تفسير الصوفية للقرآن الكريم

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 2

‫تفسير الصوفية للقرآن الكريم‬

‫بحث في علوم القرآن‬

‫إعداد‪ /‬أحمد عبد الحميد مهدي‬


‫قسم الدعوة وأصول الدين‬
‫كلية العلوم اإلسالمية – جامعة المدينة العالمية‬
‫شاه علم ‪ -‬ماليزيا‬
‫‪ahmed.mahdey@mediu.ws‬‬

‫التفسير الفيضي‪ :‬هو تأويل آيات الق رآن الك ريم بغ ير ظاهره ا‪ ،‬بمقتض ى إش ارات خفي ة؛‬ ‫‪.‬خالصة—هذا البحث يبحث في تفسير الصوفية للقرآن الكريم‬
‫أيضا‪.‬‬
‫تظهر ألرباب السلوك كما يقولون‪ ،‬ويمكن الجمع بينها وبين الظاهر المراد ً‬ ‫الكلمات المفتاحية‪ :‬تفسير‪ ،‬الصوفية‪ ،‬القرآن الكريم‪.‬‬
‫وقد ذكر الشيخ محمد حس ين ال ذهبي ‪-‬رحم ه هللا‪ -‬وجهين للتفري ق بين التفس ير الص وفي‬
‫اإلشاري‪ ،‬والتفسير الصوفي النظري الذي سبق أن ذكرته‪:‬‬
‫المقدمة‬
‫الوج ه األول‪ :‬أن التفس ير الص وفي النظ ري ينب ني على مق دمات علمي ة‪ ،‬تنق دح في ذهن‬
‫الصوفي أواًل ‪ ،‬ثم ينزل القرآن الكريم عليها بعد ذلك‪.‬‬
‫وأما التفسير اإلشاري؛ فال يرتك ز على مق دمات علمي ة‪ ،‬ب ل يرتك ز على رياض ة روحي ة‪،‬‬ ‫التصوف ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫يأخذ بها الصوفي نفسه‪ ،‬حتى يصل إلى درج ة تنكش ف ل ه فيه ا ه ذه اإلش ارات القدس ية‪،‬‬ ‫األول‪ :‬تصوف نظري فلسفي؛ وهو‪ :‬التصوف الذي يق وم على دراس ات وأبح اث فلس فية‪،‬‬
‫وتنهال على قلبه من سحب الغيب ما تحمله اآليات من المعارف‪ .‬هكذا يقولون ويعبرون‪.‬‬ ‫وقد تطور هذا النوع وأدى بأكثر أصحابه إلى اإللحاد‪ ،‬والخروج عن اإلس الم؛ بم ا أوردوه‬
‫هذا هو الفرق األول بين التفسير الصوفي النظري‪ ،‬والتفسير الفيضي أو اإلشاري‪.‬‬ ‫من اصطالحات وعبارات تخالف اإلسالم من أصوله‪ ،‬وهو إلحاد فكري‪.‬‬
‫أما الفرق الثاني‪ :‬فهو أن التفسير الصوفي النظري يرى صاحبه أن ه ك ل م ا تحتمل ه اآلي ة‬
‫من المعاني‪ ،‬وليس وراءه معنى آخر يمكن أن تحمل اآلية عليه‪ ،‬هذا بحسب طاقته طب ًعا‪.‬‬ ‫موضوع المقالة‬
‫أما التفسير اإلشاري؛ فال يرى الصوفي أنه كل ما يراد من اآلية‪ ،‬ب ل ي رى أن هن اك مع نى‬
‫آخر تحتمله اآلية‪ ،‬ويراد منها أواًل وقبل كل شيء‪ ،‬ذل ك ه و المع نى الظ اهر ال ذي ينس اق‬ ‫أ‪ -‬أقسام التصوف‪:‬‬
‫إليه الذهن قبل غيره‪.‬‬ ‫التصوف ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫ولغرابة مواقف هؤالء الناس من التفسير‪ ،‬وألنهم لم يلتزموا بالمنهج الصحيح الذي س بق‬ ‫األول‪ :‬تصوف نظري فلسفي؛ وهو‪ :‬التصوف الذي يق وم على دراس ات وأبح اث فلس فية‪،‬‬
‫أن ذكرته في تفسير القرآن الكريم‪ ،‬سواء كان بالتفسير بالم أثور‪ ،‬أو ب الرأي المحم ود‪ ،‬ال‬ ‫وقد تطور هذا النوع وأدى بأكثر أصحابه إلى اإللحاد‪ ،‬والخروج عن اإلس الم؛ بم ا أوردوه‬
‫بد لهذا كله أن أنتقل إلى نقطة أخرى ألبين موقف العلماء من هذا اللون من التفسير‪.‬‬ ‫من اصطالحات وعبارات تخالف اإلسالم من أصوله‪ ،‬وهو إلحاد فكري‪.‬‬
‫(د) موقف العلماء من تفسير الصوفية‪.‬‬ ‫القسم الثاني‪ :‬تصوف عملي؛ وهو‪ :‬القائم على التقشف والزهد والتفاني في الطاع ة‪ ،‬وق د‬
‫اختلف العلماء في قبول التفسير اإلش اري أو رده؛ فمنهم من قبل ه‪ ،‬ومنهم من اعت بره من‬ ‫أدى هذا القس م بطائف ة كب يرة من المنتس بين إلي ه إلى أم ور ش ركية؛ من اتخ اذ األولي اء‪،‬‬
‫وخروج ا‬
‫ً‬ ‫صفات الكمال والعرفان‪ ،‬ومنهم من رده‪ ،‬ومنهم من اعتبره إلح ادًا في آي ات هللا‪،‬‬ ‫وعب ادة القب ور‪ ،‬واتخ اذ التكاي ا‪ ،‬وم ا يُس مى مج الس ال ذكر؛ فك ثر فيهم المش عوذون‬
‫به عن الحق‪.‬‬ ‫وال دجالون‪ ،‬واتخ ذوا بعض االص طالحات والعب ارات‪ ،‬وض منوها أس را ًرا ومكنون ات‪ ،‬ال‬
‫وليس لنا أن نطلب من الرافضين لهذا التفسير دلياًل ؛ ذلكم أن األصل عدم قبول ه ذا الن وع‬ ‫يكشفها وال يدريها إال أصحاب المقامات‪ ،‬وفسروا على ضوئها آيات القرآن الكريم‪.‬‬
‫من التفس ير؛ ألن تفس ير الق رآن الك ريم ال يك ون إال ب القرآن أو بالس نة‪ ،‬أو بالمتب ادر من‬ ‫وعلى ضوء هذين القسمين‪ ،‬انقس م التفس ير عن د الص وفية إلى اتج اهين‪ :‬تفس ير ص وفي‬
‫عموم لغة العرب؛ ألن القرآن الك ريم ن زل بلس ان ع ربي م بين؛ فال يص ح تفس يره بخالف‬ ‫نظري‪ ،‬وتفسير صوفي فيضي أو إشاري‪ .‬وسأتكلم عن كل واحد بل ون من البي ان إن ش اء‬
‫ظاهر اللفظ إال بدليل يصرف المعنى المراد من ظاهر اللفظ إلى معنى آخر‪.‬‬ ‫هللا تبارك وتعالى‪.‬‬
‫أما من قال بهذا اللون من التفسير‪ ،‬ومال إليه؛ فه و المط الَب بال دليل‪ ،‬ول ذلك س أذكر هن ا‬ ‫(ب) التفسير الصوفي النظري‪.‬‬
‫أدل ة المؤي دين له ذا التفس ير‪ ،‬بع د أن ذك رت أن الق ول الص حيح أن ه تفس ير م ردود غ ير‬ ‫وقد سلك هذا االتجاه في التفسير فالسفة الص وفية‪ ،‬ويع د ابن ع ربي ش يخ ه ذه الطريق ة‪،‬‬
‫مقبول‪.‬‬ ‫وهي طريقة قصدها الشيخ محمد حس ين ال ذهبي حين ق ال‪" :‬ي أبى الص وفي إال أن يُ َح ِّو َل‬
‫من األدلة ال تي اس تدل به ا من ذهب إلى الق ول بالتفس ير اإلش اري‪ ،‬أو الفيض ي‪ ،‬م ا رواه‬ ‫القرآن عن هدفه ومقصده‪ ،‬إلى ما يقصده هو وي رمي إلي ه‪ ،‬وغرض ه به ذا كل ه أن ي روج‬
‫الفريابي بسنده عن الحسن‪ ،‬عن النبي ‪-‬صلى هللا عليه وآله وسلم‪ -‬أنه قال‪ :‬لكل آي ة ظه ر‬ ‫لتصوفه على حساب القرآن الكريم‪ ،‬وأن يُقيم نظرياته وأبحاثه على أساس من كتاب هللا‪.‬‬
‫وبطن‪ ،‬ولكل حرف حد‪ ،‬ولكل حد مطلع‪.‬‬ ‫وبهذا الصنيع يكون الصوفي قد خدم فلسفته التص وفية‪ ،‬ولم يعم ل للق رآن ش يًئا؛ اللهم إال‬
‫وفي الحقيقة هذا كالم باطل‪ ،‬وليس بحديث‪ ،‬وال تجوز نسبته إلى النبي صلى هللا عليه وآله‬ ‫هذا التأويل الذي كله شر على الدين‪ ،‬وإلحاد في آيات هللا"‪.‬‬
‫وسلم‪.‬‬ ‫وإذا كان الذهبي ‪-‬رحم ه هللا تع الى‪ -‬يص رح به ذا‪ ،‬ولم نس مع ب أن أح دًا أل ف في التفس ير‬
‫أيضا بم ا رواه البخ اري عن ابن عب اس ‪-‬رض ي هللا تع الى عنهم ا‪ -‬أن ه ق ال‪:‬‬ ‫كما استدلوا ً‬ ‫خاص ا يتب ع الق رآن آي ة آي ة‪ ،‬كم ا أل ف مث ل ذل ك بالنس بة للتفس ير‬ ‫ًّ‬ ‫الصوفي النظري كتابًا‬
‫"كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر؛ فكأن بعضهم وجد في نفسه فق ال‪ :‬لم ت دخل ه ذا معن ا‪،‬‬ ‫اإلشاري‪.‬‬
‫ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر‪ :‬إنه من حيث علمتم‪.‬‬ ‫وكل ما وجدناه من ذل ك ه و نص وص متفرق ة‪ ،‬اش تمل عليه ا التفس ير المنس وب إلى ابن‬
‫فدعاه ذات يوم فأدخله معهم‪ ،‬قال ابن عباس‪ :‬فما رأيت أنه دعاني يومئذ إال ل يريهم‪ .‬ق ال‪:‬‬ ‫ضا؛ كما يوجد بعض من‬ ‫عربي‪ ،‬وكتاب "الفتوحات المكية" له‪ ،‬وكتاب "الفصوص" له أي ً‬
‫ص ُر هَّللا ِ َوا ْلفَت ُْح} [النص ر‪]1 :‬؟ فق ال بعض هم‪:‬‬ ‫فما تقول ون في ق ول هللا تع الى‪ِ{ :‬إ َذا َج ا َء نَ ْ‬ ‫ذلك في كثير من كتب التفسير المختلفة المشارب‪.‬‬
‫أمرنا أن نحمد هللا ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا‪ ،‬وس كت بعض هم؛ فلم يق ل ش يًئا‪ .‬فق ال‬ ‫إذا ك ان ال ذهبي ‪-‬رحم ه هللا‪ -‬يص رح به ذا‪ ،‬والف ترة ال تي يدرس ها ف ترة طويل ة من نش أة‬
‫لي‪ :‬أكذلك تقول يابن عباس؟ فقلت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬فما تقول؟ قلت‪ :‬هو أجل رسول هللا ‪-‬صلى هللا‬ ‫التصوف إلى عصرنا هذا‪ ،‬وقد ضمنها فترة انتشر فيها التصوف‪ ،‬وكثر فيها أربابه‪.‬‬
‫س بِّحْ‬ ‫ص ُر هَّللا ِ َوا ْلفَت ُْح} وذل ك عالم ة أجل ك {فَ َ‬‫عليه وآله وسلم‪ -‬أعلمه ل ه ق ال‪ِ{ :‬إ َذا َج ا َء نَ ْ‬ ‫أيض ا أح دًا كتب في ه ذا االتج اه من‬ ‫ولذلك فإني أقول الي وم‪ :‬إنن ا لم نج د في ه ذا العص ر ً‬
‫ستَ ْغفِرْ هُ ِإنَّهُ َكانَ تَ َّوابًا} فقال عمر‪ :‬ما أعلم منها إال ما تقول"‪.‬‬ ‫ِب َح ْم ِد َربِّ َك َوا ْ‬ ‫التفسير الصوفي‪ ،‬وإن كان هناك من يقول به‪ ،‬إال أنه لم يتعرض في دراسته له إلى القرآن‬
‫وهذا في الحقيقة فَت ٌْح يفتح هللا به على بعض عباده‪ ،‬وقد دعا الن بي ‪-‬ص لى هللا علي ه وآل ه‬ ‫الكريم‪.‬‬
‫وسلم‪ -‬البن عباس؛ ولكن هل ألحد بعد ذلك أن يحدد شيًئا من مث ل كالم ابن عب اس‪ ،‬أو أن‬ ‫ض َّمنَها‪ ،‬أو أدخلها ابن‬ ‫والحمد هلل‪ ،‬ما ُو ِج َد من التفسير الصوفي النظري عبارة عن كلمات َ‬
‫يتكلم فيه دون علم بكتاب أو سنة‪ ،‬أو بأقوال سلف هذه األمة‪ ،‬أو دون الرجوع إلى القواعد‬ ‫عربي في كتابه‪ ،‬وهو صاحب دعوة الحل ول واالتح اد‪ ،‬وم ا ذهب إلي ه من آي ات فس ر به ا‬
‫المقررة التي سبق أن ذكرتها في ذلك؟!‬ ‫القرآن الكريم كان تفسيره زندقة وإلحادًا‪.‬‬
‫(جـ) التفسير الفيضي اإلشاري‪.‬‬
‫هذا ما قاله اإلمام الغزالي رحمه هللا تبارك وتعالى‪ ،‬وق د أطلت في نق ل نصوص ه؛ لم ا في ه‬ ‫ال شك أن هذا الدليل صحيح‪ ،‬ولكن ال وجه لهم فيه؛ ألن حبر هذه األم ة ق د دع ا ل ه الن بي‬
‫من الدقة والشمول‪ ،‬وعلينا إذن أن نعرف بهذا موقف العلم اء من التفس ير الص وفي ح تى‬ ‫صلى هللا عليه وآله وسلم‪ ،‬ولم يقل ابن عباس يو ًما ما في كت اب هللا ‪-‬ع ز وج ل‪ -‬برأي ه أو‬
‫نتجنبه‪.‬‬ ‫بعقله رضي هللا تعالى عنه‪ ،‬ولم يقل كال ًما كما ذهب إليه المتصوفة بعد ذلك‪.‬‬
‫ولتمام الفائدة أختم حديثي هنا عن التفسير اإلشاري ب إيراد أق وال بعض العلم اء في ذل ك‪،‬‬
‫المراجع والمصادر‬ ‫ومن ه ؤالء م ا ذك ره اإلم ام الزركش ي ‪-‬رحم ه هللا‪ -‬في كتاب ه "البره ان" ق ال‪" :‬كالم‬
‫الصوفية في تفسير القرآن‪ ،‬قيل‪ :‬إنه ليس بتفسير وإنما هو معا ٍن‪ ،‬ومواجيد يج دونها عن د‬
‫التالوة"‪.‬‬
‫‪ -1‬ابن الج زري‪ ،‬أبو الخ ير محمد بن محمد الدمش قي المع روف ب ابن الج زري‪،‬‬
‫وقال ابن الصالح ‪-‬رحمه هللا تبارك وتع الى‪ -‬في فتاوي ه‪ ،‬وق د س ئل عن كالم الص وفية في‬
‫المتوفي سنة ‪ ،833‬النشر في القراءت العش ر‪ ،‬أش رف على تص حيحه ومراجعته‬ ‫القرآن قال‪" :‬وج دت عن اإلم ام أبي الحس ن الواح دي المفس ر أن ه ق ال‪ :‬ص نف أب و عب د‬
‫للمرة األخيرة‪ ،‬حضرة صاحب الفضيلة األستاذ الجليل‪ ،‬علي محمد الض باع‪ ،‬ش يخ‬ ‫الرحمن السلمي "حقائق التفسير"؛ فإن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر‪.‬‬
‫عموم المقارئ‪ :‬بالديار المصرية‪.‬‬ ‫قال ابن الصالح‪ :‬وأنا أقول‪ :‬الظن بمن يوثق به منهم أنه إذا قال شيًئا من أمثال ذلك أنه لم‬
‫‪ -2‬ابن رش د‪ ،‬أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد القرط بي‪ ،‬بداية المجتهد‬ ‫يذكره تفسي ًرا‪ ،‬وال ذهب به مذهب الشرح للكلمة المذكورة من القرآن العظيم؛ فإنه لو ك ان‬
‫ونهاية المقتصد‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬سنة النشر‪1420 :‬هـ ‪1999 /‬م‪.‬‬ ‫كذلك كانوا قد سلكوا مسلك الباطنية‪ ،‬وإنما ذلك منهم تنظير لما ورد به القرآن‪ ،‬فإن النظير‬
‫‪ -3‬ابن الع ربي‪ ،‬محمد بن عبد هللا األندلسي (ابن الع ربي)‪ ،‬أحك ام الق رآن البن‬ ‫يذكر بالنظير‪.‬‬
‫العربي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬سنة النشر‪- :‬‬ ‫ثم قال‪ :‬ومع ذلك فيا ليتهم لم يتساهلوا في مثل ذلك لما فيه من اإليهام واإللباس"‪.‬‬
‫رقم الطبعة‪ :‬ط‪ : 1‬د‪.‬ت‪.‬‬ ‫وق ال النس في ‪-‬رحم ه هللا تب ارك وتع الى‪ -‬في "العقائ د"‪" :‬النص وص على ظواهره ا‪،‬‬
‫معان يدعيها أهل الباطل إلحاد"‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫والعدول عنها إلى‬
‫‪ -4‬ابن كثير‪ ،‬إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي‪ ،‬تفس ير الق رآن العظيم‪،‬‬
‫والتفتازاني ‪-‬رحمه هللا‪ -‬عل ق على كالم النس في في ش رحه "للعقائ د النس فية" على ه ذا‬
‫المعروف بتفسير ابن كثير‪،‬‬ ‫معان‬ ‫بقوله‪" :‬سميت المالحدة باطنية؛ الدعائهم أن النصوص ليست على ظاهرها‪ ،‬بل لها‬
‫ٍ‬
‫دار طيبة‪ ،‬سنة النشر‪1422 :‬هـ ‪2002 /‬م‪.‬‬ ‫ال يعرفها إال المعلم‪ ،‬وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكلية"‪.‬‬
‫‪ -5‬الزركشي‪ ،‬بدر الدين محمد بن عبد هللا الزركش ي‪ ،‬البره ان في عل وم الق رآن‪،‬‬ ‫قال‪" :‬وأما ما يذهب إليه بعض المحققين من أن النصوص على ظواهرها‪ ،‬ومع ذلك ففيها‬
‫دار المعرفة سنة النشر‪1410 :‬هـ ‪1990 /‬م‪.‬‬ ‫إش ارات خفي ة إلى دق ائق تنكش ف ألرب اب الس لوك‪ ،‬يمكن التوفي ق بينه ا وبين الظ واهر‬
‫‪ -6‬السعدي‪ ،‬عبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ ،‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم‬ ‫المرادة فهو من كمال اإليمان ومحض العرفان"‪.‬‬
‫المنان = تفسير السعدي (ط‪ .‬دار السالم)‪ ،‬بتحقيق‪ :‬عبد الرحمن بن معال اللويحق‪.‬‬ ‫وقال اإلمام الغزالي ‪-‬رحمه هللا تبارك وتعالى‪ -‬وكالمه في الحقيقة هنا مهم؛ ألنه يُنسب إلى‬
‫‪ -7‬السيوطي‪ ،‬جالل الدين عبد ال رحمن بن أبي بكر الس يوطي‪ ،‬اإلتق ان في عل وم‬ ‫الصوفية‪ ،‬قال في كتابه "إحياء علوم الدين"‪" :‬وأما الشطح فنع ني ب ه ص نفين من الكالم‬
‫القرآن‪ ،‬مكتبة دار الكتاب العربي‪1419 ،‬هـ‪1999 ،‬م‪.‬‬ ‫أحدثه بعض الصوفية‪:‬‬
‫أح دهما‪ :‬ال دعاوى الطويل ة العريض ة في العش ق م ع هللا تع الى والوص ال‪ ،‬المغ ني عن‬
‫‪ -8‬السيوطي‪ ،‬جالل الدين السيوطي عبد ال رحمن بن الكم ال بن محمد الخض يري‬ ‫األعم ال الظ اهرة ح تى ينتهي ق وم إلى دع وى االتح اد‪ ،‬وارتف اع الحج اب‪ ،‬والمش اهدة‬
‫السيوطي‪ ،‬الحاوي للفتاوي‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر‪ ،‬سنة النش ر‪ 1424 :‬هــ ‪-‬‬ ‫بالرؤيا‪ ،‬والمشافهة بالخطاب؛ فيقولون‪ :‬قيل لنا كذا‪ ،‬وقلنا كذا‪.‬‬
‫‪ 2004‬م‪.‬‬ ‫وه ذا فن من الكالم عظيم‪ ،‬ض رره في الع وام خط ير وكب ير‪ ،‬وق د ت رك جماع ة من أه ل‬
‫‪ -9‬الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي بن محمد الشوكاني‪ ،‬إرش اد الفح ول إلى تحقيق الحق‬ ‫الفالحة فالحتهم‪ ،‬وأظهروا مثل هذه الدعاوى؛ فإن هذا الكالم يستلذه الطبع؛ إذ فيه البطالة‬
‫من علم األصول‪ ،‬دار السالم‪ ،‬سنة النشر‪1418 :‬هـ ‪1998 /‬م‪.‬‬ ‫من األعمال مع تزكية النفس بدرك المقامات واألحوال‪ ،‬فال تعجز األغبياء عن دعوى ذل ك‬
‫‪ -10‬الش نقيطي‪ ،‬محمد األمين بن محمد بن المخت ار الجنكي الش نقيطي‪ ،‬أض واء‬ ‫ألنفسهم؛ وال عن تلقف كلمات فيها من التخبيط والزخرفة‪.‬‬
‫البيان في إيضاح القرآن بالقرآن‪ ،‬دار الفكر‬ ‫ومهما أنكر عليهم ذلك لم يعجزوا عن أن يقولوا‪ :‬هذا إنك ار مص دره العلم والج دل‪ ،‬والعلم‬
‫سنة النشر‪1415 :‬هـ ‪1995 /‬م‪.‬‬ ‫حجاب والجدل عمل النفس‪ ،‬وهذا الحديث ال يلوح إال من الباطن بمكاشفة نور الحق‪ ،‬فه ذا‬
‫ومثله مما قد استطار في البالد شرره‪ ،‬وعظم في العوام ضرره‪ ،‬حتى من نطق بشيء من ه‬
‫‪ -11‬القطان‪ ،‬دكتور مناع القطان‪ ،‬مباحث في علوم الق رآن‪ ،‬الناش ر‪ :‬مكتبة وهب ة‪،‬‬
‫فقتله أفضل في دين هللا من إحياء عشرة‪.‬‬
‫رقم الطبعة‪ ،11 :‬تاريخ الطبعة‪2000 :‬‬ ‫الصنف الثاني من الشطح‪ :‬كلمات غير مفهومة لها ظواهر رائق ة‪ ،‬وفيه ا عب ارات هائل ة‪،‬‬
‫‪ -12‬العكبري‪ ،‬أبو البقاء عبد هللا بن الحسين العكبري‪ ،‬التبيان في إع راب الق رآن‪،‬‬ ‫وليس وراءها طائل‪ ،‬وذلك إما أن تكون غير مفهومة عند قائلها‪ ،‬بل يصدرها عن خبط في‬
‫دار الفكر‪ ،‬سنة النشر‪1421 :‬هـ ‪2001 /‬م ‪.‬‬ ‫عقله‪ ،‬وتشويش في خياله؛ لقلة إحاطته بمعنى كالم قرع سمعه‪ ،‬وهذا هو األكثر‪.‬‬
‫‪ -13‬الواح دي‪ ،‬أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواح دي‪ ،‬أس باب‬ ‫وإما أن تكون مفهومة له‪ ،‬ولكنه ال يقدر على تفهيمها‪ ،‬وإيرادها بعبارة تدل على ض ميره؛‬
‫النزول‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬سنة النشر‪1421 :‬هـ ‪2000 /‬م‪.‬‬ ‫لقلة ممارسته للعلم‪ ،‬وعدم تعلمه طريق التعب ير عن المع اني باأللف اظ الرش يقة‪ ،‬وال فائ دة‬
‫لهذا الجنس من الكالم‪ ،‬إال أنه يشوش القلوب‪ ،‬ويدهش العقول ويحير األذهان"‪.‬‬
‫إلى أن قال رحمه هللا‪" :‬وأما الطامات فيدخلها ما ذكرناه في الش طح‪ ،‬وأم ر آخ ر يخص ها؛‬
‫وهو ص رف ألف اظ الش رع عن ظواهره ا المفهوم ة‪ ،‬إلى أم ور باطن ة ال يس بق منه ا إلى‬
‫ضا حرام‪ ،‬وضرره عظيم‪.‬‬ ‫األفهام فائدة‪ ،‬كدأب الباطنية في التأويالت؛ فهذا أي ً‬
‫فإن األلفاظ إذا صرفت عن مقتضى ظواهرها‪ ،‬بغير اعتصام فيه بنقل عن ص احب الش رع‪،‬‬
‫من غير ضرورة تدعو إليه من دليل العقل؛ اقتض ى ذل ك بطالن الثق ة باأللف اظ‪ ،‬وس قط ب ه‬
‫منفعة كالم هللا تعالى وكالم رسوله صلى هللا عليه وآله وسلم‪ ،‬فإن ما يسبق من ه إلى الفهم‬
‫ال يوثق به‪ ،‬والباطن ال ض بط ل ه‪ ،‬ب ل تتع ارض في ه الخ واطر‪ ،‬ويمكن تنزيل ه على وج وه‬
‫شتى‪.‬‬
‫ضا من البدع الشائعة العظيمة الضرر‪ ،‬وإنما قصد أصحابها اإلغراب؛ ألن النف وس‬ ‫وهذا أي ً‬
‫مائلة إلى الغريب ومستلذة له‪ ،‬وبه ذا الطري ق توص ل الباطني ة إلى ه دم جمي ع الش ريعة‪،‬‬
‫بتأويل ظواهرها‪ ،‬وتنزيلها على رأيهم‪.‬‬
‫ومثال تأويل أه ل الطام ات‪ :‬ق ول بعض هم في قول ه تع الى‪ْ :‬‬
‫{اذهَبْ ِإلَى فِرْ َع ْونَ ِإنَّهُ طَ َغى}‬
‫[طه‪ ]24 :‬أن ذل ك إش ارة إلى قلب ه‪ ،‬وق ال‪ :‬ه و الم راد بفرع ون‪ ،‬وه و الط اغي على ك ل‬
‫إنسان‪.‬‬
‫َصاكَ} [القصص‪ ]31 :‬أي‪ :‬كل ما يتوك أ علي ه ويعتم ده مم ا‬ ‫قع َ‬‫وفي قوله تعالى‪َ { :‬وَأنْ َأ ْل ِ‬
‫سوى هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬فينبغي أن يلقيه"‪.‬‬
‫إلى أن قال‪" :‬ومن يستجيز من أهل الطامات مثل هذه التأويالت‪ ،‬مع علمه أنها غير مرادة‬
‫باأللفاظ‪ ،‬ويزعم بها أنه يقصد بها دعوة الخلق إلى الخالق‪ ،‬يضاهي من يستجيز االخ تراع‬
‫والوضع على رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وآله وسلم‪ -‬لما هو في نفسه حق‪ ،‬ولكن لم ينطق‬
‫به الشرع‪ ،‬بل الشر في تأويل هذه األلفاظ أطم وأعظم؛ ألنها مبطلة للثقة باأللفاظ‪ ،‬وقاطع ة‬
‫طريق االستفادة والفهم من القرآن بالكلية"‪.‬‬

You might also like