Philosophie de L'espace

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 10

‫فلسفـة العمــارة‬

‫‪:‬‬ ‫مقدمـــــــة‬

‫الفرضيةـ التي تنطلق منها هذه المحاضرة هي ‪:‬‬

‫" أن العمارة ال تستطيعـ أبدا أن تتحرر من الفلسفة "‪.‬‬

‫وتترتبـ عن هذه الفرضيةـ األسئلة التالية‪:‬‬

‫كيف تتحول الفكرة الفلسفية إلى أيقونة معمارية ؟‬ ‫‪-‬‬


‫كيف يمكن تحويل الفلسفة بوصفها صناعة للمفاهيم ألن تصبحـ هذه المفاهيم‬ ‫‪-‬‬
‫عبارة عن خطوط وألوان وتصاميم وأشكال هندسية؟ـ‬
‫كيف يمكن لهذه التصاميم واألشكال الهندسيةـ أن تتغير بتغير الرؤية الفلسفية‬ ‫‪-‬‬
‫التي تؤطرها؟‬

‫هذا ما سنحاول اإلجابة عنه من خالل الكشف‪ ،‬عبر تتبعنا للمسار التاريخي‬
‫للعمران‪ ،‬أن هذا األخير في كل مرة يعرف تجددا وانزياحا على مستوى التصميم‬
‫والهندسة المعمارية‪ ،‬وإ ال نجد أن الفلسفة تلعب دورا محوريا في ذلك التجدد وذلك‬
‫االنزياح ‪.‬‬

‫فاإلنسان على مر التاريخ السحيق عرف منعطفات إبستمولوجية جعلته ينتقل من‬
‫مرحلة هيمنة الطبيعي إلى مرحلة الثقافة‪ ،‬ثم من مرحلة التعددية الثقافية والتنوع‬
‫الحضاري‪ ،‬إلى مرحلة سطوع نجم العولمة على حساب الخصوصية الثقافية‪ .‬ولم تكن‬
‫العمارة(‪ )Architecture‬بمنأى عن هذا التحول الكبير‪.‬‬

‫بمعنى أن اإلنسان انتقل بفعل الغريزة الحيوانية من أبسط أشكال البناء ليحمي نفسه‬
‫من األخطار المحدقة به ‪ ،‬ومن تقلبات أحوال الجو وهزات الطبيعة‪ ،‬ليبدأ في تشكل النواة‬

‫‪1‬‬
‫األولى للعمارة أو باألحرى للبناء من خالل الكوخ الطبيعي والكهوف الحجرية ‪ ،‬وغيرها‬
‫من األساليب البسيطة لمفهوم العمارة‪ .‬يقول هيجل‪" :‬إن العمارة هي أسبق الفنون في‬
‫ترتيبـ الوجود" ‪ ،‬حيث ارتبطت األصول األولى لفـن العمارة بالمنفعة والحاجة التي يؤديها‬
‫فن العمارة لإلنسان‪ ،‬حيث يرى هيجل أن البـدايات األولى للعمـارة تتمثل في الكوخ‬
‫كمسكن‪ ،‬والمعبد كمالذ للتعبد‪ .‬والمالحظ على هذه األعمال المعمارية األولى أنها كانت‬
‫تقام من أجل هدف معين‪ ،‬فاإلنسان لم يبن هذه األشياء من أجل ذاته و إنما لتلبية حاجات‬
‫اإلنسان إلى المأوى وحاجته لمكان يتعبد فيه ‪.‬‬

‫في هذا السياق‪ ،‬يرى ابن خلدون‪ ،‬أن اإلنسان انتقل في عالقته بالعمارة‪ ،‬من إطار‬
‫الحاجة والضرورة إلى إطار الغنى والترف‪ ،‬ومن مرحلة البداوة إلى مرحلة الحضر‪ .‬وقد‬
‫لزم هذا التحول تغيرات في محيط اإلنسان في شتى المجاالت‪ ،‬أبرزها المجال العمراني‪.‬‬
‫يقول ابن خلدون ‪" :‬والحضارة تتفاوت بتفاوت العمران‪ ،‬فمتى كان العمران أكثر‪ ،‬كانت‬
‫الحضارة أكمل"‪ .‬والمقصود بالحضارة العمرانية هنا بصيغة الجمع‪ ،‬ألن التاريخ أثبت بأن‬
‫هناك حضارات عمرانية مختلفة وثقافات عمرانية متعددة‪ ،‬تطفح بتصاميم هندسية متباينة‪،‬‬
‫وبأشكال أيقونية متمايزة بينها‪.‬‬

‫وهذا االختالف والتعدد في األيقونات المعمارية‪ ،‬هو نتيجة للرؤى الفكرية المتعددة‬
‫التي الزمت تشييد هذه األيقونات‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فالعمارة هي تعمير للفضاء‪ .‬وهذا التعمير ليس سلوكا عفويا أو اعتباطيا‪،‬‬
‫بل هو سلوك قصدي‪ ،‬مبني على وعي فكري مسبق ‪ .‬بمعنى أن تشييد األيقونات‬
‫المعمارية يتم من خالل أطر معرفية تشكل خلفيتها على مستوى التصميم أو التشكيل‬
‫المعماري‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫فن تشكيل‪ ،‬وابتكار‪ ،‬وصنع‬
‫وأهم هذه األطر المعرفية‪ ،‬نجد الفلسفة‪ ،‬بوصفها ‪ّ “ :‬‬
‫المفاهيم"‪ .‬أي بتعبير شارل ساندرس بيرس‪ ، Charles Seinders Pierce‬كل ما نتمثله‬
‫ذهنيا من مقوالت‪ ،‬ومن أفكار‪ ،‬ومن ممكنات قابلة للتطبيق على أرض الواقع‪.‬‬

‫فإذا كان سؤال الحاجة مرتبطا بالبدايات األولى لتعامل اإلنسان مع العمارة‪ ،‬إال أنه‬
‫مع التقدم الذي أحرزه على مستويات متعددة‪ ،‬تحول اإلنسان إلى طرح سؤال اإلبداع‬
‫والتنظير الفلسفي حول كيفية التشكيل األيقوني للعمارة ‪ .‬يقول والتر جروبيوس‪"":‬منذ‬
‫قرون سحيقة والعمارة أداة تواصل تعبر عن مكنونات اإلنسان ورغباته‪ ،‬حيث تختلط‬
‫أبنيتها الفيزيائية المادية بأبنية فلسفية وفكرية متنوعة تتواطأ فيما بينــها على بث ثيمات‬
‫وانساق وتعابير ورؤى وأصوات منطوقة وسجاالت محمومة و حوارات إنسانية "‪.‬‬

‫هكذا اذن بدأت األسئلة الفلسفية توضع تباعا عبر العصور وتتعدد وتختلف بتعدد‬
‫واختالف الرؤى حول العمارة ‪ .‬فالعمارة ليست كتلة جامدة‪ ،‬بل دائمة التطور‪ .‬وهذا‬
‫التطور هو نتيجة منطقية للتطور المواكب لها على المستوى الفلسفي‪ .‬فال تشكيل أيقوني‬
‫بدون تفكير فلسفي مسبق‪ .‬بمعنى أي براديغم فلسفي يعكس تشكيال أيقونيا معينا‪ ،‬ألن‬
‫األيقون المعماري ال يأتي من فراغ ‪ ،‬وإ نما من قاعدة فلسفية تؤطر وجودها على مستوى‬
‫الفضاء‪ .‬إننا اذن أمام جدلية المتناهية‪ ،‬جدلية السؤال(التفكير الفلسفي)‪/‬الجواب (التشكيل‬
‫المعماري)‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬إذا كانت العمارة عبر السيرورة التاريخية هي البحث عن تشكيل المعنى‪،‬‬
‫فإن هذا المعنى ال يتأتى إال من خالل تدخل الفلسفة؛ واذا كانت العمارة في إطار تنوعها‬
‫وتعدديتها هي دائما مختلفة على مستوى التصميم واإلخراج الجمالي ‪ ،‬فإن ذلك راجع‬
‫لكون الفلسفة ‪ ،‬بوصفها المساهم الفعلي في تشكيلها‪ ،‬هي في أهم تعاريفها هي ‪ ":‬التفكير‬
‫بشكل مختلف"‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الفلسفة أيضا‪ ،‬في تعاريفها المشهورة‪ ،‬هي البحث عن المعرفة‪ ،‬ومحاولة اإلجابة‬
‫عن األسئلة المتعلقة بالوجود والكون‪ ،‬والتأمل والتفكر بكل القضايا التي يمكن أن تشكل‬
‫موضوعات العالم‪ ،‬بما فيها موضوع العمارة‪ .‬إنه البحث في الوجود بكل موضوعاته‪.،‬‬
‫إننا مع الفلسفة نلج مجال التأمل‪ :‬أي التأمل في فكر اإلنسان ومحيطه ‪ .‬وأهم ما يحيط‬
‫اإلنسان هو العمارة بتجلياتها المتعددة‪.‬‬

‫فن التّبحر في اكتشاف االحتماالت التي ُوجدت‪ ،‬والتي لم‬


‫وإ ذا كانت " الفلسفة هي ّ‬
‫تُوجد بعد"‪ ،‬فإن العمارة هي فضاء للتأمل في هذه االحتماالت‪ .‬فقبل الحديث عن أي‬
‫تصميم عمراني‪ ،‬البد أن تسبقه أفكار فلسفية تسائل المصمم عن قضايا متعددة من قبيل‬
‫السياق االجتماعي والمحيط المرتبط بالعمارة المراد إحداثها‪ ،‬والقيم والرسائل التي يراد‬
‫تمريرها‪ ،‬والفئة المستهدفة بهذه األيقونة‪ ...‬وغيرها من األفكار الفلسفية التي تجعل من‬
‫العمارة عصارة لها‪.‬‬

‫في ضوء هذا التصور‪ ،‬نقول بأن المعمارى ه و فيلس وف بالدرج ة األولى ‪ ..‬فالعمـ ــارة مـ ــا‬
‫هى اال بقايـا ثقافـة قـد قـام العقـل ببلورتهـا لتخــرج أفكـارا تصــلح أن تكـون قاعـدة لتبــنى عليهــا‬
‫العمارة‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فالتصور الفلسفي هو عبارة عن دراسات احتياجات االنسـان ومتطلباتـه متماشـيا مـع‬
‫الطبيعــة بأشــكالها ‪ ...‬فحين تكتمــل الفكــرة الفلســفية يــأتي دور التصــميم ليــترجم الفلســفة على‬
‫ارض الواقع‪ .‬‬

‫وعليه‪ ،‬فالفلسفة المعمارية ‪ :‬هى الفكــر المحــرك وطريقــة نظرتنــا إلى العــالم‪ ،‬وفهمنــا للكــون‬
‫الذي نعيش فيه ونتـأثر بـه ‪ ،‬والـتي على ضـوئها نقـدم رؤى متعـددة عن االحتمـاالت الممكنـة‬
‫لتشييد أيقونات عمرانية متنوعة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ولعل عمليـة التقطيـع االبسـتمولوجي للعمـارة في عالقتهـا بالفلسـفة‪ ،‬يجعلنـا أمـام ثالث‬
‫محطات أساسية‪:‬‬

‫المحطة األولى‪ ،‬يمكن تسميتها بالعمارة الكالسيكية‬ ‫‪-‬‬


‫المحطة الثانية‪ ،‬هي عمارة الحداثة‬ ‫‪-‬‬
‫المحطة الثالثة‪ ،‬هي عمارة ما بعد الحداثة‬ ‫‪-‬‬

‫العمارة الكالسيكيةـ ‪:‬‬

‫منهجيا قبل الحديث عن المحطة األخيرة التي وصل إليها اإلنســان في عالقتــه بالعمــارة‪،‬‬
‫ف ــإن الض ــرورة العلمي ــة والنس ــقية‪ ،‬تلزمن ــا الح ــديث في البداي ــة عن التش ــكالت الثقافي ــة األولى‬
‫للعمارة‪ ،‬والمقصود بذلك اإلطار الفلسفي الميتافزيقي للعمارة ‪.‬‬

‫ميتافزيقيا العمارة ‪:‬‬ ‫‪-I‬‬


‫الميتافزيقا هي فرع من فروع الفلسفة التي تبحث في المبادئ األولية للعالم‪ .‬إنها‬
‫الفلس ــفة األولى ال ــتي تبحث في الفك ــر والوج ــود‪ ،‬وتهتم ب ــالنواحي الخ ــارج عن إط ــار‬
‫الحس والمشـ ـ ــاهدة الماديـ ـ ــة‪ ،‬والـ ـ ــتي لهـ ـ ــا القـ ـ ــدرة على تـ ـ ــرك بصـ ـ ــماتها على الثقافـ ـ ــة‬
‫المجتمعيـ ـ ــة وخلـ ـ ــق مفـ ـ ــاهيم ومعتقـ ـ ــدات تـ ـ ــؤثر على العـ ـ ــادات واألعـ ـ ــراف المرتبطـ ـ ــة‬
‫بالمجتمعات‪.‬‬
‫وترتبـ ــط الميتافزيقـ ــا بالـ ــذاكرة الجماعيـ ــة للشـ ــعوب من خالل الـ ــديانات واألنظمـ ــة‬
‫العقائدية واألساطير المقدسة‪)1( .‬‬
‫وق ـ ـ ــد ت ـ ـ ــأثرت العم ـ ـ ــارة بالميتافزيق ـ ـ ــا من خالل النتاج ـ ـ ــات المادي ـ ـ ــة ال ـ ـ ــتي خلفته ـ ـ ــا‬
‫الحضارات المختلفة‪ ،‬حيث فرضت الميتافزيقــا معتقــداتها وتوجهاتهــا كإطــار مــرجعي‬

‫‪ - 1‬األساطير‪ :  ‬قصص عن اآللهة‪ ،‬وهي تتميز عن الحكايات البطولية بكون شخصيات األخيرة من البشر‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫يوجـه الفكـر والسـلوك ‪ .‬وقـد جـاء النتـاج المعمـاري تعبـيرا عن هـذه الخلفيـة الفلسـفية‪،‬‬
‫فتجسد على أشكال مختلفة اختالف المجتمعات والثقافات والحضارات التي تمثلتها‪.‬‬
‫ففي الحض ـ ــارة الفرعوني ـ ــة‪ ،‬وتحدي ـ ــدا في زمن حكم "إخن ـ ــاتون"‪ ،‬تح ـ ــولت العقي ـ ــدة‬
‫آنذاك من تعدد اآللهة إلى عبادة إله واحد فقط وهو "آتــون" ‪ ،‬الــذي يرمــز إلى قــرص‬
‫الشمس بوصفه القوة والحياة والنماء‪.‬‬
‫ولعـ ــل أهم تـ ــأثير للعبـ ــادة اآلتونيـ ــة على الفكـ ــر المعمـ ــاري هـ ــو هـ ــذا االرتبـ ــاط بين‬
‫العمارة واإلله آتون‪ ،‬ومحاولة الربــط بين أشــعة الشــمس والمبــنى والشــارع والمدينــة‪.‬‬
‫فالش ــوارع واس ــعة ترتب ــط مباش ــرة م ــع اإلل ــه من خالل تخلل ــه لجمي ــع أج ــزاء المدين ــة‪.‬‬
‫إضــافة إلى تغــير شــكل األجــزاء الحجــرات المقدســة‪ ،‬حيث اإللــه آتــون يظهــر للعيــان‬
‫وال يحتاج لالختفـاء‪ .‬فقـدس األقـداس يصـل إليـه اإلنسـان مباشـرة‪ ،‬وقـد أقيم في ردهـة‬
‫غير مسقوفة لتسمح بدخول أشعة الشمس إليها‪.‬‬
‫بإيج ــاز‪ ،‬فالش ــمس تتخل ــل كاف ــة المب ــاني الس ــكنية‪ ،‬ودور العب ــادة والش ــوارع‪ ،‬وه ــو‬
‫الهدف األول الواجب تحقيقه تماشيا مع العقيدة اآلتونية‪.‬‬
‫لقد ظل تأثير الميتافزيقا ممتــدا في النتــاج المعمــاري عــبر العصــورـ المختلفــة الــتي‬
‫تلت الحض ــارة الفرعوني ــة‪ ،‬وظه ــرت تأثيراته ــا في الحض ــارة اإلغريقي ــة‪ ،‬حيث ت ــأثر‬
‫المجتمــع بأفكــار الفالســفة والمفكــرين حيث تم تحويــل رحالت المحــاربين ومعــاركهم‬
‫ألس ـ ــاطير وقص ـ ــص ش ـ ــعبية‪ ،‬وق ـ ــد رفع ـ ــوا بعض ـ ــهم من درج ـ ــة الفن ـ ــانين إلى درج ـ ــة‬
‫المخلدين وعبدوهم‪ ،‬بجانب آلهة األولمب ‪ ، Olympe‬وتعتبر أسطورة هــرقليس من‬
‫أشهر األساطير‪.‬‬
‫وض ـ ــع الفالس ـ ــفة تص ـ ــورات رمزي ـ ــة للشخص ـ ــيات والوح ـ ــوش داخ ـ ــل األس ـ ــاطير‬
‫والقصــص‪ ،‬فأصــبحت رمــوزا دينيــة لهــا قداســتها وأهميتهــا‪ ،‬تحــولت لتيجــان أعمــدة أو‬
‫منحوتات حامية لبوابات المعابد‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫وقـــد شـــيدت أعلى مرتفعـــات المـــدن لتتصـــل بالس ــماء ولمنحه ــا الق ــدر األك ــبر من‬
‫الخصوصـ ـ ــية بعيـ ـ ــدا عن العامـ ـ ــة وليكسـ ـ ــبها االرتفـ ـ ــاع عامـ ـ ــل الحمايـ ـ ــة من األعـ ـ ــداء‬
‫والعابثين‪.‬‬
‫أما العمارة الرومانية‪ ،‬فقد تشابهت إلى حــد مــا مـع عمـارة اإلغريــق نظــرا للقــرب‬
‫الجغرافي والزمني‪ ،‬وانتقال بعض التيارات الميثولوجية من اإلغريق للرومان‪.‬‬
‫وباعتبــار الرومــان حضــارة مبنيــة على االنتصــارات والبطــوالت‪ ،‬فقــد تم إحاطــة‬
‫العمارة بتماثيل لشخصيات بطولية حولتها إلى أساطير‪ ،‬ومزجت أيضا نمط العمــارة‬
‫بأصــناف معينــة من الحيوانــات الــتي ترمــز إلى القــوة مثــل األســود والنســور‪ ،‬كمــا أن‬
‫موقع العمارة الخاصة بعلياء القوم موجودة في أعالي المدن‪ ،‬كرمــز للســمو وبجعلهم‬
‫في مقام أصناف اآللهة‪.‬‬
‫ومن أهم التعبـ ــيرات والمالمح العمرانيـ ــة الرومانيـ ــة أيقونـ ــة المسـ ــرح الرومـ ــاني‪،‬‬
‫حيث جـ ــاءت السـ ــاحة الرئيسـ ــية كفـ ــراغ دائـ ــري أو بيضـ ــاوي مفتـ ــوح للسـ ــماء تعكس‬
‫أس ــطورة إش ــراف اآلله ــة على المتب ــارين‪ ،‬ل ــذا توض ــع تم ــاثيلهم على محي ــط الس ــاحة‪،‬‬
‫ويراقب األباطرة من خاللها الطقوس االحتفالية‪.‬‬
‫أما لغة العمارة في الحضارة اإلسـالمية‪ ،‬فهي لغـة مختلفـة عن لغـات الحضـارات‬
‫السابقة‪ ،‬حيث العقيدة مرتبطة بإاله واحد هو اهلل سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫وعلي ــه‪ ،‬فق ــد اكتس ــت العم ــارة اإلس ــالمية الزخ ــارف النباتي ــة والكتاب ــات اإلس ــالمية‬
‫لتعـ ـ ــوض التماثيـ ـ ــل ورسـ ـ ــم الشـ ـ ــخوص(الحضـ ـ ــارة الفرعونيـ ـ ــة) والتجسـ ـ ــيد (العمـ ـ ــارة‬
‫المسيحية) ونحت صور الحيوانات (العمارة الرومانية) ‪...‬‬
‫ولعــل من أهم أيقونــات العمــارة اإلســالمية‪ ،‬عمــارة المســاجد بالمــآذن العاليــة الــتي‬
‫ك ـ ــانت تس ـ ــتخدم لآلذان‪ ،‬فهي ترم ـ ــز الرتف ـ ــاع الص ـ ــالة إلى الس ـ ــماء‪ ،‬مجس ـ ــدة عالق ـ ــة‬
‫اإلنسان بربه عن طريق الدعاء‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫كم ــا أن عم ــارة المس ــجد ك ــانت دوم ــا في مرك ــز المدين ــة ‪ ،‬ومن ــه تتف ــرع الش ــوارع‬
‫الرئيســة‪ .‬ومركزيــة المســجد هي مركزيــة عمرانيــة وثقافيــة أيضــا‪ .‬وال يتعلــق األمــر‬
‫هنـ ـ ــا فقـ ـ ــط بمركزيـ ـ ــة الـ ـ ــديني‪ ،‬بـ ـ ــل هي أيضـ ـ ــا مركزيـ ـ ــة العلم والمعرفـ ـ ــة في النسـ ـ ــق‬
‫الحضــاري اإلســالمي‪ ،‬حيث زاوج المســجد دومــا بين الــدورين الــديني والعلمي‪ ،‬ففيــه‬
‫كانت تقام الصلوات وتلقى الدروس والمحاضرات‪.‬‬
‫بنـ ــاء على مـ ــا سـ ــبق‪ ،‬يتـ ــبين أن الميتافزيقـ ــا كفلسـ ــفة أسـ ــهمت من خالل التجليـ ــات‬
‫الهندسية المتنوعة والمتعددة أليقونات العمـارة على اإلسـهام في صـناعة الحضـارات‬
‫والثقافات‪.‬‬
‫كم ــا أن الرؤي ــة الميتافزيقي ــة المهيمن ــة في ه ــذه المرحل ــة ه ــو أن ص ــناعة العم ــارة‬
‫مرتبطــة بتمثــل نمــوذج أعلى ومحاولــة تجســيده بأشــكال وتمظهــرات مرتبطــة بطقــوس‬
‫أو أساطير أو ديانات ‪...‬‬

‫‪8‬‬
‫نموذج من العمارة الفرعونية‬

‫نموذج من العمارة اإلغريقية‬

‫‪9‬‬
‫نموذج من العمارة الرومانية‬

‫نموذج من العمارة اإلسالمية‬

‫‪10‬‬

You might also like