آخ‪FF‬ره في تلك الليل‪FF‬ة‪ ،‬فيختم‬
‫موالنا الشيخ محمد بن عبد هللا الصالة بحزب س‪FF‬بح اسم ربك األعلى‬
‫بقراءة سيدنا حمزة‪ ،‬ثم يوترون‪.‬‬
‫أما مقدم الزاوية سيدي الطيب السفياني – فقد أشرف على المائة –‬
‫يأتي من داره قبل الفجر‪ ،‬يتوكأ على أحد أصحابه‪ ،‬يتقدمه النور كأنه‬
‫ك‪FF‬وكب ذري‪ ،‬فيص‪FF‬لي ما ش‪FF‬اء هللا‪ ،‬ثم ينتظر الص‪FF‬بح‪ ،‬فيص‪FF‬لي مع‬
‫الجماعة‪ ،‬ثم يجلس مقابال للش‪FF‬يخ محمد بن عبد هللا‪ ،‬ثم ي‪FF‬ذكر ما ش‪FF‬اء‬
‫هللا أن يذكر‪ ،‬وقد فهمت منه أن من أوراده ألفا من الصالة على النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم – صالة الفاتح – صباحا‪ ،‬وألفا مس‪FF‬اء‪ ،‬وذلك أن‬
‫الشيخ رضي هللا عنه قال لجده‪ " :‬ألتمس لي عشرة أنت منهم وسيدي‬
‫أبو يع‪FF‬زى بن س‪FF‬يدي الح‪FF‬اج علي ح‪FF‬رازم‪ ،‬وليق‪FF‬رأوا ألفا من الف‪FF‬اتح‬
‫صباحا وألفا مساء‪ ،‬ومائة من الفاتحة وتقرأ نه‪FF‬ارا فحس‪FF‬ب‪ ،‬وألفا من‬
‫يا لطيف "‪.‬‬
‫وحدثني أن والده سيدي أحمد – وقد رأى الشيخ رضي هللا عنه –‬
‫ورثها عن أبي‪FF‬ه‪ ،‬وقد ورثها س‪FF‬يدي الطيب ك‪FF‬ذلك عن وال‪FF‬ده – رضي‬
‫هللا عنهم – وهذا هو الميراث الخالد ال الميراث الزائل‪.‬‬
‫وبعد صالة الضحى يمضي إلى داره‪ ،‬ثم يعود قبل الظهر‪ ،‬فيستمع‬
‫درس الفقيه سيدي الحاج الحسن م ّزور‪ ،‬وينتظر الصالة‪ ،‬ثم يذكر ما‬

‫‪6‬‬
‫شاء هللا أن ي‪FF‬ذكر بعد الص‪FF‬الة إلى العص‪FF‬ر‪ ،‬فيص‪FF‬لي‪ ،‬ثم يختم ورده ‪،‬‬
‫ويعود إلى داره‪ ،‬ويرجع قبل العشاء إلى الزاوية‪.‬‬
‫وقد حادثته يوما حتى أذنت العش‪F‬اء‪ ،‬فق‪F‬ال لي‪ :‬أخرت‪F‬ني عن ورد‬
‫كنت أذك‪FF‬ره‪ ،‬فقلت له‪ :‬فلت‪FF‬ذكره بعد ذل‪FF‬ك‪ ،‬فق‪FF‬ال‪ :‬إن أوق‪FF‬اتي مش‪FF‬غولة‬
‫ولي أوراد أخ‪FF‬رى مقس‪FF‬مة على األوق‪FF‬ات‪ ،‬وإن ال‪FF‬زمن أض‪FF‬يق من أن‬
‫يتركه اإلنس‪FF‬ان خالي‪FF‬ا‪ ،‬ول‪FF‬ذلك ف‪FF‬رقت ما قسم هللا لي من العب‪FF‬ادة على‬
‫الزمن‪ ،‬فليس ل‪F‬دي وقت غ‪F‬ير مش‪F‬غول‪ ،‬فأس‪F‬فت ل‪F‬ذلك‪ ،‬فق‪F‬ال لي‪ :‬نب‬
‫عني أنت في ذك‪FF‬ره‪ ،‬وهو بسم هللا الرحم‪FF‬ان ال‪FF‬رحيم ‪ 800‬ويا لطيف‬
‫ألفا‪ ،‬ومرة أخرى تحادثت معه في الضحى فق‪FF‬ال لي‪ :‬عليك أن ت‪FF‬ذكر‬
‫ما عطلتني عن ذك‪FF‬ره‪ ،‬وهو س‪FF‬اعة ونصف تق‪FF‬رأ فيها ص‪FF‬الة الف‪FF‬اتح‪.‬‬
‫ويص‪FF‬لي العش‪FF‬اء والقي‪FF‬ام – ذلك القي‪FF‬ام الطوي‪FF‬ل‪ ،‬القي‪FF‬ام ال‪FF‬ذي يص‪FF‬ليه‬
‫س‪FF‬يدي الفقيه ابن العابد – ثم يمضي ل‪FF‬داره بس‪FF‬الم حيث يش‪FF‬تغل فيها‬
‫بربه تبارك وتعالى‪.‬‬
‫وول‪FF‬ده س‪FF‬يدي الغ‪FF‬الي وارث األخالق المحمدي‪FF‬ة‪ ،‬الفضل والحلم‬
‫واألدب والتؤدة وألس‪FF‬مت الحس‪FF‬ن‪ ،‬إذا مشى يتقدمه الن‪FF‬ور‪ ،‬وإذا جلس‬
‫يعلوه النور‪ ،‬المحب الفاني في الحضرة الخاصة‪ ،‬وال يقرأ أوراده إال‬
‫مختليا بعيدا عن الخلق‪ ،‬وهو ذو تجارة من الذين قال هللا تع‪FF‬الى فيهم‪:‬‬
‫" ال تلهيهم تج‪FF‬ارة وال بيع عن ذكر هللا وإق‪FF‬ام الص‪FF‬الة " ‪ ،‬ال ي‪FF‬ؤذن‬
‫ال‪FFF‬وقت إال وت‪FFF‬راه قد حضر للص‪FFF‬الة في الزاوي‪FFF‬ة‪ ،‬وهو الق‪FFF‬ائم اآلن‬
‫بشؤون الزاوية‪،‬وهو خليفة سيدنا سيد الطيب خليفة الش‪FF‬يخ رضي هللا‬
‫عنه‪ ،‬ويجلس بجوار سيدي الطيب في الوظيفة الشريف س‪FF‬يدي محمد‬
‫بن س‪FF‬يدي الط‪FF‬اهر بن المتوك‪FF‬ل‪ ،‬وقد أدرك وال‪FF‬ده الش‪FF‬يخ رضي هللا‬
‫‪7‬‬
‫عنه‪ ،‬ولم يأخذ عنه‪ ،‬ولكن أخذ عن أصحابه‪ ،‬وك‪FF‬ان إماما للزاوية قبل‬
‫الفقيه العاب‪FF‬د‪ ،‬وقد بلغ مائة س‪FF‬نة وعش‪FF‬را‪ ،‬وك‪FF‬ان الفقيه العابد يحمله‬
‫على أكتافه من داره إلى الزاوية‪ ،‬ثم يساعده على القي‪FF‬ام في الص‪FF‬الة‪،‬‬
‫ف‪FF‬إذا ش‪FF‬رع في الص‪FF‬الة ص‪FF‬لى بغ‪FF‬ير حاجة إلى من يعينه م‪FF‬ادام في‬
‫الصالة‪.‬‬
‫وهنا كل فرد محتاج في الكتابة إلى إفاضة‪ ،‬فكلهم هلل الحمد بدور‪،‬‬
‫وكلهم وهلل الحمد مصب الفيض الرب‪FFF‬اني ومهبط الفضل الرحم‪FFF‬اني‪،‬‬
‫هم من الذين قال الرسول صلى هللا عليه وسلم فيهم‪( :‬ال‪FF‬ذين إذا رُؤوا‬
‫ذكر هلل )‪ ،‬وال أدري كيف أستطيع أن أفارق الزاوية‪ ،‬فإن ما نحن فيه‬
‫نعيم وأي نعيم‪ ،‬وهلل الحمد‪.‬‬
‫إننا نقيم في الزاوية نسلم على شيخنا رضي هللا عنه ليال ونهارا‪،‬‬
‫ونش‪FF‬هد أن‪FF‬واره‪ ،‬ونس‪FF‬أل هللا لنا ولكم‪ ،‬ون‪FF‬زور نيابة عنكم‪ ،‬ون‪FF‬ذكركم‬
‫ب‪FFF‬الخير‪ ،‬واألحب‪FFF‬اب ي‪FFF‬دعون لكم في الزاوية الرحب‪FFF‬ة‪ ،‬في الزاوية‬
‫النورانية‪ ،‬في الزاوية المقدسة نقيم والحمد هلل‪.‬‬
‫إذا أردت أن تذهب إلى دور المياه تمرفي نهير صغير من الم‪FF‬اء‬
‫تخ‪FFFF‬وض في‪FFFF‬ه‪ ،‬ثم ت‪FFFF‬ذهب إلى بيت الخالء حافي‪FFFF‬ا‪ ،‬واألرض كلها‬
‫مرصوفة بالفسيفس‪FF‬اء اللماع‪F‬ة‪ ،‬ويس‪FF‬مونه هنا ال‪F‬زليج‪ ،‬وهو أغلى من‬
‫البالط‪ ،‬وش‪FF‬كله كش‪FF‬كل األطب‪FF‬اق الص‪FF‬يني‪ ،‬والمس‪FF‬جد كله رص‪FF‬فت‬
‫أرضه به وجوانب الحائط ونصف السواري ال‪FF‬ذي يلي األرض على‬
‫صورة مربعات‪،‬وعليه صور ونقوش بديعة‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫أما المياه ف‪FF‬إن بعد الفن‪FF‬اء المرص‪FF‬وف المتصل بالحائط حوض‪FF‬ين‬
‫مستطيلين فيهما ‪ 16‬ماسورة كبيرة تصب كلها في هذين الحوضين‪،‬‬
‫وعلى األحواض جرادل من خشب يملؤها المتوضئ من الحوضين‪،‬‬
‫ثم يجلس على كرسي يتوضأ منها‪ ،‬والم‪FF‬اء مت‪FF‬دفق من تلك المواس‪FF‬ير‬
‫ليال ونهارا‪ ،‬فيصب في هذين الحوضين‪،‬وخلف الحائط ـ بعد أن تمر‬
‫بالفن‪FF‬اء الص‪FF‬غير ال‪FF‬ذي يج‪FF‬ري ماؤها باس‪FF‬تمرار ليال ونهاراـ تجد‬
‫حوضين آخرين فيهما عشر مواس‪FF‬ير‪ ،‬وك‪FF‬ذلك في بي‪FF‬وت الخالء‪ ،‬في‬
‫كل بيت منها ماس‪FFF‬ورة يت‪FFF‬دفق منها الم‪FFF‬اء دائم‪FFF‬ا‪ ،‬والزاوية تن‪FFF‬ار‬
‫بالكهرباء طول الليل‪.‬‬
‫وك‪FF‬أن الحق تب‪FF‬ارك وتع‪FF‬الى أراد أن يجعل ه‪FF‬ذه الزاوية المقدسة‬
‫دائمة الفيض بالمياء الطاهرة‪ ،‬دائمة النور باألنوار الظ‪FF‬اهرة‪ ،‬إش‪FF‬ارة‬
‫يفهمها الحكيم إلى أن إفاضة األنوار القدسية والماء الرباني لن ي‪FF‬زال‬
‫ينبع منها‪ ،‬ويفيض ليال ونه‪F‬ارا بغ‪F‬ير انقط‪F‬اع‪ ،‬رضي هللا عن س‪F‬يدنا‪،‬‬
‫ما أوسع الفضل الذي منحه هللا إياه‪.‬‬
‫هل تظنون أن تلك النف‪FF‬وس ال‪FF‬تي زكاها الحق واص‪FF‬طفاها تس‪FF‬مع‬
‫بذلك البعوض المنتفخ الذي يطن بافتراء على سبيل المتقين المقربين‬
‫السابقين‪ ،‬كزعمهم فيهم تفض‪FF‬يل غ‪FF‬ير الق‪FF‬رآن علي‪FF‬ه‪ ،‬والكتم‪FF‬ان؟ وهم‬
‫منه براء‪ .‬وهم في واد‪ ،‬والناس في واد‪ ،‬ش‪FF‬غلهم هللا ب‪FF‬ه‪ ،‬ثم برس‪FF‬وله‪،‬‬
‫ودين‪FFF‬ه‪ ،‬ف‪FFF‬ذكروا هللا‪ ،‬وعب‪FFF‬دوا هللا‪ ،‬واش‪FFF‬تغلوا بمعاش‪FFF‬هم هلل‪ ،‬وحسن‬
‫رجاؤهم في هللا‪ ،‬فهم أهل هللا الذين ال خوف عليهم وال هم يحزنون‪.‬‬
‫ذلك مجمل من حال الزاوية وأهل الزاوية‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫وقد أم‪FF‬رني س‪FF‬يدي الطيب رضي هللا عنه أن أق‪FF‬رأ درسا في‬
‫الزاوي‪FF‬ة‪ ،‬وقد قرأنا األربعين ح‪FF‬ديثا النووية بعد ق‪FF‬راءة الح‪FF‬زب بعد‬
‫صالة الظهر‪ ،‬وسنختمها إن ش‪FF‬اء هللا تع‪FF‬الى الي‪FF‬وم‪ ،‬ي‪FF‬وم الخميس ‪21‬‬
‫رمضان ‪1356‬هـ‪ ،‬بعد صالة الصبح وقراءة الوظيفة‪.‬‬
‫والحمد هلل رب العالمين قد حضرنا زواج سيدنا سيدي عمار بن‬
‫سيدي محمود بن سيدي البشير حفيد شيخنا رضي هللا عن‪FF‬ه‪ ،‬وهو آية‬
‫في النورانية يمشي‪ ،‬فكل من رآه رأى جمال النبوة يس‪FF‬طع في وجهه‪.‬‬
‫والحمد هلل رب العالمين‬

‫محمد الحافظ التجاني‬

‫‪10‬‬

You might also like