Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 14

‫المحاضرة العاشرة‬

‫البطالة‬

‫تعتبر البطالة من حالة غير صحية يعاني منها أي اقتصاد اذا لم يتم تشغيل كافة افراده القادرين على‬
‫العمل‪ ،‬و كلما كان حجم البطالة كبيرا كلما ازداد حجم هدر المورد البشري مما يؤثر سلبا على حجم‬
‫الناتج الوطني‪ @.‬و يجب االشارة الى انه من غير الممكن الوصول الى نسبة بطالة مساوية للصفر و ان‬
‫هناك ما يسمى بالبطالة الطبيعية بحيث ال تتجاوز نسبتها@ ‪ 5‬بالمائة ‪.‬‬

‫ان التحليل الكنزي قدم رأيا مخالفا للنظرية الكالسيكية التي كانت ترى ان االختالل في سوق العمل يتعدل‬
‫بفعل القوة الخفية للسوق (دعه يعمل دعه يمر) مثله مثل باقي االسواق@ ‪ ،‬و عرض كينز ضمن كتابه‬
‫المشهور@ "النظرية العامة للتشغيل‪ ،‬الفائدة و النقود" نظريته في البطالة حيث بين ان البطالة حالة غير‬
‫ارادية ناتجة عن قصور@ في الطلب الفعال (االستثمار و االستهالك ) و ان االجور@ غير مرنة بالقدر‬
‫الكافي الذي يسمح بتعادل قوى العرض و الطلب في سوق@ العمل‪.‬‬

‫ان البطالة من المؤشرات االساسية التي تعتمد عليها الحكومات العداد سياساتها و برامجها لتتفادى‬
‫المشاكل االقتصادية الناجمة عنها كمشكلة الفقر و غيرها ‪.‬‬

‫‪-1‬تعريف البطالة ‪ :‬تعرف البطالة بأنها ظاهرة اختالل في التوازن في سوق العمل‪ ،‬بحيث ال يتمكن جزء‬
‫من قوة العمل في المجتمع من الحصول على عمل منتج‪ ،‬رغم انه راغب وقادر على القيام بالعمل‪.‬‬
‫وتعرف@ بأنها الفرق بين حجم العمل المعروض و حجم العمل المستخدم عند مستويات االجور@ السائدة‬
‫في سوق العمل و ذلك خالل فترة زمنية معينة ‪ .‬و ال يمكن تحديد مفهوم البطالة بشكل شامل بسبب‬
‫صعوبة ادراك االفراد العاطلين من العمل و حصرهم@ بصفة دقيقة اذ ان بعض الفئات تسجل ضمن‬
‫العاطلين عن العمل رغم انها اعمل و لكن في نشاطات غير منتظمة مثل الخدم و السائقين ‪ ،‬ووجود@ فئة‬
‫تعمل في وظائف متقطعة لو في مواسم معينة لذلك يبقى مفهوم البطالة بالمعنى الضيق مرتبط@ بالشروط@‬
‫التالية ‪:‬‬

‫االستعداد@ للعمل‬ ‫‪‬‬


‫البحث عن العمل‬ ‫‪‬‬
‫عدم وجود@ عمل‬ ‫‪‬‬

‫و قد اوضحت المنظمة الدولية للعمل ‪ ILO‬هذا المفهوم في قاموس‪ 1‬مصطلحاتها كما يلي ‪:‬‬

‫‪International labor organization, Gender, Employment, and the Informal Economy: Glossary of Terms Beirut, 1‬‬
‫‪ILO, 2009‬‬
‫العاطل من العمل هو كل شخص يزيد عمره على سن معينة ويكون خالل الفترة المرجعية‪:‬‬

‫بال عمل‪ ،‬أي غير ملتحق بعمل بأجر أو غير عامل لحسابه الخاص؛‬ ‫‪‬‬
‫متاح حاليَّا لاللتحاق بعمل‪ ،‬أي متاح لاللتحاق بعمل بأجر أو كعامل لحسابه الخاص خالل الفترة‬ ‫‪‬‬
‫المرجعية؛‬
‫يبحث عن عمل‪ ،‬أي اتخذ إجراءات محددة في فترة قريبة معينة للبحث عن عمل بأجر أو كعامل‬ ‫‪‬‬
‫لحسابه الخاص‪ .‬وقد تكون اإلجراءات المحددة قد شملت التسجيل في مكاتب التوظيف@ العامة أو‬
‫الخاصة‪ ،‬وتقديم طلبات ألصحاب العمل‪ ،‬واالستفسار@ في مواقع@ العمل‪ ،‬أو المزارع‪ ،‬أو على‬
‫أبواب المصانع‪ ،‬أو في األسواق أو غيرها من أماكن التجمع‪ ،‬ونشر إعالنات في الصحف أو الرد‬
‫على ما تنشره من إعالنات‪ ،‬والتماس مساعدة األصدقاء@ واألقرباء‪ ،‬والبحث عن أرض أو مبنى أو‬
‫آالت أو معدات إقامة منشأة لنفسه‪ ،‬وتدبير@ الموارد المالية‪ ،‬والتقدم بطلبات للحصول على تصاريح‬
‫وتراخيص‪.‬‬
‫أسباب البطالة‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫ان أسباب البطالة تختلف من بلد الى اخر حسب درجة التطور@ االقتصادي@ فيها و حسب الظروف‬
‫السياسية و االجتماعية و االقتصادية التي تحيط بكل مجتمع لذلك تقسم هذه األسباب الى ‪:‬‬

‫األسباب االقتصادية ‪:‬‬

‫التطور@ التكنولوجي@ استبدال العمالة اليدوية بتقنيات إنتاجية جديدة‬ ‫‪‬‬


‫تخصص بعض الدول النامية في انتاج الصناعات األولية و التي ال توظف عمالة كثيؤة‬ ‫‪‬‬
‫عجز الحكومات عن تطبيق سياسات رادعة لمواجهة ارتفاع االسعار و ارتفاع أسعار الواردات‬ ‫‪‬‬
‫تذبذب أسعار الصرف و بالتالي حدوث اختالل في ميزان المدفوعات‬ ‫‪‬‬
‫ضعف و الطاقة اإلنتاجية و عجز االستثمار عن توفير فرص عمل خاصة في البلدان النامية‬ ‫‪‬‬
‫ضعف مساهمة القطاع الزراعي في اقتصاديات@ البلدان النامية في استيعاب العمالة المتاحة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ضعف العمالة المتخصصة و عدم وجود تناسق@ بين سوق العمل و القطاع الصناعي‬ ‫‪‬‬

‫األسباب السكانية ‪:‬‬

‫ارتفاع معدالت النمو السكاني@ خاصة‬ ‫‪‬‬


‫عدم مواكبة المستوى التعليمي متطلبات سوق@ العمل حاصة في الدول النامية‬ ‫‪‬‬
‫النزوح الريفي‬ ‫‪‬‬
‫عدم نضج القطاع الخاص في البلدان النامية و عدم استقطابه للعمالة‬ ‫‪‬‬
‫األسباب السياسية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫ظهور@ الحروب و االزمات السياسية‬ ‫‪‬‬
‫فشل السلطة السياسية على اعداد برامج تنموية قادرة علة خلق فرص عمل جديدة للسكان‬ ‫‪‬‬
‫الفساد السياسي و اإلداري‬ ‫‪‬‬
‫األسباب االجتماعية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫البعد الطبقي حيث قد توجد@ شريحة من المجتمع تفضل الراحة على حياب العمل مثل بعض‬ ‫‪‬‬
‫األغنياء مثال‬
‫غياب ثقافة العمل في بعض المجتمعات‬ ‫‪‬‬
‫عزوف بعض االفراد@ عن قبول بعض المهن النها في نظرهم@ ال تناسب تنشئتهم االجتماعية‬ ‫‪‬‬
‫تراجع قيمة العمل اليدوي‬ ‫‪‬‬
‫منافسة العمالة الوافدة لنظيرتها@ المحلية نظرا لتكلفتها المتدنية نسبيا‬ ‫‪‬‬

‫و يمكننا قياس البطالة كما يلي ‪:‬‬

‫معدل البطالة = عدد العاطلين‪ /‬القوة العاملة × ‪%100‬‬

‫‪-3‬انواع البطالة‪:‬‬

‫نميز بين نوعين من البطالة ‪:‬البطالة الصريحة او السافرة و البطالة المقنعة أي المستترة ‪ ،‬تتمثل الثانية‬
‫في ان يعمل االفراد و لكن باقل من الطاقة اإلنتاجية المفترضة أي انهم في حالة عمالة ظاهرة اال انهم ال‬
‫يخلقون قيمة مضافة ‪ ،‬و اما األولى فهي األكثر شيوعا و هي ان يوجد افراد قادرين@ على العمل و ال‬
‫يشغلون وظائف@ و تنقسم الى بطالة اجبارية و بطالة اختيارية أي ان يختار االفراد عدم العمل كبعض‬
‫األغنياء و المتسولين و كذلك االفراد الذين ال يرغبون في االلتحاق بمناصب الن اجورها@ اقل مما كانوا‬
‫يتحصلون عليه ‪ ،‬و تنقسم البطالة الى ‪:‬‬

‫‪-‬البطالة االحتكاكية (الوظيفية) ‪ :unemployment Frictional‬هي تلك البطالة التي تمنع العمال‬
‫المؤهلين العاطلين من االلتحاق بفرص العمل المتاحة‪ ،‬لوجود@ فجوة زمنية معينة بين ترك الوظيفة‬
‫والحصول@ على أخرى (فراغات العمل ‪ (.Job Vacancies Between Jobs and‬و عليه يمكن القول‬
‫بأن البطالة االحتكاكية تنشأ نتيجة لطبيعة السوق الديناميكية و نقص المعلومات سواء للباحثين عن عمل أو‬
‫أصحاب األعمال‪.‬‬
‫البطالة الهيكلية ‪ :Structural Unemployment‬تنشأ عن تغيرات واضحة في هيكلية االقتصاد@ أو‬
‫صناعات معينة‪ .‬فالبطالة الهيكلية هي "تلك البطالة التي تنشأ نتيجة وجود تغيرات هيكلية في االقتصاد‬
‫نتيجة اختالف في نوعية الطلب على العمل عن نوعية عرضه في منطقة معينة أو بين المناطق"‪ .‬و اذا‬
‫كانت االجور مرنة و كات تكاليف االنتقال بين الوظائف@ في منطقة معينة او االنتقال بين المناطق المختلفة‬
‫منخفضة‪ ،‬فان تكيف السوق@ العمل سرعان ما يقضي على هذا النوع من البطالة و هذا صعب التحقيق‬
‫عمليا لذلك يرتبط هذا النوع من البطالة بعدم التوافق@ بين مؤهالت العاطلين و متطلبات الوظائف@ و بعدم‬
‫التوافق@ الجغرافي بين اماكن الوظائف الشاغرة و اماكن البحث عنها ‪.‬‬

‫البطالة الدورية ‪ :Cyclical Unemployment‬هي"تلك البطالة الناشئة عن انخفاض الطلب الكلي‬


‫على السلع و الخدمات و من ثم العمالة نتيجة الركود االقتصادي(حين يفضل أصحاب العمل في حاالت‬
‫الركود@ و االنكماش االقتصادي اإليقاف المؤقت عن العمل عن تخفيض األجور)‪ .‬إذاً فالبطالة الدورية هي‬
‫بطالة ناتجة عن التغيرات االقتصادية الدورية و المتضمنة انخفاض أو قصور في الطلب الكلي‪ ،‬فينخفض‬
‫الطلب على العمل في مواجهة عدم مرونة األجور الحقيقية في االتجاه التنازلي‪.‬‬

‫‪ 2-4‬البطالة الموسمية ‪ :Seasonal Unemployment‬تنشأ بسبب قصور الطلب على العمالة في‬
‫مواسم@ معينة كخدمات السياحة الصيفية‪ ،‬موسم الحج و مواسم@ الحصاد في النشاط@ الزراعي الخ ‪ ...‬و‬
‫يكمن وجه االختالف بين البطالة الدورية و الموسمية في ان االولى سببها نقص في الطلب الكلي على‬
‫العمالة بينما يكون النقص في قطاعات معينة بالنسبة البطالة الموسمية ‪.‬‬

‫‪ 2-5‬البطالة المقنعة ‪ :Disguised Unemployment‬و هي بطالة مستترة وغير ظاهرة‪ ،‬فسرها@‬


‫االقتصاديون بطرق@ مختلفة‪ .‬يرى البعض أن البطالة المقنعة تعني"وجود عدد كبير من العمال يشتركون‬
‫في القيام بعمل أقل من مقدرتهم اإلنتاجية"‪ ،‬ألنه لوال ذلك ألصبحوا عاطلين(بطالة ظاهرة في القطاع‬
‫الحكومي@ عندما تسعى الدولة لتوظيف@ إعداد متزايدة خوفا ً من البطالة)‪ .‬هذا بينما يستخدم البعض اآلخر‬
‫مفهوم البطالة المقنعة لتفسير الزيادة في تعداد سكان الريف عن المستوى الذي يحتاجه العمل الزراعي‪،‬‬
‫ليظهر هذا النوع بشكل واضح في الدول النامية الزراعية ذات التكدس السكاني‪.‬‬

‫‪3-‬االثار السلبية للبطالة‬


‫يوجد للبطالة العديد من االثار االقتصادية واالجتماعية السلبية‪ ،‬ويمكن ايجاز بعضها@ فيما يلي‪-:‬‬

‫اهدار الكثير من موارد المجتمع‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫انخفاض الناتج المحلي االجمالي‪ ،‬وذلك بسبب انخفاض حجم االستهالك واالستثمار‪@.‬‬ ‫‪‬‬

‫انتشار@ الجرائم المختلفة كالسرقات‪،‬وحوادث القتل‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تفكك المجتمع بسبب الشعور بالظلم االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬وما لذلك من أضرار@ نفسية خطيرة‬ ‫‪‬‬
‫هجرة الكفاءات العلمية مما يعيق مسار@ التنمية‬ ‫‪‬‬
‫عبء التعويضات و المنخ التي تدفعها بعض الدول للعاطلين عن العمل‬ ‫‪‬‬
‫االحتجاجات و االعتصامات التي ثد تهدد استقرار البالد‬ ‫‪‬‬

‫‪4-‬العالقة بين البطالة و التضخم‬

‫كقاعدة عامة هناك عالقة عكسية بين معدل التضخم@ و معدل البطالة‪ ،‬وهذه العالقة أوضحها@ االقتصادي@‬
‫البريطاني(فيليبس) ‪ .Philips‬فيما ُيعرف باسم منحنى فيليبس كما يتضح من الرسم البياني رقم (‪ )4‬حيث‬
‫وجد فيليبس أن األجور ترتفع بشكل ملموس عند انخفاض معدل البطالة ‪ ،‬و أنها تنخفض بشدة عندما‬
‫ترتفع معدالت البطالة‪.‬‬

‫و التحليل االقتصادي لذلك هو أن زيادة مستوى@ الطلب الكلي في اقتصاد@ ما يؤدي@ إلى زيادة حجم‬
‫االستثمار@ ‪ ،‬و هذا يؤدي@ إلى خلق فرص عمل جديدة و إغرائهم بأجور@ مرتفعة ‪ ،‬و نتيجة لذلك ترتفع‬
‫تكاليف اإلنتاج مما يسبب ارتفاع األسعار ( زيادة معدل التضخم@ ) و المعروف أن خلق فرص عمل‬
‫جديدة يعني انخفاض معدل البطالة ‪.‬‬

‫أما في حالة الركود@ و الكساد فيقل حجم االستثمار@ و تزداد معدالت البطالة و تنخفض األجور و األسعار@‬
‫مما يعني انخفاض معدل التضخم‪ .‬و تجدر االشارة اخيرا ان هذا منحنى فليبس مثل التجربة البريطانية‬
‫الى غاية الستينات غير ان االحداث اختلفت بعد ذلك ‪ ,‬فقد تزامنت معدالت عالية من التضخم مع معدالت‬
‫عالية ايضا من البطالة و سميت هذه الظاهرة بالتضخم الركودي@ ‪ stagflation‬مما أزال الوضع العالقة‬
‫التي بينها منحنى فليبس‪.‬‬

‫الشكل رقم ‪ :4‬منحنى فيليبس‬

‫النسبة السنوية‬
‫للتغير في األسعار‬

‫زيادةة‬
‫معدل البطالة‬
‫‪0‬‬

‫انخفاض‬

‫‪5-‬سياسات مكافحة البطالة‬


‫‪ 5-1‬السياسة الكالسيكية‬
‫•‪         ‬تقضي هذه السياسة باستحداث مؤسسة أو وكالة لالستخدام مهمتها‪:‬‬
‫‪      .1‬استقبال العاطلين عن العمل وتعبئة استمارة تتضمن كل المعلومات الشخصية‬
‫‪      .2‬التأكد من وضعهم كعاطلين عن العمل ومنحهم تعويضات@ بطالة‬
‫‪      .3‬الطلب من المنشآت التي تبحث عن عاملين تعبئة استمارات بالمواصفات‬
‫‪      .4‬القيام بدراسات حول سوق@ العمل وآفاقه المستقبلية لمعرفة أنواع العمل التي بحاجة لها‬
‫السوق@ ‪ ،‬وأنواع@‪  ‬الوظائف التي تنوي استحداثها@ مستقبالً‪ ،‬ووضع هذه الدراسات في‬
‫تصرف@ اصحاب القرار والمخططين في قطاع@ التربية‪ .‬‬
‫‪ 5-2‬السياسة الناشطة في مجال اليد العاملة‬
‫‪ ‬‬
‫•‪         ‬تعالج السياسة الكالسيكية البطالة الظرفية ‪ ،‬بينما تعالج هذه السياسة البطالة البنيوية الناتجة‬
‫عن التعارض بين طبيعتي العرض والطلب في سوق@ العمل ‪،‬ألنه ال يمكن الجمع بينهما‪.‬‬
‫•‪         ‬تقضي هذه السياسة بإعادة تأهيل العاطلين عن العمل الكتساب المهارات التي يحتاجها‬
‫السوق‪ ،‬وتأهيل ايضا ً العاملين المحتاجين للتدريب والتأهيل ‪،‬واإلعداد الختصاصات@ جديدة‬
‫يحتاجها السوق‪@.‬‬
‫•‪         ‬شرعت أوروبا منذ ال‪ 60‬وأوائل ال ‪ 70‬باعطاء العمال اجازات مدفوعة العادة‬
‫التأهيل‪  ‬واالعداد الختصاصات مدفوعة‪.‬‬
‫•‪         ‬باالضافة لتأثير@ هذه السياسة على عرض العمل ‪ ،‬تؤثر@ على طلب العمل باالشتراط@ على‬
‫المؤسسات@ التي تستفيد من المساعدات الحكومية من توظيف نسبة من المعاقين (فرنسا) ‪،‬‬
‫والمساواة بين الذكور@ واإلناث (السويد)‪ .‬‬
‫‪ 5-3‬سياسة الحفاظ على فرص العمل القائمة‪ ‬‬
‫•‪         ‬تقضي هذه السياسة بدعم أو تأميم المنشآت االقتصادية الكبيرة المعرضة لإلفالس واإلقفال‪،‬‬
‫وذلك للحفاظ على عمل اآلف العمال األجراء الذين يعملون فيها‪.‬‬
‫‪            ‬فتبقى هذه المنشآت على قيد الحياة من جراء الدعم المالي الذي تؤمنه لها الدولة ‪ ،‬وليس بفضل‬
‫قدرتها@ التنافسية‪.‬‬
‫‪ 5-4‬سياسة إيجاد فرص عمل جديدة‪ ‬‬
‫•‪         ‬تأخذ هذه السياسة عدة أشكال‪:‬‬
‫النهوض االقتصادي@ عبر تعزيز الطلب على االستهالك‪ :‬وتقضي هذه السياسة بزيادة الطلب على‬ ‫‪.1‬‬
‫االستهالك برفع األجور@ والتقديمات االجتماعية أو تخفيض الفائدة‪ ‬و زيادة الطلب على االستهالك@‬
‫و‪ ‬زيادة االستثمار@‪ ‬وخلق فرص عمل جديدة‪.‬ولكن هذه السياسة تولد تضخم مالي مما يجعل‬
‫الحكومات تتحاشاها‪@.‬‬
‫منح المنشآت االقتصادية قروض ميسرة بفائدة أقل من معدل السوق‪،‬أو اعفاءات ضريبية مقابل‬ ‫‪.2‬‬
‫حثها على خلق فرص عمل جديدة ‪ ،‬ولكن هذه السياسة مكلفة للخزينة‬
‫زيادة عدد الوظائف@ في االدارات العامة ولو لم تكن بحاجة فعلية لهذه الوظائف‪ .‬اال أن هذه‬ ‫‪.3‬‬
‫السياسة تزيد من النفقات العامة وتساهم@ في عجز الخزينة‬
‫‪  ‬سياسات متفرقة‬
‫‪ ‬تخفيض العدد القانوني لساعات العمل األسبوعية‪ ،‬دون أن يقابله تخفيض في األجور‪ ،‬فتضطر@ المؤسسات‬
‫لزيادة عدد العمل للمحافظة على مستوى انتاجيتها‪ @.‬ولكن هذه السياسة ترفع كلفة العمل وتخفض قدرة‬
‫المؤسسات@ التنافسية‬
‫تخفيض سن التقاعد ‪ ،‬غير أنه يترتب من جراء هذه السياسة عجز في الصناديق التي تدفع‬ ‫‪.1‬‬
‫تعويضات@ تقاعدية مما يضطرها@ لرفع االشتراكات@ فيها والممولة من المنشآت مما يرفع@ كلفة‬
‫االنتاج وتراجع القدرة التنافسية‪.‬‬
‫تمديد سنوات التعليم الجامعي والمهني ‪ ،‬من باب تخفيض عدد الوافدين الى سوق@ العمل‪ ،‬ولكن‬ ‫‪.2‬‬
‫ينتج عن هذه السياسة زيادة في نفقات الدولة واألسر على التعليم‬
‫السياسات الليبرالية الحالية‪ ‬‬
‫•‪         ‬السياسات الليبرالية هي سياسات أقل كلفة وأكثر فعالية ومنها‪:‬‬
‫تعزيز@ القدرة التنافسية لالنتاج الوطني (العرض)عن طريق تقليص كلفة االنتاج والتضخم@ وتثبيت‬ ‫‪.1‬‬
‫االجور@ وتخفيض معدل الفائدة والضرائب@ والنفقات االجتماعية‪ ‬و‪ ‬زيادة االستثمارات@‪ ‬وخلق فرص‬
‫عمل جديدة‪.‬‬
‫جعل القوانين المنظمة لعملية الصرف من الخدمة أكثر ليونة وأقل تعجيزية على المنشآت‬ ‫‪.2‬‬
‫االقتصادية والتي تسبب بتردد ارباب العمل في توفير@ فرص عمل ثابتة وبدوام كامل‪.‬‬
‫الغاء الحد األدنى لألجورالذي يشكل عائق أمام االستخدام‪ ،‬ألن هناك عدد من الشباب العاطلين‬ ‫‪.3‬‬
‫عن العمل والعازبين يقبلون بأجور أدنى من هذا الحد‬
‫‪ ‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬

‫مفهوم النقود و تطورها‬

‫مقدمة ‪:‬‬
‫تعتبر دراسة النقود وتأثيرها على االقتصاد@ و طرق@ التحكم في كميتها المتاحة على جانب كبير من األهمية‬
‫‪ ,‬وذلك ألن غالبية المشكالت التي يعاني منها االقتصاد الحديث لها جوانبها النقدية ‪ ,‬وتتطلب سياسات‬
‫وإجراءات نقدية لمعالجتها ‪ .‬وتأتي في مقدمة هذه المشكالت ‪ :‬التضخم و البطالة وعدم االستقرار‬
‫االقتصادي ‪.‬‬
‫و لم تأخذ النقود نصيبها من االهمية في الدراسات الكالسيكية اذ اعتبرها الكالسيكيون مجرد مرآة‪ 2‬تعكس‬
‫المعامالت االقتصادية في المجتمع‪ ،‬فقد استبعد جان بابتيس ساي ( و كثيرون مثل ستيوارت ميل الخ) دور‬
‫النقود تماما في تحليله المعروف بقانون ساي لالسواق@ الذي يؤكد بان العرض يخلق طلبه الخاص به ‪،‬‬
‫فاإلنتاج يخلق معه قوته الشرائية وبتعبير نقدي كل إنتاج يخلق معه إنفاقا مساويا@ له وان زيادة أو انخفاض‬
‫العرض عن الطلب سرعان ما يزول بحكم فعالية السوق أو جهاز األسعار@ على غير ان نظرية كينز التي‬
‫جاء بها هذا االخير عبر كتابه الشهير "النظرية العامة في التوظيف@ و الفائدة و النقود" عام ‪،1936‬‬
‫اعطت للنقود حقها في التحليل االقتصادي‪ ،‬و جاءت كرد فعل على األزمة االقتصادية العالمية في عام‬
‫‪1929‬التي أثبتت عدم صحة دور@ النقود المحايد على النشاط االقتصادي الذي افترضه الكالسيك‪ ،‬وان‬
‫بإمكان التغيرات في المعروض النقدي وفق ما تصّدره البنوك المركزية من عملة‪ ،‬وما تخلقه المؤسسات@‬
‫المالية الوسيطة المصرفية وغير المصرفية من ائتمان‪ ،‬وعبر التغيرات في أسعار الفائدة ‪ ،‬أن تؤثر@ في‬
‫متغيرات االستثمار@ والتشغيل والناتج الكلي‪.‬‬
‫التطور التاريخي لنشأة النقود ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تطور@ االنتاج في المجتمعات البشرية البدائية مع نمو طاقاتها@ االنتاجية ‪ ,‬لتنتقل تلك المجتمعات من مرحلة‬
‫االنتاج من أجل االكتفاء الذاتي الى مرحلة التبادل ‪.‬‬
‫أصبحت هذه المجتمعات تنتج اكثر من احتياجاتها@ ‪ ,‬فتحقق فائضا ً اقتصاديا ً لغرض مبادلته مع المجتمعات‬
‫األخرى ‪ .‬وكان التبادل التجاري@ في البداية تبادالً مباشراً للسلع من خالل عملية المقايضة ‪.Barter‬‬
‫‪ 1-1‬صعوبات نظام المقايضة ‪:‬‬
‫مع التوسع في التبادل التجاري وتطور ونمو@ المجتمعات ‪ ,‬ظهرت مساوئ@ هذا النظام وهي ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬عدم توافق الرغبات ‪:‬‬
‫من الصعب عمليا ً ان نجد شخصا ً يمتلك سلعة معينة يرغب في مقايضتها بسلعة اخرى متوفرة لدى‬
‫شخص آخر يكون بدوره راغبا ً في مقايضتها@ بتلك السلعة ‪ ,‬وذلك بسبب عدم وجود التوافق@ المزدوج‬
‫للرغبات بين الناس ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬عدم وجود وحدة لقياس القيمة ‪:‬‬
‫هناك العديد من السلع والخدمات يتم تداولها@ في األسواق وتختلف وحدات السلعة الواحدة من حيث النوعية‬
‫والجودة ‪.‬‬

‫‪ 2‬د‪.‬صبحي قريصة ‪ ،‬سبق ذكره‪ ،‬ص‪235.‬‬


‫ولكن ليست هناك من وحدة لقياس قيم السلع والخدمات تعكس االختالف في النوعية و الجودة ‪ ,‬وبالتالي@‬
‫يكون من الصعب اتمام عملية التبادل عن طريق المقايضة لكل نوع من هذه السلع والخدمات@ ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪:‬ضرورة وجود معدل لالستبدال مقبول ‪:‬‬
‫يحتاج الفرد في نظام المقايضة الى معرفة القيمة التبادلية ‪-‬أي نسبة للمقايضة بين السلع المختلفة ‪ -‬لكل‬
‫سلعة بالنسبة لجميع السلع المتاحة للتبادل ‪ .‬ويمثل ذلك عائقا ً يحول دون سهولة وسرعة انسياب التجارة في‬
‫ظل المقايضة ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬صعوبة استبدال سلع كبيرة بسلع صغيرة ‪:‬‬
‫تعد المقايضة طريقة غير كفؤة للتبادل ‪ ,‬اذ ال يوجد تقابل في قيمة كل من السلعتين محل المبادلة حتى‬
‫يمكن ان تحدث فعال‪ ،‬فالشخص الذي يريد ان يحصل على كمية من البيض في سبيل عنزة يمتلكها‬
‫سيضطر لقبول شيئ آخر بجانب البيض ‪ ،‬حتى تكتمل قيمة المبادلة ‪.‬‬
‫لقد كانت هذه الصعوبات@ سببا في محاولة ايجاد وسيط لعمليات التبادل االقتصادي فكان هذا‬
‫الوسيط@ هو النقود ‪ money‬وقد@ بدأت فكرة النقود باستخدام@ بعض السلع لتقوم بمهمة الوسيط‬
‫بشرط@ ان تكون سلعة مطلوبة ويتوفر@ لها صفة القبول العام من جميع المتعاملين في األسواق@ ‪.‬‬
‫و هكذا نشأت النقود السلعية ‪ ,‬فاستخدمت المجتمعات الرعوية األغنام واإلبل ‪ ,‬واستخدمت@‬
‫المجتمعات الزراعية الغالل ‪ ,‬كما استخدم العاج و األحجار الكريمة في غيرها من المجتمعات ‪.‬‬
‫عندما اكتشفت المعادن النفيسة ‪ ,‬السيما الذهب والفضة ‪ ,‬بدأ استعمالها كنقود معدنية وكانت النقود‬
‫الذهبية هي األكثر شيوعا خاصة في المعامالت الدولية ومع ازدياد حجم المعامالت التجارية ‪,‬‬
‫ومحدودية كميات الذهب المتاحة في معظم المجتمعات بدأت النقود الورقية في الظهور@ كبديل للنقود‬
‫الذهبية ‪.‬‬
‫تعريف النقود ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫لما كانت مواصفات النقود تختلف من قطر@ الى آخر كما تتغير من وقت الى آخر في القطر الواحد ‪,‬‬
‫كان التعريف@ الوصفي للنقود عمليا ً غير مناسب اال في حالة التعريف بفئة جديدة من عملة معينة‬
‫مطروحة للتداول في مكان وزمان محددين ‪.‬‬
‫و البديل هو التعريف الوظيفي الذي يعرف النقود بأنها أي شيء يمكن ان يؤدي وظائف@ النقود ‪,‬‬
‫شريطة ان يلقى قبوالً عاما ً في التبادل و تسوية الديون بين أفراد@ المجتمع ‪ ،‬و قد استخدم تعريفا‬
‫‪3‬‬
‫موجزا للنقود هو ‪ Money is what money does‬أي ان النقود هي ما تفعله النقود‬
‫وظائف النقود ‪:‬يمكن ايجازها في أربع وظائف@ أساسية هي ‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ 3-1‬وسيط للتبادل ‪:‬‬
‫تستخدم@ النقود كوسيط@ للتبادل ‪ ,‬ويعني ذلك قبولها@ كأداة لتسوية المدفوعات في عمليات التبادل غير‬
‫المباشر@ ‪.‬ومن خالل استخدام النقود وسيطا ً للتبادل تم التغلب على مشكلة عدم توافق@ الرغبات كما تم‬
‫خفض تكاليف التبادل ‪.‬‬
‫‪ 3-2‬مخزن ( مستودع ) للقيمة ‪:‬‬

‫‪ 3‬د‪ .‬صبحي قريصة‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص‪344.‬‬


‫األفراد@ ينفقون جزءاً من دخولهم ويدخرون الجزء اآلخر ألجل انفاقه في المستقبل ولكي تنجح‬
‫النقود في تأدية هذه الوظيفة ‪ ,‬البد أن تحتفظ بقيمتها النسبية او قوتها الشرائية خالل فترات طويلة‬
‫نسبيا ً لذا تعجز النقود من تأدية هذه الوظيفة خالل فترات التضخم الذي يتسبب في انخفاض قيمة‬
‫النقود ‪ ,‬أي انخفاض قوتها@ الشرائية ‪.‬‬
‫‪ 3-3‬وحدة لقياس القيمة ‪:‬‬
‫يمكن استخدام@ الوحدة النقدية لقياس قيمة السلع والخدمات بالنسبة للسلع والخدمات األخرى ‪ ,‬كما‬
‫تستخدم@ الوحدة النقدية في حسابات الشركات ‪ ,‬وحساب تكاليف المشروعات ‪ ,‬وتكاليف عوامل‬
‫االنتاج ‪.‬‬
‫‪ 3-4‬معيار للمدفوعات اآلجلة ‪:‬‬
‫اقتضى@ النظام االقتصادي@ الحديث ابرام العقود لتسويق@ السلع على أساس التعاقدات اآلجلة ‪ ,‬أي االتفاق‬
‫على بيع السلع بأسعار معينة في الوقت الحاضر ‪ ,‬على أن يتم تسليمها في وقت الحق لذلك كان البد من‬
‫وجود@ معيار يتم على أساسه احتساب القيم اآلجلة للسلع وقد أصبح ذلك ممكنا ً باستخدام النقود كمعيار‬
‫للمدفوعات اآلجلة ‪.‬‬
‫‪-4‬خصائص النقود‪ :‬لكي يصلح الشيء المستخدم@ كنقود للقيام بالوظائف االربعة السابقة‪ ،‬يجب ان يتمتع‬
‫بالخصائص التالية‪:‬‬
‫‪ 4-1‬القبول العام‪ :‬و هي اول الخصائص اذ ال بد للنقود ان تتمتع بصفة القبول العام من كافة افراد‬
‫المجتمع‪ ،‬باعتبارها وسيلة مناسبة و ملزمة للحصول على السلع و الخدمات و تسوية كل المعامالت‬
‫االقتصادية‬
‫‪ 4-2‬التجانس و التماثل‪:‬‬
‫يعني ان تكون جميع الوحدات النقدية متجانسة و متماثلة تماثال تاما حتى تحظى بصفة القبول العام‪.‬‬
‫‪ 4-3‬سهولة النقل و التداول ‪:‬‬
‫يجب ان تتكون النقود من وحدات سهلة الحمل و النقل من مكان الى آخر مما يسهل من عملية التبادل‪.‬‬
‫‪ 4-4‬القابلية للتجزئة‪:‬‬
‫تساعد هذه الصفة على عملية التبادل اذ ال بد ان تنقسم الوحدة النقدية الى وحدات اصغر منها لتيسير‬
‫المعامالت التي تستوجب@ ذلك‪.‬‬
‫‪ 4-5‬عدم القابلية للهالك السريع‬
‫‪ 4-6‬عدم القابلية للتزييف‪ :‬كي تقوم النقود بوظائفها@ على اكمل وجه يجب ان تصنع من مادة يصعب‬
‫تزويرها او تزييفها‬
‫و ذلك النها تنتقل من يد الى اخرى و يمضي الوقت عليها فالحبوب مثال تعتبر نقودا رديئة في هذا‬
‫المجال‪.‬‬
‫‪ 4-7‬التمتع بثبات نسبي ‪ :‬أي ال تتغير من وقت آلخر بشكل كبير‬
‫اشكال النقود و تطورها ‪:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫عرف المجتمع البشري@ منذ أن بدأ في استخدام النقود أنواع عدة و هي ‪:‬‬
‫‪ . 5-1‬النقود السلعية‪:‬‬
‫من خالل المقايضات المختلفة التي كانت تتم بين الناس ‪ ،‬ظهرت مجموعة من السلع يتعرف لها‬
‫أهمية خاصة في المبادلة بحيث كانت تتمتع بتفضيل عدد كبير من الناس لها و يمكن أن يقبلها‬
‫أشخاص ال يفكرون في االنتفاع بها مباشرة ألنهم يدركون أنها تحتل مكانة هامة في تقدير‬
‫اآلخرين الذين كانوا على استعداد لمبادلتها بالسلع العادية ‪ ،‬وكانت هاته السلع الممتازة تختلف فيما‬
‫بينها لذلك عمد المتعاملون إلى التخلص من أقلها قبوال في السوق و بقيت منها في النهاية تلك‬
‫السلع التي تتمتع بأوسع قبول ‪ .‬هذه السلعة هي أول نقود عرفتها البشرية و هي التي نسميها‬
‫النقود السلعية و معنى ذلك أنا لسلعة التي كانت تستخدم نقدا كانت لها قيمة في التبادل مبنية على‬
‫سبب آخر غير كونها@ واسطة للتبادل وهو كونها شيئا نافعا في الجماعة ‪ ،‬لقد كانت النقود األولى‬
‫سلعة مطلوبة على نطاق واسع وكان يمكن عند الحاجة االنتفاع بها مباشرة في أغراض‬
‫االستهالك أو الدفاع أو الزينة كالماشية واألسلحة و األصداف و بذلك نتبين الشروط@ التي جعلت‬
‫من هذه السلعة صالحة الن تكون نقدا ‪،‬فقد كانت موضع طلب مزدوج@ ‪ ,‬طلب لقيمتها الذاتية‬
‫‪ intrinsic value‬فهي صالحة إلشباع الحاجة مباشرة و ذلك بأن تكون واسطة للتبادل و أداة‬
‫للحصول على غيرها من السلع ‪،‬سهلة التجزئة نسبيا بغير أن تفقد من قيمتها‪ ,‬صالحة للبقاء نسبيا‬
‫و ثابتة القيمة أو نادرة وقت استعمالها‪ @.‬و مع ذلك فإن قابلية هاته السلع للتلف وحاجتها@ إلى‬
‫التخزين في مساحات كبيرة و ضرورة اإلنفاق للمحافظة عليها والعناية بها و االحتفاظ بقيمتها‬
‫ثابتة استدعت الى اختيار سلعة أو سلعتين فقط من هذه السلع الممتازة الستعمالها@ كنقود و هكذا‬
‫ظهرت النقود المعدنية و هي في الواقع نقود سلعية تحت ضغط ازدياد المبادالت والرغبة‬
‫المستمرة في تيسيرها‪.‬‬

‫‪ 5-2‬النقود المعدنية ‪:‬‬


‫لقد تم استخدام الذهب و الفضة في فترات قديمة من التاريخ من قبل األفراد@ و دون تدخل الحكام ‪,‬‬
‫فكان األفراد يحملون المعادن النفيسة بالكميات التي تلزم لمبادالتهم@ فإذا تمت الصفقات فيما بينهم‬
‫قاموا@ بوزن الكميات الضرورية من هذه المعادن لتسوية هذه الصفقات وذلك باستخدام موازين‬
‫حساسة كانوا يحملونها معهم ‪ ,‬و بالرغم من أن هذه الطريقة في تسوية المبادالت قد أنقذت‬
‫أطراف@ التبادل التجاري من أعباء المقايضة إال أنها لم تكن مريحة في حد ذاتها بسبب الحاجة إلى‬
‫وزن المعدن النفيس في كل صفقة بعد التأكد من نوعيته و لذلك كان اختراع سك النقود من أهم‬
‫التطورات@ التي شهدتها النقود ‪ ,‬فلقد كان الحاكم آنذاك يقوم بوزن معدن النفيس بدقة في قطع‬
‫ذات أوزان مختلفة مميزة و نقشها بعبارات مختصرة تدل على قيمتها@ أو زنتها ‪,‬واسم الحاكم‬
‫المصدر@ لها و ربما صورت@ عليها صورة هذا الحاكم ‪ ,‬هذه القطع النقدية المحددة الوزن و الشكل‬
‫الذي قام الحاكم بسكها وإصدارها@ لتسهيل المعامالت بين الناس هي ما عرفناه منذ القدم باسم‬
‫العمالت النقدية ولقد سهل اختراع سك النقود عمليات التبادل التجاري كثيرا حيث أصبح على‬
‫البائعين و المشترين أن يحددوا قيمة صفقاتهم بكمية من المعادن النفيسة ثم يقوموا بتسوية هذه‬
‫القيمة باستخدام ما يلزم من العمالت النقدية دون الحاجة إلى الميزان الحساس و قطع المعدن‬
‫بالمقادير@ الالزمة كما كانوا يفعلون من قبل‪.‬‬

‫‪ 5-3‬النقود الورقية ‪:‬‬


‫عندما اتسع نطاق التجارة وزاد حجم المعامالت وحصل التجار على أرباح طائلة لجأ الناس إلى‬
‫إيداع أموالهم من معادن نفيسة في خزائن لدى الصاغة خوفا من السرقة ‪ ،‬وكان المودعون‬
‫يتحصلون على شهادات او ايصاالت ايداع ( صكوك) من الصاغة الذين كانوا يتعهدون برد تلك‬
‫المعادن عند الطلب ‪.‬‬
‫وكان الفرد كلما أراد القيام بعملية تجارية يذهب إلى الصائغ ويصرف@ منه قيمة الصك ليدفع ثمن‬
‫المشتريات@ ‪ .‬و مع مرور@ الزمن استطاع التاجر أن يقوم بتظهير@ الصك للتجار اآلخرين ومع قبول‬
‫األفراد@ لفكرة تظهير@ الصكوك الختالف قيم المعامالت أخذ الصياغ في إصدار صكوك بفئات‬
‫صغيرة ‪ ،‬ومنذ ذلك التاريخ ظهر استعمال النقود الورقية و أطلق عليها البنكنوت‪ .‬و عندها تولت‬
‫البنوك إصدار هذه األوراق@ و هي تمثل دين على البنك يدفع عند كل طلب ‪ ،‬ومع اتساع نطاق‬
‫العمليات التجارية تولت الدولة اإلشراف على إصدار@ هذه األوراق@ عن طريق البنوك المركزية‪.‬‬
‫وقد@ كانت هاته األوراق قابلة للتحويل حيث كان يمثلها غطاء كامل بمقدار قيمتها@ من الذهب إلى‬
‫أن أصبحت أوراقا الزامية لها غطاء ذهبي بالكامل وعلى هذا األساس تنقسم النقود الورقية إلي‬
‫نوعين ‪:‬‬
‫‪ ‬النقود الورقية النائبة (او القابلة للتحويل)‬
‫وتمثل هذه النقود أحفاد النقود الورقية المعاصرة و الحالية و هي عبارة عن شهادات أو صكوك‬
‫‪4‬‬

‫ورقية تمثل كمية من الذهب أو الفضة مودعة في المصرف على شكل نقود أو سبائك لتعادل‬
‫قيمتها@ المعدنية قيمة هذه الصكوك وفي@ هذه الحالة يحصل تداول الذهب أو الفضة دون أن ينتقل‬
‫من الخزانة و السبب في االلتجاء إلى هذه األوراق@ هو سهولة حملها و عدم تعرضها@ للتآكل أو‬
‫السرقة‪.‬‬
‫و لم تكن تتمتع هذه النقود بصفتها كنقود ‪ ،‬الن القانون لم يكن يلزم الدائن بقبولها وفاء لدينهن‬
‫لذلك اضطر المشرع في الدول المختلفة الى فرض هذه النقود بقوة القانون ‪ ،‬و قد تم هذا في‬
‫انجلترا عام ‪ 1833‬و في فرنسا عام ‪.1877‬‬
‫و بعدها لم يصبح البنك يصدر هذه االوراق مع مساواتها تماما لما هو مودع لديه من ذهب‪ ،‬بل‬
‫اعتمد على الثقة المتوافرة فيه و اصبح يصدر اوراقا@ تفوق في قيمتها قيمة الذهب بخزائنه‪ ،‬و‬
‫اصبحت هذه النقود متداولة بين االفراد دون ان يطالبوا@ البنك بتحويلها@ الى ذهب ‪ ،‬ووجدت‬
‫البنوك ان لديها كميات كبيرة من الذهب ال تخرج منها ابدا مما دفعها الى اصدار نقودا يكون‬
‫غطاؤها الذهبي في حدود ‪ 10‬او ‪ %15‬فقط‪ ،‬و قد أدى هذا الى تدخل الدولة لتنظيم@ عملية‬
‫اإلصدار@ و قصرت هذه العملية على بنك واحد ‪.‬‬

‫‪ ‬النقود االلزامية (غير القابلة للتحويل)‪:‬‬


‫مع تطور@ النشاط االقتصادي و تطور الوعي النقدي لدى االفراد من جهة و عدم كفاية الذهب من‬
‫جهة اخرى ‪ ،‬انفصلت العالقة بين النقود و الذهب و سميت النقود الورقية بنقود ورقية الزامية‬
‫تستمد قوتها@ من قانون الدولة‪ ،‬و تتمتع بصفة االلزام و تصدر من قبل السلطة النقدية متمثلة في‬
‫البنك المركزي‪ ،‬و تعتبر@ هذه النقود اقل استقرار مقارنة بالنقود الورقية القابلة للتحويل الى ذهب ‪،‬‬
‫حيث ال يوجد قيد على عملية االصدار كما كان الوضع في حالة وجود@ الذهب ضمن االحتياطي‪@.‬‬
‫و تتوقف@ درجة االستقرار في قيمة العملة الورقية االلزامية في النهاية على مدى كفاءة السلطة‬
‫النقدية القائمة على ادارة هذا النظام النقدي ‪.‬‬
‫لقد اصبحت جميع العمالت في العالم اوراقا@ الزامية‪ ،‬و ذلك منذ انهيار نظام الذهب كنظام@ نقدي‬
‫عالمي في الثالثينات من هذا القرن‪.‬‬
‫‪ 4‬د‪ .‬مصطفى يوسف كافي‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص‪252.‬‬
‫النقود المساعدة‪:‬‬ ‫‪5-4‬‬
‫و هي قطع نقود ذات قيمة بسيطة و تصدرها@ الحكومة و مهمتها مساعدة النقود في تسهيل‬
‫المبادالت ضئيلة القيمة‪ ،‬و لذلك ال تتمتع بقوة ابرام محدودة ‪ .‬كما انها تصنع من معادن‬
‫رخيصة مثل النحاس و النيكال و البرونز‪ .‬و مع التطور المستمر في المجتمعات اصبحت‬
‫تصنع من فئات ورقية صغيرة حتى تفي بحاجة المعامالت الصغيرة‪.‬‬
‫النقود المصرفية‪:‬‬ ‫‪5-5‬‬
‫و تمثل هذه النقود ارقى انواع النقود و احدثها و اكثر انتشارا‪ ،‬وتتمثل في الودائع الجارية او‬
‫الودائع تحت الطلب لدى البنوك التجارية التي تتداول ملكيتها من فرد الى آخر من خالل‬
‫الشيكات‪ ،‬و بالتالي فان الشيكات ليست هي النقود المصرفية و انما هي اداة تداولها‪ ،‬بينما النقود‬
‫المصرفية فهي تمثل الوديعة في حد ذاتها او القيد الدفتري@ لدى البنك التجاري‪.‬‬
‫النقود االلكترونية‪:‬‬ ‫‪5-6‬‬
‫ظهرت النقود االلكترونية البالستيكية مع تطور شكل ونوعية النقود وهي أحدث صورة ن صور‬
‫النقود بل وتعتبر@ الطريق إلى عالم تختفي فيه عمليات التداول بالنقود ويطلق عليها أيضا ً بطاقات@‬
‫الدفع االلكترونية أو وسائل الدفع الحديثة ‪.‬ويمكن القول بأن هذه النقود تعد نوعا ً من أنواع النقود‬
‫النائبة ‪ ،‬بمعنى أنها تنوب عن النقود الحقيقية في القيام بوظيفة النقود كوسيط@ للتبادل ولكنها أخذت‬
‫شعبية واسعة في إبرام الذمة وتسوية المدفوعات األمر الذي ارتقى بها إلى مرتبه النقود ‪ ،‬وبنا ًء‬
‫على ما سبق فإن النقود اإللكترونية البالستيكية تطلق على بطاقات@ الدفع اإللكترونية التي ال تخرج‬
‫عن كونها@ بطاقات بالستيكية يتم معالجتها إلكترونيا ً ‪ ،‬وذلك الستخدامها في أغراض متعددة من‬
‫خالل المعلومات المخزنة عليها والدخول بها على اآلالت المعدة لتحقيق هذه األغراض ونذكر@ من‬
‫هذه البطاقات ‪-:‬بطاقات االئتمان ‪ ،‬بطاقات الدفع الفوري ‪ ،‬بطاقات الصراف اآللي الخ‪...‬‬
‫النقود الدولية ( ‪:)SDR‬‬ ‫‪5-7‬‬
‫و هي التي يستخدمها صندوق النقد الدولي في تسوية المدفوعات الدولية فيما تعرف بحقوق‬
‫السحب( ‪) SDR : Special Drawing rights‬الخاصة التي تقتصر على الدول االعضاء في‬
‫الصندوق و لها نظام معين للتعامل بها ضمن منظومة النظام النقدي الدولي‪.‬‬

You might also like