Professional Documents
Culture Documents
محاضرات شرح نزهة النظر ١ ٣٩ أحمد السيد
محاضرات شرح نزهة النظر ١ ٣٩ أحمد السيد
الفهرس
٘ٔ
احملاضرة األوذل:
ا١تقدمة:
كثَتا طيبًا مبارًكا فيو كما ٭تب ربنا تبارؾ وتعاذل ويرضى ،اللهم لك اٟتمد
ٛتدا ً
اٟتمد ﵁ رب العا١تُت ً
صل وسلم وابرؾ على عبدؾ ورسولك دمحم.ال ُ٨تصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ،اللهم ِّ
وسهبل ومرحبًا ،نستعُت اب﵁ ونستفتح ٣تالس الشرح ا١تطوؿ على نزىة النظر ،ىذا اجمللس ً أىبل
اي ً
ُمعاد ألف التسجيل السابق للشرح ا١تطوؿ على نزىة النظر كانت ا١تقدمة فيو غَت وافية برأيي ،فأحببت
أ ّف أقدـ للشرح ا١تطوؿ على نزىة النظر ٔتقدمة حديثيّة ْتيث أف من يدخل على ىذا الشرح يدخل
إذل علم اٟتديثٍ ،ب يدخل إذل الكتاب ا١تشروح الذي ىو (نزىة النظر) بقدر من التفصيل ُب ا١تقدمة
تُعُت على فهم التفصيبلت ا١تتعلقة اب١تنت وأحكامو وما إذل ذلك إبذف هللا تعاذل.
قدر من ا١تقاربة والتسهيل
ولذلك أثرت حقيقة أف أُعيد تقدًن ىذا اجمللس األوؿ عسى أف يكوف فيو ٌ
والتيسَت إبذف هللا تعاذل.
بدايةً علم اٟتديث ،ىذا العلم الشريف الذي إذا نظرت إذل مكتبتو اٟتالية ستجد أف كتب اٟتديث ال
ُٖتصى؛ وذلك ألف فنوف اٟتديث وأنواع العلوـ ا١تتعلقة ابٟتديث ىي علوـ كثَتة ،وكل عل ٍم من علوـ
اٟتديث تناولو العلماء اب١تعاٞتة والتفصيل والشرح والتأليف ،وىذه التسمية :علوـ اٟتديث وليس علم
اٟتديث ،ىذه التسمية مبكرةٌٝ ،تّاىا العلماء الذين تناولوا علم اٟتديث ٝتوا ىذا العلم بذلك ُب
مثبل :اإلماـ اٟتاكم لو كتاب (معرفة علوـ اٟتديث) ،وجاء بعد ذلك ابن ٍ
مرحلة مبكرةٍ ،فنجد ً
علما
الصبلح فسمى كتابو( :علوـ اٟتديث) وىو ا١تشهور اب١تقدمة ،طيب إذا فتحت ىذه الكتب كم ً
موجود
ٌ علما من علوـ اٟتديث مثبل ُب (مقدمة ابن الصبلح) ٜتسة وستُت ً من علوـ اٟتديث ٕتد؟ ً
احدا من علماء
ُب ىذا الكتاب ،وإذا أخذت كتاب (نُزىة النظر) ستجد أف ابن حجر تناوؿ و ً
علم من علوـ اٟتديث إال صنَّف فيو" .ا٠تطيب البغدادي
"قل ٌاٟتديث وىو ا٠تطيب البغدادي وقاؿّ :
علما تفصيليًا من علوـ
وحده ا١تؤلفات اليت ألفها ُب أنواع علوـ اٟتديث التفصيلية دل يكد يًتؾ ً
اٟتديث إال صنف فيوٍ ،ب إذا نظرت لغَته وإذل ٣تموع ا١تسَتة وإذل الدراسات ا١تعاصرة ُب علوـ
ٔٙ
ضخمة ال هناية ٢تا ،وىذه ا١تكتبة اٟتديثية الضخمة ٬تب على ٍ ٍ
حديثية ٍ
مكتبة اٟتديث فأنت أماـ
طالب اٟتديث أف تكوف عنده مفاتيح حىت يستطيع أف يتعامل مع ىذه ا١تكتبة ،وأف يتعامل مع ىذا
أحياًن يضيع بسببها الطالبأحياًن كثرة ا١تؤلفات وكثرة الكتب ً العلم اٞتليل وىذا العلم الشريف ،و ً
الذي ال يسَت بطريقة منهجية ،ومن ا١تعلوـ أنك إذا أتيت إذل علم من العلوـ أو ابب من األبواب
فوجدت األمور فيو ٤تدودة ومقاربة؛ فإف من السهل عليك أف تتناوؿ أطراؼ ىذا اجملاؿ ألنو ٤تدود
والكتب اليت فيو ٤تدودة ،أما إذا دخلت إذل عل ٍم من العلوـ فوجدت أف فيو مساحةً واسعةً ،وأف
تبة ،وعلم اٟتديث من ات مر ٍأطرافو متباعد ًة؛ فإنك قد تتيو ُب صحراء ىذا العلم إذا دل تسَت فيو ٓتطو ٍ
ُ
كتب كثَتةٌ مؤلفة ْتيث أ ّف الطالب يسهل عليو أف يتناوؿ أطرافها ،وإ٪تا لو
العلوـ اليت ليس فقط فيها ٌ
قدر من التغَتات ومن التطورات اليت-أي لعلم اٟتديث -مسَتةٌ اترٮتيةٌ طويلةٌ حصل ُب ىذه ا١تسَتة ٌ
منهجية ،فعلم اٟتديث الكتبٍ يدا من اإلشكاؿ على طالب اٟتديث إذا دل يتناو٢تا بطر ٍ
يقة تُوجب مز ً
اليت أُلفت فيو ُب أوؿ زمنو وأوؿ أتسيسو ٗتتلف ُب كث ٍَت من مضامينها عن الكتب اليت أٌلفت ُب آخر
أحياًن ُب بعض األبواب
أحياًن يكوف ُب ا﵀توى ،و ًأحياًن يكوف ُب األسلوب ،و ً زمنو ،وىذا االختبلؼ ً
يكوف حىت ُب ا١تنهجيات؛ ولذلك علم اٟتديث ىذا ذو األطراؼ ا١تتباعدة ،ذو الرصيد ا٢تائل
الضخم ،ذو التاريخ الكبَت ،ذو ا١تكتبة الواسعة الضخمة ال يصلح لطالب اٟتديث أف يتعامل معو
وسطحية وأف يقوؿ :آه علم اٟتديث (البيقونية)( ،النخبة)( ،النزىة) ..وإذا خبلص وصل ٍ ٍ
ببساطة
وصل اللهم على نبينا دمحم! نعم ِّ
صل اللهم على نبينا دمحم اإلنساف إذل الغاية العظمى (ألفية العراقي) ِّ
لكن ليس ىذا ىو الطريق ،وليس ىذا ىو السبيل ،وليس من يسَت على ىذا الطريق يكوف قد وصل
إذل حقيقة علم اٟتديث؛ وإ٪تا يكوف قد سلك بعض خطواتو ،طري ًقا من طرقو ،زاويةً من زواايه ،نظر
إذل ٍ
طرؼ من أطرافو.
ٍ
بشكل منهج ٍي؟ ما الطريقة الصحيحة لدراسة علم اٟتديث
حسنًا؛ إذف ما الطريقة اليت ينبغي أف يسلكها طالب العلم حىت يصل إذل أف يتناوؿ علم اٟتديث
منهجية ،يعرؼ كيف ٯتسك أبطرافو وكيف ينطلق من مركزايتو و٤تكماتو؟
ٍ ٍ
صحيحة بطر ٍ
يقة
ٔٚ
ا٠تطوة األوذل :الدراسة التارٮتية لعلم اٟتديث:
يقة ص ٍ
حيحة ويتعامل مع ىذا الرصيد أوؿ نقطة تعُت طالب العلم على أف يتناوؿ علم اٟتديث بطر ٍ
ٍ
صحيحة :ىو أف يفهم ويدرؾ بعد دراسة تفصيلية اتريخ ىذا العلم ،أف يفهم اتريخ ىذا بطر ٍ
يقة
العلم.كيف نشأ ىذا العلم؟ ما مقدماتو؟ ما األسباب اليت أوجبت نشأتو؟ من ىم األئمة واألعمدة
الكبار الذين أسسوا ىذا العلم؟ على ماذا أسسوه؟ كيف كانت طريقتهم؟ ما الكتب اليت أُلفت ُب
تلك ا١ترحلة؟ ما معادل تلك الكتب؟ ما منهجياهتا؟
ٍب بعد ذلك ما الذي حصل بعد ا١تراحل األوذل ُب أتسيس ىذا العلم؟ ىل ظلّت ا١تباحث ىي
ا١تباحث؟ ىل ا١توضوعات ىي ا١توضوعات؟ ىل الطريقة ىي الطريقة؟ ما الذي اختلف؟ ىل تغَتت
التحدايت ُب الواقع اليت تواجو علم اٟتديث أـ ال؟
-ىل دخل يف رواية اٟتديث أُانس ليسوا مأمونُت؟ يعٍت ىل صارت بعض الفنت وا١تشكبلت
اليت أوجبت أف يدخل بعض الناس فيستدعي قاؿ رسوؿ هللا ﷺ وىو يعلم أف رسوؿ هللا دل يقل
ىذا عليو صلوات هللا وسبلمو؟
اٞتواب :نعم ،فهنا حصلت التحدايت ُب الواقع ،فلما حصلت التحدايت ُب الواقع قاؿ األُمناء على
دين هللا من أئمة ا١تسلمُت :ال بد أف نتنبو لقضية الرواية ْتيث أننا ال نقبل الرواية من أي ٍ
أحد.
ولذلك ُب مقدمة صحيح مسلم ١تا جاء ذلك الرجل فكاف عند ابن عباس -أظنو بشَت ابن كعب-
ّ
قاؿ عند ابن عباس :قاؿ رسوؿ هللا ﷺ ..فلم يلتفت إليو ابن عباس ،فقاؿ أقوؿ لك :قاؿ رسوؿ هللا
ٜٔ
وال تلتفت إرل؟! فقاؿ" :إًن كنا إذا قاؿ الرجل قاؿ رسوؿ هللا ﷺ ابتدرًنه أبٝتاعنا وأبصارًن ،أما حُت
الذلوؿ فهيهات!" .اآلف ليس أي ٍ
أحد قاؿ قاؿ رسوؿ هللا نقبل منو ،ساب ًقا كلنا ركب الناس الصعب و َّ
نعرؼ بعض ،ىذا أنس وىذا عمر وىذا أبو سعيد وىذا سعد وىذا أبو ىريرة وتلك عائشة ..إخل
أحد ،والذي شارؾ ُب خيرب ،نعرؼ بعضنا ونعرؼ يرووف نعرفهم كلنا ،عشنا سواي ،شاركنا ُب بد ٍر و ٍ
ً
قرآًن ،أما بعد ذلك وبعد ما حصلت أنواع من االختبلفات عدالة بعضنا ،وهللا قد أنزؿ فيهم ً
فنت أوجبت شيئًا من الكذب. واإلشكاالت وما إذل ذلك ،وقد حصلت ُب أواخر زمن الصحابة ٌ
مثبل :كاف ىناؾ ا١تختار ابن أيب عبيد الثقفي ،وا١تختار ١تا جاء اٟتجاج الثقفي إذل أٝتاءكما تعلموف ً
بنت أيب بكر الصديق -كما ُب صحيح اإلماـ مسلم رضي هللا تعاذل عنو -وكاف قد قتل ابنها عبد
شديدا -فأرسل إليها لتأٌب،
ً هللا بن الزبَت وصلبو ُب مكة -اٟتجاج ظادل ما عنده مكة كعبة ،كاف
رسوال قاؿ ٢تا :يقوؿ لك اٟتجاج إما أف أتٌب أو أرسل من يسحبك فأبت أف أتٌب ،فأرسل إليها ً
بقرونك .ىذا الكبلـ لذات النطاقُت أٝتاء بنت أيب بكر اهنع هللا يضر! فقالت :لن آٌب! انظر للقوة والعزة
عجيب! أٝتاء كاف عمرىا قريب من التسعُت ،فقالت :لن آٌب؛ فجاء اٟتجاج إذل أٝتاء فبادرتو ٌ شيءٌ
بَتا ،أما الك ّذاب فرأيناه وأما ا١تبَت فبل ٮتالو
وم ًأٝتاء فقالت" :إف النيب ﷺ أخربًن أ ّف ُب ثَقيف ك ّذ ًااب ُ
إال أنت"ٗ .تيل القوة والشدة! أين موضع الشاىد؟ موضع الشاىد" :إف ُب ثقيف ك ّذ ًااب" ،وقاؿ
العلماء إف ا١تقصود بقوؿ أٝتاء ُب "أما الكاذب فرأيناه" ىو ا١تختار ابن أيب عبيد الثقفي ،وىذا معناه
قدرا من اإلشكاؿ صار ُب الواقع أوجب على العلماء أف يفتّشوا ُب الرواية وشروطها أف ىناؾ ً
ومن الذي روى، وأسانيدىا أكثر ،فاعتٌت العلماء ابلتدقيق ُب الرواية ،وُب الرواة ،وُب األسانيدَ ،
ونشأت لنا بعض العبارات العظيمة ا١تركزية اليت تكشف عن فلسفة علم اٟتديث ،وىذا اب١تناسبة
ا٠تطوة الثانية ُب فهم ..أًن قلت لكم ا٠تطوة األوذل :فهم التاريخ .وا٠تطوة الثانية :فهم فلسفة علم
اٟتديث وآليتو ومنهجيتو.
ىنا نشأت بعض القواعد اليت تكشف عن فلسفة وأبعاد ىذا العلم ،وعن مظبلت ىذا العلم ،من مثل
عبارة دمحم بن سَتين ا﵀كمة ا١تشهورة اليت أخرجها اإلماـ مسلم ُب مقدمة صحيحو وغَته" :إف ىذا
ٕٓ
العلم دين فانظروا عن من أتخذوف دينكم" .و ً
أيضا العبارة األخرى -وىي من العبارات ا١تشهورة
جدا" :-إف ىذا اإلسناد من الدين ولوال اإلسناد لقاؿ من شاء ما شاء".
ً
موجودا؟ ما القواعد اليت نشأت؟ ٍب ىذه القواعد
ً إذف فهم اتريخ علم اٟتديث ،ما الواقع الذي كاف
اٟتديثية تطورت بقدر تطور ا١تشكبلت واالحتياجات اليت يتطلبها ىذا العلم ،ىذا الذي ذكرتو لكم
تبط ٔتشكلة الرواة .يوجد مشكبلت أخرى غَت مشكبلت الرواة كثَتة ،يعٍت متعلق فقط ٍ
ّتزء مر ٍ
مشكلة االتصاؿ واالنقطاعً ،
مثبل :عندما يقوؿ الراوي :قاؿ فبل ٌف ..ىل قاؿ فبل ٌف ىذه تعٍت أنو ٝتع
أصبل يقوؿ :قاؿ فبلف وىو دل يسمع منو أو ال؟ ىذه قصةٌ طويلةٌ ُب
منو أو دل يسمع؟ ىل يوجد راوي ً
موجودا الذي ىو :التدليس ،واإلرساؿ ،واإلرساؿ
ً علم اٟتديث ،وينبغي أف تفهم الواقع الذي كاف
ا٠تفي ..إخل من القضااي ا١ترتبطة ابإلرساؿ واالنقطاع .ومن ىنا بدأ العلماء يدققوف ُب صيغ األداء
طبعا ىذه كلها متقاربة .بعدىا :قاؿ وعن .كاف فيقوؿ لك :حدثنا أو أخربًن أو أنبأًن أو ٝتعتً ..
يوجد وسائل ُب التلقي غَت السماع اليت ىي :الكتابة .والكتابة ىذه إيش داللتها؟ ىل تقوـ مقاـ
السماع أـ التقوـ مقاـ السماع؟
اإلجازة :فبلف أيٌب إذل راوي من رواة اٟتديث دل يسمع منو شيئًا ،والشيخ عنده ٌ
كتاب فيو أحاديثو
مثبل مناولةً ،يناولو الكتاب .طيب ىذه إيش
ىو ،فيجيز الراوي أف يروي أحاديثو اليت ُب الكتاب ً
يقوؿ الراوي؟ ىل ىي صيغةٌ صحيحةٌ أـ ال؟ ىل يقوؿ أخربًن أـ حدثنا أـ أعطاين الكتاب ،وال إيش
الفكرة؟
يوجد ٖتدي آخر وىو :ماذا لو كاف الراوي ثقةً وضابطًا ومتقنًا وحافظًا ..ابالختبارات وأنوعها
بشرا؟ ٮتطئ ،لكن كيفومتقن ،طيب ىذا اٟتافظ ا١تتقن الثقة أال ُٮتطئ؟ أليس ً
ٌ ظ
عرفوا أنو حاف ٌ
نعرؼ خطئو؟ ىذا ٖت ٍّد آخر ،خطأ الثقة ٖت ٍّد آخ ٍر ،بل بسبب إشكالية خطأ الثقة نشأ علم العلل،
وىو من أشرؼ علوـ اٟتديث على اإلطبلؽ .علم العلل لنقل ميدانو األساسي الذي يعمل فيو ىو:
أخطاء الثقات؛ ألف علم العلل يكشف عن األخطاء ا٠تفية اليت ُب الرواية .اآلف عندًن فبل ٌف عن
فبلف ٝتع من ٍ
فبلف ..إذل ىذا اٟتد علم فبلف ٝتع من ٍ فبلف كلهم ثقات ،وفبل ٌف ٝتع من ٍ
فبلف عن ٍ
ٍ
ٕٔ
العلل دل يشتغل إذل اآلف ،بعدما تثبت أهنم ثقات وتثبت أهنم ٝتعوا من بعض يبدأ علم العلل يشتغل
طبعا تقريبًا وإال علم العلل يعمل ُب ٣تاالت أخرى ،لكن ىذا من ابب التقريب.
اآلف ،ىذا ً
ِ
أىم ما يعُت طالب علم اٟتديث على فهم اٟتديث :أف يفهم اترٮتو، ا٠تبلصة من ىذا :أف من ّ
سهبل ،حىت تفهم اترٮتو تدخل ُب التحدايت اليت كانت موجودة وطبيعة الرواية واترٮتو ليس شيئًا ً
جدا أف ندرس سَت العلماء ا﵀دثُت الذين كانوا ُب تلك والكتب ا١تصنفة ..وىذا معناه أف من ا١تهم ً
ا١ترحلة .يعٍت طالب علم حديث يكتفي بػ (البيقونية) و(النخبة) و(النزىة) وال يدرس سَتة شعبة بن
اٟتجاج ،وال عبدالرٛتن بن مهدي ،وال وكيع ،وال ٭تِت بن سعيد القطاف ،وال أٛتد بن حنبل ،وال
٭تِت بن معُت ،وال علي بن ا١تديٍت ،وال البخاري ،وال سَتة أيب حاًب وأبو زرعة الرازي وأمثا٢تم؛ ال
اتما ،ىؤالء جزءٌ من اتريخ علم اٟتديث ،وجزءٌ من أركاف علم فهما ً
ٯتكن أف يفهم علم اٟتديث ً
اٟتديث ُب مسَتتو ،فبل بد أف يفهم اإلنساف من ىم وما مسَتهتم ..إخل.
ٔ) ا١ترجع األوؿ٣ :تموعة مؤلفات كتبها الدكتور عبد الستار الشيخ بعنواف( :أعبلـ ا﵀دثُت ُب
القرف األوؿ وُب القرف الثاين) ىو ست ٣تلدات٦ ،تكن االكتفاء ابجمللدين ا١تتعلقُت ابلقرف الثاين ،أربع
قدر جي ٌد من سَت األئمة .ىذا فقط ٣تلدات ُب القرف األوؿ ،اجمللداف ا١تتعلقاف ابلقرف الثاين فيهما ٌ
متعلق ابلسَت .توضيح :ىذا ليس ُب اتريخ علم اٟتديث؛ يعٍت ليس ُب كيف نشأ علم اٟتديث ،وال
ُب طبقاتو ،وال ُب ٖتدايتو ..ىذا فقط ُب سَت ٣تموعة من أبرز علماء علم اٟتديث ،ودل يدخل ُب
جدا ،وٯتكن أف يرجع اإلنساف الذي يريد أف يكمل السَت ا١تتعلقة ابٟتديثالقرف الثالث وىو مهم ً
مثبل ،أيخذ وينتقي أىم سَت ا﵀دثُت ٦تن ٝتيت ومن أمثا٢تم.
إذل (سَت أعبلـ النببلء) ً
جدا ُب اتريخ علم اٟتديثُ ،بمهم ًٕ) ا١ترجع الثاين :وىو أوضح ُب اتريخ علم اٟتديث ،وىو ٌ
فهم التاريخ من الناحية اليت ذكرت؛ السلسلة اليت قدمتها بعنواف (ٛتلة العلم وحفظة الشريعة)؛ ألنٍت
ٕٕ
ٖتدثت ُب ىذه السلسلة عن بداايت انبعاث توثيق ا١تبدأ التوثيقي ُب ىذه األمة .وكذلك ىناؾ كتب
كثَتة ىناؾ كتاب (السنة قبل التدوين) ،ىناؾ كتب متعلقة بتاريخ تدوين اٟتديث ىذه كلها مفيدةٌ
مثبل :كتاب دمحم مصطفى األعظمي (اٟتديث النبوي واتريخ تدوينو)( ،دراسات ُب اٟتديث جداً ،ً
فمثبل:
النبوي واتريخ تدوينو) من ٣تلدين .وىناؾ معلومات اترٮتية مهمةٌ ٕتدوهنا ُب بطوف الكتبً ،
معلومات اترٮتيةٌ مهمةٌ ُب
ٌ ابن رجب اٟتنبلي ُب شرحو على علل الًتمذي عنده ُب بداية الكتاب
نشأة علم اٟتديث ،وُب أوؿ من بدأ ُب تفتيش األسانيد ونقل نقوالت عن األئمة اٟت ّفاظ ُب ذلك،
وتكلّم عن أ٫تية دور ابن سَتين ُب بداية النقد اٟتديثيٍ ،ب تكلم بعدىا ُب مواضع عن دور شعبة بن
اٟتجاج ومركزيتو ،وتكلم عن كتابة اٟتديث وتدوينو ،وأوؿ ا١تصنفات ُب علوـ اٟتديث وما إذل ذلك.
ٍ
صحيحة أبف ندرس اترٮتو .الكبلـ ىذا كلو متعلق اب٠تطوة األوذل لفهم علم اٟتديث ودراستو بطر ٍ
يقة َ ٌ
يطوؿ حقيقة؛ ألنو يوجد انتقالة اترٮتية حصلت ُب طبيعة التعامل مع علم اٟتديث وبعد ذلك ُب
التغَت الذي حصل.
ومظبلتو اٟتاكمة
ا٠تطوة الثانية لفهم علم اٟتديث وإدراؾ أبعاده ىو :فهم فلسفتو وقواعده الكربى ّ
لو .يعٍت ما القواعد الكربى اليت ٖتكم ىذا العلم؟ وبطبيعة اٟتاؿ أًن ال أحدثكم اآلف عن ٍ
نقاط جواهبا
ُب الكتب اٟتديثية األوليّة اليت تدرس ،ىذه جواهبا ليس ُب الكتب اٟتديثية األولية ،ليس ُب (النخبة)
وال ُب (البيقونية) ،ال ،ىذه منتشرة ُب ٥تتلَّف كتب اٟتديث ،وىي قواعد تُستخرج استخر ً
اجا وٕتدىا
ُب ىذا الكتاب وُب ذاؾ .ما القواعد الكربى ٢تذا العلم؟ ما القواعد الكاشفة عن فلسفتو؟ ا١تنهج
ٖٕ
جدا ل َف ْهم علوـ
مهم ً
مبحث ّّ
ٌ التوثيقي اٟتديثي؟ ما ىي قواعده الكربى؟ على ماذا يستند؟ ىذا
اٟتديث وقواعده.
جدا :مراعاة مقاصد ىذا العلم وفهم اٞتزئيات أو ا١تقدمات على ضوء نتائجها ىذه ا٠تطوة مهمةٌ ً
ات معينةٌ ،ومقاصد معينة ُو ِضع العلم ألجلها ،إذا درست علم
وٙتراهتا ومقاصدىا .ىذا العلم لو ٙتر ٌ
اٟتديث وأنت ال تراعي ٖتقيق ىذه ا١تقاصد ستضيع ُب تفاصيل علم اٟتديث اليت ال تنتهي ،يعٍت رواة
مثبل :يوجد دراسة عن َشهر بن حػوشب ُب اٟتديث ابآلالؼ ٕتد كتبا مؤلفةً ُب را ٍو و ٍ
احد؛ يعٍت ً ً
أربعة أو ٜتسة ٣تلدات .شهر بن حوشب راوي من الرواة أربع أو ٜتس ٣تلدات ىذا فقط ُب دراسة
احد! ويوجد دراسة أظنها ثبلث ٣تلدات -إذا ما و٫تت ،عهدي هبا قدًنٌ -اٝتها( :القوؿ عن را ٍو و ٍ
النفيس ُب براءة الوليد بن مسلم من التدليس) ابن مسلم راوي ،ثبلث ٣تلدات عشاف بس يقوؿ أنو
مدلسا؟! ألف ىناؾ
مدلس أو ليس ً ٌ مدلسا ،يعٍت ىذه ليست ترٚتة ،وإ٪تا فقط مسألة ىل ىو
ليس ً
مشهور عن ابن مسلم ُب قضية التسوية وما تدليس التسوية ..لن تنتهي ،إذا دخلت ُب ٌ خبلؼ
ٌ
دراسات علم اٟتديث لن تنتهي.
ٕٗ
جدا عنواهنا (اٟتديث اٟتسن) ،ىذا ليس كل علم
ىناؾ دراسة من ٜتس ٣تلدات ،وىي دراسة ٚتيلةٌ ً
اٟتديث ،ىذا اٟتديث اٟتسن فقط! تريد أف تفتح صفحة مؤلفات لن تنتهي ُب علم اٟتديث،
الكتب اليت أُلفت ُب اٟتديث ا١تدرج ..إخل.
حىت ال تضيع راعي ىذه القواعد ومن أ٫تها القاعدة الثالثة ،إذا دل تكن أىم قاعدة :أف تراعي مقاصد
وجهة لك ُب ما الذي تنتقيو ،وما الذي أتخذه ،وما الذي علم اٟتديث ،وىذه ا١تقاصد اجعلها م ِ
ُ
ٍ
٣تموعة من القواعد اٟتديثية األولية ا١تشًتكة بُت كل تتنبو إليو ،على أنك بضرورة اٟتاؿ ستمر على
من يدرس علوـ اٟتديث.
ٔ) ا١تقصد األوؿٛ :تاية السنة النبوية وحفظها من أف يُدخل فيها ما ليس منها ،أو أف يُنسب
إذل النيب ﷺ ما ليس منو.
ىذا ا١تقصد كاف ىو ا١تقصد األساسي الذي ألجلو نشأ علم اٟتديث ،وينبغي أف يُزاد ُب ىذا ا١تقصد
أمر ُب غاية األ٫تية ،ال نكن جامدين على بعض الصور ،وإ٪تا من أىم ما يدخل يف ىذا
اليوـ ،وىذا ٌ
ا١تقصد األوؿ ىو :الدفاع عن أصل حجية السنة وإثبات مكانتها .فإف قاؿ قائل :ىذا عمل
األصوليُت وال عبلقة رل هبذا ،أًن طالب حديث على ابب هللا! فنقوؿ لو :حسنًا إف أردت أف تتخلى
عن مكانك الذي ينبغي أف يكوف لك ُب ٛتاية جناب السنة ُب أصل حجيتها وثبوهتا فبل أقل من أف
يكوف لك ُب ىذا سهم من اٞتهة ا١تتعلقة بعلم اٟتديث اليت ىي من جهة إثبات أ ّف ىذا العلم ٍ
كاؼ
ُب توثيق السنة .فهمتم الفكرة؟
ٕ٘
إيش الفرؽ بُت ىذا وبُت أصل الباب إثبات حجية السنة من ًنحية االختصاصات؟ أًن قلت لك
يقوؿ لك أًن ال عبلقة رل بعلم األصوؿ ...مداخلة د.ٖٗ :
إثبات حجية السنة ُب ذاهتا ىذا لو عبلقة أساسية بقضية أدلة الكتاب والسنة ودالالت األلفاظ وما
ِ ۟ ِ ۟
وؿ﴾ ،وما إذل ذلك ،ولذلك قد يتخلّى بعض ٱلر ُس َ
َطيعُوا َّ
ٱَّللَ َوأ
َطيعُوا َّ
يقتضيو قولو سبحانوَ ﴿ :وأ
طبلب اٟتديث عن ىذا يقوؿ لك :ىذا عمل األصوليُت ليس عملي واألصوليوف يتناولوف ىذا
ا١تبحث ،نقوؿ لو :ال أقل من أف تتناوؿ ابب حجية السنة ،أو ابب الدفاع عن السنة من جهة
كاؼ ُب توثيق ا١تنقوؿ عن الرسوؿ ﷺ ،وإف تركت ىذا حجيتها ،من جهة أ ّف ىذا العلم مأموف ٍ
كاؼ؛ فإنك قد تركتلؤلصوليُت ،ليس أصل ابب حجية السنة وإ٪تا إثبات أف علم اٟتديث علم ٍ
مهما ١تن ليس من اختصاصو ،و١تن يصعب عليو أف يدخل فيو.
عنو ًاًن ً
مقامات حفظ السنة النبوية:
صار عندًن ثبلث مقامات ُب حفظ السنة وٛتايتها:
ٔ .إثبات حجيتها ُب ذاهتا.
ٕ .إثبات أف علم اٟتديث ٍ
كاؼ ُب توثيق النقل ا١تتعلق هبا.
ٖٛ .تاية السنة من أف يدخل فيها ما ليس منها.
وىذا ا١تقاـ من أجلو نشأ علم اٟتديث ،وىو إبعاد الضعيف وا١توضوع عن الصحيح.
اآلف ىذه ثبلثة مقاصد وال مقصد واحد؟ ىذا مقصد واحد فيو ثبلثة مقامات ،طيب إيش ُب مقصد
آخر لعلم اٟتديث؟
اآلف ا١تقصد ىذا مقصد أعلى؛ يعٍت مقص ٌد معتربٌ ُب أساس أتسيس الفن .توجد مقاصد اآلف نسبية
موجودا وىو الذي لو أساس االرتباط بعلم اٟتديث .اآلف
ً دائما يكوف
مطلق ً
ُدنيا ،ذلك مقصد ٌ
ا١تقاصد نسبية تكوف ُب زم ٍن دوف زم ٍن ،ىي موجودة ُب أغلب األزماف لكن ُب زمن التأسيس ً
أحياًن
قد ٗتفت بعض ىذه ا١تقاصد سأذكر سر ًيعا حىت ال أطيل أكثر من ذلك..
ٕٙ
ٕ) ا١تقصد الثاين :من ا١تقاصد ا١تعتربة اليت ينبغي أف يعتربىا طالب اٟتديث اليوـ ىي :أف ٮترج
تصحيحا وتةضعي ًفا ،أو حىت ٍ
عملية يف القدرة على التعامل التطبيقي مع األحاديث النبوية ٍ
بنتيجة
ً
على األقل أف يُدرؾ الوجوه اليت من أجلها تصحح األحاديث أو تةضعف من الناحية التطبيقية
العملية .ولذلك من يدرس علم اٟتديث وال يضع ُب عينو ا١تقصد العملي التطبيقي الذي ٮترج منو أو
بسببو ابلقدرة على التعامل العملي مع األسانيد والرواة وما إذل ذلك؛ فقد درس دراسةً ًنقصةً ،ال
أقوؿ خاطئة ولكنها ًنقصة ،يعٍت علم اٟتديث لكي ٖتقق مقاصده ال بد أف تدرسو دراسةً تقودؾ إذل
القدرة على التطبيق العملي ُب التعامل مع األسانيد .فإذا قلت كيف؟ سأقوؿ لك :ىذا ال ٯتكن أف
أصبل دراسة علم اٟتديث ،تدرس علم اٟتديث دراسةً ُ٬تاب عنو حىت ٔتحاضرةٍ واحدةٍ ،وإ٪تا ىذا ىو ً
تقود إذل التوثيق ،ولذلك من يدرس ا١تصطلحات اٟتديثية اليت ىي :الصحيح ،الضعيف ،اٟتسن،
ا١تتواتر ،اآلحاد ،الغريب ،ا١تشهور ،العزيز ،ا١تدبَّج ..إخل ،من يدرس ا١تصطلحات ويظن أنو درس علم
ظن أنو قد أًب ىذا العلم! ىو درس اىم إف َّاٟتديث ولو توسع ُب األقواؿ ا١تتعلقة هبا؛ فهو و ٌ
ا١تصطلحات ،وا١تصطلحات ال تكفي للوصوؿ إذل التطبيق العملي ،التطبيق العملي ال بد فيو من
معرفة الرواة ودراسة علم العلل ،والدراسة التطبيقية ،وا١ترور على كتب العلل للمتقدمُت وما إذل ذلك.
فهذه قضية ُب غاية األ٫تية ابلنسبة ١تقاصد علم اٟتديث.
ٖ) ا١تقصد الثالث :فهم كبلـ احملدثُت ومصطلحاهتم وأحكامهم على األحاديث وخاصة
ا١تتقدمُت منهم.
قد يقوؿ قائل :ىل ىذا ٭تتاج إذل أف يُنبو عليو أنو مقص ٌد ٖتل بو إشكاالت ُب ىذا الرصيد اٟتديثي
كثَتا ٦تن درس علم اٟتديث دل ٭تقق ىذا ا١تقصد ،ودل يصل
الكبَت؟ اٞتواب :نعم ،٭تتاج التنبيو؛ ألف ً
إذل ىذه الثمرة والنتيجة.
مثاال سر ًيعا :قد يدرس اإلنساف اٟتديث دراسة مصطلح ،ودراسة ا١تصطلح ىذه يدرسها أضرب لكم ً
معينة للمصطلحات ،ىذه التعريفات يفات ٍ معينة ،من خبلؿ ىذه الدراسة خرج بتعر ٍ متوف ٍ
ٔتجموعة ٍ
مثبل ،وإ٪تا ٘تثّل جزءًا
ا١تعينة للمصطلحات ال ٘تثّل حقيقة التعامل مع ا١تصطلح عند األئمة ا١تتقدمُت ً
ٕٚ
فمثبل :مصطلح اٟتسن ،إيش ا١تشهور ُب تعريف اٟتديث اٟتسن؟ أنو ما اتّصل من تفسَت ا١تصطلحً ،
علةٜ .تسة شروط ،أوؿ شرط ٍ
شذوذ وال ٍ خف ضبطو عن مثلو من غَت إسناده برواية العدؿ الذي َّ
إيش؟ ما اتصل إسناده٨ ،تن قلنا ا١تقصد فهم كبلـ العلماء واألئمة ،طيب "ما اتصل إسناده" تذىب
حديث :ىذا حديث حسن وليس إسناده ٍ
ٔتتصل! وىذا مكرر ٍ إذل اإلماـ الًتمذي ٕتده يقوؿ لك ُب
من اإلماـ الًتمذي ُب جامعو .طيب أًن دارس ُب مصطلح اٟتسن أنو" :ما اتصل إسناده" ،واإلماـ
الًتمذي يقوؿ ُب حكمو على بعض األحاديث :ىذا حديث حسن وليس إسناده ٔتتصل .طيب أًن
ماذا أفعل؟ ا١تشكلة كانت ُب أف دراستك لعلم اٟتديث دل تكن تؤىلك ٢تذا ا١تقصد الذي ىو فهم
نظاـ فيو ٤تدودية ،أو قدر من ِّ
الضيق ال كبلـ األئمة واٟتفاظ١ ،تاذا؟ ألنك درست ا١تصطلحات على ٍ
أصبل ىذا
تفصيل كبَتٌ ،و ً
ٌ بد أف توسع ،وىذا فيو كبلـ كثَت سيأٌب إف شاء هللا ُب شرح (النزىة) ،ىذا
متكرر على طوؿ الطريق ُب شرح (النُزىة) أ ّف ا١تصطلحات ٢تا معاين متعددة و٬تب أف نوسع ُبا١تعٌت ٌ
داللتها وإطبلقاهتا وإذل آخره.
ىذه بعض ا١تقاصد ُب علم اٟتديث .كم خطوة اآلف ذكرًن؟
ثبلث خطوات وىي :اتريخ ىذا العلم ،وفلسفتو وقواعده الكربى ،ومراعاة مقاصده.
ا٠تطوة الرابعة ىي :أ٫تية أف ٯتر طالب اٟتديث على ٥تتلف علوـ اٟتديث والسنة حىت يفهم
بنوع من أنواع علوـ اٟتديث أو ٍ
ٔتجاؿ من ٣تاالت اٟتديث دوف أطراؼ ىذا العلم؛ يعٍت ال يكتفي ٍ
مرورا على كتل ىذه العموـ ،أًن ال ٍ ٍ
بشكل عاـ يتطلب ً اآلخر؛ ألف فهم علم اٟتديث وعلوـ السنة
أقوؿ ٗتصص وال حىت القراءة الواسعة ،لكن على األقل تكوف قرأت كتااب ُب كل ٍ
٣تاؿ من ٣تاالت ً
كتااب ُب
كتااب ُب ا١تنكر ،و ً
كتااب ُب ا١تدرج ،و ً العلوـ ،أًن ال أتكلم عن كل ٍّ
فن تفصيليًا ،ال أقصد أف تقرأ ً
درسا، ٍ
كتااب ،استمعت ًالشاذ ،ال! لكن تكوف قد قرأت ُب كل ٣تاؿ من ٣تاالت علوـ اٟتديث قرأت ً
قطعت شوطًا فيو حىت تفهم علم اٟتديث.
ٕٛ
٣ تاالت علم اٟتديث:
حسنًا ما ىي ٣تاالت علم اٟتديث؟ ٯتكننا أف نقوؿ أف اجملاالت تنقسم إذل قسمُت كبَتين:
-القسم األوؿ٣ :تاالت متعلقة ابإلسناد والصنعة اٟتديثية.
-القسم الثاين٣ :تاالت متعلقة اب١تنت.
ىناؾ كتب يف اٞترح والتعديل متخصصة يف الثقات؛ يعٍت توجد كتب اآلف موجودة مطبوعة ٕتد
كتاب الثقات ،مثل كتاب (الثقات) البن حباف ،ىذا ٬تمع لك الثقات.
كتب متعلقةٌ ابلةضعفاء مثل :كتاب (اجملروحُت) البن حباف ،كتاب (الكامل ُب ضعفاء ويوجد ٌ
الرجاؿ) البن عدي ،ىذا تكلم ُب عشرة ٣تلدات( ،ميزاف االعتداؿ) للذىيب ،كتاب (الضعفاء الكبَت)
ومتعلق ابلضعفاء .اآلف ىذا فقط ٖتت
ٌ جدا ُب علم اٟتديثللعُقيلي ،كتاب من الكتب اٞتميلة ً
اٞترح والتعديل كتب للثقات ،كتب للضعفاء.
يوجد كتب متعلقة ّتمع الرواة الذين وردوا يف كتب معينةً ،
فمثبل أىم كتب اٟتديث اليت اُشتغل
يضا ،لكن ىي الكتب التسعة من حيث األ٫تية ،لكن هبا ىي :الكتب الستة٦ ،تكن تقوؿ التسعة أ ً
كتب ٚتعت أٝتاء الرواة الذين وردوا ُب
الكتب الستة صار ٢تا اختصاص معُت حىت ابلتأليف ،ىناؾ ٌ
الكتب الستة ،أي راوي ورد ُب الكتب الستة ٕتد اٝتو ُب ىذا الكتاب ليس اٝتو فقط ،بل اٝتو
أحياًن ٕتد ما يتعلق
وكنيتو ونسبو واتريخ وفاتو وشيوخو وتبلميذه وأحوالو من حيث الثقة والضعف ،و ً
ٕٜ
بسماعو وعدـ ٝتاعو من الرواة .وىذه كتب ضخمة من أبرزىا وأ٫تها( :هتذيب الكماؿ) للمزي ُب
٣تلدا ُب األساس( ،هتذيب ٣تلدا ،مطبوع اآلف طبعةً مضغوطةً ،لكن ىو ستة وثبلثُت ًستة وثبلثُت ً
فبلف وروايتو عن ٍ
فبلف الكماؿ) للمزي ىذا ٯتسك راوي من الكتب الستة ويقوؿ لك :فبل ٌف روى عن ٍ
فبلف موجودةٌ ُب الًتمذي وابن ماجو موجودةٌ ُب البخاري ومسلم وأبو داود ،وفبل ٌف روايتو عن ٍ
فبلف الثالث موجودةٌ ُب البخاري وأبو داود ..طيب كم واحد ىذا فبلف والنسائي ،وفبل ٌف وروايتو عن ٍ
ياًن يكونوا مئة ،كل واحد يروي عنو ،بعد أف ينتهي يقوؿ لك :وروا عنو فبلف وروايتو عنو
وفبلف؟! أح ً
ُب البخاري وأبو داوود ،وفبلف وروايتو عنو ُب النسائي وابن ماجو ،وفبلف روايتو عنو ُب ابن ماجة
والًتمذي ،كم واحد؟ ٦تكن مئة .بعد أف ينتهي يقوؿ لك :قاؿ أٛتد بن حنبل ضعيف اٟتديث.
كامبل ١تاذا ىو
شرحا ًطيب بعد ىذه الرحلة كلها ضعيف؟! نعم ضعيف ،عادي فقط ىو يشرح لك ً
ضعيف .قاؿ ابن معُت :ليس بشيء .قاؿ فبلف :كذا ..خلصنا؟ الراوي الثاين ،الراوي الثالث والرابع،
ىذا (هتذيب الكماؿ).
مثبل ابن حجر أتى فهذب كتاب (هتذيب الكماؿ) ُب (هتذيب التهذيب) فلم يذكر كل بعدىا عندؾ ً
الشيوخ الذين ذكرىم ا١تزي ،وال كل التبلميذ الذين ذكرىم؛ وإ٪تا أتى أببرز من روا عنهم ،أبرز من رووا
عنو ،وزاد ُب اٞترح والتعديل على (هتذيب الكماؿ)ٍ ،ب جاء ابن حجر نفسو فماذا فعل؟ اختصر
اختصارا يكاد يكوف قد ذىب أبكثره ،دل يُبقي فيو إال عصارة العصارة ٝتّاه: ً (هتذيب التهذيب)
(تقريب التهذيب) ،ال يقوؿ لك فيو ماذا قاؿ أٛتد ،وال ابن معُت ،وال علي ابن ا١تديٍت ،وال أي
شيء ،فقط يقوؿ :االسم والكنية والطبقة والتاريخ ،بعدىا يقوؿ لك :صدوؽ ،ثقة ،صدوؽ يهم،
صدوؽ ٮتطئ ،مقبوؿ ..إخل.
ٗتيل كثَتٌ ٦تن ٢تم دراسات حديثية -ليست دراسات فقهية ويرجعوف للحديث ،ال ،ىؤالء من ابب
أوذل أف ال يكوف كثَت منهم يعٍت٦ -تن ٢تم دراسات حديثية ُب ٗتصص اٟتديث؛ ال يتجاوز (تقريب
التهذيب) يعٍت حظو (تقريب التهذيب) فقط! الذي ىو (تقريب التهذيب) أشبو ما يكوف
مقتنعا هبا
اب٠تبلصات اليت ىي فقط تعُت ،مفاتيح فقط ،وأًن عندي قناعة قلتها ساب ًقا وال زلت ً
مروا على (هتذيب التهذيب) و(هتذيب وىي :أف أكثر من يستفيد من (تقريب التهذيب) ىم من ّ
ٖٓ
صدوؽ ٮتطئ .ال يدركها اي
ٌ الكماؿ) ىذا ىو الذي يستطيع أف يفهم أبعاد أبعاد قوؿ ابن حجر:
ٚتاعة الدارس ..الدارس الذي ما يعرؼ إال (تقريب التهذيب) ١تا أيخذ صدوؽ ٮتطئ ،ماذا قاؿ ابن
صدوؽ ٮتطئ .صدوؽ حسن، ٌ ٍ
بصدوؽ ٮتطئ؟ قاؿ كذا٘ ..تاـ حجر ُب صدوؽ؟ إيش يقصد
ومر على (تقريب التهذيب) حُت يقوؿ ابن صدوؽ ٮتطئ كذا ..الذي درس (هتذيب التهذيب) ّ
مثبل :صدوؽ ٮتطئ ،لو ٗتيلنا ابٞتواؿ تكرب الشاشة كأنك تبصر من وراء صدوؽ ٮتطئ قوؿ حجر ً
صدوؽ ٮتطئ؟
ٌ أٛتد وابن معُت وابن ا١تديٍت ما الذي ٯتكن أف يقاؿ ُب راوي قاؿ فيو ابن حجر
تفاصيل كثَتةٌ.
ٌ وراءىا
ىذا اآلف ُب اٞترح والتعديل ،ىذا اٞترح والتعديل فقط فيما يتعلق ابلرواة ،قلنا يوجد كتب مؤلفة ُب
معينة ،مثل ما قلنا( :هتذيب الكماؿ)بكتب ٍ
الضعفاء ،كتب مؤلفة ُب الثقات ،كتب جامعة متعلقة ٍ
مثبل بزوائد ا١تسانيد األربعة على الكتب الستة .ابن حجر عنده اليت ىي الكتب الستة ،أو حىت ً
كتب جامعةٌ ما
كتاب اٝتو( :تعجيل ا١تنفعة برواة ا١تسانيد األربعة) أو ٨تو ىذا العنواف .وىناؾ ٌ
أصبل قبل أف تعرؼ أهنا الكتب الستة، ٍ
بكتاب دوف آخ ٍر ،ليس الكتب الستة وال التسعةً ، اختصت
وحىت قبل ما تؤلف بعضها ،البخاري كتب (التاريخ الكبَت) آالؼ الرواةٍ ،ب أبو حاًب الرازي ،ابن أيب
ٍ
بكتاب آخ ٍر ..إخل. حاًب ُب اٞترح والتعديل غَت ٍ
٥تتص
ىذا اآلف ًنفذة اٞترح والتعديلٗ ،تيلوا اي ٚتاعة كثَتٌ ٦تن يدرس علم اٟتديث ال يفتح ىذه النافذة،
إشكاؿ كبَتٌ ،كيف تفهم اجملاؿ اٟتديثي؟ كيف ٦تكن أف أتخذٌ وال يفتح إال ًنفذة ا١تصطلحات ،وىذا
طبعا ٍ
أبطرافو؟ ال بد ُب كل ٣تاؿ حديثي أف تكوف قد أخذت شيئًا من :أٝتاء ا﵀دثُت ،أٝتاء الرواةً .
شيء آخ ٍر ٍ
متعلق ابلرواة ،أو حىت ٦تكن نضع اسم الرواة ىذا نفسو أًن ذكرت اٞترح والتعديلُ ،ب ٍ
ًنفذة عليا وٖتتها اٞترح والتعديل ،وٖتتها معرفة الرواة و٘تييزىم؛ ألنو قبل ما ٕترح أو تع ّدؿ ٬تب أف
أحياًن ال يظهر من ىو ،الراوي موجود ُب اإلسناد لكن ما تعرؼ من ىو! عن دمحم، تعرؼ من ىو؟ ً
٣تاؿ
من دمحم؟ عن أيب خالد ،من ىو أبو خالد؟ عن موذل فبلف ،من ىو موذل فبلف؟ لذلك عندؾ ٌ
كبَتٌ ُب اٟتديث ُب قضية التمييز٘ ،تييز الن َقلَة.
ٖٔ
طبعا ال زاؿ يوجد ُب اٞترح
عموما إيش ُب ٣تاؿ آخر متعلق ابإلسناد غَت الرواة واٞترح والتعديل؟ ً
ً
والتعديل :ألفاظ اٞترح والتعديل .غَت ألفاظ اٞترح والتعديل إيش ابقي؟
اجملرحوف وا١تعدلوف ،قواعد اٞترح والتعديل ،أئمة اٞترح األجوبة :ألفاظ اٞترح والتعديل ،الرواة ّ
والتعديل ،من يعتمد على قولو ُب التوثيق والتضعيف؟ من الذي يؤخذ بقولو ُب اٞترح والتعديل؟ وما
مهم جدِّا ويتناولو ..غَت قواعد الًتجيح ىذه ،قواعد
مبحث ّّ
ٌ مناىج ىؤالء األئمة كل و ٍ
احد منهم؟ ىذا
الًتجيح ىذه ُب األلفاظ لكن ىذه ٖتت ًنفذة ألفاظ اٞترح والتعديل تدخل قضية القواعد ..أوؿ
شيء دالالت ألفاظ اٞترح والتعديل والقواعد ،لكن ىذا غَت ،اآلف أئمة اٞترح والتعديل ،وىذا
جدا تفهم كل واحد إيش طريقتو؟ فيهم من يشدد ،فيهم من يتساىل ويًتاخى ،فيهم من مبحث مه ٌم ً
ٌ
لو مصطلحات ٢تا دالالت خاصة ،الكتب اليت ألفوىا ُب ىذا اجملاؿ.
ٔتجاؿ و ٍ
احد ضمن القسم األوؿ من أقساـ علوـ اٟتديث الذي ىو: متعلق ٍ
وىذا كلو الذي ذكرتو ٌ
اإلسناد٣ .تاؿ واحد الذي ىو٣ :تاؿ اٞترح والتعديل.
ٕ) اجملاؿ الثاين٣ :تاؿ االتصاؿ واالنقطاع ،يدخل ٖتت االتصاؿ واالنقطاع :صيغ األداء ،مباحث
التدليس ،اإلرساؿ وحكم ا١ترسل .وىنا ُب مؤلفات إذل أف ترتوي ،إذل آخره من اجملاالت.
ٔ) اجملاؿ األوؿ :رواية متوف اٟتديث نفسها ،ا١تنت النبوي ،وىذا فيو مكتبةٌ ال حدود ٢تا من حيث
سعة ا١تؤلفات اليت أُلفت فيها ،فهي أنواع وأشكاؿ ،فمنهم من ألّف ُب ا١تتوف الصحيحة فقط ،ومن
ألف ُب ا١تتوف الصحيحة منهم من صنّف فيها ابإلسناد ومنهم من صنف فيها بدونو .دعوًن اآلف من
ا١تصنفات بدوف أسانيد ٨تن اآلف ُب ا١تصنفات ابألسانيد؛ ألف ىي األساس ،وىي األـ .منهم من
صنف الصحيح وحده ،ومنهم من ٚتع ،ومنهم من ٚتع بقدر من االنتقاء ،ومنهم من دل ٬تمع ،ومنهم
ٕٖ
من ٚتع كبلـ النيب ﷺ وحده ،ومنهم من ٚتع كبلـ النيب ﷺ وكبلـ الصحابة والتابعُت ،وىذه كلها
متعلقة اب١تنت ،فيجب على طالب اٟتديث أف يفهم مناىج ا﵀دثُت ُب التصنيف ُب كتب السنة،
يعرؼ البخاري ومسلم ما الذي ٚتعاه؟ وقبل ذلك الكتب الكثَتة اليت صنفت ُب متوف اٟتديث قبل
اإلماـ البخاري.
أتذكر من الطرائف أايـ النقاش مع منكري السنة واحد يقوؿ :كيف نثق ُب اٟتديث وأوؿ من ألف ُب
اٟتديث اإلماـ البخاري بعد وفاة النيب ﷺ مدري بكم!؟ اي ابن اٟتبلؿ! مسند اإلماـ أٛتد ىذا
صنّف؟ بعد البخاري وال قبلو؟ طيب موطأ اإلماـ مالك، ا١توسوعة الكربى الضخمة مىت أُلف؟ مىت ُ
اإلماـ مالك نفسو -رٛتو هللا -توُب قبل ما يولد البخاري ،يعٍت دل يصنفو قبلو ،بل قبل أف يولد اإلماـ
أجل كتب اإلسبلـالبخاري ببضعة عشرة سنة توُب اإلماـ مالك! وكاف قد صنف (ا١توطأ) وىو من ِّ
ُب السنة .وحدد ما شئت من كتب اٟتديث قبل ذلك( .مصنف عبد الرزاؽ) عبد الرزاؽ ىذا الذي
دل يدركو اإلماـ البخاري مباشرًة ُب الرواية عنو ،الذي رحل إليو اإلماـ أٛتد إذل اليمن ،عنده (مصنف
٣تلدا( .مصنف ابن أيب شيبة) روى ٙتاف وثبلثوف ألف مصنف مطبوعٌ من ستة عشر ً ٌ عبد الرزاؽ)
طبعا (مصنف ابن أيب شيبة) ليس كبلـ النيب ﷺ فقط ،وإ٪تا أحاديث
حديث وأثر قرابة ىذا العددً ،
ٍ
ضخمة ىذه كلها متعلقة برواية ا١تنت ،تعرؼ ٍ
موسوعة أماـ
الصحابة وكبلمهم والتابعُت وغَتىم .أنت َ
مناىج ا١تصنفُت من أئمة السنة ُب ٚتع أحاديث اٟتديث ،وُب ٚتع أحاديث النيب ﷺ ..إخل.
ٕ) اجملاؿ الثاين :فقو ا١تنتٖ ،تت فقو ا١تنت ىناؾ علوـ و٣تاالت٣ :تاؿ غريب اٟتديث ،وىذا إذا
فتحتو ستجد فيو سلسلةً اترٮتيةً كبَتةً ُب أتليف الكتب ُب غريب اٟتديث ،ومناىج ا١تؤلفُت ُب غريب
أيضا ٥تتَػلَف اٟتديث وىذا فيو كتب فيها ما شاء هللا!
جدا ،وعندؾ ً
ب جليلةٌ وشريفةٌ ًاٟتديث فيها كت ٌ
ْتر أوسع من سابقو من الغريب وغَته.
أيضا شرح اٟتديث وفقو السنة وىذه ٌ
وعندؾ ً
جدا على ا٠تطوة الرابعة لفهم علم اٟتديث وىي :أف ٯتر طالب اٟتديث
ىذه فقط إطبللة سريعة ً
فمستقل ظ يف كل ٍ
٣تاؿ من ىذه اجملاالت، ٣تاؿ من ٣تاالت اٟتديث ،ويكوف لو ح ٌ على كل ٍ
ٌ
ٖٖ
ومستكثر ،بقدر استكثارؾ الواعي ا١تنهجي من كل ٣تاؿ من ٣تاالت اٟتديث؛ يفيدؾ ىذا ُب اإل١تاـ
ٌ
صحيح ،وأف ٖتقق مقاصده وٙتراتو.
ٍ ٍ
بشكل أبطرافو وأف تسَت فيو
الذي يريد أف ٭تكم على األحاديث من أىم ما يعينو -غَت قواعد العلل وقواعد اٞترح والتعديل:-
حفظ أٝتاء الرواة ،ال تقل :وهللا ىذه ليست خطوةً مكتوبةً ُب خطوات ٗتريج اٟتديث واٟتكم عليو،
ليس ابلضرورة أف تكوف مكتوبةً ،وليس ابلضرورة أف كل من كتب يكوف قد مارس ىذه القضية،
حفظ أٝتاء الرواة ىذا من أىم ما يعُت ُب اٟتكم على األحاديث ،على األقل ُب تسهيل خطوات
مثبل واحدة من خطوات اٟتكم على األحاديث :التأكد من االتصاؿ ،فبلف اٟتكم على األحاديثً ،
أحياًن الكتب اليت اعتنت اب١تراسيل
ٝتع من فبلف صح؟ كيف تتأكد؟ ترجع لكتب اٞترح والتعديل ،و ً
أحياًن تبحث وتتعب حالك ونفسك وأتخذ وقتًا ،ولو كنت حافظًا لعلمت يعٍت بياف ا١تنقطعاتً ،
ٍ
كثَتا من األسانيد من ًنحية اتصا٢تا وانقطاعها ،معروؼ خبلص! أيتيك إسناد بكل سهولة ويس ٍر ً
شخص ال يعرؼ
ٌ مثبل من رواية عبد الرزاؽ عن معمر عن الزىري عن سعيد عن أيب ىريرة ،أيتيك ً
طويبل :ىل ٝتع عبد الرزاؽ من معمر أـ ىذه األٝتاء وال ٭تفظها وال طبقاهتم وال شيء ،يبحث ْتثًا ً
دل يسمع؟ ٍب ىل ٝتع معمر من الزىري أـ دل يسمع؟ ٍب ىل ٝتع الزىري من سعيد أـ دل يسمع؟ ٍب ىل
ٝتع سعيد من أيب ىريرة أـ دل يسمع؟ ١تا تكوف حافظ الرواة ا١تشهورين وتبلميذىم وشيوخهم خبلص
تعرؼ ،الزىري أبرز تبلميذه ،أبرز شيوخو ،األعمش أبرز تبلميذه ،أبرز شيوخوٍ ،ب أتخذ كل واحد
منهم أبرز تبلميذه أبرز شيوخو ،كما فعل ابن رجب ُب القسم الثاين من شرح العلل ،وٚتعت خبلصة
فيها ُب كتاب (تسهيل معرفة األسانيد) ،من ٭تفظ ما ُٚتع ُب (تسهيل معرفة األسانيد) سيختصر
ٍ
مسافات ٍ
طويلة ُب معرفة الرواة وحفظ طبقاهتم وما يتعلق هبذا ا١تعٌت إبذف هللا تعاذل.
ٖٗ
من مراعاة ا١تقاصد :القدرة على التطبيق العملي ،اآلف من أىم ا٠تطوات كعمل أف تطبق عمليًا ،طبِّق
وجرب اْتث ،واٚتع الطرؽ ،امشي ُب خطوات عمليًا ،أمسك كتبًا -بعد ما تدرس علم اٟتديثّ -
جدا.
اٟتكم على الرواة ،واالتصاؿ ،واالنقطاع ،ىذه فيها خَتٌ كبَتٌ ً
مثبل ُب فًتةٍ أمسكت (بلوغ ا١تراـ)،جداً ، مثبل :ابلنسبة رل جربت ىذه الطريقة واستفدت ً
كثَتا ً ً
وتقريبًا عملت دراسةً ْتثيةً ،يعٍت ليس أنو الواحد أيخذ من دراسات جاىزة ،ال ،أًن أْتث حديث
حديث ،تقريبًا أوؿ أربعمئة حديث من (بلوغ ا١تراـ) ،جربت ىذه الدراسة التطبيقية العملية ،كل
حديث آخذ اٟتديث أنظر وين موجود ُب كتب السنة ،أٚتع طرقو من كتب السنة ،بعدىا أدرس
إسنادا ،تستخرج ا١تدار ،ترى االتصاؿ واالنقطاع ،تدرس الرواة راوي راوي ،أتٌب إسنادا ًاألسانيد ً
ٍ
تطبيقية ٍ
لنتيجة بكتب التهذيب ،وكتب اٞترح والتعديل ،وا١تراسيل ،وكتب العلل ..بعد ما أصل
أحياًن تستعملها أثناء الدراسة ،يعٍت
يبية أذىب إذل كتب العلل ،أأتكد ىل ُب حكم كذا؟ ..إخل ،و ً تدر ٍ
مثبل الفائدة العملية اليت استفدهتا بعد ىذه التجربة فائدة
ىذه واحدة من التجارب أًن ابلنسبة رل ً
جدا١ ،تاذا؟ ألف القواعد النظرية الكثَتة اليت درستها ُب علم اٟتديث عندما أتٌب إذل التطبيق
كبَتة ً
اعا من القواعد :قاعدة ُب ا١ترسل ،قاعدة ُب التدليس ،قاعدة العملي تستدعي ُب اٟتديث الواحد أنو ً
ُب الرواة..إخل وتبدأ تتعرؼ على الرواة ،فبعد فًتة حىت الرواة يكوف عندؾ معرفة هبم وإدراؾ ٢تم وإخل.
ٍ
بكتاب من مثل ىذه الكتب جدا لطبلب اٟتديث ،وأًن نصيحيت ليس أف يبدؤوا ىذه ٕتربةٌ مهمةٌ ً
مثل( :بلوغ ا١تراـ) ،وإ٪تا نصيحيت أف يبدؤوا أبحاديث مشهورة ،وىذه األحاديث ا١تشهورة يكوف جيد
لو تُنتقى من أحد مدرسي علوـ اٟتديث ،تكوف ىذه األحاديث ا١تشهورة فيها ٣تاؿ للتطبيق ،ويكوف
أسباب واضحةٌ للًتجيح ،ىذه للتدريب العملي ،يعٍت
ٌ مشهور بُت أطراؼ الرواة ،وفيها
ٌ اختبلؼ
ٌ فيها
مثبل من األحاديث اليت أرشحها حديث" :من ُحسن إسبلـ ا١ترء تركو ما ال يعنيو" ىذا اٟتديث ً
سهل
اضح بُت رواتو وبُت مداراتو ،والًتجيح ٌ اختبلؼ و ٌ
ٌ مثاؿ ٚتيل للتدرب١ ،تاذا؟ ألنو حصل
اضح بُت حكم ا١تتقدمُت على اٟتديث وبُت حكم بعض ا١تتأخرين على اختبلؼ و ٌ
ٌ اضح ،ويوجد
وو ٌ
مرسلٍ .ب ٕتد بعض من دل يسلكمرسلٌ ، حديث ٌٌ اٟتديثٕ ،تد ا١تتقدمُت يقولوف لك :مرسل ،ىذا
٘تاما مدار الزىري ..ا٠تبلؼ
اضح ًمتصبل يعٍت! و ٌ
نفس ا١تنهجية والطريقة يقوؿ لك :حديث حسنً ،
ٖ٘
مثبل -قُػَّرة ..حديث صاحل للدراسة وىكذا ،أًن برأيي ال أقل من أربعُت ٜتسُت بُت مالك وبُت ً -
حديثًا ال أقل يطبق عليها طالب اٟتديث تطبي ًقا عمليًاٍ ،ب يراجع النتيجة ليس لينشر ىذا ويطلعو ُب
ْتث :اٟتكم على األحاديث وتعقب ..ال ال ،فليهدأ اإلنساف وليعرؼ قدر نفسو ،ىذا ليتعلم
ليتدرب ىو.
ٍ
ٔتقدمة أخرى عن نزىة ىذه مقدمة دل أكمل ما أردت أف أتكلم عنو فيها؛ لذلك قد تكوف مشفوعةً
النظر وطريقة ابن حجر -رٛتو هللاُ -ب ىذا الكتاب ،لكن ىذه ا١تقدمة لعلها إف شاء هللا تكوف
مقدمةً صاٟتةً حىت يفهم اإلنساف من أين يدخل إذل علم اٟتديث أو ما الذي ينبغي على األقل من
ًنحية ا١تفاىيم العامة ا١تتعلقة بعلم اٟتديث.
أسأؿ هللا أف يتقبَّل منا ومنكم صاحل األعماؿ ،وأف يبارؾ لنا ولكم ُب ىذه اجملالس ِّ
وصل اللهم على
نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت.
ٖٙ
احملاضرة الثانية:
ا١تقدمة:
كثَتا طيبًا مبارًكا فيو ،اٟتمد ﵁ كما ينبغي ٞتبلؿ وجهو وعظيم سلطانو،
ٛتدا ً
اٟتمد ﵁ رب العا١تُت ً
صل على دمحم عبدؾاللهم لك اٟتمد ال ٨تصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك ،اللهم ِّ
ورسولك كما صليت على إبراىيم وعلى آؿ إبراىيم إنك ٛتيد ٣تيد ،وابرؾ على دمحم وعلى آؿ دمحم
كما ابركت على إبراىيم وعلى آؿ إبراىيم إنك ٛتيد ٣تيد.
نستعُت اب﵁ ونستفتح اجمللس الثاين من ٣تالس الشرح ا١تطوؿ على (نزىة النظر) البن حجر-رٛتو
هللا ،-وىذا اجمللس واجمللس الذي يليو واجمللس الذي سبقو ىي ٣تالس ُمعادة أردت أف أُعيدىا ُب
يدا من
سياؽ السلسلة؛ ألهنا ُسجلت ساب ًقا قبل سنوات ،وأرجو أف يكوف ُب ىذه اإلعادة مز ً
التوضيح والتقريبٍ ،ب بعد ذلك إف شاء هللا تكتمل السلسلة كما ىي ُب الدروس القدٯتة الػ ُمسجلة
ابتداءً من الدرس الرابع الذي يلي الدرس الذي بعده.
قاؿ ابن حجر رٛتو هللا تعاذل" :بسمميحرلا نمحرلا هللا ،ربنا آتنا من لدنك رٛتة وىيء لنا من أمران
رش ًدا ،قاؿ الشيخ اإلماـ العادل العبلمة الرحالة ،شيخ اإلسبلـ ،وعلم األعبلـ ،شهاب ا١تلة،"...
طبعا ىذه مقدمة ليست من ابن حجر نفسو -رٛتو هللا ،-بداية ابن حجر من قولو -رٛتو
إذل آخرهً ،
صَتا ،وأشهد أف ال إلو إال هللا وحده
ٝتيعا ب ً
قيوما ً
قديرا ،حيًا ً
هللا" :-اٟتمد هلل الذي دل يزؿ عا١تًا ً
ونذيرا
بشَتا ً ال شريك لو وأُ َكِّربُه ً
تكبَتا ،وصلى هللا على سيدان دمحم الذي أرسلو إذل الناس كافة ً
كثَتا".
تسليما ً
ً وعلى آؿ دمحم وصحبو وسلم
ٖٚ
قبل أف أبدأ اب١تقدمة اليت ذكرىا اإلماـ ابن حجر -رٛتو هللا تعاذل -أود التنبيو إذل ما يتعلق هبذا
الكتاب نفسو ،كتاب النزىة ،وآلية ومنهجية الشرح ا١ترتبط هبذا الكتاب.
أوال :ابلنسبة للنزىة( ،نزىة النظر) :ىو كتاب شرح فيو اإلماـ ابن حجر ً
كتااب آخر لو وىو (٩تبة ً
ِ
الف َكر) ،والنخبة :ىي منت ٥تتصر معتصر ،أشار ىو ُب ا١تقدمة إذل ما يتعلق بو ،وما يتعلق كذلك
ابلنزىة .كتاب (نزىة النظر) من الكتب اليت كانت موضوعاهتا أكرب من حجمها ،يعٍت إذا نظرت إذل
حجم كتاب (نزىة النظر) وقلَّبت ُب صفحاتو تظن أف ا١توضوعات اليت فيو بقدر ىذه األسطر،
وبقدر ىذه الورقات ،لكن إذا دخلت ُب (نزىة النظر) دخوؿ ا١تتبحر ا١تتأمل ستجد أف وراء األسطر
سطورا أخرى ،ووراء الصفحات صفحات أخرى ،وأف الكتاب على أنو شرح ١تختص ٍر جامع ُ
ومَرَّكز - ً
أيضا إذل شرح وإذلأيضا ُب بعض مواطنها ىي كا١تنت الذي ٭تتاج ً الذي ىو النخبة -إال أف النزىة ً
ومكثف إذل أبعد مدى ،النزىة فَ َّكت ىذا الضغط ،أو فَك ا جد
ً مضغوط منت ر)كَ فَك ،فػ(٩تبة ِ
الف
ُ
أيضا دل يصل ال َفك والشرح إذل أنو
كثَتا من القضااي ،ولكن ً ابن حجر فيها ىذا الضغط ،وشرح فيها ً
أيضا ٖتتاج إذل شرح ،و(نزىة النظر) ىذا الكتاب، استوَب فيو كل ما ٭تتاج إذل شرح ،وابلتارل النزىة ً
فيو عناية ٔتبحث االصطبلح ،أو ٔتبحث ا١تصطلح اٟتديثي ،وليس فيو عناية اب١تباحث التطبيقية
ا١تتعلقة ابلرجاؿ وأحوا٢تم ،وعلل اٟتديث ،وطرؽ اٟتديث وأسانيدىا ،وما إذل ذلك ،وإ٪تا العناية ُب
(نزىة النظر) ىي ُب ما يتعلق ابالصطبلح اٟتديثي ،ا١تصطلحات اٟتديثية وما يتعلق هبا ،علوـ
اٟتديث وما يتعلق هبا ،وىذه ا١تنهجية ُب تناوؿ االصطبلحُ ،ب تناوؿ اٟتديث ،اليت ىي منهجية
كتااب ُب علوـ اٟتديث،
تعداد أنواع علوـ اٟتديث ،منهجية أف أيٌب ا١تؤلف ُب علم اٟتديث فيؤلف ً
العلم األوؿ ،العلم الثاين ،أو النوع األوؿ ،النوع الثاين ،النوع الثالث ،ىذه ا١تنهجية مسلوكة من مرحلة
متقدمة ،رٔتا من القرف ا٠تامس ا٢تجري وىذه الطريقة مسلوكة ،فتفتح الكتاب ٕتد :الصحيح،
اٟتسن ،الضعيف ،ا١تنكر ،الشاذ ،ا١ت َدبَّج ،رواية اآلابء عن األبناء ،العارل والنازؿ ،ا١ترفوع ،ا١توقوؼ،
ُ
ا١ترسل ،فتجد أف كث ًَتا من كتب اٟتديث مقسمة على أنواع علوـ ا١تقطوع ،إذل آخره ،ا١تسنَدَ ،
ٖٛ
اٟتديث ،وأنواع علوـ اٟتديث ا١تقصودة ُب ىذا السياؽ العرُب غالبًا تكوف متعلقة اب١تصطلحات
اٟتديثية.
والفائدة من ىذا الكبلـ :أف أُشَت إذل منهجية أخرى ُب الكتابة ُب علوـ اٟتديث دل تكن تسلك
ىذه الطريقة ،وىذه ا١تنهجية ىي منهجية َمن كتب ُب علوـ اٟتديث قبل القرف الرابع ا٢تجري ،بل َّ
إف
عادةً ُب ذكر تسلسل للمؤلفُت ُب علم اٟتديث من أوؿ من يُذكر؟ قبل ا٠تطيب؟ ،ذكره ابن حجر
ُب النزىة ىنا.
قاؿ ابن حجر" :أما بعد فإف التصانيف يف اصطبلح أىل اٟتديث قد كثرت لؤلئمة يف القدًن
رم ِزي يف كتابو( :احمل ِّدث الفاصل)
واٟتديث .فمن أوؿ من صنف يف ذلك :القاضي أبو دمحم الر َام ُه ُ
لكنو دل يستوعب" الر َام ُه ُرم ِزي ُب كتابو (ا﵀ ِّدث الفاصل) ىذا عاد ًة ُب تسلسل التأليف اٟتديثي
يُذكر أنو أوؿ َمن ألَّف ،أليس كذلك؟ سآٌب بعد قليل إذل قضية األولية ،وىل ىو ابلفعل أوؿ من
ألَّف أـ ال؟ سآٌب إليها ،لكن الفكرة أف كتاب الر َام ُه ُرم ِزي دل يكن على ىذه الطريقة اليت ىي:
الصحيح ،اٟتسن ،الضعيف ،ا١تنكر ،الشاذ ،إذل آخره ،والكتب اليت أُلفت قبلو ُب علم اٟتديث دل
تكن على ىذه الطريقة ،وكتاب الر َام ُه ُرم ِزي نفسو مليء ابآلاثر وبتسمية الرجاؿ بطريقة قريبة من
الطريقة اليت كاف عليها اٟتَُّفاظ ُب تطبيقاهتم اٟتديثية من حيث الرسم الفٍت للكتاب ،أما استخبلص
ا١تباحث النظرية من واقع الرواية وإفرادىا ابلكبلـ والشرح دوف ذكر األسانيد والرجاؿ والرواة
والتطبيقات فهذه طريقة جديدة ،وىذه الطريقة اٞتديدة ٢تا َميِّزة وفيها سلبية ،فا١تيِّزة ىي :ترتيب،
أف اإلنساف ٬تد أمامو ا١تصطلحات اٟتديثية مرتبة ومقسمة ومسهلة ،وكل تسهيل ،استخبلصْ ،تيث َّ
مصطلح يقوؿ لك ا١تؤلف :ىذا ا١تصطلح معناه كذا ،وىذا ا١تصطلح يقصد ا﵀دثوف بو كذا ،والسلبية
واإلشكاؿ اليت فيها :أهنا منزوعة القلب ا١تتعلق ابلرواية ،الذي ىو اٞتوانب التطبيقية ،يعٍت طالب
كتااب ُب اٟتديث ال ٯتر فيو إال على ا١تستخلَصات النظرية ا١تتعلقة اب١تصطلحات ً اٟتديث حُت يقرأ
ُ
جدا إذا أدرؾ الطالب أف ىذا إ٪تا ىو مقدمة وبداية الطريق ،أما إذا ا٨تصر وتقسيماهتا ىذا مفيد ً
ٖٜ
فعبل فهو واىم،
الطالب ُب ا١تتعلقات النظرية ا١ترتبطة ابالصطبلحات اٟتديثية وظن أنو درس اٟتديث ً
فعِلم اٟتديث ُب حقيقتو علم تطبيقي ،وىذه الكتب اليت ىي مثل (نزىة النظر) ىي كتب تُعُت
الطالب على أف يلج ُب خطوات علم اٟتديث فيتعرؼ على اٞتوانب االصطبلحية النظرية
وتقسيماهتا ،وما يتعلق هبا ،وىي عادل فسيح.
نوعا من أنواع علوـ اٟتديث ،كل
مثبل عندًن ابن الصبلح ُب (علوـ اٟتديث) ذكر ٜتسة وستُت ًيعٍت ً
أحياًن أحكاـ وما إذل ذلك.
نوع ،تفتح ىذا النوع ستجد ٖتتو كتبًا مؤلفة ،وتقسيمات ،و ً
اآلف ابن حجر -رٛتو هللاُ -ب ىذه ا١تقدمة أوؿ ما ابتدأ ىو يريد أف يتحدث عن كتابو ،يريد أف
يقوؿ لك :ىذا الكتاب ما موقعو؟ وما ىدفو؟ وأين يقع من ضمن ا٠تارطة اٟتديثية .وحىت يصل إذل
كتابو فقد ذكر أوؿ شيء الكتب اليت سبقتو ،يعٍت ابن حجر أوؿ ما ابتدأ ابتدأ بذكر التصانيف
السابقة١ ،تاذا؟ حىت يضعك ُب تصور التسلسل التأليفي لعلم اٟتديث ،ويصل إذل كتابو ىذا الذي
ستبدأ بو.
رم ِزي يف كتابو( :احملدث فقاؿ لك" :فمن أوؿ من صنف يف ذلك :القاضي أبو دمحم الر َام ُه ُ
الفاصل) لكنو دل يستوعب" .دل يستوعب ماذا؟ دل يستوعب علوـ اٟتديث ،أًن برأيي أف ىذا
اباب للسؤاؿ التارل١ :تاذا دل يذكر الكتب اٟتديثية اليت أُلفت قبل االستدراؾ من ابن حجر يفتح ً
وجو ٢تا أو إليها ُب أهنا دل تُذكر :أهنا دل الر َام ُه ُرم ِزي؟ وا١تتوقَّع ُب االنتقاد الوحيد الذي ٯتكن أف يُ َّ
فمن قبلو قد ألف وكتب وال نستطيع أف نقوؿ :ال تستوعب ،فإذا كانت القضية أنو دل يستوعبَ ،
وجو إلدراج ا١تؤلفات قبلو ألهنا دل تستوعب ،فإنو قد انتقد كتاب الر َام ُه ُرم ِزي أبنو دل يستوعب.
ومن أىم ما أُلف قبل كتاب الر َام ُه ُرم ِزي كتاب (التمييز) لئلماـ مسلم -رٛتو هللا -وقد يقوؿ قائل :إف
درج ُب مثل ىذه السلسلة أنو ُب ابب العلل ،وىذا كبلـ صحيح، اإلشكاؿ ُب كتاب التمييز أنو ال يُ َ
ىو ُب ابب العلل؛ ولكن حىت لو كاف ُب ابب العلل إال أف فيو من ا١تباحث أو التشعبات اليت تُفيد
ُب تصور كثَت من القواعد اٟتديثية؛ لكن ال إشكاؿ ،عندًن كتاب أنسب من كتاب التمييز لئلماـ
درج ُب ضمن ىذا التسلسل ،وىو كتاب ماذا برأيكم؟ مقدمة مسلم ،لكن ىناؾ مسلم ٯتكن أف يُ َ
ٓٗ
أنسب منو ،وىو كتاب (العلل الصغَت) لئلماـ الًتمذي ،وىو كتاب حديثي فيو الغريب وا١تنكر
واٟتسن ،وفيو طبقات الرواة ،وفيو أحكاـ متعلقة ابلرواة ،وابٞترح والتعديل ،وفيو أمور متعددة ،وىو
من أوذل ما ينبغي أف يُدرج ضمن ىذا التسلسل اٟتديثي ،على أية حاؿ؛ اجملاؿ ال يسع لذكر
التفاصيل ا١تتعلقة هبذا.
رم ِزي:
أنواع الكتب ا١تؤلفة قبل كتاب الر َام ُه ُ
رم ِزي ىي كتب على أحد نوعُت:
لكن أُٚتل القوؿ فأقوؿ :إف الكتب ا١تؤلفة قبل كتاب الر َام ُه ُ
النوع األوؿ :كتب تطبيقية ٤تةضة:
ٔٗ
أيضا:
علم العلل ،قواعد أتصيلية تنظَتية ُب علم العلل ،ىذا ٓتبلؼ (التمييز) ،فيو قواعد نظرية .مثالو ً
كتاب (العلل الكبَت) لئلماـ الًتمذي ،ىذا ٮتتلف عن (العلل الصغَت)،
(العلل الصغَت) مثاؿ على القسم الثاين ،ألنٍت قلت الكتب اليت أُلفت قبل الر َام ُه ُرم ِزي على نوعُت،
نوع تطبيقي ٤تض ،ونوع نظري ،أو لنقل نظري ولكن من شأف الكتب النظرية اليت قبل الر َام ُه ُرم ِزي
أهنا نظرية ُم َشبَّػ َعة ابلتطبيقات( ،العلل الصغَت) للًتمذي من النوع :الثاين( ،التمييز) :الثاين( ،العلل)
البن أيب حاًب :األوؿ( ،العلل الكبَت) للًتمذي :األوؿ( ،علل الدارقطٍت) :األوؿ.
واألوؿ أقساـ؛ ىناؾ قسم متعلق ابلرواة ،وقسم متعلق ابلسماع ،وقسم يتعلق ابلعلل ،وقسم متعلق
أبحواؿ الرواة؛ حىت أحواؿ الرواة أنواع ،ىناؾ كتب ُب الكتب ا١تتقدمة ُب القسم األوؿ ٕتمع بُت أنواع
القسم األوؿ ٕتد فيها :رواة وٝتاع وعلل وتواريخ وكل شيء مع بعض ،ىذه الكتب عرفت غالبًا
مثبل ُب كتاب (التاريخ) لئلماـ
بكتب (السؤاالت) ،وإف كاف كتب التاريخ فيها شيء من اٞتمع ىذاً ،
البخاري أٝتاء الرواة ،حىت يدرج فيها قضية العلل علل بعض األحاديث ،لكن ليس ابلتنوع ُب
كثَتا ُب تلك
الكتب اليت أقصدىا وإف كاف كتاب التاريخ أنفع ،وقد انتشرت كتب السؤاالت اٟتديثية ً
فقل عادل من العلماء الكبار ا١تعروفُت ُب علم اٟتديث الذين تعرفوف أٝتائهم إال وعنو سؤاالت
ا١ترحلة ّ
قُيدت عنهم ،أيٌب الطالب ويسأؿ شيخو خبلؿ ا١تسَتة أسئلة متعلقة ابٟتديث.
أصبل يعٍت تفتح
٤تددا وحىت كثَت منها غَت مرتب ً
موضوعا ً
ً تفتح كتب (السؤاالت) ىذه ال ٕتد فيها
مثبل :دل يثبت ٝتاع فبلف بن فبلف -ىذه ا١تسألة
ٕتد :سئل عن دمحم بن إسحاؽ فقاؿ ثقةٍ .ب يقوؿ ً
رقم اثنُت -مسألة رقم ثبلثة :حديث طهور ماءه صحيح ،مسألة رقم أربعة :فبلف كذاب .ىذه كتب
السؤاالت،
جدا لطالب اٟتديث وىي كتب تطبيقية ٤تضة. وكتب السؤاالت كثَت منها مطبوع اليوـ وىي مفيدة ً
ىل تُذكر فيها قواعد نظرية؟ لو ذكرت فيها قواعد نظرية فقد تذكر خبلؿ ىذا التنوع الكبَت والزخم
إال أف األساس أهنا ال تُذكر .كتاب سؤاالت اإلماـ أٛتد برواية ابنو صاحل ،ولرواية ابنو عبد هللا ،رواية
ٕٗ
أبو داود ،رواية ال يعٍت أنو كتاب واحد ،بل كل واحد لو أسئلة ٥تتلفة ،سؤاالت أليب زراعة وسؤاالت
مثبل:
الدارقطٍت ،سؤاالت البن معُت أكثر من رواية ،سؤاالت البن ا١تديٍت ،أيٌب لك ابسم السائل ً
سؤاالت أيب داوود لئلماـ أٛتد وىكذا..
ٍب قاؿ" :واٟتاكم أبو عبد هللا النيسابوري لكنو دل يه ِّذب ودل يرتِّب" .وىذا االستدراؾ "دل يه ِّذب ودل
أيضا ىذا استدراؾاباب على الكتب السابقة أنو ولو كانت غَت مهذبة ومرتبة ،لكن ً يرتِّب" ً
أيضا يفتح ً
استُد ِرؾ على اٟتاكم بو .كتاب اٟتاكم الذي ىو (معرفة علوـ اٟتديث) من الكتب اٟتديثية
جدا لطالب اٟتديث أف يقرأه وىو خَت بكثَت من تطبيقاتو نفسو ُب االصطبلحية ا١تهمة ،مفيد ً
ا١تستدرؾ.
َ
مستخرجا وأبقى أشياءَ للمتعقبٍ ،ب جاء عيم األصبهاين فعمل على ِ
كتابو ٍب قاؿ" :وتبله أبو نُ ٍ
ً َ
كتااب ِ بعدىم ا٠تطيب أبو بك ٍر البغدادي فصن َ
كتااب ٝتاهُ :الكفاية ،ويف آداهبا ً
َّف يف قوانُت الرواية ً
مفردا،
كتااب ً ٝتاهُ :اٞتامع آلداب الشيخ والسامع ،وقل فن من ِ
َّف فيو ً
فنوف اٟتديث إال وقد صن َ ٌ
ِ
ا٠تطيب ٌ
عياؿ على احملدثُت بع َد
َ أنصف علِ َم َّ
أف َ ظ أبو بكر بن نقطة :كل منفكاف كما قاؿ اٟتاف ُ
كتُبِ ِو".
ٖٗ
أيضا فيها قدر ٦تا ٯتكن أف يستدرؾ؛ ألف من ٚتلة وىذه اٞتملة فيها قدر من الصحة ،ولكن ً
اإلشكاؿ أ ْف يكوف اعتماد َم ْن بعد ا٠تطيب على كتب ا٠تطيب فقط أو أف تكوف النسبة العظمى من
لم اٟتقيقي أف العِ
َّ إال بابإلضافة إذل كوهنا من أنف ِع ما ُكتِ
ِ اعتماده على كتب ا٠تطيب فقط ،فهي
َ
كتب قبل ا٠تطيب بل وقبل الر َام ُه ُرم ِزي ،فهو األساس وا١تنبع الذي ٬تب أفا١تتعلق ابٟتديث ىو ما َ
يظل من أيٌب بعدىم يستقي منو ويستعُت ٔتا ُكتِب ُب القروف ا١تتأخرة ٦تا قَػَّرب بعض ىذه العلوـ.
ٗٗ
كاال
٤تضا ليس إش ًوىذا -أف يدخل شيء من العلوـ األخرى على علم ما -ىذا ليس شيئًا سلبيًا ً
أحياًن يكوف ىذا الدخوؿ فيوأحياًن يكوف ىذا الدخوؿ فيو قدر من التنوع واإلثراء ،ولكن ً ٤تضا ًً
دخوؿ ىيمنة على أُسس ىذا العلم حىت ُٕتت َذب أصولو إذل ىذا الذي دخل عليو ،وىذا ىو اإلشكاؿ
وىذا ىو الذي حصل فيو بعض ا١تباحث اٟتديثية ،حىت أنك تقرأ ُب بعض كتب اٟتديث كما ذكر
مذاىب ُب قَبوؿ زايده الثقة من
َ كر ِ
للناس ابن رجب ُب شرح العلل ذكر عن ا٠تطيب نفسو قاؿ ":وذَ َ
وإ٪تا ىي مأخوذةٌ ِمن ُكتب ا١تتكلمُت" ،ىذا عن ا٠تطيب البغدادي عرؼ عن أىل اٟتديث َّعدمها ال تُ ُ
نفس ِو ذكره ابن رجب ٔتعناه ُب (شرح علل الًتمذي) ،وىذا معناه أف ينتبو الباحث والدارس لعلم ِ
فطبعا أًن ٚتعت ا١تواطن اليت ذكر فيها ابن حجر أثناء النزىة أف ا٠تطيب ألَّ َ
اٟتديث ٢تذه القضيةً .
فيها كتااب ِ
بعينو لكن ال يسع ا١تقاـ لذكرىا. ً
فجمع القاضي
َ أتخر ع ِن ا٠تطيب فأخ َذ من ىذا ِ
العلم بنصيب، بعض من َ قاؿٍ" :ب جاء بعدىم ُ
ث جهلوُ،يسع ا١تُح ِّد َ ص ا١تَيَ َِ
ا٧تي جزءًا ٝتاهُ :ما ال ُ كتااب لطي ًفا ٝتاهُ :اإل١تاع ،وأبو َح ْف ْ
عياض ً
ٌ
صرت ليتيسر فَهمها". وأمثاؿ ذلك من التصانيف اليت اشتُهرت وبسطت ليتوفر علمها واختُ ِ ُ
ُ
توجد إشارة ىنا إذل تعداد ىذه الكتب ،من ا١تبلحظ أف ىناؾ من الكتب ا١تهمة ما دل يُذكر ىنا وىي
أحياًن تكوف مقدمات لكتب ،فيها مباحث حديثية مهمة ،مثل ً الكتب اليت ليست مستقلة وإ٪تا
(مقدمة التمهيد) البن عبد الرب.
ٍب قاؿ" :إذل أف جاء اٟتافظ الفقيو تقي الدين أبو عمرو عثماف بن الصبلح عبد الرٛتن
ِ
اب١تدرسة األشرفية كتابو ا١تشهور -علوـ يل دمشق فجمع ١تا ُو ررل تدريس اٟتديث
الشهرزوري نز ُ
٭تصل ترتيبوُ على اٟتديث ،ا١تعروؼ اب١تقدمة -فهذبوا فنونَو وأمبله شيئًا بعد شيء فلهذا دل ُ
شتات ِ
مقاصدىا َ الوضع ا١تناسب .واعتٌت أي :ابن الصبلح ،بتصانيف ا٠تطيب ا١تتفرقة فجمع
عكف الناس ِ
عليو َ تفرؽ يف غَتهِ فلهذا وضم إليها ِمن غَتىا ُ٩تَب فوائِدىا فاجتمع يف ِ
كتابو ما َّ َّ
ُ َ َ
عارض لوُ وم ِ
نتص ْر". ُ وم ٍ ِ
ومقتص ْرُ ،
ٍ انظم لوُ ُ ِ
و٥تتص ْر ،ومستدرؾ عليو ُ وساروا بسَتهِ ،فبل ُ٭تصى كم ٍ
٘ٗ
قاؿ فيو ىذا القوؿ فهو ابلفعل َّ
كأف ما قبلوُ من الكتب وخاصةً الكتب حري أف يُ َ
وكتاب ابن الصبلح ٌ
اجتمع ُب كتاب ابن الصبلح ،أي
َ ا١تتأخرة اليت أتت بعد زمن التطبيق ،كأف ما بعدهُ من الكتب قد
وٚتع
ضم َ نزلت روافده إذل كتاب ابن الصبلح ،لكن ال نستطيع أف نقوؿ أف كتاب ابن الصبلح قد َّ
حىت ما سبق من الكتب التطبيقية ا١تتقدمة.
ب ُب عل ِم اٟتديث بعد كتاب ابن ِ
كتاب ابن الصبلح الكبلـ الذي يستحقو كثَتُ ،ج ُّل ما ُكت َ
الصبلح من الكتب الكبَتة ا١تشهورة ىي كتب متأثرة بكتاب ابن الصبلح ،وعندًن من الكتب
مثبل :الكتب اليت اختصرت كتاب ابن الصبلح ومن أشهرىا :كتاب ابن كثَت دل ٭تظى غَتهُ ا١تشهورة ً
من الكتب من جهة علو كعب األئمة الذين اعتنوا ابلكتاب؛ فابن كثَت اختصره ،والنووي اختصره،
وابن حجر كتب عليو تعليقات ونكت ،وكذلك العراقي نظمو وكتب عليو تعليقات ونكت،
أيضا ،وجاء بعض الكبار فشرحوا أو اختصروا ىذه ا١تختصرات والزركشي ،وكذلك ابن دقيق العيد ً
فالسيوطي َشَر َح ٥تتصر النووي ،ومن ا١تتأخرين :أٛتد شاكر َشَر َح ٥تتصر ابن كثَت ُب (الباعث
اٟتثيث) ،وألفية العراقي ُش ِرحت ُب موسوعة كبَتة وىي( :فتح ا١تغيث) للسخاويٍ ،ب كذلك عندًن
ف ابألٝتاء الكبَتة اليت
وح َّ
الذىيب اختصر (االقًتاح) البن دقيق العيد .وىكذا سار الكتاب قد حظي ُ
اعتنت ِبو.
واب١تناسبة فيما يتعلق ٔتنهج الشرح؛ ىذا الشرح للنزىة فيو عناية بكتاب ابن الصبلح ،فكثَت من
سَتجع فيها إذل كتاب ابن الصبلح ابلقراءة ،وكتاب
ا١تواضع اٟتديثية اليت ستُػتَناوؿ ُب ىذا الكتاب ُ
ابن الصبلح مفيد ومهم وفيو فتح لبعض اآلفاؽ ا١تتعلقة ابالصطبلحات اٟتديثية سَتجع فيها إذل
كتاب ابن الصبلح ُب القراءة.
اؽَّصتُوُ يف أور ٍ
لك فلخ ْ ص لوُ ا١تُِه َّم ِم ْن ذَ َ ِ ِ
ض ا ِإلخواف أَ ْف أُ َ٠ت َ
قاؿ ابن حجر رٛتو هللا" :وسأَلٍَت ْبع ُ
تيب ابتَ َك ْرتُوُ -ىذه العبارة ماذا يستفاد َىل األثَر) على تر ٍ لح أ ِ صطَ ِ لطيفة ٝتَّيػتُها ُ ِ
ٍ
(٩تْبَةَ الف َكر يف ُم ْ ْ
منها فيما يتعلق بكتاب ابن الصبلح؟ أنو دل يس ِر على نفس ترتيب ابن الصبلح ىذا أوؿ شيء ،ودل
ِ
الفوائد"، وز ِ
وائد ليو ِمن شوا ِرِد الفرائِ ِد َ وسبيل انتهجتُوُ ،مع ما ضممتُو إِ ِ
َْ ٍ َْ يس ِر على ترتيب من قبلو-
ٗٙ
وحقيقة ترتيب النخبة ترتيب فيو عبقرية كبَتة ،لكن كما قلت ُب البداية ىو عبارة عن مقدمة ُب أوؿ
الطريق؛ ومن يكتف ابلنخبة وشروحاهتا ويظن أنو قد وعى فقد وىم إال إذا كانت الشروحات قد
أنزلت اٞتانب التطبيقي وضمنتو الشرح وىذا ما أحاوؿ أف أعتٍت بو ُب ىذا الشرح إف يسر هللا ذلك.
أوؿ أمر أنبو عليو يف قةضية الشرح ىو :أنٍت دل أعنت بتفكيك العبارات والكلمات كلمة كلمة،
وليس ىذا ىو مقصد الشرح ،ىناؾ من شروح النزىة ما اعتٌت فيو الشراح ٔتثل ىذا ويسهل الوصوؿ
أصبل ألفاظ ابن حجر ُب النزىة واضحة ،أما النخبة ففيها قدر من إليو ومعرفة ألفاظو على أنو ً
أبوالُ ،ب الشرح
نوعا ما لكن النزىة األلفاظ فيها قدر من الوضوح ،وفيما يتعلق ً الضغط والغموض ً
قد أقف مع بعض اٞتمل ولكن الشرح نفسو -شرح النزىةُ -ب ىذا الشرح ا١تسجل ال أعتربه معطى
غامضا ٭تتاج إذل فك وإ٪تا أعتربه جزءًا من الباب ،يعٍت ا١تفًتض أف الطالب يقرأ ىذا الشرح قراءة
ً
ا١تتوعي ،قراءة طالب الوعي ،طالب الفهم ،طالب التحقيق ،فأعترب الشرح أقرب ما يكوف للحاشية
اليت فيها زايدة وليس للحاشية اليت تفك العبارة .ويف نفس الوقت العناية أبمرين يف قةضية الشرح
ليس من انحية ا١توضوعات وإ٪تا من انحية احملتوى الفٍت:
األمر األوؿ :التقريب والتوضيح والتسهيل ١تقاصد كبلـ ابن حجر،
األمر الثاين :الزايدة ُب الفوائد وا﵀توايت على ما ذكره ابن حجر رٛتو هللا ،وىذه الزايدة أنواع؛ فيها
الزايدة التطبيقية ويقصد فيها ذكر الناحية التطبيقية ،وفيها زايدة نظرية.
ٗٚ
التنبيو الثاين ابلنسبة ١تنهجية الشرح :من أىم ما اعتنيت بو ُب ىذا الشرح العناية إبثبات صحة
علم اٟتديث وصحة قواعده ،وبياف دقة ا﵀دثُت وجوانب ٘تيزىم ،وىذا من أىم ما أردت الوصوؿ إليو
من خبلؿ ىذه الشرح ،وبرأيي أف ىذا من أوجب ما ينبغي العناية بو ،وال ٭تسن بطالب اٟتديث
خاصة بعد ىذه ا١توجات التشكيكية ُب صحة علم اٟتديث وحجية السنة أف ٮترج من علم اٟتديث
دوف أف تكوف لديو القدرة على أف يثبت صحة ىذا العلم اٞتليل الشريف.
األمر الثالث :العناية ابٞتانب التطبيقي ،وذكر األمثلة والرجوع إذل الكتب وذكر شواىد ْتيث أف
طالب اٟتديث ترتبط عنده القضية إبمكاف التطبيق وإمكاف الوصوؿ للناحية العملية .ومن ضمن
أوال ٍب النزىة.
ا١تنهجية قراءة منت النخبة ً
أقساـ ا٠ترب:
ا١تتواتر واآلحاد:
"فاألوؿ :ا١تتواتر ا١تفيد للعلم اليقيٍت بشروطو ،والثاين :ا١تشهور وىو ا١تستفيض على رأي،
والثالث :العزيز ،وليس شرطًا للصحيح خبلفًا ١تن زعمو ،والرابع :الغريب ،وكلها -سوى
األوؿ -آحاد ،وفيها -أي اآلحاد -ا١تقبوؿ وا١تردود لتوقف االستدالؿ هبا على البحث عن
أحواؿ رواهتا دوف األوؿ ،وقد يقع -أي يف اآلحاد -ما يفيد العلم النظري ابلقرائن على
ا١تختار".
ٗٛ
ىذه سبعة أو ٙتانية أسطر ُب النخبة ،وىي ُب النزىة ما يقارب الػ ٓٗ صفحة ،لكن من ا١تهم تصور
أوال ُب النخبة.
ىذا ا١تعٌت ا١تركز ا١تكثف ً
وقاؿ" :وفيها أي اآلحاد ا١تقبوؿ وا١تردود لتوقف االستدالؿ هبا على البحث عن أحواؿ رواهتا
دوف األوؿ" ،األوؿ وىو ا١تتواتر أي الذي ال ٭تتاج للبحث عن أحواؿ رواتو ،وسيأٌب التعليق والشرح
أيضاٍ .ب قاؿ" :وقد يقع فيها ما يفيد العلم النظري ابلقرائن على ا١تختلفة".
والتعقيب ً
اآلف لننتقل إذل النزىة ،قاؿ ابن حجر -رٛتو هللا تعاذل" :-ا٠ترب قسم من أقساـ الكبلـ أيٌب يف
الفن مر ِاد ٌ ِ
ؼ تعريف ما يعرؼ بو الكبلـ ٍب ٮترج من أقساـ الكبلـ ...إخل .وىو عن َد علماء ىذا ِّ
ِ
للحديث".
اآلف ىل ذكر ىذه ا١تسألة ُب النخبة؟ ال دل يذكرىا ،فهي مسألة زائدة ُب النزىة ،وىي ىل ا٠ترب بنفس
معٌت اٟتديث أـ ال؟
-وا٠تبلصة :ىي أف األصل فيما ينسب إذل النيب ﷺ أف يقاؿ فيو حديث ،وعند اٟتفاظ ا١تتقدمُت
كثَتا ما يطلقوف على اآلاثر اليت تَ ِرد عن الصحابة يسموهنا أحاديث ً
أيضا ،سواء ُب تطبيقاهتم كانوا ً
بشكل تفصيلي أي حديث أبو بكر أو حديث عمر ،أو بشكل ٣تمل وذلك ُب مثل قو٢تم :٭تفظ
ستمائة ألف حديث ،ألف ألف حديث ،ويقصدوف ٔتثل ىذه اإلطبلقات العامة األحاديث اليت
مثبل عشرين ألف حديثًاأيضا ..فلم يكونوا يفرقوف التفريق الدقيق ْتيث يقولوف كاف ٭تفظ ً
تشمل ً
وستُت ألف خرب ،فبل يفرقوف ىذا التفريق الدقيق بُت كبلـ النيب ﷺ وكبلـ الصحابة ويسمونو كليهما
ٜٗ
خربا ،وإف كاف قد اشتهر عند كثَت من ا١تتأخرين ىذا التفريق وليس معٌت ذلك أنو ال يوجد ىذا ً
التفريق وىذا االستعماؿ مطل ًقا عند اٟتفاظ ا١تتقدمُت ،ولكن ىناؾ نوع من التوسعة ُب استعماؿ لفظ
حديث على كبلـ النيب ﷺ وكبلـ غَته ،لكن األشهر ىو أف يقاؿ عن كبلـ النيب ﷺ حديث ،وإذا
قيل كما جاء ُب اٟتديث فاألصل أنو ينصرؼ لكبلـ النيب ﷺ.
وقاؿ" :وا٠تَبَػر :ما جاءَ عن ِ
غَته" ،وىذا ً
أيضا فيو قدر من السعة فقد يقاؿ ا٠ترب ما جاء عن النيب ُ
عموـ
ٌ كثَتا .وقاؿ" :وقيل :بينهما
ﷺ والكبلـ ُب ىذا سهل وليس من األمور اليت يدقق فيها ً
حديث خربٌِ ،من غَت عكس ،وعُ ّرب ىنا بػ"ا٠ترب" ليكوف أمشل" .اآلف ىذه
ٍ وخصوص ُمطْلَق :فك رل
ٌ
مسألة زائدة على النخبة.
شروط ا١تتواتر:
قاؿ" :فهو ابعتبا ِر وصولو إلينا :إِ َّما أَ ْف يَ ُكو َف لَوُ طُُر ٌؽ ،أي أساني ُد كثَتةٌ -ألف طُُرقًا َٚتْ ُع طَ ِريق..
واإلسناد :حكايةُ
ُ إخل -وليس من الشأف قراءة كل كلمة يف النزىة -وا١تراد ابلطرؽ األسانيد.
ُت ،بل تَ ُك ْوف عادةُ ت ببل حص ِر ٍ
عدد ُم َع َّ ٍ ِ
شروط التَّواتُ ِر ،إِذا َوَر َد ْ طر ِيق ا١تنتَ .
وتلك الكثرةُ أح ُد
الع َد ِد قصد ،فبل َم ْعٌت لِ ْتعي ِ ب ،وكذا وقوعُوُ منهم اتِّفاقًا ِمن غ َِت ٍ تواطؤىم على ِ
الكذ ِ
ُت َ ُ أحالت َ ُْ قد
بعة وقيل :يف العشرةِ الس ِ وم ْنهم من َعيَّنو يف األربعة وقيل :يف ا٠تم ِ
سة .وقيل :يف َّ على الصحيحِ .
ْ َ َْ
سك ك رل ٍ
قائل وقيل غَتُ ذلك.وَ٘تَ َّ بعُت َالس َ وقيل :يف َّ بعُت َ شر وقيل :يف األر َ االثٍت َع َ
وقيل :يف َ ْ
َ
ِ
الحتماؿ ٍ
وليس ببلزـ أَ ْف يَطَّ ِر َد يف غَ َِْتهِ؛ ذكر ذلك الع َد ِد؛ فأفاد العل َم. ٍ
َ بدليل جاءَ فيو ُ
االختصاص".
الشرط األوؿ:
اآلف ىو شرع ُب بياف ا١تتواتر من ًنحية شروط ا١تتواتر ،قاؿ أوؿ شرط ىي قضية ىل يشًتط عدد أو
ال يشًتط عدد؟ وقاؿ إف من العلماء من قاؿ إف ا١تتواتر يكوف فيو عدد معُت ،وبعضهم دل ٬تعل فيو
عددا معينًا ،وسيأٌب التفصيل إف شاء هللا لكن ٨تن نريد أف نستوعب ما الذي يريد أف يقولو رٛتو هللا
ً
تعاذل .ىو اآلف يتحدث عن شروط ا١تتواتر ،ىل يتحدث اآلف عن حكم ا١تتواتر؟ ال ،وإف كاف
ٓ٘
سيذكره ضمنًا ،لكن ليس ا١تقصود اآلف البحث والتحقيق فهذا سيأٌب بعد قليل ،اآلف ىو يتكلم عن
الشروط،
الشرط الثاين:
فيو يف الكثرةِ ا١تذكورةِ من ابتدائِو
إليو أَ ْف يستوي األمر ِ
َ ُْ
ةضاؼ ٍِب قاؿ" :فإذا ورد ا٠ترب كذلك ،وانْ َ
تنقص الكثرةُ ا١تذكورةُ يف ِ
بعض َ إذل انتهائو -ىذا ىو الشرط الثاين -وا١تراد ابالستواء :أال
ا١تَ ِ
واض ِع ،ال أَ ْف ال تزيد؛ إذ الزايدة مطلوبةٌ ىنا من ِ
ابب األَوذل.
الشرط الثالث:
ةضيِّ ِة
ا١تسموع -ىذا الشرط الثالث -ال ما ثبت بَِق ِ
َ اى َد أو
شَ األم َر ا١تُ َ ِ
وأَ ْف يكو َف مستن ُد انتهائِو ْ
الص ْرؼ ،كالواحد نصف االثنُت "..يعٍت أف يكوف ىذا ا٠ترب ىو خرب الكثرة عن الكثرة العقل ِّ
ِ
أيت ،وليس شاىدت ،ر ُ
ُ ٝتعت،
متصبل أي كثرة عن كثرة عن كثرة ،ويكوف ا١تستند ُب كل نقل ىوُ : ً
مثبل.
التواطؤ على معٌت من ا١تعاين ً
قاؿ" :فِإذا َٚتَع ىذهِ الشروط األربعة ،وىي:
تواطؤىم ،أو توافُػ َقهم ،على الكذب،
ٔ) عد ٌد كثَت أحالت العادة َ
ِ
االنتهاء، ِ
االبتداء إذل ٕ) رووا ذلك عن ِمثْلِ ِهم من
س،ٖ) وكاف ُم ْستَػنَ ُد انْتِهائِهم اٟتِ َّ
العلم لِ ِ
سام ِعو فهذا ىو ا١تتواتُِر وما ٗتلفت إفادة خربىم إفادةُ ِ حب َ ص َ ةضاؼ إذل ذلك أَ ْف يَ ْ ٗ) وانْ َ
عكس" .اآلف أي ٚتلة يقوؿ فيها أو ٍ مشهورا فقط ،فكل متواتر مشهور من غَت ً العلم عنو كاف
أي كلمة ُب ىذا السياؽ يقوؿ فيها :يفيد العلم ،ما ا١تقصود ابلعلم؟ اليقُت والقطع ا١تقابل للظن أو
لعدـ القطع.
ٔ٘
"وقد يقاؿ إف الشروط األربعة إذا حصلت استلزمت حصوؿ العلم ،وىو كذلك يف الغالب لكن
ةضا
قد تتخلف عن البعض ١تانع ،وقد وضح هبذا تعريف ا١تتواتر ،وخبلفو قد يرد ببل حصر أي ً
لكن مع فقد بعض الشروط" .اآلف الشروط اليت ذكرىا للمتواتر ىل نستطيع أف نقسم ىذه الشروط
إذل أكثر من قسم؟ يعٍت ىل نستطيع أف نقسمها ابعتبار وابعتبار آخر؟ من ىذه الشروط األربعة،
قسما وحده وىو :أف يصحب خربىم إفادة العلم لسامعو؛ ألف القضية الشرط الرابع ٯتكن أف يكوف ً
ىل ىذا شرط أـ نتيجة؟ يعٍت ىل يشًتط ُب ا١تتواتر أف يفيد العلم؟ ىل نقوؿ أنو ٯتكن أف يكوف
ا٠ترب قد رواه ٚتاعة كثَتة عن ٚتاعة كثَتة يستحيل تواطؤىم على الكذب ويكوف ىذا االستمرار إذل
منتهى اإلسناد وا٠ترب ،ويكوف منتهى ىذا ا٠ترب اٟتسٍ ،ب بعد ذلك ال يفيد العلم؟ أي :إذا كانت
أيضا :ويشًتط أف يفيد العلم وإ٪تا يقاؿ ىذه ىي الشروط ونتيجة
ىذه ىي شروط ا١تتواتر فبل يقاؿ ً
ذلك إفادة ا٠ترب العلم ،لكن ىو ىنا ذكرىا كشرط .اآلف ىذا كلو مقدمات دل أدخل بعد ُب قضية
الفك والتحرير؛ ألف ىذه ا١تسألة من ا١تسائل اليت كثر فيها النقاش والكبلـ وااللتباس ،وىي من
القضااي اليت ٢تا اتصاؿ ببقية علوـ الشريعة وليست خاصة بعلم اٟتديث فقط ،قضية ا١تتواتر واآلحاد
ليست خاصة بعلم اٟتديث فقط وإ٪تا ىي قضااي متصلة ببقية علوـ الشريعة ،وعدـ ٖترير القوؿ فيها
يعٍت عدـ ٖترير ما يتعلق هبذه ا١تسألة من مسائل أخرى ُب بقية العلوـ.
مىت بدأت قةضية ا١تتواتر واآلحاد؟ اٞتواب :أنو ْتسب قصدؾ هبذا السؤاؿ تتحدى اتريخ البداية،
إذا قصدت لفظ «تواتر» فاستعماؿ ىذا اللفظ قدًن ،فيقوؿ لك :تواتر عن النيب ﷺ كذا ،وا١تقصود
ابلتواتر ىنا :التتابع والتضافر وكثرة الرواية .وإف قصدت ابلتواتر معناه ا٠تاص أو اٝتو ا٠تاص ا١تشعر
ٔتعناه ا٠تاص كما قاؿ ابن الصبلح ،الذي ىو ىذا التعريف هبذه الشروط؛ فهذا دل يظهر إال ُب مرحلة
متأخرة ،ويكاد ٬تتمع الباحثوف أو ٣تموعة من حرر ُب ىذه القضية أف ا٠تطيب البغدادي ىو أوؿ
من ذكرىا ،وا٠تطيب البغدادي ُمتأخر ابلنسبة لعصر النقاد ،ا٠تطيب بغدادي توُب أربعمائة وثبلثة
وستُت للهجرة.
نوعا ،حىت آداب
ابن الصبلح عدد علوـ اٟتديث ُب كتابو (علوـ اٟتديث) وذكر ٜتسة وستُت ً
نوعا آخر ،وأنواع ا١تصطلحات كل مصطلح نوع ،ودل نوعا ،وآداب طالب اٟتديث ً
ا﵀دث جعلها ً
يذكر من ٚتلة ىذه ا١تصطلحات ا٠تمسة وستُت ا١تتواتر ،دل يذكر ا١تتواتر ،ذكر ا١تشهور ُب النوع
الثبلثُت ٍب ١تا ذكر ا١تشهور ُب ىذا النوع قاؿ" :ومن ا١تشهور ا١تتواتر الذي يذكره أىل الفقو
وأصولو وال يذكره أىل اٟتديث ابٝتو ا٠تاص ا١تشعر ٔتعناه ا٠تاص"ٍ ،ب قاؿ" :وإف كاف ا٠تطيب
قد ذكره" ،والفكرة من ىذه العبارة ىذا لو عبلقة بقضية األولية أنو أىل اٟتديث ال يذكرونو وإف كاف
ا٠تطيب قد ذكره ،كأنو يقوؿ إف من أشهر أوؿ من ذكره ىو ا٠تطيب.
قاؿ ابن الصبلح" :وإف كاف ا٠تطيب قد ذكره إال أف يف كبلمو ما يشعر أنو اتبع فيو غَت أىل
اٟتديث" ،اآلف ىذا كبلـ ابن الصبلح يفيد قضية األولية.
جاء العراقي -رٛتو هللا -وقد عمل حاشية أو تنكيتًا على ابن الصبلح فتعقب ىذا النص ،وقاؿ:
اعًتض على ابن الصبلح أبف ابن عبد الرب واٟتاكم وابن حزـ قد ذكروا ىذا ا١تصطلح ،اآلف يتعقب
ٖ٘
اعًتض على ابن الصبلح أبف ىؤالء قد ذكروا ا١تتواترٍ ،بعلى ابن الصبلح ابعتبار األولية ،يقوؿ وقد ُ
رد العراقي على ىذا االعًتاض ،وقاؿ ٔتعٌت الكبلـ أنو ليس ىناؾ وجو لبلعًتاض هبذه األٝتاء على
ابن الصبلح؛ ألف ابن الصبلح يقصد اب١تتواتر اٝتو ا٠تاص ا١تشعر ٔتعناه ا٠تاص ،ذكر االسم ا٠تاص
ما ا١تقصود بو؟ أف يرويو عدد كبَت عن عدد كبَت إذل منتهى اإلسناد ويكوف منتهاه اٟتس.
طبعا كما قلت دل يذكره ضمن األنواع وإف كاف أشار إليو -بعد ذلك بعد ا٠تطيب -وابن الصبلح ً
وخاصة بعد ابن حجر رٛتو هللا تعاذل وبعد تنامي ا١تدرسة األصولية الكبَتة ،استقر أمر ا١تتواتر واآلحاد
ُب كتب اٟتديث حىت صار طالب اٟتديث يظن أف ىذا ا١تبحث ىو من ا١تباحث األساسية بل ىو
أوؿ مسألة ذكرت اآلف ُب النزىة ،وإذا رجعنا إذل ا١تقدمة اليت ذكرهتا سواء ُب الدرس السابق أو ُب
ىذا الدرس وىي اليت تنص على أف علم اٟتديث ُب أساسو تطبيقي ،وأف من ا١تشكبلت الكربى عند
دارسي اٟتديث اليوـ أهنم ال يركزوف على جانب التطبيق فيفقدوف أساس ىذا العلم ،إذا رجعنا إذل
ىذا ا١تعيار وحكمنا مسألة ا١تتواتر واآلحاد فسنجد أهنا مسألة ستنزوي من الصدر لتأخذ ٤تلها ُب
جدا حىت تُفقو أبعادىا ألهنا صارت متشعبة وموجودة ُب الزاوية! على أف البحث فيها والتحرير مهم ً
٥تتلف الكتب الشرعية .ىذه ا١تسألة رقم واحد ،قلنا يف عدة مسائل لتحرير القةضية ،ا١تسألة رقم
واحد اتريخ القةضية.
ا١تسألة الثانية :التفريق بُت اٞتزء النظري االصطبلحي ا١تتعلق بوصف ا١تتواتر واآلحاد وما يرتبط
هبا من شروط نظرية ،وبُت األحكاـ ا١تًتتبة على ىذه األوصاؼ ،فإذا كانت مسألة ا١تتواتر واآلحاد
منحصرة ُب الشق األوؿ الذي ىو النظري االصطبلحي فاألمر ُب ا١تسألة سهل ،فأمر االصطبلحات
فيو قدر من السعة ،وإذا كانت ا١تسألة تنبٍت وتًتتب عليها قضااي وأحكاـ فالشأف فيما يعٍت يًتتب
من أحكاـ على ىذه ا١تسألة النظرية .السؤاؿ اآلف ىل مسألة ا١تتواتر واآلحاد من ا١تسائل النظرية
االصطبلحية اليت فيها قدر من السعة ا١تنحصرة يف ىذا ا١تعٌت أو ىي من ا١تسائل ا١تًتتبة عليها
أحكاـ؟ يًتتب عليها أحكاـ ،ما اٟتكم األساسي ا١تًتتب عليها؟ أف ا١تتواتر يفيد العلم والقطع وأف
اآلحاد يفيد الظنٍ ،ب بعد ذلك ال تسأؿ عن اآلاثر اليت حصلت ُب الًتاث اإلسبلمي بناء على ىذا
ٗ٘
مثبل،
اٟتكم ا١تًتتب على ىذا التقسيم ،فتبنّت بعض الطوائف عدـ قبوؿ أخبار اآلحاد ُب العقيدة ً
ىي مسألة مرتبطة أبحكاـ وليست ٣ترد تقسيمات نظرية .إذف لكي تُفكك مسألة اآلحاد ٬تب أف
تُفكك إذل ىذين القسمُت :قسم نظري متعلق بوصف ا١تتواتر وشروطو ومكوًنتو ،وقسم حكمي
متعلق ابلقبوؿ والرد ،القطع والظن .مبحث ا١تتواتر ا١توجود ُب كثَت من الكتب اٟتديثية فيو تداخل
أحياًن إذل حد التناقض واإلشكاؿ ،وإذا دل تفكك القضية وتُرجع إذل أصو٢تا يقع اإلنساف ُب
يصل ً
مثاال اآلف من النزىة ،الحظوا ىذا النص ُب النزىة وأخربوين ما
ىذا اإلشكاؿ والتناقض .أذكر لكم ً
الذي ترونو؟ ىل ىو متسق أـ فيو قدر من التناقض؟ يعٍت دعوا ا١تقدمة اليت قلت لكم وركزوا اآلف
وحاولوا تفهموا انظروا ىل ىو متسق أـ فيو تناقض؟
ُهبمت شروط ا١تتواتر يف األصل -األصل ،أي :النخبة -ألنو على ىذه
اَّلل" :وإ٪تا أ َ
قاؿ رٛتو َّ
الكيفية -ما ىي الكيفية؟ ىي الشروط -ليس من مباحث علم اإلسناد -ىذا كبلـ ابن حجر،-
وإ٪تا ىو من مباحث أصوؿ الفقو -ىذا ُب بعض نسخ النزىة ،موجود ُب ىذه النسخة ،وكثَت من
النسخ غَت موجود فيها ىذا اٞتزء ،الذي ىو :وإ٪تا ىو من مباحث أصوؿ الفقو -إذ علم اإلسناد
يُبحث فيو عن صحة اٟتديث أو ضعفو ،ليُعمل بو أو يًتؾ ،من حيث صفات الرجاؿ ،وصيغ األداء،
وا١تتواتر ال يُبحث عن رجالو ،بل ٬تب العمل بو من غَت ْتث.
فائدة :ذكر ابن الصبلح أف مثاؿ ا١تتواتر على التفسَت ا١تتقدـ يَعُِّز وجوده ،إال أف يُدَّعى ذلك ُب
العزة ٦تنوع -ابن حجر يتعقب ابن الصبلح ،يقوؿ متعمدا" .وما ّادعاه من َّ
ً علي
حديث "من كذب َّ
"أف ابن الصبلح يقوؿ مثاؿ ا١تتواتر عزيز ال يكاد يوجد وكذا ما ادعاه غَته من العدـ ١-تاذا؟- َّ
بلع على كثرة الطرؽ وأحواؿ ألف ذلك -االدعاء أبف ا١تتواتر غَت موجود -نشأ عن قلة ا ِطّ ٍ
الرجاؿ ،وصفاهتم ا١تقتةضية إلبعاد العادة أف يتواطؤا على الكذب ،أو ٭تصل منهم اتفاؽ".
ما رأيكم ابلقضية؟ ما التناقض ا١توجود؟ ذكر ابن حجر أنو ال يُبحث عن صيغ األداء ،وال عن
صفات الرجاؿ! ٍب تعقب أنو :ال ،يوجد أحاديث ،والسبب ُب ّادعاء عدـ وجودىا ىو قلة االطبلع
على أحواؿ الرجاؿ ،وصفاهتم ا١تقتضية إلبعاد العادة أف يتواطؤا على الكذب ...إخل ،وإف كاف ىذا
٘٘
سهل القضية ،لكن حىت ىذا القيد األخَت -الذي ىو :إبعاد العادة أف يتواطؤا على الكذب -قد يُ ِّ
القيد إذا قُصد بو االطبلع على األحواؿ ،يعٍت كيف يستحيل أف يتواطؤا على الكذب؟ ىل ىو
لعدالتهم؟ إذا كاف لعدالتهم فمعناىا أننا رجعنا اطَّلعنا على أحواؿ الرجاؿ ،وْتثنا عن أحوا٢تم .إذا كاف
مثبل بكثرة الطرؽ ،وكثرة العدد ،وعدـ االجتماع؛ ىذا نعم ،لكن رجعنا إذل للصفة العامة ا١تتعلقة ً
نفس القضية ُب ىذا التعقب.
ما الذي أريد أف أقولو؟ الذي أريد أف أقولوَّ :
أف االلتباس ُب ىذا الباب ،وعدـ تفكيكو ،وعدـ
إرجاعو إذل أصولو ،أحدث حالة من التناقض ،والتناقض من أكثر من جهة ،ومن أىم اٞتهاتَّ :
أف
ىذا ا١تبحث يتناقض مع الواقع التطبيقي للمحدثُت ،وفيو إشكاالت كثَتة ،وىو مبحث نظري
ٕتريدي دل ينشأ ،دل ينبع ،دل ٮترج من واقع الرواية والنقد ،والنقد كثَت ،واحد منها :ما ا١تقصود
ابستمرار التواتر من ا١تبتدأ إذل ا١تنتهى؟ ىل ا١تقصود أف يروي عن الواحد ٚتاعة يستحيل تواطؤىم
على الكذبٍ ،ب يروي عن كل واحد منهم ٚتاعة يستحيل تواطؤىم على الكذب؟ ىذا الذي ينبغي
أف يكوف؛ ألف ىذه ىي اٟتاؿ اليت يستحيل تواطؤىم على الكذب ،ليس الذي يستحيل تواطؤىم
على الكذب ُب حقيقة األمر ،وإ٪تا ُب ىذا الوصف اٟتديثي الذي ال يقتضي النظر إذل ..إخلْ ،تيث
أف اإلخبار ٔتجرد أف تتسع طبقاتو ستصل إذل آالؼ الرواةٔ ،تعٌت :ا١تفًتض أف يروي عن ﷺ لِنَػ ُقل
ُ
عشرة ،وعن كل واحد من العشرة عشرة ،وعن كل واحد من ا١تئة عشرة ،دخلنا ُب الطبقة الثالثة إذل
ألف .حسنًا ىل ىذا ىو ا١تراد اب١تتواتر؟ أـ ا١تراد اب١تتواتر أف يكوف للحديث عن النيب ﷺ عشرة
طرؽ؟ إذا قلنا عشرة طرؽ رجعنا إذل أف كل طريق منها آحاد ُب حد ذاتو ،ظٍت ،ىذا طريق عن أيب
ُىريرة وحده ،وىذا طريق عن أنس وحده ،ىذا ٥ترجو بصري ،ىذا ٥ترجو كذا ...إخل ،وىذا ٬تب أف
يُنظر إذل أحواؿ رواتو .فإف قلت الصورة األوذل ىي ا١تقصودة ،فهذه ال عبلقة ٢تا بعلم اٟتديث ،وال
بواقع الرواية ،وال أبحاديث النيب ﷺ ،وإف قلت الثانية رجعت إذل أ٫تية النظر إذل أحواؿ الرواة،
والتفتيش عما يتعلق هبم من قرائن.
٘ٙ
سؤاؿ :ىل يوجد شيء يف الدين يَص ُدؽ على اٟتالة األوذل؟ اٞتواب :نعم ،وىذا ليس متعل ًقا بواقع
الرواية ،اٟتديث؛ الذي يبحث فيو مصطلح اٟتديث ،وأحواؿ الرواة ،وإ٪تا ىذا متعلق بفرائض الدين
الظاىرة ،ا١تتواترة ،اليت نقلتها العامة عن العامة ،كاألذاف ،والصلوات ا٠تمس ،وَكَرْمي اٞتمرات ُب
أيضا تواتر نقل
اٟتج ،وما إذل ذلك من قضااي اإلسبلـ العامة اليت نقلتها األمة عن األمة ،وفيها ً
القرآف ،ىذا التواتر هبذه الصفة ٯتكن أف يُقاؿ فيو ال يُنظر إذل أحواؿ رواتو ،وال البحث؛ ألف ىذا
متصبل آبحاد الرواة ،وأعياف الناقلُت.
نقبل ً
نقلتو األمة عن األمة ،وليس ً
إذا كانت القضية كذلك ،لنفرز األمر بُت الوصف النظري اجملرد وبُت اٟتكم .اآلف أنٌب للحكم -كل
الكبلـ السابق كاف متعلق ابلوصف النظري -أنٌب اآلف للحكم ،ما ىو اٟتُكم؟ القطع والظن .لنكن
ُب ا١تقبوؿ اآلف ،ا١تقبوؿ إما أف يكوف قطعيًا ،وإما أف يكوف ظنيًا ،القطعية والظنية ُب األحاديث
اتصاال مطاب ًقا ٔتبحث ا١تتواتر واآلحاد ،وإ٪تا القطعية والظنية متعلقة
النبوية ال ينبغي أف تكوف متصلة ً
وٝتْت الرواية وا﵀دثُت ،فا﵀دثوف - أبحواؿ النقلة ،والرواة ،ومدى التظافر فيما بينهم ،على قانوف َ
وىذا أشار إليو بعض األئمة الكبار كابن تيمية وغَته رٛتهم هللا -قد تثبت عندىم قطعية بعض
أوال
األحاديث النبوية ،وال تثبت عند غَتىم لعدـ علمهم ابألحواؿ التفصيلية للنَػ َقلَة ،فالقطع والظن ً
-كصورة عامة ليست متعلقة بعلم اٟتديث -من ا٠تطأ الكبَت أف ُ٭تصر-القطعُ -ب ا١تتواتر ،فأحواؿ
الناس وأحواؿ البشر ُب ٖتقق اليقُت لديهم عن طريق ا٠ترب -وليس عن طريق اٟتس اآلف وبقية
األمور -ال معٌت وال وجو ٟتصرىا اب١تتواتر ،أنت تعلم أحواؿ الناس اليت ٭تدث هبا عند البشر
األسوايء اليقُت ٦تا يستجد من أحواؿ الناس ،زواج ،وموت ،و٧تاح ،وما إذل ذلك ،ال يشًتط أحد
من العقبلء تعليق حصوؿ اليقُت عند اإلنساف ُب ىذه االخبار على التواترٔ ،تعٌت؛ اآلف لكي تُوقن
ٔتوت شخص -بغَت اٟتس ،وإ٪تا اب٠ترب -ىل ال ٯتكن أف ٭تصل اليقُت إال ابلتواتر؟ لو أخربؾ
ا١تتوَب -وعليو من ا٢تيئة والراثثة واٟتزف أف ابنو قد ماتٍ ،ب فقدت ىذا االبنٍ ،ب
شخص واحد -أبو َ
حضرت العزاء فوجدت أىل الدار قد اجتمعوا للعزاء والكل يبكي ،وصاحب الشأف الذي قيل فيو أنو
مات غَت موجود ،والكل يبكي على ىذا ا١تيت ،أنت اآلف ما ٝتعت ا٠ترب إال من واحد ،الذي ىو
فبلًن قد
أحد أنو رأى ًأبو ا١تيتٍ ،ب رأيت من قرائن األحواؿ -وليس من ا٠تربٔ ،تعٌت؛ ما أُخربت من ٍ
٘ٚ
مات ،وإ٪تا من قرائن األحواؿ ،السؤاؿ؛ ىل ىذا ٭تقق لديك اليقُت أو ال ٭تقق؟ ماذا لو انضاؼ
٥ترب آخر؟ أو اثلث؟ وىذه كلها آحاد ،وليست متواتر ،ومثل ذلك ُب أحواؿ البشرية ال ينحصر ٖتقق ِ
اترا ،ألغيت
اليقُت عند الناس ُب األخبار ُب قضية التواتر ،وإذا ألغيت اليقُت من ا٠ترب إال إذا كاف متو ً
ٚتهور أخبار األرض ،ويبقى ما يُصدَّؽ ىو األحداث الكربى اليت تنقلها البشرية كلها ،مثل اٟتروب
العظمى ،وما إذل ذلك ،وتبقى األحواؿ الشخصية كلها خارج دائرة اليقُت ،وأوؿ شيء فيها أنك ابن
أبيك وأمك! فاصلة والذي بعده ،ىذا أوؿ شيء ،أوؿ شيء يسقط من اليقُت أنك ابن أبيك وأمك
إذا كاف يػُ َعلَّق ىذا على قضية التواتر ،أو ترجع للتحليبلت و٨توىا ،وغَت ىذا تبقى شا ًكا! ليس
معقوال.
ً
إذف؛ إذا كاف ىذا ُب األمر العاـ وىو أف اليقُت ال ينحصر ٖتققو من جهة األخبار ُب خرب التواتر،
أيضا ُب واقع الرواية ،ال ينحصر ٖتقيق اليقُت من األخبار النبوية على قضية التواتر ،وإ٪تا على
فهذا ً
ماذا؟ على ٣ترد خرب الصادؽ؟ اٞتواب؛ أف خرب الصادؽ وحده ٭تتمل الصواب ،و٭تتمل ا٠تطأ،
٭تتمل الضبط ،و٭تتمل عدـ الضبط ،فإذا انضم إذل خربه من القرائن ما يرفع احتماؿ ا٠تطأ ،صار
مثبل أبحواؿ وصفات أحياًن قد تكوف ً
مفيدا لليقُت ،دوف اشًتاط قضية التواتر ،والقرائن ً
ىذا ا٠ترب ً
أحياًن أيتيك طريقاف ،مالك يقوؿٝ :تعت ًنفعً ،نفع يقوؿٝ :تعت ابن عمر ،ابن عمر يقوؿ: الرواةً ،
ٝتعت النيب ﷺ .سفياف بن عيينة يقوؿٝ :تعت الزىري ،الزىري :يقوؿ ٝتعت أنس ،أنس يقوؿ:
ًنفعا
ٝتعت النيب ﷺ .نفس النص ،قطعي .ليس ألنو من طريقُت؛ ألنو من طريق :مالك ٝتعت ً
أنسا ٝتعت النيب ﷺ .كل ٝتعت ابن عمر ٝتعت النيب ﷺ ،سفياف بن عيينة ٝتعت الزىري ٝتعت ً
ومن
ومن ىو أنسَ ، ومن ىو الزىريَ ، من يعرؼ أحواؿ الرواة ،وعاش معٌت َمن ىو سفياف بن عيينةَ ،
ومن ىو ابن عمر ،وكاف لو معرفة هبذه األحواؿ ،يعرؼ ما قيمة ىذا ا٠ترب ومن ىو ًنفعَ ، ىو مالكَ ،
من جهة قطعيتو وظنيتو .وىذا ال يتحقق لكل أحد ٦تن يفقد صفة ا١تعرفة الصفة التفصيلية أبحواؿ
أحسن رٛتو هللا ُب ذكر القرائن اليت ترفع خرب
ىؤالء النَػ َقلَة ،والقرائن متعددة ،ذكر منها ابن حجر؛ و َ
اآلحاد إذل مستوى القطع واليقُت.
٘ٛ
فأوال األمر فيو سعةٍ ،ب لتكن ىذه األوصاؼ إذف -نرجع مرة اثنية -إذا كانت القضية أوصافًاً ،
مطابقة لواقع الرواية ،ولنرجع؛ ىذه األوصاؼ ماذا تعٍت؟ ىل تعٍت عن كل واحد كذا؟ أو تعٍت الكثرة
والتتابع؟ فإف قصدًب الكثرة والتتابع ،فهذا كثَت ُب األحاديث اليت ُرويت من طرؽ متعددة ،وإف
قصدًب الوصف األوؿ ،فهذا غَت موجود ،إال ُب الفرائض الظاىرة ا١تتواترة اليت تنقلها األمة عن األمة.
وأما من حيث اٟتكم :فقضية القطع والظن قضية موردىا أوسع بكثَت من آحاد ومتواتر ،وإذا رجعت
إذل كتب ا١تنطق -الذي ىو ببل شك ٍ
آت من خلفية ثقافية فلسفية ٥تتلفة عن ا٠تلفية ا١تستنِدة إذل
ُ
ا٢توية اإلسبلمية اآلخذة من مرجعية الوحي -ستجد أف علم ا١تنطق فيو مبحث متعلق ابلقطع والظن،
وفيو قضية ا١تتواتر ،وأف التواتر ...مبحث القياس؛ عندما يتكلموا عن اليقينيات اليت تؤدي إذل القياس
اليقيٍت القطعي ،يتكلموف عن ستة مواد يتألف منها ىذا القياس :ا﵀سوسات ،و ،...و،...
قياسا استدالليًا برىانيًا قطعيًا ،أف تكوف مقدماتو
وا١تتواترات ،فيجعلوف اليقُت إذا أردت أف تُقيم ً
مؤلفة من ىذه اليقينيات ،اليت من ٚتلتها التواتر ،فهل يكوف ىذا األصل ُب ا١تنطق ىو الباب أو ىو
ستمد
الرافد الذي استقى منو األصوليوف الذين كثَت من خلفياهتم منطقية كبلمية ،فكاف ىذا ىو ا١تُ َ
عموما الكبلـ الذي بقي كثَت.
األوؿ لدخوؿ ىذا ا١تبحث إذل ًنفذة العلوـ الشرعية؟ رٔتا ،هللا أعلمً .
من القةضااي اليت فيها إشكاؿ يف ىذا الباب :الكتب اليت ٚتعت األحاديث ا١تتواترة ،ىناؾ كتب
ٚتعها أىل العلم ُب األحاديث ا١تتواترة مشهورة ،ككتاب السيوطي رٛتو هللا وغَته من العلماء .نرجع
كثَتا ٦تا
إذل نفس القضية ،عدـ ٖترير مطابقة األوصاؼ اليت قيلت ُب التواتر على واقع الرواية جعل ً
ذُكر ُب تلك األحاديث ا١تتواترة فيو إشكاؿ ُب ضمو إذل اٟتديث ا١تتواتر ،يعٍت أف تذكر التعريف
النظري ٍب أتٌب هبذه األمثلة من األحاديث؟! ال ،ىناؾ إشكاؿ ،أًن ٚتعت بعض األمثلة من كتاب
مثبل:
السيوطي رٛتو هللاً ،
طبعا ىو ماذا يفعل رٛتو هللا؟ أيٌب
إٯتاًن أحسنهم ُخل ًقا" ذكره ُب ا١تتواترً ،
حديث "أكمل ا١تؤمنُت ً
ابٟتديثٍ ،ب يقوؿ لك :أخرجو فبلف عن فبلف ،فبلف عن فبلف ،فبلف عن فبلف ،فبلف عن فبلف،
من ٚتلة التعداد :وابن أيب شيبة من ُمرسل اٟتسن ،طيب ُمرسل اٟتسن :يعٍت إذا نريد أف أنخذ
ٜ٘
التعريف العاـ أنو ال يٌنظر إذل أحواؿ رواتو٘ ،تاـ ،لكن ىذا فيو فقداف لشرط االتصاؿ ،أنو متواتر من
مبتدأه إذل منتهاه ،ىذا من ُمرسل اٟتسن ،واحد من األسانيد١ ،تاذا؟ ألنو القضية صارت ٚتعُ ،روي
من طرؽ.
حديث ِّ
"بشر ا١تشَّائُت ُب الظُلَِم إذل ا١تساجد ابلنور التاـ يوـ القيامة" أخرجو الًتمذيٍ ،ب قاؿ:
صد غريب من ىذا الوجوغريب ،موجود ُب كتاب (ا١تتواتر) ،ىناؾ إشكاؿ ،نعم قد يكوف الًتمذي قَ َ
مثبل ،ولكن ىذا ينبغي اعتباره ُب النظر ُب قضية األسانيد.
ً
من األحاديث اليت ذُكرت ُب ا١تتواتر :قاؿ :حديث "رفع اليدين ُب الصبلة واإلحراـ والركوع" ،ىذا
ظ معُت ،وإ٪تا من ٣تموع أحاديث. تواتر ماذا ا١تفًتض أف يكوف؟ تواتر معنوي ،ىو دل يتواتر لف ٌ
٦تن تكلم ُب قضية ا١تتواتر ..اٝتعوا ىذا القوؿ ،انظروا قضية اإلغراؽ ُب ا١تبحث النظري ىذا كيف
يوقع ُب إشكاؿ بعيد عن واقع الرواية؟ يقوؿ" :لكنّا نعلم أنو ٬تب أف يكونوا أكثر من أربعة ُ-ب
ماذا؟ ىذا ُب التواتر -ألف خرب األربعة لو جاز أف يكوف موجبًا للعلم لوجب أف يكوف كل أربعة
موجبًا ،ولو كاف كذلك لوجب إذا شهد أربعة على رجل ابلزان أف يعلم اٟتاكم صدقهم ضرورة
ابطبل".
ويكوف ما ورد بو الشرع من السؤاؿ عن عدالتهم ً
أف التواتر ٭تصل أبربعة؟ ١تاذا ألغاه ىنا؟ ألف شهادة األربعة على الزًن ٬تب أفاآلف أليس ىناؾ قوؿ َّ
يُتثبت فيها من عدالة الشهود ،وألف التواتر ال يُشًتط فيو النظر إذل أحواؿ الرواة ،وألف الشرع اشًتط
اترا ألنو يُشًتط النظر ُب عدالتهم!
شهادة النظر ُب أحواؿ الشهود ،فهذا يدؿ على أف األربعة ليس تو ً
ىذه مشكلة كبَتة ،اإلشكاؿ ىنا أف القضية صارت متصلة ٔتُ َسلَّ َمة ،وىو أنو ال يُنظر ُب األحواؿ.
خبلصة القوؿ :ا١تتواتر هبذه الصفة اليت عرب عنها ابن الصبلح "ابٝتو ا٠تاص ا١تُ ِ
شعر ٔتعناه ا٠تاص"،
كما قاؿ ابن الصبلح نفسو" :ليس من مباحث علم اٟتديث" ،وكما قاؿ ابن حجر" :ليس من
مباحث علم اإلسناد" .وقاؿ ابن الصبلح" :ألنو ال يدخل يف صناعتهم ،وال يكاد يوجد يف
روايتهم" أو كما قاؿ؛ "أرويو اب١تعٌت".
ٓٙ
ىذا كلو يدؿ على أف ا١تتواتر هبذه التفاصيل ال ينبغي أف يكوف من مباحث علم اٟتديث األساسية،
رجع األمر إذل أفوال ا١تركزية ،وإ٪تا يكوف من ٚتلة ما يُتناوؿ ابالصطبلح التعريفي البسيط ،وال يُ َ
األحاديث ا١تروية عن النيب ﷺ تنقسم إذل :متواتر وآحاد -هبذا االعتبار ،-ليس ىناؾ إشكاؿ ُب
لفظ ا١تتواتر ،يعٍت لو قاؿ قائل :تنقسم أحاديث النيب ﷺ إذل متواتر وآحاد ،وقصد بذلك :اٟتُكم،
أف منها ما يفيد القطع ،ومنها ما يفيد الظن ،ىذا القدر ليس فيو إشكاؿ ،قد يقوؿ قائل وىل يُراد
بذلك إال ذلك؟ اٞتواب :ال ،نعم يُراد بذلك ىذا ُب قضية العلم والظن ،لكن ال يُراد بو ُب قضية
جيدا أـ دل تفهموا؟
معٌت ا١تتواتر ،من حيث الصورة اليت يكوف عليها اٟتديث ا١تتواتر .فهمتم ً
اضحا إف شاء هللاُ ،ب اللقاء القادـ إف شاء هللا سأتناوؿ
أكتفي اآلف هبذا القدر ،أرجو أف يكوف و ً
بقية القضااي ا١تتعلقة اب١تتواتر واآلحاد ،وبقيت بعض القضااي ا١تهمة ،يعٍت بقيت مسألتاف مهمتاف غَت
التعليق على بعض ا١تواضع ُب النزىة ،ا١تسألة األوذل :مسألة :ما القرائن اليت إذا احتفت ابآلحاد
ٕتعلو يفيد اليقُت؟ وىذا ا١توضع من كتاب النزىة من أشرؼ وأفضل ا١تواضع ُب (نزىة النظر) ،حيث
ذكر ابن حجر رٛتو هللا ٣تموعة قرائن ترفع اآلحاد إذل مستوى القطع واليقُت ،وسيأٌب اٟتديث حينها
إف شاء هللا ُب قضية الصحيحُت ،وىل ما فيها يدخل ُب ىذه القرينة أـ ال؟
ٍب ا١تسألة األخرى :حجية خرب الواحد يف ميزاف الشرع ،واب١تناسبة :حجية خرب الواحد ثبتت
ابلتواتر ،ىذه من اللطائف ،أف حجية خرب الواحد ثبتت ابلتواتر الذي يوجد مثلو ُب أحاديث النيب
أصبل ا٠تطيب البغدادي نفسو ،الذي ىو أوؿ من أدخل٦ ...تا نص عليو ﷺ ،وىذا ٦تا نص عليو ً
وعموما ىو
ً ُب ا١تتواتر أنو تواتر عن النيب ﷺ العمل ٓترب الواحد ،أو األخذ أو االحتجاج ٓترب الواحد.
أصبل بُت الفقهاء ُب العمل ٓترب الواحد ،ويفرقوف بينو وبُت القطع وما يتعلقال يكاد يوجد خبلؼ ً
بو ،وىذه مسألة أخرى لعلَّها أتٌب إف شاء هللا ُب اللقاء القادـ.
ِّ
وصل اللهم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت.
ٔٙ
احملاضرة الثالثة:
ا١تقدمة:
كثَتا طيبًا مبارًكا فيو كما ٭تب ربنا تبارؾ وتعاذل ويرضى ،اللهم لك اٟتمد
ٛتدا ً
اٟتمد ﵁ رب العا١تُت ً
صل وسلم وابرؾ على عبدؾ ورسولك دمحم،ال ٨تصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ،اللهم ِّ
نستعُت اب﵁ ونبدأ اجمللس الثالث من ٣تالس الشرح ا١تطََّوؿ على نزىة النظر.
ُ
مراجعة على الدرس السابق:
ُب اللقاء السابق كنت قد ٖتدثت عن ٣تموعة من القواعد ا١تتعلقة اب١تتواتر واآلحاد ،ىل تذكروف ماذا
كانت القواعد؟ ما ا١توضوعات األساسية؟ نعم اتريخ القضية ،والفرؽ بُت اٞتزء النظري االصطبلحي
ا١تتعلق اب١تتواتر واآلحاد ،وبُت اٟتُكم ا١تًتتب عليو ،اٟتُكم الذي ىو القطعية والظنية وما إذل ذلك،
وأف األمر إذا كاف ٣ترد اصطبلح فاألمر فيو سعة ،وإذا كانت القضية ُحكمية وأنو ال ُ٭تكم على
اترا ابالصطبلح ا٠تاص ١تعٌت ا١تتواتر فهذا األمر فيو إشكاؿ، قطعا إال إذا كاف متو ً
شيء أبنو اثبت ً
وكذلك تكلمت عن واقع الرواية وعبلقة ىذا األمر بواقع الرواية ،وذكرت بعض األمثلة من كتب
ا١تتواتر وبعض اإلشكاؿ ا١توجود فيها.
وا٠تبلصة فيما سبق كلو :أف األحاديث النبوية اليت تفيد القطع واليقُت ىي أوسع بكثَت من أف
ُٖتصر ُب االصطبلح النظري للمتواتر ،وإف كاف ال أبس إف ٝتاىا َمن يسميها أهنا متواترة إذا كانت
قد ُرويَت من أكثر من طريق ،وإف دل تكن ىذه الطرؽ قد وصلت إذل حد ا١تتواتر ابالصطبلح
ا٠تاص ،فبل ُمشاحة ُب االصطبلح طا١تا أنو مقبوؿ ُب السياؽ اللغوي العاـ ،خاصةً إذا كاف ُٮتدـ
ببعض التصرفات اٟتديثية.
ٕٙ
ا١تتواتر:
اآلف سأنتقل (للنزىة) وسنأخذ بعض اٞتُ َمل ا١تتعلقة اب١تسألة والتعليق عليها ،وكذلك الذىاب إذل
جدا.
مسألة قرائن اآلحاد ،وىي مهمة ً
قاؿ اإلماـ ابن حجر -رٛتو هللا تعاذل" :-فاألوؿ :ا١تتواتر؛ وىو ا١تفيد للعلم اليقيٍت -فأخرج
النظري على ما أيٌب تقريره -بشروطو اليت تقدمت".
َّ
الةضروري ١تاذا ىو مفيد للعلم الةضروري وليس للعلم
ّ ١ تاذا األصح أف يُقاؿ ا١تفيد للعلم
النظري؟
يقوؿ :األوؿ فيما ورد من الطرؽ :ا١تتواتر ،وىو ا١تفيد للعلم قاؿ" :ا١تفيد للعلم اليقيٍت -فأخرج
النظري "-ىذه اٞتملة فيها إشكاؿ ُب الصياغة ،ورٔتا يكوف فيها سبق قلم ،أو أنو ّ
عرب عن الضروري ّ
ابليقيٍت ،الػ ُمفًتض أف تكوف اٞتملة :وىو ا١تفيد للعلم الضروري -فأخرج النظري ،-العلم اآلف ىنا ما
أصبل ا١تراد بو اليقُت ،فكأنو
ا١تراد بو؟ القطع واليقُت ،صح؟ فكلمة العلم اليقيٍت فيها تكرار؛ ألف العلم ً
قاؿ :ا١تفيد للقطع اليقيٍت ،وإال لليقُت اليقيٍت ،خاصةً أنو قاؿ" :فأخرج النظري" والنظري قسيم
وعلم
ضروريٌ ،
ّ علم
للضرورئ ،تعٌت :العلم -الذي ىو القطع واليقُت -ينقسم إذل قسمُتٌ :
نظري.
ّ
الضروري الذي ال يتوقف على استدالؿ وْتث ونظر وما إذل ذلك ،مثل :اٟتقائق البَ َدىية ّ العلم
مثبل حُت نكوف ُب مكاف مفتوح واٞتو صحو والشمس طالعة فأقوؿ لك٨ :تن ُب النهار، ا١تباشرةً ،
ضروري ال ٭تتاج إذل استدالؿ حىت .لو كنا ُب ُجب أو ُب منجم مغلق أو ٨تو ذلك ّ فهذا اآلف علم
مثبل ْتساابت معينة ِّأاي كاف.
أايما ،فحىت أُثبت لك أننا ُب النهار البد أف أذكر أدلةً ،
وأخذًن فيو ً
وكثَت من األمور اليت يُستفاد منها اليقُت ٖتتاج إذل نظر واستدالؿ ،ومن ٚتلة ذلك األحاديث النبوية
القطعية اليت -كما سبق ُب الدرس السابق -ال بد من أف يُنظر ُب أحواؿ ُرواهتاَّ :
أف ا١تتواتر ا١تتعلق
بواقع الرواية البد أف يُنظر ُب أحواؿ ُرواتو ،حىت أقوؿ إف ىذا اٟتديث قطعي يقيٍت.
ٖٙ
مثبل أحاديث خروج الدجاؿ ،ىذه األحاديث قطعية يقينية ال شك وال ريب ُب قطعيتها وثبوهتا
يعٍت ً
عن النيب ﷺ .كيف عرفنا ذلك؟ ىل ىو أمر بَ َدىي ىكذا ال ٭تتاج إذل استدالؿ؟ أـ ٭تتاج إذل
استدالؿ؟ ٭تتاج إذل استدالؿ :النظر ُب أحواؿ الرواةُ ،ب األسانيدُ ،ب كذا ،أوصلك إذل ىذه
النتيجة.
-إذًا الصواب :أف ا١تتواتر ا١توجود ُب واقع اٟتديث :ىل ىو مفيد للعلم الضروري؟ أـ مفيد للعلم
النظري؟ ما ىو األصوب؟ النظري الذي ٭تتاج إذل استدالؿ.
-إ ًذا ا١تتواتر إف أريد بو خرب األمة عن األمة ،خرب العامة عن العامة ،فهذا ٭تتاج إذل نظر
واستدالؿ أـ ال ٭تتاج؟ ال ٭تتاج .وابلتارل ىو مفيد للعلم الةضروري .وأما ا١تتواتر ا١توجود يف
الرواية ،ا١تتعلق أبحاديث النيب ﷺ فهو مفيد للعلم النظري الذي ٭تتاج إذل نظر واستدالؿ يف
أحواؿ الرواة والنَّػ َقلة .خبلفًا ١تن قاؿ :إف ا١تتواتر ال يتطلب النظر يف أحواؿ ُرواتو ،ىكذا
إبطبلؽ .وىذا ٖترير القوؿ يف القةضية.
ٍ -ب بقي استدراؾ :وىو أف يُقاؿ :بقي نوع آخر يفيد العلم النظري وليس متو ً
اترا .يعٍت اآلف ما يفيد
العلم صار كم شيء؟
صار الذي يُفيد العلم من األخبار ثبلثة أنواع:
ٔ) النوع األوؿ :ا١تتواتر ٔتعناه االصطبلحي ا١توجود يف الشريعة يف قةضية نقل األمة عن األمة،
فهذا واحد ٦تا يفيد العلم الةضروري.
ٕ) النوع الثاين :الذي يفيد العلم والقطع واليقُت وىو ا١تتواتر ا١توجود يف واقع الرواية؛ الذي
واستدالال ،وىو متواتر ،وىو مفيد للعلم النظري.
ً نظرا
يتطلب ً
ٗٙ
ةضا ىو اآلحاد الذي احتفت بو القرائن .وىذه خبلصة
ٖ) النوع الثالث :ا١تفيد للعلم النظري أي ً
كثَتا من اإلشكاؿ ُب ا١تسألة.
جدا ،وترفع إبذف هللا تعاذل ً
جدا ً
مهمة ً
ٍب قاؿ" :واليقُت ىو االعتقاد اٞتازـ ا١تطابق .وىذا ىو ا١تعتمد أف خرب التواتر يفيد العلم
نظراي.
الةضروري ،وىو الذي يُةضطر اإلنساف إليو ْتيث ال ٯتكنو دفعو .وقيل :ال يفيد العلم إال ً
كالعامي؛ إذ النظر :ترتيب أمور
ِّ وليس بشيء؛ ألف العلم ابلتواتر حاصل ١تن ليس لو أىلية النظر
نظراي لَ َما
العامي أىلية ذلك ،فلو كاف ً
ّ معلومة أو مظنونة يُتوصل هبا إذل علوـ أو ظنوف ،وليس يف
النظري" ،الحظ أنو صار يستعمل
ّ الةضروري والعلم
ّ والح هبذا التقري ِر الفر ُؽ بُت العلم
حصل ٢تمَ .
الةضروري يفيد العلم ببل
ّ الضروري ،واضح أف األوذل وهللا أعلم ىي سبق قلم" .إذ
ّ كلمة العلم
الةضروري ٭تصل لكل سامع،
َّ والنظري يفيده ،لكن مع االستدالؿ على اإلفادة .وأف
ّ استدالؿ،
والنظري ال ٭تصل إال ١تن فيو أىلية النظر".
َّ
أهبمت شروط ا١تتواتر يف األصل"؛ ألنو قاؿ ُب األصل" :فإف كاف ٍ
بطرؽ ُ ٍب بعد ذلك قاؿ" :وإ٪تا
أهبمت شروط
ُ ببل حص ٍر فهو ا١تتواتر" دل يقل ا١تتواتر الذي صفتو كذا ،وشروطو كذا .قاؿ" :وإ٪تا
ا١تتواتر يف األصل؛ -أي ُب (النخبة) -ألنو على ىذه الكيفية ليس من مباحث علم اإلسناد".
كما قلت لكم ُب ىذه النسخة اليت عندي فيها واحدة من النسخ ا٠تطية ،أو النسخ اليت اعتمدت
عليها ىذه الطبعة ،وقاؿ فيو زايدة" :ألنو على ىذه الكيفية ليس من مباحث علم اإلسناد ،وإ٪تا
أيضا ُب اللقاء السابق:-
ذكرت ً
ُ ىو من مباحث أصوؿ الفقو" ،وىذا ٌ
كبلـ صحيح .وابلتارل -كما
صحيحا أف أتخذ ىذه ا١تسألة أكرب من حجمها ُب علوـ اٟتديث.
ً ليس
"إذ علم اإلسناد يُبحث فيو عن صحة اٟتديث أو ضعفو؛ ليُعمل بو أو يًُتؾ ،من حيث :صفات
الرجاؿ وصيغ األداء ،وا١تتواتر ال يبحث عن رجالو ،بل ٬تب العمل بو من غَت ٍ
ْتث .فائدة: ُ
ذكر ابن الصبلح أف مثاؿ ا١تتواتر "...وىذا ذكرتو ُب الدرس السابق ،وذكرت قضية التناقض
ا١توجود ُب التقرير.
٘ٙ
ا١تشهور:
ٍب قاؿ" :والثاين" ،الثاين بناءً على التقسيم األوؿ الذي ىو الطُُّرؽ ،ا٠ترب إما أف أيتينا:
ٔ) بطرؽ من غَت حصر،
ٕ) أو ْتصر ٔتا فوؽ االثنُت،
ٖ) أو هبما،
ٗ) أو بواحد.
ىذه أربعة أقساـ ،كما سبق ،قاؿ" :والثاين -وىو أوؿ أقساـ اآلحاد -ما لو طرؽ ٤تصورة أبكثر من
اثنُت ،وىو ا١تشهور عند احملدثُتُِٝ .تّ َي بذلك لوضوحو ،وىو ا١تستفيض على رأي ٚتاعة من أئمة
الفقهاءُِٝ ،تّ َي بذلك النتشارهِ ،من :فاض ا١تاء" إذل آخره.
ٍ -ب ذكر بعض الػ ُمغايَرات بُت ا١تستفيض وا١تشهور ،قاؿ" :وليس من مباحث ىذا الفنٍ .ب
ا١تشهور يُطلق على ما ُح ِّرر ىنا ،وعلى ما اشتُهر على األلسنة؛ فيشمل ما لو إسنا ٌد واح ٌد
أصبل".
فصاع ًدا ،بل ما ال يوجد لو إسناد ً
أف طرؽ اٟتديث النبوي اليت أتتينا إما أف تكوف ٤تصورة ،أو غَت ٤تصورة .فإف كانت اآلف يقوؿ لك َّ
غَت ٤تصورة ،فما اٝتو ىذا؟ غَت العلم الضروري اآلف ،فقط كمصطلح؛ ما اٝتو؟ متواتر .وإف كانت
٤تصورة ،فعندًن خيارات :إما أف تكوف ٤تصورة ٔتا فوؽ االثنُت؛ يعٍت ثبلثة ،أربعةٜ ،تسة ،ستة،...
أو هبما؛ أي ابالثنُت ،أو بواحد .ىذا التقسيم الدقيق هبذه الطريقة ،وإطبلؽ لفظ على كل ...ىذا
ليس دقي ًقا .حىت َمن سبق ٦تن تناوؿ ىذه ا١تسألة ،وأشهرىم ابن منده -رٛتو هللا١ -تا تناو٢تا دل ٭تصر
العزيز ُب اثنُت فقط.
ٙٚ
حساف حديثو" ،وفيها أيضا عبارة شعبة ،قيل لو١ :تاذا ال تروي عن عبد ا١تلك بن أيب سليماف
وأحاديثو حساف؟ قاؿ" :من حسنها فررت".
إ ًذا اٟتديث ا١تشهور -ا١توجود عند كل أحد -عند ىؤالء الذين يريدوف التميز يقولوف ىذا حديث
مشهور كل الناس يعرفونو! فيذىبوف للبحث عن األحاديث اليت فيها غرابة.
مثبل عند الفقهاء
أحياًن تكوف الشهرة شهرة ً
ً األحاديث ا١تشاىَت أحاديث شريفة ُب أصلها ،لكن
فقط وليس عند ا﵀دثُت ،والفقهاء تنتشر عندىم بعض األحاديث الفقهية -أحاديث األحكاـ،-
مثبل حديث" :إ٪تافاشتهارىا ىنا ال يعطي القيمة للحديث كاشتهار اٟتديث عند ا﵀دثُت ،يعٍت ً
األعماؿ ابلنيات" ،حديث من أشهر األحاديث ،وىو من أشرؼ األحاديث وٕتده عند كل
إسنادا
ا﵀دثُت ،والكل كتبو والكل رواه عن ٭تِت بن سعيد األنصاري ،إال أنك ال ٕتد لو ُب الدنيا ً
صحيحا إال ذلك اإلسناد الفرد الغريب الذي ىو ٭تِت بن سعيد األنصاري عن دمحم بن إبراىيم التيمي
ً
عن علقمة بن وقاص الليثي عن عمر بن ا٠تطاب رضي هللا تعاذل عنو ،واحد عن واحد عن واحد
عن واحد ،يعٍت ليس غرابة فقط ُب طبقة التابعُت ،لكن الغرابة مستمرة ُب أربع طبقات ،يعٍت حديث
كما يقاؿ ٪توذج معياري للغريب لكنو مشهور ،مشهور عند النقاد ،عند ا﵀دثُت ،عند األئمة ،عند
الفقهاء ،عند العلماء ..إذل آخره ،وإسناده صحيح وىو متواتر عن ٭تِت بن سعيد األنصاري ،رواه
عن ٭تِت بن سعيد األنصاري عشرات الرواة والعلماء من األئمة الكبار.
ٙٛ
-يف اٞتملة :اٟتديث ا١تشهور أشرؼ من اٟتديث الغريب ،وىو ال ينحصر ُب االصطبلح فيما رواه
ما فوؽ الثبلثة ،فقد يقاؿ عن اٟتديث الذي رواه اثناف حديث مشهور حىت من حيث إسناده ،وقد
يقاؿ عن اٟتديث الذي رواه ثبلثة عزيز؛ ألف العزيز كما قاؿ ُب (البيقونية):
م ػ ػشػ ػهور م ػ ػ ػروي فػ ػ ػوؽ مػ ػ ػ ػا ثػ ػبلثة ع ػ ػ ػ ػزيػ ػُز مػ ػ ػ ػ ػروي اثػ ػ ػ ػ ػن ػُت أو ث ػ ػ ػبلثػ ػ ػة
ُب (النزىة) قاؿ :العزيز مروي اثنُت ،ا١تشهور مروي ثبلثة فما فوؽ.
-خبلصة الكبلـ :أف اٟتديث ا١تشهور ابعتبار اإلسناد ىو ما لو أكثر من طريق اشتهرت عند
العلماء ،فصار ٢تا االعتبار ،وأكثر ما يكوف ذلك إذا كاف فوؽ الثبلثة ،فهذا يقاؿ عنو حديث
مشهور ،إال أنو ال ينحصر يف ىذا ا١تعٌت.
يقوؿ" :معٌت الشهرة مفهوـ وىو منقسم إذل صحيح كقولو ﷺ" :إ٪تا األعماؿ ابلنيات" وأمثالو،
-الحظ جعل حديث "إ٪تا األعماؿ ابلنيات" مشهور -وىو منقسم إذل صحيح وإذل غَت صحيح
كحديث" :طلب العلم فريةضة على كل مسلم"- ،ىذا مثاؿ على ا١تشهور الضعيف -وكما بلغنا
عن أٛتد بن حنبل عنو أنو قاؿ :أربعة أحاديث تدور عن رسوؿ هللا ﷺ يف األسواؽ ليس ٢تا
أصل وذكر ىذه األحاديث األربعة".
ٜٙ
ٍب قاؿ" :وينقسم من وجو آخر -أي ابعتبار آخر -إذل ما ىو مشهور بُت أىل اٟتديث وغَتىم
كقولو ﷺ" :ا١تسلم من سلم ا١تسلموف من لسانو ويده" وأشباىو ،وإذل ما ىو مشهور بُت أىل
اٟتديث خاصة دوف غَتىم كالذي رويناىا عن دمحم بن عبد هللا األنصاري عن سليماف التيمي عن
شهرا بعد الركوع يدعو على رعل وذكواف" فهذا
أيب ٣تلز عن أنس أف رسوؿ هللا قاؿ ﷺ ":قنط ً
مشهور بُت أىل اٟتديث ٥ترج يف الصحيح ولو رواة عن أنس غَت أيب ٣تلز ورواه عن أيب ٣تلز
غَت التيمي ورواه عن التيمي غَت األنصاري وال يعلم ذلك إال أىل الصنعة ،وأما غَتىم فقد
يستغربونو من حيث أف التيمي يروي عن أنس وىو ىنا يروي عن واحد عن أنس".
ٍب قاؿ" :ومن ا١تشهور ا١تتواتر الذي يذكره أىل الفقو وأصولو وأىل اٟتديث ال يذكرونو ابٝتو
ا٠تاص ا١تشعر ٔتعناه ا٠تاص ،وإف كاف ا٠تطيب قد ذكره يف كبلمو ما يشعر أبنو اتبع فيو غَت أىل
اٟتديث ،ولعل ذلك لكونو ال تشملو صناعتهم وال يكاد يوجد يف رواايهتم ،فإنو عبارة عن ا٠ترب
الذي ينقلو من ٭تصل علم صدقو ضرورة ،وال بد يف إسناد من استمرار ىذا الشرط يف رواتو من
أولو إذل منتهاه ومن سئل عن إبراز مثاؿ لذلك فيما يُروى من اٟتديث أعياه تطلبو" إذل آخره.
أخبار اآلحاد:
معرفة الغريب والعزيز" :قاؿ :روينا عن أيب عبد هللا ابن منده -ابن منده ىذه العبارة ا١تركزية أصبل ُب
ا١توضوع -أنو قاؿ :الغريب من اٟتديث كحديث الزىري وقتادة وأشباىهما من األئمة ٦تن ٬تمع
حديثهم إذا انفرد الرجل عنهم ابٟتديث يسمى غريبًا ،فإذا روى عنهم رجبلف وثبلثة واشًتكوا يف
مشهورا" إذل آخر الكبلـ.
ً حديث يسمى عز ًيزا ،فإذا روى اٞتماعة عنهم حديث ٝتي
ٍب قاؿ رٛتو هللا" :والثاين العزيز ،وىو أال يرويو أقل من اثنُت عن اثنُت ،وٝتي بذلك إما لقلة
وجوده ،وإما لكونو عز ،أو قَ ِوي ٔتجيئو من طريق أخرى ،وليس شرطًا للصحيح خبلفًا ١تن زعمو
وىو أبو علي اٞتبَّائي من ا١تعتزلة" ىذا اصطبلح أىل األثر؛ يعٍت أبو علي اٞتبائي من أئمة ا١تعتزلة
ٓٚ
ال ٣تاؿ لو ُب الدخوؿ ُب التقريرات اٟتديثية أو االعًتاض على ا١تباحث اٟتديثية ا﵀ضة ،فاشًتاط
الصحة وما تتحقق بو صحة ا٠ترب من شروط تفصيلية ،يعٍت تكثَت كتب ا١تصطلح بذكر اعًتاضات
ا١تعتزلة على بعض القضااي والرد عليها ىذا ليس ىو األنسب ُب سياؽ البناء اٟتديثي ،لكن ُب
ا١توسوعات اٟتديثية الضخمة ٦تكن يتم االستطراد ُب بعض القضااي.
قاؿ" :وإليو يومئ كبلـ أيب عبد هللا اٟتاكم يف علوـ اٟتديث حيث قاؿ :الصحيح أف يروي
الصحايب الزائل عنو اسم اٞتهالة أبف يكوف لو راوايف" إذل آخر الكبلـ.
ىذه مسالة من ا١تسائل اليت اشتهرت عن اٟتاكم -رٛتو هللا تعاذل -وًنقشها ابن حجر -رٛتو هللا،-
وكما ذكرت ُب البداية بعض القضااي تقرأ وتفهم من كتاب (النزىة) ،وال يتعامل الطالب مع ا١تتوف
جدا ليس مثل (النخبة) ،فينبغي أال يتعاملكزا ًخاصة اليت مثل (النزىة) ألف (النزىة) ليست مر ً
أبدا ،و٭تتاج ٦تن يشرح أف يبُت لو كل كلمة ،ىو
الطالب مع ىذا الكتاب على أنو شيء غَت مفهوـ ً
أصبل ويفهم الكتاب ويفهم تقريراتوٍ ،ب أيٌب من يشرح الكتاب فيمد ُب
البد أف يعترب ىذا الكتاب ً
معٌت ويبسط ُب آخر ويُلخص ويقرب ويزيد ويتعقب ،إذل آخره.
ٍب ذكر الغريب قاؿ" :والرابع الغريب ،ىو ما يتفرد بروايتو شخص واحد يف أي موضع وقع
التفرد بو من السند على ما سيقسم إليو الغريب ا١تطلق والغريب النسيب -وىذا الدرس القادـ
إبذف هللا الكبلـ على الغريب ا١تطلق والغريب النسيب وما إذل ذلك -وكلها أي األقساـ األربعة
ا١تذكورة سوى األوؿ -وىو ا١تتواتر -آحاد -وكلها وىي :غريب وعزيز ومشهور ،آحاد -ويقاؿ
لكل منهما خرب واحد" إ ًذا خرب اآلحاد ليس ىو خرب الشخص الواحد فقط ،وإ٪تا خرب الشخص
والشخصُت والثبلثة واألربعة وا٠تمسة ،ىذه كلها أخبار آحاد.
ٍب قاؿ" :وخرب الواحد يف اللغة :ما رواه شخص واحد ،ويف االصطبلح :ما دل ٬تمع شروط
التواتر -يعٌت ما دوف ا١تتواتر -وفيها -ا٢تاء تعود على اآلحاد -ا١تقبوؿ ،وىو ما ٬تب العمل بو
عند اٞتمهور ،وفيها ا١تردود ،وىو الذي دل يرجح صدؽ ا١تخرب بو؛ لتوقف االستدالؿ هبا على
ٔٚ
البحث عن أحواؿ الرواة دوف األوؿ ،وىو ا١تتواتر ،وفيها ا١تقبوؿ وكذلك ا١تردود ٓتبلؼ ا١تتواتر
فكلو مقبوؿ؛ إلفادتو القطع "...ىذا تكلمنا عنو.
ٍب قاؿ" :لكن إ٪تا وجب العمل اب١تقبوؿ منها؛ ألهنا إما أف يوجد فيها أصل صفة القبوؿ وىو
ثبوت صدؽ الناقل أو أصل صفة الرد وىو ثبوت كذب الناقل" ،اآلف الفقهاء أٚتعوا على العمل
أبخبار اآلحاد .وأخبار اآلحاد ىي اليت بٍُت عليها الدين ،من حيث من نقل إليهم الدين من بعد
النيب ﷺ ،وُب وقت النيب ﷺ أسس النيب ﷺ لقبوؿ أخبار اآلحاد الصحيحة اليت يوثق بنقلتها ،بل
وجاء التأسيس ٢تذا ُب القرآف ،خاصة إذا نظرًن ليس إذل معٌت الرواية فقط ،ولكن ضممنا إليها معٌت
ۡ ۡ
الشهادة اليت بٌت هللا عليها األحكاـ ىي شهادة آحاد أـ متواتر؟ ﴿ َوأَش ِه ُدواْ َذ َو ۡي َعدؿٖ ِّمن ُك ۡم﴾،
ىذا آحاد.
وىذه الشهادة ما الذي يًتتب عليها؟ دماء ،وأمواؿ ،وحقوؽ ،وأعراض ...إخل .وكذلك شهادة أربعة
أيضا آحاد.
ُب الزًن ،ىذه ً
إ ًذا التأسيس لقبوؿ أخبار اآلحاد وشهاداهتم ىو :أتسيس قرآين ،وىناؾ أدلة متعددة:
مثبل٦- :تن استدؿ هبذه اآلية ابن أيب حاًب الرازي -رٛتو هللا -ورٔتا استدؿ غَته هبذه اآلية- ٔ) منها ً
ۡ ۡ
﴿ َوَما َكا َف ٱل ُم ۡؤِمنُو َف لِيَ ِنفُرواْ َكآفَّةٖۚ فَػلَ ۡوَال نَػ َفَر ِمن ُك ِّل فِ ۡرقَةٖ ِّمنػ ُه ۡم طَآئَِفةٖ لِّيَػتَػ َف َّق ُهواْ ُِب ٱل ِّدي ِن
نذ ُرواْ قَػ ۡوَم ُه ۡم إِ َذا َر َجعُٓواْ إِلَ ۡي ِه ۡم﴾ ،قاؿ لك :الطائفة تشمل الواحد فما فوؽ ،وهللا -سبحانو وتعاذل- ولِي ِ
َُ
اس ُق بِنَػبَإٖ فَػتَػبَػيَّػنُػٓواْ﴾ ىذا ُب ۡ
نذرواْ قَػ ۡومه ۡم إِ َذا رجعواْ إِلَي ِه ۡم﴾ ،وكذلك﴿ :إِف جآء ُك ۡم فَ ِ ِ ِ
ََ َ َ ُٓ يقوؿَ ﴿ :وليُ ُ َ ُ
أف العدؿ يُقبَل خربه. الفاسق ،ومفهوموَّ :
ٕ) وكذلك كاف النيب ﷺ يُرسل إذل األمم يُقيم عليها اٟتُ َّجة ويُبلغها الرسالة أبخبار آحاد ،كما أرسل
يصر ،وكما أرسل إذل اليمن ...إخل. ِ
إذل كسرى ،وكما أرسل إذل قَ َ
ومنٖ) وُب داخل اجملتمع ا١تسلم ُب ا١تدينة كاف ىناؾ اعتبار ألخبار اآلحاد ُب وقت النيب ﷺِ ،
ذلك :خرب ٖتويل القبلة ،حُت أرسل النيب ﷺ أحد أصحابو ليُػبَػلِّغ الصحابة ُب قُباء الذين دل يصلهم
خرب ٖتويل القبلة ،فأرسل إليهم َمن يُبلغهم ا٠ترب ،فتحولوا كما ىم ُب الصبلة نتيجة خرب ذلك الراوي.
ٕٚ
ٍ
صديق لو من الصحابة من األنصار أف يتناواب على النيب ﷺ، ٗ) وكاف عمر -هنع هللا يضر -قد اتفق مع
ففي بعض األايـ يذىب عمر فيُخرب صاحبو ٔتا فاتو من عل ٍم عن النيب ﷺ ،ويفعل اآلخر كفعل
عمر ،وىذا اعتبار ألخبار اآلحاد.
أف خرب اآلحاد يُعتمد ،ودل يكن الصحابة ُب كل ىذه ا١تعاين؛ دل يكن أف ىذه أدلة كافية َّ الحظوا َّ
ىناؾ تفريق ُب كل ذلك بُت العقائد واألحكاـ ،دل يكن يُقاؿ :نقبل منك ىذا ألنو ُحكم ،وال نقبل
أحياًن يقع التَّػثَػبُّت من بعض الصحابة عند بعض اإلخبار الذي ٭تصل منك ىذا ألنو عقيدة ،لكن ً
ِمن بعضهم تَػثَػبُّػتًا واحتياطًا ،والتَّػثَػبُّت واالحتياط دل يػُ َعلَّق على ا١تتواتر ،إ٪تا التَّػثَػبُّت واالحتياط ً
أحياًن أف
آحادا .كخرب عمر هنع هللا يضر وأيب موسى األشعري هنع هللا يضر ،فعمر هنع هللا يضر دل
ظل ً أيٌب ا١تخرب ٔتَن يؤيده ،لكن َّ
يطلب من أيب موسى أف يرفع ا٠ترب إذل درجة ا١تتواتر ،وأف أيٌب لو بعشرة فما فوؽ .وىو نفسو -رضي
أف النيب ﷺ أخذ هللا عنو -قَبِ َل خرب الواحد ال َفرد ،وذلك ُب قصة عبد الرٛتن بن عوؼ وشهادتو َّ
اٞتزية من ٣توس َى َجر.
ٍب قاؿ رٛتو هللا تعاذل -ىنا قاؿ ٚتلة من شريف اٞتُمل ُب (النزىة)" :-وقد يقع فيها -أي ُب أخبار
النظري ابلقرائن على ا١ت ػُختار ،خبلفًا
َّ العلم
اآلحاد ا١تنقسمة إذل :مشهور ،وعزيز ،وغريب -ما يُفيد َ
نظراي ،وىو
١تن أىب ذلك .وا٠تبلؼ يف التحقيق لفظي؛ ألف َمن َج َّوز إطبلؽ العلم قيَّ َده بكونو ً
خص لفظ العلم اب١تتواتر ،وما َع َداه عنده ظٍت ،لكنو
ومن أىب اإلطبلؽ َّاٟتاصل عن االستدالؿَ ،
أرجح ٦تا خبل عنها". َّ
احتف ابلقرائن ُ ال ينفي َّ
أف ما
لفظي أـ ينفيو؟
ىذا التوضيح يؤكد أف ا٠تبلؼ ّ
النظري ابلقرائن ...خبلفًا ١تن أىب ذلك.
ّ نرجع ،يقوؿ اآلف" :وفيها -أي ُب اآلحاد -ما يُفيد العلم
وا٠تبلؼ يف التحقيق -ماذا؟ -لفظي ،أي :ال يوجد خبلؼ بُت القولُت حقيقي ،وإ٪تا ا٠تبلؼ
ماذا؟ لفظي١ .تاذا ا٠تبلؼ لفظي؟ يقوؿ لك :ألف َمن َج َّوز إطبلؽ العلم على ماذا؟ ال ،ليس
ا١تتواتر ،ا١تتواتر كلهم يقولوف يُطلق عليو .ألف َمن َج َّوز إطبلؽ العلم على ماذا؟ على اآلحاد ،ألف
نظراي ،وىو اٟتاصل عن االستدالؿ ،ومن أىب اإلطبلؽ -أي:
من َج َّوز إطبلؽ العلم قيَّ َده بكونو ً
ص لفظ العلم اب١تتواتر ،وما َع َداه عنده ظٍت ،لكنو ال ينفي
من أىب إطبلؽ العلم على اآلحادَ -خ َّ
َّ
احتف ابلقرائن أرجح ٦تا خبل عنها". أف ما
اآلف ىذا التقرير يؤيد أف ا٠تبلؼ لفظي؟ ال ،ىو ما قاؿ لك :واآلخر يقوؿ َّ
أف ما احتف ابلقرائن ّ
احتف ابلقرائن عنده فهو عنده أرجح من غَتىا، َّ أفاد العلم ،إ٪تا قاؿ لك :وإ٪تا اآلخر يؤيد َّ
أف ما
أرجح من غَتىا يعٍت تُفيد العلم؟ ليس ابلضرورة .وابلتارل ىذا التقرير ٭تتاج إذل ٖتقيق ومراجعة.
ٗٚ
القرائن اليت ترفع أخبار اآلحاد إذل القطع واليقُت:
ٔ) ٍب قاؿ -وىذه ا١تسألة غالبًا أختم هبا ،وىي من أىم ا١تسائل -قاؿ" :وا٠ترب ا١تُحتَ ر
ف ابلقرائن
أنواعٌ -ا٠ترب ا١تتواتر أـ اآلحاد؟ اآلحاد ا١تحتَّف ابلقرائن حىت توصلو إذل العلم أو القطع أو اليقُت
ُ
ائن، َّ
أنواعٌ -منها :ما أخرجو الشيخاف يف صحيحيهما٦ ،تا دل يبلغ ا١تتواتر ،فإنو احتفت بو قر ُ
منها :جبللتهما يف ىذا الشأف ،وتق ردمهما يف ٘تييز الصحيح على غَت٫تا ،وتل ِّقي العلماء
لكتابيهما ابلقبوؿ ،وىذا التلقي وحده أقوى يف إفادة العلم من ٣ترد كثرة الطرؽ القاصرة عن
التواتر"
ترجيح"
َ التجاذب بُت مدلوليو ٦تا وقع يف الكتابُت ،حيث ال
ُ االستثناء الثاين :قاؿ" :ؤتا دل يقع
أي ويُستثٌت ِمن األحاديث ا١تقطوع هبا من حيث اليقُت -وإف كانت صحيحة٦ -تا يف
الصحيحُت:
ٔ -إذا كاف انتقدىا أحد اٟتفاظ.
ٕ -إذا وقع التجاذب بُت مدلوليها؛ أي :إذا وقع قدر من التعارض بُت دالالت أو مدلوالت ىذه
األحاديث" ،حيث ال ترجيح" أي :ودل يًتجح أحد الوجهُت ،وىذا موجود بشكل نسيب ،أي :قد
يكوف عند أحد العلماء دل يتبُت لو الًتجيح.
٘ٚ
العلم بصدقهما من غَت ترجيح آخره ،وما عدا ذلكٍب قاؿ" :الستحالة أف يُفيد ا١تتناقةضاف َ
حاصل على تسليم صحتو ،فإف قيل :إ٪تا اتفقوا على وجوب العمل بو ال على صحتو،
ٌ فاإلٚتاع
وسنَ ُد ا١تن ِع٢- :تذا القوؿ و٢تذه الدعوة -أهنم متفقوف
منعناه -ما معٌت منعناه؟ طيب فكروا فيهاَ -
بق للصحيحُت يف ىذا مزيةٌ، ٮترجو الشيخاف؛ فلم يَ َ ص َّح ،ولو دل ّ
على وجوب العمل بكل ما َ
أف ٢تما مزيةً فيما يَرجع إذل نفس الصحة" ً
أيضا ارجعوا إذل ىذا. حاصل على َّ
ٌ واإلٚتاع
ٕ) ٍب قاؿ" :ومنها- :أي :القرائن اليت ترفع اآلحاد إذل القطع واليقُت -ا١تشهور إذا كانت لو طر ٌؽ
النظري :األستاذ أبو منصور
َّ العلم
صرح إبفادتو َ متباينةٌ سا١تةٌ من ضعف الرواة والعلل ،و٦تن َّ
ورؾ ،وغَت٫تا" ،وىذا الذي ٯتكن أف يُسمى ا١تتواتر ابإلطبلؽ البغدادي ،واألستاذ أبو بكر بن فُ َ
العاـ إذا أردًن أف نطابقو على واقع الرواية ،إذا كانت ابلفعل قد توافرت فيو كثرة ىذه الطرؽ أو تعدد
ىذه الطرؽ ا١تشهورة ،أو ١تا وصف اب١تشهور ،توفرت فيها صحة اإلسناد ،والسماع ،واالتصاؿ ،وثقة
اترا ،وما أكثره ُب السنة.
الرواة ،وكذا إذل آخره؛ ارتفع إذل حد اليقُت ،ٯتكن أف تُسمي ىذا متو ً
لسل ابألئمة اٟتَُّفاظ ا١تتقنُت ،حيث ال يكوف غريبًا ،كاٟتديث الذي يرويو أٛتد
س َٖ) "ومنها :ا١تُ َ
مثبل ،ويشاركو فيو غَته عن الشافعي ،ويشاركو فيو غَته عن مالك ،فإنو يفيد العلم
بن حنبلً ،
ٚٙ
عند سامعو ابالستدالؿ من جهة جبللة رواتوَّ ،
وأف فيهم من الصفات البلئقة ا١توجبة للقبوؿ ما
ش َّك ُ
ك". يقوـ مقاـ العدد الكثَت من غَتىم .وال يَػتَ َ
حررة القريبة حقيقةً من واقع الرواية؛ ألف فيما سبق ذكره من كبلـ وىذه األسطر ىي األسطر الػمػُ َّ
عاـ يشًتؾ فيو مع أصوؿ الفقو ومع بعض تقريرات نظري ٌ
اإلماـ ابن حجر -رٛتو هللا -شيءٌ ّّ
و٤تََّرٌر ،ومنها ىذا الكبلـ.
متصل بواقع الرواية ُ
ٌ الكبلمية العامة ،وفيو شيءٌ
لس ًبل
أف من القرائن اليت ترفع أخبار اآلحاد إذل القطع واليقُت أف يكوف ُم َس َ يقوؿ لك بعد أف ذكر َّ
ك َمن لو أدىن ٦تارسة ابلعلم وأخبار الناس َّ
أف ش َّك ُ
ابٟتَُّفاظ وال يكوف غريبًا ،قاؿ لك" :وال يَػتَ َ
مثبل ،لو شافهو ٓت ٍرب أنو صاد ٌؽ فيو ،فإذا انةضاؼ إليو َمن ىو يف تلك الدرجة ازداد قوةً،
مال ًكاً ،
العلم بصدؽ ا٠ترب منها صل ُ شى عليو من السهو .وىذه األنواع اليت ذكرانىا ال َ٭ت ُ وبَػعُ َد عن ما ُٮت َ
ِ ِ ِ
ص ُل لو إال للعا ِدل ابٟتديث ا١تُتَػبَ ّحر فيو العارؼ أبحواؿ الرواة ،ا١تُطَّل ِع على العلل .وَكو ُف غَته ال َ٭ت ُ
للمتَػبَ ِّحر
العلم بصدؽ ذلك -لقصوره عن األوصاؼ ا١تذكورة اليت ذكرًنىا -ال ينفي حصوؿ العلم ُ
ِ
ُ
ا١تذكور" وهللا أعلم .كبلـ ُب العارل!
ص ابلصحيحُت، صل األنواع الثبلثة اليت ذكرانىا -أي :القرائن الثبلثةَّ -
أف :األوؿَ :ٮتت ر "و٤ت َّ
قاؿُ :
ٍ
حديث واحد، وٯتكن اجتماع الثبلثة يف
والثاينٔ :تا لو طر ٌؽ متعددة ،والثالثٔ :تا رواه األئمةُ .
وال يَبعُ ُد حينئذ القطع بصدقو" ،بل ً
قطعا يُقطع بصدقو.
هبذا يكوف قد ًب عرض ما يتعلق بقضية ا١تتواتر واآلحاد ،وىي أوؿ مسألة ُب الكتاب ،وىي من
ا١تسائل الصعبة؛ خاصةً ١تن أراد أف ُ٭تَِّرر القوؿ فيها ،ويَػ ُفك االلتباس بُت األوصاؼ النظرية وبُت
اٟتُكم ا١تًتتب عليها ،وبُت التقريرات النظرية وبُت الواقع العملي ا١توجود ُب الرواية ،ويفرز بُت طبيعة
استعماؿ ىذا ا١تصطلح ُب السابق وما طرأ عليو من مفاىيم ُب البلحق .ىذا فيو قدر من الصعوبة،
وما بقي من ا١تسائل التالية ىي أسهل منو إف شاء هللا.
أسأؿ هللا سبحانو وتعاذل أف يبارؾ لنا ولكم ،وأف يتقبل منا ومنكمِّ ،
وصل اللهم على نبينا دمحم وعلى
آلو وصحبو أٚتعُت.
ٚٚ
احملاضرة الرابعة:
ا١تقدمة:
ٚٛ
جيدا .اآلف أخذًن ثبلثة دروس كلها ُب ا١تتواتر واآلحاد فقط ،ودرس اليوـ رّٔتا
أف نفهم ا١تصطلح ً
اتبعا للمتواتر واآلحاد وإف كاف يتعلّق ّتزء من اآلحاد ،وىو الغريب.
يكوف ً
فا١تراجعة حىت ٩ترج بثمرة٨ ،تن اآلف ُب الدروس السابقة تكلمنا عن ا١تتواتر ،وما يذكر من شروط
مهمة ٬تب أف تُفهم بشكل جيد ،قضية إفادة ا١تتواتر
ا١تتواتر ىل تتوافق مع الرواية أـ ال؟ ىذه مسألة ّ
وحجيتها ىذهمهمة ،أحاديث اآلحاد ّ
جدا ّ واآلحاد للعلم أو الظن والتفصيل ُب ىذا ،ىذه القضية ً
قسم على شكل مواضيع أساسية ،ويتفرع عنها فروع مهمة .يعٍت ٦تكن الدروس ا١تاضية تُ ّ
أيضا مسألة ّ
ً
رئيسية.
الغرابة يف النخبة:
ابن حجر رٛتو هللا ُب (النُّخبَة)ٍ" :ب الغرابة إما أف تكوف يف أصل
نكمل من حيث توقفنا ،قاؿ ُ
السند أو ال ،فاألوؿ -أي ُب أصل السند -الفرد ا١تطلق ،والثاين :الفرد النسيب ويقل إطبل ُؽ
الفردية عليو" .سطراف فقط ُب (النخبة)٥ ،تتصرة ً
جدا.
ماذا يريد أف يقوؿ ُب ىذين السطرين؟ -فقط اآلف توضيح لكبلمو -كم مسألة ذكر ُب السطرين؟
نستطيع أف نقوؿ أهنما مسألتاف:
احدا ،وإ٪تا قد تكوف ُب صورة معينة؛ وىي أف تكوف ُب ٔ) ا١تسألة األوذل :أف الغرابة ليست ً
نوعا و ً
أصل اإلسناد ،أو أف تكوف ُب صورة نسبية ،صيغة صورة معينة أخرى؛ فاألوذل :تفرد مطلق ،والثانية:
تفرد نسيب.
"يقل إطبلؽ الفرديةُ عليو"
ٕ) ا١تسألة الثانية :متعلقة ابلصورة الثانية اليت ىي :الفرد النسيب ،قاؿّ :
أي :ال يطلقوف عليو فرد ،بل يطلقوف عليو غريب؛ ألنو ىو بدأ من الغرابة.
فهو ىنا يتحدث عن الغرابة ،وذكر نوعُت منها ،وذكر أف النوع الثاين يقل إطبلؽ اسم الفرديّة عليو،
إذف يبقى لو االسم العاـ الذي ىو الغريب.
ٜٚ
الغرابة يف النزىة:
ُّزىة) ليكوف التوضيح والشرح ،أًن أحب أف أُفرد منت (النُّخبَة) حىت نتصور حُت ٩ترج ننتقل إذل (الن َ
ُّزىة).
من الدروس إبذف هللا يكوف ُب ذىن حاضر الدرس تصور لطريقة (النُّخبَة) ،وتصور لطريقة (الن َ
ُّزىة).
اآلف الحظوا ىذاف السطرين الذين قُرآ اآلف ُب كم سيُعلّق عليهما ابن حجر ُب (الن َ
نوعي الغرابة:
قاؿٍ" :ب الغرابة إما أف تكوف يف أصل السند؛ أي :يف ا١توضع الذي يدور اإلسناد عليو ويرجع،
ولو تعددت الطرؽ إليو ،وىو طرفو الذي فيو الصحايب" .أصل السند من جهة الصحايب ،الطرؽ
مدار اإلسناد؛ الغرابة -أي التفرد -إما أف ٕتتمع عند را ٍو ،ىذا الراوي إذا اجتمعت ُ
الطرؽ إليو ىو ُ
فردا مطل ًقا.
سمى ً
يكوف ُب مدار اإلسناد ،فهذا يُ َّ
قاؿ" :أو ال يكوف كذلك أبف يكوف التفرد يف أثنائو ،كأف يرويو عن الصحايب أكثر من واحد ٍب
مثاال عليو...والثاين
شخص واحد؛ فاألوؿ :الفرد ا١تطلق ...وذكر ً ينفرد بروايتو عن ٍ
واحد منهم
ٌ
الفرد النسيب".
مثاؿ :حديث يرويو الزىري عن أنس عن النيب ﷺ .يرويو عن الزىري :مالك ،وابن عُيينةَ ،
ومعمر،
فردا مطل ًقا؛ ألف
سمى ً
ويونس ،مدار اإلسناد :ىو الزىري؛ ألف الطرؽ اجتمعت عنده؛ ،ىذا يُ َّ
التفرد حصل عند مدار اإلسناد وعند أصلو من جهة الصحايب.
َ
إسحاؽ بن عبد هللا بن أيب طلحة ،ورواه عن إسحاؽ :مالك ،ىنا
ُ إذا روى ىذا اٟتديث عن ٍ
أنس
تفرد عن أنس؟ دل يتفرد عن أنس ،من رواه مع إسحاؽ؟ مالك تفرد عن إسحاؽ ،إسحاؽ ىل َّ
تفرد نسيب؛ ألنو ليس تفرد مطلق أـ نسيب؟ َّ التفرد َّ
تفرد مالك ىنا ،ىل ىذا َّالزىري ،اآلف عندًن َّ
تفردا يف مدار اإلسناد؛ ألف إسحاؽ ليس مدار اإلسناد ،وإ٪تا اٟتديث ُرِوي من طرؽ متعددة، ً
تفرد ،وىو ُب تفرد مالك عن إسحاؽ .ىذا ىو التفرد ا١تطلق والتفرد النسيب.
وحصل ُب جزء منها ٌ
ٓٛ
اآلف ىذا توضيح لكبلـ ابن حجرٍ ،بَّ سنرى ما األشياء العمليّة اليت هتُ ُّمنا ،وما األشياء ا١تتعلّقة
ُّزىة) فقط ،وإّ٪تا قد تكوف ىناؾ بتطبيقات ا١تتقدمُت من ا﵀ ّدثُت ،يعٍت أقصد لن نكتفي بتوضيح (الن َ
أشياء أقرب إذل الناحية العمليّة.
١تاذا قلنا إف (مسند البزار) و(معجم الطرباين) ألجل ما فيهما من األفراد نقصت قيمتهما؟ ألف
فردا يكوف أكثر عرضة
اٟتديث ً
ُ فردا ،وكلما كاف
ا١تستحسن عند أىل اٟتديث ًأال يكوف اٟتديث ً
للضعف من غَته.
تفرد الثقات:
مسألة ّ
القبوؿ،
األصل فيو ُ
ُ تفرد الثقات فيو تفصيل،
تفرد الثقات كلو مقبوؿَّ ،
طبعا ال نستطيع أف نقوؿ أف ًَّ
بعض القرائن ُب أحاديث األفراد ٕتعلهم يردوهنا أو يتوقفوف فيها ،ال أٖتدث عن
ولكن قد تكوف ُ
أحاديث األفراد الثقات ا١تتصلة اليت ليس فيها انقطاع وليس فيها را ٍو متوسط؛ قد
ُ العلل الظاىرة،
جدا ،أًن ترددت حقيقةً ىل أذكر ىذه القضية ىنا ُب
بعضها فَتدوهنا٢ ،تم معايَت دقيقة ً
يستنكروف َ
ٔٛ
الغرابة ،أو أذكرىا ُب ا١تنكر؛ ألف أحاديث الفرد لو أخذًنىا ابلتفصيل ،فالتفصيل فيها طويل لكنو
جدا٦ ،تتع من جهة أنو يطلعك على دقة ا﵀دثُت.٦تتع ً
وىذا من األبواب اليت حصل فيها تغيّػٌر مع الوقتٔ ،تعٌت أف ا﵀دثُت القدماء كانوا يشددوف ُب التفرد،
النقدي
ُّ اٟتس
ف ىذا ُّ وينظروف ُب قرائن كثَتة للحكم على اٟتديث الفرد ،بينما ُب قروف متأخرة َخ َّ
ألحاديث األفراد فصار اٟتكم ابلظواىر ،ثقة عن ثقة عن ثقة :صحيح ،صدوؽ عن صدوؽ عن
مثبل صدوؽ يتفرد ً
صدوؽ :حسن ،ودل يكن ىذا األمر هبذه الظاىرية عند ا﵀دثُت األوائل ،وإ٪تا قد ّ
عن ثقة عن ثقة ،ويقوؿ لك منكر ،وأبو زرعة حكم على حديث تفرد بو بقيّة بن الوليد عن عبيد
هللا بن عمر عن ًنفع؛ فقاؿ منكر ،اٟتديث ليس فيو را ٍو ضعيف ،بقيّة ليس ضعيف بل صدوؽ،
فقاؿ لو ابن أيب حاًب -ىذا ُب كتاب العلل" :-تعرؼ لو علة؟" قاؿ :ال١ .تاذا؟ ألف بقيّة ال ٭تتمل أف
يتفرد عن عبيد هللا بن عمر ،أوؿ شيء بقيّة شامي ،وعبيد هللا مدين وىو من أكرب الثقات ولو تبلميذ
ُكثر وال أحد منهم روى ىذا اٟتديثٍ ،ب ىذا اإلسناد عبيد هللا عن ًنفع عن ابن عمر من أصح
األسانيد ،ما يرويو إال بقيّة الذي ىو صدوؽ وشامي وال يرويو أح ٌد من أصحاب عبيد هللا بن عمر؟!
يستنكره؛ ولذلك ال نستغرب اآلف حُت ٧تد اختبلفًا بُت ا﵀دثُت يقوؿ
َ ال ،ىنا شيء يدعو الناقد أف
مثبل أعلّو الدارقطٍت وصححو فبلف وفبلف من ا١تتأخرين ،فيأتك شخص ويقوؿ لك حديث ً
ٌ لك ىذا
خبلص أنخذ حكم ىذا ما شاء هللا صححو اثنُت ،ثبلثة! ال ،القضية ليست ىكذا ،القضية نعرؼ
أمرا منهجيًا مثل ىذا ،فيكوف اٟتكم مع األدؽ ُب ىذا سبب ا٠تبلؼ ً سبب ا٠تبلؼ ١تا ىو؟ إذا كاف ُ
اٟتكم ا١تنهجي ،وا١تتق ّدموف ىم األصل ُب ىذا األمر.
ٕٛ
ٕ) الفرد النسيب:
معُت ،وإف كاف ٍ
شخص ّ ٍب قاؿ" :الفرد النسيبُِٝ :تّي بذلك؛ لكوف التفرد فيو حصل ابلنسبة إذل
مشهورا ،ويق رل إطبلؽ الفردية عليو" .ىذه العبارة األخَتة ُب (النُّخبة) ،أدركنا
ً اٟتديث يف نفسو
ُ
ذلك اآلف ألننا قرأًن (النُّخبة) ،ويوجد طبعات أخرى تضع لك ىذه العبارات بُت قوسُت ،وىذا
كامبل ُب الشرح ،وكأنو ٮتيط (النُّخبة)
ُّزىة) أف يذؾ منت (النُّخبة) ً
تعمد ُب (الن َ
أفضل ألف ابن حجر ّ
ويطرزهُ ابلشرح.
كامبل ّخياطةً فيذكر النَّص ً
قاؿ" :ويق رل إطبلؽ الفردية عليو" ،يقصد النسيب ،يعٍت نفهم من كبلمو أننا إذا ٝتعنا أو قرأًن ألحد
يقل
فردا مطل ًقا؛ ألنو قاؿّ :حديث فرد" ،فاألصل وا١تتبادر للذىن أف يكوف ً
ٌ ا﵀دثُت يقوؿ" :ىذا
إطبلؽ الفردية على النسيب.
و"تفرد":
الفرؽ بُت استعماؿ األٝتاء "غريب" و"فرد" واألفعاؿ ا١تشتقة "أغرب" ّ
واصطبلحاّ ،إال أف أىل االصطبلح غايروا بينهما من
ً قاؿ" :ألف الغريب والفرد مًتادفاف لغة
حيث كثرة االستعماؿ وقلتو .فالفرد أكثر ما يطلقونو على الفرد ا١تطلق ،والغريب أكثر ما
استعما٢تم
ُ يطلقونو على الفرد النسيب ،وىذا من حيث إطبلؽ االسم عليهما .وأما من حيث
تفرد بو فبلف ،أو أغرب بو فبلف".
الفعل ا١تشتق فبل يفرقوف ،فيقولوف يف ا١تطلق والنسيبَّ :
َ
ب" ىذه
أغر َ
تفر َد" و" َ
اآلف عندًن لفظ "فرد" ولفظ "غريب" ،ىذه أٝتاء أو أفعاؿ؟ أٝتاء .لفظ " َّ
أفعاؿ .يقوؿ" :فالفرد أكثر ما يطلقونو على الفرد ا١تطلق" ،إذا قالوا :ىذا حديث فرد -اسم-
فأكثر ما يطلقونو على الفرد ا١تطلق ،وإذا قالوا :ىذا حديث غريب ،أكثر ما يطلقونو على الفرد
يفرقوف بُت ا١تطلق وبُت النسيب" ،الالنسيب .قاؿ" :وأما من حيث استعماؿ الفعل ا١تشتق فبل ّ
ب ُب الداللة على التفرد ا١تطلق والتفرد النسيب .ىذا الكبلـ من حيث استعماؿ
أغر َ
تفرد و َيفرقوف بُت َّ
يدا من التفصيل ،ليس فقط هبذا اإلٚتاع ،وليس فقط هبذه اٟت ّدية اليت ذكرىا ابن
ا١تتقدمُت ٭تتاج مز ً
حجر رٛتو هللا١ .تاذا؟
ٖٛ
أوال األقرب لواقع الرواية ُب كتب ا١تتقدمُت أف نقوؿ إف أكثر ما يستعملوف من االٝتُت -دعوًن من
ً
تب ا١تتقدمُت ٕتدىم يستعملوف لفظ
ت ُك َجرْد َ
األفعاؿ اآلف -ىو مصطلح «الغريب»ٔ ،تعٌت لو َ
«غريب» للداللة على التفرد -ا١تطلق والنسيب -أكثر من استعما٢تم لفظ «الفرد».
قليبل ما ٕتد
كثَتا إذا قرأت كتب ا١تتقدمُت ٚتلة "ىذا حديث فرد"ً ، بصورة أوضح لن ٯتر عليك ً
ا١تتق ّدمُت يقولوا :ىذا حديث فرد هبذا اإلطبلؽ .إذف التقسيم األقرب أف نقوؿ إهنم يستعملوف كلمة
«غريب» -اسم -للداللة على اللفظُت ،ا١تطلق والنسيب ،أكثر من استعما٢تم «الفرد» ،ولكن إذا
استعملوا كلمة «فرد» فإنو ُب األكثر يُراد بو ا١تطلق.
تفرد»،
أيضا نفس الكبلـ السابق ،ولكن ابلعكس ،أكثر ما يستعملوف األفعاؿ ُب كلمة « َّ
ُب الفعل ً
ب» ُب كتب أغر َ
تفرد» بلفظ فعل « َويطلقوهنا على ا١تطلق وعلى النسيب .وإذا قارنت لفظ فعل « َّ
وقليبل ما يستعملوف
تفرد» ً شاسعا بُت اللفظُت ،فأكثر ما يستعملوف « َّ
ً بوًن
ا١تتقدمُت ،ستجد ً
ب». أغر َ
« َ
ب» يستعمل بشكل ظاىر ُب صورة دقيقة وىي :صورة ما ىناؾ ملحظٌ :ىذا االستعماؿ لفعل « َ
أغر َ
حديث ليس عند اآلخر ،فيقوؿ :أغرب عليو فبلف ،يعٍت
ٌ لو كاف ىناؾ ٤تداثف ،فيكوف عند أحد٫تا
أيضا أكثر ما تُطلق ُب األحاديث الغريبة اليت ليست
أصبل .ىذه ً ٍ
ْتديث ،وغالبًا ما يكوف غريبًا ً أتى
علي؟ ٔتعٌت أف عنده كل ِ
مثبل قد يقوؿ قائل من بعض ا﵀دثُت :من يستطيع أف يُغرب ّ مشهورةٔ ،تعٌت ً
الرواايت ،فيأٌب ٤تدث آخر فيأتيو برواية ليست مشهورة وليست عنده ،فيقاؿ أغرب عليو فبلف.
ا٠تبلصة :حىت نكوف أقرب لواقع الرواية -ىذا ضابطنا ُب الدرس -أف أكثر ما سنجده من اصطبلح
تفرد بو فبلف.
األٝتاء ىو كلمة :غريب .وأكثر ما ٧تده من اصطبلح األفعاؿّ :
ٗٛ
استطراد حوؿ ا١تنقطع وا١ترسل:
ابن حجر ،واستطرد :أي ذكر صورة مشاهبة للتقسيم الذي ذكرهُ ُب الفرؽ بُت األٝتاء اآلف استطرد ُ
أبدا ،وإ٪تا ذكرىا
واألفعاؿ ُب ا١تصطلحات ،فأٌب بصورة مشاهبة ليس ٢تا عبلقة بباب الغريب والفرد ً
من ابب ذكر النظائر ،يعٍت ُىنا ذكر صورة اشتبهت على بعض الناس وكاف سبب ىذا االشتباه ُ-ب
نظر ابن حجر -ىو أهنم دل يفرقوا بُت االسم والفعل ،فهو اآلف سيذكر صورة أخرى ُب ابب
اصطبلحي آخر من أبواب اٟتديث ،واٞتامع ا١تشًتؾ بُت ىذه الصورة األخرى وبُت ىذه الصورة ليس
ا١توضوع أو الباب اٟتديثي وإ٪تا الصورة العامة أو الفكرة أو طريقة تركيب الصورة.
يب من ىذا اختبلفهم يف ا١تنقطع وا١ترسل؛ ىل ٫تا متغايراف أو ماىي ىذه القةضية؟ قاؿ" :وقر ٌ
ال" .اآلف سنذكر كبلـ ابن حجر وسنشرحوٍ ،ب نذكر بعض التع ّقبات أو األشياء اليت تكوف أقرب إذل
واقع الرواية ُب بعض الصور أو التفاصيل.
ٛٙ
مثبل أٛتد عن قتيبة،
أف ا﵀دثُت يستعملوف االسم ىذا «مرسل» على صورة االنقطاع اليت ذكرًنىاً ،
واألمثلة على ذلك كثَتة.
أمثلة من كتب ا١تراسيل:
بل وىناؾ كتب ابسم ا١تراسيل ،وفيها أشياء كثَتة منقطعة ليست على وجو رفع التابعي عن النيب ﷺ،
ومن أشهرىا( :ا١تراسيل) البن أيب حاًب.
مثاؿ :حسنًا ننظر ُ-ب كتاب ا١تراسيل البن أيب حاًب -أوؿ مثاؿ ُٮتالف ىذا ،يقوؿ ابن أيب حاًب:
الرازي ،تق ّدـ معنا أنو من أئمة اٟت ّفاظ ا١تتق ّدمُت -يقوؿ :سادلٌ أبو النضر عن
"ٝتعت أيب -أبو حاًب ّ
عثماف بن أيب العاص مرسل" .ىذا االنقطاع بُت من ومن؟ ىنا ال يوجد ذكر النيب ﷺ! وا١تراسيل ال
بد ىنا أف يكوف فيها ذكر الرسوؿ ﷺ ،اتبعي عن الرسوؿ ﷺ ،اتبعي يقوؿ :قاؿ رسوؿ هللا ﷺ ،من
بُت التابعي والرسوؿ ﷺ ال نعلمو .لكن ىنا االنقطاع ليس بُت التابعي والرسوؿ ﷺ ،االنقطاع بُت
التابعي والصحايبٔ ،تعٌت لو أردًن أف أنخذ بتقرير ابن حجر فسنقوؿ عن ىذه الصورة :منقطعة ،ال
الرازي ماذا يقوؿ؟ «مرسل» اب١تصطلح.
نقوؿ مرسل ،بينما ىنا أبو حاًب ّ
حىت نكوف عمليُت ونذكر اإلشكاؿ اٟتقيقي ..يعٍت قد يقوؿ قائل١ :تاذا ال تعلّق على (النُّزىة)
وتكتفي ،وال تذكر أشياء فيها تع ّقب؟ ألنو لو أخذًن اب١تعاين ،دوف أف نذكر ا١تعاين األخرى -اليت دل
تفصيبل من
ً ابن حجر ،أو األشياء اليت قد يكوف الواقع ُب الكتب توجد صور أكثر دقّةً أو يذكرىا ُ
اليت ذكرىا -ستقع ُب ىذا اإلشكاؿ ،يعٍت أنت طالب حديث مرشح أف تقرأ ىذا الكتاب؛ ألنو من
ا١ترسل ىو الذي يكوف فيو
َ أسهل الكتب؛ فحُت تقف على ىذا ا١توضع ستقوؿ :كيف! أف أعرؼ أف
االنقطاع بُت التابعي وبُت النيب ﷺ ،فكيف أجد ُب ىذا الكتاب الذي ىو من أشهر الكتب
متحمسا -مثل بعض ٤تققي الكتب اآلف-
ً الشخص
ُ اٟتديثية صورة ٗتالف ىذه الصورة؟ فإذا كاف
ٛٚ
وض ّمنو
مؤداب مع أيب حاًب سيقوؿ مراسيل اسم عاـ َ
سيقوؿ لك :أخطأ أبو حاًب! وإذا كاف ً
صدوؽ -علي بن ا١تديٍت يقوؿ عنو:
مثبل حديث يكوف فيو ُ منقطعات .وبعضهم ابلفعل تع ّقبً ،
فبلًن وقاؿ عنو ابن حجر ُب (التقريب):
وإ٪تا حسن؛ ألف فيو ً صحيحا َّ
ً صحيح -فيقوؿ ليس
أبدا مع واقع اٟتديث.
قمة الظاىرية غَت ا١تناسبة ً
طبعا ىذا ّ
صدوؽ! ً
ك عن كتب ٘تاما؛ ألنك ال تستطيع أف تن َف ّ مشاحة ُب االصطبلح" ليست منطبق ىنا ً ّ ٚتلة "ال
ا١تتقدمُت .ىذا التعليل األوؿ ليس ىو التعليل ا١توافق لكل ا١تسألة ،التعليل ا١تباشر وا١توافق لكل ا١تسألة
ىو :أف ابن حجر يقوؿ (نزىة النظر ُب توضح ٩تبة الفكر ُب مصطلح أىل األثر) ،ال يقوؿ مصطلح
كل ما فيو ىو من اصطبلح أىل ابن حجر ،فأنت حُت تقرأ ُب ىذا الكتاب األصل أف تعتقد أف ّ
ورا دل
صً األثر ،فإذا قرأت ىناؾ ستجد بعض االصطبلحات ٗتالف بعض التقريرات ىنا ،أو تذكر ُ
تُذكر ىنا! فيقع اإلشكاؿ واالضطراب.
ٛٛ
اٟتديث
َ فصح َح
وبعضهم يقوؿ أف األلباين رٛتو هللا اطّلع على أسانيد دل يطلع عليها ا١تتقدموفَّ ،
استيعااب للطرؽ ،ولكن زايدة
ً ٔتجموع الطرؽ! وىذا االدعاء غَت صحيح؛ ألف ا١تتقدمُت كانوا أكثر
طريق ُب اٟتديث ليس ىذا ٔتجرده كافيًا ُب التصحيح ،بل ُب بعض األحياف كلما ازداد اٟتديث طرقًا
دؿ على ٍ
خطأ فيو .أًن ال أحب التعميم ىذا ،أف أقوؿ ا١تتأخرين كذا كلما اكتشفوا خطأه أكثر أو َّ
مثبل ابن
وا١تتقدمُت كذا؛ ألف ابلفعل ىناؾ تفاوت ،بل حىت اإلماـ الواحد نفسو ٕتده ُب موضعً ..
مثبل قولو" :وأعلّو أبو حاًب ابلوقف" ،يعٍت قد يكوف
حجر ُب (بلوغ ا١تراـ) ينقل تعليبلت ا١تتقدمُتً ،
اٟتديث ظاىر إسناده ثقات فيعلّو ،فينقل عن ا١تتقدمُت ويسكت ،كأنو يعظّم ىذا النقل ويرى أنو ىو
اٟتكم ُب مثل ىذه ا١تسألة .وابن حجر نفسو ُب (النُكت على ابن الصبلح) لو ٖتريرات حديثية
نفيسة جدِّا على طريقة ا١تتقدمُت ،بينما ُب (النُّخبَة) ماؿ إذل نوع من الًتتيب ليس ىو األكمل ُب
بياف اصطبلح أىل األثر.
مثاؿ آخر :من مراسيل ابن أيب حاًب" :قاؿ أبو زرعة ً -
أوال أبو حاًب واآلف أبو زرعة وىو من أئمة
الكبار :-سادل بن أيب اٞتعد ،عن عمر وعثماف وعلي :مرسل" .أطلق مرسل -االسم -على ا﵀ ِّدثُت ِ
اتبعي
انقطاعا بُت ٍّ
ً ما يصح فيو لفظ منقطع؛ ألف االنقطاع ىنا بُت سادل بن أيب اٞتعد وبُت عمر ليس
وبُت النيب ﷺ ومع ذلك قاؿ عنو مرسل.
ةضا (ا١تراسيل) أليب داود ،وىو كتاب معروؼ ومشهور ،ما الفرؽ بينو وبُت (ا١تراسيل) البن أيبأي ً
حاًب؟ (ا١تراسيل) البن أيب حاًب يتكلم فيو ليس عن رواايت ،عن أحاديث ومتوفَّ ،
وإ٪تا يتكلم فيو عن
انقطاعات بُت الرواة ،فيسأؿ أابه -أبو حاًب -فبلـ عن فبلف ،فيقوؿ لو :مرسل ،منقطع وىكذا ،ال
ٍ
لشيء عارض .-ىنا ُب (ا١تراسيل) أليب داود العكس ،ىنا ا١تراسيل متوًن لؤلحاديث -إال
ٕتد ىنا ً
ُ
كلها متوف ،ا١تتوف ا١ترسلة ،األحاديث اليت عن النيب ﷺ وىي مرسلة .ذكر فيو تقريبًا ٓٓ٘ مرسل.
بعض األحاديث ا١ترسلة اليت ىنا سبب إدراج أيب داود -صاحب السنن -للحديث ُب كتاب
ضها يكوف االنقطاعُ نفس الذي(ا١تراسيل)؛ ليس ألنو من مرفوع التابعي إذل النيب ﷺ ،وإ٪تا ُب بع ِ
ذكره ابن أيب حاًب بُت التابعي وبُت الصحايب.
ٜٛ
مثبلُ :ب اٟتديث السابع واألربعوف قاؿ" :حدثنا موسى بن إٝتاعيل ،قاؿ :حدثنا ٛتاد وابن سلمة
ً
رجل من بٍت عدي بن ٍ
كعب ،أهنم دخلوا على النيب برد أيب العبلء ،عن سليماف بن موسى ،عن ٍ عن ٍ
عقرب"ٍ ،ب قاؿ" :إذا وجد
ٌ جالسا ،فقالوا :ما شأنك اي رسوؿ هللا؟ فقاؿ" :لسعتٍت
ﷺ وىو يصلي ً
العدوي ىذا". ِ
أح ُدكم عقرًاب وىو يصلّي فليقتلها بنعلو اليسرى" .قاؿ أبو داود :سليماف دل يدرؾ َ
عدي،
رجل من بٍت ّ العدوي الذي ىو الصحايبٌ ، الراوي الذي ىو سليماف بن موسى دل يدرؾ َ
مرسبل هبذا االعتبار ،وإ٪تا دل
رجل من بٍت عدي .سليماف ليس دل يدرؾ النيب ﷺ فيكوف ً
العدوي أي ٌ
يدرؾ الصحايب؛ إذف االنقطاع بُت اتبع التابعي وبُت الصحايب ،ومع ذلك أدرجو أبو داود ُب اسم
ا١تراسيل.
السنن :قاؿ عن اٟتديث ا١تشهور الذي قاؿ فيو الرسوؿ ﷺ -هبذا اإلسناد ال
وأبو داود نفسو ُب ُّ
يصح" :-اي أٝتاء ،إف ا١ترأة إذا بلغت ا﵀يض دل يصلح أف يبدو منها إال ىذا وىذا .وأشار إذل
الوجو والكفُت" .قاؿ أبو داود" :ىذا حديث مرسل -ىكذا ابلنّص -خالد بن ُدريك دل يدرؾ
عائشة" .االنقطاع ليس بُت التابعي وبُت الرسوؿ ﷺ.
ٜٓ
التفرد ُب لفظة من األلفاظ تفرد هبا را ٍو من بُت اآلخرين؛ فيُقاؿ :غريب .يعٍت إذا أراد
بل وقد يكوف ُ
أف ٭تكم على اٟتديث من جهة الراوي الذي تفرد ابللفظة؛ قد يُقاؿ :ىذا حديث غريب .وا١تقصود
مثبل :صحيح أو شيء ٍب يتكلم عن اللّفظة. أف ىذه اللفظة غريبة .وإذا أتى للحديث نفسو قد يقوؿ ً
على حسب السياؽ يعٍت ليس ىناؾ شيء صارـ ُب ىذه القضية.
مثبل
حديث يُستغرب لزايدة تكوف ُب متنو" .وضرب ً ٍ بور َّ
وأشار ٢تذا الًتمذي ُب (العلل) ،قاؿُ " :
كل حر أو عبد ذكر أو برواية مالك" :فرض رسوؿ هللا ﷺ زكاة الفطر من رمضاف على الناس ِّ
ظن بعض ا﵀دثُت أف مالك تفرد هبا. أنثى من ا١تسلمُت"" .من ا١تسلمُت" :زايدة مالك .ىذه زايدة َّ
ىو ذكر ُب (العلل) ىذا ا١تثاؿ ،لكن ىل ىو ذكره على ىذه الصورة؟ أظن.
الغرابة بُت الوصف واٟتُكم:
أيضا من األشياء اليت ٬تب أف يُنبّو عليها ُب موضوع الغريب قبل أف نقرأ مقدمة ابن الصبلح ،وىذا
ً
شيء عملي ومهم .أبدأه بسؤاؿ:
حكما على اٟتديث؟
ىل قو٢تم :ىذا حديث غريب ،ىو وصف ٣ترد أـ وصف متةضمن ً
وحكم؟ حكم يعٍت
ٌ وصف
ٌ ٨تن نسأؿ عن الغرابة ُب ح ّد ذاهتا ،كلمة غريب نفسها ىل ىي وصف أـ
حديث غريب" فمعٌت
ٌ وصف ابلتفرد ،يعٍت حُت تقرأ "ىذا
ٌ حكم ابلصحة ،ابلضعف ،ابلقوة .ىي
صحيحا وقد يكوف ضعي ًفا .ىذا األكثر ،وبعض األحياف تُستعملً تفرداٍ ،ب قد يكوف
ذلك أف فيو ً
«غريب» وصف وحكم ُ-ب ح ِّد ذاهتا -ابلضعف .فالًتمذي رٛتو هللا أكثر استعماالتو إف دل يكن
ٖترًزا فقطُ -ب سنن الًتمذي ،إذا قاؿ :ىذا حديث غريب ،فقط وحده؛ فمعٌت ٚتيع -أقوؿ أكثر ّ
ذلك أنو ضعيف .إذا أفرد كلمة «غريب»ٔ ..تعٌت ٕتد ُب الًتمذي األحاديث اليت ضع ُفها شديد،
مثبل يقوؿ :فيو فبلف وىو ضعيف عند أىل اٟتديث. ويقوؿ لك :ىذا حديث غريبٍ ،ب يذكر العلّةً ،
ولكن ىو يقوؿ :غريب.
ٜٔ
حكما ُب بعض األحياف أو عند بعض
فاألصل ُب كلمة «غريب» أهنا تفيد وص ًفا ،ولكن قد يتضمن ً
حكما ٍ
وبشكل عاـ نستطيع أف نقوؿ أف كلمة «غريب» مطل ًقا تتضمن حكم خفيف ،ليس ً ا﵀دثُت.
ابلضعف ،وإ٪تا بشكل عاـ األحاديث الغرائب ىي أقل درجة من ا١تشاىَت.
حكما
وصف ٣ترد ولكنو قد يتضمن ًٌ إذف نستطيع أف نقوؿ أف مصطلح «غريب» إما أف نقوؿ إنو
عاما أبنو ُب درجة أقل من
حكما ِّ يتضمن أصبل
ً ابلفعل إنو نقوؿ أف وإما ثُت،دعند بعض ا﵀ ِّ
ً
صحيحا.
ً ا١تشاىَت وإف كاف
أبو داود -صاحب السننُ -ب رسالتو ا١تشهورة ألىل مكة ،ذكر فيها منهجو ُب الكتابٍ ،ب ذكر أف
ذـ الغريب .إذف من الواضح أف ىذا
أحاديثو ُب الكتاب مشاىَت ،قاؿ" :والفخر هبا أهنا مشاىَت"ٍ .ب َّ
حكما ابلضعف؛ أي :أنو ال ٭تتج
نوعا من اٟتكم وإف كاف ليس ً الذـ وتعليقو ابسم الغرابة يتضمن ً
بو ،مع أف بعض ا﵀ ِّدثُت أطلق ىذا ،ولكنها ليست هبذا اإلطبلؽ العاـ.
اشًتاؾ ابب الغرابة مع ابب النكارة والشذوذ:
أيضا من األشياء اليت نسيت أف أذكرىا :أف ىذا الباب ،ابب الغرابة ،فيو اشًتاؾ مع األبواب اٟتديثية
ً
األخرى .ابن حجر ذكر اشًتا ًكا للغرابة مع مصطلح آخر الذي ىو «الفرد» ،وذكر٫تا ُب مكاف واحد
وذكر اشًتا ًكا بينهما .ىناؾ ألفاظ أخرى دل تذكر ىنا فيها اشًتاؾ مع لفظ الغريب ُب بعض الوجوه
وبعض الصور ،أو لنقل أف بينهما ما يدعو للتّنبو للفرز بُت الصور اليت تتقارب ،مثل :ا١تنكر والشاذ،
فإف بعض صور ا١تنكر مرتبطة بقضية التفرد ،وبعض صور الشاذ مرتبطة بقضية التفرد ،والغريب ىو
اٟتديث الفرد.
أيضا ،فالغريب قد يكوف بعض ا١تنكرات ،وبعض الشواذ ،ويشمل بعض الصحيح ً الغريب يشمل َ
صحيحا ،وقد
ً منكرا -مع أنو ال يوجد تفريق دقيق بُت ا١تنكر والشاذ -وقد يكوف
شاذًا ،وقد يكوف ً
طبعا .مشاركتها ٓتصوص اإلسناد وٓتصوص التفرد .يعٍت ا١تنكر منيكوف حسنًا ،وقد يكوف ضعي ًفا ً
الضعيف.
ُ أىبل للتفرد ،أو ما تفرد بو
أشهر صوره ابالستعماؿ :ما تفرد بو َمن ليس ً
ٕٜ
ُّزىة) أو (النُّخبَة) ،حُت أيٌب
مثبل (الن َ
ولذلك من أ٫تية قراءة الكتبّ ،أال يركز اإلنساف على منت واحد ً
مثبل ويقوؿ لك أف درست علم ا١تصطلح .ال اي للشرح ال يدرس إال (النُّخبَة) ،يدرس دورة علمية ً
حبييب دل تدرسو ):ىذا جزء من ا١تصطلح ،كلو ىذا ُب اٞتزء النظري ،دل نتكلم عن العملي!
معٌت ا١تنكر:
الةضعيف الثقةَُ ،ب (ا١توقِظة) للذىيب -
ُ ُّزىة) ذكر ا١تنكر أبنو :ما خالف فيو
َ تعرفوف ابن حجر ُب (الن
ُ
ابن حجر ُب
من أشهر كتب ا١تصطلح -الحظوا ذكر معنيُت للمنكر ،وال واحد منهما الذي ذكره ُ
(النُّخبة)! ٔتعٍت نستطيع أف نقوؿ :إف ٣تموع ما ذكره ابن حجر والذىيب ُب ا١تنكر؛ ثبلث ٍ
معاف. َ
طبعا ابن حجر أشار الح ًقا إذل معٌت من ىذين ا١تعنيُت ُب (النُّخبَة) ،لكن ليس ُب ٤تل تعريف ً
ا١تنكر.
قاؿ الذىيب" :ا١تنكر ما انفرد الراوي الةضعيف بو -ليس ما خالف ،بل ما انفرد -وقد يع ُد مفرد
منكرا".
الصدوؽ ً
شاذ:
معٌت ال ّ
حسنًا الشاذ؛ من ا١تعلوـ أف الشاذ كما ُب تعريف (النُّخبَة) و(البيقونية) أنو" :ما ٮتالف فيو الثقة من
ىو أوثق منو" .يعٍت ا١تنكر والشاذ ُب تعريف (النُّخبَة) يتطابقاف ُب شيء وٮتتلفاف ُب شيء؛
ف ثقةً صار ِ
يتطابقاف ُب وجود ا١تخالفة ،وٮتتلفاف ُب نوع ا١تُخالف ،من ىو ا١تُخالف؟ فإذا كاف ا١تخال ُ
منكرا .ىذا ُب (النُّخبَة) .قاؿ الذىيب" :الشاذ ِ
اٟتديث ً
ُ ف ضعي ًفا صاراٟتديث شا ًذا ،وإذا كاف ا١تخال ُ
ُ
ما خالف راويو الثقات -متفق ىنا مع (النُّخبَة) -أو "..ىنا الدقة ،وىنا الذي ٬تب أف يكوف
التعريف ُب مصطلح اٟتديث٬ ،تب أف يُذكر أكثر من معٌت للمصطلح ،لذلك (ا١توقِظة) ُب
ُ
٭تتمل حالو قبوؿ تفرده" .انفردُ ،
تفرد، التعريفات أدؽ من (النُّخبَة) .قاؿ" :أو ما انفرد بو َمن ال ُ
وُب الغريب :انفرد ،تفُرد.
ٖٜ
إذف ىناؾ اشًت ٌاؾ بنب الغريب والشاذ وا١تنكر ُب بعض الصور ،أو نقوؿ أف الناقد ٭تتاج إذل التدقيق
ليميَِّز بُت الغريب الشاذ وا١تنكر ،وبُت الغريب الصحيح ا﵀فوظ؛ إذ أف من أشهر صور ا١تنكر ما تفرد
أىبل للتفرد ،وكذلك الشاذ.
بو من ليس ً
-ا٠تبلصة :أف ىناؾ اشًتاؾ بُت اللفظُت.
الغرابة عند ابن الصبلح:
٩تتم بقراءة (مقدمة ابن الصبلح) ،وأًن حقيقة أطرب ٢تذا الكتاب؛ ألنو فرؽ ُب التفصيل ..أوسع،
مثبل يذكر تعري ًفا واحد أو صورة واحدة ،الذىيب ذكر صورتُتٕ ،تد الصورتُت ىنا بصورة
ابن حجر ً
طبعا ٮتتصر ،و(ا١توقِظة) يعترب ٥تتصر من ٥تتصر من ىذا الكتاب .ىو مرجع لكتب ً أوسع .الذىيب
ُ
كثَتا.
ا١تتأخرين كلها ،ولكن فيو تقريرات موافقة لكتب ا١تتق ّدمُت ً
معٌت غريب اٟتديث:
جدا .ىناؾ كتاب (غريب اٟتديث)
ىناؾ فرؽ بُت غريب اٟتديث وبُت اٟتديث الغريب ،فرؽ كبَت ً
للخطايب ،وكتاب (غريب اٟتديث) أليب عبيد القاسم بن سبلـ ُكتب من أنفس كتب أىل العلم،
كتاب (النهاية ُب غريب اٟتديث) .ما معٌت غريب اٟتديث؟ ىل معٌت ذلك أف فيها أحاديث دل
يرِوىا إال را ٍو واحد؟ ال ،غريب اٟتديث أي :األلفاظ ا١ترويّة يف ا١تتوف ،وتكوف غريبة يف معانيها
وٖتتاج إذل شرح .ىذا شرح أللفاظ الغريب الواردة ُب األحاديث ،ليس لو عبلقة ابألسانيد ،يعٍت
أحاديث متواترة -اب١تعٌت العاـٕ -تدىا ىنا إذا كاف فيها لفظ غريب يشرحو .فيها علم جليل ،كتاب
ا٠تطَّايب ،وكتاب أبو عبيد نفيس ً
جدا.
ٜٗ
معرفة الغريب من اٟتديث:
ابن الصبلح ذكر اٟتديث الفرد ُب نوع ،وذكر العزيز والغريب ُب نوع ،دل يُف ِرد الغريب وحده ُب نوع.
قاؿ "النوع اٟتادي والثبلثوف من أنواع علوـ اٟتديث :معرفة الغريب والعزيز من اٟتديث.
بعض الرواة يُوصف ابلغريب ،وكذلك اٟتديث الذي يتفرد فيو قلت :اٟتديث الذي يتفرد بو ُ ُ
بعةضهم أبم ٍر ال يذكره فيو غَته إما يف متنو وإما يف إسناده -ىذه الزايدة اليت قلت لكم ذكرىا
معدودا من أنواع
ً الًتمذي وىذا تفصيل جيد من ابن الصبلح -وليس كل ما يُعد من أنواع األفراد
الغريب كما يف األفراد ا١تةضافة إذل الببلد" .يقوؿ لك :األفراد -وىذا ا١تعٌت ً
أيضا جيد -قد ال
تتعلق ابلتفرد ،أقصد تفرد شخص واحد ،وإ٪تا قد تطلق األفراد على تفرد أىل ٍ
بلد ْتديث ،فيقاؿ:
ىذا حديث تفرد بو البصريوف .ٯتكن رواه عشرة أشخاص.
صحيح ،كاألفراد ا١تخرجة يف الصحيح ،وإذل غَت صحيح ،وذلك ٍ قاؿٍ" :ب أف الغريب ينقسم إذل
ىو الغالب على الغرائبُ .رِّوينا عن أٛتد بن حنبل هنع هللا يضر أنو قاؿ غَت مرة :ال تكتبوا ىذه
األحاديث الغرائب فإهنا مناكَت ،وعامتُها عن الةضعفاء" .الحظوا االشًتاؾ بُت غرائب ومناكَتٍ .ب
وإسنادا ،وىو اٟتديث
ً يب متنًا
قاؿ ابن الصبلح" :وينقسم الغريب من وجو آخر :فمنو ما ىو غر ٌ
إسنادا ال متنًا -ىذا داخل ُب الفرد النسيب
ً الذي تفرد برواية متنو را ٍو واح ٌد .ومنو ما ىو غر ٌ
يب
معروؼ
ٌ وا١تطلق ،ولكن بدؿ أف يكوف ىنا ،يكوف ُب روايتو عن الرسوؿ ﷺ -كاٟتديث الذي متنُو
ةضهم بروايتو عن صحايب آخر كاف غريبًا من ذلك
مروي عن ٚتاعة من الصحابة إذا تفرد بع ُ
ٌ
الوجو مع أف متنو غَت غريب .ومن ذلك :غرائب الشيوخ يف أسانيد ا١تتوف الصحيحة ،وىذا
يب من ىذا الوجو .وال أرى ىذا النوع ينعكس ،فبل يوجد إذف ما
الذي يقوؿ فيو الًتمذي :غر ٌ
إسنادا ،إال إذا اشتُهر اٟتديث الفرد عمن تفرد بو ،فرواه عنو عد ٌد
ً ىو غريب متنًا وليس غريبًا
إسنادا ،لكن ابلنظر إذل أحد طريف
ً مشهورا ،وغريبًا متنًا وغَت غريب
ً كثَتوف ،فإنو يصَت غريبًا
متصف ابلشهرة يف طرفو اآلخر ،كحديث:
ٌ متصف ابلغرابة يف طرفو األوؿ،
ٌ اإلسناد ،فإف إسناده
ٜ٘
"إ٪تا األعماؿ ابلنيّات" ،وكسائر الغرائب اليت اشتملت عليها التصانيف ا١تشتهرة ،وهللا أعلم".
ىذا النوع اٟتادي والثبلثوف.
ٜٙ
مثبل ُب كلمة تسلسل
الطوائف اإلسبلميّة" .ما ىو اٟترؼ؟ حرؼ األلف أو الباء؟ وإ٪تا وقع خبلؼ ً
اٟتوادث ،أو كلمة من الكلمات العقدية.
فالشاىد أنو يقوؿ" :سئل أٛتد بن حنبل عن ٍ
حرؼ من غريب اٟتديث- .يعٍت ٚتلة أو كلمة، ُ
أصحاب الغريب ،فإين أكره أف أتكلم يف قوؿ رسوؿ هللا ﷺ
َ وليس حرؼ جر -فقاؿَ :سلوا
ابلظن فأخطئ" .ىذا أٛتد بن حنبل!
ٍب ذكر كبلما ُب البخاري ٍب قاؿٍ" :ب أف غَت ٍ
واحد من العلماء صنَّػ ُفوا يف ذلك -أيُ :ب غريب َ ً
الغريب يف
َ ورِّوينا عن اٟتاكم أيب عبد هللا اٟتافظ قاؿ :أوؿ َمن صنَّف
اٟتديث -فأحسنواُ ..
ا١تشهور ،فجمع
َ سبلـ كتابَو
اإلسبلـ النةضر بن مشُيل ..وصنّف بعد ذلك أبو عبيد القاسم بن ّ
وأجاد واستقصى ،فوقع من أىل العلم ٔتوقع جليل ،وصار قدوة يف ىذا الشأفٍ ،ب تتبع ال ُقتَيب ما
ا١تشهورٍ ،ب تتبع أبو سليماف ا٠تطايب ما فاهتما ،فوضع يف ذلك
َ فات أاب عبيد ،فوضع فيو كتابَو
ا١تشهور .فهذه الكتب الثبلثة أمهات الكتب ا١تؤلفة يف ذلك ،ووراءىا ٣تامع تشتمل من َ كتابَو
ذلك على زوائد وفوائد كثَتة ،وال ينبغي أف يُقلّد منها إال ما كاف مصنفوىا أئمة أجلّة .وأقوى ما
فس ًرا يف بعض رواايت اٟتديث٨ ،تو ما روي
يُعتمد عليو يف تفسَت غريب اٟتديث :أف يُظفر بو ُم َّ
يف حديث ابن صيّاد أف النيب ﷺ قاؿ لو" :قد خبأت لك خبيئًا ،فما ىو؟ قاؿ :الدُّخ" .فهذا
قوـ ٔتا ال يصح .ويف (معرفة علوـ اٟتديث) للحاكم أ ّف َّ
الدخ ٔتعٌت ِ
وفسره ٌ
َخف َي معناه وأعةضلّ ،
النيب ﷺ
الزخ الذي ىو اٞتماع ،وىذا ٗتليط فاحش يغيظ العادل وا١تؤمن .وإ٪تا معٌت اٟتديث أف َّ
َّ
ضمَتا -يعٍت أضمرت لك شيئًا ُب نفسي -فما ىو؟" فقاؿ :ال ردخ، ً قاؿ لو" :قد أضمرت لك
صوٍ :ببةضم الداؿ ،أي الدخاف ،وال ردخ ىو الدخاف يف لغة ،إذ يف بعض رواايت اٟتديث ما ن ر
السماء بِ ُدخ ٍ
اف ُمبِ ٍ
ُت﴾ -إذف قاؿ رسوؿ هللا ﷺ" :إين خبأت لك خبيئًا" وخبأ لو﴿ :يػَ ْو َـ َأتٌِْب َّ َ ُ َ
أفضل شيء ٕتده ُب تفسَت الغريب أف ٕتده من كبلـ النيب ﷺ ُب
يب ،ويقوؿ ُ
فسرت الغر َ
ىذه رواية ّ
ابن صياد :ىو ال ردخ ،فقاؿ رسوؿ هللا ﷺ" :اخسأ ،فلن تعدو قدرؾ" .وىذا
رواية أخرى -فقاؿ ُ
ابن صياد من ذلك ىذه الكلمة فحسب ،على
خرجو الًتمذي وغَته .فأدرؾ ُ
اثبت صحيحَّ ،
ٜٚ
عادة الكهاف يف اختطاؼ بعض الشيء من الشياطُت ،من غَت وقوؼ على ٘تاـ البياف؛ و٢تذا قاؿ
لو" :اخسأ ،فلن تعدو قدرؾ"؛ أي :فبل مزي َد لك على قدر إدراؾ ال ُك ّهاف ،وهللا أعلم".
ما رأيكم ُب كبلـ ابن الصبلح؟ ٦تتع٦ ،تتع ،يعٍت بعد ما نقف على ىذه التفاصيل ُب الشرحٍ ،ب تقرأ
كبلـ ابن الصبلح ترى أنو جامع.
ٜٛ
احملاضرة ا٠تامسة:
ا١تقدمة:
تعريفو:
غَت ُم َعلَّ ٍل وال شا ٍذّ ِ ِ ِ بنقل ٍ
قاؿ رٛتو هللا ُب (النُّخبَة)" :وخربُ اآلحاد ِ
متصل السند َ الةضبط عدؿ اتـ
صحيح البخاري ٍب ُ بتفاوت ىذه األوصاؼ؛ ومن ٍَبَّ قُ ِّد َـ
ِ وتتفاوت ُرتَػبُوُ
ُ الصحيح لذاتِو.
ُ ىو
مسلم ٍب شرطَ ُه َما".
ٌ
الف َكر) ،نتناوؿ ُب ىذا الكبلـ قضيتُت :قضية تعريف(٩تبة ِ
ىذا اآلف ما يتعلق ابٟتديث الصحيح ُب ِ
تبة واحدةٍ .ىذا
اٟتديث الصحيح ،وقضية أف اٟتديث الصحيح تتفاوت مراتبو وليس على مر ٍ
ُُ
ابختصار شديد ما جاءَ ُب (النُّخبَة) .أما ُب (نزىة النظر) فػننظر ما ا١تسائل اليت ذكرىاٍ ،ب نشرح إف
يف وما يتعلق بو.
شاء هللا التعر َ
أقساـ اٟتديث الصحيح:
غَت ُم َعلَّ ٍل وال شا ٍذّ وىو ِ
السند ِ
متصل ِ
الةضبط بنقل عد ٍؿ اتـ ِ
اآلحاد ِ
َ قاؿ رٛتو هللا" :وخربُ
ِ
القبوؿ ِ
صفات يشتمل من تقسيم ا١تقبوؿ إذل أر ِ
بعة أنواع؛ ألنو إما أف ٍ الصحيح ِ
لذاتو .وىذا أوؿ
َ
ٜٜ
على أعبلىا أو ال .األوؿ -أي الذي اشتمل على أعلى درجات صفات القبوؿ :-الصحيح ِ
لذاتو. ُ َ
ةضا ،لكن ال ِ
لذاتو". الصحيح أي ً
ُ والثاين :إف ُو ِج َد ما ٬تبُػ ُر ذلك القصور كػكثرةِ الطُُر ِؽ فهو
ُّزىة) ىو دل يشرح تعريف اٟتديث الصحيح اآلف، اآلف ىذا الكبلـ السابق من ابن حجر ُب (الن َ
الكبلـ السابق ىو تعليق على كلمة الصحيح لذاتوٍ ،ب انطلق اآلف يشرح ُب التعريف.
اد
الصحيح العدالةَ .قاؿ" :وا١تر ُ
ِ ِ
اٟتديث ابلعدؿ"؛ ألف ُب التعريف أف ِمن شروط ِ اد
قاؿ" :وا١تر ُ
اد ابلتقوى :اجتناب األعماؿ السيئة ِ
مبلزمة التقوى وا١تروءة .وا١تر ُ ابلعدؿ َمن لو َملَ َكةٌ َٖتْ ِملُوُ على
ِ
ط صد ٍر وىو أف يُثبِ َ
ت ما ٝتعوُ " ...إذل آخره .نعلُّق ط :ضب ُ فسق أو بدعة .والةضب ُ شرؾ أو ٍ من ٍ
على العدالة اآلف ٍب ننتقل إذل الضبط.
السند غَت معلَّ ٍل وال شا ٍذّ وىو الصحيح ِ
لذاتو". ِ ِ
متصل ِ
الةضبط بنقل ٍ
عدؿ اتـ ِ
اآلحاد ِ
َ َُ "وخربُ
قبل أف ندخل ُب كبلـ ابن حجر ُب العدؿ والتعليق عليو ،ىذه الشروط ا١تذكورة ىنا للحديث
بشكل ٥تتص ٍر نظري،
ٍ الصحيح ىي يف اٟتقيقة من أىم قوانُت علم اٟتديث ،وٯتكن أف تُ َ
ؤخ َذ
ٍ
بشكل تفصيل ٍي عميق بشكل تفصيلي عميق ،والذي أيخذ ىذه الشروط ا٠تمسة ٍ ؤخذ
وٯتكن أف تُ َ
جدا ُب علم ٍ
تفصيبلت كثَتًة ً جوىر علم اٟتديث؛ ألف ُب اٟتقيقة ىذه الشروط تتضمنسيعرؼ َ
فمثبل عندما تقوؿ ِمن شروط اٟتديث الصحيح أف يكو َف ُرَواتُوُ ضابِ ِطُت ،ىذه كلمة واحدة
اٟتديثً ،
«الضبط» يدخل ٖتتها قوانُت ومسائل وإذل آخرهٖ ،تت كلمة الضبط يدخل علم اٞترح والتعديل
كامبلٖ ،تت علم الةضبط أيٌب سؤاؿ :كيف يعرؼ الذين نقدوا الرواة ضبط الراوي؟ ىذا جزء،
ً
اٞتزء اآلخر :كيف نعرؼ ٨تن ضبط الرواة؟ ىذه مسألة اثنية .ىم كيف يعرفوف؟ ىذا يتعلق بقانوف
ٓٓٔ
الرواية٨ ،تن كيف نعرؼ؟ ىذا يتعلق بعبلقتنا ابلكتب .كذلك اتصاؿ اإلسناد من شروط اٟتديث
الصحيح ،اتصاؿ اإلسناد يدخل ٖتتو قةضية ا١ترسل وا٠تبلؼ يف ا١ترسل ،وكيف يعرفوف ىم
اتصاؿ اإلسناد؟ وكيف نعرؼ ٨تن اتصاؿ اإلسناد؟ وىل ا١تنقطعات -حىت لو قلنا إهنا ضعيفة-
على درجة واحدة يف الةضعف أـ أهنا متفاوتة؟ ىناؾ ٌ
عدد كبَتٌ من ا١تسائل تندرج ضمن شروط
اٟتديث الصحيح.
وعلم
جليل ٌعلم ٌ العلم ٌ
ٯتكن ١تن يريد أف يتكلم عن عظمة علم اٟتديث ،ويثبت للناس أف ىذا َ
موضوعي ،يعٍت لو سألت كيف اإلنساف ٦تكن يثبت ىذا الشيء للناس؟ من أىم األشياء أف ينطلق
ّّ
من شروط اٟتديث الصحيح ،فلو قاؿ قائل٨ :تن ال نثق بعلم اٟتديث ،نقوؿ لو :ىل تعرؼ أف
جدا ،قد يقوؿ:
يتضمن ذلك تفصيبلت وخطوات كثَتة ًا١ت َح ِّدثُِت كي ٭تكموا على اٟتديث ابلصحة َّ
ىي ٣ترد شروط ٜتسة .ال ،ىي ليست ٣ترد شروط ٜتسة ،الشروط ا٠تمسة ٖتمل ٖتتها خطواتٍ ُ
ٔٓٔ
١ تاذا يشًتط احملدثوف العدالةَ يف الرواة؟
وال؟
١تاذا قالوا ال نقبل اٟتديث الصحيح إال إذا كانوا رواتُوُ عُ ُد ً
عدال؛ ألمكن أف يكذب على رسوؿ هللا .إذف اشًتطوا العدالةَ ألنو لو دل يكن صادقًا ،لو دل يكن ً
ِ
الكذب على رسوؿ هللا ،خشية الكذب ُب األخبار. خشيةَ
ماىي العدالة ،وكيف تُعرؼ؟
صفات ظاىرة ُب الشخص ،ٯتكن أف يتلبس ٌ صفات ظاىرية أو
ٌ قد يقوؿ قائل :إف العدالة إ٪تا ىي
يظهر بوٍ ،ب يكذب ُب اٟتديث على رسوؿ هللا ﷺ وُٯتََّرر هبا الراوي فيُخادع النػ َُّّق َاد هبذا ا١تظهر الذي ُ
عقبل ٦تكنة ،يعٍت مظهر العدالة .ىذه القضية ً يشابو الكذب نظرا لكونِِو ذا مظه ٍ
ر على ا﵀دثُت ىذا
َ َ ً
ٯتكن أف يُتخيل ُب العقل أهنا ٦تكنة ،ولكن ُب واقع الرواية والنقد ىذا أشبو اب١تستحيل؛ ألف قانو َف
الرواية وقانو َف النقد ال يتعلق ٔتجرد ا١تظاىر ،بل إف الذين قد عُ ِرفَت عدالتهم الظاىرة والباطنة ُب
٣تمل اٟتاؿ يعٍت من شهادة الناس وإذل آخره ،و٦تا يػُ ْعلَم من قرائن األحواؿ ُب الصبلح واإلمامة ُب
الدين و٨توىا ٦تا ال يشك اإلنساف أف ىذا الشخص من العُ ُدوؿ الذين ٮتافوف هللاَ وٮتشونو ،وال ٯتكن
الكذب على رسوؿ هللا ﷺ ،ىؤالء الذين عدالتهم حقيقية اكتشف ا﵀دثوف أغبلطهم ،فما
َ أف يتعمد
ابلك ٔتن يتظاىر ابلعدالة!
• مقامات العدالة:
عندان اآلف ثبلث مقامات:
ط. ِ
العدالة الةضب َ ظاىرا وابطنًا ،وٚتع مع
العدؿ ً
ٔ) ا١تقاـ األوؿُ :
ظاىرا وابطنًا ،ولكنو ليس ضابطًا.
العدؿ ً
ٕ) ا١تقاـ الثاينُ :
ٖ) ا١تقاـ الثالث :الذي ليس ٍ
بعدؿ يف الباط ِن ،وإف كاف يتمثل صورة العدالة يف الظاىر ،بغض
عدال.
النظر ىو ضابط أـ ال ،ىذا ال يعنينا ،أىم شيء أنو ليس ً
ٕٓٔ
أكثر صعوبةً يف اكتشاؼ ا٠تطأ؟
ي ا١تقامات الثبلثة ُ
-أر
أيضا.
ط ً ظاىرا وابطنًا ،وىو ضاب ٌ ا١تقاـ األوؿ؛ ألف ىذا ٌ
عادؿ ً
وعلم العِلَل الكبَت ،وىو الذي أفنوا فيو َ
أعمارىمُ ، َ ىذا ا١تقاـ األوؿ ىو الذي أ َْوَالهُ احملدثوف اٞته َد
أشرؼ علوـ اٟتديث؛ ميدانُوُ اٟتقيقي ىو ُب ىذه الطبقة اليت ىي أعلى الطبقات ِ الذي ىو من
عدالةً ،أما ما دوهنا الطبقة الثانية فهذا سهل اكتشافُو ،العدؿ الظاىر والباطن ،يعٍت إنساف صاحل
ولكنو ليس بضابط ىذا يكتشفونو بسهولة ،وأما ا١تقاـ الثالث فبل ٭تتاج ألي تعب .فإذا كانوا قد
أبدعوا ُب اكتشاؼ أغبلط ا١تقاـ األوؿ ودل يَػغَُّرُىم من أصحاب ا١تقاـ األوؿ أهنم عُ ُدوؿ أو أئمة أو
أهنم ضابطوف؛ دل يغرىم ذلك ِمن أف يتتبعوا رواايهتم أو مروايهتم فيكتشفوا أخطاءَىم ،فكيف ٔتَن ىم
دوف ذلك ُب الضبط! وكيف ٔتَن ىم دوف ذلك ُب العدالة!
إذف قضية العدالة قضية ال شك أف ٢تا تعل ًقا ابلظاىر من جهة أف بواطن الناس ال يستطيع اإلنسا ُف
أف يعرفَها ،ولكن ىناؾ قرائن تُػ َقِّرب صورة اٟتاؿ الباطن .اٟتاؿ الظاىرة من العدالة ال تشمل ا١تظهر
أيضا السلوؾ الظاىر من ا﵀افظة على الفرائض ،من اجتناب ا﵀رمات ا٠تارجي فقط ،وإ٪تا تشمل ً
ؼ عن مثبل أنو ارتكب كبَتًة من الكبائر ،ىذا ال يػُْروى عنو ،إذا عُ ِر َ
ؼ عن إنساف ً الظاىرة ،فإذا عُ ِر َ
إنساف فِسق ال يَػْرووف عنو ،ىذه كلُّها من األشياء الظاىرة.
من األشياء اليت قد يكتشفوف هبا عدـ عدالة اإلنساف ،قد يكتشفوف هبا فِسق اإلنساف ،أو ما ٮتالف
بعض ا﵀دثُت ٭تكموف على را ٍو أبنو ك ّذاب وىم دل يروه ودل الصدؽَ :مْرِوَّاي ُ
ت الراوي؛ ٔتعٌت أنك ٕتد َ
يع ِرفوه ،وال يعرفوف ىل ىو يرتكب الكبائر ،أو ىو على حاؿ من الفسق أو ال ،كيف؟ من خبلؿ
بعضهم يقوؿ ُب
ا١تروايت اليت رواىا ،فإهنم ينقدوف ا١تتوف ،ويعرضوف مروايتو على مروايت غَته فتجد َ
سألت أيب عن فبلف مثبل يقوؿ لك ابن أيب حاًب:
معروؼ ،أو ً ٍ
ُ كذاب ،وىو غَتُ
بعض الرواة :ىذا ٌ
وفبلفُ ..ب الًتٚتة ا٠تامسة ُب (اٞترح والتعديل) البن أيب حاًب ،قاؿ" :أٛتد بن إبراىيم اٟتليب .روى
الرْملِي .حدثنا عبد
يصة والنُّػ َفْيلِي ،وروى عنو أٛتد بن شيباف َّ
عن علي بن عاصم وا٢تيثم بن ٚتيل وقَبِ َ
سألت أيب عنو -انظر ىنا إذل دقة ا﵀دثُتٍ ،ب انظر إذل من ُ الرٛتن -الذي ىو ابن أيب حاًب -قاؿ:
ٖٓٔ
ال يعرفوف عمل ا﵀دثُت وٮتتزلوهنم أو يقوؿ ىم ال ينقدوف ا١تتوف -وعرضت عليو حديثَوُ ،فقاؿ :ال
أعرفُوُ ،وأحاديثُوُ ابطلةٌ موضوعةٌ كلها ليس ٢تا أصوؿُّ ،
يدؿ حديثُو على أنو كذا" .انتهى .فهذا الدليل
على أف عدالةَ الرواة ،أو انعداـ العدالة عنهم -أي الفسق -قد تُعرؼ من خبلؿ الرواية.
ٗٓٔ
السبلـ من البدعة .ىذا إذا قلنا هبذا ا١تعٌت ،ولكن ىذا ا١تعٌت فيو نظر ،أعٍت
ُ صفات العدالة الضرور ِية
عدال.
اشًتاط السبلمة من البدعة حىت ٨تكم على الراوي بكونو ً
إذا قلنا إف مدار العدالة على الصدؽ ،فا١تبتدع ىل ٯتكن أف يكوف صادقًا؟ ٯتكن أف يكوف
أكثر ضبطًا من كوف اشًتاط السبلمة من البدعة فهو الصدؽ إذل ِ
العدالة صادقًا .إذف لو أرجعنا معٌت
ُ
ُب صفة العدالة ،فبدؿ أف نقوؿ السبلمة من البدعة والسبلمة من الفسق والسبلمة من الكذب
والسبلمة ..إذل آخره ،نقوؿ أف يكوف صادقًا ،ىذه ىي العدالة .إذف لو قلنا أف العدالة ىي الصدؽ
فمعٌت ذلك أننا ال ٨تتاج أف نقوؿ السبلمة من البدعة ،وإ٪تا ٨تتاج أف نتأكد أنو صادؽ سواءً أكاف
مبتدعا أو دل يكن كذلك.
ً
أصحاب الكتب اٟتديثية ا١تشهورة ،كالبخاري ،ومسلم ،وأيب يعاألمر اآلخر؛ صنيع احملدثُتِ ،
ُ صن ُ
َ ُ ُ
يدؿ على أهنم دل ٬تتنبوا أحاديث أىل البدع ،واإلماـ البخاري داود ،والًتمذي ،وغَتىم من ا﵀دثُت ُّ
اجا ِ أخر َج لكث ٍَت من أىل البدع ُب
أكثر إخر ً
ٌ َ مسلم اإلماـ
ُ يكوف ٔتا رو مسلم، اإلماـ كذلك و ،صحيحو
من البخاري ٢تؤالء -أقوؿ رٔتا ألف القضية ٖتتاج نظر لكن ىذا الذي يبدو -فصنيعُهم يدؿ على أهنم
ٕتد ُب مقدمة شرح ابن حجر للبخاري، ال يشًتطوف ُب الراوي أف يكوف سا١تا من البدعة؛ ولذلك ُ
ً
سرد طائفةً من أٝتاء الرواة ا١تبتدعة ُب أي ُب مقدمة فتح الباري ا١تسماة بػ(ىدي الساري)؛ ٕت ُد أنو َ
سردا ،عدد كبَت١ ،تاذا؟ ألف البخاري َوثِ َق ُب صدقِ ِهم وأمانَتِ ِهم ُب النقل، صحيح البخاري ،سردىم ً
مذاىبِ ِهم؛ ولذلك قوؿ َمن يقوؿ اآلف ِمن اٞتَُّهاؿ إف علم اٟتديث أو علم اٞترح يتربأُ من ِ
وإف كاف َّ
علما موضوعيًا، ِ
دائما يقوؿ لك علم اٞترح والتعديل ليس ً قائم على ا١تَْذ َىبيَّة -وىذا نسمعو ً
والتعديل ٌ
من وافقك ُب القوؿ عن األٝتاء والصفات تروي عنهم ومن خالفك ال -ىذا القوؿ ليس دقي ًقا من
٬تد من ألفاظ بعض ا١تتقدمُت من السلف وبعضهم من أىل اٟتديث، جهة التطبيق العملي ،نعم ،قد ُ
٬تد من أقوا٢تم ما يقولوف فيو أو ما يػُ َعِّربو َف فيو عن ىجر بعض الرواة ا١تبتدعة ،ىذا موجود ،ولكن قد ُ
يدؿ على أهنم رووا عنهم ،وحىت بعض كبار النقاد نتعامل معها ُ
ُ التطبيق العملي للكتب اٟتديثية اليت
ُ
مثبل أىل البصرة لو تركناه ألجل بدعة ال َق َدر ١تا استطعنا أف نروي عنهم من ا﵀دثُت ذكروا أف حديث ً
ِ
َّصب ،وكانت تلك شيئًا؛ ل ِشيُوع بدعة ال َق َدر ُب البصرة ،وُب الكوفة بدعة الت َ
َّشيُّع ،وُب الشاـ بدعة الن ْ
٘ٓٔ
وشيُوع ىذا -خاصةً البصرة والكوفة -مدارس حديثية أصيلة وعريقة ،وىي أكثر ا١تدارس روايةًُ ،
ا١تذىب فيهم ال يؤثر على عدالتهم من جهة الصدؽ ،وإذا قلنا إف أصل اشًتاط العدالة ىو خشية
٩تاؼ من جانِبِ ِهم
كثَتا من أىل البدع على ىذه القضية ،وال ُ
أنمن ً
الكذب على رسوؿ هللا ﷺ فإننا ُ
ِ
الكذب على رسوؿ هللا ﷺ . ُب
هبذا انتهينا من شرط العدالة ،الشرط األوؿ ،وىذا الشرط من شروط اٟتديث الصحيح ىو أقل
تفصيبل ،ليس ٖتتَوُ من ا١تسائِ ِل الكثَتة ،وال من التفصيبلت العملية ،ا١تسائل عملية فيو تقريبًا
ً ِ
الشروط
ىااتف ا١تسألتاف ،ىذا أبرز ما فيو .أما الشأف الكبَت كلو ُب الضبط ،اشًتاط الضبط.
الشرط الثاين :الةضبط:
ث ما َِٝت َعوُ ُ
ْتيث يَػتَ َم َّك ُن من ط صد ٍر ،وىو أف يُثبِ َ ط ضب ُ
ُّزىة)" :والةضب ُ
قاؿ اب ُن حجر ُب (الن َ
ي منو. ِ
وص َّح َحوُ إذل أف يُػ َؤد َ
ِ
ط كتاب ،وىو صيانتُوُ لديو من ُذ َٝت َع فيو َ اِستحةضا ِرهِ مىت شاء .وضب ُ
َّصل ما سلِم "...إذل ِ ِ ِ
آخ ِرهِ. وقُػيِّ َد ِّ
ابلتاـ إشارًة إذل الرتْػبَة العُليا يف ذلك .وا١تُت ُ
ط ينقسم إذل قسمُت: كثَتا وإ٪تا ٖت ّدث عن أف الضب َ
دل يتكلم ً
أقساـ الةضبط:
٬تب أف يكو َف ضابطًا ١تا َح ِفظ و١تا َِٝتع. ِِ ط صدر :وىو إذا كاف الراوي ُ٭تَ ِّد ُ
ث من حفظو ُ ٔ) ضب ُ
جهة صيانة ىذا ا١تكتوب من أف ٕ) ضبط كتاب :وىو أف يكوف الراوي ضابطًا ١تا َكتَب من ِ
اٟتديث من ا١تكتوب.
َ ص َّحف وإذل آخرهِ ،حىت يؤِّدي ىذا
ُ٭تَ َّرؼ أو أف يُ َ
كثَتا من الرواة كاف األفضل ُب َح ِّق ِهم أف ُ٭تَ ِّدثُوا من ال ُكتُب ،يعٍت روايتُػ ُهم من ال ُكتُب
وال شك ُب أف ً
وٮت ِطئ وال يضبِط ،فلذلك كانوا َٯتتَ ِد ُحو َف حفظ ِو يَ ِهم ُ
َّث من ِ كانت ُمت َقنَة ،وبعضهم كاف إذا َحد َ
تدحو َف الكتاب من ىذه اٞتهة .ومن جهةٌ أخرى وخاصةٌ ُب ا١تراحل ا١تتقدمة من الرواية ،كانوا َٯت ِ
اٟتفظ أكثرُ ،ب ا١تراحل ا١تتقدمة األوذل من الرواية ،على األقل بعض كبار الرواة من ا﵀دثُت كانوا
ِ
كتبت سوداءَ ُب ٯتتدحوف اٟتفظ ،ومن أشه ِرىم :اإلماـ الشعيب ،اتبعي كبَت معروؼ ،كاف يقوؿ" :ما ُ
استودعت قليب شيئًا فَػنَ ِسيتُوُ" .أظُنُوُ ىو قائل ىذه العبارة.
ُ بيضاء ،وال
ٔٓٙ
ط يف الراوي؟ مسائل متعددةٌ ومتنوعةٌ ،من أشه ِرىا١ :تاذا يشًت ُ
ط احملدثوف الةضب َ ُ -الةضبط ٖتتُوُ
٨تن قلنا ُب العدالة إهنم اشًتطوا العدالة خشيةَ الكذب على ِ
رسوؿ هللا ﷺ ،فلماذا اشًتطوا الةضبط؟
اشًتاط الةضبط ىو خشية ا٠تطأ على ِ
رسوؿ هللا ﷺ.
ا١تقدمة:
علم اٟتديثٍ ،ب بعد دراستو دل ٭تقق ىاتُت الثمرتُت أو دل ٭تقق على األقل واحدة
الطالب َ
ُ فإذا درس
من ىاتُت الثمرتُت ،فدراستُو كانت عبارًة عن ثقافة عامة ،وىذا ىو اٟتاصل ُب أكثر من يدرس علم
اٟتديث اآلف ،يعٍت الذين حققوا الثمرة من دراسة علم اٟتديث ىم األقل من نسبة من درس علم
اٟتديث.
٨تقق على األقل الثمرة الثانية؛ اليت ىي القدرة على التعامل مع كبلـ
٨تن ٨تاوؿ ُب ىذه الدروس أف َ
كتب اٟتديث سواء متقدمة أو متأخرة ،أما الثمرة األوذل وىي الغاية فنحاوؿ أف َّ
٨تق َق ولو شيئًا منها،
وليس ابلضرورة أننا سنخرج بتحقيق الغاية على التماـ ،ألف ٖتقيق الغاية على التماـ ٭تتاج إذل ٦تارسة
طويلة ،لكن ٨تاوؿ أف ٨تقق شيئًا منها على األقل.
ٔٓٛ
ُّزىة) (-النُّ َزىة) شرح (النُّخبَة) :-قضية
الثبلثة الدروس األوذل كانت عن أوؿ ما بدأ بو ابن حجر (الن َ
ا١تتواتر واآلحاد ،أخذًن ثبلثة دروس عن ا١تتواتر واآلحاد اترٮتها وما يتعلق هبا ،واألشياء اليت تتفرع
عنها ،والصواب منها وا٠تطأ.
الدرس الرابع كاف عن جزء من اآلحاد وىو الغريب ،والغريب ا١تطلق ،والغريب النسيب ،والفرد وعبلقة
الغريب ابلفرد.
الدرس ا١تاضي وىو ا٠تامس بدأًن ُب شروط اٟتديث الصحيح ،ونستطيع أف نقوؿ أف الدروس األربعة
األوذل ا١تتعلقة اب١تتواتر واآلحاد وا١تتعلقة ابلغريب والفرد ىي دروس نظرية ،والدرس ا٠تامس الذي ىو
عن شروط اٟتديث الصحيح نستطيع أف نقوؿ عليو ىو البداية اٟتقيقية لعلم اٟتديث .تقدًن الكتاب
اب١تتواتر واآلحاد ىذا ليس ىو السائد ُب كتب علم اٟتديث.
ُّزىة)ٍ ،ب التعليق والشرحٍ ،ب قراءة نفس
تعودًن ُب الدرس أف نبدأ بقراءة منت (النُّخبَة) ٍب قراءة (الن َ
الباب من مقدمة علوـ اٟتديث البن الصبلح.
احد فقط ،وذكرًن السلبيات ُب الًتكيز على كتاب و ٍ
ضروري لدارس علم اٟتديث عدـ الًتكيز على ٍ
كيز عليو فقط دوف اإل١تاـ بكتب علم (٩تبة الفكر) فهو كتاب ٥تتصر ومفيد ،ولكن من ا٠تطأ الًت ُ
اٟتديث األخرى.
أوؿ نوع ذكره ىو الصحيح ،دل يقدـ اب١تتواتر واآلحاد ،وكتاب ابن
عند الرجوع البن الصبلح ٕتد أف َ
فلك الكتب اٟتديثية ا١تتأخرة؛ ولذلك الكتب اٟتديثية ا١تتأخرة
الصبلح ىو القطب الذي يدور حولو ُ
كثَت منها يبدأ ٔتا بدأ بو ابن الصبلح ،اٟتديث الصحيح.
إذف كما قلنا موضوع اٟتديث الصحيح نستطيع أف نقوؿ ىو البداية العملية ُب دراسة علم اٟتديث.
ٜٔٓ
شروط اٟتديث الصحيح:
ابن حجر رٛتو هللا ُب شروط اٟتديث الصحيح٨ ،تن أخذًن الشرط األوؿ ،وىو العدالة .ما يتعلق
بدأ ُ
ابٟتديث الصحيح لو ارتباط اب١تتواتر واآلحاد؛ حيث قاؿ" :وخرب اآلحاد -ىكذا َع َّرفو -بنقل عدؿ
اتـ الةضبط متصل السند غَت ُم َعلَّل وال شاذ ىو الصحيح لذاتو".
وخرب اآلحاد:
ٔ) بنقل عدؿ :ىذا الشرط األوؿ.
ٕ) اتـ الةضبط :الشرط الثاين.
ٖ) متصل السند :الشرط الثالث.
ٗ) غَت معلل :الشرط الرابع.
٘) وال شاذ :الشرط ا٠تامس.
ٜتسة شروط ىو الصحيح لذاتو.
تكلمنا عن العدالة وقرأًن ما قالو ابن حجر ُب (نزىة النظر) ابلنسبة للعدالة ،وتكلمنا عن قضية:
ٓٔٔ
الشرط الثاين :الةضبط:
والشرط الثاين وىو األىم والذي ىو الةضبط :يعٍت عمليًا ُب أثناء دراسة علم اٟتديث الشرط الذي
٨تتاجو الضبط أكثر من شرط العدالة١ ،تاذا؟ ألف العدالة ُب ٦تارسة ا﵀دثُت ُد٣تت تقريبًا ُب الضبط،
وتكوف لفظ يدؿ على األمرين وىو ثقة .فإذا قالوا ثقة فيعنوف أنو عدؿ ضابط .فبل تكاد ٕتد ُب َّ
كتب اٟتديث ُب كتب الًتاجم ُب كتب الرجاؿ كلمة "عدؿ" مفردة ،قد ٕتد كلمة "صدوؽ" وُب
الغالب ىي ال تعٍت العدالة وحدىا أو الصدؽ وحده ،وإ٪تا تعٍت أنو ٚتع مع الصدؽ أو مع العدالة
نوعا من الضبط ،وليس ىو الضبط التاـ الذي َّأىلو ألف يقاؿ فيو ثقة ،وإ٪تا يقولوف فيو صدوؽ كأنوً
ُب الضبط أقل درجة من اتـ الضبط.
ُّزىة) ،قاؿ:
إذا نبدأ اآلف ُب شرط الضبط ،قرأًن ما يتعلق بو ُب (النخبة) ،وما يتعلق بو ُب (الن َ
"والةضبط ضبط صدر :وىو أف يثبت ما ٝتعو؛ ْتيث يتمكن من استحةضاره مىت شاء ،وضبط
كتاب :وىو صيانتو لديو منذ ٝتع فيو وصححو إذل أف يؤِّدي منو ،وقُػيِّد ابلتاـ إشارة إذل الرتبة
كثَتا. العليا يف ذلك" .فقط ىذا كبلمو ُب الضبط ليس ً
كبلما ً
أنواع الةضبط:
ذكر أف الةضبط ينقسم إذل قسمُت:
ٔ) ضبط صدر.
ٕ) وضبط كتاب.
وىذا من الدقة عند ا﵀دثُت أهنم يفرقوف ُب أنواع الضبط أو ٬تعلوف الضبط أكثر من نوع ،شيء منو
كيز ُب
ضبط كتاب ،وشيء منو ضبط صدر ،ىذا التفريق لو أثر عملي ،وكما قلت لكم سنحاوؿ الًت َ
الدرس على األشياء اليت تفيد عمليًا بعد ذلك ُب قراءة كتب ا﵀دثُت.
ما الشيء العملي الذي نستفيده من قةضية ضبط كتابة وضبط صدر؟ أننا نعرؼ أف َ
بعض ا﵀دثُت
ُوثِّقوا ُب كتبهم خاصة؛ أي الكتب اليت كتبوىا أثناء الروايةٝ ،تعوا من مشاٮتهم حديثًا َ
فد َّونُوه وضبطوا
ٔٔٔ
الكتاب ،فإذا حدَّثوا من الكتاب كاف حديثُهم ُب غاية الضبط واإلتقاف ،وإذا حدثوا من حفظهم
َ ىذا
يقرؤوا من الكتاب فإف حفظهم يكوف دوف ذلك ُب الضبط. بدوف أف ُ
وىذا من دقة ا﵀دثُت أهنم رصدوه ،ودل يغَُّرىم أف يكوف ا﵀ ِّد ُ
ث عندما يقرأ من كتابو أنو ضابط دل
يغرىم بعد ذلك أف َمن ٭ت ِّدث دوف كتاب أف يقبلوا حديثَو مباشرًة ،بل قالوا ُب بعض ا﵀دثُت إذا
حدث من كتابو ضبط وإذا حدث من حفظو ،إما على حسب درجة الضعف قد يكوف وصل
ضعيف شديد وقد يكوف دوف ذلك.
ومعرفة ىؤالء الرواة لدينا فيهم درجتُت:
ٔ) األوذلِ :من كتب اٞترح والتعديل ،قد ٕتد أثناء الًتٚتة ُب الكتب التفصيلية -اب١تناسبة وىذا
استطراد لكنو مهم جدِّا -الشيء الذي يقوـ بو اآلف كثَتٌ من الباحثُت حُت ٭تكم على حديث أو
يبحث ُب إسناد -حىت ابحثُت ا١تاجستَت أو الدكتوراه -أنو يرجع إذل (تقريب التهذيب) البن حجر
كبَتا ُب أف يلخص حاؿ الراوي بكلمة مثل جهدا ًىذا ىو الشائع والسائد ،فابن حجر رٛتو هللا بذؿ ً
جدا ،قد يقوؿ صدوؽ يهم ،قد يقوؿ صدوؽ لو أوىاـ ثقة صدوؽ أو يزيد عليها وص ًفا آخر يسَتا ً
...إذل آخره .ولكن ىذا الكتاب ا١تختصر ال ٯتكن أف يغٍت البتة عن كتب اٞترح والتعديل ا١توسعة،
متمرسا ُب اٟتديث ،وال ٯتكن أف يصل إذل نتيجة صحيحة وجيدة ً الباحث
ُ أصبل أف يكوفوال ٯتكن ً
وكاملة ُب اٟتكم على اٟتديث إال إذا رجع إذل كتب اٞترح والتعديل التفصيلية ،أما االكتفاء ابلتقريب
بعض الًتاجم من (تقريب التهذيب)ٍ ،ب قرأًنأت َ وقت لقر ُ
أبدا .ولو كاف لدينا ٌ
والتهذيب فبل يكفي ً
قدر الزايدات اليت تكوف ُب (التهذيب) عن (التقريب). نفس الًتٚتة من (هتذيب التهذيب) ،وسنرى َ َ
٨تن لدينا أربع درجات من الكتب ا١تتعلقة ابلتهذيب -وإال ىي كتب كثَتة ،-األوؿ( :الكماؿ) لعبد
فهذبو ُب (هتذيب الكماؿ ُب أٝتاء الرجاؿ) (ٛا١تزي َّ
الغٍت ا١تقدسي ولكنو غَت مطبوع ،فجاء ِّ
ابن
٣تلداٖ ،تقيق بشار عوادٍ ،ب جاء ُ
٣تلدات) وىي طبعة جديدة مضغوطة ففي األساس ىي ٖ٘ ً
فهذب التهذيب ُب كتاب (هتذيب التهذيب) (ٗ ٣تلدات) وىي طبعة جديدة وىو ُب األساس حجر َّ
٣تلداٍ ،ب جاء ابن حجر نفسو وعمل (تقريب التهذيب) ،يعٍت تقريب هتذيب هتذيب الكماؿ، ٕٔ ً
غٍت عن (هتذيبوتقريب الكماؿ واصل ٕ٘ ٣تلد ،وتقريب التهذيب أقل ،لكن (هتذيب الكماؿ) ال يُ ِ
ٕٔٔ
التهذيب)؛ ألنو اختصر (هتذيب الكماؿ) وزاد عليو أشياء ُب اٞترح والتعديل ،فهي أشياء مهمة
جدا ،لكن جاء بشار عواد ا﵀قق فأخذ الزايدات اليت ُب هتذيب التهذيب ووضعها ُب حاشية هتذيب
ً
متكامبل.
ً عاما هبذه الطبعة -وتستطيع أف تقوؿ-
الكماؿ فأصبح هتذيب الكماؿ ً
الشاىد ما الذي أتى هبذا الكبلـ اآلف؟ الذي أتى بو أف بعض التفصيبلت الدقيقة اليت ىي ضبط
كتاب ،وكاف يضبط من حفظو ،ىذه ٕتدىا ُب كتب اٞترح والتعديل ا١توسعة ،وأما كتب اٞترح
والتعديل ا١تختصرة فقد ال ٕتد فيها ىذا التفصيل ،ىذه اٞتهة األوذل.
ٕ) اٞتهة الثانية :كيف ٪تيّز ٨تن بُت ما رواه الراوي من كتابو وبُت ما رواه من حفظو؟ بعد أف
عرفنا من خبلؿ كتب اٞترح والتعديل أنو إذا حدث من كذا فكذا ،طيب ٨تن كيف ٪تيز؟ ىذه النقطة
فيها صعوبة وُب الغالب تُعرؼ من خبلؿ ا٠تربة وا١تمارسة ْتديث الراويُ ،ب بعض األحياف يستنكر
جدا -يستنكر شيئًا ُب الرواية ،فإذا ْتث عن مدخل
ث -حىت الباحث ا١تعاصر إذا كاف متمكنا ً ا﵀ ِّد ُ
ُب اإلسناد قد ال ٬تد مدخبل إال أف يقوؿ لعل ىذا ٦تا حدث بو من حفظو ،فإنو كاف إذا حدث
ْتفظو كذا وكذا .فهناؾ بعض ا١تباحث اٟتديثية ليس ٢تا ضابط نظري معُت.
ٔ) القسم األوؿ :كيف ٭تكم احملدثّوف على الراوي أبنو ضابط؟
أصبل
الرد على الشبهات ومناقشة اإلشكاالت حوؿ السنة ،كيف ًِ
كثَتا ُب ّ
أما النقطة األوذل فتفيد ً
ضبط الراوي بكذا وكذا؛ ألف البعض أو الكثَت ٦تن يشكك ُب السنة يدخل من جهة ا﵀دثُت
ٖٔٔ
كبلـ ليس
واٟتديث ،فيقوؿ أبنو علم ليس موضوعيًا ،وعلم طغت عليو ا١تذىبية والعقائدية ،وىذا ٌ
صحيحا وليس دقي ًقا ،والدليل على ذلك :أننا ٧تد ُب أصح الكتب مثل كتب البخاري ومسلم٧ ،تدً
ُب الصحيحُت قائمة كبَتة من الرواة الذين ٮتتلفوف مع صاحب الصحيح ُب ا١تذىب ،فنجد ُب
صحيح البخاري ا١ترجئة وا٠توارج والقدرية وعدد من الطوائف.
وابن حجر ُب مقدمة الفتح (٣تلدين) -ىدي الساري -سرد قائمةً ابلرواة الذين ُب صحيح البخاري
٦تَّن عُرفوا ابلبدعة واهتموا ابلبدعة ،ىذا يدؿ على ماذا؟ يدؿ على أف ا١تعيار ُب القبوؿ والرد دل يكن
كتااب اٝتو
عندىم ما يعتقده الشخص ،وإف كاف ٥تال ًفا وإف كانوا يذمونو ،وإف كاف البخاري يؤلف ً
خلق أفعاؿ العباد لَتد على مذىب طائفة ٦تن أخرج ٢تم ُب الصحيح وإف دل يرِو عنهم مباشرة ،فهذا
يدؿ على أف ا١تعيار ىو الصدؽ من جهة العدالة ،والضبط من جهة اإلتقاف واٟتفظ؛ فالعدالة
تتمحور على الصدؽ ،والشرط الثاين على مدى الضبط واإلتقاف.
كيف كانوا يعرفوف؟ كانت ٢تم وسائل متعددة يف معرفة الةضابط ،رٔتا الدرس اٟتديثي ىذا يتعلق
ابلصناعة ،وليس لنا ندخل يف تفاصيل كثَتة فيو ،لكن ابختصار شديد:
ٔ .من أىم الطرؽ والوسائل قةضية ا١تقارنة؛ مقارنة ا١تروايت ببعةضها ،وعرض حديث الراوي على
حديث َمن عُ ِرفوا من ا١تشاىَت من أحاديث الشيوخ وعمل دراسة ٢تذه ا١تتوف.
ةضا دراسة ا١تتوف مستقلة ،وإف دل تعرض على حديث شخص آخر ،فقد تكثر ٕ .ومن الطرؽ أي ً
ا١تناكَت ُب حديث را ٍو فيحكموف عليو ابلضعف وإف دل يعرفوه .قرأًن الًتٚتة ىنا ُب أحد الدروس
ألٛتد إبراىيم اٟتليب من اٞترح والتعديل البن معُت ،قاؿ ابن أيب حاًب صاحب (اٞترح والتعديل)،
أبوه أبو حاًب الرازي ،وىو من أكرب أئمة اٟتديث ،قاؿ :سألت أيب عن أٛتد بن إبراىيم اٟتليب
كبلما تفصيليًا وىو دل
وعرضت عليو أحاديثو فقاؿ :ال أعرفو ،وحديثو يدؿ على أنو كذابٍ ،ب ذكر ً
يعرفو ودل ٯتر عليو ىذا الراوي من قبل ودل يلتق بو ،ولكن من خبلؿ ا١تتوف والرواايت واألسانيد عرؼ
أنو كذاب.
ٗٔٔ
جدا ،واألمر اآلخر ليس
فالضبط ليس متعل ًقا كما قلنا ابلناحية ا١تذىبية أو شيء من ىذا ،ىذا بعيد ً
أيضا ابلسؤاؿ ا١تباشر أو االختبار ا١تباشر ،االختبار ا١تباشر قد يكوف من إحدى الوسائل ،لكن
متعل ًقا ً
اختبار ا١تتوف وعرض اٟتديث على أحاديث الثقات.ُ من أىم الوسائل
من الطرائف ُب قصة الضبط -طبعا ىناؾ قصة أخرى طريفة أكثر لكن ىذه أدؽٛ :-تاد بن سلمة
كثَتا عن
من الرواة البصريُت ا١تعروفُت يروي عن اثبت البناين ،واثبت من التابعُت الكبار ،فثابت يروي ً
كثَتا عن عبد الرٛتن بن أيب ليلى التابعي ،قاؿ ٛتاد :أتيت إذل اثبت فقلت لو" :كيف
أنس ويروي ً
قاؿ أنس ُب كذا وكذا؟" على األحاديث اليت رواىا اثبت عن عبد الرٛتن بن أيب ليلى وليس عن
أنس ،لكن ىو تعمد أف ٬تعل لو ما رواه عبد الرٛتن عن أنس كي ٮتترب ضبطَو ،ىو ٝتعها منو ،لكن
لَتى ىل ىو ضابط وعارؼ أنو حدث عن ىذا ومستمر على ىذا الضبط أـ ال فقاؿ" :ال ،ليس
طبعا ىذه اختبارات
ط"ً . "فعرفت أنو ضاب ٌ
ُ ىذا عن أنس ،وإ٪تا عن عبد الرٛتن بن أيب ليلى" ،قاؿ:
يرويها ا﵀دثُت بعضها تصَت فيها كوارث ومضارابت ومشاكل.
ومثل رفسة أبو نعيم الفضل بن دكُت رفس ٭تِت بن معُت ،٭تِت بن معُت إماـ ُب اٞترح والتعديل ،أبو
نعيم شيخ اإلماـ البخاري كبَت ،وأتوا ٮتتربونو على ىذه الدرجة من العلم ،كانوا على سفر اإلماـ أٛتد
طبعا
و٭تِت بن معُت واثلث ،فدخل ٭تِت بن معُت وأظن أٛتد وأظن الثالث دل يدخل ،اختربوهً ،
االختبار يُراد بو مسألة معينة ،ىل يقبل التلقُت أـ ال يقبل التلقُت؟ يسموىا ا﵀دثُت ،يقبل التلقُت
متنبها ،وإذا دل يقبل التلقُت
كيف؟ أي يلقن شيئًا خطأ ،فإذا قبل التلقُت عرفوا أنو ليس يقظًا ليس ً
ظ ،فكانوا يقلبوف عليو األحاديث ،٭تِت بن معُت ىو الذي كاف يفعلهاٍ ،ب ط جدِّا ويق ٌ
عرفوا أنو ضاب ٌ
ورعا ِمن أف يفعل ذلك ،وأما أنت -عن انتبو أبو نعيم ،فقاؿ :أما ىذا -يعٍت اإلماـ أٛتد -فهو أشد ً
ابن معُت -فأعطاه رفسة؛ ألنو مشكلة إذا اكتشف أنو دل يتنبو فسيذىب ٭تِت بن معُت يصيح ُب
اٟتديث ،فإذا ضرب عليو
ُ أس مالِو
البلداف :أخطأ أبو نعيم ُب كذا ،أخطأ أبو نعيم ُب كذا ،وأبو نعيم ر ُ
قدرىا من ا﵀ ِّدثُت.
ا﵀دثوف ذىب واعتُزؿ؛ ألنو ُب ذاؾ الوقت الكلمة ٢تا ُ
الشاىد :أف ىذا كبلـ ٥تتصر ُب قضية كيف كانوا يعرفوف الضبط.
٘ٔٔ
من الكتب ا١تفيدة فيو( :اٞترح والتعديل) لػ البلحم جيد ،عرض بعض األشياء ،وىناؾ رسالة ً
أيضا
٥تتصرة للدكتور خالد اإلدريس ،العنواف طويل نسيتو ولكن معٌت عنواف الرسالة :أثر نقد ا١تنت على
اٟتكم على الراوي؛ يعٍت جزء كبَت من ٦تارسة ا﵀دثُت ُب نقد ا١تنت كانت ُب أثناء حكمهم على
طبعا على َمن يقوؿ أف ا﵀دثُت
الراوي ىل ىو ثقة أو ال ،من خبلؿ دراسة متونو اليت رواىا ،وىذا ردّّ ً
ينقدوف اإلسناد وال ينقدوف ا١تنت ،يعٍت ٨تن نقوؿ ٢تم :القضية ليست قضية منت اآلف موجود عندكم،
أصبل دل ٭تكم عليو أبنو ثقة إال بعد ما درسوا متونو واختربوا
ال ،ترى ىناؾ نقد للمنت سابق ،يعٍت ً
أحاديثو .ىذه نقطة مهمة.
ٕ) القسم الثاين- :وىو األىم :-كيف نعرؼ ٨تن اآلف الراوي من جهة ضبطو وإتقانو؟
ىناؾ طريقتاف :طريقة وىي األصلية واألساسية اليت ينتفع هبا ُّ
كل الباحثُت ،وىناؾ طريقة مكملة ٢تذه
الطريقة ،الطريقة الثانية ال تغٍت عن األوذل ،ولكن األوذل قد تغٍت عن الثانية.
ٔ .الطريقة األوذل اليت ىي للباحثُت وال يستغٍت عنها أي أحد :الرجوع إذل كتب اٞترح والتعديل،
والنظر يف أحكاـ احملدثُت عن الراوي ،وسندخل ُب التفاصيل ىذه وكيف نعرؼ ابلتفصيل إذا قالوا
ىكذا يعٍت ىكذا.
ٕ .الطريقة الثانية ،ولكنها طريقة للكبار لكبار ا١تمارسُت لعلم اٟتديث والرواية -وال تغٍت عن
أيضا االستمرار يف دراسة
األوذل -وىي مع الرجوع إذل كتب التعديل والتجريح ومعرفة أحكاـ األئمة ً
متوف الراوي ١تعرفة بعض جوانب التحريف فيها؛ يعٍت ما زاؿ بعض كبار ا﵀دثُت اآلف يدرسوف
أحاديث الراوي يدرسوف ا١تتوف للوصوؿ إذل نتيجة ُب حكم الراوي.
َ
يعٍت مثبل :أذكر الشيخ عبد هللا السعد ُب أحد األشرطة -أظنو ُب شرح سنن أيب داود ،أظنو وهللا
أعلم ُب شرح كتاب الزكاة من سنن أيب داود جاء ٟتديث "وإف دل ِأىم" حديث عمرو بن شعيب عن
أبيو عن جده ُب شيء ُب زكاة الذىب ،قاؿ :استعرضت أحاديث عمرو بن شعيب ُب مسند أٛتد
عن أبيو عن جده؛ ألنو ٥تتلف ُب ىذه الرواية :ىل ىي حسنة أـ صحيحة ،أـ فيها ضعف؟ ١تا يصل
أيضا ،فرأيو من خبلؿ دراسة أقواؿ ا﵀دثُت ،ومن ِ
ا﵀ ّدث إذل مرحلة من التضلع اٟتديثي يكوف لو رأيو ً
ٔٔٙ
مثبل ٬تمع مئتُت ثبلٙتئة حديث ويعرضها على أصوؿ خبلؿ النظر أيضا يرجع إذل األحاديث ،يعٍت ً
الشريعة ،يعرضها على ا١تتوف األخرى ،يعرضها على أصوؿ حديث عبد هللا بن عمرو ،وٯتعن النظر ُب
ئي ولو وبعض األحياف ٭تصل استقراءٌ جز ّّ ُ ا١تتوف ،فقد يًتجح عنده أحد األقواؿ بناءً على ىذا النظر.
دل يكن الشخص من كبار ا﵀دثُت ،يعٍت أًن أذكر مرة رجعت إذل رواية -أظن سليماف بن بريدة عن
أبيو-؛ ألين الحظت أف البخاري أخرج رواية عبد هللا بن بريدة عن أبيو ،ودل ُٮترج رواية سليماف بن
بريدة عن أبيو٫ ،تا أخواف؛ سليماف تفرد أبحاديث عن أبيو مهمة وىي موجودة ُب (صحيح مسلم)،
صاه أمَتا على َجْيش أو َس ِريَّة أ َْو َ من أشهرىا :حديث أصل ُب اٞتهاد "كاف رسوؿ هللا ﷺ إذا َّأمر ً
خَتا ،فقاؿ :ا ْغُزوا بسم هللا ُب سبيل هللا ،قاتِلُوا َمن َك َفر اب﵁ ،ا ْغُزوا ومن معو من ا١تسلمُت ً
ِ
بتَػ ْق َوى هللاَ ،
ِ ِ
فادعُهم إذل ثبلث يت َع ُد َّوؾ ِمن ا١تشركُت ْ يدا ،وإذا لَق َ وال تَػغُلُّوا وال تَػ ْغ ِدروا وال تُ َػمثِّلُوا وال تَػ ْقتُػلُوا َول ً
ف عنهمٍ ،ب ْادعُهم إذل اإلسبلـ فإف أجابوؾ ِخصاؿ -أو ِخبلؿ ،-فأيػَّتُػ ُه َّن ما أجابوؾ فاقْػبَ ْل منهم وُك َّ
َخِ ْربىم أهنم إف فَػ َعلُوا ذلك فلهم ما ِ
َّح ُّوؿ من دارىم إذل دار ا١تهاجرين ،وأ ْ فاقْػبَ ْل منهمٍ .ب ْادعُهم إذل الت َ
َخِ ْربىم أهنم يكونوف كأ َْعَراب للمهاجرين وعليهم ما على ا١تهاجرين ،فإف أَبػَ ْوا أف يَػتَ َح َّولُوا منها فأ ْ
اى ُدوا مع ا١تسلمُت َ٬ت ِري عليهم ح ْكم هللا تعاذل ،وال يكوف ٢تم ُب الغَنِيمة وال َفيء شيء إال أف ُ٬ت ِ
َ ٌ ْ َ ُ ُ ْ
ف عنهم ،فإف ىم أَبػَ ْوا فاستَعِن فاسأَ ْ٢تم اٞتِْزيَةَ ،فإف ىم أجابوؾ فاقْػبَ ْل منهم وُك َّ ا١تسلمُت ،فإف ىم أَبػَ ْوا ْ
وذ َّمةَ نَبِيِّو ،فبل َْٕت َع ْل ٢تم ِذ َّمةَ
اب﵁ وقَاتِْلهم .وإذا حاصرت أَىل ِحص ٍن فأرادوؾ أف َٕتعل ٢تم ِذ َّمةَ هللا ِ
َْ َ ُ َْ َ ْ َ ْ
وذ َّمةَ أصحابكم أ َْى َو ُفوذ َّمةَ أصحابك؛ فإنكم أف ُٗتْ ِفروا ِذ٦تََكم ِ وذ َّمةَ نَبِيِو ،ولكن اجعل ٢تم ِذ َّمتك ِ هللا ِ
ُ َ ْ َ ْ ّ
ِ ِ ِ ِ ِ
ص ٍن فأر ُادوؾ أف تُػْن ِزَ٢تم على ُح ْكم هللا فبل ت أ َْى َل ح ْ حاصْر َمن أف ُٗتْفُروا ذ َّمةَ هللا وذ َّمةَ نَبِيِّو ،وإذا َ
يب فيهم ُح ْك َم هللا أـ ال" ،ىذا رواه سليماف صتُػْن ِزْ٢تم ،ولكن أَنْ ِزْ٢تم على ح ْك ِمك ،فإنك ال تَ ْد ِري أَتُ ِ
ُ ُ
أيضا حديث" :كنت هنيتُكم عن زايرة القبور فزوروىا" من حديث سليماف بن بريدة عن أبيو .وأظن ً
بن بريدة عن أبيو ،وحديث "أف النيب ﷺ صلى الصلوات بوضوء واحد يوـ اٟتديبية أو يوـ الفتح"،
أحدا طاعنًا عليو بشيءُ ،بٮترج البخاري ىذه األحاديث؟ وسليما ُف ثقةٌ ،ما وجدت ً فلماذا دل ِ
ّ
حديث عبد هللا بن بريدة عن أبيو ،وعبد هللا بعضهم تكلم فيو بشيء وإف كاف ىو ثقة،
َ ا١تقابل أخرج
مقنعا ،فقلت لنفسي أف أرجع ١تسند بريدة ُبوجدت جو ًااب ً
ُ من االستقراء البسيط وما قرأتو ما
ٔٔٚ
(مسند اإلماـ أٛتد) ،يعٍت أحاديث بريدة ُب مسند اإلماـ أٛتد ،أًن قَ َدح ُب ذىٍت شيء أنو قد يكوف
سليماف ما صرح ابلسماع من أبيو ،والذي جعلٍت أنطلق إذل ىذا أين وجدت كبلـ للبخاري يقوؿ:
متشدد ،فقلت لنفسي أرجع إذل (مسند
ٌ البخاري ُب السماع خاصة
ُّ ٝتاعا عن أبيو ،و
سليماف ال يذكر ً
اإلماـ أٛتد) وأرى إف كاف ىناؾ حديث قاؿ فيو حدثٍت أيب أو ٝتعت أيب ،وابلفعل مررت على
وجدت أنو ُب أي حديث ُب أي رواية قاؿ ُ أحاديث بريدة اليت رواىا سليماف بن بريدة عن أبيو ما
سليمافٝ :تعت أيب ،حدثٍت أيب ،كلها عن سليماف بن بريدة عن أبيو ،عن سليماف بن بريدة قاؿ:
قاؿ أيب ،ليس ُب أي رواية منها التصريح ابلسماع ،وىذا -لو صحت القضية ىذه -يدؿ على أف
طبعا من ًنحية
شرط البخاري قد يكوف أضيق من ٣ترد اللقاء؛ ألف سليماف مؤكد أنو لقي أابهً ،
مبكرا وىو صغَت ،ولكن ىذا يدؿ على أف شرط البخاري أضيق من قضية تعاصرا ما مات ً
َ التاريخ
يصرح ابلسماع ولو مرة واحدة ،لو صرح مرة واحدة كاف خبلص ،لكن ال توجد اللقاء ،فبل بد أف ِ
ّ
وال رواية فيما وقفت عليو صرح فيها ابلسماح.
الشاىد من الكبلـ أنو ال زالت قضية االستقراء والنظر ُب حديث الراوي مستمرة يستطيع اإلنساف
أف ينظر فيها.
اآلف السؤاؿ :ننظر ٟتديث من كتاب سنن أيب داود "حدثنا أبو سلمة موسى قاؿ :حدثنا ٛتاد ،عن
عبد هللا بن عثماف بن خثيم ،عن سعيد بن جبَت ،عن ابن عباس أف رسوؿ هللا ﷺ وأصحابو اعتمروا
من اٞتِعرانة فرملوا ابلبيت وجعلوا أرديتهم ٖتت آابطهم ٍب قذفوىا على عواتقهم اليسرى" .اآلف حىت
نعرؼ ىذا اٟتديث ىل ىو صحيح أـ ضعيف ،عندًن خطوات كثَتة ،من ا٠تطوات :النظر يف أحواؿ
الرواة من جهة الةضبط ،وقلنا :الطريقة األساسية ىي ُ
النظر ُب كتب اٞترح والتعديل؛ ١تعرفة حكم
الراوي ىل ىو ثقة أـ ضعيف؟ لنأخذ عبد هللا بن عثماف بن خثيم ،أختصر عليكم :أبو سلمة ثقة،
ٛتاد ثقة ،وابن عباس معروؼ ،وسعيد بن جبَت ثقة ،عندًن عبد هللا بن عثماف بن خثيم ،فيو تفصيل
وكبلـ ٭تتاج إذل أف نرى كتب اٞترح والتعديل ما قالوا فيو ،من كتاب (هتذيب التهذيب) البن حجر:
"عبد هللا بن عثماف بن خثيم القارئ ا١تكي أبو عثماف وذكر مشاٮتو والرواة عنو ،قاؿ ابن معُت :ثقة
ٔٔٛ
حجة ،وقاؿ العجلي :ثقة ،وقاؿ أبو حاًب :ما بو أبس صاحل اٟتديث ،وقاؿ النسائي :ثقة ،وقاؿ مرة:
ليس ابلقوي ،وذكره ابن حباف ُب الثقات" انتهى.
وحىت نعرؼ النقطة اليت قلتها لكم قبل قليل ،ابن حجر ماذا يفعل ُب (هتذيب التهذيب)؟ يضيف
"قلت :بقية كبلـ ابن
على (هتذيب الكماؿ) ،اآلف انتهى ما نقلو من (هتذيب الكماؿ) ٍب قاؿُ :
حباف :مات ُب سنة كذا ،وكاف ٮتطئ -ىذه العبارة مهمة -وذكره ابن حباف ُب الثقات" ،ىنا ابن
حجر زاد أف ابن حباف بعد ما ذكره ُب الثقات قاؿ وكاف ٮتطئ" ،وقاؿ عبد هللا بن الدورقي عن ابن
معُت :أحاديثو ليس ابلقوية ،نقلو ابن عدي ،وقاؿ :وىو عزيز اٟتديث ،وأحاديثو أحاديث ِحساف،
قاؿ ابن سعد :تُوُب ُب آخر خبلفة أيب العباس أو أوؿ خبلفة أيب جعفر ،وكاف ثقة ،ولو أحاديث
حسنة ،وأخرج النسائي لو حديثًا ٍب قاؿ :ابن خثيم ليس ابلقوي ،إ٪تا أخرجت ىذا لئبل ُ٬تعل البن
جريج عن أيب الزبَتٍ ،ب قاؿ :دل يًتؾ ٭تِت وال عبد الرٛتن حديث ابن خثيم ،إال أف علي بن ا١تديٍت
قاؿ :إف ابن خثيم منكر اٟتديث ،وكاف علي ُخلِق للحديث" ،ىذا كبلـ النسائي.
ىذه العملية كلها بعد ما نعرؼ كل واحد ثقة ٍب ننظر إذل اإلسناد ىل ىو متصل أو ال ،ونتعب ألف
اتصاؿ اإلسناد فيو تعب طويل مثل ىذا ،بعد ما نعرؼ أف اإلسناد متصل قد ٮترجوف كلهم ثقات
واإلسناد متصل ونفرحٍ ،ب نكتشف لو علة وكأننا دل نفعل شيء؛ ألف العلل تبدأ بعد اٟتكم على
السند أنو صحيح ،بعد ما نقوؿ كلهم ٘تاـ واإلسناد متصل ىيا اي علي بن ا١تديٍت اشتغل ُب العلل أو
أمثالُو ،ويبدأ استخراج العلل ا٠تفية ،واستخراجها يُعرؼ ُب الغالب ّتمع الطرؽ ،أكرب خطأ أنك
ٖتكم على حديث من خبلؿ إسناد واحد ،لكن ٨تن اآلف كمثاؿ للضبط فقط.
مراتب الرواة من جهة الةضبط واإلتقاف والعدالة واٟتفظ والةضعف:
قليبل ٍب نرجع لعبد هللا بن خثيم ،اآلف لدينا األلفاظ اليت تدؿ على اٞترح والتعديل على مراتب،
نقف ً
أو األلفاظ اليت تدؿ على التعديل مراتب ،واأللفاظ اليت تدؿ على اٞترح مراتب أيضا ،فهناؾ أشياء
تدؿ على أعلى مراتب التعديل ،وىناؾ شيء يدؿ على أدًنىا ،والكبلـ مثلو ُب اٞترح ،ا١تنطقة اليت ما
بُت أدىن درجات التوثيق وأخف درجات الضعف ىذه الدرجة يقع فيها اشتباؾ ُب األلفاظ ،يعٍت
ٜٔٔ
شديدا وإ٪تا خفيف ،رجل ثقة ولكن عنده أخطاء ،وعنده أشياء تنزؿ بو ىنا
رجل فيو ضعف ليس ً
تشًتؾ الدائرة ُب األلفاظ ،فيحتاج الناظر فيها إذل فهم و ذكاء وفطنة ْتيث يستطيع يتفرس ىل ىذه
نقسم كل الرواة إذل أربعة مراتب من جهة األلفاظ قِيلت ألنو ُب ىذه الدائرة ً
أصبل .نستطيع أف ّ
الةضبط واإلتقاف والعدالة واٟتفظ والةضعف:
ٔ) الطبقة األوذل :ىم الرواة العدوؿ الذين قَ َّل ا٠تطأُ يف حديثهم أو نَ َدر.
قل أف ٮتطئوا أو ما دوف
طبقة الرواة العدوؿ صادقُت غَت متهمُت بشيء ،وأما من جهة الضبط فهم َّ
حكم حديثِهم :٭تتج بو.القليل يندر أف ٮتطئوا ،فهؤالء ُ
كيف نعرفهم وما األلفاظ اليت تدؿ عليهم؟
َحفظ الناس ،و٨تو ذلك" .ىنا ركزوا األلفاظ اليت تدؿ على ىذه الطبقة" :ثقة ،ثبت ،حجة ،أ ْ
جيِّدا :لو وجدًن ُب را ٍو ٣تموعةً من ىذه األلفاظ ٍب وجدًن َمن أضاؼ إليها "ال أبس بو" ،ىنا ىذا ال
يؤثر؛ ١تاذا ال يؤثر؟ ألف األلفاظ اليت قِيلت فيو من جهة التقوية أكثر ،خاصة لو كاف قائلوىا من
ا﵀دثُت الكبار مثل :أٛتد ،وابن معُت ،والنسائي ،وأمثا٢تم .واألمر اآلخر أف "ال أبس بو" ُب النهاية
نوعا ما أخف من كلمة "ثقة" ،فمجموع اٟتاؿ ال يُشكل جرحا ،وإ٪تا تدؿ على التوثيق ،وىي ً
ليست ً
علينا.
ٕٓٔ
ىؤالء اآلف كيف يُعرب عنهم؟
-ا١ترتبة األوذل األصل يف التعبَت هبا عباراتف :صدوؽ ،ال أبس بو ،أحياًن ال أتٌب ال أبس بو ،أتٌب
صدوؽ خبلص ىذا األصل أننا ٨تتج بو و٨تتاج نتأكد ىل خالف أو ما خالف وما إذل ذلك.
-ا١ترتبة الثانية :ىذه يف الغالب ليس ٢تا لفظ واحد ،وإ٪تا ٣تموع ألفاظ ،ليس ٢تا عبارة واحدة
تعرب عن ىذه ا١ترتبة وإ٪تا ُب الغالب نفهم من ٣تموع ما قيل فيو أنو را ٍو ٥تتلف ُب االحتجاج بو وأنو
كثَت األخطاء ،وإف كاف ال زاؿ ُب دائرة الضبط العاـ ،ومن ىنا يبدأ اٟتكم على أحاديثو ،قد نرد
بعض أحاديثو ،ىذا ٭تتاج ٖتر ًيرا من شخص متقدـ ُب العلم وليس الشخص بعض أحاديثو ،وقد نقبل َ َ
ا١تبتدئ.
والشخص ا١تبتدئ قد يقلد أحد ا﵀دثُت الكبار ،مثبل أيتينا شهر بن حوشب (دراسة عن شهر بن
حوشب) وىي دراسة عن ىذا الراوي ُب (٘ ٣تلدات) ١تاذا؟ ألنو من ا١ترتبة الثانية ،فقد ٕتد فيها
أٝتاء معروفة :شريك النخل القاضي الفقيو ا١تشهور .طبعا الشخص غَت ا﵀رر أيخذ عبارة سريعة
ويقوؿ شريك سيء اٟتفظ ،دائما ٧تدىا ُب التحقيقات "فيو شريك وىو سيء اٟتفظ ،وىو حديث
ضعيف" ،ىذه العبارة السريعة ا١تعلبة ما تصلح ،اإلماـ أٛتد ُسئِل عن شريك إذا تفرد ْتديث ،ىل
٭تتج بو؟ فقاؿ :ال تسألٍت ىذا السؤاؿ؛ يعٍت القضية فيها نوع من اإلشكاؿ عند اإلماـ أٛتد ،شهر
بن حوشب ٕتد اإلماـ أٛتد يوثقو وابن معُت يوثقو ،والعبارات األخرى للمحدثُت فيها تضعيف ،ىذه
القضية ليست معضلة؛ أعٍت أنو ال ٯتكن أف ٖتل ،ال ،فهي ٖتل ،ولكن ٖتتاج إذل ٖترير ،وُب الغالب
قد ال ٗترج ْتكم واحد على الراوي ،وإ٪تا ٗترج ْتسب اٟتديث الذي يرويو ،فإذا تفرد ىذا الراوي
مثبل من ىذه الطبقة يتفرد مثبل ْتديث أصل من األصوؿ دل يروه غَتُه ،ىنا ُب الغالب ال يُقبل١ ،تاذا؟
التفرد ضعي ًفا،
أصبل التفرد ٦تنوع ،ليس ُ ألنو ليس معو من الضبط واإلتقاف ما ُ٬ت َرب بو حاؿ التفرد ،ألف ً
ولكن فيو نوع من الذـ والضعف والنقص ،فإذا جرب ىذا النقص بكوف ا١تتفرد من الطبقة األوذل مثبل
اٟتديث ،حىت من الثانية بعض األحياف ،والتفرد يدخل فيو أشياء كثَتة ،منهاَ :من الذي َ يصححوف
أصبل من األصوؿ ،حىت لو ُب األحكاـ تفرد؟ ومنها :ما ا١تنت ا١تتفرد بو؟ فإذا كاف منت ا١تتفرد بو ً
ص ُب حديثو ُب حكم مثبل اإلماـ أٛتد نَ َّ
حكما ىو أصل ُب الباب؛ ىنا قد ٕتد ً الفقهية ولكن يكوف ً
ٕٔٔ
ابلنص" :قاؿ حكم من األحكاـ تفرد بو دمحم بن إسحاؽ وال أحكم ﵀مد بن ِّ ُب الطهارة قاؿ
إسحاؽ" ،ألنو امتزج األمر بُت أف ا١تتفرد دمحم بن إسحاؽ وليس بتلك القوة وزايدة على ذلك أف ىذا
اٟتديث حكم من األحكاـ وتفرد بو ،دل يرِو ىذا اٟتكم إال دمحم بن إسحاؽ .فهؤالء ُب الغالب ليس
ىناؾ حكم واحد على ِّ
كل أحاديثهم و٢تم أمثلة.
ٖ) الطبقة الثالثة :العدوؿ الذين كثر خطؤىم إذل درجة التأثَت عليهم ابلةضعف.
ٔتعٌت أف ىذا الراوي وصل أف حكمو ضعيف ،ومن الواضح أنو ال ٭تتج ْتديثو ،قد يُعترب بو ،وىذه
العبارة فيها تفصيل .ىنا قد أيٌب َمن يرى األخذ أبحاديث فضائل األعماؿ ابلضعيف؛ فَتوي
صحيحا.
ً قوال متف ًقا عليو ،وإف نقلو بعضهم ابتفاؽ ،ولكن ليس
طبعا ىذا ليس ً
اٟتديث ىذاً ،
مثبل ليس ابلقوي،األصل يف ىذه العبارات ىي :ضعيف ،لَُِّت ،وىناؾ عبارات فيها نوع ضعف ً
ب حديثو ،ىذه كلها عبارات توىُت ،ولكنها ليست
ىذه ليست مثل ضعيف فهي أىوف مثل :يُكتَ ُ
بدرجة واحدة.
ٗ) الطبقة الرابعة :ا١تًتوكوف والكذابوف وا١تتهموف ،ال ٭تتج ْتديثهم وال يعترب هبم.
العبارات اليت تدؿ عليهم" :كذاب ،مًتوؾ ...إخل".
اآلف ىذا تقسيم عاـ.
ونرجع اآلف إذل عبد هللا بن عثماف بن خثيم ،لنرى عبارات الضعف ،أقوى عبارة قِيلت فيو عبارة علي
بن ا١تديٍت قوية شوي :منكر اٟتديث ،وىي تُصنَّف من ا١ترتبة الثالثة إذا أتت وحدىا ،لكن ما ننظر
طبعا بعض األحياف العبارة قد تدؿ على أكثر من أيضا من الكبارً ، ٢تذه العبارة وحدىا وإ٪تا ننظر ً
معٌت وتُفهم ُب ضوء كبلـ اآلخرين ،األصل ُب النكارة ىي نوع ضعف ببل شك ،ولكن بعض
ِ
يؤدي ِ
يؤدي إذل الرد ،واالستنكار قد يتعلق ابلتفرد الذي قد ّ األحياف تدؿ على نوع من االستنكار ال ّ
استنكارا فيقوؿ لك :ىذا حديث تفرده عند الناقد ِ
ً كثَتا فيُػ َولّد ُ
إذل الضعف ،يعٍت يكوف الراوي يتفرد ً
منكر ،ويعٍت ابلنكارة ىنا أف ىذا التفرد فيو نوع ٦تا أاثر استفهاـ الناقد.
ٕٕٔ
فيبدو رل -وهللا أعلم -أف عبارة علي ا١تديٍت ىنا ...وما داـ أشكل علينا زايدة ٦تكن نرجع إذل أٚتع
كتاب ُب اٞترح والتعديل (هتذيب التهذيب) البن حجر ،لكن ال أبس أف نرجع إذل كتب أخرى إذا
أشكل علينا مثل ىذا ،ألنو عندًن عبارة ابن معُت يقوؿ" :ثقة حجة" يعٍت من ا١ترتبة األوذل ،ثقة
حجة ٚتع بُت عبارتُت ،وعلي بن ا١تديٍت يقوؿ" :منكر اٟتديث" ،والنسائي مرة يقوؿ كذا ومرة يقوؿ
طبعا ىذا ليس تضعي ًفا صر٭تًا،
كذا ،ولعلي بن ا١تديٍت روايتاف؛ مرة يقوؿ" :أحاديثو ليست ابلقوية" ً
أيضا النسائي مرة قاؿ :ثقة ،ومرة قاؿ" :ليس ابلقوي" ،وأيضا
و"عندًن ما بو أبس ،صاحل اٟتديث" .و ً
حديث ابن خثيم" ،٭تِت بن سعيد القطاف شيخ أبو نعيم،َ قاؿ النسائي" :دل يًتؾ ٭تِت وال عبد الرٛتن
وأٛتد ،وابن ا١تديٍت ،وشيخو إماـ الدنيا شعبة بن اٟتجاج ،شعبة صنع ٭تِت و٭تِت صنع ىؤالء الثبلثة،
أيت ُب كتب اٞترح والتعديل تركو ٭تِت أو روى عنو ٭تِت أو حدَّث عنو ٭تِت فهو القطاف دائما إذا ر َ
ً
جرحو وتعديلُو عمليًا وليس قوليًا ،يوجد أقواؿ لو
دائما١ ،تاذا؟ ألف ٭تِت القطاف كاف ُ
وليس ابن معُت ً
معٌت ُب اٞترح والتعديل،
ولكن ا١تمارسة أكثر ،فمجرد رواية ٭تِت القطاف عن شخص فهذه تعٍت ً
أيضا ،فكونو يقوؿ ىنا :دل يًتؾ ٭تِت وال عبد معٌت ً
و٣ترد تعمد إعراضو عن رواية حديثو ىذه ٢تا ً
الرٛتن حديثَو؛ ىذه فيها تقوية البن خثيم.
ىنا عبد هللا بن عثماف بن خثيم ،من كتاب (الضعفاء الكبَت) للعقيلي ،وىو كتاب نفيس وطريقتُو ُب
طبعا كتب اٞترح والتعديل بشكل عاـ تنقسم إذل اٞترح والتعديل ليست مثل ىذه الطريقةً ،
قسمُت :قسم كتب اٞترح والتعديل األصلية اليت قاـ ُكتّ ُاهبا ابلنقد ا١تباشر للراوي ،وكتب اٞترح
والتعديل اٞتامعة اليت ٚتعت من كتب اٞترح والتعديل األصلية ،مثل :األحاديث ا١تسندة ،وكتب
األحاديث اٞتوامع مثل( :بلوغ ا١تراـ من أدلة األحكاـ) اليت انتقت من الكتب ا١تسندة :أيب داود،
والًتمذي ،والنسائي ...إخل ،ىذا من الكتب األصلية للعقيلي.
"عبد هللا بن عثماف بن خثيم :حدثنا دمحم بن عيسى قاؿ :حدثنا عمرو بن علي قاؿ :حدثنا عبد
الرٛتن ،فقلت لو :حدثنا بشر بن ا١تفضل ،قاؿ حدثنا ابن خثيم ،عن سعيد بن جبَت ،عن ابن عباس
ايت من ىذارسوؿ هللا ﷺ" :عليكم ابإلٙتد فإنو يشد البصر وينبت الشعر" فقاؿِ : قاؿ :قاؿ ُ
الضرب ،وكاف ٭ت ِّدث عن الرجل ابٟتديث والشيء وال ٭تدث ْتديثِو كلِّو ،وكاف ٭تِت أو عبد الرٛتن
ٖٕٔ
ال ٭ت ّداثف عن ابن خثيم ،وىناؾ ماذا قاؿ؟ قاؿ ٭تِت وعبد الرٛتن ُ٭تداثف ،وقاؿ ا﵀قق بشار عواد -
إماـ من كبار ا﵀ققُت :-ىكذا ُب النسختُت .وما أظنو إال من الوىم ،فالصواب ٭تداثف من غَت ذا،
كما ُب اٞترح والتعديل- ،ىنا ا١تصدر أعلى -والكامل ابن عدي ،ويؤيد ذلك ما قاؿ النسائي ُب
حديث ابن خثيم وال عبد الرٛتن".
َ ابن حجر :٭تِت بن سعيد القطاف دل يًتؾ
ا١تشتبو الذي نقلو ُ
احدا١ ،تاذا يذكر
طبعا العقيلي طريقتو دل يذكر إال حديثًا و ًوىنا وىم العقيلي ،لكن السياؽ ٤تتملً ،
ىذا اٟتديث ُب ترٚتة را ٍو اآلف ُب كتاب جرح وتعديل؟ العُقيلي أيٌب ببعض األحاديث ا١تنكرة على
الراوي ،وىذه مسألة دقيقة فلو كاف عندؾ را ٍو مثبل من الطبقة الثانية من ا١ترتبة الثانية قد ٖتتج
االحتجاج هبا اليت أُنكرت عليو بعينها ،طيب
ُ أبحاديثو ُب بعض األحياف ،من األحاديث اليت يبعد
كيف أعرؼ األحاديث اليت أنكرت عليو بعينها من مثل كتاب (الضعفاء) للعقيلي ومن مثل كتاب
أج ُّل وأفضل من كتاب (الضعفاء) وإف كاف العقيلي أقدـ وفاة من (الكامل) البن عدي ،و(الكامل) َ
ابن عدي.
أود أف أقوؿ لكم أننا لو قرأًن ُب ٣تموع ىذه الكتب ٍب قرأًن ُب (هتذيب التهذيب) فسًتوف ىل ٨تن
احتجنا إذل التفصيل أـ ال ،يعٍت خطأ أنٌب و٩تتصر ا١توضوع.
(ميزاف االعتداؿ) للذىيب مهم و٦تتاز .عبد هللا بن عثماف بن خثيم ُب كتاب (ميزاف االعتداؿ) للذىيب
قاؿ" :روى ابن الدورقي عن ابن معُت أحاديثو ليست ابلقوية- ،نفس الذي قالو ابن حجر ،-وروى
أٛتد عن ابن معُت ثقة حجة ،روايتُت عن ابن معُت ،وقاؿ الفبلس :قلت ١تهدي حدثنا بشر بن
ا١تفضل ...إخل ،نفس الرواية عن العقيلي .قاؿ أبو حاًب :ابن خثيم ما بو أبس ،صاحل اٟتديث ،وقاؿ
مرة :ال ٭تتج بو ،وقاؿ النسائي عقيب حديثو "عليكم ابإلٙتد" :لُت اٟتديث" انتهى .ىذا (هتذيب
ميزاف االعتداؿ).
ُب (الكامل) البن عدي" ،عبد هللا بن خثيم مكي ،قاؿ :حدثنا أٛتد بن علي بن ْتر ،قاؿ :حدثنا
عبد هللا الدورقي ،قاؿ ٭تِت بن معُت :عبد هللا بن عثماف بن خثيم أحاديثو ليست ابلقوية ،حدثنا
علي بن أٛتد بن سليماف ،قاؿ :حدثنا أٛتد بن سعد بن مرًن ،قاؿٝ :تعت ٭تِت بن معُت يقوؿ:
ٕٗٔ
عبد هللا بن عثماف بن خثيم ثقة حجة ،كتب إرل دمحم بن حسن قاؿ :حدثنا عمرو بن علي ،وذكر
اٟتديث الذي ذكره العقيلي (حديث اإلٙتد)- ،نفس الرواية نقلها العقيلي ىنا ابإلسناد والعقيلي
ابإلسناد ،وىنا كاف ٭تِت وعبد الرٛتن ٭تداثنو ،وىذا يدؿ على أف العقيلي واىم ، -حدثنا دمحم ،قاؿ:
أخربًن عبد هللا بن خثيم -وذكر حديث (اٟتجر األسود)ٍ ،ب قاؿ :وإبسناده أف النيب ﷺ وأصحابو
اعتمروا من اٞتعرانة."...
"قاؿ الشيخ وىو ابن عدي -وابن عدي ثقيل ووزنو ثقيل وتفصيلو جيد :-والبن خثيم ىذا أحاديث
وىو عزيز اٟتديث (أي ًندر اٟتديث) ،وأحاديثو أحاديث حساف ٦تا ٬تب أف يكتب"ُ .ب الغالب
تقرأ للمحدثُت وٕتد حكم ابن عدي مرتبًا ،ويبدو رل أف ىذا ىو اٟتكم الفصل فيو ،أحاديثو أحاديث
حساف ،جيدة ،مقبولة ُب اٞتملة٦ ،تا ٯتكن أف ٭تتج بو ما دل ٮتالف؛ ما دل أيت حديث أصح منو
ٮتالف ىذا اٟتديث ،ما دل يتفرد بزايدة دل يذكرىا غَتُهُ .ب األصل أف روايتو جيدة مقبولة ما دل
استنكره. تُستنكر ،وما دل يستنكره األئمة بعينو ،يعٍت (حديث اإلٙتد) يوجد أكثر من و ٍ
احد
َ
بشار عواد ُب اٟتاشية زاد لنا رواة ُب اٞترح والتعديل ما ذكر ،و(التاريخ الكبَت) ُب البخاري بقيمة
بعض األحاديث.
ىذا الرجل اإلماـ ،البخاري ىنا عاد ًة ال ٬ترح وال يعدؿ ،لكن قد يعلّل َ
توجد ميزة ُب كتاب (التاريخ الكبَت) لئلماـ البخاري ستأتينا -إف شاء هللاُ -ب الدروس القادمة ُب
اتصاؿ اإلسناد؛ شرط اتصاؿ اإلسناد .سؤاؿ :كيف نعرؼ أف االسناد متصل؟ من ا٠تطوات أف نرجع
للكتب اليت اعتنت ببياف السماعات :فبلف ٝتع من فبلف ،من أ٫تها( :التاريخ الكبَت) للبخاري.
ىنا عبد هللا بن عثماف بن خثيم ،الحظوا تقريبا ىذا شيء دل يذكر ىناؾٝ ،تع من أيب الطفيل
الصحايب وسعيد بن جبَت و٣تاىد ،البخاري إذا قاؿ لك ٝتع انتهينا ،قاؿ ٭تِت القطاف :قدمت مكة
سنة (ٗٗ) وقد مات عبد هللا بن عثماف ،كناه جرير ،ىو من القارة انتهى .طبعا األصل ُب كتاب
(التاريخ الكبَت) أنو ما ٭تكم على الراوي ،لكن ىو مصدر من مصادر العلل والسماعات ،العلل
كيف؟ أيٌب أبحاديث مستنكرة للراوي ويعل فيها ويتكلم ،يعٍت يوجد صنعة حديثية ُب (التاريخ
الكبَت) وإف كاف كتاب تراجم.
ٕ٘ٔ
احملاضرة السابعة:
ا١تقدمة:
ُّزىة).
طبعا ال يوجد شيء نقرأهُ ُب (النُّخبَة) ،لكن نقرأ ُب (الن َ
ابلنسبة التصاؿ اإلسناد ً
• تعريف اتصاؿ اإلسناد:
ٍ
سقوط فيوْ ،تيث يكوف كل من رجالو إسناده من ُّزىة)" :وا١تتصل ما َسلِ َم
ُ ابن حجر ُب (الن َ
قاؿ ُ
روي من شيخو ،والسند تق ّدـ تعريفو".ٝتع ذلك ا١تَ َّ
ىذا تعريف شرط ا١تتصل الذي ذكره ُب (النُّخبَة) وىو واضح ،التعريف واضح أ ّف االتصاؿ ىو عدـ
كل را ٍو ٝتع ِمن الذي فوقو.
االنقطاع ،أف يكوف ُّ
طبعا ىذا التعريف فيو عموـ؛ ألف االتصاؿ ال ينحصر ُب السماع.
ً
ا١تروي من شيخو" كأنّو حصر االتصاؿ ُب
ّ ىو ىنا قاؿْ" :تيث يكوف كل من رجالو ٝتع ذلك
السماع؛ أل ّف ىذا من شروط اٟتديث الصحيح .وىذا
السماع ،وابلتارل تنحصر الصحة ُب ماذا؟ ُب ّ
ذكره على سبيل االختصار فقط؛ ألف أعلى صورة من صور االتصاؿ ىي
كبلـ غَتُ دقيق إال إذا كاف ُ
ٌ
السماع.
ّ
ٕٔٙ
• صور أخرى التصاؿ اإلسناد:
مثبل:
أيضا ،منها ً
لكن ىناؾ صور أخرى غَت السماع تعترب من االتصاؿ ً
ٔ) اإلجازة:
اإلجازة ليس فيها ٝتاع يف بعض األحياف ،فيكوف فيها اتصاؿ ويُنبئ عنها الراوي الذي أُجيز
متصبل.
بقولو« :أخربان الشيخ« ويكوف ً
اٟتديث الذي
َ أيضا تعترب من درجات االتصاؿ؛ ٔتعٌت أف
طبعا ىي دوف السماع ببل شك ،ولكن ىي ً ً
وي عن طريق اإلجازة نستطيع أف نقوؿ إنّو متصل اإلسناد إذا توفرت فيو شرو ُط القوة ،واإلجازة
ُر َ
بعضهم يفردىا بعنواف خاص وىي أيضا من صور اإلجازة ولكن ُ توجد صور منها ضعيفة ،و ً
«ا١تناولة».
ٕ) ا١تناولة:
عٍت» ،ىذا أعلى مكتواب فيناولو لتلميذه فيقوؿ« :ار ِو ىذا ّ
ً وا١تناولة أف يكوف عند الشيخ حديثُو
صور اإلجازة ،وىي ِمن صور االتصاؿ ،وُب صحيح البخاري طائفة من األحاديث مرويّة اب١تناولة.
كثَتا يقوؿ" :ح ّدثنا أبو
طبعا َمن يقرأ ُب الصحيح ٬تد البخاري ًومنها :نسخة أيب اليماف عن شعيبً .
دائما بػ«أخربًن» وليس بػ «حدثنا»اليماف قاؿ :أخربًن شعيب" فَتوي بُت أيب اليماف وبُت شعيب ً
طبعا اإلجازة ال يصح أف تقوؿ فيها «ح ّدثٍت فبلف».
ووجو ذلك أهنا إجازةً .
كبلـ غَت ٍ
دقيق. حصر االتصاؿ ُب السماع؛ ىذا ٌ ُ
الشاىد من الكبلـ ابختصار ىو أ ّف َ
وجوىا من اٟتديث ،منها :ما يتعلّق ٔتسألة
ويتضمن ً
ّ يتضمن مسائل،
الكبلـ عن اتصاؿ اإلسناد ّ
عملية ،وىي رٔتا تُعترب أىم مسألة ُب قضية اتصاؿ اإلسناد :كيف نعرؼ اتّصاؿ اإلسناد؟ كيف
نعرؼ أ ّف اٟتديث متصل اإلسناد؟
ٕٔٚ
• طرؽ معرفة اتصاؿ اإلسناد:
عندًن طرؽ ُب ذلك ،أوؿ مرتبة من اكتشاؼ االتصاؿ ،ودعوًن اآلف نرّكز على السماع ْتكم أنو
األشرؼ..
طبعا ىذا ىو التقرير العاـ الذي ذكرتو اآلف ،وتوجد استثناءات ،وىذه االستثناءات تُعرؼ بػ«علم
ً
العلل»؛ ٔتعٌت قد ٕتد حديثًا فيو "ح ّدثنا فبلف ،وقاؿ ح ّدثنا فبلف ،وقاؿ ح ّدثنا فبلف"ٍ ،ب أيتيك ُ
أحد
اٟتديث فبل ٌف عن ٍ
فبلف. َ األئمة فيقوؿ :دل يَسمع ىذا
كيف دل يسمع وىو يقوؿ :حدَّثنا ،حدَّثنا ،حدَّثنا؟!
عندما تقرأ ُب كتب الرجاؿ ٕتد أ ّف ىذا ٝتع من ىذا ،ولكن اإلماـ يقصد أف ىذا اٟتديث بعينو دل
بعض األشياء.
طبعا ىذه عن طريق علم العلل؛ ٕتمع الطرؽ فتكتشف َ يُسمع ،حسنًا كيف؟ ً
-مثاؿ :من ذلك ً
مثبل حديث رواه األعمش عن أيب صاحل.
ٕٔٛ
طبعا األعمش :سليماف بن مهراف مدلِّ
جدا ،وأبو صاحل ً كثَتا ً
ً افالسم
ّ صاحل أيب عن ويروي س،
ى هبا طائفة كبَتة
كثَتا ،فسلسلة األعمش عن أيب صاحل عن أيب ىريرة يػُْرَو َ
اتبعي ،ويروي عن أيب ىريرة ً
من أحاديث الصحيحُت.
اآلف األعمش إذا قاؿ« :عن أيب صاحل» فقد يكوف دلَّس اٟتديث؛ ألنو مدلّس ،وإذا قاؿ «ح ّدثنا
أبو صاحل» فنعرؼ أنو دل يدلِّس اٟتديث.
ُب حديث من األحاديث روى طائفة من أصحاب األعمش عنو أنو قاؿ :عن أيب صاحل كذا ،عن أيب
ىريرة عن رسوؿ هللا ﷺ ،وذكر اٟتديث.
واحد فقط من الرواة عن األعمش قاؿ« :عن األعمش قاؿ :ح ّدثنا أبو صاحل».
أعيد :اآلف عندًن حديث عن األعمش عن أيب صاحل عن أيب ىريرة وىو حديث مشهورَ " :م ْن َّنفس
اٟتديث عن األعمش ٚتاعة:
َ عن مؤم ٍن كربةً من كرب الدنيا "...روى ىذا
-واح ٌد من الذين رووه عن األعمش قاؿ« :عن األعمش ح ّدثنا أبو صاحل» اليت ىي صيغة السماع
فزالت هتمةُ التدليس اآلف.
-البقية َرَووه« :عن األعمش عن أيب صاحل» ابلصيغة ا١تو٫تة للتدليس ،ال تدؿ على التدليس وال
تدؿ على االتصاؿ؛ يعٍت ىنا ُب حق ا١تدلّس ٖتتمل.
ثت عن أيب صاحل» نفس اٟتديث ،ىذه صيغة ِ
-واحد آخر روى اٟتديث عن األعمش قاؿُ « :ح ّد ُ
األعمش َِٝت َع من أيب صاحل ١تا قاؿُ « :ح ِّدثت عن أيب صاحل».
ُ تدؿ على االنقطاع فلو كاف
ىنا اآلف عندان احتماالت:
ثت» .لكن ىذا ِ
احتماؿ يكوف األعمش ٝتعو مرة من أيب صاحل ،ومرةً ٝتعو بواسطة ،فقاؿ « ُح ّد ُ
كل را ٍو ٭ترص على َّأال يكوف ىناؾ واسطة بينو
االحتماؿ بعي ٌد؟ ألف َّ
ُ جدا١ .تاذا
جدا ً
احتماؿ بعيد ً
نتصور ما قيمة ذلك عندىم ،ومهما قلنا أهنم ٭ترصوف على علوَ وبُت الشيخ ،فنحن ال نستطيع أف
اإلسناد ال تستطيع ،اآلف يدخل ُب التدليس الذي ىو الباب الشائك ،والباب الذي قد يكوف ُب
ٕٜٔ
بعض األحياف فيو قدح ُب الدين -بعض األحياف -واألصل ال ،كل ىذا ألجل علو اإلسناد؛ يعٍت
ىذا من أىم األسباب ،فعلو اإلسناد عندىم شيءٌ غَت عادي.
ٝتاعا ١تا قاؿ وال ُب أي يوـ من األايـ أنو « ُح ِّدث عن
اٟتديث عند األعمش عن أيب صاحل ً
ُ فلو كاف
أيب صاحل» ىذه ال ٯتكن أف أتٌب.
ث عن أيب صاحل»؛ يعٍت ىذا شيء موجود اآلف ،وعندًن عندًن الراوي يقوؿ أف األعمش قاؿُ « :ح ِّد َ
را ٍو ُب ا١تقابل يقوؿ :قاؿ األعمش ح ّدثنا أبو صاحل مباشرة ،والبقية كلّهم رووا الصيغةَ ا﵀ايدة اليت
ٖتتمل ىذه وٖتتمل ىذه.
بن عماربعض كبار ا﵀ ّدثُت مثل بن عمار الشهيد ،وىذا من األحاديث اليت انتقدىا ُ ىنا جاء ُ
حدثنا أبو صاحل»الشهيد على اإلماـ مسلم ُب صحيحو ،فرأى أف الذي َروى عن األعمش قاؿَّ « :
اجململ ُب «عنو» .ما الذي كشف وأابف لنا ت ف
َ كش اليت وىي الصحيحة، ىي « ثت أخطأ ،وأف «ح ِّ
د
َ ْ ُ
حدثنا» تعارضها ،قاؿ" :أخطأ الراوي" مع أنو ثقة.ثت» .طيب بقي « َّ ِ
وجوَ اإلٚتاؿ فيها؟ « ُح ّد ُ
حسنًا ،اآلف ما وضع ىذا الكبلـ من ا٠تارطة؟
حدثنا» فهي ٝتاع ،لكن ىناؾ استثناءات ُب بعض األحياف يكوف ىناؾفاألصل إذا وجدًن « َّ
« َّ
حدثنا» ،وتكوف معلولة.
ثت» على « َّ
حدثنا»؟ -سؤاؿ :شيخنا ،وجو ترجيح « ُح ِد ُ
ثت» ،فحملُها على أف الراوي أخطأ ،خاصة أنو ما ِ اٞتواب :يبعُد أف يكوف بػ« َّ
حدثنا» ويقوؿ « ُح ّد ُ
أيضا « ُح ِّدثت» ما رواىا إال واحد ،الًتجيح ىنا الواحد ىنا ال َرَوى حدَّثنا إال واحد ،قد تقوؿ و ً
ألهنا أشرؼ ويطمح إليها احد؛ ّيكافئ الواحد ىناؾ؛ ألف حدَّثنا لو كانت موجودة لرواىا أكثر من و ٍ
ُ
كثَتا ْتدَّثنا ،فحُت بو ث الرواة أكثر ،فاألعمش نفسو لو كاف عنده ىذا اٟتديث ٝتاعا ٟترص أف ٭ت ِّ
د
ً ً
ثت» ىي األرجح ،وىذا ليس شيئًا ثت» ُب الغالب؛ يكوف « ُح ّد ُ أتٌب «ح ّدثنا» ويعارضها « ُح ّد ُ
حدثنا» فرواه ٤تفوظًا ما رواهقطعيًا يقينيًا؛ ولذلك مسلم -رٛتو هللا -أخرج حديثًا ُب صحيحو بػ« َّ
منقطعا .ولكن ىناؾ َمن أعلّو ،ولو تتبّعنا ىل ىو ابن عمار الشهيد فقط أـ غَت ابن عمار؟ ىذه ورقة ً
ٖٓٔ
صغَتة البن عمار الشهيد وىو من ا﵀ ّدثُت الكبار ،فيها ستة وثبلثُت حديثًا تع ّقب هبا اإلماـ مسلم،
مثلما فعل الدارقطٍت مع البخاري ومسلم ،ابختصار ماذا يقوؿ؟:
حديث األعمش عن أيب صاحل ،عن أيب ىريرة ،عن النيب ﷺ:َ "ووجدت فيو -أي ُب صحيح مسلم-
س عن مؤم ٍن ُكربةً "...اٟتديث .قاؿ أبو الفضل -ابن عمار الشهيد :-وىو حديث رواه " َمن نػَ َّف َ
ا٠ترب ُب إسناده غَت أيب أسامة
ا٠تلق -يعٍت رواه ٚتاعة كبَتة -عن األعمش عن أيب صاحل ،فلم يذكر َ
-ا٠ترب الذي ىو ح ّدثنا -فإنو قاؿ فيو عن األعمش قاؿ :حدَّثنا أبو صاحل ،ورواه أسباط بن دمحم ،عن
ثت بل عن بعض أصحابو ،يعٍت األعمش ،عن بعض أصحابو" ،أًن قلت ُح ّد ُ
ثت ىي ليست ُح ّد ُ
حدَّد َم ْن الذي روى عنهم ،يعٍت عن األعمش ،عن أصحابو ،عن أيب صاحل ،فيوجد واسطة بُت
األعمش وبُت أيب صاحل" ،رواه أسباط بن دمحم ،عن األعمش ،عن بعض أصحابو ،عن أيب صاحل ،عن
أيب ىريرة" .قاؿ بن عمار" :واألعمش كاف صاحب تدليس ،فرّٔتا أخذ عن غَت الثقات".
وطبعا ليس ىذا ٣تاؿ ترجيح ،أيهما أرجح٨ ،تتاج الرجوع لكبلـ ا١تتقدمُت عن إذف ىذه ا٠تبلصةً ،
ىذا اٟتديث ،وأظن يوجد كبلـ ُب (العلل) البن أيب حاًب ،وال يوجد ٣تاؿ اآلف ألف نتتبّع.
ولو رجعنا لكبلـ ا١تتق ّدمُت وا١تتأخرين ،فننظر ىنا :ىل نظرهتم ىنا اتفقت مع نظرة بن عمار أو نظرة
مسلم؟ ولكن ا١تهم أ ّف الفكرة اتضحت ،وىي :أنّو قد يكوف ىناؾ لفظ «ح ّدثنا» ،ولكنّو يكوف
معلوال غَت ٍ
٤تفوظ. ً َ
حسنًا ،ىل ىذا ىو األصل؟ أـ األصل أ ّف ح ّدثنا تدؿ على االتصاؿ؟ ىذا األصل أف تكوف
طبعا.
٤تفوظةً إذا كانت من طريق الثقات ً
ٖٔٔ
• اإلرساؿ ومثاؿ حديث اٟتسن البصري:
فمثبل :اٟتسن البصري معروؼ أنّو
بعض األحياف أيٌب «حدَّثنا» أو «أخربًن» ليس من طريق الثقاتً ،
كاف صاحب ٍ
إرساؿ ،واب١تناسبة ىذا معٌت التدليس ُب اٟتسن البصري .معروؼ أ ّف اٟتسن البصري َ
٤تررة ُب اٟتسن البصري ،الصواب أنو كاف يرسل عن كاف مدلّ ًسا ،ولفظة «مدلّس» ليست ّ
الصحابة.
فاإلرساؿ عن الصحابة :يعٍت يروي عن الصحابة الذين دل يدركهم أو دل يسمع منهم ،ىذا قد
بوجو عاـ ،ولكن عند التحرير ىو ابإلرساؿ ألصق١ ،تاذا؟ ألف الصورة األلصق سمى تدليسا ٍ يُ َّ
ً
قواي١ ،تاذا؟
عمن ٝتع منو ما دل يسمعو منو ،ىنا يكوف وجو التدليس ً ابلتدليس ىي أف يروي الراوي ّ
ألنّو دائما يسمع منو ٍب أيٌب إذل رواية بعينها دل يسمعها منو ،فَتويها عنو؛ ِ
فتوىم ا١تستمع أنّو ٝتع منو، ّ ً
١تاذا؟ ألنو شيخو.
أين قلت
أصبل ،وليس عندي أي رواية أخرى فيها ّ ّأما أف آٌب أًن وأروي عن عبد العزيز وأًن دل ِ
ألتق بو ً
أين ٝتعت منو ،فهذا قد يدخلو البعض منهم ُب التدليس ُب اٞتملة ،ولكن الصورة األلصق ىي ّ
أٝتَّى مدلّ ًسا اب١تعٌت األخص.
اإلرساؿ؛ فأًن ىنا أرسلت اٟتديث عن عبد العزيز وال ُ
مرة واحدة
اٟتديث عن الصحايب ّ
َ يروي
فاٟتسن البصري كاف يرسل ،يُكتفى من اٟتسن البصري أف َ
يضر
بلفظ «ح ّدثنا» أو «أخربًن» ،فإذا ثبت عنو أنّو روى مرة واحدة بػ«ح ّدثنا» أو «أخربًن» فبل ّ
أحاديث اٟتسن عن أيب بكرة ،ودل ِ
يصر ْح َ األحاديث األخرى؛ ولذلك أخرج البخاري
َ أبي صيغة يروي
ّ
ُب ٍ
شيء منها ابلسماع إال ُب و ٍ
احد.
ابلسماع ،نقوؿ ٢تم: فعلى طريقة كث ٍَت من ّ
ا١تتأخرين الذين يقولوف أ ّف ا١تدلّس ال يُقبل منو ّإال التّصريح ّ
مرة واحدة ُب حديث ،وبُنيت الباقي على أنو َِٝت َع منو؛ ابلسماع عن أيب بكرة إال ّ
ِ
اٟتسن دل يصّرح ّ
مدلسا هبذه الطريقة على األقل.
يعٍت ليس ً
ٕٖٔ
والتحمل
ّ -سؤاؿ :ىل ا١تتق ّدموف من كبار التابعُت مثل اٟتسن كانوا يلتزموف صيغ األداء
ا١تةضبوطة اآلف؟
اٞتواب :على حسب مذاىبهم ،فلهم مذاىب متنوعة ُب ىذا ،بل إ ّف البخاري نفسو ُب نفس
كبلما فيو «ٝتعت» و«ح ّدثنا» ،مىت تقوؿٝ« :تعت» ٬توز ،واستدؿ ْتديث ِض َماـ الصحيح ذكر ً
ورب من قبلك ،آ﵁ أرسلك إذل الناس بن ثعلبة ،الذي جادؿ الرسوؿ ﷺ :فقاؿ" :أسألك بربِّك ِّ
كلهم؟ فقاؿ« :اللهم نعم» .قاؿ :أنشدؾ اب﵁ ،آ﵁ أمرؾ أف نصلّي الصلوات ا٠تمس ُب اليوـ والليلة؟
اللهم نعم».
قاؿ« :اللهم نعم» .قاؿ :أنشدؾ اب﵁ ،آ﵁ أمرؾ أ ّف نصوـ ىذا الشهر من السنة؟ قاؿّ « :
قاؿ :أنشدؾ اب﵁ ،آ﵁ أمرؾ أف أتخذ ىذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا؟ فقاؿ النيب
جئت بو ،وأًن رسوؿ َمن ورائي من قومي" .فالرسوؿ ﷺ آمنت ٔتا َاللهم نعم» .فقاؿ الرجلُ :ﷺّ « :
رسوؿ هللا ﷺ قاؿ أ ّف عليهم ٜتس
اللهم نعم"ٍ ،ب سيذىب إذل قومو و٭ت ّدثهم أف َ
دل يزد عن قولوّ " :
صلوات ُب اليوـ ،بينما الرسوؿ ﷺ دل ٭ت ِّدث هبذا األمر ،ولكن ىذا من ابب القراءة على الشيخ كأنّو
الفن ُب االستنباط!
قراءة على الشيخ .انظروا إذل ّ
كل ٍ
حاؿ ٝتعت منو ،وعلى ِّ
كالسماع كأنّك َفذكر البخاري ىذا ُب العرض على الشيخ ،وأ ّف العرض ّ
بعضهم كاف فيو مذاىب ،بعضهم كاف ِّ
يشدد ،وبعضهم كاف يرخي ُب ا١توضوع ،فمن التشديد أ ّف َ
يقوؿ :حىت إف كنت ُب درس عاـ ال تقل «ح ّدثٍت» ،بل تقوؿ «ح ّدثنا» ال ِ
توىم أنّو ح ّدثك وحدؾ. َ
دائما ُب سنن النسائي «أخربًن اٟتارث بن مسكُت، والنسائي كاف دقي ًقا ُب األلفاظ؛ لذلك ٕتدوف ً
أصبل األكثر يستجيز أخربًن ،ألنّو حضر
قراء ًة عليو ،وأًن أٝتع» مع أنّو يكفي أف يقوؿ «أخربًن»؛ ً
الدرس وٝتع إقر َاره ،لكن ىو ِمن دقّتِو يقوؿ أ ّف طريقةَ اإلخبار ىنا أنّو كاف ىناؾ واحد يقرأ وأًن كنت
كل ٍ
حاؿ ٢تم مذاىب ،لكن التزامهم ْتسب مذىبهم. أٝتع ،فعلى ِّ
ٖٖٔ
-سؤاؿ :لو دل أكن أعرؼ مصطلح اٟتديث وأروي حديثا ٝتعتُو فأرويو بصيغة اثنية ٥تالفة
ٝتعت هبا؟
للصيغة اليت ُ
اٞتواب :اآلف ال يوجد قيمة للصيغة ،إلحداث شيء؛ ألف كلَّها مدونة ،نفس الصيغ اليت ُرويت هبا
موجودة ُب كتب السنة.
-سؤاؿ :لكن األولُت لو رووا بصيغة ٥تالفة كيف تكتشف أنّو ٝتع أو ما ٝتع؟
جدا ُب الرواية أف أيٌب اٞتواب :على حسب ا١تخالفة؛ فهناؾ بعض ا١تخالفات ما ّ
تضر ،من ا١تعروؼ ً
ث فيسمع من شيخو «ْتدَّثنا» فينزؿ بو إذل «عن»١ ،تاذا؟ ٗتف ًفا ،فيقوؿ :ح ّدثنا فبلف عن فبلف ِّ
ا﵀د ُ
عن فبلف ،بينما ُب اٟتقيقة قاؿ« :ح ّدثنا فبلف قاؿ :ح ّدثنا فبلف ،قاؿ :ح ّدثنا فبلف» ،ىذه معروفة
كانوا يتخ ّففوف ،وىذا ال يضرّ ،أما الذي يضر إذا كانت عن ،عن ،عن فَتقى هبا إذل «ح ّدثنا»،
وىذه ال ٖتصل إال خطأ.
-مثاؿ آخر :اٟتسن البصري ،وا٢تدؼ من ىذا ا١تثاؿ صورة أخرى من صور «حدَّثنا» أو «أخربًن»،
نوعا ما عن النوع األوؿ .الوجو األوؿ كاف
وال تكوف ٤تفوظة ،ولكن ىنا توجد صورة أو وجو ٮتتلف ً
ُب حديث معُت ،ىنا ُب وجو آخر ،وىو ليس ُب حديث معُت ،وإّ٪تا ُب أصل إثبات ٝتاع اٟتسن
مرة واحدة يكفي.
البصري من صحايب ،و٨تن قلنا لو ٝتع منو ّ
حسنًا ،اٟتسن ىل ٝتع من عمراف أـ دل يسمع؟ كل الرواايت بػ «عن» ،عندًن قليل ً
جدا من
الرواايت يقوؿ فيها« :أخربين» ،لكن الذين رووا عنو «أخربين» عن طريق اٟتسن عن عمراف ليسوا
فمثبل إذا قالوا :روى
كثَتا من ا﵀ ّدثُت يرجحوف أف اٟتسن دل يسمع من عمرافً . أقوايء؛ فلذلك ٕتد ً
"ٝتعت ٭تِت -يعٍت القطاف -وقيل لو :كاف
ُ فبل ٌف عن اٟتسن قاؿ :أخربين عمراف ،قاؿ بن ا١تديٍت:
اٟتسن يقوؿٝ :تعت عمراف ،فقاؿّ :أما عن ثقة فبل" ،ما معٌت "أما عن ثقة فبل"؟ يعٍت أنو ال يوجد
أح ٌد من أصحاب اٟتسن الثقات روى عن اٟتسن بػ«ٝتعت عمراف» ،وإ٪تا جاء من الرواة الضعفاء
أو فوؽ الضعفاء بقليل ،فيهم ضعف أو لُت.
-ا٠تبلصة :أ ّف عندًن أوؿ طريقة من معرفة السماع ىي« :ح ّدثنا» و« ُ
ٝتعت».
ٖٗٔ
• تطبيق عملي:
ٝتعت» ال أتٌب إال ابلتطبيق.
اآلف دعوًن نطبّق؛ ألنّو توجد صورة من صور اكتشاؼ «ح ّدثنا» أو « ُ
حديث يف االضطّباع يف سنن أيب داوود:
"ح ّدثنا أبو سلمة موسى قاؿ :ح ّدثنا ٛتاد ،عن عبد هللا بن عثماف بن ُخثيم ،عن سعيد بن جبَت،
عن ابن عباس أ ّف رسوؿ هللا ﷺ وأصحابو اعتمروا من اٞتعرانة فرملوا ابلبيت ،"....اٟتديث.
اآلف "ح ّدثنا أبو َسلمة موسى" فهناؾ اتصاؿ بُت أيب داود وبُت أيب سلمة" .قاؿ :ح ّدثنا ٛتاد" ىنا
اتصاؿ بُت موسى وٛتاد" .عن عبد هللا بن عثماف بن خثيم ،عن سعيد بن جبَت ،عن ابن عباس"
عندًن ثبلث طبقات ُب اإلسناد ليست صر٭تة ُب السماع.
طبعا «عن» ىنا ال
متصبلً ،اآلف ٨تن نعرؼ أنو لنحكم على حديث :فمن الشروط أف يكوف اإلسناد ً
يح ابلسماع «ح ّدثنا أو أخربًن»٨ ،تن
تعٍت االنقطاع ،لكن من سبل التأكد أف يكوف ىناؾ تصر ٌ
نبحث عنها فإذا وجدًنىا ارٖتنا.
حسنًا كيف نعرؼ اآلف؟ من خبلؿ ما درسناه٨ ،تن اآلف درسنا الصيغة األوذل فقط اليت ىي صيغة
األداء ،دل ندرس الصيغ األخرى ،وىناؾ وسائل أخرى ١تعرفة االتصاؿ دعوًن منها.
من الطرؽ لنعرؼ ىل ٝتع فبلف من فبلف :أف أنخذ ىذا ا١تنت ونفس ىذا اإلسناد من كتب
السنن األخرى ،إذا ٚتعنا الطرؽ ُب بعض كتب السنن األخرى؛ قد ٧تد َ
نفس اإلسناد «ح ّدثنا،
ٝتعت» إذل النهاية ،أو على األقل يسقط واحدة من الطبقات.
ٝتعت»« ،حدثناُ ،
ُ
ٚتع الطرؽ حديث من كتاب اإلماـ أٛتد يف ا١تسند ٕٕٜٚ
٧ترب :ىنا ُب اٟتاشية يقوؿ :أخرجو أٛتد ُب (ا١تسند) ،والطرباين ُب (ا١تعجم) ،والبيهقي ُب
دعوًن ّ
(السنن الكربى) ،دعوًن أنخذ ىذه الكتب ،أخرجو أٛتد ُب ا١تسند :ٕٕٜٚقاؿ اإلماـ أٛتد:
"ح ّدثنا سريج ويونس قاال :ح ّدثنا ٛتاد -يعٍت بن سلمة -عن عبد هللا بن عثماف عن سعيد بن جبَت
عن ابن عباس".
ٖ٘ٔ
عاـ وليس فقط ُب االتصاؿ ،ىناؾ فائدة ُب ىذا بشكل ٍ
ٍ ىل استفدًن من ىذا اإلسناد شيئًا اآلف؟
عُت لنا َم ْن ىو ٛتّاد ،و٨تن نعلم أ ّف ىناؾ راوايف مشًتكاف بصرايف ُب
اإلسناد مهمة جدِّا اليت ىي أنو ّ
نبحث ُب الطرؽ
َ نفس ا١ترحلة ُب نفس الوقت ،ويشًتكاف ُب ٍ
عدد كب ٍَت من ا١تشايخ ،وإذا أردًن أف
األخرى ،ونعرؼ ىل ٝتع ٛتّاد من عبد هللا بن عثماف بن خثيم؟ السؤاؿ األوؿَ :م ْن ىو ٛتَّاد؟ فهنا
ووضح لنا َمن ىو ٛتّاد ،فهذه من فوائد ٚتع الطرؽ.
إسناد اإلماـ أٛتد أراحنا ّ
ٚتع الطرؽ ٢تا فوائد عديدة ج ًدا ،منها :أف نعرؼ الراوي إذا كاف ىناؾ اشًتاؾ ُب االسم يكشف
كثَتا من ًنحية السماع ،لكن استفدًن فائدة أخرى جيدة.
ذلك .دل نستفد ً
ِ
يكتف اإلماـ أٛتد ابلصيغة األعلى؟ قد سؤاؿ :لو وجدًن أنو موجود بصيغة « َّ
حدثنا» ،فلماذا دل
يكوف من طريق اثين يعٍت غَت طريق سريج ويونسٔ ،تعٌت أف سريج ويونس قد يكوًن رواي اٟتديث
بصيغة «عن» ،فاإلماـ أٛتد ال يستطيع أف يقوؿ «ح ّدثنا».
اآلف الطرؽ كلُّها متفقة ال يوجد فيها اختبلفات ،حىت تعرفوا أ ّف ٗتريج اٟتديث ليس شيئًا ً
سهبل ،ىذا
من أجل نقطة واحدة فقط
ٖٔٙ
ٚتع الطرؽ :حديث من كتاب اإلماـ الطرباين يف ا١تعجم ٕٔٗٚٛ
بقي لنا الطرباين" :ح ّدثنا علي بن عبد العزيز ،قاؿ :ح ّدثنا حجاج بن ا١تنهاؿ ،قاؿ :ح ّدثنا ٛتاد ،عن
عبيد هللا بن عثماف بن خثيم ،عن سعيد بن جبَت ،عن ابن عباس أف رسوؿ هللا ﷺ "..اٟتديث.
إذف هبذه الوسيلة األوذل وىي التصريح ابلسماع ُب اإلسناد دل نستفد شيئًا .فاٟتديث نفس اإلسناد.
ٕ) القسم الثاين :ىناؾ كتب وىي الدرجة الثانية اليت اعتٌت مؤل ُفها هبذه النقطة ،مثل( :التاريخ
طبعا ال يستقصي ويقوؿ ٝتع من فبلف وفبلف- الكبَت( للبخاري ،ىذا ُب العادة إذا ترجم للراوي ً -
يعتٍت بذكر ٍ
عدد ٦تّن ٝتعو. وإّ٪تا ُب العادة ِ
يزوؿ اإلشكاؿ الذي ُب ىذه ا٠تطوة مع ا١تمارسة ،مع معرفة الرجاؿ ،لكن أر٭تكم ىذا اٟتديث
سعيد بن جبَت من أصحاب ابن عباس ،لكن ىذه ا١تعرفة أتٌب مع ٦تارسة أحواؿ فإف َ متّصل اإلسناد؛ َّ
أمرا صعبًا أو شيء الب ّد لو من
الرجاؿ ،فهي أوؿ طريقة وأسهل طريقة ُب ىذه ا١تعرفة؛ ألنو ليس ً
مثبل
حفظ واسع ،ال؛ ىي -تستطيع أف تقوؿ -شفرة معينة ٢تا مفاتيح ،فالرواة ُب )تقريب التهذيب) ً
ٙتانية آالؼ أو عشرة آالؼ را ٍو ،ال يهولنَّكم الرقم ىذا ،فأغلب ا١تروايت تعود إذل طرؽ معينة ،ويبقى
جزءٌ كبَتٌ من ا١تروايت غَت ا١تكرر ،واألحاديث الغريبة اليت يرويها الرواة ،لكن أغلب األحاديث تدور
ٖٔٚ
توسعت يكرب؛ ولذلك لعلي بن ا١تديٍت
ُب فلك معُت ،وىذا الفلك كلما اقًتبت منو يضيق ،كلّما ّ
علم ىؤالء إذل اثٍت عشر ِ ٍ
اإلسناد يدور على ست -ذكرىمٍ -ب صار ُ
ُ "نظرت فإذا
ُ عبارة مشهورة جدِّا:
ٍب صار "...إخل.
وىذه أخذًنىا ُب دورة (صناعة األسانيد) ،وىي ٜتسة دروس ابلًتكيز على ىؤالء ا١تشهورين
كبَتا.
وأصحاهبم وتبلميذىمٕ ،تد أنو كأنو كاف ىناؾ شيئًا مغطى وانكشف ،ىي ال ٖتتاج حفظًا ً
صحيحا،
ً الشاىد :أ ّف األصل واألسهل عند ٗتريج اٟتديث ..وتريد أف تعلم :ىل ىو صحيح أو ليس
العامة لديك كباحث
وىل ىو متصل اإلسناد أو ليس متصل اإلسناد؟ األصل :أف تعتمد على ا١تعرفة ّ
جدا أبهنم من تبلميذ فبلف.
جدا من الرواة معروؼ ً
كثَتا ً
حديثْ ،تكم أ ّف ىناؾ ً
مثبل :ابن عباس ،سعيد بن جبَت من ألصق تبلميذ ابن عباس ،وىذه معلومة ّ
عامة ليست خاصة ً
دائما ُب التفسَت :سعيد بن جبَت وابن عباس ،معروؼ
حىت بطالب علم اٟتديثْ ،تكم أننا ٧تده ً
أيضا را ٍو آخر من أصحاب ابن عباس٣ :تاىد ،وأي ً
ةضا :عكرمة -موذل ابن عباس -الذي يعٍتً .
"من بَدَّؿ دينَو فاقتلوه"؛ ألنو رواه البخاري عن طريق
حديث ا١ترتدة ،وحاولوا تضعيف حديث َ
َ َروى
عكرمة عن ابن عباس.
طبعا (فهرس الكتب الستة) :عبد هللا بن عباس ا٢تامشي ،روى ُب الكتب الستة فائدة جانبية :ىذا ً
(ٕٓٓٔ) حديثٍ ،ب أتى ابلرواة عنو ُب الكتب الستة ،وكم َرَووا عنو.
يفرع
كبَتا يبدأ ّ
العدد ً
سعيد بن جبَت روى عن ابن عباس ُب الكتب الستة (ٕٕ٘) حديثًا ،فإذا كاف ُ
عن ىذا الراوي ،وأيٌب ابلطبقة الثالثة ،وكل واحد من أصحاب الطبقة الثالثة كم رووا عنو ُب الكتب
مثبل ٙتانية أحاديث أليوب ،واحد وعشروف ٞتعفر بن الستة ،فبلحظوا سعيد بن جبَت (ٕٕ٘) منها ً
إايس ،وعلي بن أيب اثبت ثبلثة عشر ،وأربعة عبد هللا بن سعيد ،وعبد هللا بن عثماف ا١تكي -
صاحبنا -سبعة أحاديث.
إذف ىناؾ سبعة أحاديث ُب الكتب الستة من طريق عبد هللا بن عثماف بن ُخثيم ،عن سعيد بن جبَت
أخص التبلميذ ،فإذا
عن ابن عباس١ ،تاذا أتينا هبذا الكتاب؟ لتعلم أنّو ليس صعبًا أف تعرؼ َمن ىم ّ
ٖٔٛ
أخص تبلميذ بن
أخص تبلميذ أنس ،و ّ أخص تبلميذ أيب ىريرة ،و ّ
أخص تبلميذ ابن عباس ،و ّ عرفت ّ
َ
عرفت
أخص تبلميذ عائشة ،ىؤالء ىم ا١تكثروف من الصحابة ،ابن مسعود ،جابر ،أنس ،فإذا َ عمر ،و ّ
أيضا ِ
ك ًاح َ
عرفت الطبقةَ الثانيةَ من أصحاهبم أر َ
كثَتا ُب مسألة السماع ،وإذا َ
ك ً اح َ
أصحاب ىؤالء أر َ
كثَتا ُب مسألة السماع.
ً
عرفت أصحاهبم وشيوخهموىناؾ بعض الرواة يُعدَّوف ٤تاور ترتكز عليهم كثَت من األحاديث ،فإذا َ
ارٖتت كثَتا ُب مسألة االتصاؿ ،يعٍت شرط االتصاؿ غَت متعب للمتخصص إال ُب ٍ
عدد مع ٍ
ُت من ّ ً
أردت أف ترى نسبةَ االنقطاعات
الرواة ،وغالبًا االنقطاعات تكوف بُت التابعي والصحايب؛ يعٍت إذا َ
اليت تقع ُب خارج الطبقة بُت التابعي والصحايب ٦تكن أف تكوف (٘) إذل (ٓٔ) اب١تئة ،واألغلب من
االنقطاعات اليت تكوف بُت التابعي والصحايب.
ٖٜٔ
شيوخ الزىري ،وانظروا كيف نصل من الزىري إذل الصحابة! الزىري يروي عن أنس مباشرة وٝتع منو،
ىكذا نراتح أي حديث عن الزىري عن أنس خبلص ما ٭تتاج نثبت السماع ،يروي عن أيب سلمة
بن عبد الرٛتن بن عوؼ ،وأبو سلمة يروي عن أيب ىريرة ويروي عن عائشة ،إذف نصل من الزىري
إذل عائشة ،ونصل من الزىري إذل أيب ىريرة عن طريق أيب سلمة ،ونصل من الزىري إذل ابن عباس
عن طريق عبيد هللا بن عبد هللا بن عتبة عن ابن عباسٝ ،تع ٝتع كلهم ثقة ،نصل من الزىري إذل
أيضا غَت الطريق األوؿ؛ عروة -ومعروؼ عروة بن الزبَت -الزىري عن عروة وعروة عن عائشة،
عائشة ً
نصل من الزىري إذل أيب ىريرة غَت طريق أيب سلمة؛ سعيد بن ا١تسيب اإلماـ من أبرز شيوخ الزىري،
وىو من أبرز تبلميذ أيب ىريرة.
فانظروا كيف أ ّف الزىري ٤توري .كيف نصل من الزىري البن عمر؟ عن طريق سادل بن عبد هللا بن
أصح األسانيد؛ ا١تشهور
أصح األسانيد ،بل بعضهم قاؿ :ىي ّ عمر ،فالزىري عن سادل عن أبيو من ّ
رجح أنػها أصح األسانيد :الزىري عن سادل عن أبيو.
عن ًنفع عن مالك عن عمر ،لكن ٦ت ّن َّ
وطبعا الزىري ُب ا١تدينة ،وأغلب
كبَتا من األسانيد من جهة اتصا٢تاً ،
عددا ً
فبلحظوا! اآلف عرفنا ً
الذين ذكرًنىم مدنيُت.
ٓٗٔ
سفياف عن األعمش عن إبراىيم النخعي عن أصحاب ابن مسعود عن ابن مسعود ،فبهذه الطريقة
تراتح من قضية اتصاؿ اإلسناد ،لكن تبقى طبقة كبَتة من الرواة لن نعرؼ اتصاؿ إسنادىم إال بطرؽ
معينة ،ولكن نكتفي لئبل نطيل.
ُب ال ّدرس القادـ أنخذ الوسيلة الثانية ١تعرفة اتصاؿ اإلسناد :وىي قراءة الكتب .وقد بدأًن هبا ولكن دل
نطبّقها ،فنبدأ الدرس القادـ بنفس ىذا اإلسناد ،ونذىب لػ(التاريخ الكبَت) أنخذ عبد هللا بن عثماف
بن ُخثيم ،ونرى :ىل ذكر البخاري أنّو ٝتع من سعيد بن جبَت أو ال ،فإذا نعم ارٖتنا ،وٛتّاد بن سلمة
غالبًا لن يذكر البخاري أنو ٝتع من عبد هللا بن عثماف بن ُخثيم؛ أل ّف ٛتّاد بن سلمة مكثٌِر،
فحماد بن سلمة مكثٌِر جدِّا ،وعبد هللا بن عثماف بن ُخثيم ليس ُم ْكثًِرا،
والبخاري دل يُِرْد االستقصاءَّ ،
احدا ،اثنُت ،ثبلثة وىكذا.
سمي و ًِ
فغالبًا لن يذكرىم من شيوخ ٛتّاد بن سلمة؛ ألنّو يُ ّ
ٔٗٔ
احملاضرة الثامنة:
ا١تقدمة:
ِ
وصحبو أٚتعيػن، بسمميحرلا نمحرلا هللا ،اٟتمد ﵁ رب العا١تػُتِّ ،
وصل اللهم على نبينا دمحم وعلى آلػو
اللهم ال علم لنا إال ما علمتنا ،اللهم إًن نسألك العلم النافع والعمل الصالػح .ىذا الدرس الثامن من
دروس مدارسة نزىة النظرُ ،ب البداية كانت تعليقات ،واآلف الدروس األخيػرة أصبحت ُمدارسػة
وتدريب و٘تارين و٦تارسة العناوين النظرية عمليًا؛ ألنو كما ذكرًن أكثر من مرة أف ا٢تدؼ من دراسة
علم اٟتديػث ىو :ال ُقدرة على التطبيق العمػلي ،والتطبيق العملي على مراتب ،األكمل :أف يستطيع
اٟتديث و٭تكم عليو ،وىذه أقصى غاية أو أىم ٙترة لعلم اٟتديث .فإذا
َ الدارس لعلم اٟتديث أف ُٮتّرج
ُ
أيضا ٙترة ،فليس
بعض ا٠تطوات ،وىذه ً ارس َ ما استطاع أف ٭ت ّق َق ىذه الثمرَة على األقػل يستطيع أف ُٯت َ
ابلضرورة أف يصل الدارس لعلم اٟتديث إذل أعلى ٙترة.
الدروس ا١تاضية كانت ُب شروط اٟتديث الصحيح ،وقلنا أنو :ما اتصػل إسناده برواية العدؿ الضابط
شاذ وال معلل .وتكلمنػا عن العدالػة وتكلمنػا عن الضبط -تذكروا عن مثلو متصل اإلسناد غَت ٍ
َ
مثاال على الرواة ا١تختلف فيهم .والدرس ا١تاضي
جدوؿ الضبط -وأخذنػا عبد هللا بن عثماف بن خثيم ً
تكلمنا عن اتصاؿ اإلسناد ،وقلنا أف اتصاؿ اإلسناد فيو أكثر من مسألة ،أ٫تُّها :كيف نتحقق من
اتصاؿ اإلسناد؟ ىناؾ خطوات ،ا٠تطوة األوذل ىي اليت أخذًنىا وىي :النظر ُب صيغ األداء،
وتكلمنا كيف ىي صيغ األداء ،ودل وجدًن صيغ األداء ُب رواية أيب داود ،فبحثنا ُب الرواايت األخرى
ُب الطرباين ،وُب مسند أٛتد وجدًن إسنادين ،كلها ْتثًا عن صيغ األداء ،أف يكوف لدينا صيغة يكوف
يح ابالتصاؿ ،فلم ٧تد صيغة صر٭تة ابالتصاؿ؛ فقلنا اآلف نبحث ُب ا٠تطوة الثانػية ،ودل فيها تصر ٌ
نذكرىا إال عنو ًاًن فقط ،واآلف نبحث فيها.
ٕٗٔ
خطوات معرفة اتصاؿ اإلسناد:
أف ننظر يف صيغ األداء ا١توجودة يف اإلسناد ،فإذا وجدنػا "حدثنا" أو "أخربًن" فهذه تدؿ على
لعل ىناؾ طري ًقا األخرى الطرؽ ُب نبحث فيو، نبحث الذي األوؿ ِ
اإلسناد ِ االتصاؿ .إذا دل ٧تد ُب
ّ
تكوف فيو صيغة ،وتكلمنا أف بعض األحياف الصيغة والعلل ال تكوف اثبتة ،ولكن ىذا مبحث فرعي.
ا٠تطوة الثانية :النظر يف كتب السماعات:
ت بذكر ٝتاعات الرواة ،وليست الكتب النظر يف الكتب اليت تذكر َٝتَاعات الرواة أو اليت اعتنَ ْ
ُ
فأكثر الكتب اعتنت بػبياف ا١تنقطعات أو عدـ السماع ،يعٍت فبلف دل
اليت اعتنت بذكر ا١تنقطعاتُ ،
يسمع ،ىذا األكثر.
لكن ىناؾ قبل ذلك خطوة ،وىي :النظر يف الكتب اليت حرصت على إثبات السماع ،وىي كتب
كل را ٍو
أيضا ُ-ب حد معرفيت -ليست شاملة ،يعٍت دل يتتبعوا الرواة راويػًا راويػًا ليبيّنوا ُب ِّليست كثَتةً ،و ً
يصرح أبنو ٝتع عن فبلف ،وإ٪تا يذكر َمن الذي ٝتع منو ،وإ٪تا -مثل (هتذيب الكماؿ) عندًن -ال ّ
مشيخة الراوي ،وأشرًن أف ىذا الذكر فيو قرينة لبلتصاؿ .ما الكتب اليت فيها حرص على تبُت
السماع؟ (التاريخ الكبَت) للبخاري ،و(الكاشف) للذىيب يشَت إشارة ،وحىت (سَت أعبلـ النببلء)
متمحضا ُب اٞترح والتعديل ،ليس من كتب ً كتااب
للذىيب بعض األحياف يُشَت وإف كاف ال يعترب ً
اٟتديث ،وإ٪تا أيٌب فيها بسَت ا١تلوؾ والرموز ولكن من ضمن الرموز الذين يذكرىم يذكر ا﵀دثُت
ؤرخا فقط -يدخل طبعا الذىيب صاحب صنعة ،ليس م ً والرواة ،فإذا ذكر الرواة ُب كثَت من األحياف ً -
أحياًن اٞترح والتعديل ،و٭ترر ُب ُب السماعات وأيٌب أبسانيد ٢تذا الراوي ويدخل ُب الرواايت ،و ً
ا١تسائل ،فػ(سَت أعبلـ النببلء) فيو من ذلك.
نرجع لئلسناد الذي معنا ٔتا أننا دل نستطع من خبلؿ ا٠تطوة األوذل أف نعرؼ أف اإلسنػاد متصل أـ
النظر ُب ٝتاع الراوي٨ .تن أخطأًن بعض ا٠تطأ أو رٔتا من
ال؛ نبحث ُب ا٠تطوة الثانيػة اليت ىي ُ
األفضػل لو كتبنا ا٠تطوات -يعٍت األسانيد٨ ،-تن ْتثنا ُب :مسند أٛتد ومسند الطرباين ،وا١تفًتض
ٖٗٔ
عندًن ورقة أو دفًت ٘تارين ونكتب فيو إسناد أٛتد وإسناد الطرباين؛ أل ًّن ٨تتاج للحصيلة الح ًقا حىت ال
نقوؿ أٛتد من أي طريق! ألف بعض ا٠تطوات اليت ستأٌب ُب الشروط أىم نقطة فيها ٚتع الطػرؽ،
فسنعمل نفس ا٠تطوة اليت عملناىػا ُب السابق ،نرجع ١تسند أٛتد والطرباين .فا١تفًتض أننا كتبنا
األرقاـ.
صفحػة ( " :)ٕٙٛقاؿ أبو داود :حدثنػا أبو سلمة حد ثنا أيب موسى قاؿ :حدثنا ٛتػاد" ٨تن اآلف
عندًن اتصاؿ بُت أيب داود وأيب سلمة ،وبُت أيب سلمة وٛتاد .بعد ذلك "عن عبد هللا بن عثماف بن
ُخثيم عن سعيد بن ُجبَت عن ابن عباس" ،نريد أف ننظر ُب ٝتاع ٛتاد عن عبد هللا بن عثماف بن
ُخثيم ،وُب ٝتاع عبد هللا بن عثماف بن خثيم عن سعيد بن ُجبَت ،وُب ٝتاع سعيد بن جبَت عن ابن
الكثَت من اإلشكاالت ،يعٍت ا١تمارس لعلم اٟتديث
َ أيضا ذكرنػا أف الشهرة ىي اليت ٖتل
عباسً .
ُ
نظرا لكوف األسانيد تدور على
يستطيع أكثر األسانيد ىذه أف يعرؼ االتصاالت واالنقطاعات فيها ً
رواة معينُت ،خاصة األسانيد ا١تشهورة ونتخلص ،لكن ىذه ليست لكل أحد وإ٪تا للممارس.
دعوًن اآلف نبحث ونبدأ من عنػد ابن عباس ،يعٍت بُت سعيد بن جبَت عن ابن عباسٍ ،ب عبد هللا بن
طبعا كتاب
عثماف بن خثيم وسعيد بن جبَت .نشوؼ (التاريخ الكبَت) نبحث ُب سعيد بن جبَتً .
جدا ُب ترتيب األٝتاء على ا١تعجم ،فليس مثل (التهذيب) والكتب ا١تتأخرة ،فيهاالبخاري ليس دقي ًقا ً
مثبل :سعيد -سعيد -سعيدٍ ،ب سعيد بن (أ) يعٍت الذي يبدأ دقَّػة ُب ترتيب األٝتاء دقَّػة متناىيػةً ،
ْترؼ األلفٍ ،ب إذا اشًتؾ ابأللف ،فاٟترؼ الثاين الذي بعد األلف ،وإذا اشًتكوا ُب اسم األب..
العلم رٛتو هللا" :سعيػد بن ُجبَت بن ىشاـ ،أبو عبد اللػو ،موذل بٍت والبة من
قاؿ البخاري اإلماـ َ
بٍت أسد ،قاؿ أٛتد بن سليماف عن حزـ عن واصل بن سليماف عن عبد هللا بن سعيد:
قُتل سعيد وىو ابن .ٜٗقاؿ أبو نعيم :قتل سنة ٘ .ٜوقاؿ ابن أيب األسود عن ابن مهدي:
كاف سفياف يُق ِّدـ سعي ًدا على إبراىيم -إبراىيم النخعي -يف العلمٝ .تع أاب مسعود وابن عباس
وابن عمر ،وابن الزبَت ،وأنػس ،وعن أيب ىريرةٝ ،تع منو عمر بن دينار وأيوب وجعفر بن
إلياس" .إذف البخاري َّ
حل لنا واحد ًة من الطبقاتٝ ،تع عن ابن عباس .كما الحظنػا ىذا الكتاب
ٗٗٔ
الس َماعات .ىل ىو دل يسمع إال من ىؤالء؟ الٝ ،تع من غَتىم ،ولكن البخاري ال
يعيننا ُب إثبات َ
عددا من الرواة.
يستقصي ،إ٪تا يذكر ً
اآلف نُريػد أف نتأكد من عبد هللا بن عثماف بن ُخثيم .أبو عثمػاف ا١تكيٝ :تع أاب الطفيل وسعيد بن
قدمت مكة سنة ٗٗ ،وقد
ُ خَتا البخاري ر٭تنا -و٣تاى ًدا .قاؿ ٭تِت بن قطاف:
جبَت -جزاه هللا ً
القارة".
مات عبد هللا بن عثماف .كنّاه جرير وىو من ّ
انتهينا اآلف من طبقتيػن ،بقيت لنا واحدة ،ىي بُت ٛتاد وبُت عبد هللا بن عثماف بن خثيم .كلها فيها
صيغ السماع ىذه ،أبو داود قاؿ حدثنا أبو سلمة قاؿ حدثنا ٛتّاد ،بقي فقط بُت ٛتّاد وبُت عبدهللا
بن عثماف بن ُخثيم .أًن ال أتوقع أنو ذكر ٝتاع ٛتاد ،ال أنو دل يسمع ،بل ٝتع ،ولكن ال أتوقع ذكره
مشهورا فرٔتا ال يُذكر ُب
ً أيضا
شيخو ًالبخاري .مشكلة ا١تشهورين ،مثلٛ :تّاد ،وسفياف ،إذا دل يكن ُ
أصبل ما استقصى ،وٛتاد روى عن كثَت ،وهللا أعلم لكن أًن أتوقع لن يذكره.
ىذا الكتاب الذي ىو ً
مثبل :ذكر اٝتهم اٟتكم وبعدىم ذكر ُٛتيد مع أف «ٛتّاد» قبل
مثبل ىنا على موضوع الًتتيبً ،نرى ً
« ُٛتيد»ُ ،ب ا٢تجاء (ح ـ أ) وىذا (ح ـ ي)ُ .ب )التهذيب( ستجد «ٛتّاد» ٍبّ « ُٛتيد».
"أبو سلمة البصريٝ :تع اثبتًا وقتادة .قاؿ دمحم بن ٤تبوب :مات سنة ..ما كنا نرى أحد أعلم
من ..إخل دل َأر أح ًدا مثل ٛتّاد بن سلمة ."..فقطٝ ،تع اثبتًا وقتادة ،ودل يذكر عبد هللا بن عثماف بن
ُخثيم! ١تاذا؟ ألف عبد هللا بن عثماف بن ُخثيم ليس من مشايخ ٛتّاد ا١تشهورينٛ ،تّاد بن سلمة
جدا ُب الرواة ،روى عن ا١تدنيُت ،وعن ا١تكيُت ،وعن البصريُت ،فعبد هللا بن عثماف م ّكي متوسع ً
ّ
وليس من مشاٮتها ا١تربزين ،ولو تذكروف عبارة ُب قلة روايتػو ،عبارة ابن َعدي ١تا قاؿ" :عزيز
اٟتديث" .ومعٌت عزيز اٟتديث ىناُ :م ِق رل الرواية .ىو ً
أصبل ُم ِقلّّ ،وٛتاد ُمكثٌِر ً
جدا .وذكر ىنا اثبتًا
ودائما يروي عنهم ،فطبيعي أف يذكرىم.وقتادة؛ ألف اثبت وقتادة من أشهر شيوخ ٛتاد بن سلمةً ،
ٯتكن أف نبحث اآلف ُب (سَت أعبلـ النببلء) ُب الكاشف ،لكن ال نريد أف نستهلك وقتًا أكثر.
ننتقل للخطوة التالية لعلّنػا ٧تد فيها َح ِّبل.
-قلنا ا٠تطوة األوذل :النظر ُب صيغ األداء؛ فلم ٧تد.
٘ٗٔ
-ا٠تطوة الثانية :النظر ُب كتب السماعات ،نفًتض أننا ْتثنا ُب كتب أخرى ودل ٧تد.
ا٠تطوة الثالثة:
ٔٗٙ
أوال قلنا نتأكد من شقُت؛ الشق األوؿ :ا١تعاصرة ،كيف نتثبت منها؟ نتثبت منها من خبلؿ
إذف ً
اتريخ الوفاة ،وإمكاف السماع .بسم هللا نبدأ العمل.
طبعا عندي ٤تبّة
أوال ُب الكتب ا١تعاصرة( ،هتذيب التهذيب) البن حجر ً - لنرى اآلف ٛتاد بن سلمة ً
جدا -ما الفرؽ بُت (هتذيب كثَتا ،وىو ٦تتاز ً
خاصة ٢تذا الكتاب ،تعودت عليو ُب التخريج ً
التهذيب) و(هتذيب الكماؿ) ُب موضوع السماعات أو موضوع االتصاؿ بشكل عاـ؟ (هتذيب
مذىبل -كما قالوا :اإلماـ
عمبل ً عمل ً ِ
الكماؿ) -األصل -يستقصي مشايخ الراوي ،والعجيب أنو َ
طبعا ىذا خاص برجاؿ الكتب الستة -أيٌب لك برا ٍو مثل ٛتاد بن العظيم ا١تزي -ماذا يعمل ِّ
ا١تزي؟ ً -
يبُت أين َروى عنو ٛتاد بن سلمة ُب الكتب
مثبل مئتا شيخ ،كل شيخ ٟتماد بن سلمة ّ سلمة يذكر لو ً
مثبل -قتادة" فيقوؿ لك (خ ـ) يعٍت روى عن قتادة ُب البخاري ومسلم ،كل الستة" ،روى عن ً -
بكل تبلميذ ٛتاد بن سلمة ُب الكتب الستة ،وكل راويواحد من ا١تئتُت برموزٍ ،ب "روى عنو" فيأٌب ِّ
ا١توضوع ودل
َ أين روى عن ٛتاد بن سلمة .ىل تصورًب العمل اٞتبار والكبَت؟! ىنا ابن حجر اختصر
ِ ِ
أيضا دل أيت ِّ
بكل ا١تشايخ الذين أتَى هبم ا١تزي؛ لذلك (هتذيب التهذيب) ليس أصبل ،و ً
أيت ابلرموز ً
مرجعا أساسيًا ١تعرفة مشايخ الراوي.
ً
أصبل ،لكن لو رجعنا "ٛتاد بن سلمة روى عن فبلف وفبلف "..دل ِ
أيت عثماف بن ُخثيم من الشيوخ ً
ىنا سنجدهٛ" ،تاد بن سلمة أثبت يف فبلف ،أعلم الناس ،ثقة قولو قوؿ ٛتاد ،صحيح السماع،
حسن اللقاء أدرؾ الناس ،دل يتهم بلوف من األلواف ،دل يلتبس بشيء ،أحسن ملكة يف نفسو ودل
بصري ومات سنة .ّّٔٙٚ يطلقو على أحد ..قاؿ سلماف بن حرب :مات سنة ."ٔٙٚىو
لنبحث عن أي شيء ٦تكن أف نستفيد منو ُب قضية السماع ىذه .إذف الذي استفدًنه من (هتذيب
التهذيب) أنو مات سنة .ٔٙٚبقي لنا عبد هللا بن عثماف بن خثيم .نذىب لػ(هتذيب الكماؿ):
"عبد هللا بن عثماف بن خثيم :روى عنو -فبلف وفبلف -وروى عنو السفياانف ،وابن جريج،
ومعمر ،وٛتػاد بن سلمة -اآلف أثبت أنو من الرواة عنو ..-مات سنة ٕٖٔ ،وقيل :سنة ٗٗٔ".
يعٍت ىناؾ فرؽ بُت وفاهتما تقريبًا ٖٓ أو ٓٗ سنة ،أي تعاصرا ،الفرؽ فقط بتاريخ الوفاة .إذا ذىبنا
ٟتماد بن سلمة ىنا ُب (هتذيب الكماؿ)ٛ" :تاد بن سلمة البصري :روى عن -حىت ا١تشايخ مرتبُت
ٔٗٚ
حسب حروؼ ا١تعجم -األزرؽ بن قيس (س) ،وإسحاؽ بن سويد العدوي (ـ د) وإسحاؽ بن
عبد هللا بن أيب طلحة (ـ .س .د .ؽ)" ..إخل .نذىب ٟترؼ العُت :عبد هللا بن عثماف بن خثيم،
ُب (هتذيب التهذيب) ما أتى بو ،ىنا أتى بو قاؿ" :روى عنو يف (ب خ)" أي ُب (األدب ا١تفرد)
للبخاري.
سجلوىا -اليت نُفيد منها ُب (هتذيب الكماؿ) :أننا قد ٧تد رواية الراوي عن
من األشياء ا١تهمة ّ -
مثبل :روى عن فبلف (خ) ،خاء لوحدىا يعٍت ُب صحيح البخاري ،إذا شيخو ُب البخاري ،يقوؿ لك ً
جاء (خ ت) يعٍت روى عنو ُب البخاري معل ًقا ،و(خ) يعٍت روى عنو ُب البخاري إبسناد متصل،
فنستفيد من ذلك اتصاؿ اإلسناد .إذا وجدًن أف ىذا الراوي روى عن شيخو وبعده (خ) نعرؼ أف
روايتو عنو ُب صحيح البخاري إبسناد متصل؛ إذف نستفيد من ذلك اتصاؿ اإلسناد .وىنا قاؿ (ب
ٍ
حديث فيو كل
خ) ال نستطيع أف نستفيد منو ىذه الفائدة؛ ألف (األدب ا١تفرد) ليس ابلضرورة أف َّ
اإلسناد ُب صحيحو ،أما ُب (األدب ا١تفرد) دل
االتصاؿ و َ
َ صحيح؛ ألف البخاري اشًتط الصحةَ و
يشًتط.
الشق الثاين :كتب ا١تراسيل:
صحيح
َ دت قرأهتا ُب ترٚتة ٛتاد" :كافوتعم ُ
أت كلمة ّ نبحث ُب ٛتاد بن سلمة ..قبل قليل قر ُ
األداء ،حسن السماعَ ،ح َسن اللُّقي "..ىذه تفيد ً
نوعا ما ُب توثيق ٝتاعاتو أو رواايتو ،من األشياء
مدلسا ،إذا كاف مدلِّ ًسا تبدأ القرائن ٗتف.
ا١تهمة ىناّ :أال يكوف الراوي ً
ىذا (ا١تراسيل) البن أيب حاًب ،وىذا اب١تناسبة يؤكد ا١تعلومة اليت ذكرًنىا ُب البداية ،قلنا :أف معٌت
ا١ترسل قد يُطلق على عموـ االنقطاع ِّأاي كانت الطبقة ،وليس ابلضرورة أف يكوف من كبلـ التابعي
ص إذل
وخلَ َ
حرَر ٖتر ًيرا ،وقاؿ رٔتا لن ٕتد ىذا التحرير وكذاَ ،
عن رسوؿ هللا ﷺ ،وقلنا :أف ابن حجر َّ
نظر من ابن حجر( ..انقطاع ُب الصوت) ..عموـ أيضا فيو ٌأنو ال ،وقلنا :أف ىذا التحرير ً
جدا ليس ٢تا
ا١تنقطعات ،والدليل على ذلك كتاب ابن أيب حاًب ،مراسيل وٕتد فيو منقطعات كثَتة ً
دخل ُب التابعي إذل رسوؿ هللا ﷺ.
ٔٗٛ
حسنًا ،اٟتجاجٍ ،ب اٟتكمٍ ،ب اٟتارثٍ ،ب ٛتيدٍ ،ب ُحديدٍ ،ب ٛتاد بن زيد ...إخل .يبدو أنو ال
كتااب لبلستقصاء.
الرواة ،ليس ً
يوجد ٛتاد بن سلمة ،طبعا ىذا ليس فيو كل ّ
ىناؾ كتب بعضها زادت على مراسيل ابن أيب حاًبُ ،ب طبعة بيت األفكار لػ(تقريب التهذيب) -
على أف بيت األفكار ال تُعترب شيء أساسي ُب الطبعات -ىذه الطبعات ٚتيلة ومفيدة؛ ألهنا
كتب ُب غاية النفاسة ،ىنا
وبعضها ٌ
أدرجت ُب (تقريب التهذيب) كتب كثَتة ٖتت ترٚتة الراويُ ،
أنت ال تقرأ (تقريب التهذيب) فقط ،ىنا تقرأ (تقريب التهذيب) وٖتت الراوي تقرأ (الكاشف)
كامبل ،و(الكاشف) قريب من (تقريب التهذيب) رجاؿ الكتب الستة و٥تتصر ،لكنو للذىيب أدرجو ً
فيو زايدات على (تقريب التهذيب) من ًنحية أنو ينقل عن اٟت ّفاظ.
الشاىد؛ من األشياء اليت أضافها ىنا على تراجم الراوي :كتاب (ا١تراسيل) أليب زرعة العراقي ا١تتأخر،
وليس أبو زرعة الرازي ،وىو أوسع من كتاب (ا١تراسيل) البن أيب حاًبٛ .تاد بن سلمة ،ال يوجد أي
كبلـ ُب (ا١تراسيل).
أصبل ُب
أيضا من الكتب اليت أدرجها كتاب (مراتب ا١تدلسُت) البن حجر ،فابن حجر دل يذكره ً ً
النَتة) ،ا١تهم ٣تموعة من الكتب.
مدلسا ،ودل يذكر ُب (الكواكب ّ
مراتب ا١تدلسُت؛ ألنو ليس ً
اآلف لدينا قرينة قويّة على أف ٛتاد بن سلمة أموره جيدة ،طا١تا أنو يروي عن راوي فاألمور عند ٛتاد
بن سلمة جيدة .نرى ىذا ،ىو كتاب معاصر وٚتع فيو كثَت من ا١تراسيل( ،اٞتامع ُب ا١تراسيل وما
أصبل .وىذا
أيت ْتماد بن سلمة ً ٬تري ٣تراىا) جملدي ٛتودة قدـ لو مصطفى العدوي ،حىت ىذا دل ِ
كتاب (اإلكليل) لنفس ا١تؤلف ،وغالبًا لن يكوف فيو شيء .ىكذا نستطيع أف نطمئن إذل أف قضية
أصبل مبٍت على مقدمة وىي :أف الرواية ُب اٟتديث بػ «عن» االتصاؿ ليس فيها ريبة .وىذا كلو ً
صحيح أهنا ليست صر٭تة ُب االتصاؿ ،ولكنها ُب الغالب ُب األسانيد اليت ُ٪تارس ٗتر٬تها تدؿ على
االتصاؿٔ ،تعٌت أنو قد تبحث وٕتد «عن» ويكوف ىناؾ انقطاع ،لكن أًن أقوؿ فقط من ابب أف
كثَتا ما
يكوف ُب ذىنك ،يعٍت ال تنفر من كلمة «عن» وتظن أهنا تدؿ على شيء من االنقطاع .و ً
ٝتعت» فينزلوف بو إذل« :عن» ٗتف ًفا،
يتخفف الرواة من األلفاظ فيكوف أصل اٟتديث بػ«ح ّدثنا» و« ُ
ص عليها الوليد بن مسلم .اآلف ذكرًن ثبلث خطوات ُب االتصاؿ.وىذه نَ َّ
ٜٔٗ
خطوة إضافية :النظر يف أحكاـ احملدثُت:
ٓ٘ٔ
معلومات قد تُفرد ُب خطوات وقد ال تفرد ،مثل النظر ُب (هتذيب الكماؿ) ومعرفة الرموز ،وىذا قد
حكما على
يؤثر ُب قضية السماع ،وذكرًن بعد ذلك خطوة النظر ُب أحكاـ ا﵀دثُت؛ ألهنا تتضمن ً
الصحة.
شكبل ُب
٨تن ذكرًن ُب ىذا التطبيق ٛتاد بن سلمة عن عبد هللا بن عثماف بن خثيم وإف كاف ليس ُم ً
مثبل يتوقف حكم اٟتديث
اٟتقيقة ،ولكن لنفًتض أف أحدًن قاـ ببحث وكاف ىناؾ إشكاؿ حقيقيً ،
ؼٝ :تع أو دل يسمع؟ فهنا
ابلصحة على راوي ىل ٝتع من فبلف أو دل يسمع ،أو كاف ىناؾ خبل ٌ
طرؽ البحث ُب إثبات السماع غَت ىذهاإلشكاؿ تتوسع ُ
ُ أيضا توجد وسائل أخرى ،فعندما يوجدً
مثبل :العمل ابالستقراء٤ ،تاولة الوصوؿ إذل أحاديث الراوي ُب الكتب ،مثلما ذكرت قبل
ا٠تطواتً ،
طبعا.
قليل ُب (األدب ا١تفرد) ىل نستطيع أو ال نستطيع ،توجد طرؽ ً
مثبل ُب مسند أنس ،كيف تُرتبلنرى طريقة سريعة ،ىناؾ كتب مسانيد مرتبة على الرواة عن الرواةً ،
َّب
مثبل ٜتس مائة حديث ،كيف رت َ األحاديث داخل مسند أنس؟ داخل مسند أنس بن ىناؾ ً
ا١تصنّف أحاديث أنس بن مالك ا٠تمس مائة؟ ىل رتبها :اإلٯتاف ،الطهارة ،الصبلة؟ أـ كيف رتبها؟
بعض الكتب يرتّبها على حسب الرواة عن أنس ،ابب حديث قتادة عن أنس ،ابب حديث فبلف
أحياًن ُب مسألة السماعات ،فتدخل ىنا -ألنو ٬تمع لك أحاديث -فتستغرؽ، عن أنس؛ فهذا يفيد ً
فقد ٕتد ُب و ٍ
احد منها تصر٭تًا ابلسماع.
فمثبل ُب (ٖتفة األشراؼ) ىو كتابىذه ا١تسألة على فرض التوسع ،لكن ُب بعض ا١تسانيد الً ،
مثبل عبد هللا بن عباس وسعيد بن جبَت ،لو رأيتم الًتتيبالنصوص كلها كاملةً .-
ّ مسند -ال يذكر
ٕتدوف نقطة نقطة ،النقطة الواحدة ىذه الطبقة األوذل ُب الرواة عن ابن عباس١ ،تاذا كلها نقطة واحدة
ٍب جاء عند ىذا فقط فوضع نقطتُت وأكمل بنقطتُت؟ ألنو ١تا أيٌب عند واحد مكثر عن ابن عباس
أيٌب ابلرواة عنو ،فلما جاء إذل سعيد بن جبَت وألنو مكثر روى (ٕٕ٘) حديثًا عن ابن عباس؛ فبدأ
يع عبد هللا بن عثماف بن خثيم ،ستجد :عبدهللا بن عثماف يفرع عن سعيد بن جبَت ،و٨تن نريد تفر َ
ّ
ا١تكي سبعة أحاديثٍ ،ب ٖٖٖ ،فميزتُو :أنو يعطيك الرقم للفرع وليس فقط األصل.
ٔ٘ٔ
اآلف لو فتحنا ووجدًن ُب واحد منها ٝتاع ستشعر بلذة اإل٧تاز! لكن أًن أستبعد١ ،تاذا؟ ألهنا فقط
سبعة أحاديث رواىا عبد هللا بن عثماف عن سعيد بن جبَت٨ ،تن ال نريد ىذه األحاديث ،نريد
أحاديث ٛتاد عن عبد هللا بن عثماف بن خثيم ،ففرصة وجود حديث ٟتماد عن عبد هللا بن عثماف
أحياًن
بن خثيم ُب سبعة أحاديث فقط ابلسماع فرصة ضئيلة .ىذا التفصيل صحيح أنو قد يكوف ً
نوعا ما لكن إبذف هللا فوائده كثَتة ،يعٍت ا١تمارسة ُب ىذه الكتب األساسية وفهم منهج كل ٦تبل ً
ً
مثبل ُب
كتاب؛ أمر ُب غاية األ٫تية؛ ألنو ُب كثَت من األحياف ىذه الكتب يعطى عنها تعريف نظريً ،
كتب ٗتريج اٟتديث كتاب كذا وأتخذ ٜتسة أسطر نظرية ،ال تعطيك فكرة جيدة عن الكتاب مثل
ما تفتح الكتاب و٘تارس.
للمّزي ،نفس مؤلف (هتذيب الكماؿ) اإلبداع أف ىذا الكتاب ٖ(-تفة األشراؼ) -تعرفوف ١تن؟ ِ
للمّزيُ .ب ذلك الوقت قبل الفهرسة ِ
الذي قلنا قبل قليل رتَّب ا١تشايخ كلهم ،و٫تا أشهر كتاابف ّ
اٟتديثة انظر للًتتيب ،ٯتسك ا١تسند :أحاديث سعيد بن جبَت عن ابن عبّاسٍ ،بّ فبلف عن ابن
عباسٍ ،ب فبلف عن سعيد بن جبَت عن ابن عبّاس .فهنا العنواف "عبد هللا بن عثماف بن خثيم ا١ت ّكي
خرجو من الكتب الستة ،فنحن نقرأ عن سعيد بن جبَت عن ابن عباس" ،فيبدأ اب١تنت ٍب يذكر َمن ّ
لنجمع فائدتُت٨ ،تاوؿ ٧تد ٛتاد بن سلمة ونفهم..
ٔ) اٟتديث األوؿ:
عبد هللا بن عثماف بن خثيم ا١تكي عن سعيد بن جبَت عن ابن عباس.
ِ ِ
اض" -يعٍت ىذا اٟتديث ُب أيب داود والًتمذي ،و(ؽ): (د ت ؽ) :حديث "الْبَ ُسوا م ْن ثيَابِ ُك ُم البَػيَ َ
ابن ماجو ،ىذا ُب الكتب الستة فقط ال أيٌب ابلطرؽ أخرى-
(د)ُ :ب اللباس عن أٛتد بن يونس عن زىَت عنو بو- .ابإلسناد الذي ىو مذكور أعبله الذي ىو
العنواف-
(ت)ُ :ب اٞتنائز عن قتيبة عن بشر ا١تفضل عنو بو ،وقاؿ :حسن صحيح.
(ؽ) :فيو عن دمحم بن الصبّاح عن عبد هللا بن رجاء ا١تكي عنو ٔتعناه".
ٕ٘ٔ
ٕ) اٟتديث الثاين:
"(ت ـ س ؽ) :حديث "إِ َّف َخْيػر أَ ْك َحالِ ُكم ِْ
اإلْٙتِ ُد" "..ونفس الطريقة فنتجاوز. ُ َ
ٖ) اٟتديث الثالث:
اَّلل يػوـ الْ ِقيام ِة لَو عيػنَ ِ
اف". "(ت ؽ) :حديث ُب اٟتجر "و َِّ
اَّلل لَيَػْبػ َعثَػنَّوُ َُّ َ ْ َ َ َ ُ َْ َ َ
(ت)ُ :ب اٟتج ..إخل -وأيٌب ابإلسناد -وقاؿ :حسن.
(ؽ) :فيو- ..وأيٌب ابإلسناد-
ٖ٘ٔ
إذف اٟتديث الوحيد ُب الكتب الستة الذي فيو رواية ٛتاد بن سلمة عن عبد هللا بن خثيم ىو ىذا
مذىبل؟ كونك اآلف تستطيع أفاٟتديث .أًن أريد أف نقفل ىذا كلو ونتأمل ُب ىذه الدقة ،أليس شيئًا ً
تعرؼ ليس أحاديث الطبقة األوذل وال الطبقة الثانية وال الطبقة لثالثة ،إ٪تا الطبقة الرابعة ،يعٍت ٛتاد
بن سلمة ىو الرابع ،وُب الكتب الستة كلها دل يرِو ٛتاد بن سلمة عن عبد هللا بن عثماف بن خثيم
احدا .ىل روى ٛتاد بن سلمة عن عبد هللا بن عثماف عن سعيد بن جبَت عن ابن عباس ّإال حديثًا و ً
آخر ُب الكتب الستة؟ ٦تكن١ ،تاذا؟ ٦تكن روى عن عبد هللا بن عثماف بن ُخثيم عن بن خثيم حديثًا َ
غَت سعيد بن جبَت ،ىنا يتكلم فقط عن ٛتاد عن عبد هللا عن سعيد بن جبَت عن ابن عباس فقط
هبذا التسلسل ،ال يوجد إال ىذا اٟتديث ،أخذًن يقُت قطعي.
حد أعلى من ذلك الذي يعرب عنو التعبَت النظري ،ويوجد ّّ
حد ّطبعا علم اٟتديث بشكل عاـ يوجد ُّ ً
اٟتس ،ال أقصد اللمس ،بل الذوؽ ،الػ َملَكة ،قد تصل إذل ح ِّد القطع ولو دل ٕتد ً
مثبل ..ىذه ىو ُّ
ا٠تطوات النظرية اليت ذكرهتا ُب البداية ىي خطوات لشرح القضية نظرًاي ،بعد ذلك مع ا١تمارسة
يتكوف عندؾ أف ىذا النوع
جدا ،من خبلؿ القياس على النظائر ّ تتكوف ُب ذىنك نظائر وأمثلة كثَتة ً
مثبل ،فبل ٖتتاج أف تدخل ُب التفاصيل النظرية .لكن ٔتا
دائما ُ٭تكم عليها ابالتصاؿ ًوىذه الدرجة ً
أننا ُب ا٠تطوات األوذل فنأخذ التفاصيل النظرية هبذه الطريقة ،بعد ذلك مع ا١تمارسة الطويلة
لست ْتاجة إذل االلتزاـ ببعض ا٠تطوات النظرية .قد من البداية تقوؿ ٛتّاد بن سلمة
ستكتشف أنك َ
أًن أعرؼ اٟتديث متصل ،فهي َملَ َكة و٦تارسة طويلة.
أيضا ،معرفة النظائر من أفضل الوسائل للوصوؿ إذل االجتهاد الصحيح، وبشكل عاـ حىت ُب الفقو ً
ابن تيمية ،ابن تيمية إذا تكلم ُب مسألة فقهية أيٌب ٢تا بنظائر تقوؿ خبلص
وىذا من أبرز ما كاف ٯتيّز ُ
واضح! أًن أذكر أنو تكلم عن مسألة ا١تواالة ُب الوضوء ،قوؿ ابن تيمية أف ا١تواالة ُب الوضوء تسقط
فذىبت لتبحث عن ماء ،ال يشًتطَ مثبل :انقطع ا١تاء،
قاىراً ،
عذر ،ليس ابلضرورة أف يكوف ً إذا ُوجد ٌ
عليك أف تعيد الوضوء ،تكمل من حيث وقفت .ما األدلة؟ بدأ أيٌب بنظائر كثَتة ُب الشريعة ألشياء
تسقط فيها ا١تواالة إذا كاف ىناؾ عذر ،فيقوؿ :ىذا ا١تعٌت معتربٌ ُب الشريعة ،بغض النظر عن مسألة
ٗ٘ٔ
الطهارة بعينها ،وإ٪تا معٌت ا١تواالة وسقوطها بوجود العذر ،ىذا معٌت لو نظائر متعددة ُب الشريعة،
ُفَت ّجح ىذا القوؿ .وىذا ال يقوـ بو إال كبار األئمة.
ستكوف
ومثل ذلك ُب اٟتديثُ ،ب اٟتديث تتكوف لديك صور كثَتة ،مسائل٪ ،تاذج ،ىذه ُب األخَت ّ
عندؾ نظائر تستطيع أف ٖتكم من خبل٢تا على اٟتاؿ اليت عندؾ فيها قضية مشكلة .وىذه النظائر ال
كثَتا -إذل استحضارىا ابلتفصيل ،مثل لػ ّما أيٌب ٟتماد بن سلمة أتذكر أف
ٖتتاج -إذا مارس اإلنسا ُف ً
الراوي فبلف ..ال ،ىي انطباع ُب النفس ،ينطبع أف ىذه القضية يهذا اٟتجم ،وىذه يهذا اٟتجم.
إسنادا فيو «حدثنا» .بقيت خطوة ٨تن دل نعملها ،ىي أحكاـ
اآلف أًن ُب نفسي ٬تب أف ٧تد ً
ا﵀ ِّدثُت على اٟتديث نفسو ،إذا وجدًن تصحيح نستفيد منو ً
أوال أف اٟتديث صحيحٍ ،ب نستفيد منو
أف ىناؾ ٝتاع.
دائما أىم
أىم جزء ُب رواية اٟتديث سواء من جهة اتصاؿ اإلسناد ،أو عدالة الرواة ،أو ضبطهمً ،
جزء ىو ِمن ا١تدار؛ لذلك سيأتينا ..يعٍت بقي لنا شرطُت :السبلمة من الشذوذ والسبلمة من العلة،
طبعا ىذا اٟتديث جاء معنا من غَت انتقاء فرٔتابعد٫تا سنتوقف نظرًايٍ ،ب سنأخذ أحاديث ُمنتقاة ً -
أصبل دل يُوضع للتدريب -ونتقاسم العمل ،فأوؿ خطوةٚ :تع الطرؽٍ ،ب أطلنا ُب بعض الفقرات ألنو ً
عدد من طبقات اإلسناد فبل ٖتتاج أف تبحث استخراج ا١تدار ،إذا استخرجت ا١تدار تستغٍت عن ٍ
َ
مثبل ٗتيل أنك ْتثت عن حديث ووجدت لو عشر طرؽ إذل عبد هللا بن عثماف بن خثيم؛ ال فيهاً .
كل و ٍ
احد من العشرة من صاحب الكتاب إذل عبد هللا بن خثيم ىل ٝتع أـ دل ٖتتاج أف تبحث ُب ِّ
يسمع؟ خاصة إذا كاف قريب ،يعٍت لن ٬تتمع عشر طرؽ ُب الكتب ا١تشهورة وا١تعروفة كلها فيها خطأ
وضعف إذل ا١تدار ،فحقيقة اٟتديث الذي تبحث عنو :من ا١تدار إذل الصحايب ،ففي ىذا اٟتديث
ا١تدار ىو عبد هللا بن عثماف بن خثيم ..ونكتفي اآلف حىت ال نُطيل.
٘٘ٔ
احملاضرة التاسعة:
ا١تقدمة:
وصل اللهم على رسوؿ هللا ﷺ ،أما بعد؛ ىذا ىو اٟتمد ﵁ رب العا١تُتِّ ،بسمميحرلا نمحرلا هللا ُ ،
التاسع من دروس شروح (نزىة النظر) ،وال زلنا ُب درس اٟتديث الصحيح أو ُب شروط ُ الدرس
ُ
اٟتديث الصحيح .أخذًن :العدالة ،والضبط ،واتصاؿ اإلسناد ،وأظن أكثر شيء أطلنا فيو اتصاؿ
أوال صيغ األداء إذا دل نستطع أو دل
اإلسناد ،لكن يعٍت اٟتمد ﵁ تناولنا أىم ا٠تطوات وأكثرىا ،وعرفنا ً
أداء تدؿ على االتصاؿ؛ نبحث ُب الكتب اليت اىتمت ببياف السماعٍ ،ب نبحث ُب ٧تد صيغ ٍ
َ
بعض القرائن األخرى اليت تُستفاد إما
أيضا ذكرًن َ
تبُت االنقطاعات .و ًا١تُعاصرة ،وكتب ا١تراسيل اليت ّ
من تصحيح اٟتافظ للحديث أو ٨تو ذلك.
اآلف إذا توفرت ىذه الشروط الثبلثة اليت ىي :العدالة ،والضبط ،واتصاؿ اإلسناد؛ نستطيع أف نقوؿ
بعض َمن ٬تمع وينتقي األحاديث من يعرب بو حىت ُ عن إسناد اٟتديث أنو صحيح ،وىذا ما ِّ
ديث صحيح ،وإ٪تا الذي يلزـ
صحيح" وال يلزـ من ذلك أف اٟت َ
ٌ "إسناده
ُ يعرب بقولو:
ا١تتأخرين ،وقد ّ
ِ
لصحة اٟتديث اليت ىي :اتصاؿ اإلسناد، من قولو" :إسناده صحيح" أنَّوُ توفّرت فيو الشروط الظاىرة
صحيح" و٭تكم على اٟتديث ابلصحة
ٌ "إسناده
ُ وعدالة الرواة وضبطهم؛ فلذلك الذي يعتمد على قولو
بناء على ذلك فهو ٥تطئ.
بعد أف ننتهي من رصد الشروط الثبلثة ونتأكد أف األمور الظاىرة سليمة ،نبدأ اآلف ننطلق ُب اجملاؿ
األعمق ،وىو ٣تاؿ «العِلل».
ٔ٘ٙ
تتمة شروط اٟتديث الصحيح:
التفرد الذي ال ٭تتمل أوذل من داللة الشاذ ،استعماؿ ا١تنكر أوذل من وداللة ا١تنكر على معٌت ّ
جدا عند اٟتُّفاظ ا١تتقدمُت ،ال أوال مصطلح الشاذ يستعمل بصورةٍ ٍ
قليلة ً استعماؿ الشاذ١ .تاذا؟ ألف ً
ُ
جدا .فأين تعثر على عبارة ٍ
حديث معُت أبنو شاذ إال ُب حاالت قليلة ً تكاد ٕتدىم ٭تكموف على
ازي ،أو أليب زرعة الرازي يقوؿ ُب حديث إنو شاذ؟!لعلي بن ا١تديٍت ،أو أليب حاًب الر ّ
للبخاري ،أو ّ
تفرُد َمن ال ٭تتمل وإف كاف ثقةً أو صدوقًا أو
يعربوف هبا عن ّ
جدا .أ ََّما منكر فح ّدث وال حرجّ ،
قليل ً
ما قارب ذلك ،وإف كاف ضعي ًفا وإف كاف شديد الضعف فكلُّو منكر.
إذف ىذا الكبلـ عن شروط اٟتديث الصحيح ،وقلنا ىذه الثبلثة شروط قد انتهينا منها :العدالة،
الضبط ،اتصاؿ اإلسناد؛ واضحة .وقلنا إذا توفرت ىذه الثبلثة شروط فإننا ٨تكم على اإلسناد أبنو
صحيح ،وليس معٌت ذلك صحة اٟتديث ،وإ٪تا ظاىر اإلسناد صحيح .ويبقى السبلمة من الشذوذ
عرؼ الشاذ على معٌت معُت حىت يستقيم والسبلمة من العلّة ،وقلنا أف السبلمة من الشذوذ ٬تب أف يُ َّ
اب١تفارقة مع العلّة.
التفرد؟
• ما الدليل على أف الشاذ قد يُطلق على معٌت ّ
مثبل ُب (البيقونيّة)" :وما ُٮتالف ثقةٌ فيو ا١تبل ..فالشاذ"،
ألف ا١تشهور ىو إطبلقو على معٌت ا١تخالفةً ،
فهذا ىو السائد وىذا ىو ا١تعروؼ ،وىذا الذي ذكره أيضا ابن حجر رٛتو هللا ُب (النُّخبَة).
دعوًن نرى ُب (مقدمة اٟتديث) ،أنت إذا أتيت بػ (مقدمة اٟتديث) أتيت ٔتصدر ىو العمدة ،أنت
تذىب اآلف لؤلصل ُب كتب ا١تتأخرين كلها ،ال تقل (النخبة)( ،ا١توقظة) ،أي كتاب من كتب
طبعا ىذا أفضل أو
نسب إذل ىذا اٞتد الذي ىو كتاب مقدمة ابن الصبلحً .
ا١تتأخرين فبل بد أف لو ٌ
ٔ٘ٛ
جدا ،وىو أقرب الستعماالت ا١تتقدمُت
نفيس ً
كتاب ٌ
من أفضل كتب ا١تتأخرين ،كتاب ابن الصبلح ٌ
من حصر بعض الكتب ا١تتأخرة؛ لذلك ٕتده ُب بعض ا١تصطلحات اٟتديثية ال ٭تصر معناىا ُب
صورة واحدة.
مثبل «اٟتديث اٟتسن» ،ما التعريف السائد للحديث اٟتسن؟ أنو نفس شروط اٟتديث الصحيح ً
إالّ شرط الضبط ،ىذا ا١تعٌت الذي ال يكاد يُعرؼ غَته ،لكن عندما تقرأ البن الصبلحٕ ،تد أنو ذكر
أكثر من معٌت للحسن.
«ا١تنكر» ،السائد عند الكثَت من الكتب ا١تتأخرة -وخاصةً ُب الدروس ا١تعاصرة :-أف ا١تنكر ما
الضعيف الثقةَ ،فحُت تقرأ ىنا ٕتد أف ىناؾ أكثر من معٌت للمنكر.
ُ خالف فيو
٣تردا .ذكر
التفرد ،حىت نثبت أف القضية ليست ّادعاءً ً
إذف دعوًن نذىب للشاذ ونبحث عن معٌت ّ
أقواؿ العلماء ُب الشاذ ،وذكر كبلـ اٟتاكم وا٠تليلي والشافعي ،بعد ما ذكر وانتهى قاؿ" :فخرج من
ذلك أف الشاذ ا١تردود قسماف؛ أحد٫تا :اٟتديث الفرد ا١تخالِف -الذي ىو التعريف ا١تشهور-
التفرد والشذوذ من
جابرا ١تا يوجبو ّ
يقع ًوالثاين :الفرد الذي ليس يف راويو من الثقة والةضبط ما ُ
التفرد اجملرد.
ففرؽ بُت ا١تخالفة وبُت ّ
تفرد من ال ٭تتمل التفردٌ . النكارة والةضعف" .يعٍت ابختصار ّ
إذف ىذا ما سار عليو اإلماـ ابن الصبلح رٛتو هللا .ولذا (ا١توقظة) أفضل من (النُّخبَة)؛ ألف (ا١توقظة)
يذكر فيها أكثر من معٌت ،ومنها الشاذ ذكر فيو معنيُت.
معٌت ىذا الكبلـ أ ّف من شروط اٟتديث الصحيح أالّ ٮتالف ثقةٌ من ىو أوثق منو -اآلف انظروا
موصوال ،ىذا
ً الثالث
ُ مرسبل ،ويرويو
حديث يرويو ثبلثة من الثقات ،فَتويو اثناف ً
ٌ للتناقض -حُت أيٌب
حديث ىذا الثقة الذي خالف ُ اختبلؼ أو ليس اختبلؼ؟ ىذا اختبلؼ .إذف من ا١تفًتض أالّ يكوف
أوثق منو ،وىو الشاذ،
صحيحا؛ ألف من شروط اٟتديث الصحيح أالّ ٮتالف الثقة َمن ىو ُ ً الثقتُت
ولكنّهم -بعض من ا١تتأخرين -يشًتطوف ُب اٟتديث الصحيح أالّ يكوف شاذِّا؛ فإذا أتوا ٢تذه الصورة
قالوا :صحيح! وىذا تناقض.
ٕ) التعليق الثاين :قلنا إنو ٬تب أف يكوف ىناؾ مغايرة ُب ا١تعٌت بُت الشاذ وبُت العلّة -ال ُػم َعلَّل أو
ال ُػم َعل -حىت يكوف ىناؾ فائدة من ا١تغايرة أو من ذكر الشرطُت .وقلنا أبف الشاذ يُطلق على معنيُت،
التفرد حىت يغاير العلّة؛ ١تاذا؟
والذي ينبغي -أًن ال أتكلم عن الواقع -أف يكوف الشاذ ىنا على معٌت ّ
ألف من أشهر صور العلّة ٥تالفة الثقة ١تن ىو أوثق منو.
ٖ) التعليق الثالثَّ :
أف اشًتاط السبلمة من الشذوذ لصحة اٟتديث ال يتطابق مع التطبيق العملي
نوعا من ٥تالفة الثقة للثقات ،وىو اختبلؼ ُب الوصل،
لكثَت من ا﵀ ّدثُت ا١تتأخرين الذين يصححوف ً
واإلرساؿ ،والوقف ،والرفع.
خَتا ،والسبلـ عليكم ورٛتة هللا وبركاتو.
إذف ىذه ثبلثة تنبيهات ،وجزاكم هللا ً
ٔٔٙ
احملاضرة العاشرة:
ا١تقدمة:
بسمميحرلا نمحرلا هللا اٟتمد ﵁ رب العا١تُت وصل اللهم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت
أما بعد،
ال زلنا ُب شروط اٟتديث الصحيح ،وأخذًن ُب الدرس ا١تاضي الشرطُت األخَتين :السبلمة من
الشذوذ ،والسبلمة من العلة.
جدا ،سأذكر فقط خطوطًا عريضة سريعة على الدرس ىذاف الشرطاف فيهما نقاط منهجية مهمة ً
ا١تاضيٍ ،ب نبدأ ُب الدرس اٞتديد إف شاء هللا.
أوؿ نقطة :إذا استوَب اٟتديث الثبلثة شروط األوذل يقاؿ فيو إسناده صحيح ،وإذا قيل إسناده
صحيح ال يعٍت أنو استوَب شروط الصحة ،وإ٪تا استوَب الشروط الثبلثة األوذل فقط :العدالة ،الضبط،
صحيحا ،فليس معٌت ذلك أف ُ٭تكم عليو ابلصحة ا١تطلقة، ً االتصاؿ ابلسند ،فإذا وجدت إسناده
وإ٪تا حكم على ظاىر إسناده ابلصحة ،فاٟتكم ىذا يتضمن أف ىؤالء الرواة الذين تراىم ُب اإلسناد
عدوؿ وإذل آخره.
الشذوذ يطلق عليو معنيُت :على التفرد غَت ا﵀تمل ،وىذا أقرب للمعٌت اللغوي .ا١تعٌت اللُّغَوي الشذوذ
شذ" ،يعٍت أنو شخص واحد فارؽ اٞتماعة أو تفرد شذ َّ
فيو أقرب إذل التفرد ،يعٍت ىذا شاذ" ،ومن َّ
ٕٔٙ
وحده .فهذا ا١تعٌت اللُّغَوي ىو األقرب أو ىو على األقل مستعمل عند طائفة من ا﵀دثُت ا١تتقدمُت.
قلنا ىذا ا١تعٌت األوؿ ،ركزوا لنرى ا١تعٌت الذي ينبغي أف يكوف ىنا ُب شروط اٟتديث الصحيح.
ال نقوؿ ا١تعٌت الذي يستعمل ُب كتب اٟتديث ا١تتأخرة ،ال ،ما الذي ينبغي أف يكوف؟ السبلمة من
الشذوذ معنيُت:
التفرد غَت ا﵀تمل.
ا١تخالفة٥ :تالفة الثقة ١تن ىو أوثق منها.
ىذا ا١تعٌت الذي استقر عليو األمر ُب الكتب ُب تعريف اٟتديث الشاذ .إذف ىنا الشذوذ.
دائما أو ُب الغالب تعود إذل التعدد وليس التفرد ،مثل٥ :تالفة الضعيف للثقة
السبلمة من العلة ،العلة ً
ىذه علة٥ ،تالفة الثقة للثقة ىذه علة ،خطأ الثقة ىذه علة ..إذل آخره .فالعلل ُب الغالب تعود إذل
التعدد.
١تا تقوؿ خطأ غالبًا أو ُب كثَت من األحياف يكتشف ا٠تطأ ابلتعددّ ،تمع الطرؽ ،سيأتينا إف شاء هللا
تطبيق عملي ُب ىذا الدرس.
بناءً على أف العلة تطلق على التعدد ،ما الذي ينبغي أف يكوف عليو معٌت الشاذ؟ التفرد حىت ال يقع
التكرار؛ ألنك إذا قلت :أف الشاذ ىو ٥تالفة الثقة ١تن ىو أوثق منوُ ،ب اٟتقيقة ىذه الصورة من أىم
صور العلة ،وال وجو إلبرازىا ُب شرط مستقل ُب ىذا السياؽ ،ليست ىي أبوذل من غَتىا من الصور
ا١تهمة األخرى ُب صور العلة ،ال يوجد شيء يربزىأ ،تعٌت أهنا تستحق أف تكوف مفردة ُب شرط
تعبَتا عن معٌت التفرد ليس ىو الشذوذ وإ٪تا
مستقل ،ىذه ا١تسألة مهمة؛ لذلك األقرب واألكثر ً
استعماال.
ً النكارة ،وىو األكثر
تطبيقات عملية:
نذىب اآلف للتطبيقاتُ :ب أحاديث ٮتتلف فيها الثقات ُب الوصل واإلرساؿ ،والرفع والوقف،
احدا منهم يرفع اٟتديث ،وأربعة أو ثبلثة يوقفونو وىم ثقات ،أليستٮتتلفوف فيما بينهم ،فتجد و ً
ىذه ٥تالفة الثقة ١تن ىم أوثق منو؟ إذف كاف ينبغي أو يلزـ من تعريفهم أو من اشًتاطهم لصحة
اٟتديث ّأال يكوف شا ًذا -أي ّأال ٮتالف الثقة من ىو أوثق منو -ا١تفًتض والذي يلزـ أف ال ٭تكموا
فيسموف من جعل اٟتديث على ىذه الصورة ابلصحة .لكن الواقع أهنم ٭تكموف عليها ابلصحة! ّ
مرفوعا ُب مقابل الوقف ،يسموف ذلك زايدة ثقة ،زايدة الثقة ليست ُب ا١تنت فقط ،بل األكثر ً
جدا البن حجر- واألشهر زايدة الثقة ُب اإلسناد .ابن حجر رٛتو هللا ُب (النكت) -النكت بديع ً
ذكر ىذا اإلشكاؿ ،ذكره على ابن الصبلح ،انتقد فيو ابن الصبلح رٛتو هللا تعاذل .ىذا اآلف يعٍت
٣تمل ما ذُكِر ُب الدرس ا١تاضي.
ٗٔٙ
الشرط األخَت من شروط اٟتديث الصحيح:
قلنا قبل قليل أف السبلمة من العلة تعود ُب الغالب إذل معٌت التعدد ،أو بصورة أوضح كيف تكتشف
العلة؟ ُب األصل أف العلة تكتشف ّتمع الطرؽ .لذلك اإلمساؾ أو التتبع لكتاب معُت -واحد من
كتب السنة -واٟتكم على أحاديثو من خبلؿ إسناد واحد؛ خطأ مئة ُب ا١تئة ،ال بد من ٚتع الطرؽ
حىت تستطيع أف تقارف بينها.
وىذا الباب عجيب من جهة االختبلؼ ا١تنهجي ،وكما أف بعض ح ّذاؽ الفقهاء وا١تتكلمُت خفي
عليهم مذىب السلف ُب األٝتاء والصفات ،فكما تعرفوف كثَت منهم حُت ينسب إذل السلف أقو ًاال
ُب األٝتاء والصفات؛ ينسب إليهم التفويض ،مع أنك تقوؿ يعٍت كيف خفي عليهم ىذا األمر! مثل
ىذا ا١توضوع ٕتده ىنا ُب ابب مذىب السلف -يعٍت لفظ مذىب السلف أقرب ُب قضية عقدية،
لكن ىنا مذىب ا١تتقدمُت ا﵀دثُتٕ -تد أف البعض ينسب إليهم أقو ًاال ُب قضية االختبلؼ ُب الرفع
٘ٔٙ
أيضا ُب قضية األقواؿ العقديةٕ -تد أهنم ٭تصروف
والوقف والوصل واإلرساؿ ليست ٢تم ،بل ً -
مثبلُ :ب التأويل أو التفويض ،فيقوؿ لك مذىب السلف التفويض ،ومذىب ا٠تلف التأويل،
األقواؿً ،
ومذىب السلف أسلم ،ومذىب ا٠تلف ا١تتأخرين أعلم وأحكم .حسنًا أال يوجد قوؿ اثلث؟ ىذاف
القوالف ال ٭تصراف األقواؿ ا١توجودة .بعض احمل ّدثُت ا١تتأخرين حُت ذىب إذل أقواؿ السابقُت
حصرىم؛ حصر األقواؿ يف قولُت ،وكِبل القولُت ليسا للمتقدمُت.
القوؿ األوؿ:
دائما ،يعٍت الرفع أو الوصل.
أنو إذا اختلف الرواة ُب الرفع والوقف ،والوصل واإلرساؿ؛ ترجح الزايدة ً
وىذا نُ ِسب إذل اإلماـ البخاري ،يعٍت ىو الذي يعمل ذلك يرجح كذا ،نسبو إليو النووي ُب مقدمة
جيدا إف شاء هللا أنٍت دل أخطئ فيو.-
اإلماـ مسلم -عهدي قدًن هبذا األمر لكن أذكره ً
طبعا النووي مسبوؽ ليس
النووي ُب شرح مقدمة اإلماـ مسلم رٛتو هللا ذكر أف البخاري ىذا قولوً ،
ىذا قوؿ النووي فقط ،ابن رجب ُب (شرح العلل) نقل عن ا٠تطيب البغدادي ،قاؿ" :وذكر للسلف
أو للمتقدمُت أقو ًاال ُب ذلك ال تُعرؼ عنهم" ،ونسب -أظن -ا٠تطيب البغدادي نفس نسبة النووي
إذل البخاري ُب القوؿ بًتجيح الرفع وترجيح الوصل٨ .تن ال نريد أف نطيل كثَت ُب سبب ىذا الوىم،
و١تاذا وقع ىذا اإلشكاؿ ُب ىذه النسبة؟ ولكن سنعود لشرح علل الًتمذي البن رجب نقرأ بعض
األشياء.
القوؿ الثاين:
قوال للدارقطٍت ،وىو أنو إذا
نسبو النووي رٛتو هللا لبعض ا١تتقدمُت؛ نسبو للدارقطٍت ،وىو ليس ً
دائما ،يعٍت جعلهما ُب
دائما واإلرساؿ ً
اختلف الرواة ُب الرفع والوقف ،والوصل واإلرساؿ ،الوقف ً
طرفُت متقابلُت ،والصواب أف كِبل الطرفُت ُب منطقة منتصفة ،متقاربة ،تتفق على األصوؿ وا١تبادئ
ُب ىذا الباب ،وإف كاف قد ٮتتلف بعضهم عن بعض ُب بعض التطبيقات أو ُب اٟتكم على حديث
يرجح إرسالو ،مثل حديث "أَٟتِ ُقوا
يرجح وصل حديث ،وٕتد النسائي ّ معُت ،يعٍت رٔتا ٕتد البخاري ّ
ض ِأبَىلِ َها" اٟتديث مشهور عمدة ُب ابب الفرائض ،النسائي يرجح اإلرساؿ ،لكن ىذا ِ
ال َف َرائ َ
ٔٙٙ
االختبلؼ ليس اختبلفًا ُب األصل ،ىذا اختبلؼ ُب تطبيق األصل أو قاعدة على ىذا اٟتديث
طبعا األرجح فيو الوصل الذي اتفق عليو البخاري
بعينو ،ىل الكفة ٘تيل إذل ىذا أو ٘تيل إذل ىذا؟ ً
ومسلم ،وسار عليو علماء ا١تسلمُت على مر القروف كعمدة ُب الباب.
فتجد أحاديث ٮتتلفوف فيها كتطبيق ،لكن ُب ا١تبدأ ىم متفقوف- .أًن قلت لنأجل سبب الوىم لكن
سأعرج عليو سر ًيعا -الغالب ُب اإلشكاؿ ُب نسبة األقواؿ ُب ىذه القضية :أنو توجد عبارات نظرية،
مثبل الراجح الوصل ألنو زايدة من ثقة ،فيؤخذ ىذا التنظَت ُب ىذه الصورة على يقوؿ لك فيها اإلماـ ً
صرح هبذه أنو مذىب ٢تذا القائل أف زايدة الثقة مقبولة ُب كل األحواؿ ،العجيب أنو من أبرز من ّ
القضية من ا١تتقدمُت أنو يرجح قوؿ القائل ألنو زايدة من ثقة وزايدة الثقة مقبولة :ىو الدارقطٍت الذي
اح إِّال ِ
نسب لو عدـ القبوؿ مطل ًقا! انظر للمفارقة! البخاري نسب إليو ُب اٟتديث ا١تشهورَ " :ال ن َك َ
بِ َولِػ ّي" ..حديث مشهور فيو خبلؼ ُب الوصل واإلرساؿ خبلؼ معروؼ ،فالذي زاد ىو إسرائيل
مرسبل؛ أكرب ا﵀ ّدثُت الذين ىم :شعبة ،وسفياف الثوري ،اتفقوا على والذين قصروا ،يعٍت جعلوه ً
اإلرساؿ.
مثل ىذه الصورة ،يعٍت األصل أف ترجح اإلرساؿ ،لكن ىنا ُب ىذا اٟتديث -وىذا ما يدلك على
الدقة ُب مذىب ا١تتقدمُت أهنم ينظروف ُب كل حديث ُب قرائن تفصيلية فيوُ -ب ىذا اٟتديث خاصة
رجح بعض اٟت ّفاظ رواية إسرائيل اليت زاد فيها ،وذكروا بعض القرائن ا١تتعلقة هبذا اٟتديث خاصة ،أف
ّ
شعبة وسفياف ٝتعوا ُب ٣تلس واحد ،وأف أبو إسحاؽ السبيعي -الذي ىو مدار اٟتديث -حدث
هبذا اٟتديث أكثر من مرة على الوصل ،منها رواية إسرائيل ورواية غَته ،يعٍت أكثر من واحد رووا
اٟتديث -فيما أذكر ،-وشعبة وسفياف اتفقوا على شيء ،ولكن اتفاقهما ليس ألف كل واحد ٝتع
اٟتديث أكثر من مرة ،وإ٪تا ُب ٣تلس واحد ،إذف القضية ترجع إذل أيب إسحاؽ ..ا١تهم ،فنُ ِسب إذل
البخاري أنو قاؿ :القوؿ قوؿ إسرائيل -معٌت الكبلـ -وىو ثقة وىي زايدة للثقة ،فنُ ِسب لئلماـ
اضحا ننظر (شرح علل الًتمذي).
البخاري أنو يقوؿ بزايدة الثقة مطل ًقا .حىت يكوف الكبلـ و ً
ٔٙٚ
ىذا ابن رجب ُب (شرح علل الًتمذي) اٞتزء األوؿ -طبعة عزت ىي أفضل طبعة تقريبًا صفحة
-ٕٗٛذكر عن ا٠تطيب البغدادي التفصيل ُب قضية القبوؿ أو الرد ُب زايدة الثقة ،وأف ىذا ذكره ُب
كتابو (٘تييز ا١تزيد من متصل األسانيد)ٍ ،ب قاؿٍ" :ب إ ّف ا٠تطيب تناقض فذكر ُب كتاب (الكفاية)،
للناس مذاىب ُب اختبلؼ الرواة ُب إرساؿ اٟتديث ووصلو ،كلها ال تُعرؼ عن أحد من متقدمي
عمن جاء بعده مثل النووي -إ٪تا ىي مأخوذة من كتب ا١تتكلمُتٍ ،ب فضبل ّ
اٟتفاظ -ىذا ا٠تطيب ً
إنو اختار أف الزايدة من الثقة تقبل مطل ًقا ،كما نصره ا١تتكلموف وكثَت من الفقهاء.
وىذا ٮتالف تصرفو ُب كتاب (٘تييز ا١تزيد) ،وقد عاب تصرفو ُب كتابو (٘تييز ا١تزيد) بعض ٤تدثي
الفقهاء ،وطمع فيو ١توافقتو ٢تم ُب كتاب (الكفاية) .وذكر ُب (الكفاية) حكايةً عن البخاري أنو ُسئل
عن حديث أيب إسحاؽ ُب النكاح ببل ورل ،قاؿ" :الزايدة من الثقة مقبولة وإسرائيل ثقة"- .إسرائيل
وإال
ىو من روى عن أيب إسحاؽ -وىذه اٟتكاية إف صحت فإ٪تا مراده الزايدةُ ُب ىذا اٟتديثّ ،
اشتباىا -أنو دل
ً قطعا -ليس
فمن أتمل كتاب اتريخ البخاري -الذي ىو (التاريخ الكبَت) -تبُت لو ً
يكن يرى أف زايدة كل ثقة ُب اإلسناد مقبولة.
يرد ُب أكثر ا١تواضع ز ٍ
ايدات وىكذا الدارقطٍت يذكر ُب بعض ا١تواضع أف الزايدة من الثقة مقبولةٍ ،ب ُّ
رجح اإلرساؿ على اإلسناد ،فدؿ على أف مرادىم زايدة الثقة ُب مثل تلك كثَتة من الثقات ،ويُ ّ
ا١تواضع ا٠تاصة ،وىي إذا كاف الثقة ُمبَػّرًزا ُب اٟتفظ ،يعٍت ثقة مثل :شعبة ،وسفياف الثوري ،مثل
مثبل عن
مرسبل من الثقات ،فيأٌب اإلماـ مالك ً اإلماـ مالك؛ يزيد وٮتالفو اثناف يرووف اٟتديث ً
الزىري ،أيٌب سفياف بن عيينة ،ومعمر من الثقات الكبار ا١تعروفُت ،فَتوايف حديثًا عن الزىري عن
متصبل؛ ىنا ال نقوؿ
مرسبل ،ٮتالفهما مالك فَتويو عن الزىري عن أنس عن النيب ﷺ ً النيب ﷺ ً
خالف الثقة من ىو أوثق منو؛ ألف ُب مالك من التقدـ ُب اٟتفظ ما ٬ترب بو ىذه الزايدة وىذه
ا١تخالفة.
ٔٙٛ
أًن مقصدي من العرض ىذا ليس ذكر قواعد الًتجيح ،مىت يرجح الطرؼ ىذا؛ ألف فيها تفصيل
كثَت؛ مدار و٣تمل ىذه القواعد تدور على أمرين:
٣تمل قواعد الًتجيح:
األمر األوؿ:
مدى معرفة من زاد ومن نقص ْتديث الشيخ ا١تختَػلَف عنو خاصة ،بغض النظر عن كوف ىذا
الذي زاد أو الذي نقص ..بغض النظر عن كونو أوثق من اآلخر مطل ًقا بشكل عاـ أو ال ،أىم شيء
ُب ىذا الشيخ ا١تختلَف عنو من األعلم عنو؟ ُب األغلب يرجح قوؿ األعلم عنو ،ىذه قاعدة.
القاعدة ىذه أغلبية ،كل القواعد ىذه أغلبية ،ليست كلية تشمل كل الصور واألجزاء.
األمر الثاين:
الذي يدور عليو ابب الًتجيح :قةضية الًتجيح أو ا١تيل إذل كفة ا١تُبَػ َّرزين يف اٟتفظ واإلتقاف ،يعٍت
عندًن طبقة الصدوقُت ،وطبقة أعلى منها طبقة الثقات ،وطبقة أعلى من طبقة الثقات اليت ىي طبقة
جدا وىؤالء ليسوا كثر ،مثل :مالك ،شعبة ،سفياف الثوري ،٭تِت القطاف ،٭تِت بن أيب
اٟتفاظ ا١تتقنُت ً
جدا ُب اٟتفظ ،ليسوا مثل طبقة سائركثَتٛ ،تّاد بن زيدِ ،م ْسعر ،عدد من الرواة متميزين متقدمُت ً
الثقات مثلٛ :تّاد بن سلمة ،ىو من سائر الثقات ،لكن ٛتاد بن سلمة ُب العادة أيٌب ُب األمر
رجح قوؿ ٛتاد على شعبة ُب اثبت البناين؛األوؿ ،عنده خربة خاصة ُب أحاديث اثبت البُناين ،فقد يُ ّ
ألنو ألصق بو ،مع أف شعبة أحفظ ٔتراحل .على كل حاؿ ىو ابب دقيق سيأتينا الح ًقا ،مع أف
(النخبة) فيها شيء بسيط لكن ٬تب أف نذكره ،قواعد ُب علم العلل.
الشاىد الذي نريد أف نقولو ىنا :أف طريقة اٟتفاظ ا١تتقدمُت ُب اختبلؼ الرفع ،والوقف والوصل
واإلرساؿ ،ليست ترجيح الرفع مطل ًقا ،وال ترجيح الوقف مطل ًقا ،وال ترجيح الوصل مطل ًقا ،وال ترجيح
اإلرساؿ مطل ًقا ،وإ٪تا ىي طريقة تعتمد ُب الغالب على ترجيح الكفة األقوى ،ما وجو القوة؟ كيف
تكوف القوة؟ ىذه ٢تا طرؽ ،منها -كما قلت -أف يكوف الراوي ألصق ابلشيخ منها ،أف يكوف ُمبَػّرًزا
ٜٔٙ
ُب اٟتفظ ،ومنها كثرة العدد ،فإذا اقًتبت الكفتاف من التساوي ُب كثَت من األحياف يرجحوف
الوجهُت ،ويُرجعوف سبب االختبلؼ إذل مذىب الشيخ وليس إذل الكفتُت.
مثبل حديث أيب بكر الصديق أوؿ حديث ُب مسند اإلماـ أٛتد" :اي أيها الناس إنكم تقرؤوف ىذه ً
آمنُوا عَلَيْ ُك ْم أَنْػ ُف َس ُك ْم﴾ وتضعوهنا ُب غَت موضعها ،وإين ٝتعت رسوؿ هللا َّ ِ
اآليةَ ﴿ :اي أَيػُّ َها الذ َ
ين َ
ﷺ" :إف الناس إذا رأوا الظادل فلم أيخذوا على يديو أوشك أف يعمهم هللا بعقاب" ،ىذا وجو.
الوجو اآلخر" :اي أيها الناس إنكم تقرؤوف ىذه اآلية وتضعوهنا على غَت موضعها وإف الناس إذا رأوا
الظادل فلم أيخذوا على يديو أوشك أف يعمهم هللا بعذاب" .ما الفرؽ؟ ىل ىو مرفوع أـ موقوؼ ،ىو
صحيح ببل شك عن أيب بكر الصديق ،لكن ىل ىو صحيح إذل الرسوؿ ﷺ أـ ىو من قوؿ أبو
بكر؟ مدار اٟتديث ..بعض األحياف األحاديث يكوف فيها أكثر من مدار ،فإذا كثرت ا٠تبلفات
نستطيع أف ٧تعل ا١تدار جزئي ،ىناؾ مدار جزئي ُب ىذا اٟتديث ،والذي ىو :إٝتاعيل بن أيب خالد
كثَتا -إٝتاعيل بن أيب
-اب١تناسبة ىو الذي سيأتينا ُب التطبيق العملي اآلف ال نريد أف نتأخر عليو ً
خالد رواه عنو ٚتاعة كبَتة من الثقات ،رووا عن إٝتاعيل بن أيب خالد عن قيس بن أيب حازـ عن أيب
بكر الصديق عن النيب ﷺ ،ورواه ٚتاعة كبَتة من الثقات عن إٝتاعيل بن أيب خالد عن قيس بن أيب
حازـ عن أيب بكر٨ ..تن ماذا قلنا الوجو األوؿ؟ موقوؼ ،والوجو الثاين مرفوع ،الشاىد أف اٞتماعة
مرفوعا.
األوذل رووه موقوفًا ،واٞتماعة الثانية رووه ً
ىنا ال تستطيع أف تقوؿ كل ىذه اٞتماعة أخطأت ُب الرفع ،أو ىذه كلها أخطأت ُب الوقف؛
مرفوعا ومرة رواه موقوفًا ،إذف ما األرجح ُب كل
مستحيل! وإ٪تا نقوؿ إٝتاعيل بن أيب خالد مرة رواه ً
صحيحا،
ً اٟتديث؟ لو دل يكن إال ىذا ا١تدار؛ الذي ىو إٝتاعيل بن أيب خالد لقلنا أف الرفع يكوف
يعٍت الوجهاف صحيحاف ،إذف الرفع صحيح ،لكن رواه عن قيس غَت إٝتاعيل ،فأنت ىنا اآلف عندؾ
ترجيح نسيبٍ ،ب تبدأ تقارف بُت إٝتاعيل وبُت أصحابو الذين ُب مرحلتو ،وأتتيك بعض األحاديث
فيها مثل كذا ،طويلة ،مثل حديث" :مسح رسوؿ هللا ﷺ على ا٠تفُت وعلى ا٠تمار" ،حديث ببلؿ
جدا ،مثل ىذا
ُب صحيح مسلم معروؼ ،فيو خبلؼ طويل بُت الرواة ُب الوصل واإلرساؿ طويل ً
ٓٔٚ
أيتيك مدار جزئي وترجح فيو لكن ليس الًتجيح ا١تطلق ،تذىب للطبقة ىذه اآلف كما تقوؿ
رفت أف سفياف قولو الرفع،
مثبل اختبلفًا عن سفياف ،تريد أف تعرؼ ماذا قاؿ سفياف؟ ٍب ع َ
استخرجت ً
تضع ىنا سفيافٍ ،ب تنظر ُب الذي ّتانبو.
اب١تناسبة ىذا اٟتديث ا١تسح على ا٠تفُت وا٠تمار من األحاديث العجيبة ،اليت تبُت قيّمة سفياف
الثوري عند اٟتفاظ ،وبشكل غريب يعٍت .سفياف الثوري خالفو ُب ىذا اٟتديث ٜتسة من الثقات
جدا ،خالفوه ُب وصل اٟتديث وإرسالو ،وجاء واحد من ا١تتقدمُت-نسيت من ىو ،أظن أبو زرعة ً
ا١تهم واحد من ا١تتقدمُت -دل يرجح الوجهُت ،لكنو قاؿ :ا٠تمسة ىؤالء أخطأوا ،سفياف ىو الصح!
سفياف عندىم لو قيمة غَت عادية من جهة قوتو ،يكادوف يقولوف ال ٮتطئ وحفظو صحيح ،مع أنو
ُح ِفظت عليو أخطاء ببل شك لكن ىذا ُب القليل ،فحفظو لو قيمة ،إذا قاؿ سفياف حدثنا فبلف
جدا أف يكوف أخطأ.ابلصعوبة الشديدة ً
الشاىد من الكبلـ ىذه طريقة اٟتفاظ ا١تتقدمُت بشكل عاـ.
التطبيق العملي:
دعوًن ننظر ُب حديث ،نطبق عليو سر ًيعا ،ننظر كيف حكم عليو اٟتفاظ ،أوؿ شيء ٨تاوؿ أف ٧تمع
حكما
طرقو سر ًيعا ،وننظر ماذا حكم عليو ا١تتقدموف؟ وننظر ىل يوجد أحد من ا١تتأخرين حكم عليو ً
ٮتالف ىذا اٟتكم أو ال؟ ويستبُت لنا وجو اإلشكاؿ لنعرؼ قضية السبلمة من العلة.
-اٟتديث حديث جرير بن عبد هللا البَ َجلِي عن رسوؿ هللا ﷺ" :أًن بريء من كل مسلم يقيم
بُت أظهر ا١تشركُت".
ٔٔٚ
جدا لكنها ليست مثل أحاديث أيب ىريرة ،لو حديث أبو ىريرة لن تلقاه لكن لو فرضنا أنو دل
قليلة ً
يكن لديك اسم جرير..
ٕ) الطريقة الثانية :وىي أف ٕتده حسب ا١توضوع ،ىذا اٟتديث ما تصنيفو ُب األبواب؟ ٦تكن
الدايت ألجل اللفظ فأمر ٢تم بنصف الدية ،و٦تكن األحاديث مثل ىذه ُب ا٢تجرة ٕتدىا ُب ابب
اٞتهاد غالبًاُ ،ب كتاب اٞتهاد من كتب الفقوُ ،ب ا١تغازي ،واٞتهاد ،وا٢تجرة ،وأًن بريء من كل مسلم
يقيم بُت أظهر ا١تشركُت ،وهنى عن السفر إذل ببلد ا١تشركُت ،األحاديث اليت مثل ىذه ٕتدىا ُب ىذا
الباب.
ٖ) الطريقة الثالثة :طرؼ اٟتديث٨ ،تن اآلف ذكرًن "أًن بريء من كل مسلم يقيم بُت أظهر
ا١تشركُت" ،ىذا ليس أوؿ اٟتديث فبالتارل ال يعترب طرؼ اٟتديث ،لكن ُب بعض الفهارس أيخذوف
الكلمة األبرز ا١ترفوعة فيجعلوهنا ُب الفهرس ،مثل ىذه غالبًا ٕتدىا ُب بعض الفهارس ىذه الكلمة،
مرفوعا عن الرسوؿ ﷺ وإ٪تا ىو" :بعث النيب ﷺ سرية إذل ً ١تاذا؟ ألف ما قبل النص ىذا ليس
خثعم" ُب بعض األلفاظ ،ال أعلم كل األلفاظ ماذا فيها.
اآلف ٨تن نستطيع البحث ُب ا١تسند ،أو نبحث ُب األبواب ،أو نبحث ُب طرؼ اٟتديث وألفاظو،
إذف نتقاسم كل واحد يبحث بطريقة .بعد البحث اآلف وجدًن اٟتديث ُب عدد من الكتب ،وبعضها
كتب جوامع ،أتٌب لنا أبطراؼ اٟتديث سواء من الكتب الستة ،أو الكتب التسعة ،أو ما ىو أكثر.
من أبرز كتب اٞتوامع اليت عندان (ا١تسند ا١تصنَّف ا١تعلَّل) ،ىذا يعٍت أيٌب لك بو ُب مسند اإلماـ
أٛتد أبسانيده ،يعٍت حىت يغنيك عن الرجوع ١تسند اإلماـ أٛتد ،إال إذا أردت شيئًا دقي ًقا ُب صيغ
األداء ..فيأٌب لك ابألسانيد كاملة ،مسند أٛتد ،والًتمذي ،والنسائي ،وأيب داوود ،فَت٭تك من
إشكاالت كثَتة .وكذلك (ٖتفة األشراؼ) وىو خاص ابلكتب الستة.
رسوؿ
سنبدأ بػ(ٖتفة األشراؼ)" .قاؿ :عن قيس بن أيب حازـ ،عن جرير بن عبد هللا البجلي ،أف َ
انس ابلسجود ،فأسرع فيهم القتل ،فبلغ ذلك النيب ﷺ
هللا ﷺ بعث سرية إذل خثعم فاعتصم ٌ
ٕٔٚ
فأمر ٢تم بنصف العقل ،وقاؿ" :أان بريء من كل مسلم يقيم بُت أظهر ا١تشركُت" ،قالوا :اي رسوؿ
هللا ،ودل؟ قاؿ" :ال تراءى انرا٫تا"" أي يبتعد منهم كل طرؼ عن اآلخر حىت ال يرى ُ
بعضهم ًنر
بعض من البُعد.
ال ،قرأًن اآلف ُب (ا١تسند ا١تصنَّف) ٨تن نريده ُب األخَت ألنو أٚتع.
قيس بن أيب حازـ عن جرير ُب (ٖتفة األشراؼ) .قاؿ(" :د ت س) -رمز للحديث بػ (د ت س)،
رسوؿ هللا ﷺ
ُ "بعث
إذف اٟتديث ُب الكتب الستة ُب أيب داود ،والًتمذي ،والنسائي -حديث َ
س ِ
جود ..اٟتديث. انس منهم ابل ر
فاعتصم ٌ
َ سريَّةً إذل َخثْعم
(ت) -الًتمذي -يف السَت عن ىنَّاد عن أيب معاوية ،بو .وعن ىنَّاد عن عبدة بن سليماف عن
مرسبل دل يذكر فيو جر ًيرا" .اآلف الحظوا سندخل ُب التفاصيل.
إٝتاعيل ،بو ً
وعبدة -اثناف -عن إٝتاعيل ،عنو ،بو".
قاؿ" :رواه أبو داود يف اٞتهاد ،عن ىنّاد عن أيب معاوية َ
وعبدة بن سليماف ،كبل٫تا عن
نفهم من ىذه الرواية أف ..أبو داود رواه عن ىنّاد عن أيب معاوية َ
إٝتاعيل ،يقوؿ" :عنو بو" أي العنواف الذي ُب البداية ،وىو عن قيس عن جرير ً
مرفوعاٍ ،ب قاؿ:
"أخرجو الًتمذي يف السَت ،عن ىنَّاد عن أيب معاوية بو- ،والحظوا اآلف ،نفس اإلسناد -وعن
مرسبل دل يذكر فيو جر ًيرا".
ىناد عن َعبدة عن إٝتاعيل بو ً
مرفوعا ،مرس ًبل .اآلف كأنو يوجد
يعٍت ىذا أبو الًتمذي عن ىنَّاد عن عبدة عن إٝتاعيل عن قيس ً
اإلشكاؿ -
َ ٭تل
ا﵀قق ُّ
الشيخ مشًتؾ ،ىنّاد ،ىناؾ تعليق علقو ُ
َ اختبلؼ بُت أيب داود والًتمذي؛ ألف
ٖٔٚ
وىذه من األشياء اليت ٬تب فيها أف ترجع للكتب األصلية ،األشياء الدقيقة ألنو يقع اختبلؼ فيها-
ا﵀قق يقوؿ" :دل ٧تد طريق عبدة عند أيب داود"! فكأف الوىم من ا١تِِّزي؛ أل ّف ىنا ا١تزي ينقل عن أيب
داود.
نتأكد ونعود أليب داود" :حدثنا ىنّاد ،حدثنا أبو معاوية ،عن إٝتاعيل ،عن قيس ،عن جرير .قاؿ
أبو داود :رواه ىشيم ،ومعمر ،وخالد ،وٚتاعة دل يذكروا جر ًيرا" .إذف ال يوجد طريقُت.
أصبل .إذف أبو داود اآلف رواه عن ىنَّاد عن
إذف الصواب نغَت ىذه ا٠تارطة كلها؛ ألف ىناؾ و٫تًا فيها ً
موصوال.
ً أيب معاوية عن إٝتاعيل عن قيس
ٗٔٚ
معمر ،وخالد الواسطي ،وٚتاعة دل يذكروا جر ًيرا"ٍ ،ب قاؿ" :أخرجو
قاؿ أبو داود" :رواه ُىشيم ،و َ
ابن أيب شيبة ،قاؿ :حدثنا وكيع" ،وُب موضع آخر قاؿ" :حدثنا عبد الرحيم بن سليماف -ىو ابن
ُ
أيب شيبة ،-والًتمذي قاؿ :حدثنا ىناد ،قاؿ :حدثنا عبدة ،ويف الكربى ،والنسائي أخرجو قاؿ:
أخربان دمحم بن عبلء قاؿ :حدثنا أبو خالد ،وأربعتهم -الذين ىم :وكيع ،وعبد الرحيم ،وعبدة ،وأبو
رسوؿ هللا ﷺ؛ أي:
ُ خالد -عن إٝتاعيل بن أيب خالد ،عن قيس بن أيب حازـ قاؿ :بعث
مرسبل"ٍ ،ب ذكر رواية ٛتّاد بن أيب سلمة.
ً
مدار اٟتديث :إٝتاعيل بن أيب خالدَ ،من الذي رواه عنو
بوضوحُ ،
ٍ نرسم ا٠تارطة إذف اآلف نستطيع أف َ
مرسبل عبدة ،عند ..من الذي أخرج رواية عبدة ا١ترسلة؟
موصوال ،ومن الذي رواه ُمْر َس ًبل؟ الذي رواه ً
ً
عند الًتمذي وعند ابن أيب شيبة.
أيضا ،من رواه ُمْر َس ًبل؟ وكيع عند ابن أيب شيبة ،وكيع ٟتالو سبب للًتجيح ،فهو من أئمة اٟتفاظ.
ً
مرسبل؟ الذين ذكرىم أبو داود :ىشيم ،ومعمر ،وخالد الواسطي.
أيضا من رواه ً و ً
كيعا وعبد الرحيم وأاب خالد األٛتر؛ يعٍت ابختصار مثل ما قاؿ
إذا ذىبنا إذل ابن أيب شيبة ٧تد و ً
الًتمذي" :وأكثر أصحاب إٝتاعيل".
رس ًبل.
مرفوعا ُم َ
ىؤالء كلهم رووه عن إٝتاعيل ،عن قيس ً
من الذي خالفهم؟ أبو معاوية الضرير ،يوجد واحد آخر الذي ذكره الًتمذي ،تذكروف الًتمذي ُب
آخر شيء ماذا قاؿ؟ قاؿ" :ورواه ٛتّاد بن سلمة عن حجاج بن أرطأة عن إٝتاعيل بن أيب خالد
حجاج ىناٛ :تّاد .وىناؾ عن قيس عن جرير ،مثل حديث أيب معاوية"ّ .
حجاج ،والذي رواه عن ّ
رواية أيب معاوية ،روى عنو :ىنّاد ،عن أيب داود .ىذاف االثناف َ -ح َّجاج وأبو معاوية -روايه عن
متصبل.
مرفوعا ً
إٝتاعيل بن أيب خالد ،عن قيس ،عن جريرً ،
ىذا الشيخ أبو معاوية ..ا٠تطوة ا١تفًتض أف نقوـ هبا اآلف أف نرجع إذل كتب (هتذيب التهذيب)،
وكتب الرجاؿ؛ حىت نعرؼ ىل ىو ثقة أـ ال ،لكن ٩تتصر عليكم :أبو معاوية ثقة ،صحيح أنو ُب
٘ٔٚ
يب
حجاج بن أرطأة قر ٌ قواي ،ولكنو ثقة ،فهو ُب غَت األعمش يضطرب لكنو ثقةّ .
غَت األعمش ليس ِّ
ضعف ،لكنو ليس ابلضعف الشديد ،ومثل ىذا روايتُو إذا عضده
ٌ إشكاؿ أو فيو
ٌ من الصدوؽ ،فيو
آخر تتقوى .فعندًن اجتمع اآلف راوايف عن إٝتاعيل بن أيب خالد ،نفس اٟتديث وكل شيء لكنهم
زادوا ُب جرير بن أيب حاًب .حىت نثبت عمليًا ىل ىناؾ اختبلؼ حقيقي بُت بعض ا﵀ ّدثُت ا١تتقدمُت
وا١تتأخرين ُب ا١توضوع أو ال؟ نقرأ اآلف أحكامهم.
الًتمذي ُب نفس اٞتامع ،قاؿ" :حدثنا ىناد ،حدثنا عبدة ،عن إٝتاعيل بن أيب خالد ،عن قيس
بن أيب حازـ ،مثل حديث أيب معاوية ،ودل يذكر فيو عن جرير ،وىذا أصح" .أصح :أي أرجح،
ليس أصح يعٍت إسناد؛ ألنو مرسل" ،ىذا أصح" يعٍت ىو أرجح ُب الرواية.
قاؿ الًتمذي عن رواية اٞتماعة :أصحٍ .بَّ قاؿ" :وٝتعت ٤تم ًدا -أي البخاريً ،
دائما إذا قاؿ
رسبل" .نقوؿ:
الًتمذي :دمحم يعٍت البخاري ،شيخو -يقوؿ :الصحيح حديث قيس عن النيب ﷺ ُم ً
البخاري.
ُّ أيضا
ر َّجح ا١ترسلةَ ً
أيضا ىنا ُب (ا١تسند ا١تصنَّف ا١تعلَّل) ينقلوف بعض أحكاـ ا١تتقدمُتُ ..ب (العلل الكبَت) غَت (اٞتامع)
ً
أيضا فيو سؤاؿ ،قاؿ" :سألت ٤تم ًدا عن ىذا اٟتديث فقاؿ :الصحيح عن قيس بن أيب حازـ
ً
اٟتديث عن اٟتجاج عن إٝتاعيل بن أيب خالد
َ رسل ،قلت لو :فإف ٛتاد بن سلمة روى ىذا
ُم ٌ
حكم جديد من واحد من عن قيس عن جرير ،فلم يَع ّده ٤تفوظًا ،وقاؿ أبو حاًب الرازي -اآلف ٌ
حجاج ال يُسندونو -ال
أكرب ا١تتقدمُت ،ىذا ُب (علل اٟتديث) صفحة ٕٗ -ٜالكوفيوف سوى َّ
ومرسبل أشبو".
ً موصوال ،ىذه من األلفاظ ا١ترادفة للموصوؿ-
ً يسندونو أي :ال يذكرونو
ٔٚٙ
دائما -فرواه أبو معاوية الةضرير ،وصاحل يقتو
ر وط تو
ر عبا ىذه- عنو فإٝتاعيل بن أيب خالد واختلِ
ً ُ
بن عمرو -أضاؼ لك واحد لكن غالبًا صاحل بن عمرو فيو ضعف -عن إٝتاعيل ،عن قيس ،عن
جرير"ً ،
دائما الدارقطٍت أيٌب بطرؽ من ا١تمكن ّأال ٕتدىا حىت ىنا.
قاؿ" :ورواه حفص بن غياث عن إٝتاعيل ،عن قيس ،عن خالد بن الوليد .قاؿ :ويوسف بن
عدي -ىذا الوجو األخَت واضح أنو غلط ،حىت لو عدًن للذين رووا ..يوسف بن عدي ستجد فيو
إشكاال -ورواه أبو إسحاؽ الفزاري ،ومرواف بن معاوية ،ومعتمر بن سليماف -ىؤالء كلهم ما
ً
ذكروا ىنا ،ىؤالء :أكثر أصحاب إٝتاعيل -ورواه أبو إسحاؽ الفزاري ،ومرواف بن معاوية ،ومعتمر
ا١ترسل اآلف؟
َ رس ًبل ،وىو الصواب" .إذف من الذي َّ
رجح بن سليماف ،عن إٝتاعيل عن قيس ُم َ
أبدا.
أبداً ،
آخرا ً
قوال ً
البخاري وأبو حاًب والدارقطٍت ،ىنا ا١تسألة ال ٖتتمل ً
ُّ الًتمذي و
ُّ
دعنا ننظر بعض ا١تتأخرين ىل ساروا على نفس القضية أو ال؟ نقرأ البن القطاف – ليس ٭تِت بن
سعيد القطاف الذي ىو شيخ اإلماـ أٛتد ،ال ،ىذا متأخر توُب – ٕٙٛذكر اٟتديث قاؿ" :وذكر
انس ابلسجود..
من طريق الًتمذي عن جرير بعث رسوؿ هللا ﷺ سرية إذل خثعم فاعتصم ٌ
مرسبل عن قيس بن أيب حازـ ،فهذا منو
اٟتديث ،أتبعو أف قاؿ -أي الًتمذي :-ىذا يُروى ً
كالتعليل لو" ،ماذا يعٍت بػ "كالتعليل لو"؟ ١تا قاؿ ىذا يُروى ً
مرسبل ،يقوؿ ابن القطّاف كأنو -أي
ّ
مرسبل.
الًتمذي أو أبو داوود -يُعل اٟتديث حُت قاؿ :يُروى ً
قاؿ" :فهذا منو كالتعليل لو ،وليس بو علة -ىذا ابن القطاف -فإف إسناده صحيح .قاؿ
الًتمذي :ح ّدثنا ىنّاد ،حدثنا معاوية ،عن إٝتاعيل ،عن قيس ،عن جرير ،فذكره" .يعٍت قاؿ ابن
القطاف :ليس بو علة وإسناده صحيح.
خرجها ُب السلسلة
أيضا األلباين رٛتو هللا تعاذل ..ىذا ٣تلد واحد فيو فقط متوف األحاديث اليت ّ
ً
الصحيحة ،يوجد فيو فهرس أطراؼ ُب أخره ،األلباين ذكر اٟتديث وقاؿ أخرجو الًتمذي ،وذكر
اإلسناد وذكر كبلـ اٟتفاظ ،قاؿ" :قلت :إسناد اٟتديث األوؿ ا١توصوؿ؛ رجالو ثقات رجاؿ
تبعا للبخاري وغ َِته ابإلرساؿ ،ولوال أف
مسلم -الذي ىو حديث أيب معاوية -لكن أعلّو الًتمذي ً
ٔٚٚ
يف أيب معاوية شيئًا من الةضعف من قِبَل ِحفظو -قلت لكم ُب غَت األعمش فيو نوع من اإلشكاؿ-
لقلت إنو زاد الوصل ،والزايدة من الثقة مقبولة"
رجح ا١ترسل ،ليس ألفيعٍت أرجع القضية ليس ألجل ا٠تبلؼ بُت الثقات ..يعٍت كأنو اآلف ٦تن ّ
خاصة ،ال يعترب ىو ا١تنهج الذي
األكثر رووه وأف ىذا خالفهم ،بل إذل وجود علة ُب أيب معاوية ّ
سلكو ىؤالء قاؿ" :والزايدة من الثقة مقبولة ،على أنو -على أف ىذا ضعف -لكن قد اتبعو يف
٥تتصرا ..إذل آخره ٍب رأيت
ً وصلو اٟتجاج بن أرطأة كما ذكره الًتمذي ووصلو عنو الطرباين
شاؼ) ."..يعٍت اٟتديث األلباين كأنو ماؿ إذل إرسالو اٟتديث قد أخرجو اٟتافظ يف ٗتريج (الك ّ
بسبب نوع ضعف ُب أيب معاوية ،دل يُِقم بو حق ا١تخالفة مع ىؤالء اٟتفاظ.
طبعا ا١تفًتض نبحث معكم أكثر لكن أًن استحيت من اإلطالة عليكم أكثر من
إذف ىذا مثاؿً ..
أيضا بعض
ذلك ال أريد أف أطيل ،لكن على كل حاؿ يعٍت ٦تكن ُب وقت آخر أْتث ونستخرج ً
رجحوا صحة اٟتديث.
كبلـ ا١تتأخرين وقد ٧تد أهنم ّ
اإلرساؿ ،ولكنو قاؿ :ىذه ال تعترب علّة؛ يعٍت ىذه ا١تخالفة
َ رجحابن القطاف اطلع على كبلـ َمن َّ
(سبل ضعف اٟتديث ألجلِو .وٕتد بعضهمً ..
مثبل لو ْتثنا ُب ُ أصبل ليست شيئًا يستحق أف يُ َّ ً
وقفت
دائما يسَت على قضية أف الوصل ا١تقبوؿ ،بل بعض األحياف و ُ السبلـ) للصنعاين ،الصنعاين ً
رس ًبل،
على ىذا ،ومن الغرائب للصنعاين ُب (سبل السبلـ) ونسيت ما ىو اٟتديث ،قاؿ :روي ُم َ
جدا! ليس من ا١توصوؿ! وىذا يعٍت شيء غريب ً
َ ا١توصوؿ وقاؿ :ا١ترسل يقوي
َ ورجح
موصوالَّ ،
ً وروي
ُ
فرجح الوصل وقاؿ :ا١ترسل الوجو الثاين يعضد ا١توصوؿ .بينما ِ
طريق آخر ،اختُلف ُب وصلو وإرسالوّ ،
ا١ترسل يعضد ا١توصوؿ إذا كاف ٥تتلف ا١تخرج ،ليس من نفس الطريق ،يعٍت ُب مرسل آخر ُب الباب،
٘تاما لكن ُب نفس ا١تعٌت؛ نعم ،نقوؿ ا١ترسل يعضد ا١توصوؿ ،لكن نفس اٟتديث اختُلِف طريق آخر ً
ترجح أحد فإما أف تقوؿ ا١توصوؿ صحيح وانتهينا ،كطريقة بعض ا١تتأخرين ،أو ّ فيو كذا أو كذاّ ،
جدا.
اآلخر؛ ىذا فيو نظر شديد ً ِ
الطرفُت مثل ا١ترسل ،ولكن ترجيح كبل الطرفُت من كل منهما يق ّوي َ
خَتا.
جزاكم هللا ً
ٔٚٛ
احملاضرة اٟتادية عشر:
ا١تقدمة:
يقوؿ رٛتو هللا تعاذل" :وتتفاوت رتبو" -أي الصحيح" -بسبب تفاوت ىذه األوصاؼ ا١تقتةضية
للتصحيح ابلقوة ،فإهنا ١تا كانت مفيدة لغلبة الظن الذي عليو مدار الصحة اقتةضت أف يكوف ٢تا
ٜٔٚ
ا١تقوية ،وإذا كاف كذلك فما تكوف رواتو يف الدرجة
درجات بعةضها فوؽ بعض ْتسب األمور ّ
العليا من العدالة والةضبط وسائر الصفات اليت توجب الًتجيح كاف أصح ٦تا دونو".
ىذا الكبلـ السابق فيو تنبيوٌ يسَت أشرًن إليو ساب ًقا ،قاؿ" :فإهنا ١تا كانت مفيدة لغلبة الظن" ،اليت
ىي األخبار الصحيحة ،أخبار اآلحاد ،فجعلها كلَّها مفيدةً لغلبة الظن ،وليس شيء منها ً
مفيدا
أخبار اآلحاد منها ما يفيد اليقُت ومنها ما يفيد الظن
لليقُت ،وىذا فيو نظر؛ ألنو تق ّدـ معنا أف َ
طبعا نتكلم عن أخبار اآلحاد الصحيحة وليست الضعيفة. ْتسب القرائنً ،
من أصح األسانيد اليت حققت الدرجات العليا يف شروط الصحة:
"فمن الرتبة العليا يف ذلك" أي :من أصح األسانيد اليت حققت الدرجات العليا ُب شروط الصحة
ابن
ىذه األسانيد اليت ذكرىا ،ىو ذكر ىنا ثبلثة أسانيد تعترب من أصح األسانيد ،وىذا الذي فعلو ُ
مثبل الزىري عن سادل بن عبد
ٚتعا١ ،تاذا؟ ألنّو ذكر ً
حجر -رٛتو هللا -ىو انتقاء وليس استقصاء وال ً
هللا بن عمر عن أبيو ،ىذا من أصح األسانيد ،ولكن ىو عن ابن عمر ،فهو من أصح األسانيد عن
ابن عمر ومن أصح األسانيد مطل ًقا ،ولكن -تقريبًا -كل واحد من ىؤالء الصحابة -خاصةً
ا١تكثرين -ىناؾ إسناد عنو يعترب من أصح األسانيد ،ال أستطيع أف أقوؿ أف كل صحايب ولكن كثَت
من الصحابة عنهم أسانيد ىي ُب غاية درجة الصحة.
فهو ىنا انتقى ثبلثة أسانيد :واحد عن ابن عمر ،وواحد عن علي بن أيب طالب ،وواحد عن ابن
مثبل عندًن من أصح األسانيد اليت دل تُذكر :رواية الزىري عن سعيد بن ا١تسيّب عن أيب
مسعود ،لكن ً
مثبل رواية مالك عن الزىري عن أنس ،ىذه من أصح ىريرة ،ىذه من أصح األسانيد ،عندًن ً
ٓٔٛ
إسنادا -دل يذكره -من أصح األسانيد ،وىو :مالك عن ًنفع عن
األسانيد ،عندًن عن ابن عمر نفسو ً
ابن عمر ،وىو األشهر.
"ودوهنا يف الرتبة" -وإف كانت تشًتؾ مع األوذل ُب الصحة ،ولكنها أقل ُب درجة الصحة" -كرواية
كحماد بن سلمة عن اثبت عن
بُريد بن عبد هللا بن أيب بردة عن جده عن أبيو أيب موسى ،و ّ
أنس".
التمثيل هبذا اإلسنادٛ :تاد بن سلمة عن اثبت عن أنس ،جي ٌد إذل ح ٍّد ما ،وليس ً
جيدا مطل ًقا١ ،تاذا؟
متقدما ُب اإلمامة،
ٛتاد بن سلمة صحيح أنو ليس من الرواة ا١تتقدمُت ُب التثبت واإلتقاف ،وإف كاف ً
ىو من الرواة الثقات أو الصدوقُت ،لكنو دل يُعرؼ بكبَت حفظ ،بل عرفت عنو أوىاـ ،ولكن ىذا
اإلسناد خاصة -الذي ىو ٛتاد بن سلمة عن اثبت عن أنس -ىو من أجود أسانيد ٛتاد بن سلمة،
يرجح ٛتاد بن سلمة على شعبة بن اٟتجاج ُب وأصحها ،وأضبطها ،وأتقنها ،بل إف من اٟتفاظ َمن ّ
جدا ،أما الذين أطلقوا الكبلـ أبف
اثبت البناين خاصة١ ،تاذا؟ ألنو ضابط ٟتديث اثبت ضبطًا متقنًا ً
ٛتاد بن سلمة ىو أثبت َمن روى عن اثبت فهذه نقوؿ معروفة عن ا١تتقدمُت ،من أشهرىا كبلـ علي
اردا من ا١تتقدمُت على النص
بن ا١تديٍت وغَته ،بل ىذا اإلسناد من األسانيد القليلة اليت ٕتد فيها تو ً
أبف أصح إسناد إذل اثبت البناين ىو إسناد ٛتاد بن سلمة؛ يعٍت أثبت َمن روى عن اثبت ،فرٔتا ىذا
التمثيل قد ينازع فيو.
كسهيل بن أيب صاحل عن أبيو عن أيب ىريرة ،وكالعبلء بن عبد الرٛتن عن أبيو
"ودوهنا يف الرتبةُ :
عن أيب ىريرة" ،ىذاف اإلسناداف صحيحاف ،إسناد ُسهيل بن أيب صاحل عن أبيو عن أيب ىريرة،
والعبلء بن عبد الرٛتن عن أبيو عن أيب ىريرة ،ىذاف اإلسناداف روا٫تا اإلماـ مسلم ُب الصحيح،
ٮترج البخاري من ىاتُت السلسلتُت شيئًا،
كبَتا من األحاديث ،ولكن دل ّ
عددا ً
أخرج هبذه السلسلة ً
اتب ،فسلسلة سهيل بن أيب صاحل عن أبيو عن أيب ىريرة ،وسلسلة
الصحيح مر ٌ
َ وىذا يدلك على أف
ٔٔٛ
يضعفها ،وأحاديثُها
العبلء بن عبد الرٛتن عن أبيو عن أيب ىريرة ليست ضعيفة ،وال أظن أف البخاري ّ
حسنةٌ من جهة ا١تعٌت؛ يعٍت ٭ترص ا﵀ ّدثوف على روايتها وإخراجها ،وفيها معاين لطيفة وفيها معاين
أبدا،
ٚتيلة وفيها أحكاـ وفيها آداب ،...ومع ذلك دل ٮترج البخاري منها شيئًا على سبيل االحتجاج ً
نظرا ألف سهيل بن أيب صاحل١تاذا؟ ألهنا وإف كانت صحيحة إال أهنا ُب أدىن درجات الصحيح؛ ً
عدد من األخطاءوالعبلء بن عبد الرٛتن ليسا ُب التثبت واإلتقاف بتلك ا١تكانة ،وقد عُرؼ عنهما ٌ
واألوىاـ.
إذف ا٠تبلصة :قاؿ لنا أف الصحيح تتفاوت درجاتو وضرب لنا أمثلةً على ىذا التفاوت بسبلسل ٘تثّل
طٍ ،ب سبلسل ٘تثل األدىن.
أعلى الدرجاتٍ ،ب سبلسل ٘تثل الوس َ
اٟتديث اٟتسن:
ا١ترجحة ما
قاؿ" :فإف اٞتميع مشلهم اسم العدالة والةضبط إال أف ا١ترتبة األوذل فيهم من الصفات ّ
يقتةضي تقدًن روايتهم على اليت تليها ،ويف اليت تليها من قوة الةضبط ما يقتةضي تقدٯتها على
الثالثة ،وىي -أي الثالثة -مقدمة على رواية َمن يُعد ما ينفرد بو حسنًا".
طبعا الدرس القادـ من أىم الدروس؛
يعٍت اآلف ستأتينا مرتبةٌ دوهنا ،وىي مرتبةُ رواة اٟتديث اٟتسنً ،
ألننا سنتكلم فيو عن اٟتديث اٟتسن إبذف هللا والتفريق ىذا بُت اٟتديث اٟتسن وبُت اٟتديث
نوعا ما.
فك ً الصحيح؛ ألف ىناؾ مواطن اشتباؾ ٖتتاج إذل ٍّ
"كمحمد بن إسحاؽ عن عاصم بن عمر عن جابر"١ ،تاذا أًن أقوؿ ىذا الكبلـ؟ ألف ىذه
السبلسل اليت مثلها ابٟتسن ىي اآلف عند ِّ
كل ا١تتأخرين تقريبًا أو عند أكثرىم ىي ا١تثاؿ البارز على
اٟتسن" ،كمحمد بن إسحاؽ عن عاصم بن عمر عن جابر ،وعمرو بن شعيب عن أبيو عن
دائما أهنا أحاديث
َّف ًجده" ،فمحمد بن إسحاؽ دل ٭تتج بو ال البخاري وال مسلم ،وأحاديثُو تُصن ُ
حسنة ،وعمرو بن شعيب عن أبيو عن جده معروؼ ُب السلسلة ،أكيد مرت معك كثَت ،وىي
دائما تُصنَّف على أهنا حسنة.
كبلـ كثَتٌ ،وىي ً
سلسلة معروفة وفيها ٌ
ٕٔٛ
تنبيها يف قةضية اٟتسن؟ قد ٕتد لئلماـ أٛتد أو
ليش قلنا قبل قليل موضوع أف ىناؾ أشياء ٖتتاج ً
للبخاري أو أليب حاًب الرازي أو أليب زرعة أو لغَتىم من أئمة ا١تتقدمُت قد ٕتد ٢تم ُب ىذه السبلسل
ابن حجر ىنا ُب صنف اٟتسن وُب نوع اٟتسنٕ ،تدىم يقولوف عنها صحيحة؛ أل ّف اليت ذكرىا ُ
اٟتسن ٔتعناه االصطبلحي ىو ُب اٟتقيقة نوعٌ من أنواع الصحيح ،يعٍت اٟتسن الذي تتوفر فيو شروط
نوعا من أنواع الصحيح خف ضبطو" ىذا ُب اٟتقيقة عند ا١تتقدمُت ُّ
يعد ً الصحة ٓتبلؼ الضبط "ما ّ
طبعا أًن استعجلت ما ُب الدرس القادـ -لكن ابختصار كلمة حسن عندىم دل تكن تعرب عن نوع ً -
موجودا عند ا١تتقدمُت،
ً من أنواع اٟتديث مستقل بذاتو متميز بُت الصحيح والضعيف ،ىذا دل يكن
ىذا األصل.
وكلمة حسن ىنا قد أتٌب مقا ِرنة للصحيح ،وقد أتٌب مقا ِرنة للغريب ،وقد أتٌب وحدىا وتدؿ على
مثبل من أشهر أحاديث الصحيح :حديث ابن عمر " :لََق ِد أعلى درجات الصحة بعض األحيافً ،
ت ا١ت ْق ِد ِس َ اَّللِ ﷺ علَى لَبِنَػتَػ ْ ِ
ُتُ ،م ْستَػ ْقبِ ًبل بَػْي سوؿ َّ
ت َر َ ُ
ارتَػ َقيت يػوما علَى ظَه ِر بػي ٍ
ت لَنَا ،فَػَرأَي
ْ ْ َْ ْ ْ ُ َْ ً
َ ِ
اجتِ ِو ،"...حديث معروؼ من ابن عمر ،الشافعي قاؿ :حديث حسن ،وىو معروؼ أنو أصح ٟتَ َ
أصبل فيما أعلم ،فقاؿ عنو :حديث ع ُب صحتو ً األحاديث أحاديث البخاري ومسلم ،وما نُ ِوَز َ
معٌت
ظ ً عددا من األحاديث ا١تتفق عليها ،ويقوؿ لك :حديث حسن ،فيكوف َٟتِ َ حسن ،وىكذا ٕتد ً
دؿ على نزوؿ درجة اٟتديث من مرتبة يعرب بػ«حسن» ،وال يعٍت تعبَته ىذا أف ىذا اللفظ َّ معينًا جعلو ّ
أبدا.
الصحة إذل مرتبة متوسطة ،ال ً
الشاىد أف ىااتف السلسلتاف ً
مثبل :عن عمرو بن شعيب عن أبيو عن جده ،ال تتعجب إذا وقفت
٤تمدا -أي البخاري -عن مثبل الًتمذي ُب (العلل الكبَت)" :وسألت ً للبخاري على إسناد يقوؿ لك ً
٤تقق
طبعا إذا كاف ُ حديث رواه عمرو بن شعيب عن أبيو عن جده- ...كذا وكذا -فقاؿ صحيح"ً ،
ٮترج ىذه ا١تعضلة ،فبماذا
الكتاب أو الناقل ٢تذا النص إذا كاف ليس فا٫تًا لكبلـ ا١تتقدمُت فبل بد أف ّ
صحيحا لغَته ،ىذا حسن
ً ٮترجها؟ غالبًا سيقوؿ :رٔتا صححو؛ ألنو جاء من طريق آخر ،فيكوف ّ
أبدا ،قد ال يكوف لو إال
صحيحا لغَته ،ىذا الكبلـ غَت صحيح ً ً وجاء من طريق آخر حسن؛ فيكوف
صحيحا عند اإلماـ.
ً ىذا الطريق ويكوف
ٖٔٛ
عدـ وصف اإلسناد أبنو " أصح األسانيد " واستبدا٢تا بػ "من أصح األسانيد":
عدـ اإلطبلؽ
بعض األئمة أهنا أصح األسانيد ،وا١تعتمد ُ
"وا١ترتبة األوذل ىي اليت أَطلق عليها ُ
لًتٚتة معيّنة منها".
دائما نسمعها ،ىنا يقوؿ
تعرفوف أف البعض يقوؿ" :أصح األسانيد :مالك عن ًنفع عن ابن عمر"ً ،
لك :ا١تعتمد عدـ اإلطبلؽ ،يعٍت ال تقوؿ :أصح األسانيد على اإلطبلؽ مالك عن ،...وىذا كبلـ
مثبل :أصح إسناد إذل
صحيح ،كبلـ دقيق ،ال تكاد ٕتزـ أبف ىذا اإلسناد ىو أصح إسناد ،لكن قل ً
مثبل :من أصح األسانيد مالك عن ًنفع عن ابن
ابن عمر كذا ،أصح إسناد إذل أيب ىريرة كذا ،أو قل ً
أصح من إسناد الزىري عن سادل عن ابن
إسناد مالك عن ًنفع عن ابن عمر ُّعمر ،وأما القطع أبف َ
عمر أو الزىري عن سعيد عن أيب ىريرة فهذا فيو إشكاؿ ،يعٍت حىت عن ابن عمر نفسو قد ينازع
شخص ىل أصح الزىري عن سادل عن أبيو أو مالك عن ًنفع عن ابن عمر؟ ألف كبل اإلسنادين من ٌ
أصح األسانيد ،وابلتارل فنقوؿ :وهللا من أصح األسانيد كذا ،ومن أصح األسانيد كذا.
قاؿ" :ويلتحق هبذا التفاضل ما اتفق الشيخاف على ٗتر٬تو ابلنسبة إذل َما انفرد بو أح ُد٫تا ،وما
انفرد بو البخاري ابلنسبة إذل ما انفرد بو مسلم؛ التفاؽ العلماء بعد٫تا على تلقي كتابيهما
ابلقبوؿ".
ىذا أحد نصوص نقل االتفاؽ على قبوؿ ما ُب البخاري ومسلم ،وىناؾ نصوص قبل كبلـ ابن حجر
وبعضها أقوى وأصرح ،مثل :كبلـ اٞتويٍت من أقوى النقوؿ فيها؛ ألف اٞتويٍت قاؿ" :لو حلف عندي
كل ما ُب البخاري ومسلم قد قالو الرسوؿ ﷺ دل تُطلق عندي امرأتو؛
إنساف ابلطبلؽ على امرأتو أ ّف َّ
ٗٔٛ
نص ُب غاية اليقينية عند اٞتويٍت والتثبت عنده ،وعلى كل حاؿ إلٚتاع العلماء ،"...فهذا ّّ
طبعا ٕتد
فاالتفاقات كثَتة ومعروفة ُب ترجيح البخاري ومسلم ،وُب االتفاؽ على قبوؿ ما جاء فيهماً ،
ستثٍت من ذلك ما نُوقِش البخاري ومسلم فيو من األحاديث ،ومنهم :ابن الصبلح من العلماء َمن يَ ِ
رٛتو هللا ،فابن الصبلح ُب «ا١تقدمة» ذكر النوع األوؿ من الصحيح ،أو نرجئ إذل وقت قراءة
(مقدمة ابن الصبلح) ،ألنكم تعرفوف أننا بعد (النزىة) نقرأ (مقدمة ابن الصبلح) ،فأنتم جئتم على
الشروط و٨تن كنا نقرأ -بعد أف نقرأ (النزىة) -موضع الكبلـ من (مقدمة ابن الصبلح) ونستفيد
فوائد أكثر.
"التفاؽ العلماء بعد٫تا على تلقي كتابيهما ابلقبوؿ ،واختبلؼ بعةضهم يف أيهما أرجح ،فما اتفقا
اٞتمهور بتقدًن صحيح البخاري يف
ُ صرح
عليو أرجح يف ىذه اٟتيثية ٦تا دل يتفقا عليو ،وقد ّ
يح بنقيةضو ،وأما ما نُِقل عن ابن علي النيسابوري أنو قاؿ :ما ٍ
الصحة ،ودل يوجد عن أحد التصر ُ
ٖتت أدًن السماء أصح من كتاب مسلم؛ فلم يصرح بكونو أصح من صحيح البخاري ،ألنو إ٪تا
نفى وجود كتاب أصح من كتاب مسلم ،إذ ا١تنفي إ٪تا ىو ما تقتةضيو صيغة أفعل من زايدة صحة
يف كتاب شارؾ كتاب مسلم يف الصحة ٯتتاز بتلك الزايدة عليو ،ودل ِ
ينف ا١تساواة ،وكذلك ما
صحيح مسلم على صحيح البخاري ،فذلك فيما يرجع إذل َ نُقل عن بعض ا١تغاربة أنو فةضَّل
حسن السياؽ ،وجودة الوضع والًتتيب ،ودل يفصح أح ٌد منهم أبف ذلك راجع إذل األصحيّة ،ولو
أفصحوا بو لردَّه عليهم شاى ُد الوجود ،فالصفات اليت تدور عليها الصحة يف كتاب البخاري أًبّ
منها يف كتاب مسلم وأش ّد ،وشرطُو فيها أقوى وأس ّد".
٘ٔٛ
روى عنو
قاؿ" :أما رجحانو من حيث االتصاؿ فبلشًتاطو أف يكوف الراوي قد ثبت لو لقاء َمن َ
مسلم ٔتطلق ا١تعاصرة".
ولو مرة واكتفى ٌ
ىل ىذا الكبلـ نظري؟ أقصد أنو شرط البخاري كذا وشرط مسلم كذا ،لكن ىل وقع اختبلؼ
نظرا الختبلؼ ىذين الشرطُت؟ َ -شرط البخاري ِ
بينهما يف حديث قبلو مسلم ودل يقبلو البخاري ً
ُب الصحيح فقط ،أما ُب الكتب األخرى قد يُصحح أحاديث ال يرضى لكتابو الصحيح أف تكوف
مضطردا عندىم ،٭تتاج
ً طبعا ىذا يظهر خاصة ُب قضية الضبط ،أما االتصاؿ فرٔتا يكوف شرطًا
فيوً ،
مضطردا.-
ً ٖتقيق لكنو رٔتا يكوف
اٞتواب :نعم ،ىناؾ اختبلؼ عملي ،ىناؾ أحاديث ُب صحيح مسلم انفرد هبا ٌ
مسلم ودل ٮترجها
مدخبل إال أ ّف فيو طبقة
ً إشكاال أو
ً البخاري ،وإذا أتملت ُب اٟتديث ففي الغالب ال ٕتد لو علة أو
-غالبًا بُت التابعي والصحايب -ال تستطيع أف تثبت السماع فيها وال اللقاء ،وإ٪تا ا١تعاصرة ،و٭تضرين
اآلف مثاالف على ذلك ،وألحد٫تا للبخاري فيو كبلـ ،حديثاف مشهوراف جدِّا أحد٫تا ُب (عمدة
األحكاـ) ،واب١تناسبة أخطأ ا١تقدسي -رٛتو هللا -حُت وضعو ُب العمدة؛ ألف العمدة متفق عليو،
وىذا اٟتديث انفرد بو مسلم.
-ا١تثاؿ األوؿ :حديث عائشة ا١تشهور" :كاف رسوؿ هللا ﷺ يستفتح الصبل َة ابلتكبَت والقراءة
ابٟتمد ﵁ رب العا١تُت ،وإذا ركع دل يشخص رأسو ودل يصوبو ولكن دوف ذلك ... ،وكاف ٮتتم صبلتو
ابلتسليم "...اٟتديث ا١تشهور ُب صحيح مسلم .ىذا حديث رواه أبو اٞتوزاء عن عائشة ،أخرجو
مسلم ُب الصحيح؛ يعٍت احتج بو .وابن عبد الرب قاؿ" :أبو اٞتوزاء ال يُعرؼ عنو ٝتاعٌ من عائشة"،
مدخبل إال ىذه القضية اليت ىي :االختبلؼ بُت ً اٟتديث ،وما أظن أ ّف فيو
َ أما البخاري دل ٮترج
البخاري ومسلم ُب شرط االتصاؿ.
-ا١تثاؿ الثاين :حديث قد يكوف أشهر من األوؿ وىو حديث أيب قتادة الذي فيو صياـ يوـ عرفة
ص ْوِـ يَػ ْوِـ ِ اؿَ :ذ َاؾ يػوـ ولِ ْد ِ ِ
ت فيوَ ،...و ُسئ َل َع ْن َ َْ ٌ ُ ُ صوِـ يػَوِـ ِاالثْػنَػ ْ ِ
ُت؟ قَ َ وصياـ يوـ االثنُت ِ
"و ُسئ َل َع ْن َ ْ ْ َ
اؿ :يُ َك ِّفُر َّ اضية ،والْباقِية ،وسئِل عن صوِـ يػوِ السنَةَ الْم ِ اؿ :ي َك ِّ
السنَةَ وراءَ؟ فَػ َق َ
َ اش
ُ عَ ـ َ
َ َ َ َ َ َ ُ َ ْ َ ْ َْ َ َ َّ ر
َعَرفَةَ؟ فَػ َق َ ُ ُ
ف
ٔٛٙ
الزماين عن ِ
الْ َماضيَةَ" .حديث مشهور أليب قتادة ُب صحيح مسلم ،ىذا من طريق عبد هللا بن معبد ّ
أيب قتادة ،دل ٮترجو البخاريُ ،ب (التاريخ الكبَت) قاؿ البخاري" :عبد هللا بن معبد الزماين ال يُعرؼ لو
السماع ،دل يقل :دل يسمع من أيب قتادة ،وإ٪تا قاؿ" :دل يُعرؼ"؛
َ ٝتاعٌ عن أيب قتادة" ،ىو دل ِ
ينف اآلف
يعٍت دل يثبت عندي أف عبد هللا َِٝت َع من أيب قتادة ،فهل ثبت عندؾ خبلؼ ذلك؟ ال ،دل يثبت عنده
خبلؼ ذلك.
مسلم أخرج اٟتديث على شرطو ،على اضطراده؛ معاصرة ،وإمكاف اللقاء ،وعدـ تدليس ،وعدـ ريبة
توجب ىذا ،فإ ًذا انتهينا.
طبعا ىذا ما ٭تضرين ،رٔتا اإلنساف لو ن ّقب وفتّش ٦تكن ٬تد
وجوىريً ،
ّّ عملي
ّّ فرؽ
إذف ىناؾ ٌ
ا٠تبلؼ بُت البخاري ومسلم٦ ،تكن منها حديث سليماف بن بُريدة عن أبيو،
ُ أحاديث أكثر وقع فيها
قلت :البخاري
قطعا -مرة وأظن مرة اثنية١ ،تا ُ
تذكروف؟ تكلمنا عنو ساب ًقاُ ،ب الدرس تكلمت عنو ً -
أخرج لعبد هللا بن بريدة عن أبيو ،ودل ٮترج لسليماف بن بريدة عن أبيو ،وأف عبد هللا بن بريدة
وسليماف كبل٫تا ثقتاف ،بل رٔتا ٧تد أف سليماف ُب الثقة أثبت وأوثق من عبد هللا ،ومع ذلك
فالبخاري أخرج لعبد هللا ودل ٮترج لسليماف ،وأحاديث سليماف مهمة ،وأخرجها مسلم ،ومن أشهرىا:
جدا ،وحديث -أظنو" -كنت هنيتكم عن زايرة القبور فزوروىا"،اٟتديث الطويل ُب الغزو وىو مهم ً
أحاديث متعددة.
ٝتاعا عن أبيو" ،وىذا ٭تتاج ٖتر ًيرا من جهة شرط
نص وقاؿ" :سليماف ال يذكر ً ٕتد البخاري َّ
البخاري ،أًن من تلك اٟتالة وأًن ُب ابرل لكٍت سبحاف هللا دل أتتٍت فرصة ألْتث أكثر ُب حاالت
أكثر وكذا ،فرٔتا البخاري يضيّق أكثر من قضية اللقاء وثبوت السماع.
طبعا
ابن حجر اآلف نزعو عرؽ ،فابن حجر عنده (فتح الباري) والبخاري فبلزـ يدافع عن البخاريً ،
أصبل البخاري دل ينص على ىذا الشرط ،وإ٪تا عُ ِرؼ
ونص عليو ٓتبلؼ البخاريً ، ًنصر شرطَوَّ ،
مسلم َ
عنو ،ولكن دل ينص ،دل يقل شرطي ُب الكتاب أف يكوف ىناؾ لقاء ،أما مسلم ففي ا١تقدمة حارب
ٍ
بشكل ًنصر القضية
اإلٚتاع على خبلفو؛ يعٍت َ
َ قوؿ اآلخر وس ّفل بو وانتهى ونقل
ورد وس ّفو َ
وًنضل َّ
كب ٍَت جدِّا.
قاؿ" :وما ألزمو بو ليس ببلزـ؛ ألف الراوي إف ثبت لو اللقاء مرة ال ٬تري يف رواايتو احتماؿ أف
مدلسا ،وا١تسألة مفروضة يف غَت ا١تدلس".
ال يكوف ٝتع؛ ألنو يلزـ من جراينو أف يكوف ً
طبعا من أفضل َمن ًنقش ا١تسألة ونقل كبلـ ا١تتقدمُت :اإلماـ ا١تميّز ُب كتابو الفذ (شرح علل ً
كل ٍ
درس أف نتكلم عنو؛ ألنو كتاب عظيم جدِّا، طبعا ىذا الكتاب يستحق ُب ِّالًتمذي) البن رجبً ،
"وٚتهور ا١تتقدمُت على خبلؼ قوؿ مسلم" ،وبدأ ينقل لك
ُ فناقش القضية ،وبعدما ذكر الكبلـ قاؿ:
ِ
النصوص ،وكيف أ ّف بعضها فيها معاصرة وفيها كذا ودل يقبلوىا. كل
عن اإلماـ أٛتد وعن أيب حاًب و َّ
قاؿ" :وأما رجحانو من حيث العدالة والةضبط؛ فؤلف الرجاؿ الذين تُكلِّم فيهم من رجاؿ مسلم
عددا من الرجاؿ الذين تُ ُكلِّم فيهم من رجاؿ البخاري ،مع أف البخاري دل يكثر من إخراج
أكثر ً
ُ
حديثهم ،بل غالبهم من شيوخو الذين أخذ عنهم ومارس حديثَهمٓ ،تبلؼ مسلم يف األمرين".
-مثاؿ ذلك :العبلء بن عبد الرٛتن الذي ذكره قبل قليل ابن حجر ،العبلء بن عبد الرٛتن عن أبيو
جدا ،أحاديث كثَتة ،لكن ىناؾ حديث استُنكر على العبلء كثَتا ً
عن أيب ىريرة أخرج لو مسلم ً
ٚتيعا" :إذا
خاصة بنفس السلسلة بنفس الطريق ،ومسلم دل ٮترجو ،وىو حديث مشهور مر عليكم ً
انتصف شعباف فبل تصوموا" حديث ُب السنن أليب ىريرة ،اإلسناد على شرط مسلم ،العبلء بن عبد
الرٛتن عن أبيو عن أيب ىريرة؛ أخرج مسلم هبذا اإلسناد عشرات األحاديث ،لكن ىذا بعينو مسلم دل
علم
طبعا ىذه ا١تنهجية ال يفهمها َمن ال يعرؼ َ
ٮترجو؛ أل ّف اٟتفاظ استنكروه على العبلء خاصةً ،
اٟتديث وا١تشككوف ،ال يفهموف قضية الن َفس النقدي ىذا ،أف القضية ليست رايضيات ٖ،ٔ،ٕ،
ال.
أًن قد أقبل حديث الراوي ،لكن ىذا اٟتديث ال أقبلوْ ،تسب القرائنْ ،تسب النقدْ ،تسب،...
أصبل وجو استنكارىم ليش أنكروا على العبلء؟ دل يقولوا لو أنت ما ٝتعتو،
أصبل من نقد ا١تنتً ،
وىذا ً
ال ،أنكروه عليو ألنو ٮتالف األحاديث اليت أصح منو ،فهو ُب اٟتقيقة نقد للمنت ،يعٍت أكرب سبب
لبلستنكار عندىم أنو ٮتالف حديث أيب ىريرة نفسو؛ ألف ىذا العبلء عن أبيو عن أيب ىريرة،
اٟتديث األصح منو ُب البخاري ومسلم معروؼ" :ال يتقدمن أح ُدكم رمضاف بصوـ يوـ وال يومُت"،
فقالوا :مفهوـ اٟتديث أنو ٬توز تق ّدـ رمضاف بصوـ ثبلثة أايـ أو أربعة أايـ أو ٜتسة أايـ .وُب حديث
٬تمع بُت
اٟتديث ٭تاوؿ أف ََ صح َح
طبعا َمن َّ
العبلء يقوؿ" :إذا انتصف شعباف فبل تصوموا"ً ،
تعمد
مثبل فيمن ّاٟتديثُت ،فيقوؿ لك :ا١تنطوؽ ُمقدَّـ على ا١تفهوـ ،ومن العبارات ىذه ،أو ىذا ً
الصياـ بعد النصف من شعباف ،وأتٌب طرؽ اٞتمع.
ٜٔٛ
وـ
صُ دائما؛ حديث عائشةَ " :كا َف النِ ُّ
َّيب ﷺ يَ ُ أيضا من األحاديث اليت قيل أنو يعارضها ويُذكر ً و ً
ِ
طبعا معروؼ أفوـ َش ْعبَا َف إَِّال قَل ًيبل" ،حديث مشهورً ،
صُ وـ َش ْعبَا َف ُكلَّوَُ ،كا َف يَ ُ
صُ َش ْعبَا َف .أو " َكا َف يَ ُ
فمن نقدىم للمنت ضعَّ ُفوا ىذا اٟتديث ،واستنكروه على العبلء، "كل" قد تطلق على األغلبِ ،
ٔتستوى من الضبط واإلتقاف يؤىلك وٮتولك أف تصادـ أو ٗتالف ما ُرِوي من وقالوا :أنت لست ً
وجوهٍ متعددةٍ أصح ٦تا رويت أنت.
ص على االنتقاء؛ ألنو انتقده بعض اٟت ّفاظ ،فقالوا: الشاىد :أ ّف كبل٫تا ينتقي ،مسلم ً
طبعا نَ َّ
"أخرجت لفبلف وفبلف من رؤوس أىل البدع" ،قاؿ" :أًن أنتقي من حديثهم".
"وأما رجحانو" ،اآلف تكلم عن رجحاف البخاري ومسلم من حيث االتصاؿ ،ومن حيث العدالة
والضبط ،اآلف من حيث عدـ الشذوذ واإلعبلؿ.
ٜٓٔ
احملاضرة الثانية عشر:
ا١تقدمة:
قاؿ -رٛتو هللاُ -ب (نزىة النظر)ٍ" :ب يقدـ يف األرجحية من حيث األصحية ما وافق شرطهما؛
اد بو رواهتما مع ابقي شروط الصحيح ،ورواهتما قد حصل اتفاؽ على قولو بتعديلهم ألف ا١تر َ
بطريق اللزوـ ،فهم مق ّدموف على غَتىم يف رواايهتم ،وىذا أصل ال ُٮترج عنو إال بدليل" ،انتهى
األمر من قضية التفاضل بُت البخاري ومسلم ،وأصبح يقوؿ الصحيح ما زلنا دل ِ
ننتو من مراتبو.
مراتب األصحية:
فأوال ما اتفق عليو البخاري ومسلم،
ٔ) ً
ٕ) ٍب ما انفرد بو البخاري،
ٖ) ٍب ما انفرد بو مسلم،
شرطي البخاري ومسلم،
ّ ٗ) اآلف يقوؿ لك :عندان مرتبة اتلية من الصحيح ،وىي ما وافق
حديث ليس ُب البخاري ومسلم ،ولكن تتوفر فيو شروط حديث البخاري ومسلم ،وىذه الفقرة
حقيقة فيها كبلـ يستحق الوقوؼ.
معا كاف دوف ما أخرجو مسلم أو مثلو ،وإف كاف على شرط
قاؿ" :فإف كاف ا٠تربُ على شرطهما ً
تبعا ألصل كل منهما ،فخرج لنا
ط البخاري وحده على شرط مسلم وحدهً ، أحد٫تا فيق ّدـ شر ُ
وٍبَّ قسم سابع وىو ما ليس على شر ِطهما
من ىذا ستة أقساـ تتفاوت درجاهتا يف الصحةَ ،
ادا ،وىذا التفاوت إ٪تا ىو ابلنظر إذل اٟتيثيّة ا١تذكورة".
اجتماعا وانفر ً
ً
وحي بسهولة ٖتقق ما كاف اآلف ما كاف على شرط البخاري أو على شرط مسلم ،الكبلـ ىنا كأنو ي ِ
ُ
ٍ
ْتديث على شرط على شرط البخاري وعلى شرط مسلم ،وُب الواقع فإف من الصعوبة ٍ
ٔتكاف أف أتٌب
خرجو البخاري
اٟتديث الذي ّ
ُ األمر ُب الشرطية أبف يكوف
البخاري أو شرط مسلم ،ىنا كأنو علّق َ
ومسلم رواتو نفس رواة الصحيح ،وىذا ليس كافيًا ،يعٍت لو عندًن إسناد نفس الرواة الذين ُب
ٕٜٔ
احتجاجا ،وليس
ً البخاري ابلضبط وليس ىناؾ را ٍو خارج البخاري ،وكلُّهم أخرج ٢تم البخاري
مقروًن ،فهذا ال يكفي لتصحيح اٟتديث ،وال يكفي ألف نقوؿ على شرط البخاري،
ً ستشهادا أو
ً ا
مثبل أذكر رواية سفياف بن
حىت نتحقق أف البخاري أخرج حديثًا هبذه الكيفية ابلضبط ،كيف؟ ً
اٟتسُت ،أخرج لو البخاري ،والزىري أخرج لو البخاري ،لكن دل ٮترج رواية سفياف بن حسُت عن
نوعا من الضعف.
الزىري هبذا الًتكيب١ ،تاذا؟ ألف فيها ً
دائما ،واثبت
عمر واثبت ،معمر مشهور من رجاؿ اٞتماعة الذين يرووف عن الزىري ً مثاؿ أشهرَ :م َ
جدا ،لكن
أيضا من الثقات ،كلهم ثقات ومشهوروف ًالبناين صاحب أنس معروؼ من رجاؿ اٞتماعة ً
رواية معمر عن اثبت دل ٭تتج هبا البخاري وال مسلم؛ ألف فيها نوع ضعف ،ولذلك ٕتد اآلف ُب
مثبل ٮترجها اإلماـ أٛتد فيقوؿ لك :حدثنا عبد الرزاؽ قاؿ :حدثنا معمر
بعض الكتب أحاديث ً
قاؿ :حدثنا اثبت قاؿ :حدثنا أنس عن النيب ﷺ ،ماذا تريد أفضل من ىذا اإلسناد؟ الرجاؿ
٤تصوروف :أٛتد ،عبد الرزاؽ ،معمر ،اثبت ،أنس ،اإلسناد واضح.
حديث على شرط البخاري ومسلم ،وُب اٟتقيقة ىو ليس على شرط ُ فتجد َمن يقوؿ لك :ىذا
رجعت إذل كتب ا١تتقدمُت -
َ احتجاجا ،وإذا
ً ٭تتجا بو
البخاري وال شرط مسلم؛ ألف ىذا الًتكيب دل َّ
الكتب اليت تعتٍت بدقائق علوـ الرجاؿ خاصة ما ٚتعو ابن رجب عن ا١تتقدمُت ُب شرح العلل-
ضع ُفوا روايةَ معمر عن اثبت ،وىكذا.
ستجد أهنم ّ
سبب صنع اٟتاكم -رٛتو هللا -كتاب (ا١تستدرؾ):
إذف نقطة عملية ىنا ،وىي أف اٟتاكم -رٛتو هللا -صنع كتاب (ا١تستدرؾ) لكي ٮترج األحاديث اليت
جدا ُب األحاديث اليت
جدا ً
جدا ًكثَتا ً
توسع ًيستدركها على البخاري ومسلم ،اٟتاكم -رٛتو هللاّ -
يقوؿ فيها صحيح على شرط الشيخُت ،وعلى شرط البخاري ،وتوسع فيو ُب بعض األحياف -ال
أقوؿ لك :ليس على الًتكيب -بعض األحياف يكوف ىناؾ را ٍو ضعيف فيفوتو أو ٮتطئ ،لكن
كثَتا
كثَتا ١توضوع اٟتاكم؛ ألف ً
صحيح على شرط الشيخُت ..و٨تن ننبو ًٌ االعتماد على قوؿ اٟتاكم
مثبل
ا١توضوع وحكم على األحاديث ،عندما تذىب للكتبً ،
َ سهل
ينقلوف أحكاـ اٟتاكم١ ،تاذا؟ ألنو َّ
ٖٜٔ
سنن أيب داود ،أو الًتمذي أو النسائي ،أو موطأ مالك ،أو مسند اإلماـ أٛتد؛ ال ٕتد أحكاـ ىؤالء
األئمة على اٟتديث ،أما عندما تذىب للحاكم ٕتد حكمو على اٟتديث ،فيأتيك ا﵀قق اآلف -
وٮترج األحاديث -يكتب :أخرجو اٟتاكم وصححو ،ووافقو الذىيب ،واٟتمد ﵁ الذي ٭تقق الكتب ّ
رب العا١تُت ،وانتهت ا١تشكلة.
ّ
وىذا الكبلـ حقيقة فيو إشكاؿ كبَت ،قوؿ اٟتاكم :صحيح على شرط البخاري ،وعلى شرط صحيح
اٟتديث على ٍ
صيغة ُ مسلم ،فيو إشكاؿ حقيقي ِّ
جدا ،ودل ير ِاع ىذا الشر َط ،الذي ىو ضرورة أف يكوف
من الًتكيب.
اٟتديث بنفس الًتكيب الذي أخرجو البخاري ونفس الًتكيب الذيُ -ىناؾ مسألة :لو كاف
أخرجو مسلم -ىذه ا١تسألة ليس عندي ٖترير فيها ،ولكٍت أثرهتا اآلف وىي تستحق التفكَت -ىل
يكفي ذلك أف نقوؿ على شرط البخاري؟ يعٍت نفس الًتكيب نفس الصيغة -صيغ األداء -نفس
اإلسناد ونفس كل شيء موجود ُب البخاري ،و٧تده خارج البخاري ،ىل يكفي ألف نقوؿ أنو على
كثَتا ،فتجد
مثبل مسلم أخرج سلسلة سهيل بن أيب صاحل عن أبيو عن أيب ىريرة ً شرط البخاري؟ يعٍت ً
مثبل ٕتد حديث عُبيد هللا عن ًنفع
أف حديث سهيل بن صاحل عن النيب خارج على شرط مسلم .أو ً
أصبل ٕتد حديث من طريق عبيد هللا عن ًنفع عن ابن عمر عن النيب عن ابن عمر ،ىذا متفق عليو ً
موصوال.
ً ﷺ حديثًا
يد من التدقيق ُب النظر ُبُب نفسي أجد صعوبة اآلف أف ٨تكم أيضا على شرط البخاري إال ٔتز ٍ
ً
العلل؛ ألف البخاري دل ٭تكم على ظاىر اإلسناد فقط ،يعٍت حُت أخرج سلسلة عبيد هللا عن ًنفع عن
ابن عمر نظر ُب القرائن ا﵀يطة هبذه الرواية بعينها ،وأتكد من أف ليس ىناؾ ٥تالفة ١تا ىو أوثق منو،
أتكد من سبلمتو من الشذوذ والعلة ٍب حكم وأدخلو ُب الصحيح ،لكن اٟتديث الذي هبذه السلسلة
خارج الصحيح قد يكوف لو علة ،وقد يكوف ىناؾ إسناد أرجح منو ٥تالف لو؛ فؤلجل ذلك قد
يكوف ٕتنبو البخاري ومسلم.
ٜٗٔ
حديث إبسناد من أصح األسانيد يُروى فيو حديث مرفوع عن الرسوؿ ﷺ ٍ -وخذىا قاعدةُّ :
أي
أصبل ُب البخاري وال ُب مسلم؛ فتعامل مع اإلسناد ىذا واٟتديث وأنت ُب غاية
وال ٕتد ٢تذا ا١تنت ً
إسنادا من أصح األسانيد ٢تذا
وجدت ًُ درجات اٟتذر ،الذي ال ٭تذر ماذا يصنع؟ يقوؿ :هللا أكرب،
اٟتديث ،ابلعكس فإف وجود إسناد من أصح األسانيد ودل ٮترجو البخاري وال مسلم؛ ىذا يدفعك
للتوجس.
ّ
البخاري ومسلم ىذا كثَت ،ولكن أف ٕتد سلسلة مالك عن
ُّ ٮترجو
عاداي دل ّ
صحيحا ًً إسنادا
أما أف ٕتد ً
مثبل عن أنس -إبسناد آخر -أو ٮترجو مسلم عنًنفع عن ابن عمر «منت مرفوع» دل ٮترجو البخاري ً
قليبل كوف ا١تنت أ ُِخرج من وجو آخر ،فقد تقوؿ :إف البخاري ومسلم
أيب ىريرة ،فهنا األمر يهوف ً
نظرا لوجود أسانيد أخرى -وإف كاف فيو بُعد ،-لكنو أصل ُب الباب ما استغنيا عن ىذا اإلسناد ً
يوجد ُب البخاري ومسلم وأبصح األسانيد؛ ىذا ال يكاد يوجد! ما تركوه عبثًا .ولذلك أشار ابن
"وقل حديث يًتكانو إال وفيو علة" ،أظنو يقصد أصح األسانيد أو بشكل عاـ ،لكن رٔتا
رجب وقاؿَّ :
يقصد أصح األسانيد.
كل ٍ
جدا ،أما أصح األسانيد وال
حاؿ فاألسانيد الصحيحة خارجة عن البخاري ومسلم كثَتة ً على ِّ
أمر فيو نظر.
تكوف ُب البخاري ومسلم ،فهذا ٌ
-مداخلة :اآلف حديث ٖترًن ا١توسيقى فيو خبلؼ ،ويف حديث آخر بسند متصل عند ابن
حبّاف ،ماذا نقوؿ هبذا السند؟
نقوؿ أنو صحيح ،ابن حبّاف ما أتى إبسناد جديد ،أتى بنفس اإلسناد ووصلو إذل إسناد شيخ
البخاري أو إذل شيخ شيخ البخاري ،الفكرة أف عندًن مدار للحديث ،وىذا ا١تدار كل الكبلـ فيو،
أما أنت كيف تصل للمدار اي صاحب الكتاب -وصوؿ البخاري أو ابن حباف-؟ ىذا أمره سهل؛
ألف اٟتديث ُب اٟتقيقة ىو حديث شيخ البخاري أو شيخ شيخ البخاري ،وإ٪تا البخاري لو طريق إذل
ىذا الشيخ ،وابن حباف لو طريق إذل ىذا الشيخ ،وأبو داود لو طريق إذل ىذا الشيخ ،وىذه كلُّها طرؽ
ال تؤثر ُب أصل اٟتديث؛ لذلك كوف البخاري علَّق أو دل يعلِّق ىذا ليس لو عبلقة أبصل صحة
ٜ٘ٔ
اٟتديث موجود من طرؽ أخرى إذل نفس صاحب اٟتديث ،غَت أف إخراج البخاري لو
َ اٟتديث؛ ألف
اعتبارا معينًا.
يقويو فقط؛ أي ٬تعل لو ً
ادا:
اجتماعا وانفر ً
ً شرطي البخاري ومسلم
ّ ما ليس على
صفت بكوهنا أصح األسانيد ،كػ :مالك عن "وكما لو كاف اٟتديث الذي دل ٮترجاه من ترٚتة و ِ
ُ
مثبل ال سيما إذا كاف يف إسناده َمن فيو انفع عن ابن عمر ،فإنو يُ َّ
قدـ على ما انفرد بو أحد٫تا ً
مقاؿ" ،ىذا نفس الذي ذكرتو قبل قليل ،الذي ىو ما لو كاف اٟتديث خارج البخاري ومسلم من
أصح األسانيد ،ىو ىنا ماذا يقوؿ؟
مثبل مال ًكا عن ًنفع عن ابن عمر خارج البخاري ومسلم؛ فإننا نقدمو على ما ُب
يقوؿ :لو وجدًن ً
البخاري ومسلم ،خاصة لو كاف اإلسناد الذي ُب البخاري ومسلم ٦تا فيو مقاؿ ،ولكن ىذا الكبلـ
أصبل مالك عن ًنفع عن ابن عمر ،أصل ال يوجد ُب البخاري كما قلنا :فيو نظر ،ىل يوجد ً
ومسلم؟
ٜٔٙ
فوائد يف اٟتديث الصحيح عند ابن الصبلح:
اآلف نقرأ البن الصبلح ،دخل ُب اٟتسن -ابن حجر ،-وقبل اٟتسن ندخل ُب ابن الصبلح.
الفائدة األوذل:
ابن الصبلح -رٛتو هللا تعاذل -بعد أف ذكر اٟتديث الصحيح وتعريفو قاؿ" :فوائد ٚتة؛
قاؿ ُ
إحداىا :الصحيح ،يتنوع إذل متفق عليو ،و٥تتلف فيو ،كما سبق ذكره .ويتنوع إذل :مشهور،
وغريب ،وبُت ذلكٍ ،ب إف درجات الصحيح تتفاوت يف القوة ْتسب ٘تكن اٟتديث من الصفات
ا١تذكورة اليت تنبٍت الصحةُ عليها ،وتنقسم ابعتبار ذلك إذل أقساـ يستعصي إحصا ُؤىا على العا ِّد
اإلمساؾ عن اٟتكم إلسناد أو حديث أبنو األصح على اإلطبلؽ -كما قلنا:
َ اٟت ِ
اص ِر؛ و٢تذا نرىَ
ال نقوؿ مثبل :أصح األسانيد مالك عن ًنفع عن ابن عمر -على أف ٚتاعة من أئمة اٟتديث
خاضوا غمرة ذلك ،فاضطربت أقوا٢تم ،فروينا عن إسحاؽ بن راىويو أنو قاؿ :أصح األسانيد
ورِّوينا عن عمرو بن علي
كلها :الزىري ،عن سادل ،عن أبيو ،وروينا ٨توه عن أٛتد بن حنبلُ ،
الفبلس أنو قاؿ :أص رح األسانيد :دمحم بن سَتين ،عن َعبيِدة ،عن علي ،وروينا ٨توه عن علي بن
ا١تديٍت ،وروي ذلك عن غَت٫تاٍ ،ب منهم َمن عػَُّت الراوي عن دمحم ،وجعلو أيوب السختياين،
ابن عوف ،وفيما نرويو عن ٭تِت بن معُت أنو قاؿ :أجودىا :األعمش ،عن ومنهم َمن جعلو َ
إبراىيم ،عن علقمة ،عن عبد هللا ،وروينا عن أيب بكر بن أيب شيبة قاؿ :أص رح األسانيد كلها:
الزىري ،عن علي بن اٟتسُت ،عن أبيو ،عن علي".
ٜٔٚ
قاؿ" :وروينا عن أيب عبد هللا البخاري -صاحب الصحيح -أنو قاؿ :أصح األسانيد كلها :مالك،
عن انفع ،عن ابن عمر ،وبٌت اإلماـ أبو منصور عبد القاىر بن طاىر التميمي على ذلك :أف
أجل األسانيد :الشافعي ،عن مالك ،عن انفع ،عن ابن عمر ،واحتج إبٚتاع أصحاب اٟتديث َّ
أجل من الشافعي ،مهنع هللا يضر أٚتعُت ،وهللا أعلم".
على أنو :دل يكن يف الرواة عن مالك ّ
ىذا الكبلـ عن إٚتاع أصحاب اٟتديث على أف دل يكن أجل من الشافعي؛ كبلـ فيو نظر؛ يعٍت إف
"أجل" يعٍت ُب ا١تكانة فنعمُ ،ب ا١تكانة والعلم ،وإف كاف القصد أبجل أي أضبطّ كاف القصد بػ
أخص ابإلماـ مالك من
ّ وأعلم وأحفظ من جهة رواية اإلماـ مالك ،فهذا فيو نظر؛ فهناؾ َمن ىو
الشافعي ،أما من جهة العلم العاـ :فالشافعي نعم.
مثبل أبو مصعب الزىري ،وعنده معن بن عيسى القزاز ،وعنده عدد من الرواة
لكن اإلماـ مالك عنده ً
أكثر األحاديث عن مالك ُب الصحيحُت ال تكاد ٕتد فيها الذين اختصوا بو؛ ولذلك ٕتد اآلف َ
دائما ٕتد :حدثنا
الشافعي؛ وإ٪تا ٕتد عبد الرٛتن بن مهدي ،وٕتد ٭تِت بن ٭تِت ،عند اإلماـ مسلم ً
دائما ُب مسلم.
٭تِت بن ٭تِت ،قاؿ :حدثنا مالك ،ىذه ً
الفائدة الثانية:
"الثانية :إذا وجدان فيما نروي من أجزاء اٟتديث وغَتىا حديثًا صحيح اإلسناد ،ودل ٧تده يف أحد
شيء من مصنفات أئمة اٟتديث ا١تعتمدة ا١تشهورة، الصحيحُت ،وال منصوصا على صحتو يف ٍ
ً
فإان ال نتجاسر على جزـ اٟتكم بصحتو ،فقد َّ
تعذ َر يف ىذه األعصار االستقبلؿ إبدراؾ الصحيح
طبعا ىذا منزع آخر عند ابن الصبلح -ألنو ما من إسناد من ذلك إال
ٔتجرد اعتبار األسانيد ً -
عراي عما يشًتط يف الصحيح من اٟتفظ
وٕتد يف رجالو َمن اعتمد يف روايتو على ما يف كتابوّ ،
نص عليو أئمةُ
والةضبط واإلتقاف ،فآؿ األمر إ ًذا يف معرفة الصحيح واٟتسن إذل االعتماد على ما َّ
اٟتديث يف تصانيفهم ا١تعتمدة ا١تشهورة اليت يؤمن فيها لشهرهتا من التغيَت والتحريف ،وصار
خصت هبا
خارجا عن ذلك إبقاء سلسلة اإلسناد اليت َّ
معظم ا١تقصود ٔتا يتداوؿ من األسانيد ً ُ
ىذه األمة ،زادىا هللا تعاذل شرفًا ،آمُت".
ٜٔٛ
ىذه النقطة تشًتؾ ُب ٍ
شيء ٦تا قلت ،ولكن ا١تنزع آخر ىنا ،وىو يقوؿ إنو ال تتوفر اآلف عندًن آالت
طبعا ىذا موضع ىو أشهر ا١تواضع اليت انتُقدت على
أو وسائل اٞتزـ ابٟتكم على اٟتديث الصحيحً ،
دائما ٕتدوف ُب التعليقات على ابن الصبلح سواء ُب (النكت) البن ابن الصبلح ُب ا١تقدمة؛ لذلك ً
حجر أو العراقي ،وفيمن يتكلم عن ا١تقدمة ينُػتَقد عليو حىت ُب األقاويل العامة ،حُت تذكر أقاويل
دائما وينتقد بسبب إغبلقو
ا﵀دثُت ُب قضية االجتهاد ُب اٟتكم على اٟتديث يذكر رأي ابن الصبلح ً
الباب.
ىذا َ
الفائدة الثالثة:
"الثالثة :أوؿ َمن صنَّف الصحيح :البخاري أبو عبد هللا دمحم بن إٝتاعيل اٞتعفي ،موالىم".
"وتبله أبو اٟتسُت مسلم بن اٟتجاج النيسابوري القشَتي ،من أن َف ِسهم ،ومسلم -مع أنو أخذ
عن البخاري واستفاد منو -يشاركو يف كث ٍَت من شيوخو ،وكتااب٫تا أص رح الكتب بعد كتاب هللا
ٜٜٔ
صوااب
أكثر ً
كتااب يف العلم َ ِ
األرض ً العزيز ،وأما ما ُروينا عن الشافعي هنع هللا يضر من أنو قاؿ :ما أعلم يف
من كتاب مالك ،ومنهم َمن رواه بغَت ىذا اللفظ؛ فإ٪تا قاؿ ذلك قبل وجود كتايب البخاري
ومسلم.
الفائدة الرابعة:
"الرابعة :دل يستوعبا الصحيح يف صحيحيهما ،وال التزما ذلك .فقد روينا عن (البخاري) أنو
صح ،وتركت من الصحاح ٟتاؿ الطوؿ .وروينا عنأدخلت يف كتايب اٞتامع إال ما َّ
ُ قاؿ :ما
(مسلم) أنو قاؿ :ليس ك رل ٍ
شيء عندي صحيح وضعتو ىهنا -يعٍت ُب كتابو الصحيح -إ٪تا
وضعت ىهنا ما أٚتعوا عليو.
ٕٓٓ
قلت :أراد وهللا أعلم أنو دل يةضع يف كتابو إال األحاديث اليت وجد عنده فيها شرائط الصحيح
ُ
اجملمع عليو ،وإف دل يظهر اجتماعُها يف بعةضها عند بعةضهم.
-سؤاؿ :قصده األسانيد؟ نعم ،الطرؽ؛ ألف ا١تتوف الصحيحة ال تصل إذل ٓٓٔ ألف حديث ً
أبدا.
-سؤاؿ :يُ َروى عن اإلماـ أٛتد أنو كاف ٭تفظ ألف ألف حديث ،والشيخ عبد الواحد اٟتنبلي يقوؿ
أعداد مثل ىذه األعداد فإنو يقصد هبا ليس األحاديث عن النيب ﷺ فقط ،بل إنو إذا ذكر العلماءُ ً
األخبار واآلاثر ،ىل ىذا صحيح؟ صحيح ،وىذا أشار إليو كثَت من العلماء السابقُت .مئة ألف
ٗتتلف عن ألف ألف ،الفرؽ كبَت جدِّا ،ىذا عشرة أضعاؼ ،وألف ألف ال أظن يُقصد هبا فقط
األخبار؛ ألنو يُطلق عليها
َ طرؽ اٟتديث الصحيح ،وا١تتوف ا١ترفوعة ،بل يدخل ُب ذلك -وهللا أعلم-
حديث ،خاصة أف قائلو ىو اإلماـ أٛتد ،وىو من أبرز ،إف دل يكن رقم واحد ُب العلماء كلهم،
حفظًا آلاثر الصحابة .من حيث ىل ٬توز أف يقصد ذلك؟ نعم٬ ،توز ،فالكبلـ ليس فيو ما ٮترج
األخبار ا١توقوفة؛ ألف كلمة حديث تُطلق حىت على األخبار ا١توقوفة ،لكن مئة ألف فقط -كبلـ
البخاريٖ -تتمل أف تكوف ا١تتوف ا١ترفوعة الصحيحة ،ولكن مئة ألف أي طرقها؛ يعٍت ٖتتمل أف
تكوف ٣تموع الطرؽ الصحيحة مئة ألف ،أما الرقم مليوف فيو بُعد إال للموقوفات وا١تقطوعات وما إذل
ذلك.
قاؿ" :وٚتلة ما يف كتابو الصحيح سبعة آالؼ ومائتاف وٜتسة وسبعوف حديثًا ابألحاديث
ا١تتكررة ،وقد قيل :إهنا إبسقاط ا١تكررة أربعة آالؼ حديث ،إال أف ىذه العبارة قد يندرج ٖتتها
ٕٔٓ
آاثر الصحابة والتابعُت ،ورٔتا عُ َّد اٟتديث الواحد ا١تروي إبسنادين حديثُت -يعٍت ذكر
عندىم ُ
ابن الصبلح-
الوجهُت ُ
ٍب إف الزايدة يف الصحيح على ما يف الكتابُت يتلقاىا طالبُها ٦تا اشتمل عليو أحد ا١تصنفات
ا١تعتمدة ا١تشتهرة ألئمة اٟتديث :كأيب داود السجستاين ،وأيب عيسى الًتمذي ،وأيب عبد الرٛتن
منصوصا على صحتو فيها.
ً النسائي ،وأيب بكر بن خزٯتة ،وأيب اٟتسن الدارقطٍت ،وغَتىم،
"واعتٌت اٟتاكم أبو عبد هللا اٟتافظ ابلزايدة يف عدد اٟتديث الصحيح على ما يف الصحيحُت،
وٚتع ذلك يف كتاب ٝتّاه (ا١تستدرؾ) أودعو ما ليس يف واحد من الصحيحُت٦ :تا رآه على شرط
الشيخُت ،قد أخرجا عن رواتو يف كتابيهما ،أو على شرط البخاري وحده ،أو على شرط مسلم
اجتهاده إذل تصحيحو وإف دل يكن على شرط واحد منهما".
ُ وحده ،وما أدى
ٍب قاؿ كلمة مشهورة ُح ِفظت عن ابن الصبلح ،قاؿ عن اٟتاكم" :وىو واسع ا٠تطو يف شرط
الصحيح ،متساىل يف القةضاء بو فاألوذل أف نتوسط يف أمره فنقوؿ :ما حكم بصحتو ،ودل ٧تد
ذلك فيو لغَته من األئمة ،إف دل يكن من قبيل الصحيح فهو من قبيل اٟتسن ،٭تُتج بو ويُعمل
بو ،إالَّ أف تظهر فيو علَّة توجب ضعفو ،ويقاربو يف حكمو صحيح أيب حاًب بن حباف البسيت،
رٛتهم هللا أٚتعُت ،وهللا أعلم".
ٕٕٓ
ما شاء هللا ،أطاؿ ُب اٟتديث الصحيح ،ىذا كلو ُب نفس ا١تواضع اليت تكوف تتمة ١تا بعده ،يعٍت ما
تكلمنا عن الشروط اليت ذكرىا ،شروط اٟتديث الصحيح وال أريد أف أطيل أكثر من ذلك ٦تكن
أشَت ،طبعا ىو اآلف ذكر ثبلث نقاط بعد الشروط.
الفائدة ا٠تامسة:
ا٠تامسة يقوؿ" :الكتب ا١تخرجة على كتاب البخاري أو كتاب مسلم ،رضي هللا عنهما ،دل يلتزـ
طبعا ا١تستخرجات
الكبلـ عن ا١تستخرجاتً ،
ُ مصن ُفوىا فيها موافقتهما يف ألفاظ األحاديث" ،ىنا
فيها فوائد مهمة.
تعريف ا١تستخرجات:
صاحب ا١تصنف إذل مصنَّف -كتاب موجود-
ُ ا١تستخرجات -ابختصار وتسهيل -ىي أف أيٌب
فيأخذ نفس األحاديث اليت ُب الكتاب فيخرجها أبسانيده ىو ،فهو ال يزيد ً
متوًن على متوف البخاري
نفس
طبعا أكثر ا١تستخرجات صارت على البخاري ومسلم فتجد ُب ىذه ا١تستخرجات َ مثبلً ،
ً
مثبل حديث ا١تعازؼ إبسناد آخر يلتقي مع إسنادأحاديث البخاري ومسلم ،اللهم ٕتد فيها ً
البخاري ،وإسناد آخر يلتقي مع إسناد مسلم.
فوائد ا١تستخرجات:
جدا منهاَ ،من أيٌب
نفس األحاديث ،ىناؾ فوائد مهمة ً
خرجت لنا َ -ما الفائدة؟ أنت ُب األخَت ّ
لنا؟ كثرة الطرؽ؟ كما قلت لك ىو يلتقي ٔتشايخ أصحاب الكتب ،فهو ال يضيف طرقًا جديد ًة ُب
طبعا ىذه قد تدعم بعض األحياف.
الغالب ،وإ٪تا يلتقي ً
-من األشياء ا١تهمة ج ًدا ،وىي فائدة ٦تكن نرد هبا على قةضية الشبهات يف قةضية البخاري،
أوؿ شيء :نقوؿ ٢تم البخاري دل ينفرد أبي حديث ،ال يوجد أي حديث انفرد بو البخاري ً
أبدا وال
واحد والدليل وجود مستخرجات على البخاري ،معٌت ا١تستخرج أف صاحب الكتاب ا١تستخرج ىذا
٘تر ُب نفس البخاري ،وقد ٘تر بشيخ البخاري،
-ا١تستخرِج -روى عنده نفس األحاديث بطرؽ ال ّ
ٖٕٓ
أيضا بطرؽ ال
كل أحاديث البخاري ىي عنده ً يلتقي مع البخاري بشيخو أو بشيخ شيخو ،ا١تهم أف َّ
٘تر بشخص البخاري ،فإف دل يعجبكم البخاري جنبوه فأمامكم نفس األحاديث بطرؽ أخرى عند
فضبل عن كونك ٕتدىا مبثوثة ُب مسند أٛتد والًتمذي والنسائي وابن ماجو ،لكن
غَت البخاري ،ىذا ً
ا١تستخرجات األحاديث اليت ُب البخاري .فهذه فائدة.
ُ زايدة على ذلك فقد استقصت
-ومن الفوائد :اٟتديث الذي يرويو قد يزيد فيو ألفاظًا ،غالبًا تكوف شارحة ً
مثبل أو فيها سبب
للحديث دل يذكره البخاري ،فهذه تفيد ُب الشرح؛ ولذلك ٕتد ابن حجر يعتٍت هبذه القضية.
ةضا قد ٕتد أهنا تفيد ُب ألفاظ األداء ،ليس ُب الوصل أو اإلرساؿ مباشرة ،إ٪تا ُب ألفاظ األداء،
-أي ً
مثبلٕ -تد اٟتديث معنعنًا ُب (سنن أيب
مثبل حديث -إذا كاف ا١تستخرج على سنن أيب داود ً قد ٕتد ً
داود) وٕتده ُب ا١تستخرج «حدثنا ،حدثنا» فَت٭تك ُب قضية االتصاؿ.
األلفاظ الزائدة ىل ىي من قبيل زايدة الثقة وغَت الثقة؟ يعٍت قد ٭تتاج بعةضها مراجعة على
كل حاؿ ،ىل توجد ألفاظ زائدة ٢تا أثر حكمي؟
مثبل سبب ورود اٟتديث ،بعض األحياف ال بعض األحياف تكوف ألفاظ شارحة أو زايدة تفسَت ،أو ً
أصبل ،لكن لو كاف نستطيع أف نقوؿ زايدة ثقة أو ليست زايدة ثقة؛ ألف ىذا ٦تا ٯتكن أف ٮتتصر ً
ىناؾ زايدة فيها حكم أو زايدة ُب ذكر مثبل مثل "إنك ال ٗتلف ا١تيعاد" ىذه األشياء اليت ٢تا أتثَت،
مثبل ٕتد ُب البخاري" :قاـ رجل إذل النيب ﷺ" ىنا قد نقوؿ زايدة ثقة أو غَت ثقة ،أما أف يقوؿ ً
فتجد ُب ا١تستخرج "قاـ فبلف بن فبلف" ُِٝتّى ىذا ا١تبهم ىذه أمرىا سهل ُب التوضيح .ابن حجر
جدا ببياف ا١تبهمات ىذه ُب الشروح ُب الرواة الذين يُذكروف ابإلهباـ ،يعتٍت بذكرىم بطرؽ يعتٍت ً
أخرى واب١تستخرجات.
ذكر أف من فوائد التخريج العلو قاؿ" :والثانية :الزايدة يف قدر الصحيح؛ ١تا يقع فيها من
ىنا ىو َ
ألفاظ زائدة وتتمات يف بعض األحاديث ،يثبت صحتها هبذه التخاريج؛ ألهنا واردة ابألسانيد
الثابتة يف الصحيحُت أو أحد٫تا ،وخارجة من ذلك ا١تخرج الثابت".
الفائدة السادسة:
" السادسة :ما أسنده البخاري ومسلم يف كتابيهما فقد حكما بصحتو ،وأما ا١تعلق فما كاف فيو
بلفظ اٞتزـ -مشهور ىذا الكبلـ -وحكم بو على َمن علقو عنو فقد حكم بصحتو عنو ،مثالو:
رسوؿ هللا ﷺ كذا وكذا ،قاؿ ابن عباس كذا وكذا .وأما ما دل يكن يف لفظو جزـ وحكم،
قاؿ ُ
مثلُ :روي عن رسوؿ هللا ﷺ عن فبلف وما أشبهو ليس فيها شيء من اٟتكم ابلصحة؛ ألهنا
إشعارا
ً اده لو يف أثناء الصحيح ُم ْش ِع ٌر بصحة أصلو
تستعمل يف اٟتديث الةضعيف ،ومع ذلك فإير ُ
يؤنس بو ويركن إليو".
يعٍت ىو يقوؿ حىت األلفاظ اليت أوردىا البخاري بصيغة التمريض؛ ٣ترد إيراد ىذه الرواية ُب الصحيح
إشعارا يؤنس بو ويركن إليو؛ يعٍت كأنو يقوؿ ٖتسُت عاـ. ِ
ُمشعٌر بصحة أصلو ً
طبعا البخاري أًن أعرؼ موضع واحد -وٖتتاج القضية تتبع أكثر ،-أظن ليس ىناؾ إال ىذا ا١توضع؛ ً
بعض ا﵀ققُت أف
مسندا ،ولكن ذكر ُ روى حديثًا بصيغة التمريض ،وقد أخرجو ُب نفس الصحيح ً
نظرا ألنو اختصره ُب ا١توضع الذي علقو ،فقاؿ :ويُ َروى عن أيب موسى عن
روايتو لو بصيغة التمريض؛ ً
طرؼ اٟتديث فقط ،فقالوا ألجل ىذا االختصار قاؿ" :ويُ َروى" مع أنو أورده ُبالنيب ﷺ وذكر َ
مسندا ،فهذا يدؿ على أف البخاري قد يُوِرد شيئًا بصيغة التمريض وال يكوف ضعي ًفا،
موضع آخر ً
األكثر ُب صحيح البخاري أنو إذا قاؿ ويُ َروى أو كذا أف ىذا يكوف فيو نوع
َ لكن يبدو وهللا أعلم أف
ٕ٘ٓ
ضعف ،ويُعرؼ ىذا بتتبع األسانيد ،خاصة (تغليق التعليق) البن حجر معروؼ الكتاب ،تتبع
ا١تعلقات اليت ُب البخاري وجاء أبسانيدىا سواء بصيغة اٞتزـ أو غَتىا.
الفائدة السابعة:
ٕٓٙ
بعض أىل النقد من اٟتفاظ كالدارقطٍت وغَته ،وىي
فيما سبق ،سوى أحرؼ يسَتة تكلم عليها ُ
معروفة عند أىل ىذا الشأف ،وهللا أعلم".
أيضا
طبعا ،وىو صاحب قيمة ُب ىذا الفن واجملاؿ ،و ً
ىذه أسطر مهمة؛ ألهنا من ابن الصبلح ً
االستثناء ىذا "سوى أحرؼ يسَتة" معروؼ ا١تقصود ابألحرؼ اٞتمل ،وىذه من االستعماالت
كثَتا.
ا١تهجورة لكلمة حرؼ ،مع أهنا كانت ُب السابق مستعملة ً
فمثبل يذكر لك
ودائما ُب الشروحً ،
كثَتا ً
اآلف الشيخ يوسف الغفيص يستعمل كلمة حرؼ هبذا ا١تعٌت ً
ؼ بُت الطوائف .ما ىو ىذا اٟترؼ؟ اٞتملة
ٚتلة من الطحاويةٍ ،ب يقوؿ :وىذا اٟترؼ وقع فيو اختبل ٌ
اليت قرأىا.
خَتا.
وجزاكم هللا ً
ٕٓٚ
احملاضرة الثالثة عشر:
ا١تقدمة:
وصل اللّهم على نبيِنا ٍ
٤تمد وعلى آلو وصحبو أٚتعُت ّ بسمميحرلا نمحرلا هللا ،اٟتمد ﵁ ِّ
رب العا١تُتِّ ،
ّأما بعد:
جديدا ،وىو ال ّدرس الثّالث عشر ُب دروس شرح (نزىة درسا ِ
ً فنستعن اب﵁ سبحانو وتعاذل ونبدأ ً
النظر) البن حجر رٛتو هللا تعاذل ،نستطيع أف نقوؿ أنّنا أهنينا الفقرةَ األوذل من الكتاب ،وإذا أردًن
الصحيح ،وإف األوليتُت من الكتاب .الفقرة األوذل اليت ىي ا١تتعلّقة اب٠ترب ّفصيل نقوؿ الفقرتُت ّ التّ َ
كانت على سبيل التّفصيل نستطيع أف نقوؿ أ ّف ىناؾ مقدمة عن األخبار بشكل عاـ :ا١تتواتر
واآلحادٍ ،بّ أقساـ اآلحاد الّيت أخذًن فيها ال ّدروس األربعة األوذل.
الصحيح ،أخذًن درسُت ُب التّوابع يعٍتُ :رتَب
الصحيح وتوابع ّ
دروس اٟتديث ّ َ بعد ذلك أخذًنَ
أكثره ذىب ُب قراءة ابن صحيح وتفاوت ُرتَػبُو ْتسب تفاوت أوصافو ،ال ّدرس ا١تاضي ُ اٟتديث ال ّ
الصحيح.
الصبلح فيما يتعلّق بتوابع متعلّقة ابٟتديث ّ
ّ
اٟتديث اٟتسن عند ابن حجر:
اٟتسن يف النخبة:
ٕٓٛ
اآلف واضح أ ّف ابن حجر -رٛتو هللاْ -تكم االختصار ُب (النُّخبَة) سلك اآلف ُب اٟتديث اٟتسن
االختصار شديد ِّ
جدا ،لكن ُب َ الصحيح؛ أل ّفالضمائر على اٟتديث ّ الضمائر ،٭تيل ُب ّ
مسلك ّ
َ
ط" اآلف ىذا متعلق ٔتاذا؟ متعلق بشروط ةضب ُ ُّزىة) ىنا سيبسط القوؿ ،فقولو" :فإف َخ َّ
ف ال ّ (الن َ
الراوي ضابطًا؟
الصحيح أف يكوف ّ
الصحيح الّيت ذكرىا قبل ذلك ،أدل يقل ُب شروط اٟتديث ّ
اٟتديث ّ
مضمرا ،وىو:
ً معٌت
ط ،و٨تن نفهم من ىذا الكبلـ أ ّف ىناؾ ً الضب ُ
ف ّ ىنا اختصر ا١تسافة وقاؿ :فإ ْف َخ َّ
ص َّح ُح" اآلف
فاٟتسن لذاتو" ،وبكثرة طرقو يُ َ
ُ الشروط الّيت ذُكَِرت
ط مع وجود ابقي ّ الضب ُ
ف ّ فإ ْف َخ َّ
الصحيح واٟتسن ،أي فإ ْف ٚتع ىذه اٞتملة الثّانية ،واٞتملة الثّالثة "فإ ْف ٚتع" ما الّذي ٚتع؟ ٚتع ّ
الص ّحة فذكر تفسَتين ،سنأٌب هبا ُب درس آخر إف شاء هللا. اٟتُسن و ّ
ُّزىة) وبعد ذلك نبدأ ُب التّعليق.
ابن حجر ُب (النُّخبَة) ،ننتقل إذل قولو ُب (الن َ
اآلف ىذا ما ذكره ُ
اٟتسن يف النزىة:
ٕٜٓ
الستّة تكلّم عن الفقرة األوذل الّيت ىي متعلّقة بقولو" :فإ ْف َخ َّ
ف اآلف واضح أنّو ُب ىذه األسطر ّ
س ُن لذاتو".
ط فاٟتَ َ
الةضب ُ
كثَتا ُب
اٞتملة الثّانية لن نتح ّدث عنها اآلف ،ولن نتح ّدث عن اٞتملة الثّالثة وىي الّيت أطاؿ فيها ً
ُّزىة) .عندًن اآلف ُب ىذه الستّة أسطر ِّ
أوال تعريف أو تبيُت ،وعندًن ُح ْكم اٟتديث اٟتَ َسنُ ،ب (الن َ
ّ
ف وكذا وليس ألمر خارجٍ ،بّ قاؿ" :وىذا القسم من اٟتسن الشرط إذا َخ َّ
ؼ ،وقاؿ :إ ّف ّ
عر َ
البداية َّ
للصحيح يف االحتجاج بو" ،إذف اٟتسن ىنا ُح ُ
كمو أنّو ُ٭تتَ ُّج بو ،إذف ىذا ا١تصطلح ليس مشارؾ ّ
ٌ
مصطلحا وصفيِّا فقط ،مثل :مصطلح العارل أو النّازؿ ،ىذا مصطلح وصفي ،ال أثر لو يف اٟتكم
ً
ابلص ّحة أو
أحكاما ّ
ً تتضمن
ّ مصطلحات ال
ٌ مثبل أو مرفوع ىذه كلُّها
أو مصطلح موقوؼ ً
تتضمن أوصافًا.
ابلضعف ،وإّ٪تا ّ
ّ
ٕٓٔ
الصارمة اٟتَ ِّديَّة الواضحة
للحديث اٟتسن ،خرج بتعريفُت ،ورغم ذلك فالتّعريفاف ليستا من التّعاريف ّ
جدا ،األ٫تيّة الكربى ألنّو مهم ِّ
الصبلح ألنّو ٌ
قدرا من العموـ ،سنقرأ كبلـ ابن ّ ِّ
جدا ،وإّ٪تا ٕتد فيها ً
وإلم َام ِة مؤلّفو وأل ّف ُب الكتاب استقراء لقضيّة
نفس الكتاب لو ا١تكانة ا١تركزيّة ُب علوـ اٟتديث َ
الرسالةٜ ،تس طبعا إلدراؾ القضيّة وحجمها ،فعندًن ىذه ّ وأتملت وكذاً .
ُ ونظرت
ُ اٟتسن قاؿ:
خبلفات تفاصيل كثَتةٌ ،وفيو وفيو ب اٟتديث اٟتسن لذاتو ولغَته) فا١توضوع متشعِ
ُ ٣تلّدات عنواهنا (
ٌ ُ ٌ ّ ُ
و٭تتاج إذل ٖترير ونظر.
بتوسع ِ
بعض التّحريرات ،وغالبًا ا﵀ ّدثوف الّذين يتكلّموف ّ أيضا مفردة ُب اٟتسن وىناؾ ُىناؾ مؤلّفات ً
ا٠تبلؼ اٟتاصل ،فإ ّما أف ٭تاوؿ أف
َ فإهنم يػُ ِْربُزوف ىذا
تطرقوا إذل اٟتديث اٟتسن ّ
ُب علم اٟتديث إذا ّ
جديدا أو ٬تمع بُت األقواؿ. ِ
٭ترر شيئًا ً
ّ
كثَتا مع أ ّف (ا١ت ْوقِظَة) يعترب فتوسع -ال ّذىيب يف (ا١تُوقِظَة) :نقل األقو َاؿ وحاوؿ أف ِ
يفسر و٬تمع،
ُ ً ّ ّ ْ
حىت ندرؾ ص ّ منت ٥تتصرٍ ،ب قاؿ :وأًن على إايس من أف يكوف ىناؾ تعريف ...سنذكر عبارتو ابلنّ ِّ
ؼحجم القضيّة ،اٟتسن ..قاؿ" :وُب ٖترير معناه اضطراب ،فقاؿ ا٠تطّايب رٛتو هللا :ىو ما عُ ِر َ
عامةُ
أكثر العلماء ،ويستعملو ّ
مدار أكثر اٟتديث ،وىو الّذي يقبلو ُ ٥ترجو ،واشتُهر رجالُو ،وعليو ُ
الفقهاء" انتهى التعريف ،اآلف تعقيب ال ّذىيب" :وىذه العبارة ليست على صناعة اٟتدود
أصبل
طبعا ىنا مشكلة يعٍت التّعقب هبذا القانوف مشكلة ُب علوـ اٟتديث؛ أل ّف ً والتّعريفات"ً .
ارـ ُب اٞتمع وا١تنع ُب التّعريفات. ِ
الص َ
األمر ّ
تعريفات ا﵀ ّدثُت دل تكن تراعي َ
الصحيح ،فأقوؿ :اٟتسن
ةضا ،لكن مراده ما دل يبلغ درجة ّ
الصحيح ينطبق ذلك عليو أي ًقاؿ" :إذ ّ
سن ما سلم من ضعف الصحة ،وإف ِشئت َ
قلت :اٟتَ ُ ةضعيف ودل يبل ْغ درجة ّ
ما ارتقى عن درجة ال ّ
حيح مراتب كما قدمناه ،واٟتسن
الص ُ
الصحيح .وحينئذ يكوف ّ داخل يف قسم ّ
ٌ الرواة ،فهو حينئذ
ّ
الصحيح.
مثبل يف آخر مراتب ّ
ذا رتبة دوف تلك ا١تراتب ،فجاء اٟتسن ً
ٕٔٔ
سن ،وذكر أنّو يريد بو:
ص ىذا النوع ابسم اٟتَ َ
الًتمذي فهو ّأوؿ َمن َخ َّ
وأما ّ
ّ
-أف يسلم را ِويو من أف يكوف ُمتّ ً
هما
-وأف يسلم من ال ّ
شذوذ
-وأف يروى ٨توه من غَت ٍ
وجو َُ ُ
ةضا على ما يقوؿ فيوَ :حسن غريب ال نعرفو ّإال من ىذا الوجو".
وىذا ُمشكل أي ً
للًتمذي.
اآلف ذكرًن ثبلثة تعاريف :تعريف ا٠تطايب ،وتعريف لو ،وتعريف ّ
أقساـ اٟتديث اٟتسن:
العمل
ُ ٤تتمل ويسوغ
ٌ اٟتسن ما ضع ُفو
ُ قاؿ" :وقيل -وىذا ا١تقوؿ ا١تنسوب ىو البن اٞتوزي:-
الصبلح رٛتو هللا :إ ّف
ابن ّةضعف احملتمل .وقاؿ ُ
ةضا ليس مةضبوطًا بةضابط يتميّز بو ال ّ
بو ،وىذا أي ً
س َن قِسماف:
اٟتَ َ
ٔ) ما ال ٮتلو سن ُده من مستور دل تتحقق أىليتُو ،لكنّو غَت مغفل وال خطّاء وال متّهم ،ويكوف
ؼ مثلُو أو ٨توه من وجو آخر اعتةضد بو.ا١تنت مع ذلك عُ ِر َ
الصحيح لقصوره عنهمابلصدؽ واألمانة ،لكنّو دل يبلغ درجة رجاؿ ّمشهورا ّ
ً ٕ) أف يكوف را ِويو
شذوذ والعلة،
منكرا مع عدـ ال ّ يف اٟتفظ واإلتقاف ،وىو مع ذلك يرتفع عن حاؿ َمن يُع رد ّ
تفر ُده ً
قليبل عن
سن ما قصر سن ُده ً
لك :إ ّف اٟتَ َ
قلت َ
فهذا عليو مؤاخذات -ما صفى لو تعريف -وقد ُ
كل األحاديث اٟتساف
الصحيح وسيظهر لك أبمثلةٍ ،بّ ال تطمع أبف للحسن قاعدة تندرج ّ
رتبة ّ
فيها ،فأان على إايس من ذلك ،فكم من حديث تر ّدد فيو اٟت ّفاظ :ىل ىو حسن أو صحيح أو
ويوما يصفو
ابلص ّحة ً
فيوما يصفو ّ
اجتهاده يف اٟتديث الواحد ً
ُ يتغَت
ضعيف؟ أب ّف اٟتافظ الواحد ّ
اٟتسن يستةضعفو اٟتافظ على أف يرقيو إذل
َ اٟتديث
َ ابٟتسن ورّٔتا استةضعفو ،وىذا حقَّ ،
فإف
الصحيح "..إخل.
ُرتبة ّ
ٕٕٔ
الكبلـ ىذا كلّو لنعرؼ أ ّف
ُ كل ىذا الكبلـ؟ ليس الكبلـ لذكر ا٠تبلؼ لذاتو ،وإّ٪تا
اآلف ١تاذا ذكرت ّ
الشروح ا١تعاصرة أوالشروح أو كثَت من ّ ىناؾ نوع من االختزاؿ أو من االختصار ا١تخل ُب بعض ّ
حكما و٬تعلو
ويتضمن ًّ ا١تتأخرة ُب مصطلح اٟتديث ،فحينما أيٌب اٟتديث اٟتَ َسن أيٌب بتعريف واحد
ّ
كل ما سبق من األلفاظ من استعماالت اٟتَ َسن عند اٟت ّفاظ ،وىذا ُمش َك ٌل أصبل على ّ َح َك ًما ً
كل ىذه التّعريفات وا٠تبلفات الّيت وقعت ُب اٟتديث كل ىذه اإلشكاالت أو ّ حقيقيُ :ب إلغاء ّ
شك فيو وأ ّف ما
الصحيح الّذي ال ّ السَت عليو بشيء كأنّو ىو األمر ّ
اٟتَ َسن وأخذ تعريف واحد منها و ّ
الشَّراح ،الشَُّّراح يدركوف
أصبل أ ّف ىناؾ ما سواه ،أًن ال أتكلّم عن ّسواه خطأ ،ىذا إذا كاف يعرؼ ً
ذلك ،ولكن أقصد َمن يتل ّقى ،و٭تضر درس البيقونيّة ،وأيخذ تعريف اٟتَ َسن ،أو ٭تضر درس
العامة ويتعامل مع كتب اٟتديث بعض القواعد ّ ُّزىة) وأيخذ تعريف اٟتَ َسن ،وأيخذ َ (النُّخبَة) أو (الن َ
هبذا التّعريف الّذي أخذه ،وىذه ا١تشكلة.
ا٢تدؼ ِمن ذكر ِّ
كل ىذا ا٠تبلؼ ىو:
اختصارا
ً تفصيل وٖتري ٍر ليس ابلطّريقة ا١تختصرة
ٍ ٔ) لفت االنتباه إذل أ ّف اٟتديث اٟتَ َسن ٭تتاج إذل
٥تبل الّيت تُقدـ ُب بعض ال ّدروس .ىذه نقطة.
ً
للح َسن؟ أو كيف نتعامل مع تعريف اٟتَ َسن؟ األفضل وهللا ٕ) والنّقطة الثّانية :ما التّعريف األمثل َ
أعلم ُب مثل ىذا ا١تصطلح أف يتعامل معو بتع ّدد ا١تعاين و ّأال يلتمس فيو تعريف واحد ،ويبدو وهللا
احدا،
أعلم أ ّف التّحدي الّذي أبرزه ال ّذىيب أبنّو على إايس أبف يصل إذل تعريف؛ ألنّو تطلّب تعري ًفا و ً
معٌت معيّػنًا ،أي يريد أف
يدؿ على أنّو يريد ً
فنقده٦ ،تّا ّ
يدؿ على ذلك أنّو أتى بتعريف ا٠تطايب َ والّذي ّ
ٮترج بتعريف واحد ،وابلفعل ١تاذا استصعب القضيّة؟
ٖٕٔ
ث اآلف ىو ال ّذىيب الّذي يتكلم وىو يستحضر اجملرد؛ وابلتّارل فا﵀ ِّد ُ
اٟتديث وليس مصطلح اللّغة َّ
الًتمذي ،ويستحضر إطبلقات البخاري ،ويستحضر إطبلقات فبلف وفبلف وتعريفات تطبيقات ّ
كل ىذه التّطبيقات الّيت يف و ٍ
احد ٬تمع َّ ويستحضر إطبلقات وتطبيقات ،فبل يستطيع أف أيٌب بتعر ٍ
وقعت؛ ولذلك من األفضل واألكمل سواء -ليس فقط ُب مصطلح اٟتسن -ىذا ليس ٕتاوز
حىت ُب مصطلح ا١تنكر أو ُب مصطلح ا٠تبلؼ ،وإّ٪تا ىو األقرب للتّطبيق ُب مصطلح اٟتسن أو ّ
أصبل ال ّذىيب نفسو ُب مصطلحات أخرى ،أف يُقاؿ أ ّف اٟتديث الشاذ ،وىذا الّذي أشار عليو ًّ
اٟتسن :يطلق على معٌت من ا١تعاين وانتهينا١ ،تاذا نبحث عن تعريف ح ّدي للقضيّة؟! كما أنّنا نقوؿ
تطبيقات اٟت ّفاظ
ُ أنّو من الغلط أف نقوؿ أ ّف تعريف ا١تنكر ىو تعريف واحد ،فبل ٯتكن أف ٗتدمك
مثبل التّعريف األشهر للمنكر ىو :ما
مستحيلً ، ىذا ،ا١تتق ّدمُت على أف تعرؼ ا١تنكر بصورةٍ واحدةٍ
ٌ ّ
الضعيف الثّقة -موجود ُب (النُّخبَة) -ىذا التّعريف ىو صورة واحدة من صور ا١تنكر، خالف فيو ّ
الصورة.
وبقيت صور أُخرى كثَتة متع ّددة ال ٯتكن أف ٖتصر هبذه ّ
إذف فاألقرب تعامل مع مصطلح اٟتسن ىو أف يُقاؿ إ ّف اٟتسن لو عدد من ا١تعاين أو يطلق على
الصورة الثّالثة كذا ،وىكذا.. ٍ
الصورة الثّانية كذاّ ،
الصورة األوذل كذاّ ،
الصورّ :
عدد من ّ
الصورة ا١ترادة من مصطلح اٟتسن؟
كيف نعرؼ ّ
أي
السياؽ أو من خبلؿ دراسة منهج ا﵀ ّدث نفسو ،معرفة اإلطبلؽ اٟتسن على ّ نعرفها من خبلؿ ّ
الصبلح قاـ ٔتثل ىذا العمل ،فذكر التّعريفات ،وآخر شيء ذكر
طبعا أ ّف ابن ّ
مثبل ً
صورة مرادة ،فنجد ً
ٖتديدا.
أ ّف اٟتسن يُطلق على معنيُت ،وسنذكر عبارتو ً
النّوع الثّاين قاؿ" :معرفة اٟتسن من اٟتديث .روينا عن أيب سليماف ا٠تطّايب -وجاء بتعريف
الًتمذي ،وقاؿ بعض ا١تتأ ّخرين "..ال أدري
الًتمذي وجاء بتعريف ّ
ا٠تطّايب -وروينا عن أيب عيسى ّ
ا١تتأخرين ،وٯتكن ابن
الصبلح قاؿ عنو :وقاؿ بعض ّ يسمهم ال ّذىيب قاؿ عنو :وقيل ،وابن ّ ١تاذا دل ّ
متفهم ألنّو ُب وقتو تقريبًا أو قريب منو إذل ح ٍّد ما ،لكن ىو ابن اٞتوزي على كل حاؿ ُب
الصبلح ّ
ّ
كتاب (ا١توضوعات).
ٕٗٔ
جامعا بُت
ظر يف ذلك والبحث ً أمعنت النّ َ
ُ الصبلح" :وقد
ٍبّ تع ّقب ىذه التّعريفاتٍ ،بّ قاؿ ابن ّ
أطراؼ كبلمهم ،مبلحظًا مواقع استعما٢تم ،فتن ّقح رل واتّةضح أ ّف اٟتديث اٟتسن قسماف" وىكذا
حىت تستوعب اإلطبلقات، يقسم أكثر من ذلك ّ ا١توضوع ليس فيو صعوبة على أ ّف اٟتسن ٯتكن أف ّ
لكن ىذه الطّريقة ُب التّعامل مع ا١تصطلحات ىي األفضل واألكمل إذا أردًن أف نتكلّم عن واقع
ٍ
شخص كل
حديثيّ ،أما إذا أردًن أف نتكلّم عن خياؿ حديثي كما يفعل البعض فهذا أمر آخرُّ ،
كل مصطلح لو تعريف ِ
الصحيح ،وكذا ّ يعرؼ اٟتديث اٟتَ َسن من وحي تفكَته فقط ،كذا اٟتديث ّ ّ
واحد ،وانتهينا واحفظ ٍب تعاؿ تعامل مع مسند أٛتد أو غَته ال تستطيع فعل ٍ
شيء! أو افتح علل ّ
الًتمذي الكبَت واقرأ كبلمو ُب اٟتكم على األحاديث أو نقلو عن البخاري ،أو اقرأ علل ابن حاًب أوّ
مثبل :اٟتديث ا١تسلسل أبخذ اليد ُبعلل ال ّدارقطٍت اقرأ كبلمو أو ُب سنن ال ّدارقطٍت لديو حكمً ،
شهد ،حديث من طريق عبيد بن مسلم أخربًن ابن ٢تيعة أخربًن جعفر بن ربيعة عن يعقوب بن التّ ّ
األشج ،أف عوف بن عبد هللا بن عتبة كتب إليو ُب التشهد أف ابن عباس .وأخذ بيده ،فزعم أف عمر
شه َد ،قاؿ ال ّدارقطٍت" :ىذا إسناد
الرسوؿ ﷺ أخذ بيده فعلّمو التّ ّ بن ا٠تطّاب أخذ بيده فزعم أ ّف ّ
أردت أف أتخذ
حسن وابن ٢تيعة ليس ابلقوي" .ما معٌت إسناده حسن ىنا؟ ىناؾ إشكاؿ إذا َ
٭تتج بو لكنّو دوف
الصحيح -قسم من أقساـ ما ّ ا١تتأخر أنّو قسم من أقساـ ّ
ابٟتسن على التّعريف ّ
ابلضبط؟ ىل مراده
الصحيح بقليل -فهنا ٕتد إسناد حسن وابن ٢تيعة ليس بقوي ،فما ا١تراد ىنا ّ ّ
نوعا من اٟتُسن آخر غَت استحساف اٟتجيّة؟ ٭تتج بو ىنا؟ أو أ ّف ىناؾ ً
إسناد حسن أي أنّو ّ
أيضا أو بعض التّطبيقات األخرى عند ا١تتق ّدمُت؛ سنجد
دعوًن أنٌب ببعض االستعماالت األخرى ً
مثبل :حديث استقباؿ بيت ا١تقدس حاؿ قضاء اٟتاجة، ٭تررً ،
مصطلح اٟتسن البّ ّد أف ّ
َ فيها أ ّف
يتعرض لو أح ٌد
حديث متّفق عليو من حديث ابن عمر من أشهر أحاديث األصوؿ ا١تتّفق عليها ،دل ّ
اٟتسن على معٌت واحد ٤تدَّد،
َ الشافعي قاؿ عنو :حسن ،أنت اآلف إذا درستابلتّضعيف ُب ا١تعٌتّ ،
الشافعي ىنا؟
قليبل ،ىل تستطيع أف تفهم عبارة ّ
الصحيح ّإال أ ّف ضبط رواتو نزؿ ً
وىو :ما كاف مثل ّ
الضبط ُب بعض رواتو؟
لشافعي قاؿ عن ىذا اٟتديث أنّو حسن لوجود نوع من قلّة ّ يعٍت ىل ا ّ
ٕ٘ٔ
الصبلح، ٍ
ابن حجر ُب (النّكت) نَػ َف ُسو عاؿ جدِّا ،ونفسو نفس متق ّدـ جدِّا ُب (النّكت) عن ابن ّ
الشافعي ومن قبلو ،بل وُب عبارة أٛتد بن
"فأما ما ُوجد ُب ذلك من عبارة ّ
مثبل يقوؿ ُب (النّكت)ّ : ً
الشافعي
يتبُت رل منهم إرادة ا١تعٌت االصطبلحي ،بل ظاىر عبارهتم خبلؼ ذلك فإ ّف حكم ّ حنبل فلم ّ
على حديث ابن عمر ُب استقباؿ بيت ا١تقدس حاؿ قضاء اٟتاجة بكونو حسنًا خبلؼ
االصطبلح".
أخر أو على افًتاض
الشافعي على اصطبلح مت ّ
طبعا ىذه العبارة ليست ٤تررة جيّ ًدا؛ ألنّو ٭تاكم ّ
ً
الشافعي
مصطلح واحد للحسن؛ أي على معٌت واحد مصطلح حسن ،فهو يقوؿ اآلف أ ّف تطبيق ّ
شافعي يف حديث صحتو ،وكذا قاؿ ال ّ
ٮتالف االصطبلح ،قاؿ" :بل ىو صحيح متّفق على ّ
منصور عن إبراىيم عن علقمة عن ابن مسعود ً -
طبعا ىذا إسناد من األسانيد الفخمة ِّ
جدا ُب
الصحيح" ،فظاىر ىذا أنّو دل وأما أٛتد فإنّو ُسئِل "..وذكر ً
مثاال عن حديث يريد بو ّ السهوّ -ّ
الصحيح".
أصح من ّ
يقصد ا١تعٌت االصطبلحي أل ّف اٟتسن ال يكوف ّ
من الواضح ىنا أنّو ستزوؿ ا١تشكلة إذا ألغينا من االعتبار ال ّذىٍت أ ّف ىناؾ معٌت ٤ت ّدد للحسن
فالشافعي أطلق اٟتسن على ً ٍ
معٌت معُت ،ال ٮتطئ وال يصوب بناءً َ مصطلح عليو وانتهينا؛ وابلتّارل ّ
يصوب عليو ا﵀ ّدث أو ٮت ِطّئ عليو
على استعماؿ اٟتسن لذاؾ ا١تعٌت؛ ألف ليس ىناؾ معٌت واحد ّ
ا﵀ ِّدث.
يهم الفقهاء اٟتديث ىذا -اٟتديث ا١تشهور ،حديث النّسائي قاؿ ُب حديث رفع القلم عن ثبلث ّ -
٘تاما! يدرؾ ىذا الكبلـ ِ
عائشة ،انظروا إذل سعة استخداـ ا﵀ ّدثُت ا١تتق ّدمُت ُب االصطبلحات ٗتتلف ً
س ا١تعاصرّ ،إال أنّو ُب الفًتة األخَتة صار ىناؾ إحياء الّذي يدرس علم اٟتديث على كث ٍَت من النَّػ َف ِ
السعة الّيت ال تستقيم مع التّقريرات اٟت ِّديَّة ،يقوؿ النّسائي" :ليس ُب ىذا لطريقة ا١تتق ّدمُت ،انظروا ّ
صحيح ّإال حديث عائشة فإنّو َح َس ٌن" .ما رأيك؟ الحظ كيف أنّو راوح بُت اللّفظُت. ٌ الباب
صح ىذا حديثفإهنم قد يقولوف فيما ّ
قاؿ ابن دقيق العيد ُب "االقًتاح" " :وعليو عبارات ا١تتق ّدمُت ّ
حسن" اآلف ىذا واحد من ا١تتح ّدثُت جاء ينقل عن ا١تتق ّدمُت ّأهنم قد يستعملوف ىذا ،إذف ىذا نوعٌ
ٕٔٙ
الصحيحة؟ ىذا سؤاؿ
من االستعماؿ ،بقي أف نسأؿ١ :تاذا استعملوا اٟتسن على بعض األحاديث ّ
تنويعا ُب االستعماؿ.
هتمنا أ ّف ىناؾ ً
آخر اآلف ،لكن اآلف الفقرة األوذل الّيت ّ
قليبل ،اآلف اٟتديث اٟتسن ٔتعٌت االصطبلح
ُب ا١تقابل دعوًن أنخذ من جهة أخرى فنقلّب ا١توضوع ً
إسناده برواية العدؿ الّذي
اضح جدِّا :ما اتصل ُ ا١تتأخر -تعري ُفو و ٌ
يقرروه -وىو االصطبلح ّ الّذي ّ
للضعف ،وإّ٪تا تبقى ُب درجة اٟتجة -عن مثلِو من غَت الضبط الّيت ال تصل ّ ف ضبطُو -خ ّفة ّ َخ َّ
ا١تتأخر؛ ٔتعٌت أ ّف ىناؾ رواة
اضح ُب االصطبلح ّ شذوذ وال علّة؛ ىذا اٟتديث اٟتسن صار لو ٘تيّػٌز و ٌ
الرواة،
أبعياهنم إذا رووا حديثًا يقولوف :ىذا حديث حسنُ ،ب خانة ٤تجوزة للحديث اٟتسن لبعض ّ
الشرح والتّعليل ٔتصطلح «صدوؽ» ،بعض ا﵀ققُت أو عرب عنهم ُب ّ الرواة الّذين يُ ّ
وىم ُب الغالب ّ
فرد عليو فقاؿ :ىذاا١تعاصرين تعقب علي بن ا١تديٍت ،ابن ا١تديٍت قاؿ عن اٟتديث أنّو صحيحَّ ،
ابن حجر ُب التّقريب« :صدوؽ»! انظر فبلًن قاؿ عنو ُصحيحا وإّ٪تا حسن؛ أل ّف فيو ًً اٟتديث ليس
الصرامة ُب االصطبلح ،كأف ابن ا١تديٍت فاتو أ ّف ابن حجر قاؿ ذلك. إذل اٟتّ ّديّة و ّ
اآلف ىذا اٟتديث اٟتسن ،دعوًن أنخذه بتميزه هبذا النوع ،هبذه ا٠تانة ،هبذه اٟتّ ّديّة ،لننسى اآلف
يعربوف عنو بػاٟتسن ،دعوًن اآلف من التّعبَت عنو ،ىذا اٟتديث ا١تتأخروف ّ
ا١تصطلح وماذا يعرب عنوّ ،
الصورةُ ،ب ىذه ال ّدرجة،
الّذي هبذه ّ
ما دوف ّ
الصحيح بقليل ج ًدا؛ ماذا يُ َّ
سمى عند اٟتفاظ ا١تتق ّدمُت؟
يعربوف عنو ٔتا اتصل إسناده برواية
يعربوف عنو ْتسن أو بضعيف أو بصحيح أو ٔترسل؟ ىل ّ ىل ّ
قليبل عن مثلو من غَت شذوذ وال علّة؟ ماذا تتوقّعوف تسميتو؟ ىذا األصل
ف ضبطُو ً
العدؿ الّذي َخ َّ
الصحيح :حسن ،لكن الصحيح ،يُقاؿ فيو :صحيح .ويف ا١تقابل قد يُقاؿ يف بعض ّ أنّو من قسم ّ
بعض العبارات الواضحة ُب ذلك ٧تدىا ُب طبعا ىناؾ ُ ىذا النّوع من اٟتديث األصل أنّو صحيحً ،
الصبلح معالصبلح -ىذا الكتاب سبق وأف ذكرتو ،فيو مقدمة حديث ابن ّ التّعقيبات على ابن ّ
حاشية العراقي وحاشية ابن حجر وتعليقات طارؽ عوض هللا ،لكن ال تصلح لقراءة ا١تق ّدمة نفسها
اشي و وح اط
ً نقا فيو ل البن الصبلح؛ فمق ّدمة ابن الصبلح الب ّد أف أتخذ ٣تلّ ًدا مفردا ،كما تروف ي ْد ِ
خ
َ ُ ُ ً ُ ّ ّ
ٕٔٚ
ابن
تستمر لصفحات كثَتة ،فما تستطيع أف تقرأ ابلتّسلسل .اآلف ذكر ُّ وتدخل فيو النّقاط ،وقد
اٟتديث إذل ثبلثة أقساـ:
َ قس َم
طبعا ا٠تطّايب ىو ّأوؿ َمن َّ
الكبلـ الّذي قرأتو عن اٟتسنً .
َ الصبلح
ّ
صحيح ،حسن ،ضعيف.
الًتمذي من أىل
للًتمذي ،وغَت ّ ابن حجر ُب (النّكت) نقل عن ابن تيميّة قاؿ" :إّ٪تا ىذا اصطبلح ّ
الصحيحٍ ،بّ قد
ط عن درجة ّ الضعيف عندىمَ :من َح َّ
اٟتديث ليس عندىم ّإال صحيح وضعيف ،و ّ
هما أو كثَت غلط ،وقد يكوف حسنًا أبف ال يػُتَّهم ابلكذب". يكوف مًتوًكا وىو :أف يكوف راويو متّ ً
ط عن اآلف يتكلّم عن اٟتسن اٟتقيق ا١تعٌت أو عن اٟتسن ا١تصطلح؟ ا١تصطلح ،يقوؿ ىذا الّذي ا٨ت ّ
سمى حسنًا ،واآلف ىذا تعريف جديد للحسن ،وإف كاف قد أُشَتالصحيح قد يكوف ضعي ًفا فيُ َّ
درجة ّ
الًتمذي.
الصبلح وكبلـ ّ لو ساب ًقا ُب كبلـ ابن ّ
نبُت أ ّف اٟتسن النّوع أو اٟتقيقة االصطبلحيّة ىذه كانت مندرجة ضمن حىت ِّ
٨تن فتحنا النّقل ّ
اٟتسن عن النّوع
َ أكثر ا﵀ ِّدثُت ال يفردوف
الصحيح .العبارة الّيت أذكرىا ىي البن حجر قاؿ :و ُ ّ
حىت تنقل كما ىي .على طبعا ىذه العبارة اآلف انقلها فيما أذكر ٖتتاج إذل مراجعة وٖترير ّ
الصحيحً ،ّ
كل حاؿ والّذي ال ريب فيو أ ّف ىذا النّوع وىذه ال ّدرجة من اٟتديث كانت تدخل ُب ضمن ّ
الصحيحُت ،ىناؾ أحاديث من أحاديث كثَتا إذا نظرًن أحاديث ّ
الصحيح ،وىذا العمل ير٭تنا ً ّ
الضبط الّذي
الصحيح االصطبلحي الّذي ىو ّ الصحيحُت ال تستطيع أف تطبق عليها شروط اٟتديث ّ ّ
ا١تتأخر:
دنو فيو ،بل إ ّف ىناؾ أحاديث واضحة أ ّف بعض رواهتا ٦تّن يطلق عليهم ُب االصطبلح ّ ال َّ
يستحق أف يكوف ذا اٟتسن اٟتديث ،ىذه أحاديث كثَتة ّ الصحيح أو الّذي راوي اٟتسن اٟتديث ّ
فمثبل ُب حديث عند مسلم أحاديث سهيل بن أيب صاحل ،تقرأ ترٚتة سهيل بن أيب الصحيحُتً ،
ُب ّ
الضبط العارل أو
الرواة الّذين ُب درجة ّ ُّ
صاحل ُب كتب اٞترح والتّعليل كلها مستحيل أف تصل أنّو من ّ
الرواة الّذين إف أٚتلت
دنو فيو ،وإّ٪تا ىو من الواضح جدِّا أنّو من ّ
الضبط الّذي ال َّ حىت ُب درجة ّّ
مثبل ،اآلف
القوؿ فيهم تقوؿ أنّو :صدوؽ وعنده أوىاـ ،أو صدوؽ وٮتطئ ،أو صدوؽ وليس اب١تتُت ً
الصحيح؟ وىذا ا١تعٌت أشار
كيف ُٮتّرج صنيع مسلم وقد أَدخل أحاديث سهيل بن صاحل الكثَتة ُب ّ
ٕٔٛ
إليو غَت و ٍ
احد من اٟت ّفاظ ،أشاروا إذل ىذا ا١تعٌت أنّو تدخل أحاديث اٟتساف أو األحاديث الّيت رواىا ُ
الصدوقُت وأمثا٢تم ،أُدخلت أحاديثهم ُب البخاري ومسلم. بعض ّ
ُ
مثبل عبارة شعبة ا١تشهورة ينقلها كثَتٌ من ا﵀ ّدثُت" ،قِيل لشعبة بن
ولدينا شيء آخر ُب التّ ّنوع ،عندًن ً
اٟتجاج :ما لك ال تروي عن عبد ا١تلك بن أيب سليماف وىو حسن اٟتديث؟ قاؿ اإلماـ شعبةِ :من ّ
ا١تتأخر ،ىذا شيء مستحسن ِ
فررت" .ىل ٯتكن أف يكوف اٟتسن ىنا ىو ا١تعٌت االصطبلحي ّ ُحسنها ُ
الصحيح.أصبل كاف يندرج من ّ جدا فكيف يفر من ىذا ا١تعٌت؟ ابلعكس ىذا ً ً
مثبل :قاؿ أبو داود ُب رسالتو ألىل م ّكةصورة ُب ىذه القضيّة نقرأ عبارة أخرى ً حىت تكتمل ال ّ
ّ
السنن ،مفردة اآلف مطبوعة ُب ٜتس رسائل ُب علم اٟتديث ،ح ّققها عبد الفتاح أبو غدة ا١تشهورة ُب ّ
السنن
وُب ٣تلدات مطبوعة مفردة ،رسالة أيب داود ألىل م ّكة ،يتكلّم فيها عن سننو وشرطو ُب ّ
السنن من كوهنا مشاىَت و ّأهنا ليست غرائب ،وتكلّم عن بعض الغرائب وكذا تقريبًا ،وٯتدح أحاديث ّ
و٦تّا قاؿ" :كانوا يكرىوف الغريب من اٟتديث" نقل عن إبراىيم النّخعي ،وإذل اآلف ليس لدينا كلمة
جل
الر ُِج ّ
حسن ،ىذه العبارة نُقلت عن إبراىيم النّخعي نُقلت برواية أُخرى :كانوا يكرىوف أف ُٮتر َ
حىت بعض الّذين أخرجوىا ُب أحسن ،ما عنده فمرة جاءت بلفظ غريب ومرة جاءت بلفظ حسنّ ، َ
مثبل الرامهروزي قاؿ :ابب َمن كره أف يروي أحسن ماكتبهم بلفظ الغريب َّبوبُوا عليها ابٟتسن ،يعٍت ً
عندهٍ ،ب نقل عبارة إبراىيم النّخعي .ىذا ا١تعٌت الّذي ىو فيو الفرار من األحاديث اٟتساف أو يكره أف
شخص
ٌ ٭تدث أبحسن ما عنده ،ما ا١تراد منو؟ ا١تراد ىنا األحاديث الغرائب ،وليست ىي الّيت رواىا
تتضمن معٌت آخر وىو ّأهنا أحاديث ليست مشتهرة بُت العلماء وا﵀ ِّدثُت ،حسنًا واح ٌد فقط ،وإّ٪تا ّ
١تاذا يطلقوف على ىذه األحاديث الّيت ليست مشتهرة يقولوف عنها ّأهنا حسن؟ ما وجو االستحساف؟
منكرا وقد يكوف ضعي ًفا ٍبّ يقوؿ حسن! ١تاذا أطلقوا عليو
مشهورا وقد يكوف ً ً حديث غريب ليس
كلمة «حسن» وىي كلمة تدؿ على استحساف؟ وجو االستحساف ىو ُب النّدرة واالنفراد ،دعوًن
أصحاب اٟتديث يقولوف :ىذا حديث َ ٝتعت
َ وضح شيئًا ،قاؿ" :إذا
نقوؿ عبارة اإلماـ أٛتد فقد ت ّ
ط من ا﵀ ّدث أو حديث ليس لو إسناد أو دخل غريب أو فائدة ،فاعلم أنّو حديث خطأ أو غل ٌ
ٕٜٔ
حديث ُب حديث ،ولو كاف قد روي عن شعبة وسفياف ،وإذا ٝتعتهم يقولوف ىذا حديث ال شيء
فاعلم أنّو صحيح".
كيف يكوف ىذا الكبلـ؟ ال شيء ىنا ال يقصد أنّو حكم على رواتو ً
مثبل وإّ٪تا يقصد أنّو حديث
مشهور ودعوًن منو فبل نتعب أنفسنا ألجل ٖتصيل رواية ىذا اٟتديث ،ىذا حديث مشهور ،فبل نريد
مر عليكم ُب كتب اٟتديث: كل أحد؛ ولذلك كانوا يتنافسوف ..ما قد ّ
أي مشهور موجود عند ّ اآلف ّ
مثبل ما ينقل عن ابنعلي؟ أو أغرب فبلف على فبلف؟ ىذا ٖتدي يعٍت عندىم منافسةً ، من يغرب ّ
علي ْتديث فلو كذاالرازي فيما أذكر أنّو وقف على ابب أحد ا١تتح ّدثُت فقاؿَ :من أغرب ّ
أيب حاًب ّ
أحدا ٭تضر حديثًا ليس عندي ىذا ابختصار .فبالتارل أنت حُت ٕتد حديثًا ولو وكذا .يعٍت أٖت ّدى ً
منكرا ،ولكنّو ليس عندؾ وليس عند ىذا وليس عند ىذا ،وإّ٪تا أتى بو فبلف كاف ضعي ًفا ولو كاف ً
الص ّحة ،بل
وتفرد بو فهذا نوع من االستحساف ،وإف كاف ىذا االستحساف ال يفيد شيئًا من ًنحية ّ ّ
علو اإلسناد ،بعضهم كافابلضعف ،وإّ٪تا االستحساف مثل االستحساف ُب ّ
ُب الغالب أ ّف ىذا مرتبط ّ
علو اإلسناد ،ىل التّدليس
يعمل البلوى لكي ٭تضر اإلسناد العارل ،يعٍت اآلف من أسباب التّدليس ّ
حىت لو كاف من التدليس ا٠تفيف فهو ُب جنس ٤تمود أو مذموـ؟ مذموـ ِّأاي كاف نوع التّدليسّ ،
طبعا فيو تدليس
بعضو ً ال ّذنب ،قد يصل إذل ال ّذنب وقد ال يصل ،هللا أعلم ،ولكن ْتسب أنواعوُ ،
أمره قريب.وبعضو ُ
وغش للمسلمُت ُ
طبعا ،وُب األخَت لكن ما ال ّدافع للتّدليس؟ لكي يصبح عنده ٌ ٍ
إسناد عاؿ ،ىذا من األسباب ً
الشيء غرائب ىذا عندي حديث ليس عندؾ استحساف اإلسناد العارل ،وىذه الفكرة ،وىذا نفس ّ
وليس عند ا﵀ ّدثُت ،أًن عندي حديث ليس عند أحد ،ىذا مستحسن؛ لذلك كاف الكبار مثل اإلماـ
الصحيح
يذموف مثل ىذه األشياء ،فهناؾ عبارة مشهورة لئلماـ أٛتد يقوؿ :تركوا ّ أٛتد كانوا ُّ
السختياين
مثبل ىنا ُب مقدمة مسلم قاؿ ..أيّوب ّ أقل الفقو فيهم! ً
وا١تشاىَت وْتثوا عن الغرائب ،ما ّ
الس ىذا الرجل -وىو عمر بن عبيد معروؼ من أوائل ا١تعتزلة- افتقد رج ٌل من أصحابو ،فقيل :أنّو َج َ
مرة ُب ا١ترات ُب الطّريق فناداه ،فقاؿ:السختياين يرى ىذا الرجل ّ
األايـ ،فإذا ابإلماـ أيوب ّ
ٍبّ دارت ّ
السختياين :إّ٪تا نَػ ْفُر ُؽ أو ٩تاؼ
الرجل؟ فقاؿ إنّو ٬تيئُنا أبحاديث غرائب ،فقاؿ ّ
جالست ىذا ّ
َ علّك
ٕٕٓ
تنوع اٟتسن :اٟتديث أيضا على ّيدؿ ًمن ىذه الغرائب .بل واألعجب من ذلك ..أنٌب ٔتثاؿ آخر ٦تّا ّ
تعلمو ﵁ خشيةٌ وطلبو عبادةٌ" ،حديث مشهور عن معاذ ،أظنّو ُرِوي العلم؛ فإ ّف َ
ا١تشهور" :تعلّموا َ
حديث
ٌ بلفظ "تذاكروا ىذا العلم" ىذا رواه ابن عبد الرب ُب (جامع بياف العلم وفضلو)ٍ ،بّ قاؿ" :ىذا
حسن جدِّا ،ولكن ليس لو إسناد قوي"،
ٌ
قطعا" .يعٍت ىنا
قاؿ العراقي ُب (التّقييد واإليضاح)" :أراد -ابن عبد الرب -ابٟتسن :حسن اللّفظ ً
أبدا ،وإّ٪تا ىذا اٟتديث معناه جيد .وقاؿ ابن عبد الرب ُب
استحساف عبد الرب ليس لو دخل ابإلسناد ً
الضعفاء ،عن مالك عن ًنفع عن ابن عمر -ىذا واضح بعض ّ
أيضا ُب حديث يرويو ُ (التّمهيد) ً
"منمرفوعا إذل رسوؿ هللا ﷺ وفيوَ :
مالك عن ًنفع عن ابن عمر ٍب ٕتد أحد الضعفاء ينفرد بوً -
حديث ال
ٌ مرة ال إلو إال هللا ىو اٟتق ا١تبُت" إذل آخره ،قاؿ ابن عبد الرب" :ىذا
قاؿ ُب اليوـ مئة ّ
حسن تُرجى بركتُو
حديث ٌٌ يرويو َمن يُوثق بو وىو ال يُعرؼ ِمن حديثو-أي من حديث مالك -وىو
إف شاء هللا" .واضح أنّو يتح ّدث عن ال ِّذكر وأ ّف ىذا ال ِّذكر حسن ،إذف ا٠تبلصة الّيت ٩ترج هبا من
ىذا الكبلـ ىو أ ّف اٟتديث اٟتسن يطلق على معاين متع ِّددة.
ٕٕٔ
إطبلؽ القوؿ أو إطبلؽ اٟتكم ابالحتجاج بو؛ ٔتعٌت إذا
ُ اختبلفهم ُب ح ِّد اٟتديث اٟتسن ،فبل ينبغي
تج بو؟ ما اٞتواب؟ ينبغي أف ال تطلق اٟتكم ابالحتجاج
٭تتج بو أو ال ٭ت ّ
ماحكم اٟتديث اٟتسن ُّ قلنا
٭تتج
٭تتج بو أو اٟتديث اٟتسن ال ّ السخاوي ،فينبغي ّأال تقوؿ أ ّف اٟتديث اٟتسن ّ بو ،ىذا كبلـ ّ
أردت أف تتحدث عن بو ،وإ ّ٪تا تقوؿ أ ّف حكم اٟتديث اٟتسن ىو ْتسب استعمالوً ،
طبعا ىذا إذا َ
أردت أف تتح ّدث عن تطبيقات كث ٍَت من ّ
ا١تتأخرين وا١تعاصرين؛ تطبيقات اٟت ّفاظ ا١تتق ّدمُتّ ،أما إذا َ
اٟتسن ا١تر ُاد بو معٌت ٤ت ّدد ،فالقضيّة ليست مع ّقد ًة وواضحةٌ
٭تتج بو ،و ُ
فإ ّف ا١تعٌت واضح ،اٟتسن ّ
الشيخ األلباين -رٛتو هللا -فيقوؿ عن اٟتديث :حسن، مثبل حينما أتعامل مع كتاب ّ جدِّا؛ فبالتّارل ّ
اضحا ليس فيو ما ُ٭تتمل أنّو أراد اٟتسن ابٟتسن والغرابة أو اٟتسن كذا ،وإ ّف ىذا اٟتسن
ترى ا١تعٌت و ً
الصحيح ،ال ،اٟتسن لو معٌت واضح و٤ت ّدد و٭تاكم ىذا اللّفظ وىذا ا١تصطلح أصح ّ
قد يكوف من ّ
مثبل ُب كتاب
جدا ،لكن إذا أردًن أف نتعامل مع ..ىنا ً اضح ً
ويطلق اٟتكم ابالحتجاج بو ،وىذا و ٌ
خالد الدريس ٜ-تس ٣تلّداتٕ -تد استقراءً لكبلـ اٟتافظ ،اجمللد الثالث كامل ُب اٟتسن عند
كل األحاديث الّيت قاؿ عنها كذا ،من خبلؿ الًتمذي فقط ،استقراء وجداوؿ وتتبّع ،انظر ىذه ّ
الصحيح ٚ٘ ،مرة قاؿ كذا، جداوؿ تتبّع كامل لؤلحاديث الّيت قا٢تا عن اٟتسن الغريب واٟتسن ّ
طبعا واجو مشكلة ..وتعرفوف
وٓٓٔٔ مرة قاؿ كذا ،وبناءً على ذلك يبدو أنّو كذا وأنّو كذا ..إخلً .
الًتمذي حسن صحيح أو قاؿ حسن غريب أو حسن الًتمذي فيها اختبلؼ ،ىل قاؿ ّ أ ّف نسخ ّ
دائما اختبلفًا ،فقبل أف يعمل ىذا اجمللَّد ذىب وأخذ نسخة ٥تطوطة من أصح صحيح غريب؟ ٕتد ً
طبعا ىذا ٪توذج للبحوث أبدؽ صورةً ،
ا١تخطوطات وقابلها بنفسو كاملة مع نسخة مطبوعة ليخرج ّ
كبَتا.
جهدا ًاٞتادة الّيت يبذؿ فيها مؤلِّفوىا وكاتبوىا ً
ّ
ا٠تبلصة:
نتعامل مع كتب ا١تتق ّدمُت
َ كل ح ٍاؿ ،فخبلصةُ ما خرجنا بو من ىذا ال ّدرس أنّو إذا أردًن أف
على ِّ
الصحيحة الستعماالهتم؛ فيجب ّأال ٨تصر صحيحا وأف نقف على ا١تعاين ّ ً تعامبل
واستعماالهتم ً
السعة ا١توجودة ُب كتب ا١تتق ّدمُت، أنفسنا ببعض التّقييدات ا١تتأخرة؛ ِ
الضيق على ّ ومن ٍَب ندخل هبذا ّ ّ
٪تر علىفهما حسنًاّ .أما النّقطة األخرى وىي النّقطة الكبَتة :أف ّ إذا أردًن أف نفهم كبلمهم ً
ٕٕٕ
كبَتا
جدا ،ولكن قد يكوف ٣تا ُ٢تا التّفصيلي ً طبعا ىذه مفيدة ً
مثبل اٟتسن عند البخاريً ، استقراءات ً
كثَتا ُب أنّك تفهم بعد ذلك إذا قاؿ البخاري فمثبل اٟتسن عند البخاري ىذا اآلف يفيد ً قليبلً ،
ً
كثَتا
طبعا ىو دل يستعملها ً مثبل لو قلنا أنّو استعمل ً -
«اٟتسن» ماذا يقصد؟ فقد يكوف البخاري ً
مثبل (ٓ )ٚمرة إذا استقرأًنىا وجدًن أ ّف أكثر ما يريد
جدِّا -لكن لو قلنا أ ّف البخاري استعمل اٟتسن ً
البخاري ابٟتسن :االحتجاج ،فهذا يفيد بعد ذلك ُب الوقوؼ ُب فهم أي نص آخر للبخاري تقف
الًتمذي ىو أكثر من ٭تتاج التّحليل ال ّدقيق؛ ألنّو أراد
مثبل ٯتيل إذل كذاّ ،
الًتمذي ً
عليو فيو حسنّ .
تقصي األمر ليحكم على أحاديث جامعِو ،وىو أكثر من استعمل ُب ا١تصطلح اٟتسن سواء مفردة أو ّ
ا١تشبوكة.
تطبيقات:
السعد ،فيو تطبيقات ٚتيلة ،لننظر يوجد ىذا الكتاب اٞتديد (كيف تكوف ٤ت ّد ًاث؟) للكاتب عبد هللا ّ
ا١تتأخرين:
اختبلؼ بُت ا١تتقدمُت و ّ
ٌ ماذا قاؿ ُب اٟتسن ،قاؿ" :اٟتسن .ومن ا١تسائل الّيت وقع فيها
ا١تتأخرين غَت ما ىو عند ا١تتقدمُت ،فالذي استقر عليو االصطبلح اٟتسن ،فضابطو عند ّ
ُ اٟتديث
ُ
الصحيح،ف ضبطُو وابقي شروطو ُب ّ عند ا١تتأخرين ُب ضابط اٟتديث اٟتسن ىو رواية الثّقة الّيت َخ َّ
اسع؛ ولذا يطلقونو على أكثر من معٌت ،ومن ىذه ا١تعاين ّأهنم يطلقونو و ّأما عند ا١تتق ّدمُت فمعناه و ٌ
الًتمذي:يوضح معٌت اٟتسن عند ا١تتق ّدمُت -قاؿ أبو عيسى ّ الصحيح -وىذا مثاؿ ّعلى اٟتديث ّ
"ٝتعت رسوؿ هللا
ُ ح ّدثنا قتيبة ،ح ّدثنا سفياف بن عيينة ،عن عمر ،عن عطاء ،عن صفواف عن أبيو:
٤تم ًدا -أي البخاري -عن ىذا اٟتديث ،فقاؿ: سألت ّﷺ يقرأ على ا١تنرب﴿ :وًندوا اي مالك﴾" ُ
اٟتديث
َ شك أ ّف ىذا
حديث حسن ،وىو حديث ابن معُت الّذي ينفرد بو ،قاؿ سعد :وال ّ ٌ ىو
صحيح عند البخاري ،فقد أخرجو ُب صحيحو -فالبخاري حكم ىنا أبنّو حسن -ولكنّو حكم عليو ٌ
الصحة والغرابة ،فالنّازع ىنا ُب االستعماؿ ىو
أبنّو حديث حسن من أجل الغرابة -فشمل ا١تعنيُتّ :
الغرابة -الّيت وقعت ُب إسناده فيما يظهر؛ ولذا قاؿ ىو من حديث ابن معُت الّذي ينفرد بو ،ومثلو
الًتمذي عليو ،فقد قاؿ :حديث حسن صحيح غريب". حكم ّ
ٖٕٕ
٤تم ًدا عن ىذا
وسألت ّ
ُ الشهيد،
الصبلة على ّ حديث آخر :طلب عيسى ُب العلّة فيما جاء ُب ترؾ ّ ٌ
اٟتديث ،فقاؿ :حديث عبد الرٛتن بن كعب عن جابر بن عبد هللا ُب شهداء أحد وىو حديث
ِ
صحيحو من قلت :وىذا اٟتديث صحيح عند البخاري ،فقد أخرجو ُب حسن -ىذا البخاريُ -
فإما أف يكوف
حكمو عليو أبنّو حسنّ ،
الزىري عن كعب بن جابر و ّأما ُ ٜتس طرؽ عن اللّيث عن ّ
الزىري،
وإما أف يكوف من أجل االختبلؼ الّذي وقع فيو على ّفرد الّذي بو ٢تذا اإلسنادّ ،
من أجل التّ ّ
صحة رواية ىذا اٟتديث عن اإلسناد ،وأنّو ٦تَّن يستحسن ىذا الوجو" وذكر
فأراد البخاري أف يؤكد ّ
السعد -وأًن أذىب إذل ما
لت -أي ابن ّ االختبلؼ ُب حديث كعب بن مالك ،وكبلـ طويل" .ق ُ
ذىب إليو البخاري وأبو عيسى فقد أخرجو وقاؿ :حسن صحيح".
ختم ْتديث أخَت وىو حديث اثبت عن أنس أ ّف النّيب ﷺ صلَّى على قرب بعد ما دفن" ،قاؿ
قلت :حديث أيب ىريرة أخرجو البخاري :حديث أيب ىريرة حديث حسن -بعد حديث أنسُ -
البخاري ُب صحيحو ومسلم ،وأما حديث أنس فقد أخرجو مسلم من حديث غندر ،وحكم البخاري
على كبل الوجهُت أبنّو حسن ،ولعلّو يريد أ ّف كبل الطّريقُت ٤تفوظاف ،وىذا ما قالو البيهقي فقاؿ :ىو
ابن حجر ُب كتبو األخرى كػتاب ٤تفوظ من الوجهُت ،وىذه ا١تسائل قد نبَّو على ِ
ظ ُ بعضها اٟتاف ُ
الصبلح) أو كتبو العمليّة كػتاب (التّلخيص) وغَتىاُ ،ب التّفريق بُت مذىب ا﵀ ِّدثُت (النّكت على ابن ّ
ومذىب الفقهاء ،أو مسألة توثيق ا١تبتدع فإنّو ُب التّقرير قد وثَّق ً
ٚتعا منهم؛ أل ّف اٟت ّفاظ قد يوثّقوف.
مدعمة ابألمثلة ما ا١تقصود منها ّإال تنبيوٌ لطالب العلم ا١تبتدئ ُب
فهذه ا١تلحوظات الّيت ذكرُهتا لكم ّ
ىذا اجملاؿ".
السعد
الشيخ عبد هللا ّ٤ترر وفيو أمثلة ،لكن يبدو رل من ا١تق ّدمة أ ّف ّالصراحة كتاب نفيس فيو ْتث ّ
اطلعت على كتاب (كيف تكوف ٤ت ّد ًاث؟) الّذي قاـ ّتمعو وترتيبو االبن ُ ليس مؤلفو؛ ألنّو قاؿ :ققد
قسمو إذل
الشيخ معاذ ..إخل٦ ،تّا أمليتُو عليو من مق ّدمات ورسائل ومن بعض مؤلفاٌب ومق ّدماٌب ،قد َّ
ّ
منهجا لطالب العلم اٟتديث يضيء لو الطّريق".
عد ً ٜتسة فصوؿ ..إخل ،وىذا الكتاب يُ ُّ
ٕٕٗ
معٌت
ا١تتأخرين صار ٢تم ً
ملخص ١تّا أخذًنه ُب ال ّدرس ،أ ّف ّ
السعد ُب األخَت ىو ّ واضح أ ّف كبلـ ّ
ينوع
يدؿ على ذلك ذكرت استعماالت البخاري لكنّو دل ّ اسع ،و٦تّا ّ
ح ّد ِّاي ،وا١تتق ّدمُت ا١تعٌت عندىم و ٌ
ُب ا١تعاين ،ذكر فقط استعماؿ البخاري.
أيضا طارؽ عوض هللا ْتثو جيد ُب كتابو (إصبلح االصطبلح) ،وىي تعقيبات طارؽ على ىناؾ ً
الكتاب ا١تشهور (تيسَت مصطلح اٟتديث) للطّ ّحاف ،ونرى مرحلة اٟتديث اٟتسن ذكر فيو أمثلة أكثر
مثاال البن عبد الرب ُب ُب التمهيد ُب (جامع بياف العلم
السعد ،وىو الّذي قرأت منو ً
٦تّا ذكرىا ّ
وفضلو).
ٕٕ٘
احملاضرة الرابعة عشر:
ا١تقدمة:
وصل اللهم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت. اٟتمد ﵁ ِّ
رب العا١تُتّ ، بسمميحرلا نمحرلا هللا ُ ،
اٟتسن ُب
َ طبعا تكلمنا ُب الدرس ا١تاضي عن اٟتديث اٟتسن ،وقلنا إنو من غَت الدقيق أف ٨تصر ً
احدٍ ،ب نتعامل مع ألفاظ اٟت ّفاظ بناءً على ىذا اٟتصر ،وإ٪تا الصواب أف يُقاؿ إف اٟتسن معٌت و ٍ
ً
مهم من ًنحية اٟتكم ،وىو :ال يُربط ٍ
أمر ٌ
يُطلق على عدد من ا١تعاين ،وأنو يًتتب على ىذا التعدد ٌ
تج بو،
تج بو ،وإ٪تا يُقاؿ ْتسب ما يُراد بو ،فبعض اٟتسن ُ٭ت ُّ
تج بو أو ال ُ٭ت ُّ اٟتسن ْتك ٍم مع ٍ
ُت ُ٭ت ُّ
تج بو.
وبعض اٟتسن ال ُ٭ت ُّ
صحة اٟتديث اٟتسن:
ُّزىة)" :وإ٪تا ٨تكم لو ابلصحة عند تعدد الطرؽ؛ ألف للصورة اجملموعة قوةً ٕترب القدر
قاؿ ُب (الن َ
ومن ٍَبّ تطلق الصحة على اإلسناد الذي قصر بو ضبط راوي اٟتسن عن الراوي الصحيح؛ ِ
ُ
تفرد إذا تعدد ،وىذا حيث ينفرد الوصف".
الذي يكوف حسنًا لذاتو لو ّ
إف اٟتديث اٟتسن ابلشروط اليت ذكرىا -وىو اٟتسن ا١تعروؼ عند ا١تتأخرين -بكثرة طرقو يقوؿَّ :
يصحح؛ أي إذا وجد عندًن حسن وحسن آخر وحسن اثلث ،هبذه االعتبارات فإننا نقوؿ عن ىذا ّ
اٟتديث أنو صحيح ،وسبق أف قلنا أف اٟتسن ابلتعريف الذي ذكره ابن حجر ىنا ولو دل ي ِرد لو طرؽ
أخرى؛ يُطلق عليو عند ا١تتقدمُت صحيح ،مثل :أحاديث سهيل بن أيب صاحل ،أحاديث العبلء بن
عمار ،ىذه الطبقة أخرج ٢تا مسلم ُب بن عكرمة أحاديث حرب، بن اؾٝتعبد الرٛتن ،أحاديث ِ
ّ َ
نوعا من خفة الضبط، تج هبم اإلماـ مسلم إال أف فيهم ً
احتج هبم ،وىذه الطبقة وإف اح ّ
صحيحو ،و ّ
ٕٕٙ
جدا ُب تراٚتهم ،كأٛتد بن معُت وكبلـ اٟتفاظ كلهم ،ولكن أُدرج ضمن اضح ً
الكبلـ و ٌ
ُ وىذا
يفرد
الصحيح ألنو ليس نوعا مفارقًا ،أحاديث ىذه الطبقة دل يكن يفرد ٔتصطلح حسن ،وإ٪تا كاف ّ
ٔتصطلح آخر ُب اٞترح والتعديل وليس ُب اٟتكم على اٟتديث ،وىو لفظ صدوؽ ،مثل ىؤالء يُقاؿ
فيهم صدوؽ ،قد ٕتد َمن يقوؿ فيهم ثقة ولكنو ٮتطئ ،فهذا الوصف ا١تركب ما بُت ثقة وٮتطئ،
والوصف ا١تركب ما بُت صدوؽ وصدوؽ لو أوىاـ ،ىي تُعرؼ ٔتجموعة اعتبارات ،ليس هبذه اٟت ّدية،
ولكن ىذه الطبقة ىي اليت عُرؼ بعد ذلك أف راويها ىو راوي اٟتديث اٟتسن ،وُب اٟتقيقة عند
ا١تتقدمُت ىذه الطبقة إذا رووا حديثًا وانتفى من العلة يقولوف عنو :صحيح.
اٟتسن لغَته :ىو اٟتديث الذي فيو ضعف أو ضعيف ،وأيٌب من غَت طريق فيقاؿ فيو حسن
بسبب توارد الطرؽ :ضعيف ،وضعيف ،وضعيف؛ قالوا حسن ،حسن لغَته ا١تقصود .ىذا الذي
٭تتاج إذل ٖترير ،ىذا ىو أقرب معٌت إلطبلؽ الًتمذي للحديث اٟتسن ،إذا قاؿ حديث حسن،
تصدؽ عليو ىي صورة اٟتسن لغَته عند ا١تتأخرين.
أقرب صورة ُ
فأقرب إطبلؽ لو أو ُ
ُ
اٟتسن ا١تفرد :عند الًتمذي ىو اٟتسن لغَته عند ا١تتأخرين ،وىو ما كاف فيو ضعف ،ولكنو ُرِوي
استحق اسم اٟتسن عند الًتمذي؛ أف
ّ من غَت طريق ..ليس ابلضرورة أف يكوف اٟتديث ا١تتعدد الذي
يكوف بنفس اللفظ ،ال ،قد يكوف اب١تعٌت العاـ٣ ،ترد وجود معٌت عاـ ٢تذا اٟتديث ُب الشريعة ..على
ٍ
كل سيأتينا إف شاء هللا.
ٕٕٚ
ٚتع الصحيح واٟتسن يف وصف واحد:
قاؿ" :وىذا حيث ينفرد الوصف -ما ذكره ساب ًقا ىو حيث ينفرد الوصف أي وصف اٟتسن -فإف
ُِ
ٚتعا "..انظر الختصار الكبلـ بكثرة الضمائر ،ذكر الصحيح ٍب اٟتسن ،وىنا ُب الشرح طاؿ العهد
ٚتعا -أيلكن إذا قرأت (النخبة) ستجد أف الكبلـ عن الصحيح قريب قبل كم سطر" ،فإف ُِ
حسن صحيح ،فللًتددٌ حديث
ٌ الصحيح واٟتسن -يف وصف واحد كقوؿ الًتمذي وغَته:
قصر عنها؟ وىذا حيث
اٟتاصل من اجملتهد يف الناقل ،ىل اجتمعت فيو شروط الصحة أو ُ
٭تصل منو التفرد بتلك الرواية".
ِ
سيفصل ُب ىذا اٞتواب ،ىذه النقطة من النقاط اليت كثُر فيها ا٠تبلؼ ،وكثر فيها كبلـ طبعا
ّ ً
ا١تتأخرين ،وإف كاف ا١تتقدمُت كأف بعضهم دل يشعر ٔتا ٯتكن أف يسببو ىذا اٞتمع للمصطلحُت من
أزمة ،الًتمذي كتابو كلو حسن صحيح ،حسن غريب ،وما شعر أبزمة معينة ٦تكن أف تًتتب على
كتااب من كتب اٟتديث
ىذا اٞتمع ،فما شرح الًتكيب ىذا ،وما ذكر قصده ،وال تكاد ٕتد اآلف ً
ا١تتأخرة -خاصة الكبَتة ،مثل (تدريب الراوي) والكتب الكبار -إال وٕتد الكبلـ الطويل والعريض،
ةضها
وماذا يقصد ْتسن صحيح ،وستجد ىنا أقواؿ بعةضها ليست قريبة من الواقع التطبيقي ،وبع ُ
فيو قوة.
ٕٕٛ
ما اإلشكاؿ يف ىذا؟ قلنا يوجد اإلشكاؿ من انحية النظر ،ويوجد إشكاؿ من انحية التطبيق.
ري اإلشكاؿ :إذا فتحت جامع الًتمذي اذىب ِّ
ألصح األحاديث ُب الًتمذي اليت اتفق عليها البخا ُّ
حسن صحيح! فهكذا دل ينطبق عليو قضيةُ الًتدد ،أليس كذلك؟ إذف ٌ ومسلم ستجده يقوؿ:
ٌ
أوال فيو بُعد من جهة النظر ،وفيو بُع ٌد من جهة الواقع.
االحتماؿ ىذا ً
ِ
الفقهية يكوف فيها أصل ُب الًتمذي نفس اليت وٯتكن لئلنساف أف يستقري بسهولة ،كثَت من األبو ِ
اب ٌ
حسن
ُب البخاري ٍب قد يزيد الًتمذي بعض األحاديثُ ،فَتجع وينظُر ماذا يقوؿ فيها ،أكثرىا يقوؿٌ :
صحيح ،وبعضها يقوؿ فيها صحيح وحده .إذف ىذا اٞتواب األوؿ فيو بُع ٌد.
حسن صحيح» دوف ما قيل فيو: قاؿ" :وعلى ىذا -الزاؿ ُب األوؿ اآلف -فما قيل فيوٌ « :
«صحيح»؛ ألف اٞتزـ أقوى من الًتدد ،وىذا حيث التفرد .وإال إذا دل ٭تصل التفرد فإطبلؽ
إسناد واح ٌد ،فإذا
اٟتديث لو ٌ
ُ معا على اٟتديث "..يقوؿ إف ىذا الكبلـ إ٪تا يصح إذا كاف
الوصفُت ً
دل يكن لو إال إسناد واحد فإف ا﵀ ّدث يًتدد ُب صحة ىذا اإلسناد ُب مستوى القبوؿ ،ىل ىو
صحيح أو حسن؟ فيجمع بُت الوصفُت.
إذا كاف للحديث أكثر من إسناد .يقوؿ ىنا التوجيو آخر ،قاؿ" :وإال إذا دل ٭تصل التفرد
معا على اٟتديث يكوف ابعتبار إسنادين :أحد٫تا صحيح واآلخر حسن" ٔتعٌت فإطبلؽ الوصفُت ً
فردا؛ فا١تقصود أنو مًتد ٌد ُب
حسن صحيح ،وكاف ىذا اٟتديث ً
ٌ حديث
ٌ إذا قاؿ الًتمذي أو غَته:
فردا وإ٪تا كاف لو أكثر من إسناد ،فا١تقصود أف كلمةَ صحيح تتنزؿ على
اٟتديث ً
ُ اٟتكم ،وإذا دل يكن
فاٟتديث لو أكثر من إسناد :أحد٫تا حسن ،واآلخر
ُ إسناد ،وكلمة حسن تتنزؿ على إسناد آخر،
أيضا ىذا التوجيو ليس دقي ًقا.
صحيح ،و ً
فردا؛ ألف
صحيح» فقط ،إذا كاف ً
ٌ حسن صحيح» فوؽ ما قيل فيو «
"وعلى ىذا :فما قيل فيو « ٌ
صحيح» أقوى ،إذا كاف
ٌ حسن
صحيح» أضعف ،وىنا « ٌ
ٌ تقوي" .يعٍت ىناؾ « ٌ
حسن كثرة الطرؽ ّ
حسن صحيح» أقوى؛ ألف ىذا يتضمن وجود إسناد صحيح وزايدة عليو وجود إسناد
التعدد فػ« ٌ
ٕٕٜ
حسن ،وحسن وصحيح ترفع اٟتديث عن ٣ترد الصحة ،وىناؾ «حسن صحيح» أدىن من صحيح؛
اٞتزـ أقوى من الًتدد.
ترددا ،و ُ
ألف فيها ً
روى من غَت
صرح الًتمذي أبف شرط اٟتسن أف يُ َ
بدأ اآلف يف االعًتاضات" :فإف قيل :قد ّ
وجو ،فكيف يقوؿ يف بعض األحاديث :حسن غريب ال نعرفو إال من ىذا الوجو؟ فاٞتواب أف
خاصا منو وقع يف كتابو ،وىو ما يقوؿ فيو:
نوعا ً
عرؼ ً
يعرؼ اٟتسن مطل ًقا وإ ّ٪تا ّ
الًتمذي دل ّ
صفة أخرى ،وذلك أنو يقوؿ يف بعض األحاديث« :حسن» ،ويف بعةضها: حسن من غَت ٍ
حسن
حسن صحيح» ،ويف بعةضهاٌ « : «صحيح» ،ويف بعةضها« :غريب» ،ويف بعةضهاٌ « :
صحيح غريب» .وتعري ُفو إ٪تا
ٌ حسن
صحيح وغريب» ،ويف بعةضهاٌ « :
ٌ غريب» ،ويف بعةضها« :
وقع على األوؿ فقط ،وعبارتُو ِ
ترشد إذل ذلك؛ حيث قاؿ يف آخر كتابو :وما قلنا يف كتابنا
روى ال يكوف راويو متهم بكذب،
حديث حسن فإ٪تا أردان بو ُحسن إسناده عندان ،وكل حديث يُ َ
ويروى من غَت وجو ٨تو ذاؾ وال يكوف شاذا فهو عندان حديث حسن" .انتهى كبلـ الًتمذي.
حسن
حسن فقط» ،أما ما يقوؿ فيو « ٌ قاؿ" :فعُ ِرؼ هبذا أنو إ ّ٪تا ّ
عرؼ الذي يقوؿ فيو « ٌ
عرج على صحيح غريب» ،فلم ِّ
يعرج على تعريفو ،كما دل يُ ّ ٌ حسن
حسن غريب»ٌ « ، صحيح»ٌ « ،
يب» فقط ،وكأنّو ترؾ ذلك استغناءً لشهرتو عند
صحيح» فقط أو «غر ٌ
ٌ تعريف ما يقوؿ فيو «
أىل الفن ،واقتصر على تعريف ما يقوؿ فيو يف كتابو «حسن» فقط ،إما لغموضو وإما ألنو
اصطبلح جديد؛ ولذلك قيّده بقولو" :عندان" ودل ينسبو إذل أىل اٟتديث كما فعل ا٠تطّايب ،وهبذا
البحث فيها ،ودل يُسفر وجو توجيهها".
ُ التقرير يندفع كثَتٌ من اإليرادات اليت طاؿ
دقيق ،ىو ابختصار يقوؿ على التقرير ىذا أنتم تقولوف أو كأف ىذا الكبلـ فيو شيءٌ أيضا غَت ٍ
ُ
وي من أكثر من وجوٍُ ،بّ يقوؿ ُب بعض ا١تعًتض يقوؿ :كيف للًتمذي أف يقوؿ ُب اٟتسن أنّو ما ُر َ
التفرد؟ يقوؿ ىنا أف الًتمذي ذكر اٟتسن
حسن غريب» ،ومن ا١تعروؼ أف الغرابة ىي ُّ األحاديث « ٌ
وحده ُب كتابو ،وذكر اٟتسن الغريب ،واٟتسن الصحيح ،واٟتسن الصحيح الغريب .يقوؿ ابن
حجر :الًتمذي إ٪تا قصد من كل ىذه االستعماالت ما أفرد فيو اٟتسن ،فقط ،وىذا التعريف
ٖٕٓ
وعرفو،
اٟتسن ّ
َ الًتمذي
ُّ موجود ُب آخر كتاب الًتمذي ُب (العلل الصغَت) -ذكر فيو
الذي نقلو ٌ -
هم ابلكذب،
وذكر فيو ثبلثة شروط ،ابختصار ىي :أف يُ َروى من غَت وجو ،و ّأال يكوف ُب إسناده ُمتّ ٌ
وأال يكوف شاذّا.
اٟتسن عند الًتمذي ،دل يشًتط فيو اتصاؿ اإلسناد ،ودل يشًتط ثقة الرواة ،فقط اشًتط أال يكو َف
ُ ىذا
ذكرىا فيمن يقتصر اٟتسنمتهما ابلكذب؛ لذلك يقوؿ عن بعض األحاديث ..وىذا ٯتكن فاتنا ُ ً
على معناه ا١تتأخر :ما اتصل ُ
إسناده برواية العدؿ الذي خف ضبطو ،عند الًتمذي ُب (اٞتامع):
حديث حسن وليس إسناده ٔتُتصل" ،ىكذا ابلعبارة! ماذا تفعل؟ مشكلة إذا كنت ٖتصر ٌ "ىذا
نفسك اب١تصطلحُ ،ب نفس اٞتملة ُب نفس اٟتديث" :ىذا حديث حسن وليس إسناده ٔتتصل"،
وىذا أذكر أنو ذكرىا ُب حديث دعاء الدخوؿ إذل ا١تسجد" :رب اغفر رل ذنويب وافتح رل أبواب
متصبل،
رٛتتك" .حديث فاطمة الصغرى عن فاطمة الكربى ،قاؿ :ىذا حديث حسن وليس إسناده ً
فاطمةُ الصغرى دل تسمع عن فاطمةَ الكربى .أو ٨تو ىذه العبارة.
ما ا١تشكلة ىنا؟ ىل الشهرةُ عند أىل الفن للحسن الغريب وليست للحسن؟! كاف األَوذل أف
ويعرؼ اٟتسن ا١تركب ،والدليل أف
ترؾ تعريف اٟتسن ا١تفرد لشهرتو -إذا كاف ٔتقياس الشهرةّ - يقوؿَ :
الذي أربك ا١تتأخرين كلهم ىو اللفظ ا١تركب وليس اللفظ ا١تفرد .فهذا الكبلـ فيو إشكاؿ.
قاؿ" :وهبذا التقرير اندفع كثَت من اإليرادات اليت طاؿ البحث فيها ،وليس وجو توجيهها ،فللو
اٟتمد عل ما أ٢تم وعلم ،وفوؽ كل ذي علم عليم".
ٖٕٔ
ابن رجب رٛتو هللا تكلّم عن ىذه القضية وذكر األقواؿ ُب كتابو الفذ (شرح علل الًتمذي) ،ذكر
ابن حجر ،الصراحة الوجوٌ
وجها من وجوه التوجيو ُب اٞتمع للًتمذي بُت اٟتسن والصحيح دل يذكرىا ُ
ً
قوي ،ولكن بعض األمثلة يف الًتمذي قد تقوؿ كيف اٞتمع بينها وبُت ىذا الوجو؟ فما الوجو؟
ّّ
شروط اٟتسن عند الًتمذي ثبلثة:
ٔ .أف يروى من غَت وجو.
ّٕ .أال يكوف شاذًا ُ -٭تتمل أف يكوف ا١تراد ابلشاذ ىنا شذوذ االنفراد الذي ال ُ٭تتمل ،و٭تتمل أف
يكوف ا١تراد ابلشاذ ىنا ا١تخالِف.-
متهما ابلكذب.
ٖ .أال يكوف راويو ً
متوفرا يف اٟتديث الصحيح؟ يعٍت ال ٨تكم على
السؤاؿ ىنا :أي من ىذه الشروط ٬تب أف يكن ً
متوفرا فيو ىذه الشروط؟ أال يكوف راويو ً
متهما ابلكذب ،و ّأال يكوف اٟتديث الصحيح إال إذا كاف ً
شاذِّا .ىل يُشًتط أف يُروى من غَت وجو؟ ال يُشًتط.
صحيح حسن» ،فمعٌت ذلك أنو انطبقت عليو شرو ُط الصحيح ،وزاد
ٌ إذف إذا قاؿ ُب اٟتديث أنو «
أصبل ال يُشًتط ُب الصحة .فحُت رّكب اللفظُت
عليو أنو ُروي من غَت وجو؛ ألف ىذا الشرط ً
حسن وصحيح» اٟتسن ىذا إ٪تا أضاؼ على مصطلح الصحيح صفة واحدة فقط؛ ألف الصفتُت
« ٌ
أصبل موجودة ُب الصحيح.
األخريُت ً
أقواؿ ابن رجب يف التعدد:
أيضا اتصاؿالصحيح يشًتط ّأال يكوف شاذًا ،و ّأال يكوف ُب إسناده متهم ابلكذب ،ويشًتط فيو ً
اإلسناد ،و ،..فالصحيح مرّكب من شروط ،منها شرطُت من الذين ذكرىا الًتمذي ُب اٟتسن ،ولكن
موجودا ُب أصل الصحة وىو «التع ردد» ،وكأ ّف ابن
ً معٌت ليس
ىذا الًتكيب أضاؼ على الصحة ً
الناس يف ٚتع
طبعا ذكر أقواؿ متعددة ُب ا١توضوع ،يقوؿ" :وقد اضطرب ُ رجب ماؿ إذل ىذا ا١تعٌتً .
الًتمذي بُت اٟتسن والصحيح؛ ألف اٟتسن دوف الصحيح ،فكيف ٬تتمع اٟتُسن والصحة؟!
وكذلك ٚتعو بُت اٟتسن والغريب ،فإف اٟتسن عنده ما تعددت ٥تارجو ،والغريب ما دل يُرو إال
ٕٖٕ
من وجو واحد ،فمنهم َمن قاؿ إف مراده إف اٟتديث حسن لثقة رجالو وارتقى من اٟتسن لدرجة
وصحيحٞ ،تمعهم بُت صفات َمن ٌ حسن
ٌ الصحة؛ ألف رواتو يف هناية مراتب الثقة ،فحديثُهم
ِ
صح ُح حديثَو -ىذا وجو جديد ىنا ليس حسنًا أو ِ
صحيحا ،ىنا حسن
ً وصفات َمن يُ ّ
ُ س ُن حديثَو
ُ٭ت ّ
يكاد يُف ِرد الصحة عن اٟتسن
صحيح حسن ،وال عكس؛ و٢تذا ال ُ ٍ وصحيح -وعلى ىذا ف ُك رل
إال اندرا ،وعلى ىذا التفسَت فاٟتسن ما تقاصر عن درجة الصحيح لكوف ِ
رجالو دل يبلغوا من ُ ً
الصدؽ واٟتفظ لدرجة الصحيح ،وىم الطبقة الثانية من الثقات الذين ذكرىم مسلم يف مقدمة
خرج حديثهم يف ا١تتابعات ،وىذا اٟتسن ىو الذي أراده أبو داود بقولو: ِ
كتابو ،وقيل أنو ّ
خرجت يف كتايب )الصحيح( ،وما يشبهو وما يقاربو .وذكر ابن الصبلح أف تفسَت اٟتسن هبذا
ّ
ا١تعٌت ىو قوؿ ا٠تطّايب وليس ىو قوؿ الًتمذي ،وذكر أف اٟتسن نوعاف -عند ابن الصبلح ،وقد
ابن الصبلح -أف الًتمذي إذا ٚتع بُت اٟتسن والصحة فمراده أنو
سبق ذكر٫تا ..-وذكر -أيُ :
روي إبسنادين؛ أحد٫تا حسن واآلخر صحيح -نفس كبلـ ابن حجر -وىذا فيو نظر -الكبلـ
صحيح غريب ال نعرفو إال من ىذا الوجو .وقد أجاب عن
ٌ حسن
كثَتاٌ :
البن رجب-؛ ألنو يقوؿ ً
بعض أكابر ا١تتأخرين أبنو يكوف أصل اٟتديث غريبًا ٍب تتعدد طرقُو عن بعض روايتو إما
ذلك ُ
صحيح غريب ،وإف كانت كلها
ٌ التابع ومن بعده ،فإف كانت تلك الطرؽ كلها صحيحة فهو
صحيحا وبعةضها حسن "..إخل.
ً ةضها
حسن غريب وإف كاف بع ُ
حسن؛ فهو ٌ
أتمل كبلمو ،ومن ا١تتأخرين َمن قاؿ إف
"ويف بعض ىذا نظر ،وىو بعي ٌد من مراد الًتمذي ١تن ّ
اٟتسن الصحيح عند الًتمذي دوف الصحيح ا١تفرد "..إخل.
ةضا َمن
قاؿ" :وليس ما أفرد فيو الصحة أبقوى ٦تا ٚتع فيو ابلصحة واٟتسن ...ومن ا١تتأخرين أي ً
موجب ٟتُس ِن
ٌ قاؿ مراد الًتمذي يف اٟتسن أف ً
كبل من أوصافو الثبلثة اليت ذكرىا يف اٟتسن
اٟتديث عنده وىذا بعي ٌد ج ًدا "..إخل.
خرج يف كتابو "..وقد بدأ فيو ابلوجو الصحيح ٍب أتى ابألقواؿ كلها،
"واعلم أف الًتمذي رٛتو هللا ّ
جدا.
فكل ما أيٌب بقوؿ وفيو نظر ،وُب بُعد ىذا نظر ،وىذا بعي ٌد ً
وفسر
حسن اإلسنادّ ،
ُ اٟتديث اٟتسن فقد ّبُت الًتمذي مراده ابٟتسن ،وىو ما كاف
ُ قاؿ" :وأما
ُحسن اإلسناد أبف ال يكوف يف إسناده ُمتّهماَ ابلكذب ،وال يكوف شاذًا يروى من غَت وجو ،فك رل
ٍ
حسن ،وقد تق ّدـ أ ّف الرواة منهم َمن يُػتّهم ابلكذب ً -
طبعا حديث ٌ
ٌ حديث كاف كذلك فهو عنده
ىذا الكبلـ يتضمن فوائد زائدة على قضية اٞتمع ،كبلـ ٤ترر ُب قضية اٟتسن -ومنهم َمن يغلب
يكثر غلطو -ىذه
على حديثو الوىم والغلط ،ومنهم الثقة الذي يق رل غلطو ،ومنهم الثقة الذي ُ
كل ما كاف يف إسناده ُمتّهم فليس ْتسن ،وما عداه فهو
أصناؼ الرواة -فعلى ما ذكره الًتمذي ُ
ِ
بشرط أالّ يكوف شا ًذا ،والظاىر أنو أراد ابلشاذ ما قالو الشافعي وىو أف يروي الثقات حسن
ٌ
عن النيب ﷺ خبلفو ،وبشرط أف يُروى ٨توه من غَت وجو ،أي يُروى معٌت ذلك اٟتديث من
وجوه أخرى عن النيب ﷺ بغَت ذلك اإلسناد .فعلى ىذا -دعوًن اآلف ً
قليبل من اللفظ ا١تركب،
ومن كثر غلطو،اٟتديث الذي يرويو الثقة العدؿَ ،
ُ ٣تردا عند الًتمذي-
اآلف ىو يشرح معٌت اٟتسن ً
س ٌن عند الًتمذي ،بشرط أال ر
ومن يغلب على حديثو الوىم ،إذا دل يكن أح ٌد منهم ٌمتّهما؛ كلو َح َ
َ
يكوف شاذًا ٥تال ًفا لؤلحاديث الصحيحة ،وبشرط أف يكوف معناه قد ُر ِوي من وجوه متعددة".
طبعا الذي يستصحب اآلف حصر بعض ا١تتأخرين يقع ُب ورطة مع ىذا التعريف ،والذي يستصحب
ً
حكما للحسن ُ٭تتج بو؛ سيقع ُب إشكاؿ ُب ىذا اٟتديث؛ ألنو ىنا يقوؿ حىت َمن غلب على
ً
ٖٕٗ
هما ،ودل يكن ٥تال ًفا للحديث الصحيح؛ فإنو يُقاؿ فيو «حسن» ،لكن
الوىم إذا دل يكن ُمتّ ً
حديثو ُ
أمر آخر.
ىل ىذا معناه أنو ُ٭تتج بو؟ ىذا ٌ
انتهى اآلف من تعريف الوصف ا١تفرد للحسن.
اآلف جاء ما فتحنا الكتاب ألجلو ،فتحنا لنرى كبلـ ابن رجب ُب معٌت حسن وصحيح ،قاؿ:
صح
صحيحا حسنًا إذا ّ
ً "وعلى ىذا التفسَت الذي ذكرانه لكبلـ الًتمذي ،إ٪تا يكوف اٟتديث
ِ
الثقات العدوؿ ،ودل يكن شاذًا وروي ٨توه من غَت وجو ،وأما الصحيح اجملرد فبل إسناده برواية
ُ
ةضا ّأال يكوف شا ًذا ،وىو ما رواه الثُقات
روى ٨توه من غَت وجو ،لكن ال بد أي ً
يُشًتط فيو أف يُ َ
الصحيح
ِ الصحيح اٟتسن أقوى من ٍ
حينئذ خبلفًا على ما يقولو الشافعي والًتمذي ،فيكوف
ُ
اجملرد".
كبلـ
بعد ما ذكر ىذا كلو أتى ابألقواؿ اليت قرأ ُهتا ُب البداية ،فهذا كلو فقط ُب قضية اٟتسن ،صراحة ٌ
اٟتس النقدي فيو واضح ،وواضح أف نقد ابن رجب َسلِم بو من أوال ُّ جدا ،وفيو دقةً ..
ونفيس ً
ٌ جليل
ٌ
بعض النُػ ّقاد من ا١تح ِّدثُت ا١تتأخرين ،النَػ َفس الذي كاف يَن ُقد بو بعض
النَػ َفس الذي كاف يَن ُقد بو حىت ُ
ُ ُ ِ
نقدا
ضا فيما يوافق واقع اٟتديث وروايتو القدٯتة ،وإ٪تا كاف ً نقدا ُمتمح ًالنُّقاد من ا١تتأخرين ،دل يكن ً
بعضو راجع إذل ُمطَ ِلق األلفاظ ،وىذا النقد العائد إذل مطلق األلفاظ ليس ً
جيدا مع واقع الرواية ،بل ُ
جدا (ا١توقظة) حُت ذكر اٟتديث وسع ُب النقد ..الذىيب رٛتو هللا ُب كتابو اٞتليل ً بعضهم يُ ّ
إ ّف ً
انتقادا ،لكن االنتقاد دل يكن
الصحيح ذكر شروطو ا٠تمسة ،نقد شيئًا من ىذه الشروط أو ذكر ً
٤تررا من جهة واقع الرواية ،بعد أف ذكر الشروط ا٠تمسة قاؿ" :ويف ىذا نظر على مقتةضى
انتقادا ً
ً
طريقة الفقهاء؛ ألهنم إ٪تا يشًتطوف صحة اتصاؿ اإلسناد وعدالة الرواة والثقات ،وال يشًتطوف
ٕٖٙ
معلبل"ٍ .ب دل يذكر توىينًا ٢تذا القوؿ الفقهيُ ،ب ذاكرٌب على األقل ال أذكر أنو
أف يكوف شاذًا وال ً
وىن ىذا القوؿ.
ّ
٣تردا عن الصحة -مثل
فسره بو ىنا إذا ذكر اٟتسن ً
قاؿ" :وقد يُقاؿ :الًتمذي أراد ابٟتسن ما ّ
استغٌت بو لشهرتو -فأما اٟتسن ا١تقًتف ابلصحيح فبل ٭تتاج أف
ما قاؿ ابن حجر ،لكنو دل يقل إنو َ
يُروى ٨توه من غَت وجو؛ ألف صحتو تُغٍت عن اعتةضاده بشواىد أُخر ،وهللا أعلم .وقد اضطرب
الناس يف ٚتع الًتمذي بُت اٟتسن والصحيح ،"..وبدأ أيٌب ابألقواؿ.
ادا فقط :ىذا الكتاب (شرح علل الًتمذي) ينقسم إذل جزأين بغض النظر عن اجمللدين؛ ال استطر ً
تدري أيهما أٙتن وأنفس ،حقيقة ودوف مبالغة ،فهذا أنفس ابعتبار ،وىذا أنفس ابعتبار .اٞتزءُ األوؿ
شرح العلل ،شرح الوريقات اليت كتبها الًتمذي ُب آخر جامعو وٝتّاىا (العلل) ،وفيها كبلـ عن
جدا ،طبقات الرواة واٞترح والتعديل ،وفيها كبلـ عن اٟتديث اٟتسناٟتديث ا١تنكر ،وعن الرواة كثَت ً
كما رأينا ،واٟتديث الصحيح واٟتديث الغريب وبعض األمور االصطبلحية ،ىذا شرح فيو العلل
ابن رجب.. ِ
سما آخر ُب الكتاب ،وىذا القسم اآلخر يكاد يكوف ٘تيّز بو ُ وانتهى من الشرح .عقد ق ً
ابن رجب ُب أبدا ٚتع ما ٚتعو ُيعٍت ابلنسبة رل -رٔتا من قلة اطّبلعي -دل أقف على كتاب حديثي ً
القسم الثاين ،أقصد ٚتع شيئًا دل ٬تمعو أحد على األقل ُب اطبلعي .ماذا ٚتع؟ قاؿ أوؿ ما بدأ
القسم الثاين أنو سيذكر قواعد ُب اٟتديث ..وانتهينا من الشرح واآلف سأذكر القواعد ،بدأ ُب الرجاؿ
لكن من ًنحية جديدة ودقيقة،
والطريق الثاينُ :ب الكبلـ عن الرواة ىو ُب معرفة مراتب الرواة ،ومراتب الثقات ،ومن يُق ّدـ قولو
عند االختبلؼُ ،ح ِكم عليو أنو صدوؽ ثقةٍ ،ب اختلفوا ماذا نفعل؟ قاؿ -معٌت الكبلـ -أف ىنا شغل
أمورا ليجمعها وينتقل ُب
يذكر ً
تشمر يدؾ وتدخل لًتى ماذا يوجد ُب علل اٟتديث! وبدأ ُ العلل ،ىنا ّ
ٕٖٚ
علم اٟتديث ١تراحل كبَتة ،فأتى ابلرواة الػ َم َحا ِور الذين تدور عليهم األسانيد ،وبدأ ٬تمع َ
لك
أصحاب وتبلميذ ىؤالء ا١ت َحا ِور ،ىو ال يتكلم وال يذكر شيئًا ،فقط ينقل لك عن ا١تتقدمُت من بطن
ٍ َ
كل واحد من ىؤالء ا﵀اور من الذي ِ
كتبهمٚ ،تع مئات النصوص جملموعة من ا١تت ّقدمُتٚ ،تع لك ُب ّ
أصحاب األعمش ،قاؿ" :وىو سليماف بن مهرافُ فمثبل:
ي َقدـ ُب االختبلؼ من ىؤالء الثقاتً ،
الكاىلي" ىذه الكلمة ٯتكن ىي الوحيدة اليت تكلم عنها ُب األعمش من عندهٍ ،ب يضيف" ،قاؿ ابن
أيب خيثمةٝ :تعت ٭تِت بن َمعُت يقوؿ :دل يكن أحد أعلم ْتديث األعمش من سفياف الثوري .اىػ.
قاؿ :وٝتعت ٭تِت بن معُت يقوؿ :أبو معاوية كنّا إذا ذكرًّن حديث األعمش فكأ ًّن دل نسمع اٟتديث.
يشَت إذل كثرة حديثو وسعة حفظو- .ىذا شرح ابن رجب -قاؿ ابن أيب حاًب :حدثنا أٛتد بن سناف
لشيء من حديثو أحفظ منو ٟتديث الواسطيٝ :تعت عبد الرٛتن بن مهدي يقوؿ :ما رأيت سفياف ٍ
األعمش .قاؿ وحدثنا أيب :قاؿ حدثنا أبو بكر األعُت قاؿٝ :تعت أٛتد بن حنبل وقلت لوَ :من
قلت :شعبة؟ قاؿ :سفياف .حدثنا دمحم بن إبراىيم
أحب الناس إليك ُب األعمش؟ قاؿ :سفيافُ .
قاؿ :أخربًن عمرو بن علي قاؿٝ :تعت أاب معاوية يقوؿ :كاف سفياف أيتيٍت ىا ىنا ،فيذاكرًن ْتديث
أحدا أعلم ْتديث األعمش منو .وقاؿ علي :قاؿ ٭تِت بن سعيدٝ :تاعي من األعمش ،فما رأيت ً
إرل من ٝتاعي عن األعمش". سفياف عن األعمش أحب ّ
ىذا من ضبط سفياف الثوري ٟتديث األعمش ،يقوؿ األحاديث اليت ٝتعتها من سفياف األعمش،
أضبط عندي من األحاديث اليت ٝتعتها من األعمش مباشرة! قد يدؿ ىذا ..يبدو رل أف ٭تِت
صغَتا ُب السن فلم يضبط ،وإال ٭تِت حافظ.
متأخرا ،ولعل ٭تِت كاف ً
القطاف دل يدرؾ األعمش إال ً
"قاؿ ابن أيب حاًب وٝتعت أيب يقوؿ :أحفظ أصحاب األعمش الثوري .قاؿ يعقوب بن شيبة:
سفياف الثوري وأبو معاوية مقدماف يف األعمش على ٚتيع من روى عن األعمش .وذكر عن علي
بن ا١تديٍت قاؿ :كاف أبو معاوية حسن اٟتديث عن األعمش حافظًا عنو .وذكر إبسناده عن
جري بن عبد اٟتميد قاؿ :أبو معاوية حفظ حديث األعمش ،و٨تن أخذانىا من الرقاع .قاؿ
عبد هللا بن أٛتد عن أبيو :قاؿ أبو معاوية :كنا إذا قمنا من عند األعمش كنت أمليها عليو .قاؿ
ٕٖٛ
أيب :أبو معاوية من أحفظ أصحاب األعمش .قلت لو :مثل سفياف؟ قاؿ :ال ،سفياف يف طبقة
أخرى ،مع أ ّف أاب معاوية ُٮتطئ يف أحاديث من أحاديث األعمش.
َمن يدرؾ قيمة ىذا الكبلـ؟ يدرؾ قيمة ىذا الكبلـ من يتعامل مع األسانيد ،أما الذي يتعامل مع
ُّزىة) لن يستفيد شيئًا من ىذا الكبلـ ،ال يعٍت لو شيئًاُ .ب بدايتك ُب
شرح (النُّخبَة) وشرح (الن َ
مرسبل ،وىذا رواه
التخريج ُب ٚتع الطرؽ ،تبدأ ٕتمع الطرؽ وٕتد أصحاب األعمش اختلفوا ىذا رواه ً
موصوال ،فماذا ستفعل؟ إذا كنت تسَت على بعض القواعد ا١تتأخرة ،أو بعض طرؽ ا١تتأخرين؛ فلن ً
ِ
الثقات من خبلؼَ ،من زاد فهو مقبوؿ وانتهى األمر دوف أي إشكاؿ. إشكاال فيما ٭تصل عند
ً ٕتد
كنت تريد أف تسَت على طريقة اٟتُّفاظ ا١تتقدمُت ،فيجب أف تنظر ُب ىذا ا٠تبلؼ ،من أما إذا َ
بعض
صححو ُ ُّ األرجح؟ ومن األثبت؟ ومن األحفظ؟ ُفًت ّجح قولُو ،فقد يكوف ىذا اٟتديث الذي
ا١تتأخرين ،وقالوا :ىذا صحيح النسبةً إذل الرسوؿ ﷺ ،قد يًتجح عندؾ من خبلؿ النظر والقواعد أنو
مرسبل ،اختبلؼ ُب الوصل واإلرساؿ ،خاصةً لو كانتحديث معلوؿ وضعيف١ ،تاذا؟ قد يكوف ً ٌ
أساسا من قسم الضعيف ،ولكن الزىريمثبل مراسيل الزىري ضعيفة ،فا١ترسل ً
بعض ا١تراسيل ضعيفةًً ، ُ
أتثَتا حقيقيًا ُب اٟتكم على اٟتديث،
مراسيلُو مصنفة من ضعيف ا١تراسيل ،فهنا االختبلؼ مؤثر ً
وىذا لو نظائر.
ٕٖٜ
ذكرت ساب ًقا أف ىذا لو أثر ،ذكرت حديث الدَّاجن الذيُ طبعا من انحية موضوع الشبهات: ً
دائما ُب الشبهات ،أف الداجن أكلت آية الرجم ،أو آية رضاع الكبَت ،ويذكره حىت ا١تشككُت يذكر ً
ٍ
حديث فيو أشياء منكرة، ُب اٟتدود الشرعية ،وُب السنة ،فيقوؿ لك :أنتم تعتمدوف ُب الرجم على
كاف ىناؾ صحيفة فيها آايت من القرآف ،وجاءت داجن -عنز أو كذا -وأكلت الصحيفة وذىبت
اآلية ،اآلف نصارى العرب يثَتوه ُب أكثر من موطن ،يثَتوه ُب قضية ٚتع القرآف وحفظ القرآف ،وأف
بعض ا١تتأخرين! ظاىر إسناده بدوف
صححو ُ قرآنكم غَتُ ٤تفوظ والعنزة أكلت الورقة ..ىذا اٟتديث ّ
النظر ُب الطرؽ والعلل :النظافة ،فاإلسناد ظاىره نظيف ،ولو كاف لدينا مزيد من الوقت لبحثنا فيو.
مرة عن عائشة ،مالك أذكر أف دمحم بن إسحاؽ عن عبد هللا بن أيب بكر بن حزـ عن -أظنوَ -ع َ
خالف دمحم بن إسحاؽ ،لو قلت مالك وحده النتهينا! مالك ٮتالف دمحم بن إسحاؽ! حسنًا دمحم بن
مرة عن عائشة ..على ما أظن من إسحاؽ صدوؽ أو روى على وجو ..ال ،ىذا اٟتديث يرجع إذل َع َ
ٍ
رضعات مرة عن عائشة ،ىو اٟتديث الذي ُب مسلم" :كاف فيما أنزؿ من القرآف عشر طريق َع َ
ٓتمس معلومات ،فتوُبّ الرسوؿ ﷺ وىن فيما يقرأ من القرآف" ،لكن ٍ معلومات ُ٭ت ّرمنٍ ،ب نُ ِس خن
دل يكن ىناؾ قضية الداجن وال الصحيفة وال غَتىا؛ فهذه رواية مالك.
أما رواية دمحم بن إسحاؽ ىي اليت فيها ىذه القضية ،فهنا خبلؼ بُت مالك وبُت دمحم بن إسحاؽ-
وىذه القضية زايدة الثقة ستأتينا إف شاء هللا ُب ا١تسائل -ىنا ال يُقبل ،وال ُ٭تتمل من دمحم بن إسحاؽ
٥تالفة اإلماـ مالك ،أظن حىت خالف ُب اإلسناد!
الشاىد أف ابن رجب ُب اٞتزء الثاين ُٯتسك كل واحد من ىؤالء ا﵀اور ،ويعطيك كبلـ ا١تتقدمُت ُب
طبقات ىؤالء ..وسيذكر بعد قليل بعض من عنده إشكاالت ُب حديث األعمش ،واإلشكاالت
مثبل" :قاؿ ابن عسكر: ليست أبقل أ٫تية من ىذا؛ ألف اإلشكاالت غالبًا ُب أحاديث الثقاتً ،
عمر عن األعمش اليت يغلط فيها ليس ىو من عبد الرزاؽ ،إ٪تا ىو
ٝتعت أٛتد يقوؿ :أحاديث َم َ
طبعا
عمر ثقة! لكن حديثو عن األعمش فيو غلط ،وىكذاً .. عمر ،يعٍت الغلط" .حسنًا َم َ
من َم َ
ويشجر ،رأيت األسانيد
ّ وقصر ُب بعض ،وىذا يتلخص، احدا ،فأطاؿ ُب بعضهم ّ احدا و ً
ذكرىم و ً
ىذه اليت تستعجم على أكثر القراء ،عندما يقرأ ُب تفسَت ابن كثَت ،وتفسَت ابن جرير ،و(البداية
ٕٓٗ
فبعض الشباب كانوا يقرؤوف ُب تفسَت ابن كثَت،
أذكر ساب ًقا كاف عندًن تدارس ُب الرجاؿَ ،
والنهاية)؟ ُ
جدا ولطيف وسهل وإذا كاف تدارس خفيف كلو أحاديث عن الرجاؿ ،واألحاديث عن الرجاؿ ٦تتع ً
دائما إذا قرأت تفسَت ابن كثَت ورأيت «حدثنا»
كاف ىناؾ مفاتيح وتشجَت ..أحد الشباب قاؿً :
أنتقل بعيٍت مباشرًة إذل اسم الصحايب إذل الرسوؿ ﷺ ،يقوؿ :اآلف أستمتع ابإلسناد .وهللا ابلفعل،
جدا١ ،تا تعرؼ أف األصل مليءٌ ابألسانيد -ابن كثَت مبدع ُب
٥تتصرات ابن كثَت أستثقل القراءة فيها ً
سياؽ األسانيد والطرؽٍ -ب َتر ا١تختصر حذؼ األسانيد كلها٥ ،تتصر ..ابلعكس من أكرب ٦تيزات
تفسَت ابن كثَت و(البداية والنهاية) سياؽ األسانيد وعرض الطرؽ ،ىذا من أمتع ما يكوف ،لكن ما
مفتاحها؟ ىي ليست شيئًا صعبًا ،ليست دراسة طويلة ،حىت إنك ال ٖتتاج إذل ما ٭تتاجو ٖترير
ا١تصطلح.
ابن رجب ُب القسم الثاين ،إدراؾ القسم الثاين وتكراره وضبطو وتشجَته؛ ينهي القضية كلها ،بعد
ذلك أنت تزيد عليو .القسم األوؿ من القسم الثاين ..القسم الثاين أقساـ ،القسم األوؿ منو ىو الذي
جدا وجاذبة ،ومفيدة
ذكر فيو ا﵀اور وأصحاهبم ،العناوين األخرى اليت تلي ىذا القسم عناوين رىيبة ً
ض ِّعفوا يف وجوه خاصة
مثبل :يقوؿ" :القسم الثاين :يف ذكر قوـ من الثقات ُ جدا ُب قضية العللً ،ً
ض ِّعف حديثَهم إما يف بعض األوقات ،أو يف ال يُذكر أكثرىم غالبًا يف أكثر كتب اٞترح ،وقد ُ
بعض األماكن ،أو عن بعض الشيوخ ،وٖتتو ثبلثة أنواع:
لك
ويذكر َ
ُ ض ّعف حديثُو يف بعض األوقات دوف البعض ،وىم ا١تختلطوف.
ٔ) النوع األوؿَ :من ُ
ومن روى عنو قبل ِ
ا١تختلطُت مثل عطاء بن السائب ،ويذكر كبلـ اٟتُّفاظ ،عطاء اختلط كذاَ ،
ومن روى عنو بعد االختبلط
االختبلطَ ،
ض ّعف حديثو يف بعض األمكنة دوف بعض ،وىو على ثبلثة أضرب -من ٕ) النوع الثاين :من ُ
حدث عن أىل ٍ
بلد فحفظ ومن َّ ٍ كمن َّ
حدث يف مكاف ودل يكن معو كتبوَ ، ىذه األمكنةَ -
فح ِفظ حديثُو َّ ِ
وحدث عنو غَتىم فو٫توا" .ىذه أىل مص ٍر أو إقليم ُ حدث عنو َ ومن َّ حديثَهمَ ،
جدا اب١تواطن اليت ٬تب أف تُربز لعموـ الناس لدقة ا﵀ ِّدثُت.
جدا ً
مليئة ً
ٕٔٗ
قوـ ثقات ،حديثُهم عن بعض الشيوخ فيو ضعف" ،وىذا من ّ
أجل األقساـ ٖ) "النوع الثالثٌ :
إسنادا ُب مسند
مثبل ٕتد ً وأ٫تّها ،وىذا يقع فيو إشكاالت كثَتة حىت من بعض ا﵀ققُت ا١تعاصرينً ،
اإلماـ أٛتد ح ّدثنا عبد الرزاؽ قاؿ :ح ّدثنا َمعمر قاؿ :ح ّدثنا اثبت عن أنس عن النيب ﷺ ،كل
واحد من ىؤالء ٧تم :عبد الرزاؽٍ ،ب أٛتد يقولك ح ّدثنا عبد الرزاؽ ،وعبد الرزاؽ يقولك ح ّدثنا
عمر ،ومعمر يقولك حدثنا اثبت ،اثبت يقولك حدثنا أنس عن النيب ﷺ .إسناد مثل الفستق، َم َ
معمر ثقة ،واثبت ثقة،عمر عن اثبت ضعيفةَ ، كرجاؿ ورواة ،لكن اإلسناد ىذا ضعيف! ألف رواية َم َ
معمر عن الزىري ٓٓٔ ،ٝأما معمر عن اثبت ال ،مشكلة ،حسنًا لكن معمر عن اثبت ضعيفَ .
معمر ىو معمر ،واثبت ىو اثبت! لكن رواية معمر عن اثبت ،ال ..ولديهم وجو ُب الكبلـ ألف
ب األحاديث وضبطها ،فكاف ُ٭ت ِّدث من كتابو ،أو معمر صنعاينّ ،وُب صنعاء كانت عنده كتبَ ،كتَ َ َ
حفظو ِ
وعهده و٭ت ِّدث ،ذىب إذل البصرة ودل أيخذ كتبو معو ،فكاف ُ٭ت ِّدث ِمن ِ كتبو قريبة يرجع ٢تا ُ
قدًن ابلكتب؛ فيخطئ ،ىذا ُب ٖتديثو ُب البصرة ،لكن روايتو عن اثبت خاصةً ال أعرؼ وال أذكر
١تاذا ،لعلو دل ي ّدوهنا أو كذا.
منهم ٛتّاد بن سلمة ،ومنهم جرير منهم عاصم ،منهم سليماف ،منهم جعفر ،منهم معقل بن عبيد هللا
اٞتزري ،وٖتت معقل بن عبيد هللا اٞتزري ذكر أشياء رائعة ،منها حديث السنور ُب مسلم "هنى عن
أعل اٟتديث ألنو يشبو حديث ٙتن الكلب والسنّور" ،وىذا ذكر فيو علّة خطَتة عن اإلماـ أٛتدَّ ،
فبلف ،فقط! شيء مذىل!
توىم أنو اسم ثقة "..إذل آخر ما ذكر قائمة كبَتةٍ ،ب قاؿِ :
"ذكر َمن روى عن ضعيف وٝتَّاه ابسم يُ ّ
ذكر.
" قاعدة :الفقهاءُ ا١تعتنوف ابلرأي فغلب عليهم ،ال يكادوف يُقيّموف األسانيد وا١تتوف" .ويذكر
لك أمثلة ،ليس الفقهاء ا١تتأخرين ،ال ،الفقهاء ُب وقت الرواية؛ ألنو ذكر منهم شريك بن عبد هللا،
وشريك بن عبد هللا ُب القرف الثاين.
حدثوا ِمن حفظهم وليسوا بفقهاء ،ال ُ٭تت رج ْتديثهم عند ابن
الثقات اٟتُّفاظ إذا َّ
ُ " قاعدة:
ٍ
إبسناد واحد، األثبات حديثًا
ُ حباف -وقوؿ الشارح أ ّف ىذا ليس على إطبلقو -قاعدة :إذا روى
إبسناد آخر فما حكمو؟ -وأظن أف ىذه الصياغة صياغة ا﵀قق لكن نفس القاعدة- ٍ وانفرد واح ٌد
منفردا من اٟتُّفاظ ،سيئ اٟتفظ"..
أما إذا كاف ً
" استثناء الشارح :قاعدة- :وىذه قاعدة ٚتيلة -أسانيد ال يثبُت منها شيء ،أو يثبت منها
اليسَت ،مع أّنو قد ُروي هبا أكثر من ذلك"ُ ،ب بعض األسانيد ٕتدىا ُب الكتب ً
كثَتا ،ويقولك أي
كل َمن اٝتو
مثبل ُ
حديث هبذا اإلسناد ال يوجد شيء منو صحيح ،وبعضها قواعد ُب الرجاؿ ٚتيلةً ،
كل َمن اٝتو فبلف فيو كذا ،بعضها ينقلها كلَّها ويتعقب ،إال عاصم فيو كذا.
ضعفُّ ،
ٌ عاصم فيو
" ..يروي عن أنس ويروي عنو أىل مصر -الذي ىو سعد بن سناف -قاؿ أٛتد :تركت حديثو،
حديثو مةضطرب ،وقاؿ :يشبو حديثو ،حديث اٟتسن ،ال يشبو حديث أنس .نقلو عبد هللا بن
أٛتد عن أبيو .ومراده -اآلف ابن رجب يشرح -أف األحاديث اليت يرويها عن أنس مرفوعة؛ إ٪تا
تشبو كبلـ اٟتسن البصري أو مراسيلو ،وقاؿ اٞتوزجاين :أحاديثو واىية ،ال تشبو أحاديث الناس
عن أنس" .اتفق اإلماـ أٛتد واٞتوزجاين على نفس ا١تعٌت ،اٞتوزجاين من ا١تتقدمُت.
أحاديث شعيب بن أيب ٛتزة عن ابن ا١تنكدر فيها شيء مذىل ،لن أذكره ألف فيو إطالة.
حديث معقل عن أيب الزبَت يشبوَ "قاؿ معقل بن عبيد هللا اٞتزري :لقد سبق قوؿ أٛتد أف
حديث ابن ٢تيعة "..أبو الزبَت اتبعي يروي عن جابر ،أيتيك إسناد معقل بن عبيد هللا اٞتزري عن أيب
الزبَت عن جابر ،فما دخل ابن ٢تيعة اآلف؟
قاؿ" :وظهر مصدا ُؽ قوؿ أٛتد إف أحاديثو عن أيب الزبَت مثل أحاديث ابن ٢تيعة سواء ،كحديث
اللمعة يف الوضوء وغَته "..ىذا ذكره ُب موضع وأحاؿ إذل موضع سابق .قاؿ ُب موضع سابق:
ِ
ةضعف حديثو عن أيب الزبَت خاصة ،ويقوؿ:
"ومنهم معقل بن عبيد هللا اٞتزري ثقة ،كاف أٛتد يُ ّ
يشبو حديثو حديث ابن ٢تيعة".
قاؿ ابن رجب" :ومن أراد حقيقة الوقوؼ على ذلك فلينظر إذل أحاديثو عن أيب الزبَت ،فإنو
ُنكر على ٍ
معقل هبذا معقل سواء ،و٦تا أ ِ
ِ
٬تدىا عند ابن ٢تيعة يرويها عن أيب الزبَت كما يرويها ٌ
اإلسناد ،حديث الذي توضأ وترؾ ١تعة دل يصبها ا١تاء ،وحديث النهي عن ٙتن السنور ،وقد
يقيمن أحدكم أخاه يوـ اٞتمعة ٍب ليخالف إذل
ّ أخرجهما مسلم يف صحيحو ،وكذلك حديث "ال
مقعده".
ٕٗٗ
نعود" :وقد كانوا يستدلوف ابتفاؽ حديث الرجلُت يف اللفظ على أف أحد٫تا أخذ عن صاحبو".
كثَتا ،لكن ىذا القسم الثاين من (شرح علل الًتمذي) ،أكث ِر ما يعطي اإلنساف
والكبلـ ُب ىذا يطوؿ ً
جدا.
طبعا مهم ً
نقلةً ىو اٞتزء الثاين من الكتاب ،واٞتزء األوؿ ً
نفسو من مثل
ومن َ٭ترـ َ يد عليها ُب ىذا الكتابَ ،فهذا ابن رجب رٛتو هللا أجاد وأفاد إجادةً ال مز َ
ىذا الكتاب ُب إدراكو لدقائق علم اٟتديث نظر ،إذا دل يكن اطلع على كبلـ ا١تتقدمُت ،إذا اكتفى
مثبل ،صراحة ىذا الكتابُّزىة) ،شرح (النُّخبَة) ،حىت شرح (ا١توقِظَة) ً
مثبل ابلشروح ا١تتأخرة :شرح (الن َ
ً
ُ ِ
وخِّرجت نصوصو ،وأجريت عليو فيو ما ليس ُب غَته ،والكتاب ُخدـ ،طبع طبعات متعددةُ ،
دراسات.
ٕ٘ٗ
احملاضرة ا٠تامسة عشر:
ا١تقدمة:
وصل اللهم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت، اٟتمد ﵁ ِّ
رب العا١تُت ِّ بسمميحرلا نمحرلا هللا ُ ،
أما بعد :فهذا ىو الدرس ا٠تامس عشر من دروس شرح كتاب (نزىة النظر) نسأؿ هللا سبحانو وتعاذل
أف يبارؾ فيما نتدارس.
انتهينا ُب الدرس السابق من قضية اٟتسن الصحيح ،اٞتمع بُت اٟتسن والصحيح ،تقريبًا الدرس
كامبلً كاف ُب قضية اٞتمع بُت اٟتسن والصحيح ،والدرس الذي قبلو أخذًن فيو اٟتديث اٟتسن
واستعماالت اٟتديث اٟتسن ،وقلنا إف اٟتسن يستعمل على عدد من ا١تعاين ،وذكرت فيو أمثلة كثَتة
منها أمثلة استعماالت البخاري ،على أحاديث أطلق عليها حسنٍ ،ب وجدًنىا ُب الصحيح،
تذكروف؟ قلنا ىذا يدؿ على أف كلمة «حسن» عند ا١تتقدمُت تطلق على عدد من ا١تعاين وعدد من
االعتبارات ،منها مثبلً اعتبار الغرابة ،أو النكارة بعض األحياف .على كل حاؿ تبلزـ الغرابة ابلنكارة
يكاد يكوف ىو األغلب.
زايدة الراوي:
بعد أف انتهى من قضية اٟتسن والصحيح قاؿ اآلف ٚتلة جديدة" :وزايدة راويهما مقبولة ما دل تقع
منافيةً ِ
لرواية َمن ىو أوثق"" .زايدة راويهما" .الضمَت ىنا يعود على الصحيح واٟتسن ،يعٍت راوي
اٟتديث الصحيح وراوي اٟتديث اٟتسن إذا زاد زايدة ُب اٟتديث فهي مقبولة.
ٍب قاؿ" :ما دل تقع منافية"؛ أي نفهم من كبلمو :أف زايدة الثقة مقبولة مطل ًقا أو مقبولة بشرط؟
مقبولة بشرط ،وىذا الشرط ىوّ :أال تكوف منافية لرواية َمن دل يزد.
الزايدة يف ا١تنت:
خربا عن عبد
مثبل عبد الكرًن َروى ً
قبل أف نذكر التفصيل ُب ىذه القضية دعوًن نوضح الصورةً ،
نفس ا٠ترب عن عبد اللطيف ،أنت قلت رل أف عبد اللطيف قاؿ إنو
اللطيف ،وجاء أبو خالد وروى َ
ٕٗٙ
سيتزوج ُب الشهر القادـ ،وجاء أبو خالد وقاؿ :إف عبد اللطيف سيتزوج الشهر القادـ ىو وأخوه ُب
نفس الليلة .اآلف ىذه زايدة ُب ا٠ترب ،ىل ىذه الزايدة مقبولة أو ليست مقبولة؟ ىناؾ نوع آخر من
طبعا سيأٌب التفصيل ُب اٟتكم لكن ىذه صورة فقط .ىذه اآلف زايدة ُب ا١تنت أـ زايدة ُب الزايدةً ،
السند؟ زايدة ُب ا١تنت.
الزايدة يف اإلسناد:
ىناؾ نوع آخر وىو الزايدة ُب اإلسناد ،كيف؟ ألف ىذه الصورة كثَتة ُب الرواية ،فدعوًن أنٌب هبا ُب
الرواية .لدينا واحد من أركاف الرواية وىو الزىري؛ والزىري لديو أصحاب وتبلميذ ُكثُر ،ذكرًنىم أكثر
معمر ،سفياف بن عيينة ،يونس ،عُقيل ،وٚتاعة .جاء مالك ومعمر فقاال :حدثنا من مرة :مالكَ ،
الزىري قاؿ :قاؿ رسوؿ هللا ﷺ كذا وكذا ،اآلف ىذه رواية مرسلة ألف الزىري اتبعي ،فمالك ومعمر
يقوالف :قاؿ لنا الزىري :قاؿ رسوؿ هللا ﷺ .جاء يونس ،أحد تبلميذ الزىري ،فقاؿ :حدثٍت الزىري
-نفس ا٠ترب ونفس ا١تنت -عن أنس عن الرسوؿ ﷺ ،اآلف ىذه الزايدة ُب ماذا؟ زايدة ُب اإلسناد.
ٕٗٚ
والشرط الثاين :ما دل تقع منافيةً ١تن دل يزدىا.
أي لو رجعنا ٠ترب عبد اللطيف ،جاء عبد الكرًن قاؿ :الشهر القادـ ُب يوـ ٕٓ عبد اللطيف قاؿ رل
أف زواجو ُب ذاؾ اليوـ ،جاء أبو خالد قاؿ :إف عبد اللطيف قاؿ رل إف يوـ ٕٓ من الشهر القادـ -
طبعا ىذه صورة للتناُب بغض
نفس اليوـ ذاؾ -يوـ ملكتو وليس زواجو ،اآلف ىناؾ تناُب بُت ا٠تربينً ،
وجب أف أحد القولُت ىو الصحيح النظر عن الزايدة والنقص ،لكن ىذا اآلف تناُب .فهذا التناُب ي ِ
ُ
وليس كبل القولُت.
-السؤاؿ اآلف ا١تهم يف قةضية اٟتديث :ىل االختبلؼ يف الوصل واإلرساؿ؛ اختبلؼ تنايف أـ
اختبلؼ تنوع؟ أي خرب الزىري قبل قليل ،ىذا قاؿ :عن الزىري عن رسوؿ هللا ،وىذا قاؿ :عن
الزىري عن أنس عن رسوؿ هللا ،نفس ا٠ترب ،ىل ىذه الزايدة تناُب القوؿ اآلخر أـ أهنا ال تناُب القوؿ
طبعا ستأٌب بعد قليل بعض اآلخر؟ تناُب .ىذا ىو التصرؼ الصحيح على األقل ُب حاالت كثَتةً ،
التفاصيل.
-ما القوؿ الصحيح على تطبيقات ا١تتقدمُت؟ القوؿ الصحيح على تطبيقات ا١تتقدمُت أهنم
ينظروف ُب حاؿ االختبلؼ على ىذا الراوي ،فينظروف أي الكفتُت أرجح ،فإذا كانت الكفة اليت
قصرت ىي أقوى وأثبت فَتجحوف أف ىذا اٟتديث مرسل ،وأف َمن زاد أخطأ.
ٕٗٛ
-انظر إذل اختبلؼ وجهات النظر :األولوف يقولوف الزايدة ىي ا١تقبولة ،اآلخروف يقولوف ىذه
الزايدة خطأ؛ مىت؟ إذا ثبت أف الطرؼ اآلخر أثبت وأضبط وأحفظ.
يرجحوف الوجهُت ويُرجعوف االختبلؼ إذل الشيخ نفسو وليس إذل التبلميذ، -بعض األحياف ّ
فيقولوف :الزىري نفسو مرة حدَّث ابٟتديث مرسبلً ومرة حدَّث بو موصوالً ،فالزايدة مقبولة.
-مىت يرجحوف الوجهُت؟ ُب الغالب إذا تقاربت الكفتاف ا١تختلفتاف ُب طرُب التبلميذ ،والتقارب:
إما أف يكوف بكثرة العدد -أي ُب الطرؼ ىنا عشر ثقات ،وىنا عشر ثقات -صعب أف تقوؿ الذين
زادوا كلهم أخطأوا ،عشرة ،أو بعض األحياف ثقة وثقة ،مثبلً سفياف بن عيينة ومعمر تقريبًا متقارابف
ُب الزىري ،حىت بعضهم قدَّـ سفياف بن عيينة ُب الزىري ،وبعضهم قدَّـ معمر ُب الزىري ،فهما على
طبعا يدرسوف
طبقة متقاربة ،ىذا واحد وىذا واحد ،ورووا نفس اٟتديث ،ىذا زاد وىذا نقص .ىنا ً
قرائن ٥تتلفة وينظروف ،فإذا دل يًتجح ٢تم أي شيء أف أحد٫تا أرجح ،فقد يقوؿ لك :الزىري مرة زاد
ومرة نقص .لكن كما قاؿ ابن حجر ،وسيأٌب بعد قليل ..دعوًن نقرأ.
رد ابن حجر على من يقبل زايدة الثقة مطل ًقا من احملدثُت ا١تتأخرين:
يقوؿ" :وزايدة راويهما مقبولة ما دل تقع منافية لرواية َمن ىو أوثق ٦تن دل يذكر تلك الزايدة؛ ألف
الزايدة إما أف تكوف ال تنايف بينها وبُت رواية من دل يذكرىا فهذه تقبل مطل ًقا؛ ألهنا يف حكم
اٟتديث ا١تستقل الذي ينفرد بو الثقة وال يرويو عن شيخو غَته ،وإما أف تكوف منافية ْتيث يلزـ
الًتجيح بينها وبُت معارضها فيُقبل الراجح ويرد
ُ ِمن قبو٢تا ر رد الرواية األخرى ،فهذه اليت يقع
ا١ترجوح .واشتُهر عن ٚت ٍع من العلماء القوؿ بقبوؿ الزايدة ا١تطلقة من غَت تفصيل وال يتأتى
يفسروف الشذوذ
ذلك على طريق احملدثُت الذين يشًتطوف يف الصحيح أّال يكوف شاذًا ٍب ّ
ٔتخالفة الثقة َمن ىو أوثق منو" .ىذا مبحث دقيق ،ابختصار دعوًن نصيغ ىذا ا١تقطع ،يقوؿ :ىناؾ
طبعاَ -من يقبل زايدة الثقة مطل ًقا ،ركزوا معي وانظروا إذل ابن حجر كيف يرد
من ا﵀دثُت -ا١تتأخرين ً
تفسروف الشذوذ أبنو
عليهم ،يقوؿ :أنتم تقولوف إف من شروط اٟتديث الصحيح أال يكوف شاذًاٍ ،ب ّ
ٕٜٗ
٥تالفة الثقة ١تن ىو أوثق منوٍ ،ب إذا جاءتكم زايدة فيها ٥تالفة تقبلوهنا وىذا يتناقض مع شرطكم
جدا.
ابلصحةّ ،أال يكوف شا ًذا .وىذا رد ٦تتاز ً
يقوؿ" :والعجب ٦تن أغفل ذلك منهم مع اعًتافو ابشًتاط انتفاء الشذوذ يف حد اٟتديث
الصحيح وكذا اٟتسن"ٍ .ب قاؿ" :وا١تنقوؿ عن أئمة اٟتديث ا١تتقدمُت ،كعبد الرٛتن بن مهدي،
و٭تِت القطاف ،وأٛتد بن حنبل ،و٭تِت بن معُت ،وعلي بن ا١تديٍت ،والبخاري ،وأيب زرعة ،وأيب
اعتبار الًتجيح فيما يتعلق ابلزايدة وغَتىا ،وال يُعرؼ عن
ُ حاًب ،والنسائي ،والدارقطٍت وغَتىم؛
أحد منهم إطبلؽ قبوؿ الزايدة" .ىذا كبلـ ابن حجر.
ٕٓ٘
فانظر ىذا القيد مع أنو من إماـ حافظ إال أف بعض اٟتفاظ تردد فيو ،وابن رجب -رٛتو هللا -لو
كبلـ ُب ذلك عند شرح الًتمذي ،الًتمذي ذكر ىذه الزايدة قاؿ :وإ٪تا تُقبل الزايدة إذا كاف َمن ٌ
مالك،
يزيدىا مربًَّزا ُب اٟتفظ .وذكر ىذا اٟتديث كمثاؿ على الزايدة ا١تقبولة؛ ١تاذا؟ ألف الذي زادىا ٌ
ٍب ابن رجب حُت علّق على ىذا فقاؿ :القضية ليست على اإلطبلؽ ،حىت ىذه الزايدة بعض اٟتفاظ
توقف حىت راجعها .وابن رجب إبداعو ُب استخبلص نصوص ا١تتقدمُت.
"ورب حديث إ٪تا استغرب لزايدة تكوف ُب اٟتديث" ىذا من أنواع الغريب:
قاؿ الًتمذي ُب (العلل)ّ :
الزايدة ،قاؿ" :وإ٪تا يصح إذا كانت الزايدة ٦تن يعتمد على حفظو" ىذه نفس قوؿ ابن حجر ىنا:
"وإ٪تا تقبل من اٟتفاظ" ،وىنا قاؿ" :وإ٪تا يصح إذا كانت الزايدة ٦تن يعتمد على حفظو ،مثل ما
َروى مالك بن أنس عن ًنفع عن ابن عمر قاؿ" :فرض الرسوؿ زكاة الفطر من رمضاف على كل
مالك ُب ىذا
حر أو عبد ذكر أو أنثى من ا١تسلمُت صاعًا من ٘تر وصاعًا من شعَت" ،فزاد ٌ
اٟتديث" :من ا١تسلمُت" .وروى أيوب السختياين وعبيد هللا بن عمر وغَت واحد من األئمة ىذا
بعضهم عن ًنفع مثل رواية
اٟتديث عن ًنفع عن ابن عمر ،ودل يذكر فيو من ا١تسلمُت ،وقد روى ُ
مالك ٦تَن ال يُعتمد على حفظو".
ٕٔ٘
على تلك الزايدة ،وتدؿ على أف متابعة مثل العمري ١تالك ٦تا يقوي رواية مالك ويزيد عن
حديثو الشذوذ واإلنكار" .العمري فيو ضعف.
ذكر أمثلة ..قاؿ" :وأما أصحابنا الفقهاء فذكروا يف كتب أصوؿ الفقو يف ىذه ا١تسألة روايتُت عن
صا لو ابلقبوؿ مطل ًقا مع أهنم رجحوا ىذا القوؿ،
أٛتد ابلقبوؿ مطل ًقا وعدمو مطل ًقا ،ودل يذكروا ن ً
وإ٪تا اعتمدوا على كبلـ لو ال يدؿ على ذلك" .ذكر الكبلـ الذي اعتمدوا عليو وًنقشو ،وقاؿ:
"ليس ىذا من ابب زايدة الثقة".
ي شيء ينفع وغَته يرسلو" .أسنده يعٍت "وقد قاؿ أٛتد يف حديث أسنده ٛتاد بن سلمة :أ ر
دائما ُب مقابلة كلمة أرسل ،أرسل وصلو؛ وىذا اب١تناسبة من معاين أسند أو ُمسند ،أسند أتٌب ً
معروؼ ا١ترسل ،أسند أي وصل ،متصل ،وقد أتٌب أسند ُب مقابل أوقف أو وقف ،فماذا يكوف
مثبل :ىذا حديث دل يسنِ ُده ّإال فبلف
معناىا؟ ُب مقابل أرسل؛ متصل ،وُب مقابل وقف؛ رفع ،يقوؿ ً
والبقية يوقفو أو يوقفونو على فبلف.
ٕٕ٘
اشًتاؾ علم اٟتديث والعلوـ األخرى:
جدا؛ االشًتاؾ والتأثَت بُت العلوـ وكيف علم اٟتديث دخل ُب أشياء كثَتة ُب أنٌب للكبلـ ا١تهم ً
األوقات ا١تتأخرة دل تكن موجودة عند اٟتفاظ ،وذكرًن أشياء متعلقة اب١تتواتر واآلحاد ،ولكن انظر ٢تذا
ا١تبحث ،قاؿ" :وذكر اٟتاكم أف أئمة اٟتديث على أف القوؿ قوؿ األكثرين الذين أرسلوا
اٟتديث ،وىذا ٮتالف تصرفو يف ا١تستدرؾ" .ىذا اآلف نقد للحاكم ،اٟتاكم قاؿ شيئًا ُب ا١تستدرؾ،
بعض األحياف يرجح الزايدة مع أف البقية يرسلوف.
"وقد صنف يف ذلك اٟتافظ أبو بكر ا٠تطيب مصن ًفا حسنًاٝ ،تَّاه (٘تييز ا١تزيد يف متصل
وقسمو قسمُت :أحد٫تا ما حكم فيو بصحة ذكر الزايدة يف اإلسناد وتركها .والثاين:
األسانيد)َّ ،
ما حكم فيو برد الزايدة وعدـ قبو٢تاٍ ،ب إف ا٠تطيب تناقض فذكر يف كتاب الكفاية "..معروؼ
ابن
كتااب ٤تورًاي ُب اتريخ علم اٟتديث ويعتمد عليو ُ
يعد ًكتاب (الكفاية) للخطيب البغدادي؛ ُّ
كثَتا ُب ا١تقدمة ،يقوؿٍ" :ب إف ا٠تطيب تناقض فذكر يف كتاب الكفاية للناس مذاىب يف
الصبلح ً
اختبلؼ الرواة يف إرساؿ اٟتديث ووصلو ،كلرها ال تُعرؼ عن أحد من متقدمي اٟتفاظ ،إ ّ٪تا ىي
مأخوذة من كتب ا١تتكلمُت! ٍب إنو اختار -أي ا٠تطيب -أف الزايدة من الثقة تُقبَل ُمطْل ًقا كما
نصره ا١تتكلموف وكثَت من الفقهاء ،وىذا ٮتالف تصرفَو يف كتاب (٘تييز ا١تزيد) وقد عاب تصرفو
بعض ٤تدثي الفقهاء"؛ ١تاذا؟ ألف ُب ٘تييز ا١تزيد نفس طريقة ا١تتقدمُت اليت ال
يف كتاب (٘تييز ا١تزيد) ُ
تتوافق مع طريقة الفقهاء" .وطمع فيو -ىذا ا﵀دث الفقيو١ -توافقتو ٢تم يف كتاب الكفاية ،وذكر
يف الكفاية عن حكاية عن البخاري أنو ُسئِل عن حديث أيب إسحاؽ يف النكاح ببل ورل فقاؿ:
اده الزايدةُ يف ىذا
صحت -فإ٪تا مر ُ
الزايدة من الثقة مقبولة وإسرائيل ثقة ،وىذه اٟتكاية -إف ّ
قطعا أنو دل يكن يرى أف زايدة كل ثقة يف
تبُت لو ً
فمن أتمل كتاب اتريخ البخاري ّ
اٟتديث ،وإال َ
اإلسناد مقبولة".
ٖٕ٘
قوؿ البخاري والدارقطٍت يف الزايدة:
ٕٗ٘
ا١تواضع خاصة ،وىي إذا كانت ثقة ُمبَػ َّرزا يف اٟتفظ .وقاؿ الدارقطٍت يف حديث زاد يف إسناده
رجبل ،وخالفهما الثوري فلم يذكره ،قاؿ :لوال أف الثوري خالف لكاف القوؿ قوؿ
رجبلف ثقتاف؛ ً
َمن زاد فيو"ً .
طبعا ذكرت لكم ساب ًقا إذا جاء الثوري يوقفوا ا﵀ ّدثُت وكل القوانُت تسقط ..تعبَت
طبعا ،لكن إذا جاء الثوري خبلص ،اآلف انظر فخامة الثوري عند ا١تتقدمُت؛ ثقتاف وليس ٣تازي ً
واحد ،اثناف زادوا زايدة ،فجاء الدارقطٍت قاؿ :لوال أف الثوري خالفهم فلم يذكرىا لكانت الزايدة
٘تاما ،ال ،فقط ألنو دل يذكر الزايدة! ابلفعل سبحاف هللا
مقبولة! يعٍت الثوري دل ٮتالفهم بشيء مناقض ً
إذا جاء عندىم الثوري ُب رواية فالقوؿ قوؿ الثوري وال تقل رل شيئًا آخر! الثوري عندىم شيء
جدا .ومن الدقة ..ومع ذلك يوجد حاالت استثنائية خطّئوا فيها الثوري ،لكنها استثناءات عجيب ً
جدا قليلة.
ً
يقوؿ" :وىذا تصريح أبنو إ٪تا يقبل زايدة الثقة إذا دل ٮتالفو َمن ىو أحفظ منو" .قاؿ" :وأما
الزايدة يف ا١تتوف وألفاظ اٟتديثً "..
طبعا ىذه مهمة الزايدة ُب ا١تتوف وألفاظ اٟتديث؛ ألف بعض
مثبل حديث أيب موسى األشعري ا١تشهور ُب صحيح مسلم األحياف يكوف فيها زايدة أحكاـ ،يعٍت ً
اإل َماـُ لِيُػ ْؤًَبَّ بِ ِو" "..إِذَا َكبَّػ َر فَ َك ِّربُواَ ،وإِذَا
ُب زايدة ُب القراءة ُب الصبلة ،ىذا اٟتديث" :إَِّ٪تَا ُجعِل ِْ
َ
ٛت َدهُ "..إذل اَّلل لِمن َِ اؿ﴿ :وَال الضَّالُِّت﴾ فَػ ُقولُواِ :آمُت ،وإِذَا رَكع فَارَكعوا ،وإِذَا قَ َ ِ
اؿَٝ :ت َع َُّ َ ْ َ َ َ َ ْ ُ َ َ قَ َ َ
مداره على قتادة عن فبلف -نسيتو، آخره أو كما قاؿ الرسوؿ ﷺ ،ىذا اٟتديث ُرِوي من طرؽ ُ
عهدي قدًن ابإلسناد -عن أيب موسى ،فأكثر الرواة رووه على ما ذكرت ،جاء سليماف التيمي فرواه
عن قتادة وزاد زايدة ،لفظ ُب ا١تنت" :وإذا قرأ فانصتوا" ،وىذه الزايدة اعتمد عليها ٚتاعةٌ أو طائفةٌ
طبعا ىذا اٟتديث سياقو يشعر بقوة من الفقهاء ُب أف ا١تأموـ ال يقرأ الفاٖتة خلف اإلماـً ،
كرب فكربوا االستدالؿ؛ ألنو أتى أبفعاؿ الصبلة وعلقها بقضية اإلماـ "إ٪تا ُجعل اإلماـ ليُؤًب بو فإذا ّ
وإذا قرأ فانصتوا ،وإذا قرأ اٟتمد ﵁ رب العا١تُت فقاؿ وال الضالُت فقولوا :آمُت؛ يسم ِع هللا لكم".
مأموما فإنو ال يقرأ الفاٖتة .وابن تيمية يرجح أنو ما ِ
فسياؽ اٟتديث يُشعر أنو ابلفعل إذا كاف ا١تصلي ً
جدا أظنو تناوؿ مسألة :قراءة الفاٖتة خلف يقرأ ُب اٞتهرية مثل قوؿ مالك ،وتكلم ُب صفحات كثَتة ً
اإلماـُ ،ب الفتاوى ٓٗ أو ٓ ٙصفحة! ابن تيمية إذا تكلم ُب الفقو تقوؿ إنو ما ٭تسن إال الفقو!
ٕ٘٘
كثَتا عن ىذه الزايدة وحاوؿ أف
عجيب ،وإذا تكلم ُب الفلسفة وإذا تكلم ُب العقيدة ..ا١تهم تكلم ً
بعض اٟتفاظ ا١تتقدمُت الكبار من مبدأ زايدةطبعا ىذه الزايدة أعلَّها ُ
يثبت أهنا زايدة ليست شاذةً ،
الثقة وأهنا ليست مقبولة ىنا؛ ألف اٟت ّفاظ الرواة اآلخرين ٢تذا اٟتديث دل يذكروه ،الحظوا ما وجو
التعليل ،ىنا ما ذكرىا ،لكن عندًن ٚتاعة من اٟتفاظ الكبار أعلُّوا ىذه الزايدة.
ىذا (العلل) البن أيب حاًب ،وميزة ىذه الطبعة أف ا﵀ققُت ملئوىا ابلنُّقوؿ عن نصوص ا١تتقدمُت من
جدا .على كل حاؿ ىذه الزايدة أعلَّها غَت و ٍ
احد ،منهم :أبو الكتب األخرى وفيها فهارس دقيقة ً
ُ
أيضا أعلَّها ُ
أحد الرازيُت أبو زرعة أو أبو حاًب. داود -رٛتو هللا -والدارقطٍت ،وأظن ً
نعود ،يقوؿ" :فأما الزايدة يف ا١تتوف وألفاظ اٟتديث فأبو داود -رٛتو هللا -يف كتاب السنن أكثر
عتٍت بو ِّ
الناس اعتناءً بذلك ،وىو ٦تا يَ ِ
ث الفقهاء"ً .
طبعا أنتم تعرفوف أف كتاب أيب داود أصل ٤تد ُ
وجوده ويق رل يف أىل الصنعة من ٭تفظو -الذي
ُب األحاديث الفقهية" .قاؿ اٟتاكم :ىذا ٦تا يعز ُ
٘تييز الزايدات ُب ا١تتوف وىكذا -وقد كاف أبو بكر بن زايد ينسبو لفقيو يذكر بذلك ،وأبو نعيم
ىو ُ
عبد ا١تلك بن دمحم بن عدي اٞترجاين ٓتراساف ،وبعدىم شيخنا أبو الوليد "..إخل" .وذكر اٟتاكم
"سألت
ُ لذلك أمثلة ،منها :حديث الوليد بن العيزار عن أيب عمرو الشيباين عن ابن مسعود قاؿ:
النيب ﷺ :أي العمل أفةضل؟ قاؿ" :الصبلة ألوؿ وقتها" .وقاؿ :ىذه الزايدة دل يذكرىا غَت بُندار
َّ
واٟتسن بن مكرـ ،و٫تا ثقتاف عن عثماف بن عمر عن مالك بن مغوؿ عن الوليد بن عزار عن
أيب عمر الشيباين ،وقاؿ الدارقطٍت :ما رأيت أحفظ من أيب بكر بن زايد كاف يعرؼ زايدات
طهورا" ىذه ً
أيضا من الزايدات، "وجعلت تربتها لنا ً األلفاظ يف ا١تتوف .قاؿ :وكنا يف ٣تلس "..إخلُ .
التيمم ال يكوف إال ابلًتاب وليس ٔتطلق الصعيد١ ،تاذا؟ قالوا:
َ وىي زايدة يستدلوف فيها على أف
وجعلت تربتها» ،لكن ىل ىذه الزايدة ٤تفوظة أو ليست ٤تفوظة؟
« ُ
أيضا الزايدة اليت ُب التشهد «بسم هللا» ،ىذه من األمثلة الواضحة
طبعا ابن رجب ىذا ْتر ..وذكر ً
ً
ُب الشذوذ ُب الزايدة ،أهنم كلهم رووىا على لفظ :التحيات ﵁ ،وكذا ،وجاء أٯتن بن ًنبل رواىا
ٕ٘ٙ
«بسم هللا التحيات ﵁» ،فزايدة «بسم هللا» ىنا شاذة ،أو غَت ٤تفوظة ،أو ضعيفة ،أو منكرة؛ كلها
كل ٍ
حاؿ ،ىذا كبلـ ابن رجب -رٛتو هللا.- مقبولة .على ِّ
دائما جدا ُب موضوع الزايدات ،وقسمها ،وعلى ِ ٍ
كل حاؿ أًن أنصح ً ّ ّ ٚتيبل ً
كبلما ً
من الذين تكلموا ً
أكثر تراثِو ُم َس َّج ٌل صوتيًا ،أال وىو
مكتوب و ُ
ٌ اث
ابالطبلع على كبلمو ،ىي ا١تشكلة أنو دل يكن لو تر ٌ
الشيخ عبد هللا السعد ،لكن اآلف جاء اٞتديد ىذا كتاب (كيف تكوف ٤تد ًاث؟) ثبلثة أجزاء ،وأًن
جدا بكبلـ ا١تتقدمُت. جدا ابلتطبيقات والتقسيمات ،والرجل مطلع ً جدا ،الكتاب مليء ً أنصح بو ً
ٚتيبل ،وحىت الزايدة ..ذكر أف من تقسيما ً
ً قسمها
ٝتعت لو ساب ًقا ُب إحدى الشروحات كاف ّ أذكر ُ
أحياًن تكوف زايدة من رجل فيو نوع األشياء اليت تُػ َع ُّل بسبب الزايدة وإف دل تكن حىت من ثقة -و ً
ا١تخرج ٥تتلف،
ضعف لكن ىذا ٦تا يزيدىا ضعفا -زايدة «بسم هللا» ُب حديث الوضوء ،مع أف َ
ليست زايدة ُب نفس ا١تنت ىذا ،يعٍت ليس رواة اجتمعوا على رواية حديث وواحد منهم زاد ،ال ،وإ٪تا
يقوؿ :األحاديث ليس فيها «بسم هللا» ،فهذا زاد مع أنو حديث آخر ،فأدرج ىذا ُب قضية
الزايدات؛ وىذه دقة.
الشاىد من الكبلـ :أف ابب زايدة الثقة ..حقيقة دل نستوعب ،لكن لعلو خبلصة ،أف نذكر أف من
أىم القضااي ُب ابب زايدة الثقة :الزايدة ُب األسانيد ،االختبلؼ ُب الوصل واإلرساؿ ،والرفع والوقف،
وأف عمدة كبلـ اٟتفاظ ا١تتقدمُت ُب ىذا الباب يدور على ليس الرفض ا١تطلق وال القبوؿ ا١تطلق؛
وإ٪تا النظر ُب القرائن ا﵀يطة ابلرواية ،فقد يقبلوف الروايةَ وقد يردوهنا ْتسب القرائن ا﵀يطة ،والزايدة ُب
ا١تنت -كما قاؿ اٟت ّفاظ -إ٪تا تُقبل إذا كانت من ُمربٍز ُب اٟتفظ ،كمالك ،والزىري ،و٨توىم .وىذه
كلُّها من األشياء اليت فيها اختبلؼ واالختبلؼ الذي فيها يؤثر عمليًا وليس فقط يؤثر ُب القوؿ.
وهتاوف بعض ا﵀دثُت -بعض ا١تعتنيُت ابٟتديث من ا١تتأخرين -التهاوف ُب ىذا الباب أو اختبلؼ
وجهة النظر ُب ىذا الباب ٬تب أف يكوف ُب اٟتسباف عند من ينظر ُب اٟتديث ،وىذه من األشياء
قلت ٢تم إنو
دائما ٘تر ،تقرأ ُب حديث يًتجح لك أنو معلوؿ ابلوقف أو معلوؿ ابإلرساؿ ،فإذا َ اليت ً
وقفت عليو ألحد اٟتفاظ -مثبل يقوؿ لك :صححو فبلف أو حسنو فبلف! ومن أعجب ما ُ معلوؿ ً
ليس من ا١تعاصرين إ٪تا قبل مدة ،لكنو يعترب ُب العصور ا١تتأخرة-أحد ا﵀دثُت ،ىو فقيو و٤تدث
ٕ٘ٚ
وأصورل ،كاف يشرح حديثًا وذكر االختبلؼ فيو ُب الوصل واإلرساؿ ،فقاؿ :الراجح ا١توصوؿ؛ ألنو
رجح ا١توصوؿ
زايدة من ثقة ويعضده ا١ترسلُ ،ب نفس اٟتديث ،االختبلؼ ُب الوصل واإلرساؿ؛ ّ
ويقوؿ ا١ترسل يعضده! كأنو يقوؿ أنو ُرِوي من وجهُت ،موصوؿ وا١ترسل يعضده! بينما كاف اٟتفاظ
ينظروف أف ىذا اختبلفًا ،إما ىذا وإما ىذا ،وليست القضية قضية أف ىذا يعضد ىذا ،وىذا من
كل ٍ
حاؿ. االختبلؼ ا١تؤثر على ِّ
كل َمن شرح أحاديثأيضا ُب بعض كتب شروح األحاديث ،ألنو كما تعلموف ليس ُّ والتأثَت يظهر ً
مطلعا بعلم اٟتديث ،وإ٪تا قد يشرح أحاديث األحكاـ وىو فقيو يغلب عليو األحكاـ يكوف ٤تد ًاث ً
الفقو والصنعة الفقهية ،فقد ال ٕتده مدق ًقا ُب األلفاظ من ًنحية الزايدة وعدـ الزايدة ،أو حىت نفس
اٟتديث أصلو؛ فهذا اختبلؼ مؤثّر .إذف ضبط ىذا الباب من أىم األمور لدارس علم اٟتديث،
«ابب زايدة الثقات» .والكبلـ الذي ذكرًنه ُب الدرس السابق عن (شرح علل الًتمذي) البن رجب،
تذكروف عندما تكلم عن الرواة أهنم على قسمُت :اٞترح والتعديل ،ثقة وغَت ثقة ،يقوؿ ىذا موجود ُب
ومن يق ّدـ قولو عند االختبلؼ؛ يقوؿ ىذاكل الكتب .القسم الثاين :الكبلـ على مراتب الثقاتَ ،
النظر ُب (شرح علل الًتمذي) القسم الثاين..
مدخل علم اٟتديث .فمدخل فهم ىذا الباب ىو ُ
َّـ قولُو عند االختبلؼ؛ فهذا ابب من أدؽ األبواب ومن الذي يُقد ُعندما تنظر ُب مراتب الثقات َ
وأ٫تها وأغمضها.
وصل اللهم على رسوؿ هللا. اٟتمد ﵁ ِّ
رب العا١تُتِّ ، و ُ
ٕ٘ٛ
احملاضرة السادسة عشر:
ا١تقدمة:
كثَتا طيّػبًا مبارًكا فيو كما ٭تب ربنا تبارؾ وتعاذل ويرضى ،اللهم لك اٟتمد
ٛتدا ًرب العا١تُت ً اٟتمد ﵁ ّ
صل وسلم وابرؾ على عبدؾ ورسولك دمحم، أنت كما أثنيت على نفسك ،اللهم ِّ ال ٨تصي ثناءً عليك َ
اللهم ال علم لنا إال ما علمتنا إنك أنت العليم اٟتكيم ،اللهم علّمنا ما ينفعنا وانفعنا ٔتا علّمتنا وزدًن
علما.
ً
ا١تطولة؛ ألين شرحت (النزىة) أكثر من مرةىذا استئناؼ لدروس شرح (نزىة النظر) وىذه النسخة ّ
ا١تطولة دل تكتمل بعد ،وكاف آخر مقطع فيها قبل أربع ٯتكن ثبلث مرات؛ مراتف اكتملتا ومرة ىي ّ
أقل من نصف درسا وكاف الوصوؿ إذل ّ سنوات ،واآلف استئناؼ من جديد ،وصلنا فيها ٜتسة عشر ً
ضاؼ إليو ُب اليوتيوب إبذف هللا ونرجو من هللا ا١تطوؿ ْتيث أنو يُ َ
الكتاب ،وىذا استئناؼ للشرح ّ
كامبل إف شاء هللا .وُب اٟتقيقة ىذا الشرح للمهتم ابلناحية
يتمم لنا فيكوف الشرح ً
سبحانو وتعاذل أف ّ
اٟتديثية ،ابلنسبة ١تا ق ّدمت من مواد حديثية أعدُّه من أىم ا١تواد ،وذلك ألف اإلنساف مطلِق العناف
فيو لبلستطراد وللتفصيل وليس ا١تبلحقة فيو لفكرة االنتهاء سر ًيعا واالختصار ،خاصةً وأف ىذه
القضية تبلورت أثناء الشرح ،يعٍت ٯتكن أوؿ ما بدأت الشرح دل يكن هبذا االمتداد.
زايدة الراوي:
ٕٜ٘
ِ
يقاؿ لو :احملفوظ"ً .
طبعا عبارة ابن حجر دقيقة ومركزة اجح ُغ َِت ذلك من وجوه الًتجيحات فالر ُ
فركزوا فيها.
يقوؿ رٛتو هللا تعاذل" :وزايدة راويهما مقبولة ما دل تقع منافية ١تن ىو أوثق" ،اآلف ىذه ً
أيضا فيها
لشيء ٍ ٍ
طبعا من السياؽ واضح سابق" ،وزايدة راويهما" راوي ماذا؟ الزـ ترجع ١تا قبل ً
أيضاً ، إحالة
أنو يقصد الصحيح واٟتسن ،زايدة راوي اٟتديث الصحيح واٟتسن ،لكن انظروا اآلف االتّصاؿ؛ قاؿ:
اجح" ،من الذي
أبرجح فالر ُ
َ "وزايدة راويهما مقبولة ما دل تقع منافيةً ١تن ىو أوثق ،فإف خولف
خولف؟ راوي اٟتديث الصحيح أو اٟتسن .لو رجعت لػ(النزىة) حىت تصل للعبارة السابقة اليت ىي:
"وزايدة راويهما مقبولة" ،فيها ع ّدة صفحات واإلنساف ٦تكن ما يشعر مع السياؽ .إذف ىذا فقط
تعريف سريع حىت نكوف مع السياؽ.
يد ٍ
ضبط أو كثرة ٍ
عدد أو غَت ذلك من وجوه الًتجيحات؛ يقوؿ" :فإف خولف أبرجح منو ١تز ِ
اجح يقاؿ لو :احملفوظ ومقابلو وىو ا١ترجوح يقاؿ لو :الشاذّ.
فالر ُ
مثاؿ على الشاذ:
مثاؿ ذلك :ما رواه الًتمذي والنسائي وابن ماجة من طريق ابن عيينة ،عن عمرو بن دينار ،عن
واراث إال موذل ىو أعتقو..
رجبل تويف على عهد النيب ﷺ ودل يدع ً َع ْو َس َجة ،عن ابن عباس :أف ً
يج وغَته ،وخالفهم ٛتّاد بن زيد فرواه عن عمرو بن ابن جر ٍ
اٟتديث .واتبع ابن عيينةَ على وصلة ُ
عوسجة ،ودل يذكر ابن عباس .قاؿ أبو حاًب :احملفوظ حديث اب ِن عُيينة .انتهى" .اآلف
َ دينار ،عن
ٕٓٙ
كامبل إف شاء هللا ،لكن رّكزوا ألنٍت لن أرجع لؤللفاظ
تتمة الكبلـ ٍب أعود ألشرح الكبلـ ً
سأقرأ ّ
نفسها.
اصطبلحا:
ً تعريف الشاذ
عددا رجح أبو ٍ
حاًب روايةَ من ىم أكثُػ ُر ً قاؿ" :فحماد بن ز ٍ
يد من أىل العدالة والةضبط ومع ذلك َّ
ا١تقبوؿ ٥تال ًفا ١تن ىو أوذل منو ،وىذا ىو ا١تعتمد
ُ منو .وعُرؼ من ىذا التقرير أف الشاذ ما رواه
يف تعريف الشاذ ْتسب االصطبلح".
"وإف وقعت ا١تخالفةُ مع الةضعف" الكبلـ اآلف ضد ا١تخالفة من ا١تقبوؿ ألنو قبل قليل قاؿ :ما رواه
ا١تقبوؿ ٥تال ًفا؛ واآلف يقوؿ :فإف وقعت ا١تخالفة مع الضعف ،أي الذي خالف نفسو ىو ضعيف
"فالراجح يقاؿ لو ا١تعروؼ ،ومقابلو يقاؿ لو ا١تنكر".
ٕٕٙ
تنبيو واستطراد بشأف استعماؿ ا١تصطلحات اٟتديثية:
اآلف سنأخذ أمثلة على تقريرات ُب ىذا اجملاؿ تدؿ على أف استعماؿ ا١تنكر والشاذ فيها َس َعة أكثر
من ىذا اٟتصر ا١تذكور قبل قليل.
ا٠تليلي:
ّ الشاذ عند
مثبل ا٠تليلي -رٛتو هللا تعاذل -صاحب (اإلرشاد) يقوؿ" :الذي عليو ح ّفاظ اٟتديث أف الشاذَّ عندًن ً
ّ
أصبل ال توجد ٥تالفة بغض النظرإسناد واح ٌد" ،أصبح اآلف اإلشكاؿ واالختبلؼ أنو ً ما ليس لو إال ٌ
ا٠تليلي استحضر التعريف الذي يقوؿ أ ّف فيو ٥تالفةً ،فقاؿ:
ّ ىل الذي خالف ضعيف أو ثقة ،بل
شيخ ثقةً ليس الشاذّ من اٟتديث ىو أف ٮتالِف كذا كذاَّ ،
وإ٪تا ما ليس لو إال إسناد واحد يش ّذ بو ٌ
ثقة ،فإف كاف ثقة فيُػتَوقّف فيو وإف كاف غَت ثقة فمردود ،وىذا التقرير شرحو ابن رجب كاف أو غَت ٍ
َ
ا٠تليلي.
ّ شرحا وافيًا .ىذا اآلف تقرير
ُب شرح العلل ً
الشاذ عند اٟتاكم:
أيضا لو تقرير يقوؿ" :الشاذّ غَت ا١تعلوؿ ،فإف ا١تعلوؿ ما يوقَف على علّتو أنو دخل حديثًا ُب
اٟتاكم ً
ينفرد بو ثقةٌ من الثقات ،وليس للحديث أصل متابِ ٌع ِ ٍ
حديث أو وىم فيو را ٍو ،أما الشاذ فإنو حديث ُ
لذلك الثقة" .واضح اآلف التقرير؟ أصبح ىناؾ اختبلؼ بُت وبُت..
ٖٕٙ
الشاذ عند ابن الصبلح:
اٝتعوا ماذا قاؿ ابن الصبلح -اآلف ىذا كلو فقط ُب تقرير االصطبلح ،ماذا يطلق عليو كمصطلح:-
الفرد ا١تخالِف ،والثاين :الفرد
اٟتديث ُ
ُ "فخرج من ذلك أف الشاذّ ا١تردود قسماف ،أحد٫تا:
جابرا ١تا يوجبو التفرد والشذوذ والنكارة من ِ ِ
يقع ًالذي ليس يف راويو من الثقة والةضبط ما ُ
الةضعف ،وهللا أعلم" .واضح أنو ذكر القسمُت؟ يقوؿ :خرج من ذلك -خبلصة الكبلـ -أف الشاذ
ا١تردود قسماف:
ٔ) أحد٫تا :الفرد ا١تخالف ،وىذا واضح ،ىذا ا١تعٌت ا١تشهور.
جابرا ١تا يوجبو
ٕ) والثاين :الفرد الذي ليس يف راويو -الذي تفرد بو -من الثقة والةضبط ما يقع ً
التفرد والشذوذ من النكارة والةضعف.
يعٍت يقوؿ :أف التفرد حالة من الضعف ،ليس الضعف الذي يُ ّرد بو اٟتديث ،ال ،حالة ضعف مقابل
القوة اليت ىي ا١تؤازرة والتعدد ،فالتفرد حالة ضعف ،إذا كاف الراوي ليس فيو من الصفات ما ٬ترب
حالة الضعف ا١تتمثلة ُب التفرد َٝتّى ىذا شا ًذا .مرة أخرى العبارة "والثاين :الفرد الذي ليس يف راويو
جابرا ١تا يوجبو التفرد والشذوذ من النكارة والةضعف".
من الثقة والةضبط ما يقع ً
ا١تنكر عند ابن الصبلح:
سوى بينهما" -أتى للمنكر قاؿ:
ٍب أتى للمنكر -و٨تن نستحضر عبارة ابن حجر" :وقد غفل من ّ
التفصيل الذي بينَّاه آن ًفا يف شرح الشاذ -اليت ىي النوعُت -وعند ىذا نقوؿ:
ُ "والصواب فيو
ا١تنكر ينقسم قسمُت على ما ذكرانه يف الشاذ فإنو ٔتعناهُ" ،أي َّ
سوى بينهما .ويوجد عبارات
أيضا ُب ىذا ا١تعٌت ويوجد من ذىب -وخاصة من ا١تتأخرين بعد ابن حجر -إذل ما ذىب إليو أخرى ً
ابن حجر :أف ا١تنكر والشاذ ٥تتلفاف ،وأف ىذا يطلق على كذا وىذا يطلق على كذا.
ٕ٘ٙ
مثلو من غَت شذوذ وال علةّ ،ىذه شروط ٜتسة ّأوُ٢تا اتصاؿ اإلسناد ،الًتمذي وبكل ٚتاؿ وأًنقة
ٔتتصل! أو يقوؿ لك :حسنو الًتمذي وىو كما قاؿ ،أوّ يقوؿ لك :ىذا حديث حسن وليس إسناده
حسنو الًتمذي وليس كما قاؿ ،ال يوجد إشكاؿ إذا كنت مستوعبًا حقيقة اٟتسن عند الًتمذي.
الذي يهمنا اآلف حُت يقوؿ الًتمذي يف اٟتسن :وأال يكوف شاذًا ،ما الذي يقصده ابلشاذ؟ ً
أوال
أنخذ جسر تفسَتي من عند ابن رجب ،ابن رجب ١تا شرح ىذا الكبلـ قاؿ" :واألقرب أنو يقصد
ّ
ابلشاذ ما قصده الشافعي" ،والشافعي يقوؿ :أف ٮتالف الثقة من ىو أوثق منو ،وىو ا١تعٌت الذي
ذكره ابن حجر ،لكن ابن رجب قصد معٌت ا١تخالفة ،فهل ابلةضرورة أف يكوف اٟتديث الشاذ عند
الًتمذي :أف الذي ٮتالف يكوف ثقة؟ ال ،ليش؟ ألف اٟتسن ً
أصبل ال يُشًتط فيو أف يكوف الراوي
ثقة وابلتارل ّأال يكوف شاذًا ،يعٍت أف يكوف من رواة اٟتديث اٟتسن وأف ال يكوف شاذًا ،أي ال
عموما ىذه قصة أخرى.
ٮتالف من ىو أوثق منو ،وأف ال يكوف خطأً .
الفائدة ا١تنهجية كما ذكرت ىي :أف ا١تصطلحات اٟتديثية قد مرت بتطورات ّ
ومرت بطبيعة تعامل
معينة ،وكثَت من دارسي علم اٟتديث ال يفطنوف إذل اإلشكاالت ا١تتعلقة اب١تصطلحات ،وأيخذوف
أحكاما ُب الصحة ،أو الضعف ،أو التوثيق ،أو االستدراؾ ،أو
ً تفسَتات ٥تتزلة ويبنوف عليها
جيدا لنفس ا١تصطلح.
التعقيب ،أو ا١توافقة ،وال يكوف التحرير ً
وبعد ذلك كلو؛ ما ىو الشاذ وما ىو ا١تنكر؟ قبل اٞتواب البد أف نذكر قضية أخرى وىي :ىل ىناؾ
أصبل تساوي بُت الشاذ وا١تنكر من حيث كثرة االستعماؿ عند احملدثُت؟ يعٍت أي ا١تصطلحُت
ً
إٟتاحا يف فهمو وإدراؾ حقيقتو وأبعاده وتصرفات احملدثُت فيو؟ ىل الشاذ أـ ا١تنكر أـ
أكثر ً
كبل٫تا؟
ٔ) الشاذ قنبلة ُب كتب ا١تصطلح وا٠تبلفات ُب تعريفو كثَتة ،ومؤداىا إذل قولُت؛ بينما ىو على
جدا ،وابلتارل االستهبلؾ النظري الطويل ُب ٖترير
جدا ً
أرض الواقع وُب االستعماؿ اٟتديثي قليل ً
مصطلح الشاذ مع ٘تثبلتو ا١توجودة ُب كتب اٟتديث؛ النسبة فيها اختبلؿ.
ٕٙٙ
ٕ) بينما ا١تنكر إذا قرأت ُب كتب العلل ٯتكن أكثر مصطلح تصطدـ بو وأنت تقرأ ىو :منكر ،وبناءً
على ذلك -وىذا من ضرورة الفهم لقضية ا١تصطلحات ،ومن القضااي ا١تنهجية٬ -تب أف تُعطى
ا١تصطلحات قدرىا وميزاهنا بقدر وجودىا ُب التطبيق العملي للمحدثُتْ ،تيث ال تقع اإلشكالية ُب
االستهبلؾ النظري؛ ألف علم اٟتديث ُب األساس علم تطبيقي واستُنتج منو النظري.
إذف ا٠تبلصة:
ما ىو الشاذ ،وما ىو ا١تنكر؟
كثَتا -ىو ُب أساسو :وصف أو تعبَت عما يقع ُب نفس ا﵀دث أو ابلنسبة للمنكر -الذي استعمل ً
الناقد من استنكار صورة من صور ا٠تطأ أو الوىم أو اإلشكاؿ ا١توجودة ُب الرواية؛ فيعرب عنها بلفظ
النكارة .وىذه الصور متعددة وليست منحصرة ُب واحدة أو اثنتُت ،وحُت نقوؿ أف ا١تنكر ىو :ما
جدا .حسنًا السؤاؿ :ىل ما خالف فيو الضعيف خالف فيو الضعيف الثقة فقط؛ فهذا إشكاؿ كبَت ً
منكرا؟ منكر ،ىل ىو فقط؟ ال ،يوجد أمثلة كثَتة عند ا﵀دثُت ُب إطبلؽ ا١تنكر الثقة منكر أـ ليس ً
على غَت ما خالف فيو الضعيف الثقة ،وأحياًن ُب بعض كتب ا١تصطلح ٕتد أكثر من تعريف للمنكر
مثبل ُب (ا١توقظة) قاؿ" :ا١تنكر :ما انفرد بو الراوي
وليس منها :ما خالف فيو الضعيف الثقة .الذىيب ً
منكرا" ،نقطة وانتهى ا١تنكر! أعاده كلو ١تعٌت التفرد. الضعيف ،وقد يُ ُّ
عد مفرد الصدوؽ ً
مثاال :قاؿ
إذف ا١تنكر ىو تعبَت من ا﵀دث عما يقع ُب نفسو من استنكار رواية معينة ،سأعطيكم ً
مطرؼ ،عن زيد بن أسلم ،عن ابن أيب حاًب الرازي" :سألت أيب عن حديث رواه أبو غساف ،دمحم بن ّ
عطاء بن يسار ،عن عبادة بن الصامت ،عن النيب ﷺ قاؿ" :من صلى الصلوات ا٠تمس فأًب
ركوعها كاف لو عند هللا عهد أالّ يعذبو "..اٟتديث .قاؿ أيبٝ :تعت ىذا اٟتديث عن عبادة منذ
حُت وكنت أنكره -ىذه فكرة االستنكار كخبَت كمتخصص وكناقد -ودل أفهم عورتو حىت رأيتو
اآلف" .تذكروف ١تا ذكرًن مثاؿ أف أبو زرعة ُسئل عن حديث فقاؿ :منكر ،فقاؿ لو :تعرؼ لو علة،
إسنادا آخر خالف فيو ىذا الراوي من ىو ..ىذا معناه:
قاؿ :ال ،ما معٌت :تعرؼ لو علة؟ أي تعرؼ ً
أين دل أفهم عورتو؛ أي أين ٔتجرد رؤييت ٢تذا اإلسناد -الذي ىو ثقة عن ثقة عن ثقة -أًن مستنكره،
ودل أفهم عورتو عٍت ما جاءين طريق آخر لنفس اٟتديث يكشف رل عن وجو ا٠تطأ ُب ىذا اإلسناد.
ٕٙٚ
"حدثنا أبو صاحل عن الليث ،عن ىشاـ بن سعد ،عن زيد بن أسلم -صار ا١تدار ىنا زيد بن أسلم،
مطرؼ واآلف ىشاـ بن سعد -عن دمحم بن ٭تِت بن حباف ،عن ابن ٤تَتيز ،عن عبادة األوؿ دمحم بن ّ
مطرؼ دل يضبط ىذا اٟتديث، قاؿ ٝتعت النيب ﷺ يقوؿ..؛ فعلمت أف الصحيح ىذا وأف دمحم بن ّ
مطرؼ ثقةً" .ىنا فلسفة ا﵀دثُت ،مع أنو مثاؿ بسيط .ىو اآلف أنكر اٟتديث ،السؤاؿ: وكاف دمحم بن ّ
إذا دل ٬تد اإلسناد اآلخر ماذا ٯتكن أف يعرب عن األوؿ؟ ٦تكن أف يقوؿ منكر ْتسب مستوى النكارة،
تبُت لو وجو يكشف لو عن مستوى النكارة٦ ،تكن أف يقوؿ منكر ،كما قاؿ أبو يعٍت إذا ّ
تفرد بو بقيّة بن الوليد عن عبيد هللا بن عمر العمري عن ًنفع عن ابنزرعة" :منكر" ُب حديث ّ
عمر ،عبيد هللا عن ًنفع عن ابن عمر إسناد ذىيب ،مدين ،تفرد بو بقيّة وىو شامي ،ورواية بقيّة عن
اَّلل ،وعبيد هللا عنده أصحاب كثر؛ ىذا اآلف مستوى وتفرد عن عبيد َّ
غَت الشاميُت فيها ضعفّ ،
٬تعلك تقوؿ منكر ،وابلتارل جزـ أبو زرعة فقاؿ :منكر وانتهى ،دل يقل :أستنكره ،قاؿ :منكر،
واضح ،جاء ابن أيب حاًب قاؿ لو :تعرؼ لو علة؟ يعٍت ىل عندؾ مستند من طر ٍيق آخر يرويو را ٍو
آخ ٍر عن عبيد هللا خالف فيو بقيّة ،فكشف لك عن عورة اٟتديث األوؿ؟ قاؿ :ال ،إذل اآلف دل أقف
تفرد بقيّة
آخرا أو دل أجد ٣ترد ّ
على حديث آخر يُبُت رل أف بقيّة أخطأ ،ولكن سواءً وجدت حديثًا ً
عن عبيد هللا بن عمر هبذا اإلسناد ىذا منكر.
نعود إذل كبلـ اٟتاكم ُب الشاذ قاؿ" :الشاذ غَت ا١تعلوؿ ،فإف ا١تعلوؿ ما يُوقَف على علتو" ،ارجع
أليب حاًب ،ماذا سأؿ أاب زرعة؟ قاؿ :تعرؼ لو علّة؟ قاؿ" :الشاذ غَت ا١تعلوؿ ،فإف ا١تعلوؿ ما يُوقَف
على علتو أنو دخل حديث ُب حديث ،أو وىم فيو را ٍو أو "..وذكر بعض الصور األخرىٍ ،ب قاؿ:
متابع لذلك الثقة" .واضح
أصل ٌ "أما الشاذ فإنو حديث ينفرد بو ثقة من الثقات ،وليس للحديث ٌ
كنت أنكره ،ودل أفهم عورتو
الفرؽ بُت اٟتالُت؟ ىنا اآلف ُب ا١تثاؿ الذي قبل قليل أبو حاًب يقوؿُ :
حىت اآلف .وذكر رواية ىشاـ بن سعد عن زيد بن أسلم عن دمحم بن ٭تِت بن حبّاف عن ابن ٤تَتيز عن
رجح أبو حاًب الرواية الثانية؟ أًن ١تاذا قلت لكم أف ىذا اٟتديث ُب
عبادة ٝتعت النيب ﷺ١ ،تاذا ّ
رجح أبو حاًب روايتو ليس
تطبيقات متعددة؟ ألكم ستفاجؤوف إف قلت لكم إف ىشاـ بن سعد الذي ّ
مطرؼ ثقة ،ومع ذلك استنكر روايتوٍ ،ب أيٌب للثاين ىشاـ بن
بذاؾ ،فيو ضعف! ىو يقوؿ إف دمحم بن ّ
ٕٙٛ
سعد الذي فيو ضعف فيقوؿ نعم ىذا ىو اإلسناد! دمحم بن مطرؼ ِ
وىم وكاف ثقةً .حلوىا اآلف.. ّ
متفردا وىشاـ بن سعد جاء ورواه على وجو
مطرؼ كاف ً ١تاذا؟ ٨تن ما عندًن معطى إال أف دمحم بن ّ
فرجح وجو ىشاـ ،دعوين اقرأ من ىو ىشاـ بن سعد ،الذي جاء أبو حاًب الرازي وعنده تشدد
آخر ّ
فرجح روايتو؛ ىو ليس مًتوًكا ،وليس شديد الضعف ،فيو ضعف.
ّ
ىشاـ
ُب كتاب (هتذيب التهذيب)" :ىشاـ بن سعيد ا١تدين .قاؿ أبو حاًب الرازي عن أٛتد :دل يكن ٌ
ابٟتافظ .قاؿ عبد هللا بن أٛتد عن أبيو :ىشاـ بن سعد كاف كذا وكذا ،وكاف ٭تي بن سعيد ال يروي
ضعيف،
ٌ يرض ْو أٛتد .وقاؿ ابن معُت:
عنو .قاؿ أٛتد :ليس ىو ٤تكم اٟتديث .وقاؿ حرب :دل َ
إرل منو .وقاؿ ابن معُت :صاحل ،وليس ٔتًتوؾ اٟتديث .وقاؿ ابن معُت ُ-بوداوود بن قيس أحب ّ
رواية أخرى :-ليس بذاؾ القوي .وقاؿ ُب رواية رابعة :ليس بشيء ،كاف ٭تِت بن سعيد ال ٭ت ّدث
سهل ُب األلفاظ -وقاؿ أبو زرعة٤ :تلو
عنو .قاؿ العجلي :جائز اٟتديث ،حسن اٟتديث -العجلي ٌ
إرل من ابن إسحاؽ .وقاؿ أبو حاًب الرازي :يُكتب الصدؽ -ىذه أدىن من صدوؽ -وىو أحب ّ
حديثو ،وال ٭تتج بو ىو ودمحم بن إسحاؽ عندي واحد .وقاؿ النَسائي :ضعيف ،وقاؿ َمّرًة :ليس
عدي أحاديث متعددةٍ ،ب قاؿ :ومع ضعفو يُكتب حديثو .وقاؿ ابن ّ ابلقوي .وروى لو ابن
طبعا -وعلي بن ا١تديٍت قاؿ:
سعد :كاف كثَت اٟتديث يُستَضعف ،وكاف متشيّػ ًعا -التشيع السابق ً
صاحل وليس ابلقوي .الساجي قاؿ :صدوؽ "..إذل آخره.
مطرؼ الذي خالفو" :دمحم بن مطرؼ بن داوود أبو غساف ،من رجاؿ الكتب سنذىب إذل دمحم بن ّ
أيضا :ال أبس بو ،ذكره الستة .قاؿ أٛتد وأبو حاًب واٞتوزجاين ويعقوب بن شيبة :ثقةٌ .قاؿ أبو حاًب ً
ثبت .وقاؿ ابن معُت ُ-ب رواية أخرى :-ثقةٌ. شيخ ،ثقةٌٌ ،
أٛتد فجعل يثٍت عليو .قاؿ ابن معُتٌ :
وقاؿ ابن معُت :أرجو أف يكوف ثقةٌ .وقاؿ ُب رواية رابعة :ليس بو أبس .وكذا قاؿ أبو داوود
شيخا صاٟتا .وذكره ابن حباف ُب الثقات وقاؿ :يػُ ْغ ِرب" .إذل آخره.
والنَسائي ،وقاؿ ابن ا١تثٌت :كاف ً
ٕٜٙ
اآلف كيف ٖتل ىذه؟ ىم اتفقوا ُب زيد بن أسلمٍ ،ب كل واحد ذىب لوادي ،ذاؾ عن زيد بن أسلم
عن عطاء بن يسار عن عبادة ،وذاؾ عن زيد بن أسلم عن دمحم بن ٭تِت بن حبّاف عن ٤تَتيز عن
عبادة ،ىذا إسناد وىذا إسناد.
أحدا أثبت ُب عطاء بن
زيد أكثر إنساف -فيما أعلم -يروي عنو ُب الوجود عطاء بن يسار ،وال أظن ً
أصبل ..الفكرة ىي أنو إذا
اٞتادة ً
يسار من زيد بن أسلم ،وىذا من أسباب اإلشكاؿ ،ىذه ىي ّ
مطرؼ :أفمعا واحدة من وجوه ترجيح إسناد ىشاـ بن سعد على إسناد دمحم بن ّ وضعنا اإلسنادين ً
أصبل ،والثاين ال يسبق إذل الذىن ،الثاين
اٞتادة ،ىو الذي يسبق إذل الذىن ً
مطرؼ ىو ّإسناد دمحم بن ّ
اثف يكمن ُب كبلـ تعمدت أف إٔتاوز قصدا .ىذا واحد من الوجوه .وجو ٍ
يتطلب حفظًا ،يتطلب ً
اآلجِّري عن أيب داوود" :ىشاـ بن سعد أثبت الناس ُب زيد بن
قراءتو ُب سَتة ىشاـ بن سعد ،قاؿ ُ
أسلم" ،وإف كاف ضعي ًفا لكن لو اختصاص بزيد بن أسلم ومعرفة خاصة ْتديث زيد بن أسلم؛
فيتةضح أف ترجيح حديث ىشاـ لو مربراف:
ٔ) االختصاص بزيد.
ٕ) أنو إسناد غَت اٞتا ّدة.
ولكن ىذا كلو يصلح بعد أف تقف على اإلسناد الثاين .اآلف لدينا سؤاالف؛
-األوؿ١ :تاذا ىذا أرجح؟ وذكران وجهُت للًتجيح ،وقد يضاؼ وجو اثلث -وأًن أحتاج أف
٤تمد بن مطرؼ عن زيد ..قد يكوف ِّ
مقبل عن زيد، أراجعو ألين دل أْتث فيو -الذي ىو رواية َّ
جدا ويكوف اآلخر عنده اختصاص فهذا من وجوه الًتجيح ،وىذا الوجو وعندما يكوف الراوي ِّ
مقبل ً
ٖتديدا.
٭تتاج إذل مراجعة عن دمحم ً
أيضا ٭تتاج ٢تا ْتث ..عند مراجعة كتاب -السؤاؿ الثاين١ :تاذا استنكر منذ البداية؟ وىذه ً
(هتذيب التهذيب) ،رواية زيد عن عبادة قد تكوف غَت معروفة ..قد يكوف االستنكار ألف زيد ليس لو
رواية عن عبادة.
ٕٓٚ
عندما ذكر شيوخو قاؿ" :روى عن أبيو ،وابن عمر ،وأيب ىريرة ،وعائشة ،وجابر ،وربيعة ،وسلمة،
طبعا ليس ابلضرورة ألنو ال يستقصي-وأنس ،وأيب صاحل السماف واألعرج ،و ،"..دل يذكر عُبادة ً -
مثبل فبلف التابعي عن فبلف الصحايب ال يُعرؼ إال من
أحياًن استنكار أنو ً
لكن قد أيٌب عند ا١تتقدمُت ً
ىذا الطريق ،يعٍت دل أتتنا رواية للتابعي ىذا عن ىذا الصحايب إال من ىذا الطريق ،فقد يكوف
االستنكار أف زيد دل يروي عن عبادة إال ىذا اٟتديث – كما قلت أحتاج أْتث -فيأتيك من طريق
مطرؼ فيقوؿ ال ..فلما أيٌب اإلسناد الثاين يقوؿ نعم ..اآلف ىذا مثاؿ على قو٢تم" :أنكرتو".
دمحم بن ّ
ىذا االستنكار صورتو ٥تالفة الثقة ،يعٍت ىي صورة معاكسة للمشهور٥ ،تالفة الضعيف للثقة اليت
رجح فيها الضعيف على الثقة ،وترجيح الضعيف على الثقة ..ىو ٣ترد اعتبار بعض أحاديث يُ ّ
الضعيف ىذه عبقرية ،انتقاء أحاديث معينة من أحاديث الضعيف يتبُت أنو أصاب فيها؛ ألف
كثَتا،
حكمهم بضعفو ال يساوي كل أحاديثو خطأ ،طيب ١تاذا حكموا عليو أنو ضعيف؟ ألنو أخطأ ً
أحياًن قد يصل إذل ٓٗ ٝمن رواايتو ،بل ٦تكن يكوف ٓ ٝٙصحيح ً والقليل الباقي من رواايتو
وٓٗٝخطأ ويقولوف ضعيف ،لكن كيف أتٌب ابلصواب ٦تا أخطأ فيو؟ ٔتثل ىذه ا١تقارًنت ،يكوف
أصبل ىناؾ استنكار لرواية ما ٍَبَ أتٌب على الوجو الصواب ،ويكوف فيها اختصاص أو غَته فيحكم ً
جدا -نقلو من
عليها .ولذلك من أكرب األمور اليت أسيء هبا إذل علم اٟتديث -وىذه نقطة جوىرية ً
حالة ا١ترونة إذل حالة الصبلبة ،ومن حالة التعدد والقابلية للًتجيحات ا١تختلفة إذل حالة القوالب
الصلبة اٞتاىزة .ىذا ا١تثاؿ ُب أي قالب تضعو؟ ال تستطيع وضعو ُب قالب.
ُّ
ىذا العرض الذي أعرضو لكم ليس ىو الذي ستبلمسو ُب كثَت من ا١تختصرات اٟتديثية ،حُت تقرأ
ُب علم اٟتديث فهو من أكثر العلوـ اليت فيها قوالب ،إف كاف كذا فهو كذا ،وىذا ٮتالف مقاصده
جدا٧ ،تدىا ُب حواشي ٖتقيقات الكتب ،مثل: بشكل اتـٍ اتٍـ! ولذلك وقعت إشكاالت كثَتة ً
ٍ
حسنو ابن ا١تديٍت وليس كما قاؿ! ١تاذا؟ ال إشكاؿ إذا تبُت لك ابلبحث العميق الطويل واالستيفاء
ّ
ا١تهضمات أنك
مهضمات ،و ّ التاـ نتيجة ٗتالُف هبا ابن ا١تديٍت ،يعٍت ىذي كبَتة ،لكن تُبلع مع ّ
اتما واستقصيت وقارنت واستندت ُب الغالب إذل واحد من الكبار ،فمن ا١تمكن أفتكوف ْتثت ْتثًا ً
مثبل ابن ا١تديٍت قاؿ:
"حسنو ابن ا١تديٍت وليس كما قاؿ"؟ أو ً
تقبل ،لكن ا١تشكلة ىنا ١تاذا تقوؿّ :
ٕٔٚ
صحيحا ولكنو حسن!" ١تاذا؟ ٕتده تتبع اإلسناد وأحد الرواة ُب (تقريب
ً صحيح ،فيقوؿ" :ليس
التهذيب) وجده صدوؽ ،وعنده ىو ُب القوالب اٞتامدة أنو إذا كاف صدوقًا يعٍت حسن ،فقط! فابن
صحيحا وإ٪تا حسن!
ً ا١تديٍت قاؿ :صحيح .فقاؿ لو :ليس
حسنًا لنفًتض أف ابن ا١تديٍت ال ٮتالفك ُب أنو صدوؽ ،صدوؽ تساوي عند ا١تتقدمُت :ال أبس بو،
حسن اٟتديث ُب بعض معانيها ،لكن أىم وأصدؽ كلمة تساوي صدوؽ ىي :ال أبس بو .حسنًا
٘تاما أنو صدوؽ
لنفًتض أف ابن ا١تديٍت قاؿ مثلك عن الراوي :صدوؽ ،تعرؼ أنو وىو مستوعب ً
يقوؿ عنو صحيح؟! ليس ابلضرورة ألنو صدوؽ أو ال أبس بو أف ينزؿ ابلتعبَت فيقوؿ حسن! ىذه
مشكلتك أنت ألنك دل تعرؼ إال ىذه القضية وجئت ُٖتاكم التطبيقات السابقة إليها.
"حسنو الًتمذي وليس كما قاؿ" ،اي أخي الًتمذي لديو اصطبلح للحسن ٖتاكمو إذل
م ًثبل يقوؿّ :
ىو ،إذف ال مشكلة٬ .توز أف يفوت الًتمذي
اصطبلحو ،فإذا كاف ليس كما قاؿ بناءً على تعريفو َ
شيء ُب ىذا؟ نعم ٬توز.
ا١تفًتض أف أنٌب إذل معاين ا١تنكر التفصيلية ،وىذا سيكوف ُب اللقاء القادـ ،ولذلك اللقاء القادـ إبذف
طبعا ىذا التعبَت
هللا سيكوف تطبيقيًا .يعٍت قلنا ا١تنكر ابالعتبار العاـ :تعبَت عن استنكار معُتً ..
فضفاض ،ىذا الوصف العاـ ،ىذا ليس تعريفا ١تصطلح ا١تنكر .ا١تقدمة التعريفية للمنكر :أف يقع
استنكار يف نفس ِ
احملدث ،لرواية ما ،غالبًا ألحد أمرين:
تفرد غَت ٤تتمل
ٔ) إما ّ
ٕ) وإما خطأ
وا٠تطأ ٮتتلف عن التفرد غَت ا﵀تمل .التفرد غَت ا﵀تمل ال يتبُت فيو ا٠تطأ ،ولكن يتبُت فيو
أحياًن ال ُ٬تزـ أبهنا خطأ ،لكنها
االستنكار ،أنو توجد تركيبة ُمنكرة لكن دل يتبُت وجو ا٠تطأ فيها ،بل ً
ُمستنكرة .والصورة الثانية ىي :أف يتبُت ىذا ا٠تطأ ،وىذا ا٠تطأ لو صور ُب التبُت؛ وسأذكرىا
ابألمثلة .يعٍت سنقوؿ؛
-الصورة األوذل :أف ٮتالف الثقة الثقات ،ونذكر ً
مثاال.
ٕٕٚ
-الصورة الثانية :أف يتفرد ابٟتديث را ٍو ثقة ،حىت ليس صدوؽ ،ولكن ىناؾ ً
اعتبارا معينًا جعلو
منكرا.
ً
-الصورة الثالثة :أف يتفرد صدوؽ.
-الصورة الرابعة :أف يتفرد ضعيف.
-الصورة ا٠تامسة :أف يتفرد مًتوؾً .
عموما ىذه كلها تعدد صورٍ ..ب أف ٮتالف ضعيف ثقة ،أف
ٮتالف ثقة أو متوسط أو ضعيف.
فإف شاء هللا اللقاء القادـ يكوف ىناؾ أمثلة متعددة لقضية التطبيقات على اٟتديث ا١تنكرِّ .
وصل
اللهم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت.
ٖٕٚ
احملاضرة السابعة عشر:
ا١تقدمة:
كثَتا طيبًا مبارًكا فيو اللهم لك اٟتمد ال ٨تصي ثناءً عليك أنت كما
ٛتدا ً
اٟتمد ﵁ رب العا١تُتً ،
أثنيت على نفسك ،اللهم صل وسلم وابرؾ على عبدؾ ورسولك دمحم ﷺ.
نستعُت اب﵁ ونستفتح اجمللس السابع عشر من ٣تالس الشرح ا١تطوؿ على نزىة النظر.
الشاذ وا١تنكر:
وكاف اٟتديث ُب اجمللس السابق عن الشاذ وا١تنكر ،كاف ىناؾ حديث متعدد ا١توضوعات ضمن
قضية الشاذ وا١تنكر ،شيء منو اصطبلحي ،وذكرت أف اإلشكاؿ ُب االصطبلحات وُب تفسَتىا ىو
ُب حصر تفسَت ا١تصطلح اٟتديثي بتعريف واحد ،وأف تعريف ا١تنكر الذي ذُكر ُب (نزىة النظر) أنو
ما خالف فيو الضعيف الثقة؛ أنو نعم يقاؿ عنو منكر ولكن ليس ىو وحده ا١تنكر وإ٪تا ىو دائرة
أوسع من ذلك ،وذكرت بعض األمثلة وقلت أف اللقاء القادـ سيكوف ُب ذكر أمثلة عن ا١تنكر،
وابلتارل اليوـ لن نقرأ شيئًا من منت النزىة ،فقط ىو إثبات ١تعٌت تعدد اطبلقات ا١تنكر ،وأًن ذكرت
أف:
-الناقد قد يستنكر شيئًا يف ا١تنت أو اإلسناد أو الرواية ٍب يعرب عن ىذا االستنكار ابلنكارة،
صورا متعددة:
وىذا أيخذ ً
أحياًن يكوف التفرد من
أحياًن بسبب ا١تخالفة ،والذي يكوف بسبب التفرد ً
أحياًن تكوف بسبب التفرد و ً
ً
أحياًن يكوف من ثقة ،وكلها
أحياًن يكوف من وسط ،و ً
أحياًن يكوف من ضعيف ،و ً
شديد الضعف ،و ً
أحياان يطلق عليها منكر.
ً
-وأما ا١تخالفة:
أحياًن تكوف من ضعيف ،أو شديد الضعف ،أو تكوف من وسط ،أو تكوف من ثقة ،وكلها يطلق ً
عليها منكر ،فصار ا١تنكر أوسع بكثَت كمصطلح من أف يقاؿ ىو ٥تالفة الضعيف للثقة فقط!
ٕٗٚ
والواجب أمراف؛
ٔ) األمر األوؿ :ىو إدراؾ توسعة ا١تصطلح ،وىذا يكوف بطريقُت؛ الطريق األوؿ :اإلثبات النظري
وىو إثبات أف من ِ
ا﵀دثُت من أطلق على ا١تنكر نظرًاي غَت ا١تنكر الذي ىو ٥تالفة الضعيف للثقة،
والطريق الثاين :ىو اإلثبات العملي.
ٕ) األمر الثاين :ىو أال نكتفي بدائرة ا١تصطلحات ًأاي كاف حىت لو صححنا ،وإ٪تا ندخل يف
قةضية التطبيقات العملية وىي ا١تطلوب.
إذف الواجب األوؿ ىو توسيع معٌت مصطلح ا١تنكر ،سواء ابلطريق النظري وذكرت مثلًت الذىيب
منكرا" ىذا اآلف ُب القسم األوؿ،
قاؿ" :ا١تنكر ىو ما تفرد بو الضعيف وقد يعدوف تفرد الصدوؽ ً
ا١تنكر الفرد" ،ىناؾ بعض الناس ال يعرؼ من ا١تنكر إال ما خالف فيو
وصاحب البيقونية قاؿ" :و ُ
الضعيف الثقة .وأما من اٞتهة األخرى اليت ىي التطبيقات العملية فاليوـ سأذكر ما يدؿ على أف
ا١تنكر أوسع من قضية أنو ما خالف فيو الضعيف الثقة ،وىذا مهم ،تصحيح التصور االصطبلحي،
ومع ذلك ُب ثنااي األمثلة البد أف نفهم شيئًا من قانوف ا﵀دثُت ومنهجيتهم.
أمػثلة على تعدد اطبلقات ا١تنكر:
األمثلة كثَتة ،ودعوين أبدأ بسنن أيب داوود ،وىو كتاب ٚتيل وجليل ،وىو من أىم كتب السنة ُب
جدا.
ٖتديداٚ ،تع فيو ورتَّب وحرر ،شيء عظيم ً
األحكاـ ،إف دل يكن األىم على اإلطبلؽ ،األحكاـ ً
ا١تثاؿ األوؿ:
اٟتديث التاسع عشر ،قاؿ اإلماـ أبو داوود رٛتو هللا" :حدثنا نصر بن علي ،عن أيب علي اٟتنفي،
عن ٫تاـ ،عن ابن جريج ،عن الزىري ،عن أنس قاؿ" :كاف النيب ﷺ إذا دخل ا٠تبلء وضع
حديث منكر ،وإ٪تا يُعرؼ عن ابن ُجريج ،عن زايد بن سعد ،عن ٌ خا٘تو" .قاؿ أبو داوود :ىذا
الزىري ،عن أنس أف النيب ﷺ اٗتذ خا٘تًا من َوِرؽٍ ،ب ألقاه .والوىم فيو من ٫تَّاـ ودل يروهِ إال
٫تاـ".
ٕ٘ٚ
٫تّاـ ىذا من ىو؟ قلنا :أثبت أصحاب قتادة شعبة ،وسعيد ،وىشاـٍ ،ب أيٌب بعدىم ٫تَّاـٍ ،ب أابف
٥ترج لو ُب الصحيحُت .ىنا يقوؿ أبو داوود أف ىذا اٟتديث منكر١ ،تاذا منكر؟
وأبو عوانة٫ ،تّاـ ثقة ّ
من الراوي الضعيف ىنا؟ ٫تّاـ ثقة ،ابن ُجريج ثقة ،الزىري ثقة ،أنس ثقة ،كيف منكر وكلهم ثقات؟
اٞتواب :ألف ا﵀دثُت ال يتعاملوف مع معادالت ظاىرية ،ثقة زائد ثقة زائد ثقة يساوي صحيح ،ال.
يقوؿ لك ىذا منكر وا٠تطأ فيو بسبب الثقة ا١تقدـ ٫تَّاـ ،ومع أف ٫تَّاـ ىو الذي أخطأ فيو فمع ذلك
يوصف أبنو منكر .ىذا اآلف مثاؿ عملي يدؿ على أف ا١تنكر عندىم ال ينحصر ُب ٥تالفة الضعيف
للثقة ،حسنًا ما ىو سبب النكارة؟ ىنا ليس التفرد ،ىنا ا١تخالفة؛ ألنو قاؿ" :دل يروه إال ٫تَّاـ" أي دل
يروه على ىذا الوجو.
قاؿ" :وإ٪تا يُعرؼ عن ابن ُجريج ،عن زايد بن سعد ،عن الزىري ،أف النيب ﷺ اٗتذ خا٘تا من
أيضا ،رواه اٞتماعة عن ابن جريج على خبلؼ َوِرؽ ،"..وال يوجد خبلء أو غَته ،فاإلشكاؿ ُب ا١تنت ً
وحكم عليو ابلنكارة ىنارواية ٫تَّاـ وخالفوا فيو ٫تّاـ ُب أمرينُ :ب زايدة زايد بن سعد ،وُب ا١تنتَ .
١تخالفة الثقة ١تن ىو أوثق منو ،واليت تُػ َعّرؼ ُب كثَت من الكتب ا١تتأخرة أبهنا الشاذ .أي أحد يريد أف
الثقات،
َ يفهم االصطبلح اٟتديثي ويدخل فيو بعقلية القوالب ،أف الشاذ فقط ما خالف فيو الثقةُ
الثقات؛ أقوؿ لو لن تفهم كبلـ اٟتفاظ ،وىذا مثاؿ؛ ألنو لو
َ الضعيف
ُ وا١تنكر فقط ما خالف فيو
دخل هبذه العقلية سيقوؿ ١تاذا قاؿ أبو داوود منكر؟ ا١تفًتض يقوؿ شاذ! ىذا م ِ
شكل. ُ
ا١تثاؿ الثاىن:
مع َمر عنمثاال اثنيًا يقوؿ ابن أيب حاًب الرازيٝ" :تعت أيب يقوؿ :روى عبد الرزاؽ عن ْ
أنخذ ً
ال رزىري عن سادل عن أبيو عن النيب ﷺ" ،ماذا تريد طرًاب أكثر من ىذا؟ تعرفوف أف من أثبت الناس
مع َمر ،ليس من أثبت الناس ألنو فقط ثقة ،ال ،ىو من طبلب الزىري ا١تقدمُت ،حىت أفُب الزىري ْ
ومع َمر،
بعضهم ق ّدمو على سفياف بن عيينة ُب الزىري! أصحاب الزىري معروفُت :مالك ،وسفيافْ ،
مع َمر ُب الثبلثة
وشعيب ،ويونس ،وعُقيل ،وصاحل بن كيساف ،إف قلت ىؤالء فبل بد أف تذكر ْ
مع َمر ىؤالء أصحاب الزىري ..من بُت اٞتماعة الذيناألوائل ،ولذلك مالك ٍب سفياف بن عيينة ٍب ْ
ٕٚٙ
مع َمر رواية اثبتة وقوية؟ عبد الرزاؽ صاحب
رووا عنو ىؤالء الثبلثة ا١تقدَّمُت .من الذي يروي عن ْ
مع َمر اب١تصنَّف ،افتح مصنف عبد
ا١تصنَّف الذي فيو آالؼ الرواايت واألحاديث ،يكاد يذىب ْ
مع َمر ..نعم يقوؿ حدثنا سفياف،
مع َمر ،أخربًن ْ
مع َمر ،حدثنا ْ
مع َمر ،أخربًن ْ
الرزاؽ ستجد :حدثنا ْ
مع َمر أكثر شيء ،فهو تلميذه والراوي عنو ا١تكثر.
حدثنا ابن جريج ،لكن ْ
مع َمر ،يروي عن الزىري ،والزىري يروي عن سادل عن أبيو ،ماذا تريد أفضل من
عبد الرزاؽ يروي عن ْ
ىذا اإلسناد؟ ٍب تعرفوف «الزىري عن سادل عن أبيو» ،بعض ا﵀دثُت قاؿ ىي أصح األسانيد على
اإلطبلؽ ،أصح أسانيد الدنيا بعضهم ذكر.
ٕٚٚ
قاؿ" :ىذا حديث ليس لو أصل"ٍ ،ب -ىنا الشاىد -قاؿ" :شيء أنكر من ىذا" ،فاستعمل
اصطبلح النكارة للتعبَت عن ا١تعٌت العاـ الذي ذكرت لكم أنو يستنكر ىذا .أين الطرب؟ الطرب
عندما ٕتد كبار ا﵀دثُت يتفقوف مع أيب حاًب الرازي ُب نفس النتيجة ،وىذا من األدلة اليت كاف
يستدؿ فيها أبو حاًب الرازي عندما جاءه رجل يقوؿ لو ُ-ب معٌت الكبلـ -على كيفك أنت؟ فقاؿ
لو رأيت األسئلة اليت سألتٍت عنها؟ اذىب اآلف أليب زرعة واسألو نفس األسئلة ،أًن ال أعرؼ ماىي
أسألتك ،إذا دل تكن نتيجتو نفس نتيجيت فمعناه أننا على خطأ ،وإذا كانت نتيجتو نفس النتيجة
فمعناه أننا على حق؛ ألنو ال ٯتكن أف نتوافق على ا٠تطأ هبذه الدقة و٨تن ال نعرؼ األسئلة .ال أعرؼ
ىو ذىب لسؤالو أـ ال ،لكن ىذه ىي القصة.
انظر ىنا اآلف" :قاؿ ابن معُت عن ىذا اٟتديث :ىو حديث منكر ،ليس يرويو أحد غَت عبد
الرزاؽ .قاؿ اإلماـ أٛتد يف رواية األشرـ عنو :ىذا كاف ٭تدث بو من حفظو ودل يكن يف الكتب.
قاؿ الًتمذي يف العلل الكبَت :سألت ٤تم ًدا -من دمحم؟ البخاري -عن ىذا اٟتديث فقاؿ :قاؿ
مع َمر عن الزىري عنسليماف الشاذكوين :قدمت على عبد الرزاؽ فحدثنا هبذا اٟتديث عن ْ
سادل عن أبيوٍ ،ب رأيت عبد الرزاؽ ٭تدث هبذا اٟتديث عن -اإلسناد الثاين الذي قاؿ عنو أبو حاًب
يرض عبد الرزاؽ حىت أتى إبسناد أنكر منو -عن سفياف الثوري عن عاصم بن عبيد هللا عن
أنو دل َ
ةضا ،قاؿ دمحم :وكِبل
سادل ابن عمر ،قاؿ دمحم :وقد حدثوان هبذا عن عبد الرزاؽ عن سفياف أي ً
اٟتديثُت ال شيء!" .علم عباقرة من جد! وىذه ىي الفكرة اليت ذكرًنىا ساب ًقا أنو دل يكن ىم
ا﵀دثُت زايدة التحشيد لؤلحاديث وأنو إذا كاف ىناؾ رواية فهيا لنضعها ُب السنة! على خبلؼ
ا١تنطق الساذج الذي يفكر اآلف بو بعض أصحاب الشبهات ،أنو أنتم تكثروا من الرواايت وتقولوا قاؿ
٘تاما! اآلف ليس أهنا ٣ترد رواية ضعيفة ،ال ،عبد الرزاؽ عن
كذا عن كذا ،والقضية كانت ابلعكس ً
مع َمر عن الزىري عن سادل عن أبيو ،الذي ال يعرؼ أٝتاء ىؤالء ال يعرؼ قيمة ىذا الرد ،ومع ذلك
ْ
قالوا ليس بشيء! البخاري يقوؿ "ليس بشيء" ،أبو حاًب يقوؿ" :ليس لو أصل" ،ابن معُت يقوؿ:
"منكر".
ٕٚٛ
البزار :ال نعلم رواه هبذا اإلسناد إال عبد الرزاؽ ودل يُتابع عليو -ىذه عبارة استنكار -قاؿ
"قاؿ ّ
مع َمر غَتُ
النسائي :ىذا حديث منكر ،أنكره ٭تِت بن سعيد القطاف على عبد الرزاؽ ،دل يروه عن ْ
روي ىذا اٟتديث عن معقل بن عبد هللا واختلف عليو فيو ،فروي عن معقل عبد الرزاؽ ،وقد َ
عن إبراىيم بن سعد عن الزىري وىذا اٟتديث ليس من حديث الزىري .قاؿ ٛتزة الكناين :ال
مع َمر ،وما أحسبو ابلصحيح" .أين ا١تفاجأة؟ ا١تفاجأة عندما ٕتد
أعلم أح ًدا رواه عن الزىري غَت ْ
أشخاص من ا١تعاصرين ويقولوف لك حديث صحيح! حسنًا وابن معُت ،النسائي ،أبو حاًب؟ كلهم
سواي أٚتعوا أنو منكر والبخاري يقوؿ لك ليس بشيء! فيقوؿ لك أًن لدي إسناد ،ثقة عن ثقة انتهى
ً
ىو صحيح! ىذا اآلف مثاؿ اثين.
ما بعده ٔتسألتُت ذكرتو ،لكن سأذكره سر ًيعا" ،وسألت أاب زرعة عن حديث رواه بقية عن عبيد هللا
عن انفع عن ابن عمر عن النيب ﷺ أنو دل يكن يرى ابل َق ِّز واٟترير للنساء ً
أبسا ،قاؿ أبو زرعة:
ىذا حديث منكر .قلت تعرؼ لو علة؟ قاؿ :ال ".وىذا قد شرحتو ساب ًقا.
ا١تثاؿ الثالث:
"سألت أيب عن حديث رواه أبو ىاروف َّ
البكاء عن ابن ٢تيعة عن عبد ربو بن سعيد عن سلمة بن
كهيل عن شقيق بن سلمة عن جرير :كاف رسوؿ هللا ﷺ إذا ابيع ابيع على شهادة أف ال إلو اال
هللا ..إذل آخره .قاؿ أيب :ليس ٢تذا اٟتديث أصل ابلعراؽ ،وىو حديث منكر هبذا اإلسناد".
ا١تثاؿ الرابع:
الذي بعده" :سألت أيب عن حديث رواه أبو النةضر ىاشم بن القاسم ،عن عاصم بن عمر ،عن
عبيد هللا ،عن انفع عن ابن عمر ،أف النيب ﷺ استعمل أسامة بن زيد على جيش فيهم أبو بكر
حديث منكر ،دل يروه غَت
ٌ وعمر ،فتكلم الناس يف ذلك ،وذكرت لو ىذا اٟتديث ،فقاؿ :ىذا
عاصم بن عمر ،وعاصم بن عمر ليس ابلقوي".
اآلف ىذا وصف للحديث أبنو منكر ١تخالفة الضعيف للثقة أو ١تاذا؟ لتفرد الضعيف ،ىذا مثاؿ
عملي اآلف .إذف مثاؿ أيب داوود ١تخالفة الثقة للثقات ،وا١تثاؿ الثاين أليب حاًب لتفرد ثقة ٔتا يٌستنكر،
ٕٜٚ
ووجو االستنكار كاف ُب اإلسناد فقط ،ا١تنت عادي كاف فيو دعاء اللبس اٞتديد الذي ىو لبست
شهيدا ،أو كما ُروي ،وىذا أدعى وأجدر؛ ألهنم استنكروه ألجل اإلسناد
ٛتيدا ومت ً جديدا وعشت ً ً
مع أف ا١تنت ال شيء فيو .وا١تثاؿ الثالث الذي قرأتو سر ًيعا ا٠تاص أبيب زرعة عندما قاؿ عن حديث
تفرد بو بقية عن عبيد هللا عن ًنفع عن ابن عمر عن النيب ﷺ قاؿ ىذا حديث منكر ،تعرؼ لو علة؟
قاؿ :ال ،ذاؾ ما كاف قصده اب١تنكر؟ ما وجو االستنكار؟ تفرد بو وسط ،ليس ضعيف وال ثقة ،الذي
ىو بقية بن الوليد،
-لكن ١تاذا قاؿ ا١تنكر؟ لعدة أسباب؛
ٔ) السبب األوؿ :أف رواية بقية عن اٟتجازيُت فيها ضعف ،وىذا عبيد هللا بن عمر حجازي وبقية
شامي.
ٕ) الثاين :أف بقية ليس اب١تتُت فتفرده عن مثل ىؤالء فيو إشكاؿ.
ٖ) الثالث :أف ىذه السلسلة :عبيد هللا عن ًنفع عن ابن عمر ،من السبلسل العظيمة الذىبية اليت
يُرحل إليها ويعتٌت هبا؛ فلم يروىا أحد من أصحاب عبيد هللا وإ٪تا تفرد هبا بقية .ىذا الذي يصدؽ
عليو كبلـ صاحب البيقونية" :وا١تنكر الفرد بو را ٍو غدا ..تعديلو ال ٭تمل التفردا" ،أي ليس معو من
الصفات القابلة ألف ُ٬ترب ضعف تفرده.
اآلف ىذا ا١تثاؿ أضاؼ معٌت جديد وىو تفرد الضعيف ،قاؿ" :ىذا حديث منكر دل يروه غَت عاصم
بن عمر وعاصم بن عمر ليس ابلقوي".
ا١تثاؿ ا٠تامس:
ٕٓٛ
إيش االسناد؟ ُب أحد منهم ال تعرفونو؟ ال ..واب١تناسبة كلهم ٝتعوا عن بعض ،عبد الرزاؽ تلميذ
ومع َمر ٝتع عن
مع َمر وتكلمنا قبل قليل ،اثبت البُناين تلميذ أنس وىو من أثبت الناس ُب أنسْ ، ْ
اثبت ،لن أقوؿ اآلف أكثر من ىذا ،و٫تا من أئمة ا١تسلمُت ُب الرواية ،فماذا تنتظر من ىذا اإلسناد؟
قاؿ أيب" :ىذا حديث منكر ج ًدا!".
"قاؿ الًتمذي يف العلل الكبَت :سألت ٤تم ًدا عن ىذا اٟتديث -دمحم ىو البخاري -فقاؿ :ال
مع َمر ،ورٔتا
أعرؼ ىذا اٟتديث إال من حديث عبد الرزاؽ ،ال أعلم أح ًدا رواه عن اثبت غَتُ ْ
مع َمر عن اثبت وأابف عن أنس -عبارة البخاري ىذه عادةً ما
قاؿ عبد الرزاؽ يف ىذا اٟتديث عن ْ
مع َمر عن اثبت عنو،
يكوف فيها قدر من التشكيك ُب الرواية -قاؿ الدارقطٍت يف األفراد :تفرد بو ْ
وال أعلم من رواه عنو غَت عبد الرزاؽ" .وىذا أيضا مثلها.
ف حديثو يف بعض األماكن دوف بعض ،وىو على ثبلثة أضرب، ض ِّع َ
صفحة ٕٓ ،ٙقاؿ" :من ُ
حدث يف مكاف دل يكن معو فيو كتبو فخلَّط َّ
وحدث يف مكاف آخر من كتبو فةضبط، أحدىا من َّ
مع َمر بن
أو من ٝتع يف مكاف من شيخ فلم يةضبط عنو وٝتع منو يف موضع آخر فةضبطو ،فمنهم ْ
راشد حديثو ابلبصرة فيو اضطراب كثَت وحديثو ابليمن جيد .قاؿ أٛتد يف رواية األثرـ :حديث
إرل من حديث ىؤالء البصريُت ،كاف يتعاىد كتبو وينظر -يعٍت مع َمر أحب َّعبد الرزاؽ عن ْ
ابليمن -وكاف ٭تدثهم ٓتطأ يف البصرة .قاؿ يعقوب بن شيبةٝ :تاع أىل البصرة من م ْع َمر حُت
قدـ عليهم فيو اضطراب ألف كتبو دل تكن معو".
ىذا ليس كبلما نظرِّاي ،اٝتع ،قاؿ" :فمما اختلف فيو ابليمن والبصرة حديث أف النيب ﷺ كوى
مرسبل ،ورواه يف
أسعد بن زرارة من الشوكة ،رواه ابليمن عن الزىري عن أيب أمامة بن سهل ً
البصرة عن الزىري عن أنس ،والصواب ا١ترسل .ومنو حديث :إ٪تا الناس كإبل مئة ،رواه ابليمن
ٕٔٛ
مرفوعا ،ورواه ابلبصرة مرة كذلك ومرة عن الزىري عن ابن
ً عن الزىري عن سادل عن أبيو
ا١تسيب عن أيب ىريرة".
طيب لو رواه عن الزىري عن ا١تسيب عن أيب ىريرة أو رواه عن الزىري عن سادل عن أبيو ،ما الفرؽ
من ًنحية الصحة؟ ال يوجد فرؽ ،الزىري عن سادل عن أبيو صحيح مئة اب١تئة ،الزىري عن سعيد عن
مع َمر أنو رواه عن الزىري عن سعيد عن أيب
أيب ىريرة صحيح بنفس الدرجة ،يقوؿ لك من أوىاـ ْ
ىريرة! ال يفرؽ ُب الصحة ولكن َوِىم وأخطأ مع أنو ال يتغَت أي شيء ُب اٟتكمَ ،وِىم وأخطأ ألف
صحيحا
ً الصواب أنو عن الزىري عن سادل عن أبيو ولو كاف الطرؼ اآلخر الذي رواه ىو مرة أخرى
أيضا ،لكنو غلط.
ً
"ومنو حديثو عن الزىري عن سادل عن أبيو :أف غيبلف أسلم وٖتتو عشر نسوة ..اٟتديث .قاؿ
مع َمر أخطأ ابلبصرة يف إسناد حديث غيبلف ،ورجع ابليمن فجعلو أٛتد يف رواية ابنو صاحلْ :
مع َمر عن اثبت لكن أًن منقطعا" .واضح نوع ا٠تطأ؟ ً
أحياًن يُرسل ويصل ىناؾ .طيب دل يذكر بعد ْ ً
مع َمر عن اثبت لذلك ٬تب أف أجده..
عهدي ابلكتاب أف فيو ْ
ف حديثو عن أىل العراؽ خاصة .قاؿ ةضع ُ
ةضا ،كاف يُ َّ صػٔٔ ،ٙقاؿ" :ومنهم معمر بن ر ٍ
اشد أي ً
مع َمر عن العراقيُت فخفو ،إال عن الزىري
ابن أيب خيثمةٝ :تعت ٭تِت بن معُت يقوؿ إذا حدثك ْ
وابن طاووس فإف حديثهما مستقيم ،فأما أىل الكوفة والبصرة فبل ،وما عمل يف حديث
األعمش شيئًا"ً .
طبعا دل يذكر اثبت بعد وأًن أتذكر أنو تكلم عن اثبت ..إف شاء هللا آٌب بو.
ض ِّع َ
ف حديثو عن اثبت خاصة ،وقد تقدـ ذكر ذلك عن مع َمر بن راشد ،و ُ
صػ ٙ٘ٚقاؿ" :ومنهم ْ
مع َمر عن اثبت ضعيف ،و٦تا أُنكر عليو أنو
علي بن ا١تديٍت وغَته ،وكذا قاؿ ابن معُت :حديث ْ
حدث عن اثبت عن أنس عن النيب ﷺ ْتديث قصة ُجليبيب وأخطأ يف إسناده ،إ٪تا رواه اثبت
عن كِنانةَ بن نعيم عن أيب برزة عن النيب ﷺ ،وكذا رواه ٛتّاد بن سلمة عن اثبت".
ٕٕٛ
مسلم أخرج ىذا اٟتديث ،قصة جليبيب ،من طريق من؟ ٛتَّاد بن سلمة على الوجو الصحيح ،عن
أصبل؛ ألف
أصبل ٣ترد رواية ٛتَّاد بن سلمة عن اثبت هبذا الوجو الغريب ىذا دليل على ضبطو ً اثبتً ،
ٛتاد بن سلمة رواه عن اثبت عن كنانة بن نُعيم عن أيب بَػْرَزة ،ومثل ما يقوؿ ا﵀دثوف من أين يقع
ٟتماد -كذا يسموهنا -من أين يقع ٟتماد كنانة بن نُعيم عن أيب بَ َرزة؟ وىذه فكرة عبقرية ،من أين
يقع لو؟ يعٍت من أين ٦تكن أيٌب هبذه الرواة؟ فهمتم الفكرة؟ ىو ثقة وعندؾ روايتُت ٥تتلفُت ،واحد
مع َمر عن اثبت عن أنس ،وذاؾ قاؿ لك عن اثبت عن كنانة بن نٌعيم عن أتى ابلرواية ا١تعتادة عن ْ
أيب بَ َرزة عن النيب ﷺ.
مثاال آخر دعوًن نبحث عنو ..طيب
عموما ىذا ىو ا١تثاؿ ،أًن أذكر ً
أيضا لكن ًكبلما ً
وأظن أف ىناؾ ً
ال إشكاؿ ٭تتاج أين أْتث عنو أكثر ،لكن ىذا اآلف مثاؿ واضح.
خبلصة الدرس:
إذف خبلصة الدرس ا١تستفاد من ىذه األمثلة ىو :أف اٟتديث ا١تنكر ُب استعماالتو أوسع بكثَت
ت عدـ صحة حصر تعريف ا١تنكر ُب ىذا بعدة أمثلة من أف ُ٭تصر ُب ٥تالفة الضعيف للثقة ،وأثبَ ُّ
وابلطريقة النظرية كذلك ،قلت ُب البيقونية قاؿ" :وا١تنكر الفرد -الفرد معناه أنو ال توجد ٥تالفة -بو
التفرَدا" ،والذىيب ُب ا١توقظة ماذا يقوؿ عن ا١تنكر؟ قاؿ" :ما تفرد بو را ِو غدا ..تعديلو ال ٭تمل ُّ
منكرا" ،وىذا اآلف مثاؿ فيو ذكر لصورتُت من ا١تنكر ليس فيها الضعيف ،وقد يعدوف تفرد الصدوؽ ً
فضبل أف تكوف ثقة أو ضعيف ،وابن الصبلح ذكر معنيُت للمنكر ،ىذا اآلف الطريق األوؿ ُب ٥تالفة ً
إثبات أف ا١تنكر ال ينحصر ُب ٥تالفة الضعيف للثقة .ىذا ليس كبلمي وإ٪تا كبلـ َّ
اٟتفاظ ،نظرِّاي حىت
من ا١تتأخرين .عمليِّا؛ ذكرت ا١تثاؿ األوؿ ،مثاؿ أيب داوود ،وفيو إثبات النكارة ُب ٥تالفة الثقة
للثقات؛ ألنو قاؿ" :ىذا حديث منكر وإ٪تا يُعرؼ عن ابن جريج عن زايد بن سعد عن الزىري
عن أنس أف النيب ﷺ اٗتذ خا٘تًا من َوِر ٍؽ ٍب ألقاه ،ودل يروه إال ٫تَّاـ ،والوىم فيو من ٫تَّاـ ،و٫ت ٌ
َّاـ
ثقة".
ٖٕٛ
مع َمر عن الزىريالصورة الثانية من ا١تنكر كانت تفرد الثقة ١تا يستنكر الذي ىو رواية عبد الرزاؽ عن ْ
عن سادل عن أبيو ،وتوارد اٟت ّفاظ على وصف ىذا اٟتديث ابلنكارة ،تواردوا على وصفو ابلنكارة ،قلنا
بن معُت قاؿ" :منكر" ،النسائي قاؿ" :منكر" ،البخاري قاؿ" :ليس بشيء" ،أبو حاًب قاؿ" :ليس لو
طبعا ١تاذا
تفرد غَت ٤تتمل من ثقةً . أصل" ،وقاؿ" :وأتى أبنكر من ىذا" .وكاف وجو النكارة ىو ٌ
جعلوه غَت ٤تتَ َمل؟ ىذه قصة أخرى.
ا١تثاؿ الرابع ماذا كاف؟ تفرد الضعيف ،الذي ىو عاصم بن عمر ،قاؿ" :ىذا حديث منكر وعاصم
بن عمر ليس ابلقوي" ،فكاف سبب النكارة ىو تفرد الضعيف.
جدا ،وسبب النكارة أفمع َمر عن اثبت عن أنس ،وقيل فيو :منكر ً ا١تثاؿ ا٠تامس ماذا كاف؟ تفرد ْ
طبعا ىم
مع َمر وإف كاف ثقة إال أف روايتو عن اثبت فيها إشكاؿ ،وتفرده هبذه الرواية فيو إشكاؿً ..
ْ
جدا وىو قضية أنو ..رأيتم
منزع دقيق ُب أنو يقوؿ فيو إشكاؿ ،يوجد من ِزع دقيق ً
عادة يعٍت لديهم َ
ِ
أفصل
قبل قليل قرأت لكم بسرعة ١تّا قاؿ" :ىذا اٟتديث ال يعرؼ ابلعراؽ"؟ مررت على مثاؿ لكن دل ّ
فيو ،أو رأيتم كبلـ أبو حاًب عندما قاؿ" :ىذا حديث ليس لو أصل من حديث الزىري"؟ ُب ا١تثاؿ
مع َمر قاؿ" :ليس لو أصل من حديث الزىري" ،الذي قاؿ فيوٍ"" :ب أتى ٔتا ىو أنكر من ذلك"، عن ْ
ىذه الكلمة "ليس لو أصل من حديث فبلف" أو "ليس لو أصل ُب العراؽ" ،ىذه من أدؽ ا١تسائل
عموما
جدا ،لكن ً ُب علم اٟتديث ،ويصعب شرحها ،صعب تُصور الواقع كما ىو إال ببسط طويل ً
مثبل إسناد مثل قبل قليل؛ عبيد هللا عن ًنفع عن ابن عمر،
جدا منها ىي :أنو أيتيك ً
الصورة ا١تصغرة ً
ٖتديدا
كثَتا ،وإذا روى عن ًنفع عن ابن عمر ً ىذا إسناد ذىيب ،عبيد هللا جلس إذل الناس ورووا عنو ً
فهذا أصح أسانيده ،فحُت ال يُروى عنو ىذا اٟتديث وال ٭تملو أصحابو وال الذين جلسوا إليو وكاف
ىذا اإلسناد من دواعي أو من أدعى ما ٯتكن أف ٭ت ِّدث بو عبيد هللا ٍب ال ٭تدث بو أحد عنو إال
ٕٗٛ
رجل بعيد ،وىذا الرجل البعيد ليس ابلضابط ا١تتقن؛ فهنا ٯتكنك بسهولة أف تقوؿ ليس لو أصل من
حديث عبيد هللا.
ىذه صورة مصغرة اآلف من :ليس لو أصل من حديث كذا ،ىذه ال ُٖتسب اب١تعادالت الظاىرة ،يعٍت
مثبل ألنو عنده ٜتسة ودل يرووا ..ال ،ىي ليست اب٠تمسة أو الستة ،ىي كلّّ ْتسب الراوي
ال يقاؿ ً
جدا ،وعلم اٟتديث ح ًقا ىو علم العباقرة ،ولذلك عبد الرٛتن ا١تهدي
عنو روايتو ،وىذه قضية دقيقة ً
"نقدًن للحديث عند من ٬تهلو كالكهانة" ،ىو قوؿ مشهور عنو ،يقوؿ "كالكهانة" ،ال يقوؿُ :
تستطيع أف تفهمو ،كما ىذا الذي قبل قليل ،قلت لك أبو حاًب الرازي استنكر عليو.
مثبل مثل ابن حزـ -ابن حزـ ظاىري حىت ُب اٟتديث ليس فقط مثبل ا١تولع ابلقضية الظاىرية ً
لذلك ً
فعبل ،يعٍت أقصد فكرة التفريق أنو
ُب الفقو -ال يعجبو شغل ا﵀دثُت ،يعٍت لو عبارة ليس سخريةً ،الً ،
أحياًن يرده وىو ُب صاٟتو ،ومثل ما قلت لكم١تاذا تقبل حديث الثقة مرة وترده مرة؟ ىو ١تا يرده ً
ّ
العنواف العظيم ٩-تتم بو ألننا أتخرًنُ -ب ىذا والذي ٭تتاج يُفرد حقيقة ْتلقة كاملة؛ الذي قالو نعيم
بن ٛتاد الذي ذكرتو لكم ساب ًقا ،نعيم بن ٛتاد كاف من األشدَّاء على أىل البِ َدع ،ومن األشداء على
مدرسة أىل الرأيُ ،ب وقت الرواية تعرفوف كاف ىناؾ مدرسة أىل اٟتديث ومدرسة أىل الرأي ،وكاف
يوجد إشكاؿ بُت ا١تدرستُت ،وكاف بعض السلف تنقل عنهم نقوالت شديدة عن مدرسة أىل الرأي،
نُعيم بن ٛتَّاد روى رواية ُب ذـ أىل الرأي ،وىذه الرواية ُب صاحل أىل اٟتديث ،حسنًا ما رأيكم أنو
قيل ُب نُعيم ما يلي ،قا٢تا أحد أئمة اٟتديث -نسيت من ىو -الكبار ،قاؿ" :إ٪تا سقط نعيم بن
ٛتاد من عند ا﵀دثُت بسبب ىذه الرواية"! اليت ُب منتصف نصرة أىل اٟتديث ،ما ىي الرواية اليت
رواىا؟ زايدة ُب حديث "تفًتؽ أميت على سبعُت فرقة" قاؿ" :أسوأىا أو شرىا قوـ يقيسوف الدين
برأيهم!" ،حىت أنو اختلف ا﵀دثوف ،خبلصة الكبلـ أف بعضهم يقوؿ أًن ال أريد اف أقوؿ أف ىذا
كذب ،يعٍت ٢تذه الدرجة ،كلهم اتفقوا أف ىذه الرواية ضعيفة انتهيناُ ،ب وقت فيو الصراع على ِ
أشده،
ىذه الرواية ضعيفة انتهينا لكن من أين جاءت؟ ىل َك َذب؟ فكاف ابن معُت يقوؿ ال ،ترى ىذا نُعيم
بن ٛتاد ليس مثل أي أحد ٯتشي ُب الشارع! نُعيم بن ٛتاد واحد كبَت ىو شيخ البخاري ،ومؤلف،
تعرفوا كتاب (الفنت) لنعيم بن ٛتاد مشهور -مع أنو مليء ابٟتديث الضعيف -وكاف ُب السنة ،وكاف
ٕ٘ٛ
معروؼ رد على اٞتهمية وكذا ،فابن معُت يقوؿ دل يكذب وإ٪تا ُشبِّو لو أو شيء ،يعٍت نقدوه ً
نقدا
شديدا.
كبلما ً
موضوعيِّا وليس ذاتيِّا ،ومنهم من أظن قاؿ فيو ً
انظروا سر ًيعا نعيم بن ٛتاد اآلف ُب (هتذيب التهذيب) ،قاؿ أبو زرعة الدمشقي" :قلت لدحيم حدثنا
نعيم بن ٛتاد عن عيسى بن يونس عن حريز بن عثماف عن عبد الرٛتن بن جبَت بن نفَت عن أبيو عن
جدا -تفًتؽ أميت على بضع وسبعُت فرقة.. عوؼ بن مالك عن النيب ﷺ -ىذا إسناد مشهور ً
اٟتديث .قاؿ :ىذا حديث سفياف بن عمرو ،حديث معاوية ،يعٍت أف إسناده مقلوب .قاؿ أبو
زرعة :قلت البن معُت ُب ىذا اٟتديث فأنكره ،قلت فمن أين يؤتى؟ قاؿُ :شبِّو لو .قاؿ دمحم بن علي
ا١تروزي :سألت ٭تِت بن معُت عنو فقاؿ :ليس لو أصل -نرجع لكلمة ليس لو أصل -قلت :فنعيم؟
قاؿ :ثقة ،قلت :كيف ٭تدث ثقةٌ بباطل؟ قاؿُ :شبِّو لو .قاؿ ابن عدي بعد أف أورد ىذا اٟتديث من
رواية سويد بن سعيد عن عيسى قاؿ :ىذا إ٪تا يُعرؼ بنعيم بن ٛتَّاد ،رواه عن عيسى بن يونس فتكلم
رجل من أىل ُخراساف يقاؿ لو اٟتكم بن ا١تبارؾٍ ،ب سرقو قوـ ضعفاء ٦تن يُعرفوف
الناس فيوٍ ،ب رواه ٌ
بسرقة اٟتديث".
يعٍت نعيم بن ٛتاد ما تفرد فيوٍ ،ب جاء البقية ،الذي سرؽ اٟتديث ،والذي صار يقوؿ عن عيسى بن
يونس ،لكن ال ٘تشي على ا﵀دثُت.
"قاؿ عبد الغٍت بن سعيد ا١تصري :كل من حدث بو عن عيسى بن يونس غَت نعيم بن ٛتاد فإ٪تا
أخذه عن نُعيم ،وهبذا اٟتديث سقط نُعيم عند كثَت من أىل العلم ابٟتديث" .ىذه العبارة
ابلضبط.
"وهبذا اٟتديث سقط نعيم عند كثَت من أىل العلم ابٟتديث ،إال أف ٭تِت بن معُت دل يكن ينسبو إذل
الكذب ،بل كاف ينسبو إذل الوىم .قاؿ :وٝتعت ٭تِت بن معُت ُسئل عنو فقاؿ :ليس ُب اٟتديث
بشيء ،ولكنو صاحب ُسنَّة".
خَتا ِّ
وصل اللهم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت. جزاكم هللا ً
ٕٛٙ
احملاضرة الثامنة عشر:
ا١تقدمة:
تنبيو:
أحياًن تكشف ا١تعٌت ا١ترَّكز كما ذكرت ساب ًقا ،ألف (نزىة النظر) ىو شرح (٩تبة
طبعا قراءة (النُّخبَة) ً
ً
طبعا كما تعلموف ،وىو دمج بُت العبارات ،يعٍت أيٌب بعبارة النخبة ويدمج معها الشرح، الفكر) ً
أوال من (النُّخبَة) وستجدوف الفرؽ ا٢تائل الكبَت،
فأحياًن الفكرة ا١تركزية ال تتضح ،فدعوين أقرأ لكم ً
ً
كل درس اليوـ ىو على ٚتلة واحدة فقط من (النُّخبَة).
ا١تتابع :
قاؿ ابن حجر رٛتو هللا" :والفرد النسيب إف وافقو غَته فهو ا١تتابِع ،وإف ُو ِجد منت يشبهو فهو
الشاىد ،وتتبع الطرؽ لذلك ىو االعتبار" ،فقط ىذه الثبلث كلمات ،ثبلث مصطلحات :متابِع
ُّزىة)
أو ا١تتابعة ،والشاىد ،واالعتبار .كما أقوؿ لكم قراءة ىذا من ا١تنت ا١تركز مهمة ُب تصور (الن َ
قليبل.
ُّزىة) يدمج الكبلـ ،ما أيٌب لك ابلنص ٍب يشرح ،ال ،يد٣تو فقد تضيع البوصلة ً
نفسها ،ألف (الن َ
كامبل اآلفٍ ،ب أنٌب للتعليق ،يقوؿ" :وما َّ
تقدـ ذكره من الفرد إيش قاؿ ُب النزىة؟ سأقرأ الكبلـ ً
ٕٛٚ
فردا قد وافقو غَته فهو ا١تتابِع ،بكسر َّ
ا١تو َحدة -إيش ا١توحدة؟ النسيب إف ُوجد بعد ِّ
ظن كونو ً
الباء -وا١تتابعة على مراتب :إف حصلت للراوي نفسو فهي التامة ،وإف حصلت لشيخو فمن
فوقو فهي القاصرة ،ويُستفاد منها التقوية .مثاؿ ا١تتابعة :ما رواه الشافعي يف (األـ) عن مالك،
عن عبدهللا بن دينار ،عن ابن عمر ،عن رسوؿ هللا ﷺ أنو قاؿ" :الشهر تسع وعشروف فبل
تصوموا حىت تروا ا٢تبلؿ وال تفطروا حىت تَػ َرْوه فإف غُ َّم عليكم فأكملوا العدة ثبلثُت" .فهذا
ظن قوـ أف الشافعي تفرد بو عن مالك فعدوه يف غرائبو؛ ألف أصحاب اٟتديث هبذا اللفظ َّ
مالك رووه عنو هبذا اإلسناد بلفظ :فإف غم عليكم فاقدروا لو" بينما رواه الشافعي "فإف غم ٍ
عليكم فأكملوا العدة ثبلثُت" فظنوا أف الشافعي ىو الذي تفرد" ،لكن وجدان للشافعي متابِ ًعا -
تذكروا اآلف ُب البخاري ُب غيث الساري :اتبعو معمر ،اتبعو يونس ..ىذا نفس ا١تصطلح -وىو
كثَتا ،ىو شيخ البخاري عن مالك ،ىنا نفس عبدهللا بن مسلمة ال َقعنَيب" ،ىذا َّ
مر معنا ُب البخاري ً
أيضا عن مالك.
الشيء ً
متابعا وىو عبدهللا بن مسلمة القعنيب ،كذلك أخرجو البخاري عنو ،عن مالك ،وىذه
"وجدان لو ً
ةضا متابعة قاصرة" ،قبل قليل قاؿ لك :توجد متابعة اتمة ومتابعة قاصرة، متابعة اتمة ،ووجدان لو أي ً
قاؿ ا١تتابعة التامة إف حصلت للراوي نفسو ،اآلف متابعة من لِ َمن تعترب اتمة؟ متابعة عبدهللا بن
مسلمة القعنيب للشافعي تعترب متابعة اتمة ،ا١تتابعة القاصرة ال أيٌب واحد من طبقة الشافعي ويتابعو،
وإ٪تا من الطبقات اليت فوقو" ،يف صحيح بن خزٯتة من رواية عاصم بن دمحم ،عن أبيو دمحم بن زيد،
عن جده عبدهللا بن عمر -صارت ا١تتابعة االشًتاؾ فيها ُب التلميذ عن عبدهللا بن عمر -بلفظ
"فكملوا ثبلثُت" .ويف صحيح مسلم من رواية عبيد هللا بن عمر ،عن انفع ،عن ابن عمر ،بلفظِ
ّ
"فاقدروا ثبلثُت" ،وال اقتصار يف ىذه ا١تتابعة" اآلف ىذا معٌت جديد ضمن قضية ا١تتابعة ،كأنو
يقوؿ ا١تتابعة ىذه لكي نقوؿ إهنا متابعة ،ىل يلزـ أف تكوف ابللفظ أـ اب١تعٌت؟ يقوؿ" :وال اقتصار يف
ىذه ا١تتابعة سواء أكانت اتمة أـ قاصرة على اللفظ ،بل لو جاءت اب١تعٌت كفى ،لكنها ٥تتصة
بكوهنا من رواية ذلك الصحايب" أًن اآلف ال أشرح فقط أقرأ قراءة تفسَتيّة ،اآلف كل ىذا الكبلـ
ٕٛٛ
الذي سبق يساوي ماذا ُب منت النخبة؟ "والفرد النسيب إف وافقو غَته فهو ا١تتابِع" كل ما مضى
٢تذه اٞتملة.
الشاىد:
منت
اآلف سوؼ ينتقل إذل اٞتملة الثانية ىي "وإف وجد منت يشبهو فهو الشاىد" .قاؿ" :وإف وجد ٌ
صحايب آخر يشبهو يف اللفظ وا١تعٌت أو يف ا١تعٌت فقط فهو الشاىد ومثالو يف
ٍ يُروى من حديث
اٟتديث الذي قدمناه -نفسو حديث ابن عمر -ما رواه النسائي من رواية دمحم بن ُحنُت عن ابن
عباس -دل يذىب إذل ابن عمر ،ذىب إذل ابن عباس ،صحايب آخر ،إسناد آخر ،طريق آخر -عن
النيب ﷺ فذكر مثل حديث عبدهللا بن دينار عن ابن عمر سواءٌ ،فهذا ابللفظ" اآلف ىذا شاىد
غميِ
ابللفظ" .وأما اب١تعٌت فهو ما رواه البخاري من رواية دمحم بن زايد عن أيب ىريرة بلفظ" :فإف ّ
قوـ ا١تتابعة ٔتا حصل ابللفظ ،سواءٌ كاف من رواية
وخص ٌ
َّ عليكم فأكملوا عدة شعباف ثبلثُت".
ذلك الصحايب أـ ال ،والشاىد ما حصل اب١تعٌت -اآلف ىذا تقسيم جديد للشاىد وا١تتابع عند
سهل". ٍ
قوـ -وقد تطلق ا١تتابعة على الشاىد وابلعكس واألمر فيو ٌ
االعتبار:
قاؿ" :واعلم أف تتبع الطرؽ من اٞتوامع وا١تسانيد واألجزاء بذلك اٟتديث الذي يٌظ رن أنو فرد
ليعلم ىل لو متابع أو ال ىو االعتبار .وقوؿ ابن الصبلح" :معرفة االعتبار وا١تتابعات والشواىد"
قد يوىم أف االعتبار قسيم ٢تما -يعٍت الشواىد وا١تتابعات -وليس كذلك ،بل ىو ىيئة التوصل
إليهما"،
ٕٜٛ
العبلقة بُت التابع والشاىد واالعتبار:
اآلف إيش العبلقة بُت ا١تصطلحات الثبلثة اليت ذكرىا؟ شاىد ،متابعة ،اعتبار ،إيش العبلقة بينها؟ غَت
كل منهم ..ىذه الثبلث مصطلحات ،مصطلحاف منها نتيجة ،ومصطلح منها سبب، تعريف ٍ
سبب للوصوؿ إذل ا١تتابعة والشاىد ،قاؿ االعتبار ىو" :ىيئة التوصل إليهما" أي فاالعتبار ٌ
للشاىد وللمتابعةٍ ،ب عقب بعبارة عامة دعوًن منها ،ليست عن ا١تتابعة بل عن قسم ا١تقبوؿ؛ ألف كل
ما مضى ىو من قسم ا١تقبوؿ ،أرجئها للدرس القادـ إف شاء هللا.
اآلف اتضحت الفكرة العامة للمتابعة والشاىد واالعتبار أليس كذلك؟ ٨تن كما قلت لكم ال نعترب
شرحنا ،بل فككنا اللفظ وا١تعٌت بتفكيك أَورل سريع لنفهم ا١تراد.
الطريقة اآلف ىي ليست أخذ عبارات (النُّزىة) واحدة واحدة ،ال٨ ،تن فهمنا ا١تبلمح ،ا١تفًتض أًن ال
أعيد وأحفر ُب األلفاظ ،ا١تفًتض اآلف أف نعمل امتداد ٢تذه الصورة اليت ُرٝتت ،ىذا االمتداد لو
فلسفة معينة ،أقصد ىذا ا١تعٌت الذي سوؼ امتد فيو ُب الشاىد وا١تتابعة لو فلسفة حديثية معينة،
ىذه الفلسفة اٟتديثية ا١تعينة ىي اليت جعلتهم يهتموف بفكرة متابعة وفكرة شاىد وفكرة اعتبار ،ليش
أصبل؟ ىذه الفلسفة كلها قائمة على فكرة أف اٟتديث إذا كاف غريبًا فهو
اىتموا هبذه القضية ً
فردا غريبًا
مذموما ،لكن ُب األساس اٟتديث إذا كاف ً
ً مذموـ يف األساسُ ،ب األصل ،ليس كل غر ٍ
يب
فهو مذموـ ،وكلما ُوجد عاضد أو شاىد للمعٌت الذي يُروى بو ىذا اٟتديث فهو أفةضل عند
احملدثُت ،فهذه مصطلحات تصف حالة تعدد الطرؽ اليت ترفع الغَرابة ،أو ٯتكن أف ِ
توصل من جهة
أخرى إذل العلّة،
• قةضية منهجية يف دراسة وتدريس علوـ اٟتديث والتنبيو على أخطاء قد وقعت يف تقوية
األسانيد ببعةضها:
ومرة أخرى اي ٚتاعة ا٠تَت ُب دروس اٟتديث -وىذه قضية منهجية ُب تدريس اٟتديث وُب دراسة
اٟتديث -من ا٠تطأ االكتفاء ابلعبارات النظرية وتفكيك ا١تصطلحات وفهم األقساـ ،من ا١تهم أف
تُدرؾ ا١تنطلقات اليت جعلت ا﵀دثُت ومؤسسي ىذه الصنعة من ا١تتقدمُت اليت جعلتهم يهتموف هبذه
ٕٜٓ
أصبل ،لذلك سأقرأ عليكم اآلف بعض ا١تعاين اليت تدؿ على أصل فلسفة االىتماـ ابلطرؽٍ ،با١تعاين ً
سنجد كيف أنو حصل اختبلؿ مع الزمن ُب أنو ًب التعلق ابلصورة الظاىرية لتقوية األسانيد ببعضها
اليت اىتم هبا ا١تتقدموف ،وأخرجوىا عن معناىا الدقيق وعن متابعة ضوابطها ،وصارت وسيلة إلدخاؿ
أحاديث كثَتة ُب َحيِّز الصحة واٟتسن وىي ليست كذلك ،فانتقلت القضية من ا١تعٌت إذل الصورة
الظاىرة ،إيش ىي الصورة الظاىرة؟ أف دعوًن َ٧تمع اآلف طرؽ اٟتديث ،كم طريق عندًن؟ واحد،
اثناف ،ثبلثة ،ضعيف ضعيف ،ضعيف ،يساوي حسن لغَته! ولذلك ما أكثر األحاديث ا١توجودة
اليوـ اليت ٕتدوهنا ُب كثَت من كتب التخريج أو كتب التحقيق ا١تعاصرةٕ ،تدوف حسن لغَته ،حسن،
حديث ضعيف ،ىذا إشكاؿ ،ما وجو اإلشكاؿ؟ وجو
ٌ فعبل أنو
صحيح لغَته ،وتكوف نتيجة اٟتديث ً
اإلشكاؿ أنو قد ًب التعلق ببعض القةضااي النظرية الظاىرية يف تقوية اٟتديث عند اٟتفاظ األوائل،
جر اعتباراهتا وضوابطها وفلسفتها معها ،ىذا يذكرًن ٔتثاؿ آخر وجر ىذه الصورة الظاىرة دوف ّ ّ
حُت ُجَّرت عبارة للبخاري ُب حديث "ال نكاح إال بورل" ،قاؿ :إسرائيل زاد ،وإسرائيل ثقة ،أو
الزايدة من ثقة ،أو زادىا ثقة ،فَ ُجَّرت عبارة البخاري وعُ ِّممت على كل زايدات الثقات ،بينما
يرد ٣تموعة من زايدات ثقات! يقولوف :وهللا اٟتفاظ قَػ ّووا ىذا اٟتديث هبذا اٟتديث، البخاري نفسو ّ
إذف ماذا نعمل؟ كل حديثُت فيهما ضعف ٯتكن أف يػُ َق َّواي ببعضهما! وىذه مشكلة ،ليست ا١تشكلة
اآلف تَػَرفِيّة ،أي من ابب ىذا قوؿ وىذا قوؿ ،ال ،ا١تشكلة تؤدي إذل أف ىذه ا١تنهجية تُنتج ٖتسُت
ٍ
حديث بعينو مع االتفاؽ ُب ا١تنهجيات وتصحيح أحاديث كثَتة ليست صحيحة ،أما االختبلؼ ُب
فاألمر فيو سهل قريب .ىي الفلسفة مركبة ،القضية كلها مركبة ،اٞتزء األوؿ من الًتكيب ما ىو؟ اٞتزء
األوؿ من ىذه ا١تعادلة ا١تركبة ىو ذـ الغرائب.
نذىب إذل الفيلسوؼ اٟتديثي ابن رجب اٟتنبلي رٛتو هللا تعاذل ،يقوؿ" :وأما اٟتديث الغريب فهو
طبعا
ويذموف الغريب منو ُب اٞتملة"ً ،ضد ا١تشهور ،وقد كاف السلف ٯتدحوف ا١تشهور من اٟتديث ّ
ىذا مع الكبلـ الذي ذكرًنه عند عبدهللا بن ا١تبارؾ ،الذي ىو فرح كثَت من ا﵀دثُت ابلغريب
واحتفاؤىم بو وأنو كاف وسيلة للتكثّر ،وفكرة أف فلسفة ا﵀دثُت دل تكن :نعم أحضروا نريد أف
ذـ ،انظروا إذل ا١تفارقة!
نصحح ،ال ،ىي الفكرة أف األصل عندىم ُب ىذه الغرائب ال ّ
ٕٜٔ
"ومنو قوؿ ابن ا١تبارؾ :العلم ىو الذي ٬تيئك من ىاىنا ومن ىاىنا" ،يعٍت ا١تشهور ،ىذا النص
جدا،
مهم ً
• فائدة يف منهجية التعامل مع األفكار واألمور ا١تتعلقة ابلقةضااي الشرعية:
ومهم اب١تناسبة حىت منهجيًا ُب التعامل مع األفكار واألمور ا١تتعلقة ابلقضااي الشرعية ،العلم ىو الذي
٬تيئك من ىاىنا وىاىنا ،ىذه زاوية نظر مهمة ،غَت زاوية الغربة وغَت زاوية قلة أىل اٟتق و ...ىذه
زاوية أخرى ،ىذه اآلف زاوية ُب قضية العلم نفسو وروايتو" ،أخرجو البيهقي من طريقو "..إذل آخره.
ةضا من طريق الزىري عن علي بن اٟتسُت قاؿ :ليس من العلم ما ال يُعرؼ ،إ٪تا العلم
"وخرج أي ً
ّ
طبعا يقصد ألسن أىل العلم -وإبسناده عن مالك قاؿ :شرما عُرؼ وتواطأت عليو األلسن ً -
العلم الغريب ،وخَت العلم الظاىر الذي رواه الناس -ىذا اآلف ُب اٟتديث -وعن إبراىيم :قاؿ
كانوا يكرىوف غريب اٟتديث وغريب الكبلـ .وعن أيب يوسف قاؿ :من طلب غرائب اٟتديث
ُك ّذب .وقاؿ أبو نعيم -وىذه عبارة أيضاَ ٚتيلة من العبارات اليت تنفع ُب الرد على ا١تنكرين -قاؿ:
كاف عندان رجل يصلي كل يوـ ٜتس مئة ركعة ،سقط حديثو يف الغرائب -ىذا ال َف ْ
صل بُت قضية
أنو صاحل ُب ذاتو والرواية -قاؿ عمرو بن خالد ٝتعت زىَت بن معاوية يقوؿ لعيسى بن يونس:
رجبل كاف يصلي يف اليوـ مئيت ركعة ،ما
ينبغي للرجل أف يتوقى رواية غريب اٟتديث فإين أعرؼ ً
أفسده عند الناس إال رواية غريب اٟتديث .وذكر مسلم يف مقدمة كتابو من طريق ٛتاد بن زيد
عمرا؟ قاؿ :نعم ،إنو ٬تيئنا أبشياء غرائب ،قاؿ يقوؿ لو أيوب :إ٪تا
أف أيوب قاؿ لرجل :لزمت ً
نَػ ِّفر أو نَفرؽ من تلك الغرائب .قاؿ اإلماـ أٛتد :تركوا اٟتديث وأقبلوا على الغرائب ،ما أقل
الفقو فيهم! وقاؿ أٛتد :شر اٟتديث الغرائب اليت ال يُعمل هبا وال يُعتمد عليها .وقاؿ أٛتد
ةضا :إذا ٝتعت أصحاب اٟتديث يقولوف ىذا اٟتديث غريب أو فائدة فاعلم أنو خطأ ،أو أي ً
دخل حديث يف حديث ،أو خطأ من احملدث ،أو ليس لو إسناد ،وإف كاف قد روى شعبة
وسفياف ،وإذا ٝتعتهم يقولوف ال شيء فاعلم أنو حديث صحيح -ال شيء ىذه ليست عبارة
التضعيف ،ال شيء يعٍت "إيش عندؾ من حديث؟" "حدثنا مالك عن ًنفع عن ابن عمر"" ،ال ،ال
ٕٕٜ
شيء ىذا عرفناه ىذا أخذًنه من زماف" ىذا أوذل ابتدائي حديث!" -قاؿ أٛتد ابن ٭تِت ٝتعت
أٛتد بن حنبل غَت مرة يقوؿ :ال تكتبوا ىذه األحاديث الغرائب فإهنا مناكَت ،وعامتها عن
الةضعفاء .قاؿ أبو بكر ا٠تطيب البغدادي :أكثر طاليب اٟتديث يف ىذا الزماف يغلب عليهم كتب
الغريب دوف ا١تشهور -ىذا متأخر قليبلً -وٝتاع ا١تنكر دوف ا١تعروؼ ،واالشتغاؿ ٔتا وقع فيو
السهو وا٠تطأ من رواية اجملروحُت والةضعفاء ،حىت لقد صار الصحيح عند أكثرىم ٣تتنبًا ،والثابت
مصروفًا عنهم ُمطََّرحاً وذلك لعدـ "...إذل آخرهٍ .ب بدأ ابن رجب يذكر ٣تموعة من قضية الغرائب
والتفاصيل.
ىذه نقطة االرتكاز ،كثَت من دروس اٟتديث ال تقدـ نقاط االرتكاز ىذه ،تقدـ قضية أنو اٟتديث
من حيث طرقو ينقسم إذل قسمُت متواتر وآحاد ،أما اآلحاد فينقسم إذل ثبلثة أقساـ :غريب وعزيز
ومشهور ،فأما الغريب ما رواه واحد ،وأما العزيز ما رواه كذا ،وأما ا١تشهور فما رواه كذاٍ ،ب النقطة
فضبل عن أف تستطيع أف تدافع عن اإلشكاالت اليت بعدىا ،لن تفهم اٟتديث ىكذا ،لن تفهمً ،
ا١تثارة حولو ،ىذه اآلف فلسفة مهمة تفهمها عند ا﵀دثُت.
بناءً على ذلك كلو -على ىذه النقطة ونقاط غَتىا -نشأ مصطلح االعتبار ،الذي ىو ماذا؟ الذي
أصل؟ ىل لو متابِع؟
ىو تتبع األجزاء والرواايت والكتب وا١تسانيد حىت ننظر ىل ٢تذا اٟتديث الغريب ٌ
ىل لو شاىد؟ اآلف ظهرت العبلقة بُت ا١تصطلحات بشكل أوضح ،ننظر ُب ىذا الذي كما قاؿ قبل
قليل ابن حجر ُب (النُّزىة) ،قاؿ يُظن أنو غريب؛ ىل لو متابع؟ ىل لو شاىد؟ ىذا البحث ،عملية
البحث واالستقراء والنظر فيمن روى أو دل يرِو ،أو عضد أو دل يعضد؛ ىذه العملية اٝتها اعتبار،
ولذلك إذا فتحتم (هتذيب التهذيب) ،أو كتب اٞترح والتعديل ،ستجدوف ُب بعض الرواة العبارة
التالية" :يُكتب حديثو لبلعتبار" ،ما معٌت يُكتب حديثو لبلعتبار؟ يُكتب حديثو لبلعتبار ال يساوي
ُ٭تتج بو.
والقاعدة التالية ىي أنو قد يُقبَل من األحاديث حاؿ كوهنا ٖتت مظلة االعتبار ما ال تُقبل منفردة،
ٔتعٌت قد يرقى حديث بعملية االعتبار ووجود شاىد لو ولو كاف فيو نسبة ضعف ،ترقى بو من الغرابة
ٖٕٜ
وعى وىي.. جدا ومهم أف تُ َ
ا١تن َكرة إذل اٟتُسن ا١تقبوؿ ،وىذا مبٍت على نقطة ارتكاز أخرى مهمة ً
دعوين أعطيكم إايىا عند اإلماـ أٛتد ،اإلماـ أٛتد فيلسوؼ وفناف ُب التقاط العبارات وا١تعاين ا١تركزية
ُب العِلَل ،ومن ٚتلتها ىذه العبارة ،يقوؿ" :حديث الةضعفاء قد ُ٭تتاج إليو يف وقت ،وا١تن َكر أب ًدا
منكر" ،ماىي نقطة االرتكاز اآلف؟ ىي :أف الضعيف إذا ُحكم عليو أنو ضعيف فهذا ال يساوي أف
أيضا ُب
كل أحاديثو خطأ ،وإ٪تا حكموا عليو أبنو ضعيف ألنو يكثر من ا٠تطأ ُب رواايتو ،ويصيب ً
مثبل :مًتوؾ، رواايتو ،وإال لو دل يكن يصيب ُب رواايتو ٟتكموا عليو بوصف أش ّد من الضعف ،فقالوا ً
ىذه تعٍت أنو ال يُنتفع ْتديثو ،أو حُت يقولوف :ال يُكتب حديثو ،أو حُت يقولوف :ليس بثقة وال
٘تاما ،حُت يقولوف ضعيف فقط ،أو ليس ابلقوي ،أو لُت اٟتديث ،إيش مأموف ،ىذا خارج اللعبة ً
معٌت ىذا الكبلـ؟ معٌت ىذا الكبلـ أنو وجد ُب رواايتو ما يدؿ على أنو ال يُكتفى بو إف انفرد ،فيو
مثبل عنده ٜتس مئة رواية ،أخطأ ُب مئتُت وٜتسُت، إشكاؿ ،فيو ضعف١ ،تاذا؟ عنده أخطاء كثَتةً ،
ىذا عند ا﵀دثُت يسمى ضعيف ،طيب وا١تئتُت وٜتسُت الثانية ماذا يفعلوف هبا؟ ألجل ىذا يقولوف
عن ىذا ٓتمس مئة الرواية اليت عنده :يُكتب حديثو لبلعتبار ،ىذه ا١تئتُت وٜتسُت اليت أنت أصبت
فيها ٨تن ال نعرفو أي ىي اآلف ،أنت رويت بس ظهر لنا من خبلؿ رواايتك خطأ كثَت ،وظهر لنا
صواب كثَت٨ ،تن ما ع ّدينا٨ ،تن عندًن خطأ كثَت وصواب كثَت ،نكتب حديثك ألف ما لديك من
الصواب يدؿ على أف لديك ما ٯتكن أف يُع َترب بو ،فقد أتٌب رواية من الرواايت ينفرد هبا را ٍو ٍب أيٌب
أحياًن قد ٭تتجوف ْتديث الراوي فتقوى رواية األوؿ برواية الثاين وإف كاف ضعي ًفا ،بل ً ىذا يعضده َّ
ولو دل يعضده أحد وإف كاف فيو ضعف؛ ألهنم يستبُت ٢تم بقرائن معينة أنو أصاب ُب ىذه الرواية
ياًن يعربوف عنو أبنو -خاصة ا١تتأخرين ١تا يصفوف البخاري أو مسلم -يقوؿ لك: بعينها ،وىذا أح ً
انتقى من أحاديثو ،إيش االنتقاء؟ انتقى ما تبُت لو أنو أصاب فيو ،وىذا لو قرائن حديثية دقيقة،
مثاؿ آخر" :كاف النيب ﷺ إذا توضأ خلل ٟتيتو" ،عدد من اٟتفاظ الكبار ضعَّفو ّتميع طرقو.
مثاؿ آخر" :طلب العلم فريضة على كل مسلم" ،حديث ضعيف َّ
وضعفو من ا١تتقدمُت ّتميع طرقو
غَتُ واحد ،ومن أشهرىم إسحاؽ بن راىويو شيخ اإلماـ البخاري ،انظر إذل ا١تفارقة ،جاء السيوطي -
السيوطي ٦تن اعتمد الطريق الظاىرة ىذه ُب األعداد -أدخل حديث "طلب العلم فريضة على كل
مسلم" ليس ُب اٟتسن ،وليس ُب الصحيح ،بل ُب ا١تتواتر! انظر إذل القفزة من ضعيف ّتميع طرقو
إذل متواتر! ١تاذا؟ صار اٞتمود على القضية الظاىرة ،كم إسناد؟ أكثر من عشرة ،حد ا١تتواتر عشرة
أيضا تضم إليو اليت ىي أف ا١تتواتر ال يُنظر إذل أحواؿ رواتو ،وىذا خطأ كبَت
كذا ،وُب قاعدة أخرى ً
جدا ُب ا٠تلط بُت الصورتُت ،بُت صورة االستفاضة العامة اليت يسميها الشافعي خرب العامة عن ً
كبَتا ترويو كل طبقة عن األخرى،
شيوعا ً
العامة ،العامة ال يقصد عواـ الناس ،عامة أي خرب شائع ً
اترا ،وال خرب عامة عن
مثبل اليوـ انتشر أنو صار ُب وقت ما كذا ،ال ،ىذا ليس متو ً
ليس شائع يعٍت ً
العامة ،ىو مثل ماذا؟ مثل الصلوات ا٠تمس ،كاف النيب ﷺ يصلي الصلوات ا٠تمس ،ىذا ما يتطلب
ثبوات قطعيًا أنك تصح أف تقوؿ األمة روتو عن
أنك تبحث ُب أحواؿ النقلة ،الذي ىو ٦تا ىو اثبت ً
أصبل
األمة ،اٞتيل الثاين رواه عن األوؿ ،الثالث رواه عن الثاين ،والرواية ىذه قد يكوف جزء منها ً
جيبل بعد جيل ..إذل آخره ،واضحة الفكرة؟ عملي ،عمل ا١تسلموف ً
حجة ،فيو منزع من
أصبل منزع أصورل ُب قضية قوؿ مالك ُب اعتبار عمل أىل ا١تدينة ّ
طبعا ىذا فيو ً ً
ىذه الناحية ،وإف كاف فيها تفصيل ،وىي قضية أىل ا١تدينة فقط غَت خرب العامة عن العامة .فالقضية
مثبل:
فيها إشكاؿ كبَت ُب االنتقاؿ من تضعيف اٟتديث ّتميع طرقو إذل متواتر ،وفيو اعتبارات ،يعٍت ً
ٕٜ٘
"ال وضوء ١تن دل يذكر اسم هللا عليو" ،ىذا كل الطرؽ اليت روي هبا ىي ُب أفرادىا كل واحد منها فيو
ضعف ،حسنًا ١تاذا دل يقوى ماداـ روي من طرؽ ٥تتلفة؟ ٦تا يشكل على ىذا ا١تعٌت أف األحاديث
ثبوات قطعيًا ،الصحيحة ا١تعروفة عن صفة وضوء النيب ﷺ دل يُنقل ُب حديث منها أنو ٝتَّى قبل
الثابتة ً
الوضوء ،فكيف ٯتكن أف نقبل الرواايت اليت فيها ضعف واليت تقوؿ ال وضوء ١تن دل يذكر اسم هللا
سمى قبل الوضوء أو ال يسمى ،ىذه مسألة فقهية عليو؟ ٍب أتٌب مسألة أخرى أمرىا سهل ،وىي ىل يُ ّ
البعض يعتمد فيها على آاثر الصحابة مثل اإلماـ أٛتد ،يقوؿ :ال يثبت فيو شيء ويعجبٍت أف
يسمي .وتعرفوف اعتبار أقواؿ الصحابة وعمل الصحابة ..إذل آخره ،لكن ىذه مسألة أخرى ال دخل ّ
لنا هبا٨ ،تن نتكلم اآلف فقط من ًنحية ثبوت الرواية.
متخصصا ُب
ً ولذلك كما قلت من ا١تشكبلت ا١توجودة اليوـ واليت كثَت من الباحثُت قد ال يكوف ىو
حسنو فبلف ،خبلص
صححو فبلفَّ ،أصبل ،أيخذ أحكاـ بعض ا١تعاصرين اٞتاىزةَّ ، اٟتديث والرواية ً
ٔتبدأ أنو كثَت منها ُح ِّسن ٔتبدأ تعاضد الطرؽ ،وليس فيو تلك الدقة.
أحياًن تكوف القضية
حسنًا دعوًن ننظر كيف أف عضد الطرؽ ببعضها ليس دائما عملية صحيحةً ،
أحياًن كثرة الطرؽ تدؿ على ا٠تطأ وليس على
فيها إشكاؿ ،ىناؾ عبارات للح ّفاظ تدؿ على أنو ً
مثبل -
أحياًن وجود كثرة الطرؽ ُب الرواية تدؿ على وقوع ا٠تطأ فيها ،ال تدؿ على التقويةً ،
التقويةً ،
أحياًن يظهر للمح ِّدث أنو يوجد عدد من الطرؽ اليت ٘تت كتابتها وروايتها
جداً - وىذا من اٞتميل ً
مثبل ُب اٞتسم خلل فتتكاثر ا٠تبلاي ،يصبح ىناؾ إنتاج خبلاي بغَتٟتديث ما ..رأيت ١تا ٭تدث ً
فائدة ،مثل ىذا ُب قضية اٟتديث ،يصبح ىناؾ واحد من ا﵀دثُت عنده خلل ،يبدأ ينتج أسانيد،
كذااب ،لكن ىؤالء ٢تم وصف خاص عند ا﵀دثُت ،يقوؿ لك مضطرب اٟتديث ،ىذا مضطرب ليس ً
اٟتديث ىذا الذي يضطرب ،مرة يرويو عن فبلف ٍب يرويو عن فبلف ٍب يرويو عن فبلف ٍب يرويو عن
فمثبل الزىري
فبلف ،وىذا بعينو يوجد فيو أشخاص فيُقبل منهم ،ويوجد فيو أشخاص فيكوف اضطر ًاابً ،
حُت يروي ُب حديث واحد عن سعيد عن أيب ىريرة ،وعن أيب سلمة عن عائشة ،وعن َع ْمرة عن
عائشة ،وعن عُبيد هللا بن عبدهللا بن عتبة عن ابن عباس ،حديث واحد منت واحد ،ورواه اٞتماعة
عن الزىري هبذا التعدد ،سيقولوف لك ىذا حديث مروي من طريق ثبلثة من الصحابة ،الذي روى
ٕٜٙ
من طريقهم الزىري١ ،تاذا؟ الزىري واسع الرواية ،ضابط ،مت ِّقن ،و٭تتمل ىذا التنويع ،دمحم بن عبد
الرٛتن بن أيب ليلى مضطرب الرواية ،إذا روى نفس ىذه الرواية ،نفس ما رواه الزىري اليت رواىا عن
ثبلثة كل واحد منهم صحايبٕ ،تد ا﵀دثُت يقولوف لك :ىذا حديث مضطرب اإلسناد ،ال يقبلوف أنو
روى عن الثبلثةُ ،ب (التهذيب والتهذيب)" :قاؿ أٛتد بن حنبل :كاف سيء اٟتفظ مةضطرب
اٟتديث ،كاف فقو ابن أيب ليلى أحب إلينا من حديثو -ىو فقيو قاضي -قاؿ شعبة :ما رأيت
أح ًدا أسوأ حفظًا من بن أيب ليلى .قاؿ شعبة" :أفادين ابن أيب ليلى أحاديث فإذا ىي مقلوبة...
كاف زائدة ال ٭تدث عنو وذكره زائدة وقاؿ :كاف أفقو أىل الدنيا -فقيو لكن حديثو ليس بشيء،
فقيها ،صاحب سنة ،صدوقًا ،جائز اٟتديث ،كاف عا١تًا ابلقرآف ،كاف
ضعيف -قاؿ العجلي :كاف ً
نبيبل ،وأوؿ من استقةضاه على الكوفة يوسف بن عمر الثقفي -
ٚتيبل ً
من أحسب الناس ،وكاف ً
يعٍت أنو ليس من أطراؼ الناس -قاؿ ابن معُت :ليس بذاؾ .قاؿ أبو زرعة :ليس أبقوى ما يكوف.
قاؿ أبو حاًب٤ :تلرو الصدؽ ،كاف سيء اٟتفظُ ،ش ِغل ابلقةضاء فساء حفظو ،ال يُػتَّهم بشيء من
الكذب ،إ٪تا يُنكر عليو كثرة ا٠تطأ ،يُكتب حديثو وال ُ٭تتج بو ،وىو واٟتجاج بن أرطى ما
أقرهبما .أبو أٛتد اٟتاكم يقوؿ :عامة أحاديثو مقلوبة" .ال توجد عبارة اآلف فيها ا١تثاؿ ،رٔتا ُب
(شرح علل الًتمذي) البن رجب ،لكن ال وقت للرجوع لو.
-خبلصة ١تلمة الكبلـ يف ىذا الباب؛ واحد :األحاديث الغرائب ،األحاديث األفراد عند ا﵀دثُت
بشكل عاـ تعترب مذمومة ،وفيها ما ىو صحيح ،عندما أقوؿ مذمومة ليس معناه أهنا تساوي ضعيفة،
أساسا.
لكنها ليست ىي األمر الذي يطمئن إليو ً
ٕٜٚ
سيأتينا إف شاء هللا ُب التفريق من أحاديث األفراد ،ىناؾ قرائن رىيبة ،فكرة اٟتديث الفرد عند
ا﵀دثُت وما الذي يقبل وما الذي ال يقبل؛ فكرة عبقرية خرافية ،ومفيدة ُب قضية التاريخ ونقد
مثبل -بشكل سريع -عندىم إذا تفرد اتبعي عن الصحايب التاريخ ،وحىت نقد الرواايت ا١تعاصرة؛ ألنو ً
فهو أىوف من تفرد شخص من طبقة مشيخة األئمة١ ،تاذا؟ ألنو ُب وقت التابعُت والصحابة كاف
إمكاف التفرد مفهوـ ،دل تستقر ا١تدارس اٟتديثية وحصلت الرحلة الشمولية ،وشاع اٟتديث من نقاط
طبقة أوذل مفهوـ ،أف يتفرد شخص بعد شيوع اٟتديث االرتكاز إذل ا﵀اور ،فأف يتفرد شخص ُب ٍ
َ
جدا ،وكبلـ الذىيب ُب
ىذا مستن َكر ،فأف يتفرد شخص من شيوخ البخاري ْتديث ىذا مستنكر ً
جدا ،ىذه قرينة تؤثر ُب اٟتكم عن
(ا١توقظة) رىيب ،إف شاء هللا إذا أتينا للتفرد سأذكره ،مهم ً
اٟتديث ابلفرد ،قرائن كثَتة..
النقطة الثالثة :االعتبار ىو :دراسة الطرؽ ا١ترتبطة ابلرواية للتوصل إذل متابعات اٟتديث وشواىده
وما يرتبط بذلك ،فعملية البحث أو ىيئة التوصل ىي االعتبار.
النقطة الرابعة :أف اٟتديث إذا اُ ْعتُِرب ور ِ
وعيَت فيو ضوابط االعتبار قد يػُ َق َّوى من درجة الضعف ُ
إذل درجة الصحة أو إذل درجة ال َقبوؿ ،حىت لو دل يُطلق عليو صحيح ،بعضهم يتحفظ على كلمة
أيضا بسط فلسفة تقوية اٟتديث، مثبل الشافعي ١تا ذكر تقوية ا١ترسل ،واب١تناسبة الشافعي ً صحيحً ،
قوى؟ وما ا١تقبوؿ منو وغَت ا١تقبوؿ؟
وابن رجب أبدع ُب شرح عبارة الشافعي أف حديث ا١ترسل مىت يُ ّ
أنت اٟتديث ا١ترسل ١تاذا ال تقبلو؟ ألننا ال نعرؼ من ىو الساقط ،ٯتكن يكوف ضعيف وٯتكن يكوف
التقوي يصل إذل أي درجة؟ قد ثقة ،حسنًا إذا جاء شيء يقوي ىذا ا١ترسل ىنا يرتقي ويَقوى ،ىذا ِّ
ٕٜٛ
أصبل يعمل اب١ترسل من حيث األساس ببعض يصل إذل درجة العمل واالعتماد ،مع أف البعض ً
أيضا ْتسب االرتقاء ،أنو ماذا؟ ىل ٔترسل آخر؟ فيو طبعا ىذا ً الضوابط .بعضهم يسميو حجةً ،
تفصيل ،من يريد يرجع إليو يعود إذل (شرح علل الًتمذي) البن رجب ُب شرح كبلـ الشافعي ،أظن
عشرين أو ثبلثُت صفحة فقط ُب نقطة تقوية ا١ترسل! إذف اٟتديث الضعيف قد يػُ َق َّوى ،قد يًتقى،
ا١تقواة،
من مبدأ وفلسفة النقاط السابقة ،ولكنها ٖتتاج إذل ضوابط ،يُنظر إذل ما ٭تيط هبذه الرواية ّ
أصوال؟ مثل قبل قليل ،أنو ا١تتوف الصحيحة ما ذكرت تسمية النيب ﷺٍ ،ب ىنا "ال وضوء
ىل ٗتالف ً
١تن دل يذكر اسم هللا عليو" ،ىنا يوجد إشكاؿ ،لو كانت تلك الرواايت :حُت توضأ النيب ﷺ ٝتَّى،
اإلشكاؿ يكوف أخف صحيح؟ مع أنو قد يقوؿ قائل :دل ِ
أتت ىذه الزايدة إال ..لكن ١تا يكوف "ال
وضوء ١تن دل يذكر اسم هللا عليو" ٍب أتٌب األحاديث الصحيحة العملية عن النيب ﷺ ،حديث عبدهللا
بن زيد وحديث عثماف وغَتىم ال يوجد فيها ،ىنا ىذه الرواايت الضعيفة ال تكوف ٤تل للتقوية ،إذف
ىناؾ ضوابط.
النقطة ا٠تامسة :ىي أف نسياف ىذه النقاط االرتكازية ُب تقوية اٟتديث ابلشواىد وا١تتابعات،
والتعلق ابلصورة الظاىرة وا١تعادالت الظاىرة ،ضعيف زائد ضعيف يساوي حسن لغَته ،هبذا ا١تنطق
كثَتا؛ ىذا ُمشكِل ً
جدا ويؤدي إذل نتائج غَت صحيحة. النظري وىو لؤلسف معموؿ بو ً
من الكتب اٞتيدة ُب ىذا اجملاؿ كتاب للدكتور طارؽ عوض هللا اٝتو (اإلرشادات ُب تقوية اٟتديث
كثَتا على عبارة اإلماـ أٛتد" :حديث الةضعفاء قد
ابلشواىد وا١تتابعات) ،كتاب مفيد وركز فيو ً
ُ٭تتاج إليو يف وقت ،وا١تنكر أب ًدا منكر" ،ىذه عبارة مركزية ً
جدا ،وىي أف اٟتديث ا١تنكر ىذا ىو
الذي تبُت خطؤه ،إذا تبُت خطؤه ما عاد يفيد ُب الشواىد وا١تتابعات ،وىذه من اإلشكاالت.
ٕٜٜ
خا٘تة:
دعوين أختم لكم بصورة إشكاؿ حىت نفهم أنو يوجد مفارقة بُت النظر إذل كثرة الطرؽ كشيء معترب
للتقوية ،وبُت كثرة الطرؽ كدليل على ا٠تطأ ،أذ ُكر ُب (سبل السبلـ) للصنعاين -رٛتو هللا تعاذل -أتى
ٟتديث روي من طريقُت على مدار واحد ،اُختُلِف عليو ،فبعض الرواة رواه ً
مرسبل ،وبعض الرواة رواه
موصوال ،من خبلؿ الدروس السابقة ما ىي طريقة اٟت ّفاظ ُب التعامل مع ىذا ا٠تبلؼ؟ يروف من ىوً
الطرؼ األرجح ،وذكرًن الطرؼ األرجح قد يكوف بسبب االختصاص ُب الشيخ ،قد يكوف ..أسباب
مرسبل وبعضهم يرويو عنو
كثَتة ،لكن األصل ُب اختبلؼ الرواة على شيخ واحد بعضهم يرويو ً
رجحوا ماذا؟ يرجحوف الطرؼ األقوى من التبلميذ ،موصوؿ ،مرسل ،موقوؼ، موصوال ،اٟتفاظ ّ
ً
صحيحا٫ ،تّهم من الطرؼ األقوى من التبلميذ؟ يعٍت
ً مرفوع ،ال يهمهم أف اٟتديث ٬تب أف يكوف
٫تهم ما الذي قالو الشيخ ا١تختلَف عليو ،وابلتارل األصل ُب اٟتديث إذا اختلف رواتو عن شيخ ما،
ُ
ولنفًتض أنو الزىري ،فقاؿ مالك ومعمر وسفياف بن عيينة وشعيب وعقيل :إف الزىري حدثنا هبذا
مرسبل ،ليس فيو صحايب ،ليس فيو اتبعي آخر ،ال نعرؼ من ،عن الزىري عن اٟتديث عن النيب ﷺ ً
مرسبل ،وجاء صاحل بن كيساف -وىو ثقة ُب الزىري -فقاؿ :حدثٍت الزىري ىذا اٟتديث النيب ﷺ ً
موصوال ،ىنا يقوؿ اٟت ّفاظ حياؾ هللا اي شيخ صاحل وهللا ٬تزيك ا٠تَت لكنك
ً عن أنس عن النيب ﷺ
اخطأت ،واٟتديث مرسل١ ،تاذا؟ ألف اجتماع ىؤالء األخص واألحفظ ْتديث الزىري قالوا إنو
مرسبل.
حدثنا بو ً
خاصا فيو ،بل كثَت من أتى الصنعاين -رٛتو هللاُ -ب مثاؿ مثل ىذا فرجح ا١توصوؿ -وىذا ليس ً
رجح ا١توصوؿ من ابب وقاعدة زايدة الثقة ،من ابب أهنا زايدة ثقة ،والثقة إذا زاد ا١تتأخرين مثل ىذاّ -
فزايدتو مقبولة ،مسألة كبَتة ُب علم اٟتديث اٝتها مسألة زايدة الثقة ،ما الزايدة اليت ىنا؟ ىنا زايدة ُب
اإلسناد ،ثقة زاد ُب اإلسناد فزايدتو مقبولة بناءً على ىذه القاعدة ،وىذه القاعدة إطبلقها غَت
أبدا من خبلؿ تصرفات اٟتفاظ ا١تتقدمُت ،وإف كاف بعضهم قاؿ نظرًاي :والزايدة من الثقة صحيح ً
مقبولة ،من اٟتفاظ ا١تتقدمُت ،لكن ىذه ٢تا ضوابطها؛ ألف ىو نفسو الذي يقوؿ كذا ىو نفسو
ورجح ا١توصوؿ بناء على يضعف زايدات الثقات ،فجاء الصنعاين رٛتو هللا تعاذل ونظر إذل ىذا وىذا َّ ّ
ٖٓٓ
أف زايدة الثقة مقبولةٍ ،ب قاؿ -وىذه نقطة الشاىد ابلضبط اليت تبُت الفرؽ الكبَتٍ -ب قاؿ :وا١ترسل
ائت رل ابلعبارة الصحيحة على طريقة اٟت ّفاظ ،وا١ترسل ماذا تصبح ىنا؟ ىو يقوؿيقوي ا١توصوؿ! ِ
يضعف ا١توصوؿ؛ ألف الذين أرسلوه ىم األثبت، وا١ترسل يقوي ا١توصوؿ ،والعبارة الصحيحة :وا١ترسل ّ
ىذه نفس عبارة أيب حاًب " ُك ِشفت لنا عورة اٟتديث" ،يعٍت عندما أٝتع أًن اٟتديث من رواية صاحل
بن كيساف عن الزىري عن أنس عن النيب ﷺ ،ما حكم ىذا اٟتديث؟ صحيحٍ ،ب ٝتعت رواية مالك
أيضا عن النيب ﷺ دوف ذكر أنس ،ىذا عند ويونس ومعمر وسفياف و ..لنفس ا١تنت عن الزىري ً
ا﵀دثُت يسمونو "أفسد ذاؾ اٟتديث" ،ىكذا يقولوف :أفسده ،وبعضهم يقولوف :أظهر عورة اٟتديث؛
متصبل ابلثقات ،فلما وقفنا على
ً ألف اٟتديث األوؿ دل تكن فيو عورة ،دل يكن فيو فساد ،كاف
اٟتديث نفسو من حيث ا١تنت ،ونفسو من حيث الشيخ ،ولكنو على خبلفو من حيث الًتكيب وعرفنا
فبدال من عبارة الصنعاين :ا١ترسل يقوي ا١توصوؿ،
أنو أرجح ،أفسد لنا ما كنا نعتقد أنو صحيحً ،
دائما يعضد صارت ىنا األصح :ا١ترسل ِ
يضعف ا١توصوؿ ،وليس يقويو؛ ألف كثرة الطرؽ ليست ً ّ
بعضا.
بعضا ،قد يضعّف بعضها ً بعضها ً
ِّ
وصل اللهم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت.
ٖٔٓ
احملاضرة التاسعة عشر:
ا١تػقدمة:
ثَتا طيبًا مبارًكا فيو ،كما ٭تب ربنا تبارؾ وتعاذل ويرضى ،اللهم لك
ٛتدا ك ً
اٟتمد ﵁ رب العا١تُتً ،
صل وسلم وابرؾ على عبدؾاٟتمد ال ٨تصي ثناء عليك ،أنت كما أثنيت على نفسك ،اللهم ِّ
ورسولك دمحم.
وسهبل ،نستعُت اب﵁ ،ونستفتح اجمللس التاسع عشر من ٣تالس الشرح ا١تطوؿ على نزىة ً أىبل
اي ً
النظر ،ودرس البارحة كاف عن ا١تتابَعات والشواىد واالعتبار ،وىي قضية ُب غاية األ٫تية ،وكاف من
التنبيهات األساسية فيها :الفرؽ بُت تصحيح اٟتديث ابلطرؽ عند اٟت ّفاظ ا١تتقدمُت بضوابطو ،وبُت
توسع بعض من يصحح األحاديث ّتمع الطرؽ بدوف ضوابط متينة.
أوال :سأقرأ اٞتمل ا١تقصودة ابلشرح من (٩تبة اليوـ موضوع جديد ،ولكن كما فعلنا ابألمسً ،
الفكر)ٍ ،ب أقرأىا من (نزىة النظر) ،وأف ّكك العبارة ُب (نزىة النظر) تفكي ًكا سر ًيعاٍ ،ب ننسى اٞتمل
كثَتا على
ويكوف الكبلـ على أصل ا١توضوع ،وإعادة القراءة من (النخبة) ٍب (النزىة) يعٍت تعُت ً
التصور.
طبعا طريقة النزىة ُب الشرح ىي طريقة مسلوكة عند أىل العلم اليت ُٮتلَط فيها كبلـ ا١تاتِن بكبلـ ً
الشارح ببل أف ما يُقاؿ :قولو كذا ،والشرح ،ال ،ىو يدمج الكبلـ ببعضوٕ ،تدوف ىذا ُب كتب كثَتة،
أحياًن ُب التفسَت أو ُب التعليق على بعض اآلايت القرآنية.
حىت ً
ا١تقبوؿ:
قاؿ ابن حجر رٛتو هللا تعاذل ُب (النخبة)ٍ" :ب ا١تقبوؿ إف سلم من ا١تعارضة فهو احملكم ،وإف
عُوِرض ٔتثلو ،فإف أمكن اٞتمع فمختلف اٟتديث ،أو ال وثبت ا١تتأخر فهو الناسخ واآلخر
ا١تنسوخ ،وإال فالًتجيح ٍب التوقف".
ٕٖٓ
ىذاف السطراف ٫تا درس اليوـ إف شاء هللا٦ ،تكن أنخذ فيو ساعة كاملة وما نوفيو ،لكن طريقة ابن
كثَتا ،و٭تتاج
جدا ،يضغط اٞتمل ضغطًا عجيبًا ،ويستعمل الضمائر ً حجر ُب النخبة طريقة مضغوطة ً
أف تركز حىت تربط اٞتمل ببعضها.
مرة أخرىٍ" :ب ا١تقبوؿ -أي اٟتديث ا١تقبوؿ -إف سلم من ا١تعارضة فهو احملكم .وإف عُوِرض
ٔتثلو ،فإف أمكن اٞتمع فمختلف اٟتديث ،أو ال وثبت ا١تتأخر فهو الناسخ واآلخر ا١تنسوخ،
وإال -إذا دل يثبت ا١تتأخر فيما دل ٯتكن اٞتمع فيو -فالًتجيح ٍب التوقف".
واآلف ىذا السطر ينهي بو القسم األوؿ من النخبة ،كل ما مضى من النخبة والنزىة كلو كاف ُب
اٟتديث ا١تقبوؿ ،لذلك اٞتملة التالية وىي اليت ستكوف الدرس القادـ إف شاء هللا "ٍب ا١تردود.."...
جدا من (النخبة) ،سطراف ُب كم فككها ابن حجر نفسو؟ ُب كم ف ّكك
جدا ً
اآلف ىذا ا١تنت ا١ترّكز ً
ا١ترّكزة ىذه؟ ف ّككها ُب عدة صفحات.
عبارتو ُ
أقساـ ا١تقبوؿ:
أوال قاؿ اٞتملة اليت ذكرت لكم أهنا ليست موجودة ُب (النخبة) ،قاؿ: فقاؿ -رٛتو هللا تعاذلً -
ٖتصل فائدة تقسيمو ابعتبار مراتبو عند ا١تعارضة وهللا أعلم".
"وٚتيع ما تقدـ من أقساـ ا١تقبوؿ ُ
ةضا إذل معموؿ بو وغَت معموؿ بو ،ألنو إف سلم من ا١تعارضة ،أي :دل
ٍب قاؿٍ" :ب ا١تقبوؿ ينقسم أي ً
أيت خرب يةضاده فهو احملكم ،وأمثلتو كثَتة.
مردودا.
ً مقبوال مثلو ،أو يكوف
وإف عورض فبل ٮتلو :إما أف يكوف معارضو ً
فالثاين ال أثر لو ألف القوي ال يؤثّر فيو ٥تالفةُ الةضعيف .وإف كانت ا١تعارضة ٔتثلو؛ فبل ٮتلو :إما
سف ،أو ال ،فإف أمكن اٞتمع فهو النوع ا١تُسمى ٥تتلف
أف ٯتكن اٞتمع بُت مدلوليهما بغَت تع ر
اٟتديث ،ومثّل لو ابن الصبلح ْتديث "ال عدوى وال طَتة" ،مع حديث "فر من اجملذوـ فرارؾ
من األسد" وكبل٫تا يف الصحيح ،وظاىر٫تا التعارض.
ٖٖٓ
ووجو اٞتمع بينهما :أف ىذه األمراض ال تُعدي بطبعها ،لكن هللا سبحانو وتعاذل جعل ٥تالطة
ضوٍ ،ب قد يتخلف ذلك عن سببو كما يف غَته من ا١تريض هبا للصحيح سببًا إلعدائو مر َ
األسباب.
تبعا لغَته ،واألوذل يف اٞتمع أف يقاؿ :إف نفيو ﷺ للعدوى ٍ
ابؽ كذا ٚتع بينهما ابن الصبلح ً
على عمومو ،وقد صح قولو ﷺ" :ال يُعدي شيءٌ شيئًا" ،وقولو ﷺ ١تن عارضو أبف البعَت
األجرب يكوف يف اإلبل الصحيحة فيخالطها فتجرب ،حيث ر ّد عليو بقولو" :فمن أعدى
األوؿ؟!" ،يعٍت أف هللا سبحانو وتعاذل ابتدأ ذلك يف الثاين كما ابتدأه يف االوؿ.
وأما األمر ابلفرار من اجملذوـ فمن ابب سد الذرائع لئبل يتفق للشخص الذي ٮتالطو شيء من
ذلك بتقدير هللا تعاذل ابتداءً ،ال ابلعدوى ا١تنفية؛ فيظن أف ذلك بسبب ٥تالطتو؛ فيعتقد صحة
حسما للمادة وهللا أعلم".
العدوى؛ فيقع يف اٟترج؛ فأَمر بتجنبو ً
ىذاف اآلف مثاالف أو مثاؿ على اٞتمع على ٥تتلف اٟتديث" ،إف عورض ٔتثلو وأمكن اٞتمع".
أًن اآلف أقرأ قراءة سريعة توضيحيةٍ ،ب الح ًقا أيٌب الشرح.
قاؿ" :وقد صنف يف ىذا النوع الشافعي كتاب (اختبلؼ اٟتديث) ،لكنو دل يقصد استيعابو،
عرؼ
وصنف فيو بعده بن قتيبة والطحاوي وغَت٫تا .وإف دل ٯتكن اٞتمع فبل ٮتلو :إما أف يُ َ
التاريخ ،أو ال ،فإف عُ ِرؼ وثبت ا١تتأخر بو أو أبصرح منو فهو الناسخ ،واآلخر ا١تنسوخ".
قاؿ" :والنسخ :رفع تعلرق حكم شرعي بدليل شرعي متأخر عنو .والناسخ :ما دؿ على الرفع
ا١تذكور .وتسميتو انس ًخا ٣تاز؛ ألف الناسخ يف اٟتقيقة ىو هللا سبحانو وتعاذل .ويُعرؼ النسخ
أبمور -ىذا كلو اآلف زايدة على (النخبة) -صرحها ما ورد يف النص ،كحديث بريدة يف صحيح
مسلم" :كنت هنيتكم عن زايرة القبور ،فزوروىا فإهنا تذكر اآلخرة" .ومنها ما ٬تزـ الصحايب أبنو
مست النار" ،أخرجو
متأخر ،كقوؿ جابر" :كاف آخر األمرين من رسوؿ هللا ﷺ ْترؾ الوضوء ٦تا ّ
ٖٗٓ
ا١تتأخر
ُ أصحاب السنن .ومنها ما يُػ ْع َرؼ ابلتاريخ ،وىو كثَت .وليس منها ما يرويو الصحا ريب
ضا ١تا تق ّدـ منو" ،أي األوؿ قاؿ إذا أمكن اٞتمع فمختلف اٟتديث ،ما أمكن اٞتمع اإلسبلِـ معار ً
وعرفنا التاريخ :ا١تتأخر الناسخ وا١تتقدـ ا١تنسوخٍ ،ب ّفرع فقاؿ :كيف طيب نعرؼ ا١تتقدـ؟
"وأما اإلٚتاع فليس بناسخ ،بل يدؿ على ذلك .وإف دل يعرؼ التاريخ ،"...ىذا كلو إذا عرؼ
التاريخ ،اآلف إذا أمكن اٞتمع٥ :تتلف اٟتديث- ،سيأٌب تعليقات على كل ىذا ،ألنو توجد أِشياء
تعسف فهذا ٥تتلف فيها استدراؾ ،لكن اآلف كتفكيك أو كتوضيح -إف استطعنا اٞتمع بدوف ُّ
اٟتديث ،دل نستطع وعرفنا التاريخ :فهذا ًنسخ ومنسوخٍ .ب كيف نعرؼ الناسخ ا١تنسوخ.
ٖ٘ٓ
ما استطعت أف ٕتمع بُت اٟتديثُت ،وال عرفت الناسخ وا١تنسوخ ،وال استطعت حىت ترجح
بينهما،
قاؿٍ" :ب التوقف عن العمل أبحد اٟتديثُت ،والتعبَت ابلتوقف أوذل من التعبَت ابلتساقط؛ ألف
ِ
للمعترب يف اٟتالة الراىنة ،مع احتماؿ أف يَظهر خفاء ترجيح أحد٫تا على اآلخر إ٪تا ىو ابلنسبة
لغَته ما َخ ِف َي عليو ،وهللا أعلم" .إيش رأيكم ُب الًتتيب؟
مثبل الًتمذي ،إيش الذي ٯتيز سنن الًتمذي؟ اب١تناسبة ،أًن شخصيًا أحب سنن الًتمذي إذل لذلك ً
جدا ،فيو ٦تيزات ٚتيلة ،واحدة من ا١تميزات اليت ُب سنن
أبعد مدى ،كتاب الًتمذي فيو ٦تيزات رائعة ً
الًتمذي :أنو أيٌب ٔتا عليو العمل من اٟتديث ،حىت لو كاف اٟتديث ضعي ًفا٦ ،تكن يقوؿ لك :وىذا
حديث ليس إسناده مثبل ّتيد أو ٔتتصل ،وعليو العمل عند أصحاب رسوؿ هللا ﷺ ،لذلك اعتٌت
تذييبل
الًتمذي ُب كتابو ُب إبراز ما عليو العمل ،ولذلك ُب (العلل الصغَت) الذي جعلو الًتمذي ً
لكتابو الذي شرحو ابن رجب ُب (شرح العلل) ،من أوؿ ا١تسائل اليت ذكرىا ُب العلل أنو قاؿٚ :تيع
ما ُب كتايب ىذا معموؿ بو ،إال -وذكر استثناء.-
أيضا ىو ُب الفقو
فهذه القضية ٢تا عناية للمحدثُت ،لذلك أنت ٕتد مثبل اإلماـ أٛتد -وإف كاف ً
ليس ُب اٟتديث فقط -لو عناية كبَتة ٔتختلِف اٟتديث ،ولذلك ُٚتعت ً
مثبل كتاب ُب ٣تلدين ٥تتلف
طبعا الشافعي شيخ اإلماـ
اٟتديث عند اإلماـ أٛتد ،وغَت ىذا ٕتد عند اٟتفاظ عند ا١تتقدمُت ،غَت ً
أٛتد عنده اىتماـ كبَت هبذه القضية.
اآلف ىذا ا١تبحث مبحث مهم ج ًدا ويشًتؾ فيو ِعلماف :علم أصوؿ الفقو ،وعلم اٟتديث .وىذا
ا١تبحث اآلف يشًتؾ فيو أيةضا :اٞتهة اللغوية ،واٞتهة الداللية ،واٞتهة اإلسنادية.
ٖٓٙ
أين تدخل اٞتهة اإلسنادية؟ ُب الًتجيح؛ ألنو قاؿ واحدة من وجوه التعامل مع ما ظاىره التعارض
من النصوص ىو الًتجيح .والًتجيح يكوف ابعتبار ماذا؟ من أىم وسائل الًتجيح :النظر ُب مقدار
قوة الثبوت ،مقدار قوة الثبوت= اإلسناد ،ولذلك األصورل ٭تتاج إذل ا﵀ ِّدث ىنا ،وا﵀ ِّدث ٭تتاج إذل
األصورل ،ومن ْتث ُب مسألة التعارض بُت األدلة من ا١تنزع األصورل فقط دوف أف يكوف عنده قدرة
حديثية ،أو على األقل دوف أف يستفيد من أىل اٟتديث ُب وجوه الًتجيح؛ فسيكوف تعاملو مع
مبحث التعارض بُت األدلة فيو نقص ،حىت أىل األصوؿ يذكروف قضية الًتجيح والرواية وما إذل
ذلك.
مسائل:
ا١تسألة األوذل:
حسنًا اآلف عندًن مسائل ُب ىذه القضية :ا١تسألة األوذل :السطر األوؿ الذي ذكره ابن حجر رٛتو هللا
قاؿ" :وٚتيع ما تقدـ من أقساـ ا١تقبوؿ" ،ما ىي أقساـ ا١تقبوؿ اليت ذكرىا؟ الصحيح واٟتسن ..ىو
كاف يتكلم عن ا١تقبوؿ ،يعٍت أقصد يكرر كلمة ا١تقبوؿ ،لذلك مثبل قاؿ" :وزايدة راويهما" الذي ىو
الصحيح واٟتسن "مقبولة فإف عورض ا١تقبوؿ ٔتثلو" اللي ىو الشاذ ،فهو يتكلم عن اٟتديث
ا١تقبوؿ" .وٚتيع ما تقدـ من أقساـ مقبوؿ ٖتصل فائدة تقسيمو ابعتبار مراتبو عند ا١تعارضة".
ا١تسألة األوذل :ىي أف ٦تا ينبغي العناية بو :التفريق بُت درجات القبوؿ يف ا١تقبوؿ .وفائدة ذلك
عند ظهور التعارض ،أو عند وجود شيء من التعارض ُب الرواايت واألخبار ،ىذه قضية ُب غاية
األ٫تية ،لذلك التنبو ٢تا مهم.
حسنًا كيف نعرؼ درجات ا١تقبوؿ؟ ىذا لو طرؽ ووسائل كثَتة ،ال تنفك عن جوىر علم اٟتديث
التطبيقي ا١تتعلق اب١تعرفة التفصيلية أبحواؿ النقلة ورواهتم وطبقاهتم ،ومن يقدـ قولو عند االختبلؼ وما
أيضا متعلق إبدراؾ ا١تتوف ومعانيها
إذل ذلك ،وطبيعة طرؽ اٟتديث ورواايتو وا١تتواتر وما إذل ذلك ،و ً
ومدى توافقها مع أصوؿ الشريعة أو تعارضها.
ٖٓٚ
إذف ا١تسألة األوذل ىي :أ٫تية التعامل ٔتبدأ التفريق بُت درجات ا١تقبوؿ ،وىذا اب١تناسبة مبدأ يفيد حىت
ُب التعامل مع الشريعة بشكل عاـ ،ال تتعامل مع الشريعة أنو كل ما أ ُِمر بو فهو درجة واحدة ،كل ما
دائما تعامل ٔتبدأ ا١تراتب .لذلك إذا كاف ىذا يُستفاد منو عند ُهني عنو فهو درجة واحدة ،الً ،
التعارض بُت النصوص ،فإف النظر إذل مقامات الشريعة بطريقة متدرجة يفيدؾ عند التعارض ُب
األعماؿ أيّها أوذل.
اآلف التعارض ىنا األعماؿ أيها أوذل ليس من ابب التعارض بُت النصوص ،التعارض بُت النصوص
اببو ما سيأٌب اٟتديث عنو وما سبق الكبلـ فيو ،لكن ابب تقدًن األعماؿ أيها أوذل من ابب فقو
التقرب إذل هللا سبحانو وتعاذل ،إذف الذي يكوف ِمن منهجيتو ُب النظر ىو عدـ التعامل مع اٟتق أو
مع الشريعة أو مع النصوص ا١تقبولة بدرجة واحدة،
ىذا التأسيس ٢تذا التفاوت و٢تذا التدرج يف مراتب القبوؿ ويف مراتب اٟتق مهم ج ًدا يف أمرين:
األمر األوؿُ :ب كيفية التعامل مع النصوص عند التعارض.
األمر الثاينُ :ب فقو األولوايت من حيث العمل.
ا١تسألة الثانية:
ا١تسألة الثانية :مسألة ٥تتلف اٟتديث .مسألة ٥تتلف اٟتديث فيها نقاط:
ٔ) النقطة األوذل :أف ابن حجر -رٛتو هللا -ذكر أف ٥تتلف اٟتديث ىو إذا وقع التعارض بُت
حديثُت مقبولُت وأمكن اٞتمع بينهما ،وىذا اٟتصر فيو نظر ،فإف الكتب ا١تصنفة ُب ٥تتلف اٟتديث
تشمل كل أنواع ما ذكر من التعامل مع الرواايت ا١تتعارضة ،سواء ابلنسخ ،ابلًتجيح ،ابلتوقف،
ابٞتمع ..إخل ،كلو يسمى ُ٥تتلف اٟتديث ،أو اختبلؼ اٟتديث ،بعضهم يسميو م ِ
شكل اٟتديث ،ىو ُ
لفظ أوسع ،ولكن أًن أقصد الكتب ا١تؤلفة ُب ٥تتلف اٟتديث تشمل كل ىذه األنواع ،وبعضها
مثبل :كتاب ابن قتيبة الذي أشار إليو وىو (أتويل ٥تتلف متفاوت ،بعضها ٮتتلف عن بعضً .
اٟتديث) أيٌب ابألحاديث اليت أشكلت على الزًندقة ،ليست األحاديث ا١تتعارضة من حيث ما
ي ِ
شكل على الفقهاء ،إذف ىذه النقطة األوذل.ُ
ٖٓٛ
ٕ) النقطة الثانية :الكتب ا١تؤلفة ُب قضية ٥تتلف اٟتديث ،وىي نقطة مهمة ً
جدا.
كثَتا ،والعناية بو على ا١تستوى العملي وقعت من وقت ىذا الباب اعتٌت بو أىل العلم ،وكتبوا فيو ً
ِ
وىم فيو
النيب ﷺ ٍب الصحابة ،ولذلك ٕتدوف أف عائشة وحفصة قد سألتا النيب ﷺ ُب شيء تُ ّ
التعارض مع نص آخر أليس كذلك؟ ٍب عائشة اهنع هللا يضر أشكل عليها بعض النصوص اليت ٝتعتها بعد
مثبل ُب تعذيب ا١تيت ببكاء أىلو عليو ،و﴿وما
النيب ﷺ ووقع فيها خبلؼ بينها وبُت الصحابةً ،
أنت ٔتسمع من ُب القبور﴾ وما إذل ذلك.
ٍب بعد ذلك العلماء اعتنوا ابٞتمع بُت النصوص على ا١تستوى العملي ،ولذلك ىناؾ قصة مهمة
جدا ،وىي قصة أحد ا٠توارج ١تا جاء إذل ابن عباس وسأؿ عن ٣تموعة من النصوص ا١تتعارضة ُب ً
يفك ىذا االلتباس الذي حصل ،وكاف ينتبو بعضظاىرىا ،وأتى بنصوص قرآنية ،فكاف ابن عباس ّ
أحياًن تُطرح ىذه األسئلة من ابب التشكيك ،وليس من ابب االستفسار ،أو تُطرح من
ا١تسؤولُت أنو ً
صبِيغ يسأؿ
الولَع اب١تتشابو .ولذلك عمر بن ا٠تطاب م ًثبل ما ٯتشي معو الكبلـ ىذا ،فلما جاء َ
ابب َ
ابلدرة ،وطلب أف يكشف رأسو فقاؿ :وهللا لو وجدت رأسك ٤تلوقًا لضربتمثل ىذه األسئلة ضربو ّ
الذي فيها عيناؾ .ألنو كانت سيماء ا٠توارج ،سيماء ا٠توارج التحليق ،والنيب ﷺ أمر بقتلهم .ابن
جديدا.
وفك اإلشكاؿ ،فكاف ُب عناية تطبيقية ،ىذا ا١تبحث ليس ًعباس رٛتو هللا أجاب ّ
ٍ -ب صارت العناية من جهة التأليف ،وا١تؤلفات يف ىذا الباب على قسمُت:
القسم األوؿ :ىي ا١تؤلفات ا١تفردة ُب ىذا الباب ،ا١تؤلفات اليت أُفردت للجواب عما قد يُتوىم فيو
التعارض من النصوص الشرعية.
ا١تسألة الثالثة:
ٖٔٔ
ولكن ىذا ا١تثاؿ ىو مثاؿ من األمثلة اليت اُ ِ
ستعمل فيها الناسخ وا١تنسوخ ودل يكن ىذا االستعماؿ
صحيحا١ ،تاذا دل يكن ىذا االستعماؿ صحيحا؟ ألف ىذا اٟتديث معلوؿ ،ىذا اٟتديث فيو علة، ً
وىذه العلة بيّنها كبار اٟتفاظ من ا﵀دثُت ،وىذا من فقو ا﵀دثُت العلة ليست فقط من الناحية
اإلسنادية اجملردة ا﵀ضة ،وإف كانت ىذه مرتبطة ابإلسناد.
دائما عندما
مثبل أبو داود -رٛتو هللا١ -تا أخرج ىذا اٟتديث ..ا﵀دثُت اي ٚتاعة عندىم تنبو ً
انظروا ً
دائما ىل ىذا اٟتديث ٯتكن أف يكوف نسخة خاطئة من حديث آخر؟ ىذا يعلّوا األحاديث ،يتنبهوا ً
جدا عند ا﵀دثُت ُب النقد .ما معٌت نسخة خاطئة؟ معناه أف يكوف ٢تذا اٟتديث أصل السؤاؿ مهم ً
آخر ،ىذا األصل رواه اٟت ّفاظ ،رواه ٚتاعة ٍب ش ّذ بعض الرواة فأتى هبذا اٟتديث على غَت ما رواه
أحياًن يكوف ىذا الشذوذ خفيًا
الناس ،على غَت ما رواه اٞتماعة ،على غَت ما رواه اٞتمهور ،ولكن ً
ظن أف ىذا حديث وىذا حديث آخر ،بينما يتنبو الفطنوف من أىل العلم إذل أهنما جدا ْتيث يُ ّ
ً
فمثبل :أبو داود أخرج اٟتديث األوؿ ،اٟتديث األوؿ من أخرجو؟ اٟتديث أصبلً . حديث واحد ً
األوؿ أخرجو اإلماـ البخاري ومسلم ورواه اٞتماعة.
ما ىو اٟتديث؟ قاؿ أبو داود :حدثنا إبراىيم اٟتسن ا٠تثعمي قاؿ :حدثنا حجاج قاؿ :قاؿ ابن
وٟتما فأكل،
خبزا ًجابرا -هنع هللا يضر -يقوؿ :قربت للنيب ﷺ ً
جريج أخربين دمحم بن ا١تنكدر قاؿٝ :تعت ً
ٍب دعا بوضوء فتوضأٍ ،ب صلى الظهرٍ ،ب دعا بفضل طعامو فأكل ٍب قاـ إذل الصبلة ودل يتوضأ.
قاؿ أبو داود :حدثنا موسى بن سهل أبو عمراف الرملي قاؿ حدثنا علي بن عياش قاؿ حدثنا شعيب
بن أيب ٛتزة عن دمحم بن ا١تنكدر عن جابر قاؿ " :كاف آخر األمرين من رسوؿ هللا ﷺ ترؾ الوضوء
غَتت النار" .قاؿ أبو داود ىذا اختصار من اٟتديث األوؿ.
٦تا ّ
كاف آخر األمرين ُب تلك اٟتادثةُ ،ب ذلك اليوـ الذي أكل فيو النيب ﷺ قبل الصبلة وبعد الصبلة،
صرت هبذا اللفظ فأو٫تت كاف آخر األمرين أف النيب ﷺ كاف ال يفعل ٍب فعل .وىذه القضية فاختُ ِ
ليست فقط من تنبيو أيب داود ،ىذه القضية منبَّو عليها عند كثَت من أىل العلم .وىذا يعرفونو
بوسائلٚ :تع الطرؽ والنظر ،وا١تقارنة بينها..
ٕٖٔ
مثبل اٟتديث األوؿ الذي ىو أف النيب ﷺ أكل قبل الصبلةٍ ،ب توضأٍ ،ب أكل بعد الصبلةٍ ،ب
انظروا ً
صلى ودل يتوضأ .فقد يكوف وضوؤه األوؿ أصبل ليس بسبب األكل يعٍت..
جداٍ ،ب جاء اللفظ ىذا "كاف آخر األمرين من رسوؿ هللا ﷺ ترؾ
جدا ً
طبعا أُخرِج من طرؽ كثَتة ً
ً
الوضوء ٦تا مست النار" .أخرجو أبو داود والنسائي وابن حباف ،من طريق علي بن عياش عن شعيب
بن أيب ٛتزة عن دمحم بن ا١تنكدر عن جابر.
شوفوا اآلف توارد اٟتفاظ على التنبيو إذل اإلشكاؿ ا١توجود يف الرواية:
" -قاؿ أبو داود :ىذا اختصار من اٟتديث األوؿ.
-قاؿ ابن حباف :ىذا خرب ٥تتصر من حديث طويل ،اختصره شعيب بن أيب ٛتزة متو٫تًا لنسخ
إ٬تاب الوضوء ٦تا مست النار مطل ًقا ،وإ٪تا ىو نسخ إل٬تاب الوضوء ٦تا مست النار خبل ٟتم اٞتزور
فقط.
-قاؿ البخاري -وذكر اإلسنادٍ ،ب ذكر ِعلّة ُب السماع -قاؿ :قاؿ ابن أيب حاًب سألت أيب عن
حديث رواه علي بن عياش عن شعيب بن أيب ٛتزة عن دمحم بن ا١تنكدر عن جابر قاؿ" :كاف آخر
األمرين من رسوؿ هللا ﷺ ترؾ الوضوء ٦تا مست النار" .فسمعت أيب يقوؿ :ىذا حديث مضطرب
ا١تنت ،إ٪تا ىو أف النيب ﷺ أكل كت ًفا ٍب صلى ودل يتوضأ .كذا رواه الثقات عن ابن ا١تنكدر ،وٯتكن أف
يكوف شعيب بن ٛتزة ح ّدث بو من حفظو فوىم فيو".
ىذا يذكرًن اب١تثاؿ الذي ذكرتو ُب الدرس قبل السابق ،تتذكروا حديث "أف النيب ﷺ كاف إذا دخل
ا٠تبلء ألقى خا٘تو" قاؿ أبو داود :ىذا حديث منكر ،وذكرًن وقتها أنو منكر مع أف الذي رواه ثِقة،
٫تّاـ عن ابن جريج عن الزىري عن أنس عن النيب ﷺ ،ماذا تريد أحسن من كذا! قاؿ" :وإ٪تا يُعرؼ
عن ابن جريج عن زايد بن سعد عن الزىري عن أنس أف النيب ﷺ اٗتذ خا٘تًا من َو ِر ٍؽ -أي
فضةٍ -ب ألقاه" .ما لو دخل اب٠تبلء وال دخل شيء.
ٖٖٔ
ما الفكرة؟ نفس الشيء ،قد تظن أف اٟتديثُت ٥تتلفاف ،لكن من خبلؿ الطرؽ واٞتمع بينها وا١تقارنة
والنظر ُب ا١تتوف ،وجد أف ىذه نسخة خاطئة من اٟتديث األساس .وىذه دقة ،كما قلت ىي واحدة
من صور الدقة العجيبة اليت كانت عند اٟتفاظ ا١تتقدمُت ُب كشف دقائق العلل وخبااي األخطاء.
التمرس ُب علم اٟتديث من ًنحية العلل حقيقة وبدوف أي مبالغة ىو ٘ترين
٘تاما أف ّ
لذلك أًن مؤمن ً
للذىن ،و٘ترين للعقل ،وتنمية لطرؽ التفكَت ،وتنمية لدقائق مسالك النظر ُب كشف األخطاء
جدا ،ودقيقة إذل أبعد مدى ،فتعجب كيف ًب التنبو
أحياًن أغبلط رىيبة ،أغبلط خطَتة ً
واألغبلطً .
٢تا!
فعبل ،يعٍت شفت فكرة أنك تقرأ ُب رواية بوليسية وٚتع القرائن حىت يتوصل إذل اٞتاين ،نفس الشيء
ً
ُب قضية علم اٟتديثُ ،ب التتبع الدقيق حىت تصل إذل طبيعة ا٠تطأ.
مثاال ُب الدرس قبل السابق ،حديث معروؼ أنو من طريق ٭تِت بن أيب كثَت ،عن عبد هللا بن
وذكرت ً
فحجاج
الصواؼ قد حدث بو عن ٭تِت بن أيب كثَتَّ ،
حجاج ّ أيب قتادة ،عن أبيو عن النيب ﷺ ،وكاف َّ
موجودا ُب ٣تلس اثبت البناين -من علماء البصرة وأئمتهم من تبلميذ أنس بن
ً أيضا كاف
الصواؼ ً
َّ
دائما -وكاف ُب اجمللس جرير بن حازـ ،وجرير بن حازـ أحد الثقات الكبار،
أنس ًاثبت عن ٍ
مالكٌ ،
الصواؼ ُب ذلك اجمللس ،حدث ابٟتديث عمن؟ عن ٭تِت بن أيب كثَت ،عن عبد هللا
فح ّدث حجاج ّ
بن أيب قتادة ،عن أبيو عن النيب ﷺ .دارت األايـ صار جرير بن حازـ الثقة اٟتافظ ا١تتقن ،صار
٭ت ّدث هبذا اٟتديث ِ
نفسو فيقوؿ :حدثنا اثبت عن أنس عن النيب ﷺ كذا وكذا وكذا.
أنت اآلف إذا جاءتك ىذه الرواية -اب١تنطق النظري اجملرد -تقوؿ :جرير ىل قاؿ حدثنا؟ نعم قاؿ
حدثنا .حسنًا ىو ثقة؟ نعم ثقة ،ومعروؼ أنو من أثبت الناس عن أنس عن النيب -مع أنو توجد
أصبل رواية جابر عن اثبت فيها ..لكن اليهمنا -ولكن ىذا اٟتديث ال يُعرؼ عن
قضية دقيقة ُب أف ً
اثبت ،ومثل ما ذكرت ،من أىم وأدؽ القضااي عند ا﵀دثُت :أف يبحثوا عن أصل اٟتديث ،ىل لو
أصل عن اثبت؟ ىذا اٟتديث ال يُعرؼ عن اثبت ،ىذا اٟتديث معروؼ عن ٭تِت بن أيب كثَت ،ىم
ما عندىم فكرة أنو :ىو ليس معروفًا عند اثبت ،ولكن جرير رواه عن اثبت ،إذف ا١تفًتض أف يكوف
ٖٗٔ
معروفًا عن اثبت ،يعٍت إذا كنت تقوؿ إنو ليس معروفًا عن اثبت ،حسنًا جرير جعلو معروفًا عن
اثبت .ال ،ما عندىم كذا ،كلمة "معروؼ عن فبلف" ال أتٌب ٔتجرد رواية ثقة واحد ،ال ،ىذه ٢تا
ومن ا١تبلزمُت ،وما ىي طبيعة ا١تنت ..إخل.
ومن ا١تعروفُتَ ،
ومن األثباتَ ،
أصوؿ ،و٢تا َمن تبلميذهَ ،
فقالوا :رواية جرير ىذه غلط ،انتهينا ،اٟتديث حديث ٭تِت عن عبد هللا عن أيب قتادة ،حسنًا إذا كاف
حجاج ُب ٣تلس اثبت ،فعلق ىذا خطأ وجرير ثقة فمن أين وقع الوىم؟ قالواٝ :تع جرير اٟتديث عن َّ
ىذا اٟتديث ُب ذىن جرير ابسم اثبت؛ ألنو ُب ٣تلسو ،ودل يسمعو منو ،فتوىم مع الزمن أف ىذا
االرتباط مع اثبت ىو ارتباط رواية ،بينما ىو كاف ارتباط مكاف وليس ارتباط رواية ،فصار ٭تدث بو
"حدثنا اثبت" ،واثبت يروي عن أنس ،ما أيٌب ُب ابلك إال أنس ،حدثنا اثبت عن أنس ،قالوا :ىذا
أحياًن تقوؿ ألف ُب شخص آخر وكلهم ً التباس ُب الذىن صار عندؾ ..وىذا مفهوـ ،يعٍت أنت
تكلموا ،فقد تنسب الرواية للشخص اآلخر ألف ذىنك ملتبس أهنم كلهم كانوا موجودين ،نعم كلهم
كانوا موجودين لكن ترى الذي ح ّدث ىذا وليس ىذا ،فهو نفس الفكرة ،انظر كيف االلتقاطة ىذه
أيضا.
ُب كشف القضية ،ليس فقط كشف ا٠تطأ ،وإ٪تا ُب تفسَت ا٠تطأ ً
مثبل
لذلك بعضهم -رأيتم فكرة ليس لو أصل وما شاهبها -بعضهم عنده فيها جزـ ٥تيف ،لذلك ً
نُعيم بن ٛتاد الذي ٖتدثنا عنو من فًتة -دل يكن من اٟتفاظ الكبار -كاف ٭تدث ْتديث وابن معُت
كاف موجود ،فقاؿ لو دل تسمعو ،ىو كاف يرويو عن ٭تِت بن سعيد أو ابن ا١تبارؾ ،نسيت من ،فقاؿ
لو دل تسمعو من فبلف ،رٔتا مباشرة عن ابن ا١تبارؾ أو عن رجل عن ابن ا١تبارؾ ،فقاؿ دل تسمعو من
ابن ا١تبارؾ ،فقاؿ بلى ٝتعتو ،فقاؿ لو دل تسمعو ،فأعاد بلى ٝتعتو فأعاد دل تسمعوٗ ،تيل أنت اآلف
طبعا التلميذ كاف ًنقد كبَت إماـ -فيقوؿ دل تسمعو ،ما
ُب ٣تلس تقوؿ حدثٍت فبلف ٍب أيتيك تلميذ ً -
ٝتعتو وما أنت بكذاب! حىت قاؿ :فغضب اٟتاضروف ،من أنت؟! -يعٍت ابن معُت ،-ذىب نعيم
دائما ١تا ٭تدثوا من غَت صحف كثَت منهم من ٮتطئ ،لذلك ابن رجب عقد إذل صحفو ،تعرؼ ً
فصبل ُب شرح العلل" :ابب من حدث من كتابو فحفظ ومن حدث من حفظو فوىم" ،ذىب وْتث ً
ُب صحفو فقاؿ من الذي يقوؿ إف ٭تِت بن معُت ليس أمَت ا١تؤمنُت ُب اٟتديث؟ ذىب ووجد الذي
ُب صحفو موافق ١تا قالو ٭تِت بن معُت رٛتو هللا.
ٖ٘ٔ
٩تتم هبذه القضية ٔتا أننا ذكرًنىا ،قضية من حدث من كتابو ومن حدث من حفظو ،ننظر اآلف ُب
ىذا الكتاب صفحة ٗ ،٘ٛىذا الكتاب لو صح رل أف ألقبو للقبتو األسطورة ،كتاب (شرح علل
ثقات ٢تم كتاب صحيح ،وُب حفظهم بعض أيضا قوـ ٌالًتمذي) البن رجب ،يقوؿ" :ومن ىذا النوع ً
أحياًن من كتبهم فيضبطوف ،منهم عبد
أحياًن فيغلطوف ،و٭تدثوف ًشيء ،فكانوا ٭تدثوف من حفظهم ً
الرزاؽ بن ّ٫تاـ -صاحب ا١تصنف ،-قاؿ أٛتدُ :ب رواية األثرـ ُب حديث عبد الرزاؽ عن معمر عن
جديدا ،فقاؿ :ىذا كاف ٭تدث بو من ً ثواب
الزىري عن سادل عن أبيو أف النيب ﷺ رأى على عمر ً
احدا إال من كتابو،
حفظو ودل يكن ُب الكتب .قاؿ ٭تِت بن معُت :ما كتبت عن عبد الرزاؽ حديثًا و ً
و٦تا أُنكر على عبد الرزاؽ -القضية ليست نظرية وإ٪تا أيتوف أبمثلة عملية ،يقوؿ لك :ىذا التأسيس
النظري وىذا مثاؿ على ما أخطأ فيو -و٦تا أُنكر على عبد الرزاؽ حديثو عن معمر عن الزىري عن
مرفوعا "ا٠تيل معقودة ُب نواصيها ا٠تَت"- ،مع أف ا١تنت ٤تفوظ -أنكره أٛتد
أيب سلمة عن أيب ىريرة ً
ودمحم ابن ٭تِت ،وقاؿ دل يكن ُب أصل عبد الرزاؽ" .ومنهم الداروردي وذكر أمثلة كثَتة٫ ،تاـ بن ٭تِت،
شريك بن عبد هللا النخعي وغَتىم ،أيٌب ٢تم موضع إف شاء هللا ،لكن الفكرة أهنم ذكروا ىذا.
خبلصة الكبلـ يف ىذا كلو :ما نبو إليو ابن حجر ُب آخر الكتاب ،وىو أف التعامل مع ىذا الباب
-ابب التعارض بُت األدلة وما ٯتكن أف يتوىم فيو التعارض بُت النصوص -ال ينبغي أف يتعامل فيو
ٔتبدأ التعجل والتسرع ،وإ٪تا يتعامل فيو ٔتبدأ التأين والنظر وا١تقارنة واستعماؿ طرؽ الًتجيح .نسيت
وجها ُب الًتجيح ،قاؿ" :وإف دل يُعرؼ التاريخ فبل ٮتلو إما أف ٯتكن
مسألة ،ىو ذكر ىنا ٜتسُت ً
ترجيح أحد٫تا على اآلخر بوجو من وجوه الًتجيح ا١تتعلقة اب١تنت أو اإلسناد" ..نسيت ىذا األمر
معذرًة ،ال بد أف أعود لو.
ىنا مذكور مئة وعشرة وجو من وجوه الًتجيح ُب حاشية العراقي ،يقوؿ اٟتازمي ُب (اعتبار الناسخ
وجهاٍ ،ب قاؿ" :فهذا
وا١تنسوخ) ،قاؿ" :ووجوه الًتجيحات كثَتة ،أًن أذكر معظمها" ،فذكر ٜتسُت ً
وٍب وجوه كثَتة أضربنا عن ذكرىا" .قاؿ العراقي" :ووجوه كاؼ ُب ذكر الًتجيحاتَ ، القدر ٍ
٥تتصرا فأبدأ اب٠تمسُت اليت عدىا اٟتازمي ٍب أسرد بقيتها
ً الًتجيحات تزيد على ا١تئة ،وقد رأيت عدىا
على الوالء".
ٖٔٙ
وسائل الًتجيح بُت النصوص:
طبعا ىنا يذكروا تفاصيل التفاصيل ،وتستطيع لػ ّمها ،لكن الفكرة أف القضية عندما تقوؿ الًتجيح بُت
ً
مثبل:
النصوص ،ىناؾ وسائل ً
ٔ) األوؿ :كثرة الرواة.
ٕ) الثاين :كوف أحد الراويُت أتقن وأحفظ.
ٖ) الثالث :كونو متف ًقا على عدالتو.
ٗ) الرابع :كونو ابلغًا حالة التحمل.
٘) ا٠تامس :كوف ٝتاعو ٖتديثًا واآلخر ً
عرضا.
عرضا واآلخر كتابة أو وجادة أو مناولة. )ٙالسادس :كوف أحد٫تا ً
ٝتاعا أو ً
ىذه كلها مباحث حديثيّة اآلف ،لذلك قلت لك ال تستطيع أف تنظر ُب اٞتمع بُت النصوص بدوف
منزع حديثي.
َ
)ٚالسابع :كونو ً
مباشرا ١تا رواه.
)ٛالثامن :كونو صاحب القصة.
)ٜالتاسع :كونو أحسن سياقًا واستقصاءً.
ٓٔ) العاشر :كونو أقرب ً
مكاًن من النيب ﷺ حالة ٖتملو.
ٔٔ) اٟتادي عشر :كونو أكثر مبلزمة لشيخو.
ٕٔ) الثاين عشر :كونو ٝتعو من مشايخ بلده.
ٖٔ) الثالث عشر :كوف أحد اٟتديثُت لو ٥تارج.
ٗٔ) الرابع عشر :كوف إسناده حجازًاي.
٘ٔ) ا٠تامس عشر :كوف رواتو من بلد ال يرضوف ابلتدليس.
)ٔٙالسادس عشر :داللة ألفاظو على االتصاؿ كػ "ٝتعت" و"حدثنا".
مشاىدا لشيخو عند األخذ.
ً )ٔٚالسابع عشر :كونو
ٖٔٚ
)ٔٛالثامن عشر :كوف اٟتديث دل ُٮتتلف فيو.
)ٜٔالتاسع عشر :كوف راويو دل يضطرب لفظو.
ٕٓ) العشروف :كوف اٟتديث متف ًقا على رفعو.
ٕٔ) اٟتادي والعشروف :كونو متف ًقا على اتصالو.
جدا ،راويو ال ٬تيز ٕٕ) الثاين والعشروف :كوف راويو ال ٬تيز الرواية اب١تعٌت .ىذا مسلك دقيق ً
جدا ً
الرواية اب١تعٌت معناه :أنو ذكره ابللفظ ابلضبط ،واآلخر ٬تيز الرواية اب١تعٌت ٦تكن يكوف سبب التعارض
احدا رواه اب١تعٌت ،فنرجح الذي رواه ابللفظ ،نرجح من روى إذا كاف مذىبو الرواية ابللفظ ،مع
أف و ً
أف اآلخر قد يكوف رواه ابللفظ.
ٖٕ) الثالث والعشروف :كونو ً
فقيها.
ٕٗ) الرابع والعشروف :كونو صاحب كتاب يرجع إليو.
اجتهادا.
استدالال و ً
ً وقوال ،واآلخر ينسب إليو
نصا ًٕ٘) ا٠تامس والعشروف :كوف أحد اٟتديثُت ً
)ٕٙالسادس والعشروف :كوف القوؿ يقارنو الفعل.
)ٕٚالسابع والعشروف :كونو مواف ًقا لظاىر القرآف- .ىذا من عوامل الًتجيح.-
)ٕٛالثامن والعشروف :كونو مواف ًقا لسنة أخرى.
)ٕٜالتاسع والعشروف :كونو مواف ًقا للقياس.
ٖٓ) الثبلثوف :كونو معو حديث آخر ٌ
مرسل أو منقطع- .عاضد ولو مرسل.-
ٖٔ) اٟتادي والثبلثوف :كونو عمل بو ا٠تلفاء الراشدوف.
ٕٖ) الثاين والثبلثوف :كونو معو عمل األمة.
ٖٖ) الثالث والثبلثوف :كوف ما تضمنو من اٟتكم منطوقًا.
مستقبل ال ٭تتاج إذل إضمار.
ً ٖٗ) الرابع والثبلثوف :كونو
ٖ٘) ا٠تامس والثبلثوف :كوف حكمو ً
مقروًن بصفة واآلخر ابالسم.
)ٖٙالسادس والثبلثوف :كونو ً
مقروًن بتفسَت الراوي.
فعبل ،فَتجح القوؿ. )ٖٚالسابع والثبلثوف :كوف أحد٫تا ً
قوال واآلخر ً
ٖٔٛ
)ٖٛالثامن والثبلثوف :كونو دل يدخلو التخصيص.
)ٖٜالتاسع والثبلثوف :كونو غَت مشعر بنوع قدح ُب الصحابة.
ٓٗ) األربعوف :كونو مطل ًقا واآلخر ورد على سبب.
نتجاوز إذل اٟتادي وا٠تمسُت اليت زادىا العراقي.
ٔ٘) اٟتادي وا٠تمسوف :كونو أعلى ً
إسنادا.
ٕ٘) الثاين وا٠تمسوف :كوف راويو عا١تا ابلعربية.
ً
ٖ٘) الثالث وا٠تمسوف :كونو عا١تا ابللغة.
ً
ٗ٘) الرابع وا٠تمسوف :كونو أفضل ُب الفقو والعربية واللغة.
٘٘) ا٠تامس وا٠تمسوف :كونو حسن االعتقاد.
)٘ٙالسادس وا٠تمسوف :كونو ً
ورعا.
)٘ٚالسابع وا٠تمسوف :كونو جليس للمحدثُت وغَتىم من العلماء.
)٘ٛالثامن وا٠تمسوف :كونو أكثر ٣تالسة ٢تم.
نظرا وٖتر ًيرا، إذل آخرهً .
طبعا ىذه كلها أصبحت ُب األمور التكميلية ،وال ٮتفاكم أف بعضها ٖتتاج ً
ليس ابلضرورة أف تكوف كلها صحيحة ،ولكن الفكرة ىي أنو ُب وجوه من وجوه الًتجيح ،وقد ال
يرجح مع كل ىذه الوجوه.
مئة وعشرة من وجوه الًتجيح وقد ال يرجح هبا فيُتوقف فيو ،لكن الفكرة أف ىناؾ الكثَت من العبثية
اآلف ُب التعامل مع النصوص ،ا٠تطوة رقم واحد ُب التعامل مع قد ما يُتوىم فيو التعارض ىي الرد
واإلسقاط ،أوؿ خطوة اإلسقاط ،اثين خطوة التوقف! مع أنو ىناؾ خطوة قبل اإلسقاط ،ىناؾ
أصبل.
مشكلة قبل اإلسقاط ،ما ىي؟ ىي توىم التعارض ،ىو ليس ٔتتعارض ً
أذكر واحد ُب الفيسبوؾ كاف كاتب أف أحاديث نزوؿ عيسى بن مرًن ٗتالف القرآف ،أنو ورد ُب ىذه
األحاديث "من أدركو منكم فليقرئو مٍت السبلـ" ،حسنًا ماذا يعارض؟ يعارض قوؿ هللا عز وجل:
﴿والسبل ـ علي يوـ ولدت ويوـ أموت ويوـ أبعث حيا ﴾ حسنًا أكمل؟ يقوؿ :ال ،بس يعارض.
ٖٜٔ
يعٍت هللا سلم عليو حيًا وميتًا ،كيف الرسوؿ ﷺ يقوؿ فليقرئو مٍت السبلـ؟ ال ٖتتاج تفكَت!!ىذه
أصبل ،فالقضية ١تا تفهم أف ىناؾ مسلك متبع عند أىل العلمأصبل استباقية قبل وجوه الًتجيح ً
خطوة ً
ُب التعامل مع النصوص اليت قد يُفهم منها التعارضٖ ،تًتـ نفسك أماـ ىذه القضية ،ىذا غَت
األصوؿ العامة ُب الشريعة ﴿ فأما الذين ُب قلوهبم زيغ فيتبعوف ما تشابو منو ابتغاء الفتنة وابتغاء
أتويلو﴾.
لذلك ىنا تنبيو منهجي مهم ج ًدا ج ًدا وىو :إايؾ أف ٕتعل نفسك مولعة بتتبع ا١تتشابو وا١تشكل،
من أكرب سبب اال٨تراؼ داخل إطار العلم ىو الولع بتتبع ا١تتشاهبات وا١تشكبلت﴿ ،فأما الذين
ُب قلوهبم زيغ فيتبعوف ما تشابو منو﴾ ،وذكر هللا سبحانو وتعاذل أف ا﵀كمات ىن أـ الكتاب،
الحظ اآلف الذين يبتعوف ا١تتشابو من أقواؿ الفبلسفة؟ ال ،بل من القرآف ،يعٍت اإلنساف ٦تكن يزيغ
٤تكوما ،وجعل اٟتاكم عليو
ً عما لو استدبر القرآف وجعلو
فضبل ّ
ابتباع شيء من القرآف دوف بعضً ،
مظلة ثقافية أخرى ،فإذا كانت مظلتك القرآف وتتبعت ا١تتشابو منو وتركت ا﵀كم فستزيغ ،فكيف لو
٤تكوما عليو ضمن مظلة أخرى ،وصرت تتبع من القرآف ما يوافق تلك ا١تظلة وتعرض ً جعلت القرآف
عما يعارضها؟ لذلك مىت يطمئن اإلنساف يف العلم؟ حُت يتبع احملكمات ،ولذلك ذكرت من قبل
ُب قضية الشتات ُب الوجهة كيف أف تتبع شواذ األقواؿ ىذه مؤثرة ،وكيف أف اتكاء اإلنساف على ما
عليها ٚتهور األمة من علمائها وأئمتها ،وال أتكلم -كما قلت -عن مرحلة زمنية ٤تددة ،أتكلم عن
دائما اإلنساف يفيئ إذل ىذه
القضااي ا١تتجاوزة للزمن ،اليت فيها مسالك عند أىل العلم واألئمةً ،
ا١تطمئنة،
الواحات ْ
أما سلوؾ الوعر خاصة إذا دل يكن اإلنساف قد تقدـ يف درجات العلم وصار من أىل االجتهاد
والنظر واٟتكمة والعبادة والفةضل والرسوخ يف العلم؛ فهذه مصيبة ا١تصائب وكارثة الكوارث ،أف
شااب عمره عشروف أو ٜتس وعشروف يَػتَػنَ َّكب سبل العلم ا١تتخذة عند أىل العلم ومذاىبهم
ٕتد ً
وعرا َّ
ا١تستقرة ،بدعوى االجتهاد أو بدعوى التجرد ُب قوؿ اٟتق ،يَػتَػنَكب ىذا الطريق ويشق طري ًقا ً
بشره ابال٨تراؼ ،وال يستقر على قدـ ،لذلك ىناؾ عبارة وحده ،قل رل فبلف يفعل كذا أقوؿ لك ِّ
ٕٖٓ
ٚتيلة لفقيو الصحابة معاذ بن جبل ٝتّاىا :زلة اٟتكيم ،عن يزيد بن عمَتة -وكاف من أصحاب معاذ
ط ،ىلك ٣تلسا للذكر حُت ٬تلس إال قاؿ :هللا َح َك ٌم قِ ْس ٌ بن جبل -قاؿ" :كاف معاذ ال ٬تلس ً
يوما" :إف ِمن وراءكم فتنًا يكثر فيها ا١تاؿ ،ويُفتح فيها القرآف ،حىت ا١تراتبوف" ،فقاؿ معاذ بن جبل ً
أيخذه ا١تؤمن وا١تنافق ،والرجل وا١ترأة ،والصغَت والكبَت ،والعبد واٟتر ،فيوشك قائل أف يقوؿ :ما
ٔتتبعي حىت أبتدع ٢تم غَتىم. للناس ال يتبعوين وقد قرأت القرآف؟ -ىذه فتنة الشهرة واٞتاه -ما ىم ّ
ابتدع ،فإ٪تا ابتدع ضبللة ،وأحذركم زيغة اٟتكيم ،فإف الشيطاف قد يقوؿ كلمة الضبللة فإايكم وما َ
على لساف اٟتكيم ،وقد يقوؿ ا١تنافق كلمة اٟتق" ،قاؿ :قلت ١تعاذ -وىنا الشاىد :-وما يدريٍت أف
اٟتكيم قد يقوؿ كلمة الضبللة ،وأف ا١تنافق قد يقوؿ كلمة اٟتق؟ قاؿ" :بلى ،اجتنب من كبلـ اٟتكيم
ا١تشتهرات ،اليت يقاؿ ٢تا ما ىذه؟ -ىذه الشواذ -وال يػُثْنِيَػنَّك ذلك عنو ،فإنو لعلو أف ير ِاجع ،وتَػلَ َّق
نورا" .انظر إذل الكبلـ واٞتماؿ واٟتكمة!
اٟتق إذا ٝتعتو ،فإف على اٟتق ً
لذلك كاف ينبو بعض السلف مثل عبد الرٛتن بن مهدي ،كاف يذكر عن الشافعي -أظن ،-حىت ُب
اٟتديث نفسو أنو :كدت أف أىلك بتتبع ٚتيع الرواايت وكذا ،حىت صار لو تنبيو أف ليس كل ما روي
يعمل بو ،وإف كاف اٟتديث الصحيح ببل شك ىو للعمل ،لكن أًن أقصد أف القضية ٖتتاج إذل فقو،
اٟتديث الشاذ ،وىذا نفس الشيء ُب قضية ا١تذاىب واألقواؿ واالٕتاىات وما
َ وقد يروي الراوي الثقة
نورا" ىذه يؤيدىا قوؿ النيب ﷺ" :الرب ما سكنت إليو النفس
إذل ذلك .ولذلك قولو "فإف على اٟتق ً
واطمأ ّف لو القلب" ،وُب رواية ُب نفس اٟتديث أو ُب غَته "فإف الصدؽ طمأنينة وإف الكذب
ريبة" ،وُب بعض الرواايت "وإف أفتاؾ الناس وأفتوؾ".
طبعا ىذا كلو لو ضوابط ،اقرأوا ما ذكره ابن رجب ُب (شرح جامع العلوـ واٟتكم) عن ىذا اٟتديث:
ً
جدا ُب ضوابطو؛ ألف القضية ٦تكن تصَت ابلعكس ،فيأٌب لشيء من "الرب حسن ا٠تلق" ،كبلـ ٚتيل ً
الشريعة فيقوؿ لك وهللا ما اطمئن لو قليب! كيف أف القضية ليست قضية نسبية ،شخصية ذاتية ،كل
إنساف يقرر ،وضرب أمثلة ،مثل الصحابة ُب صلح اٟتديبية ،كيف إف ىناؾ خالفت ا٢توى وكاف
مطلوب التسليم ..ابن رجب أًن أٝتيو خيّاط ،ىو وابن تيمية ،ٮتيط أطراؼ ا١تسألة ويعرضها لك ُب
ثوب ٚتيل ،خاصة ابن تيمية.
ٕٖٔ
ا٠تبلصة:
جدا،
فا٠تبلصة أف ىذا الباب ،ابب ٥تتلف اٟتديث ،وابب الرواايت ا١تتعارضة ،ىذا مزلة قدـ كبَتة ً
وكم ضلت طوائف وا٨ترفت إتاىات ونشأت تيارات وفرؽ نتيجة النظر ا٠تاطئ ُب نصوص الشريعة،
وال أنفع وال أرسخ وال أكثر طمأنينة واستقامة من أف يُرزؽ اإلنساف اٟتكمة ُب توزيع نظره ،فيجعل
الثقل األكرب منو على ا﵀كمات ،ويعرؼ كيف يتعامل مع ا١تتشاهبات ،ولو أراد هللا سبحانو وتعاذل
أف ال يكوف ُب الشريعة شيء متشابو ٞتعل ،ولكنو ذكر سبحانو وتعاذل أف ُب القرآف ما ىو متشابو،
وُب اٟتديث كذلك ،فهذا أراده هللا وبيّنو ،وذكر أف من أسباب الزيغ ىو تتبع ىذا ا١تتشابو -وىو
إشكاال.
ً كبلـ هللا وكبلـ رسولو ،-فما ابلكم ٔتن يتبع ا١تتشابو من كبلـ العلماء! ىذا أكثر
ِّ
وصل اللهم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت.
ٕٕٖ
احملاضرة العشروف:
ا١تقدمة:
صل وسلم وابرؾ على عبدؾ ورسولكمن علينا فأفضل والذي أعطاًن فأجزؿ ،اللهم ِّ
اٟتمد ﵁ الذي ّ
دمحم ،نستعُت اب﵁ ونستفتح اجمللس العشرين من ٣تالس الشرح ا١تطوؿ على نزىة النظر،
وىذه اجملالس من األمور اليت أحرص حقيقةً فيها على أمرين اثنُت:
ٔ) األمر األوؿ :أحرص على ا١تقارنة بُت مناىج ا﵀دثُت فيهاْ ،تيث أف الدارس لعلم اٟتديث ال
ينظر إذل ىذا العلم من ًنفذة واحدة ،خاصة وأف مناىج ا﵀دثُت قد حصل فيها قدر من عدـ
االتساؽ على مؤشر واحد ،وعدـ االتساؽ ىذا ليس معناه استواء ٚتيع األطراؼ وأهنا ىي ٣ترد أقواؿ
اجتهادية ،ال ،عدـ االتساؽ أقوؿ واحد فيو للصواب وفيو ا٠تطأ وفيو الراجح وفيو ا١ترجوح ،ومن
خبلؿ ا١تقارنة والعرض التحليلي النقدي يتم التبُت ،وىذه النقطة من ا١تشكبلت ُب كثَت من الدروس
اٟتديثية عدـ مراعاهتا ،وأف يدرس الطالب علم اٟتديث عرب ًنفذة واحدة يظن أهنا ىي اليت توصلو إذل
حقيقة علم اٟتديث ،ىذه واحدة من السمات األساسية ُب علم اٟتديث.
ٕ) األمر الثاين :ىو اٟترص على التطبيقات العملية ورعاية مقاصد علم اٟتديث وأال ينحصر
تصب أو تكوف ُب خانة ّ اإلنساف ُب إطار ا١تصطلحات؛ ألف ا١تصطلحات ُب علم اٟتديث كلها
ا١تقدمات ،كل ا١تصطلحات اٟتديثية ىي ُب خانة ا١تقدمات ،وليست ُب خانة النتائج وا١تقاصد،
ولذلك أحاوؿ من خبلؿ ىذه الدروس العناية ابلنتائج وعدـ االكتفاء ٔتربع النظر وا١تصطلحات،
لذلك قبل درسُت كاف الدرس ٣ترد تطبيقات عملية على مصطلح ا١تنكر فقط ،بدوف أف يكوف ىناؾ
أيضا بعض القضااي اليت ٯتكن أف تقود إذل ا١تقاصد.
قراءة من ا١تنت ،وىكذا أحاوؿ ،و ً
اليوـ الدرس صحيح أنو نظري ،ولكن العناية فيو ستكوف ُب بياف اختبلؼ ا١تناىج ،وكما قلت :يوجد
مشكلة كبَتة ُب دراسة علم اٟتديث ُب كثَت من السياقات أهنا تنظر من ًنفذة واحدة فت ِ
حدث اختز ًاالُ
أحياًن كيف يتعامل معها ،اليوـ
ً ُب عقل دارس اٟتديث إذا اصطدـ ىو بنوافذ أخرى ال يعرؼ
ٖٕٖ
ابب ضخم ُب علم اٟتديث ،علم ا١تصطلحات مرتبطة بقضية اتصاؿ األسانيد وانقطاعها ،وىذا الباب ٌ
اٟتديث من العلوـ اليت من مرحلة مبكرة حصل االىتماـ أبفراد العلوـ ا١ترتبطة هبا ،حىت ّأهنا أفردت
مثبل ابن الصبلح وما قبل ذلك بتصنيف ،كيف؟ اآلف علم اٟتديث عادة ٕتد ُب الكتب ا١تتقدمة ً
ا١تتقدمُت ا١تؤسسُتٕ ،تدوف أهنم ال يقولوف "علم اٟتديث" إذا ألّفوا ،أحياًن ٕتدىم يقولوف "علوـ
اٟتديث" ،عندًن اٟتاكم صاحب ا١تستدرؾ عنده كتاب (علوـ اٟتديث) و(معرفة علوـ اٟتديث) وابن
علما،
كل عنواف منها يسمى ً الصبلح أيضا عنده (علوـ اٟتديث) ا١تشهور بػ (ا١تقدمة)" ،علوـ" يعٍت ُّ
وىذه العلوـ من مرحلة مبكرة ًب العناية بكل واحد منها أو بكثَت منها على حدة ،ولذلك ا٠تطيب
قل
مثبل صاحب كتاب (الكفاية) ،وىو من علماء اٟتديث الكبار ،قاؿ عنو ابن حجرّ " : البغدادي ً
مثبل أنّو
أيضا ،لذلك ٕتدوف ًعلم من علوـ اٟتديث إال صنَّف فيو" ،ليس فقط عنايةً وإ٪تا تصني ًفا ً
وصنف ُب ا١تراسيل،
صنّف ُب ا١تُدرج من اٟتديث -أًن ال أتكلم عن الدراسات ا١تعاصرة كلو قدًنُ ،- ُ
جدا من علوـ اٟتديث ،ما ىو دقيق ً ِ ِ
علم ٌمثبل ُب ا١تؤتَلف وا١تختَلف ،وعلم ا١تؤتلف وا١تختلف ٌ
وصنف ً
ُ
ا١تؤتلف وا١تختلف؟ ىو العلم الذي يعمد إذل أٝتاء رواة اٟتديث اللذين يكوف بينهم تشابو،
فيفك االلتباس بينهمً ،
طبعا تشابو وليس تطابق ،جيد؟ يعٍت مثل عُبَاد و َعبّاد ،ىذا مؤتلف و٥تتلف، ّ
وم َِ
فًتؽ ،اتفقا يف ِ
أما تطابق مثل دمحم بن عجبلف ودمحم بن عجبلف ،ىذا العلم ٔتاذا ٝتوه؟ ُمتَّفق ُ
مثبل أتليف قدًن ُب ا١تؤتلف وا١تختلف ،وُب ا١تراسيل ،وأبواباألٝتاء وافًتقا يف األشخاص ،فتجد ً
ٖتديدا ،ا١تراسيل نفسها أبنواعها ،ألف ا١تراسيل أنواع ،فعلم اٟتديث من العلوـ اليت َكثّر
العلل ،العلل ً
مبكرا.
التأليف ُب أفراد علومها ً
ومع أف التأليف كثًر فيها ،وطبيعة علم اٟتديث ُب البداية كاف فيو نوع من ا١ترونة ُب التعامل مع
ا١تصطلحات ،إال أنو ُب ا١تراحل ا١تتأخرة صار فيو ٚتود وقَولبة ،وىذه ال تتفق مع طبيعة ىذا العلم.
على أية حاؿ ،اليوـ لدينا ا١تراسيل كمصطلحات ،الطريقة ا١تعتادة نقرأ (النخبة) ،سنجد أهنا ٥تتصرة
ومرَّكزةٍ ،ب نقرأ (النزىة) ،وعادة نقرأ ابن الصبلح ً
أيضا ،وسأقرأ اليوـ عليكم من (مقدمة ابن جدا ُ
جدا ً
ً
الصبلح) ،ومن (موقِظة) الذىيب ،وأحاوؿ من (علل الًتمذي الصغَت) ومن (شرح علل الًتمذي)
ٕٖٗ
البن رجب وغَتىم ،حىت نفهم كيف ابب مثل ا١ترسل وا١تصطلحات ا١ترتبطة بو مثل ا١تنقطع وا١تعضل
٘تاما أف ينشأ
،كيف إنو ىناؾ اختبلؼ كبَت ُب التعامل معها ،وكيف أف ىذا االختبلؼ من ا٠تطأ ً
تعبَتا أدؽ.
أحياًن ليست ىي ا١تعربة ً
الطالب وىو َ٬ت ُمد على صورة منو ،والصورة ىذه ا١تشكلة تكوف ً
طبعا ابن حجر رٛتو هللا بعد أف انتهى من ا١تقبوؿ ،كل ما سبق من الدروس ٜٔ
نبدأ ٔتنت (النخبة)ً ،
درسا كانت ُب اٟتديث ا١تقبوؿ ،الصحيح واٟتسن وزايدة راويهما والبخاري وما إذل ذلك ..إخل
ً
ىذه كلها كانت ُب ا١تقبوؿ ،كل الدروس السابقة.
اٟتديث ا١تردود:
االنقطاع يف النخبة:
اآلف بدأ ابن حجر ُب قضية ا١تردود ،وأوؿ نوع من ا١تردود بدأ فيما يتعلق ابالتصاؿ واالنقطاع ،قاؿ
ابن حجر -رٛتو هللا تعاذلُ -ب (النخبة) اآلف ،قاؿٍ" :ب ا١تردود إما أف يكوف لسقط أو طعن -
ف -ماصنِّ ٍ
السقط لئلسناد والطعن ُب الراوي -فالسقط إما أف يكوف من مبادئ السند من ُم َ
ا١تقصود ٔتصنف؟ أصحاب الكتب :البخاري ومسلم ،- ..أو من آخره من بعد التابعي أو غَت
ةضل
والثالث إف كاف ابثنُت فصاع ًدا مع التوارل فهو ا١تُع َ
ُ رسل،
ذلك ،فاألوؿ ا١تَُعلّق ،والثاين ا١تُ َ
واضحا أو خفيًا ،فاألوؿ يدرؾ
ً جديداٍ -ب قد يكوف
ً تقسيما
ً وإال فا١تُن َق ِطعٍ ،ب -يريد أف يقسم
بعدـ التبلقي ومن ٍَب احتيج إذل التاريخ…" إخل ،فلن نصل إليو اليوـ.
ٍب سيبدأ ابلطعنٍ" ،ب الطعن إما أف يكوف -سيذكر عشرة أسباب -لكذب الراوي ،أو هتمتو
بذلك ،أو فُحش ِ
غلطو ،أو غَفلتو ،أو فِسقو ،أو َو٫تو ،أو ٥تالفتو ،أو جهالتو ،أو بدعتو ،أو
سوء حفظو" ،ىذه كل واحدة منها ٦تكن أف أتخذ منا ٜتسة دروس أو أربعة دروسٍ ،ب يرجع
ويصنف كل مصطلح منها ،ىذه طريقة ابن حجر ُب النخبة ،واضح فيها الضغط والتقسيم وحسن
الًتتيب.
ٕٖ٘
االنقطاع يف النزىة:
اآلف نذىب للنزىة ونرى كيف فك ابن حجر ىذا الضغط -االنقطاع إما أف يكوف وإما أف
شارحا كبلمو ُب ٩تبة الفكر
يكوف… -كيف فك ىذا الضغط ،قاؿ ابن حجر ُب (نزىة النظر) ً
ِ
اختبلؼ ٍ
لسقط من إسناد أو طعن يف را ٍو على قائبلٍ" :ب ا١تردودِ ،
وموجب الرد إما أف يكوف ً
وجوهِ الطعن أع رم من أف يكوف ألمر يرجع إذل داينة الراوي أو إذل ضبطو ،فالسقط إما أف يكوف
صنِّف ،أو من آخره أي اإلسناد بعد التابعي أو غَت ذلك .فاألوؿ
صرؼ ُم َ
من مبادئ السند من تَ ّ
ا١تعلق سواءٌ أكاف الساقط واح ًدا أـ أكثر ،وبينَو وبُت ا١تعةضل اآلٌب ذكره عموـ وخصوص من
ٍ
وجو ،فمن حيث تعريف ا١تعةضل أبنو سقط منو اثناف فصاع ًدا ٬تتمع مع بعض صور ا١تعلق ،ومن
حيث تقييد ا١تعلق أبنو من تصرؼ مصنِّف من مبادئ السند يفًتؽ منو إذا ىو أعم من ذلك،
مثبل :قاؿ رسوؿ هللاٚتيع السند ويقاؿ ً
يفرع ُب ا١تعلق -أف ُ٭ت َذؼ ُ
ومن صور ا١تعلق -اآلف بدأ ّ
معا ،ومنها أف َ٭ت ِذؼ َمن ح ّدثو ﷺ ،ومنها أف َ٭ت ِذ َ
ؼ إال الصحايب أو إال التابعي والصحايب ً
ويةضي َفو إذل َمن ىو فوقو ،فإف كاف من فوقو شي ًخا لذلك ا١تصنف -ىذه اآلف صورة دقيقة ً
نوعا ما
من صور ا١تعلق تتعلق ابلصيغة -فقد اختُلف فيو ىل يسمى تعلي ًقا أو ال -الصيغة تؤثر فيها
ابلطبع -والصحيح يف ىذا التفصيل ،فإف عُ ِرؼ ابلنص أو االستقراء أ ّف فاعل ذلك ُم َدلِّس قةضي
بو وإال فتعليق ،وإ٪تا ذُكِر التعليق يف قسم ا١تردود للجهل ْتاؿ احملذوؼ ،وقد ُ٭تكم بصحتو إف
مسمى من وجو آخر ،فإف قاؿٚ :تيع َمن أحذفو ثقات ،جاءت مسألة التعديل ؼ أبف ٬تيء ًعُ ِر َ
سمى -ماىي مسألة التعديل على اإلهباـ؟ مسألة التعديل على اإلهباـ ،واٞتمهور ال يُقبَل حىت يُ َّ
مثبل :حدثٍت الثقة ،ىل تُقبَل أـ ال تُقبَل؟ قاؿ :واٞتمهور ال يقبل -لكن قاؿ ابن
على اإلهباـ ،ىذه ً
كالبخاري فما أتى فيو ابٞتزـ دؿ على
ّ التزمت صحتو
َ الصبلح ىنا" :إف وقع اٟتذؼ يف ٍ
كتاب
أنو ثبت إسناده عنده وإ٪تا ُح ِذؼ لغرض من األغراض -اآلف دخل ُب معلقات البخاري -وما أتى
مقاؿ ،وقد أوضحت أمثلة ذلك يف النكت على ابن الصبلح" ،البخاري ُب فيو بغَت اٞتزـ ففيو ٌ
وروي عن اٟتسن ،أو ويُروى عن النيب ﷺ،
أحياًن يقوؿ ُ
بعض ا١تعلقات يقوؿ :وقاؿ ابن عباس ،و ً
ٖٕٙ
فإذا علقو بصيغة اٞتزـ فهو اثبت عنده إذل َمن َعلَّقو ،مرة قاؿ :وقاؿ طاووس عن معاذ ،وطاووس دل
يسمع من معاذ لكن ىو اثبت إذل طاووس ،يعٍت إذل من علقو يكوف اثبتًا عند البخاري فإف قيل:
"روي" أو "ذُكِر" أو "قيل" ىذه صيغة التمريض ،ىذا األغلب يكوف فيو إشكاؿ و ً
أحياًن ال يكوف فيو
أحياًن لرواايتو اب١تعٌت أو ٨تو ذلك ،وقد قاؿ ُب حديث
إشكاؿ عند البخاري نفسو ،وإ٪تا يذكر ذلك ًٌ
وروي عن النيب ﷺ ُب موضع آخر. مسندا ُب صحيحو ،قاؿ ُ
رواه وأخرجو ً
"والثاين وىو ما سقط من آخره من بَعد التابعي وىو -ىذا الثاين يرجع ١تاذا؟ ِمن أنواع َّ
السقط،
مصنِف من بدايتو ،من تصرؼ مصنف من بدايتو ،ماذا يسمى؟ السقط إما أف يكوف من َ قاؿَّ :
رسل وصورتو :أف يقوؿ التابعي معلَّق ،قاؿ" :والثاين ما سقط من آخره من بَعد التابعي ىو ا١تُ َ
صغَتا ،قاؿ رسوؿ هللا ﷺ كذا أو فَػ َعل كذا أو فُ ِع َل ْتةضر ِتو كذا و٨تو ذلك،كبَتا أـ ً سواءٌ كاف ً
تمل أف يكوف ِ
و٭ت َ
تمل أف يكوف صحابيًا ُ وإ٪تا ذُك َر يف قسم ا١تردود للجهل ْتاؿ احملذوؼ "،ألنو ُ٭ت َ
تمل أف يكوف ثقةً ،وعلى الثاين ُ٭تتمل أف يكوف تمل أف يكوف ضعي ًفا وُ٭ت َ
اتبعيًا ،وعلى الثاين ُ٭ت َ
َٛتَل عن صحايب و٭تتمل أف يكوف ٛتل عن اتبعي آخر ،وعلى الثاين فيعود االحتماؿ السابق
ويتعدد .أما ابلتجويز العقلي فإذل هناية لو ،وأما ابالستقراء فإذل ستة أو سبعة" ،ىذا عدد التابعُت
عن بعض ،أنو ٯتكن ستة اتبعُت يرووف عن بعض أو سبعة اتبعُت يرووف عن بعض ،ىذا ابالستقراء
طبعا٦ ،تكن اتبعي عن اتبعي عن اتبعي عن اتبعي عن اتبعي عن اتبعي ،وألجل وىي سلسلة طويلة ً
ذلك ا١ترسل ضعيف ،ال تدري من الساقط ىل ىو واحد اثناف ثبلث أربع ،ال نعرؼ ،وما ىي
ُ
ِ
أحوا٢تم .قاؿ" :وىو أكثر ما وجد من رواية بعض التابعُت عن بعض ،فإف عُرؼ من عادة التابعي
رسل إال عن ثقة -ماذا ٭تدث؟ -فذىب ٚتهور احملدثُت إذل التوقف لبقاء االحتماؿ وىو أنو ال ي ِ
ُ
أحد قورل أٛتد ،واثنيهما وىو قوؿ ا١تالكيُت والكوفيُت يُقبل مطل ًقا ،وقاؿ الشافعي يقبل إف
اعتةضد ٔتجيئو من وجو آخر يباين الطريق األوذل -ما معٌت يباين؟ يعٍت غَت الطريق األوذل -مسن ًدا
ِ
احملذوؼ ثقة يف نفس األمر ،ونقل أبوبكر الرازي من اٟتنفية وأبو مرسبل لَتجح احتماؿ كوف
أو ً
الوليد الباجي من ا١تالكية أف الراوي إذا كاف ي ِ
رسل عن الثقات وغَتىم ال يُقبل مرسلو اتفاقًا".ُ
اآلف ىذا عرض النزىة ُب ا١تعلق وا١ترسل.
ٖٕٚ
٣تردا ،ولذلك إذا قرأت كبلـ
علما نظرًاي ًعلم اٟتديث ُب حقيقتو كما قلت مر ًارا علم تطبيقي وليس ً
مثبل إذا سقط واحد أو اثنُت٘تاما عن ىذا ا﵀توى ،ال ٕتد ًا١تتقدمُت ُب ا١ترسل ستجد ا﵀توى ٥تتل ًفا ً
على التوارل أو ُب البداية أو ُب النهايةٕ ..تده متفرقًا ،لكن طبيعة ا١تادة عند ا١تتقدمُت طبيعة ٥تتلفة
٘تاما ،مباشرة ستجد :الزىري ،اٟتسن البصري ،٭تِت بن سعيد ،عطاء ،..أٝتاء الرواة أنفسهم، ً
ستتصل مباشرةً ابألسانيد ،ستتصل مباشرةً بواقع الرواية ،ولذلك كم تتكوف اٟتواجز عند طالب
اٟتديث إذا دل يدرس اٟتديث إال من الكتب ا١تتأخرة ،ليس خطًأ ،لكن إذا اكتفى هبذه ،اآلف كبلـ
مثاال ،نقرأ كبلـ الًتمذي -
ابن حجر ٚتيل ومرتب لكن ٖتتاج أف تضيف عليو ،أعطيكم اآلف ً
الًتمذي إماـ ا١تتقدمُت -انظروا كبلمو ُب ا١ترسل ،وانظروا الفرؽ ،ىنا ا﵀توى إذل اآلف دل يذكر أي اسم
من الرواة صح؟ ابلعكس ذُكِرت أٝتاء أصوليُت ،واألصوليوف من ا١تفًتض ال عبلقة ٢تم ،ىم يتكلموف
أصبل من اإلشكاالت ،أهنم دخلوامن خبلؿ مبحث السنة ُب أصوؿ الفقو عن اٟتديث وىذا كاف ً
ُب مباحث حديثية دقيقة وأفضوا إليها من ًنفذة علم األصوؿ ،يعٍت اإلطار أصورل لكن الروافد فيها
روافد كبلمية.
"فصل يف
ٌ ننظر اآلف إذل ا١تفارقة ،أنت تقرأ اآلف تقوؿ وهللا ُب ىنا لفظ ا١ترسل بس ا﵀توى غَت،
مرسبل فإنو ال يصح عند أكثر أىل
ً اٟتديث ا١ترسل" .قاؿ أبو عيسى :واٟتديث إذا كاف
اٟتديث ،قد ضعفو غَت واحد منهم ،حدثنا علي بن ُحجر قاؿ :أخربان بقية بن الوليد عن عتبة
بن أيب حكيم قاؿٝ :تع الزىري إسحاؽ بن عبد هللا بن أيب فروة يقوؿ :قاؿ رسوؿ هللا ﷺ -
إسحاؽ ىذا ضعيف -فقاؿ الزىري :قاتلك هللا اي ابن أيب فروةٕ ،تيئنا أبحاديث ليس ٢تا ُخطم
أزمة -يعٍت مرسلة -حدثنا أبوبكر قاؿ :عن علي بن عبد هللا -من علي بن عبد هللا؟ ا١تديٍت-
وال ّ
قاؿ ٭تِت بن سعيد -من ٭تِت بن سعيد؟ القطاف ،شيخ علي ا١تديٍت وشيخ ٭تِت بن معُت وشيخ
رسبلت عطاء بن أيب رابح
إرل من ُم َ
رسبلت ٣تاىد أحب ّ
اإلماـ أٛتد -قاؿ ٭تِت بن سعيدُ :م َ
بكثَت ،كاف عطاء أيخذ عن كل ضرب- .ما معٌت أيخذ عن كل ضرب؟ أي :يروي عن اٞتميع
ٖٕٛ
إرل من مرسبلت ثقات أو غَت ثقات -قاؿ علي :قاؿ ٭تِت :مرسبلت سعيد بن جبَت أحب ّ
أقرهبما .قاؿ
عطاء .قلت ليحِت :مرسبلت ٣تاىد أحب إليك أـ مرسبلت طاووس؟ قاؿ :ما َ
علي :وٝتعت ٭تِت بن سعيد القطاف يقوؿ :مرسبلت أيب إسحاؽ -من أبو إسحاؽ؟ أبو إسحاؽ
السبيعي ،أحد الستة الذين تدور عليهم أسانيد اٟتديث -قاؿ مرسبلت أيب إسحاؽ عندي ِشبوُ ال
أيضا من الستة -ومرسبلت ابن
شيء ،واألعمش والتيمي و٭تِت بن أيب كثَت -٭تِت بن أيب كثَت ً
عيينة شبو الريحٍ .ب قاؿ :إي وهللا ،وسفياف بن سعيد -الثوري -قلت ليحِت :فمرسبلت مالك؟
سوار بن
قاؿ :ىي أحب إرلٍ .ب قاؿ ٭تِت :ليس يف القوـ أحد أصح حديثًا من مالك .حدثنا ّ
عبد هللا العنربي قاؿٝ :تعت ٭تِت بن سعيد القطاف يقوؿ :ما قاؿ اٟتسن يف حديثو :قاؿ رسوؿ
ضعف ا١ترسل فإنو
أصبل إال حديثًا أو حديثُت .قاؿ أبو عيسى :ومن ّ
هللا ﷺ ،إال وجدان لو ً
ضعفو من قِبَ ِل أف ىؤالء األئمة قد حدثوا عن الثقات وغَت الثقات ،فإذا روى أحدىم حديثًا
ّ
وأرسلو لعلو أخذه عن غَت ثقة ،قد تكلم اٟتسن البصري يف معبد اٞتهٍت ٍب روى عنو .حدثنا
بشر بن معاذ البصري ،قاؿ :حدثنا مرحوـ بن عبد العزيز العطار ،قاؿ حدثٍت أيب وعمي قاال:
ٝتعنا اٟتسن يقوؿ :إايكم ومعب ًدا اٞتُهٍت فإنو ضاؿ مةضل .قاؿ أبو عيسى ويُروى عن الشعيب:
كذااب ،وقد ح ّدث عنو ،وأكثر الفرائض اليت يرويها عن علي وغَته
حدثنا اٟتارث األعور وكاف ً
ىي عنو ،وقد قاؿ الشعيب :اٟتارث األعور علمٍت الفرائض وكاف من أفرط الناس .وٝتعنا دمحم بن
بشار يقوؿٝ :تعت عبد الرٛتن ا١تهدي يقوؿ :أال تعجبوف من سفياف بن عيينة ،لقد تركت ٞتابر
عفي بقولو ١تا حكى عنو أكثر من ألف حديث ٍب ىو ٭ت ِّدث عنو -جابر ضعيف -قاؿ دمحم بناٞت ِ
ُ
بشار :وتَػ َرؾ عبد الرٛتن ا١تهدي حديث جابر اٞتعفي ،وقد احتج بعض أىل العلم اب١ترسل
الس َفر الكويف حدثنا سعيد بن عامر عن شعبة عن سليماف ةضا .حدثنا أبو عبيدة بن أيب َّ
أي ً
األعمش قاؿ :قلت إلبراىيم النخعي أَسنِد رل عن عبد هللا بن مسعود ،فقاؿ إبراىيم :إذا
حدثتكم عن رجل عن عبد هللا فهو الذي ٝتعت ،وإذا قلت :قاؿ عبد هللا ،فهو عن غَت واحد
عن عبد هللا" .ىذا كبلمو اآلف ُب ا١ترسل ،فرؽ كبَت.
ٖٕٜ
اآلف ال نقوؿ إف كبلـ الًتمذي ال ٭تتاج زايدة ،ال ،٭تتاج ،لكن أنت اآلف تكتشف ،أوؿ شيءٗ :تيل
تكتفي ابلنخبة ،ىذا ا١تنت الصغَت الذي قرأًنه؟ ال يكفي ،قرأت النزىة تظن أنك أنت اآلف أخذت
الشرح ،ال ،ىنا اآلف ًنفذة جديدة.
قاؿ" :ا١ترسل َعلَم على ما سقط ذكر الصحايب من إسناده" .وىذا أدؽ من قوؿ البيقوين ماذا؟ ما
الفرؽ بُت "ومرسل منو الصحايب سقط" ،وبُت "علم على ما سقط ِذكر الصحايب من إسناده"؟ ىناؾ
حدد أف الساقط صحايب ،حسنًا لو كاف الساقط صحابيًا يكوف ا١ترسل ضعي ًفا أو غَت ضعيف؟ غَت
ضعيف ،لكن ىنا ما سقط ِذكره ،وأدؽ من ذلك :ما رفعو التابعي إذل النيب ﷺ" .فيقوؿ التابعي:
قاؿ رسوؿ هللا ﷺ ،ويقع يف ا١تراسيل األنواع ا٠تمسة ا١تاضية -ما ىي األنواع ا٠تمس ا١تاضية؟
ٖٖٓ
صحيح ،حسن ،ضعيف ،مردود ،مطروح ،موضوعِ .-
فمن صحاح ا١تراسيل مرسل سعيد بن
صناْتي ،ومرسل قيس أيب حازـ و٨تو ذلك ،فإف ا١ترسل إذا
ا١تسيب ،ومرسل مسروؽ ،ومرسل ال ر
صح إذل اتبعي كبَت فهو حجة عند ٍ
خلق من الفقهاء ،فإف كاف يف الرواة ضعيف إذل مثل ابن
ض ِّعف اٟتديث من قِبل ذلك الرجل ،وإف كاف مًتوًكا أو ساقطًا وىن اٟتديث وطرح،
ا١تسيّب ُ
ويوجد يف ا١تراسيل موضوعات .نعم ،وإف صح اإلسناد إذل اتبعي متوسط الطبقة كمراسيل ٣تاىد
وإبراىيم والشعيب ،فهو مرسل جيد ال أبس بو يقبلو قوـ ويرده آخروف ،ومن أوىى ا١تراسيل
عندىم مراسيل اٟتسن ،وأوىى من ذلك مراسيل الزىري ،وقتادة ،وٛتيد الطويل من صغار
التابعُت ،وغالب احملققُت يع ّدوف مراسيل ىؤالء معةضبلت ومنقطعات ،فإف غالب رواايت ىؤالء
عن اتبعي كبَت عن صحايب ،فالظن ٔترسلو أنو أسقط من إسناده اثنُت".
أيضا ،و٩تتم بو ،قاؿ رٛتو هللا تعاذل" :النوع التاسع معرفة ا١ترسل :وصورتو اليت
بقي ابن الصبلح ً
ال خبلؼ فيها حديث التابعي الكبَت الذي لقي ٚتاعة من الصحابة وجالسهم كعُبيد هللا بن
عدي بن ا٠تيارٍ ،ب سعيد بن ا١تسيب وأمثا٢تما إذا قاؿ :قاؿ رسوؿ هللا ﷺ ،وا١تشهور التسوية
بُت التابعُت أٚتعُت يف ذلك مهنع هللا يضر ﷺ .ولو صور اختُلِف فيها أىي من ا١ترسل أـ ال "..دعنا من
ىذه الصور ألف فيها تفصيل..
ٖٖٔ
الطريقة الصحيحة لتصور وعرض ا١تصطلحات اٟتديثية:
ما الذي نستفيد من ىذا الكبلـ؟ لو كاف ىناؾ سعة ُب ا١تقاـ لقرأت كبلـ ا٠تطيب البغدادي،
وكبلـ رٔتا العراقي أو ابن حجر ُب النكت على ابن الصبلح ،وىناؾ كتب كثَتة ٦تكن الشخص
يتكلم فيها.
ماذا برأيكم ٨تتاج أف نعرؼ من أحكاـ متعلقة اب١ترسل مرتبطة بواقع الرواية؟
ٔ) النقطة األوذل :العنواف األساسي ٢تا ىي :ىل كل ا١تراسيل على درجة واحدة ،أو ىي ٥تتلفة؟
ألنكم ال تتعاملوف مع قضية نظرية ٕتريدية ،لنتخيل أف الراوي أرسل ..ال ،ال ٣تاؿ للتخيل ،ىنا مثل
ما قاؿ ابن حجر قبل قليل ،قاؿُ :ب التجويز العقلي إذل ما ال هناية ،ولكن ابالستقراء فيو ستة سبعة،
انتهينا ال يوجد َٗتيّل .أنت اآلف تتكلم عن واقع روايةُ ،ب واقع الرواية أوؿ ما ٨تتاج أف نعرفو :ما
صورة ا١تنقطعات وا١تراسيل ُب واقع الرواية ،ما صورهتا ا١توجودة؟ اٞتواب أف صورهتا ا١توجودة :وجود
االنقطاعات ُب كل الطبقات ،فيوجد التابعُت يقولوف :قاؿ رسوؿ هللا ،ويوجد اتبعي التابعُت يقولوف:
مثبل سعيد ،ومن اتبعي التابعُت مالك، قاؿ رسوؿ هللا ،وقبل قليل مر معنا من أمثلة من التابعُت ً
سفياف بن عيينة ،سفياف الثوري .إذف أوؿ شيء ٨تتاج أف نعرؼ إذل صورهتا يف الرواية كيف
تكوف ،ما ا١تنقطعات ا١توجودة؟ فلما تتماس معها١ ،تا تقرأ أحكاـ ا١ترسل ال بد أيٌب ذىنك يطابق
يداي ،فعند تصورؾ ُب واقع الرواية تقوؿ :اآلف أًن فهمت ما صورة
على واقع الرواية ،ال تتخيلو ٕتر ً
ا١ترسل ا١توجود.
ٕ) النقطة الثانية :بعد أف تتصور واقع ا١ترسل ُب الرواية من حيث الوجود العملي ،بعد أف تنظر ُب
واقع الرواية؛ تذىب إذل الوصف ا١ترتبط هبذا الواقع ،واب١تناسبة مصطلح اٟتديث كلو هبذه ا١تثابة،
ٕٖٖ
لتعرب عن ىذا الواقع ،ىناؾ واقع وىم كانوا يتعاملوف
ىناؾ واقع ُب الرواية ،وىناؾ مصطلحات أتت ّ
معو ،فهو عندما يقوؿ :قاتلك هللا أتٌب برواايت ليس ٢تا أ ِزّمة وال ُخطَم! يعٍت مرسل ،ىو كاف يسمع
مثبل :فبلف حديثو غرائب ،ىو يصف بناءً على واقع إسحاؽ بن أيب فروة وىو يقوؿ ،وعندما يقوؿ ً
الرواية أيٌب بغرائب .إذف ا٠تطوة الثانية ىي :معرفة األوصاؼ ،ومعرفة األوصاؼ ىذي ٢تا قواعد
وقوانُت ،ومن ا٠تطأ معرفة األوصاؼ من خبلؿ الكتب ا١تتأخرة فقط ،البد أف تنظر ُب واقع ا﵀ ّدثُت
األوائل مب كانوا يصفوف ىذا ا١تنقطع.
وأقوؿ لكم استباقا أهنم كانوا يطلقوف على كل صور االنقطاع لفظُت مًتادفُت ،وإف قاؿ بعض
ا١تتأخرين أف ىناؾ فرقًا ،ال ،ىو فعليًا كانوا يستعملوف ىذين ا١تصطلحُت للتعبَت عن ٥تتلف صور
االنقطاع .ما ا١تصطلحُت؟ مرسل ومنقطع ،مع أف بعض ا﵀دثُت ا١تتأخرين يقوؿ :ال ،دل يكونوا
يستعملوف ا١ترسل إال فيما رفعو التابعيٍ ،ب جاء واستثٌت وقاؿ :ولكن بصيغة الفعل نعم كانوا
عما رفعو التابعي ،وعن االنقطاع
يستعملوف ،ما ىي صيغة الفعل؟ أرسلو ،حىت ابالسم يقولوف مرسل ّ
أيضا
بُت التابعي والصحايب ،وبُت اتبع التابعي والتابعي ،أي انقطاع يقاؿ عنو مرسل ،وأي انقطاع ً
يقاؿ عنو منقطع ،حىت لو قاؿ سعيد بن ا١تسيب قاؿ رسوؿ هللا يقولوف عنو منقطع ،ولكن ُب ىذه
الصورة اليت ىي :التابعي حُت يرفع إذل النيب ﷺ ما أكثر مصطلح يستخدـ؟ يقولوف :مرسل .ىذه
كلها النقطة الثانية اليت ىي :أف تعرؼ األوصاؼ.
حسنًا إذا انقطع راويُت متتاليُت ماذا يُسمى؟ معةضل ،ىذا ا١تعضل اآلف ىو لفظ من األلفاظ اليت
جدا ُب الكتب ا١تتأخرة ،إذا رجعت إذل واقع الرواية التطبيقي ،وواقع النقاد :مرسل ،منقطع،
اشتهرت ً
مرسل ،منقطع ،معضل ال يكادوف يستعملونو ،ال أقوؿ ال يستعملونو ،ال يكادوف يستعملونو ،وإ٪تا
أصبل ال بواحد وال ابثنُت..
وجد ُب استعما٢تم مصطلح ا١تعضل على ما ليس فيو انقطاع ً
بعض األمثلة سر ًيعا ،لكن ال أريد أف أقطع التسلسل ،ىذه األمثلة فيها فخامة اٟتديث وفخامة
اٟتراين
ا١تتقدمُت" ،قاؿ الذىلي- :دمحم بن ٭تِت الذىلي من ا١تتقدمُت الكبار -حدثنا أبو صاحل ّ
قاؿ :حدثنا ابن ٢تيعة عن يزيد بن أيب حبيب عن ابن شهاب -الزىري -عن عروة عن عائشة
ٖٖٖ
قالت" :كاف رسوؿ هللا ﷺ يعتكف فيمر اب١تريض يف البيت فيسلم عليو وال يقف" .قاؿ
الذىلي :ىذا حديث معةضل ال وجو لو ،إ٪تا ىو فعل عائشة ليس فيو للنيب ﷺ ذكر ،والوىم
فيما نُرى من ابن ٢تيعة".
أظن ابن حجر نفسو قاؿ إنو ا١تستغلق الشديد ،ابن حجر ُب (النكت) على ابن الصبلح أبدع وأخذ
نفس رىيب ،وأيٌب أبمثلة ،ىو نفسو يقوؿ" :قد وجدت التعبَت اب١تعةضل يف كبلـ ٚتاعة من أئمة
اٟتديث فيما دل يسقط منو شيء البتة -ىذا كبلـ ابن حجر -ومن ذلك :قاؿ النسائي يف اليوـ
والليلة :حدثنا يزيد بن سناف قاؿ :حدثنا مكي بن إبراىيم ،عن مالك ،عن انفع عن ابن عمر
قاؿ :متعتاف كانتا على عهد رسوؿ هللا ﷺ ...اٟتديث ،قاؿ النسائي :ىذا حديث معةضل ،ال
أعلم من رواه غَت مكي وىو ال أبس بو ،وال أدري من أين أتى بو" .تعرفوف ،اإلسناد ما ىو؟
مالك عن ًنفع عن ابن عمر!! لذلك يقوؿ :ال أعلم من رواه غَت مكي وىو ال أبس بو ،وال أدري
من أين أتى بو؛ يعٍت ال أعًتؼ بروايتو ،يعٍت ال أعًتؼ بروايتو ،ال أعًتؼ هبذه الرواية عنو وإف كاف ال
أبس بو ،لكن ال أعلم من أين أتى بو ،معضل ،مستغلق ،ال وجو لو.
ٖٖٗ
إذف ،ىذا كلو يرجع للنقطة الثانية ،اليت ىي الوصف على ما ىو موجود بعد معرفة واقع الرواية.
إذف ىل ىو موجود؟ موجود ،ىل ىو كثَت أـ قليل؟ كثَت .النقطة الثانية :نع ِرؼ ا١تصطلحات ا١تتعلقة
بو ،ونعرؼ ىل ىي تًتادؼ ...إخل.
ٖ) النقطة الثالثة :اٟتكم -ىذا خبلصة اٟتديث -ما حكم الواقع الذي وصفناه؟ ىذا مصطلح
اٟتديث ،ما خالف فيو الثقة الثقات ،ىذا واقع ووص ُفو على ما درسناه شاذ ،منكر٦ ،تكن يطلق عليو
خطأ وإف كاف ا١تشهور أنو شاذ .ما حكمو؟ ىذا مصطلح اٟتديث ،واقع تصفو ٍب ٖتكم عليو.
أنٌب للمرسل ،ما اٟتكم عليو؟ اٟتكم عليو مسألة ضخمة ،أوؿ خطأ يقع ُب اٟتكم على ا١ترسل ىو
يفرؽ بُت
يوصف كلو بوصف واحد ،ال يوجد إشكاؿ أف يوصف أبنو ضعيف ،ولكن ٬تب أف َّ أف َ
مثبل أف صورتو دل
درجات الضعيف ا١تتعلقة اب١ترسل ،فقد يوصف أبنو ضعيف ابعتبار معُت ،ابعتبار ً
عموما الضعيف ٬تب أف يفرؽ بُت درجاتو ،عندما تستقرئ كبلـ اٟتفاظ تتوفر فيها شروط الصحةً ..
ستجد أهنم وصفوا بعض ا١تراسيل أبهنا صحيحة ،وأهنم احتجوا ببعض ا١تراسيل ،إذف ٬تب أف تعرؼ
حكمو ،وحكمو كما قلت ٬تب أف يكوف فيو تفصيل بقدر التفصيل ا١توجود ُب واقع الرواية.
ٖٖ٘
ٗ) النقطة الرابعة :ىي كيف نتعامل مع ىذا ا١ترسل؟ كيف نتصل ٨تن بذلك الواقع أو بفهمو؟
وىنا أتٌب قضية :كيف يدرس اإلنساف ىذا الباب دراسة صحيحة؟ ألف علم اٟتديث يستحق أف تفرد
بعض أبوابو بطريقة معينة .ويدخل ٖتت النقطة الرابعة مسألة وىي :أنت أثناء القراءة ُب كتب التفسَت
والعقائد ٘تر عليك مراسيل كيف تتعامل معها؟ ىل ستتعامل معها على أهنا ضعيفة؟ أـ صحيحة؟
ماذا تفعل؟ ال يوجد شخص يقرأ ُب السَتة النبوية إال ٘تر عليو مراسيل ،كثَت من قصص السَتة
يفرؽ بُت ا١تراسيل أـ تعامل كلها بنفس اٟتكم؟ ىل إذا كانت ُب السَتة ا١تشهورة ىي مراسيل ،ىل َّ
فرؽ بُت ا١تراسيل ،عندما أيتيٍت خرب ُب السَتة من كبلـ يكوف ٢تا حكم غَت اآلخر أـ ال؟ ابلطبع تُ َّ
عروة بن الزبَت فهو ِمن أوثق ما ٯتكن أف يؤخذ بو ُب السَتة النبوية ،لذلك كثَت من أخبار السَتة ىي
من طريق الزىري عن عروة ،وقاؿ عروة :وخرج رسوؿ هللا ُب عاـ كذا وكذا ،وواجو جيش ا١تشركُت
وكاف عددىم كذا وكذا ،والتقى بكذا ،وكاف على ميمنتو كذا وكذا.
مثبل ،ابن إسحاؽ متخصص ُب السَتة ،لكن مهما كاف مراسيلووعندما أتتيك مراسيل ابن إسحاؽ ً
جدا من أف تقارهنا ٔتراسيل شيخو الزىري ،أو ٔتراسيل
جدا ً
عن النيب ﷺ ُب السَتة أضعف بكثَت ً
شيخ شيخو عروة.
ٖٖٙ
عضد هبذا ،وإال فمن أين أتى بو الشعيب ،وىذا ٥ترجو كوُب وىذا
قواي ُب أف ىذا يُ َ
آخرٍ ،ب كاف كبلمو ِّ
٤تتجا
صحيحا أو ِّ
ً ٥ترجو مدين ،وىذا وإف كاف أرسلو وىذا وإف كاف أرسلو إال أنو ..فَتتقي ويكوف
بو ،واضح الفكرة؟ ىذا مرسل ومرسل ..ا١ترسل إذا عضد ْتديث ضعيف مسند أو ا١ترسل إذا عضد
طويبل.
شرحا ً بقوؿ صحايب ،ىذا كلو تكلم عنها العلماء وفصل فيها الشافعي وشرحها ابن رجب ً
فالذي ٮترج بو اإلنساف بعد ىذا كلو أف ابب ا١ترسل ليس اب ًاب ٥تتزًال يُتعامل معو ابختزاؿ.
ا٠تا٘تة:
مرورا سر ًيعا و٨تاوؿ أف ننتقل إذل الطعن ُب الراوي.
إف شاء هللا اللقاء القادـ أنخذ ا١تعضل٪ ،تر عليو ً
جدا ُب االتصاؿ واالنقطاع إف شاء هللا ما أنساىا الدرس القادـ ،وىي داخلة ُب
ابقي مسألة مهمة ً
ا١تسألة الرابعة؛ ألهنا مسألة عملية تواجهكم ُب ٗتريج اٟتديث ،أنت كطالب حديث ٘تر عليك ىذه
ٗترج اٟتديث ،أنت مىت تصطدـ بواقع الرواية؟ عندما ٗتّرج اٟتديث ا١تسائل بصورهتا العملية حُت ّ
جدا وىي الصيغة العملية وىي: جدا ًو٘تارس دراسة اإلسناد ،ماىي ىذه الرابعة؟ ىذا الرابعة مهمة ً
كيف تعرؼ أف اإلسناد متصل أـ منقطع؟ ىذه ا٠تبلصة ،بعد ذلك إذا عرفت تطبق ،لكن كيف
تعرؼ؟ ىناؾ خطوات لعلي أذكرىا إف شاء هللا ،خطوات تفصيلية ٭تتاج ٢تا وقت ،النظر إذل صيغة
اإلسناد ٍب النظر إذل ٚتع الطرؽ والنظر إذل الصيغ إذا دل تكن مذكورة ،والنظر ُب التواريخ والنظر..
إخل ،إذل أف تصل،
ٖٖٛ
احملاضرة اٟتادية والعشروف:
ا١تقدمة:
كثَتا طيبًا مبارًكا فيو كما ٭تب ربنا تبارؾ وتعاذل ويرضى ،اللهم لك اٟتمد
ٛتدا ً
اٟتمد ﵁ رب العا١تُت ً
صل وسلم وابرؾ على عبدؾ ورسولك دمحم. ال ٨تصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك اللهم ِّ
اي أىبلً وسهبلً ومرحبًا .نستعُت اب﵁ ونستفتح اجمللس اٟتادي والعشرين من :الشرح ا١تطوؿ على نزىة
النظر.
كاف الدرس ا١تاضي بداية اٟتديث عن أنواع اٟتديث ا١تردود ،ابن حجر -رٛتو هللا -ذكر أف ا١تردود
إما أف يكوف بسبب سقط ُب اإلسناد أو طعن ُب الراوي .وذكر أنواع السقط :ا١تعلق ،ا١تنقطع،
ا١ترسل ،ا١تعضل وتكلمنا عن بعض دالالت ا١تصطلحات ُب ىذه القضيةٍ ،ب تكلمنا عن أىم النقاط
العملية اليت ٩ترج هبا ،وكاف ىناؾ أتكيد ُب هناية الدرس أنو :من ا١تهم أف نعلم ٨تن كيف نعرؼ
أيضا بصورة ٥تتصرة.
انقطاع اإلسناد ،ولذلك أًن أبدأ هبذه القضية اليوـ و ً
كما قلنا ساب ًقا الثمرة من دراسة ا١تصطلح:
ا١تفًتض أف ٗترج بثمرة عمليةْ ،تيث أف ىذا اٞتانب النظري ا١تتعلق هبذه ا١تصطلحات؛ ىل لو صورة
أ٘تاس معها أـ ال؟ إذا كاف اٞتواب نعم فبلبد أف أعرؼ كيف أحقق ىذه الناحية
عملية أًن ٯتكن أف ّ
العملية ،إذا دل أحقق ىذا الناحية العملية فستكوف دراسيت غَت اتمة٦ ،تكن أكوف استفدت وعرفت
مثبل لن أتقدـ ُب ىذه الدراسة لكن تكوف غَت اتمة.
وعلمت وقد ال أحتاج أكثر من ذلك ألين ً
كيفية معرفة اٟتديث صحيح أـ ضعيف:
اآلف مثبلً إذا أًن عرفت الفرؽ بُت ا١ترسل وا١تنقطع وا١تعضل وا١تعلق ،ىذه ا١تعرفة ُب األساس نظرية
أليس كذلك؟ إذا كاف االنقطاع من التابعي ،من بُت التابعي وبُت النيب ﷺ إذا كاف ُب واحدة من
الطبقات ،كل واحدة منها ٢تا وصف ،لكن ُب األخَت كل ىذه االنقطاعات ىي تعرب عن صيغة
واحدة من صيغ اإلشكاؿ ُب الرواية اليت ىي صيغة :عدـ االتصاؿ ،أين النقطة العمليّة؟ النقطة
ٖٖٜ
العملية ىي :أنٍت إذا أتيت ٟتديث معُت أريد أف أعرؼ ىل اٟتديث صحيح أـ ضعيف فما الذي
سأفعلو؟ -غَت أنٍت سأنظر ُب أحكاـ العلماء-
صيغة األداء .ىل الصيغة ا١توجودة ُب اإلسناد تفيد االتصاؿ أـ تفيد االنقطاع أـ ىي ٤تايدة ٯتكن
أف ٖتتمل االتصاؿ أو ٖتتمل االنقطاع؟ أوؿ نقطة النظر ُب صيغ ا٠ترب :حدثنا :تفيد االتصاؿ،
أخربًن :تفيد االتصاؿ وإف كانت تفيد االتصاؿ ُب درجة أقلٝ ،تعت :تفيد االتصاؿ بدرجة عالية،
كر رل عن ،ىذه كلها تفيد االنقطاع وىي موجودة ،بلغٍت:
نبئت عن :تفيد االنقطاع ،أخربت عن ،ذُ َ
فبلًن ،ىذه ماذا تُفيد؟ ىذه ٤تايدة ٦تكن ٖتتمل االتصاؿ ٦تكن ٖتتمل
تفيد االنقطاع ،فبل ٌف أف ً
االنقطاع.
ٖٓٗ
أحياًن
ً فبلًن قاؿ أو عن فبلف ،ماذا أعمل حىت أعرؼ متصل أـ غَت متصل؟ إذا وجدهتا :أبف ً
اإلسناد الذي درستو ال يكوف فيو صيغ ا٠ترب :حدثناٝ ،تعت؛ ألف الرواة يتخففوف من ذكر حدثنا
وٝتعت ،فيكوف الشيخ قد قاؿ :حدثٍت فبلف ،والراوي عنو يتخفف من ىذه الصيغة فيقوؿ :عن،
٬توز التخفف من الصيغة األعلى إذل ما ىو أدىن منها ،وال ٬توز إذا قاؿ الراوي :قاؿ شيخي ،فيقوؿ
فبلف :حدثٍت شيخي ،ال ٬توز الرقي إذل األعلى َّ
وإ٪تا النزوؿ.
ا٠تطوة الثانية:
إذا دل ٕتد وكل الطرؽ ال يوجد هبا حدثنا وال أخربًن ،ال توجد صيغة اتصاؿ صر٭تة -عن ال تفيد
االنقطاع طبعاً -فأبدأ أأتكد أف عن ىنا ليس فيها انقطاع خفي.
فما العمل؟ ا١تيزة أف العلماء حرصوا -يف كثَت من الرواة -على بياف أمرين من حيث االتصاؿ
واالنقطاع:
ٔ) إما حرصوا على بياف ٝتع ٦تن.
ٕ) وإما حرصوا على بياف دل يسمع ٦تن.
والشق الثاين ىذا أكثر ،ألف األصل ُب الراوي ...مثبلً لو ُسرد لك مئتُت شيخ عن فبلف ُب (هتذيب
جدا ،األصل ُب روايتو عن مشاٮتو
مثبل ،فبلف روى عن ...وأيٌب لك ٔتجموعة كبَتة ً الكماؿ) ً
االتصاؿ؛ فلذلك ٕتدىم يهتموف أكثر ليس ببياف ٝتع ٦تن َّ
وإ٪تا ببياف دل يسمع ٦تن؛ لذلك أًن أْتث
ُب الكتب اليت اعتنت بسمع ٦تن ،إذا دل أجد ال يعٍت أنو دل يسمع ،أذىب فأْتث ُب الكتب اليت
ٖٔٗ
بينت دل يسمع ٦تن ،فإذا دل أجده ُب ٝتع ٦تن ودل أجده ُب دل يسمع ٦تن فهذه قرينة إ٬تابية؛ ألنو دل
يُذكر أنو دل يسمع من فبلف وىو روى عنو ،ال أقوؿ إهنا كافية ،ولكنها قرينة إ٬تابية.
• اآلف ما الكتب اليت حرصت على ٝتع ٦تن واليت ٯتكن االستفادة منها؟
من أبرزىا:
ٔ) (التاريخ الكبَت للبخاري).
جدا؛ فلذلك التاريخ الكبَت ىو عبارة عن تراجم الرواة،أصبل عنده مسألة السماع مهمة ً البخاري ً
كثَتا
وفبلف ٝتع من فبلف وفبلف ،ال يستقصي بكل من ٝتع منهم ،لكن يعتٍت ببعض السماعات ،و ً
ما أتٌب عليك وأنت تبحث بُت الرواة فتجد اٟتل ُب (التاريخ الكبَت).
إذف ا٠تطوة الثانية ىي :أف أْتث ُب -إذا دل أجد صيغة ا٠ترب ُب نفس اإلسناد وال ُب الطرؽ
األخرى -الكتب اليت اعتنت ببياف السماع من عدمو .وىذا ٭تتاج إذل تدريب حىت تعتاد عليوٍ ،ب
أيضا -
أتخذ ٪تط معُت حىت تعرؼ أف ىذا أسلوب ابن أيب حاًب ،ىذا أسلوب البخاري ...الذىيب ً
أظنُ -ب (الكاشف) يعتٍت بقضية القسم األوؿٝ :تع من فبلف.
الحظ ىذا كلو ألجل أف يغطي جزء من شرط واحد من شروط صحة اٟتديث الذي ىو :اتصاؿ
أيضا أشياء أخرى ،وسوؼ أقرأ اآلف حىت تتضح القضية.
اإلسناد .ىناؾ ً
سيتضح أف بعض الصور ٖتتاج ْتثًا أدؽٍ ،ب الح ًقا أتتينا قضية التاريخ رقم ثبلثة أتٌب قضية التاريخ
وا١تعاصرة ،وندخل ُب مسألة ا١تعاصرة ،كما تعلم أف ىناؾ خبلؼ :إذا الراوي عاصر الراوي ودل يثبت
ٖٖٗ
مثبل ٭تملها على االتصاؿ أنو ٝتع منو ودل يثبت أنو دل يسمعو عنو؛ مروي ابلعنعنة ،اإلماـ مسلم ً
وبشكل قوي ،خاصة إذا دل يكن الراوي معروفًا ابلتدليس ،والبخاري وٚتهور ا١تتقدمُت ال ٭تملوهنا
على االتصاؿ ،قوؿ ابن رجب -رٛتو هللا تعاذل -وىو ينتصر ٢تذا القوؿ ،والنقاش يطوؿ ُب ىذا
ا١توضوع.
انقطاع اإلسناد:
اب١تناسبة ىذه التواريخ مهمة ،حُت نقوؿ لك تواريخ الرواة أوؿ ما ٮتطر ُب ذىنك أنو يعٍت ا١تيبلد
والوفاة أليس كذلك؟ ال ،ىناؾ تواريخ مهمة أخرى وىي تواريخ االرٖتاؿ ،وىي مسجلة؛ ألف راوي
مدين وآخر خرساين تعاصرا وال يذكر للخرساين رحلة إذل اٟتجاز؛ ىنا م ِ
شكل ،حىت لو روي ابلعنعنة ُ ُ
ٖٗٗ
شكل .لكن حُت يعرؼ التاريخ ..حسنًا التاريخ مىت؟ ٦تكن يكوف اتريخ رحلة ا٠تراساين إذل لكنو م ِ
ُ
اٟتجاز بعد وفاة الشيخ ،مع أهنما تعاصرا ُب الزمن ،ولكن دل يتعاصرا ُب وقت ما كاف ا٠ترساين ُب
اٟتجاز ،فهذا يعرؼ بتاريخ الرحلة وليس بتاريخ الوفاة.
سم من حدثو وأوىم ٝتاعو للحديث ٦تن دل ٭تدثو بو ،واشتقاقو من "ٝتي ذلك لكوف الراوي دل يُ ِّ
الظبلـٝ ،تي بذلك الشًتاكهما يف ا٠تفاء .ويرد ا١تدلَّس بصيغة
ِ س ابلتحريك وىو :اختبلط الدلَ ِ
َّ
من صيغ األداء ٖتتمل وقوع الرلقي بُت ا١تدلِّس ومن اسند عنو ،كعن وكذا ،قاؿ :ومىت وقع
كذاب" .يقوؿ لك أف ىناؾ نوع آخر من االنقطاع خفي .ما ىو ىذا ٍ ٍ
بصيغة صر٭تة ال َٕتَ ُوَز فيها كاف ً
ا٠تفي؟ يكوف ابلتدليس.
التدليس:
• ما ىو التدليس؟
قاؿٝ" :تي بذلك لكوف الراوي دل ِّ
يسم من حدثو وأوىم ٝتاعو للحديث ١تن دل ٭تدث بو" ،أنخذ
تعريف أوضح ٍب نعود ٢تذا التعريف..
• التدليس أنواع:
ٍ
بصيغة أبرز أنواعو :تدليس اإلسناد ،وىو :أف يروي الراوي عن شيخو الذي ٝتع منو مادل يسمعو منو
ٖتتمل.
ٖ٘ٗ
مثبل :أًن شيخي إبراىيم أٝتع منو عادةً ،ىناؾ حديث معُت دل أٝتعو من إبراىيم ٝتعتو من أٛتد، ً
فحُت آٌب أحدث هبذا اٟتديث -الذي ٝتعتو من أٛتد -أسقط أٛتد ،فبل أقوؿ حدثٍت إبراىيم وإال
كذااب ،فأقوؿ :قاؿ إبراىيم ،أو :عن إبراىيم .ىذا اٝتو تدليس١ ،تاذا؟ ألف ٘تيم حُت يسمع ىذهأصبح ً
الرواية مٍت ال ٮتطر ُب ذىنو إال أين ٝتعتها من إبراىيم١ ،تاذا؟ ألين دائماً أقوؿ :حدثٍت إبراىيمٝ ،تعت
إبراىيم ،ىذا اٟتديث دل أٝتعو وقلت :قاؿ إبراىيم ..وأكيد قاؿ إبراىيم يعٍت ٝتعو ألنو تلميذه!
اآلف عندما أقوؿ :قاؿ ابراىيم وَدل أكن ٝتعت منو ،ىذه الصورة يظهر أهنا متصلة ،وىي منقطعة؛ بيٍت
وبُت إبراىيم ال يوجد اتصاؿ ،ىناؾ راوي ساقط ،ىذا اٝتو انقطاع اآلف ،ظاىر أو خفي؟ خفي..
يقوؿ لك" :ومىت وقع بصيغة صر٭تة ال َٕتّوز فيها صار كذ ًاب" ،إذا قلت حدثٍت صار ً
كذاب.
"وحكم من ثبت عنو التدليس إذا كاف عدالً أال يقبل منو إال ما صرح فيو ابلتحديث على
األصح" ،إذا كاف الراوي ثبت عنو أنو دلّس ،فأي رواية يرويها ٬تب أف يقوؿ :حدثنا أو ِ
ٝتعت ،إذا
دل يقل حدثنا أو ِ
ٝتعت؛ تُرد ألنو قد يكوف دلّس .قاؿ ُب ا١تنت "على األصح" ،وتفيد أف ىناؾ
خبلؼ.
• يفهم من العبارة أف ىناؾ قوالف:
ٔ) ال يقبل إال إذا صرح ابلتحديث.
ٕ) يقبل ولو دل يصرح ابلتحديث.
ٖٗٙ
احدا
بعض من دل ٭تقق النظر ُب علم اٟتديث ،ال يقوؿ على األصح أو على األرجح ،يعتربىا قوال و ً
وىو أنو ال يُقبل إذا صرح ابلسماع ،وىذا فيو إشكاؿ ،والصواب أنو قد يُقبل حديثو ولو دل يصرح
ابلسماع ،ولكن تُدرس رواايتو ا١تعنعنة ،فقد يثبت لدى الناقد بطريق ما أف روايتو ا١تعنعنة تلك قد
دلسها ،وقد يثبت أنو دل يدلسها ،وىذا ابب دقيق ُب علل اٟتديث.
تذكروف ١تا ذكرًن ٪تاذج من دقة ا﵀دثُتُ ،ب كفارة اجمللس ،كاف مداره على سهيل بن أيب صاحل ،رواه
عنو موسى بن عقبة ،رواه عنو ابن جريج ووىيب ،ابن جريج مدلس ،ابن جريج روى عن موسى بن
عقبة ابلعنعنة ،ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل بن أيب صاحل عن أبيو عن أيب ُىريرة ،ماذا
رجحوا رواية ُوىيب؟ قالوا :أخشى أف يكوف دلسو.
قاؿ ابن أيب حاًب وأٛتد عن الرواية غَت أهنم ّ
اآلف السؤاؿ :لو كاف ا١تدلس ال تقبل عنعنتو لردوا روايتو مباشرة ،ودل يقل :أخشى أف يكوف دلسو،
أصبل قد يكوف روى ابلسماع وتلميذه ..ىذا ليس ُب مثاؿ ابن ١تاذا؟ ألف ىذا الذي روى ابلعنعنة ً
جريج فقط ،بشكل عاـ ،أقصد ١تاذا ٨تن نقوؿ :عنعنة ا١تدلِس قد تُقبل؟ ألف ً
أصبل العنعنة صيغة
غَت اثبتة ،قد تكوف من تصرؼ الرواة ،فيكوف الشيخ قد قاؿ :حدثٍت فبلف ،وأيٌب تلميذه فينزؿ هبا
أصبل ٮتتصروف
إذل :عن فبلف ،وىذا النزوؿ للتخفف؛ ألنو إذا سرد مئة وٜتسُت إسناد متوارل-..ىم ً
أصبل «حدثنا» فيكتبوف« :ثنا»- ويكتبوف« :ثنا» ،و«أًن» ،مع أنو اختصر حرفُت فقط ،ىي ً
مثبل لو قلت لكمً :نفع عن مالك عن ابن عمر، فأحياًن يسقطوف ىذه ويتخففوف إذل عنً ،ً
استعملت عن ،أليس كذلك؟ الزىري عن سعيد عن أيب ىريرة ،سفياف عن عمرو عن جابر ،كلها
خفيفةٛ ،تاد بن سلمة عن اثبت عن أنس ،مالك عن ٛتيد عن أنس ،البخاري عن أيب اليماف عن
الزىري عن سادل عن أبيو.
سعيدا حدثو..
لكن لو قلت :البخاري قاؿ أخربًن أبو اليماف قاؿ حدثنا شعيب أنو ٝتع الزىري ،أف ً
ألف لو قلت حدثو ٬تب تقوؿ بعدىا :أنو قاؿ ،وحىت لو دل ِ
أتت هبا ىي طويلة ،فيتخففوف ،ينزؿ
ابلصيغة من ثنا إذل عن .وىذ النزوؿ ىو دل يكذب فيو ىو ٗتفف ،لكن ا١تشكلة لو أف شيخو قاؿ:
قاؿ ،فيجعلها حدثنا؛ ألف حدثنا تفيد االتصاؿ ،ىذه مشكلة اآلف .ىذه واحدة من األسباب اليت
ٖٗٚ
ٕتعل قولنا رواية ا١تدلس إذا عنعن أهنا مردودة حىت ٭ت ِّدث أو يصرح ابلسماع ،قد تكوف مقبولة حىت
أتٌب قرينة تدؿ على أنو دلَّس ىذا اٟتديث بعينو.
أين القرينة ُب حديث كفارة اجمللس اليت ألجلها قالوا :أخشى أف يكوف دلسو؟ وجود ا١تخالفة ُب رواية
اَّلل موقوفًا ،اآلف ىذه الرواية ىي األرجح،
وىيب ،رواية وىيب عن موسى بن عقبة عن عوف بن عبد َّ
فنظروا للرواية ا١ترجوحة وىي رواية ابن جريج ،فصاروا يبحثوف من أين جاء ا٠تلل ،فقاؿ :أخشى أف
مشكلة .والدليل على أف التدليس يكوف دلَّسو .الفكرة أف رواية وىيب كشفت أف رواية ابن جريج ِ
غَت اثبت ،تذكروف ١تا أبو حاًب ١تا سئل من أين الوىم؟ قاؿ" :ال أدري ،رٔتا يكوف من سهيل ،وقد
ّ
يكوف من ابن جريج ،أخشى أف يكوف أخذه عن بعض الضعفاء" يقصد إبراىيم بن أيب ٭تِت.
ا١تهم ىناؾ كتاب مهم ُب ىذا الباب ،اٝتو( :منهج ا١تتقدمُت ُب التدليس) استقرأ فيو ا١تؤلف الصور
اليت تكشف ٢تم أف ىذا اٟتديث ا١تعنعن فيو تدليس.
طبعا من يقولوف إف ا١تدلس ال بد أف يصرح وإال دل تقبل روايتو ،وقعوا ُب إشكاؿ ُب أحاديث ً
الصحيحُت ،يوجد أحاديث لبعض ا١تدلسُت ُب الصحيحُت دل توجد إال ابلعنعنة ،فوقع بعض العلماء
ص بَيص! إذا كاف ا١تذىب ىو :حديث ا١تدلس ال يقبل ابلعنعنةَّ ،
وإ٪تا البد أف يصرح ُب َحْي َ
ابلسماع؛ فما الشأف ُب أحاديث الصحيحُت اليت هبذه ا١تثابة؟
فبعضهم قاؿ ال بد أف صاحيب الصحيح قد اطّلعا على بعض الطرؽ اليت فيها التصريح ابلسماع ،وال
أصبل طريقة اٟتفاظ:
خاصا ابلصحيحُت .ىو ً تكوف على شرطهما وكذا ..ىذا تكلف؛ ألنو ليس ً
ليس وجود العنعنة من ا١تدلس ْت ِّد ذاهتا تعد ً
سبيبل للرد ،مع أف البعض يعتربىا مسلَّمةٕ ،تد ً
دائما ُب
مثبل :ىذا اٟتديث أخرجوبعض حواشي الكتب والتحقيقات :فيو فبلف مدلس وقد عنعنٕ ،تد ً
أٛتد ..وفيو دمحم بن إسحاؽ وىو مدلس وقد عنعن فاٟتديث ضعيفٍ ،ب يقوؿ :ولكن وجدت ُب
مصنف ابن أيب شيبة تصر٭تًا لو ابلسماع فزاؿ اإلشكاؿ .فهذا فيو إشكاؿ ،ا١تشكلة يعتربوف القضية
ُمسلَّمة!
ٖٗٛ
ُب مثاؿ أيب داود عن اإلماـ أٛتد قاؿ :سألت أٛتد بن حنبل :ا١تدلس إذا دل يقل حدثنا ،حديثو
صحيحا أو حجة؟ قاؿ أٛتد :ال أدري .الفكرة أف ا١تسألة ليست ابلبداىة اليت تكوف.
ً يكوف
ٍب قاؿ أبو داود :األعمش مىت تصاد لو األلفاظ؟ األعمش مدلس ،يعىت مىت ٕتده يقوؿ حدثٍت أو
ٝتعت؟ قاؿ أٛتد :يضيق ذلك -أي أنك ٖتتج بو.-
وابن معُت أو ابن ا١تديٍت ١تا ُسئل :ا١تدلس إذا دل يقل حدثنا؟ قاؿ :ال يكوف حجة فيما دلس ،وليس
فيما عنعن.
وكذلك ابن معُت أو ابن ا١تديٍت١ ،تا ُسئل قاؿ :ال يكوف حجة إذا غلب عليو التدليس.
ّ
مكثرا من التدليس ج ًدا ،ىنا يشًتط
من القرائن اليت ال يًقبل حديث ا١تدلس ألجلها؛ إذا كاف ً
فيو السماع ،مثل بقية بن الوليد مكثر من التدليس .على أي حاؿ الكبلـ ُب التدليس طويل ً
جدا.
ٖٜٗ
احملاضرة الثانية والعشروف:
ا١تقدمة:
كثَتا طيبًا مبارًكا فيو كما ٭تب ربنا تبارؾ وتعاذل ويرضى ،اللهم لك اٟتمد
ٛتدا ً
اٟتمد ﵁ رب العا١تُت ً
ال ٨تصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ،هللا صل وسلم وابرؾ على عبدؾ ورسولك دمحم.
نستعُت اب﵁ ،ونستفتح اجمللس الثاين والعشرين من ٣تالس الشرح ا١تطوؿ على (نزىة النظر) لئلماـ ابن
حجر رٛتو هللا تعاذل.
و٨تن ُب نصف الكتاب تقريبًا ،ونسأؿ هللا سبحانو وتعاذل التماـ والتسهيل والعوف والربكة ،وىذه
الدروس ليست لشرح العبارات واٞتمل واأللفاظ ،وال لتفكيك ا١تغلقات فقط ،وإ٪تا ىي للتبحر ُب
ا١تعاين اٟتديثية ،والغوص ُب الفلسفة اإلجرائية لعلم اٟتديث عن طريق تنظيم (نزىة النظر) ،وإال
ملتزما ابأللفاظ واٞتمل والعبارات ،وأًن أعتقد أف ىناؾ الكثَت من الكتب يتطلب فالشرح ليس ً
دائما ىي التعامل مع كل ٚتلة وكل لفظ التعامل معها ىذه الطريقة ،ليست الطريقة الصحيحة ً
مقاصداي ،أو يكوف التعامل
ً تعامبل
وتفكيك ...وإ٪تا كثَت من الكتب التعامل معها إما أف يكوف ً
معها أبخذ ا١توضوع ،واإلشارة ألىم القضااي اليت ذكرىا ا١تؤلفٍ ،ب الغوص ُب ا١تعاين اليت تتطلب.
والطريقة اليت سرًن فيها ُب (نزىة النظر) ليست الوقوؼ عند الكلمات وال اٞتمل ،وإ٪تا قراءة كبلـ
ابن حجر رٛتو هللا ُب (النزىة) ،وكذلك قراءة قبل ذلك أو معو ُب (النخبة) ،وبعد ذلك الكبلـ عن
ىذا ا١توضوع الذي يتحدث عنو اإلماـ ابن حجر رٛتو هللا تعاذل.
ا١ترسل ا٠تفي:
ٖٓ٘
الفرؽ بُت ا١تدلس وا١ترسل ا٠تفي:
ْق َمن حدث عنو، ُب (النزىة) ماذا يقوؿ؟ يقوؿ" :وكذا ا١ترسل ا٠تفي ،إذا صدر من معاصر دل يَػل َ
بل بينو وبينو واسطة .والفرؽ بُت ا١تدلَّس وا١ترسل ا٠تفي دقيق ،حصل ٖتريره ٔتا ذُكر ىنا :وىو
أف التدليس ٮتتص ٔتن روى عمن عُرؼ لقاؤه إايه" .سيأٌب التعليق اآلف واالستدراكات وما إذل
ذلك الح ًقا ،لكن اآلف أنخذ الكبلـ سر ًيعا.
يقوؿ ابن حجر رٛتو هللا إف ا١تدلَّس ٮتتص أبف يكوف الراوي ا١تدلِّس قد ٝتع من شيخو غَت ىذا
تدليسا ،ووجو ىذا فيكوف منو؛ يسمعو دل
و منو ٝتعو أنو م اٟتديثٍ ،ب روى عنو حديثا بصيغة تُ ِ
وى
ً ً
يتو٫تو الراوي عن التلميذ
تدليسا أف صورة ا٠تفاء ُب االنقطاع فيو خفية؛ ألنو التقى فيو ،فالذي ّ
كونو ً
ونظرا لكونو دل يسمعو منو -وإف كاف ٝتع
أيضا ىذا اٟتديثً ، ىو أف ىذا التلميذ قد ٝتع من شيخو ً
تدليسا.
منو أحاديث أُخرُٝ -تي ىذا ً
يقوؿ" :فأما إف عاصره ودل يُعرؼ أنو لقيو فهو ا١ترسل ا٠تفي" واضح الفرؽ بينهما؟ ً
طبعا سيأٌب أنو
تدليسا عند كثَت من اٟتفاظ.
أيضا تسمى ً حىت ىذه الصورة ً
دخوؿ ا١ترسل ا٠تفي يف تعريفو،
ُ ومن أدخل يف تعريف التدليس ا١تعاصرةَ ولو بغَت لُِق ٍّي ،لَ ِزَمو
"َ
قي يف التدليس دوف ا١تعاصرة وحدىا البد ر
والصواب التفرقة بينهما .ويدؿ على أف اعتبار الل ّ
منو :إطباؽ أىل العلم ابٟتديث على أف رواية ا١تخةضرمُت -ىناؾ رواة يسموا ا١تخضرمُت ،أي أهنم
أدركوا اٞتاىلية واإلسبلـ -كأيب عثماف النهدي وقيس بن أيب حازـ عن النيب ﷺ من قَبِيل
اإلرساؿ ،ال من قبيل التدليس -ىؤالء أدركوا زمن النيب ﷺ ولكن دل يلتقوا بو ﷺ -ولو كاف ٣ترد
قطعا ،ولكن دل
ا١تعاصرة يُكتفى بو يف التدليس لكاف ىؤالء مدلسُت؛ ألهنم عاصروا النيب ﷺ ً
يُعرؼ ىل لَ ُقوه أـ ال .و٦تن قاؿ ابشًتاط اللقاء يف التدليس :اإلماـ الشافعي ،وأبو بكر البزار،
ا١تعتمد .ويُعرؼ عدـ ا١تبلقاة إبخباره عن نفسو بذلك،
وكبلـ ا٠تطيب يف (الكفاية) يقتةضيو ،وىو َ
أو ّتزـ أماـ ُمطَّلع .وال يكفي أف يقع يف بعض الطرؽ زايدة راو بينهما؛ الحتماؿ أف يكوف من
ا١تزيد."..
ٖٔ٘
للتوضيح :كل الفقرة ا١تاضية كانت عبارة عن التحليل االصطبلحي ،الفرؽ بُت التدليس وا١ترسل
معاصرة ،ألنو لو دل يكن ىناؾ
ا٠تفي ،وأف التدليس يشًتط فيو ا١تبلقاة ،وا١ترسل ا٠تفي يكوف فيو َ
منقطعا ،فنحن أخذًن أف ا١ترسل عند اٟتفاظ ا١تتقدمُت يطلق على أي
ً مرسبل ،أو
معاصرة لكاف ً
انقطاع ،سواء كاف بُت التابعي والنيب ﷺ ،أو كاف حىت ُب الطبقات ا١تتأخرة وضربنا األمثلة على
ذلك.
اآلف انتهى من الفقرة االصطبلحية اليت حرر فيها الفرؽ بُت التدليس وبُت اإلرساؿ ا٠تفي.
كيفية معرفة عدـ ا١تبلقاة:
سينتقل اآلف إذل فقرة أخرى متصلة ابألوذل ،سيقوؿ لك فيها :وكيف نعرؼ أف ىذا الراوي الذي
عاصر الراوي اآلخر دل ي ْلقو؟ ىذا متصل ابلتدليس أـ اإلرساؿ ا٠تفي؟ اإلرساؿ ا٠تفي ،عاصره ودل
يلقو.
كيف نعرؼ أنو دل يلقو؟
عرؼ عدـ ا١تبلقاة:
قاؿ لك" :ويُ َ
ٔ) إبخباره عن نفسو بذلك.
ٕ) أو ّتزـ إماـ مطَّلع من النقاد ،يقوؿ لك فبلف دل يلق فبلف.
حسنًا ما قاؿ لك ثبلثة ،قاؿ لك ولكن ىذه ليست ثبلثة ،فذكر وسيلة أخرى ونفاىا ،يقوؿ لك:
"وال يكفي أف يقع يف بعض الطرؽ زايدة را ٍو بينهما -يعٍت لو جاء ُب طرؽ أخرى إضافة را ٍو بُت
ىذا التلميذ الذي عاصر ذاؾ الشيخ٣ ،ترد وجود راو بينهما ال يكفي أبف ٨تكم أبنو دل يلقو-؛
الحتماؿ أف يكوف من ا١تزيد -ىذا مصطلح ُب اٟتديث اٝتو :ا١تزيد ُب متصل األسانيد -وال ُ٭ت َكم
عارض احتماؿ االتصاؿ واالنقطاع .وقد صنف فيو ِ
يف ىذه الصورة ْتكم كلي ،أي :جازـ؛ لتَ ُ
ا٠تطيب كتاب (التفصيل ١تبهم ا١تراسيل) ،وكتاب (ا١تزيد يف متصل األسانيد)".
ٕٖ٘
-اآلف ىذا كلو من كتاب (نزىة النظر) يف ٖتري ِر أمرين:
ٖٔ .تري ِر االصطبلح يف التفريق بُت التدليس واإلرساؿ،
ٕ .ويف ٖترير كيفية معرفة عدـ ا١تبلقاة.
وىذا ا١تبحث ليس من ا١تباحث اليت ينبغي أف تُصرؼ فيها اجملالس الطويلة ،أو تتحرر فيها التحريرات
العميقة ،وذلك ألنو مبحث اصطبلحي نظري ،وعلم اٟتديث -كما تقدـ معنا ُب ٛتلة العلم وحفظة
الشريعة ،السلسلة تلك -علم تطبيقي ،وأنو مىت انتقل من دائرتو التطبيقية إذل اال٨تصار ُب الدائرة
النظرية فَػ َق َد قيمتو ،ولكن ٨تن ٨تتاج إذل ٖترير ا١تصطلحات ،وإذل ذكر الكثَت من القضااي ا١تتعلقة هبا،
لكن ال ينبغي أف ُ٭تصر جهد طالب العلم ُب علم اٟتديث ُب ٖترير ا١تصطلحات ،وُب ذكر الفروؽ
بينهما ،وإ٪تا ُب ا١تمارسات العملية ا١تتعلقة هبا ،ولذلك سأذكر ٣تموعة من التطبيقات.
كل فقرةِ "ويُعرؼ
-أين النقطة العملية يف كبلـ ابن حجر الذي قبل قليل؟ كيفية عدـ ا١تبلقاةُّ ،
عمن عاصره ودل يلقو ،أيش حكم ىذه الرواية من عدـ اللقاء "...ىذه عملية ،اآلف إذا روى الراوي ّ
حيث القبوؿ والرد؟ مردودة من حيث األصل؛ النقطاعها ،ىذه اآلف نقطة عملية مهمة.
مرسبل خفيًا؟ ىذه
تدليسا أو نسميو ً ف ىذا االنقطاع؟ ماذا نسميو؟ ىل نسميو -حسنًاِ ،بَ نَ ِ
ص ُ
ً
القضية ال ينبغي أف تكوف قضية كبَتة ،و٭تدث فيها نقاشات طويلة -وىي اب١تناسبة من القضااي
ذات النقاش -فبل يوجد داعي أف يصبح فيها كبلـ طويل من حيث البناء ،إال أف أيٌب شخص
متخصص ويريد أف ٭ترر القضية اصطبلحيًا فهذا مبحث نظري ،فيحرره ا١تتخصصوف ال أبس ،وىذه
عموما
ً
• فائدة منهجية:
وىي أف طالب العلم حُت يتعامل مع الكتب فلتكن عينو ُب قراءة ىذه الكتب عُت ُم َشِّر َحة للمواد أو
للجمل إذل أقساـ ،ىناؾ بعد التشريح قسم نظري اصطبلحي ،ىناؾ قسم عملي ،ىناؾ قسم يتفق
مع مقاصد ىذا العلم ،ىناؾ قسم يعترب من حواشي ىذا العلم٬ ،تب ّأال تكوف قراءتك قراءة بعُت
تفرؽ ُب قيمة ما تقرأ ْتسب واحدة تعطي كل نفس اٞتمل نفس القيمة ،ىذا خطأ كبَت٬ ،تب أف ِ
ّ
ٖٖ٘
تشر٭تك ٢تذه اٞتملة ،ىل ىي من مقاصد العلم ،ىل ىي من حواشيو ،ىل ىي من لُبِّو؟ وىكذا
معظما،
كل موضوع ما يستحقو ،وىذا أيضا ُب النظر إذل الوحي ،وإف كاف الوحي كلو ً تعطي قيمةَ ِّ
ب ،ولكن فيو شيء أعلى من شيء ،وفيو شيء أعظم من شيء ،فقد وصف النيب ليس فيو حو ٍ
اش ولُ ّ
ﷺ آية الكرسي أبهنا أعظم آية ُب كتاب هللا ،ووصف سورة الفاٖتة أبهنا أعظم سورة ،ووصف سورة
اإلخبلص أبهنا تعدؿ ثلث القرآف ،وىذا معناه أنو يوجد تفاوت ُب الدرجة وا١تنزلة ،وىكذا ُب بقية
القضااي واألمور ،وألجل ذلك أف تفرؽ بُت قيمة ما تتعامل معو من معلومات ُب كتب أىل العلم ىذا
أحياًن قد
ُب غاية األ٫تية ،وكثَت من أوقات طلبة العلم تذىب ُب حواشي األمور ،وُب مكمبلهتا ،و ً
أحياًن يكوف قد صرفو ُب ما ال
يوصف بعض ما يصرؼ اإلنساف وقتو فيو أبنو صرفو ُب قشور ،بل و ً
فائدة فيو ،وإف كانت ُب بعض الكتب العلمية ،فليس كل ما ُب الكتب ٭تمل نفس القيمة ،ولو كاف
ُب بعض الكتب ا١تشهورة.
ىذه فقط فائدة منهجية وىي :أف االنشغاؿ بتحرير الوصف الذي يُطلق على االختبلؼ ُب صيغة
الراوي الذي روى عن شيخ دل يسمع منو ،أو دل يلقو ،فأف يروي عنو ...فاالنشغاؿ ُب ٖترير ىذا ،ىل
ىو مرسل خفي أو تدليس ،ىذه ينبغي أف أتخذ حجمها العادي.
تدليسا ،و َّ
أكد إرساال خفيًا ،وال تسمى ً
ىنا اإلماـ ابن حجر رٛتو هللا يقوؿ لك ىذه الصورة تسمى ً
ابن حجر رٛتو هللا تعاذل على ذلك ٚتاعةٌ من ا﵀دثُت الذين ٖتدثوا ُب مثل
على ىذا ا١تعٌت ،وتبع َ
ىذه ا١تصطلحات ،غَت أنك إذا رجعت إذل بعض التحريرات السابقة أو لنقل إذل بعض التطبيقات
قدرا من التوسعة ُب إطبلؽ لفظ التدليس على ما فُػِّرؽ
السابقة للحفاظ ا١تتقدمُت ،ستجد أف ىناؾ ً
فيو بينهما وأنو ٮتتص اب١ترسل ا٠تفي.
ٖٗ٘
• أمثلة على مرونة وسعة ا١تصطلحُت " ا١ترسل ا٠تفي " والتدليس " يف تطبيقات احملدثُت:
ىناؾ بعض األمثلة دعوين أذكر لكم بعضها:
-قاؿ اإلماـ أٛتد بن حنبل رٛتو هللا تعاذل" :دل يسمع سعيد بن أيب َعُروبَو -سعيد بن أيب عروبو
أخذًنه من الرموز الكبار ُب البصرة ،من أصحاب قتادة -دل يسمع سعيد بن أيب عروبة من اٟتَ َكم،
وال من األعمش ،وال من ٛتاد ،وال من عمرو بن دينار ،وال من ىشاـ بن عروة ،وال من إٝتاعيل بن
أيب خالد ،وال من عبيد هللا بن عمر ،و ال من أيب بشر ،وال من ابن عقيل ،وال من زيد بن أسلم ،وال
َّث عن ىؤالء على التدليس" ،ىو دل يقل إنو ٝتعمن عمر بن أيب سلمة ،وال من أيب الزًند ،وقد َحد َ
أصبلٍ ،ب وصف روايتو عن ىؤالء أبهنا تدليس. ٍ
حديث فدلَّسو ،إ٪تا دل يسمع منهم ً منهم ٍب أتى ُب
-قاؿ ابن ِحباف" :عبد العزيز بن جريج والد عبد ا١تلك بن عبد العزيز ،من فقهاء أىل مكة ،ليس لو
عن صحايب ٝتاع ،وكل ما روى عن عائشة مدلَّس ،دل يسمع منها شيئًا" .ىذا ُب التفريق ا١تفًتض
مرسبل خفيًا ،وىو ىنا يقوؿ تدليس.
يسمى ً
-٭تي بن معُت يقوؿَ " :دلَّس ُىشيم عن زاذاف أيب منصور ،ودل يسمع منو".
-وأوضح من ذلك قوؿ اٟتاكم رٛتو هللا قاؿ" :واٞتنس السادس من التدليس :قوـ رووا عن شيوخ دل
فح ِمل ذلك عنهم على السماع ،وليس عندىم يروىم قط ،ودل يسمعوا منهم ،إ٪تا قالوا قاؿ فبلفُ ،
عنهم ٝتاع ٍ
عاؿ وال ًنزؿ" ،وذكر أمثلو على ذلك.
وىذا مندرج ضمن القاعدة ا١تنهجية العامة يف مصطلح اٟتديث اليت عادة ما أكررىا يف الدروس
وىي :أف االصطبلحات اٟتديثية اليت كاف يطلقها اٟتًَّفاظ يف وقت الرواية كانت تتسم اب١ترونة
والسعة ،ودل تكن تتسم ابلقوالب التفصيلية احملددة ،اليت ٘تنع أف يدخل فيها صورة قريبة ،أو أخرى
كثَتا ُب
أو مشاهبة ،وٖتصر عما دخل فيها أف يذىب إذل صورة أو مصطلح آخر ،وىذا مر معنا ً
أيضا صورة من الصور اليت فيها ىذا
مصطلحات متعددة كاٟتسن ،ا١تنكر ،الشاذ ،إذل آخره ،وىذا ً
القدر من ا١ترونة.
ٖ٘٘
فبلف عن فبلف مرسل ،فلو قلت إف ا١ترسل ىو فقط ما رفعو التابعي إذل النيب ﷺ -وإف كانت ىذه
أشهر صورة من صور اإلرساؿ -لوقعت ُب إشكاؿ مع عشرات أو مئات النصوص للمتقدمُت
يِ
ص ُفوف فيها رواايت أخرى منقطعة أبهنا مرسلة وليست من مرفوع التابعي ،وىكذا ،ىذه قاعدة َ
جدا.
اصطبلحية مهمة ً
عرؼ أف الراوي دل
حسنًا ،اآلف الذي يهمنا أف ننتقل إذل قضية اٞتزء الثاين من الكبلـ ،وىو كيف يُ َ
يلق الراوي الذي عاصره؟ ىنا ىذه القضية عملية ،وىي قضية ٚتيلة ،وفيها َح ْذؽ كبَت ً
جدا من َ
اٟتفاظ ،وتعود مرة اثنية إذل قضية ا١تنهج اٟتديثي وعظمة ا١تنهج اٟتديثي.
اآلف أف يروي الراوي عن را ٍو دل يعاصره ،ىذا من السهل أف تدرؾ أنو منقطع؛ ألف ابلتواريخ تعرؼ،
١تا تقوؿ ابلتواريخ اي ٚتاعة ال تظنوا أف ىذه القضية سهلة ،يعٍت أعطوين أمة من األمم لديها السجل
احدا ،وال اثنُت ،وال
التارٮتي التفصيلي عن النَّػ َقلة ىؤالء الذي نقلوا الدين! والنقلة ىؤالء ليسوا و ً
عشرة ،وال مئة ،وال ألف ،وال ٜتسة آالؼ ،أكثر من ذلك بكثَت ،رواة الكتب الستة فقط قرابة
الثمانية آالؼ ،أو يزيدوف عن الثمانية آالؼ! التواريخ قضية كانوا يعتنوف هبا غاية العناية ،وأًن أقوؿ:
ومع ذلك فأف تعرؼ أف الراوي دل يدرؾ الراوي ،أو دل يسمع منو ألنو دل يعاصره ،فهذه قضية سهلة،
أصعب منها أف تكتشف االنقطاع ُب رواية الراوي عمن عاصره ودل يسمع منو ،وأصعب منها أف
تكتشف االنقطاع فيمن ٝتع منو ولكن ...إذف أصبحت ثبلث درجات ُب االنقطاع ،وىذه الثبلث
أيضا درجات ،يعٍت رواية الراوي عمن دل يعاصره درجات عندما تقوـ بتوسيعها ستجد ُب داخلها ً
مثبل
مثبل متقارب ،غَت ١تا يقوؿ لك ً أصبل ىذه سهلة ،ولكن ٕتد درجات فيها بعض الضيقُ ،ب زمن ً ً
جدا االنقطاع ،معروؼ أف مالك ليس اتبعيًا ،دل يدرؾ مالك رٛتو هللا :قاؿ أبو ىريرة ،ىنا واضح ً
أحياًن تكوف الصورة متقاربة.
أصبل ،فهنا واضح ،لكن ً الصحابة ً
جدا ،الصورة اليت ٖتتاج إذل ٖترير اليت ىي الصورة الوسطية
حسنًا ،ىذا كلو اآلف الصورة السهلة ً
أيضا ،الوسطية ىذه ىي قضية أف يروي الراوي عمن عاصره رواية توىم أنو
ىذه ،وما ىو أعلى منها ً
ٖ٘ٙ
ٝتع منو ،ليست صر٭تة ُب السماع ،وال صر٭تة ُب عدـ السماع ،وإ٪تا ىي بصيغة عن أو قاؿٍ ،ب ال
يكوف قد ٝتع منو،
طرؽ معرفة عدـ مبلقاة الراوي للشيخ الذي عاصره:
ٖ٘ٚ
ابب ا١تزيد ُب متصل األسانيد ،أيش ا١تزيد ُب متصل األسانيد اليت ٦تكن أف تلتبس ىنا؟ أف يكوف
ىذا الراوي قد ٝتع اٟتديث من ٍ
تلميذ عن الشيخٍ ،ب التقى ابلشيخ وٝتع منو ،فروى مرة ىذا اٟتديث
بواسطة بينو وبُت الشيخ ،وروى اٟتديث مرة من الشيخ مباشرة ،اآلف ىذه الصورة ىي ُب إدخاؿ
واسطة بُت التلميذ وبُت الشيخ ،ولذلك قاؿ ابن حجر أف ىذه الوسيلة ليست معتمدة ،فوجود را ٍو
ستدؿ بو على أف ىذا الراوي دل يلق الشيخ ،الحتماؿ أف يكوف ىذا منبُت التلميذ وبُت الشيخ ال يُ َ
ا١ت ِزيد ُب متصل األسانيد ،فقد يكوف مرة أخذ من التلميذٍ ،ب لقي الشيخ بعد ذلك ،أنت عندؾ
َ
الرواية اليت قاؿ فيها :قاؿ الشيخ مباشرة ،ما فيها ٝتعت ،إ٪تا فيها :قاؿ الشيخ ،وعندؾ رواية فيها
واسطة بُت التلميذ وبُت الشيخ؛ اآلف ىل وجود روايتُت رواية فيها اٟتديث عن الشيخ مباشرة بدوف
تصريح ابلسماع ،ورواية أخرى فيها إدخاؿ واسطة بُت الراوي وبُت شيخو ،ىل ىذا يُستدؿ بو على
يلق ىذا الشيخ أو ال؟ ابن حجر رٛتو هللا يقوؿ ال يستدؿ هبا١ ،تاذا ال يستدؿ هبا؟
أف الراوي دل َ
ألهنا قد تكوف من ا١تزيد يف متصل األسانيد الذي صورتو أنو يكوف قد ٝتع من التلميذ ٍب ٝتع
فنظرا لوجود ىذا االلتباس فإف ىذه الصورة ال تعترب كاشفة لوجود االنقطاع بُت
من الشيخً ،
الراوي وبُت الشيخ.
وإذا أتملت ُب صنع كثَت من اٟتفاظ ،ستجد أف إدخاؿ الواسطة بُت الراوي وبُت الشيخ ىو من أىم
الطرؽ اليت يُد َرؾ هبا أنو دل يسمع من ىذا الشيخ ،ووجود ىذا االلتباس ٯتكن أف ُ٭تَل بطريقة أخرى،
مثبل أف يكوف ُب روايتو عن الشيخ تصريح ابلسماع ،فإذا صرح ابلسماع ىنا وصرح ابلسماع من ً
اضحا أنو ٝتع من ىذا وٝتع من ىذا ،فمجرد وجود االلتباس ال يكفي التلميذ عن الشيخ صار و ً
لػػ....
جدا ،والحظ أف الناقد كاف يصطدـ ُب الرواية الواحدة
جدا ًىل تتصوروف دقة ىذه القضية؟ دقيقة ً
مع ٥تتلف ىذه اٞتواذب :جاذب متعلق ابالنقطاع ،وٖتت االنقطاع افتح الصورة :مرسل خفي،
ومرسل خفي ملتبس ،وإدخاؿ واسطة وغَته ...علم ُب غاية الدقة.
ٖ٘ٛ
غوصا تطبيقيًا ىو ِمن أعظم ما ينمي العقلية
دائما أقوؿ إف علم اٟتديث الذي يغوص فيو ً
لذلك أًن ً
النقدية لدى طالب العلم ،وليس فقط النقدية ،وإ٪تا تنمية العقل بشكل عاـ ،ألف ىذه ا١تواطن ُب
ا٠تلل من الصعب إهنا تدرؾ.
أمثلة:
-قاؿ األثرـ -ىو تلميذ أٛتد بن حنبل" :-قلت أليب عبد هللا -يعٍت أٛتد بن حنبل :-أبو وائل
ُدخل بينو وبينها مسروؽ ُب غَت شيء .وذكر حديث إذا ٝتع من عائشة؟ قاؿ :ما أدري ،رٔتا أ ِ
أنفقت ا١ترأة" .اآلف ىذا مثاؿ على إدخاؿ واسطة بينو وبُت عائشة.
-قاؿ أبو حاًب الرازي" :أبو وائل قد أدرؾ عليًا ،غَت أف حبيب بن أيب اثبت روى عن أيب وائل أيب
قربا مشرفًا إال سويتو" ،كلمة "غَت أف" تدؿ على أف ىناؾ
ا٢تيّاج عن علي أف النيب ﷺ بعثو ال تدع ً
إشكاؿ.
-قاؿ ابن أيب حاًب" :سألت أيب عن عبد هللا بن مبلذ األشعري الذي يروي عن النيب ﷺ أنو قاؿ:
أنج السفينة ومن فيها" ،قاؿ :اي رسوؿ هللا أي سفينة؟ قاؿ" :سفينة تقدـ عليكم من اليمن
"اللهم ِ
فيها سبعوف ومئة من األشعريُت" ،قاؿ أيب :عبد هللا بن مبلذ ليست لو صحبة ،قلت :فإف أٛتد بن
سناف أخرج ذلك ُب مسنده ،قاؿ أيب :بينو وبُت النيب ﷺ أربعة ،يروي عبد هللا بن مبلذ عن النمَت
بن أوس عن رجل عن عامر بن أيب عامر األشعري عن أبيو عن النيب ﷺ".
"ع ِدي بن عدي ىو ابن عمَتة ،ولو وألبيو صحبة ،ودل يسمع من أبيو ،يُ ْد َخل
-قاؿ أبو حاًبَ :
بينهما العُْرس بن عمَتة".
أيضا" :ال أدري ٝتع الشعيب من ٝترة أـ ال ،ألنو أ ُْد ِخل بينو وبينو رجل" .واضح أف فكرة
-وقاؿ ً
جدا.
إدخاؿ بينو وبينو رجل قضية مؤثرة ً
ٖٜ٘
وىناؾ أمثلة متعددة على األشياء اليت يستدلوف هبا على عدـ السماع ،غَت اليت ذكرت ،وما
ذكرانه ثبلثة:
-أف ينص ىو -الراوي. -
-أف ينص إماـ على ذلك.
دخل واسطة. -أف يُ َ
مثبل يقوؿ" :وقد
ىنالك أشياء لطيفة أخرى يستدلوف هبا ذكرىا ابن رجب رٛتو هللا ُب (شرح العلل)ً ،
حكى أبو زرعة الدمشقي عن قوـ أهنم توقفوا ُب ٝتاع أيب وائل من عمر ،فسماعو من معاذ أبعد".
أيش الفكرة؟ االستدالؿ بعدـ السماع ألنو دل يسمع ٦تن ىو أصغر ،ىذه من القرائن.
مثبل " :قاؿ ابن أيب حاًب :سئل أيب عن عمر بن عبد العزيزٝ :تع من عبد هللا بن عمرو؟ قاؿ :ال،
ً
كاف عمر بن عبد العزيز واليًا على ا١تدينة ،وسلمة بن األكوع وسهل بن سعد َحيَّػ ُْت ،فلو كاف
حضر٫تا لكتب عنهما ".
أحياًن راو آخر مقارف ٢تذا الراوي ا١تختلَف
أحياًن ليست لنفس الراويً ،وىكذا ىناؾ قرائن متعددةً ،
وٝتاعاٍ ،ب ال
ُب ٝتاعو من ىذا الشيخ ،وىذا الراوي اآلخر يكوف أكرب من ىذا الراوي ،وأكثر رحلة ً
يسمع من ىذا الشيخ ا١تختلَف فيو ،فيستدلوف هبذا على أف الثاين األصغر دل يسمع من ىذا.
خالدا اٟتَ َّذاء ٝتع من الكوفيُتَ ،من رجل أقدـ
مثاؿ" :قاؿ أٛتد بن حنبل رٛتو هللا تعاذل" :ما أرى ً
من أيب الضحى ،وقد حدَّث عن الشعيب وما أراه ٝتع منو" .أي أف أاب الضحى أقدـ من خالد
اٟت ّذاء ،ومع ذلك دل يسمع من الشعيب.
أيضا" :سئل :ىل رأى خلف بن خليفة عمرو بن حريث؟ قاؿ :ال ،ولكنو عندي ُشبِّو عليو حُت و ً
قاؿ :رأيت عمرو بن ُحَريْث ،ىذا ابن عيينة وشعبة واٟتجاج دل يَػَرْوا عمرو بن حريث ،يراه خلف؟! ما
ىو عندي إال ُشبِّو عليو" .يعٍت يقوؿ إذا كاف شعبة وعيينة دل يروا عمرو بن حريث ،فكيف يراه
خلف؟ فهذا االستدالؿ على عدـ السماع ألف غَت ىذا الراوي ٦تن ىو أوسع وأكثر ،ومقارف لو
ومعاصر ،ويهمو أف يسمع من ىذاٍ ،ب دل يسمع منو ،فكيف أيٌب ىذا ويقوؿ ٝتعت؟!
ٖٓٙ
قضية دقيقة ج ًدا إذل أبعد مدى ،تعطيك احتماالت ال ٗتطر ببالك ،وكلها ٢تا أمثلة عملية.
حسنًا ،ىذا ابختصار ما يتعلق اب١ترسل ا٠تفي والتدليس.
ٍب قاؿ بعد ذلك ابن حجر رٛتو هللا" :وانتهت ىاىنا أقساـ حكم الساقط من اإلسناد" .ذكر فيها
ا١تدلس وا١ترسل وا١تعضل ..إخل.
ٍب قاؿٍ" :ب الطعن يكوف بعشرة أشياء" ،الذي ىو الطعن ُب الراوي ،ألنو ُب البداية قاؿٍ" :ب
ا١تردود إما أف يكوف لسقط أو طعن" ،كل الدروس ا١تاضية األخَتة ُب كلمة "سقط" وىي:
"فالسقط إما أف يكوف من مبدأ السند من مصنف ،أو من آخره بعد التابعي ،أو غَت ذلك،
فاألوؿ ا١تعلق ،والثاين ا١ترسل ،والثالث إف كاف ابثنُت فهو ا١تعةضل ،واال فا١تنقطع" ،فهذه أربعة
أنواع :معلق ،ومرسل ،ومعضل ،ومنقطع.
درؾ بعدـ التبلقي ،ومن ٍب احتيج إذل التأريخ ،والثاين ا١تدلس ويرد بصيغة ٖتتمل
"فاألوؿ يُ َ
اللقي ،كعن وقاؿ وكذا ا١ترسل ا٠تفي من معاصر دل يلق" .ىذا كلو ٖتت قسم ا١تردود بسبب
السقط ُب اإلسناد.
أسباب الطعن يف الراوي:
ٖٔٙ
التعريف ضمن مصطلح ٤تدد ،وإ٪تا ىناؾ سعة ُب االستعماالت ،والذي يدخل بقوالب (٩تبة الفكر)
جدا وسوء فهم ،فحُت يقرأ
جدا ً
فقط ليقرأ هبا كبلـ الًتمذي وأٛتد والبخاري سيقع ُب إشكاؿ كبَت ً
كبلـ الًتمذي عن حديث ُب دعاء دخوؿ ا١تسجد يقوؿ فيو" :ىذا حديث حسن ،وليس إسناده
خف ضبطو عن ِمثلو،
ٔتتصل" ،ويكوف قد درس أبف اٟتسن ىو ما اتصل إسناده برواية العدؿ الذي ّ
جدا وليس لو أصل" ،فهنا
مثبل ابن عبد الرب يقوؿ لك" :ىذا حديث حسن ً فسيقع ُب مشكلة ،أو ً
الضعيف
ُ ٬تب أف تفهم أف القضية ليست ىكذا ،أو حُت تدخل بقالب أف ا١تنكر ىو ما خالف فيو
الثقةٍَ ،ب ٕتد حديثًا ليس فيو ضعيف ،ودل ٮتالف ثقة ،ليس فيو أي شرط من الشرطُت ،ويقولوف
أيضا ُب إشكاؿ.
عنو :منكر؛ فستقع ً
بعضٜ :تسةٌ ةضها أش رد يف ال َق ْد ِح ِمن ٍ
ش َرةِ أشياء بع ُ
قاؿ ابن حجر ُب (النزىة)ٍ" :ب الطَّ ْع ُن يكوف بِ َع َ
ُت ِمن اآل َخ ِر؛ َحد ِ
القسم ِ منها تتعلَّ ُق ابلعدالَ ِة ،وٜتسةٌ تتعلَّ ُق ابلةضَّب ِط .ودل َْ٭تصل االعتناء بتميي ِز أ ِ
ُ ْ
اقتةضت ذلك" .يعٍت ىو يقوؿ لك ١تاذا دل أفرز ا٠تمسة ا١تتعلقة ابلعدالة مع بعض ،وا٠تمسة ْ ٍ
١تصلحة
ا١تتعلقة ابلضبط مع بعض ،وسردهتا لك بعضها ُب العدالة وبعضها ُب الضبط؟ يقوؿ" :ودل َْ٭تصل
ُت ِمن اآل َخ ِر" ،وكأنو يقوؿ لك :لقد عهدت مٍت ُب (النخبة) أين أضم القسم ِ َحد ِ االعتناء بتميي ِز أ ِ
ُ
اقتةضت ٍ
"١تصلحة أقسم لك وأرتب ،فلماذا دل أفعل ذلك ىنا؟ يقوؿ:
ْ لك النظائر إذل بعضها ،و ّ
درل؛ ٍ-ب بدأ يسرد األقساـ، موجب الرِّد على َس ِ
بيل التّ ِّ ِ ذلك ،وىي ترتيبُها على األش ِّد فاألش ِّد يف
ألف الطَّ ْع َن إِ َّما أَ ْف يكو َف:
وبدأ ابألشدَّ -
متعمداً لذلك.ِ ِ
الرا ِوي يف اٟتديث النبوي :أبف يروي عنو ﷺ ما دل يَػ ُقلْوّ ، ب َّ ٔ) لِ َك ِذ ِ
ِ
ا١تعلومة، ِ
للقواع ِد بذلك :أبَ ْف ال يُػ ْرَوى ذلك اٟتديث إال من جهتو ،ويكو َف ُ٥تالِفاً ٕ) أو هتُمتِ ِو َ
النبوي ،وىو ُدو َف ابلكذب يف كبلمو ،وإ ْف دل يظهر منوُ وقوعُ ذلك يف اٟت ِ
ديث ِ ؼوكذا َمن عُ ِر َ
ّ َ َ
ِ
األوؿ".
ىذاف نوعاف ،والفرؽ بُت األوؿ والثاين :يقوؿ لك األوؿ يثبت أنو كذب ُب اٟتديث ،والثاين يقوؿ
عرؼ إال من طريقو ،فهذا يػُتَّهم ًنقلو
لك إما أف يروي حديثًا ٥تال ًفا للقواعد ا١تعلومة من الشريعة ،ال يُ َ
ٕٖٙ
أبنو كذاب ،وإف دل يثبت لدينا بدليل واضح أنو كذب ،أو يُعرؼ أنو كذب ُب كبلمو ا٠تارجي خارج
اٟتديث النبوي ،فهذا ُ٭تكم على روايتو للحديث أبنو متهم ابلكذب ألنو كذب ُب خارج اٟتديث.
ردا ال اعتبار فيو ،يعٍت ال يستعمل ىذا
وا٠تبلصة أف كبل الصورتُت تعترب من ٚتلة ا١تردود ً
اٟتديث ا١توضوع أو ا١تًتوؾ يف االعتبار.
طبعا أًن منت (ا١توقظة) يعجبٍت أكثر من (النخبة) بكثَت ،وإف كاف ُب
الذىيب رٛتو هللا ُب (ا١توقظة)ً ..
الًتتيب ال مقارنة بينهما ،منت (النخبة) مرتب ترتيبًا أفضل بكثَت من منت (ا١توقظة) ،وكذلك ابن
الصبلح( ،النخبة) أفضل بكثَت من ابن الصبلح من حيث الًتتيب ،وإف كاف ال مقارنة من جهة
طريقة ا١تنت ،ىذا منت صغَت وذاؾ كتاب ،لكن حىت أنواع علوـ اٟتديث اليت رتبها ابن الصبلح ٜتسة
وستوف نو ًعا ُب مقدمتو ليست مرتبة ،يعٍت ليس فيها تسلسل منطقي ُب األنواع ،أما ابن حجر يرتبها
لك واحدة واحدة ،و١تا جاء ُب واحدة من الًتتيبات قاؿ ما قسمتها لك ٜتسة ىنا وٜتسة ىنا
١تصلحة اقتضت ذلك ،فوضح لك.
ولكن (ا١توقظة) مع أهنا غَت مرتبة ىذا الًتتيب ،إال أف النَّػ َفس الذي كتب بو الذىيب (ا١توقظة) نَػ َفس
قريب من طريقة اٟتفاظ األوائل وتطبيقاهتم العملية ،ولذلك ٕتد ١تا أيٌب للمصطلح يعطيك خيارات
ُب استعماالتو١ .تا جاء للمنكر ذكر تعريفُت لو ليس منهما تعريف ابن حجر -رٛتو هللاُ -ب
منكرا"ً .
عموما (النخبة) ،فقاؿ ُب ا١تنكر" :ما تفرد بو الراوي الةضعيف ،وقد يعدوف تفرد الصدوؽ ً
ليس موضوعنا.
ا١توضوع يف "ا١توقظة":
ٚتيبل ُب حديثو عن ا١توضوع.
اآلف سأقرأ لكم من (ا١توقظة)؛ ألف فيو طي ًفا ً
يقوؿ رٛتو هللا تعاذل" :ا١توضوع :ما كاف َم ْتػنُو ٥تالفاً للقواعد ،وراويو كاذابً ،كػ" :األربعُت
ِ
ا١تكذوبة عليو .وىو مراتب ،منو: ضا الو ْدعانيَّة" ،وكػ" :نسخة علي ِّ
الر َ َ
ِ
الكذب منو ،و٨ت ِو ذلك .ومنو: واضعو ،وبتجر ِبة
ؼ ذلك إبقرار ِ عر ُ ِ
-ما اتفقوا على أنو َكذب .ويُ َ
ٖٖٙ
س ُر أف ط مطروح ،وال َ٧ت ُ
حديث ساق ٌ
ٌ -ما األكثروف على أنو موضوع .واآل َخ ُروف يقولوف :ىو
سميَو موضوعاً .ومنو:ِ
نُ ّ
قوطو ،والبعض على أنو ِ
كذب. -ما اٞتمهور على و ْىنِو وس ِ
ُ ُ َ ُ
َتيفر
الص َ
نس ما يُؤاته َّيق عنو عباراهتُمِ .من ِج ِ
ةض ُ و٢تم يف نقد ذلك طُر ٌؽ متع ِّددة ،وإدر ٌ
اؾ قوي تَ ِ
صوص لتقوٯتها .فلكثرةِ ٦تارستِهم ي ِ
لنقد اٞتواى ِر وال ُف ِ نقد الذىب والفةضة ،أو اٞتوىر ر اٞت ْهبِ ُذ يف ِ
ِ
كيك ،أعٍت ُ٥تالًِفا للقواعد ،أو فيو اجملازفةُ يف الًتغيبظ ر ٌلؤللفاظ النبويَّة ،إذا جاءىم لف ٌ
رجل أثنائو يف كالشمس يءةض ٍ
إسناد م ِ كاف أو م، إبسناد مظلِ
ٍ والًتىيب ،أو الفةضائل ،وكاف
ٌ ُ ُ
رسوؿ هللا ﷺ ،وتَتواطأُ أقوا٢تُم فيو َعلَى اب أو َوضَّاع :فيَ ْح ُكموف َّ
أبف ىذا ٥تتلَق ،ما قالو ُ َّ
كذ ٌ
شيء واحد".
من األمثلة ،قاؿ" :سئل شعبة :كيف تعرؼ أف ىذا اٟتديث ابطل؟ فقاؿ :إذا كاف يف اٟتديث:
ال أتكل القرعة حىت تذْتها ،علمت أنو موضوع" ؛ ألف القرع ال يُذبح ،إخل.
حسنًا ،اآلف اٟتديث ا١توضوع ىو مبحث مهم ومركزي وأساس ،وىو ُب صميم ما اشتغل ا﵀دثوف
أصبل ،يعٍت علم اٟتديث إ٪تا نشأ ٟتماية ِ
ُسس علم اٟتديث ألجلو ً
ألجلو ،بل ىو ُب صميم ما أ ّ
كذاب ،أو
دخل فيو ما ليس منو ،إما على سبيل التعمد ً
وحياطة الكبلـ الذي يروى عن النيب ﷺ أف يُ َ
التباسا وما إذل ذلك.
على سبيل ا٠تطأ و٫تًا و ً
والثاين أصعب من حيث االكتشاؼ ،واألوؿ أخطر من حيث األثر ،لكن ىذا األوؿ دل يكن َع ِسًرا
على ا﵀دثُت أف يكتشفوه ،وال أف أيتوا بو ،ولذلك األسوار اٟتديثية القواعد اليت ذكرًنىا قبل قليل ُب
ا١ترسل وىناؾ ُب العدالة والضبط؛ ىذه األسوار أنتجت أثرىا غاية اإلنتاج ،فصار من الصعب بل من
ا١تستحيل على الزًندقة وعلى بعض ا١تغفلُت ٦تن نياهتم حسنة الذين ألّفوا وافًتوا على النيب ﷺ
أحاديث من ابب الًتغيب ،مثل الذي وضع حديثًا ُب فضائل سور القرآف ،ومع األسف موجود ُب
كثَتا،
بعض كتب التفسَت ،بسبب أهنم رأوا أف الناس زىدوا وما صاروا ٭تفظوف القرآف أو يقرؤونو ً
فألّف ٢تم حديثًا حسبة ﵁ أنو يرجع الناس للقرآف! فهذه األسوار اليت بُنِيَت أنتجت ،ولذلك ١تا جاء
ٖٗٙ
أحد الزًندقة عند ا١تهدي وأراد أف يقتلو ،فقاؿ :وإف قتلتٍت أين أنت من كذا وكذا حديث وضعتها أو
كذبتها ،فقالوا :أين أنت من اٞتهابذة ينخلوهنا حديثًا حديثًا ،أو كما روي.
دخل فيها ابلكذب ما ليس
فدائرة األسوار ىذه عصمت السنة بفضل هللا سبحانو وتعاذل من أف يُ َ
الع ِسرة الصعبة ،وىي اليت أنتجت دقائق علم اٟتديث
منها ،وبقيت الدائرة األخرى ىي الدائرة َ
والعلل ،أما الدائرة األوذل فسهلة ،وذلك أف أيٌب اٟتديث الكذب على لساف الصادؽ،
وا١تقصود ابلكذب ليس ىو تعمد الكذب ،وإ٪تا ا١تقصود اٟتديث الذي دل يقلو النيب ﷺ أيٌب على
لساف الصادؽ ،فأف يُكتَ َشف فهذا عظيم وجليل.
ىناؾ قصة معروفة عند ا﵀دثُت وقعت بُت شريك النخعي وبُت موسى بن اثبت الزاىد .شريك كاف
٭ت ِّدث ْتديث عن األعمش عن أيب سفياف عن جابر بن عبد هللا رضي هللا تعاذل عنو ،وىذه السلسة
اليت ىي :األعمش عن أيب سفياف عن جابر ُب صحيح مسلم ،سلسلة صحيحة ،وشريك وإف دل
يكن من رجاؿ البخاري ومسلم ،وليس ُب درجة االحتجاج التاـ ،إال أنو جيد الرواية ،فيو سوء حفظ
وكذا ولكنو جيد الرواية ،فلو روى حديثًا عن األعمش عن أيب سفياف عن جابر لكاف حديثًا ٤تل
جيدا.
النظر واالعتبار أقل شيء ،أو قد يكوف حديثًا ً
جاء اثبت بن موسى الزاىد وشريك ٭ت ِّدث عن األعمش عن أيب سفياف عن جابر هنع هللا يضر عن النيب
ﷺ ،دخل اثبت بن موسي أو رآه ،وكاف ىذا من العبّاد الصاٟتُت ،فلما رآه شريك وعليو سيماء
الصبلح والنور قاؿ" :من حسنت صبلتو ابلليل حسن وجهو ابلنهار"ٍ ،ب قاؿ اٟتديث.
اثبت بن موسى قاؿ :حدثٍت شريك عن األعمش عن أيب سفياف عن جابر عن رسوؿ هللا ﷺ أنو
قاؿ" :من حسنت صبلتو ابلليل حسن وجهو ابلنهار" .السلسلة ىذه ما فيها إنساف كذاب وال فيها
شيء ،وىذا اٟتديث كذب ،وإف دل يتعمد أحد فيو الكذب ،إال أف ىناؾ من القواعد اٟتديثية ما
٬تعل للنقاد من السهولة ٔتكاف أف يكتشفوا مثل ىذا اٟتديث ،وىذا كما قلت ال يُفهم ٔتجرد
ا١تصطلحات النظرية ُب دراسة اٟتديث ،يعٍت أنت أعطٍت اآلف قاعدة تكتشف هبا إشكاؿ ىذا
اٟتديث من القواعد النظرية ،ال يوجد ،إذا كاف ثقات وإسناد متصل وكذا ،ال أدري ما حاؿ موسى
ٖ٘ٙ
بن اثبت من حاؿ الضبط ،لكن أين القواعد اٟتديثية النقدية اليت يُكتشف هبا مثل ىذا ا٠تطأ؟
ىذه تُكتشف حىت لو دل توجد قصة ،ىم اب١تناسبة يبينوف ا٠تطأ ٍب أتٌب مثل ىذه القصة لتُفسر ١تاذا
حكموا أهنا خطأ ،تفسر أقصد تكشف ١تاذا التبست على الراوي فقط.
أرأيتم حُت كلمتكم عن فكرة الدوائر اٟتديثية وأف ىذه الدوائر دوائر معيارية يقاس عليها ،وفيو شيء
جدا ١تعايَت ُب النقد عند ا﵀دثُت ىي أكرب
عرؼ ،ىناؾ بعض األمور اٟتساسة ً اٝتو ٥تارج اٟتديث تُ َ
مثبل ىذا اٟتديث ٥تََْر ُجو شامي ،ىذا اٟتديث ٥ترجو
من ا١تصطلحات النظرية الدقيقة الضيقة ،فعندىم ً
عرؼ عن غَته ،فإذا جاء عن غَت الزىري فمباشرة عراقي ،ىذا اٟتديث مشهور عن الزىري وال يكاد يُ َ
يتوقفوف ال يقبلوف ،ليس ألف ا١تنت فيو إشكاؿ ..ىناؾ أمثلة ُب (شرح علل الًتمذي) ولكن حىت
أخرجها ٭تتاج إذل وقت ،لكن انظروا ُب قسم الغريب أو قسم ا١تنكر ُب (شرح علل الًتمذي) البن
رجب ،حديث اثبت صحيح ما فيو أي إشكاؿ ،لكن من ىذاؾ الطريق يقولوف ىذا منكر ،خطأ،
وىم ،ويردونو ،على الرغم من عدـ وجود فائدة موضوعية من الرد من حيث ا١تنت؛ ألف ا١تنت صحيح
مثبل ،ىو صحيح ،أي رواية وطريق
اثبت عن النيب ﷺ ابألسانيد الصحيحة" .إ٪تا األعماؿ ابلنيات" ً
سهبل على
ال ٘تر بيحِت بن سعيد األنصاري فهي خطأ .وىكذا ىناؾ قواعد دقيقة ُب القضية ،فليس ً
الراوي أف ُٮتطأ خطأً ىكذا.
سأذكر لكم أمثلة وأختم هبا ،حىت تعرفوا القةضية أين متقدمة .ابن رجب ُب كتابو اٞتليل ا﵀ًتـ
ا١تقدـ العزيز الشريف (شرح علل الًتمذي) يقوؿ:
"قاعدة مهمةُ :ح َّذاؽ النقاد من اٟتفاظ لكثرة ٦تارستهم للحديث ومعرفتهم ابلرجاؿ وأحاديث
كل واحد منهم٢ ،تم فهم خاص يفهموف بو أف ىذا اٟتديث يشبو حديث فبلف ،وال يشبو
حديث فبلف ،فيعلّلوف األحاديث بذلك- ،الحظوا أف ىذا ليس أنو يشبو كبلـ الرسوؿ ﷺ أو ال
يشبو كبلمو -وىذا ٦تا ال يعرب عنو بعبارة ٖتصره ،وإ٪تا يرجع فيو أىلو إذل ٣ترد الفهم وا١تعرفة اليت
صوا هبا عن سائر أىل العلم كما سبق ذكره يف غَت موضع.
ُخ ر
ٖٙٙ
فمن ذلك سعد بن سناف ويقاؿ سناف بن سعد ،يروي عن أنس ،ويروي عنو أىل مصر .قاؿ
أٛتد بن حنبل" :تركت حديثَو ،حديثُو حديث مةضطرب ،وقاؿ يشبو حديثو حديث اٟتسن ،ال
يشبو أحاديث أنس" ،نقلو عبد هللا بن أٛتد عن أبيو .ومراده أف األحاديث اليت يرويها عن أنس
مرفوعة إ٪تا تشبو كبلـ اٟتسن البصري أو مراسيلو .وقاؿ اٞتوزاجاين -انظروا إذل ىذه اٞتملة
ا﵀ًتمة ا١تعيارية ا١تهمة اللطيفة ،واليت مع األسف تُفتَػ َقد ُب كثَت من الدراسات النظرية اٟتديثة:-
"أحاديثو واىية ال تشبو أحاديث الناس عن أنس" .ىذه اٟتلقات ا١تعيارية اليت ٖتاكم فيها الرواايت.
"معقل بن عبيد هللا اٞتزري قاؿ" :وقد سبق قوؿ أٛتد إف حديثو عن أيب الزبَت يشبو حديث ابن
٢تيعة "..إخل .والكتاب مليء ابألمثلة.
مثاؿ آخر" :ومنو قوؿ أيب أٛتد اٟتاكم يف حديث علي الطويل يف الدعاء ٟتفظ القرآف إنو يشبو
الرفَّاء عن
صاص- .ىذا كلو كبلـ ابن رجب -ومن ذلك حديث يرويو عمر بن يزيد َّ أحاديث ال ُق َّ
شعبة عن عمرو بن مرة عن أيب وائل عن عبد هللا رضي هللا تعاذل عنو عن النيب ﷺ" :ما ابؿ
ش ِّرفوف ا١تًتفُت ،ويستخفوف ابلعابدين ،ويعملوف ابلقرآف ما وافق أىوائهم ،وما خالف
أقواـ يُ َ
أىوائهم تركوه"- .واضح أنو ليس ْتديث -قاؿ ابن عدي :ىذا يُعرؼ بعمر بن يزيد عن شعبة،
وىو هبذا اإلسناد ابطل- .ىي الفكرة يعرؼ بػ ػ -وقاؿ العقيلي :ليس ٢تذا اٟتديث أصل عن
حديث شعبة ،قاؿ -العقيلي :-وىذا الكبلـ عندي وهللا أعلم يشبو كبلـ عبد هللا بن ا١تِ ْس ّور
ا٢تامشي ا١تدائٍت ،وكاف يةضع اٟتديث وقد روى عمرو بن مرة عنو ،فلعل ىذا الشيخ ٛتلو عن
مرسبل وأحالو على شعبة .انتهى .واألمر على ما
رجل عن عمرو بن مرة عن عبد هللا بن ا١تسور ً
ذكره العقيلي رٛتو هللا.
مرسبل عن النيب ﷺ ١تا
وقد روى عن عمرو بن مرة عن ابن ا١تسور ا١تدائٍت حديثًا آخر أصلو ً
نزؿ قولو تعاذل﴿ :فمن يرد هللا أف يهديو يشرح صدره لئلسبلـ﴾ ،قاؿ النيب ﷺ" :إذا دخل
إسنادا
النور القلب انشرح وانفسح" .اٟتديث .فهذا ىو أصل اٟتديثٍ ،ب وصلو قوـ وجعلوا لو ً
موصوال مع اختبلفهم فيو" إذل آخره.
ً
ٖٙٚ
ةضا أهنم يعرفوف الكبلـ الذي يشبو كبلـ النيب ﷺ من الكبلـ
أيضا ابن رجب" :ومن ذلك أي ً
قاؿ ً
طبعا الكبلـ الذي البن رجب ليس أكثر الكتاب ،أنتم الحظتم أنو كلما الذي ال يشبو كبلمو"! ً
قاؿ شيئا يقوؿ :قاؿ أٛتد ،قاؿ أبو حاًب ،قاؿ الدارقطٍت ،إخل ،ىذا االستقراء لكبلـ اٟتفاظ ا١تتقدمُت
أج ِّل األشياء ُب ىذا الكتاب العظيم.
ىو من َ
كبلما يصلح
"قاؿ ابن أيب حاًب الرازي عن أبيو :تُعلم صحة اٟتديث بعدالة انقليو ،وأف يكوف ً
أف يكوف مثلو كبلـ النبوة ،ويُعرؼ سقمو وإنكاره بتفرد من دل تصح عدالتو بروايتو .وهللا أعلم".
وصل اللهم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت.
ٖٙٛ
احملاضرة الثالثة والعشروف:
ا١تقدمة:
كثَتا طيبًا مبارًكا فيو كما ٭تب ربنا -تبارؾ وتعاذل -ويرضى .اللهم لك
ٛتدا ً
اٟتمد ﵁ رب العا١تُت ً
صل وسلم وابرؾ على عبدؾاٟتمد ال ٨تصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك .اللهم ِّ
ا١تطوؿ على نزىة
ورسولك دمحم .نستعُت اب﵁ ونستفتح اجمللس الثالث والعشرين من ٣تالس الشرح ّ
النظر نسأؿ هللا أف يبلغنا التماـ وأف يبارؾ ُب ىذه اجملالس.
ٖٜٙ
وىذا ا٠تطأ بطبيعة اٟتاؿ يعود إذل الراوي ،ولكن ليس ألف الراوي ضعيف أو أنو ال يضبط ،وإ٪تا حالة
من التوىم أو أي نوع من أنواع ا٠تطأ.
الراوي:
أسباب ر ّد اٟتديث بسبب الطعن يف ّ
حسنًا ،ىو ١تا بدأ ابلكبلـ على الرد ُب اٟتديث بسبب الطعن ُب الراوي ذكر عشرة صور تدخل ُب
الطعن ُب الراوي ،فقاؿ ُب (النُّخبة)ٍ" :ب الطعن إما أف يكوف لكذب الراوي يف أو هتمتو بذلك أو
فحش غلطو أو غفلتو أو فسقو أو و٫تو أو ٥تالفتو أو جهالتو أو بدعتو أو سوء حفظو ،فاألوؿ
ا١توضوع ،والثاين ا١تًتوؾ ،والثالث ا١تنكر على ر ٍ
أي ،وكذا الرابع وا٠تامسٍ ،ب الوىم إف اطّلع
عليو ابلقرائن وٚتع الطرؽ فا١تعللٍ ،ب ا١تخالفة إف كانت بتغيَت السياؽ فمدرج اإلسناد ،أو
بدمج موقوؼ ٔترفوع فمدرج ا١تنت ،أو بتقدًن وأتخَت فا١تقلوب ،أو بزايدة را ٍو فا١تزيد يف متصل
امتحاان أو بتغيَت ٍ ،"...ب
ً مرجح فا١تةضطرب ،وقد يقع اإلبداؿ عم ًدا
األسانيد ،أو إببدالو وال ّ
مفسقٍ ..ب سوء اٟتفظ ،"...إذل آخره .ىذه ِ
قاؿٍ" :ب اٞتهالة وسببوٍ ..ب البدعة إما ٔتفكر أو ّ
عرضا سر ًيعا،
اآلف عشرة أسباب للطعن ُب اٟتديث من جهة الراوي ،ابن حجر -رٛتو هللا -عرضها ً
شامبل وبعضها أشار إليها إشارة سريعة.
جيدا ًتفصيبل ً
ً ففصل ،بعضها
ٍب عاد إليها واحدة واحدة ّ
اٟتديث ا١توضوع:
صيبل وافيًا وىو ما سيكوف موضوع اليوـ مع أننا ٖتدثنا عنو ُب فصل فيها تف ًمن ا١توضوعات اليت ّ
اللقاء السابق لكٍت دل أقرأ كبلمو ُب النزىة -رٛتو هللا -وىو عن اٟتديث ا١توضوع ،واألقساـ اليت
أقساما ألغلب أسباب الطعن ،انظروا ١تػّا أقرأ عليكم كبلمو ُب
ذكرىا ُب ا١توضوع تصلح أف تكوف ً
اٟتديث ا١توضوع ستجدوف أنو قسم اٟتديث ا١توضوع إذل أقساـٍ ،ب انظروا بقيّة األقساـ وٯتكن تناوؿ
بقية األقساـ عرب ىذه الطريقة أو على األقل بعضها.
قاؿ -رٛتو هللا" :-فالقسم األوؿ وىو الطعن بكذب الراوي يف اٟتديث النبوي ىو ا١توضوع،
واٟتكم عليو ابلوضع إ٪تا ىو بطريق الظن الغالب ال ابلقطع إذ قد يصدؽ الكذوب لكن ألىل
ٖٓٚ
اتما وذىنو
العلم ابٟتديث ملكة قوية ٯتيزوف هبا ذلك ،وإ٪تا يقوـ بذلك منهم من يكوف اطبلعو ً
قواي ومعرفتو ابلقرائن الدالة على ذلك متمكنة".
اثقبًا وفهمو ً
اآلف إيش العنواف الذي ٯتكن أف نعنوف بو على ىذه ا١تعلومة؟ ذكر أمرين:
ٔ) األمر األوؿ :قاؿ إف اٟتكم على اٟتديث أبنو موضوع ما مستنده؟ ىل مستنده القطع أبنو
موضوع أو مستنده الظن الغالب؟ ٯتكن أف تصف اٟتديث أبنو موضوع ويكوف حكمك مبنيًا على
غلبة الظن ،حسنًا ،اآلف سؤاؿ -ىو أاثره ُب بطن الكبلـ دل يطرحو على شكل سؤاؿ -وىو :إذا كاف
كذاب فلماذا ال نقطع أبف اٟتديث كذب؟ حسنًا ،ىو ىنا ماذا قاؿ؟ "واٟتكم يف اٟتديث را ٍو َّ
عليو ابلوضع إ٪تا ىو بطريق الظن الغالب ال ابلقطع إذ قد يصدؽ الكذوب" ،فكوف اٟتديث فيو
را ٍو كذاب ال يساوي القطع أبنو كذب؛ ألف الراوي الذي ُحكم عليو أبنو كذاب ال يستلزـ اٟتكم
عليو أبنو كذاب أف يكذب ُب كل حديث.
حسنًا إيش الصورة ا١تصغرة من ىذه الفكرة؟ ىناؾ صورة أخف درجة ،مصغرة من ىذه الفكرة ُب
ابب آخر ،ماىي؟ الضعيف ،اٟتكم على اٟتديث أبف ضعيف ىل يساوي أف النيب ﷺ دل يقلو
قطعا؟ ال ،يعٍت ىذه آالؼ األحاديث اليت تروف أنو حكم عليها ابلضعف قوؿ ا﵀دث أف ىذا
ً
قطعا ،وإ٪تا حكم عليو أبنو ضعيف لوجود سبب
اٟتديث ضعيف ال يساوي أف النيب ﷺ دل يقلو ً
دائما ُب كل حديث ،ولكن اٟتكم األغليب ٨تكم عليو
يقتضي الضعف ،وىذا السبب قد ال يتحقق ً
من ابب االحتياط أبنو ضعيف .فلما يكوف عندًن راوي روى ٓٓ ٚحديث فأخطأ ُب ٖٓ٘ منها،
ىذا ماذا يسمى؟ ضعيف؛ لكن بقي عنده أحاديث أصاب فيها .حسنًا إيش حكم روايتو من حيث
األصل إذا ورد يف حديث؟ ضعيف .ىل ٯتكن أف تصحح بعض أحاديثو؟ ٯتكن أف تصحح بعض
أحاديثو .أيهما أصعب تةضعيف أحاديثو أـ تصحيحها؟ تصحيحها.
قطعا
حسنًا ،ىنا قاؿ لك" :ا١توضوع كوف اٟتديث يف إسناده رجل كذاب ال يساوي أف اٟتديث ً
مكذوب -وإف كنا نصفو أبنو مكذوب أو موضوعٍ ،"-ب يقوؿ لك" :ألف الكذوب قد يصدؽ"،
كم كذبة ٭تتاج حىت ٭تكموا أنو كذاب؟ واحدة ،يعٍت ٭تتاج أنو يكذب مرة واحدة ُب حديث ما -
ٖٔٚ
أيضا مؤثر لكن ىذا أشد -يكذب مرة واحدة ُب حديث ما من بُت سبعة
والكذب خارج اٟتديث ً
آالؼ حديث رواىا ىذا الراوي يسمى َّ
كذاب واٟتكم ُب روايتو أنو حديث موضوع.
ىذا ا١توضوع األوؿ الذي تكلم عنو ُب ىذا النص.
ٕ) ا١توضوع الثاين :قاؿ" :لكن ألىل العلم ابٟتديث ملكة قوية ٯتيزوف هبا ذلك" .إيش ٯتيزوف؟
الكذب من غَت الكذب٦ ،تن؟ من الكذاب ،ليس من الصادؽ .وإ٪تا يقوـ بذلك من ىم؟ من الذي
قواي ومعرفتو ابلقرائن الدالة
اتما وذىنو اثقبًا وفهمو ً
يستطيع التمييز؟ قاؿ" :من يكوف اطبلعو ً
على ذلك متمكنة".
ٍب قاؿ" :ومن القرائن اليت يدرؾ هبا الوضع" ،الحظوا أًن قلت لكم ىذه التقسيمات تقدروا تضعوىا
على ابقي األقساـ األخرى ُب الطعن فتقدر تقوؿ القرائن اليت يعرؼ هبا ا١تنكر ،القرائن اليت يعرؼ هبا
ٕٖٚ
ا١تع ّل ...إخل .قاؿ" :ومن القرائن اليت يدرؾ هبا الوضع ما يؤخذ من حاؿ الراوي ،كما وقع
َ
للمأموف بن أٛتد أنو ذكر ْتةضرتو ا٠تبلؼ يف كوف اٟتسن ٝتع من أيب ىريرة أو ال؛ فساؽ يف
إسنادا إذل النيب ﷺ أنو قاؿ ٝتع اٟتسن من أيب ىريرة .وكما وقع لغياث بن إبراىيم حيث
اٟتاؿ ً
دخل على ا١تهدي فوجده يلعب ابٟتماـ فساؽ يف اٟتالة إسنادا إذل النيب ﷺ أنو قاؿ" :ال سبق
إال يف نصل أو خف أو حافر أو جناح" ،فزاد يف اٟتديث "أو جناح" فعرؼ ا١تهدي أنو كذب
ألجلو فأمر بذبح اٟتماـ .ومنها ما يؤخذ من حاؿ ا١تروي" ،أف يعرؼ أنو موضوع.
دعوًن نعيد ،قاؿ لك :كيف يعرؼ الوضع؟ أوؿ شيء قاؿ :العلماء ا١تتمكنُت ،أصحاب ا١تلكة
ةضا لنص
القويةٍ ،ب ابإلقرارٍ ،ب حاؿ الراويٍ ،ب قاؿ حاؿ ا١تروي –الرواية" .-كأف يكوف ا١تروي مناق ً
القرآف ،أو السنة ا١تتواترة ،أو اإلٚتاع القطعي ،أو صريح العقل حيث ال يقبل شيءٌ من ذلك
التأويل" .اآلف ىذا كبلـ من؟ ابن حجر ،الذي ما صفتو؟ ٤ت ّدث ،وىذا الكتاب ُب إيش؟ ُب علم
اٟتديث١ .تاذا أًن سألت ىذا السؤاؿ؟ حىت نفهم أف قضية نقد ا١تنت ىي قضية موجودة داخل ا١تدرسة
اٟتديثية وداخل كتب ا١تصطلح ا﵀ضة .ىو يقوؿ لك :قد يعرؼ ا١توضوع إذا كاف مناقضا لنص
القرآف ،أو السنة ا١تتواترة ،أو اإلٚتاع القطعي ،أو صريح العقل ،وىذا الكبلـ ليس البن حجر وحده،
وإ٪تا ٕتده عند كبلـ غَته من ا﵀دثُت الذين يتناولوف مثل ىذه القضية ،وىذا معروؼ ُب مواضعو،
أحياًن ٕتد من مواضعو كتب ٥تتلف اٟتديث إشارة إذل مثل ىذه ا١تعاين.
ً
إشكالية الطعن يف األحاديث ابعتبار عدـ نقد ا١تتوف:
ىذا حُت أيٌب الطاعنوف من خارج مدرسة اٟتديث فيطعنوف ُب األحاديث اليت صححها معتربوا ىذه
القواعد ابعتبار أهنم دل يعتربوا قضية القرآف ،أو اإلٚتاع ،أو السنة ا١تتواترة ،أو صريح العقل ،والظن أبف
التصحيح يكوف بدوف اعتبار ١تثل ىذه القضااي؛ فهذا االعًتاض واالستدراؾ من ا١تنكرين وا١تشككُت
فيو إشكاؿ وفيو نقص .بل نقوؿ ٢تم :إف نقد ا١تنت ىو عملية موجودة داخل ا١تدرسة اٟتديثية ،ولكنها
عملية مضبوطة و٢تا قوانينها وقواعدىا وأنتم أتتوف من خارج ىذه ا١تدرسة ومن خارج أسوارىا وتريدوف
أف تقدموا ىذه القضية بدوف قوانُت.
ٖٖٚ
اآلف ىم يقولوف :ال يُقبل اٟتديث الذي ٮتالف القرآف ،ابن حجر ماذا يقوؿ؟ نفس الكبلـ ،ال يقبل
اٟتديث الذي ٮتالف نص القرآف ،والفرؽ بُت ىؤالء وىؤالء -وإف كانت اٞتملة متحدة تقريبًا -ىو
ُب ا١تنهج وُب ا١تنهجية .ا١تنهجية ىنا يُعٌت هبا اآللية والطريقة وما إذل ذلك ،أما يف ا١تنهج ىي يف
ا١تعادل اليت ٖتكم الطريق وا١تنطلقات اليت ينطلق منها اإلنساف للتعامل مع ىذا الباب.
لذلك واحدة من اإلشكاالت ١تا أيٌب واحد يقوؿ :أنتم تصححوف الرواايت وال تعتربوف القرآف! حسنًا
دعٍت أعطيك شيء أنت ما تعرفو ،قاؿ ابن حجر ُب (نزىة النظر) ..وأتٌب لو بكبلـ ابن اٞتوزي
أصبل بناه على فكرة أنو كيف ٯتكن أف ُ٭تكم على اٟتديث وكبلـ ابن القيم ُب (ا١تنار ا١تنيف) الذي ً
أبنو كذب بدوف اطّبلع على إسناده! فتقوؿ لو :تعاؿ ..ال تظن أنك اآلف تعلق اٞترس وتكتشف
َّ
ومتحدث لكن ىناؾ األبعاد ا٠تفية للمنطلقات السيكولوجية ،ال؛ ا١توضوع موجود ساب ًقا ومت َكلَّم عنو
منهج وىناؾ منهجية ،إذا أردهتا بطريقة عبثية أو طريقة شخصية نسبية كل واحد ٭تاكم اٟتديث ليس
مثبل -وىذا موجود على أرض الواقع -يفهم إذل نص القرآف وإ٪تا إذل مركزايت فهمو للقرآف؛ فواحد ً
ويرد
أف ا١تعٌت ا١تركزي الذي جاء بو الدين والذي يكرره القرآف ُب كثَت من مضامينو ىو معٌت اٟترية! ّ
األحاديث اليت يرى أهنا ٗتالف اٟترية اليت يرى أهنا ىي مركزية القرآف ونص القرآف ،فيأٌب إذل مثل
٤تمدا رسوؿ هللا" فيقوؿ لك:
حديث "أمرت أف أقاتل الناس حىت يشهدوا أف ال إلو إال هللا وأف ً
وهللا واب﵁ وات﵁ أف النيب ﷺ دل يقل ذلك ودل يثبت عنو وال ...إخل .حسنًا من الذي عمل؟ ال شأف
رل؟ البخاري ،فبلف ،..ا١تهم أف ىذا يعارض نص القرآف؛ فتأٌب تقوؿ لو :أنت عندؾ إشكالية ُب
أصبلُ ،ب التعارض بُت ىذا وىذاٍ ،ب ليس كل اختبلؼ بُت مدلوالت تصور ىذا ا١تعٌت القرآين ً
األلفاظ أو اٞتمل يساوي التعارض ،فاالختبلؼ بُت ا١تدلوالت قد يدخل ٖتت مظلة ا٠تاص والعاـ،
وىذه منهجية مسلوكة ُب التعامل مع النصوص اليت قد يكوف ُب مدلوالهتا شيء من االختبلؼ،
السا ِرقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْ ِديػَ ُه َما﴾ٍ ،ب أيٌب حديث
السا ِر ُؽ َو َّ
﴿و َّ
فحُت أيٌب قوؿ هللا -سبحانو وتعاذلَ :-
فصاعدا" ،لك أف تقوؿ أحد
ً عائشة اهنع هللا يضر ُب البخاري ومسلم" :ال تقطع اليد إال ُب ربع دينار
أمرين :ىذا ا١تنهج العبثي نظامو ُب مثل ىذه النصوص ما عنده إال شيء واحد وىو :ىذه النصوص
تعارض القرآف وتناقضو.
ٖٗٚ
ىناؾ منهجية أخرى تقوؿ لك :ىناؾ عاـ وخاص ،ىل ٯتكن ٗتصيص بعض أجزاء العاـ؟ ىل ىذا
أصبل موجود ُب خطاب العرب؟ ىل ٯتكن للعريب ُب سياقاتو أف يتحدث مرة بصيغة عامة وال يريد ً
من ىذه الصيغة دخوؿ كل األجزاء؟ ٍب أيٌب ُب صيغة أخرى فيخصص ويُ ِّبُت ما أخرج؟ ىل ىذا
سياؽ عريب؟ إذا كاف ىذا سياقًا عربيِّا فإف القرآف قد نزؿ بلساف عريب مبُت ،وكونو نزؿ بلساف عريب
مبُت ال يساوي أف ألفاظو فقط عربية وإ٪تا ألفاظو وأساليبو ،فإذا كاف من أساليب العرب ذكر العاـ
وا٠تاص وا١تطلق وا١تقيد وما إذل ذلك؛ فإف من أساليب القرآف ذكر العاـ وا٠تاص وا١تطلق وا١تقيد وما
إذل ذلك ،ومن القرآف نفسو تستطيع أف تستدؿ على ىذا ،فتقوؿ :إف هللا -سبحانو وتعاذل -قد قاؿ
ُب الريح اليت أرسلها على قوـ عاد﴿ :تُ َد ِّم ُر ُك َّل َش ْي ٍء ِأب َْم ِر َرِّهبَا﴾ وحىت لو دل تكمل اآلية اليت تبُت
شيئًا من ا١تستثٌت أو االستثناء ،تدرؾ أنو ليس ا١تقصود أف الريح اليت أرسلت على أولئك القوـ قد
خاصا ابلقرآف يعٍت حىت نتعامل معدمرت كل ما يصلح أف يدخل ٖتت كلمة شيء ،وىذا ليس ً
خاصا ابلتخصيص ،ال ،وإ٪تا ىذا أسلوب عريب ٕتده ُب أشعار العرب وُب كبلمهم ُب تعامبل ً
القرآف ً
خطبهم و ..إخل.
بل إذا تعاملت ْتَرفيّة فقلت ما مقدار األشياء اليت دخلت ٖتت كلمة شيء ىنا؟ وما مقدار األشياء
اليت خرجت من كلمة شيء؟ ستجد أف األشياء اليت خرجت من كلمة شيء ىنا أكثر بدوف مقارنة
أصبل ،يعٍت نسبة ما يدخل شيء من مطلق األشياء ال ِ
أتت وال واحد ُب ا١تليار؛ ألف السماوات ً
شيء والكواكب شيء والنجوـ شيء واألرض شيء والبحار شيء كلها شيء ،قاؿ هللا -سبحانو
وتعاذل﴿ :-تُ َد ِّم ُر ُك َّل َش ْي ٍء ِأب َْم ِر َرِّهبَا﴾ ،وا١تقصود :أهنا تدمر كل شيء ُب دايرىم ٦تا يكوف بو
حوا َال يػَُر ٰى إَِّال َم َساكِنُػ ُه ْم﴾.
َصبَ ُ
العذاب و ...إخل﴿ ،فَأ ْ
فهنا ١تا يقوؿ ابن حجر" :ومنها ما يؤخذ من حاؿ ا١تروي -أي من القرائن اليت تبُت ا١توضوع -كأف
ةضا لنص القرآف"؛ فنقوؿ ىنا :إف اعتبار اتفاؽ السنة مع القرآف وعدـ ٥تالفة السنة
يكوف مناق ً
للقرآف ىو اعتبار صحيح أـ خاطئ؟ اعتبار صحيح ،وىو مقتضى اتّساؽ مصادر ا١تعرفة ُب
الشريعة ،مصادر ا١تعرفة أين؟ ُب تكملة اٞتملة ١تا يقوؿ لك" :أو صريح العقل" ،فالعقل مصدر
معرُب وا٠ترب مصدر معرُب ،فمن قانوف الشريعة ىو االتّساؽ وااللتئاـ والتوافق بُت مدلوالت مصادر
ٖ٘ٚ
ا١تعرفة أو مدخبلت مصادر ا١تعرفة ُب الشيء الواحد؛ لذلك كما قاؿ الدكتور عبد هللا القرين ُب كتاب
(ا١تعرفة ُب اإلسبلـ) :أف العقل والنقل ُب الشريعة يسَتاف بنظاـ التوافق والتكامل ،التوافق فيما اشًتكا
ُب اٟتديث عنو ُب نفس الشيء ،والتكامل فيما دل يتحداث فيو فيأٌب العقل أبشياء وأيٌب النقل أبشياء
وبينهما تكامل ،أما فيما ٖت ّدث فيو فبينهما توافق .وإدراؾ فكرة التوافق والتكامل بُت مصادر ا١تعرفة
جدا .حسنًا ىذه مصادر ا١تعرفة.
ىذا أمر مهم ً
لكن مصادر التلقي أين؟ ُب السنة والقرآف ،والقرآف والقرآف ،والقرآف واإلٚتاع ،التوافق بُت مصادر
ا١تعرفة أي التوافق بُت ا٠ترب والعقل ،أو بُت ا٠ترب واٟتس .يعٍت شيء تدركو ابلعقل وشيء تدركو
ابلشرع ىذا قانونو ُب الشريعة التوافق ،ىنا تسميو التوافق بُت مصادر ا١تعرفة؛ لكن عندما تقوؿ التوافق
بُت القراف والسنة فالتوافق بُت إيش وإيش؟ بُت مصادر التلقي الشرعية ،ىذا كبلـ مهم .حىت مصادر
التلقي الشرعية فيها توافق وفيها تكامل فهناؾ أشياء ٖتدثت عنها السنة دل يتحدث عنها القرآف فبينها
تكامل ،وما ٖتداث فيو ُب نفس األمر فيكوف بينهما فيو التوافق ،ففي قضية عقوبة السارؽ ىذه اآلف
قضية واحدة ،القرآف يقوؿ اقطعوا أيديهما ،والسنة تقوؿ ال تُقطع إال ُب كذا ،ىذا اآلف القانوف الذي
خصت ىذا العموـ الذي يفهم من قولو ٬تب أف تسَت عليو ىو قانوف التوافق ،فتقوؿ :السنة َّ
السا ِرقَةُ﴾ ،فيصدؽ ىذا على ما تكوف السرقة فيو قليلة وكثَتة .جاءت السنة السا ِر ُؽ َو َّ
﴿و َّ
سبحانوَ :
فبينت ا١تقدار الذي بو يطبق ىذا القانوف القرآين ،ىذا ىو التعامل الصحيح .أما التعامل ا٠تاطئ
دائما نقوؿ إف فيها ..ألغي!
يقوؿ لك انظر قاؿ لك تُقطع ،وىنا قاؿ ال تُقطع؛ ىذه السنة ً
ُت ﴾ ،أيٌب حديث أسامة بن زيد ُب البخاري، ظ األُنثَػيَػ ْ ِ اَّلل ُِب أ َْوالَ ِد ُكم لِ َّ
لذ َك ِر ِمثْلُ َح ِّ ِ
ْ ﴿يُوصي ُك ُم ُّ
ومسلم ،قاؿ النيب ﷺ" :ال يرث ا١تسلم ا لكافر وال الكافر ا١تسلم" ،أيٌب قائل فيقوؿ لك :انظر ىذا
بدعا من القوؿ ُب
يعارض القرآف! وأيٌب قائل فيقوؿ :ىذا ٮتصص عموـ اآلية وىذا التخصيص ليس ً
عموما ا٠تاص والعاـ من أىم أبواب أصوؿ الفقو، ً القرآف وإ٪تا ىو أسلوب معروؼ ...إخل.
جدا ابلنسبة لطالب العلم أف يدرؾ أنواع ا١تخصصات اليت ٗتصص ا١تخصصات أنواعها مهمة ً و ِ
كثَتا واعتٌت
العموـ وأف يدرؾ أنواع العاـ نفسو ،واإلماـ الشافعي ُب كتاب (الرسالة) اعتٌت هبذا الباب ً
فيو من جهة بياف أنواع العاـ ،وىذا جعلو ضمن أنواع البياف القرآين ،وا١توضوعات اليت تناو٢تا الشافعي
ٖٚٙ
-رٛتو هللاُ -ب (الرسالة) وركز عليها ىي موضوعات أصولية أصيلة قبل دخوؿ وطروء ا١توضوعات
كملة أو حىت بعضها فيو عبلئق ليست متصلة ابألصوؿ وال األصولية اليت ٯتكن أف تسمى أبهنا ُم ّ
متصلة ابلفقو وإ٪تا متصلة بفضاءات أخرى ،والشاطيب رٛتو هللا -كمجدد ُب أصوؿ الفقو -تكلم ُب
مفيدا أو
ا١تقدمات عن ىذه القضية وأف األصوؿ اليت ينبغي أف تُعتمد ىي أصوؿ ما كاف مثرًاي أو ً
عامبل ُب الفقو ،فإ٪تا أضيفت األصوؿ إذل الفقو إلفادة ىذا ا١تعٌت.
ً
جدا أال يُتناوؿ من الناحية
جدا؛ مهم ً
فعلى أية حاؿ مثل ىذا ا١توضوع ُب ابب اٟتديث موضوع مهم ً
األصولية اجملردة ،وإ٪تا يُتناوؿ كذلك من ًنحية رد الشبهات واإلشكاالت الكثَتة ا١توجودة ُب ىذا
اليوـ .فيا طبلب اٟتديث عافاكم هللا وابرؾ فيكم عندما تتناولوف ا١تباحث اٟتديثية ال تتناولوىا من
يوجو على ىذه األسوار داخل أسوار أو حصوف ا١تدرسة اٟتديثية فقط ،وإ٪تا أدركوا ما الذي يدور أو َّ
من ٣تانيق ومدافع وأسهم توجو حىت ٖتصن ىذا السور من داخلو ،ومثل ىذه اٞتمل ىي تعترب فيها
حصانة لؤلسوار من داخل أسوار علم اٟتديث ،فأنت ال ٖتتاج إذل استعارة ترسانة خارجية لتحصن
دعم هبا ىذا اٟتصن وإ٪تا ٖتتاج من الداخل أف تثري وتقيم ،وىذا ُب ٥تتلف العلوـ اإلسبلمية هبا أو تُ ّ
كذلك ُب أصوؿ الفقو وُب غَته.
مثل :أابف بن أيب عياش عندما كاف ٬تلس ُب ٣تالس اٟتسن البصري ويسمع مواعظ اٟتسن وُب نفس
الوقت كاف قد ٝتع من اثبت البناين عن أنس بن مالك عن النيب ﷺ أحاديث .العوامل ا٠تارجية
ٖٚٚ
ابتعد عنها ابقي ما ُب رأسو من ا١تدخبلت اليت ىي النصوص ،النصوص ىذه :بعضها ٝتعها من
اثبت عن أنس عن النيب ﷺ ،وبعضها ٝتعها من كبلـ اٟتسن البصري ،فأصبح لديو خلط ُب الوسط
وٖترز وتثبت ،فيأٌب يقوؿ عن كبلـ اٟتسن حدثٍت اثبت عن أنس بن مالك قاؿ :قاؿ
مع قلة توقي ّ
رسوؿ هللا ﷺ كذا وكذا ،اآلف ا﵀دثُت يتفننوف ُب نقد ىذا الكبلـ ،فيأٌب يقوؿ لك :أنت لديك
أخطاء من ىذا النوع فأنت كلك أصبحت مًتوًكا ،مع أنو رجل صاحل ،يعًتفوف أبنو رجل صاحل،
ولكنو مًتوؾ ،فتجاوزوا ابلنقد نقد األحاديث اليت أخطأ فيها إذل انعكاس ىذا النقد على الشخص
فحكموا عليو أبنو ىو مًتوؾ ،ىذا واحد.
اثنيا :أيتوف لنفس ىذه األحاديث فيقولوف :ىذا اٟتديث الذي أنت رويتو عن اثبت البناين عن أنس
ح ّدث بو غَتؾ عن اٟتسن البصري من قولو ،فهذا وجو آخر ُب النقد يبينوف بو أف ىذا من كبلـ
اٟتسن وذلك أنو ثبت عن اٟتسن من قولو ،ودل ِ
أيت أصحاب اثبت البناين ٔتثل ىذا عن أنس ،فهذا
وجو آخر.
وجو اثلث :اٟتكم ابلشبو ،وىذا للمتقدمُت للكعب العارل منهم فيقوؿ لك :ىذا الكبلـ الذي ترويو
يُشبو كبلـ اٟتسن وال يشبو كبلـ النيب ﷺ ،فهذا ابب آخر من أبواب النقد على موضع واحد من
دائما نقوؿ :علم اٟتديث ١تن يعيو ١تن يفهمو ١تن يغوص ُب موضع الرواية ،وىذا علم متقدـ ،لذلك ً
و٭تيي قضية أبدا يُغذي العقل ويُنميو ويُفتّق جوانبو ُ
أعماقو ،ال أعلم عل ًما من علوـ الًتاث اإلسبلمي ً
النقد والتفكَت الناقد مثل علم اٟتديثٍ ،ب علم أصوؿ الفقوٍ ،ب علم اللغة العربية ،وعلم اللغة العربية
أيضا ،لكن بشرط ليس اٟتديث الذي ىو ا١تصطلحات وتفكيك اٞتمل ٢تا أتثَت كبَت ُب العقل ً
والعبارات ..ال؛ اٟتديث الذي ىو الغوص ُب النواحي التطبيقية وإدراؾ كيف كانوا ينقدوف؛ تشعر أف
ىناؾ زوااي ُب ا١تخ تُضيء ألوؿ مرة ،عندما تصل للفكرة وتقوؿ :عجيب! فلما تصل حرؼ الباء من
كلمة عجيب تكتشف أف وسطها فكرة أخرى ،فتدخل وسط الفكرة الثانية فتقوؿ :سبحاف هللا ،فما
تنطق حرؼ ا٢تاء حىت تكتشف أف ىذه عبارة عن مقدمة لفكرة طويلة أخرى ،فهناؾ تقوؿ٘ :تاـ ٘تاـ!
ٖٚٛ
صحيحا لَتوج"ٍ ،ب قاؿ" :واٟتامل
ً إسنادا
ً ٍب قاؿ" :أو أيخذ حديثًا ضعيف اإلسناد فَتكب لو
للواضع على الوضع إما عدـ الدين كالزاندقة ،أو غلبة اٞتهل كبعض ا١تتعبدين ،أو فرط العصبية
كبعض ا١تقلدين ،أو اتباع ىوى بعض الرؤساء ،أو اإلغراب لقصد االشتهار -ىذا ٌ
تتبع ٚتيل وىم
الكرامية وبعض ا١تتصوفة نُقل
ٜتسة أسباب -وكل ذلك حر ٌاـ إبٚتاع من يُعتد بو إال أف بعض ّ
عنهم إابحة الوضع يف الًتغيب والًتىيب ،وىو خطأ من فاعلو نشأ عن جهل؛ ألف الًتغيب
والًتىيب من ٚتلة األحكاـ الشرعية .واتفقوا على أف تعمد الكذب على النيب ﷺ من الكبائر،
وابلغ أبو دمحم اٞتويٍت فك ّفر من تعمد الكذب على النيب ﷺ" .والبن تيمية ً
أيضا مبحث حوؿ
نوعا ما،
حكم تعمد الكذب وعبلقة ىذا ابلكفر ُب كتاب (الصارـ ا١تسلوؿ) ،مبحث أطاؿ فيو ً
أيضا
٦تكن من أراد التوسع ُب قضية :ىل يكفر من يتعمد الكذب على النيب ﷺ أو ال يكفر يراجع ً
(الصارـ ا١تسلوؿ) البن تيمية -رٛتو هللا.-
دائما أيٌب سؤاؿ من اإلنساف الذي دل يدرس اٟتديث -من أكثر األسئلة اليت يسأ٢تا -ليش ٚتعوا
ً
موجودا ،واحتياج الناقد ٢تذه
ً أحاديث فيها أحاديث ضعيفة؟ ىذا مرتبط بطريقة الرواية ،وما كاف
األحاديث حىت يستطيع اٟتكم ..إخل ،أسباب كثَتة ،لكن اٟتديث ا١توضوع ال ٕتوز روايتو إال ببياف
أنو مكذوب وأنو موضوع ،وإ٪تا الشأف وا٠تبلؼ ُب اٟتديث الضعيف أنو ىل يروى أو ال يروى إذا دل
مصحواب ببياف ضعفو؟ واألكمل من جهة الورع ومن جهة الصيانة ىو أف يُبُت حىت اٟتديث ً يكن
الضعيف وإذا كاف السياؽ ألًنس يفهموف فيمكن أف ٮتتصر اإلنساف فيقوؿ ُروي عن النيب ﷺ
كطريقة البخاري ُب بعض األحاديث اليت فيها شيءٌ من الضعف من ا١تعلقات أنو يقوؿ وقيل عن
نوعا
فبلف ،وذكر عن النيب ﷺ ،وروي ...وىذا ليس ابلضرورة أف يفيد شدة الضعف وإ٪تا قد يفيد ً
٤تتمبل ٯتكن أف تكتفي بعبارة مثل :وروى
أحياًن حُت يكوف اٟتديث ً من الوىاء ُب اإلسناد ،و ً
الًتمذي ُب سننو ،وأخرج ابن ماجو ُب سننو ،وأخرج اإلماـ أٛتد ُب مسنده ،فهذه ال تساوي صحيح
وُب نفس الوقت ال تساوي أف فيو ضع ًفا وإ٪تا أنت تقوؿ ىذا أخرجو اإلماـ أٛتد ُب ا١تسند.
متأكدا من صحتو ،ليس عندؾ وقت للبحث عن الرواية ،حديث مشهور ،حديث ً قد تكوف لست
جدا ال يكاد يذكر؛ فهذا يعزى
ْتثت فيو دل تصل إذل نتيجة واضحة ،حديث الضعف الذي فيو يسَت ً
أيضا يسلكو بعض العلماء ُب األحاديث الضعيفة لكن ليست شديدة العزو العاـ -على أف ىذا ً
الضعف أو ا١توضوعة ،-والًتمذي رٛتو هللا من ٚتاؿ صنيعو ُب السنن أنو إذا أخرج اٟتديث الضعيف
مثبل :وليس إسناده ابلقائم ،وفيو فبلف ويذكر كبلـ بعض العلماء
الواضح الضعف أنو يبُت فيقوؿ لك ً
فيو ،فهذا أكمل وأصلح ،أما ا١توضوع فبل ب ّد من البياف وال يصلح أف يكوف ىناؾ أتخر عن البياف،
وإذا ُوجد من ٖتدث هبذا وليس عنده علم كاؼ ابٟتديث فأخرج أحاديث موضوعة ودل يبينها؛ فينبغي
على أىل العلم بعده خاصة إذا راج الكتاب أف يبينوا وذلك كما فعل اإلماـ العراقي -رٛتو هللا -مع
ٖٓٛ
اإلماـ الغزارل -رٛتو هللاُ -ب كتاب (إحياء علوـ الدين) إذ إف ُب كتاب اإلحياء من ىذه األحاديث
أحاديث ،والغزارل -رٛتو هللا -كما قاؿ عن نفسو دل يكن لو ابع ُب قضية اٟتديث ،فجاء العراقي
كتااب اٝتو (ا١تغٍت عن ٛتل األسفار ُب األسفار ُب ٗتريج ما ُب اإلحياء من أحاديث وأخبار)،
فكتب ً
جدا وىي كثَتة ،وىي مكتبة حديثية ضخمة من الكتب كتاب ٗتريج ،وكتب التخريج ىذه مفيدة ً
عمد مؤلفوىا أو مصنفوىا إذل كتاب من الكتب اٟتديثية اٝتها كتب التخريج ،ىذه الكتب كثَت منها ي ِ
َ ٌ
فيخرج األحاديث اليت رواىا ىذا ا١تصنف، الرائجة ا١تشهورة ا١تعتمدة سواءٌ ُب الفقو أو ُب السلوؾّ ،
مثبل من الكتب خرج كتب ُب الفقوً ، يذكر أسانيدىا وْتسبها ،وىذا مشهور ومعروؼ ،منهم من ّ
خرج فيو أحاديث جدا من الكتب ا١تعاصرة كتاب (إرواء الغليل) للشيخ األلباين -رٛتو هللاّ -
ا١تشهورة ً
(منار السبيل) ،و(منار السبيل) من كتب الفقو اليت كثر تدريسها ُب العصر اٟتديث ُب الفقو اٟتنبلي،
أحياًن ٕتد ٗتر٬تًا جملاميع
أحياًن لبعض كتب التفسَت فيو ٗتريج لػ(أحاديث الكشاؼ) ،و ً وٕتد ٗتريج ً
أظن فيو ٗتريج ألحاديث (فتاوى ابن تيمية) إذا ما و٫تت ،وٕتد ٗتر٬تًا ١تثل ىذا لكتب السلوؾ،
أحياًن يكوف التخريج
خرجو ،و ً كتاب (إحياء علوـ الدين) -ىذا كتاب ضخم -والعراقي -رٛتو هللاّ -
لؤلحاديث ا١تشهورة ليس ُب كتاب وإ٪تا على األلسن ،كما العجلوين كتب كتابو (كشف ا٠تفاء
ومزيل اإللباس عما اشتُهر من األحاديث على ألسن الناس) ،وكذلك السخاوي لو كتاب ُب
األحاديث ا١تشهورة وإخل ،فا١تكتبة اٟتديثية ضخمة ،ىذا فقط جانب التخريج فيها.
وصل اللهم على نبينا دمحم
ونسأؿ هللا سبحانو وتعاذل أف يغفر لنا ولكم وأف يصلح حالنا وحالكمّ ،
وعلى آلو وصحبو أٚتعُت.
ٖٔٛ
احملاضرة الرابعة والعشروف:
ا١تقدمة:
كثَتا طيّػبًا مبارًكا فيو كما ٭تب ربنا تبارؾ وتعاذل ويرضى ،اللهم لك اٟتمد
ٛتدا ً
اٟتمد ﵁ رب العا١تُت ً
صل وسلم وابرؾ على عبدؾ ورسولك دمحم.ال ٨تصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك ،اللهم ِّ
جديدا من ٣تالس الشرح ا١تطوؿ على نزىة النظر ،وىذا ىو اجمللس الرابع
٣تلسا ً
نستعُت اب﵁ ونستفتح ً
والعشروف من السلسلة.
الراوي:
تتمة أسباب الطّعن يف اٟتديث ابعتبار ّ
ّ
ال زلنا ُب أسباب الطعن ُب اٟتديث ،وُب الدرس ا١تاضي ٠تّصت كبلـ ابن حجر رٛتو هللا ُب أسباب
الطعن ،اليوـ ننتقل إذل جزء جديد من أسباب الطعن.
قاؿ" :والقسم الثاين من أقساـ ا١تردود وىو ما يكوف بسبب هتمة الراوي ابلكذب وىو ا١تًتوؾ".
قاؿ" :والثالث ا١تنكر على رأي من ال يشًتط يف ا١تنكر قيد ا١تخالفة".
ما معٌت ىذا الكبلـ؟ ىو اآلف سبق أف ذكر ابن حجر أف :ا١تنكر ما خالف فيو الةضعيف الثقة ،ما
معٌت ما خالف فيو الةضعيف الثقة؟ معناه أف اٟتديث ليس فردا ،وإ٪تا اٟتديث فيو روايةٌ ٍ
لثقة وفيو ً
روايةٌ لضعيف ،وىااتف الروايتاف ال أتتياف على وجو واحد وإ٪تا أتتياف على وجهُت ٥تتلفُت؛ فالوجو
منكرا -رواية الضعيف اليت خالف فيها الثقة-
الصحيح يسمى معروفًا ،والوجو الةضعيف يسمى ً
ىذا تعريفو السابق .ىنا قاؿ لك" :ومن أقساـ ا١تردود ا١تنكر على رأي من ال يشًتط يف ا١تنكر
قيد ا١تخالفة" ،يعٍت يقوؿ إف ىناؾ ر ًأاي آخر ُب ا١تنكر ال يشًتط فيو قيد ا١تخالفة ،يعٍت ال يشًتط أف
يبُت ٦تن ،ولكن عدَّهُ من أسباب الطعن ُب
ٮتالف فيو الضعيف الثقة ،وإ٪تا يكوف التفرد ٦تن؟ ىو دل ّ
اٟتديث بسبب الراوي.
ٕٖٛ
الذي بسبب اإلسناد انتهينا منو ،الذي ىو :ا١تعلَّق ،وا١تعضل ،وا١تنقطع ،اآلف بدأ ابٟتديث ا١توضوع،
واٟتديث ا١تًتوؾ ،وا١تنكر و ،و ..ابعتبار الراوي.
حسنًا معٌت ىذا أف ابن حجر رٛتو هللا ١تا ذكر القوؿ الثاين ُب تعريف ا١تنكر ،ىل يقصد تفرد الثقة
أو تفرد الصدوؽ أو ٬تب أف يكوف تفرد الةضعيف؟ يقصد تفرد الضعيف١ ،تاذا؟ ألنو قاؿ "فمن
فَ ُحش غلطو أو كثرت غفلتو".
يف إضاُب للمنكر أشار إليو ابن حجر على أنو قوؿ أو رأي للبعض ،وُب اٟتقيقة إذف ىذا اآلف تعر ٌ
فإف ا١تنكر ٭تتمل ما ىو أوسع من ذلك ،وىذا سبق بيانو ،ال ٭تتاج أف نعيده ابلتفصيل لكن ٭تتمل
ا١تنكر أوسع من ذلك ،فا١تنكر ٭تتمل أف يكوف ما خالف فيو الضعيف الثقة ،و٭تتمل أف يكوف ما
خالف فيو الثقةُ الثقةَ ،و٭تتمل أف يكوف ما تفرد بو الضعيف ،و٭تتمل أف يكوف ما تفرد بو الصدوؽ
أحياًن بعض تفردات الثقات قد تسمى مناكَت ْتسب القرائن ا﵀ت ّفة بذلك التفرد.
أحياًن ،و ً
ً
قاؿ" :فمن فحش غلطو ،أو كثرت غفلتو ،أو ظهر فسقو؛ فحديثو منكر" ،ال ٭تتاج أف ّ
أفصل ىنا
ألف ىذا الكبلـ سبق التفصيل فيو.
إذف :يقوؿ لك أف الوىم قد يقع من بعض الرواة ويكوف سببًا ُب الطعن ُب اٟتديث من جهة الراوي
إذ َوِى َم ،وصورة ىذا الوىم الذي يقع فيو الرواة قد تكوف ِ
بوصل منقط ٍع ،ما معٌت وصل منقطع؟
فكتش ُ
كبلـ من ٚتيل الكبلـ ومن عيونو ،ومن أ٫تو ،ومن أفضلو .يقوؿ لك :ىذا النوع الذي يُ َ ىذا ٌ
فيو الوىم الذي ٭تصل من الثقات ،ىذا النوع غامض ويتطلب شروطًا حىت تستطيع أف تكتشف ىذا
فهما،
النوع من الوىم؛ ألف ىذا النوع من الوىم ال يُنظَر إليو من ظاىر اإلسناد فيُكتَ َشف وإ٪تا ٭تتاج ً
اسعا ،ال يكفي اٟتفظ وحده ،البد من حفظ مع فهم ،ومعرفة اتمة فهما اثقبًا وحفظًا و ً
فتحتاج ً
ٔتراتب الرواة.
قاؿ" :وإما ُب الوصل واإلرساؿ ،وإما ُب الوقف والرفع ،و٨تو ذلك" .وقاؿ" :وىذا ىو الذي ٭تصل
-من ًنحية الثمرة -من معرفتو وإتقانو وكثرة ٦تارستو؛ الوقوؼ على دقائق علل اٟتديث".
ٍب قاؿ" :والبد ُب ىذا العلم من طوؿ ا١تمارسة وكثرة ا١تذاكرة -ىذاف األمراف دل ينص على ذكر٫تا ابن
حجر ،أضيفوىا على األربعة -فإذا عُ ِد َـ الػ ُم َذا َكُر بو -أي دل ٕتد من تذاكر معو ىذه ا١تعاين -فليُكثر
طالبو ا١تطالعةَ ُب كبلـ األئمة العارفُت بو ،كيحِت القطاف ومن تلقى عنو ،كأٛتد ،وابن ا١تديٍت،
صلَ َح لو
وملَ َكة؛ َ
وفهمو وف ُق َهت نفسو فيو ،وصارت لو فيو قوة نفس َ ِ
وغَت٫تا ،فمن ُرز َؽ مطالعة ذلك َ
أف يتكلم فيو .قاؿ اٟتاكم أبو عبد هللا :اٟتُ ّجة ُب ىذا العلم عندًن اٟتفظ ،والفهم ،وا١تعرفة ،وال غَت.
إ٢تاـ ،فلو قلت للعادل بعلل اٟتديث من أين قلت ىذا ،دل يكن لو وذكر ابن مهدي :معرفة اٟتديث ٌ
حجة".
ٍب قاؿ ابن رجب" :وقد قسمتو قسمُت ،القسم األوؿُ :ب معرفة مراتب كثَت من أعياف الثقات
رجح منهم عند االختبلؼ .والقسم الثاين :معرفة قوـ من وتفاوهتم ،وحكم اختبلفهم ،وقوؿ من يَ ُ
ف حديثهم إما ُب بعض األماكن، ض ّع َ
الثقات ال يوجد ذكر كثَت منهم أو أكثرىم ُب كتب اٞترح ،قد ُ
أو ُب بعض األزماف ،أو عن بعض الشيوخ دوف بعض".
فشكرا لو ،ومن دل ٬تد قيمة ىذا الكبلـ فليأخذ شيئًا يصقل بو ذىنو
ً فمن أدرؾ قيمة ىذا الكبلـ
ويراجع مر ًارا.
ٖٛٙ
يف يف نقد الدينار
َت ّ تقصر عبارة ا١تُعلِّل عن إقامة اٟتجة على دعواهَّ ،
كالص َ يقوؿ لك" :وقد ُ
والدرىم" .ىذه كعبارة عبد الرٛتن بن مهدي" :فلو قلت للعادل بعلل اٟتديث من أين قلت ىذا ،دل
يكن لو حجة" .يقوؿ لك أف الذي يشتغل ابلدينار والدرىم ُب الذىب والفضة ،ويكوف عنده خربة
وملَ َكة طويلة وٕتربة ،ينظر فيو فيقوؿ لك مزيف ،فإذا أتيت فقلت لو :قل رل كيف أعرؼ ا١تزيّف؟
َ
على أساس أنو اآلف بعد أف تقوؿ رل لفظًا أًن سأكتشف ا١تزيف ،فهو يقوؿ لك أف الصَتُب ستقف
عبارتو عن أف يشرح لك كيف عرؼ أف ىذا مزيّف ،ىذا ٭تتاج ٦تارسة وطوؿ عمل مع الذىب
سحرا ولكن َملَ َكة ،فهو يقوؿ لك كذلك ًنقد اٟتديث الذي
والفضة حىت تصبح عنده َملَ َكة ،ليس ً
ينقد ابلعلل ا٠تفية.
السؤاؿ اآلف :ىل صاحب الذىب يستطيع أف ينقل خربتو ألحد أو ال يستطيع؟ يستطيع ،ىل
يستطيع أف ينقلها ٍ
بلفظ واحد؟ ال ،إذف ىل ىي خاصة بو أو ٯتكن نقلها؟ ٯتكن نقلها ،وىكذا ُب
ضعف حديثًا وقاؿ وهللا أًن ال
اٟتديث ،حىت ال أيٌب قائل يقوؿ :إذف ىذه عبثية كل ما جاء أحد ّ
ضعفتُو! ال! نقوؿ ىذه ٯتكن نقلها ،وٯتكن تقييمها ،وٯتكن فهمها ،وٯتكن
أين ّ
أعرؼ كيف أقوؿ لكم ّ
إسنادا فيقوؿ لك ىذا فيو إشكاؿ ،عندهإدراكها ،ولكنها ال تقاؿ ىكذا ،فالناقد البصَت يسمع ً
جدا فيها
خلطة معينة يعرؼ منها أنو ىذا فيو إشكاؿ ،ىذه ا٠تلطة عبارة عن قاعدة معلوماتية كبَتة ً
قدر من اإلشكاؿ.
شبكات متداخلة ،ىذا اإلسناد هبذا الًتكيب يكوف فيو ٌ
ٖٛٚ
احملاضرة ا٠تامسة والعشروف:
ا١تقدمة:
كثَتا طيبًا مبارًكا فيو كما ٭تب ربنا تبارؾ وتعاذل ويرضى ،اللهم لك اٟتمد
ٛتدا ً
اٟتمدهللا رب العا١تُت ً
ال ٨تصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك ،اللهم صل وسلم وابرؾ على عبدؾ ورسولك دمحم،
جديدا من ٣تالس الشرح ا١تطوؿ على نزىة النظر. ٣تلسا ًنستعُت اب﵁ ونستفتح ً
وىذا ىو اجمللس ا٠تامس والعشروف نسأؿ هللا عز وجل التوفيق والتسديد والقبوؿ والربكة والعوف ،اليوـ
متصبل ُب الطعن -عن أسباب رد اٟتديث بسبب الطعن ُب الراوي. اٟتديث -وال يزاؿ اٟتديث ً
مدرج ا١تنت:
ابن حجر -رٛتو هللاٍ" :-ب ا١تخالفة ،وىو القسم السابع ،إف كانت واقعة بسبب تغيَت قاؿ ُ
أقساـ؛
ٌ السياؽ ،أي :سياؽ اإلسناد ،فالواقع فيو ذلك التغيَت ىو مدرج اإلسناد .وىو
ٔ) األوؿ :أف يروي ٚتاعة اٟتديث أبسانيد ٥تتلفة فَتويها عنهم را ٍو فيجمع الكل على ٍ
إسناد
واحد من تلك األسانيد ،وال يُبُت االختبلؼ.
ٍ
ٕ) الثاين :أف يكوف ا١تنت عند را ٍو إال طرفًا منو ،فإنو عنده إبسناد آخر ،فَتويو را ٍو عنو ً
اتما
ابإلسناد األوؿ .ومنو أف يسمع اٟتديث من شيخو إال طرفًا منو ،فيسمعو عن شيخو بواسطة،
فَتويو را ٍو عنو ً
اتما ْتذؼ الواسطة.
درج اإلسناد :-أف يكوف عند الراوي متناف ٥تتلفاف إبسنادين ٥تتلفُت،
الثالث -من أقساـ ُم َ
ُ ٖ)
مقتصرا على أحد اإلسنادين ،أو يروي أحد اٟتديثُت إبسناده ا٠تاص بو ،لكن
ً فَتويهما راو عنو
يزي ُد فيو من ا١تنت اآلخ ِر ما ليس يف ا١تنت األوؿ.
كبلما من قِبل نفسو ،فيظن بعض
ٗ) الرابع :أف يسوؽ الراوي اإلسناد فيعرض لو عارض ،فيقوؿ ً
من ٝتعو أف ذلك كبلمو ىو منت ذلك اإلسناد فَتويو عنو كذلك ىذه أقساـ مدرج ذلك
اإلسناد".
ٖٛٛ
اآلف سينتقل ١تدرج ا١تنت ،معٌت ُمدرج :يضاؼ شيءٌ ُب اإلسناد أو ُب ا١تنت من ابب اإلضافة واإلدراج
أصل الرواية ،بغض النظر ما الذي دعى إذل ىذا اإلدراج ،ىل ىو تفسَت ،أو والزايدة وليس من ِ
توضيح ،ىل ىو خطأ ،أو عمد؟ وىذه األنواع األربعة اليت ذكرىا ُب اإلسناد ىي أنواع دقيقة ُب علم
اٟتديث وُب العلل ،ويف اٟتقيقة أغلب ما يذكر ا١تَُّدرج ويُعتٌت بو ىو ُمدرج ا١تنت ،ما يتعلق ٔتدرج
ا١تنت ،على األقل من ابب الشهرة ،بل إف بعض كتب اٟتديث دل تذكر إال مدرج ا١تنت ،فمث ًبل ُب
ظ تقع من بعض الرواة متصلة (ا١توقِظة) أظن دل يذكر إال مدرج ا١تنت ،قاؿ الذىيب" :ا١تدرج ىي ألفا ٌ
ويدؿ الدليل على أهنا من ِ
لفظ را ٍو ،أبف أيٌب نت ال يَبُت للسامع إال أهنا من صلب اٟتديثُ ، اب١ت ِ
ظٍت فإف ضعف توقفنا أو اٟتديث من بعض الطرؽ بعبارة تفصل ىذا من ىذا ،وىذا طريق ّ
مس أنثييو وذكره فليتوضأ، ِ
رجحنّا أهنا من ا١تنت ،ويبعد اإلدراج يف وسط ا١تنت ،كما لو قاؿ من ّ
وقد صنف فيو ا٠تطيب تصني ًفا وكثَت منو غَت ُمسلم لو إدراجو" .انتهى كبلـ الذىيب.
ُمدرج ا١تنت قاؿ :ألفاظ تقع من بعض الرواة متصلة اب١ت ِ
نت ال يَبُت للسامع إال أهنا من ِ
صلب اٟتديث،
ويستبُت أو يدؿ دليل على أهنا ليست من اٟتديث وإ٪تا من زايدة بعض الرواة .الحظ ىذا مدرج
ا١تنت.
إذف ُمدرج اإلسناد ..ىذه الصور األربعة الذي ذكرىا ابن حجر -رٛتو هللا -ىي صور دقيقة ويذكرىا
مثبل اإلماـ أٛتد ُسئل عن دمحم بن
بعض اٟت ّفاظ وا١تتقدموف يشَتوف ُب بعض العلل إذل ىذا ا١تعٌتً ،
ٍ
ٚتاعة ابٟتديث الواحد إسحاؽ إذا تفرد ْتديث ىل ُ٭تتج بو؟ فقاؿ" :ال وهللا إين رأيتو ُ٭ت ّدث عن
وال يَػ ْفصل كبلـ ذا من كبلـ ذا" ،ىذا داخل ُب أي نوع؟ ُب النوع األوؿ من الصور األربعة ،قاؿ:
"األوؿ أف يروي ٚتاعة اٟتديث أبسانيد ٥تتلفة فَتويو عنهم راو فيجمع الكل على ٍ
إسناد واحد
من تلك األسانيد وال يُبُت االختبلؼ".
قاؿ" :أو بدمج موقوؼ من كبلـ الصحابة أو من بعدىم ٔترفوع من كبلـ النيب ﷺ من غَت
ٍ
فصل ،فهذا مدرج ا١تنت" .ىنا اآلف َّ
وضح أين يقع ا١تدرج.
ٍب قاؿ" :ويدرؾ اإلدراج "..كيف نعرؼ اإلدراج ٔتا أنو كبلـ يضاؼ للحديث وليس منو ويتوىم أنو
منو؟ الذىيب قاؿ" :يدؿ دليل على أهنا من لفظ راو" ،وىنا قاؿ" :ويدرؾ اإلدراج" ىذا مثل :يدؿ
دليل ،ما ىو الدليل؟ قاؿ" :بورود رواية مفصلة للقدر ا١تدرج ٦تا أدرج فيو ١-تا ٕتمع الطرؽ ٕتد أف
ىناؾ رواية فصلت بُت الزايدة وبُت األصل -أو ابلتنصيص على ذلك من الراوي أو من بعض
مشهورا وىو حديث عبد هللا بن مسعود هنع هللا يضر روى عن
ً األئمة ا١تطلعُت" ،يعٍت يذكروف على ىذا ً
مثاال
وقلت أًن" :من مات النيب ﷺ قاؿ" :من مات ال يُشرؾ اب﵁ شيئًا دخل اٞتنة" بعد أف فرغ قاؿُ :
يُشرؾ اب﵁ شيئًا دخل النار" ،يعٍت اآلف روى اٟتديث عن النيب ﷺ ..حسنًا لو ما قاؿ "وقلت أًن"؟
وضح.
سيُظَن أهنا من كبلـ النيب ﷺ بينما ىي من كبلـ ابن مسعود ،لكن ىنا َّ
قاؿ" :أو ابستحالة كوف النيب ﷺ يقوؿ ذلك" مثالو حديث أيب ىريرة ُب الصحيح قاؿ" :للعبد
ا١تملوؾ الصاحل أجراف" ىكذا قاؿ" :قاؿ ﷺ :للعبد ا١تملوؾ الصاحل أجراف ،والذي نفسي بيده لوال
ٖٜٓ
اٞتهاد ُب سبيل هللا واٟتج وبر أمي ألحببت أف أموت وأًن ٦تلوؾ" ،الذي قاؿ ىذا الكبلـ أبو ىريرة،
وُب بعض الرواايت ليس فيها "قاؿ أبو ىريرة" أو توضيح" ،للعبد الصاحل ا١تملوؾ أو للعبد ا١تملوؾ
ألحببت أف
ُ الصاحل أجراف والذي نفسي بيده لوال اٟتج واٞتهاد ُب سبيل هللا وبر أمي لتمنيت أو
أموت وأًن ٦تلوؾ" ،أنت قد تظن أف ىذا الكبلـ كبلـ النيب ﷺ ،ويستحيل أف يكوف كبلـ النيب ﷺ؛
"وبر أمي" ،وبغض النظر عن ا١تعٌت لكن ىذه أوضح شيء ُب التفصيل ُب أنو ليس من ألنو قاؿ فيو ُ
كبلـ النيب ﷺ.
أيضا أنو روى عن النيب ﷺ قاؿ" :الطَتة شرؾ" مثاال على ذلك حديث ابن مسعود ً بعضهم يذكر ً
وىي التطَت ،قاؿ" :وما منّا ّإال ،ولكن هللا يُذىبو ابلتوكل" ،ىكذا اٟتديث "وما منّا ّإال" أي :وقع ُب
طبعا لػ ّما ٕتمع الطرؽ قد ٕتد ل. ك
ّابلتو يذىب نفس ال ُب الوقوع ىذا لكن و ، ِ
التشاؤـ نفسو شيء منِ
ً
فصبل أنو «قاؿ ابن مسعود» ال أتذكر طُُرؽ اٟتديث حقيق ،لكن أظن أف بعض الرواايت ُب بعضها ً
ودليبل
وجها ً أصبل من بعض اٟتفاظ أف ىذا من كبلـ ابن مسعود ،لكن بعضهم أضاؼ ً فيها بياف ً
النيب ﷺ قالوا :النيب ﷺ ال يقع ُب نفسو مثل ىذا ،وابلتارل يستحيل أف على أنو ليس من كبلـ ّ
يكوف من كبلـ النيب ﷺ.
ٖٜٔ
خاصة ُب أنواع حديثية دقيقة ،وىذا من أ٫تية ىذا العلم من جهة وامتداح
وىكذا ٕتد لو مؤلفات ّ
ا٠تطيب من جهة أخرى.
قاؿ :قد نعرفو أبف أيٌب نص على ذلك ،أو نعرفو أبف يستحيل أف يكوف من كبلـ النيب ﷺ .أىم
طريقة يف معرفة ا١تدرج ىيٚ :تع طرؽ اٟتديث والنظر يف الرواايت ،فقد يتبُت ..خاصةً إذا
دخلت إذل حديث ما وأنت تعرؼ أف فيو خبلفًا ىل ىو مدرج أو ليس مدرج.
ا١تثاؿ الذي أريد أف أقف عنده حديث" :إف ﵁ تسعة وتسعُت اٝتًا من أحصاىا دخل اٞتنة" ٍب ع ّد
األٝتاء ،واٟتديث فيو ع ّد األٝتاء التسعة والتسعُت ،وأخرجها الًتمذي رٛتو هللا تعاذل ،ع ّد األٝتاء
الطويل ىذا مدرج وليس من كبلـ النيب ﷺ ،ككيف عرفنا أنو مدرج؟ أىم طريقة نعرؼ أنو مدرج
ّتمع الطرؽ وا١تقارنة بينها ،عندما ٕتمع طرؽ اٟتديث ٕتد أف ُج ّل الرواة دل يذكروا ىذه الزايدة وإ٪تا
زادىا را ٍو واحد ،اٟتديث ىذا رواه عن النيب ﷺ أبو ىريرة ،ورواه عن أيب ىريرة :األعرج ،وأبو سلمة
و٤ت ّمد بن سَتين ،ىؤالء أربعة ،ودل ترد ىذه الزايدة ُب بن عبد الرٛتن بن عوؼ ،و٫تّاـ بن منبّوُ ،
حديث ابن سَتين ،وال ُب حديث أيب سلمة وال ُب حديث ٫تّاـ ،وإ٪تا وردت ُب حديث األعرج،
ورواىا عن األعرج :أبو الزًند ،ورواىا عن أيب الزًند :سفياف بن عيينة ،ومالك بن أنس ،ودمحم بن
إسحاؽ ،وشعيب بن أيب ٛتزةُ ،ب رواية مالك دل أتت الزايدة ،وُب رواية سفياف بن عيينة دل ِ
أتت
أوال ُب الثبلثة الرواة عن أيب ىريرة دل ِ
أتت الزايدة ،وُب رواية دمحم بن إسحاؽ دل ِ
أتت الزايدة ،إذف ً
الزايدة ،وإ٪تا أتت من حديث األعرج فقط ،وعن األعرج :أيب الزًند ،وعن أيب الزًند ىؤالء دل أتت ال
من طريق مالك وال من طريق سفياف وال من طريق دمحم بن إسحاؽ ،وإ٪تا أتت من طريق ُشعيب،
علي بن
وعلي بن عيّاش ،دل يذكرىا أبو اليماف وال ّ وروى عن ُشعيب أبو اليماف ،والوليد بن مسلمّ ،
عيّاش ،وإ٪تا ذكرىا الوليد بن مسلم ،فصارت اآلف الزايدة ..الوليد يعترب زاد على ثبلث طبقات ،زاد
أوال على أيب اليماف وعلي بن عياش الذين اشًتكوا ُب الرواية معو عن شعيبٍ ،ب زاد على الطبقة اليت ً
أعلى منها وىم الرواة عن أيب الزًند ،يعترب كأنو زاد على مالك ودمحم بن إسحاؽ وسفيافٍ ،ب زاد على
ٕٖٜ
الطبقة الثالثة وىم الرواة عن أيب ىريرة -ىو ُروي من طريق موسى بن عقبة عن األعرج ،ولكن رواية
موسى بن عقبة فيها را ٍو ضعيف -ىذا اٞتمع كلو يبُت أف اٟتديث من رواية األثبات ليس فيو الزايدة،
تبُت
وأف ىذه الزايدة ىي عبارة عن إدراج .على أف ىناؾ رواية تفصيلية عند عثماف بن سعيد الدارمي ّ
أف ىذه الزايدة مضافة من كبلـ بعض الرواة وليس من كبلـ النيب ﷺ .إذف ىذا نوع علة يف
اجا ،لكن يف األخَت عُرفت
اٟتديث ،إف أردت أف تسميها زايدة ثقة ،إف أردت أف تسميها إدر ً
ّتمع الطرؽ وا١تقارنة بينها.
ُب الدروس السابقة كنّا معتادين ُب (نزىة النظر) أف نقرأ كبلـ ابن الصبلح ُب نفس الباب ،وإف كنت
ُب الدروس األخَتة نسيت أف أفعل ىذا ،لكن أقرأ سر ًيعا بعض ما قيل؛ ألف ميزة ابن الصبلح
الًتتيب ،سبلسة العبارة ،اٞتماؿ ،الوضوح ،واألمثلة ،فيقوؿ" :النوع العشروف :معرفة ا١تدرج يف
أقساـ :منها ما أدرج يف حديث رسوؿ هللا ﷺ من كبلـ بعض رواتو ،أبف يذكر
ٌ اٟتديث .وىو
كبلما من عند نفسو ،فَتويهم من بعده
الصحايب أو من بعده عقيب ما يرويو من اٟتديث ً
موصوال ابٟتديث من غَت فاصل بينهما بذكر قائلو ،فيلتبس األمر فيو على من ال يعلم حقيقة
ً
اٟتاؿ ويتوىم أف اٞتميع عن رسوؿ هللا ﷺ .ومن أمثلتو ا١تشهورة ما رويناه يف التشهد عن أيب
خيثمة زىَت بن معاوية ،عن اٟتسن بن اٟتر ،عن القاسم بن ا١تخيمر ،عن علقة بن عبدهللا بن
مسعود ،أف رسوؿ هللا ﷺ علمو التشهد يف الصبلة ،فقاؿ :قل :التحيات هلل ،فذكر التشهد ويف
آخره أشهد أف ال إلو إال هللا وأشهد أف ٤تم ًدا رسوؿ هللا ،فإف قلت ىذا فقد قةضيت صبلتك إف
شئت أف تقوـ فقم وإف شئت أف تقعد فاقعد .ىكذا رواه أبو خيثمة عن اٟتسن بن اٟتر ،فأدرج
يف اٟتديث قولو :فإذا قلت ىذا ..إذل آخره ،وإ ّ٪تا ىو من كبلـ مسعود ال من كبلـ رسوؿ هللا
ﷺ" .وذكر الدليل على ذلك.
ٍب ذكر اإلدراج ُب اإلسناد قاؿ" :ومن أقساـ ا١تدرج :أف يكوف منت اٟتديث عند الراوي لو إبسناد
إال طرفًا منو فإنو عنده إبسناد ٍ
اثف ،فيدرجو من رواه عنو اإلسناد األوؿ و٭تذؼ اإلسناد الثاين،
ٖٖٜ
ويروي ٚتيعو ابإلسناد األوؿ" ،وىذه الصورة الثانية ،وذكر ا١تثاؿ على ذلكٍ ،ب ذكر الصورة األوذل
ُب اإلسناد ..إذف ىذا كبلـ ابن الصبلح رٛتو هللا تعاذل ،انتهينا من ىذا.
ا١تقلوب من األٝتاء:
ٍب قاؿ ابن حجر -رٛتو هللا" :-أو إف كانت ا١تخالفة بتقد ًٍن أو أتخ ٍَت -ىذا نوع ٍ
اثف من ا١تخالفة-
كم َّرة بن كعب وكعب بن ُم َّرة؛ ألف اسم أحد٫تا اسم أيب اآلخر فهذا ىو أي يف األٝتاءُ ،
ا١تقلوب .وللخطيب فيو كتاب (رافع االرتياب)" ،ذكر ُب اٟتاشية قاؿٝ :تّاه (رافع االرتياب ُب
ا١تقلوب من األٝتاء واألنساب).
ةضا ،حديث أيب ىريرة عند مسلم يف السبعة الذين يظلهم هللا
ٍب قاؿ" :وقد يقع القلب يف ا١تنت أي ً
يف ظلو أو ٖتت ظل عرشو ،ففيو" :ورجل تصدؽ بصدقة فأخفاىا أو أخفاىا حىت ال تعلم ٯتينو ما
تنفق مشالو" ،فهذا ٦تا انقلب على أحد الرواة" ،ىو ذكر ىنا حىت ال تعلم ٯتينو ما تنفق مشالو ،ىذا
مقلوب ،قاؿ" :فهذا ٦تن قلب على أحد الرواة ،وإ٪تا ىو :حىت ال تعلم مشالو ما تنفق ٯتينو ،كما
يف الصحيحُت".
آخرا من أنواع ا٠تطأ وىو ا١تقلوب «القلب» الحظ اآلف تعداد أنواع ا٠تطأ ابلتفصيل نوعا ً
اآلف ذكر ً
يدلك على دقة ا﵀دثُت ُب عزؿ صورة من صور ا٠تطأ عن األخرى ،يقوؿ لك قد ٮتطئ الراوي
فيقلب ُب األٝتاء؛ ُمَّرة بن كعب وكعب بن ُمَّرة ،أو قد يقلب ُب األلفاظ.
ا١تقلوب من اإلسناد:
وقوعا من ىاتُت
وىناؾ صورة أخرى دل يذكرىا ابن حجر وىي رٔتا تكوف أىم صورة وأكثر صورة ً
مثبل أًن أٝتع منك عن إبراىيم،
الصورتُت وىو القلب ُب األسانيد ،والقلب ُب األسانيد أكثر ما يقعً ،
وأٝتع من دمحم عن إبراىيمٍ ،ب أروي األحاديث اليت ٝتعتها منك عن إبراىيم أرويها أًن عن دمحم عن
مثبل إسناد معُت روى فيو ٜتسة عشر حديثًا ،وعنده إسناد علي ،ىذا عنده ً
إبراىيم ،أقلب ،تنقلب َّ
ٖٜٗ
آخر روى فيو سبعُت حديثًا ،أيٌب ابلسبعُت حديث اليت رواىا ابإلسناد الثاين فَتوىا ابإلسناد األوؿ،
ىذا قلب ُب األسانيد.
التعمد ُب فعل ىذا على قسمُت :تعمد مقبوؿ وتعمد عمدا ،و ّ قطعا خطأً و٭تصل ً
أحياًن ً وىو ٭تصل ً
التعمد ا١تقبوؿ فهو الذي يكوف على سبيل االختبار ،مثل ما فعلوه للبخاري ،أيتوف
غَت مقبوؿ ،فأما ّ
لو ٔتتوف ويقلبوف أسانيدىا ٔتتوف أخرى -قصة مشهورة عن البخاري ،البعض يقوؿ إسنادىا كذا
دائما -فيأتوف ١تتوف كثَتة فَتكبوف ٢تا
جدا عن البخاري ينقلها العلماء ا١تتقدموف ً لكنها مشهورة ً
أسانيد غَت أسانيدىا ،يقلبوف ،فيأٌب البخاري ويَفصل كل صور ا٠تطأ ويُبُت الصواب ويعيد ترتيب
أيضا ُحكي أنو عُمل للعقيلي رٛتو هللا.
األسانيد ،وىذا ً
وضاع -فَتّكب
الصورة األخرى من العمد ىي« :العمد الكذب» ،واحد يريد االستكثار -كذاب َّ
أسانيد أو يقلب أسانيد ١تتوف معينة ،واحد اٝتو صاحل بن أٛتد القَتاطي ،ابن حباف يقوؿ عنو :يسرؽ
أصبل تسمى سرقة -ولعلو قد قلب أكثر من عشرة آالؼ حديث .وىذا متعب اٟتديث -ىذه صورة ً
دائما أقوؿ إف ِ
٣ترد وجوده ُب رواية يُلغها ،فهو وعشرة آالفو غَت مقبولُت ،وأًن ً نفسو ،بينما ىو ّ
جدا ،وإ٪تا ا١تشكلة اليت
الوضاعُت؛ ألف الوضاعُت أمرىم سهل ً
دائما ليست مع ّ إشكالية ا﵀دثُت ً
دائما وبقوة ىي ُب أخطاء الثقات.
يعملوف فيها ً
اًن ٭تصل من أيضا على قسمُت :أحي ًعمدا ،ىذا ًنرجع للصورة األوذل وىي :أف يقع القلب خطأ ال ً
الراوي على سبيل الوىم االستثنائي ،يعٍت را ٍو من الرواة اٞتيدين الثقات ،كثَت الرواية ،متقن الرواية،
صحيح الرواية ،أيٌب ُب أسانيد بعينها فيخطأ فيها ويقلب ،فهذا خطأ ٤تتمل ،الرواية خطأ :تُرد ،لكن
كثَتا فهذا يؤثّر ُب
ال تؤثّر على الراوي ،فبل يُقاؿ عنو ضعيف ،بينما لو كاف الراوي يقع منو ىذا ا٠تطأ ً
أحياًن تشًتؾ مع االضطراب ُب صورة أو ُب بعض الصور. اٟتكم عليو ،ىذا حىت أقرب لبلضطراب و ً
من األمثلة :عبد العزيز بن دمحم الدراوردي وىو مشهور وىو ثقة ُب اٞتملة ،قاؿ عنو اإلماـ أٛتد" :رٔتا
قلب حديث عبد هللا العمري يرويو عن عبيد هللا بن عمر" ،عندًن اثناف إخواف :عبد هللا بن عمر
ا١تكرب ضعيف ،عبد هللا ضعيف ،وعبيد هللا ثقة منالعمري ،وعبيد هللا بن عمر العمري ،ا١تصغّر ثقة و ّ
ٖٜ٘
الثقات الكبار ،وىو تلميذ ًنفع ،ومن أثبت الناس ُب ًنفع ،حىت أنو قد ُروى عن بعض اٟتفاظ
تقدٯتو على مالك ُب ًنفع -تعرؼ مالك عن ًنفع عن بن عمر؟ بعضهم يق ّدـ عبيد هللا -فهو ثقة
ثبت ،عبد هللا بن عمر ،أخوه ،من الصاٟتُت العباد من ذوي الصبلح والتقوى رٛتو هللا تعاذل ،ولكن
حفظو ليس بذاؾ ،فيو إشكاؿ ،ولذلك دل ٭تتج بو ال البخاري وال مسلم ،ويروي عنو أصحاب
السنن ،وُب حفظو ما فيو ،وُب روايتو ما فيو ،ضعيف ،بشكل عاـ ضعيف ،قد تقبل بعض رواايتو
أحياًن ما ٝتعو من عبيد هللا بن عمر أو ما ٝتعو من عبد هللا
ابستثناءات .ىذا عبد العزيز الدراوردي ً
بن عمر الضعيف يقوؿ فيو :حدثنا أو قاؿ عبيد هللا بن عمر ،ينقلب عليو اٟتديث ،ىذا نوع من
أنواع ا٠تطأ ،والشأف ُب دقة ا﵀دثُت ُب استخراجهم ٢تذه األنواع من ا٠تطأ.
وىناؾ اقتناصة رىيبة و٩تتم هباُ ..ب ىذا الكتاب اٞتليل (العلل) البن أيب حاًب ،ا١تسألة ألف وثبلٙتئة
"سئل أبو ُزرعة عن حديث رواه ابن ا١تبارؾ ،عن عنبسة بن سعيد ،عن الشعيب ،عن وواحد وسبعُتُ :
جابر ،عن النيب ﷺ قاؿ " :ال يُستقاد من اٞترح حىت يربأ" ،ىذا ُب أبواب اٟتدود واٞتناايت إذا
َجرح إنساف آخر فبل يُستقاد من ىذا اٞترح ،ال يُقتص منو حىت يربأ اٞترح ،واإلسناد مرة أخرى :عبد
هللا بن ا١تبارؾ عن عنبسة عن الشعيب عن جابر عن النيب ﷺ "قاؿ أبو زرعة :ىو مرسلٌ مقلوب"،
وضح فكرة ا١ترسل
قاؿ ٚتلتُت! ما وضح كيف مرسل مقلوب ،لكن وجدت ُب (ٖترير علوـ اٟتديث) ّ
دائما نتكلم عن دقة ا﵀دثُت ،ولكن تعرؼ كيف ا١تقلوب ،و١تا قرأت ىذا التوضيح -يعٍت اٟتمد﵁ ً
االلتقاطات الرىيبة ٢تم -اتضح أف اإلسناد ليس ىكذا ،صواب اإلسناد أنو من طريق ابن ا١تبارؾ ،عن
مرسبل ،وجابر ىذا ىو جابر اٞتُعفي وىو ضعيف ،أيعنبسة ،عن جابر ،عن الشعيب ،عن النيب ﷺ ً
أهنا كانت :ابن ا١تبارؾ عن عنبسة عن الشعيب عن جابر بن عبد هللا عن النيب ﷺ! يقوؿ لك :ىو
مرسل مقلوب ،وإذا بو عن ابن ا١تبارؾ عن عنبسة عن جابر عن الشعيب.
والصورة الرابعة من مدرج اإلسناد ..ولكن قبل ذلك يوجد مثاؿ ٯتكن ذكرتو لكم ساب ًقا ،ابن حجر
قاؿ فيو" :أف يسوؽ الراوي اإلسناد فيعرض لو عارض ،فيقوؿ كبلـ من قِبل نفسو فيظن بعض
من ٝتعو أف ذلك الكبلـ ىو منت ذلك اإلسناد" ،وتعرفوا ا١تثاؿ ىو من طريق َشريك عن األعمش
عن أيب سفياف عن جابر ،األعمش عن أيب سفياف عن جابر ىذا اإلسناد ُب صحيح مسلم ،شريك
ٖٜٙ
روى ىذا اٟتديث والذي ىو" :يعقد الشيطاف على قافية أحدكم إذا ىو ًنـ" ،فشريك جالس ُب
اجمللس ٭ت ّدث هبذا اٟتديث عن األعمش عن سفياف عن جابر رضي هللا تعاذل عنو ،فحدَّث بو ودخل
عابدا وكاف عليو سيما العبادة ونور الصبلح- رجبل صاٟتًا ً اثبت بن موسى الزاىد أو رأوه -وكاف ً
فظن أف ىذا من فقاؿ شريك من عند نفسو" :من حسنت صبلتو ابليل َح ُس َن وجهو ابلنهار"ّ ،
اٟتديث؛ فرواه وحده ،فقاؿ :حدثنا شريك ،عن األعمش ،عن أيب سفياف ،عن جابر رضي هللا تعاذل
عنو ،أف النيب ﷺ قاؿ :من حسنت صبلتو ابليل َح ُس َن وجهو ابلنهار! وىذا إّ٪تا قالو شريك تعلي ًقا ١تا
ّ
رأى وجهو ،فهذا من ا١تدرج ،والشأف النتباه ا﵀دثُت ١تثل ىذا النوع ،واكتشاؼ ىذا ا٠تطأ.
ِّ
وصل اللهم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت.
ٖٜٚ
احملاضرة السادسة والعشروف:
ا١تقدمة:
على أية حاؿ نستعُت اب﵁ ونكمل من حيث انتهينا .انتهينا ُب ا١ترة ا١تاضية من ا١تدرج وا١تقلوب،
واليوـ نوع جديد من أنواع ا١تخالفة.
ابن حجر -رٛتو هللا" :-أو إف كانت ا١تخالفة بزايدة را ٍو يف أثناء اإلسناد ،ومن دل يزدىا أتقن
قاؿ ُ
متصل األسانيد .وشرطو أف يقع التصريح ابلسماع يف موضع ٦تن زادىا ،فهذا ىو ا١تزيد يف ِ
مثبل ،ترجحت الزايدة".
الزايدة وإال فمىت كاف معنعنًاً ،
أنت تعرؼ أف الطريقة ُب الشرح ىذا ليس ا١ترور التفصيلي على الكلمات واٞتمل وإ٪تا اٟتديث عن
الباب وا١تعٌتٍ ،ب قد تكوف ىناؾ بعض اٞتمل اليت ٖتتاج إذل تعليق.
ٖٜٛ
كثَتا،
قليبل عن قضية زايدة الثقات ،فزايدة الثقات ًب اٟتديث عنها ً ا١تزيد ُب متصل األسانيد ٮتتلف ً
ىي نوعاف :زايدة الثقات يف األسانيد ،وزايدة الثقات يف ا١تتوفُ ،ب األسانيد مثل :أف ٮتتلف الرواة
ُب الوصل واإلرساؿ ،فيزيد را ٍو صحابيًا ً
مثبل ،والزايدة ُب ا١تتوف :زايدة ألفاظ معينة ُب ا١تنت ،مثل زايدة
بعض الرواة "إ٪تا جعل اإلماـ ليؤًب بو فإذا كرب فكربوا وإذا قرأ فأنصتوا" ،بينما أكثر الرواة قالوا "فإذا
كرب فكربوا وإذا ركع فاركعوا ،وإذا قاؿ غَت ا١تغضوب عليهم وال الضالُت فقولوا آمُت ،وإذا قاؿ
ٝتع هللا ١تن ٛتده فقولوا ربنا ولك اٟتمد" ،ودل يقل ىنا ُب حديث أيب موسى :وإذا قرأ فأنصتوا
الكثَت.
مثبل روى عن قتادة ىذا اٟتديث فزاد "وإذا قرأ فأنصتوا" ،واُستدؿ هبذا على لكن سليماف التيمي ً
عدـ القراءة خلف اإلماـ ُب اٞتهرية ،فكثَت من النقاد الكبار أعلُّوا ىذه الزايدة -وإف كانت زايدة
ثقةُ -ب ىذه الرواية ،واإلماـ مسلم رٛتو هللا رأى صحة ىذه الزايدة وأثبتها ُب صحيحو ،وإف كاف
كتااب فيو تعليقات نظرية من اإلماـ مسلم إال أف ىذا اٟتديث فيو تعليق ًنقشو كتاب مسلم ليس ً
تلميذه ُب صحيح مسلم نفسو ،فقاؿ لو ىذه الزايدة كذا ،فرد عليو اإلماـ مسلم ،وإف كاف ُروي عن
اإلماـ أٛتد تصحيح ىذا اللفظ "وإذا قرأ فأنصتوا" من حديث أيب ىريرة ،حديث ُب السنن ..ليس
ىذا ٤تور اٟتديث لكن القصد ىذا مثاؿ على زايدة الثقات.
جيدا -ىو ابب ٥تتلف شرحا ً -لكن ا١تزيد ُب متصل األسانيد -ىنا ُب (ٖترير علوـ اٟتديث) شرحو ً
قليبل وإف كاف فيو معٌت الزايدة .انظر ماذا يقوؿ ُب (ٖترير علوـ اٟتديث) ،يقوؿ" :ا١تزيد ُب متصل
ً
األسانيد ،ىذا مبحث يراد بو اإلسناد الذي أيٌب صر٭تًا بذكر السماع بُت ثقتُت ،فيقوؿ الراوي الثقة
بكر عن زيد". ٍ
مثبل حدثٍت زيدٍ ،ب يوجد عن خالد ىذا قولو :حدثٍت ٌ خالدا ً
ا١تسمى ً
يعٍت أًن أكوف اترًة رويت عن أنس مباشرة فأقوؿ حدثٍت أنسٍ ،ب يوجد ىذا ا١تنت بعينو من طريقي أًن
وبدؿ أف أقوؿ حدثٍت أنس أقوؿ :حدثٍت معاذ عن أنس ،ىذا اإلدخاؿ الواسطة عادة يدؿ على عدـ
صرح ابلسماع ُب االثنُت،ودائما الواحد يذكر ىذه القضية ،لكن ىنا ّ
السماع ُب الرواية األخرىً ،
ٖٜٜ
فهذا ٭تتمل أف يكوف قد ٝتع اٟتديث من معاذ عن أنسٍ ،ب التقى ابلشيخ نفسو فسمع منو فحدث
بو على الوجهُت.
يقوؿ لك" :ويبحث ُب كل من اإلسنادين إذل خالد فبل يوجد فيهما علة تدؿ على وىم أو خطأ،
ٛتبل
وخالد نفسو ال يُعاب ُب حفظو وصدقو بل ىو ثقة؛ فيُقاؿ :ىذا من ا١تزيد ُب متصل األسانيد ً
يدا فحدثو بو ،وىذا واقع ُب األسانيد غَتأوال بواسطة ٍب لقي ز ً
على كوف خالد ٝتع اٟتديث ً
ُمستنكر .فالقوؿ ىو من ا١تزيد ُب متصل األسانيد أوذل من ٗتطئة الثقة بغَت حجة بينة إال أف يوجد
يدا" .يعٍت يقوؿ لك لو وجدت قرينة تدؿ على أف ٝتاعي األوؿ الذي ذكرتو بيٍت خالدا دل يدرؾ ز ً
أف ً
أيضا عند ا﵀دثُت
وبُت الشيخ مباشرة فيو علة ،ىذا اللفظ؛ فبل يعترب ىذا السماع ،وىذا موجود ً
كثَتا.
ً
قاؿ" :مثالو- :وىذه ميزة األمثلة ،ومن ميزات حقيقةً (ٖترير علوـ اٟتديث) أنو ٚتيل ابألمثلة -ما
حجاج بن أيب عثماف الصواؼ ،عن ٭تِت بن أيب كثَت ،عن عكرمة موذل ابن عباس ،عن اٟتجاج رواه َّ
بن عمرو األنصاري "..األوؿ :حجاج الصواؼ وىو من تبلميذ ٭تِت بن أيب كثَت ا١تشهورين،
حجاج الصواؼ عن ٭تِت ،عن عكرمة موذل ابن عباس ،عن ا١تكثرين ،وىو من األثبات ُب ٭تِتَّ ،
حل ُ-ب
اٟتجاج بن عمرو األنصاري" .قاؿٝ :تعت رسوؿ هللا ﷺ يقوؿ" :من ُكسر أو عَرِج فقد َّ
ص َد َؽ .قاؿ
اٟتج -وعليو حجة أخرى" ،قاؿ عكرمة :فذكرت ذلك البن عباس وأيب ىريرة فقاالَ :
صحيح متصل ،جاء بياف ٝتاع رواتو بعضهم من بعض بوجوه عن حجاج ٌ إسناد
اٞتديع" :فهذا ٌ
الصواؼ ،وىو ثقة.
سبلـ و٫تا ثقتاف ،وسعيد بن يوسف وىو ضعيف ،عن وروى اٟتديث معمر بن راشد ومعاوية بن ّ
حجاج ،فزادوا عن ابن أيب
٭تِت بن أيب كثَت ،عن عكرمة ،عن عبد هللا بن رافع موذل أـ سلمة ،عن َّ
كثَت :عبد هللا بن رافع .قاؿ :وىذه رواية صحيحة كذلك لكنها ال تقدح ُب اتصاؿ األوذل" .األصل
صرح
أف إدخاؿ واسطة أف ىنا يُنظر لو بعُت اإلشكاؿ على الرواية األخرى ،لكن يقوؿ لك إذا ّ
ٓٓٗ
ابلسماع ىنا وصرح ابلسماع مرة أخرى ىنا ،وما كاف ُب علة ُب الطريق تدؿ على أف التصريح
ابلسماع خطأ فتُقبل.
حجاج الصواؼ وإتقانو ٭تِت بن أيب كثَت .ىذه صورة للمزيد ُب متصل األسانيد بنيت على "لثقة َّ
اعتبار انتفاء ا١تصور ٠تطأ الثقة ،فيكوف اٞتمع أف عكرمة ٝتعو بواسطة عن اٟتجاج ٍب لقي اٟتجاج
فسمعو منو دوف واسطة .أما إف جاء اإلسناد معنعنًا ُب موضع وجاء من جهة أخرى صحيحة بزايدة
را ٍو ما ُب حاؿ العنعنة ،فليس من ا١تزيد ُب متصل األسانيد ،بل الرواية الناقصة -الناقصة ىي ا١تباشرة
واليت بدوف زايدة -ضعيفة لبلنقطاع ال للشذوذ ،وا١تزيدة ىي ا﵀فوظة .وذلك مثل ما رواه أابف بن
َ
يزيد العطار ،"..ىو وشعبة ،وسعيد بن أيب عروبة ،و٫تاـ بن ٭تِت ،وىشاـ الدستوائي ،وأبو عوانة،
أيضا ،ومن التبلميذ ا١تشهورين عن
الستة ىؤالء أصحاب قتادة ،وأابف بن يزيد العطار ىو تلميذ ٭تِت ً
٭تِت.
"ما رواه أابف بن يزيد العطَّار وحرب بن شداد ودمحم ا١تثٌت عن ٭تِت بن أيب كثَت ،عن أيب سلمة بن
عبد الرٛتن ،أنو دخل على عائشة وىو ٮتاصم ُب أرض ،فقالت عائشة :اي أاب سلمة اجتنب األرض
فإف رسوؿ هللا ﷺ قاؿ" :من ظلم قيد شرب من األرض ِّ
طوقو يوـ القيامة من سبع أراضُت" .قاؿ:
وال إشكاؿ ُب صحتها على ىذا الظاىر لكن رواه أصحاب ابن أيب كثَت مرة أخرى .علي بن ا١تبارؾ،
وحسُت ا١تعلِّم ،وأابف العطار ،وحرب بن شداد ،عن ٭تِت بن كثَت عن دمحم بن إبراىيم التيمي عن أيب
سلمة ،فزاد واسطة بُت ٭تِت وأيب سلمة ودل ٧تد ُب شيء من الطرؽ أف ٭تِت ٝتع من أيب سلمة؛ فدؿ
على أنو تلقاه بواسطة وروايتو بدوهنا منقطعة".
روي عن ٭تِت بن
روي عن ٭تِت بن أيب كثَت عن أيب سلمة بن عبد الرٛتن بن عوؼ ،واترة َ يعٍت اترة َ
كثَت عن دمحم بن إبراىيم التيمي عن أيب سلمةَّ ،
فدؿ ذلك على انقطاع الرواية األوذل ،وعلى أف ىذا
مصرحا ابلسماع ودل يكن ىناؾ علة تدؿ على أفً اٟتديث إ٪تا فيو واسطة بُت االثنُت ،لكن إذا كاف
رجل ضعيف، َّ
التصريح ابلسماع ىنا خطأ ..الحظ «علة» ىذه العلة ليس ابلةضرورة أف يوجد ٌ
فيكوف من ا١تزيد يف متصل األسانيد ،وىذه ا٠تبلصة اليت هتمنا.
ٔٓٗ
اٟتديث ا١تةضطرب:
ابن حجر -رٛتو هللا" :-أو إف كانت ا١تخالفة إببدالو -أي الراوي -وال مرجح إلحدى قاؿ ُ
الروايتُت على األخرى؛ فهذا ىو ا١تةضطرب ،وىو يقع يف اإلسناد غالبًا وقد يقع يف ا١تنت ،لكن
قَّل أف ٭تكم احملدث على اٟتديث ابضطر ٍ
اب ابلنسبة لبلختبلؼ يف ا١تنت دوف اإلسناد".
جديدا من أنواع اٟتديث الذي فيو إشكاؿ وىو :ا١تضطرب ،وىو ما يقع فيو نوعا ً يقوؿ لك إ ّف ىناؾ ً
٥تالفة إببداؿ را ٍو وال يكوف ىناؾ ترجيح ،أي أف الطرفُت ا١تختلفُت ال تستطيع أف ترجح إحدا٫تا عن
األخرى فتقوؿ ىذا مضطربٖ ،تكم على اثنُت أهنا مضطربة ،وليس على الواحد ،تقوؿ ىذا حديث
مضطرب اإلسناد ،ىذا اآلف قد يكوف فيو شيء من الغموض ألنو قيد نفسو اب١تخالفة ،ابن حجر
رٛتو هللا أتى على موضوع ا١تخالفة أليس كذلك؟ قاؿٍ :ب ا١تخالفة إف كانت كذا فهو كذا ،وإف كانت
بكذا فهو ا١تقلوب ،وإف كانت بكذا فهو ا١تزيد ُب متصل األسانيد ،وإف كانت كذا فهو ،..فهنا قد
كثَتا؛ ألنو يعرفها وعينو على قضية ا١تخالفة وليس عينو على التعريف ا١تطلق.
ال تتضح التعريفات ً
-الذىيب اختصر لك ا١توضوع قاؿ لك" :ا١تضطرب ما روي على أوجو ٥تتلفة؛ ُّ
فيعتل اٟتديث".
ٕٓٗ
موجب ضعف اٟتديث إلشعاره أبنو دل يَضبط وهللا
ٌ ا١تضطرب وال لو حكموٍ .ب قالوا االضطراب
مثاال.
أعلم"ٍ .ب ذكر ً
ابن الصبلح يقوؿ لك قد يقع خبلؼ ُب أوجو اٟتديث ،ىؤالء رووه متصل وىؤالء رووه موصوؿ،
ىؤالء رووه عن فبلف عن فبلف واآلخر رواه عن فبلف عن فبلف آخر ،والصورة الثانية ىذه أكثر ُب
ا١تضطرب ،عندًن حالتاف :إما أف يًتجح أحد الوجهُت على اآلخر؛ فهذا ال نسميو مةضطرب،
نرجح و٨تكم على ىذا ابلصحة واآلخر ا١ترجوح معلوؿ ،منكرً ،أاي كاف .وإما إذا كانت الرواايت
مةضطراب .ىذا الكبلـ جيد ُب اٞتملة لكنو
ً ٥تتلفة اختبلفًا يصعب معو فيها الًتجيح؛ فهذا يسمى
٭تتاج بعض التوضيح ،فليس كل اختبلؼ بُت أوجو الرواية واٟتديث اختبلفًا يصعب معو الًتجيح
يسمى اضطر ًااب ،أو لنقل ابلعكس ،ال يشًتط ُب االضطراب أنو ال ٯتكن فيو الًتجيح ،فإذا ظهرت
وجوه من ا٠تلل كثَتة ُب الرواية تدؿ على عدـ الضبط واإلتقاف فقد يسمى ىذا اٟتديث مضطرًاب ولو
استطعنا الًتجيح.
ٖٓٗ
أربع رواة عن راوي واحد ،كل واحد من األربعة يرويو على وجو غَت الثاين ،وُب نفس الوقت كلهم
ثقات ،ىذا ٦تكن يسمى مضطرًاب .أنخذ مثاؿ.
مداخلة الطبلب :
أحياًن يكوف ا١تعٌت
أحياًن ال يكوف ىو ىذا ا١تعٌت ا١تبلحظً ،
ىي ليست قضية عدـ إمكانية الًتجيحً ،
فأحياًن أنت ال تشغل نفسكً ا١تبلحظ ىو واضح أهنم غَت متقنُت ،أو واضح أنو يوجد را ٍو مضطرب،
أصبل ابلًتجيح ألنو يوجد اضطراب ،القضية مضطربة واضحة .وىذا يكوف من الرواة ..أقصد كثَتا ً
ً
أحياًن من راوي واحد وليس من اختبلؼ الرواة فيما بينهم ،يعٍت فيو رواة معروؼ عنهم أهنم يكوف ً
مثبل عن أـ سلمة ،مرة يرويو عن ابن يُوصفوف أبهنم مضطربو الرواية ،نفسو ىو مرة يروي اٟتديث ً
عباس ،مرة يرويو عن أيب ىريرة ،ىو نفسو! فا﵀دثوف لدقتهم يقولوف لك :نفرؽ بُت الذين يرووف
اٟتديث على وجوه ،فإف كانوا من َّ
اٟتفاظ ا١تتقنُت واسعي الرواية ،واسعي اللقيا ،متقٍت الرواية ،الذين
يفصلوف بُت كذا وكذا ،وثبت ٝتاعو؛ فهذا قد ٭تمل على أنو ٝتع من أكثر من واحد ،وإف كاف ِ٦تَّن
ىم دوف ذلك ُب اٟتفظ واإلتقاف وغَت ذلك ،خاصة ٦تن عرؼ منو ذلك؛ فهذا يسمى اضطر ًااب .اقرأوا
وشب ٕتدونو مضطرب اٟتديث ،اقرأوا ُب دمحم بن عبد الرٛتن بن أيب ليلى ،قاضي مثبل ُب َش ْه ِر بن َح َ
ً
ٖتديدا ،دمحم بن عبد الرٛتن بن أيب
الكوفةٕ ،تدونو مضطرب اٟتديث ،ىكذا يوصف ابالضطراب ً
ليلى ،وأما عبد الرٛتن بن أيب ليلى فهو من الثقات الكبار.
ٗٓٗ
وىكذا روى قيس بن الربيع ىذا اٟتديث عن أيب إسحاؽ عن أيب عبيدة عن عبد هللا ٨تو حديث
إسرائيل -قيس بن الربيع روى عن أيب إسحاؽ مثل حديث إسرائيل ،يعٍت يوجد اثنُت اآلف -وروى
معمر وعمار بن رزيق عن أيب إسحاؽ عن علقمة عن عبد هللا ،وروى زىَت عن أيب إسحاؽ عن عبد
الرٛتن بن أسود عن أبيو األسود عن عبد هللا ،وروى زكراي بن أيب زائدة عن أيب إسحاؽ عن عبد
الرٛتن بن يزيد عن األسود بن يزيد عن عبد هللا" .أصبحت أربعة وجوه ،كل أًنس رووا بوجو.
٘ٓٗ
أصبل ،على أف
دائما ً
أىم شيء ما ىو األصح عن أيب إسحاؽ ،ىذا ىو ا٢تدؼ ،ىذه فكرة ا﵀دثُت ً
االنقطاع بُت أيب عبيدة وعبد هللا من االنقطاع اٟتسن عند ا١تتقدمُت ،ليس كل انقطاع على درجة
واحدة ،وىذه طريقة اٟتفاظ ،ال ٭تكم ْتكم واحد على ما يوصف بشيء واحد ،فعندىم االنقطاع
درجات ،فرواية أيب عبيدة عن أبيو من االنقطاع اٟتسن ،يعقوب بن أيب شيبة ذكر ىذا ،يعٍت دل يذكر
كلمة حسن لكن ذكر معناه.
قاؿ" :وٝتعت أاب موسى -من أبو موسى؟ دمحم بن ا١تثٌت ،الذي ىو شيخ أصحاب الكتب الستة-
يقوؿٝ :تعت عبد الرٛتن بن مهدي يقوؿ :ما فاتٍت الذي فاتٍت من حديث سفياف الثوري عن أيب
إسحاؽ ّإال لِما اتكلت بو على إسرائيل ألنو كاف أيٌب بو أًب.
رجح حديث إسرائيل -وزىَت ُب أيب إسحاؽ ليس بذاؾ؛ ألف -اآلف ساؽ ىذا ا٠ترب ليخربًن ١تاذا َّ
ٝتاعو منو آبخر ،وٝتعت أٛتد بن اٟتسن يقوؿٝ :تعت أٛتد بن حنبل يقوؿ :إذا ٝتعت اٟتديث عن
زائدة وزىَت فبل تبارل ّأال تسمعو من غَت٫تا إال حديث أيب إسحاؽ -ىذا يرد على البخاري ،ألف
رجح رواية زىَت ،فهو يقوؿ لك ال -وأبو إسحاؽ اٝتو عمرو بن عبد هللا السبيعي ا٢تمداين، البخاري ّ
وأبو عبيدة بن عبدهللا بن مسعود دل يسمع من أبيو وال يُعرؼ اٝتو".
ٗٓٙ
احملاضرة السابعة والعشروف:
ا١تقدمة:
ا١تةضطرب:
اليزاؿ ابن حجر -رٛتو هللاُ -ب اٟتديث عن ا١تخالفة ،لكن بقي شيء ُب قسم ا١تضطرب دل تتم
قراءتو ُب الدرس السابق ،قاؿ -عن ا١تضطرب" :-وىو يقع يف اإلسناد غالبًا وقد يقع يف ا١تنت.
ٍ
اختبلؼ يف ا١تنت دوف اإلسناد". قل أَ ْف ٭تكم احمل ِّدث على اٟتديث ابضطر ٍ
اب ابلنسبة إذل لكن َّ
امتحاان ِمن فاعلو ،كما وقع
ً ىذا قرأًنهٍ .ب قاؿ" :وقد يقع اإلبداؿ عم ًدا ١تن يراد اختبار ِ
حفظو ُ
للبخاري والعُ َقيلي" .ىذا ًب ذكره ُب الدرس قبل السابق ُب ابب ا١تقلوب.
ّ
قاؿ" :وشرطوَّ :أال يستمر عليو ،بل ينتهي ابنتهاء اٟتاجة ،فلو وقع اإلبداؿ عم ًدا ،ال ١تصلحة،
مثبل فهو من أقساـ ا١توضوع ،ولو وقع غلطًا فهو من ا١تقلوب ،أو ا١تعلل" .حسنًا بل لئلغراب ً
تتم قراءتو ولكن سبق اإلشارة اليو ُب الدرس قبل السابق.
ىذا كلو دل َّ
ا١تصحف واحملرؼ:
ٍ
حروؼ ،مع جدا ،قاؿ" :أو إف كانت ا١تخالفة بتغيَت ٍ
حرؼ ،أو اآلف نبدأ بقسم جديد وىو مهم ً
صحف .وإف كاف ابلنسبة إذل
بقاء صورة ا٠تط يف السياؽ :فإف كاف بذلك ابلنسبة إذل النقط؛ فا١تُ ّ
حرؼ -ىذه أنواع من ا٠تطأ ُب اٟتديث الكتابية -ومعرفة ىذا النوع مهمة .وقد
الشكل؛ فا١تُ َّ
ٗٓٚ
ي ،والدارقطٍت ،وغَت٫تا .وأكثر ما يقع يف ا١تتوف ،وقد يقع يف األٝتاء اليت يف
صنَّف فيو العسكر ر
األسانيد".
"وقد صنّف فيو العسكري والدار القطٍت" ،الحظتم التصنيفات؟ كل قس ٍم من علم اٟتديث فيو
مؤلفات خاصة ولو كاف دقي ًقا ،العسكري كتابو اٝتو (تصحيفات احمل ِّدثُت).
ىذا النوع من ا٠تطأ الذي يقع يف الكتابة يدلك على أف دائرة النقد اٟتديثي لدى الن ّقاد كانت
دائرة مشولية تناولت ملفات كثَتة ج ًدا ،منها ملفات متعلقة أبخطاء الثقات ،ومنها ملفات متعلقة
أبخطاء عموـ الرواة ،ومنها ملفات متعلقة أبخطاء رواايت الضعفاء ،ومنها ملفات متعلقة
بتغَت اٟتفظ ُب السن ا١تتأخرة ،ومنها
اب١توضوعُت ،ومنها ملفات متعلقة ابٟتفظ ،ومنها ملفات متعلقة ّ
ملفات متعلقة أبخطاء الكتابة ،وىذه مرحلة دقيقة جدا ٍ
لقوـ األساس ُب روايتهم السماع ،ومع ذلك ً
أقساما للخطأ ُب الكتابة اليت ُب األساس ليست من أصوؿ روايتهم ،وإ٪تا من أصوؿ روايتهم
أفردوا ً
السماع واٟتفظ.
ولذلك كاف احملدثوف يستحسنوف أف يكوف حديث الراوي عن شيخو ابلسماع ،ويقولوف إف
الرواية من الكتاب تُوقِع الراوي يف أخطاء الكتابة ،فبعض الكلمات قد تشتبو ،عندؾ آالؼ الرواة
ُب األٝتاء ،قد ٗتتلف نقاط معينة ويتغَت اسم الراوي ،إذا تغَت اسم الراوي قد يتغَت اٟتكم عليو ،ثقة،
أحياًن الرواة يكونوف ُب نفس الطبقة ،ومع ذلك استطاع ا﵀دثوف أف يتعاملوا مع ضعيف ،و ً
اإلشكاالت ا١توجودة ُب الكتابة ،واستطاعوا أف يستخرجوا األخطاء ا١توجودة فيها ،وسأذكر لكم
جدا ُب ىذا النوع من ا٠تطأ الذي أاتًن بو ِّ
ا﵀دثوف. بعض األمثلة اٞتميلة ا١تفيدة ً
ِمن الذين ٘تيزوا يف ىذا الباب اإلماـ مسلم -رٛتو هللا -يف كتابو (التمييز) ،وىو من الكتب
جدا وا١تفيدة ،والكتاب يُعترب ُب علم العلل ،وفيو أمثلة عملية ،ومن األمثلة العملية اليت أتى
اٞتميلة ً
هبا :أمثلة ُب تصحيفات ا﵀دثُت وكيف ٯتكن أف ٖتدث من ا٠تطأٍ ،ب التنبيو على أ٫تية أف يكوف
السماع من الشيوخ ىو األساس وليس الرواية من الكتاب ،أما أف تكتب لنفسك ابلعكس ٯتتدحوف
ىذا ،ىم ٯتتدحوف أف تكتب وٯتتدحوف أف ٖت ِّدث من كتابك ألنو أضبط ،لكن ال ٯتتدحوف أف تكوف
ٗٓٛ
روايتك عن شيخك من خبلؿ كتابو وإ٪تا من خبلؿ السماع ،ولو كاف السماع مع الكتاب فهو
جيّد ،حسنًا كيف تكوف رواية الطالب عن الشيخ من كتاب؟ مثل اإلجازة بصورىا ،ومنها ا١تناولة.
ٜٗٓ
حدثنا هبز بن األسد ،قاؿ :حدثنا وىيب،انظر ماذا يقوؿ" :قاؿ :حدثٍت دمحم بن اٟتاًب ،قاؿَّ :
قاؿ :حدثٍت موسى بن عقبة ،قاؿٝ :تعت أاب النَّظر ُ٭ت ِّدث -ىناؾ قاؿ بسر بن سعيد -عن بُسر
بن سعيد ،عن زيد بن اثبت أف النيب ﷺ اٗتذ ُحجرًة يف ا١تسجد من حصَت -وىذا معٌت احتجر-
فصلى رسوؿ هللا ﷺ فيها ٍ
لياؿ حىت اجتمع إليو انسٍ ،ب فقدوا صوتو ليلة وظنوا أنو قد انـ
فجعل بعةضهم يتنحنحٍ "..ب خرج إليهم ،واٟتديث ُب الصحيح مشهور ،وساقو.
"ح ّدثنا دمحم بن ا١تثٌت ،قاؿ :حدثنا دمحم بن جعفر ،قاؿ :حدثنا عبد هللا بن سعيد ،قاؿ :حدثنا
سادل أبو النظر ،عن بسر بن سعيد ،عن زيد بن اثبت قاؿ :احتجر رسوؿ هللا ﷺ ٓتصفة أو
حصَت ،فخرج رسوؿ هللا ﷺ."...
اآلف عندما ٚتع الطرؽ أتى لك أبحاديث الثِّقات ،واضح َّ
أف ابن ٢تيعة أخطأ.
مسلما يقوؿ :الرواية الصحيحة يف ىذا اٟتديث ما ذكران عن وىيب ،وذكران عن عبد هللا
"ٝتعت ً
بن سعيد عن أيب النظر ،وابن ٢تيعة إ ّ٪تا وقع يف ا٠تطأ من ىذه الرواية أنو أخذ اٟتديث من كتاب
موسى بن عقبة ُكلِّو فيما ذكر .قاؿ- :وىنا القاعدة ا١تهمة -وىي اآلفة اليت ٩تشى على من أخذ
ٝتاع من احمل ِّدث أو ٍ
عرض عليو ،فإذا كاف أحد ىذين السماع ،أو اٟتديث من الكتب من غَت ٍ
العرض ،فخليق َّأال أيٌب صاحبَو التصحيف القبيح وما أشبو ذلك من ا٠تطأ الفاحش .وأما ا٠تطأ
إرل موسى بن عقبة يقوؿ :حدثٍت بُسر بن سعيد ،وموسى
يف إسناد رواية ابن ٢تيعة فقولو :كتب ّ
إ٪تا ٝتع ىذا اٟتديث من أيب النظر يرويو عن بسر بن سعيد" .واضح؟ خطأ ُب اإلسناد ً
أيضا ،ىو
قاؿ :عن موسى بن عقبة ،عن بسر بن سعيد ،وإ٪تا ىو عن موسى عن أيب النظر عن بسر.
ىذا مثاؿ على التصحيف.
مسلما يقوؿ :ومن األخبار اليت رويت على الغلط والتصحيف :حدثنا أبو بكر ً ٍب قاؿٝ" :تعت
بن أيب شيبة ،قاؿ :حدثنا قَبِيصة ،قاؿ :حدثنا سفياف -والحظ قبيصة من الرواة اٞتيدين وثّقو أٛتد
بن معُت وابن سعد واألجدي ،وتكلم أٛتد بن معُت ُب حديثو عن سفياف ،يعٍت ىو جيد ،ثقة -عن
ٓٔٗ
زيد بن أسلم ،عن عياض ،عن أيب سعيد ،قاؿ :كنا نوِّرثُو على عهد رسوؿ هللا ﷺ .يعٍت اٞتَ َّد."..
ىذا ُب ابب ا١تَتاث ،الفرائض ،مَتاث اٞتد ،يعٍت ىل اٞتد كاف يرث على عهد النيب ﷺ؟ وإذا كاف
صحف فيو قبيصة ،وإ٪تا كاف ىذا اٟتديث هبذا يرث كم كاف نصيبو؟ قاؿ مسلم" :ىذا خربٌ ّ
اإلسناد عن عياض" :كنا نؤديو على عهد رسوؿ هللا ﷺ ،يعٍت يف الطعاـ وغَته يف زكاة الفطر".
معٌت فقاؿ :يعٍت اٞتد".
فلم يفهم قراءتو ،فقلب قولو إذل أف قاؿ نورثوٍ ،ب قلب لو ً
اآلف الذي قرأه قبيصة ىل فيو اٞتد؟ فيو ىاء الضمَت ،وىذه ا٢تاء ٬تب أف تعود على شيء ،فلما دل
نورثو" بطبيعة اٟتاؿ لن يكوف األب وال األـ وال األبناء ألف ىذه منصوص عليها ُب القرآف؛
يفهم إال " ّ
فقاؿ اٞتد ،خاصةً وأف فيها نقاش بُت الصحابة الح ًقا ُب قضية من ٝتع من النيب ﷺ .تصحيف،
واٞتميل ىو ىذا االكتشاؼ.
الرازي فقاؿ :ىذا خطأٌ أخطأ فيو قبيصة ،إ٪تا قاؿ ُب اٟتاشية" :و٦تن أعلَّو أي ً
ةضا اإلماـ أبو زرعة َّ
ىو " :كنا نؤدي صدقة الفطر على عهد رسوؿ ﷺ" .وال عبلقة لو ابٞتد وال اب٠تاؿ وال ابلعم وال
اب١تَتاث ،صدقة الفطر!
طبعا ىذا اٟتديث لو فتحتم مسند أيب سعيد ا٠تدري ستجدوف أف الناس رووا ىذا اٟتديث من طريق ً
عياض عن أيب سعيد فيو "كنا نؤديو"" ،كنا ٩ترجو"" ،كنا نعطيو"ِّ ،أاي كاف ُب قضية الطعاـ .فلما
أيتيك أيضا بنفس اإلسناد :عياض بن عبد هللا ،فتعرؼ أف القضية م ِ
شكلة .إذف ىذا نوع من ا٠تطأ ُ ً
جدا.
وىو مهم ً
وىنا ٦تكن أف أذكر فائدة منهجية ٯتكن أف تُستفاد من ا١تعٌت العاـ ٢تذه القضية .اإلماـ مسلم ذكر
قبل قليل أف ىذا الذي ُٮتشى على احملدثُت من ا٠تطأ حُت يرووف من الكتاب دوف ٝتاع من
ةضا ىذا الذي ُٮتشى من التلقي والدراسة من الكتب وحدىا دوف الًتبية
الشيخ ،وأان أقوؿ أي ً
والسماع من الشيوخ يف النواحي اإلٯتانية وا١تنهجية والعلمية وا١تعرفية ،ولذلك اإلنساف ٭تتاج أف
كثَتا من األخطاء ر
يتعلم وليس فقط يقرأ ،يتعلم تعلم مباشر ،يسمع ويفهم ويبلحظ حىت يتجنب ً
ٔٔٗ
اليت ٯتكن أف ٖتصل من القراءة اٞتامدة ،وىذا أمر معروؼ عند األئمة والعلماء ،و٦تن نبّو عليو
تنبيها حسنًا ولطي ًفا وعمي ًقا الشاطيب -رٛتو هللاُ -ب مقدمات (ا١توافقات).
ً
الرواية اب١تعٌت:
إبداؿ
قاؿ -ابن حجر" :-وال ٬توز تع رمد تغيَت صورة ا١تنت مطل ًقا ،وال االختصار منو ابلنقص ،وال ُ
ِ
األلفاظ ،ؤتا ُ٭تيل ا١تعاين ،على الصحيح اللفظ ا١ترادؼ ابللفظ ا١ترادؼ لوَّ ،إال لعا ٍدل ٔتدلوالت
يف ا١تسألتُت" .يعٍت ٬توز ولكن بشروط ،يعٍت ال ٬توز أف ِّ
تغَت صورة ا١تنت ،يقوؿ لك :أنت اآلف
كامبل فيو مثبلً عشر ُٚتل ،ىذه ٬تب أف ترويها كما ىيا ُب سلسلة اٟتديث ،ال تغَت ٝتعت اٟتديث ً
لفظ بلفظ ،ال تبدؿ وتقوؿ ىذا يشبهو ،ال تزيد ،ال تنقص ،ال ٗتتصر ،ال تروي اب١تعٌتَّ " ،إال لعا ٍدل
األلفاظ ،ؤتا ٭تيل ا١تعاين ،على الصحيح يف ا١تسألتُت" .يعٍت يقوؿ ٬توز أف يُفعل ذلك ِ ٔتدلوالت
٦تن يعلم أف تصرفو دل ُٮتل اب١تعٌت.
قاؿ" :أما اختصار اٟتديث :فاألكثروف على جوازه بشرط أف يكوف الذي َٮت ِ
تصره عا١تًا؛ ألف ّ
العادل ال يُ ِنقص من اٟتديث إال ما ال تَعلر َق لو ٔتا يُػ ْب ِقيو منوْ ،تيث ال ٗتتلف الداللة ،وال ٮتت رل
البياف ،حىت يكوف ا١تذكور واحملذوؼ ٔتنزلة َخبَػ َريْ ِن ،أو يدؿ ما ذكره على ما حذفوٓ ،تبلؼ
ص ما لو تَػ َعلر ٌق ،كًتؾ االستثناء". ِ
اٞتاىل فإنو قد يُنق ُ
أيرهما أصعب :رواية اٟتديث اب١تعٌت أـ االختصار؟ رواية اٟتديث اب١تعٌت ىي األصعب واألخطر،
أنت تروي نفس اٟتديث ولكن اب١تعٌت ،أنت اآلف ستجتهد ابختيار ألفاظ جديدة ..اب١تناسبة الذي
يتعمد أف يتجنب اللفظ الصحيح ،والذي يروي اب١تعٌت ىو السؤاؿ التارل :ىل ٬تب يروي اب١تعٌت ال َّ
عليو ّأال يروي حىت يكوف اللفظ ىو اللفظ؟ أو إذا بقيت عنده أغلب األلفاظ ونسي بعضها ،ولكنو
متأكد من معناىا؛ يرويها أو ال؟ فهمتم الفكرة؟ بينما اختصار اٟتديث؛ قد أيٌب اٟتديث ُب ٚتل
الساعة حىت ِيق َّل العِلم ويكثر اٞتَّهل ويكثُر الزىن -أو يفشو
وـ َّ
مثبل :قاؿ النيب ﷺ" :ال تَػ ُق ُ
كثَتةً ،
عدة ٚتل ،االختصار :ىل ٬توز أف ٖتدث ّتزء من الزىن -ويكثُر ا٢تَر ُج" أو كما قاؿ النيب ﷺَّ ،
الساعة حىت ِيق َّل العِلم ويكثر اٞتَّهل" ٍب تقف؟ أًن ال أتكلم
وـ َّاٟتديث فتقوؿ قاؿ النيب ﷺ" :ال تَػ ُق ُ
ٕٔٗ
أيضا قد يشمل اب١تعٌت العاـ ،لكن خاصة يف وقت الرواية والنقل ىل يصح
عنك اآلف مع أف ىذا ً
أف تنقل جزءًا من اٟتديث؟ ىذا االختصار .فهو يقوؿ لك :نعم يصح أف تنقل جزءًا من اٟتديث
إذا كنت تعلم أف ىذا اٞتزء ال ُٮت ُّل ابٞتزء اآلخر ،أو أف اٞتزء اآلخر ليس فيو ما يتوقف عليو اٞتزء
٘تاما ،يعٍت لو قلت:
األوؿ .مثبلً ىذه اٞتملة نفسها من ابن حجر ٦تكن لو أًن اختصرهتا ٗتل ا١تعٌت ً
تعمد تغيَت صورة ا١تنت مطل ًقا وال االختصار منو ابلنقص ،وال إبداؿ اللفظ ا١ترادؼ ابللفظ (وال ٬توز ُّ
ا١ترادؼ لو) واقفل القوس! اآلف ىذا اختصار ُ٥تل ،وتكملة اٞتملةّ " :إال لعاٍدل ٔتدلوالت األلفاظ" ،أًن
اختصارا ُٮتل .يقوؿ لك :ىكذا ُب
ً دل أذكر "إال لعادل ٔتدلوالت األلفاظ" ،أًن ىكذا اختصرت الكبلـ
ص ما لو تَػ َعلر ٌق ،كًتؾ االستثناء". ِ
اٟتديث ،وىكذا ذكر االستثناء قاؿ" :فإنو قد يُنق ُ
ةضا ،ومن أقوى وأما الرواية اب١تعٌت :فا٠تبلؼ فيها شهَتٌ :واألكثر على اٞتواز أي ً
ٍب قاؿَّ " :
للع َج ِم بلساهنم للعارؼ بو" .أنت ستشرحها اب١تعٌت،
حججهم :اإلٚتاع على جواز شرح الشريعة َ
أيضا أف هللا سبحانو وتعاذل حكى
فإذا جاز اإلبداؿ بلغة أخرى فجوازه ابللغة العربية أوذل ،ىم يقولوف ً
ما قالو أصحاب اللغات األخرى ُب القرآف ،ولكن ليس ٔتا قالوه لفظًا وإ٪تا اب١تعٌت" .وقيل :إ ّ٪تا ٕتوز
ظ؛ ليتمكن من التصرؼ فيو. يف ا١تفردات دوف ا١ترَّكبات .وقيل :إ ّ٪تا ٕتوز ١تن يستَ ِ
حةض ُر اللف ّ
تسما يف ذىنو ،فلو أف يرويو
فنسي لفظَوُ وبقي معناه مر ً
َ وقيل :إ ّ٪تا ٕتوز ١تن كاف ٭تفظ اٟتديث
مستحةضرا للفظو .وٚتيع ما َّ
تقدـ يتعلق ِ
١تصلحة ٖتصيل اٟتكم منوٓ ،تبلؼ من كاف اب١تعٌت
ً
ابٞتواز وعدمو ،وال شك أف األوذل إيراد اٟتديث أبلفاظو ،دوف التصرؼ فيو .قاؿ القاضي
عياض« :ينبغي َس رد ابب الرواية اب١تعٌت؛ ل ّئبل يتسلَّط من ال ُ٭ت ِس ُن ٦تن يُظَن أنو ُ٭ت ِسن ،كما وقع
لكث ٍَت من الرواة قدٯتًا وحديثًا» .وهللا ا١توفق".
ٖٔٗ
جرى ستجد أف الباب فيو ضوابط معينة ،وفيو أدوات معينة ،ٯتكن أف تصل من خبل٢تا إذل اللفظ
كثَتا ،ولكن
الصحيح ،ومسألة جواز الرواية اب١تعٌت شيء ومسألة وقوعها شيء ،وىي ببل شك واقعة ً
صحيحا،
ً ليس معٌت ذلك أف الرواية اب١تعٌت أف الراوي يستدبر األلفاظ وال يروي إال اب١تعٌت! ىذا ليس
نسي لفظًا معينًا ىل يروي اب١تعٌت أو ال يروي اب١تعٌت؟ والبعض قد يتوسع ُب
وإ٪تا كما قلت ساب ًقا إذا َ
دائما أذكرىا وىيٚ :تع الطرؽ وا١تقارنة بينها وبُت
ىذا بطبيعة اٟتاؿ ،ولكن نرجع إذل القاعدة اليت ً
كثَتا
الرواة ،ىذا من أىم ما يعينك على أف تدرؾ أين ىو اللفظ األقرب واللفظ الصحيح ،ىذا وإف ً
كثَتا من الرواة يبينوف مواطن الشك لديهم ،ولو أخذت و ،ابأللفاظ إال ثوف من الرواة ما كانوا ِّ
٭تد
ً
جدا،
شك فبل ٌف" لوجدهتا كثَتة ً
تبحث ُب كتب السنة فقط ُب البخاري ومسلم الرواايت اليت فيها " َّ
إرل -عليو الصبلةمثبل أٝتاء رضي هللا تعاذل عنها ١تّا روت حديث النيب ﷺ قاؿ" :وأوحي ّ يعٍت ً
مثل.
والسبلـ -أنكم تفتنوف ُب قبوركم قريبًا -أو مثل -فتنة الدجاؿ" .قريبًا أو َ
وأوضح منها وىي اليت عنيت ُب البداية ،قاؿ" :وأما ا١تنافق أو الكافر" ىذا ُب القرب ،قاؿ الراوي" :ال
أدري أيُّهما قالت أٝتاء" ،وذكر اٟتديث.
شك فبلف" ،ىذه ما أكثرىا ُب رواايت اٟتديث.
شك شعبة"َّ " ،
مالك"َّ " ،
شك ٌ " َّ
عموما الكبلـ يتطلب أكثر من ذلك ،أًن ذكرت ىذا الكبلـ ساب ًقا ُب مقطع أطوؿ من ىذا وىو
ً
أظنو مفرد اآلف ُب قضية الرواية اب١تعٌت ،وىو من ضمن سلسلة «مقاصد شرح علل الًتمذي» ،فهذه
ا١تسألة ٖتتاج نظر ومراجعة ،وفيها نقاط منهجية ُب الرد على ىذه الشبهة ،وىي من الشبهات
اٟتاضرة اليوـ ليست من الشبهات ا١تيتة ،ولذلك ينبغي العناية هبا ،وكما قلت تكلمت عنها ساب ًقا
ُب مقاصد شرح علل الًتمذي البن رجب ،ومفردة ُب مقطع ٯتكن الرجوع إليها والنظر .ويوجد كتاب
-نسيت اآلف من مؤلفو -عن الرواية اب١تعٌت ،من الدراسات ا١تعاصرة وأظن كاف فيو تركيز على قضية
الشبهات حوؿ الرواية اب١تعٌت.
وأسأؿ هللا سبحانو وتعاذل أف يتقبل منّا ومنكم صاحل األعماؿِّ ،
وصل اللهم على نبينا دمحم وعلى آلو
وصحبو أٚتعُت.
ٗٔٗ
احملاضرة الثامنة والعشروف:
ا١تقدمة:
كثَتا طيبًا مبارًكا فيو كما ٭تب ربنا تبارؾ وتعاذل ويرضى ،اللهم لك اٟتمد
ٛتدا ً
اٟتمد ﵁ رب العا١تُت ً
ال ٨تصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك ،اللهم صلي وسلم وابرؾ على عبدؾ ورسولك
دمحم.
نستعُت اب﵁ ونستفتح اجمللس الثامن والعشرين من ٣تالس الشرح ا١تطوؿ على نزىة النظر ،ونسأؿ هللا
سبحانو وتعاذل القبوؿ والتماـ .بدايةً نقرأ الكبلـ من النخبة وبعد ذلك ننتقل كما تعودًن إف شاء هللا
إذل النزىة وما يتعلق هبا.
الغريب يف النخبة:
يج إذل شرح الغريب وبياف ا١تشكلٍ .ب اٞتهالة: ِ ِ
قاؿ ابن حجر رٛتو هللا" :فإف َخف َي ا١تعٌت احت َ
ضح .وقد لغرض ،وصنفوا فيو ا١تَُو ِّ
ٍ وسببها :أف الراوي قد تكثُر نعوتُوُ فيُذكر بغَت ما اشتهر بو
اختصارا ،وفيو ا١تبهمات.
ً سمى
الو ْح َداف .أو ال يُ َّ
مقبل فبل يكثُر األخذ عنو ،وصنَّػ ُفوا فيو ُ
يكوف ً
األصح" .إذل آخر الكبلـ .أعتقد أف ىذه الثبلثةِّ ِ
التعديل ،على وال يُقبَل ا١تبهم ،ولو أُهبِم بلفظ
أسطر أو األربع ىي اليت ٯتكن أف نتناو٢تا اآلف.
الغريب يف النزىة:
٘ٔٗ
يف شرح معاين األخبار وبياف ا١تشكل منها .وقد أكثر األئمة من التصانيف يف ذلك كالطحاوي،
وا٠تطايب ،وابن عبد الرب ،وغَتىم".
ٍب بعد ذلك ذكر شرح الكبلـ ا١تتعلق ابٞتهالة ،لكن لنبدأ اب١ترتبط ابلغريب وما إليو .ىو من ا١تفًتض
أيضا ٥تتلف اٟتديث ..رٔتا ذكره ساب ًقا ابن حجر رٛتو هللا.
أف يذكر ىنا ً
بياف أنواع علوـ اٟتديث:
اآلف ىذا استمرار ُب بياف أنواع علوـ اٟتديث ،ومن استيعابية ا﵀دثُت أهنم حُت نقدوا األسانيد وما
يتعلق هبا حاولوا أف ينظروا ُب ٚتيع ا١تداخل اليت ٯتكن أف يُدخل منها إذل صحة اٟتديث أو ضعفو،
سواءٌ من جهة اإلسناد أو من جهة ا١تنت.
ٗٔٙ
جدا ُب علم اٟتديث وقصة طويلة ،وليست ىامشية ،ابلنسبة للمحدثُت يعتنوف هبذا أبلغ علم كبَت ً
العناية .فشخص مثل اإلماـ البخاري ُب كتاب (التاريخ الكبَت١ )ٜتا أيٌب ٬تمع أٝتاء الرواة ،يتعب
أصبل ،ولذلك ٭ترصوف على أف يذكروا اسم الراوي ،واسم والده ،وقبيلتو،
ُب قضية من ىو ىذا الراوي ً
مثبل :الكوُب ا١تدين ،ويذكروف
والكنية ،وإذا انتقل من بلد إذل بلد يذكروهنا ُب االسم ،فيقولوف لك ً
عمن ،وروى عنو من ،ىذه كلها طرؽ ُب تثبيت ا٢توية ،ىوية الراوي .بعداتريخ الوفاة ،ويذكروف روى َّ
ما تُػثَػبّت ىوية الراوي ،ينظروف ما حالو؟ وىذه قصة .ىذا كلو اآلف متعلق فقط بعنصر من عناصر
اإلسناد الذي ىو ماذا؟ الراوي.
أيضا يبحثوهنا.
أمورا كثَتة ً
عندما تنظر ُب صيغ االتصاؿ بُت الرواة ستجد أف ىناؾ ً
• عندما تنتقل إذل ا١تنت،
أيضا يبحثوهنا ،من ٚتلتها ما يتعلق اب١تعٌت ،معٌت الرواية ،معٌت اٟتديث،
أمورا كثَتة ً
ستجد أف ىناؾ ً
ىل ىناؾ ما يشكل؟ ىذا من عناية ا﵀دثُت .قد يقوؿ قائل إف ا﵀دثُت ال عبلقة ٢تم ٔتا يتعلق
أيضا ابلدراية٢ ،تم عبلقة ٔتا بتعلق اب١تعٌت ،يهمهم
ابلدراية وإ٪تا ٢تم عبلقة ابلرواية ،ال٢ ،تم عبلقة ً
ذلك ،يشتغلوف فيو ،يشتغلوف بو .ليس فقط يشتغلوف بو اشتغاؿ تبيُت ا١تعٌت ،وإ٪تا يشتغلوف بو
اشتغاؿ حل اإلشكاؿٔ ،تعٌت أف اٟتديث من حيث عدـ وضوح ا١تعٌت على قسمُت:
ٔ) إما أف يكوف غَت واضح ُب ذاتو،
ٕ) وإما أف يكوف غَت واضح إذا أضيف إذل غَته.
غَت واضح ُب ذاتو :أي ىناؾ كلمة غريبة ،مثل حديث أـ زرع" :زوجي غياايء عياايء كل داء لو داء،
زوجي ٟتم ٚتل غث على رأس جبل وعر ال سهل فَتتقى وال ٝتُت فينتقى ،زوجي العشنق إف أنطق
أطلق أو أسكت أعلق "..إذل آخره .ىذه ألفاظ غريبة ٖتتاج إذل شرح ،ىذا القسم األوؿ .ىناؾ من
اٟتديث ما ىو واضح ُب ذاتو ،ولكنو غَت واضح إذا أضيف إذل غَته ،وعدـ الوضوح ىنا ليس عدـ
وضوح معٌت اللفظ ،وإ٪تا عدـ وضوح وجو اٟتديث ،ما وجهو مقارنة هبذا اٟتديث اآلخر؟ قد يكوف
ىناؾ اختبلؼ بُت األحاديث.
ٗٔٚ
أيضا ،ولذلك علم اٟتديث من أوسع العلوـ مساحة ،ومن أكثرىا تشعبًا ،ومن فا﵀دثوف اعتنوا هبذا ً
جدا،
جدا أف يستوعب اإلنساف علوـ ىذا العلم وأقسامو وفنونو إال ُب مراحل زمنية طويلة ًالصعب ً
وىي ٖتتاج إذل جد واجتهاد لتحصيلها.
نفعا ،وأكثرىا ٙترة على عقل اإلنساف ،وحىت اب١تناسبة على ِ
صلت فهي من أعظم العلوـ ً ولكن إذا ُح ّ
دينو وأحوالو ،لذلك ىذه فائدة مهمة ج ًدا أال وىي :أف ِس ََت ا﵀دثُت اليت نقرأىا ُب كتب الرجاؿ،
ُب كتب اٞترح والتعديل ،اآلف ال أكلمكم عن الكتب ا١تطولة ُب السلوؾ وما إذل ذلك ،وال حىت عن
فضبل عن كتب مثل (حلية األولياء) وما إذل ذلك ،ال ،أًن أتكلم اآلف عن كتب
(سَت أعبلـ النببلء)ً ،
اٞترح والتعديل ا١تباشرة ،اليت ىي مثل (هتذيب التهذيب) البن حجر ،ال يوجد أحد يشتغل ابٟتديث
اشتغاال حقيقيًا ال يقرأ ُب مثل ىذا الكتاب.
ً
سَت ىؤالء ا﵀دثُت إذا قرأت فيها ُب كتب اٞترح والتعديل اليت ىي ٥تتصرة تعترب ،وتركز على حاؿ
العدالة والضبط ،فيها من التهذيب للسلوؾ ،وفيها من اٟتث على العمل ،وفيها من إصبلح القلب
جدا ،سَت ا﵀دثُت ا١توجودة ُب كتب اٞترح والتعديل من أعظم ما ٯتكن أف والنفس الشيء العجيب ً
يفيد اإلنساف ويثمر لو حاؿ صبلح ُب قلبو وُب نفسو .ولذلك من ا٠تطأ الكبَت التعامل مع كتب
جامدا ،إنساف ذىب يقرأ ُب كتب اٞترح والتعديل ليعرؼ ثقة أو ضعيف، تعامبل آليًا ً
اٞترح والتعديل ً
جدا أف تقرأ بروح ،و َّأال تتعامل مع علم اٟتديث كآلة
ال ،خطأ! ىذا مهم لكنو ًنقص ،من ا١تهم ً
جامدة ،وإ٪تا ٬تب أف تتعامل معو بروح.
فإذا قرأت ُب كتب اٞترح والتعديل حاوؿ أف تفهم ىذه السَت ،وتنظر ُب أبعادىا ،وترى ا١تواقف اليت
جعلت منهم أئمة وعلماء ،وانظر ُب كثَت من األبعاد الًتبوية والسلوكية ا١توجودة ُب سَتىم .ولذلك
دعنا نقوؿ من أٚتل الثمرات اليت ٮترج هبا القارئ ٢تذه الكتب أنو يَبعُد عن العجب بنفسوُ .ب األايـ
ا١تاضية اطلعت على مقطع لواحد ،ال أريد أف أتكلم فيو لكن واحد ابختصار جاىل ،وصدَّر نفسو
جدا ،يعٍت يتكلم ُب األمور الشرعية ويُسأؿ أسئلة وكأنو مفيت! و٬تيب عنها اب١تنطق بطريقة عجيبة ً
كثَتا ،وىو شاب صغَت ،واضح من أي أحد عنده شيء من الشرعي ،وابختصار «شايف نفسو» ً
ٗٔٛ
العلم ينظر ُب مثل ىذه اٟتالة يعرؼ أف ىذا دل يقرأ سَت العلماء ،دل يعرؼ منطق العلم وال سبيلو وال
سلوكو وال وال إذل آخره.
-لذلك من الفوائد يف كتب اٟتديث :أنك دائم االتصاؿ ابلسَت ،وإذا اتصلت ابلسَت وقرأت
قراءة واعية وعشت بروح؛ فمن ا١تفًتض أف تكتسب معاين كثَتة ،من أ٫تها :أف تعرؼ أنك دل تفعل
مثبل تقدـ أربع ساعات ُب اليوـ ،أو ست ساعات ،أو ٙتاين ساعات شيئًا! وأف األوقات ..إذا كنت ً
أيت هبا أحد قبلك ولن ِ
أيت هبا أحد بعدؾ! ال ،تعرؼ أهنا ُب طلب العلم ،فبل تظن أهنا ىي اليت دل ِ
على ا٢تامش ُب مقابل ما قدموا وفعلوا وإذل آخره.
قصة أيب حاًب يف طلب اٟتديث:
"وسئل أيب ..وسألت أيب"
دائما نفتح كتاب (العلل) البن أيب حاًب صح؟ ونقرأُ :
مثبل٨ ..تن ًاقرأوا ً
الذي ىو أبو حاًب ،اقرأوا أبو حاًب الرازي ..أعطٍت صفحات من (صرب العلماء) لعلي اقرأ القصة
سر ًيعا ،أبو حاًب الرازي أنت تقرأ لو علل ،وجرح وتعديل ،لكن ما الذي وراء أيب حاًب الرازي؟ حىت
اإلنساف ٭تًتـ نفسو.
ىذا نفسو ابن أيب حاًب يتكلم عن والده ُب كتابو ،كتاب (اٞترح والتعديل) .يقوؿٝ" :تعت أيب يقوؿ:
أوؿ ما خرجت ُب طلب اٟتديث أقمت سبع سنُت ،أحصيت ما مشيت على قدمي زايدةً على ألف
فرسخ!"ُ .ب اٟتاشية يقوؿ" :الفرسخ ٔتشي القدـ ٨تو ساعة ونصف ،وىو ثبلثة أمياؿ"٨ ،تو ٜتس
كيلومًتات ،يعٍت كم؟ ٜتسة آالؼ كيلو مشيًا على األقداـ.
"دل أزؿ أحصي حىت ١تا زاد على ألف فرسخ تركتو- .ىذه اليت أحصاىا خبلؿ سبع سنوات -وأما ما
سرت أًن من الكوفة إذل بغداد فما ال أحصي كم مرة ،ومن مكة إذل ا١تدينة مرات كثَتة -ىذا كنت ُُ
وخرجت من البحر من قرب مدينة سبل ،وذلك اب١تغرب األقصى إذل مصر ماشيًا،ُ كلو على قدميو.-
ومن مصر إذل الرملة ماشيًا ،ومن الرملة إذل بيت ا١تقدس ماشيًا ،ومن الرملة إذل عسقبلف ،ومن الرملة
إذل طربية ،ومن طربية إذل دمشق ،ومن دمشق إذل ٛتص ،ومن ٛتص إذل أنطاكيا ،ومن أنطاكيا إذل
علي شيء من حديث أيب اليماف فسمعتو. طرسوسٍ ،ب رجعت من طرسوس إذل ٛتص ،وكاف بقي َّ
ٜٗٔ
الرقّة ركبت الفرات إذل بغداد ،وخرجت
الرقة ،ومن َّ
ٍب خرجت من ٛتص إذل بيساف ،ومن بيساف إذل َّ
قبل خروجي إذل الشاـ من واسط إذل النيل ،ومن النيل إذل الكوفة ،كل ذلك ماشيًا ،ىذا ُب سفري
األوؿ وأًن ابن عشرين سنة ،أجوؿ سبع سنُت .خرجت من الري سنة ٖٕٔ ُب شهر رمضاف -أًن
عندي تعليق لكٍت ٤تتفظ بو -ورجعت سنة ٕٕٔ .وخرجت ا١ترة الثانية سنة ٕٕٗ ورجعت سنة
سٍت ُب ىذه الرحلة ٗٚسنة".ٕ٘ٗ ،أقمت ثبلث سنُت ،وكانت ِّ
ىذا اآلف مثاؿ ،أبو حاًب الرازي ،أنت ترى كتاب (العلل) أليب حاًب الرازي وأنت ُب ابلك أبو حاًب
جالس على مكتبو وولده يسألو :ما رأيك ُب فبلف وكذا؟ ثقة ،ضعيف ..ال ،ىذه وراؤىا أكثر من
ٜتسة آالؼ كيلو مشيًا على األقداـ! ىذه ليست لكي يصل لكل العلم ،ال ،ىذه أخذ بعض العلم
الذي أخذه.
طبعا ليست ىذه القصة اليت أردت أف أذكرىا عن أيب حاًب ،ىناؾ قصة أخرى .اٝتعوا ىذه القصة، ً
أيضا ىذه نقلها عنو ابنو ُب كتابو ،اثبتة ،يقوؿ" :ابب ما لقي أيب من ا١تقاساة ُب طلب العلم من
ً
شااب ليس
صغَتا ،كاف ً
الشدةٝ .تعت أيب يقوؿ :بقيت ابلبصرة ُب سنة أربع عشر ومائتُت -يعٍت كاف ً
كبَتاٙ -تانية أشهر ،وكاف ُب نفسي أف أقيم سنة فانقطعت نفقيت ،فجعلت أبيع ثياب بدين شيئًا بعد
ً
شيء ،حىت بقيت ببل نفقة .ومضيت أطوؼ مع صديق رل إذل ا١تشيخة وأٝتع منهم إذل ا١تساء،
خاؿ فجعلت أشرب ا١تاء من اٞتوعٍ ،ب أصبحت من الغد وغدا فانصرؼ رفيقي ورجعت إذل ٍ
بيت ٍ
جائعا،
علي رفيقي فجعلت أطوؼ معو ُب ٝتاع اٟتديث على جوع شديد ،فانصرؼ عٍت وانصرفت ً َّ
علي فقاؿُ :مَّر بنا إذل ا١تشايخ ،فقلت :أًن ضعيف ال ٯتكنٍت ،قاؿ :ما
فلما كاف من الغد غدا َّ
ضعفك؟ قلت :ال أكتمك أمري قد مضى يوماف ما طعمت فيهما شيئًا ،فقاؿ رل :قد بقي معي
دينار فأًن أواسيك بنصفو و٧تعل النصف اآلخر ُب الكراء .فخرجنا من البصرة وقبضت منو النصف
دينار.
ٍب قاؿ ابن أيب حاًبٝ :تعت أيب يقوؿ١ :تا خرجنا من ا١تدينة من عند داوود اٞتعفري صرًن إذل اٞتار -
ا١تروُّروذي ،وآخر نيسابوري ،و١تا كنا ُب البحر
أظنو ميناء -وركبنا البحر وكنا ثبلثة أنفس ،أبو زىَت َ
ٕٓٗ
احتلمت فأصبحت وأخربت أصحايب بذلك ،فقالوا رل :اغمس نفسك ُب البحر ،قلت :أين ال
حببل وأرسلوين ُب ا١تاء ،وأًن
حببل وندلوؾ ُب ا١تاء ،فشدوا ُب ً
أحسن أف أسبح ،فقالوا :إًن نشد فيك ً
قليبل ،فأرسلوين فغمست نفسي ُب ا١تاء ُب ا١تاء أريد إسباغ الوضوء ،فلما توضأت قلت ٢تم أرسلوين ً
فقلت ارفعوين فرفعوين .وركبنا البحر ٍب مشينا فكانت الريح ُب وجوىنا فبقينا ُب البحر ثبلثة أشهر،
أايما على
وفٍت ما كاف معنا من الزاد ،وبقيت بقية فخرجنا إذل الرب فجعلنا ٪تشي ً وضاقت بنا صدورًن َ
يوما وليلة دل أيكل أحد منا شيئًا وال شربنا ،واليوـ
الرب حىت فٍت ما كاف معنا من الزاد وا١تاء ،فمشينا ً
الثاين كمثل ،واليوـ الثالث ،كل يوـ ٪تشي إذل الليل ،فإذا جاء ا١تساء صلينا وألقينا أبنفسنا حيث كنا،
وقد ضعفت أبداننا من اٞتوع والعطش والعياء ،فلما أصبحنا اليوـ الثالث جعلنا ٪تشي على قدر
ا١تروُّروذي مغشيًا عليو فجئنا ٨تركو وىو ال يعقل فًتكناه ،ومشينا أًن وصاحبطاقتنا ،فسقط الشيخ َ
يزؿ
فضعفت وسقطت مغشيًا علي ،ومضى صاحيب وتركٍت ،فلم ْ ُ النيسابوري قدر فرسخ أو فرسخُت،
قوما قد قربوا سفينتهم من الرب ،ونزلوا على بئر موسى عليو السبلـ ،فلما ىو ٯتشي إذ أبصر من بعيد ً
عاينهم َّلوح بثوبو إليهم فجاؤوا معهم ا١تاء ُب إداوة فسقوه وأخذوا بيده ،فقاؿ ٢تم :اٟتقوا رفيقُت رل قد
ألقوا أبنفسهم مغشيًا عليهم ،فما شعرت إال برجل يصب ا١تاء على وجهي ففتحت عيٍت ،فقلت:
يسَتا ،فشربت ورجعت إرل نفسي ،ودل يروين ذلك فصب من ا١تاء ُب ركوة أو مشربة شيئًا ً َّ اسقٍت،
سَتا وأخذ بيدي ،فقلت :ورائي شيخ ُملقى ،قاؿ :قد ذىب إذل القدر ،فقلت أسقٍت فسقاين شيئًا ي ً
ذاؾ ٚتاعة ،فأخذ بيدي وأًن أمشي أجر رجلي ويسقيٍت شيئًا بعد شيء ،حىت إذا بلغت إذل سفينتهم
أايما حىت رجعت إلينا أنفسنا !"..إذلوأتوا برفيقي الثالث الشيخ ،أحسن إلينا أىل السفينة فبقينا ً
آخر ا٠ترب .ىذه قصة من قصص أيب حاًب الرازي ُب طلب اٟتديث ،وغَتىا ،ا﵀دثوف خربىم مع
الرحلة وا١تشي والتعب والنصب ،اإلماـ أٛتد مشى من بغداد إذل صنعاء! احسب الطريق ،مشى ىو
و٭تِت بن معُت ذىبوا يسمعوف من عبد الرزاؽ الصنعاين صاحب ا١تصنف ،مشيًا من بغداد إذل
صنعاء ،وإذل آخره من القصص.
ٕٔٗ
نصائح لطبلب علم اٟتديث:
وىذا العلم وراءه ىذا النصب وىذا التعب ،والنَّصب ىذا والتعب ليس ىو ا١تعيار ُب صحتو ،وإ٪تا ىو
دليل كاشف عن اٞتهد الذي بُذؿ ،معيار لصحتو ما قدـ فيو من قوانُت ومعاين وأخبار .الشاىد من
جدا ُب إصبلح حالو ونفسو وىو يقرأ ُب السَت ىذا كلو ىو :أف الفرصة لطالب اٟتديث عظيمة ً
والًتاجم ،لذلك أًن أنصح أي طالب حديث ،طبلب أكادٯتية اٟتديث ،أي طبلب حديث أنصحهم
كامبل ،نعم ليست ىذه سنة مسلوكة ُب كامبل ،أو (هتذيب الكماؿ) ً أهنم يقرأوف (هتذيب التهذيب) ً
كث ٍَت من الدروس ا١تتأخرة ،لكنها سنة مسلوكة ومطروقة عند ا١تتقدمُت ،ليس بكتاب (هتذيب
متأخرا ،لكن ىذا التأمل ُب سَت ا﵀دثُت والقراءة ..ىو كل علم اٟتديث التهذيب)؛ ألنو دل يؤلف إال ً
قائما على معرفة الرجاؿ والرواة؛ ألنو نصف العلم ،نصف علم اٟتديث كاف معرفة الرجاؿ كاف ً
والرواة ،وجزء من ىذه ا١تعرفة ىو ا١تعرفة ا١ترتبطة بسلوكهم وأعما٢تم؛ ألف ٨تن ُب سياؽ اإلسبلـ
وعلماء اإلسبلـ١ ،تا تقرأ ُب ترٚتة العلماء ،أغلب ما ٖتويو تلك الًتاجم ىي األمور السلوكية ،مع أنك
تدلُف إليهم من ًنفذة ا١تعرفة صحيح؟ ١تا تقوؿ عادل ،أنت تذىب تقرأ عن اإلماـ مالك ،اإلماـ مالك
تعريفو عندؾ أنو أحد األئمة األربعة صحيح؟ وإماـ ا١تذىب ا١تالكي وفقيو ،وىذا الذي ُب ابلك! ١تا
مثبل وتقرأ الصفحات الكثَتة اليت كتبها الذىيب عن اإلماـ مالك، تفتح كتاب (سَت أعبلـ النببلء) ً
ستجد وكأنك تقرأ ُب كتاب علم السلوؾ أو التزكية أو األدب أو التعبد أو ًأاي كاف ،وٕتد فيها شيئًا
مفصوالُ ،ب سياؽ تراجم علماء ا١تسلمُت ال يُفصل السلوؾ عن العلم، ً ببل شك من العلم لكن ليس
مثبل ُب سَت الفبلسفة الغربيُت ،ٯتكن أف تقرأ العمل عن ا١تعرفة ،لكن ٯتكن أف تقرأ ُب السياؽ الغريب ً
إنساف من أعظم رموز الفلسفة الغربية ؤتن قاـ بنظرايت كثَتةٍ ،ب تقرأ ُب سلوكو فتجد أف الرجل
ضائعٕ ،تد أف السلوؾ "رايح فيها" ،ال يتفق مع ما تظنو من الزـ ا١تعرفة.
بينما ُب اإلسبلـ ال ،ولذلك كانوا يستنكروف إذا ُوجد أحد عنده ىذه العلوـ ٍب دل يكن عنده من
السلوؾ ما يفيد ،فبل أيخذوف عنو حىت اٟتديث ،إذا وجد ُب عملو ما ٮتالف علمو ،ولو كذب كذبة
نصوحا؛ فحديثو كلو ال يساوي
ً واحدة! لو إف شاء هللا قعد طوؿ عمره ٭تدث ،ما دل يتب توبة صادقة
شيئًا عند ا﵀دثُت ،كذبة واحدة فقط!
ٕٕٗ
فهذه القضية قضية مركزية وجوىرية ،لذلك أًن أنصح بقراءة مثل ىذه الكتب والسَت ،ىذه لطبلب
جدا لنفس ا١تعٌت والثمرة اليت
اٟتديث خاصة ،أما لعموـ الطبلب فقراءة السَت ببل شك مهمة ،مهمة ً
ىي ٙترة معرفة سلوؾ علماء ا١تسلمُت ،وأف ٭تًتـ اإلنساف نفسو ويقدر نفسو وال يُعجب ويغًت ،لكن
طبلب اٟتديث جيد أف يضربوا عصفورين ْتجر واحد ،فيقرؤوا ُب مثل (هتذيب التهذيب) حىت يعرفوا
عديبل ،وشيوخ الرواة وتبلميذىم ،وُب نفس الوقت يقرأوف بعض اٞتوانب جرحا وت ً
أحواؿ الرواة ً
السلوكية ُب سَتىم.
طبعا ليس ُب بداية طلب اٟتديث يُقرأ (هتذيب التهذيب)؛ ألنو يعٍت فيو عُسر ،أقصد من حيث ماً
ُ٬تهد الطالب ُب القراءة ،خاصة إذا كانت األٝتاء ليست معروفة لديهم ،لكن بعد مدة من طلب
أحياًن من
مثبل ُب غيث الساري ٘تر عليكم أٝتاء كثَتة ،اإلنساف ًاٟتديث ومعرفة األٝتاء ،أنتم اآلف ً
الصعب أف ٭تفظها إف دل يراجعها مراجعة مستمرة ،لكن إذا قرأ سَت ىؤالء ُب التهذيب أو ُب غَته
يسهل عليو أف ٭تفظ أٝتاءىم.
ُ
أما غَت ا١تتخصصُت ُب اٟتديث أو غَت طلبة اٟتديث فممكن من البداايت يقرأ ُب (صفحات من
جدا ومهم
صرب العلماء) ىذا الكتاب اٞتليل لعبدالفتاح أبو غدة رٛتو هللا تعاذل ،ىذا الكتاب ٚتيل ً
كامبل ،البعض يظن أنو كتاب مثل
كثَتا ،وكذلك (سَت أعبلـ النببلء) ،وليس ابلضرورة أف يقرأ ً ومفيد ً
صحيحا٦ ،تكن تبدأ من البداية ابلصحابةٍ ،ب أتتيك بعض
ً ىذا الزـ تقرأ ترٚتةً ترٚتةً ،ال ،ليس
الًتاجم ليس فيها إال أمور حديثيةٝ ،تع من فبلف وٝتع منو فبلفٕ ،تاوزىا عادي طا١تا أنك لست
متخصصا ،لست تريد التخصص. ً مهتما لست
ً
• أمثلة لبعض التجارب:
مثبلٚ :تاؿ الدين القاٝتي من علماء الشاـ ا١تعروفُت ،قرأ
ىناؾ بعض التجارب ُب ىذا الشأفً ،
كامبل مع الكتابة ابلقلم -أظنُ -ب عشرة أايـ ،ىذا الكتاب أربع ٣تلدات (هتذيب التهذيب) ً
٣تلدا ،فبل تتعجبوا من ذلك ...ابألمسأصبل مطبوع ُب عشر أو اثٌت عشر ً
جدا ،لكن ىو ً
مضغوطة ً
كنت مع الشيخ حسُت عبد الرازؽ ،فذكر ُب عرض كبلمو ُب حديث عن الرواة و٨توه ،قاؿ١ :تا قرأًن
ٖٕٗ
الًتمذي ُب الفًتة ا١تاضية ..قلت لو :مىت؟ قاؿ :قبل شهرُ ،ب كم يوـ؟ قاؿُ :ب ٜتسة أايـ! وىو
ٜتس ٣تلدات قرأوىا كاملةًٜ ،تس دروس ُب اليوـ ،الدرس األوؿ ست ساعات ،والثاين ُب ساعة أو
جدا .فليس صعبًا أف يقرأ اإلنساف مثل ىذه الكتب ،لكن ا١تشكلة أننا ساعتُت ،مع تعليقات يسَتة ً
تعودًن على ٪تط معُت ،وجزء من تعويدًن على ىذا النمط :ا١تدارس واٞتامعات؛ ألهنا تُقولِب العلوـ
بطريقة وتُقولِب موقفك منها ،وطبيعة تفاعلك مع الكتاب ،ومع العلم بطريقة ابىتة ،تُذىب الرونق
والبهاء الذي كاف عليو أىل العلم ُب التعامل مع مثل ىذه الكتب.
علي أي حاؿ ،ال يغفل طالب اٟتديث أف يعتٍت عناية خاصة بسَت ا﵀دثُت.
أيضا كانت من ضمن التدارس يوـ أمس مع الشيخ -وىنا لفتة تربوية أختم هبا يف ىذا ا١تبحث ،و ً
أحياًن كما أف ىناؾ جفاء ُب الوقوؼ عند سَت ا﵀دثُت من الناحية السلوكية
ً حسُت ،وىي :أف
أحياًن اإلنساف ال يستطيع أف يضع مسافة
أحياًن غلوً ، والتزكوية وا١تعنوية ُب السياؽ اٟتديثي؛ فهناؾ ً
أحياًن اإلنساف يقرأ ىذه
حكيما ُب واقعو؛ ألف ً
ً بينو وبُت ىذه السَت ،وأيخذ أحسنها ويوظفها توظي ًفا
أحياًن إذا دل
أحياًن احتقار النفسً ،
السَت فينعزؿ عن واقعو ،ألف ُب ىذه السَت من الزىد ُب الدنيا و ً
أيخذ اإلنساف ىذه السَت بوعي يقع ُب إشكالية أخرى ،وحصل أف بعض طبلب اٟتديث أو بعض
أحياًن للواقع
حىت مشايخ اٟتديث يقرأ ُب مثل ىذه السَت وسَت السلف ،وعبادهتم ،وزىدىم ،وينظر ً
فأحياًن ٭تصل فيو حالة انعزاؿ أو ما إذل ذلك.
ً فيجد فجوة ىائلة،
فاإلنساف ينتبو ،فبل ٬تفو ،يعٍت ال يتعامل مع كتب اٟتديث على أهنا ٣ترد آلة ،ويقرأ السَت قراءة
جدا ،ثقة ،ضعيف وما إذل ذلك ،وُب نفس الوقت ال يغلو فيقرأ تلك السَت قراءة ويريد أف جامدة ً
يطبقها ْتذافَتىا على الواقع ،والواقع ٥تتلف ،وا٢تمم ٥تتلفة ،والنفوس ٥تتلفة ،لكن خذ أحسن ما
فيها وطبقو بوعي وْتكمة واتزاف ،لكن أان برأيي أف من أىم وأعظم الثمرات اليت ٗترج من قراءة
شخصا ُب مرحلة معينة فقط من مراحل عمره مشى
ً السَت :عدـ اإلعجاب ابلنفس ،عندما ترى أف
ٜتسة آالؼ ُب طلب العلم -فيما ع ّدىا فقط -مشاىا مشيًا ُب طلب اٟتديث ،وتقارف بنفسك ماذا
فعلت ُب نفس ا١تدة! فتقدر نفسك قدرىاُ .ب البخاريُ ،ب كتاب العلم عندما قاؿ" :أدركت عشرين
ٕٗٗ
من أصحاب النيب ﷺ كلهم ٮتاؼ النفاؽ على نفسو"! كذلك ُب تدافع الفتيا ،وىذا ابب معروؼ
من أبواب سَت العلماء ،عندما يُستفىت إماـ من األئمة ،فيدفعها إذل غَتهٍ ،ب يدفعها الثاين إذل
الثالث ،ويدفعها الثالث إذل الرابع ،وىكذا.
الذي يقرأ ُب تلك السَت ويًتىب على سَت أولئك ،٭تدث عنده قدر من مضادات العجب والغرور،
كثَتا ،حىت لو طلب العلم ٜتس وعشرين سنة أو ثبلثُت سنة -نتكلم ربعكثَتا ويتوقى ً
فتجده يتحرز ً
قرف طلب علم جاد -ىذا ال تظن أنو بعد ىذه النتيجة أنو سيشعر ُب نفسو أنو شيخ االسبلـ أو أنو
العادل النِّ ْح ِرير ،وأنو اسألوين وسأجيب عن كل مسألة! ابلعكس ،نعم يتصدر ويعلم الناس ويربيهم،
لكن ُب نفس الوقت ٕتده ٭تًتـ نفسو ،وإذا جاءت أبواب ال يعرفها يقوؿ :ال أعرؼ ،هللا أعلم ،ال
أدري ،قد يكوف ،رٔتا ،لعلو ،وىكذا.
جيدا أنو ليس عنده علم ،ال أتكلم عن
كما قلت لكم ا١تقطع الذي رأيتو قبل أايـ شاب صغَت تعرؼ ً
٣ترد صغر السن ،أتكلم عن مسَتتو ُب القناةٍ ،ب يتكلم هبذا األسلوب وكأنو ا١تفيت األعظم ،أسلوب
جدا -وىذا ٭تصل عند طبلب من دل يتأدب أبسلوب سَت العلماء! فمن ا٠تطأ والنقص الكبَت ً
اٟتديث -أهنم ال يستفيدوف من سَت ا﵀دثُت ،وإ٪تا يتعاملوف مع علم اٟتديث الذي ىو مظنة أف
تتأدب وتسَت على ىذه ا١تبادئ ،الذي يؤطر علم اٟتديث أتطَت اآللة ال يستفيد من مثل ىذه ا١تعرفة،
أوال أدب النيب
وكثَت من أىل اٟتديث ٦تن اعتنوا هبذا اإلطار السلوكي والتزكوي أتدبوا هبذا األدبً ،
ﷺ؛ ألف اٟتديث ىو ُب األخَت حديث النيب ﷺٍ ،ب أبدب نقلة اٟتديث وهبمتهم ،وبعلومهم،
وْتكمتهم ،ما أورث ٢تم حالة من الصدؽ ،واٟتكمة ،واالعتداؿ ،واإلمامة ُب الدين.
قطعا أنو أتثر بسَت األئمة والعلماء وقبل ذلك بسَتة النيب ﷺ
وإذا رأيت مثل اإلماـ البخاري ستجد ً
مثبل ال ٯتكن أف يكوف عليو اإلنساف ٔتجرد أف يكوف ابن
وأحاديثو ،فالذي كاف عليو اإلماـ البخاري ً
تلك ا١ترحلة فقط إذا دل يكن قد َّ
مد إذل أئمة اإلسبلـ ْتبل أو بسبب.
وجواب على طالب العلم أال يهمل ىذا الباب ،وأف يتعامل معو ابعتداؿ كما ذكرت.
فيجب ً
ٕ٘ٗ
علماء اٟتديث وتتبعهم لؤللفاظ الغريبة:
ىذا كلو كاف استطراد ُب سياؽ اٟتديث ،وا١تدخل الذي وٞتت منو إذل ىذا االستطراد ىو أف علماء
اٟتديث تناولوا ٥تتلف األبواب فتناولوا ما يتعلق ابلرواة ،وتناولوا ما يتعلق اب١تتوف ،فمما تناولوه ُب
ا١تتوف قضية الغريب ،فتتبعوا األلفاظ الغريبة ُب اٟتديث ،وأفردوىا ابلتصنيف والتأليف ،فإذا قرأت
كتب السنة ستجد أف كتبًا قد ٚتعت أي لفظ غريب ٯتر عليك ُب السنة ،وشرحوا ىذا اللفظ وبيّنوه،
• الكتب اليت ٚتعت األلفاظ الغريبة:
والكتب ا١تؤلفة ُب ذلك كثَتة ،وبعضها مفرد -وا١تفرد ىو الذي عليو الشأف -وبعضها اتبع،
• التابع:
أما التابع فمن أشهره ما كتبو ابن حجر ُب مقدمة (فتح الباري) ،وىذه ا١تقدمة ٪توذج للدارسات
العلمية ا﵀كمة ا١تتينة الشمولية لكتاب ما ،حىت أف أي شخص يريد أف يتحدث عن البخاري اليوـ،
يعرؼ ابلكتاب وابإلماـ البخاري كمثل تعريف ابن حجر أو أو حىت يشرح صحيح البخاري ،إذا دل ّ
يعرؼ! ألنو بعد الذي كتبو ابن حجر عن صحيح مقارب أو حىت نصف ا١تستوى أو ربعو فبل ّ
أيضا اإلنساف ٭تًتـ نفسو ،ويعلم أف اٟتديث عن ىذه األبواب فيو مستوايت مرموقة ،فما البخاري ً
كتبو ابن حجر ُب ىدي الساري الذي ىو مقدمة (فتح الباري) ،خدـ صحيح البخاري خدمة
كامبل ،من ٚتلة ما خدمو بو؛ أنو أتى لكل الكلمات الغريبة ُب عجيبة ،غَت خدمتو لو ابلشرح ً
صحيح البخاري فشرحها ُب ا١تقدمة ،ىذا واحد من عناوين ُب ا١تقدمة فقط ،والعناوين ُب ا١تقدمة
كثَتة؛ سواءً ما يتعلق منها اب١تعلقات ،بًتتيب األبواب ،بسَتة اإلماـ البخاري ،ابلرجاؿ الذي انتٌقدوا
احدا وًنقش القضية وعلّق عليها ،األحاديث اليت انتقدىا احدا و ً
على اإلماـ البخاري وذكرىم و ً
أسانيدا وعل ًبلٚ ،تيعو ُب ا١تقدمةٍ ،ب بدأ بسم هللا الرٛتن
ً احدا ،وًنقشها
احدا و ً
الدارقطٍت أتى هبا و ً
الرحيم ُب شرح الفتح ،وشرح آخر حديث ُب صحيح البخاري كمثل ما شرح أوؿ حديث ،بنفس
النظاـ ونفس السعة وا١تستوى ،على غَت عادة بعض الشراح الذين يبدأوف هبمة وتوسع ٍب يضمر كمية
مثبل اقرأوا (ا١تنهاج) ،شرح مسلم لئلماـ النووي -رٛتو هللا -علىومستوى الشرح ُب آخر األحاديثً ،
ٕٗٙ
جدا مع تعليقات
ض ُمر ًأنو من أىم الشروحُ ،ب البداايت توسع وُب نصفو أو آخره ٕتدوف أف الشرح َ
يسَتة ،وابن حجر كتب (فتح الباري) ُب ربع قرفٜ ،تسة وعشرين سنة .فهذه التابعة.
• ا١تفرد:
أما ا١تفردة فهناؾ كتب كثَتة ،أفردت غريب اٟتديث ابلتصنيف ،من ٚتلتها كتاب أيب عبيد القاسم
سبلـ ،وىو من ِّ
أجل الكتب وأشهرىا ،وىو من ا١تتقدمُت ،من أقراف اإلماـ أٛتد بن حنبل ،وٚتع بن ّ
جدا.
ُب غريب اٟتديث وٚتعو ٦تتاز ومهم ً
ٍب أُلفت كتب كثَتة بعد كتاب أيب عُبيد ،إذل أف جاء ابن األثَت رٛتو هللا ُب كتاب (النهاية ُب غريب
جدا ،وىو كتاب كما قلت ُب األثر واٟتديث) مطبوع ُب ٣تلد ،وُب ٣تلدين ،وىو من الكتب اٞتليلة ً
(هتذيب التهذيب) عصفورين ْتجر ،ٯتكن أف يُضرب فيو عصفوراف ْتجر ،عصفور ُب اٞترح
والتعديل وعصفور ُب السَت السلوكية ،فهذا كذلك يضرب فيو عصفوراف ْتجر ،العصفور األوؿ:
مثبل ُب (لساف
اللغة ،فهو كتاب لئلثراء اللغوي الكبَت حىت لغَت ا١تشتغل بعلم اٟتديث ،كأنك تقرأ ً
العرب) ،معجم لغوي لكنو خاص أبلفاظ اٟتديث ،والعصفور الثاين ىو :شرح اٟتديث والسنة ،ىو
ض َخ) يقولك ُبمثبل ،كلمة ( َر َ
طريقتو بديعة؛ أيٌب أبصل الكلمة ٍب أيٌب بكل تصريفاهتا ُب الرواايت ،ف ً
الرض ُخ :العطية القليلة .ومنو حديث علي: برض ٍخ فاقسمو بينهم" ،قاؿْ " :
حديث عمر" :وقد أمرًن ٢تم ْ
يخة :قاؿ :عطيةٍ .ب قاؿ :وُب حديث العقبة" ،فقاؿ ٢تم: ِ
الدين "..إخلَ .رض َ
ويرضخ لو على ترؾ َ" ُ
الرضخ؛ الشدخ.
اضخة" .قاؿ :ىي ا١تراماة ابلسهاـ ،من ْ كيف تقاتلوف؟ قالوا :إذا دًن القوـ كانت ا١تر َ
ُ
أيضا :الدؽ والكسر- .الحظ نفس الكلمة لكن ا١تعٌت األوؿ :العطية ،واآلف :الرمي، والرضخ ً
والرضخ -ومنو حديث :اٞتارية ا١تقتولة على األوضاح ،فرضخ رأس اليهودي قاتِلِها بُت حجرين ،ومنو
ضخ بو النوى. ِ حديث بدر :شبهتها النواة ..من ٖتت الَمر ِ
رض َخة وىي َح َجر يُر َاض ِخ .قاؿ :ىي ٚتع م َ
وُب حديث صهيب أنو كاف يرتضخ لُكنة رومية ،وكاف سلماف يرتضخ لكنة فارسية .أي كاف ىذا
ينزع ُب لفظو إذل الروـ ،وىذا ينزع إذل الفرس ،وال يستمر لساهنما على العربية استمر ًارا".
ٕٗٚ
الحظ ىنا؛ أخذت فوائد لغوية ،وكذلك أخذت شرح ستة أحاديث ُب عدة أسطر ،وىكذا يسَت،
مصدرا لصحة اٟتديث أو ضعفو ،ىو أيتيك ِٔتَا روي ،وكذلك ُب قضية شرحً طبعا الكتاب ليس
ً
دائما صو ًااب ،لكن الفكرة ُب أصل الباب وأصل ا١تعٌت .فهذا من
األلفاظ من النواحي العقدية ليست ً
جلمة ما أولف ،وكذلك كتاب ا٠تطايب وغَته من الكتب الكثَتة ُب غريب اٟتديث ،مثل ما ىو ُب
غريب القرءاف؛ ىناؾ كتب ٚتعت غريب القرآف.
صفحة ٕ ،ٕٚيقوؿ رٛتو هللا تعاذل أبو عمرو عثماف بن الصبلح" :معرفة غريب اٟتديث .وىو
عبارة عن ما وقع يف متوف األحاديث من األلفاظ الغامةضة البعيدة من الفهم لقلة استعما٢تا.
قاؿ :ىذا فن مهم يقبُح جهلو أبىل اٟتديث خاصةٍ ،ب أبىل العلم عامة -ىذا فكرة أف علم
أيضا ابلدراية ،وأف ا١تشتغل ابٟتديث من ا١تفًتض أف يكوف لو
خاصا ابلرواية إ٪تا ً
اٟتديث ليس ً
اشتغاؿ هبذا وىذا -وا٠توض فيو ليس اب٢تُت ،وا٠تائض فيو حقيق ابلتحري جدير ابلتوقي .روينا
عن ا١تيموين ،قاؿُ :سئل أٛتد بن حنبل عن حرؼ من غريب اٟتديث ،قاؿ :سلوا أصحاب
الغريب ،فإين أكره أف أتكلم يف قوؿ رسوؿ هللا ﷺ ابلظن فسأخطئ".
جدا ،وأظن كثَت من الشباب اليوـ ٭تتاجوا أف يقرؤا سَتة اإلماـ
واإلماـ أٛتد ُب تورعو وتوقيو عجيب ً
أٛتد فقط من ابب التأدب ،حىت ُب ا١تسائل اٟتديثية ا﵀ضة اإلسنادية ،اليت تقوؿ اآلف أف الطالب
أحياًن اإلماـ أٛتد يتوقف فيها ،فمسألة مثل مسألة عنعنة ا١تدلس،
أيخذىا ُب أوذل ابتدائي حديثً ،
كثَت ٦تن يدرس علم اٟتديث أيخذىا معلومة ابردة ابىتة ،وىي :أف ا١تدلس إذا عنعن فحديثو مردود
وسئل اإلماـ أٛتد عن ا١تدلس ال يقوؿ :حدثنا وإ٪تا يقوؿ عن، حىت يصرح ابلتحديث وابلسماعُ .
أيكوف حديثو حجة؟ فقاؿ :ال أدري ،ىذه ُب مسائل أيب داود -صاحب السنن -لئلماـ أٛتدٍ ،ب
قاؿ لو أبو داود :األعمش مىت تصاد لو األلفاظ؟ قاؿ اإلماـ أٛتد :يضيق ىذا ،أي أنك ٖتتج بو.
وكذلك سئل مرة عن تفرد –أظن -شريك ،ىل ُ٭تتج بو؟ فقاؿ :ال أدري .وغَت ذلك.
ٕٗٛ
مثبل شيء يكوف اثبتًا ُب الشريعة لكنو يتهيب أف يقوؿ فيو :مفروضأحياًن يتهيب ببعض األلفاظً ،
و ً
أحياًن يستعمل ال ينبغي وكذا ،اإلماـ أٛتد يتوقى .فهنا ١تا ُسئل مسألة ُب الغريب قاؿ:
أو فرض! و ً
طبعا ىو فسر
سلوا أصحاب الغريب فإف أكره أف أتلكم ُب قوؿ رسوؿ هللا ﷺ ابلظن فأخطئً .
كثَتا ،لكن ىذا من ا١تواطن اليت سئل فيها.
الغريب ً
قاؿ ابن الصبلحٍ" :ب إف غَت واح ًدا من العلماء صنفوا يف ذلك فأحسنوا .وروينا عن اٟتكم بن
عبد هللا اٟتافظ قاؿ :أوؿ من صنف الغريب يف اإلسبلـ؛ النةضر بن مشُيل .ومنهم من خالفو
فقاؿ :أوؿ من صنف فيو :أبو عبيدة معمر بن ا١تثٌت .وكتااب٫تا صغَتاف .وصنَّف بعد ذلك أبو
سبلـ كتابو ا١تشهور فجمع وأجاد واستقصى".
عبيد القاسم بن ّ
ىنا عندي مبلحظة على ابن حجر ١تا ذكر أيب عبيد قاؿ" :ككتاب أبو عبيد وىو غَت مرتب ،وقد
بودي أف يذكر شيئًا ُب الثناء على الكتاب قبل أف يقوؿ غَت مرتب ،ليس رتبو الشيخ ،"..كاف ّ
ٖتديدا ىو من أجل الكتب ُب ىذا الباب ،حىت كتاب النهاية ال لش ٍي ،وإ٪تا ألف كتاب أيب عبيد ً
يغٍت عنو! نعم ىو استوعب كل ما ُب أيب عبيد وزاد عليو ،لكن ُب طبيعة نظاـ أتليف أيب عبيد..
لكن انظر ابن الصبلح ىنا ماذا قاؿ ،قاؿ" :فجتمع وأجاد واستقصى ،فوقع من أىل العلم ٔتوقع
جليل ،وصار قدوة يف ىذا الشأفٍ ."..ب قاؿٍ" :ب تتبع ال ُقتيب ما فات أيب عبيد ،فوضع فيو كتابو
ا١تشهورٍ ،ب تتبع أبو سليماف ا٠تطايب ما فاهتما فوضع يف ذلك كتابو ا١تشهور ،فهذه الكتب
الثبلثة أمهات الكتب ا١تؤلفة يف ذلك ،ووراءىا ٣تامع تشتمل من ذلك على زوائد وفوائد كثَتة،
وال ينبغي أف يُقلَّد منها إال ما كاف مصنِّفوىا أئمة ِجلَّة .وأقوى ما يُعتمد عليو يف تفسَت غريب
مفسرا يف بعض رواايت اٟتديث" ،إذل آخر الكبلـ.
اٟتديث أف يُظفر بو ُ
ِّ
وصل هللا على نبينا دمحم وآلو وصحبو وسلم.
ٕٜٗ
احملاضرة التاسعة والعشروف:
ا١تقدمة:
كثَتا طيبًا مبارًكا فيو كما ٭تبو ربنا تبارؾ وتعاذل ويرضى ،اللهم لك اٟتمد
ٛتدا ً
اٟتمد ﵁ رب العا١تُت ً
صل وسلم وابرؾ على عبدؾ ورسولك ال ٨تصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك ،اللهم ِّ
دمحم.
جديدا من ٣تالس الشرح ا١تطوؿ على نزىة النظر ،وىذا ىو اجمللس ً ٣تلسا
نستعُت اب﵁ ونستفتح ً
التاسع والعشروف ،ونسأؿ هللا سبحانو وتعاذل التماـ على خَت ،وُب اٟتقيقة أًن أعترب ىذه اجملالس
ميداًن لتباحث القضااي اٟتديثية وما يتصل هبا من إشكاالت ،حىت فكرية ،وليس القصد ىو التفكيك ً
أيضا من الناحية اٟتديثية ا﵀ضة أحرص على ما يكوف فيو اتصاؿ التفصيلي لكل لفظ من األلفاظ .و ً
دائما أف ىذا العلم فيو
ابلنواحي التطبيقيةْ ،تيث من يدرس علم اٟتديث ينبغي أف يضع أماـ عينيو ً
مقدمات نظرية ،وفيو نتائج تطبيقية ،وىي اليت من ا١تفًتض أف يصل إليها اإلنساف.
غريب اٟتديث:
ٖٓٗ
طبعا ىو دل يذكر ىذا التقسيم ،لكن ىذا اآلف شرح ألبعاد ا١تعٌت ،وىذا التقسيم مهم اي ٚتاعة ويوضح
ً
جيدا ُب ىذا الباب.
الصورة ً
شكلة أحد شكلة ،وإذا كانت م ِ اآلف اٟتديث النبوي ألفاظو :إما أف تكوف واضحة أو تكوف م ِ
ُ ُ
أمرين:
كثَتا ،لفظ من ِ ِ
ٔ) إما أف تكوف ُمشكلة يف ذاهتا ..ما معٌت ُمشكلة ُب ذاهتا؟ غَت مستعملة ً
اايءُُ -ك ُّل َد ٍاء لَوُ َداءٌ" ،ىذه :غياايء أو اايءُ -عَيَ َ
األلفاظ الغريبة ،مثل حديث أيب زرعِ :
"زوجي غَيَ َ
َ
عياايء كلمة غريبة ُب ذاهتا ،وابلتارل ٖتتاج لكي تعرفها إذل مصدر خارجي.
شكبل يف ذاتو ،ولكنو م ِ
شكل شكل :ما ال يكوف م ِ ٕ) ومن األحاديث ،ىذا القسم الثاين من ا١تػ ِ
ُ ُ ُ
ابإلضافة إذل غَته ،أو ابعتبار غَته ،أو ابلنظر إذل غَته؛ يعٍت اللفظ ُب نفسو يكوف و ً
اضحا فإذا
ِ
جوـُ"ٍ ،بضممت إليو حديثًا آخر حدث إشكاؿ ،وذلك كأف تقرأ حديث" :أَفطََر اٟتَاج ُم َوالػ َم ْح ُ
جوـُ" ىل ىذا اللفظ ح م ػ ل او م أف النَّيب ﷺ احتجم وىو صائِم" .اآلف "أَفطَر اٟت ِ
اج تقرأ حديثَّ " :
ْ
َ َ َُ َ ُ َ ََ َُ َ ٌ
شكل ابعتبار غَته. شكل ُب ذاتو؟ ليس ُب ذاتو ،وإ٪تا ىو م ِ
م ِ
ُ ُ
علما من العلوـ الشرعية تتوفر فيو ىذه ا١تيزة -أف كل منعطف ،كل فرع ،كل
ا١تيزة -اليت ال أعرؼ ً
قسم ،كل حالة ،موجودة ُب علم اٟتديث؛ يوجد فيها كتب مصنفة مستقلة ،كتب مستقلة مصنفة ُب
ىذه اٞتزئية ،أو إذا دل تكن كتبًا مستقلة فتجد فيها مباحث موسعة ،فحقيقةً علم اٟتديث إذا ٗتيلت
أنو شجرة ،كل ورقة ُب ىذه الشجرة فيها مصنَّف أو مصنفات ،كل ورقةْ ،تيث أف ىذا العلم ُخدـ
جدا.
خدمة عجيبة كبَتة ،وعميقة ً
يج إذل الكتب ا١تصنِّفة يف شرح معاين األخبار، ِ ِ
يقوؿ لك ىنا :إف اللفظ إذا كاف ُمشك ًبل فػ "احت َ
ِ
وبياف ا١تُشكل منها" ،يعٍت ىناؾ كتب مصنفة تصني ًفا ً
خاصا ُب بياف ما قد يُشكل من األلفاظ.
أحياًن قد يشكل ا١تعٌت فهنا
شكل كلفظ ُب ذاتو فهذا أقرب شيء لو غريب اٟتديثً ، طبعا إذا كاف ي ِ
ُ ً
شكل األخبار.ٖتتاج شرح معاين األخبار ،وقد يشكل ا١تعٌت ابإلضافة إذل ،فهنا ٖتتاج أيضا كتب م ِ
ُ ً
مثبل كتاب (شرحوالعلماء قد اعتنوا أبنواع ما يطرأ من اإلشكاؿ ُب الذىن ُٕتاه النص النبوي ،فعندًن ً
ٖٔٗ
م ِ
شكل اآلاثر) للطحاوي ،ىذا غَت (شرح معاين اآلاثر) للطحاوي ،ىنا بعض الشراح يرى أف (شرح ُ
معاين اآلاثر) ىو األقرب لكبلمي ىنا ،لكن عنده (شرح م ِ
شكل اآلاثر). ُ
شكل من اٟتديث ما ىو؟ ا١تُ ِ
شكل من اٟتديث :ىو ما كاف شكل اآلاثر) ا١تفًتض أف الػم ِ
( -شرح م ِ
ُ ُ
ىناؾ إشكاؿ يف فهم معناه ابإلضافة إذل األحاديث األخرى ،أو إذل اآلايت ،والعقل ،وما إذل
ذلك.
-وعندًن نوع آخر ُب علم اٟتديث اٝتو٥ :تتلف اٟتديث ،ىذا إشكاؿ اٟتديث ابعتبار ماذا؟
األحاديث نفسها ،اآلف كل ىذا ُب التقسيم اإلضاُب.
ىناؾ أحاديث تُشكل ابعتبار أهنا تتعارض ُب الظاىر مع آية قرآنية ،ىذا ٤تلو ُب كتب ٥تتلف
شكل اٟتديث .حسنًا ،أيهما أعم؟ م ِ
شكل اٟتديث أـ ٥تتلف شكل األحاديث؟ م ِ اٟتديث أو كتب م ِ
ُ ُ ُ
شكل اٟتديث .ىل ٥تتلف اٟتديث جزء من م ِ
شكل اٟتديث؟ نعم. اٟتديث؟ م ِ
ُ ُ
ا١تؤلفات يف مشكل اٟتديث و٥تتلف اٟتديث:
٥تتلف اٟتديث :إذا اختلف حديث وحديث ،ىذا فيو كتب كثَتة مصنفة ،منها:
كتااب اٝتو (اختبلؼ اٟتديث)ٚ ،تع فيو نصوص أحاديث ب ً -كتاب اإلماـ الشافعي رٛتو هللا كتَ َ
كثَتة يُفهم أهنا ٗتتلف وتتعارض مع أحاديث أخرى ،والشافعي اىتم ابألحاديث الفقهية ،ولذلك من
أراد أف أيخذ أ٪توذجا على حل ا١ت ِ
شكبلت اٟتديثية ،النصوص ا١تتعارضة من الناحية الفقهية؛ كتاب
ُ ً
(اختبلؼ اٟتديث) للشافعي.
-ومنهم من اعتٌت ببياف حل اإلشكاؿ لِما يتعارض معو اٟتديث لو كاف العقل ،أو القرآف ،أو
الواقع ،أو اٟتديثً ،أاي كاف ،ومنو كتاب (أتويل ُ٥تتَلف اٟتديث) البن قتيبة ،وإف كاف اٝتو ٥تتلف
اٟتديث يوحي ..لكن تناوؿ حىت اإلشكاالت األخرى.
شكل اآلاثر) للطحاوي وىو كتاب كبَت ،أكرب كتاب مؤلف ُب ىذا الباب، -وكذلك (شرح م ِ
ُ
أيضا تناوؿ ما قد يتعارض ِ
و(شرح ُمشكل اآلاثر) اعتٌت فيو أكثر شيء ابختبلؼ اٟتديث ،ولكنو ً
معو اٟتديث من أمور أخرى.
ٕٖٗ
خبلصة الكبلـ :أنو إذا مر عليك حديث يتعارض ُب الظاىر ُب ذىنك مع حديث آخر ،أو مع آية
من كتاب هللا ،أو مع...؛ فاعلم أف ىناؾ مصنفات خاصة ُب ىذا الباب.
• وىنا إضافة:
كثَتا من الكتب ا١تعاصرة قد اعتنت هبذا الباب عناية جيدة .واعتٌت كثَت منهم أال وىي :أف ً
ابألحاديث اليت أثَت حو٢تا إشكاؿ معاصر من اٟتداثيُت والعلمانيُت أو ا١تدارس العقبلنية ا١تعاصرة،
مثبل:
فهناؾ كتب كثَتة مؤلفة ُب ىذا الباب ،وىي كتب جيدة ُب اٞتملة ،منها ً
-كتاب (التعارض ُب اٟتديث) للدكتور لطفي الزغَت ،ىذا كتاب مع أنو ٣تلد واحد لكنو ٚتع أنواع،
أتى ابألحاديث اليت يُ َّدعى أهنا تتعارض مع العلم الطبيعي ،األحاديث اليت يُ َّدعى أهنا تتعارض مع
العقل ،األحاديث اليت يُ َّدعى أهنا تتعارض مع القرآف ،األحاديث اليت يُ َّدعى أهنا تتعارض مع أحاديث
أخرى.
أيضا ىناؾ كتاب جديد طبع من مركز تكوين من ثبلث ٣تلدات( :ا١تعارضات الفكرية ألحاديث -و ً
جدا يُ َّدعى أهنا تعارض إما العقل ،أو العلم الطبيعي ،أو ..إذل
الصحيحُت)ٚ ،تع فيو أحاديثًا كثَتة ً
آخره.
جدا وىو كتاب (دفع ا١تعارض العقلي ألحاديث الصحيحُت) اعتٌت فيو أيضا ىناؾ كتاب مهم ً -و ً
برفع التعارض مع ما يُ َّدعى أنو يعارض العقل من أحاديث الصحيحُت.
وىذه كلها جهود مشكورة للمعاصرين تدخل ضمن ىذا القسم من مصطلح اٟتديث ،الذي ىو:
بياف م ِ
شكل اٟتديث. ُ
ٖٖٗ
• وأختم ىذه الفقرة ابلقوؿ أبف من أىم مصادر رفع التعارض أو حل اإلشكاؿ ا١تتعلق
ابٟتديث :كتب شرح السنة.
كتب شروح اٟتديث كثَتٌ منها يعتٍت هبذا ،خاصة الكتب الشمولية اليت تتناوؿ اٟتديث من ٥تتلف
أبعاده ،ومن أىم الكتب ُب ذلك:
( -فتح الباري) البن حجر رٛتو هللا ،حيث يعتٍت ابن حجر حُت يذكر اٟتديث أنو إذا كاف يتوىم
فيو معارضة حديث آخر أو كذا ،يرفع ىذا التعارض ،وىذا كلو من ٘تاـ البياف ،ومن ٘تاـ العلم ،أف
أيضا ،العلماء ِ
طبعا وىذا موجود ُب كتاب هللا ً أتٌب إذل العلم فتقرر ما فيوٍ ،ب تُزيل ما يُشكل عليوً .
اعتنوا ابلقرآف من ىذه الناحية ،وألَّفوا مصنفات ُب رفع اإلشكاؿ ا١تتوىم ٕتاه بعض اآلايت.
-ومن ذلك ابن قتيبة أيضا كتب (أتويل م ِ
شكل القرآف). ُ ً
إيهاـ االضطراب عن آي -كذلك من ا١تعاصرين كتب الشنقيطي رٛتو هللا ،كتب ماذا؟ (دفع َ
الكتاب) ،وىذا الكتاب جيد مفيد حىت ُب التعليم البحثي ،يعٍت تتعلم كيف يُتعامل العلماء مع
ا١تضائق.
أف العلم كما أنو أمر فسيح وساحة فيها من ا١توارد وىنا فائدة استطرادية منهجية سريعة أال وىيَّ :
ا١تغذية لئلنساف الشيء الكثَت؛ َّإال أف فيو مضائق ،وىذه ا١تضائق قد يَِزُّؿ فيها اإلنساف ،ىذه ا١تضائق
ك الْكِتَ ِ ِ
اب منْوُ
َ أحياًن ا١تتشابو ،وقد قاؿ هللا سبحانو وتعاذلُ ﴿ :ى َو الَّذي أ َ
َنزَؿ عَلَيْ َ ٯتكن أف تسميها ً
ين ُِب قػُلُوهبِِ ْم َزيْ ٌغ﴾ ،الحظ ىناؾ َّ ِ ِ ات ُى َّن أ ُُّـ الْكِتَ ِ
ات ۖ فَأ ََّما الذ َ ُخ ُر ُمتَ َشاهبَ ٌ اب َوأ َ ت ُّ٤تْ َك َم ٌ
آاي ٌ
َ
مكاف فسيح ويًتكونو ﴿فَػيَػتَّبِعُو َف َما تَ َشابَوَ ِم نْوُ ابْتِغَاءَ الْ ِفتْػنَ ِة َوابْتِغَاءَ َأتْ ِويلِ ِو﴾ ،وىكذا ُب العلم
أًنسا يًتكوف الواضح من العلم، بشكل عاـ ،حىت ُب سنة النيب ﷺُ ،ب تناوؿ كبلـ العلماءٕ ،تد ً
ا﵀كم من العلم ،اجملمع عليو من العلم ،ويتتبعوف الغريب واألقواؿ الشاذة ،فيقوؿ لك أدل يقل فبلف
آت ابلكبلـ من رأسي ىذا كبلـ العلماء موجود! ىؤالء يتتبعوف كذا؟ أدل يقل اإلماـ كذا كذا؟ أًن دل ِ
مضائق العلوـ ،والزَّالت ،واألخطاء ،وما إذل ذلك ،ليس من ابب االستنقاص وإ٪تا من ابب بناء
الصورة العلمية ،ولكنها تكوف مبنية على مضائق العلم ال على أساساتو .ومن عبلمات ا٠تِذالف
لئلنساف أف يُبٌت بناؤه العلمي من ا١تضائق وا١تتشاهبات ال من ا﵀كمات والنظر الفسيح.
ٖٗٗ
أيضا
-والنظر الفسيح ىذا عنواف كتاب البن عاشور ،استعمل فيو النظر الفسيح ،واستعمل فيو ً
مضائق ،أظن اٝتو( :النظر الفسيح عند مضائق األنظار ُب اٞتامع الصحيح).
اٞتهالة وسببها:
ٍب انتقل ابن حجر -رٛتو هللا -إذل موضوع آخر ،أال وىو اٞتهالة ،قاؿٍ" :ب اٞتهالة ابلراوي -وىي
السبب الثامن يف الطعن -وسببها أمراف:
ٔ) أحد٫تا :أف الراوي قد تكثر نعوتو -ما معٌت نعوتو؟ أوصافو -من اسم ،أو ُكنيَة ،أو ٍ
لقب ،أو
صفة ،أو ِحرفة ،أو نسب ،فيشتهر بشيء منها ،فيُذ َكر بغَت ما اشتُ ِهر بو لغرض من األغراض
ٍ
صل اٞتهل ْتالو .وصنفوا فيو -الحظ كل ما أيٌب لفرع يقوؿ لك :وصنفوا فيُظ رن أنو آخر ،فيح ر
فيو -أي يف ىذا النوعِ ( ،
ا١توضح ألوىاـ اٞتمع والتفريق) ،أجاد فيو ا٠تطيب -ألَّف الكتاب
ا٠تطيب البغدادي كما تعودًن أنو كل ما أيٌب صنف من أصناؼ اٟتديث ٧تد ا٠تطيب البغدادي ألَّ َ
ف
ةضاٍ ،ب الصوري- .الحظ فيو -وسبقو إليو عبد الغٍت وىو ابن سعيد ا١تصري ،وىو األزدي أي ً
اآلف يذكر لك مؤل َفُت ُب ىذا الفرع الدقيق من اٞتهالة من أسباب الطعن ُب الراوي.-
ومن أمثلتو :دمحم بن السائب بن بشر الكليب ،نسبَو بعةضهم إذل جده ،فقاؿ :دمحم بن بشر ،وٝتَّاه
بعةضهمٛ :تَّاد بن السائب ،وكنَّاه بعةضهم :أاب النةضر ،وبعةضهم :أاب سعيد ،وبعةضهم :أاب ىشاـ؛
فصار يُظ رن أنو ٚتاعة ،وىو واحد ،ومن ال يعرؼ حقيقة األمر فيو ال يعرؼ شيئًا من ذلك" .يعٍت
مثبل عن أيب سعيد الكليب ،يذىب يبحث وال ٬تد ،فيقوؿ لك ٣تهوؿ! أو ُب وقت
٦تكن أيٌب عليك ً
مثبل يسمع وال يعرؼ االسم فيقوؿ لك٣ :تهوؿ .وىو اآلف يقوؿ لك :ما ىي أسباب اٞتهالة؟
الرواية ً
أوال :كثرة النعوت للشخص الواحدٍ ،ب يوصف ٔتا دل يشتهر من ىذه النعوت ،ىذا
فقاؿ لك ً
سبب.
ٕ) السبب الثاين قاؿ" :واألمر الثاين :أف الراوي قد يكوف ٌم ِق ًبل من اٟتديث ،فبل يكثُر األخذ
الوح َداف ،وىو من دل ير ِو عنو إال واحد ،ولو ُِٝتّ َيٗ- .تيل توجد مصنفات يتتبع
عنو .وصنَّػ ُفوا فيو ُ
ٖ٘ٗ
ِ
رواة اٟتديثَ ،من الرواة الذين دل يرِو عنهم إال را ٍو واحد؟ أفردوه ابلتصنيفّ -
فم َّمن ٚتَ َعوُ :مسلم،
واٟتسن بن سفياف ،وغَت٫تا.
اختصارا من الراوي عنو .كقولو :أخربين فبلف ،أو شيخ ،أو رجل ،أو ً أو ال يُسمى الراوي،
بعةضهم ،أو ابن فبلف .ويُستدؿ على معرفة اسم ا١تُ َبهم بوروده من طر ٍيق أخرى مس ًمى فيها.
سم "..اآلف ما ىو ا١تبهم؟ ما ىي صورتو؟وصنفوا فيو ا١تُ َبه َمات .وال يُقبَ ُل حديث ا١تبهم ما دل يُ َّ
حدثٍت رجل ،أو حدثٍت ثقة ،أو حدثٍت فبلف ،أو حدثٍت رجل من اٟتي ،أو حدثنا إماـ اٟتي ،أو
حدثنا خادـ فبلف ،حدثنا موذل أـ سلمة ،حدثنا موذل عكرمة ،موذل فبلف ..إذل آخره.
سم؛ ألف شرط قبوؿ ا٠ترب عدالة ُرواتو ،ومن أُهبِم اٝتو ال
قاؿ" :وال يُقبَ ُل حديث ا١تبهم ما دل يُ َّ
تُعرؼ عينُو؛ فكيف تعرؼ عدالتو.
وكذا ال يُقبَل خربه ولو أُهبِم بلفظ التعديل ،كأف يقوؿ الراوي :أخربين الثقة؛ ألنو قد يكوف ثقة
٣تروحا عند غَته .وىذا على األصح يف ا١تسألة- ،عندما يقوؿ لك على األصح معناه فيو ً عنده
خبلؼ -و٢تذه النكتة دل يقب ِل ا١تُرسل "..من أيٌب ابلرابط؟ قد يكوف الذي أرسل أرسلو عن ٍ
ثقة ً َُ
مثبل :قاؿ رسوؿ هللا ﷺ ،أو قاؿ اٟتسن ،و٨تن نقوؿ ىذا من قسم الضعيف، عنده ،فيقوؿ لك ً
١تاذا؟ ألنك وإف جزمت أنت -ىذا لو افًتضنا أنو ١تا يقوؿ :قاؿ رسوؿ هللا ،ىو يقصد اٞتزـ -فهذا
ال يعٍت أف الثقة الذي ٕتزـ أنو ثقة أنو يكوف كذلك عند غَتؾ.
ٖٗٙ
الراوي قد تكثر نعوتوٍ ،"..ب قاؿ" :واألمر الثاين :أف الراوي قد يكوف ٌم ِق ًبل من اٟتديث ،فبل
اختصارا".
ً سمى الراوي
الوح َداف ...أو ال يُ َّ
يكثُر األخذ عنو .وصنَّػ ُفوا فيو ُ
سمى
ٖ) وأان أعتقد أف ىذا سبب اثلث ،ىو ذكر يف البداية أمراف لكن ىذا اثلث" :أو ال يُ َّ
ٍ
كسبب استقبلال ،بدأه على أنو ماذا؟
ً اختصارا" ،ىنا بدأ ُب ا١تبهم ،لكن ا١تبهم دل يبدأه
ً الراوي
للجهالة.
ٖٗٚ
أنواع اٞتهالة:
• ٣تهوؿ العُت:
اآلف سينتقل إذل نقطة ُب اٞتهالة فسيقوؿ ..يعٍت بعد التقسيمات السابقة اآلف سيأٌب للنتيجة ،قاؿ:
"فإف ُٝت َّي الراوي -ىذا معناه لن يكوف من أي قسم؟ لن يكوف من الثالث -وانفرد را ٍو واح ٌد
ابلرواية عنو؛ فهو ٣تهوؿ العُت ،كا١تُ َبهم -الذي ىو ا١تبهم القسم الثالث -فبل يُقبَل حديثو إال أف
يوثَِّقوٌ غَت َمن ينفرد بو عنو على األصح ،وكذا َمن ينفرد عنو إف كاف ً
متأىبل لذلك" ،ىذا اآلف
القسم الذي اٝتو٣ :تهوؿ العُت ،خبلصتو أف ٣تهوؿ العُت دل يرِو عنو إال واحد ،ومن ابب أوذل أنو إذا
يسم.
دل َّ
• ٣تهوؿ اٟتاؿ:
"أو إف روى عنو اثناف فصاع ًدا ،ودل يًوثَّق فهو ٣تهوؿ اٟتاؿ ،وىو ا١تستور .وقد قَبِ َل روايتو ٚتاعةٌ
قيد ،وردىا اٞتمهور .والتحقيق :أف رواية ا١تستور ،و٨توه٦ ،تا فيو االحتماؿ؛ ال يُطلَق القوؿ بغَت ٍ
برِّدىا ،وال بقبو٢تا ،بل يقاؿ :ىي موقوفةٌ إذل استبانة حالو ،كما جزـ بو إماـ اٟترمُت ،و٨توه قوؿ
فسر".
ابن الصبلح فيمن ُج ِرح ّتَ ْر ٍح غَت ُم َّ
يسم فهذا
اآلف يقوؿ لك بعد ما قسم أسباب اٞتهالة :نريد أف نصل لنتيجة؛ اآلف إذا كاف الراوي دل َّ
٣تهوال وال نعرؼ من ىو ،ولكن:
بطبيعة اٟتاؿ يعترب ً
مثبل أيتيك راوي فيقوؿ :حدثنا دمحم بن علي اٞتهضمي ،ىذا ما روى عنو إال ىذا الراوي
-إذا ُٝت َّي؛ ً
شيخ هبذا االسم؛ اآلف يقوؿ
فقط ،لنفًتض أف ىذا الراوي ىو أبو إسحاؽ السبيعي ،وأنو روى عن ٍ
ما داـ ما روى عنو إال ىذا ولو كاف أبو إسحاؽ السبيعي -أحد الستة الذين تدور عليهم أسانيد
اٟتديث -فهذا ٣تهوؿ العُت.
-فإذا روى آخر مع أيب إسحاؽ عن نفس ىذا الراوي؛ ارتفعت عنو جهالة العُت فصار ٣تهوؿ
اٟتاؿ ،يقوؿ لك وىذا ىو ا١تستورٍ .ب قاؿ لك ىناؾ خبلؼ ُب قبوؿ روايةً ..
طبعا ىذا كلو ُب
حاؿ دل يوثقُ ،ب حاؿ دل ٬ترح ودل يوثق ،يقوؿ لك ىذا ٣تهوؿ العُت وىذا ٣تهوؿ اٟتاؿ.
ٖٗٛ
إذف مىت ترتفع جهالة العُت يف تقرير ابن حجر؟ إذا روى اثناف فأكثر.
أصبل ابن حجر نفسو أشار إذل أنو يوجد بعض ا٠تبلؼ
ىذا التقسيم هبذه الطريقة فيو بعض النظر ،و ً
ُب قبولو وُب كذا ،والكبلـ ُب ىذه ا١تسألة طويل ،الكبلـ ُب مسألة اجملهوؿ وما يتعلق هبا من
تفصيبلت ،الكبلـ يطوؿ.
ابن رجب رٛتو هللا ُب (شرح العلل) كعادتو رٛتو هللا ال يكتفي هبذه التقسيمات النظرية ويقف
قدر من
عندىا ،وإ٪تا أيٌب بكبلـ ا١تتقدمُت الذي من عادتو أف يكوف تطبيقيًاٍ ،ب يبُت أف القضية فيها ٌ
فمثبل يقوؿ" :وقد اختلف الفقهاء وأىل اٟتديث يف رواية الثقة عن ٍ
رجل غَت تعدد األحواؿً ،
معروؼ ،ىل ىو تعديل لو أـ ال؟ وحكى أصحابنا عن أٛتد يف ذلك روايتُت ،وحكوا عن اٟتنفية
تعديل ،وحكوا عن الشافعي خبلؼ ذلكٍ ،"..ب قاؿ" :وقاؿ يعقوب بن شيبة :قلت ليحِت
ٌ أنو
بن معُت :مىت يكوف الرجل معروفًا ،إذا روى عنو كم؟ قاؿ إذا روى عن الرجل مثل ابن سَتين
والشعيب وىؤالء أىل العلم؛ فهو غَت ٣تهوؿ" .معناه كم الذين رووا ىنا عنو؟ يفهم منو أنو ولو
واحد ،ولو واحد من ىؤالء.
"قلت -ال زلنا ُب سؤاؿ ابن معُت :-إذا روى عن الرجل مثل ِٝتاؾ بن حرب وأيب إسحاؽ؟ -أبو
إسحاؽ السبيعي من كبار ا١تشهورين -قاؿ :ىؤالء يرووف عن ٣تهولُت" .قاؿ ابن رجب" :وىذا
تفصيل حسن ،وىو ٮتالف إطبلؽ دمحم بن ٭تِت الذىلي الذي تبعو عليو ا١تتأخروف ،أنو ال ٮترج
الرجل من اٞتهالة إال برواية رجلُت فصاع ًدا عنو .وابن ا١تديٍت يشًتط أكثر من ذلك ،فإنو يقوؿ
معا :إنو ٣تهوؿ .ويقوؿ فيمن يروي عنو شعبة
فيمن يروي عنو ٭تِت بن أيب كثَت ،وزيد بن أسلم ً
وحده :أنو ٣تهوؿ .وقاؿ فيمن يروي عنو ابن ا١تبارؾ ،ووكيع ،وعاصم :ىو معروؼ وقاؿ فيمن
روى عنو عبد اٟتميد بن جعفر ،وابن ٢تيعة :ليس اب١تشهور- "...ىذه التطبيقات اآلف.-
ٖٜٗ
ٍ
طبقات متعددة ،والظاىر أنو ينظر إذل قسم اجملهولُت من شيوخ أيب إسحاؽ إذل
ٍب قاؿ" :وقد َّ
اشتهار الرجل بُت العلماء وكثرة حديثو و٨تو ذلك ،ال ينظر إذل ٣ترد رواية اٞتماعة عنهم.
وكذا قاؿ أبو حاًب الرازي يف إسحاؽ بن أسيد ا٠ترساين :ليس اب١تشهور ،مع أنو روى عنو ٚتاعة
من ا١تصريُت لكنو دل يشتهر حديثو بُت العلماء .وكذا قاؿ أٛتد يف حصُت بن عبد الرٛتن
حجاج بن أرطأة ،وإٝتاعيل بن أيب خالد "..إذل آخره.
اٟتارثي :ليس يعرؼ ،ما روى عنو غَت َّ
وقاؿ بعد ذلك" :وظاىر ىذا أنو ال عربة بتعدد الرواة ،وإ٪تا العربة ابلشهرة ورواية اٟتفاظ
الثقات".
خبلصة:
الكبلـ ُب ىذه ا١تسألة كثَت وطويل ،ال يسع حقيقة أف الواحد يدخل ُب تفاصيل تفاصيلو ،لكن
خبلصة الكبلـ :أف رواية الرواة عن غَت ا١تعروفُت تتفاوت ،والتفاوت ال ينبغي أف ُ٭تصر ُب قضية
العدد .السؤاؿ ىل العدد يؤثر أو ال يؤثر؟ يؤثر؛ فالراوي الذي دل يرِو عنو إال را ٍو واحد ،غَت الراوي
الذي روى عنو ٜتسة عشر ،و٨تن نتكلم ىنا عن اٞتهالة ،فيؤثر العدد ،لكن ينبغي ّأال ُٖتصر القضية
ُب العدد أنو ىو الذي يرفع اٞتهالة ،فإذا كاف الراوي عن ىذا الراوي الذي ىو ٤تل السؤاؿ:
-إذا كاف معروفًا ابلتحري ،والتثبت ،والتحوط ،وانتقاء الرواة واختيارىم؛ فقد تُرفع اٞتهالة عن شيخو
ولو تفرد عنو١ ،تاذا؟ ألنو يتحرى ،يتثبت ،إذل آخره.
-يضاؼ ىذا إذل اعتبار آخر وىو :ما ىي األحاديث اليت رواىا ىذا؟ ىل ىي أحاديث كثَتة ْتيث
أنو ٯتكن نقده عليها أو ال؟ فهي -دعوًن نقوؿ -عوامل مؤثرة متعددة ،فإذا اجتمع ُب الراوي أف
أحاديثو كثَتة ،ما روى عنو إال اثناف ،لكن لو أحاديث كثَتة ،وىذه األحاديث اشتُ ِهرت بُت أىل
العلم ،وكاف ابإلمكاف نقد ىذا الراوي بناء على رواايتو؛ فإف مثل ىذا ال يطلق عليو اسم اٞتهالة .ولو
بعكس ذلك ،راوي دل يرِو إال حديثًا و ً
احدا ،وتفرد عنو اثناف ابلرواية عنو ،وىذاف ال يعرفاف ابلتتبع،
والتحوط ،وإذل آخره ،فهذا قد يوصف أبنو ٣تهوؿ ،وىكذا ىي القضية فيها قرائن ٥تتلفة ومتعددة.
ٓٗٗ
ستتماسوف مع ىذا ا١تبحث؟ ُب
ُّ النتيجة العملية ابلنسبة لكم اي طبلب اٟتديث ما ىي؟ عمليًا أين
أي منطقة من مناطق اٟتديث عمليًا؟ ُب كتب الرجاؿ١ ،تا ٗترج حديثًا؛ ستبحث ُب اإلسناد١ ،تا
ّ
تبحث ُب اإلسناد ستبحث ُب االتصاؿ ،وُب علل اإلسناد ،وُب الرجاؿ ،ثبلثة أشياءُ :ب االتصاؿ،
وُب العلل واختبلؼ الطرؽ ،وُب أحواؿ الرواة١ .تا تبحث ُب أحواؿ الرواة سوؼ أتتيك قضية أنو
منصوصا على جهالتو وال يوجد خبلؼ فهذا األمر سهل .إذا دل يكن
ً ٣تهوؿ أـ غَت ٣تهوؿ؟ إذا كاف
منصوصا على جهالتو ،ولكن ودل ٕتد فيو توثي ًقا؟ ىذا كثَت موجود ُب كتب الرواة ،ىنا أنت ستصطدـ
ً
ابلقضية ،ىنا سيكوف ٤تل اإلشكاؿ.
مثبل ُب (هتذيب التهذيب) ،دل ٕتد فيو توثي ًقا
أيضا فيو تفصيل :فإذا كاف الراوي الذي قرأت لو ً وىذا ً
أصبل لوفصبل ُب مثل ىذا؛ ألف ابن حباف ً مثبل ،توثيق ابن حباف ال يعترب ً إال توثيق ابن حباف ً
مذىب ُب التوثيق ،فغالب الرواة ىؤالء ال ٕتد فيهم إال توثيق ابن حباف ،وٕتد "روى عنو ٚتاعة"؛
٥ترجا ُب
فماذا تفعل؟ اٞتواب أحد أمور :إف كاف من طبقة التابعُت وكاف اٟتديث -دعنا نقوؿً -
تعديبل ،فمثل ىذا األغلبجرحا وال ًمشهورا ،وروى ٚتاعة عن ىذا الراوي ،ودل ٕتد فيو ًً كتب السنة،
خرج لو مثل النسائيٕ ،تد حديثو ُب النسائي ،النسائي شرطو فيو قوة ،فإذا قَػبُوؿ حديثو ،خاصة إذا َّ
مثبل ،وُب الًتمذي ،وأيب داوود ،وأٛتد ،إذل آخره ،وكاف من طبقة التابعُت، كاف حديثو ُب النسائي ً
جرحا ،وحديثو مشهور؛ فهذا ُب الغالب يُقبَل حديثو ولو دل ٕتد فيو توثي ًقا .وىناؾ تفصيل
ودل ٕتد فيو ً
أكثر من ذلك ،لكن أكتفي هبذا القدر.
ِّ
وصل اللهم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت.
ٔٗٗ
احملاضرة الثبلثوف:
ا١تقدمة:
كثَتا طيبًا مبارًكا فيو كما ٭تب ربنا تبارؾ وتعاذل ويرضى ،اللهم لك اٟتمد
ٛتدا ً
اٟتمد ﵁ رب العا١تُت ً
صل وسلم وابرؾ على عبدؾ ورسولك دمحم.ال ٨تصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك ،اللهم ِّ
جديدا من ٣تالس الشرح ا١تطوؿ على نزىة النظر ،سائلُت هللا سبحانو
ً ٣تلسا
نستعُت اب﵁ ونستفتح ً
تعاذل العوف والتسديد والتوفيق.
ال يزاؿ ُب الكتاب ٦تا بقي منو كثَت ،لكن نسأؿ هللا سبحانو وتعاذل التيسَت ،أرجو أف يكوف ما بقي
ٯتكن أف يُنهى ُب عشر دروس ،لعل وعسى ،إذا تيسر إف شاء هللا.
البدعة:
حسنًا ال يزاؿ اٟتديث ُب أسباب الطعن ُب الراوي .قاؿ ابن حجر رٛتو هللاٍ" :ب البدعة :وىي
السبب التاسع من أسباب الطعن يف الراوي ،وىي إما أف تكوف ٔت َك ِّفر :كأف يعتقد ما يستلزـ
ِ
ٔتفسق.
الكفر .أو ّ
فاألوؿ :ال يقبل صاحبها اٞتمهور .وقيل :يُقبل مطل ًقا .وقيل :إف كاف ال يعتقد ِح ّل الكذب
لنصرة مقالتو قُبِ َل .والتحقيق :أنو ال يُر رد كل مكفر ببدعتو؛ ألف كل طائفة ت ّدعي أف ٥تالفيها
ُخذ ذلك على اإلطبلؽ الستلزـ تكفَت ٚتيع الطوائف. مبتدعة ،وقد تبالغ فتكفر ٥تالفها ،فلو أ ِ
معلوما من الدين ابلةضرورة ،وكذا
ً متواترا من الشرع
ً فا١تعتمد أف الذي ترر رد روايتو من أنكر ً
أمرا
من اعتقد عكسو ،فأما من دل يكن هبذه الصفة وانةضم إذل ذلك ضبطُو ١تا يرويو ،مع ورعو وتقواه،
فبل مانع من قبولو.
ٕٗٗ
حل
مبتدع شيء يُشاركو فيو غَت مبتدع .وقيل :يقبل مطل ًقا ،إال أف يعتقد ّ
فينبغي أف ال يُروى عن ٍ
الكذب ،كما تقدـ .وقيل :يُقبل من دل يكن داعية إذل بدعتو؛ ألف تزيُت بدعتو قد ٭تملو على
ٖتريف الرواايت وتسويتها على ما يقتةضيو مذىبو ،وىذا يف األصح .وأغرب ابن حباف؛ َّ
فادعى
االتفاؽ على قبوؿ غَت الداعية ،من غَت تفصيل.
نعم ،األكثر على قبوؿ غَت الداعية ،إال إف يروى ما يُػ َق ِّوي بدعتو ُ
فَت رد ،على ا١تذىب ا١تختار،
وزجاين ،شيخ أيب داوود والنسائي ،يف كتابو وبو صرح اٟتافظ أبو إسحاؽ إبراىيم بن يعقوب اٞتُ َ
(معرفة الرجاؿ) ،فقاؿ يف وصف الرواة" :ومنهم زائغ عن اٟتق -أي عن السنة -صادؽ
منكرا ،إذا دل يُ ِّ
قو بو بدعتو" اىػ .وما اللهجة؛ فليس فيو حيلة إال أف يؤخذ من حديثو ماال يكوف ً
قالو ُمتَّجوٌ؛ ألف العلة اليت ٢تا ُر ّد حديث الداعية واردةٌ فيما إذا كاف ظاىر ا١تروي يوافق مذىب
ا١تبتدع ،ولو دل يكن داعية .وهللا تعاذل أعلم".
٣تردا
ىذا اآلف نص مطوؿ من اإلماـ ابن حجر رٛتو هللا تعاذل من (النزىة) ،لو أردًن أف نقرأ النص ً
ملخصا ،كل ىذا الكبلـ ملخص ُب ثبلثة أسطر أو
ً من (النخبة) ،كل الكبلـ الطويل ىذا ستجدونو
سطرين ونصف ُب (النخبة).
ِ
فسق؛ فاألوؿ :ال يقبل صاحبها اٞتمهور .والثاين: قاؿ رٛتو هللا تعاذلٍ" :ب البدعة إما ِّ
ٔتكفر أو ٔتُ ّ
يُقبل من دل يكن داعية يف األصح إال أف يروي ما يقوي بدعتو فَتد على ا١تختار ،وبو صرح
اٞتوزجاين شيخ النسائي" اىػ.
ىذا اآلف نص من (النخبة) .كما تعودًن أًن ال أشرح بطريقة تفكيك العبارات ،وإ٪تا اب١توضوع؛ ألف
ىذا الشرح ..اآلف ابن حجر نفسو يشرح (النخبة) ،فشرحها ُب ذلك الشرح ،ىذا الشرح -شرح ابن
أوال
حجر نفسو -ال ٭تتاج إذل شرح تفصيلي ،إال بعض ا١تواضع ،لكن الذي ُ٭تتاج إليو ىو أف تنظر ً
إذل ما قالو ابن حجرٍ ،ب تنظر ىل ىناؾ كبلـ آخر ُب كتب اٟتديث يصلُح أف يضاؼ ،أو حىت
يصلح أف يُعلِل بعض الكبلـ ،أو يُدلِّل على بعض الكبلـ ،أو يرتب بعض الكبلـ ،أو أنت كشارح
تقوـ بًتتيب الكبلـ وتقريبو واالستدالؿ عليو ،انتقاد بعضو ىكذا؟ ىذا الذي يصلح أف يكوف ،أما
ٖٗٗ
الوقوؼ مع اٞتمل ٚتلةً ٚتلةً ،وٖتليل كل واحدة واالستدالؿ على كل معٌت؛ فهذه طريقة مسلوكة،
ولكن ليست ىي ا١تعتربة ىنا ُب ىذا السياؽ.
• يعٍت ١تاذا يعتٍت العلماء بذكر قةضية البدعة وا١توقف من ا١تبتدع يف الرواية؟ ألمرين اثنُت:
عمدا بتلبيس ،أو كذب ،أو افًتاء، ٔ) األمر األوؿٟ :تماية السنة النبوية من أف يُ َ
دخل فيها شيءٌ ً
ويكوف سبب ىذا التعمد ىو التعصب لبدعة ما.
ٕ) األمر الثاين :ىو موضوع ا٢تجر ،أو التغليظ والزجر ُب حق أصحاب البدع ،أو ا١توقف الناعم
منهم ،يعٍت اآلف كوف ىذا الرجل صاحب بدعة أتى بشيء ُ٤ت َدث ُب الدين ويدعو إليو ،ما موقفنا
٨تن منو؟ ىل نروي عنو اٟتديث؟ حسنًا عندما أنت تقوؿ نروي عنو ىذا معناه أنك أصبحت تلميذ
شيخا ،ىل ىذا فيو تقوية لبدعتو؟! اآلف أًن أعرؼ أنو صادؽ ،انتهينا من ا١تنزع
أو طالب وىو أصبح ً
األوؿ ،أعرؼ أنو صادؽ .ىل ُب كوين أروي عنو فيو شيء من التصدير لو ،وفيو اعًتاؼ ضمٍت أبنو
شخص معترب ببدعتو وقولو أـ ال؟ ىذا منزع آخر.
ٗٗٗ
لذلك بعض من هنى عن الرواية عن أىل البدع دل يكن السبب عندىم ىو ا١تنزع األوؿ الذي ىو
خشية الكذب؛ ألنو يعلم أنو صادؽ ،وإ٪تا كاف السبب ىو كيف نتعامل مع ىذا ا١تبتدع الذي أتى
ببدعة من شأننا أف ٧تعلها ُب زاوية ،وأف نُبعِدىا عن الوسط ،و ّأال ٧تعل غَتًن يتأثر هبا.
فهذاف سبباف أساسياف ُب التعامل مع قضية ا١تبتدع ورواية ا١تبتدع وإذل آخره.
-الصورة الثانية :ما الذي آؿ إليو األمر من حيث الصورة العملية اليت أنت ٕتدىا بعد انطواء تلك
ا١تراحل ُب كتب اٟتديث؟ الصورة العملية اليت ستجدىا أنك ستجد ُب ٚتيع كتب السنة ،أو ُب ُج ِّل
كتب السنة رواية عن ا١تبتدع.
وىؤالء الذين ُروي عنهم ُب كتب السنة ىم ٥تتلفو صور البدع ،فمنهم من كانت بدعتو التشيرع -
والتشيُّع ُب االصطبلح ا١تتق ِّدـ فيو معٌت أوسع من التشيُّع ُب اإلصبلح ا١تتأخر ،فمن كاف يُق ِّدـ عليِّا
رضى هللا عنو على الصحابة دوف الطعن فيهم يعد ىذا صنف من التشيع ،فإف ٚتع إذل ذلك أنو
يطعن ُب خبلفة أيب بكر الصديق وعمر بن ا٠تطاب رضى هللا تعاذل عنهما فهذا رفض -فمنهم من
قدراي ٦-تن ينفي القدر ،وىذا لو صور ،توجد الصورة الغالية
كاف متشيّػ ًعا وىذا كثَت ،ومنهم من كاف ً
جدا منو ،ا١تتطرفة ،وىي نفى العلم وىناؾ ما دوف ذلك -ومنهم من كاف ِ
جهميَّا ،ومنهم من كاف ً
فيو نصب -عكس التشيُّع ،-ومنهم من كاف خارجيَّا -من أىل ا٠توارج ،-ومنهم من كاف م ِ
رجئًا. ُ
٘ٗٗ
وىذه أنواع البدع يقسموهنا فيها ا١تغلَّظ ،وفيها ا١تخفف ،وأصناؼ ا١تنتسبُت إليها فيهم من ىو عنده
عرب عنو ابلدعوة إذل البدعة ،يسموه الداعي إذل البدع -تعصب أو اىتماـ ٗتصصي هبذا اجملاؿ الذي يُ َّ
عند قولنا الداعي إذل البدع ليس معناه أنو ذكر مرة واحدة الدعوة إذل البدع ،الداعي إذل البدعة غالبًا
يستلزـ أنو مشتغل هبذه الناحية العقيدة أو الناحية الذي بُ ِّدع ألجلها -فهذا كلو تقسيمات لذلك
الواقع.
مثبل ستجد أف أصنافًا متعددة من ىذه البدع ٢تا رواة ُب صحيح
ُب كتب الروايةُ ،ب صحيح البخاري ً
البخاري ،ىؤالء َٚتَ َع ُهم ابن حجر رٛتو هللا ُب مقدمة البخاري ،مقدمة الشرح لػ(ىدي الساري)،
وسرد قائمة أبٝتاء الرواة الذين ُب صحيح البخاري ٦تن ُرموا بشيء من البدع.
وأتت بعض العبارات عن بعض أئمة اٟتديث فيها معٌت أنو لو تركنا حديث ا١تبتدعة لذىب كثَت من
العلم ،وذلك أف البدع ُب تلك ا١ترحلة -خاصة بعض البدع -كاف فيها انتشار ُب مناطق معينة،
وا١تشتغلوف هبذه البدع ليس مشروعهم البدع ،وإ٪تا مشروعهم اٟتديث والسنة ،لكنهم أتثروا هبذه
البدع ،تبنوىا ،فلو ُٕتنِبت رواايهتم لعُ ِطّل كثَت من رواايت السنة.
ٗٗٙ
أيضا اإلماـ ٭تِت القطاف شيخ اإلماـ أٛتد ،وشيخ علي بن ا١تديٍت ،وشيخ ٭تِت بن معُت ١تا تناقش مع ً
ّ
علي بن ا١تديٍت ُب قضية البدعة فقاؿ ٭تِت -وكاف يؤيد الرواية عن بعضهم -فقاؿ" :إ ْف تَػَرَؾ ىذا
كثَتا" .فهذا يدؿ على قضية االنتشار ُب تلك ا١ترحلة. ِ
ًنسا ً
الصنف من ا١تبتدعةَ ،ترَؾ ً
حسنًا أًن برأيي أف النقاش النظري الكثَت ُب موضوع حكم الرواية عن أىل البدع ،ومستوايت البدعة،
ًنفعا
والنقاش ُب ا١تغلظة وا١تخففة ،والداعي وغَت الداعي؛ برأيي أف ىذا ابلنسبة لطالب اٟتديث ليس ً
كثَتا ابلشكل ا١تباشر ُب التخصص اٟتديثي؛ ألف اتصالك اليوـ هبذه القضية ىو اتصاؿ بعد م ِ
عامل ُ ً
جدا ،وىو أهنم قد اعتُ ِم ُدوا ،يعٌت أقصد القوؿ الذي استقر على األقل ُب الصحيحُتُ ،ب
آخر مهم ً
البخاري ومسلم ،ىو الرواية عن ىؤالء ،بل إنك ٕتد أف بعض من أُخرج لو ُب الصحيحُت عنده قدر
من الغلو ُب البدعة اليت كاف ..بل إنك ٕتد ُب الصحيحُت بعض الرواة الذين عرفوا ببدعة ما وأخرج
طبعا ،واضحة
٢تم صاحبا الصحيحُت أو أحد٫تا ،أخرجا ٢تم فيما يؤيد بدعتهم٦ ،تا ىو صحيح ً
الفكرة؟ يعٍت القوؿ الذي ذكر قبل قليل أنو إذا روى ما يؤيد بدعتو أي من اٟتق أو الصواب فإنو
أصبل ،ىل ىو حق أو ليس حق؛ ألنو دل أحياًن قد يكوف ىذا ىو ٤تل النزاع ً
٬تتنب ،وبطبيعة اٟتاؿ ً
يُعرؼ إال من طريقو.
فمثبلَ :ع ِّدي بن اثبت ،معروؼ ابلتشيع ،بل قاؿ عنو ابن معُت" :شيعي مفرط" .وقاؿ أبو حاًب
ً
الرازي" :صدوؽ ،وكاف إماـ مسجد الشيعة وقاصهم" .وقاؿ أٛتد" :ثقة إال أنو كاف يتشيع".
حسنًا ما اٟتديث الذي رواه؟ ُب صحيح مسلم ،اٟتديث الذي رواه ىو قوؿ عل ّي رضى هللا عنو "إنو
لعهد النيب األمي إرلَّ أنو ال ٭تبٍت إال مؤمن وال يبغضٍت إال منافق" ،ىذا اآلف ُب صميم إتاىو
خاصا بعلي ،ورد بصيغة أعم ُبأيضا ليس ً الذي يتبناهُ ،ب صميم التشيع ،وىذا النص ورد يعٍت ً
األنصار" :األنصار ال ٭تبهم إال مؤمن وال يبغضهم إال منافق" .إذل آخره .وىناؾ مثاؿ آخر عن
قيس بن أيب حازـ بعكس ذلك.
فأًن برأيي ألنو ترى ا١تقوالت النظرية ..ما الفكرة؟ الفكرة أف :ىذه ا١تقوالت كثَت منها ّ
مدوف عن
األئمة اٟتَُّفاظ ُب وقت الرواية ،وقت النقد اٟتديثي ،أنت ال تستطيع أف أتخذ كل ىذه ا١تقوالت ٍب
ٗٗٚ
فعِلها اليوـ ُب أولئك ،أنت الذي سيستقر عندؾ من حيث تعاملك مع الرواة كباحث ُب علم تُ ّ
اٟتديث ىو ما يتعلق أبصل العدالة من حيث الصدؽ ،وما يتعلق ابلضبط واإلتقاف.
وضوحا من انحية األمور العملية ىو :تعاملك سيكوف مع ألفاظ اٞترح والتعديل ً أو بطريقة أكثر
ا١تعروفة وا١تستقرة ،تعاملك سيكوف مع ثقة ،صدوؽ ،ليس بو أبس ،جيد اٟتديث ،منكر اٟتديث ،فيو
نظر ..إذل آخره .وعندما ٘تر بعبارة مثل ىذه ،حُت يقوؿ لك اإلماـ أٛتد" :ثقة إال أنو يتشيع" ،أنت
مثبل فبلف ،ابن معُت قاؿ :ثقة ،أبو
كباحث حديثي كيف تتعامل مع ىذا النص؟ ثقة١ .تا يقوؿ لك ً
َ
حاًب قاؿ :ثقة ،النسائي قاؿ :ثقة ،وفيو نصب ،ماذا ستأخذ ُب األخَت؟ ثقة .ىذه النتيجة العملية.
ٍ
حديث تتعامل مع الرجاؿ من ىذه اٞتهة ،تعامل معها هبذا االعتبار طالب
لذلك أًن برأيي كونك َ
ا١تعرب عنو أبلفاظ اٞترح
النهائي وىو :خبلصة عبارات أئمة اٞترح والتعديل فيما يتعلق ْتالو النهائي ّ
والتعديل اليت استقر عليها ُب االصطبلح عند ا١تتقدمُت؛ ثقة ،صدوؽ ،ضعيف ..إذل آخره ،وىذه
أبدا ،ولكن فائدهتا تكوف ُب
اإلشارات كونو عنده قوؿ ابلقدر أو شيء ،ال أقوؿ ليس منها فائدة ً
مقامات ضيقة ،وغالبًا تكوف ُب مقامات ٗتصصيّة ،إذا وقعت بعض اإلشكاالت ُب رواايت معينة قد
لَتجح شيئًا على شيء ،أو ًردا لقضية معينة أو كذا ،لكن ىذا ليس ىو األصل إ٪تا ِ
أيٌب ىذا ا١تعطى ّ
ىو االستثناء.
حسنًا ما الذي نستفيده من كل ما قيل ُب الًتاث عن البدعة وا١تبتدع من ًنحية اٟتديث؟ أًن برأيي
ص َنعة اٟتديث .فمنجدا ،وىي فوائد منهجية أكثر من كوهنا فوائد ُب َ أننا نستفيد فوائد مهمة ً
الفوائد ا١تنهجية ُب ىذا الباب:
ٕ) الفائدة ا١تنهجية الثانية :بعكسها ،وىي أف نعرؼ أف البدعة أمر سيء ،يؤثِّر على حديث
٤تبل للبحث بُت كبار أىل العلم ْتيث أهنم قالوا وإف كاف ىذا صادقًا ،وإف
الراوي ،يعٍت أقصد كاف ً
مشتغبل ابٟتديث والرواية ،وإف كاف ٭تمل حديث رسوؿ هللا ،إال أف ٦تا يدعوًن لعقد البحث ُب
ً كاف
مبتدعا ،فهذه البدعة تُقلِّل من قيمة الشخص ،وىذا يدؿ على خطورهتا
ً شأنو والتلقي عنو ىو كونو
وغلظتها والتأكد من ىذا ا١تعٌت.
ٜٗٗ
• رواية ا١تبتدعة عند اإلماـ ال ّذىيب:
أعجبٍت اإلماـ الذىيب ُب (ا١توقظة) ،واإلماـ الذىيب يعجبك ُب كل شيء ،اإلماـ الذىيب رٛتو هللا ُب
(ا١توقظة) تكلّم عن ا١تبتدع ..وكتاب (ا١توقظة) كتاب ٚتيل يستحق التكرار كل فًتة ،يعٍت كل فًتة
كامبل ،يعٍت جلسة ٦تكن ساعة ونصف، يستحق إنك تكرره ،واب١تناسبة (ا١توقظة) يُقرأ ُب جلسة ً
طبعا ال يصلح أف تكوف القراءة السريعة اليت ىي القراءة األوذل ابلنسبة لك كطالب ساعتُت تُنهيوً .
درس ِدراسة ،لكن من درسو ولو مرة واحدة ٦تكن يُعيد قراءة حديث ُب البناء ،ال يصلح( ،ا١توقظة) يُ َ
ليس الشرح بل نفس ا١تنت ،يقرأه عدة مرات ،ىذا ليس مثل (النخبة) ،ليس متنًا مكث ًفا( ،النخبة)
ٚتل مكثفة بطريقة ا١تتوف ،لو تعيد ا١تنت ،النخبة ،مرات ،قد ال تستفيد الفائدة التفصيلية التعريفية،
لكن تستفيد إذا ربطتها مع الشرح ،أما (ا١توقظة) بذاتو إذا قرأتو فهو منت -ىو ال تستطيع حىت أف
تصنفو أنو منت على نظاـ ألفاظ ا١تتوف.-
مثاؿ اآلف :قضية البدعة ،لو ١تسات الذىيب ُب ىذا ا١توضوع ،وىو أفضل من تكلم برأيي ُب ىذا
ا١توضوع قاؿ" :فإذا كاف كبلمو فيو -أي ُب الراوي -من جهة معتقده فهو على مراتب؛ فمنهم من
ُّ
الكاؼ ،وما بُت ذلك. بدعتو غليظة ،ومنهم من بدعتو دوف ذلك ،ومنهم الداعي إذل بدعتو ،ومنهم
فمىت ٚتع الغلظ والدعوة ُٕتنب األخذ عنو ،ومىت ٚتع ا٠تفة والكف أخذو عنو وقبلوه .فالغِلَظ كغبلة
ا٠توارج واٞتهمية والرافضة ،وا٠تفة كالتشيع واإلرجاء -الحظ؛ َّفرؽ بُت التشيع والرافضة .-وأما من
نصرا لرأيو -ىذا اآلف أي منزع؟ ا١تنزع األوؿ-كا٠تطَّابية -وىذه فرقة من الرافضة- استحل الكذب ً
رد حديثو .قاؿ شيخنا ابن وىب -ابن دقيق العيد :-العقائد أوجبت تكفَت البعض للبعض، فباألوذل ُّ
أو التبديع ،وأوجبت العصبية ،ونشأ من ذلك الطعن ابلتكفَت والتبديع ،وىو كثَت ُب الطبقة ا١تتوسطة
من ا١تتقدمُت ،والذي يتقرر عندًن أنو ال تعترب ا١تذاىب ُب الرواية ،وال نكفر أىل القبلة إال ابإلنكار
ا١تتواتر من الشريعة ..قاؿ :فإذا اعتربًن ذلك وانضم إليو الورع والضبط والتقوى فقد حصل معتمد
الرواية .وىذا مذىب الشافعي هنع هللا يضر حيث يقوؿ :أقبل شهادة أىل األىواء إال ا٠تطَّابيةَ من الروافض.
قاؿ شيخنا :وىل تُقبل رواية ا١تبتدع فيما يؤيد مذىبو؟ فمن رأى رد الشهادة ابلتهمة دل يقبل ،ومن
ٓ٘ٗ
أصبل
وإٜتادا ١تذىبو"ٍ .ب انظروا للجملة التالية ،وىي ً
ً متجاىرا ببدعتو فليًُتؾ إىانةً لوُ،
ً كاف داعيًا
ألجلها قرأت النص:
أثر
وإٜتادا ١تذىبو ،اللهم ّإال أف يكوف عنده ٌ
ً متجاىرا ببدعتو فليًُتؾ إىانةً لوُ،
ً قاؿ" :ومن كاف داعيًا
تفرد بو فنق ِّد ُـ ٝتاعو منو" .ىذا من ا١تجاىر الدَّاعي! ١تاذا؟ لتقدًن مصلحة ُّ
السنَّة والرواية.
ُ
موضوعيّة احملدثُت بُت البدعة والسنّة:
من ا١تعاين ا١تهمة ج ًدا ج ًدا يف قةضية رواية ا١تبتدع :وىو معٌت يدؿ على موضوعية ا﵀دثُت،
السنَّة و ِّ
الشدة وانتباىهم الشديد ،وأهنم يقيسوف ٔتيز ٍاف واحد؛ ىو :أهنم دل يكونوا يعتربوف القوة ُب ُّ
والغِلظة على أىل البدع من بعض أئمة ُّ
السنَّة ،دل يكونوا ٬تعلوف ىذا سببًا كافيًا ُب قبوؿ رواية الراوي
أحياًن يكوف من أسباب طعنهم ُب الراوي أنَّوُ روى رواية تؤيد أىل ُّ
السنَّة وتطعن ُب وا﵀ ِّدث ،بل ً
أف ىذا الطعن يستقيم على شديدا دل يتبُت ٢تم من خبلؿ ا١تيزاف اٟتديثي َّ
البدعة وُب أىل البدع طعنًا ً
أحياًن..
وإ٪تا ىو خطأ وإشكاؿ ،بل ً ميزاف اٟتديثَّ ،
سأذكر لكم ترٚتة لرا ٍو من الرواة الذي كاف من أشهر الرواة ُب الطعن على اٞتهمية ،وُب نُصرة
وإ٪تا سقطت مكانتو عندجدا وجليلَّ ،
اٟتديث ،وحىت ُب موقفو من أىل الرأي ،وىو شيخ مشهور ً
أف القضية ىي أفحديث رواه ُب الطعن ُب أىل الرأي! حىت ال نقوؿ ٍَّ ا﵀دثُت والنقاد الكبار بسبب
أحياًن ،ال ،ابلعكس ىي كل ما قيل ُب أىل البدع
ً أىل البدع والطعن فيهم ،وأف القضية تُستغل
السنة ،أنك ٖتتاط للسنة ّأال يُضاؼ
أحياًن أتٌب ٦تن يُبالغ ُب نُصرة ُّ
للسنَّة ً
حياطة السنة ،ىذه اٟتياطة ُّ
إليها ُب الرصيد اإل٬تايب شيءٌ ليس منها ،وىذه القدرة على الفرز بُت ىنا وىناؾ ُب الوجهُت
ا١تتضادين ىي من أعظم ا١تعاين اليت تدؿ على دقة ا﵀دثُت ومكانتهم.
ىذا الراوي ىو :نُػ َع ْي ْم بن َٛتَّا ْد ،صاحب كتاب (الفنت) ا١تعروؼ ،وىو من شيوخ اإلماـ البخاري
رٛتو هللا تعاذل ،وىو من ا١تعروفُت الكبار ،وموثَّق توثي ًقا ً
عاما ،كثَت من ا﵀دثُت يوثقونو.
ٔ٘ٗ
مروزي ثقة" ،ابن أيب حاًب يقوؿ٤" :تلوُ الصدؽ" ،قاؿ اإلماـ اد
ْ ٛت
َّ َ بن م ي ع ػ
ُن " :يقوؿ جليمثبل :العِ
ً
ٌ ْ ْ َ
أٛتد" :أوؿ من عرفناه بِ َكْتب ا١تسند" ،قاؿ اإلماـ أٛتد" :كاف نػُ َعْي ْم كاتبًا أليب عصمة ،وىو شديد
فمثبل ..أًن بعد الرد على اٞتهمية وأىل األىواء ،ومنو تعلَّم نػُ َعْي ْم بن َٛتَّ ْاد" ،و ً
أيضا ذُكر ُب نػُ َعْي ْم ىذا ً
أحياًن
قليل سآٌب إذل العبارات اليت قلت لكم ُب نفس ا١توضوع ،كيف تكوف ا١تبالغة ُب نصرة السنة ً
تكوف منفذ لدخوؿ ا٠تطأ ُب ىذه اٞتهة ،لكن أريد فقط العبارات ا١تشهورة ُب أنوُ صاحب اشتغاؿ
ابلرد على البدعة وما إذل ذلك.
قلت لدحيم- :وىو من أئمة ا١تشكلة اليت حدثت اآلف أنو روى حديث؛ قاؿ أبو زرعة الدمشقيُ " :
النُّػ ّقاد الكبار من أىل الشاـ ،وأبو زرعة الدمشقي ،وأبو ُمسهر ،ىؤالء الثبلثة أئمة أىل الشاـ ُب نقد
الرواة -حدَّثنا نػُ َعْي ْم بن َٛتَّ ْاد ،عن عيسى بن يونُس ،عن َحريز بن عثماف ،عن عبد الرٛتن بن جبيل
مالك عن النيب ﷺ قاؿ" :تف ًِت ُؽ أميت على بض ٍع وسبعُت فَِرقة".. أبيو ،عن عوؼ بن ٍ بن نػُ َفَت ،عن ِ
ْ
قوـ
اٟتديث- .دل يَذكر ابن حجر ىنا الزايدة اليت زادىا نػُ َعْي ْم بن َٛتَّ ْاد وىي ٔ-تعٌت اٟتديث :-أشدُّىا ٌ
يقيسوف دينهم ابلرأي .أي :من ىذه الفرؽ أشدىا أو أسوأىا ،أو منهم فرقة تقيس الدين ابلرأي أو
٨تو ذلك.-
أف إسنادهُ مقبوؿ .قاؿ أبو فقاؿ ُ -د َحْي ْم :-ىذا حديث صفواف بن عمرو ،حديث معاوية .يعٍت َّ
وقلت البن معُت ُب ىذا اٟتديث فأنكره قلت :فمن أين يؤتى؟ قاؿ :شبِّوَ لوُ.
زرعةُ :
كل من حدَّث ِبو عن عيسى بن يونس غَت نػُ َعْي ْم بن َٛتَّ ْاد فإ٪تا قاؿ عبد الغٍت بن سعيد ا١تصريُّ :
عيم عند كث ٍَت من أىل العلم ابٟتديث ،إال أف ٭تِت بن معُت دل ط نُ ٌ أخذه عن نػُ َعْي ْم ،وهبذا اٟتديث سق َ
يكن ينسبوُ إذل الكذب ،بل كا َف ينسبوُ إذل الوىم- .حرصهم على عدـ اهتامو ابلكذب .-قاؿ:
صاحب ِ
ُ ليس ُب اٟتديث بشيء ،ولكنَّوُ وٝتعت ٭تِت بن معُت سئل عنو -نػُ َعْي ْم بن َٛتَّ ْاد -فقاؿَ : ُ
اآلجّري عن أيب داوود :عند نػُ َعْي ْم ٨تو عشرين حديثًا عن النيب ﷺ ليس ٢تا أصل .قاؿ
ُسنَّة .قاؿ ُ
النسائيَ :نعْي ْم ضعيف .قاؿ ُب موضع آخر :ليس بثقة.
ٕ٘ٗ
ُّموُ ُب العلم وا١تعرفة والسنن،
يذكر فضل نػُ َعْي ْم بن َٛتَّ ْاد وتقد َ
ٝتعت النَّسائي ُ
قاؿ أبو علي النيسابوريُ :
أبحاديث كثَتة فصار ُب ح ِّد من
َ ِ
حديثو فقاؿ :قد َكثُػَر تفرده عن األئمة ا١تعروفُت ٍبَّ قيل لو ُب قَ ِ
بوؿ
ٛتّاد -يعٍت الدواليب :-نػُ َعْي ْم يروي عن ابن ا١تبارؾ .قاؿ تج ِبو .قاؿ ابن عدي قاؿ لنا بن ِال ُ٭ت ُّ
َ
السنَّة ،وحكاايت ُب ثلب أيب حنيفة كلها يضع اٟتديث ُب تقوية ُّ النسائي :ضعيف .وقاؿ غَتهُ :كاف ُ
كذب".
ليس سياؽ ترجيح لكنَّوُ سياؽ فهم الفكرة.
رجح أف القضية أشد من ذلك ،السياؽ َ
ىذا االٕتاه ّ
"قاؿ ابن عدي :وابن ٛتاد -نػُ َعْي ْم بن َٛتَّ ْادُ -متَّهم فيما يقولو لصبلبتو ُب أىل الرأي" .الحظ اآلف:
نفس الكبلـ الذي كنت تسمعو عن أىل البدع ىناؾ ،اآلف تسمعو عن شخص ىو رأس مقاومة
البدع ،وكما تعلم كاف ىناؾ مدرستُت :مدرسة أىل اٟتديث ،ومدرسة أىل الرأي ،وىناؾ فرؽ بينهم،
شديدا ُب نقد
وٕتد ىنا أف أىل اٟتديث أن ُف َسهم يتكلموف عن واحد من مدرستهم ،إشكالو أنو كاف ً
أىل الرأي بدرجة ُب الرواية فيها إشكاؿ ،الحظ ا١توضوعية ُب النقد إذل أي درجة تصل!
"وأورد لو ابن عدي أحاديث مناكَت ،"..كعادة ابن َعدي ،صاحب (الكامل) ،وكتابو تستطيع أف
ٗتتصر فيو فلسفة اٟتديث ،مع أنَّو كتاب من كتب اٞترح والتعديل وليس كتاب مصطلح ،لكنَّو أيٌب
ابلرواة ينقدىمٍ ،ب يذكر األحاديث اليت انتُِقدت عليهمٍ ،ب يقوؿ :ىذا َّ
عامة ما انتُقد عليو وأرجو َّ
أف
بقية أحاديثو مستقيمة .ىذا دخوؿ ُب أعماؽ النقد اٟتديثي.
قاؿ" :وأورد لو ابن عدي أحاديث مناكَت ،"...ىذه عادتو؛ لذلك البعض يقوؿ عندما يريد أف ٮترج
أو يصحح حديثًا :أخرجو ابن عدي ُب الكامل .إذا أخرجو ابن عدي ُب الكامل فاألساس أنو
موضوعا أو شديد الضعف ،ولكن يكوف حديثًا استُنكر على ً ُمنتقد ،ليس شرطًا أف يكوف اٟتديث
ىذا الراوي ،وىذا االستنكار قد ال يصل إذل حد ِش َّدة الرد ،لكنو مستنكر عليو.
فمثبل :ىناؾ سلسلة مشهورة ٮترج ٢تا مسلم ُب صحيحو :العبلء بن عبد الرٛتن ،عن أبيو ،عن أيب ً
ىريرة ،ىذه السلسلة مشهورة ،مسلم أخرج هبا أحاديث كثَتة ،وىي سلسلة صحيحة .من بُت
السلسة ،واألحاديث الكثَتة اليت رواىا العبلء بن عبد الرٛتن عن أبيو ،عن أيب ىريرة ،بدوف اعتبارات
ٖ٘ٗ
اختبلؼ أسانيد أو غَته ،فقط ألجل ا١تنت ،من بُت السلسلة ىناؾ حديث دل يروهِ ،قد يكوف ىناؾ
تعمده اإلماـ مسلم دل ُٮت ِرجوُ١ ،تاذا؟ أُنكر على عبلء .ماذا أُنكر عليو؟ أكثر لكن ىذا اٟتديث ِ
بعينو َّ
استنكرت عليو مسألة فقهية ُب الصياـ أنو قاؿ :عن العبلء بن عبد الرٛتن ،عن أبيو ،عن أيب ىريرة،
عن النيب ﷺ قاؿ" :إذا انتصف شعباف فبل تصوموا" ىذا اٟتديث .مسلم دل يرِو ىذا اٟتديث ِ
بعينو
من بُت سلسلة عبلء١ ،تاذا؟ لتوارد اٟتفاظ على إنكار ىذا اٟتديث١ ،تاذا؟ رأوا أنو يعارض اٟتديث
بصوـ ٍ
يوـ وال يومُت" ،قالوا األصح منوِ ،من حديث أيب ىريرة نفسو وىو" :ال تقدَّموا رمضا َف ِ
مفهوـ اٟتديث يدؿ على أف تقدـ رمضاف بصوـ ما ىو أبعد من ذلك أنو سائغ ،وىذا يشمل ما بعد
نصف شعباف .والنقاش ُب اٟتديث مشهور من الناحية األصولية.
قوـ
قاؿ" :وأورد لو ابن عدي أحاديث مناكَت"ٍ .ب قاؿ" :ولنعيم غَت ما ذكرت ،وقد أثٌت عليوَ ٌ
كثَتا أيٌب هبذه
وضعفوُ قوـ" ،ونقد ابن عدي تفصيلي ،ال يقوؿ :ضعيف أو ثقة ٍب يسكت ،غالبًا أو ً َّ
الطريقة ،يورد األحاديث –خاصة الرواة ا١تختلف فيهم– ،انظر أورد األحاديث ا١تستنكرة ٍب قاؿ:
السن َِّة ،ومات ُب أحد من يتصلَّ ُ
ب ُب ُّ وضعفوُ قوـ ،وكاف ُ
قوـ َّ
"ولنعيم غَت ما ذكرت ،وقد أثٌت عليوَ ٌ
ُنكر ِ
عليو ىو الذي ذكرتوُ ،وأرجو أف يكوف ٤تنة القرآف ُب اٟتبس -رٛتو هللا ،أي مضحيا -وعامةُ ما أ ِ
ً
كثَتا ابلعراؽ ِ
ابقي حديثو مستقيما" .قاؿ دمحم بن سعد -صاحب الطبقات :-طلب اٟتديث ً
واٟتجازٍ ،ب نزؿ مصر فلم يزؿ هبا حىت أُشخص منها ُب خبلفة ا١تعتصم فسئل عن القرآف فأىب أف
٤تبوسا هبا حىت مات ُب السجن سنة ٙتاف وعشرين ومائتُت -رٛتو هللا .-قاؿ أبو ٬تيب ،فلم يزؿ ً
ٛتل من مصر إذل العراؽ ُب ا﵀نة ،فأىب أف ٬تيبهم فسجن فمات ُب السجن سعيد بن يونسُِ " :
ببغداد ،"..إذل آخره.
ٖتديدا ،كلهم أنكروه ودل يقبلوه ،وغاية
ومع ذلك كلو ١تَّا أتوا إذل ذلك اٟتديث الذي ُب نُصرة السنة ً
ما ُب األمر أهنم نسبوه إذل الوىم ال إذل الكذب والوضع.
"قاؿ مسلمة بن قاسم :كاف صدوقًا ،وىو كثَت ا٠تطأ ،ولو أحاديث منكرة ُب ا١تبلحم انفرد هبا .قاؿ
أبو الفتح األزدي- :وىذا ىو القوؿ الذي يُشدد القوؿ ُب أيب حنيفة ،وأبو فتح األزدي ليس من
ٗ٘ٗ
الكبار ُب النقد ،أي ليس من الطبقة العُليا -قالو :كاف يضع اٟتديث ُب تقوية السنة وحكاايت
مزورة ُب ثلب أيب حنيفة كلها كذب" .إذل آخر الكبلـ.
ىذا القوؿ عادة -وىذا ٕتده ُب بعض الرواةٕ -تد أف النقاد عندما ٕتمع األقواؿ ىناؾ أًنس ٕتدىم
أحياًن تكوف سببًا لزلل طالب العلم ،ليس فقط ُب ىذا
يشددوا القوؿ وآخرين ..مثل ىذه ا١تقوالت ً
ٍ
بشكل عاـ ،الذي ال يستطيع أف يُدرؾ أو أف يلملم ٣تموع ما قيل ويدرؾ أف ُب بعض ما ا١تثاؿَّ ،
وإ٪تا
أصبل٬ ،تنبو من ا١تعادلة.
صحيحا ً
ً ليس
قيل َ
مثبل :اإلماـ مالك لو تعرفوف كبلمو ُب ابن إسحاؽ صاحب السَتة ،تقولوف مستحيل أف أيخذ أحد
ً
من ابن إسحاؽ! عندما تنظر ُب موقف عامة ا﵀دثُت ستجد َّ
أف اإلماـ مالك خالفهم ،وقوؿ اإلماـ
مالك ُمطَّرح ُب ىذه ا١تسألة ،وىو اإلماـ مالك .اإلماـ مالك كاف يقوؿ عن ابن إسحاؽ" :كاف
دج ًاال من الدجاجلة"!
ّ
عندما تنظر إذل أٛتد وابن معُت ،وعلي بن ا١تديٍت ،والبخاري ،واألئمةٕ ،تد كلهم -ىم ال يقولوف أنو
جدا ،يُعتمد عليو ُب
من أوثق الثقات -يقولوف :ثقة -أقصد من ًنحية الداينة -ولكن ليس ضابطًا ً
يقل أحد منهم بقوؿ مالك فيو ،ويعتربوف أف ىذا القوؿ فيو مبالغة ،و َّ
أف ىذه ا١تبالغة ا١تغازي ،لكن دل ْ
طبعا ذكروا شيئًا من سببها -يعٍت كبلـ لو مبلبسات.
– ً
من األخطاء اليت أالحظها اآلف حىت عند كثَت من طبلب الربامج أو بعض طبلب الربامج ،أو الذين
ُب مرحلة علمية جديدة ،الذين دل يتعمقوا ُب الناحية العلمية ا١تنهجية ،يُدقق ُب كل نص و٬تعل كل
نص بنفس القيمة مع النصوص األخرى ،ويستشكل كل شيء ال يفهمو .فيقوؿ لك١ :تاذا قاؿ
البخاري كذا؟ عجيب! وىذا قاؿ كذا ..ال يستطيع أف ٯترر بعض األمور اليت واضح من ا٠تارطة
أصبل كاف يتعامل اٟتُّفاظ بذلك ،أيٌب الرواة على
العامة أهنا ُب سياؽ شاذّ .وىذا ُب نفس اٟتديث ً
رواية ،أيٌب آخر من الثقات الكبار يروي رواية شاذة ،ال يعتدوف هبا وإف قا٢تا فبلف .ولذلك كما
اتق زلة اٟتكيم" ،أو" :وات َِّق من
قرأت لكم ساب ًقا كبلـ معاذ بن جبل رضي هللا تعاذل عنو حُت قاؿ" :و ِ
٘٘ٗ
نورا". كبلـ اٟتكيم ا١تشتهرات اليت يقوؿ الناس ما ىذه" .قاؿ" :وتلق اٟتق إف ٝتعتوُ فإف على ِّ
اٟتق ً
إذل آخر الكبلـ .فاإلنساف البد أف يفهم ىذه القضية.
مثبل" :قاؿ أبو زكراي خبلصة القوؿ من ٣تموع ما ورد عن نػُعيم بن َٛتَّ ْاد -خاصةً إذا اعتربت ِ
الكبارً - َْ ْ
أعرؼ ِ
الناس بو ،كاف رفيقي ابلبصرة". صدوؽ ثقة ،رجل ٍ
صدؽ أًن ُ ٌ -ابن معُت :نػُ َعْي ْم بن َٛتَّ ْاد
ُ
ومن الطرائف اٞتميلة اليت حصلت بينو وبُت ابن َمعُت ،يقوؿ ابن معُت أنو" :حضر نػُ َعْي ْم بن َٛتَّ ْاد
فمر لو حديث عن ابن ِ
كتااب من تصنيفوّ - كتااب من تصنيفو -نػُ َعْي ْم بن َٛتَّ ْاد يقرأ ً
ٔتصر فجعل يقرأ ً
ا١تبارؾ عن ابن عوف -أي :نػُ َعْي ْم بن َٛتَّ ْاد يقوؿ :حدثنا ابن ا١تبارؾ عن ابن عوف .-قاؿ ابن معُت:
قاـ وأخرج صحائف فجعل يقوؿ :أين الذين فقلت لوُ :ليس ىذا عن ابن ا١تبارؾ .فغضبٍ ،ب َ ُ
طت" .قاؿ اليوًنرٌب" :ىذا يدؿ ِ يزعموف َّ
أف ٭تِت ليس أمَت ا١تؤمنُت ُب اٟتديث؟ نعم ،اي أاب زكراي َغل ُ
على داينة نعيم وأمانتو لرجوعو إذل اٟتق".
على أي حاؿ ،أنت الذي يعنيك ُب مثل ىذا –خاصة حينما يكثر الكبلـ ،ويتكلم ُب الطبقات
الثانية والثالثة والرابعة من النُّقاد ،الذين ىم أدىن منزلةً من الشهرة ابلعلم والداينة والتقدـ فيو -فمن
الوسائل أف أتخذ أمثاؿ ىؤالء مثل كبلـ اإلماـ أٛتد ،ابن معُت ،النسائي ،وإذل آخره من أىل العلم
الكبار.
تقبل حديثوُ؟
ذكر فضلَوُ وتقدمو ُب العلم وا١تعرفة والسنن ،وحينما قيل لوُ :
فالنسائي حينما ذكر نعيم َ
قاؿ" :قد كثُػَر تفرده عن األئمة ا١تعروفُت أبحاديث كثَتة فصار ُب حد من ال ُ٭تتج بو" .ىذا اآلف ُب
اٞتمع بُت األمرين عند النسائي وىذا خبلصة القوؿ ُب نُعيم.
لكن خبلصة القوؿ يف القةضية ىي :أف نعلم أف ا١توقف من رواية أىل البدع دل يكن موق ًفا ..كما
أصبل علم اٞترح
السنَّة يقوؿ لك ً
تعلم بعض الشبهات اآلف ،بعض االٕتاىات ا١تشككة ُب اٟتديث و ُّ
والتعديل ىو قائم على الفكرة ا١تذىبية ،وىذا كبلـ من ال يعرؼ٨ ،تن نقوؿ ٢تم :انظر ىذه الصورة
ُسقط فيها قيمة حديث أحد الكبار الذين اشتهروا ابلعلم ونصرة السنة وإذلا١تعاكسة ٘تاما اليت أ ِ
ً ُ
آخره ،من ابب نصرة السنة ال من ابب البدعة ،بعكس ذلك.
ٗ٘ٙ
ا٠تبلصة:
فخبلصة القوؿ :أف األفضل وهللا أعلم من حيث الصنعة اٟتديثية عدـ االنشغاؿ التفصيلي ٔتقامات
الشراح ا١تتأخروف؛ ألف ىذا على ا١تستوىالبدعة وتقسيماهتا اليت تكلم عنها ا١تتقدموف ،وتكلم عنها ّ
العملي لن يفيد الباحث كثَتاَّ ،
وإ٪تا الذي يتعامل معو الباحث ىو ألفاظ اٞترح والتعديل ا١تعروفة اليت
كذاب وأكذب الناس وما إذل ذلك .وما بقي من تبدأ بػ :ثَػْبت أو أثبت الناس ،وتنزؿ إذل آخر شيءَّ :
العبارات اليت تدؿ على البدعة ُب ىؤالء الرواة ال أقوؿ إهنا ال تفيد مطل ًقا ُب البحث اٟتديثي ،ولكن
جدا ،وإال فاألصل أنك تتعامل مع ألفاظ اٞترح والتعديل اليت ليس برأيي أهنا تفيد ُب مقامات ضيقة ً
أحياًن بعض النُّقاد على سبيل اٟتكم على الراوي أو
منها عبارة ىكذا ٣تردة «مبتدع» ،قد يذكرىا ً
أصبل وإال فاألساس أهنا ليست من ألفاظ اإلشارة إذل طعن ُب الراوي ،ولكن ىذه ا١تقامات ضيقة ً
اٞترح والتعديل.
ِّ
وصل اللهم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت.
ٗ٘ٚ
احملاضرة اٟتادية والثبلثوف:
ا١تقدمة:
الزما فهو
اقرأ الكبلـ من النّخبة ،قاؿ اإلماـ ابن حجر رٛتو هللا تعاذل "ٍبّ سوءُ اٟتفظ :إف كاف ً
أي ،أو طَا ِرًًئ فا١تُختلِط" .فقط ىذا درس اليوـ.
شاذ على ر ٍ
ال ّ
ىذا اآلف كبلـ ُب أقل من سطر ُب النّخبة ،ىو نفسو رٛتو هللا شرحو ُب النّزىة؛ فقاؿ "ٍبّ ُسوءُ
السبب العاشر من أسباب الطعن ،وا١تراد بوَ :من دل يَػ ْر َج ْح جانب إصابتو على
اٟتفظ :وىو ّ
جانب خطئو -ىنا شرح سوء اٟتفظ-
ٗ٘ٛ
وىو على قسمُت:
شاذر ،على رأي بعض أىل اٟتديث. للراوي يف ٚتيع حاالتو فهو ال ّ الزما ّ
ٔ) إف كاف ً
لك َربه ،أو لذىاب بصره ،أو الحًتاؽ كتبو ،أو طارًئ على الراوي؛ إما ِ
ٕ) أو إف كاف سوء اٟتفظ ً
ّ ّ
ع َد ِمها ،أبف كاف يعتمدىا فَػ َر َج َع إذل حفظو فساءَ؛ فهذا ىو ا١تُختَلِط.
الشرح -أ َّف ما َح َّدث بو قبل االختبلط إذا ٘تيَّػ َز -إذا ٘تيز ّ
عما واٟتكم فيو- :ىذا كلو اآلف ُب ّ
بل ،وإذا دل يتميّز تُوقّف فيو ،وكذا من اشتبو األمر فيو ،وإ ّ٪تا يُعرؼحدث بو بعد االختبلط -قُ َ َّ
ذلك -إيش الذي يُعرؼ؟ ما كاف قبل االختبلط وبعده -ابعتبار اآلخذين عنو" .أي أ ّف من ّ
الرواة
الرواة من يكوف أخذ عنو بعد االختبلط .ىذا اآلف كبلـ
من يكوف قد أخذ عنو قبل االختبلط ومن ّ
ابن حجر رٛتو هللا ُب النّزىة.
• إذف موضوع اليوـ ينقسم إذل قسمُت كلّها مرتبطة بسوء اٟتفظ:
دائما حفظو س ّيء فإ ّف حديثو إذا انفرد بو؛الراوي ًيقوؿ لك ابن حجر رٛتو هللا :سوء اٟتفظ إذا كاف ّ
الشاذ ىو ما خالف يسمى شاذِّا على رأي بعض أىل اٟتديث ،وابن حجر كاف قد ّقرر لنا ساب ًقا أ ّف ّ ّ
فيو الثّقة من ىو أوثق منو ،فهل يتّفق ىذا التّعريف مع ذاؾ التّعريف إذا افًتضنا صورة واحدة
للتّعريف؟ ال يتّفق.
ا١تطولة على نزىة النّظر ،الذي ىو :أ ّف
كل سلسلة شرح ّ وىذا يؤّكد ا١تعٌت الّذي ىو مستصحب ُب ّ
الصحيحة ُب التّعامل مع مصطلحات اٟتديث ىي ُب النّظر إليها ابعتبار ّأهنا ٯتكن أف الطّريقة ّ
تص ّدؽ على معاين متع ّددة وصور ٥تتلفة ال على أف تُعرؼ بتعريف ٭ت ّد ا١تصطلح بصورة واحدة
الصور ،وىذا ِ
وبقالب واحد ،وإف كاف ٯتكن أف يػُ ّعرؼ ا١تصطلح أبصل ا١تعٌت ا١تشًتؾ بُت ىذه ّ
تعرؼ اٟتسن تعريف يصدؽ على صوره فإنّك بطبيعتو سينزح إذل العموـ بصورة ابلغة ،فإذا أردت أف ِ
ّ
الرواية،
ال تستطيع ّإال أف تقوؿ إ ّف اٟتسن ىو لفظ يطلقو ا﵀ ّدث معبّػًرا بو عن استحسانو لشيء ُب ّ
حىت تستطيع أف تقوؿ وىو مقبوؿ أو مردود إذا أردت أف تستوُب كبلـ اٟت ّفاظ ا١تتق ّدمُت ُب وال ّ
ٜٗ٘
يدؿ على أنّو
تصرفاهتم ما يدؿ على أنّو مردود ُب بعض الصور ،وُب بعضها ّ اٟتسن؛ فإ ّف ُب بعض ّ
السياؽ ،وىذا تق ّدـ مر ًارا.
مقبوؿ ْتسب ّ
الشاذ ،وما كاف فيو على سبيل التّفرد ،وما كاف الشاذ وبياف ّ
والشاذ نفس الشيء ،سبق اٟتديث عن ّ
فيو على سبيل تع ّدد الطّرؽ وما إذل ذلك ،ولكن فقط للتّذكَت يعٍت سر ًيعا؛ أل ّف ا١توضوع اٟتقيقة اآلف
ُب القسم الثّاين الذي ىو ا١تختلط.
الصبلح ُب نفس ا١توضوع -ليس ُب موضوع سوءالصبلح -و٨تن قد اعتدًن يكوف ُب قراءة البن ّ
ابن ّ
ذكرا ألكثر من معٌت ُب ا١تصطلح فيقوؿ ُب
الصبلح يعٍت ميزتو أ ّف فيو ً
الشاذ ..ابن ّ
اٟتفظ وإّ٪تا ُب ّ
شاذ ا١تردود قسماف -وىذه كثَتا ،خرج من ذلك بعد كبلـ طويل" :أ ّف ال ّ
كبلما ً
الشاذ بعدما ذكر ً
ّ
الصحيحة :-أحد٫تا :اٟتديث الفرد ا١تخالف ،والثاّين :الفرد الّذي ليس يف راويو من
ىي الطّريقة ّ
ةضعف" ،وىذا أقرب ١تاذا؟
شذوذ من النّكارة وال ّ
جابرا ١تا يوجبو التّفرد وال ّ
ةضبط ما يقع ًالثّقة وال ّ
لكبلـ ابن حجر اٟتارل ،ليس الّذي خالف فيو الثّقة.
مرة ابلتّفصيل.
الشاىد ألنّو سبق اٟتديث عنو مر ًارا رٔتا أو على األقل ّ
لن أطيل ُب قضيّة ّ
فسأنتقل اآلف إذل معٌت آخر وىو موضوع ا١تختلط أو االختبلط .وابن حجر ُب النّزىة لو تبلحظوف
تغَت اٟتفظ
صورا ٦تّا يدخل ُب االختبلط ،ذكر أنّو قد يدخل فيها قضيّة احًتاؽ الكتب ،و ّ قد ذكر ً
مثبل قد يعتمد على كتبو ٍبّ ٭ت ّدث من حفظوٍ ،بّ قاؿ :واالعتبار ُببسبب الكرب ،وذكر منها أنّو ً
قضيّة التّمييزٍ ،ب قاؿ لك :كيف نعرؼ التّمييز وأنّو ابعتبار ٚتعو.
أمثلة تطبيقية:
أيضا جانب أنّو كيف نعرؼ ىل ىو فقط اآلف نريد أف ندخل ُب القضيّة التّطبيقيّة وسيكوف معها ً
الضوابط األخرى.
ابعتبار التّبلميذ أو توجد أسباب أو ضوابط أخرى؟ سنجد أ ّف ىناؾ بعض ّ
وصاحبنا وإمامنا ُب ىذه القضيّة ىو ابن رجب كالعادة رٛتو هللا تعاذل.
ٓٗٙ
فصبل على ىذا ا١توضوع ،وتتبّع لك ابألمثلة ،يقوؿ لك :ىذا تغَت حفظو ومنهم ابن رجب عقد لك ً
تغَت حفظو،
مثبل سنة كذا ّ فبلف ،وفبلف ،وبعدين لػ ّما تدخل ُب األمثلة ستجد دقّة ُب ضبطها يقولك ً
ىذا الثّقة اإلماـ كذا ،فالّذي ح ّدث عنو قبل ذلك كذا ،حسنًا فبلف ح ّدث عنو قبل ،وفبلف ح ّدث
عنو قبل االختبلط ّإال حديثُت ح ّدث هبما بعد االختبلط ،ىو نفسو! وىكذا هبذه ال ّدقّة.
• أنواع من ُ
ض ّعف حديثهم:
فنسَت مع ابن رجب رٛتو هللا ،قاؿ" :القسم الثاين :يف ذكر قوـ من الثّقات ال يُذكر أكثرىم غالبًا
ض ّعف حديثهم ّإما يف بعض األوقات أو يف بعض األماكن أو عن يف أكثر كتب اٞترح ،وقد ُ
ض ّعف ابإلضافة إذل وقت ما أو بعض الشيوخ -إذف ىم قوـ ُب األساس ماذا؟ ثقات ،وحديثهم ُ
مكاف ما أو إذل شيخ ما -فهذا القسم ٖتتو ثبلثة أنواع كما ذكران".
قاؿ" :ومنهم ٛتاد بن زيد كما ذكرانه عن ٭تِت وحكاه البخاري عن علي ،ومنهم ٛتاد بن سلمة
نقلو ابن اٞتنيد عن ابن معُت ،ونقلو عبد هللا بن الدورؽ عن ابن معُت ،قاؿ :حديث سفياف
السائب مستقيم ...ومنهم سفياف بن عيينة -وذكر النّص-
وشعبة وٛتاد بن سلمة عن عطاء بن ّ
ومنهم شامل ال ّدستوائي ذكره أبو داود عن بعةضو ،ومنهم خالد بن عبد هللا ،ومنهم ابن عُليّة" إذل
آخره.
ٍب قاؿ لك -وىذه مسألة مهمة مرتبطة ٔتا ذكره ابن حجر ُب النّزىة" :-وقد اختلفوا يف ض ِ
ابط من ّ
ٝتع منو قدٯتًا ومن ٝتع منو آبخره" ،يعٍت ىو اآلف ذكر لك ّأوًال األٝتاء؛ قاؿ لك ىؤالء ٝتعوا منو
مر عليك وما ىو مذكور تستطيع تلحقو الضابط؟ الضابط أنك لو ّ
الضابط؟ ما ميزة ّ قدٯتًا ،حسنًا ما ّ
ٔتن ٝتع قدٯتًا أو حديثًا.
قاؿ لك" :فمنهم من قاؿ من ٝتع منو ابلكوفة فسماعو صحيح ومن ٝتع منو ابلبصرة فسماعو
ضعيف ،كذا نقلو أبو داود عن أٛتد .ومنهم من قاؿ دخل عطاء البصرة مرتُت فمن ٝتع منو يف
اٟتماداف والدستوائي ،ومن ٝتع منو يف القدمة الثّانية
ا١ترة األوذل فسماعو صحيح ،ومنهم ّ ّ
فسماعو ضعيف ،ومنهم وىيب ،وإٝتاعيل بن عُليّة ،وعبد الوارث ،نقلو أبو داود عن غَت أٛتد،
يسم .ومنهم من قاؿ إف ح ّدث عطاء عن رجل واحد بعينو ةضا النًسائي يف سننو ّإال أنّو دل ِّ
وقالو أي ً
فحديثو جيد ،وإف ح َّدث عن ٚتاعة فحديثو ضعيف- ،وذكر اآلاثر ُب ذلك .-ومنهم من قاؿ
شيوخ مثل ميسرة وزاداف بعد التّغَت فهو
إذا ح ّدث عن أبيو فهو صحيح وإذا حدث عن ال ّ
ٕٗٙ
مةضطرب .قاؿ أبو داودٝ :تعت أٛتد يقوؿ :كاف فبلف -بعض ا﵀دثُت ٝتاه أٛتد -عند عطاء
بن السائب وكاف إذا ح ّدث عن أبيو أحاديثو ا١تشهورة كتبها ،وإذا حدث أبحاديث ميسرة
الشيوخ اب١تناسبة ليس لفظ مدح ُب اٟتديث ،لفظ تقليل -يعٍت ال يكتب،
شيوخ ّ -
وزاداف يعٍت وال ّ
يعٍت حُت أُنكر عطاء" .إذل آخره.
ىذا اآلف كلو ليس ُب أ ّف عطاء ثقة أو غَت ثقة؛ ىذا انتهوا منو ىو ثقة ،ولكن إ٪تا ىذا كلّو ُب قضية
السائب حُت تغَتٖتديث اٟتكم ١تا تغَت حفظو ،وال ّدخوؿ ُب ضبط ما يتعلّق برواايت عطاء بن ّ
الراوي من جهةجدا ُب النّقد؛ أنّك تتجاوز قضيّة أصل اٟتكم على ّ حفظو ،وىذه القضيّة متق ّدمة ِّ
ابلراوي من حيثكونو ثقة أو ضعيف إذل أف تصل إذل متابعة ىذا اٟتكم وٖتديث البياًنت ا١تتعلّقة ّ
الضبط أو تغَته عن ىذا ا١تعٌت.
استمراره على الثّقة و ّ
طبعا ذكر أٝتاء ومشى معهم ابلطريقة ىذه قاؿ" :ومنهم حصُت بن عبد الرٛتن السلمي ..وسعيد
ً
بن ِعيَاس اٞتريري البصري ..وسعيد بن أيب عروبة" ،تعرفوف سعيد بن أيب عروبة صحيح؟ كل مرة
السماع
األئمة ّ
أقوؿ لكم تعرفوف من ىو؟ سعيد بن أيب عروبة أطاؿ الكبلـ عنو ،قاؿ" :وقد أكثر ّ
وأما من ٝتع منهم بعدنصوصا كثَتة .قاؿّ " :
ً منو قبل االختبلط ،منهم يزيد بن زريع" ،وذكر
االختبلط فجماعة ،منهم غُن َدر -الذي ىو تلميذ شعبة وشعبة زوج ّأمو -ومنهم أبو نعيم الفةضل
دي ..ومنهم عبد الرٛتن بن عبد هللا بن عتبة ..ومنهم سفياف بن بن دكُت ..ومنهم ابن أيب ع ّ
عيينة ..ومنهم صاحل بن نبهاف موذل التوأـ ..ومنهم أابف بن صنعة ،"..إذل آخره .ىذه أٝتاء كلها
سردىا وذكر التّفاصيل ا١تتعلقة هبا من ًنحية االختبلط.
-بعد ما انتهى من ىذه األٝتاء قاؿ لك" :ويلتحق هبؤالء من أَضر أو أُضر يف آخر عمره -الذي
عمي -وكاف ال ٭تفظ جي ًدا فح ّدث من حفظو" ،يعٍت ىو من دل ٮتتلط ذىنو وجودة حفظو ولكن َ
السن تغَت بصره لكن ما تغَت ذىنو،
أصبل طا١تا ح ّدثٍ ،ب مع كرب ّ
شخص يكوف معتمد على الكتب ً
السن فلم يعد ٬تمع جي ًدا من ًنحية اٟتفظ ،تضعف ال ّذاكرة ويتغَت
األوائل تغَت ذىنهم بسبب كرب ُب ّ
يسمى اختبلطًا.
أين ما أتذكر كويس" كذا ىذا ما يقصده ،ىذا كلّو ّ
الضبط" ،وهللا ّ
ّ
ٖٗٙ
ىنا يقوؿ لك" :من عمي أو أُضر يف آخر عمره ودل يكن حافظًا .وقد ذكر أبو خيثمة أف يزيد بن
ىاروف -ىو من شيوخ أٛتد ،ىذا من أىم التّعاريف يعٍت ىو من أبرز شيوخ اإلماـ أٛتد الّذين أكثر
وإال ىو يعٍت مدرسة وحده -كاف يُعاب عليو أنّو ١تّا أضر كاف أيمر جارية لو أف تلقنو
الرواية عنهم ّ
ّ
األحاديث من كتابو فيح ّدث هبا ،وقد سبق ذكر ذلك" .ٯتكن ىذا ابلنسبة لنا اآلف تعترب توثيق؛ أنّو
ما ح ّدث من حفظو ،يعٍت كأنّو مثبلّ شيخ أيمر ابنتو ّأهنا ٘تسك األوراؽ الذي ىو كتبها وتقرأ عليو ٦تا
كتب ٓتط يده؛ فهذه ابلنّسبة ٢تم نّزوؿ ابلقضيّة! أنّو جعل أحد ٯتلي عليو!
الصنعاين -صاحب ا١تصنف -أحد أئمة اٟتديث ا١تشهورين وإليو قاؿ" :فمنهم عبد الرزاؽ بن ٫تاـ ّ
كانت الرحلة ُب زمانو ُب اٟتديث ،حىت قيل أنو دل يُرحل إذل أحد بعد رسوؿ هللا ﷺ ما ُرحل إذل
الرزاؽ .قاؿ اإلماـ أٛتد ُب رواية إسحاؽ بن ىانئ :عبد الرزاؽ ال يعبأ ْتديث من ٝتع منو
عبد ّ
وقد ذىب بصره ،كاف يُػلَّ َّقن أحاديث ابطلة ،وقد ح ّدث عن ّ
الزىري أحاديث كتبناىا من أصل
كتابو وىو ينظر جاءوا ٓتبلفها .ونقل األثرـ عنو معٌت ذلك .وقاؿ يف النيسابوري ،يعٍت دمحم بن
ةضا أف أٛتد ذُكر قدـ على عبد الرزاؽ مرتُت إحدا٫تا بعد ما َع ِم َي .وذكر األثرـ أي ً ٭تِت الزىريِ :
لو حديث "النار ُجبار" ،فقاؿ :ىذا ابطل ليس من ىذا شيءٍ ،ب قاؿ :ومن ٭ت ّدث بو عن عبد
الرزاؽ؟ قلت :حدثٍت بو أٛتد بن شبَّػ َويو ،قاؿ :ىؤالء ٝتعوا بعد ما عمي ،كاف يُػلَّقن فلُِّقنَو وليس
ىو يف كتابو ،وقد أسندوا عنو أحاديث ليست يف كتبو كاف يُػلَ َّقنها بعد ما عمي" ،تتكلم اآلف عن
أئمة اٟتديث الكبار ،دل تشفع لو ىذه اإلمامة أف يُنقذ حُت تغَت حفظو، مُت؟ عبد الرزاؽ ،أحد ّ
السبب ،ليس أنّو فقط أَضر ،بل كيف أنّو كاف يُلقن ،وتعرفوف التّلقُت شرحتو ساب ًقا.
ويبينوف ّ
علي وأىل البيت فلعل حدث أبحاديث مناكَت يف فةضل ّ "وقد ذكر غَت واحد أ ّف عبد الرزاؽ َّ
تلك األحاديث ٦تا لُقنها بعد أف عمي كما قالو اإلماـ أٛتد وهللا أعلم ،وبعةضها ٦تّا رواه عنو
يصح .قاؿ النّسائي :عبد الرزاؽ ما ُح ّدث عنو آبخره ففيو نظر .وذكر عبد هللا بن
ةضعفاء وال ّال ّ
أٛتد أنو ٝتع ٭تِت بن معُت قيل لوٖ :تفظ عن عبد الرزاؽ عن معمر عن أيب إسحاؽ عن عاصم
٘ٗٙ
النوع الثّاين من العنواف األ ّوؿ ،ذكر ابن رجب ثبلثة عناوين ،ما العنواف األ ّوؿ؟ العنواف األ ّوؿ ىذا ّ
بسبب الكرب ،والثّاين أنّو أضر ،والثّالث دل يذكره بعد.
فحدث من -قاؿ" :ويلتحق هبؤالء -وىذا أشار إليو ابن حجر ُب النّزىة -من احًتقت كتبو َّ
يةضعف حديثِ
حفظو فوىم ،كما قالو غَت واحد يف ابن ٢تيعة ،وقد سبق ذكر ذلك .وكاف أٛتد ّ
ا١تتأ ّخرين عنو ،وقاؿ قتيبة :٭تِت بن ٭تِت النيسابوري آخر من ٝتع منو .نقلو عن األثرـ .وقاؿ أبو
حاًب الرازي :مرواف بن دمحم أتخر ٝتاعو من ابن ٢تيعة فهو ٭تدث عنو يعٍت ا١تناكَت ً -
طبعا ابن
السابق كلّو ضعيف لكن األخَت بعد ما احًتقت كتبو أشد ضع ًفا .-ومن ىذا
٢تيعة حديثو قدًن و ّ
أحياان
ةضا قوـ ٢تم كتاب صحيح ويف حفظهم بعض شيء ،فكانوا ٭تدثوف من حفظهم ً النّوع أي ً
أحياان من كتبهم فيةضبطوف" ،ىذا اآلف ليس مثل األوائل الّذين ىم ُب آخرفيغلطوف ،و٭تدثوف ً
أصبل
عمرىم ،ليس مثل من أُضروا ُب آخر عمرىم فما صاروا يقدروا يقرأوا من كتبهم ،ال ،اآلف ىؤالء ً
ُب أثناء ٖتديثهم وىم شباب ،وىم يبصروف ،مرة ٭تدث من كتابو ،يعٍت األحاديث اليت دوهنا ىو،
كاف ُب وقت الطّلب ،ووقت الطّلب ٭تضر عند ا١تشايخ فيكتب و٭ترر الكتابة١ ،تا أيٌب وقت
التّحديث ،وقت األداء -األوؿ وقت التحمل -أحد أمرينّ :إما أف يكوف حافظًا متقنًا فيحدث
وإما أف يكوف ضابطًا لكتابو فيحدث من كتابو كما ٝتع وكما كتب.ْتفظو كما ٝتعّ ،
أصبل وكاف
وا﵀ ّدثوف ُب ىذا أقساـ ،ولعلّو أيٌب اٟتديث التّفصيلي فيها ،لكن منهم من دل يكن يكتب ً
الشعيب يقوؿ" :ما كتبت سوداء ُب بيضاء"! بعضهم كاف يعتمد على حفظو ،وكاف حفظهم عجيبًاّ ،
حفظهم متقن لدرجة رىيبة ،وبعضهم كاف حافظًا وضابطًا ،ولكنّو يقرأ من كتابو احتياطًا فقط،
وبعضهم كاف يعتمد على كتابو فإذا رجع إذل حفظو خانو حفظو ،وخيانة اٟتفظ لصاحبو أو القلب
لصاحبو أو ال ّذىن لصاحبو سيئة ،ومن ٚتيل ما قاؿ -أظن -سفياف الثّوري ،قاؿ كلمة ٥تتصرة ٚتيلة
تدؿ على أمانة قلبو معو وعلى فزعة ذىنو وصدره معو ،فقاؿ" :ما استودعت قليب شيئًا فنسيتو"!
ّ
ٗٙٙ
ةضا :قوـ ثقات ٢تم كتاب صحيح ويف حفظهم بعض شيء -حسنًا ،يقوؿ" :ومن ىذا النّوع أي ً
أحياان من كتبهم فيةضبطونو ،فمنهم عبد
أحياان فيغلطوف ،و٭ت ّدثوف ً
فكانوا ٭ت ّدثوف من حفظهم ً
الرزاؽ بن ٫تّاـ -صاحبنا الذي قبل قليل "..-وذكر موضوع البصَت وكذا إذل آخره.
قاؿ" :ومنهم ال ّدراوردي عبد العزيز بن دمحم أحد علماء أىل ا١تدينة وثقاهتم ،قاؿ األثرـ :قاؿ أبو
عبد هللا -الذي ىو أٛتد :-ال ّدراوردي إذا َّ
حدث من حفظو فليس بشيء ،أو ٨تو ىذا .فقيل لو
وإال فبل شيء ،كاف ٭تدث
شأف يف تصنيفو إف كاف يف أصل كتابوّ ، يف تصنيفو ،قاؿ :ليس ال ّ
أبحاديث ليس ٢تا أصل يف كتابو .قاؿ :ويقولوف إ ّف حديث ىشاـ بن عروة عن أبيو عن عائشة
"أ ّف النّيب ﷺ كاف يُستعذب لو ا١تاء" ليس لو أصل يف كتابو" ،وذكر ً
أيضا بعض اآلاثر عن ٭تِت
بن معُتٍ .بّ قاؿ" :ومنهم ٫تّاـ بن ٭تِت العوذي البصري -أحد الثّقات ا١تشهورين -قاؿ يزيد بن
زريع وعبد الرٛتن ا١تهدي :كتابو صحيح وحفظو ليس بشيء -ىذا اآلف من رجاؿ البخاري
جدا .-وكاف ٭تِت بن سعيد ال يرضى كتابو وال الستة ،من ا١تشهورين ِّومسلم من رجاؿ الكتب ّ
حفظو"ً .
طبعا ٫تّاـ على أنّو من الثّقات ا١تشهورين ا١تعروفُت ،من رجاؿ البخاري ومسلم ،لػ ّما نقسم
جدوؿ الثّقات ..تذكروف ال ّدرجة األوذل الثّقات وفيها قسمُت صحيح؟ طبقة اٟت ّفاظ ،وطبقة الثّقات
أحياًن تستنكر
ً العاديُّت٫ .تّاـ يعترب من ىذه الطّبقة -طبقة الثقات ،-ولذلك بعض مفاريد ٫تّاـ
عليو.
قاؿٍ" :بّ بعد ذلك قدـ معاذ بن ىشاـ فرآه ٭تِت يوافق ٫تّ ًاما يف أشياء فكاف ٭تِت يقوؿ بعد
ذلك :كيف قاؿ ٫تاـ؟ -يعٍت كأنّو رضيو .-قاؿ عبد هللا بن أٛتد ٝتعت أيب قاؿ :قاؿ عفاف:
يوما ٫تّاـ فقلت لو أ ّف يزيد بن زريع ح ّدثنا عن سعيد عن قتادة ذكر خبلؼ ذلك ح ّدثنا ً
اٟتديث ،قاؿ :فذىب فنظر يف الكتاب ٍبّ جاء فقاؿ :اي عفاف أال تراين أخطئ وأان ال أعلم؟ -
الساري نقف عنده ،ىذا من الكبار ،عفاف بن مسلممرة ُب واحد من دروس غيث ّ عفاف ىذا الزـ ّ
ئمة اٟت ّفاظ األثبات ،ىو من ذوي ا١ترتبة العلية ُب اٟتديث ومن أشهر تبلميذ ٛتّاد بن سلمة
من األ ّ
فقل ما كاف ٮتطئ.
من الكبار ا١تشهورين -قاؿ عفاف :وكاف ٫تّاـ إذا ح ّدثنا بقرب عهده ابلكتاب َّ
ٗٙٚ
قاؿ عبد هللا وقاؿ أيب :ومن ٝتع من ٫تّاـ آبخره فهو أجود؛ أل ّف ٫تّاـ كاف يف آخر عمره أصابتو
ِ
سن ومطاولة علّة-
طويبل ،وضعف بكرب ّ زمانو ُ-ب اٟتاشية يقوؿَ " :زم َن َزَمانَة :مرض ً
مرضا يدوـ ً
فكاف يقرب عهده ابلكتاب فقل ما كاف ٮتطئ".
الزىري عن سادل عن أبيو أ ّف غيبلف أسلم وٖتتو عشر نسوة ..قاؿ أٛتد يف
"ومنو حديث عن ّ
منقطعا أي
ً رواية ابنو صاحل :معمر أخطأ ابلبصرة يف إسناد حديث غيبلف ،ورجع ابليمن فجعلو
مرسبل" .إذل آخر الكبلـ.
ً
ابن حجر رٛتو هللا لو كتاب ٚتع فيو ا١تختلطُتٚ ،تعهم وذكر بعض األحواؿ ا١تتعلّقة هبم فيما أذكر،
الرواة ،وّتانب مهم من جانب الرواية الّذي ىو ّ
وىذا كلّو من عناية ا﵀ ّدثُت ّتانب مهم من جانب ّ
ا١تتغَتات وا١تشكبلت العارضة على أساس اٟتكم عليهم وحفظهم. الرواة الّذي ىو متابعة طروء ّ
ّ
مهمة ِّ
جدا وىي :تقوية اٟتديث وإف شاء هللا ُب اللّقاء القادـ ننتقل إذل مسألة جديدة وىي مسألة ّ
ابلشواىد وا١تتابعات٦ ،تّا يتّصل بو اٟتسن بغَته ،إف شاء هللا.
ّ
اللهم على نبيّنا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت.
وصل ّ ِّ
ٓٗٚ
احملاضرة الثانية والثبلثوف:
ا١تقدمة:
كثَتا طيبًا مبارًكا فيو كما ٭تب ربنا تبارؾ وتعاذل ويرضى ،اللهم لك اٟتمد
ٛتدا ً
اٟتمد ﵁ رب العا١تُتً ،
صل وسلم وابرؾ على عبدؾ ورسولك دمحم. ال ٨تصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ،اللهم ِّ
جديدا من ٣تالس الشرح ا١تطوؿ على نزىة النظر ،سائلُت هللا التوفيق
ً ٣تلسا
نستعُت اب﵁ ونستفتح ً
والتسديد والربكة.
ٔٗٚ
لعل ىذا من اٞتوانب ُبُب ىذه الدروس أحاوؿ من خبلؿ ا١تباحث اٟتديثية أف أُبرز ىذا ا١تعٌت ،و َّ
ىذا الشرح اليت ٕتعلو ليس من الشروح ا١تكررة ،ىناؾ جوانب أخرى يعٍت بفضل هللا سبحانو وتعاذل،
لكن ىذا اٞتانب من اٞتوانب ا١تهمة ُب الدرس؛ ألف التَ َكَرار ُب الشروح فيو إمبلؿ ،فيو إشكاؿ ،يعٍت
كثَتا إذا كانت الفئة ا١تتلقية دل تسمع أي شرح ُب ىذا الباب،
ما ُب إشكاؿ أف يُشرح كتاب قد ُشرِح ً
من ابب تداوؿ العلم وسنة الًتبية على العلم ،لكن من ابب النشر العاـ ليس كل من شرح شيئًا من
ا١تفًتض أف ينشره ،إذا نُ ِشر الشيء إما أف يكوف فيو تسهيل ،تقريب ،إما أف يكوف فيو إضافة ،إما أف
يكوف فيو ٖترير لقضااي دل ُٖتّرر ،إما أف يكوف فيو جانب دل يُتنَاوؿ ،أما أف يكوف ٣ترد نسخة أخرى،
نفس ا﵀توى ،فهذا برأيي فيو إشكاؿ.
يقوؿ -كل الكبلـ السابق ُب سطر ونصف فقط" :-ومىت تُوبِ َع سيء اٟتفظ ٔتعتَ ٍرب وكذا ا١تستور -
رسل -إذا جاءت رواية مرسلة ،وجاءت رواية أخرى اتبعت
أيضا ،-وا١تُ َ
أي :أف الراوي ا١تستور توبع ً
ٕٗٚ
وا١تدلِس -كذلك إذا توبع ،-صار حديثهم حسن ال لذاتو ،بل
رواية الراوي الذي أ َْر َس َلَّ ،-
ابجملموع" .ىذا النص الذي ُب النخبة.
آت ُب صميم ا١تبحث اٟتديثي التطبيقي ،وىو ىذا الباب من األبواب ا٠تطَتة وا١تهمة ،وىو ابب ٍ
التغَت ُب آلية اٟتكم والتعامل مع ىذا الباب،
ابب من األبواب اليت وقع فيها االختبلؼ واإلشكاؿ و ّ
بُت أئمة اٟتفاظ ا١تتقدمُت الذين حرروا وأسسوا ىذا العلم ،وبُت بعض التطبيقات ا١تتأخرة.
ما ىو الفرؽ؟ وما ىي الفكرة؟ ىنا النقطة ا١تركزية ،اآلف ُب واقع الروايةُ ،ب وقت اإلماـ البخاري
واإلماـ أٛتد ومن قبلهم ،أيٌب ا﵀دث أو الناقد يتعامل مع رواية ما٬ِ ،تد ٢تا أسانيد كثَتة جيد،
ٗٚٙ
أصبل؟
ماىي الفكرة؟ الفكرة ىي أف اٟتديث الذي تبحث عن تقويتو ،ىل ىو حديث ٭تتمل الصحة ً
٭تتمل أف يكوف صو ًااب؟ يعٍت اآلف عندما أيتيٍت حديث مرسل ،حديث صحيح إذل اٟتسن البصري
قاؿ :قاؿ رسوؿ هللا ﷺ ،اآلف بُت اٟتسن البصري ،وبُت النيب ﷺ ال نعلم َمن؟ ضعيف ،ثقة،
صحايب ،ليس بصحايب؛ ال نعلم .السؤاؿ اآلف :ىل ٭تتمل ىذا الكبلـ أف يكوف اثبتا عن النيب ﷺ؟
نعم ٭تتمل.
حسنًا ،إذا دل يوجد عندًن إال ىذا ا١ترسل ماذا ٨تكم عليو؟ ابلضعف .اآلف مثل ىذا ىو الذي ٯتكن
أف تنظر فيو ُ٬ترب أو ال ُ٬ترب١ ،تاذا؟ ألف ىناؾ احتماؿ ُب ذات الرواية الضعيفة أف تكوف صحيحة.
"حديث الض ِ
ِّعفاء أبدا منكرِ ،
ُ عضد ،وا١تنكر ًفإذا تبُت أف الرواية خطأ ،فلو أتيت ٢تا أبلف عاضد ال تُ َ
أبدا ُمن َكر" .فإذا ترجح جانب الرد ،أف اٟتديث مردود وخطأ ،حىت قد ُ٭تتاج إليو ُب ٍ
وقت ،والػ ُمن َكر ً
أصبل .أو إذا غلب
لو كاف من أسانيد الثقات ،إذا ترجح أف ىذا اٟتديث خطأ فإنو ُٮترج من ا١تعادلة ً
يصدؽ؟ ٦تكن أف يصدؽ ،ولكن ألف كذاب ،الك ّذاب ىل ُ على الظن أنو خطأ ،مثل حديث فيو َّ
َّحفظ عند الناقد ،فلو جاء عاضد ٟتديث الكذاب ال يقبلونو .أين الكذب هتمة تُغلِّب جانب الت ُّ
قضية القبوؿ؟ عندما يكوف عندًن را ٍو يصيب وٮتطئ ،ولكن ا٠تطأ كثَت ُب روايتو ودل يصل إذل حد أف
فاحشاْ ،تيث يكوف أغلب ما ينتجو من الرواايت خطأ .شديد الضعف والك ّذاب؛ ىذاف ً يكوف
حديثهما ال ُ٬ترب ،شديد الضعف يسمى :ا١تًتوؾ وخطأ الثقات فمن دوهنم ال ُ٬ترب ،خطأ الثقات ال
إسنادا على إسناد ،ال أتٌب رل بعاضد من رواية أخرى،ُ٬ترب ،عندما ٮتلط الثقة ُب إسناد ،ويركب ً
وتقوؿ :انظر عضده! ال ،دل يعضده ،عندما يتبُت عند اٟتفاظ أف ىذا اإلسناد خطأُ ،ٮترج خارج
ا١تعادلة.
من الذي ُ٬ترب حديثو؟ الذي ٭تتمل أف يكوف قد أصاب يف روايتو ،كأف يكوف سيء اٟتفظ ،مثل
وحجاج بن أرطاة ،وعبد الرٛتن ..إخل ،ا١تشهورين
الرواة ا١تشهورين من الضعفاء :عبد هللا بن ٢تيعةّ ،
جدا من الضعفاء ،ىنا قد ُ٬ترب برواية أخرى .حسنًا الرواية األخرى ٬تب أف تكوف ُب ىذا ا١تستوى أو
ً
رسبلف من وجهُت ٥تتلفُت ،ىل أعلى ،ال تكوف ُب مستوى يًتجح فيو جانب الرد .فإذا جاءًن ُم َ
ٗٚٚ
يقوي األوؿ؟ نعم ،يقوي األوؿ ،بغض النظر يقويو إذل أي درجة٨ .تن نتكلم اآلف ىل ا١ترسل الثاين ّ
يقوي أو ال يقوي؟ اٞتواب يقوي .وقد ٬تعل العادل أو اجملتهد يقبل هبذا ا١ترسل الذي أتى من وجهُت
مرسل قد
اثنُت ،كما كاف يفعل ابن تيمية مثبل -رٛتو هللا -وينصر ىذه القضية ،يقوؿ لك" :وىذا ٌ
أتى من ٥ترجُت ٥تتلفُت ..وال يتوافق اثناف على كذب وخطأ ،وىذا مرسل ."..و٢تذا الكبلـ أصل ُب
كبلـ بعض األئمة ،مثل الشافعي رٛتو هللا لػ ّما ذكر شروط ا١ترسل ،وشرح ابن رجب لشروط
الشافعي.
جدا ،أما الذي ٬تري عند بعض الباحثُت ،وا١تتحدثُت ُب اٟتديث ُب التصحيحىذا الباب ابب دقيق ً
فأحياًن يكوف عبثًا .اب١تناسبة من دقة ا﵀دثُت :اشًتاطهم ُب تقوية اٟتديث أو اعتبار
ً بكثرة الطرؽ
الشواىد وا١تتابعات ليس فقط ُب األحاديث الضعيفة ،يعٍت ليس فقط ألهنم حىت ما يصل اٟتديث
إذل أنو يؤخذ بو وىو ضعيف ،ال ،حىت اٟتديث الصحيح.
حديث ضعيف يعضد ىذا الصحيح ،ليس ألهنم قبلوا ٌ صحيح اثبت من كل وجو ،جاء
ٌ حديث
ٌ
أحياًن يقولوف :حسنًا ىذا حديث صحيح، الصحيح يقولوف :أي رواية تعضد ىذه فهي مقبولة ،الً ،
شاىدا لو ،مع أهنا شاىدة لو لكنها ضعيفة ،أو متابِعة .يعٍت ً
مثبل" :إ٪تا لكن ىذه الرواية اليت أتت ً
األعماؿ ابلنيات" ،كل من روى ىذا اٟتديث من غَت طريق ٭تِت بن سعيد األنصاري فهي رواية
ضعيفة ،وقد ُروي من أكثر من طريق عن غَت ٭تِت بن سعيد األنصاري ،لكن َّ
اٟتفاظ قالوا كل من
روى ىذا اٟتديث من غَت طريق ٭تي بن سعيد األنصاري فهي رواية ضعيفة.
حسنًا ،أنت إيش دخلك ضعيفة ولديك اٟتديث اثبت؟ ىذا من دقة ا﵀دثُت ،يقوؿ لك :ولو كاف
اٟتديث اثبتًا ،فإف ىذه الرواية غَت ٤تفوظة .وىذا فرؽ كبَت بُت ىذه الطريقة وا١تنهجية ،وبُت ا١تنهجية
األخرى.
ٗٚٛ
ا٠تبلصة:
أنو يُنظر ُب كل حديث بقرائنو ورواايتو وشواىده ،فإذا جاءًن اٟتديث من ثبلث طرؽ ،أربعٜ ،تس
طرؽ ،وكانت الطرؽ كلها قليلة الضعف ،ويسَتة الضعف ،وتبُت أف كل طريق منها ٤تفوظ -ا﵀فوظ
قوى ،وىنا أتٌب قضااي مثل :كتابة
ىو ما يقابل الشاذ ،أو يعٍت اب١تعٌت العاـ :ا١تنكر -فإف مثل ىذا يُ ّ
حديث الضعفاء ُب الرقائق وما إذل ذلك ،أبواب ٮتفف فيها؛ ألف ىذه فيها قرائن ،يعٍت ١تا يكوف
اٟتديث ُب أصل شرعي دل أيٌب بو إال را ٍو واحد فهذا من األمور اليت تدعم جانب التخفيف.
وصل اللهم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت.
ّ
ٜٗٚ
احملاضرة الثالثة والثبلثوف:
ا١تقدمة:
كثَتا طيبًا مبارًكا فيو كما ٭تب ربنا تبارؾ وتعاذل ويرضى ،اللهم لك اٟتمد
ٛتدا ً
اٟتمد ﵁ رب العا١تُت ً
صل وسلم وابرؾ على عبدؾ ورسولك دمحم.ال ٨تصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك ،اللهم ِّ
نستعُت اب﵁ ونستفتح اجمللس الثالث والثبلثُت من ٣تالس الشرح ا١تطوؿ على (نزىة النظر) لئلماـ ابن
حجر رٛتو هللا تعاذل.
بعد أف انتهينا من الكبلـ على اٟتسن لغَته ،والطرؽ وا١تتابعات والشواىد ،انتقل اإلماـ ابن حجر -
رٛتو هللا -إذل مبحث جديد ،ىذا ا١تبحث ٥تتلف عن ا١تباحث السابقة ،ا١تباحث السابقة كانت
ٖتت أي عنواف؟ ٖتت ا١تقبوؿ وا١تردود ،وخاصة ا١تردود ُب العناوين األخَتة .اآلف انتقل إذل معٌت آخر
ليس لو عبلقة ابلقبوؿ والرد ُب األساس.
تنبيو مهم:
وىذا تنبيو مهم أف مباحث علوـ اٟتديث منها ما ىو متعلق ابلقبوؿ والرد ،ومنها ما ليس متعل ًقا
مردودا فقط ،وإ٪تا يتناولوف
ً مقبوال أو
ابلقبوؿ والرد ،فا﵀دثوف ال يتناولوف اٟتديث من جهة كونو ً
اٟتديث من جهات متعددة ،أ٫تها من جهة القبوؿ والرد ،وإال فهناؾ مباحث أخرى ال عبلقة ٢تا
ابلقبوؿ والرد من جهة األساس ،وتكوف ضمن مباحث علوـ اٟتديث ،وىذا القسم الثاين أنواع
وأصناؼ وأشكاؿ ،وٯتكنك أف تقسمو ابعتبارات:
أوال :ابعتبار األ٫تية؛ فهناؾ من ا١تباحث اٟتديثية اليت ال عبلقة ٢تا بقبوؿ اٟتديث أو رده ما ىو مهم،
ً
مهما ،أي أشبو ما يكوف ابلػ ُملَح ،ابلتتمات ،ببعض التوصيفاتيهم طالب اٟتديث ،ومنها ما ليس ً
اٞتزئية ،ابللطائف.
فمن األوؿ -الذي ليس متعل ًقا ابلقبوؿ والرد ،ولكنو مهم -ىذا ا١تبحث الذي سيتحدث عنو ابن
حجر رٛتو هللا ُب ا١ترفوع وما إذل ذلك.
ٓٗٛ
اثنيًا :ومن اثين ا١تباحث -الذي ليست متعلقة ابلقبوؿ والرد ،وُب نفس الوقت ليست مهمة ،أي ىي
من ابب اللطائف :-ا١تسلسل ،لك أف تدخلو ُب ىذا ،ومن جهة أخرى ٯتكن أف يكوف فيو ما ىو
مهم؛ ألف ا١تسلسل غالبًا يفيد االتصاؿ ،صحيح أنو ليس مبحثًا أساسيًا ُب االتصاؿ ،ولكن لو
عبلقة ،لكن مثل ا١تدبج ،مثل رواية اآلابء عن األبناء ،ورواية األبناء عن اآلابء ،ىذا من ا١تباحث اليت
فيها فوائد ،ولكن فائدهتا األساسية ُب كوهنا من اللطائف .بعض أنواع ا١تسلسبلت تعد من ىذا
ا١تبحث ،اللطائف ،أف ىذا مسلسل ابلشاميُت ،مسلسل اب١تصريُت ،مسلسل اب﵀مدين ،وىكذا.
إذف ىذا تنبيو مهم ُب تصور مباحث علوـ اٟتديث.
ومن ىذا القسم الثاين الذي ليس متعل ًقا ابلقبوؿ والرد :مبحث آداب طالب اٟتديث ،وىو مبحث
أساسي ُب علوـ اٟتديث ،فكثَت من ا﵀دثُت ،وكثَت من كتب اٟتديث تُف ِرد مبحثًا ُب كتبها لتناوؿ
الف َكر) مع شرحو النزىة فيو نبذة عن آداب طالب اآلداب ،وحىت ىذا ا١تنت ا١تختصر الذي ىو ( ُ٩تبة ِ
َ
اٟتديث ،وىذا فيو فائدة مهمة ستأٌب إف شاء هللا ُب وقتها.
إذف اآلف ٨تن خرجنا من غرفة -إف صحت التسميةُ -ب بيت علوـ اٟتديث ،وىي غرفة القبوؿ
والرد ،وانتقلنا إذل غرفة أخرى وىي غرفة ال عبلقة ٢تا ابلقبوؿ والرد ،وإف كاف سيعود بعد ذلك ُب
ا١تباحث األخرى إذل القبوؿ والرد.
حكما:
ا١ترفوع تصر٭تًا أو ً
حكما ،من قولو ،أو فعلو ،أو تقريره".
يقوؿٍ" :ب اإلسناد إما أف ينتهي إذل النيب ﷺ تصر٭تًا ،أو ً
سطر واحد ،ىذا السطر شرحو ُب كبلـ طويل.
"ٍب اإلسناد" ،الذي شرحو قبل قليل ،ىو :الطريق ا١توصل إذل ا١تنت.
"إما أف ينتهي"١ ،تا يقوؿ إما أف ينتهي ،فهو سيتحدث عن ا١تنت.
"إما أف ينتهي إذل" ،ما بعد إذل ىنا :ا١تنت ،فهنا خرج من مباحث اإلسناد إذل مباحث ا١تتوف.
حكما".
قاؿٍ" :ب اإلسناد إما أف ينتهي إذل النيب ﷺ تصر٭تًا أو ً
"تصر٭تًا" ،يعٍت :قاؿ رسوؿ هللا ﷺ.
ٔٗٛ
حكما" ،ىذه سيشرحها فيها كبلـ كثَت.
"أو ً
"من قولو أو فعلو أو تقريره" ،كم قسم صار عندًن؟ ستة أقساـ :إذا انتهى اإلسناد إذل النيب ﷺ
حكما ففيو :قوؿ أو فعل أو تقرير .ىذه ستة
تصر٭تًا ففيو :قوؿ أو فعل أو تقرير ،وإذا انتهى إليو ً
أقساـ اآلف ،بناءً على ىذه اٞتملة فقط.
حكما ،ىذا
ىذا السطر شرحو ابن حجر ُب أربع أو ٜتس صفحات ،خاصة ُب كلمة :تصر٭تًا أو ً
اآلف ُب (النُّخبة).
نرجع لػ(النُّزىة) ،يقوؿٍ" :ب اإلسناد :وىو الطريق ا١توصلة إذل ا١ت ِ
نت .وا١تنت :ىو غاية ما ينتهي إليو
حكما أف
اإلسناد من الكبلـ .وىو :إما أف ينتهي إذل النيب ﷺ ويقتةضي لفظُوَ :إما تصر٭تًا ،أو ً
ا١تنقوؿ بذلك اإلسناد من قولو ﷺ ،أو من فعلو ،أو من تقريره".
اآلف سيبدأ ُب األمثلة:
ا١ترفوع تصر٭تًا:
ٕ) ومثاؿ ا١ترفوع ِمن الفعل تصر٭تًا :أف يقوؿ الصحايب :رأيت رسوؿ هللا ﷺ فعل كذا ،أو يقوؿ
ىو أو غَته :كاف رسوؿ هللا ﷺ يفعل كذا.
السنَّة
أحدا على شيء فهذا من ُّ ومثاؿ ا١ترفوع من التقرير تصر٭تًا" ،أي أف يكوف النيب ﷺ قد ّ
أقر ً
أيضا.
ً
ٕٗٛ
تنبيو إٯتاين تربوي:
وقبل أف نذكر ا١تثاؿ عندي تنبيو إٯتاين تربوي وىو :عناية الصحابة رضواف هللا تعاذل عليهم بنقل أقواؿ
النيب ﷺ وأفعالو وتقريراتو ،فهم دل يعتنوا فقط بنقل ما قالو رسوؿ هللا ﷺ ،وإ٪تا أضافوا إذل ذلك ما
أقره ،فكانوا ينتبهوف إذل
فعلو ،ودل يكتفوا بنقل ما قالو وفعلو رسوؿ هللا ﷺ ،وإ٪تا زادوا على ذلك ما ّ
حكما ،وىذا
أقوالو ،وإذل حركاتو وأفعالو ،وإذل سكوتو؛ ألف سكوتو عليو الصبلة والسبلـ قد يفيد ً
فيو معاين عظيمة ج ًدا ،منها:
أف النيب ﷺ ال يسكت على ابطل ،وإ٪تا يتحدث ابٟتق ويبلغو ،وأيمر اب١تعروؼ وينهى عن ا١تنكر،
جرىا العلماء على ورثتو عليو الصبلة والسبلـ، وىذا الفعل من النيب ﷺ ىو من ٚتلة األفعاؿ اليت َّ
مثبل أف العلماء يتحدثوف عن اإلٚتاع السكوٌب ،ما اإلٚتاع فتجدوف ُب مباحث أصوؿ الفقو ً
طبعا ىذه صورة من السكوٌب؟ اشتُ ِهر قوؿ بعض العلماء ،والبقية دل يتحدثوا ٓتبلؼ ىذا القوؿً ،
الصور ،اإلٚتاع السكوٌب لو أكثر من صورة ،حسنًا أين اإلٚتاع ىنا؟ ىذا فيو افًتاض أف األمة تقوؿ
افًتض أف األمة ال تسكت على ابطل ،وال ابٟتق وتقضي بو ،أي ال يتم اإلٚتاع السكوٌب إال إذا ُِ
جدا من ٕتتمع على السكوت عن قوؿ اٟتق ،أو عن ترؾ اإلنكار على الباطل ،فهذا معٌت مهم ً
الناحية اإلٯتانية والًتبوية ُب قضية تقرير النيب ﷺ ،وىذا السكوت معناه أف النيب ﷺ أيمر اب١تعروؼ
أمرا ٔتعروؼ فسكت ،فمعٌت ىذا أف ىذا ا١تقاـ ال يستلزـ وينهى عن ا١تنكر ،فلو كاف ا١تقاـ يقتضي ً
ىذا القوؿ ،ولو كاف الفعل الذي فُعِ َل إمامو فعلو الرجل أو فعلتو ا١ترأة والنيب ﷺ رأى ىذا الفعلٍ ،ب
ومبُِت، ِ
دل يتكلم فمعٌت ذلك أف ىذا الفعل جائز؛ ألف النيب ﷺ ال يًتؾ إنكار ا١تنكر ،وىو ُمبَػلّغ ُ
وببلغو وبيانو عليو الصبلة والسبلـ قد يكوف بسكوتو إذا كاف ىذا إقر ًارا ،وإف كاف أصل البياف ىو
ابلقوؿ أو ابلفعل ىذا األساس ،لكن حىت السكوت يدخل ُب ىذا ا١تعٌت ،وىذا معٌت يُنتبو إليو من
الع ِادل
الناحية اإلٯتانية والًتبوية ،وذلك أف العمل ُب اإلسبلـ ال يُفصل عن العلم ،وال يُفًتض أف يكوف َ
مناقضا لفعلو ،فإف ىذا ً عالِ ًما ُب اإلسبلـ ،من العلماء الذين يُطلب منهم اٟتقٍ ،ب يكوف عملو
التناقض ال ٬تتمع ُب ورثة النبوة ،وإذا اجتمع على سبيل الزلة وا٠تطأ فهذا مقبوؿ من جهة الطبيعة
ٖٗٛ
ومستمرا فهذا ال يستقيم
ً ظاىرا
أمرا ً
البشرية وا٠تطأ البشري الذي ٭تصل والوقوع ُب الزلل ،وإف كاف ً
مع اسم العِلم ُب اإلسبلـ.
ٖ) يقوؿ" :مثاؿ ا١ترفوع من التقريري تصر٭تًا :أف يقوؿ الصحايب :فعلت ْتةضرة النيب ﷺ كذا،
.أو يقوؿ ىو أو غَته :فعل فبلف ْتةضرة النيب ﷺ كذا ،وال يذكر إنكاره لذلك"
ٗٗٛ
مثبل :إف أردت اٞتنة فعليك بكذا ،ىذا ليس ثو ًااب
جدا؛ ألنو قد يقوؿ الصحايب ً ٥تصوص ىذه مهمة ً
٥تصوصا ،بل عاـ ،ىذه "كذا" قد تكوف من ٚتلة ٦تا يدخل ُب اسم العمل الصاحل وُب اسم طاعة هللا
ً
سبحانو وتعاذل ،فبل أيٌب شخص ويقوؿ ىذا لو حكم الرفع؛ ألنو ال ٣تاؿ لبلجتهاد فيو ،ال ،ىناؾ
للعادل أف يقوؿ :إف أردًبخاصا ابلصحابة ،حىت من بعد الصحابةِ ، ٣تاؿ لبلجتهاد ،وىذا ليس ِّ
مثبل ،فتقوؿ ٢تم :إف أردًب اٞتنة فاتقوا هللا
اٞتنة٦ ..تكن أف تكوف ىناؾ فتنة معينة أو ًنزلة معينة ً
واجتنبوا ىذه الفتنة ،أيٌب واحد ويقوؿ ىذا عنده نص خاص عن النيب ﷺ ..ال ،ال ٭تتاج ،ىو يكوف
قد ّنزؿ النصوص العامة على حالة معينة .لكن ثواب ٥تصوص أو عقاب ٥تصوص وذلك مثل ما
ثبت عن أيب سعيد ا٠تدري رضي هللا تعاذل عنو -وىذا من أبرز األمثلة على ا١ترفوع اٟتكمي -أنو قاؿ
"من قرأ سورة الكهف -وُب رواية يوـ اٞتمعة -أضاء لو من النور ما بينو وبُت البيت العتيق" .وروي
أبلفاظ أخرى ُب الثواب.
اب ٥تصوص ،ولو ثبت اللفظ -وبعض العلماء ال أوالٍ ،ب ثو ٌ
فهذا أمر ٥تصوص بسورة الكهف ً
وضوحا من أف ىذا من ا١ترفوع اٟتكمي ،يعٍت ال ٣تاؿ
ً أيضا ،لزادت القضية
يثبتو -أنو يوـ اٞتمعة ً
أليب سعيد ا٠تدري أف يستنبط ىذا ا١تعٌت وال أف يقولو ،ؤتا أنو صادؽ قد ثبتت عدالتو وصدقو
مستندا إذل شيء؛ ألنو ال ٯتكن لو أف ٬تتهد ُب
ً وصحبتو للنيب ﷺ فقولو ىذا ٬تب أف يكوف
استنباطو.
ارهُ
وىذا ا١تعٌت الذي أشار إليو ابن حجر ىنا ،وىو قولو" :وإ٪تا كاف لو حكم ا١ترفوع؛ ألف إخبَ َ
ف الصحابة ربا لو ،وما ال ٣تاؿ لبلجتهاد فيو يقتةضي موقًِّفا للقائل بو ،وال ُم َوقِّ َ
بذلك يقتةضي ُ٥تِ ً
االحًتاز عن القسم الثاين .وإذاَ إذل النيب ﷺ ،أو بعض من ُٮتِرب عن الكتب القدٯتة؛ و٢تذا وقع
كاف كذلك ،فلو ًحكم ما لو قاؿ :قاؿ رسوؿ هللا ﷺ ،فهو مرفوع سواءٌ كاف ٦تا ٝتعو منو ،أو
عنو بواسطة.
حكما :أف يفعل الصحايب ما ال ٣تاؿ لبلجتهاد فيو ،فيُ ّنزؿ على أف ِ
ومثاؿ ا١ترفوع من الفعل ً
علي هنع هللا يضر يف الكسوؼ أف يف كل ركعة
ذلك عنده عن النيب ﷺ ،كما قاؿ الشافعي يف صبلة ّ
أكثر من ركوعُت.
َ
٘ٗٛ
حكما :أف ُٮترب الصحايب أهنم كانوا يفعلوف يف زماف النيب ﷺ كذا"، ِ
ومثاؿ ا١ترفوع من التقرير ً
حكما ،وىو موضوع التقرير ،وىو ٤تل االجتهادػ والنظر والبحث، ً وىذا من أكثر أنواع ا١ترفوع
مثبل سجود الشكرٚ ،تهور وا١تقارنة ،والتنزيل ،والتحقيق ،ىل ىذا يدخل فيو أو ال يدخل فيو؟ ً
األحاديث ا١ترفوعة عن النيب ﷺ الواردة فيو ،فيها إشكاؿ من حيث الثبوت واإلسناد ،ىل ٔتجموعها
حديثي تفصيلي .لكن ثبت ُب البخاري ومسلمُ ،ب قصة كعب بن مالك ّّ تعتضد أو شيء؟ ىذا ْتث
اج ًدا" ،فهذا السجود من كعب بن مالك أنو حُت ٝتع :اي كعب بن مالك أبشر! قاؿ" :فَخررت س ِ
ََ ُ َ
حكما من جهة التقرير أو ال؟ ىل يشًتط ِ
حصل ُب وقت النيب ﷺ وزمنو ،فهل يقاؿ ىذا من ا١ترفوع ً
حكما من جهة التقرير أف يعلم بو النيب ﷺ أو ال يشًتط؟ ىذه القضية وا١تسألة.ُب ا١ترفوع ً
حكما :أف ٮترب الصحايب أهنم كانوا يفعلوف يف زماف
ويقوؿ ابن حجر" :ومثاؿ ا١ترفوع من التقرير ً
أف الظاىر ىو ا ِطّبلعُوُ ﷺ على ذلك؛ لتوفرر النيب ﷺ كذا ،فإنو يكوف لو حكم الرفع من ِ
جهة َّ ُ ُ
دواعيهم على سؤالو عن أمور دينهم؛ وألف ذلك الزما َف زما ُف نزوؿ الوحي؛ فبل يقع من الصحابة
٦تنوع ِ
الفعل .وقد استدؿ جابر وأبو سعيد رضي هللا فعل شيء ويستمروف عليو ،وإال وىو غَت ِ
تعاذل عنهما -وىذا ٯتكن أصرح دليل ُب ا١تسألة -على جواز العزؿ أبهنم كانوا يفعلونو والقرآف
يَنزؿ ،ولو كاف ٦تا يُنهى عنو ،لنهى عنو القرآف.
الصيَغ الصر٭تة ابلنسبة إليو ﷺ ،كقوؿ الكناية يف موض ِع َّ ويلتحق بقولو "حكما" ما ورد بصيغة ِ
ً
التابعي عن الصحايب :يرفع اٟتديث ،أو يرويو ،أو يَػ ْن ِم ِيو ،أو روايةً ،أو يَػ ْبػلُ ُغ بو ،أو رواه".
حكما ،كاف يتحدث عن أمثلة ُب قضية أف شيئًا فُعِل ُب اآلف ُب التقريرات السابقة ُب قضية ا١ترفوع ً
حكما من جهة التقرير أو ال أيخذ من جهة :ىل اطلع زمن النيب ﷺٍ ،ب ىل أيخذ صيغة ا١ترفوع ً
قر والوحي ينزؿ أـ ال؟ بعد عليو أـ دل يطلع ،ىل استمرار الصحابة على فعل هبذه الصيغة ٯتكن أف يُ ّ
أف فرغ من ىذه القضية ،ىو كأنو وضع ٢تا ضوابط فقاؿ" :فإنو يكوف لو حكم الرفع من ِ
جهة َّ
أف ُ ُ
الظاىر ىو ا ِطّبلعُوُ ﷺ على ذلك" ،ىو اآلف علقها اب ِطّبلع النيب ﷺ ،دل يعلقها ٔتجرد الفعل ُب
زمانو ،وإف كاف بعد ذلك ذكر صورة أخرى ستأٌب بعد قليل .حسنًا ما الدليل على اطبلعو؟ يقوؿ:
ٗٛٙ
"لتوفرر دواعيهم على سؤالو عن أمور دينهم" ،يعٍت جرت العادة ُب زمنو ﷺ أف يُسأؿ النيب ﷺ
عن ىذه األحواؿ الدينية اليت تقع ُب وقتو.
ٍب لفت إذل معٌت آخر وىو معٌت االشتهار ،قاؿ" :وألف ذلك الزما َف زما ُف نزوؿ الوحي؛ فبل يقع
من الصحابة فعل شيء ويستمروف عليو" ،وىذا االستمرار مظنة اال ِطّبلع.
فا﵀صل أنو أرجعها ال إذل مطلق وجود الفعل ُب وقت النيب ﷺ ،وإ٪تا ما يظن من الفعل أنو قد اطلع
َّ
عليو ﷺ.
لكن بقي أف يُقاؿ ُب العلة األوذل ،ىل ىي علة مطابقة لكل ما فُعِل ُب زمنو؟ لكن يبدو رل أهنا
ليست مطابقة ،حىت ابن حجر ُب لفظو قاؿ" :أف ُٮترب الصحايب أهنم كانوا يفعلوف يف زماف النيب
ﷺ كذا" ،ىل ىو قصد إذل صيغة اٞتمع؟ قد يكوف قصد إذل صيغة اٞتمع.
لكن أف يقاؿ ٔتجرد وجود فعل ألي أحد من الصحابة ُب زمن النيب ﷺ ُب أي سياؽ من السياقات،
جدا ،لكن إذا توفرت فيو الدواعي والقرائن اليت تدؿ
حكما؛ فأًن أرى أف ىذا بعيد ً
فهذا أيخذ ا١ترفوع ً
حكما.
على اطبلع النيب ﷺ على ىذا الفعل ،فإنو أيخذ ا١ترفوع ً
ومن الدواعي :االستمرار عليو ،أف يُفعل ،وأيٌب الدليل على أهنم قد استمروا على ىذا الفعل .ومن
فعبل فيو شيء من اٞتهر ،أو أف يكوف اٟتدث منعاما ،أو فَعلتو ٚتاعة ً
فعبل ِّالدواعي :أف يكوف ً
شأنو أف يُنقل إذل النيب ﷺ ،ومثل ىذه األفعاؿ يَستدؿ هبا الصحابة كما ُب حديث جابر وأيب
سعيد" :كنا نَع ِزُؿ والقرآف ين ِزؿ ،فلو كاف شيئًا يُنهى عنو لنهى عنو القرآف" ،الحظ صيغة ٚتع،
فرس ا فأكلناه" .وغَت ذلك من
وكذلك أٝتاء كما ُب الصحيح قاؿ٨" :ترًَن على عهد رسوؿ هللا ﷺ ً
األمور اليت تدؿ على ىذا ا١تعٌت.
حكما من جهة صيغ األداء:
ا١ترفوع ً
حكما من جهة التقرير ،ومن جهة الفعل ومن جهة القوؿ؛ انتقل إذل نوع آخر بعد أف فرغ من ا١ترفوع ً
حكما من جهة الصيغ ،صيغ األداء اليت تدؿ على أف القوؿ ينتهي حكما ،وىو :ا١ترفوع ًمن ا١ترفوع ً
إذل النيب ﷺ ،يعٍت ليس ُب القوؿ "قاؿ رسوؿ هللا ﷺ" ،دل يُ ِّ
عرب الصحايب بكلمة "قاؿ رسوؿ هللا" ،ودل
ٗٛٚ
عرب التابعي ُب روايتو عن الصحايب بقولو "قاؿ الصحايب ،قاؿ رسوؿ هللا" ،أو "قاؿ الصحايب عنيُ ِّ
عرب بلفظ آخر ،يفيد أنو مرفوع إذل النيب ﷺ.
رسوؿ هللا ﷺ" ،وإ٪تا ّ
-وأان برأيي أف ىذا ٮتتلف عن ا١ترفوع اٟتكمي السابق ،ا١ترفوع اٟتكمي السابق فيو قدر من
االجتهاد ،أما ىذا فهو صيغة تعبَتية معينة ،فإذا اتةضح أف ىذه الصيغة تدؿ على أف النيب ﷺ
قالو ،انتقل إذل ا١ترفوع تصر٭تًا.
اٟتديث" .اآلف لو قاؿ" :عن أيب ىريرة يرفع
َ يرفع
قاؿ ابن حجر" :كقوؿ التابعي عن الصحايبُ :
حكما أـ تصر٭تًا؟ تصر٭تًا ،وإف كاف ىو
اٟتديث" بدوف أف يقوؿ إذل النيب ﷺ ،فهل نقوؿ مرفوع ً
حكما من جهة أنو ليس فيو تصريح ابسم النيب ﷺ.
أدخلو ُب ا١ترفوع ً
وذكر صيغًا تدؿ على ىذا ا١تعٌت غَت يرفع اٟتديث ،فقاؿ" :يرفع اٟتديث ،أو يرويو ،أو يَػ ْن ِم ِيو،
يقتص ُرو َف على القوؿ مع حذؼ القائل -يعٍت :عن أيب ىريرة أو روايةً ،أو يػ ْبػلُ ُغ بو ،أو رواه .وقد ِ
َ
رضي هللا تعاذل عنو قاؿ :قاؿ ،ويذكر النص بدوف يرفعو ،بدوف ٯتنيو ،بدوف رسوؿ هللا ﷺ.-
قوما،"..
ويُريدوف بو النيب ﷺ ،كقوؿ ابن سَتين عن أيب ىريرة هنع هللا يضر قاؿ :قاؿ" :تقاتلوف ً
اٟتديث ،ويف كبلـ ا٠تطيب أنو اصطبلح خاص أبىل البصرة .ومن الصيغ ِ
احملتملة -الحظ ٌ
استقصاء ابن حجر للموضوع من كل جهاتو٤ ،تتملة أف تكوف مرفوعة أو ال -قوؿ الصحايب" :من
السنة كذا" -دل يقل من ُسنّة النيب ﷺ كذا ،-فاألكثر على أف ذلك مرفوعٌ ،ونقل ابن عبد الرب
كسنّة العُ َم َرين".
فيو االتفاؽ ،قاؿ :وإذا قا٢تا غَت الصحايب فكذلك ،ما دل يُةضفها إذل صاحبهاُ ،
حسنًا يعٍت يعترب إذا قاؿ غَت الصحايب :من السنة كذا؛ ٦تكن يكوف مرفوع ،لكنو مرسل ،يعٍت مرفوع
مثبل إذا قاؿ سعيد بن ا١تسيب :من السنة كذا ،يقصد أهنا من سنة النيب ﷺ،
ال يساوي متصلً ،
ولكنو مرسل.
نظر؛ فعن الشافعي يف أصل ا١تسألة -إذا قاؿ الصحايب
ولكن ابن حجر يقوؿ" :ويف نقل االتفاؽ ٌ
نفسو وليس التابعي -قوالف .وذىب إذل أنو غَت مرفوع :أبو بكر الصَتيف من الشافعية ،وأبو بكر
الرازي من اٟتنفية ،وابن حزـ من أىل الظاىر ،واحت رجوا أبف السنة تًتدد من النيب ﷺ وبُت
ٗٛٛ
أبف احتماؿ إرادة غَت النيب ﷺ بعي ٌد -وىذا صحيح من جهة الصحابة ،-وقد غَته .وأجيبواَّ :
حديث ابن شهاب -الزىري -عن سادل بن عبد هللا بن عمر ،عن أبيو َ روى البخاري يف صحيحو
هجر ابلصبلة" .قاؿ ابن شهاب: ِ
كنت تريد السنَّة ف ّ
يف قصتو مع اٟتَ َّجاج حُت قاؿ لو" :إف َ
فقلت لسادل :أَفَػ َعلَوُ رسوؿ هللا ﷺ؟ فقاؿ" :وىل يعنوف بذلك إال سنتو؟!" فَػنَػ َقل سادل -وىو أحد
سنَّة ال
الفقهاء السبعة من أىل ا١تدينة وأحد اٟتفاظ من التابعُت -عن الصحابة أهنم إذا أطلقوا ال ر
يريدوف بذلك إال سنة النيب ﷺ.
فلم ال يقولوف فيو :قاؿ رسوؿ هللا ﷺ؟ فجوابو :أهنم تركوامرفوعا َ
ً وأما قوؿ بعةضهم :إذا كاف
اٞتزـ بذلك تور ًعا واحتياطًا" .ىذا اإليراد ىذا ١تا دخل األصوليُت والفقهاء ُب اٟتديث ،فصاروا
يوردوف مسائل على ا١تنطق األصورل من ا٠تلفية األصولية على ا١تباحث اٟتديثية ،فيطرحوف مثل ىذه
األسئلة.
"ومن ىذا -أي ٦تا يدخل ُب ا١ترفوع من جهة صيغة "من السنة كذا" -قوؿ أيب قبلبة عن أنس -
البكر على الثيب أقاـ
تزوج َ
سنَّة إذا َ
وأبو قبلبة من فضبلء التابعُت ،وكبارىم ،وعبادىم" :-من ال ر
لقلت :أف أنس رفعو إذل النيب
شئت ٌسبعا" أخرجاه يف الصحيح .قاؿ أبو قبلبة" :لو ُ عندىا ً
قلت دل أكذب؛ ألف قولو "من السنة" ىذا معناه ،لكن إيراده ابلصيغة اليت ذكرىا
ﷺ" .أي :لو ُ
الصحايب أوذل.
ومن ذلك قوؿ الصحايب -ىذه صيغة جديدة تدؿ على نفس ا١تعٌت :-أُمران بكذا ،أو :هنينا عن
كذا ،فا٠تبلؼ فيو كا٠تبلؼ يف الذي قبلو؛ ألف ُمطلَق ذلك ينصرؼ بظاىره إذل َمن لو األمر
اد غَتُهُ ،كأمر
والنهي ،وىو الرسوؿ ﷺ .وخالف يف ذلك طائفة ٘تسكوا ابحتماؿ أف يكوف ا١تر ُ
القرآف ،أو اإلٚتاع ،أو بعض ا٠تلفاء ،أو االستنباط .وأُجيبوا :أبف األصل ىو األوؿ ،وما عداه
ئيس إذا قاؿ :أ ُِمرت ،ال يُفهم عنو
ةضا فمن كاف يف طاعة ر ٍ
مرجوح ،وأي ً
ٌ ٤تتَ َم ٌل ،لكن ابلنسبة إليو
ئيسوُ.
أف آمره ليس إال ر ُ
ٜٗٛ
أمرا ،فبل اختصاص لو هبذه ا١تسألة ،بل ىو ظن ما ليس أبم ٍر ً
وأما قوؿ من قاؿ :٭تتمل أف يُ َّ
صرح ،فقاؿ :أمران رسوؿ هللا ﷺ.".. مذكور فيما لو َّ
ٌ
ىنا ٬تيب عن االعًتاضات ،من يقوؿ :ماذا إف كاف قولو أمرًن بكذا ىو أخذه استنباطًا؟ يعٍت يظن
أنو أ ُِمر بكذا من جهة األمر العاـ النبوي؟ فيقوؿ ىنا دل يعد ىناؾ فرؽ بُت أُمرًن بكذا ،أو أمرًن رسوؿ
أمر وليس كذلك؛ فلم تعد األمر ٌ
هللا ﷺ بكذا؛ ألف إذا كانت القضية ُب استنباطوُ ،ب ظنو أف ىذا َ
الصيغة فيها الفرؽ ،وىذا افًتاض فيو بُعد.
عارؼ ابللساف ،فبل يُطلِق ذلك إال
ٌ ضعيف؛ ألف الصحايب ع ْد ٌؿ
ٌ قاؿ ابن حجر" :وىو احتماؿ
بعد التحقيق.
ةضا كما تقدـ. ومن ذلك قولو " :كنا نفعل ذلك" ،فلو حكم الرفع أي ً
ومن ذلك :أف ٭تكم الصحايب على فعل من األفعاؿ أبنو طاعةٌ هلل أو لرسولو ﷺ ،أو معصيةٌ،
ك فيو فقد عصى أاب القاسم ﷺ" .فهذا حكمو الرفع شر كقوؿ عمار" :من صاـ اليوـ الذي يُ َ
مقيدا ابلقيد الذي ذكره ُب البداية ُب قضية الثواب ا١تخصوص ةضا "..ولكن ينبغي أف يكوف ً أي ً
أيضا ىذه ضابطها ٬تب أف يكوف أعلى من الضابط السابق؛ ألف ىذه والعقاب ا١تخصوص ،و ً
القضية قد يكوف اإلشكاؿ فيها من جهة ٖتقيق ا١تناط ،يعٍت قد يُ ّنزؿ الصحايب ٤ت ِّققا ١تناط عاـ على
صورة معينة ،٭تققها وينز٢تا على صورة معينة ،فيحكم فيها أهنا من طاعة هللا أو معصيتو ،أو من طاعة
اضحا أنو ال ٣تاؿ لبلجتهاد فيها
٥تصوصا بعينها و ً ً رسولو أو معصيتو ،فإذ دل تكن ىذه الصورة
قطعا على الرفع ىذا فيو إشكاؿ. واإلٟتاؽ العاـ ،فالقوؿ أبهنا تدؿ ً
ةضا؛ ألف الظاىر أف ذلك ٦تا تلقاه عنو ﷺ". "فهذا حكمو الرفع أي ً
ا٠تا٘تة:
ا١تقدمة:
قاؿ ابن حجر رٛتو هللا تعاذل" :أو ينتهي غاية اإلسناد إذل الصحايب كذلك".
أوال :دعوًن نقرأ اٞتملة ٥تتصرة من (النخبة) ،ىو اآلف يتكلم عن اإلسنادُ ،ب الدرس ا١تاضي ذكر أنو
ً
حكما فهو ا١ترفوع ،وذكرًن ا١تسائل ا١تتعلقة بوٍ ،ب قاؿ" :أو
إذا انتهى اإلسناد إذل النيب ﷺ تصر٭تًا أو ً
إذل الصحايب كذلك -أي إذا انتهى اإلسناد إذل قوؿ الصحايب كذلك-؛ وىو من لقي النيب ﷺ
مؤمنًا بو ومات على اإلسبلـ ،ولو ٗتللت ِردَّة يف األصح .أو إذل التابعي؛ وىو من لقي الصحايب
كذلك ،فاألوؿ -انتهاء اإلسناد إذل النيب ﷺ :-ا١ترفوع ،والثاين :ا١توقوؼ ،والثالث :ا١تقطوع،
التابعي فيو مثلُوُ ،ويٌقاؿ لؤلخَتين األثر" .ىذه اآلف ىي اٞتملة ،وقد شرحها ُب
ّ ومن دوف
صفحات طويلة.
ٜٔٗ
ُب اٟتقيقة (نزىة النظر) ١-تن يتأمل ُب ىذا الكتاب -يصلح أف يكوف َمظلَّة ١توضوعات علوـ
وجها من الوجوه اليت
اَّلل يتناوؿ فيو القضية ابختصار ،ولكنو ال يكاد يًتؾ ًاٟتديث ،ابن حجر رٛتو َّ
ٯتكن أف تُتناوؿ هبا القضية اٟتديثية إال وأيٌب بو ،ولو تذكروف؛ ُب الدرس ا١تاضيُ ،ب ا١ترفوع؛ تناوؿ
قضااي ُب ا١ترفوع عجيبة ،من أنواع ما ٯتكن أف ٮتطر ُب ابلك ٦تا يتعلق اب١ترفوع.
اآلف انتهينا من (النخبة) ،نذىب لشرح ابن حجر ُب (النزىة) :قاؿ" :أو ينتهي غاية اإلسناد إذل
مثل ما تقدـ يف كوف اللفظ يقتةضي التصريح أبف ا١تنقوؿ ىو من قوؿ
الصحايب كذلك ،أيُ :
الصحايب ،أو من فعلو ،أو من تقريره ،وال ٬تيء فيو ٚتيع ما تقدـ ،بل معظمو ،والتشبيو ال
تُشًتط فيو ا١تساواة من كل جهة".
تعريف الصحايب:
استطردت
ُ شامبل ٞتميع أنواع علوـ اٟتديث
ا١تختصر -أي( :النخبة)ً -َ قاؿ" :ولَ َّما أف كاف ىذا
فقلت :وىو من لَِق َي النيب ﷺ مؤمنًا بو ،ومات على اإلسبلـ،
منو إذل تعريف الصحايب ما ىو؟ ُ
ولو َٗتَلَّلت ِردَّة يف األصح .وا١تراد ابللقاء :ما ىو أع رم من اجملالسة ،وا١تماشاة ،ووصوؿ أحد٫تا
إذل اآلخر ،وإف دل يُ َكالِ ْمو ،ويدخل فيو :رؤية أحد٫تا اآلخر ،سواءٌ كاف ذلك بنفسو أـ بغَته.
ٍ
حينئذ ابن أـ قي أوذل من قوؿ بعةضهم :الصحايب َمن رأى النيب ﷺ؛ ألنو ٮترج ر
والتعبَت ابلل ِّ
مكتوـ ،و٨توه من العُمياف ،وىم صحابة ببل تردد" .واللر ر
قي" يف ىذا التعريف كاٞتنس".
وىذا البلزـ ليس ابلضرورة أنو يَلزـ؛ ألف َمن يقوؿَ :من رأى النيب ﷺ ،يستحضر أف ىذا ُب حاؿ
أصبل .قبل
األصلُ ،ب حاؿ عدـ وجود العلة ،وىذه االستثناءات ليس ابلضرورة أف تُذكر ُب التعريف ً
ب أف أكمل؛ اإلماـ البخاري رٛتو هللا قاؿ ُب (الصحيح)ُ ،ب (من ىو الصحايب؟)" :ىو من ِ
صح َ َ
النيب ﷺ أو رآه من ا١تسلمُت ،فهو من أصحابو" .وقاؿ ابن حجر" :ىذا الذي ذكره البخاري
ىو الراجح ،وىو قوؿ أٛتد واٞتمهور من احملدثُت".
١تاذا قاؿ الراجح؟ ما القوؿ اآلخر؟ -الذين عاشوا يف زمن النيب ﷺ وأسلموا ودل يروه ليسوا من
سموف ا١تخةضرمُت -ىناؾ قوؿ آخر
الصحابة ،وإ٪تا ٢تم اسم آخر أيٌب بعد قليل ،اسم خاص؛ يُ َّ
ٕٜٗ
يضيِّق ُب قضية الصحايب و٬تعل ُ
الصحبة من الشرط فيها ا١تبلزمة ،وا١تصاحبة ،وما إذل ذلك ،وليس
مطلق اللقاء والرؤية؛ وىو قوؿ وارد عن بعض ا١تتقدمُت ،ولكنو ليس قوؿ اٞتمهور ،وقوؿ البخاري
اَّلل ىو األضبط ُب ىذه القضية.
رٛتو َّ
ومن اللطائف أف من ٚتلة ما يُستدؿ بو على ىذا التعريف ُب الصحابة ىو حديث النيب ﷺ:
"يغزوف فيستفتحوف فيُقاؿ :ىل فيكم َمن رأى رسوؿ هللا ﷺ؟ فيُفتح ٢تمٍ ،ب يُقاؿ :ىل فيكم َم ن
استدؿ بو بعضهم على أف الضابط ىو الرؤية" ،ىل رأى َمن رأى رسوؿ هللا ﷺ؟" فهذا الدليل َّ
فيكم َمن رأى رسوؿ هللا ﷺ".
• عدالة الصحابة:
اَّلل بن
كتاب (الصحابة والصحبة وشبهات حوؿ عدالة الصحابة وضبطهم -عرض ونقد )-لعبد َّ
أت ىذا الكتاب وفيو مباحث ٚتيلة جدا ،قر ُ
عبد ا٢تادي القحطاين ،عن دار العاصمة ،كتاب كبَت ً
وجيدة ،ٯتكن أف يكوف ىناؾ ٖترير لبعض القضااي من جهات أخرى ،ولكن الكتاب ُب اٞتملة ٦تتاز
ُب قضية عدالة الصحابة ،والشبهات الػ ُمثارة على الصحابة ،وذلك ألف ىذا ا١تبحث من ا١تباحث اليت
انفتحت وأُثَت حو٢تا اإلشكاالت ُب السنوات األخَتة ،والذي أاثر اإلشكاالت ُب السنوات األخَتة
حوؿ قضية الصحابة رضواف هللا تعاذل عليهم ليسوا من ُخلَّص الشيعة فقط ،وإ٪تا ً
أيضا ىناؾ أًُنس
من االٕتاىات ا١تتأثرة ابٟتداثة ،والثقافة الغربية ،وفيها نزعة من نزعات التشيُّع ،وليس ابلضرورة حىت
أف يكوف شيعيًا حىت ُب ا١تعاين العامة ،وملف الطعن ُب الصحابة رضواف هللا عليهم قابل ألف يُفتح
مرة أخرى ،أقصد من ًنحية الواقع والقراءة ُب الواقع ،ىذا ا١تلف قابل ألف تُثار فيو الشبهات مرة
أخرى ،ليس من قِبَل الشيعة ا٠تُلَّص ،ولكن كما قلت حىت من قِبَل بعض ا١تتصدرين ُب بعض
كثَتا،
مثبل ،انتشرت ً شبكات التواصل ،وكانت انتشرت ُب السنوات ا١تاضية عن عدًنف إبراىيم ً
جدا ُب الطعن ُب صحايب وكانت من أبرز القضااي اليت طرحها ،وعقد سلسلة من حلقات طويلة ً
أيضا يوجد شخص آخر -ال داعي لذكر األٝتاء ابلتفاصيل -لو مبحث ومؤلَّف ُب ىذا واحد! و ً
الباب ،وىو غَت ٤تسوب ُب األساس على ا١تذىب الشيعي ،وإف كاف متعاط ًفا معو ،وعنده معهم
توافق كبَت.
ٖٜٗ
وعموما ىذا ا١تبحث من ا١تباحث اليت
ً حقيقةً ىذا الكتاب من ٚتلة الكتب ا١تفيدة ُب ىذا ا١تعٌت،
تناو٢تا علماء ا١تسلموف من القدًن ،وذلك لوجود َمن يطعن ُب أصحاب رسوؿ هللا ﷺ منذ زمن
كثَتا ،ولذلك لو أردًن أف نقوؿ :أين نبحث عن
جديدا؛ فاعتٌت العلماء بو ً
قدًن ،فهذا ا١تبحث ليس ً
مسألة الصحابة ،وعدالة الصحابة؟ ا١تفًتض أو الذي ٮتطر ُب ابؿ البعض أنو ُب علم اٟتديث؛ ْتكم
أهنم ىم الذي نقلوا السنة والرواة ،مثل ما ذكر ابن حجر ىنا :الصحايب ىو كذا وكذا ،لكن ُب
اٟتقيقة أبرز علم من علوـ اإلسبلـ يتناولوف فيو الصحابة ىو علم العقيدة ،بل ال يكاد ٮتلو كتاب من
كتب العقيدة اإلسبلمية الكبَتة إال وفيو التنبيو إذل عدالة الصحابة ،وحىت بعض الطوائف اإلسبلمية
اليت خالفت طريقة أئمة أىل السنة ُب األٝتاء والصفات وما إذل ذلك ٕتدىم يتفقوف ُب قضية
الصحابة ،فمبحث الصحابة مبحث شريف ،ومبحث مهم ،وهبم وعن طريقهم نُِقل الدين ،والطعن
فيهم فيو إشكاؿ كبَت ،والطعن فيهم لو منافذ ومداخل ،فمن ٚتلة ا١تداخل وا١تنافذ اليت يلِجوف
منها:
-مدخل الفتنة اليت حدثت بُت الصحابة رضواف هللا تعاذل عليهم.
-ومن ا١تنافذ وا١تداخل اليت يلجوف منها :مدخل التشيُّع وخبلفة أُيب بكر الصديق هنع هللا يضر ،أو خبلفة
ومن الذي كاف أوذل اب٠تبلفة ..إذل آخره من القضااي. اَّلل عنوَ ،
علي بن أيب طالب رضي َّ
تنبيو:
أمل
كثَتا ،والذي إف شاء هللا ال ُّ
فهذا ا١تبحث يُستحسن لطالب اٟتديث ..وىذا التنبيو الذي أكرره ً
مل ا١تستمعوف ،وىو إف شاء هللا يكوف ما ٯتيز شرح (نزىة النظر) ىذا؛ ألف النزىة
من تكراره ،حىت لو َّ
والنخبة ُش ِر َحت ً
كثَتا ،فما الذي ٯتيز ىذا الشرح؟
ىناؾ أكثر من ميزة ،ولكن من أ٫تها :أف ىذا الشرح يستحةضر وجود اإلشكاالت التشكيكية
ا١تُثارة على مباحث علم اٟتديث وأصولو.
ففي حالة تقرير ،أحاوؿ أف أبُت ابألدلة والرباىُت صحة األصل اٟتديثيْ ،تيث أف ىذا يفيد تثبيتًا
١تتلقي علم اٟتديث ُب أف يفهم ١تاذا ىذه القواعد صحيحة؟ وُب نفس الوقت فيو تنبيو لئلشكاالت
ٜٗٗ
اليت تُثار حوؿ ىذا الباب؛ ليزداد طالب اٟتديث ْ-تسب اىتماموُ -ب القضااي ا١تتعلقة هبذه
اإلشكاالت.
السنة ،تُرمى
أما أف تكوف السهاـ اليت تُرمى على سنة النيب ﷺ ،وعلى العلم الذي نُقلت بو ىذه ُّ
ومتَعلَّقاتو من كل جهةٍ ،ب يكوف طبلب اٟتديث آخر الناس ا١تشاركُت ُب الدفاع عن
على ىذا العلم ُ
السنة النبوية؛ لعجزىم عن الدفاع عنها ،فهذه وهللا مصيبة! ىذه وهللا الكارثة! أف يكوف حظ طالب
اٟتديث من علم اٟتديث :ىو الفرؽ بُت اٟتسن لغَته ،واٟتسن لذاتو ،والصحيح لغَته ،والصحيح
تج اب١ترسل ..وإذل آخره ،ىذه
تج اب١ترسل أـ ال ُ٭ت ّ
لذاتو ،وا١تنكر ،والشاذ ،وىذه ا١تصطلحات ،وىل ُ٭ت ّ
كلها مقدمات ُب علم اٟتديث ،ليست ىي الغاية وال النهاية ،فإذا دل يكن طبلب اٟتديث ىم األقدر
على مواجهة اإلشكاالت اليت تثار حوؿ سنة النيب ﷺ ،فبل أريد أف أقوؿ الكلمة ،ولكنها نتيجة
أحياًن ال
سيئة ،ال يصلح حقيقة وال ٭تسن بطالب اٟتديث ذلك ،فقد يدؿ ذلك على قلة الغَتة ،و ً
أحياًن تكوف بسبب اٞتمود ُب تدريس ىذا العلم الشريف ،فبل ينشأ الطالبتكوف بسبب قلة الغَتة ً
إال على مستوى معُت وقالب معُت.
كتاب (النزىة) من ميزتو أنو يفتح لك ويعطيك ملفات ا١توضوعات ،فبل يكاد يكوف موضوع ُب علم
اٟتديث إال وٕتد أصلو ُب (النزىة) ،ال يكاد ،مع أنو كتاب ٥تتصر.
لكن وظيفتك أنت ما ىي؟ وظيفتك ليست تفكيك عبارات ابن حجر ،قاؿ ابن حجر ..ويقصد
هبذه اٞتملة التفصيلية كذا ..اي ٚتاعة ا٠تَت ،ىذا كالذي كل ما أتى شرح منت،
بسمميحرلا نمحرلا هللا :الباء ..ويذكر لك ..الفعل ا﵀ذوؼ ا١تقدر ىنا فهو ..اي حبييب ،ىذا ا١تنت ُب
مشي األمور ،ركز على اٞتمل ،ركز على مصطلح اٟتديث ،أو ىذا ا١تنت ُب أصوؿ الفقو ،يعٍت ِّ
ا١تركزايت ،ال مانع أف يكوف مرة يشرح الشيخ فيها للطبلب األمور اللغوية ،ولكن ال يكوف ا١تنهج ىو
التعامل مع نصوص العلماء أصحاب ا١تتوف -الذين كتبوا ا١تتوف -كأنو نص من القرآف يوقف عند
ألفاظو ودقائق أحرفو ،وإ٪تا ينبغي أف يكوف ىناؾ مراعاة ٟتاؿ ا١تنت١ ،تقاصد ا١تنت ،لسبيل ىذا العلم،
ٜ٘ٗ
فإذا ُحققت ا١تقاصد فليس ىناؾ مشكلة من الوقوؼ عند التفاصيل ،لكن أف يُوقف عند التفاصيل
دوف ٖتقيق ا١تقاصد ىذه ىي ا١تشكلة.
شرح تعريف الصحايب:
طبعا ىذا مثل ما ذكرت ُب الدرس السابق ،ىذا اآلف الن َفس اٞتديد ُب العلوـ اإلسبلمية ُب التعامل ً
آت؟ من علم أيضا مع القضااي وا١تلفات الشرعية ،وىذا عندما يقوؿ" :كالفصل" ،من أي علم ٍ
ً
ا١تنطق ،ىذا ىو علم ا١تنطق؛ أقصد أف ىذا ٦تا يُستفاد من علم ا١تنطق ُب قضية التحديد الدقيق
لؤللفاظ ،وما الذي يدخل فيها وما الذي ال يدخل فيها .وىذه الطريقة ليست ىي األكمل ُب
التعامل مع العلوـ األصيلة اليت تشكلت ُب واقع دل ير ِاع ىذه القوالب الدقيقة.
لذلك أًن سإٔتاوز ىذه ا١تسائل حقيقةً ،سأقرأىا سر ًيعا بدوف تعليق؛ ألنو ذكر أكثر من شيءٍ .ب
قاؿ" :لكن ىل ُٮت ِرج من لقيو مؤمنًا أبنو سيُ َبعث ودل يدرؾ البعثة؟ فيو نظر" ،ىذه ١تاذا ذكرىا؟
أصبل.
طبعا على اعتبار أنو دل يدركها ،ىناؾ َمن ذكر أنو أدركها ً
ألجل ورقة بن نوفل ،ىذا ً
تد بعد أف لقيو مؤمنًا بو ومات على فصل اثلث ُٮترج َمن ار َّ
"وقورل" :ومات على اإلسبلـ"؛ ٌ
ال ِردَّة ،كعبيد هللا بن جحش -نسأؿ هللا العافية -وابن َخطَل .وقورل" :ولو ٗتلَّلت ردة"؛ أي :بُت
صحبة ٍ
ابؽ لو سواءٌ رجع إذل اإلسبلـ يف لُِقيِّو لو مؤمنًا بو وبُت موتو على اإلسبلـ ،فإف اسم ال ر
حياتو ﷺ أـ بعده ،وسواءٌ لقيو اثنيًا أـ ال .وقورل" :يف األصح"؛ إشارة إذل ا٠تبلؼ يف ا١تسألة،
ويدؿ على ُرجحاف األوؿ :قصة األشعث ابن قيس؛ فإنو كاف ٦تن ار َّ
تد وأٌُبَ بو إذل أيب بكر
أسَتا؛ فعاد إذل اإلسبلـ ف َقبِل ذلك منوَّ ،
وزو َجو أختَو ،ودل يتخلف أح ٌد عن ذكره يف الصديق هنع هللا يضر ً
الصحابة ،وال عن ٗتريج أحاديثو يف ا١تسانيد وغَتىا".
ٜٗٙ
مسألة الصحابة بُت علم العقيدة وعلم اٟتديث:
٨تن اآلف ٨تتاج إذل استحضار يسَت ،مسألة الصحابة ابلنسبة لعلماء اٟتديث؛ اعتنوا هبا عناية كبَتة
جدا؛ عناية موسوعية؛ غَت العناية ا١تذكورة ُب كتب العقيدة ،العناية ا١تذكورة ُب كتب العقيدة من أي ً
ضي عنهم، جهة يعتنوف بقضية الصحابة؟ أنو من عقيدة أىل السنة اإلٯتاف ٔتكانة الصحابة ،والتػََّر ِّ
كثَتا بقضية ا٠تبلفة الراشدة ،وأف أاب بكر الصديق واإلمساؾ عما شجر بينهم ،وإذل آخره ،ويعتنوف ً
ىو ا٠تليفة األوؿ ،وبقضية َمن أفضل الصحابة؟ ىذا ُب كتب العقيدة ،أما ُب اٟتديث ماذا يتناولوف؟
ُب اٟتديث كتب عن الصحابة؛ ىذه الكتب اليت عن الصحابة؛ أكثر قضية تُشغِل ا﵀دثُت ُب تلك
أحياًن
الصحبة من عدمها ،فهمتم الفكرة؟ وىذا أمر ال بد أف نستوعبو؛ أنو ً الكتب ىي ُب إثبات ُ
احدا؛ ولكن كل عل ٍم يتناوؿ ىذا ا١توضوع من جهة اىتماـ ذلك العلم.
يكوف ا١توضوع و ً
فالعقيدة تتناوؿ قضية الصحابة من جهة ،أما ا﵀دثوف :فالذي يعنيهم ىو ىل ىذا صحايب أـ ليس
صحابيًا؟ إثبات الصحبة ،ولذلك ما ىي أبرز كتب للصحابة عند ا﵀دثُت؟ ىي اليت ٕتمع كل
جدا كبَت،
الصحابة ،ومنهم ابن حجر نفسو وىو يتكلم عن ىذه ا١تسائل ،فهو عنده كتاب ضخم ً
ُس ُد الغابة)،
اٝتو (اإلصابة ُب ٘تييز الصحابة) ،وابن عبد الرب عنده كتاب (االستيعاب) ،ومثل( :أ ْ
وغَت ذلك من الكتب.
اىتماما
ً فهذا التنبيو مهم؛ أ ْف نفهم َّ
أف قضية الصحابة ابلنسبة للمحدثُت ،العناية ا٠تاصة أو األكثر
مثبل ُب
صحبتو؟ ولذلك إذا قرأًب ً عند ا﵀دثُت ُب قضية الصحابة ىي ُب قضيةَ :من الذي ثبتت ُ
مثبل :وأثبت أبو
مثبل على بعض الصحابة ،ستجدوا ً مثبل البن حجر ،افتحوا ً(هتذيب التهذيب) ً
حاًب صحبتو ،وذكره البخاري ُب الصحابة .ىذا الذي يعنيهم؛ ىل ىو من الصحابة أـ ال؟ ١تاذا؟ ألف ٍ
الصحبة يعٍت أنو ثقة،
ىذا لو عبلقة بثبوت اٟتديث ،وىل ٨تتاج أف ننظر ىل ىو ثقة أـ ال؟ فإثبات ُ
وحديثو مقبوؿ.
ٜٗٚ
تنبيهاف:
ٜٗٛ
• ا١تخةضرموف:
ةض َرموف "وبقي بُت الصحابة والتابعُت طبقةٌ أخرى ،اختُلف يف إٟتاقهم ِّ
أبي القسمُت ،وىم :ا١تُ َخ ْ
فعدىم ابن عبد الرب يف الصحابة ،وادَّعى الذين أدركوا اٞتاىلية واإلسبلـ ،ودل يَػ َروا النيب ﷺَّ .
أفصح يف خطبة كتابو أبنو إ٪تا
َ عياض وغَتُه أف ابن عبد الرب يقوؿ :إهنم صحابة ،وفيو نظر؛ ألنوٌ
جامعا مستوعبًا ألىل القرف األوؿ. أوردىم ليكوف كتابو ً
مسلما يف زمن النيب
ؼ أف الواحد منهم كاف ً والصحيح :أهنم معدودوف يف كبار التابعُت ،سواءٌ عُ ِر َ
ﷺ كالنجاشي أـ ال ،لكن إف ثبت ،"..وىذا استدراؾ ً
أيضا من ُٚتلة االستدراكات اليت فيها نظر،
ما الفكرة عندىم؟ ٭تاولوف أال يًتكوا أي افًتاض ٯتكن أف أيٌب ،وىذا الن َفس ُب تتبع كل االفًتاضات
اليت ٯتكن أف تنشأ -كما قلت -ليس ىو الن َفس الذي أتسس عليو ىذا العلم ،وىذا مهم؛ ألف
صبَغ ا١تصطلحات واأللفاظ والقواعد اٟتديثية ،والن َفس ا١تتأخر
الن َفس الذي أتسس عليو ىذا العلم َ
أيضا ا١تصطلحات واأللفاظ والقواعد اٟتديثية ،ولذلك نشأت بعض ا٠تبلفات .فهنا ما ىو صبَغ ً َ
االستدراؾ؟ أنو يقوؿ َمن ىم ا١تخضرمُت؟ ىم كبار التابعُت ،يقوؿ" :ولكن إف ثبت أف النيب ﷺ
ليلة اإلسراء ُكشف لو عن ٚتيع َمن يف األرض فرآىم؛ فينبغي أف يُػ َع َّد َمن كاف مؤمنًا بو يف حياتو
مقصودا ُب
ً إذ ذاؾ ،وإف دل يُبلقِ ِو ،يف الصحابةٟ ،تصوؿ الرؤية من جانبو" ،وال شك أف ىذا ليس
ذكرت قبل قليل ،الصحايب من رأى النيب ﷺ ،ويقوؿ لك :التعبَت ُ تعريف الصحايب ،وحىت كما
قي ألف ابن أـ مكتوـ كاف أعمى وأمثالو من ..يعٍت ىذا االستدراؾ ال يلزـ. ُّ
ابلل ِّ
تعريف ا١ترفوع وا١توقوؼ وا١تقطوع:
ٍب قاؿ" :فالقسم األوؿ ٦تا تقدـ ذكره من األقساـ الثبلثة -وىو ما تنتهي إليو غاية اإلسناد -ىو
ٍ
إبسناد متصل أـ ال ،والثاين :ا١توقوؼ؛ وىو ما انتهى إذل ا١ترفوع؛ سواءٌ كاف ذلك االنتهاء
ومن دوف التابعي من أتباع التابعُت،
الصحايب .والثالث :ا١تقطوع؛ وىو ما انتهى إذل التابعيَ .
فمن بعدىم ،فيو ،أي :يف التسمية مثلُوُ ،أي :مثل ما ينتهي إذل التابعي يف تسمية ٚتيع ذلك
َ
موقوؼ على فبلف .فحصلت التفرقة يف االصطبلح بُت ا١تقطوع ٌ قلت:
شئت َ
مقطوعا ،وإف َ
ً
ٜٜٗ
وا١تنقطع؛ فا١تنقطع من مباحث اإلسناد -كما تقدـ -وا١تقطوع من مباحث ا١تنت ،كما ترى ،وقد
أطلق بعةضهم ىذا يف موضع ىذا ،وابلعكسَٕ ،تَروًزا عن االصطبلح .ويُقاؿ لؤلخَتين ،أي
ا١توقوؼ وا١تقطوع :األَثَػ ُر".
طبقات الرواة:
برأيكم ىذا اآلف كبلـ ُب ِذكر الصحابة والتابعُت واتبعي التابعُت ،ما ىو العنواف الذي من ا١تمكن أف
يػُ َعْنوف بو ىذا ا١توضوع غَت الصحابة والتابعوف ..إخل؟ "الطبقات"" ،طبقات الرواة" ،عندؾ صحابة،
اتبعوف ،اتبعي التابعُت ،ولكن ىذه الطبقات فيها تفصيل ،فأًن سأختم ىذا اجمللس بذكر الطبقات
جدا ،ليس
اليت ذكرىا ابن حجر؛ ألنو صراحةً الطبقات اليت قسمها ابن حجر طبقات؛ تقسيم ٚتيل ً
ىنا ُب النزىة ،وإ٪تا ُب (تقريب التهذيب) ،ونسيت اآلف ىل ذكرىا ُب (هتذيب التهذيب) أـ ال؟
جدا
قس َمها ابن حجر؟ اثنا عشر طبقة ،لكن ىذا التقسيم مفيد ً حسنًا ىذه الطبقات؛ كم طبقة َّ
ِ
ومستوعب. جدا ،والذي يعرؼ واقع الرواية واٟتديث واألسانيد يفهم أف ىذا التقسيم ٦تتاز
ً
ماذا يقوؿ؟
ٔ) "الطبقة األوذل :الصحابة".
ةض َرمُت".
ٕ) "ٍب طبقة كبار التابعُت ،كابن ا١تسيب وا١تُ َخ ْ
ٖ) "الطبقة الثالثة :طبقة أواسط التابعُت ،كاٟتسن البصري ودمحم بن سَتين".
ٗ) "الطبقة الرابعة :الذين ُج رل رواايهتم عن كبار التابعُت- ،وىم ِ٦تَن؟ -وىم من التابعُت" ،يعٍت
ىم اتبعوف ،ىم رأوا الصحابة ورووا عن الصحابة ،ولكن ُج ُّل رواايهتم عن كبار التابعُت ،مثل َمن؟
"كالزىري وقتادة".
أيضا :-ىم الطبقة الصغرى منهم؛ الذين رأوا الواحد ٘) "الطبقة ا٠تامسة -وىي من التابعُت ً
واالثنُت ،ودل يَػثْػبُت لبعةضهم ٝتاع -يعٍت أهنم رأوا بعض الصحابة ،لكن دل يَػثْػبُت منهم ٝتاع-
كاألعمش ،"..معروؼ األعمش رأى أنس ،و٭تِت بن أيب كثَت ً
مثبل اختُلف فيو ُروي عنو أنو رأى
أنس ،أو رأى واثلة بن األسقع ،نسيت اآلف ،وىكذا ،مثل ىذه الطبقة.
ٓٓ٘
اآلف ،كم طبقة ُب التابعُت؟ أربع طبقات ُب التابعُت ،وطبقة الصحابة فأصبحت ٜتس طبقاتٍ .ب
ينتقل اآلف إذل اتبعي التابعُت:
" )ٙالطبقة السادسة :ىم معاصروا الطبقة الصغرى من التابعُت ،ودل يروا الصحابة".
" )ٚالطبقة السابعة :كبار أتباع التابعُت ،كمالك وسفياف الثوري".
ٍ" )ٛب الثامنة :الطبقة الوسطى منهم -من أتباع التابعُت ،-كابن عيينة وابن عُلَيَّة".
" )ٜالطبقة التاسعة :الطبقة الصغرى من أتباع التابعُت ،كيزيد بن ىاروف والشافعي والطَّيالِسي
وعبد الرزاؽ".
ٍب انتقل إذل تبع األتباع وىي الطبقة األخَتة ،وفيها ثبلث طبقات وىي:
ٓٔ) "العاشرة :كبار اآلخذين عن تبع األتباع ،كأٛتد بن حنبل".
ٔٔ) "الطبقة الوسطى منهم كال رذىلي والبخاري".
ٕٔ) "ٍب صغارىم كالًتمذي وبعض شيوخ األئمة الستة الذين أتخرت وفاهتم".
مثبل إذا فتحت (تقريب التهذيب)، ىذه االثٍت عشر طبقة ،رأيت كيف أف التقسيم مرتب؟ ولذلك ً
كل راوي من اآلالؼ ا١تؤلفة اليت فيو؛ كل راوي يقوؿ لكُ :ب ا٠تامسةُ ،ب السادسةُ ،ب السابعةُ ،ب
الثامنة ،من العاشرة ،من اٟتادية عشرة ،كل راوي ،يتكلم أظن عن أكثر من ٙتانية آالؼ راوي ،كل
راوي ُب (تقريب التهذيب) يقوؿ لك :من الثانية ،من السابعة ،من ا٠تامسة ،من الثالثة ،من الرابعة،
من العاشرة ،من اٟتادي عشرة ،من الثاين عشرة ،ببل استثناء ،كل راوي يعطيك ىو من أي طبقة من
جدا ،أف تتكلم عن آالؼ الرواة وتُلحق كلىذه الطبقات االثنيت عشر ،وىذا جهد ١-تن يفقو -كبَت ً
واحد منهم أين ىو ابلضبط.
ِّ
وصل اللهم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت.
ٔٓ٘
احملاضرة ا٠تامسة والثبلثوف:
ا١تقدمة:
كثَتا طيبًا مبارًكا فيو كما ٭تب ربنا تبارؾ وتعاذل ويرضى ،اٟتمد ﵁ كما
ٛتدا ً
اٟتمد ﵁ رب العا١تُت ً
صل على دمحم عبدؾ ورسولك كما صليت على إبراىيم ينبغي ٞتبلؿ وجهو وعظيم سلطانو ،اللهم ِّ
وعلى آؿ إبراىيم إنك ٛتيد ٣تيد.
ال زلنا ُب نزىة النظر ،الشرح ا١تطوؿ ،واٟتديث ىنا عن عدة موضوعات ُب علم اٟتديث ،ىي
موضوعات متتابعة ذكرىا ابن حجر رٛتو هللا ُب النزىة.
ىناؾ بقية يسَتة ُب الدرس السابق ُب قضية ا١توقوؼ وا١تقطوع ،تكلمنا عن ا١ترفوع بتفاصيلوٍ ،ب
الصحايب وما يتعلق بو من قضااي وأحكاـ حديثيةٍ ،ب قاؿ ابن حجر رٛتو هللا" :والثالث :ا١تقطوع،
وىو ما انتهى إذل التابعي ،ومن دوف التابعي من أتباع التابعُت ،فَمن بعدىم" ،أي أف الكبلـ
مثبل :قاؿ اٟتسن البصري ،الذي ىو
الذي يُنمى أو ينتهي إذل اتبعي فمن دوف التابعي ..يعٍت ً
مقطوعا ،وكلمة مقطوع ىذه ال
ً مثبل قاؿ :سفياف الثوري؛ ىذا ا١تنت يسمى
اتبعي ،ودوف التابعي ً
وصف ١تا انتهى إليو
ٌ عبلقة ٢تا ابإلسناد ،ال من جهة االتصاؿ ،وال من جهة االنقطاع ،وإ٪تا ىو
اإلسناد من ا١تنت الذي ىو مقطوعُ ،ب مقابل ا١توقوؼ وا١ترفوع ،وليس ُب مقابل ا١تتصل ،فبل عبلقة
٢تا ابإلسناد من حيث االتصاؿ واالنقطاع .ما انتهى إذل النيب ﷺ ىذا ىو ا١ترفوع ،ما انتهى إذل
الصحايب فهو موقوؼ ،ما انتهى إذل التابعي فهو مقطوع.
على أف ابن حجر قاؿ بعد ذلك" :فحصلت التفرقة يف االصطبلح بُت ا١تقطوع وا١تنقطع؛
فا١تنقطع من مباحث اإلسناد كما تقدـ ،وا١تقطوع من مباحث ا١تنت ،كما ترى ،وقد أطلق بعةضهم
ٕٓ٘
ىذا يف موضع ىذا ،وابلعكسٕ ،تّوزا عن االصطبلح" ،وىذا التنبيو من ابن حجر ما أٚتلو وما
أيضا ،يعٍت بعد ما بُت ما ىو ا١تقطوع وما ىو ا١تنقطع قاؿ: َّ
ألذه ،وليتو كاف ُب بقية ا١تصطلحات ً
"وقد أطلق بعةضهم ىذا يف موضع ىذا ،وابلعكس"؛ يعٍت :أطلق بعض ا﵀دثُت على منقطع
منقطعا ،فأشار ىنا إذل ا٠تبلؼ ُب ا١تصطلح أو إذل
ً مقطوعا ،وعلى ما انتهى إذل التابعي
ً اإلسناد
تعدد استعماؿ ا١تصطلح عند بعض ا﵀دثُت ،وىذه الطريقة موجودة ُب كثَت من ا١تصطلحات
قدرا من السعة
اٟتديثية ،لكن كثَت منها دل ينبو عليو ابن حجر رٛتو هللا ،والتنبيو لو كاف فهو يعطي ً
عند طالب اٟتديث.
قاؿ" :ويُقاؿ لؤلخَتين ،أي ا١توقوؼ وا١تقطوع :األثر" ،أي كبلـ الصحابة والتابعُت .قولو :األثر،
يُ َذكِر ابلكبلـ الذي ذكره ُب بدايو الكتاب ،قاؿ ":ا٠ترب وىو عند علماء الفن مرادؼ للحديث،
وقيل :اٟتديث ما جاء عن النيب ﷺ ،وا٠ترب ما جاء عن غَته" ،فهناؾ ذكر اٟتديث وا٠ترب ،فا٠ترب
ىناؾ ُب أوؿ الكتاب يوازي األثر.
وعموما كلها فيها سعة ،يعٍت يصح أف يٌقاؿ عن اٟتديث أثر ،ولكن ليس ىو االستعماؿ األكثر
ً
وليس ىو السائد ،السائد أف يقاؿ ُب اٟتديث حديث ،لكن لو قاؿ قائل :كما جاء ُب األثر عن
النيب ﷺ فهو استعماؿ صحيح ليس خاطئًا ،ال يقاؿ فيو خطأ ،ولكن يقاؿ ليس ىو األكثر ،وليس
ىو االستعماؿ السائد أو الشائع.
ا١تسند:
صحايب
ٍ أوال أقرأه من النخبة ،قاؿ رٛتو هللا" :وا١تسند :مرفوعُ
بعد ذلك انتقل إذل مصطلح جديدً ،
ٍ
بسند ظاىرهُ االتصاؿ" .فقط ىذا منت النخبة.
يعٍت صحايب يقوؿ قاؿ رسوؿ هللا ﷺ ،و" ٍ
بسند ظاىره االتصاؿ" ماذا تفيد؟ ما الذي ٮترج من قولو
أيضا؟ ىو
مسندا ،وماذا ُٮترج ً
ظاىره االتصاؿ؟ ما ظاىره االنقطاع ،يعٍت ما ظاىره االنقطاع ال يُسمى ً
مسندا أو ال؟ يعٍت عندًن ا١تتصل
قطعا -يسمى ً
ظاىرا وابطنا ً
قاؿ ما ظاىره االتصاؿ ،حسنًا ا١تتصل ً -
ٖٓ٘
قطعا ،وعندًن ما ظاىره االتصاؿ وىي ماذا تفيد؟ االنقطاع ،وعندًن منقطع ،يعٍت ىناؾ إمكاف ً
أي منها يسمى ا١تسند؟ األوؿ
قطعا بدوف أي انقطاع ،وىناؾ انقطاع قطعيّّ ،
انقطاع خفي ،واتصاؿ ً
والثاين .ا١تتصل من ابب أوذل ،يعٍت ما ظاىره االتصاؿ ىذا ليس من جهد اٟتد األعلى وإ٪تا ىو من
جهة اٟتد األدىن ،أدىن اٟتدود يعٍت.
ٗٓ٘
• فائدة مصطلح ا١تُسند:
ما الذي نستفيده من ىذا الباب ،ابب ا١تسند؟ ىذا ابب اصطبلحي ،ليس ابب قواعد حديثية
نوعا ما.
تفصيلية مرتبطة ابٟتكم على األسانيد أو الرواة ،وإف كاف ٢تا عبلقة حكمية ً
وصفي ٤تض أو مصطلح حكمي؟ اآلف عندما نقوؿ :صحيح، ر أوال :ىل مصطلح ا١تسند مصطلح
ً
حكما .يعٍت ىذا مصطلح إذا أطلق
حكما؟ وصفي يتضمن ً ىل ىو وصفي ٣ترد أو وصفي يتضمن ً
حكما عليو أبنو كذا وكذا .حسنًا إذا قيل ُب حديث أنو مرفوع ىل ىذا
على حديث فهو يتضمن ً
حكما؟ ال ،وصف مرفوع يعٍت قاؿ رسوؿ هللا ﷺ ،يعٍت فيو كلمة "قاؿ رسوؿ هللا ﷺ"،
يتضمن ً
إبسناد ضعيف ،صحيح ،متصل ،منقطع ،ىذا ال يعنيهم من حيث إطبلؽ لفظ مرفوع ،فمرفوع
صحيحا ،ىو يصف لك أنو قاؿ رسوؿ هللا
ً صحيحا وقد ال يكوف
ً وصفي أـ حكمي ..قد يكوف
فقط ،أنو فيو كلمة "قاؿ رسوؿ هللا ﷺ" ،يعٍت ىو يراعي أنو ىل ىو ٦تا ُ٪تي إذل رسوؿ هللا ﷺ أـ إذل
مدبج يعٍت ىذا
وصفي ٌ ٌ الصحايب؟ ىذه فكرة ا١ترفوع .ومصطلح ُم َدبَّج سيأٌب إف شاء هللا بعد قليل،
روى عن ىذا وىذا روى عن ىذا ،حسنًا ثقة أو غَت ثقة؟ ال عبلقة لو.
وصفي ،ولكن فيو عبلقة ابٟتكم بنسبة عبلقة خفيفة ،وىي أف
ّّ حسنًا" ،مسند" وصفي أـ حكمي؟
ظاىرا ،يعٍت كأنك تقوؿ إف كل الرواة ا١توجودين
انقطاعا ً
ً ىذا الذي ُحكم عليو أبنو مسند ال يتضمن
ُب ىذا اإلسناد قد ُحكِم بقولك :مسند ،أهنم متقاربوف ُب الزمن أو متعاصروف ُب الزمن .يعٍت ال
يصلح أف يقاؿ ُب حديث قاؿ فيو مالك :عن عبد هللا ابن عمر عن رسوؿ هللا ﷺ أنو حديث
أصبل ُب زمانو ،وىذا ظاىر االنقطاع ،وابلتارل ال يقاؿ مسند .لكن
مسند؛ مالك دل يدرؾ ابن عمر ً
قد يقاؿ ُب اٟتسن عن عمراف أنو مسند ،مع أنو قد يكوف فيو انقطاع لكنو أدرؾ عمراف ،فهو مفيد
إذل حد ما.
سؤاؿ :لفظ مسند برأيكم يكثر أـ يقل استعمالو؟ يكثُر استعمالو .لكن ٦تا ينبغي أف يعلم أف أكثر
ما يستعمل لفظ أو مصطلح ا١تسند ُب سياؽ األحاديث حديثًا حديثًا؛ ىو يستعمل بصيغة الفعل ال
بصيغة االسم ،فيقاؿ" :أسنده فبلف"" ،دل يسنده إال فبلف".
أحياًن
حسنًا ،على أف ابن حجر قد استبعد قوؿ ابن عبد الرب إال أف قوؿ ابن عبد الرب قد يُستعمل ً
ُب اٟتكم على األحاديث أو على وصف الرواايت خاصة بصيغة الفعل -بصيغة االسم ال استحضر
مثبل:
شيئًا ،لكن ابلفعل -كيف؟ أحيا ًًن يقع خبلؼ بُت الرواة ُب وقف اٟتديث ورفعو ،فيقوؿ لك ً
"ىذا حديث وقفو أصحاب الزىري ودل يسنده إال فبلف" ،ما ا١تقصود بلم يسنده ىنا؟ دل يرفعو .ومثل
أيضا حُت يقع خبلؼ بُت الرواة وأحدىم يرسل اٟتديث واآلخر يوصلو، ىذا ا١تصطلح يُستعمل ً
مثبل -األوزاعي عن الزىري ،والبقية ما هبم؟ أرسلوه.
فيقوؿ لك :ىذا اٟتديث دل يسنده إال ً -
ذكرت صورتُت من ا٠تبلؼ كبل٫تا يُستعمل فيها "أسنده" ،األوذل أسنده ٔتعٌت رفعهػ والثانية أسنده
ٔتعٌت وصلو .ٮتتلف أصحاب الزىري ،اٞتماعة يوقفوه وفبلف يرفعو ،يقوؿ لك :دل يسنده إال فبلف؛
٘ٓٙ
أي دل يرفعو إال فبلف .صورة أخرى :اٞتماعة يرسلوه وواحد يوصلو ،يقوؿ لك :دل يسنده إال فبلف،
الذي ىو يعٍت دل يصلو.
وىناؾ صورة أخرى داخلة ُب كبلـ ا٠تطيب أو قريبة من كبلـ ا٠تطيب ،ا٠تطيب قاؿ" :ا١تسند
ا١تتصل" فقط .دل يقل :ا١تتصل إذل النيب ﷺ ،ولذاؾ ابن حجر ماذا قاؿ :فعلى ىذا فا١توقوؼ يدخل
ُب كبلـ ا٠تطيب ،ولكنو قاؿ أيٌب بقلة.
ىناؾ أوسع من ذلك ،قد يطلق ا١تسند على ما اتصل بغض النظر ما ىو منتهاه ،ىل وصل إذل
أصبل ،يعٍت قد يكوف فيما دوف الصحايب .ويبلحظ معٌت االتصاؿ ،وُب الصحايب أو دل يصل إليو ً
ذلك قوؿ يعقوب بن شيبة السدوسي رٛتو هللا من ا١تتقدمُت الكبار من أئمة اٟتديث ،قاؿ" :وإ٪تا
استجاز أصحابنا أف يدخلوا حديث أيب عبيدة بن عبد هللا بن مسعود عن أبيو ُب ا١تسند ألنو،"..
وذكر علة ،سببًا .ما ىي الفكرة؟ أبو عبيدة بن عبد هللا بن مسعود دل يسمع من أبيو ،مات عبد هللا
بن مسعود وأبو عبيدة صغَت ،ما ٝتع من أبيو ،قاؿ يعقوب" :استجاز أصحابنا أف يضعوا حديث أيب
عبيدة عن عبد هللا ُب ا١تسند"ُ ،ب ا١تسند ما قصده؟ ُب كتاب مسند أٛتد بن حنبل؟ الُ ،ب ا١تسند
يعٍت ُب ا١تتصل ،وسواء ُب التأليف أف يدخلوه ُب ا١تسند فيما كتبوه ُب ا١تسندات ،أف يدخلوا ا١تسند
احدا من السبب الذي استحسن ُب حكم ا١تتصل؛ ألف أبو عبيدة ..ا١تهم ذكر سببُت ،أو سببًا و ً
ألجلو العلماء حديث أيب عبيدة عن أبيو من حيث االتصاؿ أو االنقطاع.
أصبح مصطلح ا١تسند عندًن فيو ..وعندما توسع الدائرة أكثر أو تنظر من جهة أخرى ٕتد أف ىناؾ
كتبًا من أىل العلم ُوصفت أبهنا مسانيد ،مسند اإلماـ أٛتد ،مسند أيب يعلى ،مسند ..إخل.
تعقب بو ابن حج ٍر َ
ابن عبد الرب ىو تعقب صحيح ُب اٞتملة ،لكن أًن فقط ذكرت والتعقب الذي َّ
أصبل ا١تفًتض أف كلمة مسند
إشارة ُب معٌت أنو قد يُستعمل ،لكنو ّتع ُقب صحيح ُب اٞتملة؛ ألف ً
نفسها من نفس معٌت ا١تسند ،أنو الزـ يكوف ىناؾ إسناد ،ليس ٣ترد وجود طرؼ أوؿ وطرؼ آخر،
إ٪تا اٟتديث لو إسناد يقوـ عليو بغض النظر عن الشروط الدقيقة ُب صحتو.
٘ٓٚ
لكن خبلصة الكبلـ :ما ذكره ابن حجر ُب أف ا١تسند ىو ا١ترفوع إذل النيب ﷺ بسند ظاىره
االتصاؿ ،مرفوع الصحايب بسند ظاىره االتصاؿ ىذا األساس.
العلو:
• فائدة العلو:
اآلف مصطلح العلو والنزوؿ ىل ىو مصطلح وصفي أو مصطلح حكمي؟ وصفي ،ولكن ىذا
جدا
ا١تصطلح الوصفي وما يتعلق بو من حقائق وأمور على أرض الواقع ُب الرواية لو شأف شرُب عظيم ً
قل عدد رواة اٟتديث تعلق حكمي يسَت ،تعلق حكمي من جهة السبب أي :كلما َّ عند الرواة ،ولو ٌ
قلت مظاف ا٠تطأ ِ
فيو ،فت مظاف وجود الضعف حىت لو كانوا ثقات ،كلما كثُػَر العدد كثُػَر احتماؿ
رجبل أو تسعة كل واحد منهم احتماؿ
أحد عشر ً
ا٠تطأ ،يعٍت خرب أيتيك بينك وبُت النيب ﷺ فيو َ
طبعا ىناؾ قرائن تبُت أنو أصاب وإذل آخره ..وإذا كاف بينك وبُت النيب ﷺ فيو اثناف
ٮتطئً ،
٘ٓٛ
فاحتماؿ ا٠تطأ أقل بكثَت ،وابلتارل العلو أمر شريف ،ىذا غَت الشرؼ ا١تعنوي ،ىذا اآلف الشرؼ
ا١تتعلق ابٟتكم.
الشرؼ ا١تتعلق اب١تعٌت :أف يكوف بينك وبُت النيب ﷺ صحايب أو راوايف أو ثبلثة فهذا فيو اعتبار
جدآ ،تبلؼ ما إذا كاف بينك وبينو سبعة أو ٙتانية أو تسعة ،وأنت تعلم أف ىذا الشرؼ
معنوي كبَت ً
مثبل شخص عنده إجازة ُب القرآف أو سند ُب اٟتديث ،إذا قل العدد بينو وبُتبقي إذل اآلف ،يعٍت ً
النيب ﷺ ىذا شيء شريف ،وكما تعلم الناس يرحلوف إذل آفاؽ الدنيا ١تن عنده األسانيد العالية.
أوال خصيصة فاضلة من خصائص ىذه األمة ،وسنةٌ ابلغةٌ من السنن ا١تؤكدةَ .روينا أصل اإلسناد ً
من غَت وجو عن عبدهللا بن ا١تبارؾ -رضي هللا تعاذل عنو -أنو قاؿ" :اإلسناد من الدين ،لوال
ةضا ،ولذلك استُ ِحبَّت الرحلة فيو على مااإلسناد لقاؿ من شاء ما شاء" .وطلب العلو فيو سنةٌ أي ً
سبق ذكره.
ٓٔ٘
العلو النسيب:
األنواع اليت ذكرىا ابن حجر ُب العلو النسيب ىي من األنواع اليت ال عبلقة وثيقة ٢تا ُب زمن الرواية،
زمن الرواية انتهت مادتو العظمى ُب القرف الثالث ا٢تجري حُت دونت ا١تصنَّفات ا١تشهورة ،تعرفوف
مصنفات اٟتديث بنسبتها البالغة ،يعٍت أعلى ما ُكتب ُب ٚتع حديث رسوؿ هللا ﷺ من حيث
العدد ،ومن حيث األ٫تية والقيمة وا١تكانة؛ ُكتِب ُب النصف الثاين من القرف الثاين ،وُب القرف الثالث،
الكتب التسعة ..وإذل آخره ،آخر أصحاب الكتب الستة وفاةً :النسائي توُب ٖٖٓ ،واإلماـ مالك
توُب ،ٜٔٚوإذل آخره ٦تا تعلموف.
بعد ذلك ىو قاؿ لك ُب العلو النسيب :أف يكوف القرب من إماـ لو منزلة علية ،أصبح أصحاب
الكتب ٢تم ىذه ا١تنزلة العلية ،فصار من أيٌب بعد زمن الرواية يريد أف يصل إذل ىذه الكتب أبعلى
أيضا،
إسناد ،ىذا ُب وقت ىؤالء العلماء الذين عاشوا ُب القرف التاسع ،والثامن ،والسابع ،والسادس ً
كثَتا على أف يصلوا أبسانيد عالية إذل الكتب ،دل تعد ىناؾ قيمة كبَتة منوا٠تامس كذلك ،حرصوا ً
اٞتهة اليت ذكرًنىا -اليت ىي قضية احتماؿ وقوع ا٠تطأ و٨توه -فيما بعد زمن الرواية؛ ألف أغلب
أصبل لن يتغَت فيها شيء ،لكن اآلف أصبحت تطلُّب العلو ىو تطلب ألحاديث قد دونت وكتبت ً
مثبل تكوف وصلت إذل نسخة مرتبطة بتلميذ أحياًن يكوف ٢تا عبلقة بضبط النُّسخً ،
ً قضية شرفية،
عموما ىذه
ا١تؤلف أو ا١تصنف ،يعٍت ىذه ْتسب ىل ٢تا دخل ابلرواية نفسها فتصل بعلو إليها؟ ً
قضية أخرى ،لكن ،أساس قضية العلو والنزوؿ من جهة إمكاف ا٠تطأ من عدمو ُب أساسها؛ ىي
مرتبطة بزمن الرواية ،ولذلك اٟترص على العلو ىناؾ حرص لو اعتبار كبَت ،تعرؼ يقوؿ لك" :كنا
نسمع اٟتديث عن أصحاب رسوؿ هللا ُب البصرة ،فركبنا إذل ا١تدينة فسمعنا من الصحابة"٢ ،تا قيمة،
يعٍت ٢تا قيمة حىت ُب صحة اٟتديث أو ثبوتو ُب نفس ا١تتلقي ونفس الراوي ،فرؽ كبَت بُت أين أذىب
ومثبل عائشة وإذل آخره ،أذىب وأستمع منهم مباشرة، إذل ابن عباس أو إذل أيب ىريرة ُب ا١تدينة ً
تستمع إذل أيب ىريرة يقوؿ لك" :كنا مع رسوؿ هللا ﷺ" ،غَت ١تا تسمع واحد ُب البصرة تلميذ أليب
ىريرة؛ ىذا لو أثر حىت ُب قوة ثبوت اٟتديث ابلنسبة -على األقلُ -ب نفس ا١تتلقي.
ٔٔ٘
• أقساـ العلو النسيب:
األلفاظ اليت ذكرىا ابن حجر ىنا أغلبها ُب العلو النسيب ا١تتعلق ابلكتب ،اليت ىي البدؿ ،وا١توافقة
وا١تصافحة ،لن تسمع ىذه العبارات من أٛتد ومن البخاري ومن ابن معُت وأمثالو ،وإ٪تا تسمعها ُب
القروف ا١تتأخرة ُب ارتباطهم أبصحاب الكتب.
ولذلك ذكر فيو قاؿ" :وفيو -أي يف العلو النسيب :-ا١توافقة ،وىي الوصوؿ إذل شيخ أحد
ا١تصنِّفُت من غَت طريقو؛ أي :الطريق اليت تصل إذل ذلك ا١تصنِّف ا١تعُت .مثالو :روى البخاري
عن قتيبة عن مالك حديثًا ،فلو رويناه من طريقو كاف بيننا وبُت قتيبة ٙتانية -ىذا ابن حجر
السراج ،عن قتيبة ،كاف بيننا وبُت
يتكلم ،-ولو روينا ذلك اٟتديث بعينو من طريق أيب العباس َّ
قتيبة فيو سبعة" ،فصار فيو علو نسيب اآلف ،ىذه تسمى ا١توافقة ،الوصوؿ إذل شيخ أحد ا١تصنفُت
من غَت طريقوٍ .ب ذكر البدؿ" :الوصوؿ إذل شيخ شيخو كذلك" .نفس الشي لكن إذل شيخ
الشيخ ،بدؿ الشيخ.
رواية األقراف :يكفي أف يكوف واح ًدا روى عن الثاين ،وا١تدبّج :الزـ كل واحد يكوف روى عن
أحياًن ُب قضية البحث ُب طبقات الرواةالثاين .ىي مصطلحات وصفية ال عبلقة ٢تا ابلصحة ،تفيد ً
وأزمنتهم ،اشًتكا ُب رواية عن شيخ معُت ،تفيد ُب البحث ا١تعمق الدقيق ،لكنها ُب األساس ليست
مفيدا للحكم مباشرة ،لكن ا﵀دثوف كما ذكرت ساب ًقا ال يوجد زاوية أو نقطة مرتبطة أبي مصطلحا ً
ً
شيء ُب الرواية سواء متعلقة ابلصحة ،أو ابلضعف ،أو ابلوصفَّ ،إال ٖتدثوا فيها وْتثوا فيها ،حىت
أنك إذا رأيت اإلسناد الواحد وأردت أف تستخرج أنواع العلوـ ا١تتعلقة ابإلسناد الواحد ١تا انتهيت! بل
وصنفوا فيو ،كما قاؿ ابن حجر ىنا" :وقد صنَّف الدارقطٍت يف ذلك ،وصنَّف أبو الشيخ
األصبهاين يف الذي قبلو" ،يعٍت الدارقطٍت صنف ُب ا١تدبّج ،وأبو الشيخ األصفهاين ُب الذي قبلو
الذي ىو األقراف.
مدّتًا؟
كبل منهما يروي عن اآلخر؛ فهل يسمى ّ ص َد َؽ أف ً
قاؿ" :وإذا روى الشيخ عن تلميذه َ
يت الوجو؛ ِ
يباج َْ
فيو ْتث ،والظاىر :ال؛ ألنو من رواية األكابر عن األصاغر ،والتدبيج مأخوذ من د َ
مستواي من اٞتانبُت؛ فبل ٬تيء فيو ىذا" .لن أطيل ُب ىذه ا١تباحث،
ً فيقتةضي أف يكوف ذلك
ٖٔ٘
ا١تباحث ذات الشأف ُب البحث اٟتكمي ىي اليت اعتٌت فيها عناية أكرب ،ىذه من ابب التوضيح
وفهم اٞتمل.
عمن دونو يف السن ،أو اللقي ،أو يف ا١تقدار؛ فهذا النوع ىو رواية
قاؿ" :وإف روى الراوي َّ
األكابر عن األصاغر .ومنو -تعٍت من ٚتلتو :-رواية اآلابء عن األبناء ،والصحابة عن التابعُت،
والشيخ عن تلميذه ،و٨تو ذلك -ىذه أكثر من نوع اآلف ،كلها داخلة ُب رواية األكابر عن
األصاغر.-
ومنو -من رواية األكابر عن األصاغر :-من روى عن أبيو ،عن جده.
وقد صنَّف ا٠تطيب يف رواية اآلابء عن األبناء تصني ًفا -مثل ما قاؿَّ :
قل فن من علوـ اٟتديث إال
وصنف فيو ،-وأفرد جزءًا لطي ًفا يف رواية الصحابة عن التابعُت .وٚتع اٟتافظ صبلح الدين
وقسمو
كبَتا يف معرفة من روى عن أبيو عن جده عن النيب ﷺّ ،العبلئي ،من ا١تتأخرين٣ ،تل ًدا ً
ساما :فمنهما ما يعود الةضمَت يف قولو :عن جده ،على الراوي .ومنو ما يعود الةضمَت فيو على
أق ً
مثبل عمرو بن شعيب عن أبيو عن جده ،أشهر سلسلة تقريبًا ُب أبيو عن جده أبيو" .ىذه مشكلةً ،
ىي سلسلة عمرو بن شعيب ،ا٢تاء ُب "جده" تعود على من؟ على أبيو أو شعيب؟ ٤تتملة ،صحيح؟
وقسمو قسمُت؛ قسم ما كاف ا١تراد فيو بقو٢تم :جده ،أي جد فهو يقوؿ لك العبلئي ألّف كتاب َّ
الراوي ،وقسم ما كاف ا١تراد فيو بقو٢تم :جده ،أي جد األب .فما تركوا نقطة أو زاوية ،إمكاف،
احتماؿ إال كتبوا فيو ،صنفوا فيوَ ،م ُّدوا فيوٖ ،تدثوا عنو! وىذا ليس تعصبًا؛ لكن ال أظن أف ً
علما من
العلوـ قد ُخدـ كهذا العلم هبذا القدر ،وإف كانت العلوـ األخرى قد ُخ ِد َمت أبنواع كثَتة من ا٠تدمة.
ٗٔ٘
وخرج يف كل ترٚتة حديثًا ِمن َمر ِويِِّو ،وقد ٠تصت كتابو ا١تذكور ،"..اي
قاؿ" :و َّبُت ذلك وحققوَّ ،
كثَتاُ .ب سَتة الذىيب؛ كتاب بشار
"٠تصت" ىذه كانت ُسنَّة ماضية ،واستفاد منها العلماء ً
ُّ ٚتاعة
ٗتٍت الذاكرة ألف عهدي هبا قدًن؛ ذكرعواد ُب الذىيب ،من أفضل ما كتب عن سَتة الذىيب ،إذا دل ِّ
أف الذىيب ٠تص مائيت كتاب! وىو يتكلم عن التلخيص التأليفي فيما يبدو! وتعرفوف ىناؾ بعض
مثبل -من التلخيصات ا١تهمة -تلخيصو الكتب اآلف موجودة ومطبوعة من تلخيصات الذىيب ،منها ً
لكتاب (منهاج السنة النبوية) البن تيمية٠ ،تصو ُب كتاب مطبوع بعنواف (ا١تنتقى) ،ونفس كتاب ابن
ُ
الصبلح –لػ َّما ُب بداية الدروس ٖتدثنا عن كتاب ابن الصبلح -كتابو من أكثر الكتب اليت ُ٠تصت،
مثبل من تلخيصات كتاب ابن الصبلح: و٠تصت تلخيصاهتا أو شرحت تلخيصاهتا ،فتعرفوف عندكم ً
أيضا
أيضا تقريب النووي ،النووي َّقرب كتاب ابن الصبلح ،و ً (اختصار علوـ اٟتديث) البن كثَت ،و ً
ابن ا١تلَّ ِقن ،وىذه االختصارات بعضها اختُ ِ
صر وبعضها ُشرِح.
ُ
وما قضية التلخيص قضية مسلوكة عند أىل العلم ،وىي من أفضل وأنفع ما يفيد طالب العلم، عم ً
كامبل ،أشبو ما يكوف ابختصار ليس فقط كتابة الفوائد أو أىم ا٠تُبلصات ،ال ،تلخيص الكتاب ً
جدا ،وٯتكن أف يستفيد منو طالب العلم ُب نفسو ،ويُفيد فيو غَته.
كامبل ،ىذا مفيد ً
الكتاب ً
كثَتا ،تعرفوف (هتذيب التهذيب)( ،تقريب التهذيب) ،إذل
طبعا ابن حجر من ا١تشتغلُت ابلتلخيص ً
ً
أيضا عنده (الكاشف).
آخره ،الذىيب ً
تسلسلت
ْ اجم كثَتًة ج ًدا .وأكثر ما وقع فيو ما قاؿ" :ولقد ٠تصت كتابو ا١تذكور وِز ر
دت عليو تر َ
فيو الرواية عن اآلابء أبربعة عشر ًأاب"!
٩تتم اب١تصطلح األخَت ..لكن بدايةً ىنا رٔتا يكوف عند ابن صبلح كبلـ يستحق أف يُضاؼ ُب رواية
األكابر عن األصاغر ،ذكر بعض األمثلة ُب رواية األكابر عن األصاغر ،قاؿٍ" :ب إف ذلك يقع على
أضرب ،منها :أف يكوف الراوي أكرب سنًا وأقدـ طبقة من ا١تروي عنو ،كالزىري ،و٭تِت بن سعيد
األنصاري ،يف روايتهما عن مالك ،وكأيب القاسم عُبيد هللا بن أٛتد األزىري من ا١تتأخرين أحد
٘ٔ٘
قدرا من ا١تروي عنو ،أبف يكوف
شيوخ ا٠تطيب ،روى عن ا٠تطيب .ومنها :أف يكوف الراوي أكرب ً
اواي فحسب ،كمالك يف روايتو عن عبد هللا بن دينار ،وأٛتد بن
ي عنو شي ًخا ر ً
حافظًا عا١تًا وا١ترو ر
حنبل وإسحاؽ يف روايتو عن عُبيد هللا بن موسى" .إذل آخره.
لكن نستمع اآلف ،يقوؿ" :وأكثر ما وقفنا عليو من ذلك ما بُت الراويُت فيو يف الوفاة :مائة
السلَ ِف َّي ٝتع منو أبو علي البَػ َر َداين -أحد مشاٮتو -حديثًا،
ِ
وٜتسوف سنة ،وذلك أف اٟتافظ ّ
السلَ ِف ّي ابلسماعِ :سبطُو أبو
ِ
ورواه عنو ،ومات على رأس ا٠تمسمائةٍ ،ب كاف آخر أصحاب ّ
القاسم عبد الرٛتن بن مكي ،وكانت وفاتو سنة ٜتسُت وستمائة .ومن قدًن ذلك :أف البخاري
الس َّراج أشياء يف التاريخ وغَته ،ومات سنة ست وٜتسُت ومائتُت، َّ
حدث عن تلميذه أيب العباس َّ
ِ
وثبلث الس َّراج ابلسماع :أبو اٟتسُت ا٠تََّفاؼ ،ومات سنة ٍ
ثبلث وتسعُت حدث عن َّ وآخر من َّ
زماان؛ حىت
مائة .وغالب ما يقع من ذلك أف ا١تسموع منو قد يتأخر بعد موت أحد الراويُت عنو ً
طويبل؛ فيحصل من ٣تموع ذلك ٨تو
دىرا ً
يسمع منو بعض األحداث ،ويعيش بعد السماع منو ً
ىذه ا١تدة .وهللا ا١توفق".
مفهوـ الفكرة كيف ٖتصل؟ يعٍت شخص يسمع منو قدٯتًا ،و ً
أحياًن بعض الرواة يظل ستُت سنة
ُ٭ت ِّدث ،فشخص يكوف ٝتع منو قبل ستُت سنةٍ ،ب توُبٍ ،ب أيٌب صغَت ،واحد من التبلميذ اٞتدد
الصغار ،يسمع من الشيخ ُب آخر عمره ،بعد ستُت سنة من ٝتاع األوؿٍ ،ب يبقى حيًا بعد وفاة
الشيخ ستُت سنة أو سبعُت سنة ،فيكوف الراوي الذي توُب قبل ستُت سنة -اليت ُب عمر الشيخ -قد
٘ٔٙ
شيخ واحد،
اشًتؾ مع الراوي الذي عاش بعد وفاة الشيخ ستُت أو سبعُت سنة ُب أهنما تتلمذا على ٍ
ىذا السابق والبلحق.
الشيخ اٞتديع ُب (ٖترير علوـ اٟتديث) يقوؿ :فائدة معرفة ىذه الصورة ماذا؟ دفع ظن الغلط ُب
تبلميذ الراوي ،يعٍت حىت ال يظن أف ىناؾ غلط ُب ا١توضوع ،كيف بعد ىذا؟ يقوؿ ىذه الفائدة أنو
دفع ىذا الظن.
وأظن عندي ىنا مثاالف ُب أسانيد من الكتب التسعة ،أظن اٞتديع ذكرىا ،ال أستحضرىا اآلف،
لكن رٔتا كتبتها عندي كتعليق على الفصل ،مثالو :رواية ابن سَتين ،ابن سَتين توُب مائة وعشرة،
وعبد الوىاب ا٠تََّفاؼ ،توُب مائتُت وأربعة ،كم بينهم؟ أربعة وتسعُت سنة ،روايتهما عن خالد اٟتدَّاء،
جدا ،من رواة اٟتديث ا١تشاىَت الثقات
طبعا كل الرواة ىؤالء مشهوروف ً
توُب مائة وواحد وأربعُتً ،
ا١تعروفُت ،األوذل ُب أيب داوود اليت ىي رواية ابن سَتين ،عن خالد اٟتدَّاءُ ،ب أيب داوود" :عن
الذىلي ،عن عبد هللا بن ا١تثٌت ،قاؿ :حدثٍت أشعث ،عن ابن سَتين ،عن ٍ
خالد ،عن أيب قبلبة ،عن
أيب ا١ت َهلَّب ،عن عمرافُ ،ب سجود السهو ،قاؿ ابن حباف :ما روى ابن سَتين عن خالد غَت ىذا
ُ
اٟتديث ،وخالد تلميذه".
الثاين :رواية ُب مسند اإلماـ أٛتد" ،قاؿ :حدثنا عبد الوىاب ا٠تََّفاؼ قاؿ :حدثنا خالد ،عن أيب
مرفوعا" ،إف ا١تسلم إذا عاد أخاه دل يزؿ ُب ُخرفَة اٞتنة -أو ُب
قبلبة ،عن أيب أٝتاء ،عن ثوابفً ،
َخرفَة اٞتنة -حىت يرجع".
على أية حاؿ ،كما ذكرت ىذه ا١تباحث ىي من مباحث اللطائف الشارحة عن أو الواصفة لبعض
أحواؿ األسانيد ،من حيث ما يقع ُب النقل من لطائف ،من مبلحظات ،من أمور ضبطها قد يفيد
ُب دفع بعض التو٫تات ،بعض اإلشكاالت ،وبعضها يكوف فيو قدر من اللطف ،والتسجيل ١تشاىد
٘ٔٚ
ُب الرواية ،فتعرؼ أف ىناؾ أب روى عن ابنو ،ىذه يسجلها ا﵀دثوف ،رواية األكابر عن األصاغر،
مر وسبق.صحايب يروي عن اتبعي ،إذل آخره ٦تا َّ
وبقيت مباحث نرجو أف يسع ٢تا عدد قليل من الدروس ،حىت نُنهي إف شاء هللا ىذا الكتاب.
أسأؿ هللا سبحانو وتعاذل أف يتقبل منا ومنكم صاحل العمل ،وأف يغفر لنا ولكمِّ ،
وصل اللهم على نبينا
دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتُت.
٘ٔٛ
احملاضرة السادسة والثبلثوف:
ا١تقدمة:
هم لك اٟتمد ال كثَتا مبارًكا فيو كما ٭تب ربّنا تعاذل ويرضى ،اللّ ّ
ٛتدا طيّػبًا ً
رب العا١تُت ً
اٟتمد َّّلل ّ
٨تصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك ،اللّهم صل وسلّم على عبدؾ ورسولك دمحم.
نستعُت اب﵁ ونستفتح ىذا اجمللس ،الذي ىو اجمللس ىو السادس والثبلثوف من سلسلة الشرح ا١تطوؿ
اَّلل سبحانو وتعاذل التوفيق ،والعوف ،والتسديد ،والربكة.
على نزىة النظر ،سائلُت ّ
أوال ب ػ ػ (النخبة).
ابَّلل ونبدأ ً
ونستعُت ّ
الرواية عن متفقي االسم:
ابن حجر رٛتو هللا تعاذل قاؿ ُب (النخبة)" :وإف روى عن اثنُت متفقي االسم ودل يتميزا؛
احتماال :قُبِ َل يف األصح،
ً جزماُ :ردَّ ،أو
همل .وإف جحد مرويو ً
فباختصاصو أبحد٫تا يتبُت ا١تُ َ
وفيو (من ح ّدث ونسي) .وإف اتفق الرواة يف صيغ األداء أو غَتىا من اٟتاالت؛ فهو
ا١تسلسل" .نكتفي هبذه الثبلثة أسطر.
ا١تتفق وا١تفًتؽ ىو ماذا؟ ىو راوايف يتفقاف يف االسم ويفًتقاف يف الشخص ،لكن ا١تبحث ىنا
مثبل يقوؿ لك :عن سفياف ،سفياف من؟ الثوري أـ ابن ليس من ىذه اٞتهة ،وإ٪تا من جهة :أف أيٌب ً
عيينة؟ وٕتدوف ُب كثَت من األحاديث اليت تنتهي إذل الصحابة ويقوؿ لك :عن عبد هللا هنع هللا يضر ،عن
أحياًن يقوؿ
النيب ﷺ ،فهل ىو عبد هللا بن مسعود ،أـ ابن عمر ،أـ ابن عباس ،أـ ابن عمرو؟ و ً
ٜ٘ٔ
مثبل :حدثنا دمحم بن سبلـ ،أو أٛتد بن عبد هللا ،أو أٛتد بن يونس ،فيكوف
لك :االسم واسم االبً ،
ىناؾ أكثر من شخص هبذا االسم ،فمن ا١تقصود ىنا ُب ىذا اإلسناد بعينو؟
قاؿِ :
"ومن ذلك ما وقع يف البخاري يف روايتو عن أٛتد ،غَت منسوب عن ابن وىب -ىذا
موجود ُب صحيح البخاري ،يقوؿ :حدثنا أٛتد ،من أٛتد؟ -فإنو إما أٛتد بن صاحل ،أو أٛتد بن
عيسى -كبل٫تا يروي عن ابن وىب ،والبخاري ىنا َعٌت من؟ ىذا ٭تتاج ْتث .-أو عن دمحم ،غَت
منسوب ،عن أىل العراؽ؛ فإنو ّإما دمحم بن سبلـ ،أو دمحم بن ٭تِت ال رذىلي .وقد استوعبت ذلك
يف مقدمة شرح البخاري".
من وسائل التمييز بُت متفقي االسم:
• االختصاص ابلشيخ:
"ومن أراد لذلك ضابطًا كليًا ٯتتاز أحده عن اآلخر؛ فباختصاصو "..كيف ابختصاصو؟ واحدة
من أىم األدوات اليت يُعلم هبا أف ىذا الراوي ىو فبلف وليس اآلخر :أف يكوف لو اختصاص ابلشيخ
مثبل إذا قاؿ
الذي روى عنو ُب ىذا اإلسناد .ىذا من أىم األمور اليت ُٯتيَّز هبا ،وىذا معلوـ ،يعٍت ً
أٛتد بن حنبل :حدثنا ٭تِت عن سفياف -٭تِت القطاف ،٭تِت بن سعيد عن سفياف -ىنا األصل أنو
سفياف الثوري؛ ألف ٭تِت القطاف لو اختصاص كبَت بسفياف الثوري.
• الطبقة والبلد:
مثبل إذا
أحياًن ْتسب البلد يُعرؼ ،يعٍت ً
أحياًن تكوف ا١تعرفة ليس ابالختصاص ابلشيخً ، مثبل ًأو ً
روى را ٍو مروزي ُب طبقة شيوخ الكتب الستة عن عبد هللا -غَت منسوب -فهو من؟ عبدهللا بن
ا١تبارؾ ،ال ٭تتاج أف تبحث .فهنا عُرؼ ليس ابالختصاص ابلشيخ ،وإ٪تا من جهتُت :من جهة
الطبقة؛ وىي ليست ٦تيزة كافية؛ ألف االشًتاؾ يكوف ابلطبقة ،لكن ىذا النطاؽ األوؿٍ ،ب من أي
جهة عُرؼ؟ من جهة البلد وا١تنطقة .ىذا من وسائل التمييز ،ولكن ىو ىنا ذكر ضابط االختصاص
ابلشيخ.
ٕٓ٘
ىذا ا١تبحث كلو ليس من مباحث العدالة والضبط ،وإ٪تا ىو من مباحث ما قبل العدالة والةضبط،
وىو مبحث ٘تييز الرواة؛ ألف ا١تباحث ا١تتعلقة ابلرواة قسماف:
القسم األوؿ :ا١تباحث ا١تتعلقة بتمييزىم ،ومعرفة من ىم كأشخاص وأعياف.
القسم الثاين :ىو ا١تتعلق بعدالتهم وضبطهم.
وا١تبحث األوؿ ىو وسيلة للثاين ،فالبحث ُب ٘تييز الرواة بعضهم عن بعض إ٪تا يكوف وسيلة ١تعرفة
حكم كل را ٍو منهم ،أىو ثقة أـ ضعيف؟ ولذلك الذي ال يتقن األوؿ قد يُلصق ً
حكما على الراوي
بكونو ثقةً أو ضعي ًفا ،وال يكوف اإلشكاؿ ُب خطأه أف الراوي الذي عناه أنو ليس كذلك ،وإ٪تا يكوف
اإلشكاؿ ُب أنو أنزؿ اٟتكم على را ٍو آخر قد اشتبو بغَته.
جدا ٔتبحث ٘تييز األٝتاء ،بعض الناس الذين ليس ٢تم ٦تارسة كثَتة ُب اٟتديث كثَتا ً
وا﵀دثوف اعتنوا ً
يظن أف عناية ا﵀دثُت إ٪تا كانت أكثر ما كانت بتمييز أحواؿ الرواة من حيث الثقة والضعف،
والصحيح أف عناية ا﵀دثُت بتمييز أٝتاء الرواة ىو من أكثر ا١تباحث اٟتديثية الذي اشتغلوا فيها،
جدا ،ولذلك انظروا ُب كتب اٞترح والتعديل العامة اٞتامعة ىذه ال ٕتدوف كثَتا ً
شغبل ًاشتغلوا فيها ً
أبدا ،وإ٪تا ٕتدوف أوؿ شيء :اسم الراوي ،واسم ابيو، فيها االكتفاء ابٟتكم ابلتوثيق والتضعيف ً
أحياًن ،روى عن من ،وروى عنو منٍ ،ب بعد ذلك أيٌب لك ً ونسبو ،كنيتو ،بلده ،والدتو ،طبقتو
ابلكبلـ ُب اٞترح والتعديل؛ ١تاذا؟ ألف العناية ابلتمييز كل را ٍو عن غَته ىي عناية مهمة وفائقة ،وىي
مقدمو للقدرة على اٟتكم عليو.
جدا ُب ىذا الباب ،وىو من ومن ا١تراجع ا١تهمة ُب ىذا الباب كتاب (التاريخ الكبَت) للبخاري ،مهم ً
جامعا ابعتبار الرواة ،ىو
كتب اٞترح والتعديل اٞتامعة كػ (هتذيب الكماؿ) وهتذيباتو ،وإف كاف ليس ً
٥تتص ابلكتب الستة ،لكنو يعٍت مهم ُب ىذا الباب.
ٍب قاؿ" :وفيو ،أي :يف ىذا النوع ،صنَّف الدارقطٍت كتاب "..كما تعودًن كل ما أيٌب نوع ٧تد
جدا ُب ٘تييز األٝتاء ،لكن ىنا قاؿ:
طبعا التمييز ىذا ا١تبحث السابق فيو مؤلفات كثَتة ًفيوً ..
سي) ،وفيو ما يدؿ على تقوية ا١تذىب الصحيح؛ "صنَّف فيو الدارقطٍت كتاب (من َح َّدث ونَ َ
ضت عليهم دل يتذكروىا ،لكنهم العتمادىم على الرواةلكوف كثَت منهم حدثوا أبحاديث فلما عُ ِر َ
عنهم صاروا يرووهنا عن الذين رووىا عنهم ،عن أنفسهم- ،وأتى اآلف أبشهر حديث -كحديث
مرفوعا يف قصة الشاىد واليمُت ،قاؿ عبدالعزيز بن
ً سهيل بن أيب صاحل عن أبيو عن أيب ىريرة
الدراو ِ
سهيبل فسألتو عنو فلم
ردي :حدثٍت بو ربيعة بن أيب عبدالرٛتن ،عن سهيل ،فلقيت ً دمحم َّ َ
ٖٕ٘
يعرفو ،فقلت :إف الربيع حدثٍت عنك بكذا ،فكاف سهيل بعد ذلك يقوؿ" :حدثٍت ربيعة عٍت أين
حدثتو عن أيب بو" .ونظائره كثَتة .وإف اتفق الرواة يف إسناد "..اآلف بدأ ُب قضية أخرى .اآلف
انتهينا من مسألة ٘تييز الرواة.
كثَتا ُب
صحيح حىت ما أنسىُ ،ب قضية ٘تييز الرواةُ ،ب (ٖترير علوـ اٟتديث) ،اٞتديع أعجبٍت ً
طبعا ىو الفصل اٝتو٘ :تييز
أمورا كثَتة ُب قضية التمييز ،فذكرً ..مبحث ٘تييز الرواة ،يعٍت ذكر فيو ً
النَػ َقلَة ،البابٖ :تليل اإلسناد ،تعرفوف اإلسناد يتكوف ُب األساس من نقلة ،وصيغ األداء ،وإذل آخره،
قبل أف يدخل ُب نقد النقلة ،قاؿ٘ :تييز النقلةُ .ب ٘تييز النقلة ذكر مقدمة ٍب انظر أنواع التمييز أو
أصناؼ التمييز:
"أوال٘ :تييز األٝتاء" وذكر فيها تفصيبلت كثَتة.
قاؿً :
ٍب الثاين٘" :تييز الكٌت"؛ ألنو ً
أحياًن تشتبو الكٌت.
الثالث٘" :تييز األنساب".
الرابع٘" :تييز األلقاب" ،وكل واحد منها يفصل تفص ًيبل ً
كثَتا.
ا٠تامس٘" :تييز األبناء".
السادس٘" :تييز النساء".
ٍب عقد مبحثًا بعنواف٘" :تييز الراوي ٔتعرفة شيوخو وتبلميذه وطبقتو" ،فذكر ٘تييز الشيوخ
والتبلميذ ..إذل آخره من الكبلـ.
عموما ىو من أفضل من رتب أنواع التمييز فيما وقفت عليو من ًنحية التنظَت االصطبلحي العاـ.
ً
إذف ىذه مسألة التمييز انتهينا منهاٍ ،ب مسألة من حدث ونسي وىي مسألة فرعية.
ا١تسلسل:
اآلف ا١تسألة الثالثة اليت ذكرت نصها من (النخبة) ُب بداية اللقاء ،قاؿ ابن حجر رٛتو هللا" :وإف
اتفق الرواة يف ٍ
إسناد من األسانيد يف صيغ األداء- :يعٍت مثل ماذا؟ حدثنا .كيف يكوف؟ فبلف
فبلان ،أو
فبلان قاؿٝ :تعت ً
قاؿ :حدثنا فبلف ،قاؿ :حدثنا فبلف قاؿ :حدثنا فبلف -كسمعت ً
ٕٗ٘
حدثنا فبلف ،قاؿ :حدثنا فبلف :وغَت ذلك من الصيغ ،أو غَتىا من اٟتاالت القولية ،كسمعت
فبلان يقوؿ :أشهد ابهلل لقد حدثٍت فبلف -أي قاؿ :أشهد اب﵁ لقد حدثٍت فبلف قاؿ :أشهد اب﵁-
ً
معا كقولو:
٘ترا ..إذل آخره ،أو القولية والفعلية ًأو الفعلية كقولو :دخلنا على فبلف فأطعمنا ً
ْسل -أي أف ا١تسل َ
حدثٍت فبلف وىو آخ ٌذ بلحيتو قاؿ :آمنت ابلقدر ..إذل آخره = فهو َ
مثبل اإلسناد كلو يكوف الرواة اٝتهم دمحم ،حدثنا دمحم
أحياًن ُب قضية األٝتاء حىتً ،
ا١تسلسل قد يقع ً
بن فبلف ،قاؿ :حدثنا دمحم بن فبلف ،قاؿ :حدثنا دمحم؛ يسموه ا١تسلسل اب﵀مدين ،أو يكوف اإلسناد
كلو من أىل الشاـ يقوؿ لك ىذا مسلسل ابلشاميُت -وىو من صفات اإلسناد ،وقد يقع
التسلسل يف ُمعظَم اإلسناد ،كحديث ا١تسلسل ابألَوليَّة ،فإف السلسلة تنتهي فيو إذل سفياف بن
مسلسبل إذل منتهاه فقد َو ِى َم".
ً عيينة فقط ،ومن رواه
حسنًا ،مصطلح ا١تسلسل ىو من ا١تصطلحات اٟتديثية اليت تعترب من ا١تباحث التكميلية ُب اٟتديث،
وليست من ا١تباحث األساسية ،ليس مبحثًا تتوقف عليو صحة الرواية ،وال ىو متعلق بنقد النقلة،
وإف كاف ُب بعض صيغ التسلسل قد يفيد ُب قضية االتصاؿ أو االنقطاع.
ِّ
وصل اللهم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت.
ٕ٘٘
احملاضرة السابعة والثبلثوف:
ا١تقدمة:
كثَتا طيبًا مبارًكا فيو كما ٭تب ربنا تبارؾ وتعاذل ويرضى ،اللهم لك اٟتمد
ٛتدا ًاٟتمد ﵁ رب العا١تُت ً
ملء السماوات وملء األرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد ،اللهم ِّ
صل على عبدؾ
ورسولك دمحم.
جديدا من ٣تالس الشرح ا١تطََّوؿ على نزىة النظر ،ىذا ا١توضوع ُب ىذا
٣تلسا ً ً نستعُت اب﵁ ونستفتح
ُ
اجمللس فيو قدر من الطوؿ غَت ُمعتاد ُب أساس ا١تنت الذي ىو النخبةٍ ،ب ُب النزىة توسع فيو ابن
حجر -رٛتو هللا ،-لكن ىذا من ا١تباحث اليت ًب تناو٢تا ُب الدروس األوذل ُب ىذا الشرح؛ وألجل
اعتمادا على ما ًب اٟتديث عنو ُب
ً ذلك فسأُٚتل القوؿ ُب ىذا ا١تبحث على طولو ،سأُٚتل القوؿ فيو
اجملالس األوذل.
ٕ٘ٙ
صيَّ ِة ابلكتاب ،ويف اإلعبلـ ،وإال فبل عربة بذلك،
وكذلك اشًتطوا اإلذف يف ال ِوجادة ،والو ِ
َ َ
األصح يف ٚتيع ذلك".
ّ كاإلجازة العامة ،وللمجهوؿ ،وللمعدوـ ،على
موقع صيغ األداء يف خارطة البحث عن صحة اٟتديث:
ىذا كلو كبلـ ُب (النخبة) ،وىو غَت ُمعتاد ،يعٍت غَت ُمعتاد أف يكوف ىذا القدر ُب (النخبة) عن
نقطة واحدة ،نرجع اآلف إذل (نزىة النظر) ،ابن حجر -رٛتو هللا -يتكلم عن قضية صيغ األداء،
صيغ األداء ما موقعها يف خارطة البحث عن صحة اٟتديث؟ تقع ٖتت شرط اتصاؿ اإلسناد.
ىذه اآلف فائدة ُب تصور مباحث اٟتديث تُعُت كثَتا على فهم ا١تسائل اٞتزئية ،يعٍت أف تُ ِ
لحق ا١تسألة ً
اٞتزئية بعنواهنا العاـ ُب اٟتديث ،ىذا يعينك على فهم ا١تسائل اٞتزئية؛ ألف كل ابب من أبواب
اٟتديث لو مقاصده ،فحُت تدخل ُب التفاصيل وأنت تستحضر مقاصد كل ابب ،فهذا يُعينك على
إدراؾ ىذه التفاصيل ،اآلف قضية التفصيل الدقيق ُب صيغ األداء ىو كلو فرع عن أساس القضية اليت
جدا ُب علوـ اٟتديث ،وىو ىي التَػ َوثُّق من اتصاؿ اإلسناد ،يعٍت مبحث اتصاؿ اإلسناد مبحث مهم ً
قصدا أساسيًا ُب البحث عن صحة اٟتديث؛ ألنك إذا أٚتلت شروط مبحث من ا١تباحث ا١تقصودة ً
صحة اٟتديث فستقوؿ :ثقة الرواة ،واتصاؿ اإلسناد ،ىذه الشروط الظاىرة ،وإف أٚتلت كل الشروط
فستقوؿ:
-ثقة الرواة.
-واتصاؿ اإلسناد.
-والسبلمة من العلة.
• سبب اشًتاط اتصاؿ اإلسناد:
فاتصاؿ اإلسناد ركن من أركاف الصحة ،ومع كونو ركنًا من أركاف الصحة إال أنو يعود إذل الشرط
األوؿ الذي ىو ثقة الرواة١ ،تاذا يعود إذل الشرط األوؿ؟ أقصد كأنو وسيلة للشرط األوؿ الذي ىو ثقة
الرواة ،أو ىو ليس وسيلة وإ٪تا كأنو ..يعٍت إذا نظرًن إذل الغاايت وا١تقاصد والوسائل فكأنو مقدمة أو
وسيلة وليس غاية ،يعٍت ١تاذا يشًتطوف اتصاؿ اإلسناد؟
ٕ٘ٚ
-خشية أف يكوف ىناؾ را ٍو ضعيف دل يُذ َكر ،ىذا األساس ،يعٍت ما اإلشكاؿ ُب أف نقبل قوؿ
ومن اٟت َّفاظِ ،
ومن األئمة؛ ولكنو ليس من الصحابة ،دل الراوي :قاؿ رسوؿ هللا ﷺ كذا؟ والراوي ثقةِ ،
ُ
يسمع رسوؿ هللا ﷺ١ ،تاذا نشًتط اتصاؿ اإلسناد؟ يعٍت ما ا١تانع أف نقبل قوؿ اٟتسن البصري ،أو
الزىري ،و٫تا َمن ٫تا ُب اإلسبلـ حُت يقوال :قاؿ رسوؿ هللا ﷺ؟ ما ا١تانع؟ خشية أف يكوف بينهما
وبُت رسوؿ هللا ﷺ َمن ال يُوثق بروايتو ،وىكذا ُب بقية الطبقات ىل يوجد أسباب أخرى ُٮتشى
منها؟ نعم ،يوجد أسباب ،لكن ىذا ىو السبب األساسي .فاتصاؿ اإلسناد ُب ٚتلة مقاصده
يهدؼ إذل أف يكوف كل الرواة الذين َرووا قد عُرفوا ،وقد وثُِّقوا ،فبل نريد طبقة فيها شيء من
الغموض.
أحياًن يكوف اشًتاط اتصاؿ اإلسناد ليس ألف الطبقة فيها غموض ،وإ٪تا ألف طريقة التلقي وإف
ً -
مباشرا فيو قدر من الةضعف ،فيخشوف من ىذا التلقي ،اآلف حُت أيٌب الشيخ فيقوؿ لتلميذه: كاف ً
فبلًن يقوؿ :حدثٍت فبلفٍ ،ب أيٌب التلميذ الذي ٝتع كل ىذا فيُ َح ِّدث طبلبو فيقوؿ :حدثنا
ٝتعت ً
ُ
شيخنا ،حدثٍت فبلف ،ىذه اآلف واضحة ،تَػلَ ِّقي مباشر .حسنًا ١تا تكوف القضية ليس فيها ٝتاع ،وُب
نفس الوقت ليس ىناؾ شخص ساقط ُب ا١تنتصف ،يعٍت ال ٩تشى اآلف ِمن أف يكوف ىناؾ راوي
ػسمعت ،ليس ابلتحديث
ُ غَت ثقة ،ال ،ىذا ثقة ،وشيخو ثقة ،وأخذ عنو مباشرة ،ولكن ليس ب
ا١تباشر ،وإ٪تا الشيخ عنده أحاديثو مكتوبة ،فأعطاىا لتلميذه ،وقاؿ :ار ِو ىذه عٍت؛ اآلف ا٠تشية
ليست من وجود را ٍو ساقط ،وإ٪تا ا٠تشية أف الكتاب ال يكوف مةضبوطًا ..اآلف ىذه تسمى
مناولة ،لكن ا١تناولة ىنا درجة عالية ،ىي أعلى ما ٯتكن قبولو ُب ىذه الناحية؛ ًنحية اإلجازة ،ماذا
لو كاف ابلعكس؟ التلميذ أتى وبيده كتاب الشيخ ،وقاؿ لو :اي شيخ ىذه أحاديثك ىنإُ ،تيزين أف
أرويها عنك؟ ىذه إجازة اآلف ،ما َِٝتع عنو اٟتديث ،ولكن معو الكتابُٕ ،تيزين أو ال ُٕتيزين؟ اآلف
ليس ىناؾ شخص ساقط بينهم ،ولكن يهمٍت أًن كناقد أف أعرؼ :ىل الراوي أخذ عن شيخو أخ ًذا
تلق شفهي؟ أو فيو ما يُشعِر اب١تعرفة والقصد وإف دل يكن فيها تلفظ شفهي ،وما يكوف فيو قدر فيو ٍ
من اإلجازة العامة ،ىنا توجد درجات.
ٕ٘ٛ
مكتواب؟ اآلف نزلنا أكثر ،أي :الشيخ
ً -ماذا لو دل ٖتدث إجازة ،ولكن َو َجد التلميذ حديث شيخو
وحدَّثأحاديثو مكتوبة ،تُوُب ىذا الشيخ ،جاء ابنو فوجد أحاديث أبيو مكتوبة ،فأخذ أحاديث أبيو َ
مثبل :قاؿ أيب :حدثٍت فبلف ،قاؿ ىذه بناءً على أهنا مكتوبة ،اآلف ليس ىناؾ أحدهبا عنو ،فيقوؿ ً
بينهم ،ىو أخذ من كتاب أبيو مباشرة ،ولكن ىذا األخذ ..كوف األحاديث مكتوبة ُب الكتاب ،ىل
فعبل؟ وألجل ذلك َكثُر
معٌت ىذا أف أابه قد أجاز أف تُروى ىذه األحاديث عنو؟ ىل ىي مضبوطة ً
الكبلـ ُب مباحث علم اٟتديث عن أنواع األداء ،وصيغها ،وما يتعلق هبا.
على أية حاؿ ،ىذه اآلف إطبللة حىت نفهم أين تقع خارطة صيغ األداء وما إذل ذلك ،وكما قلت :أًن
مرورا سر ًيعا فقط على ما
سأمُّر ً
ذكرت تفصيبلت متعلقة هبذا ا١تعٌت ُب بداية الشرح ،لذلك أًن اآلف ُ
شار إليو -أو إليها-
ذكره ابن حجر رٛتو هللا ُب ىذه القضية ،قاؿ -رٛتو هللا" :-وصيغ األداء ا١تُ َ
ٝتعت وحدثٍت "..إخل ،قرأهتا.
على ٙتانية مراتب :األوذلُ :
٤تل استعماؿ الصيغ:
ٝتعت
ُ ٝتعت وحدثٍت -ىذا يػُبَػُِّت أهنا كانت
ُ قاؿ" :واللفظاف األوالف من صيغ األداء ،و٫تا
أيضا أخربين -صاٟتاف لِ َمن َِٝتع وحده ِمن لفظ الشيخ ،وٗتصيص التحديث ٔتا وحدثٍت ،وليس ً
اصطبلحا ،وال فرؽ بُت التحديث واإلخبار ِمن
ً ُِٝت َع ِمن لفظ الشيخ ىو الشائع بُت أىل اٟتديث
ف شديد ،لكن لَ َّما تقرر االصطبلح صار ذلك حقيقةً حيث اللغة ،ويف ا ِّدعاء الفرؽ بينهما تَ َكلر ٌ
عُرفِيَّة فَػتُػ َق َّد ُـ على اٟتقيقة اللغوية ،مع َّ
أف ىذا االصطبلح إ٪تا شاع عند ا١تَشا ِرقة وَمن تبعهم"..
إخل" .فإف َٚتَ َع "..وىذه تكلمنا عنها؛ واضحة" .وأو٢تا ،أي :ا١تراتب :أصرحها ،أي :أصرح صيغ
تدليسا ،وأرفعها
ً األداء يف ٝتاع قائلها؛ ألهنا ال ٖتتمل الواسطة ،لكن حدثٍت قد تُطلَق يف اإلجازة
َّح رفظ .والثالث :وىو أخربين ،والرابع :وىو ِ ِ
مقدارا ما يقع يف اإلمبلء ل َما فيو من التَّػثَػبرت والت َ
ً
قرأت ،لِ َمن قرأ بنفسو "..إخل ىذه كلها إف شاء هللا كنت تكلمت عنها ساب ًقا.
تنبيو:
ِ
َّح رمل -والتحمل أي :األخ ُذ ابلتَّػلَ ّقيً ،
وطبعا القراءة على "تنبيو :القراءة على الشيخ أحد وجوه الت َ
جدا ُب زمن الرواية -وأَبْػ َع َد َمن أىب ذلك ِمن أىل العراؽ
الشيخ أحد وجوه التحمل وكانت مشهورة ً
َّح ُّمل ا١تتصلة اليت يقوؿ هبا اٟتديث -وقد اشتَ َّد إنكار اإلماـ ِ
وجها من وجوه الت َ
-يعٍت من دل ٬تعلها ً
ٖٓ٘
فرجحها على
مالك ،وغَته من ا١تدنيُت -على َمن أنكر ذلك -عليهم يف ذلك حىت ابلَ َغ بعةضهم َّ
السماع من لفظ الشيخ .وذىب َٚتْ ٌع َجم ،منهم البخاري وحكاه يف أوائل صحيحو عن ٚتاعة
من األئمة إذل َّ
أف السماع من لفظ الشيخ والقراءة عليو -يعٍت يف الصحة والقوة -سواءٌ" ،ما
الذي أدخل (صحيح البخاري)؟ (صحيح البخاري) ليس للمباحث االصطبلحية ،لكنو أتى ْتديث
ض على الشيخ مثل السماع منو ،الذي ىو" :لَ َّما جاء للنيب ﷺ العْر َ
أف َمن السنة يستدؿ بو على َّ
فقاؿ" :آ هللا أرسلك؟ قاؿ :اللهم نعم ،قاؿ :آ هللا أمرؾ بكذا وكذا وكذا؟ قاؿ :اللهم نعم" ،واآلف
ث بكذا وكذا، مثبل أنو بُعِ َ ىذا الصحايب عندما يذىب لقومو ماذا سيقوؿ ٢تم؟ َّ
أف الرسوؿ ﷺ أخربين ً
مع أنو ىو َمن تكلَّم وليس النيب ﷺ ،النيب ﷺ قاؿ" :اللهم نعم" فقط ،فهذه قراءة على الشيخ،
والنيب ﷺ يػُ ِّقر ،ىذا استدالؿ البخاري ،وذكر فيها البخاري ُب الصحيح قضية التسوية بُت القراءة
والتحديث.
اإلنباء:
ٍب قاؿ" :واإلنباء من حيث اللغة واصطبلح ا١تتقدمُت ٔتعٌت اإلخبار ،إال يف عُ ْرؼ ا١تتأخرين فهو
لئلجازة كػعن ،ألهنا يف عُ ْرؼ ا١تتأخرين لئلجازة" ،يعٍت األصل إذا وجدت :أنبأين فبلف ،أخربين
فبلفُ ،ب األسانيد ُب الكتب ا١ت ْسنَ َدة ا١تعروفة أهنا مثل بعض ،ليس بينها فرؽ ،لكن يقوؿ لكُ :ب
ُ
عُْرؼ ا١تتأخرين صارت أنبأين لئلجازة.
العنعنة:
"وعنعنة ا١تعاصر ٤تمولة على السماع"؛ ١تاذا ىي ٤تمولة على السماع وُب حاؿ ماذا؟ إذا ما ثبت
السماع ،اثناف متعاصراف دل يثبت أف أحد٫تا ٝتع من اآلخر صراحة ،وروى أحد٫تا عن اآلخر بصيغة
٤تتملة كعن ،ذكر ىنا أهنا ٖتمل على السماع ٍب قاؿ" :وقيل ،ويشًتط اللقاء ولو مرةً واحدة وىو
ا١تختار" ،وىذا ُب النخبة قرأتو من قبل.
ٖٔ٘
ٍب يقوؿ" :وعنعنة ا١تعاصر ٤تمولة على السماع ٓتبلؼ غَت ا١تعاصر فإهنا تكوف مرسلة ومنقطعة
وشرط ٛتلها على السماع :ثبوت ا١تعاصرة إال من ا١تدلس ،فإهنا ليست ٤تمولة على السماع.
وقيل :يُشًتط يف ٛتل عنعنة ا١تعاصر على السماع ،ثبوت لقائهما ،أي :الشيخ والراوي عنو ،ولو
مرةً واحدة ،ليحصل األمن من ابقي معنعنيو" ،القوؿ اآلخر أنو ال ٖتمل عنعنة الراوي ا١تعاصر
لشيخو على السماع إال إذا التقيا ولو مرًة واحدة ،ولو كانت بقية الرواايت كلها بعن ،يكفي مرةً
واحدة يكوف ثبت اللقاء والسماع.
ٕٖ٘
جدا ُب قضية اللقاء والسماع ،وإف كاف الذي يظهر من تصرفات البخاري رٛتو هللا التفريق ليس كبَت ً
أحياًن يثبت لقاء الراوي من شيخوٍ ،ب ٕتد أف البخاري
قضية السماع أكثر من موضوع اللقاء؛ ألنو ً
ٝتاعا" ،مع أنو التقى بو ،فكأف السماع أخص من اللقاء -وىو كذلك اَّلل يقوؿ" :ال يذكر ًرٛتو َّ
وعموما سبق الكبلـ ُب ا١تسألة.
ً ح ًقا -وكأف البخاري يتحرز ُب السماع أكثر من ثبوت اللقاء،
ٍب قاؿ "واشًتطوا يف صحة الرواية اب١تناولة ،اقًتاهنا ابإلذف ابلرواية ،وىي -إذا حصل ىذا
الشرط -أرفع أنواع اإلجازة ١تّا فيها من التعيُت والتشخيص .وصورهتا :أف يدفع الشيخ أصلو،
أو ما قاـ مقامو للطالب ،أو ٭تةضر الطالب األصل للشيخ ،ويقوؿ لو يف الصورتُت :ىذه رواييت
ةضا :أف ٯتكنو منو ،إما ابلتمليك ،أو ابلعارية لينقلها "..إخل.
عن فبلف فاروىا عٍت .وشرطها أي ً
"وإف خلت ا١تناولة من اإلذف دل يعترب هبا عند اٞتمهور ،وجنح من اعتربىا إذل أف مناولتو إايىا
تقوـ مقاـ إرسالو إليو ابلكتاب من بلد إذل بلد".
ٍب ذكر قضية الكتابة "وقد ذىب إذل صحة الرواية ابلكتابة اجملردة ٚتهور ما من األئمة ولو دل
يقرف ذلك اإلذف ابلرواية".
ُب كتاب (صحيح البخاري) ،كتاب العلم ،اجمللد األوؿ ،ألف البخاري فيما أذكر تكلم عن مسألة
اَّلل" :ابب ما
الكتابة ُب صحيحو ،فالكتابة :أف يكتب الشيخ ْتديثو للتلميذ ،قاؿ البخاري رٛتو َّ
يذكر يف ا١تناولة وكتاب أىل العلم ابلعلم إذل البلداف.
وقاؿ أنس :نسخ عثماف ا١تصاحف فبعث هبا لآلفاؽ -ىذا البخاري واستدالالتو رٛتو هللا -ورأى
جائزا ،واحتج بعض أىل اٟتجاز يف ا١تناولة،
عبدهللا بن عمر ،و٭تي بن سعيد ،ومالك ذلك ً
ْتديث النيب ﷺ حيث كتب ألمَت السرية ،وقاؿ" :ال تقرأه حىت تبلغ مكاف كذا وكذا" ،فلما بلغ
ذلك ا١تكاف ،قرأه على الناس وأخربىم أبمر النيب ﷺ -ىذه مناولة اآلف .-حدثنا إٝتاعيل بن
اَلل ،قاؿ :حدثٍت إبراىيم بن سعد ،عن صاحل بن كيساف ،عن ابن شهاب ،عن عبيد َّ
اَلل بن عبد َّ
ٖٖ٘
رجبل ،وأمره أف يدفعو
عبدهللا بن عتبة ،أف عبدهللا بن عباس أخربه أف رسوؿ هللا ﷺ بعث بكتابو ً
إذل عظيم البحرين ،فدفعو عظيم البحرين إذل كسرى ،فلما قرأه مزقو ،فحسبت أف ابن ا١تسيب
قاؿ :فدعا عليهم رسوؿ هللا ﷺ أف ُٯت َّزقوا كل ٦تزؽ .حدثنا دمحم بن مقاتل أبو اٟتسن ،قاؿ:
أخربان عبد َّ
اَلل ،قاؿ :أخربان شعبة -جاءًن عبدهللا اآلف ،نفس الدرس السابق الذي أخذًنه ُب ٘تييز
قطعا ،عُرؼ من جهة تلميذه ومن جهة طبقتو ومن جهة األٝتاء ،وىنا ىو عبد هللا بن ا١تبارؾ ً
كتااب أو أراد أف يكتب فقيل ِ
شيخو -عن قتادة ،عن أنس بن مالك قاؿ :كتب رسوؿ هللا ﷺ ً
٥تتوما ،فاٗتذ خا٘تًا من فةضة نقشو :دمحم رسوؿ هللا ،كأين أنظر إذل
كتااب إال ً
لو :إهنم ال يقرأوف ً
بياضو يف يده ،فقلت لقتادة :من قاؿ نقشو دمحم ر ِ
سوؿ َّ
اَلل؟ قاؿ :أنس".
فائدة منهجية:
ٖٗ٘
وأًن أذكر قدٯتًا حضرت درس للشيخ عبدهللا بن دمحم بن األمُت الشنقيطي -حفظو هللا وسلمو -كاف
يشرح مقدمة (تفسَت ابن تيمية) ،فأذكر ُب بداية الدرس أو ُب موضع منو كاف ِ
يعرؼ علم التفسَت -
ّ
وىو ٮتتلف عن ا١تعٌت الذي يذكره ولكن يشًتؾ ُب أساس الفكرة -فقاؿ :التفسَت :ىو توظيف
ا١تعارؼ لفهم كتاب هللا ،وكأنو يقصد اب١تعارؼ أنواع العلوـ الشرعية اليت يتعلمها اإلنسافٔ ،تعٌت أف
مستقبل بذاتو ،ال
ً علما
استدالال؛ ال ينبغي أف يكوف ً
ً فهما واستنباطًا و
االستفادة من نصوص الشريعةً ،
مفسرا إذا درس التفسَت وحده ،ا١تفسر تزدادعبلقة لو ابلعلوـ األخرى ،ال يقاؿ أف ا١تفسر سيكوف ً
استفادتو ُب التفسَت إذا كانت لديو قاعدة ُب اٟتديث ،وقاعده ُب العقيدة ،وُب التاريخ ،وُب اللغة
إخل ،وإف كانت اللغة ٢تا ارتباط مباشر ابلتفسَت ،أتكلم عن العلوـ اليت لَْيس ارتباط مباشر ابلتفسَت،
جدا ،لذلك اإلماـ الشافعي حُت اشتغل ُب األصوؿ ،يُروى عنو أنو قاؿ" :قرأت وىذه قضية مهمة ً
القرآف ثبلث مرات ،أْتث عن دليل اإلٚتاع"؛ ألنو مشغوؿ ابلقضية األصولية ىذه ،اليوـ ٨تن ٨تتاج
إذل إحياء ىذا ا١تنهج ،وىو :استنطاؽ القرآف واستنباط ا١تعاين اليت تنزؿ إذل ا١تشكبلت اليت ٭تتاجها
جدا.
ا١تسلم اليوـ ،وخاصة فيما يتعلق ابإلصبلح ،واالنتهاض ابإلسبلـ وشأنو .ىذه قضية مهمة ً
كتااب فيو كبلـ شعبة وسفياف وإف كاف أشار إليو،
اآلف البخاري كتابو ليس كتاب مصطلح ،يعٍت ليس ً
لكنو ذكر لك حديثُت أو ثبلثة أحاديث عن النيب ﷺ ،وىذه األحاديث بطبيعة اٟتاؿ ليست ُب ىذا
ا١توضوع ُب األساس ،ليست ُب ا١تناولة ،وال ُب العرض على الشيخ وليس ىذا سياقها ،ودل تسق
حدث بو الرواة ،يعٍت الرواة الذين ُبأصبل ،وليس ذلك سبب إيرادىا ُب أساس ما َّ ألجل ذلك ً
اَّلل بن عبدهللا بن عتبة حُت روى اٟتديث عن ابن عباس دل يروه لقضية ا١تناولة
مثبل عبيد َّ
اإلسناد ىناً ،
أصبل ،ولكن حُت كاف والكتابة ،ليس ىذا السبب الذي رواه ألجلو وليس ىو ا١تعٌت الذي ُب ابلو ً
مشغوال ٔتثل ىذه القضية ،وقرأ نصوص السنة ،أضاءت لو معاف بقدر انشغالو بتلك ا١تعاين، ً البخاري
ٍب ٟتفظو ولدقة فهمو واثقب نظره ،وقبل ذلك ومعو وبعده توفيق هللا تعاذل لو؛ استطاع أف يستنبط
مثل ىذه االستنباطات .وألجل ذلك من كاف معتزًال عن الواقع وعن العمل هبذا الدين واالنشغاؿ
بقضاايه ،فقد أغلق على نفسو أبو ًااب من إمكاف االستفادة من الوحي.
ٖ٘٘
ىذا اآلف ُب قضية الكتابة وا١تناولة اليت ذكرىا البخاري ،وذكر قبلها :ابب ما جاء ُب العلم ،وذكر
قضية القراءة على ا﵀ ِّدث" ،واحتَّج بعةضهم يف القراءة على العادل ْتديث ضماـ بن ثعلبة ،قاؿ
للنيب ﷺ :آهلل أمرؾ أف نصلي الصلوات؟ قاؿ :نعم" .قاؿ البخاري" :فهذه قراءة على النيب
ﷺ ،أخرب ضماـ قومو بذلك فأجازوه".
نذىب إذل الوجادة ،قاؿ" :واشًتطوا اإلذف يف الوجادة ،وىي أف ٬تد ٓتط يعرؼ كاتبو فيقوؿ:
وجدت ٓتط فبلف .وال يسوغ فيو إطبلؽ أخربين ٔتجرد ذلك ،إال إف كاف لو منو إذف ابلرواية
عنو ،وأطلق قوـ ذلك فغُلطوا .وكذلك الوصية ابلكتاب."..
ٍب ذكر اإلعبلـ" :اشًتطوا اإلذف ابلرواية يف اإلعبلـ وىي :أف يُعلم الشيخ أحد الطلبة أبنٍت أروى
الكتاب عن فبلف ..كاإلجازة العامة" إخل ،والكبلـ الذي ذكرتو ُب البداية ،الذي ىو اإلجازة
للمولود ،و١تن سيولد كذا واجملهوؿ.
"وكل ذلك كما قاؿ ابن الصبلح :تو رسع غَت مرضي؛ ألف اإلجازة ا٠تاصة ا١تعينة ٥تتلف يف
قواي عند القدماء ،وإف كاف العمل استقر عند ا١تتأخرين ،فهي دوف السماع صحتها اختبلفًا ً
ابالتفاؽ -وىذه نقطة مهمة -فكيف إذا ذكر فيها االسًتساؿ ا١تذكور! فإهنا تزداد ضع ًفا ،لكنها
معةضبل ،وهللا تعاذل أعلم.
ً يف اٞتملة خَت َم ْن إيراد اٟتديث
وإذل ىنا انتهى الكبلـ يف أقساـ صيغ األداء".
ا١تقدمة:
كثَتا طيبًا مبارًكا فيو ،اٟتمد﵁ كما ينبغي ٞتبلؿ وجهو وعظيم سلطانو،
ٛتدا ً
اٟتمد ﵁ رب العا١تُت ً
اللهم ِّ
صل على عبدؾ ورسولك دمحم .نستعُت اب﵁ ونستفتح اجمللس الثامن والثبلثُت من ٣تالس الشرح
ا١تطوؿ على نزىة النظر ،وىذا اجمللس ّأوؿ موضوع فيو ىو ا١تتفق وا١تفًتؽ ،بعد ما كاف اٟتديث عن
ّ
التحمل ،وصيغ األداء ،وإذل آخره.
اإلجازة ،والوجادة ،وا١تكاتبة ،وصور ّ
ا١تتفق وا١تفًتؽ:
ا١تتفق وا١تفًتؽ ٫تا من ا١تباحث ا١تتعلقة ٔتاذا؟ مبحث متعلق ابلرواة .من أي جهة؟ من جهة ٘تييز
الرواة .ولو تتذكروف ُ
ذكرت ساب ًقا أف
ٖ٘ٚ
بفك االلتباس عن األٝتاء األخرى اليت قد تشتبو مع
ٕ .القسم الثاين من التمييز :التمييز ا١تتعلق ّ
الراوي ،ومن ىذا القسم ىذا العنواف الذي سنتناولو اآلف ،الذي ىو ا١تتفق وا١تفًتؽ.
ا١تؤتلف وا١تختلف:
مرجع
ُ ٍب قاؿ" :ا١تؤتلف وا١تختلف" ،قاؿ" :وإف اتفقت األٝتاءُ خطًا واختلفت نط ًقا سواءٌ كاف
مهمات ىذا الفن ،حىت قاؿ الشكل :فهو ا١تؤتلف وا١تختلف ،ومعرفتو من ّ
َ ط أـ
االختبلؼ النق َ
ووج َهوُ بعةضهم أبنو شيء ال يدخلو
علي بن ا١تديٍت" :أشد التصحيف ما يقع يف األٝتاء"ّ ،
القياس ،وال قبلو شيء يدؿ عليو وال بعده .وقد صنّف فيو أبو أٛتد العسكري ،لكنو أضافو إذل
كتااب يف
كتاب (التصحيف) لوٍ ،ب أفرده ابلتأليف عبد الغٍت بن سعيد ،فجمع فيو كتابُتً :
حافبلٍ ،ب ٚتع
كتااب ً ِ
كتااب يف ( ُمشتبو النسبة) ،وٚتع شي ُخوُ الدارقطٍت يف ذلك ً
( ُمشتبو األٝتاء) ،و ً
اٞتميع أبو نصر بن ماكوال يف كتابو (اإلكماؿ) ،واستدرؾ عليهم يف كتاب
َ ذيبلٍ ،ب ٚتع
ا٠تطيب ً
آخر ٚتع فيو أوىامهم وبيّنها ،وكتابو من أٚتع ما ُٚتع يف ذلك ،وىو عمدة كل ٤ت ّدث بعده،
وقد استدرؾ عليو أبو بكر بن نقطة ما فاتو أو ٕتدد بعده يف ٣تلد ضخمٍ ،ب ذيَّل عليو منصور
بن َسليم -بفتح السُت -يف ٣تلد لطيف ،وكذلك أبو حامد بن الصابوين ،وٚتع الذىيب يف ذلك
ط والتصحيف ا١تُباين ١توضوع
٥تتصرا ج ًدا ،اعتمد فيو على الةضبط ابلقلم ،فكثر فيو الغل ُ
ً كتااب
ً
الكتاب"؛ ألنو ضبطو ابلتشكيل ،والتصحيف -وليس فقط التصحيف -وإ٪تا ا١تؤتلف وا١تختلف
ا١تفًتض يُضبط ٔتاذا؟ مثل ما ذكرت قبل قليل "بفتح السُت" الزـ يكتب ىكذا؛ "اب١تثلثة"،
أصبل الغرض ىو فك االلتباس ،االلتباس كيف ٭تصل؟
"اب١توحدة"" ،اب١تعجمة"" ،اب١تهملة"؛ ألنو ً
أحياًن ٭تصل بسبب الكتابة.
ً
ٖٜ٘
وشريح نفس الكتابة ،بينما ُب النطق غالبًا ال ٭تصل اشتباه ١تا الواحد يقوؿ ُسريج
مثبلُ :سريج ُ
يعٍت ً
ضمة على السُت
وشريح ،واضح الفرؽ ُب النطق بينهما ،لكن ُب الكتابة ٭تصل٦ ،تكن واحد يكتب ّ ُ
وشريح فصارت قريبة من بعضها. وقد تشتبو بنقاط الشُتُ ،سريج ُ
يسر هللا تعاذل بتوضيحو يف كتاب ٝتّيتو (تبصَت ا١تنتبو بتحرير ا١تشتبو) ،وىو ٣تلد واحد،
"وقد ّ
كثَتا ٦تا أَ٫تلو أو دل يَقف عليو ،وهلل
وزدت عليو شيئًا ً
ُ فةضبطتُو ابٟتروؼ على الطريقة ا١ترضية،
اٟتمد على ذلك".
أنت اآلف أماـ رصيد ضخم من ا١تؤلفات ،واالستدراكات ،والتعقبات ،فقط ُب ضبط األٝتاء؛ أٝتاء
الرواة من جهة فك االلتباس ،الحظ ىو ما يتكلم لك اآلف عن ٘تييز الرواة من حيث أنساهبم،
وشيوخهم ،وتبلميذىم ،وما إذل ذلك ،وإ٪تا ٭تدثك فقط عن أٝتاء الرواة من حيث ما قد يقع فيو
االلتباس من غَته ،وببل شك ىذه العناية العظيمة الدقيقة ...والحظ أنو داخل عنواف التمييز ىناؾ
عناوين داخلية؛
ٔ .ىناؾ ٘تييز متعلق اب١تتفق وا١تفًتؽ،
ٕ .وىناؾ ٘تييز متعلق اب١تؤتلف وا١تختلف،
ٖ .وىناؾ ٘تييز متعلق اب١تشتبو،
فضبل عن التمييز ا١تتعلق أبساس النسبة ،وىذا من
وىذا كلو من التمييز ا١تتعلق بقضية االشتباهً ،
جدا.
ا١تعاين ا١تهمة ً
ا١تتشابو:
أيضا ا١تتشابو بعد ذلك سأرجع إذل كتاب ابن الصبلح ،قاؿ" :وإف اتفقت األٝتاء خطًا
أًن سأكمل ً
ونط ًقا ،واختلفت اآلابء نط ًقا مع ائتبلفهما خطًا ،كمحمد بن َعقيل -بفتح العُت ،-ودمحم بن
عُقيل -بةضمها ،-األوؿ نيسابوري ،والثاين فراييب ،و٫تا مشهوراف ،وطبقتهما متقاربة .أو
شريح بن النعماف
ابلعكس كأف ٗتتلف األٝتاء نط ًقا وأتتلف خطًا ،وتتفق اآلابء خطًا ونط ًقا ،ك ُ
األوؿ ابلشُت ا١تُعجمة واٟتاء ا١تهملة ،وىو اتبعي
وسريج بن النعماف -كلهم أبوىم النعمافّ -
ُ
ٓٗ٘
يروي عن علي رضي هللا تعاذل عنو ،والثاين ابلسُت ا١تهملة واٞتيم ،وىو من شيوخ البخاري ،فهو
واالختبلؼ يف
ُ النوع الذي يقاؿ لو :ا١تتشابو .وكذا إف وقع ذلك االتفا ُؽ يف االسم واسم األب،
جليبل ٝتاه (تلخيص ا١تتشابو) -شايف الشغل والتعب؟ٍ -ب
كتااب ً
النسبة ،وقد صنّف فيو ا٠تطيب ً
أوال ،وىو كثَت الفائدة .ويًتّكب منو و٦تا قبلو أنواع :منها :أف ٭تصل
ةضا ٔتا فاتو ً
ذيَّلو ىو عليو أي ً
مثبل إال يف حرؼ أو حرفُت فأكثر ،من أحد٫تا أو
االتفاؽ أو االشتباه يف االسم واسم األب ً
منهما ،وىو على قسمُتّ :إما أبف يكوف االختبلؼ ابلتغيَت ،مع أف عدد اٟتروؼ اثبت يف
اٞتهتُت ،أو يكوف االختبلؼ ابلتغيَت مع نقصاف بعض األٝتاء عن بعض .فمن أمثلة األوؿ :دمحم
الع َوقِي -بفتح العُت
ألف ،-وىم ٚتاعة :منهمَ : هملة ونون ِ
ُت بينهما ٌ بن سناف -بكسر السُت ا١تُ َ
والواو ٍب القاؼ -شي ُخ البخاري ،ودمحم بن سيّار -سيّار قد تشتبو بسناف -دمحم بن سيار -بفتح
ةضا ٚتاعة -أو حىت فيما يتعلق
السُت ا١تهملة وتشديد الياء التحتانية وبعد األلف راء -وىم أي ً
عمر
اليمامي شي ُخ َ
ُ ةضا ٚتاعة :منهم:
بتكرر دمحم بن سيار نفسو ،وليس ابالشتباه مع سناف -وىم أي ً
بن يونس .ومنها :دمحم بن ُحنُت -بةضم اٟتاء ا١تهملة ونونُت ،األوذل مفتوحة ،بينهما ايء ٖتتانية-
موحدة ،وآخره راء -وىو
اتبعي يروي عن ابن عباس وغَته .ودمحم بن ُجبَت -ابٞتيم ،بعدىا ابء ّ
ٌ
ٍ
ؼ بن واصل :كويفٌ مشهور،
معر ُ
ةضا .ومن ذلكّ : بن جب َِت ب ِن مطعمٌ ،
اتبعي مشهور أي ً ٤تم ُد ُ
ةضا:
ومطَّرؼ بن واصل -ابلطاء بدؿ العُت -شي ٌخ آخر يروي عنو أبو حذيفة النهدي .ومنو أي ً
اىيم بن سعد -وآخروف ،وأَحيَد بن اٟتسُت مثلُو ،لكن بدؿ ِ
ا١تيم صاحب إبر َ
ُ أٛتد بن اٟتسُت -
خ ٓتاري يروي عنو عبد هللا بن دمحم البيكندي" .كل األٝتاء اليت قد تشتبو ايءٌ ٖتتانية ،وىو شي ٌ
بغَتىا ُٚتعت ُب ىذه الكتب اليت ٝتّاىا ،كل األٝتاء ،سواء كانت من قبيل ا١تفًتؽ وا١تتفق أو ا١تؤتلف
وضبطت.
وا١تختلف كلها ُٚتعت ُ
ةضا :حفص بن ميسرة شيخ مشهور من طبقة مالك ،وجعفر بن ميسرة شيخ لعبيد
"ومن ذلك أي ً
هللا بن موسى الكويف ،األوؿ :ابٟتاء ا١تهملة والفاء ،بعدىا صاد مهملة ،والثاين :ابٞتيم والعُت
ا١تهملة ،بعدىا فاء ٍب راء .ومن أمثلة الثاين :عبد هللا بن زيد :وىم ٚتاعة :منهم يف الصحابة:
ٔٗ٘
صاحب األذاف واسم جده عب ُد ربو ،وراوي حديث الوضوء واسم جده عاصم ،و٫تا أنصارايف.
ُ
ةضا ٚتاعة :منهم يف اي مكسورة -وىم أي ًوعبد هللا بن يزيد -بزايدة ايء يف ّأوؿ اسم األب والز ُ
والقارئ ،لو ذكر يف حديث عائشة،
ُ طمي يُكٌت أاب موسى وحديثو يف الصحيحُت، الصحابة :ا٠تَ ُ
وقد زعم بعةضهم أنو ا٠تطمي ،وفيو نظر .ومنها :عبد هللا بن ٭تِت وىم ٚتاعة ،وعبد هللا بن ُ٧تَي
اتبعي معروؼ ،يروي عن علي رضى هللا عنو.
-بةضم النوف وفتح اٞتيم وتشديد الياءٌ -
أو ٭تصل االتفاؽ يف ا٠تط والنطق ،لكن ٭تصل االختبلؼ أو االشتباه ابلتقدًن والتأخَت ،إما يف
االٝتُت ٚتلة أو ٨تو ذلك ،كأف يقع التقدًن والتأخَت يف االسم الواحد يف بعض حروفو ابلنسبة
إذل ما يشتبو بو .مثاؿ األوؿ :األسود بن يزيد ،ويزيد بن األسود ،وىو ظاىر .ومنو :عبد هللا بن
يزيد ،ويزيد بن عبد هللا .ومثاؿ الثاين :أيوب بن سيّار ،وأيوب بن يسار ،األوؿ :مدين مشهور،
واآل َخر٣ :تهوؿ" .واضح ،أليس كذلك؟
طبعا أًن فقط أنبو إذل معٌت :ابلنسبة لشرح الكتب حُت -إذف خبلصة ما أو ّد التعليق عليوً ...
ومفهوما ،وقد استوُب الشارح الكبلـ فيو ،فليس ابلضرورة أف ٯتر اإلنساف على
ً اضحا
يكوف النص و ً
الكبلـ كلمة كلمة ويشرح ىذا الكبلـ ،وإ٪تا الذي ينبغي؛ إما أف يضيف شيء زائد دل يذكره ،أو
ُ٭تسن موضعة ىذا الكبلـ من ا٠تارطة العامة للكتاب أو ا٠تارطة العامة للعلم.
٭تسن أف يذكر ُب مثل ىذه ا١تواضع الواضحة :ذكر ٙترة ىذا الباب ،وفائدتو ،وما يتعلق بو من و٦تا ُ
مسائل قد تًتتب عليو ،وأف يبُت عبلقة ىذا الباب بغَته ،إذل غَت ذلك.
ابن الصبلح رٛتو هللا ُب بداية ا١تؤتلف وا١تختلف قاؿ عن ىذا الفن" :ىذا فن جليل ،من دل يعرفو
من احملدثُت كثر ِعثاره ودل يَع َدـ ُ٥ت ِج ًبل" .اآلف ذكر ٙترة أخرى غَت الثمرة األساسية ،أنو ال ٭تسن
٥تجبل.
اب﵀دث أف تشتبو عليو األٝتاء فيقع ُب ا٠تلط بينها ،دل يعدـ ً
صنفت فيو
تفصيبل ،وقد ُ
ً قاؿ" :وىو منتشر ال ضابط يف أكثره يُفزع إليو ،وإ٪تا يُةضبط ابٟتفظ
كتب مفيدة من أكملها" أيش؟ (اإلكماؿ) ،الذي ذكره ابن حجر قبل قليل وأشاد بو وقاؿ :ىو من
أٚتع ما ُٚتع وكذا.
ٕٗ٘
قاؿ" :من أكملها (اإلكماؿ) أليب نصر بن ماكوال على إعواز فيو .وىذه أشياء ٦تا دخل منو ٖتت
الةضبط ٦تا يكثر ذكره ،والةضبط فيها على قسمُت :على العموـ وعلى ا٠تصوص .فمن القسم
سبلـ وسبلـٚ ،تيع ما يَ ِرد عليك من ذلك فهو بتشديد البلـ ،إال ٜتسة ،وىم :سبلـ
األوؿّ :
وال ٌد عبد هللا "...إذل آخره.
أيش الفكرة ُب ىذا الكبلـ اليت ذكرىا آخر شيء؟ الفكرة أنو يقوؿ :ىذا الباب أغلبو ال يُضبط
بضوابط ٤تددة ،وإ٪تا يُضبط ابٟتفظ ،ولكن بعضو قد يُضبط بضوابطٍ ،ب بدأ يُعدد أمثلة على ىذه
سبلـ إال ٜتسة ،فاآلف صاروسبلـ ،األصل أهنا ّ
الضوابط ،فيقوؿ لك :من أمثلة الضوابط :سبلـ ّ
سبلـ.
عليك أف ٖتفظ ا٠تمسة ىؤالء ،والبقية ّ
"ٚتيع ما يرد عليك من ذلك فهو بتشديد البلـ ،إال ٜتسة ،وىم :سبلـ والد عبد هللا بن
سبلـ "...إذل آخره.
وع َمارة ،ليس لنا ِعمارة -بكسر العُت -إال أُ َيب بن ِعمارة من الصحابة ،ومنهم من
مثبل" :عمارة ِ
ً ُ
ضمو ،ومن عداه عُمارة -ابلةضم -وهللا أعلم" ،ىذا االف ضابط.
ّ
" َك ِريز وُك َريز ،حكى أبو علي الغساين يف كتابو (تقييد ا١تهمل) عن دمحم بن وضاح أ ّف َك ِر ًيزا -بفتح
الكاؼ -يف ُخزاعة ،وُك َر ًيزا -بةضمها -يف عبد مشس بن عبد مناؼ "...إذل آخره.
"أبو عبيدة :كلو ابلةضم ،بلَغَنا عن الدارقطٍت أنو قاؿ :ال نعلم أح ًدا يُكٌت أاب َعبِيدة ابلفتح -ألنو
متتبعا من ذكرىم
تعرفوف أ ّف ىناؾ َعبيدة بدوف الكنية -وىذه أشياء اجتهدت يف ضبطهاً ،
الس ْفر "...إذل آخره.
الدارقطٍت ،وعبد الغٍت ،وابن ماكوال .منهاَّ :
الحظوا ىذ اآلف عمل ابن الصبلح ىنا فيو إضافة على (النزىة) ،يعٍت ا١تراجعة ىنا فيها قدر زائد وىو
مثبل يقوؿ لك" :ليس يف الصحيحُت وا١توطأ َجارية
طبعا ذكر أمثلة متعددةً ،
كيفية ٘تييز مثل ىؤالءً ،
-ابٞتيم -إال جاريةُ بن قدامة ويزيد بن َجارية ومن عدا٫تا فهو" -فهو أيش؟ أيش فيو شيء قد
ٖٗ٘
يشتبو؟ غَت خارجة؟ حارثة؛ ألنو نفس الكتابة عدا النقاط -ومن عدا٫تا فهو حارثة"؛ إذًا ال يوجد
إال جاريةُ بن قدامة ويزيد بن َجارية.
"ليس فيها -أيُ :ب الصحيحُت وا١توطأَ -حريز -ابٟتاء يف أولو والزاي يف آخره -إال َحريز بن
الرحيب اٟتمصي ،وأبو َحريز عبد هللا بن اٟتسُت القاضي الراوي عن ِعكرمة ،وما عدا٫تاعثماف َّ
فجرير ابٞتيم ،ورٔتا اشبتو ْتُدير –ابلداؿ -وفيها والد ِعمراف بن حدير ،ووالد زيد وزايد ابٍت
حدير .ليس فيها ِح َراش -ابٟتاء ا١تهملة -إال والد ربعي بن حراش ،ومن بقي ٦تن اٝتو على ىذه
الصورة فهو ِخراش -اب٠تاء ا١تعجمة -وهللا أعلم.
صُت -بفتح اٟتاء -إال يف أيب حصُت عثماف بن عاصم األسدي ،ومن عداه ُحصُت
ليس فيها َح ٌ
ةضُت بن ا١تنذر أاب ساساف ،فإنو ابلةضاد ا١تعجمة".
بةضم اٟتاء ،وٚتيعُو ابلصاد ا١تهملة إال ُح َ
أالحظت الدقة والتتبع والضبط ُب ىذه القضية؟ وىذا كلو فقط مقدمة للحكم على الرواة ىل ىم
َ
ثقات أـ ضعاؼ؟ ىذا كلو مقدمة ُب التمييز من ىم ،وحىت ال تشتبو األٝتاء ببعضهاِ ،
والحظ الدقة َ
العجيبة ُب ىذا التمييز ا١تتعلق ابألٝتاء ،فهذا علم جليل ،من يتعامل معو بسطحية ويتعامل معو
إبلغاء ىكذا وكأف القضية عبارة عن لعب أو شيء فهذا ال يفهم وال يفقو حقيقة العلوـ.
طبقات الرواة:
ٗٗ٘
رح ُمق ّدـ على التعديل إف صدر ُمبيّػنًا ِمن عارؼ ٍ
عارؼ أبسباهبا ،ولو من واحد على األصح .واٞتَ ُ
٣تمبل على ا١تختار".
أبسبابو ،فإف خبل عن التعديل قُبل ً
فصبل ،الفصل الذي ذكره بعد ىذه ا٠تا٘تة ا١تتعلقة ابٞترح والتعديل أًن برأيي أ ّف
ٍب بعد ذلك ذكر ً
بعض ما ذكره فيو ىو أقرب للمباحث -اليت انتهينا منها قبل قليل -ا١تتعلقة بتمييز الرواة؛ ألنو ىذا
الفصل ا٠تا٘تة متعلق أبحواؿ الرواة وليس بتمييزىم٨ ،تن قلنا الكبلـ عن الرواة ُب اببُت :ابب ُب
٘تييزىم ،وابب ُب أحوا٢تم .الكبلـ ُب ا١تتفق وا١تفًتؽ وإذل آخره ٦تا ذُكر قبل قليل كلو ُب ٘تييزىمٍ ،ب
انتقل إذل اٞترح والتعديل الذي ىو مراتب اٞترح ومراتب التعديل ،ىذا فيما يتعلق أبحوا٢تمٍ ،ب قاؿ
فصل" ورجع إذل أمور ٢تا عبلقة ابلتمييز ،فلو أُٟتقت بذلك ا١توضع لرٔتا كاف أقرب وأنسب.
" ٌ
سمُت،
فقاؿ ُب الفصل -ىذا كلو ُب (النخبة) ُب ا١تنت ا١تركز -قاؿ" :فصل :ومن ا١تهم معرفة كٌت ا١تُ َّ
ومن وافقت ِ
ومن كثرت كناه أو نعوتوَ ،ومن اختُلف يف كنيتوَ ، ومن اٝتو ُكنيتوَ ،
وأٝتاءُ ا١تُكنَُّتَ ،
ومن نُسب إذل غَت أبيو ،أو إذل غَت ما يَسبق
اسم أبيو أو ابلعكس ،أو كنيتُو كنيةَ زوجتوَ ، كنيتُو َ
اسم إذل الفهم ،ومن اتفق اٝتُو واسم أبيو وج ِّده ،أو اسم ِ
وشيخ شيخو فصاع ًدا ،ومن اتفق ُ شيخو ِ ُ ُ َ
اجملردة وا١تفردة ،والكٌت ،واأللقاب،
شيخو والراوي عنو -ىذا كلو متعلق ابلتمييز -ومعرفةُ األٝتاء ّ
ببلدا ،أو ضيا ًعا ،أو سك ًكا ،أو ٣تاورة .وإذل الصنائع
وتقع إذل القبائل واألوطافً ،
واألنسابُ ،
واٟتَِرؼ ،ويقع فيها االتفاؽ واالشتباه كاألٝتاء -ما ىي اليت يقع فيها االتفاؽ االشتباه؟ النسب،
ألقااب .ومعرفةُ أسباب ذلك ،ومعرفة ا١تََوارل من أعلى ،ومن
سواء الصنائع ..وإذل آخره -وقد تقع ً
أسفل ،ابلرؽ ،أو ابٟتلف ،ومعرفةُ اإلخوة واألخوات".
دائما فيهما مبحثاف ،فهذا متعلق ٔتبحث ٘تييز الرواة ،وما
اآلف ىذه كلها متعلقة ابلرواة ،وقلنا الرواة ً
يتعلق بو ،سواء ابلتمييز من ًنحية اإلشكاؿ واالشتباه ،أو التمييز من ًنحية التبيُت األساسي .وألجل
ذلك سأمر سر ًيعا على ىذه اٞتزيئة ا١تتعلقة بتمييز الرواة؛ ألهنا ألصق ٔتا قبلهاٍ ،ب بعد ذلك أرجع إذل
أيضا سر ًيعا.
ا٠تا٘تة ا١تتعلقة ابٞترح والتعديل ً
٘ٗ٘
فنرجع اآلف إذل (النزىة) ،إٔتاوز اآلف اٞترح والتعديل إذل قولو" :ومن ا١تهم يف ىذا الفن معرفة :كٌت
ُت ٦تن اشتهر ابٝتو ولو كنية ال يُؤمن أف أيٌب يف بعض الرواايت مكنيًا؛ لئبل يُظن أنو آخر".
ا١تسم َ
َّ
أحياًن يذكر
أحياًن يُذكر الراوي ابٝتو ،وأحياًن يُذكر بكنيتو ،و ً
كثَتا ُب األسانيدً ،اآلف ترى ىذه ٖتصل ً
أحياًن يُذكر ابلنسبة اليت ينتسب إليها ،سواء كانت نسبة وطن ،أو نسبة صنعة أو ما إذل بلقبو ،و ً
ذلك .والذي ال يعرؼ ىذا أقل ضرر ٭تصل لو ىو التأخر ُب معرفة حاؿ الراوي؛ ألف كل األمور
ا١تتعلقة ابلرواة ا٠تا٘تة ُب أىدافها ىي معرفة حالة الراوي ،قبل معرفة حاؿ الراوي عندؾ ٘تييز الراوي،
أخرتك عن ا٢تدؼ الذي ينبغي الوصوؿ إليو وىو كلما قلّت معرفتك ابألمور ا١تتعلقة بتمييز الراوي ّ
معرفة حاؿ الراوي.
مثبل" :أٛتد بن حنبل ،عن ٭تيي القطاف ،عن سفياف ،عن سليماف ،عن أيب أحياًن ٕتد ُب األسناد ً
ً
أحياًن ىكذا "سليماف"،
صاحل ،عن أيب ىريرة" ،من "سليماف" ىنا؟ األعمش ،ويُذكر ُب األسانيد ً
دائما األعمش ،فإذا دل تكن تعرؼ ذلك فماذا ستبحث؟ قبل أف تعرؼ سليماف ثقة أـ ال وا١تشهور ً
تريد أف تعرؼ من ىو سليماف ،فتذىب تبحث ُب كتب الرجاؿ واٞترح حىت تعرؼ من ىو سليماف
ا١تذكور ىنا ،تبحث ُب شيوخ سفياف ،تبحث ُب تبلميذ أيب صاحل ،تبحث ُب كذا ،سليماف،
أحياًن يُذكر سليماف بن مهراف نفسو ،ىذا أسهل؛
سليماف ،من سليماف ىذا؟ بطرؽ التمييز ا١تعروفةً ،
ألنو مذكور ىو واسم أبيو ،وسليماف بن مهراف الوصوؿ إليو ىنا سهل.
فمعرفة ال ُكٌت لؤلشخاص واأللقاب ٢تم ٮتتصر األوقات ابلنسبة للباحث ُب علم اٟتديث ْتيث يصل
أحياًن تفيد ُب قضية
ً سر ًيعا إذل قضية حاؿ الراوي .ىناؾ فوائد أخرى وليس فقط سرعة الوقت،
مثبل كنية
التدليس ،تعرفوف ىناؾ شيء اٝتو تدليس الشيوخ ،تدليس الشيوخ ماذا يفعل فيو؟ يُذكر لو ً
معينة ليست ىي..
ُت ،وىو عكس الذي قبلو .ومعرفة من اٝتو كنيتو .ومعرفة من َكثُرت قاؿ" :ومعرفةُ أٝتاء ا١تكنَّ َ
كناه :كابن جريج؛ لو كنيتاف :أبو الوليد وأبو خالد .أو من كثرت نعوتو .أو من وافقت كنيتُو
اسم أبيو :كأيب إسحاؽ إبراىيم بن إسحاؽ ا١تدين أحد أتباع التابعُت .وفائدة معرفتو :نفي الغلط
َ
٘ٗٙ
عمن نسبو إذل أبيو فقاؿ :أخربان ابن إسحاؽ فنُ ِسب إذل التصحيف ،وأ ّف الصواب :أخربان أبو
إسحاؽ .أو ابلعكس .أو وافقت كنيتُو كنيةَ زوجتو :كأيب أيوب األنصاري وأـ أيوب ،صحابياف
اسم أبيو "...إذل آخره ُب توضيح ا١تنت الذي قرأتو قبل قليل وىو
اسم شيخو َ
مشهوراف .أو وافق ُ
اضحا.
أيضا واضح ،إذا قُرئ يكوف إف شاء هللا و ً
ً
قاؿ" :أو نُسب إذل غَت ما يَسبق إذل الفهم؛ كاٟتَ ّذاء ،ظاىره أنو منسوب إذل صناعتها ،أو بيعها،
وليس كذلك ،وإ٪تا كاف ٬تالسهم فنُسب إليهم .وكسليماف التيمي؛ دل يكن من بٍت التيم ،لكن
نزؿ فيهم -الحظ الدقة ُب التمييز وُب معرفة أسباب األٝتاء حىت -وكذا من نُسب إذل جده ،فبل
يُؤمن االلتباس ٔتن وافق اٝتُو اٝتَو".
٘ٗٚ
ومن ا١تهم يف ىذا الفن :معرفة األٝتاء اجملردة ،وقد َٚتَ َعها ٚتاعة ،فمنهم َمن ٚتعها بغَت قاؿِ " :
قيد :كابن سعد يف (الطبقات) ،وابن أيب َخ ْيػثَ َمة والبخاري يف اترٮتيهما ،وابن أيب حاًب يف (اٞترح ٍ
ي، ِ ِ ِ ِ
والتعديل) .ومنهم َمن أفرد الثقات :كالع ْجلي وابن حبَّاف .ومنهم َمن أفرد اجملروحُت :كابن َعد ّ
البخاري) "...إخل.
ّ ٍ
٥تصوص :كػ(رجاؿ وابن ِحبَّاف .ومنهم من تَػ َقيَّد بكت ٍ
اب
ومن ا١تهم معرفة األٝتاء ا١تفردة ،وقد صنّف فيها اٟتافظ أبو بكر أٛتد بن ىاروف ٍب قاؿِ " :
ي بن سناف ،أحد الةضعفاء ،وىو صغْ ِد ر ِ
البَػ ْرد٬تي ،فذكر أشياء تع ّقبوا عليو بعةضها ،من ذلك قولوُ :
بةضم الصاد ا١تهملة ،وقد تُبدؿ سينًا مهملة ،وسكوف الغُت ا١تعجمة بعدىا داؿ مهملةٍ ،ب ايء
فردا؛ ففي (اٞترح والتعديل) البن أيب سب ،وليس ىو ً سب ،وىو اسم َعلَ ٍم بلفظ النَ َ كياء النَ َ
ةضعَّ َفو "...إخل. صغْ ِدي الكويف ،وثَّػ َقو ابن َمعُتَّ ،
وفرؽ بينو وبُت الذي قبلو ف َ حاًبُ :
بقي معرفة األنساب ،قاؿ" :وكذا معرفة األنساب ،وىي اترًة تقع إذل القبائل ،وىي يف ا١تتقدمُت
أكثر ابلنسبة إذل ا١تتأخرين ،واترًة إذل األوطاف ،وىذا يف ا١تتأخرين أكثر ابلنسبة إذل ا١تتقدمُت،
ألقااب، ببلدا أو ِ
ياعا "...إخلٍ .ب قاؿ" :وقد تقع األنساب ً ض ً والنسبةُ إذل الوطن أع رم من أف تكوف ً
كخالد بن َ٥تلد ال َقطََواينّ ،كاف كوفيًا ،ويُػلَ َّقب ابل َقطََواينّ ،وكاف يغةضب منها "...إخل" .وكذا معرفة
ابلرؽ أو ابٟتِلْف "...إخل. ومن أسفلِّ ، ا١توارل ِمن أعلى ِ
ذكرت ىو متعلق بتمييز الرواة؛ إما ِمن جهة ا١تعرفة التأسيسية ا١تتعلقة أبٝتائهم
ُ اآلف ىذا كلو كما
وكناىم ،أو اب١تعرفة الكاشفة عن مواطن االلتباس ،وىذا ا١توضوع كما قاؿ ابن الصبلح رٛتو هللاُ ،ب
كث ٍَت منو ليس لو ضابط يضبطو ،بقدر ما ىو ٭تتاج إذل اٟتفظ ،وىذا من العلوـ اليت يعٍت ال أريد أف
أصبل االىتماـ أبحواؿ الرواة ،وحفظ ذلك ،والقصد إذل قل االىتماـ هباً ،أقوؿ قد ُىجرت ،ولكن َّ
جدا ،يعٍت ا١تشتغلوف ابٟتديث اليوـ كثَتٌ منهم ال يبحثقليبل ً
ذلك ُب ا١تػُشتغلُت ابٟتديث اليوـ صار ً
حىت ُب أحواؿ الرواة ،حىت ُب كتب اٞترح والتعديل األساسية ،وإ٪تا أيخذ بعض التصحيحات
ويعتمدىا وانتهى ،أو يذىب إذل ُخبلصة ا٠تبلصات ُب اٞترح والتعديل ،الذي ىو أيش؟ (تقريب
٘ٗٛ
التهذيب) ،فبلف قاؿ عنو ُب (التقريب) :صدوؽ ،قاؿ عنو فبلف ُب (التقريب) :ثقة ،قاؿ كذا،
انتهى ،اٟتديث حسن ،أو اٟتديث ..وىذا ضعف شديد.
ىذه ا١تباحث التفصيلية ا١تتعلقة بتمييز أٝتاء الرواة ،ىذه خطوة متقدمة اآلف ،يعٍت ٨تن قلنا :ىناؾ
مبحثُتُ :ب التمييز ،وُب اٟتُكم ،واألوؿ ُمقدمة للثاين ،لكن ُب البحث األسهل الثاين ،الذي ىو
اٟتكم ا١تباشر على الراوي ،لكنو ال يكوف إال بعد التمييز من حيث الدقة ،لكن من حيث االشتغاؿ؛
فالتمييز ىو مبحث يُعترب أكثر ٗتصصيةً ،والذي يضبط أٝتاء الرواة وُٯتيز بينها ..ىذه كانت عناية ابن
حجر ،والذىيب ،وابن كثَت ،والعلماء الذين كانوا ُب تلك ا١ترحلة ،الذين كانوا يعتنوف بضبط األٝتاء
كثَتا٨ ،تن اليوـ ال نتكلم عن ضبط األٝتاء ،نتكلم عن فقط أف يعرؼ ابحث اٟتديث كيف يعرؼ ً
حاؿ الراوي ،حاؿ الراوي ال ٯتكن أف يُعرؼ -أو ال يَصلُح أف يُعرؼ -ابالكتفاء ٓتبلصات
األحكاـ ،البد أف يُرجع إذل الكتب اليت فيها تفصيل ُب أحواؿ الراوي ،لكن ما الفائدة من ىذا كلو
اآلف؟ غَت شرح الكتاب نفسو ،أو التوضيح ،الفائدة أف نعرؼ دقة ا١تنهج اٟتديثي ،وأهنم اعتنوا عنايةً
ابلغةً بتمييز األٝتاء ،وضبطها ضبطًا تفصيليًا إذل ا١تدى الذي ال ٭تصل فيو االشتباه.
اٞترح والتعديل:
إذف نرجع اآلف إذل قضية اٞترح والتعديل اليت كاف عنواهنا "خا٘تة" ،أوؿ أمر ُب ا٠تا٘تة :طبقات الرواة،
أتتذكروف أخذًن طبقات الرواة أـ دل أنخذىا؟ أخذًنىا قريبًا قبل عدة دروس ،ٯتكن سبع دروس أو
ٙتانية ،أخذًن طبقات الرواة ،وذكرت لكم االثنيت عشرة طبقة اليت ذكرىا ابن حجر ،كم منها للتابعُت،
كم منها للصحابة ،كم منها لتابعي التابعُت ،و٘تييز كل طبقة ...إخل ،السادسة ،السابعة ،الثامنة،
فبالتارل لن أُعيد الكبلـ ُب قضية الطبقاتُ ،ب ذلك الوقت تكلمت عنها ،وكاف اٟتديث عنها ُب
مبحث الصحابة.
ٜ٘ٗ
بعد االطبلع :-معرفة مراتب اٞترح والتعديل؛ ألهنم قد ُ٬تَ ّرحوف الشخص ٔتا ال يستلزـ َّ
رد
حديثو كلو ،وقد بيَّػنَّا أسباب ذلك فيما مةضى ،وحصرانىا يف عشرةٍ ،وتق ّدـ شرحها ُم َّ
فص ًبل".
تكلمت عن
ُ أيضا أًن أذكر ىذا ا١تعٌت؛ أنو ًب ُب الدروس األوذل ا١تتعلقة بشرط اٟتديث الصحيح،
و ً
شروط اٟتديث الصحيح :العدالة والضبط ،وُب تلك الدروس تكلمت بشكل تفصيلي عن الضبط،
ٯتكن شرط الضبط أخذًن فيو ثبلثة ،أو أربعة دروس ،فقط الضبط ،تكلمت فيو عن مراتب اٞترح
والتعديل ،ألفاظ اٞترح والتعديل ،طبقات الرواة من حيث اٞترح والتعديل ،األقساـ األربعة من حيث
القبوؿ والرد ،وما إذل ذلك من أمور كثَتة متعلقة ابٞترح والتعديل والضبط ،وتكلمت عن كتب اٞترح
أنفسهم من األئمة أيضا تكلمت عن الػ ُمع ِّدلُت والػ ُم ِ
جرحُت ِ
والتعديل ُب تلك ا١ترحلة ،والػ ُمفًتض ً
ّ
إ٘تاما ١تا ذُكر
جدا ً أيضا ذُكر ساب ُقا ،لكن ال أبس ىنا من اإلشارات السريعة ً
واٟتفاظ ،وابلتارل الكبلـ ً
ُب الكتاب.
اآلف ٨تن نريد أف نصل إذل أحواؿ الرواة ،ىل ىم ثقات أـ ضعفاء؟ ىل تُقبل أحاديثهم أـ ال
تُقبل؟ كيف نصل إذل ىذا؟ أىم الطرؽ إذل ذلك :ىي أف نرجع إذل ألفاظ اٞترح والتعديل اليت قيلت
ِ
ختصُت .اآلف حُت نرجع إذل ىذا الرصيد الكبَت من كبلـ النػ َُّّقاد ُب الرواة ِ
فيهم من قبَل النػ َُّّقاد الػ ُم ّ
طبعا ىناؾ حالة اثلثة :أال ٧تد وأحوا٢تم ،إما أف ٧تدىم قد اتفقوا على اٟتكم على را ٍو ،أو اختلفواً .
حكما على الراوي ،فإذا وجدًن :فإما أف أصبل ،صار عندًن ثبلثة أقساـ ،يعٍت :إما أف ٧تد ً حكما ً
ً
حكما على الراوي.
يكونوا قد اتفقوا ،أو اختلفوا ،وإما أال ٧تد ً
ٓ٘٘
قد يقوؿ قائل :ىل يُوجد بعض الرواة الذين ليس فيهم أحكاـ؟ نعم يُوجد بعض الرواة الذين ليس
٘تاما ويُكتفى ِ
احدا ،ويكوف ا١توثّق ليس ىو الذي يُعتمد عليو ً
فيهم أحكاـ كافية ،فقد ٕتد توثي ًقا و ً
بقولو ،وىناؾ طرؽ تُتخذ مع الرواة الذين هبذا االعتبار.
اآلف إذا اتفقوا ُب اٟتكم على الراوي ،ىل ٨تتاج إذل شيء متعلق أبلفاظ اٞترح والتعديل؟ ٨تتاج إذل
مثبل :قد يقولوف كلهم :ال أبس بو ،ال أبس بو ،ال أبس بو ،لكن ما فهم معانيها ،ألهنم قد يتفقواً ،
معٌت "ال أبس بو"؟ ىم قد اتفقوا اآلف ،ال يوجد خبلؼ ،لكن ما معٌت "ال أبس بو"؟ أين تُفيد
٘تاما أـ ال يُقبَل؟ فإذا كاف يقبلُ ،ب أي درجة يُقبل؟ واضح؟ ألف علم
ابلضبط؟ ال أبس بو يعٍت يُقبَل ً
قائم على فكرة أنو إذا
قائما على كوف الراوي ثقةً أو ضعي ًفا فقط ،وإ٪تا ٌاٟتديث ُب حقيقتو ليس ً
دخل ُب موازنة اٞتمع بُت الطُّرؽ واألحاديث لنفس اٟتديث ،أين موضعو من الثقات اآلخرين وبقية
الرواة؟ إذا تعارض مع الرواة اآلخرين ىل يُقدَّـ قولو أـ ال؟ وىذا يُبٌت على درجة ثقتو ،وعلى أمور
أخرى.
حكما٨ ،تتاج أف نعرؼ معاين ألفاظ اٞترح والتعديل ،فأين ٧تد معاين ألفاظ اٞترح
إذف؛ إذا وجدًن ً
والتعديل؟ معاذ يقوؿ :االستقراء ،صحيح االستقراء ،ولكن ىذا معناه أنك ستذىب إذل مشوار
طويل ُب العمل ،ىذا األقرب أف نقوؿ فيو :كيف فسروا معاين اٞترح والتعديل؛ ٦تن اعتٌت بتفسَت
معاين اٞترح والتعديل من العلماء؟ فواحد من األساليب ىو االستقراء ،لكن أنت ابلنسبة إليك
سًتجع إذل كبلـ َمن اعتٌت بتوضيح ألفاظ اٞترح والتعديل ،وىذا فيو كتاابت كثَتة.
جدا ُب شرح ألفاظ اٞترح والتعديل :كتاب (ٖترير علوـ من الكتب السهلة وا١تيسرة واٞتميلة ً
تصا ُب ىذا ،ىو ُب مباحث علوـ اٟتديث ،لكن ُب هناية اجمللد األوؿاٟتديث) للجديع ،ىو ليس ُ٥ت ً
أخذ اثنُت وأربعُت لفظًا من ألفاظ اٞترح والتعديل وشرحها.
ما ىي ا١تيزة يف شرح اٞتديع أللفاظ اٞترح والتعديل؟ -ىذا برأيي ما ٯتيّزه حقيقةً -ا١تيزة أنو حُت
مثبل :رقم ٖٕ:يشرح أيٌب لك ابألمثلة من كبلـ اٟتَُّفاظ على استعما٢تم ٢تذه اللفظة ،ويقوؿ لك ً
"قو٢تم :تَع ِرؼ وتُ ِ
نكر" ،ىذه من ألفاظ اٞترح والتعديلُ ،مستعملة عند اٟتَُّفاظ.
ٔ٘٘
-الحظوا؛ ىناؾ شيء مهم :ألفاظ اٞترح والتعديل ليس فقط ٖتتاج أف تفهم معانيها ،وإ٪تا ٖتتاج
أيضا أف تعرؼ ىل ىي ُمستعملة بكثرة أو ِبقلَّة؟ َمن الذي يستعملها؟ ىل ىي خاصة ببعض ا﵀دثُت ً
أـ ىي عامة؟ ىذه كلها أمور تُفيد ،ميزة ىذا الكتاب أيٌب لك أبمثلة ١تن استعملها ،فقد تُدرؾ بعض
ما يدؿ على ىذا.
نكر" ىل ىي عبارة جرح أـ تعديل؟ يقوؿ لك" :ىي عبارة جرح يف التحقيق، عبارة "تَع ِرؼ وتُ ِ
تتصل ْتديث الراوي ال بشخصو" .انظر إذل التوضيح ،تتصل ْتديثو ال بشخصو؛ ألف بعض ألفاظ
مثبل :غَت مأموف ،وبعض ألفاظ اٞترح تعود إذل حديثو ،وكذلك اٞترح تعود إذل الراوي ُب نفسوً ،
أحياًن -قليلةً -يقولوف :ثقة ،ويقصدوف أنو أمُت -مأموف ،-وإف كاف حديثو ليس ُب الدرجة
التوثيق؛ ً
العالية ،وإف كاف استقر االصطبلح على أف "الثقة" تُستعمل فيما يتعلق ابٟتديث.
"تتصل ْتديث الراوي ال بشخصو ،وا١تعٌت :اترةً ىكذا واترةً ىكذا ،أيٌب ابٟتديث مرة على
الوجو ،ومرة على غَت ذلك -ىذا معٌت :تَع ِرؼ وتُ ِ
نكر -أي :دل يكن يُتقن حديثو ،ولذا كاف
الناقد رٔتا قا٢تا يف الراوي وقَػ َرَهنا ابلتعبَت ابٟتركة ،إشارةً لعدـ استقرار حاؿ الراوي".
شرحا وافيًاٍ ،ب قاؿ لك- :بدأ يذكر األمثلة" -كما قاؿ علي بن ا١تديٍت:
اآلف شرح لك العبارة ً
قلت :وىو الربيع بن حبيب ،فقاؿ :تَع ِرؼ وتُ ِ
نكر ،وقاؿ بيدهُ . سألت ٭تِت بن سعيد القطاف عن َّ
ُ
الربيع ىذا ،وىو صدوؽ جيد اٟتديث .وكما قاؿ ابن أيب حاًب الرازي يف اٟتسُت بن
قد روى عن َّ
وفسر
نكرَّ .فحرؾ يده وقلَبها؛ يعٍت تَع ِرؼ وتُ ِ
قلت أليب :ما تقوؿ فيو؟ َّ
زيد بن علي ا٢تامشيُ :
َ
وجدت يف بعض حديثو النُكرة .وكذا
ُ عدي فقاؿ :أرجوا أنو ال أبس بو ،إال أين
ابن ّ القوؿ فيو ُ
قاؿ ابن أيب حاًب "...إخل.
فهو اآلف أخذ اثنُت وأربعُت عبارة من عبارات اٞترح والتعديل وأمسكها هبذه الطريقة ،أيٌب لك
أحياًن يشرح ويُضيف بعض األمور ا١تتعلقة هبذه العبارة فيما يتعلق ابصطبلح
بعبارات ا١تتقدمُت ،و ً
خاصا ُب ىذا ،ىذا مبحث ُب كتاب ،وىناؾ كتب ٍ
كتااب ً
طبعا ليس ًإماـ معُت ،أو شيء ،ىذا ً
متخصصة ُب اٞترح والتعديل اعتنت هبذا.
ٕ٘٘
قانوًن ُب تقسيم ألفاظ اٞترح والتعديل ،يعٍت
معيارا أو ً
ابن أيب حاًب الرازي لو عبارة ٯتكن أف تكوف ً
يقوؿ لك :إذا وجدت ا﵀دثُت يقولوف كذا فيعنوف كذا ،وإذا قالوا كذا يعنوف كذا ،وإذا قالوا كذا
جدا ُب الضبط.
يعنوف كذا ،وىذه مفيدة ً
القسم الثاين من الرواة :أف يكوف قد اختَلف القوؿ فيهم ُب اٞترح والتعديل -ىذا كلو اآلف ُب
االتفاؽ ،-إذا اختلف القوؿ فيهم ُب اٞترح والتعديل ،فتحتاج إذل أكثر من ٣ترد معرفة دالالت ألفاظ
اٞترح والتعديل ،ىنا ٖتتاج إذل معرفة مرتبة الناقد ،أنت ُب كل األحواؿ ٖتتاج ،لكن ىنا تظهر معرفة
أحياًن القوؿ ْتسب قائلو ،ال ْتسب اللفظ أومرتبة الناقد وتظهر ٙترهتا بشكل أكرب ،فقد تُػَرِّجح ً
ا١تفسر
أحياًن قد ال تُقدـ اٞترح َّ
طبيعتو أو -دعنا نقوؿ -دالالت اللفظ ُب اٞترح والتعديل ،أو حىت ً
مثبلٕ :تد توثيق أيب حاًب الرازي؛
فأحياًن ً
ً طبعا ىي ْتسب، على التعديل اجململ إذا كاف الناقدً ...
توثيق أيب حاًب الرازي ىذا كنز١ ،تا يكوف عندؾ أبو حاًب الرازي يوثّق شخص -أبو حاًب الرازي
َّ
شديد ُب األلفاظ -فهذه ٢تا قيمة كبَتة واعتبارية ،فإذا عارضو شخص آخر فقاؿ كلمةً فيها شيء من
تعارضا ُب اٞترح والتعديل ،ألف القائل ىنا أبو حاًب،
ً اٞترح ،فهنا قيمة اعتبارية إضافية جملرد كونو
ووثَّق غَتُه من اٟتفاظ ،فقد يُقدَّـ ُب مثل تلك اٟتالة ِ
ا١توثّق أبو حاًبٓ ،تبلؼ ما لو َجَّرح أبو حاًبَ ،
-أًن أقوؿ قد يُقدَّـ -قوؿ َمن وثَّق.
مثبل لو تعارض -لنفًتض -توثيق أيب زرعة الرازي مع قوؿ أيب حاًب ُب الراوي" :يُكتب حديثو يعٍت ً
وال ُ٭تتج بو" ،قد ٖتكم على الراوي أبنو ال أبس بو صدوؽ ،وٯتُشَّى حديثو ُب اٟتسن الػ ُمحتج بو،
١تاذا؟ ىنا العمدة على أيب زرعة وأيب حاًب؛ على األٝتاء ،أيب حاًب فيو شدة ُب ألفاظ اٞترح.
ىذه واحدة من األمور ،ىناؾ قواعد كثَتة ُب كيف نتعامل مع الرواة الذين اختُلف ُب جرحهم
وعموما ىي موجودة وكثَتة ،كثَتٌ من
ً وتعديلهم ،وأظن أين ذكرهتا ُب بداايت ىذا الشرح للنزىة،
أحياًن صحة نسبة القوؿ ،وحىت ُب (ٖترير
العلماء الذين كتبوا ُب اٞترح والتعديل بيَّنوا ىذه القواعدً ،
علوـ اٟتديث) اعتٌت ببعض ىذه القضية.
حسنًا ،إذف أًن أكتفي هبذا القدر ،وبقية ا١تسائل ُب اٞترح والتعديل إبذف هللا تكوف قد ذُكرت ُب
بداية الشرحِّ ،
وصل اللهم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت.
ٖ٘٘
احملاضرة التاسعة والثبلثوف:
ا١تقدمة:
كثَتا طيبًا مبارًكا فيو كما ٭تب ربنا تبارؾ وتعاذل ويرضى ،اللهم لك اٟتمد
ٛتدا ً
اٟتمد ﵁ رب العا١تُت ً
ال ٨تصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك ،اللهم ِّ
صل وسلّم وابرؾ على عبدؾ ورسولك دمحم.
نستعُت اب﵁ ونستفتح اجمللس التاسع والثبلثُت من ٣تالس الشرح ا١تطوؿ على نزىة النظر ،وىذه ا١ترة
ُب األسطر األخَتة من (النخبة) وكذلك فيما يتعلق بشرحها من (النزىة).
ٗ٘٘
بو ينبغي أف يعتٍت بو ،وىذه فيها فائدة مهمة وىي :أ٫تية العناية السلوكية لطالب العلم وأال يكوف
ىذا العلم ٣ترد معلومات يتعلمها فقط ،وأف يكوف ىناؾ اىتماـ هبذا ا١تبحث.
ابن الصبلح -رٛتو هللاُ -ب (علوـ اٟتديث) جعلها من ضمن علوـ اٟتديث ،يعٍت أنواع علوـ
اٟتديث فقاؿ لك" :النوع السابع والعشروف من أنواع علوـ اٟتديث :معرفة آداب ا١تػُح ِّدث ،والنوع
الثامن العشروف :معرفة آداب طالب اٟتديث" .ا١تػُح ِّدث :الشيخ ،وطالب اٟتديث :طالب
اٟتديث.
فجعل نوعُت من أنواع علوـ اٟتديث :معرفة آداب احملدث ،وآداب طالب اٟتديث ،الحظ ىذا
ضمن التسلسل ،النوع التاسع والعشروف :معرفة اإلسناد العارل والنازؿ ...إذل آخره ،أي :ىذه من
درس ويعتٌت هبا.
ضمن أنواع علوـ اٟتديث اليت ينبغي أف تُ َ
ٔ) اآلداب ا١تشًتكة بُت الشيخ والطّالب:
ةضا معرفة آداب الشيخ والطالب ويشًتكاف -اللذاف ٫تا قاؿ ابن حجر -رٛتو هللا" :-ومن ا١تهم أي ً
الشيخ والطالب -يف تصحيح النية والتطهَت من أعراض الدنيا وٖتسُت ا٠تُلُ ِق".
٨تن عندما نقوؿ أف ىذا من أنواع علوـ اٟتديث معناه :عندما أيٌب طالب حديث أيخذ ا١تباحث
متخصصا ُب ٍ
حديث طالب النظرية وال يعتٍت هبذه ا١تباحث األدبية واألخبلقية والسلوكية فيكوف
ً َ
ا١تباحث اٟتديثية النظرية وىو سيئ ا٠تلق فهو قد قصر ُب أنواع علوـ اٟتديث ،وٯتكن أف ُ٭تاكم
و٭تاج إذل كتب علوـ اٟتديث ُب َّ
أف العلماء أفردوا ٢تذه اآلداب أبو ًااب داخل العلم ،ىذا ٥تتلف عن ُ
أف يكوف طالبًا يطلب علم اٟتديث ٍب تقوؿ لو :اقرأ ُب األدب حىت ٕتمع بُت األدب والعلم ،ال ،ىذا
اآلف داخل كتب التخصص ،يعٍت معرفة علوـ اٟتديث أو (علوـ اٟتديث) البن الصبلح كتاب
مركزي ُب التخصص اٟتديثي ،فهذا مهم جدِّا.
٘٘٘
يقوؿ لك :ىناؾ آداب يشًتؾ فيها الشيخ والطالب من أ٫تها:
-تصحيح النية.
-والتطهَت من أعراض الدنيا.
ٖتسُت ا٠تُلُق.
ُ -
فرؽ بينهما وىو :أف تصحيح النية التطهَت من أعراض الدنيا ىذه مرتبطة بتصحيح النية ،ولكن ىناؾ ٌ
قد يقصد بو ا١تعٌت اإل٬تايب الذي ىو ما الذي تقصده هبذا العلم ،فأف تريد بو وجو هللا ،اليت أتٌب ىنا
ُب شق التزكية وىي التحلية .والتطهَت من أعراض الدنيا ىنا ىو :إبعاد النيات األخرى اليت ٯتكن أف
حت قلبك على ٝتْتِها ،فأصبحت ىنا التخلية .فتصحيح النية ٖتلية صح َ
تزاحم ىذه النية اليت َّ
والتطهَت من أعراض الدنيا ىو ٗتلية.
٘٘ٙ
الصبلح:
آداب احمل ّدث وطالب اٟتديث عند ابن ّ
وسع ُب ىذه ا١تعاين ويستحق بعض ما كتبو أف أتناولو ىنا سر ًيعا ،ابن الصبلح كما ابن الصبلح َّ
ذكرت -رٔتا ُب موضع من ا١تواضع السابقة -قَػلَ ُموُ رشيق ،وا١تستوى األديب والببلغي عارل مع أف
أحياًن حىت ُب األمور التخصصية جدِّا يستعمل ألفاظًا ٣تازيةً أو
الكتابة ٗتصصية ،وكما ذكرت أنو ً
فمثبل عندما ذكر شيئًا من التساىل عند اإلماـ اٟتاكم ُب التصحيح قاؿ" :وىو بعض األساليبً ،
شرط الصحيح" ،واسع ا٠تطو أي :ىناؾ قدر من التسامح والتساىل ىنا ،لكنو و ِاسع ا٠تطْ ِو ُب ِ
ُ َ
استعمل كلمة :واسع ا٠تطو.
ابن الصبلح ُب ا١تقدمة -مقدمة ابن الصبلح مقدمة شريفة ،مقطوعة أدبية ٚتيلة جدِّا.-
٘٘ٚ
خبلد وقاؿ :كم ِمن السلف لكن قاؿ ابن الصبلح" :وأنكر القاضي عياض ذلك على ابن َّ
ِ
اٟتديث نشر من ِ ِ
ومن بعدىم من احملدثُت َمن دل ينتو إذل ىذا السن ومات قبلو ،وقد َ ا١تتقدمُت َ
بن جبَت دل يبلُغ ِ
تويف ودل يُكمل األربعُت ،وسعي ُد ُ
بن عبد العزيز َ عمر ُوالعلم ما ال ُ٭تصى! ىذا ُ
ين سنة، ٍ ا٠تمسُت ،وكذلك إبراىيم النَّ َخ ِ
ابن نيف وعشر َ
جلس للناس ََ أنس بن مالك
ُ وىذا ،ي ع
والناس متوافروف وشيو ُخو أحياء ،وكذلك ٤تم ُد بن إدريس الشافعي ُ ابن سبعة عشرة
وقيل وىو ُ
خبلد غَت ُمستن َكر، قلت :ما ذكره ابن َّ
وانتصب لذلكُ .
َ قد أُخذ عنوُ العلم وىو يف ِّ
سن اٟتداثة
اعة يف العلم يتصدى للتحديث ابتداء من نفسو من غَت بر ٍ َّ ٌ
٤تموؿ على أنو قالو فيمن وىو
ً
السن ا١تذكور فإنو َم ِظنَّةُ ِ
السن الذي ذكره ،فهذا إ٪تا ينبغي لوُ ذلك بعد استيفاء ِّت لو قبل ِّ تعجلَ ْ
َّ
أف ذلك لرب ٍ
اعة فالظاىر َّ حدث قبل ذلك االحتياج إذل ما عنده ،وأما الذين ذكرىم عياض ٦تن َّ
ُ
فحدثوا قبل ذلك ،أو ألهنم ُسئلوا ذلك إما ظهر ٢تم معها االحتياج إليهم َّ منهم يف ِ
العلم تقدمتَ ،
بصريح السؤاؿ أو بقرينة اٟتاؿ".
ِ
السن؛ ألف السن تتبعو توابع ،وقد يصدر عن حديث
كبلـ ٚتيل ولطيف فيو تناوؿ لآلداب من جهة ّ
السن ما ال يصدر عمن ًبَّ عقلو فيما يتعلق ببعض آداب اٟتديث اليت ذُكرت.
قاؿٍ" :ب إنو ال ينبغي للمحدث أف ُ٭تَ ِّدث ْتةضرة َمن ىو أوذل منو بذلك .وكاف إبراىيم َّ
والش ْعِيب
إذا اجتمعا دل يتكلم إبراىيم بشيء .وزاد بعةضهم فَ َك ِره الروايةَ ٍ
ببلد فيو من احملدثُت َمن ىو أوذل
ثت يف ٍ
بلد فيو مثل أيب ُم ْس ِهر منو لِ ِسنِّو أو لغَت ذلكُ .رِّوينا عن ٭تِت بن معُت قاؿ" :إذا َّ
حد ُ
"إف الذي ُ٭ت ِّد ُ
ث ابلبلدة وفيها َمن ىو أوذل ابلتحديث ةضا قاؿَّ :
فيجب للحييت أف ُٖتلَق" .وعنو أي ً
منو أٛتق".
طبعا ىذا ُب نظاـ اٟتديث ...اختلف اآلف النظاـ ،ساب ًقا؛ موضوع البلداف ،وشيخ البلد ،والشيخ
ً
رحل إليو ،ىذا لو قيمة اعتبارية غَت طبيعة تدارس العلم أو طبيعة أخذ العلم اليتا﵀دث الذي يُ َ
حصلت ُب األعصار ا١تتأخرة.
٘٘ٛ
قاؿ -وىذا أدب لطيف وغريب نوعا ما" :-وال ٯتتنع من ٖتديث ٍ
أحد لكونو غَت صحيح النية فيو ُ ً
إف الرجل-للطالب-؛ فإنو يُرجى لو حصوؿ النية من بعدَ .رَوينا عن معمر قاؿ :كاف يُقاؿَّ :
كثَتا ُب ليطلب العلم لغَت هللا فيأىب عليو العلم حىت يكوف هلل عز وجل ."...إذل آخره ،ذكر ً
كبلما ً
آداب ا١تػُح ِّدث.
مر بو اسم ُمشكل ،أو كلمة من حديث مشكلة ْتث عنها قاؿ" :وليكن -ىذا للطالب -كلما ّ
علم كثَت يف يُ ْسر ،وليكن َٖتَرفظُوُ للحديث على التدريج ً
قليبل وأودعها قلبو؛ فإنّو ٬تتمع لو بذلك ٌ
ٜ٘٘
ِ
ٔتحفوظو .و٦تن ورد عنو ذلك من حفاظ اٟتديث َّع
قليبل مع األايـ والليارل ،فذلك أحرى أف ُٯتَت َ
ً
ا١تتقدمُت :شعبة وابن عُليَّة ومعمر ،وروينا عن معمر قاؿٝ :تعت الزىري يقوؿَ :من طلب العلم
ٚتلة ،فاتو ٚتلة َّ
وإ٪تا يدرؾ العلم حديثا أو حديثُت .وليكن اإلتقاف من شأنو ،فقد قاؿ عبد
الرٛتن بن مهدي :اٟتفظ اإلتقافٍ .ب إف ا١تذاكرة ٔتا يّػتَ َح َّفظُوُ؛ من أقوى أسباب اإلمتاع بو.
ذكره".
وروينا عن علقمة النخعي قاؿ :تذاكروا اٟتديث فإف حياتو َ
التحمل واألداء:
سن ّ معرفة ّ
اعتبار سن
ُ ِ
التحمل واألداء ،واألصح ةضا معرفة ِّ
سن ٍب قاؿ ابن حجر ُب (النزىة)" :ومن ا١تهم أي ً
التحمل ابلتمييز ،ىذا يف السماع ،وقد جرت عادة احملدثُت إبحةضارىم األطفاؿ ٣تالس اٟتديث،
ويكتبوف ٢تم أهنم حةضروا ،وال بد يف مثل ذلك من إجازة ا١تػُسمع ،واألصح يف سن الطالب
ةضا إذا أداه بعد إسبلمو ،"..يعٍت ما ٝتعو الكافر.
ويصح ٖتمل الكافر أي ً
ّ بنفسو :أف يتأىل لذلك،
"وكذا الفاسق من ابب أوذل ،إذا أ ّداه بعد توبتو وثبوت عدالتو .وأما األداء :فقد تقدـ أنو ال
اختصاص لو بزمن معُت -ىذا اآلف األداء ذكرًن فيو كبلـ ابن الصبلح اليت ىي ا٠تمسُت واألربعُت
وكذا -بل يُقيد ابالحتياج والتأىل لذلك ،وىو ٥تتلف ابختبلؼ األشخاص ،وقاؿ ابن ا٠تبلد:
ب ٔتن َّ
حدث قبلها كمالك". إذا بلغ ا٠تمسُت ،وال يُنكر عند األربعُت وتُػعُوقّ َ
ٓ٘ٙ
اآلف ابن حجر ٠تّص كبلـ ابن الصبلح ُب ىذه األسطر ،ولذلك (النزىة) و(النخبة) مرتبطة بكتاب
اتما لكنها مرتبطة بكتاب ابن
ابن الصبلح ،وإف كانت ليست ارتباطًا يعٍت -دعنا نقل -وثي ًقا ً
الصبلح.
شكل منو
مفسرا ،ويَش ُكل ا١ت ػُ َ
ٍب قاؿ" :ومن ا١تهم :معرفة صفة كتابة اٟتديث :وىو أف يكتبو مبينًا ً
وينقطو ،ويكتب الساقط يف اٟتاشية اليمٌت ما داـ يف السطر بقية وإال ففي اليسرى.
ِ
وصفة وصفة عرضو :وىو مقابلتو مع الشيخ ا١ت ػسمع ،أو مع ٍ
ثقة غَته ،أو مع نفسو شيئًا فشيئًا. ِ
ُ
ٝتاعو -ىذه كلها مكسورة عط ًفا على" :ومن ا١تهم معرفة صفة كتابة اٟتديث" -أبف ال يتشاغل
وصفة إٝتاعو :كذلك ،وأف يكوف ذلك من أصلوِ ٮتل بو :من نسخ أو حديث أو نعاس. ٔتا ّ
الذي ٝتع فيو ،أو من فرع قُوبل على أصلو".
فيحصل يف الرحلة
ّ قاؿ" :وصفة الرحلة فيو ،حيث يبتدئ ْتديث أىل بلده ،فيستوعبو ٍب يرحل،
ما ليس عنده ،ويكو ُف اعتناؤه بتكثَت ا١تسموع أوذل من اعتنائو بتكثَت الشيوخ".
طويبل.
تفصيبل ً
ً فصل ُب بعض ىذه القضااي
ابن الصبلح ّ
معرفة صفة تصنيف اٟتديث:
ٍب قاؿ" :وصفة تصنيفو- :من ا١تهم لطالب اٟتديث أف يعرؼ صفات ا١تصنفات ُب اٟتديث ،وأنواع
ا١تصنفات ،ومناىج ومسالك ا﵀دثُت ُب تصنيف اٟتديث -وذلك إما على ا١تسانيد أبف َ٬ت َمع
مسند كل صحايب على حدة ،فإف شاء رتبو على سوابقهم ،وإف شاء رتبو على حروؼ ا١تعجم؛
تناوال" .مسند أٛتد ليس مرتبًا على حروؼ ا١تعجم ،أوؿ شيء :مسند العشرة ا١تبشرين
أسهل ً
ُ وىو
ابٞتنةٍ ،ب مسند أىل البيت ..وىكذا ،فهذا الًتتيب ليس اآلف على ا١تعجم َّ
وإ٪تا على سوابقهم.
ٔ٘ٙ
ٍب قاؿ" :أو تصنيفو -ىذا ا١تسانيد -على األبواب الفقهية ،أو غَتىا .أبف ٬تمع يف كل ابب ما
ثباات أو نفيًا ،واألوذل أف يقتصر على ما صح أو حسن؛ فإف ٚتع
ورد فيو ٦تا يدؿ على حكمو إ ً
اٞتميع فليبُت علّة الةضعيف.
أو تصنيفو على العلل؛ فيذكر ا١تنت وطرقو ،وبياف اختبلؼ نقلتو ،واألحسن أف يرتبها على
األبواب ليسهل تناولو".
كتب العِلل اليت ىي يُبُت فيها ِعلة اٟتديث ،وليس ابلضرورة أف يكوف بياف علّة اٟتديث يعٍت ضعف
ُب اٟتديث ،يعٍت يبُت ما يتعلق ابٟتديث من مبلبسات ِعللية ،قد تنتهي أبف اٟتديث صحيح .يقوؿ
لك :األفضل أف يكوف كتاب العِلل مرتب على األبواب الفقهية ،بعض كتب العِلل الضخمة ليست
مرتبة على األبواب الفقهية ،تتعب حىت ٕتد حديثًا فيها.
مثبل :كتاب (علل ابن أيب حاًب) مرتب على األبواب الفقهية ،واضح ،تريد حديثًا ُب اٞتنة
فعندؾ ً
طبعا ٗتدـ اٞتميع.
أيضا ا٠تدمة ابلفهارس ً
والنار تذىب إذل قسم الرقائق وٕتد اٟتديث ،و ً
لكن مثل (علل الدارقطٍت) ليس مرتبًا على األبواب الفقهية( ،علل الًتمذي الكبَت) ُب األساس ليس
سهبل ٯتكن
مطبوعا اآلف مرتبًا على األبواب الفقهية ،فصار ً
ً تب
مرتبًا على األبواب الفقهية؛ ولكنو ُر َ
االستفادة منو.
العاـ ٢تذا الباب ىو :مناىج ا﵀دثُت ،وىو مبحث مفيد جدِّا جدِّا لطالب اٟتديث ،ال
العنواف ّ
تستهينوا بو ،أي كلما استطعتم أف تقرؤوا ُب مناىج ا﵀دثُت؛ فهو خَت وحسن؛ ١تاذا؟ ألف احتياج
ا١تسلم بشكل عاـ -وليس طالب اٟتديث فقط -إذل القراءة ُب كتب السنة احتياج كبَت ،وألجل
ذلك ٦تا يعينو على ٖتقيق ىذا ا٢تدؼ أف يعرؼ مناىج أىل اٟتديث ُب تصنيفهم ،فإذا كاف طالب
ٍ
حديث فمن ابب أوذل.
ٕ٘ٙ
معرفة أسباب اٟتديث:
الفراء
ٍب قاؿ" :ومن ا١تهم معرفة سبب اٟتديث ،وقد صنف فيو بعض شيوخ القاضي أيب يعلى بن ّ
اٟتنبلي وىو أبو حفص العُ ْك َربي ،وقد ذكر الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد أف بعض أىل
عصره شرع يف ٚتع ذلك ،وكأنو ما رأى تصنيف العكربي ا١تذكور".
معرفة سبب اٟتديث أمر مهم ومفيد؛ ما الفائدة منو؟ ٦تا يفيد ُب معرفة السبب ..مثل أسباب
وضوحا ،فكذلك معرفة أسباب اٟتديث.
ً النزوؿ ُب القرآف الكرًن ،أسباب النزوؿ؛ تزيد معٌت اآلية
بعض ا١تصنفُت ا١تتأخرين -أو لنقل كثَت من ا١تصنفُت ا١تتأخرين -الذين أيتوف إذل كتب اٟتديث
كثَتا ما ٮتتصروف أسباب اٟتديث.
ا١تسندة ،فيأخذوف منها أو يستخرجوف منها ٥تتصرات ً
وأسباب اٟتديث قسماف:
ٔ .ىناؾ أسباب متعلقة بسبب قوؿ النيب ﷺ لذلك القوؿ ،أو فعلو لذلك الفعل.
ٕ .وىناؾ أسباب وىي دوهنا ولكنها مفيدة ج ًدا؛ وىي األسباب ا١تتعلقة بقصة متعلقة ابلرواة
سواء ابلصحايب فمن دونو ،وتكوف سببًا إليراد ا﵀دث ذلك اٟتديث ،فيكوف إيرادىا مع اٟتديث
مفيدا ُب فهم بعض السياقات ا١تتعلقة ابٟتديث .وإف كاف ليس ىذا من السبب ا١تتعلق ابلنيب ﷺً
نفسو ابلسياؽ ا١تتعلق ابلقصة.
كلنا ٨تفظ حديث عمر بن ا٠تطاب؛ الذي ىو " :بينما ٨تن جلوس عند رسوؿ هللا ﷺ ،إذ طلع
أثر السفر ،وال يعرفو منّا أحد،
علينا رجلٌ شديد بياض الثياب ،شديد سواد الشعر ،ال يُرى عليو ُ
حىت جلس عند النيب ﷺ فأسند ركبتيو اذل ركبتيو "..إذل آخره ،وىو أوؿ حديث ُب صحيح مسلم
إيضاحا ،أو على األقل
ً بعد ا١تقدمة .لكن لو سبب مذكور يدخل ُب ٚتلة ىذا الكبلـ يزيد ا١تعٌت
٬تعل سياؽ اٟتديث لو قدر معُت ،وإف كاف ليس من النوع األوؿ من األسباب ا١تتعلقة ابلنيب ﷺ
وإ٪تا ىو ابلصحايب.
ٖ٘ٙ
واب١تناسبة ،ىذا اٟتديث فيو النوعاف؛ ألنك إذا اختصرت حديث جربيل ،فقلت :قاؿ النيب ﷺ:
" اإلحساف أف تعبد هللا كأنك تراه ،فإف دل تكن تراه فإنو يراؾ" ،ىل صدقت ُب ىذا أـ كذبت؟
جائزا ،أليس
أمرا ً
وعملت ً
َ صدقت .وإذا قلنا ٬توز اختصار اٟتديث ،فأنت اآلف اختصرت اٟتديث
كذلك؟ فقلت :عن عُمر بن ا٠تطاب هنع هللا يضر قاؿ :قاؿ رسوؿ ﷺ " :اإلحساف أف تعبد هللا كأنك تراه،
فإف دل تكن تراه فإنو يراؾ" .وقد ٕتمع معها اإلٯتاف واإلسبلـ فتقوؿ :قاؿ رسوؿ هللا ﷺ :اإلسبلـ
كذا ،واإلٯتاف كذا ،واإلحساف كذا ،أو تقوؿ :قاؿ رسوؿ هللا ﷺ :اإلسبلـ كذا ،وقاؿ رسوؿ هللا ﷺ:
اإلٯتاف كذا ..إذل آخره.
لكن قصة جربيل وورودىا ُب ذلك أمر آخر ،أليس كذلك؟ كذلك السبب ...أقرأه عليكم سر ًيعا:
وٛتَيد بن
صرة معب ٌد اٞتُهٍت ،فانطلقت أًن ُ
قاؿ" :٭تِت بن يعمر قاؿ :كاف أوؿ َمن قاؿ ُب القدر ابلبَ َ
أحدا من أصحاب رسوؿ هللا ﷺ ،فسألناه حاجُت أو معتمرين ،فقلنا لو لقينا ً
عبد الرٛتن اٟتمَتي ّ
داخبل ا١تسجد فاكتنفتو أًن عما يقوؿ ىؤالء ُب القدر .فوفق لنا عبد هللا بن عُمر بن ا٠تطاب ً َّ
إرل ،فقلت :أاب عبد وصاحيب ،أحدًن عن ٯتينو واآلخر عن مشالو ،فظننت أف صحايب سيكل الكبلـ ّ
ِ
ًنس يقرؤوف القرآف ،ويتقفروف العلم ،وذكر من شأهنم -من شأهنم ُب الرٛتن إنَّوُ قد ظهر قبَػلَنا ٌ
أين
الصبلح -وأهنم يزعموف أف ال قدر ،وأف األمر أُنف ،فقاؿ ابن عُمر" :إذا لقيت أولئك فأخربىم ّ
بريء منهم ،وأهنم برآء مٍت ،والذي ٭تلف بو عبد هللا بن عمر ،لو أف ألحدىم مثل أ ٍ
ُحد ذىبًا، ُ
حىت يؤمن ابلقدر"ٍ ،ب قاؿ :حدثٍت أيب عُمر بن ا٠تطاب -هنع هللا يضر -قاؿ:فأنفقو ،ما قبلو هللا منوّ ،
"بينما ٨تن عند رسوؿ ﷺ جلوس ذات يوـ إذ طلع علينا رجل شديد ثواب الثياب ،شديد سواد
الشعر "..إذل موضع الشاىد الذي ىو " :وأف تؤمن ابلقدر خَته وشره" .رأيتم كيف ا١تناسبة ُب رواية
الصحايب للحديث؟ مناسبة ٚتيلة جدِّا ،وتبُت قيمة اإلٯتاف ابلقدر وىي متعلقة بكلمة واحدة من
اٟتديث الطويل.
فهذا من فوائد معرفة أسباب -وإف كاف كما قلت -ليس من أسباب ورود اٟتديث الذي ىو متعلق
أبسباب ورود اٟتديث ُب ذاتو ،وإ٪تا ىو نوع ٯتكن أف يُستفاد منو ُب أسباب ورود اٟتديث.
أيضا.
طبعا لو كتاب (أسباب ورود اٟتديث) ،وغَته ً السيوطي ً
ٗ٘ٙ
وقاؿ" :وصنفوا يف غالب ىذه األنواع ،على ما أشران إليو غالبًا وىي أي :ىذه األنواع ا١تذكورة يف
ا٠تا٘تة نقل ٤تض ظاىرةُ التعريف ،مستغنيةٌ عن التمثيل -أي :كأنو يقوؿ اختصرت الكبلـ فيها ُب
متعسر ،فلًتاجع ٢تا مبسوطاهتا؛ ليحصل الوقوؼ على حقائقها .وهللا ٌ ىذه القضية -وحصرىا
ا١توفق وا٢تادي ،ال إلو إال ىو ،عليو توكلت وإليو أنيب ،وحسبنا هللا ونعم الوكيل".
ا٠تا٘تة:
رب العا١تُت ٨تمد هللا سبحانو وتعاذل على التماـ بعد رحلة طويلة ابتدأت قبل ٜتس أو
واٟتمد ﵁ ّ
سهل هللا سبحانو
ست سنوات ،وتوقفت عنها سنتُت أو ثبلث سنوات رٔتا ،واٟتمد ﵁ رب العا١تُت ّ
وتعاذل لنا.
أسأؿ هللا سبحانو وتعاذل أبٝتائو اٟتسٌت وصفاتو العُلى ،أف يغفر لنا ويرٛتنا.
حي اي قيّوـ
اللهم اغفر لنا ،وارٛتنا ،واىدًن ،وسددًن ،اللهم ال تكلنا إذل أنفسنا طرفة عُت .اللهم اي ّ
برٛتتك نستغيث ،أصلح لنا شأننا كلو ،وال تكلنا إذل أنفسنا طرفة عُت .اللهم ربنا علّمنا ما ينفعنا
لما اي رب العا١تُت ،اللهم إ ًّن نسألك أف هتدينا للعلم ًنفع ،والعمل الصاحل، وانفعنا ٔتا علمتنا ،وزدًن ِ
ع
ً
اللهم اىدًن للعلم النافع والعمل الصاحل ،وارزقنا العمل ابلعِلم.
ُت ال تدمع ،ومن ٍ
نفس ال تشبع، قلب ال ٮتشع ،ومن ع ٍ
بك من عل ٍم ال ينفع ،ومن ٍ اللهم َّإًن نعوذ َ
ومن دعوة ال يُستجاب ٢تا ،اللهم ربنا آتنا ُب الدنيا حسنة ،وُب اآلخرة حسنة ،وقنا عذاب النار.
لك اٟتمد أف ٘تمت لنا ىذا الشرح٨ ،تمدؾ اللهم ،ونثٍت عليك ،ونسألك أف تنفع بو ،وأف اللهم َ
قصرت وأخطأت ُب ىذا الشرح،ًنفعا مبارًكا ،وأسألك اللهم أف تغفر رل ،وترٛتٍت فيما ّ
ٕتعلو طيبًا ً
وُب ىذه اجملالس.
وإايىم،
اللهم إين أسألك لئلخوة الكراـ الذين حضروا ىذه اجملالس ،أف تغفر لنا و٢تم ،وأف ترٛتنا َّ
وصل اللهم على نبينا دمحم وعلى ِ
آلو وصحبو أٚتعُت. ِّ
٘٘ٙ