Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 5

‫السنة الدراسية‪2021/2022 :‬‬

‫‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المبادئ‬

‫يمكن تلخيص مبادئ الحكامة الترابية أساسا في القواعد اآلتية‪ :‬مبدأ المقاربة‬
‫الترابية‪ ،‬مبدأ الثانوية الفاعلة‪ ،‬تنظيم التعاون والتعاضد بين الفاعلين المحلين‪ ،‬تطبيق‬
‫الشرعية والمشروعية‪،‬‬
‫❖ مب دأ املقارب ة الترابية‪ :‬ينطل ق ه ذا المب دأ من األهمي ة ال تي أص بح يحوزه ا ال تراب‬
‫المحلي‪ ،‬هذا التحول في االنتقال من سياسة المركزية إلى سياسة الالمركزية‪ ،‬يجد له‬
‫بعضا من مبرراته في ثالث عناصر مرجعية‬
‫‪ ‬إن ال تراب المحلي‪ ،‬يش كل الفض اء األك ثر اندماجي ة للمس تويات الموض وعية‬
‫واإلنسانية واالجتماعية أي أنه المستوى الذي يمكننا من تقدير وتق ييم التب ادالت‬
‫بين المادة والمعلومة وبين المجتمعات ومحيطها‪.‬‬
‫‪ ‬إن ال تراب المحلي‪ ،‬يش كل اإلط ار األك ثر إجرائي ة لتنفي ذ السياس ات العمومي ة‬
‫ومتابعتها‪ ،‬إذ أن كل العناصر التي تبدو نظرية ومجردة على المس توى المرك زي‬
‫مث ل الش راكة‪ ،‬المس ؤولية‪ ،‬العالق ة بين االقتص ادي واالجتم اعي تص بح على‬
‫المستوى المحلي أشياء محسوسة وملموسة وقابلة للجس‪.‬‬
‫‪ ‬إن ال تراب المحلي‪ ،‬يمث ل المرجعي ة األك ثر تجديدي ة لتط وير منظوم ة الحكام ة‬
‫نفسها في ارتباطها بالخصوصيات المجتمعية المحلية‪ ،‬ويجعلها ترتك ز أك ثر على‬
‫مفهوم تدبير الشأن الترابي‪ ،‬هكذا فإن التراب يمثل الوعاء المالئم لتحدي د فلس فة‬
‫عامة للحكامة وتقويتها في الحدود الخاصة بكل تقليد من التقاليد المجتمعية‪.‬‬
‫هكذا أضحت مسألة التراب مسألة محددة لمعايير التنمية المطلوبة محليا والمعبأة‬
‫لكل الطاقات واإلمكانيات والمتوخية توفير سبل العيش الكريم للمواطن في ارتباطاته بأبعاد‬
‫‪.‬المحلية للتنمية المحلية‬
‫❖ مب دأ الثانوي ة الفاعلة‪ :‬يهدف هدا المب دأ إلى ض رورة تج اوز التع ارض التقلي دي بين‬
‫التداخل في االختصاص الذي يحد من فعالية ونجاعة التدخالت العمومي ة‪ ،‬أي أن ذات‬
‫المبدأ يقضي بض رورة توض يح االختص اص بين مس تويات الحكام ة وتعبئ ة العالق ة‬
‫بينها‪ ،‬كما أن التعاون بين هذه المستويات يصبح أساسيا ومركزيا في تشكيل هندس ة‬
‫)‬
‫الحكامة‪ ،‬ويمزج مبدأ الثانوية الفاعلة بين ثالث أفكار أساسية‬
‫‪ ‬تتقاسم مختلف مستويات الحكامة مسؤولية مشتركة‪.،‬‬
‫‪ ‬يجب على ك ل ت راب أن يبتك ر األجوب ة النوعي ة والمح ددة والمالئم ة لمب ادئ‬
‫رئيس ية تح دد باإلجم اع‪ ،‬وه ذه الفك رة تؤك دها ع دة أمثل ة وال تي تؤك د ع ل أن‬
‫المجتمع ات له ا تح ديات مش تركة تجس د الوح دة في حين أن الحل ول المطابق ة‬
‫والمالئم ة تتم يز في ك ل حال ة بالخصوص ية والنوعي ة مم ا ي ترجم التن وع‬
‫واالختالف‪.‬‬
‫‪ ‬على ضوء ما سبق ليست هناك أية مجموعة من أي مستوى تمتلك سيادة مطلقة‬
‫فوق تراب ما‪ ،‬فكل مجموعة مسيرة ومسؤولة عن ه ذا الت دبير إزاء المس تويات‬
‫األخرى‪.‬‬
‫مب دأ التع اون والتعاض د بين الف اعلين املحل يين‪ :‬إن الحكامة الترابية تقتضي من السلطات‬ ‫‪o‬‬
‫العمومية أن تعرف كيف تدخل في حوار وش راكة م ع الف اعلين اآلخ رين‪ ،‬فهي تس مح‬
‫بإعط اء الص بغة الجماعي ة للمجموع ة البش رية‪ ،‬والس لطات العمومي ة مؤهل ة إليج اد‬
‫وبلورة الحوار والشراكة بين كل محفز للعمل الجماعي‪.‬‬

‫ويأتي هذا التنظيم التعاوني في إطار نهج المقاربة التشاركية كآلية لتدبير الش أن الع ام‬
‫المحلي باعتباره ا إح دى منهجي ات العم ل المرتبط ة بت دبير الش أن الع ام المحلي‬
‫والوط ني‪ ،‬فهي عم ل تش اركي يتض من عنص ر الح وار واالل تزام كنتيج ة للتواص ل‪،‬‬
‫وعنصر االعتماد على المعنيين المباشرين في تحديد االحتياجات واألهداف‪ ،‬إضافة إلى‬
‫عنصر وضوح القرارات ودقتها‬

‫مب دأ تط بيق الش رعية واملش روعية‪ :‬إن الحكامة الش رعية تتجس د في ممارس ة س لطة‬ ‫❖‬
‫تنظمها مجموعة من القواعد والمب ادئ النابغ ة من التقلي د أو المس جلة في الدس تور‬
‫والقوانين المكتوبة‪ .‬أما الحكامة المش روعية فهي مفه وم يتس م بالذاتي ة ألنه ا تحي ل‬
‫إلى ش عور وإحس اس الس كان ب أن الس لطة السياس ية واإلداري ة تم ارس من ط رف‬
‫أشخاص صلحاء ينطبق عليهم مبدأ "الرجل المناس ب في المك ان المناس ب" وحس ب‬
‫عادات إيجابية وفي المصلحة المشتركة‪.‬‬

‫بناء على هذه المبادئ‪ ،‬يمكننا اعتبار الحكامة الترابية إطارا عاما إلعادة تحديد‬
‫األنماط الجديدة ألسلوب الحكم والتدبير المحلي من خالل إعادة تحديد العالقات بين‬
‫السياس ي واالقتصادي‪ ،‬السياس ي واالجتماعي‪ ،‬الخاص والعام ‪،‬الدولة وشركائها‬
‫المحليين‪ ،‬وفي جانب آخر منها‪ ،‬تعد مجاال لإلبداع والتجديد‪ ،‬من أجل ترشيد تدبير الشأن‬
‫العام الترابي وتحسين شروط رفاهية المواطن وبأن يبرهن المنتخب المحلي عن قدرته‬
‫على االبداع‪ ،‬أي ابتكار مشاريع جديدة‪ ،‬وإيجاد أفكار حديثة لحل مختلف المشاكل‬
‫المطروحة على الصعيد الترابي‪ ،‬وبالتالي القدرة على تغيير واقع الشأن الترابي والتحكم‬
‫‪.‬في التطورات المتسارعة وتدبير األزمات الطارئة‬

‫المطلب الثالث‪ :‬المتطلبات‬

‫إن موضوع مس ار ومتطلب ات الحكام ة الترابي ة ب المغرب موض وع شاس ع ومعق د‪ ،‬وه ذا‬
‫التقديم‪ ،‬سيقارب الموض وع من خالل اإلجاب ة عن اإلش كاالت ال تي يطرحه ا‪ ،‬وال تي يمكن‬
‫تكثيفها في إشكالية مركزية‪ ،‬ما هو مسار ومتطلبات الحكامة الترابية بالمغرب؟‬

‫أمام التحوالت الكبرى االقتصادية والسياسية واالجتماعية ال تي م يزت الس نوات األخ يرة‪،‬‬
‫وأمام حجم التحديات والرهانات الجديدة التي يعرفها المغرب‪ ،‬وجدت الدولة نفسها م دعوة‬
‫ليس فقط لمتابعة جهودها في مجال التنمية وتطوير التجهيزات األساسية‪ ،‬بل أيض ا للقي ام‬
‫بمهام أخرى ذات أهمية خاص ة وهي تش جيع وتقوي ة اإلدارة المحلي ة بش قيها المعين ة في‬
‫إط ارالالتمركز والمنتخب ة في إط ار الالمركزي ة‪ .‬فلتحقي ق التنمي ة الش مولية المس تدامة‬
‫والمنشودة أص بحت المراهن ة أك ثر من أي وقت مض ى ى على المس توى ال ترابي‪ ،‬أو م ا‬
‫يسمى بالمقاربة الترابية في التنمية‪ ،‬بعد أن أثبتت المقاربة المركزية فشلها وع دم ق درتها‬
‫على تحقيق متطلبات التنمية الحقيقية‪.‬‬

‫وفي هذا السياق فإن الدولة المغربية مدعوة للقيام بمجموعة من اإلصالحات المحلية وسن‬
‫العديد من االستراتيجيات على جميع األصعدة والمستويات اإلدارية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬السياسية‪،‬‬
‫االجتماعية والثقافية‪ .‬وذلك بإتباع سياسة عمومية محلية متكاملة وشاملة قوامها الالمركزية‬
‫الحقيقية والالتمركز الفعال‪ .‬ثم تأخذ بعين االعتبار مختلف اإلشكاالت التي تعاني منها التنمية‬
‫والتحديات التي تواجهها‪ ،‬قصد إتباع استراتيجية ترابية على المدى القريب والمتوسط ولما ال‬
‫البعيد قصد تحقيق تنمية هادفة وفاعلة لعموم التراب الوطني‬
‫^^*‪ ;k‬الخــــاتمــــــــــــــة‬
‫اإلعداد والتنمية والتهيئة كلها مفاهيم تقنية تصب في ضرورة التنظيم وحسن التسييرـ حسب إمكانات‬
‫ثقافية واجتماعية واقتصادية وايكولوجية‪ ،‬وتهدف إجرائيا وعمليا إلى إزالة الحدود بين المستويات وإلى‬
‫‪.‬العدالة في توزيع مدخالت ومخرجات التنمية المستدامة‬
‫ومنه فالحكامة اذن دعوة صريحة وفعلية إلى ضرورة الحجر على الديمقراطية التمثيلية التي تحتكر‬
‫سلطة الوالية على الشأن العام‪ ،‬وتدعو إلى ضرورة تطعيم هذا النهج الالمركزيـ الفاشل بجرعات‬
‫وأشكال جديدة من الديمقراطية التشاركية تمكن من إشراك جميع أطراف معادلة اإلعداد الفعال‪ ،‬المدافع‬
‫عن المجموعات الهشة اقتصادياـ واجتماعيا والمطالب بضرورة صيانة الوسطـ الثقافي واعتباره في‬
‫‪.‬عمليات التهيئة‬
‫وختاما‪ ،‬الحكامة هي الحد الفاصل بين الديمقراطية في شكليها التمثيلي والبرلماني الممركز ودعوة‬
‫صريحة على ديمقراطية تشاركية مؤسسة على المساهمة والمشاركة والتوافق في صنع وتنفيذ وتقييم‬
‫برامج ومشاريع التنمية على أرض الواقع‪ ،‬وهي قناة أساسية تمكن من االستفادة من نواتج ونتائج التنمية‬
‫المستدامة‬

You might also like