الصراع على الهوية الدينية

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 12

‫برنامج‬ ‫‪ 

UÝ«—b« ed‬‬
‫أيار‪/‬مايو ‪2014‬‬ ‫الشرق األوسط‬ ‫«‪WOËb«Ë WO−Oð«d²Ýù‬‬

‫مقالة حتليلية‬
‫الصراع على الهوية الدينية في تونس والمغرب العربي‬
‫بقلم حايم ملكا‬ ‫ملخص‪ ‬‬
‫لقد بات حتديد الهوية الدينية في‬
‫في أواخر القرن الثامن عشر‪ ،‬أرسل علماء الوهابية رسالة إلى علماء الدين في جامع الزيتونة في تونس‪،‬‬ ‫منطقة املغرب العربي يشكل حتد ًيا‬
‫ملحا بالنسبة إلى احلكومات التي‬ ‫ً‬
‫وهو أحد أقدم وأهم مراكز التعليم اإلسالمي في شمال أفريقيا‪ .‬وقد اتهمت الرسالة‪ ،‬التي اتسمت بلهجة‬ ‫تعمل على مكافحة التطرف العنيف‪.‬‬
‫شديدة‪ ،‬التونسيني باالبتعاد عن التوحيد‪ ،‬وهو اتهام خطر ج ًدا‪ ،‬ودعاهم إلى اعتناق العقيدة الوهابية‬ ‫واملعركة في أشدها في تونس التي‬
‫املتشددة‪ .‬وكان رد علماء الزيتونة من خالل رسالة من ‪ ١٠‬صفحات تتهم الوهابيني بالنفاق واجلهل‪ ،‬في‬ ‫تكافح من أجل إعادة صياغة هويتها‬
‫حني أوضحوا بفصاحة أن التقاليد اإلسالمية اخلاصة بتونس كانت مستقاة من صلب القرآن الكرمي‬ ‫الدينية بعد أكثر من نصف قرن من‬
‫‪1‬‬ ‫العلمانية املفروضة من قبل الدولة‪.‬‬
‫والسنة النبوية الشريفة‪.‬‬ ‫فبعد ثورتها في العام ‪ ،2011‬اخترق‬
‫هذا التبادل‪ ،‬الذي مت قبل أكثر من قرنني من الزمن‪ ،‬حرك صرا ًعا أيديولوج ًيا في شمال أفريقيا بني‬ ‫الدعاة املتطرفون املشهد الديني في‬
‫التقاليد اإلسالمية والسلفية احمللية وبني التفسيرات الوهابية‪ 2.‬ففي حني يتمتع اإلسالم املغربي التقليدي‬ ‫تونس‪ ،‬كما وتصاعدت موجة عنف‬
‫بنكهة إقليمية متميزة‪ ،‬تسعى السلفية إلى تنقية الفكر واملمارسات الدينية من التكيفات الثقافية والتاريخية‪.‬‬ ‫ترتكز على الدين وهددت االنتقال‬
‫السياسي الهش في تونس‪ .‬وقد دعا‬
‫إذ تدعو إلى إسالم يقوم على أساس التفسير احلرفي للقرآن الكرمي والسنة النبوية الشريفة وعلى‬
‫بعض الزعماء الدينيني والسياسيني‬
‫‪3‬‬
‫ممارسات «السلف الصالح»‪ ،‬أو األجيال الثالثة األولى من املسلمني‪.‬‬ ‫إلى تعزيز اإلسالم «التقليدي» بغية‬
‫متثل السلفية‪ ،‬في أشكالها العنيفة وغير العنيفة‪ ،‬التمرد على التقاليد واملمارسات اإلسالمية احمللية‬ ‫محاربة التطرف وتعزيز السيطرة‬
‫وعالقتها باألنظمة السياسية‪ .‬وعلى الرغم من أن التفسيرات السلفية تنافست مع التقاليد اإلسالمية في‬ ‫الدينية املركزية‪ .‬و ُيذكر أن نتائج هذا‬
‫الصراع القائم في تونس من أجل‬
‫شمال أفريقيا على امتداد قرون ع ّدة‪ ،‬إال أن هذا الصراع اشت ّد منذ االنتفاضات العربية التي بدأت في‬
‫تعريف اإلسالم التقليدي‪ ،‬ومدى قدرة‬
‫العام ‪ 2011‬والتي أوجدت مساحة عامة أليديولوجية عنيفة متطرفة لنشر وجتديد النقاش حول كيفية‬ ‫احلكومات في جميع أنحاء شمال‬
‫محاربتها‪.‬‬ ‫أفريقيا على إيجاد بدائل دينية صاحلة‬
‫ور ّدت بعض حكومات شمال أفريقيا على التطرف املتزايد من خالل حتديد وتعزيز العالمة التجارية‬ ‫ألفكار املتطرفني‪ ،‬عامالن سيشكالن‬
‫اجليل التالي من القيم اإلسالمية‬
‫اخلاصة بها من اإلسالم «التقليدي»‪ .‬ويكمن هدفها في نشر وتشجيع إسالم ليس «باملعتدل»‪ ،‬بل إسالم‬
‫ويحددان ما إذا كان التطرف العنيف‬
‫يقبل سلطة الدولة‪ ،‬والتي ضاعفت اجلهود على أساسيها للسيطرة على الفضاء الديني‪ ،‬عمل ًّيا وأيديولوج ًّيا‪.‬‬ ‫يترسخ أكثر في املجتمع الشمال‬ ‫ّ‬
‫واملعركة في أشدها في تونس التي تكافح من أجل إعادة صياغة هويتها الدينية بعد أكثر من نصف قرن‬ ‫أفريقي أو أنه يتم تهميشه‪ .‬‬
‫‪4‬‬
‫من العلمانية املفروضة من قبل الدولة‪.‬‬

‫المرحلة اإلنتقالية في المغرب العربي‬


‫في حني كان املغرب العربي ملدة طويلة على هامش سياسة الواليات املتحدة في الشرق األوسط وشمال أفريقيا‪ ،‬فإن صدى اإلجتاهات البارزة في هذه املنطقة‬
‫يتردد على نحو متزايد في جميع أنحاء الشرق األوسط‪ .‬وفي هذه البيئة اجلديدة‪ ،‬ستستمر التطورات في املغرب العربي بالتأثير بشكل أوسع على منطقة الشرق‬
‫األوسط وعلى املصالح األمريكية‪ .‬ويذكر أن برنامج الشرق األوسط في مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية يدرس اإلجتاهات السياسية واإلقتصادية واألمنية‬
‫املتغيرة في املغرب العربي‪ ،‬والذي يشمل في هذا التقرير املغرب واجلزائر وتونس وليبيا‪ ،‬من خالل أبحاث حتليالت أصلية كما من خالل جتميع األحداث التي‬
‫تسلط الضوء على قضايا مهمة في املغرب العربي بالنسبة إلى جمهور األعمال وصناعة السياسات‪ .‬وعلى نطاق أوسع‪ ،‬ير ّكز البرنامج من خالل أبحاثه على‬
‫محركات التغيير اإلجتماعي والسياسي في الشرق األوسط‪ .‬ونحن نسعى‪ ،‬إلى أقصى حد ممكن‪ ،‬أن نكون مدفوعني نحو «الفرص»‪ ،‬بد ًال من «التهديدات»‪ ،‬فننشد‬
‫الفرص للتغيير اإليجابي بد ًال من إبداء ردات فعل على األزمات فقط‪ .‬وللمزيد من املعلومات حول عمل البرنامج في املغرب العربي‪ ،‬الرجاء زيارة املوقع التالي‪:‬‬
‫‪https://csis.org/program/maghreb‬‬

‫‪1616 RHODE ISLAND AVE NW, WASHINGTON DC 20036 | P. 202.775.3179 | F. 202.775.3199 | WWW.CSIS.ORG/MIDEAST‬‬
‫‪ | 2‬مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية | مقالة تحليلية‬

‫في الوقت الذي سعت فيه احلكومة األمريكية إلى مواجهة التطرف العنيف‬
‫بشكل جزئي من خالل تعزيز القيم الدميقراطية الليبرالية‪ ،‬مبا في ذلك‬
‫الفصل بني الدين والدولة‪ ،‬فإن احلكومات في املنطقة تشجع على الدين‬
‫واملعركة في أشدها في تونس التي تكافح‬ ‫كونه وسيلة للحد من التطرف العنيف في وقت الذي تدعم فيه الشرعية‬
‫السياسية اخلاصة بها‪ .‬و ُيشار إلى أن منهجيتها تقوم على افتراض أن‬
‫من أجل إعادة صياغة هويتها الدينية بعد‬
‫الدين هو جزء ال يتجزأ من املجتمع املغربي‪ ،‬وهي تتبع ممارسة عمرها‬
‫أكثر من نصف قرن من العلمانية املفروضة‬ ‫قرون تقوم على محاولة فرض سيطرة مركزية على الدين‪ .‬في البيئة‬
‫من قبل الدولة‪.‬‬ ‫السياسية اجلديدة التي تلي االنتفاضة العربية‪ ،‬باتت هذه اجلهود لبلورة‬
‫بديل موثوق للتطرف والسيطرة على الفضاء الديني أم ًرا ال بد من العمل‬
‫عليه بشكل طارئ‪.‬‬
‫مواز لعلماء الدولة (على الرغم من أنه من املألوف تاريخ ًيا أن يتم دمج‬
‫ٍ‬
‫مشايخ الصوفية ضمن علماء الدولة)‪.‬‬ ‫اإلسالم في تونس واملغرب العربي‬
‫على مدى مئات السنني تفاخر املغرب العربي ببعض أكبر مراكز التعليم‬
‫اإلسالمي‪ ،‬مبا في ذلك جامع القرويني في مدينة فاس وجامع الزيتونة‬ ‫لقد سعى احلكام واحلكومات تاريخ ًيا إلى التحكم بالدين وحتديده كوسيلة‬
‫في تونس‪ 8.‬وقد كل من اجلامعني عبارة عن جامعة وجامع‪ ،‬و(مثل جامع‬ ‫لتعزيز الشرعية والطاعة‪ .‬فمن خالل السيطرة على العلماء وعلى اخلطاب‬
‫األزهر في القاهرة) منحا شهادات علمية متقدمة في مجاالت الدراسة‬ ‫الديني‪ ،‬حاول احلكام في العالم اإلسالمي إنشاء مؤسسة دينية تضفي‬
‫فضل عن مجموعة من االختصاصات العلمانية املختلفة‪ ،‬مبا في‬ ‫ً‬ ‫الدينية‪،‬‬ ‫الشرعية على السلطة السياسية كما حاولوا العمل على تصميم املواضيع‬
‫ذلك علوم الفيزيائية‪ .‬و ُيشار إلى أن اجلامعني كانا عند ملتقى طرق بني‬ ‫الدينية التي تطيع تلك السلطة‪ .‬ففي أنحاء املغرب العربي‪ ،‬يلعب املذهب‬
‫العالم االسالمي واملسيحي واليهودي في القرون الوسطى‪ ،‬وكانا ف ّعالني‬ ‫املالكي في الفقه‪ ،‬وهو واحد من املدارس األربعة في اإلسالم السني‪،‬‬
‫ليس فقط في نقل املعرفة العلمية املتطورة إلى أوروبا‪ ،‬ولكن في تعزيز‬ ‫دو ًرا ها ًما في اجلهود التي تبذلها احلكومة بهدف إرساء مركزية السلطة‬
‫اإلسالم املالكي ً‬
‫أيضا‪.‬‬ ‫الدينية‪ 5.‬و ُيشار إلى أن املالكية تقبل أهمية السياق االجتماعي والسياسي‬
‫‪9‬‬
‫لقد أعاق تراجع اإلمبراطورية العثمانية في معظم مناطق شمال أفريقيا‪،‬‬ ‫احمللي‪ .‬األمر الذي يعني عمل ًيا ترافق الفقه املالكي مع املمارسات احمللية‬
‫كما االستعمار األوروبي‪ ،‬املؤسسات الدينية التقليدية في املنطقة‪ .‬لكن‬ ‫‪6‬‬
‫والتقاليد الثقافية‪ ،‬واألهم من ذلك مع الصوفية‪.‬‬
‫في تونس‪ ،‬إن حركة االستقالل التي قادها رئيس البالد األول‪ ،‬احلبيب‬ ‫فللصوفية تاريخ طويل في املغرب العربي‪ 7.‬وعادة ما يعتبر الوصف الغربي‬
‫بورقيبة‪ ،‬في اخلمسينات هي التي فرضت علمانية الدولة وأضعفت قوة‬ ‫الصوفية على أنها التصوف اإلسالمي الذي يدعو إلى نبذ العنف‪ .‬ففي‬
‫ونفوذ جامع الزيتونة‪ .‬فقد أصلح بورقيبة املؤسسات الدينية في تونس‪،‬‬ ‫حني يسعى الصوفيون عامة إلى الوصول إلى معنى أعمق في ممارساتهم‬
‫ووضع ح ًدا لسلطة العلماء (بشكل جزئي من خالل مصادرة جميع أراضي‬ ‫الدينية‪ ،‬فإن رؤيتهم وتعاليمهم تختلف بشكل كبير‪ .‬فعادة ما يتم تنظيم‬
‫األوقاف أو احلبوس‪ ،)10‬كما وجرد الدين من الطابع السياسي من خالل‬ ‫الصوفيني ضمن مجموعات بقيادة سيد أو شيخ يطلب الطاعة الكاملة‬
‫احلد من التعليم اإلسالمي واملمارسات اإلسالمية والتركيز على بعض‬ ‫من أتباعه‪ .‬بالتالي فإن التفسير الديني يختلف إلى حد كبير بني الطرق‬
‫الطقوس غير ذات أهمية‪ .‬إذ كانت تُقفل املساجد ولم تُفتح أبوابها سوى‬ ‫الصوفية املتعددة مع اختالف الشيخ الذي يدير املجموعة‪ .‬ففي املاضي‪،‬‬
‫في أوقات الصالة‪ ،‬كما وأفرغت املكتبات أو أغلقت‪ .‬أما األهم من ذلك‪،‬‬ ‫كتب بعض املتصوفني أشعار احلب وشربوا اخلمر‪ ،‬بينما كان آخرون‬
‫فقد قضت حكومة بورقيبة على املستوى التعليمي املرموق في تونس ونقلت‬ ‫من احملاربني‪ .‬وفي خالل القرنني التاسع عشر والعشرين‪ ،‬شنت احلركة‬
‫الوظائف التعليمية من جامع الزيتونة إلى جامعة تونس‪ 11.‬في ذلك الوقت‪،‬‬ ‫السنوسية في شرق ليبيا احلرب ضد التوسع الفرنسي‪ ،‬وفي وقت الحق‬
‫حتول التعليم الديني من نظام ديني إلى نظام أكادميي‪ .‬وفي خالل نصف‬ ‫ضد االستعمار اإليطالي‪.‬‬
‫القرن التالي‪ ،‬حتكم جهاز أمن الدولة بشدة بالتعليم الديني واإلسالمي‬ ‫و ُيشار إلى أن الزعيم الصوفي اجلزائري الشهير األمير عبد القادر حارب‬
‫‪12‬‬
‫في تونس‪.‬‬ ‫الفرنسيني ألكثر من عقد من الزمان‪ .‬يتبني هنا أن االختالفات داخل‬
‫على الرغم من هذا التنظيم الدقيق‪ ،‬لم تكن تونس ودول شمال أفريقيا‬ ‫الصوفية تسلط الضوء على تقسيم السلطة في اإلسالم‪ .‬إذ ينقل الشيخ‬
‫األخرى مبنأى عن السلفية وغيرها من التأثيرات األيديولوجية اخلارجية‪.‬‬ ‫في الصوفية املعرفة إلى أتباعه ويعمل في الوقت عينه كمصدر للسلطة‬

‫مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية | برنامج الشرق األوسط في مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية‬
‫مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية | مقالة تحليلية | ‪3‬‬

‫وتضم كل فئة من هذه الفئات الثالثة واسعة النطاق املزيد من التقسيمات‪.‬‬ ‫ففي السبعينات والتسعينات عاد املواطنون الذين كانوا يعملون في‬
‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن اخلطوط التي تفصل ما بني تلك الفئات غير واضحة‬ ‫أيضا املمارسات واألفكار اإلسالمية الصارمة‪.‬‬ ‫اخلليج وجلبوا معهم ً‬
‫بشكل متزايد‪ ،‬وذلك مع اعتماد تيارات املتعلقني بالقرآن الكرمي واجلهاديني‬ ‫كما ودعم املانحون اخلليجيون األغنياء اجلمعيات اخليرية واملساجد‬
‫النشاط السياسي لنشر رسالتهم‪ .‬ويشكل نوعا السلفية‪ ،‬العنيف وغير‬ ‫واملدارس احمللية التي تنشر التعاليم السلفية‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد جذبت‬
‫العنيف‪ ،‬تهدي ًدا للحكومات على الرغم من اختالف هذه التهديدات (في‬ ‫سياسات التعريب في مجال التعليم خالل التسعينات املعلمني من مصر‬
‫حال كانت متداخلة أحيانًا)‪ :‬األول هو بشكل تهديد اجتماعي وسياسي‬ ‫واملشرق العربي واخلليج‪ ،‬وهم غال ًبا ما جلبوا معهم األيديولوجية السلفية‬
‫للوضع الراهن‪ ،‬في حني أن التهديد اآلخر هو تهديد أمني بشكل رئيسي‪.‬‬ ‫واإلسالمية‪ .‬ومع ظهور البرامج التلفزيونية الفضائية وبعد ذلك اإلنترنت‪،‬‬
‫متكن الشيوخ املؤثرون من مصر واخلليج من نقل رسائلهم العنيفة أحيانا‬
‫ما بعد الثورات العربية‬ ‫مباشرة إلى الناس في منازلهم‪ .‬بالتالي‪ ،‬عندما انهار نظام الرئيس‬
‫التونسي السابق بن علي في العام ‪ ،2011‬كانت األيديولوجيات السلفية‬
‫بعد سقوط حكومة بن علي في كانون الثاني‪/‬يناير سنة ‪ ،2011‬ازدهرت‬ ‫اجلهادية والسلفية منتشرة في تونس منذ عقود‪ .‬و ُيشار إلى أن السلفيني‬
‫اجلماعات اجلهادية السلفية في تونس‪ .‬إذ استفادت هذه األخيرة بسرعة‬ ‫قدموا للناس مجموعة متماسكة من األفكار واألعمال‪ ،‬في حني مت إهمال‬
‫من حالة االضطراب السياسي واحلرية األيديولوجية‪ ،‬واحلدود سهلة‬ ‫القيم اإلسالمية التقليدية التونسية واملالكية أو إنها فقدت مصداقيتها منذ‬
‫االختراق بغية توسيع قدراتها ومنطقة عملياتها‪ .‬كما وجد اجلهاديون‬ ‫فترة طويلة‪.‬‬
‫السلفيون اآلالف من القادة والنشطاء واملجندين احملتملني بعد برنامج‬ ‫من املمكن النظر إلى السلفيني في مقام أول على أنهم «مصلحني دينيني‬
‫العفو الذي مت بعد الثورة والذي شمل سجناء كانوا قد اعتقلوا في‬ ‫واجتماعيني يعملون على إنشاء وإعادة إنتاج أشكال معينة من السلطة‬
‫ظل قانون مكافحة اإلرهاب في تونس في العام ‪ 15.2003‬وفي خالل‬ ‫والهوية‪ ،‬سواء على املستوى الشخصي أو املجتمعي»‪ 13.‬إذ يسعون إلى‬
‫تك ّيفهم مع الوضع‪ ،‬اجته اجلهاديون السلفيون اجتاهني مختلفني‪ .‬إذ اتّبع‬ ‫إعادة املجتمع الديني السياسي الذي كان قائ ًما في عهد النبي محمد‬
‫تيار أول استراتيجية القاعدة التقليدية القائمة على العنف املباشر ضد‬
‫قوات األمن ورموز الدولة‪ ،‬والتي تقوم بها عصابات منظمة من املقاتلني‬
‫املتحصنني في البرية‪ 16.‬أما التيار الثاني‪ ،‬فقد جمع ما بني األيديولوجية‬
‫العنيفة والنشاط االجتماعي والسياسي كجزء من جهوده للوصول إلى‬ ‫عندما انهار نظام الرئيس التونسي السابق‬
‫جمهور أكبر من االجتاه السائد‪ .‬وقد أعطت هذه املنهجية األولوية‬ ‫بن علي في العام ‪ ،2011‬كانت األيديولوجيات‬
‫للتوعية الدينية‪ ،‬غال ًبا من خالل العمل االجتماعي‪ ،‬كما منت مباشرة من‬ ‫السلفية اجلهادية والسلفية منتشرة في تونس‬
‫عمق احلماس الثوري واالنفتاح السياسي الذي كان جز ًءا من الثورات‬ ‫منذ عقود‪.‬‬
‫العربية‪ .‬و ُيذكر أن جماعة أنصار الشريعة‪ ،‬والتي كان مؤسسها سيف‬
‫الله بن حسني (أبو عياض التونسي) من بني السجناء املفرج عنهم في‬
‫إطار برنامج ‪ ،2011‬كانت أكبر مجموعة من املجموعات وأكثرها تنظي ًما‬ ‫(صلعم)‪ .‬و ُيذكر أنهم محافظون في نظرتهم ومتزمتون في ممارسة‬
‫متثل هذه املنهجية في تونس‪ .‬ويتمتع هذان االجتاهان املختلفان بهدف‬ ‫شعائرهم الدينية‪ ،‬يشددون بشكل كبير على احلالل واحلرام في احلياة‬
‫حتفظا‪ ،‬والتشريعات‬‫ً‬ ‫مشترك يتمثل في تعزيز نظام اجتماعي ديني أكثر‬ ‫اليومية‪ .‬كما أنهم يسعون إلى تأسيس دولة دينية تقوم على الشريعة‬
‫فضل عن إقامة دولة إسالمية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫املرتبطة بالشريعة اإلسالمية‪،‬‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬إال أنهم يختلفون في طريقة حتقيق هذا الهدف‪ .‬فغالب ًا ما‬
‫خاصا بالنسبة‬
‫ً‬ ‫لقد ش ّكل منو كل من االجتاهات اجلهادية السلفية‪ ،‬حتد ًيا‬ ‫ينقسم السلفيون إلى ثالث فئات مختلفة ومتداخلة في الوقت عينه وهي‪:‬‬
‫إلى تونس مع حتول البالد إلى نظام احلكم التمثيلي‪ .‬فحتى ثورة العام‬ ‫املتعلقون بالقرآن الكرمي والذين يركزون بشكل رئيس على النظرة الروحانية‬
‫‪ ،2011‬كانت تونس محمية إلى حد كبير من العنف املتطرف الذي طال‬ ‫والزكاة والتعليم‪ ،‬والسلفيون السياسيون الذين يعارضون بشكل ناشط‬
‫اجلزائر وباقي دول املنطقة املجاورة على مدى العقود القليلة املنصرمة‪.‬‬ ‫االنتخابات املعاصرة‪ ،‬والسلفيون اجلهاديون‪ ،‬الذين يشددون على العنف‬
‫وفي الوقت الذي كانت فيه تونس تصيغ دستورها اجلديد‪ ،‬زاد العنف‬ ‫للدفاع عن املجتمعات املسلمة التي تواجه اخلطر‪ 14.‬و ُيشار إلى أن هذه‬
‫املتطرف من التوترات بني العلمانيني واإلسالميني السياسيني في إطار‬ ‫الفئة الثالثة ولدت حركات مثل تنظيم «القاعدة» الذي يسعى إلى استخدام‬
‫اجلدل حول دور الدين في املجتمع‪ 17.‬األمر الذي سلط الضوء على‬ ‫العنف لإلطاحة باحلكومات من أجل إعادة تأسيس خالفة إسالمية‪.‬‬

‫‪1616 RHODE ISLAND AVE NW, WASHINGTON DC 20036 | P. 202.775.3179 | F. 202.775.3199 | WWW.CSIS.ORG/MIDEAST‬‬
‫‪ | 4‬مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية | مقالة تحليلية‬

‫اإلسالم التقليدي وسيطرة الدولة‬ ‫نقاشات وانقسامات أعمق بني مختلف التيارات االسالمية داخل املجتمع‬
‫التونسي‪ ،‬وال سيما اإلسالميني السياسيني والسلفيني الذين ال يلجؤون‬
‫إلى العنف‪.‬‬
‫بصفته أبرز قوة سياسية‪ ،‬قاد حزب النهضة اجلهود الرامية إلى إعادة‬
‫تعريف اإلسالم التقليدي التونسي في خالل ترأسه احلكومة‪ .‬إذ شدد قادة‬ ‫وخالل الفترة املمتدة بني ‪ 2011‬و‪ ،2012‬جتنب اجلهاديون السلفيون‬
‫بدل من ذلك على عمليتي‬ ‫إلى حد كبير مواجهة قوات األمن وركزوا ً‬
‫النهضة على املذهب املالكي باعتباره جوهر اإلسالم التونسي‪ ،‬وأداروا جهود‬
‫‪22‬‬
‫احلكومة نحو تنظيم املساجد وتعيني األئمة والسيطرة اخلطاب الديني‪.‬‬ ‫التنظيم والتجنيد‪ .‬كما وسعوا إلى فرض قيمهم األخالقية من خالل‬
‫و ُيذكر أن هذا اجلهد يتماشى مع هدف آخر من أهداف حزب النهضة‬ ‫املظاهرات وعبر ترهيب األكادمييني والفنانني والنشطاء الليبراليني‪.‬‬
‫والذي يتجلى في تصحيح «خطأ تاريخي» (كما يشير إليه اإلسالميون‬ ‫إضافة إلى ذلك حصروا استخدامهم للعنف على الهجمات احلذرة على‬
‫السياسيون) الكامن في فرض العلمنة بعد االستقالل‪ .‬كما أصبح تعزيز‬ ‫األفراد واملمتلكات‪ ،‬مبا في ذلك تدمير املزارات واألضرحة الصوفية التي‬
‫‪18‬‬
‫اإلسالم التقليدي أداة لتقييد السلفيني املتعلقني بالقرآن الكرمي والسلفيني‬ ‫يعتبرونها عناصر من الشرك‪.‬‬
‫السياسيني الذين يشكلون حتد ًيا سياس ًيا من خالل الضغط من أجل إضفاء‬ ‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬ظهر تباين في صفوف احلكومة التونسية التي يقودها‬
‫فضل عن اجلهاديني السلفيني الذين‬‫ً‬ ‫املزيد من احملافظة في بنود الدستور‪،‬‬ ‫حزب النهضة‪ 19‬حول التطرف وقد استجابت احلكومة ببطء إلى التهديدات‬
‫‪23‬‬
‫أمسوا يشكلون تهدي ًدا أمن ًيا ومسؤولية سياسية‪.‬‬ ‫املتزايدة للجهادية السلفية‪ ،‬وذلك لعدة أسباب سياسية وأيديولوجية‪.‬‬
‫إن هذا النضال من أجل الترويج لإلسالم التقليدي يشمل عنص ًرا بيروقراط ًيا‬
‫فضل عن عنصر أيديولوجي‪ .‬على املستوى املؤسساتي‪ ،‬فرض‬ ‫ً‬ ‫ومؤسسات ًيا‬
‫حزب النهضة سيطرته على مساجد تونس التي يبلغ عددها ‪ 5000‬مسجد‬
‫كما كافح ما وصفه وزير الشؤون الدينية في ذبك الوقت «بالفوضى في‬
‫املساجد»‪ 24.‬وعندما تولت احلكومة املؤقتة السلطة في تشرين الثاني‪/‬‬
‫اعتبر الكثيرون في احلزب أن الشباب‬
‫‪25‬‬
‫نوفمبر ‪ ،2011‬سيطر الدعاة غير احلكوميني على خمس املساجد تقري ًبا‪.‬‬ ‫اجلهاديني والنشطاء السلفيني كأبناء‬
‫وكان بعض الدعاة قد عينوا أنفسهم ولم يكونوا قد تلقوا أي تدريب ديني‬ ‫متمردين ال بد من التعامل معهم بدقة‪.‬‬
‫رسمي كما لم تكن بحوزتهم أي وثائق تفويض‪ ،‬في حني تبنى آخرون العنف‬
‫واأليديولوجيا اجلهادية السلفية‪ 26.‬ووفق كبير مستشاري وزير الشؤون‬
‫الدينية‪ ،‬فقد مت بعد الثورة طرد العديد من خطباء املساجد الذين مت تعينهم‬ ‫بشكل جزئي‪ ،‬سعت قيادة النهضة السياسية إلى استمالة السلفيني‪،‬‬
‫في ظل النظام السابق أو رفضهم من مجتمعاتهم‪ ،‬على الرغم من إعادة‬ ‫بهدف كسب دعمهم في االنتخابات‪ .‬إلى جانب ذلك‪ ،‬وبصفتها حركة‬
‫تعيني بعضهم‪ ،‬كما قام أكثر من ‪ 1000‬إمام بتعيني أنفسهم ملناصب داخل‬ ‫إسالمية تعرضت لالضطهاد على مدى عقود‪ ،‬كان من الصعب على حزب‬
‫املساجد‪ 27.‬وقد شغل السلفيون املتعلقون بالقرآن العديد من املناصب التي‬ ‫النهضة التفكير في اضطهاد اإلسالميني اآلخرين‪ .‬إذ اعتبر الكثيرون في‬
‫‪28‬‬
‫كان يشغلها تابعون حلزب النهضة والدعاة احملافظني املوالني للحزب‪.‬‬ ‫احلزب أن الشباب اجلهاديني والنشطاء السلفيني كأبناء متمردين ال بد‬
‫وف ًقا ألحد األئمة‪ ،‬فإن حزب النهضة لم يستخدم قوته للقضاء على اجلهاديني‬ ‫ً‬
‫فصيل‬ ‫من التعامل معهم بدقة‪ .‬على نطاق أوسع‪ ،‬شملت حركة النهضة‬
‫السلفيني فقط بل على نطاق أوسع من أجل قمع أي أفكار دينية ال تتماشى‬ ‫محافظا يسعى إلى حماية الشباب السلفيني والنشطاء اجلهاديني‬‫ً‬ ‫سلف ًيا‬
‫‪20‬‬
‫‪29‬‬
‫مع مواقفه‪.‬‬ ‫السلفيني‪.‬‬
‫من الصعب التأكد من عدد املساجد التي سيطر عليها اجلهاديون السلفيون‪.‬‬ ‫بحلول منتصف العام ‪ ،2013‬أمست استراتيجية النهضة الشاملة تش ّكل‬
‫فحسب رويترز «استولى املتطرفون على حوالي ‪ 1000‬مسجد» لكن املقال‬ ‫عب ًئا سياس ًيا‪ .‬إذ أدت سلسلة من الهجمات العنيفة‪ ،‬مبا في ذلك عمليتي‬
‫فشل في حتديد من هم «املتطرفون»‪ 30.‬واألكثر احتما ًال هنا هو أنه مت‬ ‫اغتيال سياسي في العام ‪ ،2013‬إلى جانب تعميق االستقطاب السياسي‬
‫االستيالء على هذه املساجد من قبل مجموعة من السلفيني‪ ،‬واجلهاديني‬ ‫إلى إجبار حزب النهضة على تغيير حساباته ومنهجيته‪ 21.‬بعد ذلك‪،‬‬
‫السلفيني‪ ،‬والدعاة غير املنتمني إلى أي مجموعة أو األشخاص الذي عينوا‬ ‫واصل لطفي بن جدو‪ ،‬وزير الداخلية اجلديد‪ ،‬عملية مكافحة اإلرهاب‬
‫أنفسهم دعاةً‪ .‬وحسب وزير الشؤون الدينية في ذلك الوقت‪ ،‬استولى‬ ‫مكرسا موارد وقوى‬
‫ً‬ ‫بشكل أكثر استهدا ًفا ضد املتشددين وقواعدهم‪،‬‬
‫السلفيون على حوالي ‪ 400‬مسجد‪ ،‬سيطر على ‪ 50‬باملئة منها اجلهاديون‬ ‫عاملة إضافية‪ .‬ومع توسع جهود مكافحة اإلرهاب هذه‪ ،‬مت تكثيف اجلهود‬
‫السلفيون‪ 31.‬ومن املرجح أن تكون األرقام الفعلية أعلى من ذلك نظ ًرا إلى‬ ‫الهادفة إلى السيطرة على البيئة الدينية‪.‬‬

‫مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية | برنامج الشرق األوسط في مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية‬
‫مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية | مقالة تحليلية | ‪5‬‬

‫الدراسات اإلسالمية في تونس إلى إطارها الديني‪.‬‬ ‫أن احلكومة سعت إلى التقليل من شأن افتقارها إلى السيطرة‪ .‬من املؤكد‬
‫يرغب العديد من اإلسالميني السياسيني التابعيني حلركة النهضة‪ ،‬كما‬ ‫وجود العديد من املساجد حيث يعطي اجلهاديون السلفيون الدروس أو‬
‫حتفظا في املجتمع التونسي‪ ،‬بإعادة إحياء جامع الزيتونة‬ ‫ً‬ ‫األعضاء األكثر‬ ‫يؤدون الصالة بشكل غير رسمي‪ ،‬على الرغم من غياب التقديرات الدقيقة‬
‫كجامع وجامعة تصدر الشهادات‪ .‬واقترح عدد من علماء الدين الذين‬ ‫حول عدد هذه املساجد‪ .‬كما ُيشار إلى وجود مساجد خاصة غير مرخصة‬
‫مت تعيينهم في ظل حكومة النهضة أن يركز جامع الزيتونة على العلوم‬ ‫في تونس‪ ،‬حيث لم تشرف وزارة الشؤون الدينية على الدعاة فيها‪ .‬ووف ًقا‬
‫الدينية والالهوتية باإلضافة إلى الدعوة‪ 35.‬وميكن أن تؤدي إعادة إحياء‬ ‫ملسؤولي وزارة الداخلية‪ ،‬بقي نحو ‪ 150‬مسج ًدا في الوقت احلالي حتت‬
‫دور الزيتونة التعليمي إلى إعطاء العلماء القائمني على اجلامع نفو ًذا كبي ًرا‬ ‫‪32‬‬
‫سيطرة اجلهاديني السلفيني‪.‬‬
‫في الشؤون الدينية إذ يشمل هذا الدور ضبط شبكة وطنية من اجلمعيات‬ ‫نتيجة لذلك‪ ،‬فإن ممارسة السيطرة املركزية على املساجد في تونس‬
‫اخليرية واملؤسسات واجلوامع والدعاة‪ .‬كان جلامع الزيتونة قبل االستقالل‬ ‫كوسيلة للتأثير على القيم الدينية وملواجهة أيديولوجية اجلهادية السلفية‬
‫فرو ًعا في كافة أنحاء تونس‪ ،‬وإن إعادة فتح هذه الفروع يوفر لعلماء الدين‬ ‫بشكل واضح‪ ،‬اتخذت تزداد أهمية‪ 33.‬ومع فرض حزب النهضة اجراءات‬
‫منافذ أكثر لتعزيز التعليم الديني في كامل البالد‪.‬‬ ‫صارمة على النشاط اجلهادي السلفي‪ ،‬أدرك احلزب أنه بحاجة إلى إعادة‬
‫السيطرة املركزية على عملية تعيني الدعاة وعلى الرسائل التي ينشرونها‪،‬‬
‫وال سيما أثناء صالة اجلمعة وصالة اجلماعة‪ .‬من هنا‪ ،‬عينت وزارة‬
‫الشؤون الدينية جلنة ملعاجلة هذه املسألة واستخدمت مجموعة من األعمال‬
‫اخلاصة بالشرطة والقانونية والبيروقراطية للتأكيد على سلطتها‪ .‬وقد‬
‫من يتحكم بالنظرة الدينية والعقيدة الدينية‬ ‫اتضحت اجلهود املبذولة يو ًما بعد يوم إلعادة تشكيل املشهد الديني ً‬
‫أول‬
‫جلامع الزيتونة يكون له تأثير كبير على صقل‬ ‫في وزارتي الشؤون الدينية والتعليم العالي‪ .‬إذ إن وزارة الشؤون الدينية‬
‫القيم الدينية في البالد‪.‬‬ ‫مسؤولة عن تعيني أئمة املساجد أو أئمة الصالة‪ ،‬ومراقبة اخلطب التي‬
‫تُلقى في املساجد‪ ،‬واعتماد معايير لتأهيل علماء الدين واألئمة‪ ،‬في حني‬
‫تشرف وزارة التعليم العالي على قسم الدراسات الدينية في جامعة تونس‪.‬‬
‫نظ ًرا إلى أن وزارة الشؤون الدينية تتحكم بشؤون اجلامع وأن وزارة‬
‫التعليم العالي تدير الدراسات الدينية‪ ،‬يقع جامع زيتونة في قلب معركة‬ ‫دور جامع الزيتونة‬
‫تخف وزارة الشؤون الدينية في أول‬ ‫ِ‬ ‫بيروقراطية على السيطرة‪ .‬ولم‬
‫حينئذ‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫حكومتني حلركة النهضة‪ ،‬وكان نور الدين اخلادمي يرأس الوزارة‬ ‫يقع دور جامع الزيتونه وإرثه في قلب الصراع حول اإلسالم التونسي‪.‬‬
‫عن رغبتها بالتحكم بقسم الدراسات الدينية في جامعة تونس‪ .‬ولكن تطرح‬ ‫وبالرغم من أن اجلامع خسر مجد املاضي‪ ،‬ال يزال ُيعتبر رمزًا وطن ًيا‬
‫مثل هذه اخلطوة مشكل ًة متثل في أن املدرسني في اجلامعة ليسوا علماء‬ ‫بشكل‬
‫ٍ‬ ‫وال يزال اسمه يتمتع بتأثير كبير‪ 34.‬ويفتخر معظم التونسيون‬
‫‪36‬‬
‫دين وال شيوخ بل أساتذة دراسات دينية‪.‬‬ ‫كبير‪ ،‬مبن فيهم التونسيني العلمانيني‪ ،‬بتاريخ الزيوتنة إذ يلعب اجلامع‬
‫ويخاف العديد من التونسيني ذوي التفكير العلماني‪ ،‬كما التونسيون‬ ‫دو ًرا مه ًما في حتديد الهوية التونسية‪ .‬وفي حني تتوافق أغلب اجلهات‬
‫املتدينون الذين يريدون فصل الدين عن السياسة‪ ،‬من أن إعادة إحياء‬ ‫الدينية على ضرورة إعادة إحياء اجلامع كجزء من جهود مكافحة التطرف‬
‫جامع الزيتونة كجامعة سيستحدث نظا ًما تربو ًيا مواز ًيا للنظام العلماني‬ ‫العنيف‪ ،‬ال يتفق إال القليل على األدوار والوظائف التي يجب أن يتحلى بها‬
‫حتفظا‪ .‬ولقد ع ّبر إمام الزيتونة‪ ،‬الشيخ‬‫ً‬ ‫يصقله ويس ّيسه علماء الدين األكثر‬ ‫اجلامع وعلى املنهج الذي يجب أن يتبعه‪.‬‬
‫حسني عبيدي‪ ،‬في املاضي عن آراء متعصبة وح ّرض على استخدام العنف‪،‬‬ ‫وتتباين آراء التونسيني في ما يخص احلفاظ على الزيتونة كجامع وحسب‬
‫مع العلم أنه حافظ بالرغم من ذلك على منصبه‪ 37.‬وستبقى اخلالفات‬ ‫أو إعادة استئناف وظيفته كجامعة‪ .‬وال تتعلق هذه املسألة بالوضع‬
‫حول التحكم بجامع الزيتونة ووظيفته ونظرته مصد ًرا للتوتر القائم بني‬ ‫أيضا كيفية تعليم الدين في تونس‪ .‬فمنذ‬ ‫املؤسسي وحسب لكنها تطال ً‬
‫مختلف األطراف الدينية على مدى املستقبل القريب‪ .‬لكن املخاطر في هذا‬ ‫نصف القرن املاضي‪ ،‬يتم تعليم الدين كموضوع أكادميي على يد أساتذة‬
‫الصراع كبيرة‪ ،‬فنظ ًرا إلى األهمية التاريخية التي يتمتع بها هذا اجلامع‬ ‫جامعيني وال تقدم اجلوامع أي دروس أو توجيهات تعليمية كما هي احلال‬
‫في الهوية الوطنية التونسية‪ ،‬يكون ملن يتحكم بالنظرة الدينية والعقيدة‬ ‫في أنحاء أخرى من العالم اإلسالمي‪ .‬بالتالي‪ ،‬إن إعادة الوظيفة اجلامعية‬
‫الدينية جلامع الزيتونة تأثير كبير على صقل القيم الدينية في البالد‪.‬‬ ‫إلى الزيتونة يرمز إلى رفض العلمانية التي فرضها بورقيبة وهو قد يعيد‬

‫‪1616 RHODE ISLAND AVE NW, WASHINGTON DC 20036 | P. 202.775.3179 | F. 202.775.3199 | WWW.CSIS.ORG/MIDEAST‬‬
‫‪ | 6‬مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية | مقالة تحليلية‬

‫جتربة املغرب‪ :‬امللك والشعب املؤمن‬ ‫وجهات نظر بديلة‬


‫لم تكن تونس وحدها من بذل مجهو ًدا إلعادة حتديد اإلسالم التقليدي‬ ‫بالرغم من أنّ حزب النهضة كان على رأس اجلهود املذكورة أعاله‪ ،‬يتخطى‬
‫احمللي‪ .‬ففي خالل العقد األخير‪ ،‬سعى املغرب إلى تطبيق استراتيجية‬ ‫الصراع لتحديد اإلسالم التقليدي في تونس واملعركة ض ّد العقيدة اجلهادية‬
‫بشكل كبير على مبادرة من القصر‬ ‫ٍ‬ ‫شاملة لتحديد اإلسالم املغربي اعتمدت‬ ‫السلفية أي حركة سياسية أو دينية واحدة‪ .‬فتعتبر مختلف األطراف السياسية‬
‫بيدل عن العقيدة املتطرفة‬ ‫امللكي‪ .‬وتهدف هذه االستراتيجية إلى تقدمي ٍ‬ ‫والدينية أكثر وأكثر اإلسالم التونسي‪ ،‬الذي يعتمد على تاريخ البالد الغني وإرثه‬
‫وإلى تعزيز الشرعية الدينية والسياسية للملك‪ .‬وأطلق املغرب سلسلتَني‬ ‫الديني‪ ،‬عنص ًرا أساس ًيا في املعركة ض ّد التطرف‪ .‬وأ ّكد عدد كبير من األطراف‬
‫من اإلصالحات‪ ،‬األولى في العام ‪ 2004‬والثانية في العام ‪ ،2008‬بهدف‬ ‫السياسية والدينية في خالل املقابالت ‪ -‬مبا في ذلك إسالميني سياسيني وقادة‬
‫‪40‬‬
‫تنظيم وتعديل القطاع الديني‪ .‬تختلف تونس بالطبع عن املغرب بتاريخها‬ ‫من حركة النهضة‪ 38‬وأئمة موظفني لدى احلكومة ‪ 39‬وصوفيني وقادة سلفيني‬
‫وبنيتها السياسية لكن بينما تسعى تونس إلى إعادة حتديد اإلسالم‬ ‫يتعاطفون مع اجلهاديني السلفيني ‪ -‬على أهمية إعادة إحياء املالكية واإلسالم‬
‫التقليدي‪ ،‬ميكن خلبرة املغرب أن تقدم وجهات نظر ومعلومات مهمة‪.‬‬ ‫التونسي ونشرهما من أجل مكافحة التطرف‪ .‬وفي حني أن مقارباتهم جتاه‬
‫فتوضح خبرة املغرب النطاق الذي تطاله جهود احلكومة في محاولتها‬ ‫ّ‬ ‫إعادة إحياء صورة اإلسالم التونسي تشمل بعض العناصر املشتركة‪ ،‬إال أنها‬
‫لضبط الدين ومدى تقييد هذه اجلهود‪.‬‬ ‫تختلف في ما يخص حتديد التطرف واملقاربات الالهوتية والبنيوية التي حتدد‬
‫تركز جهود املغرب على نشر املذهب املالكي والالهوت األشعري والصوفية‪.‬‬ ‫اإلسالم التونسي التقليدي‪ .‬وبالرغم من أن هذا النقاش يدور بني علماء الدين‬
‫ً‬
‫ارتباطا وثي ًقا بامللكية إذ تُعتبر هذه‬ ‫وإنّ الهوية اإلسالمية في املغرب ترتبط‬ ‫والقادة السياسيني‪ ،‬هو سيحدد القيم الدينية التي سيتم تعليمها ونشرها في‬
‫األخيرة قاعدة االستقرار في املغرب‪ :‬فامللك هو احلاكم الدنيوي كما أنه‬ ‫املدارس واجلوامع التونسية‪.‬‬
‫أمير املؤمنني‪ ،‬أي أنه السلطة الدينية األعلى في البالد‪ 44.‬ولقد حاول ملوك‬ ‫الصوفيون هم من بني أولئك الذين يعتبرون أن رسم صورة جذابة لإلسالم‬
‫املغرب‪ ،‬منذ استقالل البالد‪ ،‬أن يعززوا شرعيتهم الدينية وفي الوقت عينه‬ ‫التونسي هو خطوة أساسية ملكافحة اإلرهاب والتطرف‪ .‬ولتونس تاريخ طويل مع‬
‫فصل الدين عن السياسية من أجل منع اخلصوم السياسيني من استغالل‬ ‫الصوفية فتنشط اليوم بني ‪ 10‬و‪ 15‬طرق في البالد‪ .‬وبالرغم من أن الصوفيني‬
‫الدين لغايات سياسية‪ .‬وإنّ األحزاب السياسية القائمة على الدين ممنوعة‬ ‫هم غير مس ّيسني عاد ًة في تونس‪ ،‬هم ناشطون في هذا النقاش حتدي ًدا‪.‬‬
‫ينص الدستور على إشراف امللك على الدين‬ ‫قانونًا‪ 45.‬باإلضافة إلى ذلك‪ّ ،‬‬ ‫وبحسب رأيهم‪ ،‬يستند اإلسالم التونسي على االجتهاد املالكي والالهوت‬
‫وتؤكد البيعة‪ ،‬أي ميني الوفاء‪ ،‬هذا اإلشراف‪ .‬ويحلف املسؤولون رفيعو‬ ‫األشعري والصوفية‪ .‬وإنّ الصوفيني‪ ،‬شأنهم شأن العديد من التونسيني‪،‬‬
‫املستوى‪ ،‬مبن فيهم العلماء‪ ،‬هذه البيعة سنو ًيا أمام امللك‪.‬‬ ‫كمركز تعليمي مع احلفاظ على الفصل بني‬ ‫ٍ‬ ‫يسعون إلى إعادة إحياء الزيتونة‬
‫‪41‬‬
‫يركز املنحى البيروقراطي في استراتيجية املغرب على التحكم باألراضي‬ ‫وتقسم املجتمع‪.‬‬
‫الدين والسياسية إذ يرون أن السياسة تفسد الدين ّ‬
‫التي تتواجد فيها العناصر ذات العقائد املتطرفة‪ .‬وتسعى املؤسسات‬ ‫وال يشعر الصوفيون بالتهديد من جانب اجلهاديني واجلهاديني السلفيني وحسب‪،‬‬
‫الدينية احلكومية إلى تسهيل الوصول إلى اجلوامع واألئمة وتوسيع نطاق‬ ‫إذ يرى الشيوخ الصوفيون وأنصارهم أنّ حركة النهضة هي في الواقع حركة‬
‫التوجيه واخلدمات التي يقدمونها على أمل استحداث إسالم مغربي ميكنه‬ ‫سلفية وأنها غير صادقة في اعتناقها املدرسة القانونية املالكية‪ 42.‬فهم يقولون‬
‫أن يضاهي املفاهيم التي يتبعها اإلسالميون السياسيون والسلفيون‬ ‫إن حركة النهضة حتالفت مع السلفيني بعد الثورة‪ ،‬مما أعطى هؤالء احلرية‬
‫واملتطرفون‪ .‬وتقود وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية هذه اجلهود وهي‬ ‫لينظموا أنفسهم وينشروا الدعوة في اجلوامع‪ .‬وفي حني أن مخاوف الصوفيني‬
‫مكلفة بتسجيل وترخيص اجلوامع واملدارس الدينية واملنظمات اخليرية‬ ‫جتاه حركة النهضة معقولة ومعلّلة‪ ،‬جتدر اإلشارة إلى أن حركة النهضة تضم‬
‫أيضا األئمة الذي ُيعتبرون‪ ،‬كما العاملني‬ ‫تعي الوزارة ً‬‫الدينية واألوقاف‪ّ .‬‬ ‫‪43‬‬
‫أشخاصا يعتنقون شك ًال من أشكال الصوفية‪.‬‬
‫ً‬ ‫من بني أعضائها‬
‫‪46‬‬
‫في اجلوامع‪ ،‬موظفني عامني يحصلون على أجورهم من احلكومة‪.‬‬ ‫يدعي النقاد أن الصوفيني غير منظمني وأنه مجزأون وساذجون وينشرون‬
‫تراقب وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية اجلوامع بالتعاون مع وزارة‬ ‫مبسطة ج ًدا عن التسامح‪ .‬ومن حيث التنظيم‪ ،‬إنّ الصوفيني في الواقع‬ ‫رسالة ّ‬
‫الداخلية‪ 47.‬وإن هذا اجلهد هو هائل نظ ًرا إلى أن البالد تضم أكثر من‬ ‫ً‬
‫شيوخا أفراد ويفتقرون إلى بنية أكثر مركزية‪ .‬ولو توحد‬ ‫مشتتون ألنهم يتبعون‬
‫‪ 50‬ألف جامع موزع على مختلف املناطق‪ .‬ويرى بعض علماء الدين أن‬ ‫الصوفيون وشكلوا قوة دينية أو سياسية متماسكة أكثر (وهو تطور قد ال‬
‫عد ًدا من املجموعات املتطرفة يتواجد داخل اجلوامع احلكومية حيث يقاوم‬ ‫يحدث على األرجح نظ ًرا للظروف الراهنة) لكان باستطاعتهم أن يشكلوا قاعدة‬
‫األئمة جهود الدولة إلصالح النهج التعليمية واملمارسات الدينية‪ 48.‬وفي‬ ‫انتخابية أقوى ضمن األوساط الدينية التونسية وأن يتمتعوا بتأثير أكبر على‬
‫العام ‪ ،2009‬فصلت الوزارة ‪ 765‬إما ًما عن مناصبهم لعدم كفاءتهم‬ ‫الهوية الوطنية الدينية التونسية التي ال تنفك تتطور‪.‬‬

‫مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية | برنامج الشرق األوسط في مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية‬
‫مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية | مقالة تحليلية | ‪7‬‬

‫القرن املاضي يخوضون معارك عنيفة ض ّد احلكومة اجلزائرية ويعانون من‬


‫القمع في تونس وليبيا‪ ،‬كان اإلسالميون في املغرب مشمولني في السياسة‬
‫البرملانية‪ .‬وفاز الفريق اإلسالمي األبرز‪ ،‬وهو حزب العدالة والتنمية‪،‬‬
‫حينئذ حكومة ائتالفية‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫باالنتخابات النيابية في العام ‪ 2011‬وشكل‬ ‫ٍ‬
‫بشكل عام‪ ،‬يسعى املغرب إلى جتريد الدين‬
‫أيضا على جتريد املتطرفني من أي شرعية وإدماجهم من‬ ‫عمل املغرب ً‬
‫خالل عقد اتفاقيات مع شيوخ جهاديني سلفيني معروفني‪ ،‬على أن يتم‬
‫من السياسة ومنع املعارضة السياسية من‬
‫ذلك جزئ ًيا من خالل عقد احلوارات في السجون‪ .‬وأصدر امللك في العام‬ ‫استخدام الدين ض ّد امللك‪.‬‬
‫‪ 2011‬عف ًوا عن عدد من الدعاة السلفيني اجلهاديني الذين مت اعتقالهم بعد‬
‫تفجيرات الدار البيضاء في العام ‪ ،2003‬مبن في ذلك محمد فزازي الذي‬
‫ُحكم عليه بالسجن لثالثني عا ًما الرتباطه بهذا الهجوم‪ .‬وكتب الفزازي منذ‬ ‫مت فصل ‪ 34‬إما ًما إضاف ًيا ملخالفتهم منع املشاركة في الفعاليات‬ ‫ومن ثم ّ‬
‫سنتَني رسالة مفتوحة موجهة إلى ابنته في أملانيا يفصل نفسه فيها عن‬ ‫السياسية‪ ،‬بالرغم من أنه يتم في بعض األحيان استخدام اجلهاز الديني‬
‫‪49‬‬
‫وأيضا‪ ،‬أعلن عدد من القادة اجلهاديني السلفيني‪ ،‬مبن‬ ‫ً‬ ‫‪55‬‬
‫أعمال العنف‪.‬‬ ‫للدولة لدعم بعض األهداف السياسية احملددة‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫فيهم الفزازي‪ ،‬عن دعمهم للملكية‪ .‬وما يثير لالهتمام هو أن امللك محمد‬ ‫أيضا في صدد إصالح وتنظيم محتوى التعليم الديني وقد ُأنشئت‬ ‫املغرب ً‬
‫الرابع حضر في آذار‪/‬مارس ‪ 2014‬صالة كان يرأسها الفزازي يوم‬ ‫مجالس دينية مثل الرابطة احملمدية للعلماء من أجل تعزيز احلوار حول‬
‫مت بث خطبة الفزازي والصالة على شاشات‬ ‫اجلمعة في جامع في طنجة‪ّ .‬‬ ‫املسائل الدينية ودعم إصالح املناهج في التعليم الديني‪ .‬باإلضافة إلى‬
‫‪57‬‬
‫التلفاز‪.‬‬ ‫ذلك‪ ،‬حاولت الدولة أن تنظم الفتاوى‪ ،‬أي املراسيم الدينية‪ ،‬وأنشأت هيئة‬
‫وإنّ إعادة تأهيل وإدماج السلفيني اجلهاديني جتزّء بعد أكثر أي معارضة‬ ‫دينية واحدة لها السلطة على إصدار األحكام الدينية وهي املجلس العلمي‬
‫سياسية ودينية محتملة لكنها ال تخلو من املخاطر‪ .‬فإعطاء الشرعية‬ ‫أيضا بإصالح املناهج املستخدمة‬ ‫األعلى الذي يرأسه امللك‪ .‬بدأت الدولة ً‬
‫للمتطرفني السابقني مثل الفزازي قد يساهم في زيادة تأثيرهم أكثر مما‬ ‫لتدريب األئمة وعلماء الدين‪ .‬وفي العام ‪ ،2006‬أصدرت وزارة الشؤون‬
‫يساهم في زيادة تأثير السلطات الدينية التابعة للدولة‪ .‬وبغض النظر عما‬ ‫الدينية دلي ًال لتدريب األئمة يستند إلى مبادئ اإلسالم املغربي‪ 50.‬عارض‬
‫إذا يقرر السلفيون اجلهاديون بعد إعادة تأهيلهم الدخول إلى الساحة‬ ‫بعض األئمة هذه اإلصالحات وفي العامني ‪ 2012-2011‬تظاهروا ضد‬
‫السياسية أو البقاء خارجها‪ ،‬يبقون جز ًءا من احلياة الدينية في املغرب‬ ‫التدخل في محتوى اخلطابات‪ 51.‬وبحسب املسؤولني في وزارة الشؤون‬
‫ولرمبا حتى السياسية‪ .‬وال ميكن بعد حتديد مدى جناح املغرب في جتريد‬ ‫الدينية‪ ،‬تقدم الوزارة من وقت إلى آخر توجيهات حول مواضيع معينة‬
‫املتطرفني السابقني الذين كانوا يلجأون إلى العنف من تطرفهم وفي إعادة‬ ‫تُناقش في خطابات يوم اجلمعة‪ ،‬عل ًما أن تقارير أخرى تفيد أنه في بعض‬
‫‪52‬‬
‫إدماجهم ولكن من احملتمل أن تظهر توجهات غير متوقعة في املستقبل‪.‬‬ ‫األوقات يتم توزيع نص خطبة واحد و ُمعتمد على جوامع البالد‪.‬‬
‫بشكل خاص بجذب جيل جديد من املغاربة‬ ‫ٍ‬ ‫فاحلرب في سوريا تقوم‬ ‫ومتتد استراتيجية املغرب إلى ما بعد حدود البالد إذ ترى احلكومة أن‬
‫والشباب من جميع أنحاء املنطقة ودفعهم إلى التطرف‪ ،‬مما يشير إلى أن‬ ‫نشر مبادئ اإلسالم املالكي لدى املجتمعات املغربية في اخلارج‪ ،‬أي‬
‫‪58‬‬
‫باق وأن املعركة ستشتد بعد أكثر‪.‬‬‫الكفاح ٍ‬ ‫في أوروبا والساحل وغرب أفريقيا‪ ،‬يشكل عنص ًرا مه ًما من سياستها‬
‫ال يزال االستثناء األساسي الستراتيجية الدمج في املغرب هو جماعة‬ ‫اخلارجية التي ستدعم االستقرار الداخلي‪ .‬وللمغرب تاريخ طويل من‬
‫العدل واإلحسان‪ ،‬وهي حركة إسالمية شعبية ترفض الشرعية السياسية‬ ‫نشر املمارسات والقيم اإلسالمية في غرب أفريقيا حيث تطغى املدرسة‬
‫والدينية للملك وبالتالي‪ ،‬ال تشارك في السياسة البرملانية‪ .‬وتسعى احلركة‬ ‫القانونية املالكية‪ 53.‬كذلك‪ ،‬إنّ املغرب في صدد وضع خطط لتدريب‬
‫إلى إنشاء نظام سياسي واجتماعي جديد في املغرب مع العلم أنها ترفض‬ ‫األئمة في مالي وغينيا وتونس وليبيا‪ ،‬ولقد ساعد في إنشاء املجلس‬
‫استخدام العنف كوسيلة لتحقيق غايتها‪ .‬وكان عبد السالم ياسني يقود‬ ‫األوروبي للعلماء املغاربة الذي يهدف إلى خدمة وتعزيز اإلسالم املالكي‬
‫‪54‬‬
‫هذه احلركة حتى وفاته في العام ‪ 2012‬وكانت خطاباته وكتاباته عبارة‬ ‫في مجتمعات املغتربني املغاربة‪.‬‬
‫عن مزيج من العناصر الصوفية والسلفية‪ .‬وفي البداية‪ ،‬شارك الشباب‬ ‫وبشكل عام‪ ،‬يسعى املغرب إلى جتريد الدين من السياسة ومنع املعارضة‬ ‫ٍ‬
‫الذين كانوا يتبعون للحركة في حركة تظاهرات ‪ 20‬شباط‪/‬فبراير التي‬ ‫السياسية من استخدام الدين ض ّد امللك‪ .‬ولكن‪ ،‬في الوقت عينه‪ ،‬شمل‬
‫سؤال حول ما إذا‬‫ً‬ ‫قامت في أوائل العام ‪ 2011‬وطرحت وفاة ياسني‬ ‫املغرب اإلسالميني السياسيني في مجال السياسة الرسمية شرط أن‬
‫يتوجب على احلركة السعي إلى املشاركة في احلياة السياسية الرسمية‬ ‫يعترفوا بسلطة امللك الدينية‪ .‬وفي حني كان اإلسالميون في تسعينات‬

‫‪1616 RHODE ISLAND AVE NW, WASHINGTON DC 20036 | P. 202.775.3179 | F. 202.775.3199 | WWW.CSIS.ORG/MIDEAST‬‬
‫‪ | 8‬مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية | مقالة تحليلية‬

‫أما التحدي املشترك للبل َدين فهو أن امليزة العقائدية احملددة لإلسالم‬
‫التقليدي ال تزال غير واضحة‪ .‬ففي حني أن احلكومات قد تنجح في فرض‬
‫السيطرة على املؤسسات امللموسة‪ ،‬إن صقل العقائد مسألة معقدة أكثر‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬لقد تضاءلت مصداقية املؤسسات الدينية التابعة للدولة‬ ‫ستبقى هوية تونس اإلسالمية والدور الذي‬
‫على مدى السنوات‪ ،‬ويعود ذلك جزئ ًيا إلى أن هذه املؤسسات غال ًبا ما‬
‫يلعبه الدين في املجتمع التونسي عرض ًة‬
‫تتردد في التطرق إلى حتديات احلياة اليومية التي هي بطبيعتها سياسية‪:‬‬
‫للنزاع في املستقبل القريب‪.‬‬
‫سوء احلوكمة واإلقصاء االقتصادي والفساد‪ .‬يقوم رجال الدين من خالل‬
‫تركيزهم على املواضيع التي ال تطرح أي إشكالية بإضعاف مصداقيتهم‬
‫لدى الشباب الذين يبحثون عن مناقشات منفتحة أكثر‪ ،‬ال سيما في املجال‬
‫السياسي ما بعد الربيع العربي‪.‬‬ ‫أو ال‪ .‬وال تزال جماعة العدل واإلحسان اليوم ترفض النظام السياسي‬
‫أيضا في فجوة األجيال وفجوة التواصل بني العلماء كبار‬ ‫ومتكن املشكلة ً‬ ‫املغربي لكن قراراتها في املستقبل ستؤثر على املشهد السياسي والديني‬
‫السن من جهة والشباب من جهة أخرى‪ .‬في املقابل‪ ،‬يجذب الدعاة اجلهاديون‬ ‫في املغرب‪.‬‬
‫السلفيون الشباب احملروم من حقوقه الذي يبحث عن معنى ونظام حلياته‪.‬‬
‫فيتكلم هؤالء الدعاة عن الظلم والذل وعدم املساواة ويعطون الشباب وسائل‬ ‫حتديات تشكيل هوية إسالمية وطنية‬
‫لكي يتحركوا‪ .‬فهم يفهمون ما يشجع الشباب ويركزون على التعليم والعمل‬
‫االجتماعي‪ ،‬مما ميكن العديد من الشباب الذين يشعرون بأنهم مهمشون‪.‬‬ ‫بالرغم من أن املغرب وتونس يتشاركان املقاربة نفسها جتاه إصالح وتنظيم‬
‫يفهم جيل أصغر من العلماء واملفكرين في املنطقة أن مكافحة اخلطاب‬ ‫العقيدة الدينية واملجال الديني‪ ،‬تظهر اختالفات مهمة بني البلدين‪ .‬فتشكلت‬
‫الديني الداعي إلى العنف يتطلب معاجلة احتياجات الشباب‪ .‬يجب أن يكون‬ ‫بشكل جزئي من خالل اإلسالم بينما أ ّدى‬ ‫ٍ‬ ‫الهوية الوطنية احلديثة في املغرب‬
‫األئمة قادرون على التكلم مع األجيال الناشئة وفهم احتياجاتهم والتمتع‬ ‫فرض تونس للعلمانية بعد االستقالل إلى إضعاف الهوية الدينية‪ .‬ويتمتع‬
‫باألدوات واملهارات الضرورية لتلبية هذه االحتياجات‪ .‬غير أن تدريب مثل‬ ‫املغرب بنقطة قوة مهمة هي امللك الذي يشكل الشخصية الدينية املركزية‬
‫هؤالء األئمة عملية تتطلب وقتًا طوي ًال‪.‬‬ ‫ويوجه السياسات الدينية‪ .‬وي ّدعي امللك الشرعية الدينية كما أنه يتمتع‬
‫ويشكل التسويق وتوجيه الرسائل عنصرين مهمني من عملية نشر القيم‬ ‫بإمكانية استخدام كامل موارد الدولة‪ .‬في املقابل‪ ،‬ال تفتقر تونس إلى سلطة‬
‫اإلسالمية التقليدية‪ .‬لقد زادت احلكومات في املنطقة عدد البرامج الدينية‬ ‫أيضا السياسة املستقطبة التي تع ّقد مساعي‬ ‫مركزية قوية وحسب بل تواجه ً‬
‫على إذاعات التلفاز والراديو التي تديرها الدولة من أجل التنافس مع الدعاة‬ ‫االنتقال نحو سلطة دينية مركزية‪.‬‬
‫اخلليجيني واملصريني على شاشات التلفاز الفضائية‪ .‬وميتلك املغرب قناة‬ ‫بشكل كبير‬
‫ٍ‬ ‫مسيسا‬
‫ً‬ ‫وال يزال الصراع إلعادة حتديد اإلسالم التونسي‬
‫تلفاز تديرها الدولة (السادسة) تتكرس برامجها فقط ملناقشة الشؤون‬ ‫ومتناز ًعا عليه من جانب مختلف األطراف‪ .‬وتعني املنافسة القائمة بني‬
‫أيضا برامج دينية‬ ‫الدينية‪ ،‬السيما نشر اإلسالم املغربي‪ .‬تطور تونس ً‬ ‫حركة النهضة والقوى السياسية العلمانية والسلفيني أنه من املستحيل أن‬
‫محلية‪ .‬إال أن التحدي ميكن في أن قنوات التلفاز التي تديرها الدولة مملة‬ ‫يحدد طرف واحد السياسات الدينية والرسائل املنشورة‪ .‬وستبقى حركة‬
‫بشكل عام باملقارنة مع البرامج احلماسية التي تتوفر على اإلنترنت أو على‬ ‫ٍ‬ ‫النهضة قوة سياسية قوية في تونس لكن قدرتها على صياغة السياسات‬
‫القنوات الفضائية‪ .‬يسعى علماء الدولة إلى تعليم احترام السلطة غير أن‬ ‫الدينية مبفردها تعتمد على مشاركتها في احلكومة وعلى حتكمها املستقبلي‬
‫هذه الرسالة ال تتناسب أب ًدا مع النفسية السائدة في شمال أفريقيا حيث‬ ‫بالوزارات األساسية‪ ،‬مبا في ذلك وزارة الشؤون الدينية ووزارة التعليم‬
‫كسحت روح التمرد التي أتى بها الربيع العربي املجتمعات كما السياسة‪.‬‬ ‫العالي‪ .‬هذا يعني أن هوية تونس اإلسالمية والدور الذي يلعبه الدين في‬
‫املجتمع التونسي سيبقيان موضع نقاش في املستقبل القريب‪.‬‬
‫التطلع إلى األمام‬ ‫وبالعكس‪ ،‬يسعى املغرب إلى جتريد الدين من السياسة عبر احلفاظ على‬
‫احتكار امللكية للسلطة الدينية والشرعية الدينية‪ .‬وفيما ترفض بعض القوى‬
‫ال يزال صراع تونس لتحديد هويتها الدينية في بدايته‪ .‬وال يتطرق‬ ‫السياسية والدينية (مثل جماعة العدل واإلحسان) الدور الديني للملك‪ ،‬يتمتع‬
‫بشكل عام إلى دور الدين في املجتمع وال ميكنه أن‬
‫ٍ‬ ‫الدستور اجلديد إال‬ ‫تفسير موحد لإلسالم‬ ‫ٍ‬ ‫امللك باألدوات واملؤسسات واملوارد الضرورية لتعزيز‬
‫يحل االنقسامات العقائدية واملؤسسية املعقدة التي سترسم املشهد الديني‬ ‫في اجلوامع واملؤسسات ومراكز األبحاث التي متولها الدولة‪.‬‬

‫مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية | برنامج الشرق األوسط في مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية‬
‫مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية | مقالة تحليلية | ‪9‬‬

‫أيضا كسب فهم أعمق للقوى التي تلعب‬ ‫النقاش‪ .‬ولكن من األساسي ً‬ ‫في املستقبل‪ .‬على األطراف الدينية والسياسية املتنافسة أن تتولى هذه‬
‫دو ًرا في هذا النقاش‪ .‬تسعى احلكومات في املنطقة إلى محو التطرف‬ ‫املهمة‪.‬‬
‫من مجتمعاتها من خالل جعل هذه املجتمعات أكثر تدينًا وليس أقل‬ ‫تعكس التجربة في تونس منافسة دينية أوسع تقوم في املنطقة حول‬
‫تدينًا‪ .‬وإنها تدمج السفليني مع أفراد لهم عقائد وقيم تتضارب في معظم‬ ‫السيطرة على الدين‪ .‬وسيكون لكيفية حتديد احلكومات ملا يعتبرونه اإلسالم‬
‫بشكل مباشر مع عقائد وقيم الواليات املتحدة‪ .‬إذا دعمت احلكومة‬
‫ٍ‬ ‫األوقات‬ ‫التقليدي ونشرهم له أثار كبيرة على استقرار هذه احلكومات واستقرار‬
‫األميركية تفسيرات دينية معينة وليس أخرى‪ ،‬تخاطر بالتسبب آثار‬ ‫املنطقة ككل‪ .‬وفيما تنظم احلكومات املجال الديني‪ ،‬عليها أن حتقق توازنًا‬
‫ً‬
‫عوضا عن‬ ‫ارتدادية وتضعف العلماء واملؤسسات التي تدعو إلى التسامح‬ ‫بني نشر قيمها اخلاصة وقمع التفسيرات األخرى غير العنيفة‪ ،‬ال سيما‬
‫العنف‪ .‬في النهاية‪ ،‬على الشعوب في املنطقة أن يقرروا ما هي األصوات‬ ‫السلفية‪ 59.‬فالسلفية قائمة في بالد املغرب العربي منذ قرون ومن املرجح‬
‫التي ُيسمح لها أن تعلو في مجتمعاتهم‪ .‬وتراهن احلكومات على أن التحكم‬ ‫أن تبقى قوة اجتماعية ودينية و(من املمكن) سياسية‪.‬‬
‫أكثر بالرسائل الدينية سيؤدي في النهاية إلى مجتمعات أقل متر ًدا وأقل‬ ‫ولقد مال القمع في املاضي إلى تقوية تأثير املجموعات اإلسالمية‪ ،‬وإنّ‬
‫عرضة للعنف السياسي‪ .‬لكن هذا الرهان يطرح مخاطرة معينة وستساعد‬ ‫جتدد احلكومات لسياسات التضييق التي تتبعها سيؤدي إلى تشجيع‬
‫نتيجة هذه املخاطرة في حتديد القيم الدينية للجيل القادم في املنطقة كما‬ ‫عدد أكبر من الشباب على اللجوء إلى العنف‪ .‬يبدو أن كل من تونس‬
‫بشكل كبير على املجتمع والسياسة في املستقبل البعيد‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ستؤثر‬ ‫مجال من حرية العمل‬ ‫ٍ‬ ‫واملغرب يفهمان أنه ال مهرب من إعطاء بعض‬
‫إلى السلفيني الذين ال يلجؤون إلى العنف‪ .‬وبحسب املدى الذي يختار‬
‫فيه السلفيون املشاركة في السياسة الرسمية‪ ،‬ستشهد املنطقة حتديات‬
‫مالحظات‬ ‫إضافية تواجهها احلكومات واألحزاب السياسية اإلسالمية األخرى‪.‬‬

‫‪ .1‬للحصول على النص الكامل والترجمة اإلنكليزية لإلجابة التونسية‬


‫راجع «‪ »In Quest of Islamic Humanism‬طبعة أ‪ .‬ه‪ .‬غرين (القاهرة‪ :‬اجلامعة‬
‫األميركية‪ ،‬في كايرو بريس‪.155-77 )1984 ،‬‬

‫‪ .2‬السلفية والوهابية مفهومان مختلفان لكن متداخالن مع أنه يتم‬


‫استخدام املصطلحني في السياق نفسه أحيانًا‪ .‬في مقابالت أجراها الكاتب‬ ‫يسعى علماء الدولة إلى تعليم احترام السلطة‬
‫في تونس في تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ‪ ،2013‬استخدم عدة أشخاص كلمة‬ ‫غير أن هذه الرسالة ال تتناسب أب ًدا مع النفسية‬
‫«واهبي» لوصف امليول املتطرفة التي نشأت خارج تونس‪ .‬للتوضيح‪ ،‬يعتمد‬ ‫السائدة في شمال أفريقيا حيث كسحت روح‬
‫هذا املقال مصطلح سلفي طوال النص‪.‬‬
‫التمرد التي أتى بها الربيع العربي املجتمعات‬
‫‪ .3‬لوصف مفصل وتعريف بالسلفية راجع برنارد هيكل «‪On the Nature‬‬ ‫كما السياسة‪.‬‬
‫‪ »of Salafi Thought and Action‬في ‪Global Salafism: Islam’s New Religious‬‬
‫‪ ،Movement‬طبعة رويل ميجر (لندن‪ :‬هرست‪.57-33 ،)2009 ،‬‬

‫‪ .4‬يشير بعض التونسيون ً‬


‫أيضا إلى اإلسالم التونسي التقليدي باإلسالم‬ ‫حال ًيا‪ ،‬من األساسي جتريد صراع تشكيل الهوية السياسية من الطابع‬
‫«الزيتوني»‪ ،‬في إشارة إلى إرث جامع الزيتونة‪.‬‬ ‫بشكل خاص خطر تعقيد السياسة للنقاش‬ ‫ٍ‬ ‫السياسي‪ .‬وتواجه تونس‬
‫الديني مما يؤدي ليس إلى استقطاب سياسي أكبر وحسب بل ً‬
‫أيضا إلى‬
‫‪ .5‬املالكية مدرسة قانون ترتكز على تعاليم اإلمام مالك بن أنس الذي‬
‫توفي في نهاية القرن الثامن في املدينة‪ .‬تولي املالكية األولوية للحديث‬ ‫إضعاف جهود إعادة بناء اإلسالم التونسي التقليدي‪.‬‬
‫الشريف في حقبة املدينة و«أصحاب النبي» على أجزاء أخرى من السنة‬ ‫إن عملية إعادة إحياء ونشر اإلسالم التقليدي احمللي هي عملية طويلة‬
‫النبوية الشرفة‪ .‬كما أنها تتقبل كون السياق الزمني واملكان يجب أن‬ ‫األمد وتتطلب بذل مجهود بيروقراطي للتحكم باجلوامع ومراجعة املناهج‬
‫يكون جز ًءا من االجتهاد أو تسير املسائل التي ال يتطرق إليها بشكل‬
‫مباشر القرآن الكريب واحلديث الشريف؛ وليس هذا املوقف فري ًدا‬ ‫الدينية وتدريب األئمة والقادة الدينيني للتواصل مع الشباب‪ .‬وعلى نطاق‬
‫بل هو مقبول مبد ًأ في مدارس شريعة أخرى‪ .‬لوصف دقيق راجع‪،‬‬ ‫أوسع‪ ،‬يتطلب النجاح في هذه املهمة أن يخاطب العلماء الذين تدعمهم‬
‫«‪ Encyclopaedia of Islam «Mālikiyya‬الطبعة الثانية‪ ،‬ب بيرمان‪ ،‬ت بيانكيس‪،‬‬ ‫الدولة واملناهج الدينية احتياجات الناس الروحية كما كفاحهم اليومي‪.‬‬
‫ك إ بوسوورث‪ ،‬إ فان دونزل‪ ،‬و ب هاينريتشس‪ ،‬بيل أونالين‪2014 ،‬‬
‫‪http://referenceworks.brillonline.com/entries/encyclopaedia-of-is‬‬ ‫بالنسبة للواليات املتحدة‪ ،‬تطرح النقاشات حول الهوية الدينية في املنطقة‬
‫‪lam-2/malikiyya-COM_0652.‬‬ ‫حتديات عميقة‪ ،‬أهمها غياب أي دور واضح للواليات املتحدة في هذا‬

‫‪1616 RHODE ISLAND AVE NW, WASHINGTON DC 20036 | P. 202.775.3179 | F. 202.775.3199 | WWW.CSIS.ORG/MIDEAST‬‬
‫‪ | 10‬مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية | مقالة تحليلية‬

‫‪ .١٦‬في منتصف العام ‪ ،2012‬أسست مجموعة جهادية تُدعى كتيبة عقبة‬ ‫‪ .6‬تشمل الصوفية املمارسات التقليدية جتل القديسني واألضرحة‬
‫بن نافع قاعدة في جبال الشعانبي على احلدود التونسية اجلزائرية وقد‬ ‫وتتواجد في شمالي أفريقيا مع أنها شبه منقرضة في شبه اجلزيرة العربية‬
‫شنت عد ًدا من الهجمات على القوى األمنية‪ .‬تتألف املجموعة من تونسيني‬ ‫في القرنني التاسع عشر والعشرين من قبل تابعي محمد إبن عبد الوهاب‬
‫وجزائريني ويعتبر أنهم يتعاونون مع عناصر مع القاعدة في بالد املغرب‬ ‫الذي اعتبر هذه املمارسة نو ًعا من الشرك‪.‬‬
‫اإلسالمي في اإلمارة الشمالية‪ .‬وهدفها األول هو إعاقة العملية االنتقالية‬
‫السياسية بخلق بيئة فوضوية وغير آمنة‪.‬‬ ‫‪ .7‬تداخلت الصوفية على مر القرون في شمالي أفريقيا باملمارسات‬
‫التقليدية التي تقضي بإجالل أضرحة األولياء الصاحلني (وبعضهم من‬
‫‪ .١٧‬سيطر دور الدين على املجتمع والهوية التونسية على معظم النقاش‬ ‫النساء)‪ .‬وكان هؤالء األولياء هم من يرشد الصوفيون وكان يعتقد بأنهم‬
‫الدستوري‪ .‬متت املوافقة على الدستور في كانون الثاني‪/‬يناير ‪،2014‬‬ ‫ميلكون البركة التي تتيح لهم القيام باملعجزات باإلضافة إلى التشفع ملساعدة‬
‫وتوضح املادة السادسة فهم احلكومة الواسع لدور الدين‪.‬‬ ‫الناس برفع صلواتهم إلى الله‪ .‬وكانت هذه املمارسات شائعة في املجتمعات‬
‫واف عن البركة راجع كليفورد غيتز‪،‬‬
‫اليهودية في شمالي أفريقيا‪ .‬لوصف ٍ‬
‫‪ .١٨‬في كانون الثاني‪/‬يناير ‪ 2013‬مث ًال‪ ،‬اتُّهم السلفيون‬ ‫‪( Islam Observed‬شيكاغو‪ :‬دار جامعة شيكاغو‪.45-44 ،)1968 ،‬‬
‫بإضرام النار في ضريح سيدي بو سعيد‪ ،‬وهو شيخ صوفي‬
‫ُدفن بالقرب من تونس‪ .‬راجع رؤى صغير «‪Thirty-Four‬‬ ‫‪ .8‬تأسس جامع القرويني في منتصف القرن التاسع عشر وتصنفه اليونيسكو‬
‫‪»Mausoleums in Tunisia Vandalized Since the Revolution‬‬ ‫على أنه أقدم جامعة في العالم‪ .‬راجع «‪ »Medina of Fez‬قائمة اليونسكو لإلرث‬
‫‪http://www.tunisia-live.net/2013/01/24/thirty-four-mausoleums-intunisia‬‬ ‫العاملي‪ .http://whc.unesco.org/en/list/170 .‬يعود جامع الزيتونة إلى مطلع القرن‬
‫‪vandalized-since-the-revolution/#sthash.WJM2h0mQ.dpuf.‬‬ ‫الثامن و ُيعترف به على أنه ثاني جامع ُبني في شمالي أفريقيا‪.‬‬
‫‪ .١٩‬منت حركة النهضة من املعارضة للرئيس السابق حبيب بورقيبة الذي‬ ‫‪ .9‬لم تكن املغرب يو ًما جز ًءا من اإلمبراطورية العثمانية‪.‬‬
‫أطلق عمليات إصالح علمانية‪ .‬وأسس املفكر رشيد الغنوشي حركة االجتاه‬
‫اإلسالمي كحركة اجتماعية وسياسية مستقلة شبيهة باإلخوان املسلمني في‬ ‫‪ .10‬يشار إلى احلبوس على أنه الوقف أو األوقاف في أجزاء أخرى من‬
‫دول أخرى‪ .‬قمع بورقيبة احلركة التي غيرت إسمها لتصبح النهضة وسعت‬ ‫العالم اإلسالمي‪ .‬وسيكون للنقاش حول احلبوس في تونس أثر مبير على‬
‫للمشاركة في السياسة الرسمية خالل التحرير القصير األمد الذي حصل‬ ‫كيفية متويل اجلوامع واملؤسسات الدينية‪ .‬وفي العام ‪ ،2013‬حاول بعض‬
‫بعد وصول بن علي إلى السلطة في العام ‪ .1987‬لكن هذا االنفتاح سرعان‬
‫أعضاء النهضة التوصل إلى قانون حبوس جديد يسمح بتأسيس أوقاف‬
‫ما تغير بعد اعتماد بن علي استراتيجية مكافحة إرهاب شرسة ووحد‬
‫السلطة وعاش الغنوشي في املنفى من العام ‪ 1988‬إلى ‪ .2011‬بعد إسقاط‬ ‫جديدة‪ .‬لم يتم مترير القانون‪ ،‬لكن من املرجح أن تبقى املسألة مثيرة للجدل‪.‬‬
‫بن علي في كانون الثاني‪/‬يناير ‪ ،2011‬أجرت تونس انتخابات في تشرين‬
‫األول‪/‬أكتوبر ‪ 2011‬للمجلس الوطني التأسيسي الذي كانت مهمته صياغة‬ ‫‪ .11‬إن الدراسات الدينية التي كانت تعطى في جامع الزيتونة مت دمجها‬
‫دستور جديد‪ .‬فازت النهضة بأكثرية متعددة من األصوات وكانت احلزب‬ ‫في املعهد الديني العالي واملعهد العالي للحضارات اإلسالمية التابعني‬
‫القيادي في ائتالف حاكم مؤلف من ثالثة أحزاب‪.‬‬ ‫جلامعة تونس‪.‬‬

‫‪ .٢٠‬حبيب اللوز عضو في حزب النهضة احملافظ وعضو في املجلس‬ ‫‪ .١٢‬بعد احلملة الكبيرة ضد اإلسالميني في تونس في التسعينيات‪ ،‬لم‬
‫الوطني التأسيسي وقد عبر عن غضبه جتاه قرار احلكومة التونسية باعتبار‬ ‫يعد التحول السلفي ظاه ًرا مع أن بعض اخلطب السلفية غير السياسية‬
‫أنصار الشريعة منظمة إرهابية وقد أعرب عن ذلك في حوار مغلق مع‬ ‫كانت مسموحة‪.‬‬
‫احلركة معتب ًرا أن هذا القرار سيؤدي إلى املزيد من العنف‪ .‬مقابلة الكاتب‬
‫مع حبيب اللوز‪ ،‬تونس‪ 21 ،‬تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ‪.2013‬‬ ‫‪ .١٣‬هيكل «‪.35-34 »On the Nature of Salafi Thought and Action‬‬

‫‪ .٢١‬استبدلت احلكومة وزير الداخلية الذي أثار اجلدل علي العريض (مع‬ ‫‪ .١٤‬لتحليل مفصل حول املزج بني اجلهادية والسلفية واملساعي‬
‫رئيسا للوزراء في ما بعد) في محاولة لتنسيق االستجابة األمنية‪،‬‬
‫أنه أصبح ً‬ ‫لدمج األيديولوجية املتطرفة في النشاط االجتماعي والسياسي‪ ،‬راجع‬
‫وبعد عملية اغتيال سياسي ثانية اعتبرت أنصار الشريعة مجموعة إرهابية‪.‬‬ ‫حامي ملكا ووليم لورانس «‪،»Jihadi-Salafism’s Next Generation‬‬
‫مركز الدراسات الدولية واالستراتيجية أكتوبر‪/‬تشرين األول ‪2013‬‬
‫‪ .٢٢‬املثير لألهمية هو أن قائد النهضة رشيد الغنوشي رفض فكرة‬ ‫‪http://csis.org/publication/jihadi-salafisms-next-generation.‬‬
‫اإلسالم التونسي التقليدي وأكد أن «اإلسالم واحد والقرآن والسنة واحد»‬
‫وأشار ً‬
‫عوضا عن ذلك إلى «الثقافة اإلسالمية التونسية»‪ .‬مقابلة الكاتب مع‬ ‫‪ .١٥‬بحسب تقرير مجلس حقوق اإلنسان في األمم املتحدة «إستفاد‬
‫رشيد الغنوشي‪ ،‬واشنطن‪ 26 ،‬شباط‪/‬فبراير ‪.2014‬‬ ‫ما مجمله ‪ 8700‬شخص من قانون الهفو إما بإخراجهم من السجن أو‬
‫في معزم احلاالت بإعادة حقوقهم السياسية لهم»‪ .‬راجع تقرير املقرر‬
‫‪ .٢٣‬لتحليل مفصل عن العالقات بني النهضة والسلفيني راجع‬ ‫اخلاص باألمم املتحدة حول حقوق اإلنسان واإلرهاب‪ ،‬مهمة إلى تونس‪،‬‬
‫«‪ »Tunisia: Violence and the Salafi Challenge‬تقرير مجموعة األزمات الدولية‬ ‫‪ 14‬آذار‪/‬مارس‪ 2012 ،‬وثيقة األمم املتحدة الوثيقة ‪.A/HRC/20/14/Add. 1‬‬
‫في الشرق األوسط وشمالي أفريقيا رقم ‪ 13 ،137‬شباط‪/‬فبراير ‪،2013‬‬ ‫‪http://www.ohchr.org/Documents/HRBodies/HRCouncil/Regular‬‬
‫‪http://www.crisisgroup.org/~/media/Files/Middle%20East%20.‬‬ ‫‪Session/Session20/A-HRC-20-14-Add1_en.pdf.‬‬

‫مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية | برنامج الشرق األوسط في مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية‬
‫مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية | مقالة تحليلية | ‪11‬‬

‫‪ .٣٧‬أفيد أن الشيخ العبيدي أصدر فتوى اتهم فيها بالكفر مجموعة‬ ‫‪North%20Africa/North%20Africa/Tunisia/137-tunisia‬‬
‫مدنسا وحلل قتلهم وفق الشريعة‬
‫ً‬ ‫الفنانني الذين يستعرضون ما اعتبره‬ ‫‪violence-and-the-salafi-challenge.pdf.‬‬
‫اإلسالمية‪ .‬وفي شهر حزيران‪/‬يونيو ‪ ،2012‬أطلق املعرض الذي‬
‫حمل عنوان «ربيع الفن» شرارة يومني من أعمال الشغب في العاصمة‬ ‫«‪Extremists Control Hundreds of Tunisia’s Mosques:‬‬ ‫‪.٢٤‬‬
‫تونس أدت إلى مقتل شخص وتوقيف أكثر من ‪ 160‬آخرين‪ .‬راجع‬ ‫‪ »Religious Affairs Minister‬وكالة الصحافة الفرنسية‪ ٣١ ،‬آذار‪/‬مارس ‪،2012‬‬
‫«‪ »Tunisian Salafi Islamists Riot Over ‘Insulting’ Art‬بقلم‬ ‫‪http://english.alarabiya.net/articles/2012/03/31/204431.html.‬‬
‫طارق عمارة ولني نويهض‪ ،‬رويترز‪ 12 ،‬حزيران‪/‬يونيو ‪،2012‬‬
‫‪http://www.reuters.com/article/2012/06/12/us-tunisia-salafis-‬‬ ‫‪ .٢٥‬في معظم الدول العربية يتم تعيني أئمة املساجد من قبل احلكومة‬
‫‪clash-idUSBRE85B0XW20120612.‬‬ ‫ويحصلون منها على رواتبهم‪ .‬وهناك ً‬
‫أيضا أئمة غير رسميني السيما في‬
‫اجتماعات الصالة والدراسة غير املرخصة‪.‬‬
‫‪ .٣٨‬مقابلة للكاتب مع سعيد فرجاني‪ ،‬عضو املكتب السياسي حلركة‬
‫النهضة‪ ،‬العاصمة تونس‪ 18 ،‬تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ‪.2013‬‬ ‫‪ .٢٦‬بحسب تقرير للصحيفة العربية اليومية التي يقع مقرها في لندن‬
‫«احليا»‪ ،‬أصبح سائق سيارة أجرى إمام مسجد محافظة املنستير وبدأ‬
‫‪ .٣٩‬مقابلة للكاتب مع الشيخ الطيب الغزي‪ ،‬إمام اجلمعة بجامع عقبة بن‬ ‫بضم الشباب للمحاربة في سوريا‪ .‬راجع حازم األمني «‪Tunisia: The Road‬‬
‫نافع في القيروان‪ 20 ،‬تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ‪.2013‬‬ ‫‪»to Jihad in Syria Paved by the Muslim Brotherhood and Jihadist-Salafism‬‬
‫‪ 18‬تشرين األول‪/‬أكتوبر ‪ ،2013‬مت الوصول إليه من ‪BBC Worldwide‬‬
‫‪ .٤٠‬بحسب الشيخ عادل العلمي‪ ،‬رئيس اجلماعة السلفية احملافظة التي‬ ‫‪Monitoring.‬‬
‫سميت في البداية «جمعية األمر باملعروف والنهي عن املنكر»‪ ،‬كل املذاهب‬
‫األربعة صحيحة ولكن يجب تعليم املذهب املالكي وحده‪ .‬مقابلة للكاتب في‬ ‫‪ .٢٧‬مقابلة الكاتب مع مستشار وزير الشؤون الدينية في تونس‪20 ،‬‬
‫العاصمة تونس‪ 19 ،‬تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ‪.2013‬‬ ‫تشرين الثاني‪/‬نوفمبر‪.2013 ،‬‬

‫‪ .٤١‬مقابلة للكاتب مع الشيخ فريد الباجي‪ ،‬العاصمة تونس‪ 22 ،‬تشرين‬ ‫‪ .٢٨‬مجموعة األزمات الدولية «‪.»Tunisia: Violence and the Salafi Challenge‬‬
‫الثاني‪/‬نوفمبر ‪.2013‬‬
‫‪ .٢٩‬مقابلة الكاتب مع اإلمام الصوفي‪ ،‬تونس‪ 22 ،‬تشرين الثاني‪/‬نوفمبر‬
‫‪ .٤٢‬يدعي بعض املتصوفني أن حركة النهضة طلبت من األئمة السلفيني‬ ‫‪ .2013‬ومت عزل اإلمام من منصبه بعد أن انتقد حكومة النهضة وحصل‬
‫أن يتحدثوا عن املذهب املالكي وأن يرتدوا الزي التونسي التقليدي عوض ًا‬ ‫على حماية الشرطة على مدار الساعة بعد أن تلقى تهديدات عدة بالقتل‪.‬‬
‫عن الزي الذي يفضله السلفيون في مصر واخلليج من أجل االنسجام مع‬
‫العادات التونسية احمللية‪.‬‬ ‫‪ .٣٠‬طوم هنيغان «‪Ambiguous religion policy backfires on‬‬
‫«‪ Tunisia’s ruling Islamists‬رويترز في ‪ 3‬أيلول‪/‬سبتمبر ‪،2013‬‬
‫‪ .٤٣‬يق َّدر فرع حركة النهضة ذو امليول السلفية بأنه ميثل نحو ‪ 15‬إلى‬ ‫‪http://www.reuters.com/article/2013/09/03/us-tunisia-crisis-religioni‬‬
‫‪ %20‬من احلركة‪ .‬ويعتنق عبد الفتاح مورو‪ ،‬أحد مؤسسي احلركة‪ ،‬املذهب‬ ‫‪dUSBRE9820C920130903.‬‬
‫الصوفي‪.‬‬
‫«‪Extremists Control Hundreds of Tunisia’s‬‬ ‫‪ .٣١‬وكالة فرانس برس‪،‬‬
‫‪ .٤٤‬في تونس‪ ،‬دعا احلكام احلفصيون (بني القرن الثالث عشر والسادس‬ ‫‪.«Mosques‬‬
‫عشر) ً‬
‫أيضا إلى إعادة اإلسالم املالكي واتخذوا لقب «أمير املؤمنني» واكتسبوا‬
‫الشرعية عن طريق املبايعة‪ .‬راجع ‪ ،A History of Islamic Societies‬آيرا م‪.‬‬ ‫‪ .٣٢‬هذا الرقم صادر عن مسؤول كبير في وزارة الداخلية التونسية‪.‬‬
‫البيدوس (كامبريدج‪ :‬صحيفة اجلامعة‪.322 ،)2002 ،‬‬
‫‪ .٣٣‬مقابلة للكاتب مع مستشار وزير الشؤون الدينية في العاصمة تونس‪،‬‬
‫‪ .٤٥‬يصف حزب العدالة والتنمية نفسه بأنه يعمل بتوجيه من املراجع‬ ‫‪ 20‬تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ‪.2013‬‬
‫الدينية ولكنه ليس مستن ًدا إلى اإلسالم‪.‬‬
‫‪ .٣٤‬مقابلة للكاتب مع مستشار وزير الشؤون الدينية في العاصمة تونس‪،‬‬
‫‪ .٤٦‬يشمل العاملون في املسجد أدوا ًرا كاإلمام اليومي وإمام اجلمعة‬ ‫‪ 20‬تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ‪.2013‬‬
‫واملؤذن واملد ّرس‪.‬‬
‫‪ .٣٥‬مقابلة للكاتب مع باحث من مركز الدراسات اإلسالمية بالقيروان‪،‬‬
‫‪ .٤٧‬في العام ‪ 2008‬قيل إن وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‬ ‫بتاريخ ‪ 20‬تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ‪ .2013‬ينتمي املركز بشكل غير رسمي‬
‫أبلغت البرملان أنها توصلت إلى اتفاق مع وزارة الداخلية حول‬ ‫إلى قسم الدراسات الدينية في جامعة تونس‪.‬‬
‫مراقبة املساجد‪ .‬راجع تقرير «‪Country Report on Human Rights,‬‬
‫‪ »Practices: Morocco 2008‬الصادر عن مكتب الدميقراطية وحقوق اإلنسان‬ ‫املعي في كانون‬
‫ّ‬ ‫‪ .٣٦‬كان منير التليلي‪ ،‬وزير الشؤون الدينية اجلديد‬
‫والعمل التابع لوزارة اخلارجية األمريكية في ‪ 25‬شباط‪/‬فبراير ‪،2009‬‬ ‫الثاني‪/‬يناير ‪ ،2014‬أستا ًذا في جامعة تونس إلى حني تولّيه منصبه في‬
‫‪http://www.state.gov/j/drl/rls/hrrpt/2008/nea/119122.htm.‬‬ ‫احلكومة‪ .‬لم يتضح بعد ما إذا كان سيسعى إلبقاء الزيتونة كجامع فحسب‪.‬‬

‫‪1616 RHODE ISLAND AVE NW, WASHINGTON DC 20036 | P. 202.775.3179 | F. 202.775.3199 | WWW.CSIS.ORG/MIDEAST‬‬
‫‪ | 12‬مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية | مقالة تحليلية‬

‫‪Morocco‬‬ ‫‪King‬‬ ‫‪Attends‬‬ ‫‪Prayers‬‬ ‫‪led‬‬ ‫‪by‬‬ ‫«‪Reformed‬‬ ‫‪.٥٧‬‬ ‫‪ .٤٨‬في العام ‪ 2011‬ن ّفذت مجموعات صغيرة من األئمة احتجاجات‬
‫وكالة فرانس برس‪ 28 ،‬آذار‪/‬مارس ‪،2014‬‬ ‫‪،»Salafi Jihadist‬‬ ‫شعبية ضد احملاوالت العلنية التي تقوم بها وزارة الشؤون الدينية‬
‫‪http://english.alarabiya.net/en/News/middle-east/2014/03/28‬‬ ‫للتحكم مبحتوى عظات اجلمعة وإعادة هيكلة القطاع الديني‪.‬‬
‫‪Morocco-king-attends-prayersled-by-reformed-Salafi-jihadist.html.‬‬ ‫للمزيد من املعلومات حول التطرف في مساجد الدولة‪ ،‬راجع‬
‫«‪ ،»Morocco’s Deradicalization Strategy‬الطاولة املستديرة ملركز الدراسات‬
‫‪ .٥٨‬يقاتل حال ًيا أكثر من ألف مغربي في سوريا‪ ،‬بشكل رئيسي مع تنظي َمي‬ ‫االستراتيجية والدولية حول املغرب العربي‪ 24 ،‬حزيران‪/‬يونيو ‪،2013‬‬
‫جبهة النصرة و «الدولة اإلسالمية في العراق والشام» التابعني للقاعدة‪ .‬ابراهيم‬ ‫‪http://csis.org/files/attachments/130624_Summary_Abaddi.pdf.‬‬
‫بنشقرون ومحمد العلمي هما مغربيان كانا محتجزين في سجن غوانتانامو قبل‬
‫أن يتم نقلهما إلى املغرب حيث أطلقت السلطات املغربية سراحهما الح ًقا‪ ،‬ثم‬ ‫‪ .٤٩‬جاءت اإلقاالت في أعقاب حملة قمع في أيلول‪/‬سبتمبر ‪2008‬‬
‫تولّيا قيادة القتال املغربي التابع لتنظيم القاعدة في سوريا‪ .‬وقد أفيد أن كليهما‬ ‫ضد األئمة واملدارس القرآنية التابعة لإلمام املثير للجدل محمد‬
‫قتل في سوريا‪ .‬مقابلة للكاتب مع مسؤول أمني مغربي‪ ،‬الرباط‪ 19 ،‬شباط‪/‬‬ ‫بن عبدالرحمن املغراوي‪ .‬وقد أطلق املغراوي فتوى مثيرة للجدل‬
‫فبراير ‪.2014‬‬ ‫اعتبرت أنه من القانوني تزويج الفتيات بسن التاسعة‪ .‬راجع تقرير‬
‫الصادر‬ ‫«‪»International Religious Freedom Report 2010‬‬
‫‪ .٥٩‬بحسب راشد الغنوشي‪ ،‬بوسع الدولة أن تعتنق اإلسالم املالكي‬ ‫عن مكتب الدميقراطية وحقوق اإلنسان والعمل التابع لوزارة‬
‫ولكن ال يسعها فرضه أو استثناء التأويالت األخرى‪ .‬مقابلة للكاتب‬
‫اخلارجية األمريكية في ‪ 17‬تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ‪،2010‬‬
‫‪http://www.state.gov/j/drl/rls/irf/2010/148834.htm.‬‬
‫مع راشد الغنوشي‪ ،‬واشنطن العاصمة‪ 26 ،‬شباط‪/‬فبراير ‪.2014‬‬
‫‪ .٥٠‬ثمة حال ًيا نحو ‪ 400‬مدرسة لتدريب األئمة في املغرب‪.‬‬

‫على سبيل املثال مقالة «‪Moroccan Mosque‬‬ ‫‪ .٥١‬راجع‬


‫‪،»Imams Protest Tight Government Controls‬‬ ‫‪on‬‬ ‫‪Preaching‬‬
‫قام بإعداد هذا التقرير التحليلي مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية‪،‬‬ ‫لبول شيم‪ ،‬أسوشيتد برس‪ 10 ،‬تشرين األول‪/‬أكتوبر ‪،2011‬‬
‫‪http://www.moroccotomorrow.org/moroccans-mosqueimams-‬‬
‫وهو مؤسسة خاصة معفاة من الضرائب تركز على قضايا السياسات‬
‫‪protest-tight-government-controls-on-preaching.‬‬
‫العامة الدولية‪ .‬أبحاثها غير حزبية وغير مسجلة امللكية‪ .‬وال يتخذ املركز‬
‫أي مواقف سياسية محددة‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬كل اآلراء واملواقف‪ ،‬واالستنتاجات‬ ‫‪ .٥٢‬مقابلة للكاتب مع مسؤول في وزارة الشؤون الدينية املغربية‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫الواردة في هذا املنشور هي تقتصر على آراء املؤلف (املؤلفني)‪.‬‬ ‫‪ 17‬شباط‪/‬فبراير ‪.2014‬‬
‫‪ © ٢٠١٤‬من قبل مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية‬
‫أيضا من خالل‬ ‫‪ .٥٣‬مت تعزيز الصالت الدينية بني املغرب وغرب أفريقيا ً‬
‫برنامج الشرق األوسط في مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية‬ ‫الطريقة التيجانية التي تركزت في املغرب ولها عشرات ماليني األتباع‬
‫في غرب أفريقيا‪ .‬لالطالع على حتليل مفصل أكثر للعالقات املغربية مع‬
‫جون ب‪ .‬ألترمان‬ ‫أفريقيا جنوب الصحراء‪ ،‬راجع «‪،»Morocco’s Rediscovery of Africa‬‬
‫مدير ورئيس زبغنيو بري جينسكي في األمن واجليوستراتيجية العاملية‬ ‫حلامي ملكا‪ ،‬مركز الدراسات االستراتيجية والدولية‪ ،‬متوز‪/‬يوليو ‪،2013‬‬
‫‪http://csis.org/files/publication/130731_Malka_MoroccoAfrica_Web_1.pdf.‬‬
‫حامي ملكا‬
‫نائب مدير وزميل أقدم‬ ‫‪ .٥٤‬يعيش نحو مليوني مغربي في فرنسا فيما يعيش نحو ‪ 800‬ألف‬
‫مغربي بصورة شرعية في إسبانيا‪ .‬ترتفع هذه األرقام عند شمل املقيمني‬
‫كارولني بارنيت‬ ‫غير الشرعيني‪.‬‬
‫زميلة البحث العلمي‬
‫«‪Mohammed El Fazazi’s‬‬ ‫‪ .٥٥‬لالطالع على نص الرسالة‪ ،‬راجع‬
‫ريبيكا شيرازي‬ ‫‪،»Letter:‘Germany’IsNoBattleZone‬ديرسبيغل‪ 29،‬تشريناألول‪/‬أكتوبر‪،2009‬‬
‫منسقة البرنامج وشريكة في البحث العلمي‬ ‫‪http://www.spiegel.de/international/world/mohammed-elfazazi-s-‬‬
‫‪letter-germany-is-no-battle-zone-a-658103.html.‬‬

‫جيسون مولينز‬
‫باحث مساعد‬ ‫‪ .٥٦‬لالطالع على حتليل للسلفيني املغربيني‪ ،‬راجع مقالة محمد‬
‫مصباح «‪ ،»Moving Towards Political Participation‬املعهد‬
‫للمزيد من املعلومات حول البرنامج‪ ،‬الرجاء زيارة موقعنا على العنوان‬ ‫األملاني للشؤون الدولية واألمنية‪ ،‬كانون الثاني‪/‬يناير ‪،2013‬‬
‫‪/http://www.swp-berlin.org/fileadmin/contents/products‬‬
‫التالي‪www.csis.org/mideast :‬‬
‫‪comments/2013C01_msb.pdf.‬‬

‫مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية | برنامج الشرق األوسط في مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية‬

You might also like