Professional Documents
Culture Documents
تفسير الصوفية للقرآن الكريم
تفسير الصوفية للقرآن الكريم
تفسير الصوفية للقرآن الكريم
التفسير الفيضي :هو تأويل آيات الق رآن الك ريم بغ ير ظاهره ا ،بمقتض ى إش ارات خفي ة؛ .خالصة—هذا البحث يبحث في تفسير الصوفية للقرآن الكريم
أيضا.
تظهر ألرباب السلوك كما يقولون ،ويمكن الجمع بينها وبين الظاهر المراد ً الكلمات المفتاحية :تفسير ،الصوفية ،القرآن الكريم.
وقد ذكر الشيخ محمد حس ين ال ذهبي -رحم ه هللا -وجهين للتفري ق بين التفس ير الص وفي
اإلشاري ،والتفسير الصوفي النظري الذي سبق أن ذكرته:
المقدمة
الوج ه األول :أن التفس ير الص وفي النظ ري ينب ني على مق دمات علمي ة ،تنق دح في ذهن
الصوفي أواًل ،ثم ينزل القرآن الكريم عليها بعد ذلك.
وأما التفسير اإلشاري؛ فال يرتك ز على مق دمات علمي ة ،ب ل يرتك ز على رياض ة روحي ة، التصوف ينقسم إلى قسمين:
يأخذ بها الصوفي نفسه ،حتى يصل إلى درج ة تنكش ف ل ه فيه ا ه ذه اإلش ارات القدس ية، األول :تصوف نظري فلسفي؛ وهو :التصوف الذي يق وم على دراس ات وأبح اث فلس فية،
وتنهال على قلبه من سحب الغيب ما تحمله اآليات من المعارف .هكذا يقولون ويعبرون. وقد تطور هذا النوع وأدى بأكثر أصحابه إلى اإللحاد ،والخروج عن اإلس الم؛ بم ا أوردوه
هذا هو الفرق األول بين التفسير الصوفي النظري ،والتفسير الفيضي أو اإلشاري. من اصطالحات وعبارات تخالف اإلسالم من أصوله ،وهو إلحاد فكري.
أما الفرق الثاني :فهو أن التفسير الصوفي النظري يرى صاحبه أن ه ك ل م ا تحتمل ه اآلي ة
من المعاني ،وليس وراءه معنى آخر يمكن أن تحمل اآلية عليه ،هذا بحسب طاقته طب ًعا. موضوع المقالة
أما التفسير اإلشاري؛ فال يرى الصوفي أنه كل ما يراد من اآلية ،ب ل ي رى أن هن اك مع نى
آخر تحتمله اآلية ،ويراد منها أواًل وقبل كل شيء ،ذل ك ه و المع نى الظ اهر ال ذي ينس اق أ -أقسام التصوف:
إليه الذهن قبل غيره. التصوف ينقسم إلى قسمين:
ولغرابة مواقف هؤالء الناس من التفسير ،وألنهم لم يلتزموا بالمنهج الصحيح الذي س بق األول :تصوف نظري فلسفي؛ وهو :التصوف الذي يق وم على دراس ات وأبح اث فلس فية،
أن ذكرته في تفسير القرآن الكريم ،سواء كان بالتفسير بالم أثور ،أو ب الرأي المحم ود ،ال وقد تطور هذا النوع وأدى بأكثر أصحابه إلى اإللحاد ،والخروج عن اإلس الم؛ بم ا أوردوه
بد لهذا كله أن أنتقل إلى نقطة أخرى ألبين موقف العلماء من هذا اللون من التفسير. من اصطالحات وعبارات تخالف اإلسالم من أصوله ،وهو إلحاد فكري.
(د) موقف العلماء من تفسير الصوفية. القسم الثاني :تصوف عملي؛ وهو :القائم على التقشف والزهد والتفاني في الطاع ة ،وق د
اختلف العلماء في قبول التفسير اإلش اري أو رده؛ فمنهم من قبل ه ،ومنهم من اعت بره من أدى هذا القس م بطائف ة كب يرة من المنتس بين إلي ه إلى أم ور ش ركية؛ من اتخ اذ األولي اء،
وخروج ا
ً صفات الكمال والعرفان ،ومنهم من رده ،ومنهم من اعتبره إلح ادًا في آي ات هللا، وعب ادة القب ور ،واتخ اذ التكاي ا ،وم ا يُس مى مج الس ال ذكر؛ فك ثر فيهم المش عوذون
به عن الحق. وال دجالون ،واتخ ذوا بعض االص طالحات والعب ارات ،وض منوها أس را ًرا ومكنون ات ،ال
وليس لنا أن نطلب من الرافضين لهذا التفسير دلياًل ؛ ذلكم أن األصل عدم قبول ه ذا الن وع يكشفها وال يدريها إال أصحاب المقامات ،وفسروا على ضوئها آيات القرآن الكريم.
من التفس ير؛ ألن تفس ير الق رآن الك ريم ال يك ون إال ب القرآن أو بالس نة ،أو بالمتب ادر من وعلى ضوء هذين القسمين ،انقس م التفس ير عن د الص وفية إلى اتج اهين :تفس ير ص وفي
عموم لغة العرب؛ ألن القرآن الك ريم ن زل بلس ان ع ربي م بين؛ فال يص ح تفس يره بخالف نظري ،وتفسير صوفي فيضي أو إشاري .وسأتكلم عن كل واحد بل ون من البي ان إن ش اء
ظاهر اللفظ إال بدليل يصرف المعنى المراد من ظاهر اللفظ إلى معنى آخر. هللا تبارك وتعالى.
أما من قال بهذا اللون من التفسير ،ومال إليه؛ فه و المط الَب بال دليل ،ول ذلك س أذكر هن ا (ب) التفسير الصوفي النظري.
أدل ة المؤي دين له ذا التفس ير ،بع د أن ذك رت أن الق ول الص حيح أن ه تفس ير م ردود غ ير وقد سلك هذا االتجاه في التفسير فالسفة الص وفية ،ويع د ابن ع ربي ش يخ ه ذه الطريق ة،
مقبول. وهي طريقة قصدها الشيخ محمد حس ين ال ذهبي حين ق ال" :ي أبى الص وفي إال أن يُ َح ِّو َل
من األدلة ال تي اس تدل به ا من ذهب إلى الق ول بالتفس ير اإلش اري ،أو الفيض ي ،م ا رواه القرآن عن هدفه ومقصده ،إلى ما يقصده هو وي رمي إلي ه ،وغرض ه به ذا كل ه أن ي روج
الفريابي بسنده عن الحسن ،عن النبي -صلى هللا عليه وآله وسلم -أنه قال :لكل آي ة ظه ر لتصوفه على حساب القرآن الكريم ،وأن يُقيم نظرياته وأبحاثه على أساس من كتاب هللا.
وبطن ،ولكل حرف حد ،ولكل حد مطلع. وبهذا الصنيع يكون الصوفي قد خدم فلسفته التص وفية ،ولم يعم ل للق رآن ش يًئا؛ اللهم إال
وفي الحقيقة هذا كالم باطل ،وليس بحديث ،وال تجوز نسبته إلى النبي صلى هللا عليه وآله هذا التأويل الذي كله شر على الدين ،وإلحاد في آيات هللا".
وسلم. وإذا كان الذهبي -رحم ه هللا تع الى -يص رح به ذا ،ولم نس مع ب أن أح دًا أل ف في التفس ير
أيضا بم ا رواه البخ اري عن ابن عب اس -رض ي هللا تع الى عنهم ا -أن ه ق ال: كما استدلوا ً خاص ا يتب ع الق رآن آي ة آي ة ،كم ا أل ف مث ل ذل ك بالنس بة للتفس ير ًّ الصوفي النظري كتابًا
"كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر؛ فكأن بعضهم وجد في نفسه فق ال :لم ت دخل ه ذا معن ا، اإلشاري.
ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر :إنه من حيث علمتم. وكل ما وجدناه من ذل ك ه و نص وص متفرق ة ،اش تمل عليه ا التفس ير المنس وب إلى ابن
فدعاه ذات يوم فأدخله معهم ،قال ابن عباس :فما رأيت أنه دعاني يومئذ إال ل يريهم .ق ال: ضا؛ كما يوجد بعض من عربي ،وكتاب "الفتوحات المكية" له ،وكتاب "الفصوص" له أي ً
ص ُر هَّللا ِ َوا ْلفَت ُْح} [النص ر]1 :؟ فق ال بعض هم: فما تقول ون في ق ول هللا تع الىِ{ :إ َذا َج ا َء نَ ْ ذلك في كثير من كتب التفسير المختلفة المشارب.
أمرنا أن نحمد هللا ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا ،وس كت بعض هم؛ فلم يق ل ش يًئا .فق ال إذا ك ان ال ذهبي -رحم ه هللا -يص رح به ذا ،والف ترة ال تي يدرس ها ف ترة طويل ة من نش أة
لي :أكذلك تقول يابن عباس؟ فقلت :ال ،قال :فما تقول؟ قلت :هو أجل رسول هللا -صلى هللا التصوف إلى عصرنا هذا ،وقد ضمنها فترة انتشر فيها التصوف ،وكثر فيها أربابه.
س بِّحْ ص ُر هَّللا ِ َوا ْلفَت ُْح} وذل ك عالم ة أجل ك {فَ َعليه وآله وسلم -أعلمه ل ه ق الِ{ :إ َذا َج ا َء نَ ْ أيض ا أح دًا كتب في ه ذا االتج اه من ولذلك فإني أقول الي وم :إنن ا لم نج د في ه ذا العص ر ً
ستَ ْغفِرْ هُ ِإنَّهُ َكانَ تَ َّوابًا} فقال عمر :ما أعلم منها إال ما تقول". ِب َح ْم ِد َربِّ َك َوا ْ التفسير الصوفي ،وإن كان هناك من يقول به ،إال أنه لم يتعرض في دراسته له إلى القرآن
وهذا في الحقيقة فَت ٌْح يفتح هللا به على بعض عباده ،وقد دعا الن بي -ص لى هللا علي ه وآل ه الكريم.
وسلم -البن عباس؛ ولكن هل ألحد بعد ذلك أن يحدد شيًئا من مث ل كالم ابن عب اس ،أو أن ض َّمنَها ،أو أدخلها ابن والحمد هلل ،ما ُو ِج َد من التفسير الصوفي النظري عبارة عن كلمات َ
يتكلم فيه دون علم بكتاب أو سنة ،أو بأقوال سلف هذه األمة ،أو دون الرجوع إلى القواعد عربي في كتابه ،وهو صاحب دعوة الحل ول واالتح اد ،وم ا ذهب إلي ه من آي ات فس ر به ا
المقررة التي سبق أن ذكرتها في ذلك؟! القرآن الكريم كان تفسيره زندقة وإلحادًا.
(جـ) التفسير الفيضي اإلشاري.
هذا ما قاله اإلمام الغزالي رحمه هللا تبارك وتعالى ،وق د أطلت في نق ل نصوص ه؛ لم ا في ه ال شك أن هذا الدليل صحيح ،ولكن ال وجه لهم فيه؛ ألن حبر هذه األم ة ق د دع ا ل ه الن بي
من الدقة والشمول ،وعلينا إذن أن نعرف بهذا موقف العلم اء من التفس ير الص وفي ح تى صلى هللا عليه وآله وسلم ،ولم يقل ابن عباس يو ًما ما في كت اب هللا -ع ز وج ل -برأي ه أو
نتجنبه. بعقله رضي هللا تعالى عنه ،ولم يقل كال ًما كما ذهب إليه المتصوفة بعد ذلك.
ولتمام الفائدة أختم حديثي هنا عن التفسير اإلشاري ب إيراد أق وال بعض العلم اء في ذل ك،
المراجع والمصادر ومن ه ؤالء م ا ذك ره اإلم ام الزركش ي -رحم ه هللا -في كتاب ه "البره ان" ق ال" :كالم
الصوفية في تفسير القرآن ،قيل :إنه ليس بتفسير وإنما هو معا ٍن ،ومواجيد يج دونها عن د
التالوة".
-1ابن الج زري ،أبو الخ ير محمد بن محمد الدمش قي المع روف ب ابن الج زري،
وقال ابن الصالح -رحمه هللا تبارك وتع الى -في فتاوي ه ،وق د س ئل عن كالم الص وفية في
المتوفي سنة ،833النشر في القراءت العش ر ،أش رف على تص حيحه ومراجعته القرآن قال" :وج دت عن اإلم ام أبي الحس ن الواح دي المفس ر أن ه ق ال :ص نف أب و عب د
للمرة األخيرة ،حضرة صاحب الفضيلة األستاذ الجليل ،علي محمد الض باع ،ش يخ الرحمن السلمي "حقائق التفسير"؛ فإن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر.
عموم المقارئ :بالديار المصرية. قال ابن الصالح :وأنا أقول :الظن بمن يوثق به منهم أنه إذا قال شيًئا من أمثال ذلك أنه لم
-2ابن رش د ،أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد القرط بي ،بداية المجتهد يذكره تفسي ًرا ،وال ذهب به مذهب الشرح للكلمة المذكورة من القرآن العظيم؛ فإنه لو ك ان
ونهاية المقتصد ،دار ابن حزم ،سنة النشر1420 :هـ 1999 /م. كذلك كانوا قد سلكوا مسلك الباطنية ،وإنما ذلك منهم تنظير لما ورد به القرآن ،فإن النظير
-3ابن الع ربي ،محمد بن عبد هللا األندلسي (ابن الع ربي) ،أحك ام الق رآن البن يذكر بالنظير.
العربي ،دار الكتب العلمية ،سنة النشر- : ثم قال :ومع ذلك فيا ليتهم لم يتساهلوا في مثل ذلك لما فيه من اإليهام واإللباس".
رقم الطبعة :ط : 1د.ت. وق ال النس في -رحم ه هللا تب ارك وتع الى -في "العقائ د"" :النص وص على ظواهره ا،
معان يدعيها أهل الباطل إلحاد". ٍ والعدول عنها إلى
-4ابن كثير ،إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي ،تفس ير الق رآن العظيم،
والتفتازاني -رحمه هللا -عل ق على كالم النس في في ش رحه "للعقائ د النس فية" على ه ذا
المعروف بتفسير ابن كثير، معان بقوله" :سميت المالحدة باطنية؛ الدعائهم أن النصوص ليست على ظاهرها ،بل لها
ٍ
دار طيبة ،سنة النشر1422 :هـ 2002 /م. ال يعرفها إال المعلم ،وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكلية".
-5الزركشي ،بدر الدين محمد بن عبد هللا الزركش ي ،البره ان في عل وم الق رآن، قال" :وأما ما يذهب إليه بعض المحققين من أن النصوص على ظواهرها ،ومع ذلك ففيها
دار المعرفة سنة النشر1410 :هـ 1990 /م. إش ارات خفي ة إلى دق ائق تنكش ف ألرب اب الس لوك ،يمكن التوفي ق بينه ا وبين الظ واهر
-6السعدي ،عبد الرحمن بن ناصر السعدي ،تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المرادة فهو من كمال اإليمان ومحض العرفان".
المنان = تفسير السعدي (ط .دار السالم) ،بتحقيق :عبد الرحمن بن معال اللويحق. وقال اإلمام الغزالي -رحمه هللا تبارك وتعالى -وكالمه في الحقيقة هنا مهم؛ ألنه يُنسب إلى
-7السيوطي ،جالل الدين عبد ال رحمن بن أبي بكر الس يوطي ،اإلتق ان في عل وم الصوفية ،قال في كتابه "إحياء علوم الدين"" :وأما الشطح فنع ني ب ه ص نفين من الكالم
القرآن ،مكتبة دار الكتاب العربي1419 ،هـ1999 ،م. أحدثه بعض الصوفية:
أح دهما :ال دعاوى الطويل ة العريض ة في العش ق م ع هللا تع الى والوص ال ،المغ ني عن
-8السيوطي ،جالل الدين السيوطي عبد ال رحمن بن الكم ال بن محمد الخض يري األعم ال الظ اهرة ح تى ينتهي ق وم إلى دع وى االتح اد ،وارتف اع الحج اب ،والمش اهدة
السيوطي ،الحاوي للفتاوي ،دار الفكر للطباعة والنشر ،سنة النش ر 1424 :هــ - بالرؤيا ،والمشافهة بالخطاب؛ فيقولون :قيل لنا كذا ،وقلنا كذا.
2004م. وه ذا فن من الكالم عظيم ،ض رره في الع وام خط ير وكب ير ،وق د ت رك جماع ة من أه ل
-9الشوكاني ،محمد بن علي بن محمد الشوكاني ،إرش اد الفح ول إلى تحقيق الحق الفالحة فالحتهم ،وأظهروا مثل هذه الدعاوى؛ فإن هذا الكالم يستلذه الطبع؛ إذ فيه البطالة
من علم األصول ،دار السالم ،سنة النشر1418 :هـ 1998 /م. من األعمال مع تزكية النفس بدرك المقامات واألحوال ،فال تعجز األغبياء عن دعوى ذل ك
-10الش نقيطي ،محمد األمين بن محمد بن المخت ار الجنكي الش نقيطي ،أض واء ألنفسهم؛ وال عن تلقف كلمات فيها من التخبيط والزخرفة.
البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ،دار الفكر ومهما أنكر عليهم ذلك لم يعجزوا عن أن يقولوا :هذا إنك ار مص دره العلم والج دل ،والعلم
سنة النشر1415 :هـ 1995 /م. حجاب والجدل عمل النفس ،وهذا الحديث ال يلوح إال من الباطن بمكاشفة نور الحق ،فه ذا
ومثله مما قد استطار في البالد شرره ،وعظم في العوام ضرره ،حتى من نطق بشيء من ه
-11القطان ،دكتور مناع القطان ،مباحث في علوم الق رآن ،الناش ر :مكتبة وهب ة،
فقتله أفضل في دين هللا من إحياء عشرة.
رقم الطبعة ،11 :تاريخ الطبعة2000 : الصنف الثاني من الشطح :كلمات غير مفهومة لها ظواهر رائق ة ،وفيه ا عب ارات هائل ة،
-12العكبري ،أبو البقاء عبد هللا بن الحسين العكبري ،التبيان في إع راب الق رآن، وليس وراءها طائل ،وذلك إما أن تكون غير مفهومة عند قائلها ،بل يصدرها عن خبط في
دار الفكر ،سنة النشر1421 :هـ 2001 /م . عقله ،وتشويش في خياله؛ لقلة إحاطته بمعنى كالم قرع سمعه ،وهذا هو األكثر.
-13الواح دي ،أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواح دي ،أس باب وإما أن تكون مفهومة له ،ولكنه ال يقدر على تفهيمها ،وإيرادها بعبارة تدل على ض ميره؛
النزول ،دار الكتب العلمية ،سنة النشر1421 :هـ 2000 /م. لقلة ممارسته للعلم ،وعدم تعلمه طريق التعب ير عن المع اني باأللف اظ الرش يقة ،وال فائ دة
لهذا الجنس من الكالم ،إال أنه يشوش القلوب ،ويدهش العقول ويحير األذهان".
إلى أن قال رحمه هللا" :وأما الطامات فيدخلها ما ذكرناه في الش طح ،وأم ر آخ ر يخص ها؛
وهو ص رف ألف اظ الش رع عن ظواهره ا المفهوم ة ،إلى أم ور باطن ة ال يس بق منه ا إلى
ضا حرام ،وضرره عظيم. األفهام فائدة ،كدأب الباطنية في التأويالت؛ فهذا أي ً
فإن األلفاظ إذا صرفت عن مقتضى ظواهرها ،بغير اعتصام فيه بنقل عن ص احب الش رع،
من غير ضرورة تدعو إليه من دليل العقل؛ اقتض ى ذل ك بطالن الثق ة باأللف اظ ،وس قط ب ه
منفعة كالم هللا تعالى وكالم رسوله صلى هللا عليه وآله وسلم ،فإن ما يسبق من ه إلى الفهم
ال يوثق به ،والباطن ال ض بط ل ه ،ب ل تتع ارض في ه الخ واطر ،ويمكن تنزيل ه على وج وه
شتى.
ضا من البدع الشائعة العظيمة الضرر ،وإنما قصد أصحابها اإلغراب؛ ألن النف وس وهذا أي ً
مائلة إلى الغريب ومستلذة له ،وبه ذا الطري ق توص ل الباطني ة إلى ه دم جمي ع الش ريعة،
بتأويل ظواهرها ،وتنزيلها على رأيهم.
ومثال تأويل أه ل الطام ات :ق ول بعض هم في قول ه تع الىْ :
{اذهَبْ ِإلَى فِرْ َع ْونَ ِإنَّهُ طَ َغى}
[طه ]24 :أن ذل ك إش ارة إلى قلب ه ،وق ال :ه و الم راد بفرع ون ،وه و الط اغي على ك ل
إنسان.
َصاكَ} [القصص ]31 :أي :كل ما يتوك أ علي ه ويعتم ده مم ا قع َوفي قوله تعالىَ { :وَأنْ َأ ْل ِ
سوى هللا -عز وجل -فينبغي أن يلقيه".
إلى أن قال" :ومن يستجيز من أهل الطامات مثل هذه التأويالت ،مع علمه أنها غير مرادة
باأللفاظ ،ويزعم بها أنه يقصد بها دعوة الخلق إلى الخالق ،يضاهي من يستجيز االخ تراع
والوضع على رسول هللا -صلى هللا عليه وآله وسلم -لما هو في نفسه حق ،ولكن لم ينطق
به الشرع ،بل الشر في تأويل هذه األلفاظ أطم وأعظم؛ ألنها مبطلة للثقة باأللفاظ ،وقاطع ة
طريق االستفادة والفهم من القرآن بالكلية".