Professional Documents
Culture Documents
عش مع الله - م. مريم علي البلوشي
عش مع الله - م. مريم علي البلوشي
تحويل وتنسيق
د /حازم مسعود
https://t.me/hazem_massaod_kindle_books
إهداء..
لكل قلب يعي ويدرك..
لكل روح باتت تسأل نفسها كثيرا..
هنا بعض من إجابات مرت بي في سنوات..
قد تشبهك وقد نختلف!..
المقدمة
تبقى الحياة رحلة كثيرة التقلبات والمواقف ،يبقى فينا كل ما يمر فينا مخزونا في
ذاكرة منسية ،خلف األبواب التي ال نريد أحيانا أن نتذكرها ،ويبقى الفضول محركا
لنا ألن نقرأ ونتعلم ،بين صفحات كتابي هذه فضفضاتي ومقاالتي التي كانت تشبهني
ولربما تشبهك ،حالة من التودد للكثير من الحياة ،والتخلص من بعض المواقف
بكتابتها ،بين صفحاتي هنا أحيانا فرحت ،استأت ،بكيت وكثيرا ما تناسيت ،كانت
وال تزال تجربة التعلم المستمر في ماهية الحياة ،وما نمر به ،لم تكتب لتعلم أحدا
شيئا فالزلت بنفسي اتعلم وأخطئ.
تقولنا الكثير
في طيات الورق وبين حاالت القلق ،كان الكلم مرساال بيني وبينكّ ،
وخفنا من كثير ولكننا هنا نقرؤ بعضنا ونسأل بعضنا ،أمن دواء يشفينا من حمى
القراءة؟
اقرأ وتعلم ،لسنا ككتاب منزهين ،أو في طبقة تختلف عنك ،بل نحن من أختار أن
يعتق مافيه ليصلك في لحظة النشر ،نحن الكتاب بشر ،مثلنا مثلك ،تتقمصنا المشاعر
وترهقنا تفاصيل البشر ،نحاول أن نبسم وفي الكثير منا ألم يبقى ،ال تحزن وأحزن
أحيانا ،وأدرك مابين السطور ،دعنا نتكلم هنا معا.
ظهرا بتوقيت برسبن -استراليا .١وما أدراك من
ً ٢:٢٩ ٢٠١٨-٤-١٥
أنت…!
كررته وقلت عنه قبل اليوم ،تكوين صعب ،هو حقا ً صعب، التكوين البشري الذي ّ
التكوينة البشرية معقدة في مشاعرها ،فيما تمر به ،ال يعرف أحدنا ك ْنه ما يحصل
أحيانا ً أو ما يحس به ،تجترنا اآلالم كثيرا ً وقليل من األفراح أحيانا ً حتى ما يكون
تكويننا أشبه بتيار يعبث بعقولنا ،فيأخذها لمنحيات متعبة ومهلكة بعض الشيء.
اإلبداع البشري في الكثير مما قرأت أخيرا ً قد يأتي نتيجة تجارب ليست بالسهلة،
وقد يكون الخلود للكثيرين بعد نهايات صعبة تمر بها النفس البشرية من صعود
مر بي في بعض المشاهد جعلني أتساءل: وهبوط ،من تخبطات وأتراح ،بل إن مما ّ
هل اإلبداع فعالً حالة من المعاناة التي يجب أن نمر بها؟ هل هو صورة تتكرر في
كل المجتمعات واألزمان؟ حتى في مقولة الطيب صالح "مهمتي ككاتب ليست
ي هي تذكر أشياء كثيرة نسيتها تماماً، النسيان ،بل أن أتذكر ،والمشكلة بالنسبة إل ّ
لكن النسيان في الحياة العادية هو مرحلة األلم العظيم" .استوقفتني هذه العبارة كثيرا ً
وبت أقرأُها من خالل الكثير من مشاهد حيوات الكتاب والفنانين .الممر العظيم
ألسمية "ممر األلم" هل هو ركيزة أساسية لحالة الكتابة التي نحتاجها؟ أم الحالة
الفنية التي يعيشها فنان ،مثل ألم "فنسنت فان جوخ" الذي بعد مشاهدتي ألحد األفالم
عنه جرتني معاناته اإلنسانية ألن أبحث أكثر وأقرأ عن اإلنسان نفسه وتكوينه.
من أنت في الواقع؟ هي تجربة ذاتية نتعرف عليها من خالل الكثير ،وما أجمل تلك
العالقة التي تتعرف بها على نفسك في ثورة القراءة المنعزلة ،ليست سوى اكتشاف
لذاتك وما هي عليه ،لمن تنتمي كل ذرة فيك؟ قد تجد في رواية ما بعد قراءتها جملة
تشبهك ،وقد تحاكيك قصة أحد الرواد المبدعين ،ليس ألنك تشبهه ،بل ألنها كتبت
بمصداقية عنه في تجربة إنسانية ،وكلنا في هذه الحياة نحتاج ألن نكون فقط بصفة
أهم "اإلنسان".
أنت تتعرف على اإلنسانية الحقة من خالل الكتب فال تيأس ،حين نقرأ فإننا نتعلم
أن نتخطى بعض تلك اآلالم ،نحن مؤمنون باهلل وبأن ما يمر بنا في كل شيء خير،
تبقى كل الرسائل عنهم والشواهد والكتب هي نقلة وجدانية فلسفية ،تجرد الكثير من
المثالية وتخبرك؛ لم يخلد أحد وهو مرفه ،ولم يكن إال ألنه تقمص نفسه أوالً،
وعرف سبب الوجود ،شغفه وأين ينتمي ،لم أتعلم يوما ً من قراءات اآلخرين أو
كتبهم أكثر من أني أجهل الكثير .أنت من يدرك من أنت ،وما أدراك من أنت!!
ليستمر فينا الفضول للتعرف على أنفسنا ،لنستمر نقرأ بعد شهر القراءة.
كل يوم نتعلم أن القراءة منهج حقيقي للحياة ،وللكيفية التي نريد بها أن نعيش ،هنيئا ً
لل ُكتاب الذين ُخلّدوا بما قدموا ،وشكرا ً لكل المؤسسات والجهات التي تدعمنا في
قراءاتنا وكتبنا .ولنتعرف على الحياة.
٤:٣٢ ٢٠١٨-٣-٣١عصراً .٢أفكار وكلمات
يستشهد الكثير من ُكتّاب األعمدة والمقاالت أحيانا ً بمقوالت أجنبية أو أمثال في
مقاالتهم ،وهو ما ينم عن توسع في القراءات ،واطالع على الثقافات المختلفة ،لكن
عملية متابعة بعض ال ُكتّاب تعطيك انطباعا ً بأن البعض يستصعب الكتابة من دون
المثل األجنبي ،وكأنه يستشف أفكاره فقط منه ،وإن كنت أيضا ً أعتقد أنه فكر في
الفكرة التي سيكتب عنها وبدأ عملية (الغوغلة) بحثا ً عن مثل .منذ صغري تستهويني
متابعة ُكتّاب األعمدة ،ألنهم يحملون في كلماتهم المختزلة المفيد ،ويترجمون
للكثيرين ما يدور في خواطرهم أو ما يفكرون فيه ،ليوصلوه للمسؤولين دونما
مبالغات أو تقليل ،لذلك فإن متابعة بعض ال ُكتّاب تعطيك الفرصة لمتابعة سلسلة من
األحداث ونتائجها بأسلوب يس ّهل عليك عملية الفهم والتواصل ،وفي أوقات كثيرة
تجد نفسك وقد أصبحت ملما ً بما يدور في المجتمع من خالل عمود بسيط تتابعه
يومياً ،هي مجرد كلمات ترجمت واقعاً ،ودخلت البيت في شكل حروف وأوراق .
تتنوع الموضوعات وتختزل نفسها في الكثير من األحايين ،لكن البعض يعاني في
اختيار موضوعات مقاالته والبعض يتصنع .عدد من ال ُكتّاب تراه من خالل متابعة
المواقع االجتماعية يستجدي عنوانا ً أو فكرة ،وكأنه استنفد كل ما في جعبته وينتظر
اآلخرين ليسعفوه!! حتى أيقنت أن الوقت حان إلغالق عموده لمدة (مغلق تحت
الصيانة الفكرية).
ماذا عن يومياتنا وما نمر به من مواقف وتجارب؟ ما نسمعه من خالل األحاديث
والجلسات؟ هل أصبح التواصل االجتماعي الذي يمأل أجهزتنا (التويتر ،الفيس
بوك ،االنستغرام) يحرمنا لذة مخالطة البشر واالستماع لتفاصيل حياتهم وتجاربهم
فنترجمها بأقالمنا؟ هل أصبحت التسهيالت اإللكترونية توهمنا بأننا وصلنا للمدينة
الفاضلة ،وأن الموضوعات التي يجب أن نتناولها مقتصرة على هذه العوالم؟ أين
أصبحت حياة اإلنسان البسيط تُقرأ؟ وأين أصبحت لوحات الفنانين تُزار؟ كم هجرنا
من دور كتب؟! كم تثاقلنا عن زيارة أماكن تراثية تاريخية؟! وكم أصبحنا أبعد ما
يكون عن يوميات الشارع التي كان كبار الكتاب كنجيب محفوظ يختلط بها يوميا ً
حتى تترجم لروايات تالمس القلب؟! استسهلنا كل شيء حتى الكتابة فقل عدد من
نتابع اليوم لألسف .فمن يالم؟ هي مجرد كلمات لكنها كلمات يجب أن تكون منتقاة
عميقة فلربما غيّرت حياة أناس.
.٣ ٢٠١٣-١٠-٦اللغة العربية في مونتلاير
انتهينا أخيرا ً من اجتماعات مكثفة في منظمة الطيران المدني الدولي ضمن الجمعية
العمومية الـ ،٣٨ولن أتطرق هنا لتفاصيل قد تكون جدا ً مملة ،بل سأحكي تجربتي
الخاصة جداً ..مع تغير في لغة إلقائي المداخالت . .الكل يعلم أن اللغة العربية هي
إحدى اللغات الست المعتمدة في األمم المتحدة ،وهي لغة كلنا يعلم زخمها وثراءها،
وال أحد يقدر أن ينتقص من قيمتها .
ي أن تكون جميع مداخالتي التي سألقيها باسم الدولة في هذه التجربة فُرض عل ّ
باللغة العربية ،وهذا شرف كبير لي ،لكن ما استصعبته ليس النطق بحروف عربية،
بل التحول من اإلنجليزية إلى العربية وترجمة جمل فنية في كثير من األحايين
يمكن أن نخطئ في إيصال معانيها . .ال ينقص لغتنا الكلمات ،لكن ينقصها من
يترجمها بدقة ويوصل المعنى نفسه . .كثير منا يلجأ للكالم باالنجليزية؛ ألنه في
مواقف تحكي مواقف دول ال يمكن تأويل ما يقوله المترجم ،وقد جربت ذلك مرارا ً
وتكرارا ً . .إن الكثير من الدول كروسيا مثالً تصرف الكثير على الترجمة وتعتز
بلغتها . .نحن نملك أجمل لغة أنزل بها القرآن . .لغة البالغة والفصاحة ،واألكثر
من ذلك لغة الشمول والسالم .ال أنكر أنني كنت أشعر بالكثير من الفخر وأنا أنطق
بالعربية ،بل كنت أحس براحة كبيرة..
وإن كنت أخوض تجربة قد تربك الكثيرين أحيانا ً وتجعلني في اوقات أسأل (ماذا
ت تريدين أن تقولي؟) . .سأحاول أن أتدرب أكثر فليس التطور والوصول إلى كن ِ
العالمية مقتصرا ً على لغة بعينها ،بل هي القدرة على احتواء تلك اللغة ضمن لغتنا
. .أخذت الكثير من الوقت أحيانا ً ألترجم بنفسي ،وكنت أتأخر أحيانا ً فقط ألنني
أبحث عن ترجمة كلمة ما ،وإن وجدتها فمحاولة تركيب الجملة كاملة ليست سهلة،
هي ملَكة جعلها هللا ألحدنا قدرة ولآلخرين تحديا ً ألن يتحدوا أنفسهم ..لنذكر أنفسنا
ونربي الجيل الجديد على أن اللغة العربية هي أصلنا وهويتنا وعزتنا . .ولنحاول
بكل ما نستطيع أن نقدمها على باقي اللغات وإن كان األمر صعباً ،لكنه جميل حين
يسمعه اآلخرون منك . .في أول مداخلة مطولة لي قال بعدها السفير األمريكي
حين رآني أنصرف (لغتك اإلنجليزية جميلة لكني وجدتك اليوم تلقين بالعربية وكان
لها وقع آخر) . .شكرا ً لمن ألزمني بها وشجعني عليها ،شكرا ً لمن جلس إلى جانبي
وراجع معي ودفعني ألقوم بذلك بحضوره وبغيابه . .كلي فخر بك .
.٤ ٢٠١٣-١٠-٢٠أخي مدريدي
دائما ً كنا ونحن صغار في حالة مشادة مع إخواننا األوالد ،بطبيعة الحال ،هي فطرة
مازال أطفال اليوم يعيشونها.
في يوم سألت إحدى البنات واسمها (أ.ج) :ماذا تريدين أن تصبحي حين تكبري؟
قالت رائدة فضاء في ناسا ،أعجبت بطموحها ورغبتها بأن تعمل في ناسا وبهذه
الوظيفة .فبادرتها . .إذا ً أنت تحبين الفضاء والعيش فيه ،فردت :أفضل حتى أكون
بعيدة عن أخي .ضحكت وعرفت أنها قصة األخ واألخت الدائمي المشاكسات
والمناوشات والتصالح في نهاية األمر .قلت لها فقط ألنكم دائما ً في خالف؟ قالت:
ال . .ألنه مدريدي .هنا كانت المفاجأة .
(أ.ج) في حقيقة األمر تشجع برشلونة ،وفي خالف دائم مع أخيها ألنه مدريدي .
لم تكن هذه األمور تعني األجيال الماضية كثيراً ،فنادرا ً ما كانت لعبة كرة القدم
ضمن اهتمام الفتيات أو حتى في جدولهن . .لكننا اليوم نرى أن المالعب بها فتيات
مراهقات ،نجد في المنازل حدة وخالفات ألن فريقهن خسر أمام فريقهم .الرياضة
شيء جميل ،لكن الغريب حين يصبح الجنسان مهووسين بكرة القدم .ففي الزمن
الماضي كانت الفتاة جل متعتها لعبة (العروسة) وترتيب مالبسها ،وطلبها بإلحاح
من والدها (بيت العروسة) .
كانت تفرض غريزتها عليها تجهيز مالبس (العروسة) وأحيانا ً تفصيلها بنفسها،
والوقوف أمام باب خياط الفريج حتى يعطيها ما تبقى من قطع المالبس التي ال
يحتاجها ،لتحاكي عروستها الموضة وألوان الموسم وتنافس فتيات الفريج .لم يكن
هناك في ذهنها أن ابنتها ستكون معاكسة لها تماما ً في اهتماماتها ،وأنها ستكون في
مزاجية معادية فقط من أجل لعبة تخص الرجال (قديما ً فقط).
نحن نشجع االهتمام بكل أنواع الرياضات ،والفتاة اليوم أصبحت تدخل في الكثير
من الرياضات بما ال يتعارض مع عاداتنا وتقاليدنا ،لكن هل تغيير االهتمامات التي
ُولدنا عليها كفتيات ظاهرة صحية؟ أحيانا ً نرفض أن تشترك إحدى بناتنا الصغيرات
في فريق كرة القدم أو حتى غيرها ،ألننا نخشى مع األيام أن تنسى أنها فتاة ،أو أن
تتغير تصرفاتها وأخالقها مع انتشار ظاهرة غير مقبولة في المجتمع .يجب أن
نكون حريصين عليهن ،وأال نجبرهن على ترك ما يحببن ،لكن أيضا ً يجب أن
نحاول أن نذكرهن بأسلوب محبب لهن ،بحقيقة فطرتهن وأن اهتماماتهن تعكس
صفات المرأة فيهن في المستقبل.
أمس األول الجمعة كانت مباراة المنتخب مع فريق هونغ كونغ ،وتأهل المنتخب
لكأس آسيا في أستراليا (مبروووك لمنتخبنا الغالي) .التفت الفتيات حول التلفاز قبل
األوالد ،يقفزن ويرسلن المسجات باألهداف . .للمنتخب ال أقول ال . .لكن لكل يوم
أقول ال.
.٥ ٢٠١٣-١١-١٧كبار السن
ال يخلو بيت من رجل كبير ،والد أو جد ،أو امرأة كبيرة ،أم أو جدة ،وقد تكون أختا ً
كبرى أو أخا ً .الحياة في مالمح هؤالء الكبار تحكي قصة عمر طويل عاشوه من
أجل أن نراهم اليوم كباراً .ال تقف القصة عندهم وال يقف الزمان عندهم ،تتجرد
ي أحدهم ،فهو يعلم ما لم تعلم واختبر الحياة قبلككل الكلمات حين تنظر في عين ّ
وعرف الكثير ،وبعض الكثير اليوم زال مع ذاكرة الزمن .
من يمر اليوم على المستشفيات يرى أن أكثر األجنحة قد امتألت بكبار السن ،نسا ًء
كانوا أم ورجاالً ،حاالت متعددة وأمراض مختلفة نعرفها وأخرى ال نعرفها ،لكننا
نعرف جميعا ً أنهم أصبحوا ضعافاً ،وأنهم في أرذل العمر ،يقلبهم تارة قريب وفي
أكثر األوقات غريب وهو الممرض أو الممرضة .منذ مدة قصيرة سمعت بحالة
رجل كبير في السن يقبع في غرفة المستشفى منذ سنتين ولديه ممرضه الخاص،
ال حول له وال قوة ،أجهزة تنفس وصمت مطلق .
وكانت لنا جارة ،كانت في الحارة وسيلة األخبار األولى في عهد لم يكن للهواتف
وجود .كانت تسأل عن الصغير والكبير ،وتعرف أسماءنا وتجيد سرد قصص
حياتنا ،واليوم تقبع في زاوية في المستشفى وقد مأل جسمها باألنابيب ،بعضها
لتتنفس به واألخرى لتتغذى من خاللها ،مازالت تعرفك ،تمسك يدك لكنها ال تتحدث
.
هذه هي الحياة وهؤالء من تعبوا ألجلنا ،ال أدري كيف نسمح أحيانا ً ألنفسنا أن
نتركهم بين الغرباء؟ كيف نتركهم يعيشون الوحدة والغربة ،وتبكي عيونهم وقلوبهم
قبلها شوقاً؟ كيف نتركهم ألن يحسوا بالذل وأنهم أصبحوا حمالً ثقيالً؟ كثيرون هناك
يرجون رحمة ربهم بأن يرحلوا عن هذه الدنيا ألنهم يعانون الوحدة ،ال مؤنس وال
أنيس .لنتخيل أنفسنا حين كنا أطفاالً ،نتعب ونمرض ،هل تركونا؟ هل تخلوا عنا؟
هناك من اآلباء من اغترب شهورا ً وسنوات لعالج ابنه أو ابنته ،وهناك من لم يتمتع
براتبه حتى يوفر لهم سبل الحياة الكريمة!! فكيف بهم اليوم يعيشون أرذل العمر
ويتوقون لسماع أصوات بناتهم وأبنائهم الذين دللوهم كثيرا ً وهم صغار؟! هل هي
مشاغل الحياة؟ أم أننا أصبحنا ال نعرف من يستحق منا أن نعطيه من حياتنا وأوقاتنا؟
كيف ننام مساء وهناك أم أو أب في قسم مفتوح مكشوف يئن ويتقلب بأيدي غرباء؟
كيف تأخذنا الحياة منهم ونقول ليس لدينا وقت وهم أعطونا عمرهم؟ كيف ننشغل
بأبنائنا ونحن باألمس كنا لهم أبناء؟ كيف نبكي طفالً مريضا ً وننسى دموع كبير في
تقس عليهم ،ولتبق
ُ السن يشتاق ألن يكون في بيته بين أبنائه؟ لتحن قلوبنا وال
المستشفيات ودور كبار السن خاوية خالية منهم ،فمكانهم في بيوتهم بين من ربوهم.
لنرحمهم فنرحم في شيخوختنا ،ولنتذكر أنهم بركة الحياة قبل الممات.
.٦ ٢٠١٤-٣-٢قيد التخصص
فرحة التخرج في الثانوية من أجمل ما يمر به المرء في حياته ،فهي البوابة لعالم
جديد يفتح له آفاقا ً أبعد من مجرد مقاعد دراسية وزي مدرسي .هي الخطوة األولى
ألن يكتشف المرء طموحه ويبدأ في السعي إليه ،لتأتي مرحلة الدراسة الجامعية
لتتوج له في أول عام كل ما كان يحلم به ويتخيله لنفسه من مهنة ومسمى في
المستقبل فكيف إذا كان هذا المسمى قيدا ً جديدا ً ال يحبه؟
ي ،وال تزال ،قصص كثيرة عن أناس درسوا لسنوات تخصصات ال مرت عل ّّ
تستهويهم ،ولم يستمتعوا بها أو يدركوا من خاللها القيمة العلمية الحقيقية لما
يدرسون ،بل تكبدوا التعب والعناء لكي ينجحوا ويستمروا في هذه العملية حتى سنة
التخرج . .لماذا؟ ألن أحد الوالدين أراد ذلك .جميل أن يحقق األبناء أحالم آبائهم،
وجميل أن يكونوا هم الجسر لما كانوا يتمنون ألنفسهم ،وجميل أن يفخر األب واألم
بثمرة تعبهم ،لكن ماذا بعد ذلك؟ يستمر االبن أو االبنة في المسار نفسه ،رغم أنهم
لم يحبوا التخصص ،ولم يكن يوما ً جزءا ً من أحالمهم ،لكنها رغبتهم بأن يكونوا
األبناء البارين الذين يردون الجميل ،يتخرجون ،ينخرطون في وظائف تجعلهم
يختنقون في داخلهم وتبدأ دوامة الروتين في حياتهم ،ال إبداع ،وال تميز ،ليدرك من
يدرك نفسه .ويتجنب اآلخرون هذه الحالة بتغيير وظائفهم بعد فترة ،والبعض يبدأ
رحلة الدراسة من جديد في التخصص الذي يحبه ،والبعض يبدأ بالتطوع في المهنة
التي حلم بها ،ولربما بعد أمد يبدع ويكمل المسير بعد سنوات من الضياع وعدم
االرتياح .
لماذا ال تزال هناك عقول تفرض هذا الشيء؟ لماذا اليزال التخصص مرتبطا ً
بوجاهة اجتماعية؟ لماذا فقط نردد ماذا يحتاج السوق؟ االعتدال في األمور شيء
جميل ،دراسة السوق واجبة ،ومعرفة ميول كل فرد مهمة جدا ً لتبدأ عملية التوازن
بوضع خيارات عدة تكون في األساس مرتبطة بنسبة كبيرة بما يحب المرء أوالً.
هناك طبيب يقبع خلف الميكروفون ويبدع ،ألنها رغبته منذ البداية لكنه آثر أن
يحققها بعد أن يحقق حلما ً لشخص يحبه .هناك مهندسة في الموقع وهي تعشق
األزياء ألنها أرادت أن تمشي على خطى عائلتها فال تنفك السلسلة ،هناك أطباء
يرتدون الرداء األبيض ويتفانون من أجل المرضى ،يغتربون ويتخصصون وفي
داخلهم اليزال الحلم بالتجارة .هناك الفنان الذي اختفى وراء نظرة البعض للفن
على أنه ال يُحسب من التخصصات التي قد يفخر بها المرء ،وهناك من ترك كل
شيء بعد سلسلة من الصراعات حول ماذا يريد وماذا يريدون .نحن مقبلون بعد
أشهر على دفعة جديدة تتخرج في الثانوية ،وفي هذا الوقت من العام بدأت امتحانات
القبول وبدأوا يقررون تخصصاتهم وجامعاتهم ،فرفقا ً بهم .نعم الكل تعب في
تربيتهم لكن هل يكون رد الجميل بأن يعيشوا حياة خالية من اإلبداع فيما يحبون
ويريدون؟ وهل يكون بفرض ما تريدون؟ وهل يكون فقط بنظرتنا نحن الخاصة
للحياة؟ أتمنى أن تقل القصص التي ال أزال أسمعها فأتألم ،فمتعة الحياة الجامعية
بما نحب ،ومتعة وظائفنا بما نستطيع أن نبدع فيه فال تتحول يوما ً لقيد يخنقنا.
٣٠٠ .٧ ٢٠١٤-٣-١٦درهم
نخرج كثيراً ،ونستمتع بالكثير من األمور في حياتنا ،نسافر ،نرتاد المطاعم ودور
السينما ،نتسوق ،نبتاع الهدايا ،نحتسي القهوة ،نلعب ،نجرب كل مكان جديد وكل
ماركة جديدة ،نحب أن نكون في أماكن تباع أحيانا ً فيها القهوة بسعر مضاعف،
فقط كي نسجل حضورنا في المكان ،وكثيرا ً ما نصرف فوق الـ ٣٠٠درهم .هناك
من حولنا من يعيش ،يعمل ساعات أطول من ساعات عملنا ،ويتحمل أن يسمع
الكثير ،كلمات أحيانا ً جارحة ،وأحيانا ً أصوات تتعالى عليه ،وأحيانا ً أخرى يوضع
في دوامة "أين أنت" وهو يجري في الممرات من مكتب لمكتب يلبي الطلبات .
يبدأ يومه في السادسة صباحاً ،يجهز كل أنواع القهوة والشاي استعدادا ً لتلبية طلبات
مختلفة وأمزجة متغيرة ،يستقبلك بابتسامة تخفي ما قد يحمله من هموم ومشكالت.
يحاول أن يلبي لك رغبتك بقهوة صباحية تبدأ بها يومك ،وأنت في أغلب األحيان
قد تكون في غنى عنها ..لكنها العادة .يبقى بالقرب من الهاتف ينتظر رنينه ،وإن لم
يجب يغضبوا عليه ويتهموه بالتقصير ،في حين أنه كان يحمل صينية بها مشروبات
مختلفة يقوم بتوصيلها إلى هذا المكتب أو ذاك .ال يكتفون .فالملفات ينظفها واألوراق
يجردها ويخزنها ،والهدايا يرتبها ،والسيارات يغسلها .من مبنى آلخر ينتقل يحمل
أوراقا ً مختلفة يوصلها ،يرتب لحفالت اإلفطار وال يتذكره أحد بطبق ،ينظف
المكان ،وينتظر أن ينصرف الكل حتى يغير ما يرتديه ،ليصبح عامل فترة جديدة
ينظف فيها كل المكاتب ،تنتهي كل الساعات الـ ١٢وينصرف فقط لينام ويعود في
اليوم التالي .
نسميه نحن عامل المكتب( ،)office boyذلك الموظف الذي يحمل أيضا ً رقما ً
وظيفيا ً مثلي ومثلك ،لكن الفرق أنه تغرب كي يطعم عائلة ويبني في المستقبل
منزالً ،كي يتزوج إن ُكتب له ،ال يُصرف له ما يُصرف لنا ،وبعضهم دخله قد ال
يتجاوز الـ ٣٠٠درهم بعد كل االستقطاعات للشركة التي يعمل بها ،لكنه لم يتذمر
يوماً ،لم يعبس في وجهك يوماً ،يستقبلك بابتسامة ويودعك بأخرى ،لم يقل لك يوما ً
ي مهام كثيرة اليوم ،لم ينصرف وقد أهمل لك شيئاً ..فكيف يا ال أستطيع أو أن لد ّ
تُرى تبقى قلوبنا ال ترحم وال تشفق؟ هل نحتاج ألن نناديه ليشغل لنا وصلة
الكهرباء؟ هل نحتاج له كي يحمل حقيبتنا للسيارة؟ هل نحتاجه كي يجلب لنا أوراقنا
من جهاز الطابعة؟ هل نحتاجه ألن يصور لنا ورقة واحدة؟ وهل نحتاجه ليبقى
واقفا ً فقط ينتظر األوامر بسكب فنجان من القهوة أم ال؟
قد نزهد بمبالغ نصرفها يومياً ،لكنها أجبرت آخرين على تحملنا ،وأجبرتهم أيضا ً
على أن يبقوا صامتين ،فلنرحمهم وال نرهقهم وال نتكبر عليهم ،فلنرحمهم
ولنتذكرهم بهدايا بسيطة ،بكلمات طيبة ،ولنعطهم اإلحساس األهم ،هم بشر مثلك
ومثلي ،فلنشكر النعم ولنرحم البشر .
.٨ ٢٠١٤-٣-٣٠ضريبة النجاح
من أجمل أحاديث رسولنا الكريم محمد صلى هللا عليه وسلم "ال يؤمن أحدكم حتى
يحب ألخيه ما يحب لنفسه" ،فكم هو كبير معنى هذا الحديث ،فمنه يتحقق التوازن
في المجتمع .ال حسد وال غيرة ،بل فرح لفرح من حولنا ،وسعادة حين ينالوا أعلى
الدرجات وينجحوا في حياتهم .كم يكون القلب مرتاحا ً من األحقاد والضغائن حين
ومعان جميلة ،وكم سيعيش الفرد ال يعيٍ نعيش بهذا الحديث بكل ما فيه من تفاصيل
باالً أو يحزن ألن غيره نال نصيبا ً من الدنيا لم ينله ،فما عند أخيه عنده ،وما يسعد
أخاه يسعده ،فكيف بقلوب ال تعرف لألخوة معنى أو ألخالق المسلم باباً؟! يحزنك
كثيرا ً حين تفاجأ وغالبا ً بمحض الصدفة أن من كنت تعتبره صديقا ً ال يفرح لفرحك،
بل يحقد عليك ويتحرى السبل ليفسد عليك فرحك .كيف بأناس أعمتهم الدنيا فصاروا
يتناسون زوالها ويبيتون وهم ال هم لهم سوى كيف يزيلون فالنا ً من الدرب؟!
قصص النجاح كثيرة ،وتفاصيل حياة بعض األفراد تجعلك تفخر بهم ،فهو قد تعب،
اجتهد وصبر ،ومرت سنوات وسنوات ومازال يتعلم ويبذل وقته وجهده ،ليكون
مميزاً ،يصقل مهاراته ،ويتعلم كل التقنيات التي تفرض تألقه في عمله ،محيطه
االجتماعي ،فكيف بمن يرى أو يقرأ قصة نجاح ويدعي أن ما فيها ليس إال مجرد
صدفة؟! هنا تبدأ الحروب الفردية وأحيانا ً الجماعية إلزالة فالن .نكتشف قصصا ً
ال نتخيلها إال في األفالم والمسلسالت ،وحواديت وروايات عن طرق وسبل طمس
معالم وإنجازات إنسان .
سؤالي :ماذا نستفيد حين نعيش هذه الحياة التي فيها المرض النفسي يتجلى؟ هل
سنفرح؟ هل ستسهل الحياة علينا قبل أن نفكر بالتخلص من اآلخرين لنتذكر أنفسنا؟
من انشغل باآلخرين بات مهموماً ،وهو في كل وقته يفكر بأفكار غير سوية ،وسيبقى
في دوامة الضيق دائما ً .
ولمن نال النجاح وفرح به أقول :هذه ضريبة النجاح ،فالبعض ال يدري كيف أنك
من نال النجاح ناله بعد سلسلة من التجارب الفاشلة أحياناً ،فتنال مكرا ً من اآلخرين
ولكنهم يتناسون أن مكر هللا شديد ،ومن بات مظلوما ً خير ممن بات ظالما ً .فلتفرح
بنجاحاتك ،وليعيشوا أحقادهم ،ويحصدوا الغم بما يبيتون لغيرهم ،فليست الحياة
باقية ألحد ،وليست المناصب دائمة ،وليست العروش صامدة ،وال أسماء العائالت
خالدة ،فكلنا يوما ً سنعود للتراب ونحصد ما عملنا .فلنحب بعضنا ،وليكن في كل
مساء لنا ساعة خلوة نسامح فيها الكل ونتمنى لهم السعادة ،وندعو لهم بالهداية
وألنفسنا بالنجاة من الوسواس والحقد والضغينة ،ولننظر كم من الناس عرفناهم
رحلوا وما بقيت إال ذكراهم ،فلنعطر ذكرانا ولنحب غيرنا .ولنحتسب عند هللا ما
أعطانا إياه.
.٩ ٢٠١٤-٤-٢٠جسر االنتحار -لوزان
لوزان مدينة سويسرية جميلة ،تمتاز ببحيرتها الخالبة التي تقابل في الطرف اآلخر
جبال األلب الفرنسية ،حيث تقع عين إيفيان المعروفه التي تصدّر المياه لكل العالم
وتبيعها بأغلى األسعار .هناك المنبع الرئيسي تفصلك عنه فقط رحلة بحرية لمدة
ساعة تقطع بها الطرفين ،مدينة فيها امتزج الحديث بالقديم ،وما زال القديم يغرد
شامخا ً في البيوت والقصور ،في الطرقات القديمة والمحال الحديثة التي زينت
مبان ما زالت موجودة منذ قرون ،بها جو من الهدوء والفن الراقي الذي ٍ واجهات
تميزت به ،وتميزت بوجود عدد كبير من الفنانين ،سواء فنانيها أو فنانين مهاجرين
إليها ،وخالل مشيك هناك يستوقفك جسر جميل على ارتفاع كبير ،فالمدينة مبنية
على عدد من الجبال ،الجسر وسط المدينة ويسمى جسراالنتحار ،ويؤسفك أنه بهذا
االسم!
كما روي لي :يجتمع عليه عدد من الناس ممن ملوا حياتهم حتى ينهوها بأنفسهم،
وتتجمع مجموعات وتنصب خيامها هناك من أجل أن تنصحهم بأن يعودوا عن
قرارهم ،ولكن باألخير يقال لهم:هذا قرارك! .عجبا ً فمن يمشي على هذا الجسر
يشعر بحبه للحياة .تنظر لألسفل للمكان الذي يموتون فيه فتجده ساحة كبيرة كأنها
هيئت لهم ،وكأنها تقول لهم هنا انهوا حياتكم بال حساب أو سؤال ،وتنتهي بقفزة
أمام أعين الناس الذين يحترمون قراراتهم ،فهي في نظرهم حرية شخصية يجب
أال ينتقصها أحد .
لقد أنعم هللا علينا بنعمة اإلسالم ونعمة الحياة ،فال يحق ألحد أن ينهي حياته متى
أراد ألنها ليست ملكه ،فنحن نؤمن بأن ما أصابنا ُكتب لنا ،وأن كل مكروه فيه خير
لنا .نعيش ،نحب هللا ،ونحب الحياة التي منحنا إياها ،وال نملك الحق بأن نقول نحن
متى ما أردنا وداعا ً .
لقد منحنا الحياة لنعيشها ونستمتع بها ونؤدي ما علينا من واجبات ،تكثر المدن
وتكثر قصصها ،ولكن قصة المسلم المؤمن بربه وبقضائه وقدره متشابهة في كل
مكان وفي كل بلد ،فنحن نعيش لنعبد هللا ونعرف أن كل ابتالء هو من حب هللا لنا،
فمتى ما أحب هللا عبدا ً ابتاله .
ال تكون الحياة كل يوم فرحا ً وسعادة ،بل ال تخلو من ضغوط وهموم وأحزان
وأفراح ومن ثم أتراح .هي سلسلة تدور وأيام تتغير ونحن معها نتكيف ونعيش
محتسبين ،وفي المقابل منها الكثير لنعيشه ،جمال الكون وطبيعته ،هدوء النفس
وسكينتها ،عائالتنا ومن يحبنا .
والرحيل هو أمر هللا ،وال ندرك متى نرحل وندعو دوما ً "اللهم حسن الخاتمة"
لنعيش بمقاييس رب العالمين ،نعرف واجباتنا ونؤديها ،ونسعى بكل ما نملك ألن
نرضيه ،فهو أرحم بنا من أنفسنا ،ولتكن خواتيمنا ذكرى جميلة يتذكرها من عاش
معنا ويدعو لنا ،وليكن بيننا وبين هللا جسر من القرب والمحبة والطاعة ،فهو دائم
ال ينتهي.
.١٠ ٢٠١٤-٤-٢٧أرذل العمر
الحياة نعمة كبيرة وهبها الخالق لنا ،فيها الكثير من التحديات والمشقات من الميالد
حتى الوفاة ،قال تعالى "لقد خلقنا اإلنسان في كبد" أي في مشقة وتعب منذ أول يوم
يتنفس فيه إلى أن يدخل القبر .
في كل بيت اليوم هناك كبير في السن يعاني الهرم والضعف وربما الزهايمر الذي
ينسيه كل ما كان ومن مر في حياته ،نسي الكثير إال بعضا من تلكم التفاصيل التي
تأصلت فيه بفضل من هللا كالصالة والذكر .يعيش هؤالء الكبار مرحلة من الضعف
تجعلك أحيانا ً تتساءل أين اختفت تلك الشخصية القوية خلف هذا الشخص؟ رب
األسرة الذي كان صاحب الكلمة األولى واألخيرة.
أين اختفت تلك المالمح التي يحتفي بها الكل حين يدخل فالن ،وفالن ذو صيت،
ذو خلق وذو اسم ومنصب؟ هل ينتهي كل شيء في لحظة ليعود ألرذل العمر؟ ال
يعي شيئاً ،يحتاج إلى كل أنواع الحب والرعاية .يعود كالطفل يحتاج منك أن تبقى
بجواره ،تمسك بيده ،تشعره باألمان وبأنك موجود من أجله ،تعتني به ،بصحته،
بنظافته ،وتجيبه عن كل تساؤالته ،وتجاري أحيانا ً قصصه الخيالية كما كان يفعل
معك حين كنت صغيراً ،لربما هذه المشاهد مؤلمة لبعض من يعيشها كل يوم ،لكنها
سنة هللا في األرض .وقد ذكرها في كتابه:
أرذَ ِل ْالعُ ُم ِر ِل َك ْي ال يَ ْعلَ َم بَ ْعدَ ِع ْل ٍم َ
شيْئا ً إِ هن َّللاُ َخلَقَ ُك ْم ث ُ هم يَت ََوفها ُك ْم َو ِم ْن ُك ْم َم ْن ي َُردُّ إِلَى ْ
"و ه َ
ع ِلي ٌم قَدِير". ه
َّللاَ َ
فبعد كل العلم ال تعلم شيئاً ،وبعد كل الحضور الذهني ال تدرك شيئاً ،وبعد كل
االلتفات من حولك ال أحد من حولك إال من رحم ربي .تصبح طفالً ال حول له وال
قوة ،فكيف بنا نغفل عن ذلك..؟
اليوم يتساءل الكثيرون وهم في صحتهم وشبابهم وإدراكهم لألمور :هل سيكون
أبناؤنا بارين بنا؟ هل سيفعلون لنا ما نفعله آلبائنا؟ وهل سيدركون الكبد الذي عشناه
من أجلهم؟ تتكرر هذه األحاديث بشكل يومي ،فقد أصبح المجتمع اليوم فيه من
العقوق والنكران ما يجعل المرء يتحسب آلخر عمره ،ويعيش في خوف أنه في
يوم قد يموت وال يدري عنه أحد ،أو يعيش حياة ذل ومهانة ،وقد ينتهي به األمر
في دار المسنين ،ومن ال يعي ما أقول هنا فليزر إحدى دور المسنين وليسمع
القصص لتبكي عينه ويدمى فؤاده .ليست فقط قصصا ً ألناس فقراء ال مسكن لهم
وال مأوى ،بل هناك من كان في يوم ذا صيت ومال وجاه ،فابتلي بأبناء لم يصونوا
ما قام به من أجلهم ،لندرك جميعا ً أن الجزاء من جنس العمل ،وأن أعمالنا ستختم
نهايتنا وربما كنا بارين ونبتلى بعقوق ،لنكون ممن أحبهم هللا فابتالهم!
االلهم أحسن خواتمنا ،وارزقنا في أرذل العمر من يصون كرامتنا ويرحم ضعفنا .
.١١ ٢٠١٤-٥-١٨الظلم ُ
ظلمات
هناك مشاعر كثيرة تمر باإلنسان ،تختلف بين الفرح والحزن ،األلم والرضا،
وأصعب تلك المشاعر هي أن يحس المرء بالظلم وال يقدر أن يغير ظلما ً وقع عليه.
والغريب وما يجعل المرء يحار :كيف يظلم أحدهم وينام مرتاحا ً ال يعير اهتماما ً
ألي شيء؟ الظلم ُ
ظلمات ،وأن ينام أحدنا مظلوما ً خير له من أن يظلم أحدا ً فيقع في
دعوة لمظلوم ليس بينها وبين رب العالمين حجاب ،عجبت لمن يعيش على أرض
تُزلزل في لحظات ،أن يأمن غضب هللا وجبروته؟
أصحاب المناصب يعتقدون أحيانا ً أن الكراسي تعطيهم حقوقا ً على البشر
فيستعبدونهم ،أو يعطونهم هذا الشعور بأنهم يملكون حياتهم وأوقاتهم ،وفوق ذلك
يذلونهم بأن يجعلوهم يعيشون في و ْهم أنهم أصحاب القرار في حياتهم فينسون أن
الرازق هو هللا ،وأن المانع هو هللا ،وهم أسباب في دنيا زائلة .قد يرحل من يُظلم
ويتألم وال يلتفت من ظلمه له أو لما يشعر به ،ولما قد يترتب عليه قرار ما في
حياته ،لكن رب الخلق يسمع كل شكوى وينصف كل من يطرق بابه ،فتمعن يا من
سب من رب العباد .يظلم أنك ستحا َ
كيف ال يدرك المرء أن ال شيء يدوم ،وأن ما جعل غيره يمر به سيمر هو به؟ قد
يكون بعد سنوات وقد يكون مؤجالً لآلخرة ،فكيف يطيق المرء فكرة أنه من سيقتص
منه رب الخلق؟
في بيئة العمل وأينما يكن المرء يجب أن يحس باألمن واألمان ،وبأنه يعطي وفي
الوقت نفسه هناك من ال يقدر أنه يملك قوته وقوت أبنائه ،بأنه في مكان ال يملكه
بل هو من يملك فيه حريته ووقته وحياته ،حينها فقط فيعطي بوالء حقيقي ألنه يحب
المكان ويحب من يعمل معهم ،فيخلص وال يهمه أحيانا ً طول األوقات والمجهود،
هنا فقط تتحقق المفاهيم التي نسمع عنها ،مفاهيم بيئة العمل النظيفة ،مفاهيم الديمومة
واالستدامة التي هي من أهم عناصرها حقوق اإلنسان الموطف ،وبيئة عمله .هناك
من يدرك هذه المفاهيم فقط في الملفات وفي أخبار الجرائد وال يعي أن ما يكتب
سيحاسب عليه ،قد نمضي وقد نتغير وقد ندور في الكثير من األماكن ،نعمل،
نتعرف إلى وجوه جديدة ،إلى أناس جدد ،وحين نرحل سيتذكروا أخالقنا وحسن
تعاملنا وعدلنا وتواضعنا وإحساسنا باآلخرين .
من يرحلون عن العمل وقد ظلموا وتعالوا وأغلقوا األبواب وتمادوا ،سينتهون
بسرعة ،وستنتهي مناصبهم ،وستُمحى سيرهم من الذاكرة ،سيغدون أناسا ً عاديين،
بكراس ونسوا أن الحياة مشاعر وبشر، ٍ لن يعيرهم أحد اهتمامه ألنهم اقترنوا
أحاسيس وقيم ،أخالقيات وترك أثر طيب في النفوس!
ي يدوم وال منصب يضمن ليحذر كل من يتمادى من يوم سيكون فيه نكرة ،فال كرس ّ
مستقبالً ،فكثيرون كانوا أسماء وظلوا فقط ألنهم في يوم كانوا أصحاب مناصب،
فعاشوا متواضعين بين البشر وتحاشوا ظلماً ،وكانوا مساندين لمن يعمل معهم غير
متسلطين ،وآخرون رحلوا وفي يوم لم يذكرهم أحد بظلمهم ..فاختر من تريد أن
تكون غدا ً حين ترحل .
.١٢ ٢٠١٤-٦-٨مشاعر
حين كنا أطفاالً كانت مشاعرنا بسيطة مرتبطة باألم واألب واألخوة واألخوات،
مشاعر طفولة بريئة ليس فيها من زحمة الحياة أي شيء ،لم نكن ندرك ما تعنيه
كلمة مسؤوليات وال هموم أو مشاغل ،فكلها كلمات تركناها بحكم عمرنا لألم
واألب ،نحن فقط كنا نعيش فترة مشاغباتنا ،تذمرنا من المدرسة ،طلباتنا التي
تُستجاب أحيانا ً وأحيانا ً ال ،رغباتنا في الذهاب للحديقة في اإلجازة ،فرحتنا برمضان
والعيد والعيدية ،تعلقنا بجدنا وجدتنا ،وفرحتنا بكل صغير وجميل ،لم تكن لدينا
أفكار عن ما يعنيه الغد حين نكبر ،أو ما قد تكون عليه الحياة .
كبرنا ،تغيرت مشاعرنا ،أصبحت ناضجة ،تحاول أن تدرك ما هي الحياة ،ما هي
المسؤوليات ،وما هية كلمة "كبرنا" ،وشاب الشعر وابيض ومضت تجاعيد الوجه
تداهمنا ،وصار العمر يركض بنا ،وصارت الطفولة ماضياً ،وأصبح الشباب
يغادرنا بسرعة واأليام تفجعنا كل يوم برحيل أحد ،وتفرحنا بوالدة أحد ،تسارعت
مشاعرنا اليوم وأصبحت كثيرة ،ال تدرك كيف أن العمر أخذ منا وممن ربانا ،جعله
ضعيفا ً بعد أن كنا نتسابق معه فأصبح يمشي بخطوات بسيطة يسانده عكازه ،وقد
ال يستطيع المشي فيجلس على كرسي ذي عجالت .
من كبر ،كان طفالً غدا شاباً ،واليوم كهالً كبيرا ً يقاوم كل أنواع التعب ،السهر،
األرق ،والحزن على ما فات .وقد يكون في جل فرحه ،حوله أبناؤه كبروا ليكبر
معهم وليساندوه ،وحوله أحفاده كبروا معه ليفرحوه ويصبحوا رجله ويده ،فال يبالي
حينها فالحياة أعطته الجميل والخير الكثير ،ويمضي في فرحه ،في سعادته كل يوم
حتى يصبح يوما ً جليس الفراش ،تعتريه الكهولة وتصاحبه الشيخوخة ،وتصادقه
ذاكرة ضعيفة حتى يصبح خامالً فال يريد إال أن يعيش في تجربة الماضي .تجلس
معه فيسمعك حديثا ً قديما ً وقصصا ً ألناس أغلبهم ما عادوا بيننا ،ال يزال يحبهم
ويذكرهم ويذكر حياته معهم ،يسمعك قصة التاريخ الماضي ،البدايات الصعبة،
التجارب القاسية ،ولقمة العيش البسيطة التي كانت تسعدهم .قد نشاهده فنقول" :هللا
يرأف به ويرحمه" وال نريد أن نقول "اللهم أجرنا مما صار إليه" ،ليست الحياة
في عمر من كبر سهلة فقد كان يوما ً هو من ينهى ويأمر ويذهب ويأتي ،يعطي وال
يأخذ ،يحمل وال يُحمل ،واليوم في نظرته انكسار ،ال يطيق أن يحمله أحد ،أن
يطعمه أحد .هذه سنة هللا في الحياة .ونحن نغفل ونجهل وكأننا سنظل صغارا ً أبدا.
.
العمر جميل بكل مشاعره ،بكل أعوامه ،بكل ما فيه من قصص وتجارب ،ولكن
القسوة حين نقسو نحن على من يكبر أمامنا ،ونحاول أن نتجاهله وننساه في دوامة
الحياة ،القسوة أن ننسى من سهر ،من تعب ،ومن رحمنا فال نرحمه .لنرحمهم بأن
نكون معهم ،لنرحمهم بكلماتنا ،بتعاملنا معهم ،برأفتنا بنظرتهم تلك التي تقول
"ارحموا ضعفي" .فيا رب ارحمه كما رباني صغيراً.
.١٣ ٢٠١٤-٨-٢٤الموهبة نعمة أم نقمة؟
الموهبة نعمة من هللا يهبها للكثيرين ،ملكات يمتلكها الناس فيتميزون عن غيرهم
ويتألقون .هي نعمة ألنها تعطي اإلنسان حياة أخرى وطبيعة أخرى ،تخرجه من
حالة ألخرى ،من وقت ألوقات جديدة ،وتفرغ طاقة لربما كانت غير مرغوبة
لتمنحه إيجابية عالية وتركيزا ً مختلفاً ،هي ملًكة خاصة تفرد بها شخصه عن
مجموعة من الناس يعيش في مجتمعهم ،تميز عنهم وأبدع فأصبح متفردا وحالة
أحيانا ً غير مألوفة .
الهواية ال تكون فقط نعمة أو ملكة نكتشفها في ذواتنا ،بل هي قدرتنا على االستثمار
فيها بالتدريب والتعلم ومواصلة ممارستها بشكل دائم ومستمر .وقبل ذلك يقيننا
نواح عدة ،فال يجب يوما ً أن يكون مصبنا فيها فقط ٍ بأنها نعمة تحقق لنا ذاتنا من
ترويجيا ً أو تجارياً ،وال عيب في ذلك بمعايير وأسس .
أطفالنا ،كم نكتشف فيهم من مواهب وقدرات؟! وكم أصبح الوقت يخدمهم كثيراً؟!
وكم توفرت لديهم اإلمكانات التي كانت غائبة عنا في السابق؟! فتصب في تدريبهم
ومنحهم قدرات تكون لهم متنفسا ً في المستقبل ،ولكن؛ مازالت الحالة االبداعية التي
نريدها مقيدة ،مازالت األفكار تأخذ األهل يمينا ً وشماالً .
كم من طفل ُولد في عائلة مثقفة ،متعلمة ،لكنها جهلت أنه بجانب الناحية األكاديمية
نواح أخرى يجب أن نعيرها اهتمامنا ،فالطفل حين يرسم فهو حالة إبداعية ٍ هناك
مستقبلية ،وحين يفكر في أي مهارة يدوية أو رياضة أو قراءات معينة فهذه عالمات
نبوغ في هذه المجاالت ،لكن الكثير من األهل يعتقد لليوم بأن الـ "برستيج
االجتماعي" أهم .كم من طفل لديه قدرات معينة ،لكن ذويه نسوه ولم يعيروه
اهتماماً؛ ألنهم لم يملكوا الموهبة نفسها في طفولتهم فلم يتعبوا أنفسهم معه ،ونسوا
بذلك أنهم ضيعوا فرصة لإلبداع ،وأن أطفالهم ليسوا بالضرورة مثلهم .
كم من طفل لديه موهبة ضاعت اليوم في توجهات األمهات التي ال تعرف سوى
الجوائز ،فأرهق الطفل بكم من المشاركات غير المركزة التي ال تخدمه ،فقط ليكون
رصيد الشهادات كبيرا ً ينافس فيه بملف يقدم لجائزة ويربح ،وبعدها يهمل وتنسى
الحقيقة أنه مبدع صاحب موهبة أعدمت .
هل نسعى لتحويل مواهب أطفالنا لتكون فقط شهادات على الجدران ليقال إن فالنا ً
ابنه متميز؟ أم أننا سنؤمن بها ونؤمن بأن أطفالنا منحهم هللا نعمة تفردوا بها؟
كم من طفل استُغلت موهبته من ذويه ،ووئدت طفولته ليكون هو الدجاجة التي
تبيض ذهباً ،واليوم كبر الطفل وقاضى والديه متناسيا ً أي جائزة أو أموال ،فقط ألنه
تذكر أنه لم يكن يوما ً طفالً .
ال نقول هنا بأن نهمل أبنائنا وأن ال نشجعهم على التميز ،بل يجب أن تكون هناك
حالة وسطية ،وتخطيط صحيح بعيدا ً عن ماذا أريد أنا ولماذا أريده .ليكن الطفل هو
المحور األول كإنسان مبدع ،ليكن الصورة التي نريدها ،ولنكن نحن كذويه معه
فيما يريد فيغدو صورة جميلة يتذكرنا بها ،ويقول عنا غدا :لقد ربوا في موهبتي
واليوم لهم الفضل في حياتي ،لتكن الموهبة نعمة ال نقمة .
.١٤ ٢٠١٤-٩-٧مجتمع األمهات
كنا فتيات صغيرات نحلم دائما ً ببيت الدمية (العروسة) وكيف نجهز مالبسها ،كنا
نقف عند باب الخياط نتوسل إليه أن يعطينا بقايا قطع من مالبس انتهى منها ،حتى
نقوم نحن بتفصيل مالبس الدمية الخاصة بنا .صممنا خزانات من ال شيء ،وأخدنا
زاوية خاصة بنا في البيت وأثثناها وجعلناها بيتنا الخاص نعيش فيه قصصنا
الخاصة ،ال ندع ألحد الفرصة كي يتطفل على خصوصياتنا .دخلنا المدرسة وتعلمنا
الكثير من فنون األسرة ،الخياطة ،الطبخ وبعض اإلتيكيت ،أشياء ال تدرس اليوم
وال يشار إليها ،اندمجنا في الحياة المدرسية ،وبدأنا نكبر وال نشعر بأننا نكبر دخلنا
مراحل المراهقة وبدأت تغييرات كنا ننكرها في البداية حتى تعلمنا أنها طبيعية،
لربما مارسنا تصرفات أزعجت من حولنا ،أهلنا ،مدرسينا ،جيراننا "راعي الدكان
والدوبي والخياط" ،لكننا لم نالحظ أننا بين ليلة وضحاها لم نعد صغارا ً .
مر في حياته من رفاق المدرسة ،الجامعة ،األنشطة حين يفكر كل منا بكل من ّ
المختلفة ،يجد أنه عدد كبير من الوجوه ،الشخصيات ،النفسيات ،التصرفات،
الميول ،األخالق ،الفكر والثقافة ،لكنها اختلطت في فترة عمرية مع بعضها ،ومن
ثم افترقت.
منذ أيام التقيت بمن درست معهم في الجامعة ،لم أرهم منذ سنوات طوال ،ومنذ
أول جملة وحوار أيقنت أنني اليوم ال أجتمع بطالبات الجامعة اللواتي كان همهن
ماذا يدرسن ومتى يتخرجن ،ومتى يعملن!! التقيت بوجوه هي نفسها ،لكن العنوان
تغير ،أصبح المجتمع الذي ولجت إليه مجتمعا ً ينصب باهتمامه على منحنى جديد
من الحياة .تغيرت الكثيرات ،شكالً ،فكراً ،عمراً ،وأنا في ذاكرتي ال تزال تلك
األيام بشقاوتها وعفويتها .اليوم من كان في عمر الجامعة التي تجمد عندها فكري،
هو في مجتمع آخر كله مسؤوليات وتضحيات ،قلق وخوف ،ترقب وانتظار ،قلة
نوم وتخطيط ،مجتمع األمهات!
الحديث عن البيت واألبناء ،كنت أستمع بدقة لكل ما يقال ،لم أسمع أيا منهن تقول
"أنا" .تاهت رغباتهن في تلك الساعات ،لم يكن يتذكرن أنفسهن فقد انصهرن من
أجل أبنائهن ،قلقات من االنفتاح ،من الرفقاء ،من سرعة الزمن وتغيراته ،من
وسائل التواصل االجتماعي .كلنا يحاول أن يحمي من حوله وننسى أننا بشر لنا
طاقة .وأننا أرواح لنا رغبات.
تعجبني األم المثقفة ،القارئة ،الواعية ،التي ال تهمل نفسها ،والتي تمشي وإن كانت
ربة بيت مع متغيرات الوقت وتالزمها حتى ال تتوه في عالم أبنائها .تعجبني األم
الحازمة المعتدلة ،التي تعرف كيف تجذب المشاعر إليها في بيتها .تعجبني األم
المدركة أن لنفسها أيضا ً حقاً ،وأنها تحتاج وقتا ً لها تسترد طاقتها ونفسيتها حتى
تستمر في العطاء .
تعجبني األم المدركة أنه مهما وضعت سياجا ً وأغلقت األبواب فإنها لن تفلح ،فتبدأ
هي من يوجه نحو األبواب الصحيحة والتوجهات المدركة لثقافات العصر.
تعجبني األم التي ال تزال تتواصل معنا وتحب لقاءنا ،وتدرك أن الماضي جزء ال
بد أن يستمر في الحياة حتى ال تنقطع الهمة واإلرادة ،ويعجبني مجتمع فيه أمهات
كن صديقات ،ال تزال ضحكاتهن كما هي ،وهن وإن تغيرن شكالً وحياة ،ال يزلن
بالنسبة لي صديقات دراسة .
.١٥ ٢٠١٤-٩-١٤وطني نعمة
الوطن من المفاهيم الصعبة التي يمكن أن تكتبها وتحس أنك لم تف ِه حقه مهما عبرت،
مهما فكرت ،ومهما أعطيت ،فال تزال في داخلك الكثير من المشاعر التي ال تعتقد
في قرارة نفسك أنك أطلقتها وقلتها لآلخرين ،فالوطن حبه يسكن الروح ،وأن يكون
لك وطن تعيش فيه بأمان وحرية ويكفيك الحاجة ،فهذه نعمة كبيرة ال يحس بها إال
من يرتحل ويشاهد قصص اآلخرين وحياتهم .في الكثير من رحالتنا ومهماتنا
نختلط بثقافات جديدة وأناس جدد .نشاهد حياتهم ،نمشي في الشوارع فنعرف ما
يمرون به ،وما يتكبدونه من مصائب ومشاكل ،حتى يستطيعوا أن يؤمنوا قوت
يومهم ،ويكفوا أنفسهم وأبناءهم ،فما بالك بالتعليم وتأهيل جيل المستقبل .تجد الكثير
من صغار السن والشباب انخرطوا في مهام صغيرة لخدمة السياح ،الذين أتوا
لبالدهم لما فيها من طبيعة جميلة ورخص في األسعار ،فيفرحون ويقضون أوقاتا ً
سعيدة ،وهم يقومون بخدمتهم والحصول على المبالغ الصغيرة ليستطيعوا العيش .
نحن في نعمة أن نستيقظ صباحا ً فنحصل على وجبة اإلفطار ،وقد يعتقد البعض
أني أبالغ ،لكنها عند المحرومين من األمور التي فيها رفاهية لهم .نحن في نعمة أن
يكون لدينا مبلغ نشرب به قهوة الصباح أو الشاي ،فثمنها عند أسرة في مكان ما
يكفيها ليوم ولربما أكثر .ال نستعجب إن عرفنا أن هناك من يعيش بدوالر في الشهر،
وبعض أطفالنا تعدت مصاريفهم اليومية الـ ١٠دوالرات وال يعرفون كيف يقولون
الحمد هلل .نِعم هللا كثيرة ،شوارعنا كبيرة وإن كان بها زحمة في أوقات معينة فهذه
قضية عالمية .فكيف ببلد فيه ازدحام دون أن تكون هناك شوارع جديدة؟! كيف
تعتقد أن تكون الحياة في ازدحام مضاعف؟! نحن نأكل من مطاعم عالمية وعند
البعض هي موجودة فقط ليخدم فيها ،ويذهب في آخر اليوم لمطعم آخر لفقره ليأكل
فيه .
في وطننا الحياة جميلة ،فالسعادة أن تكون في بيت يضم أهلك وأسرتك وغيرك
اغترب ليستطيع أن يعيش أهله في بيت هو ال يكون جزءا ً منه ،وحين يعود يكون
قد خسر حياته وبقيت له أيام معدودات .في وطننا الكبير يُحترم وله مكانته ومن
يخدمه ،وهناك من وصل إلى سن ال يزال يتعب فيها ويشقى؛ ألن أبناءه كبروا
ورحلوا ناسين من رباهم وتعب عليهم ،معتقدين أن هذا كان واجبهم وليس له واجب
عليهم .في وطننا تحفظ كرامة المرأة وتعطى حقها في التعليم والعيش الكريم في
كنف أهلها ،ومن بعد زوجها دون احتكار أو تسلط أو تملك غير مقبول .وقبل مدة
كثرت الجمل الجميلة في اإلذاعة والتلفزيون؛ تحفز الطالب والشباب على أهمية
تبني مفهوم الخدمة الوطنية ،وأن هذا الوطن يستحق منا الكثير لنعطيه ،ونحن نقول
بأنه دون كلمات ودون أن تكون هناك برامج تحفيزية .وطننا وطن أهدانا السعادة،
وأعطانا الرغبة في الحياة ،وأن يستمر طموحنا وعطاؤنا دون أن ننسى أن الدرب
ال يزال طويالً .ولوطننا نقول :الخدمة الوطنيه هي فقط صورة واحدة لرد الجميل،
ونحن مكلفون كل يوم بأن نؤدي الخدمة الوطنية في كل مكان ودور .فأنت وطن
ال نتنازل عنه .
.١٦ ٢٠١٤-٩-٢٨ال تحزن
كثيرا ً ما تمر على اإلنسان أوقات يشعر فيها بأنه في ضيق ومخنوق .كثيرا ً ما تمر
عليه أيام يشعر بأنه ال مزاج له لفعل شيء ،أو طاقة له حتى لحديث .كثيرا ً ما تمر
على المرء أوقات يريد فيها أن ينعزل عن العالم ويبقى وحده ال يفعل شيئاً .وكثيرا ً
ما نتمنى لو ننام أياما ً حتى ننسى ما نحن فيه .هذه هي الحياة ،وهذه هي الدنيا ُخلقنا
لنعيش في "كبد" .خلقنا لنعيش في "مشقة" مسهدين نتعب ،مرهقين نسعى ،لم
تُخلق الحياة لتكون سهلة ميسرة فحينها هل "يستوي الذين يعملون والذين ال
يعملون".
لماذا نحزن؟ ونحن في كل خطواتنا مأجورون إن ربطنا النية باهلل؟ لماذا نحزن
حين تكتب لنا حسنة بكل خطوة هلل؟ وهذه ليست فقط في العبادات بل كل عمل نيته
رضا هللا؟
لماذا نحزن ،ونحن نعيش بين أهلنا معافين نلقى قوت يومنا ،سقفا ً يظلنا ،أمنا ً يشملنا
ووطنا ً يضمنا؟ لماذا نحزن وفي قلوبنا تعيش األحالم ،وينمو طموح كل يوم بأن
نكون األفضل ،وأن نرقى وتكون أسرنا في خير ونعمة؟
لماذا نحزن ونحن نعيش على أرض حماها هللا من ويالت الحروب ،من مأساة
الجوع والعطش ،من الخوف والرهبة ،من الفتن ،وجعلها أرضا ً تحمي القريب
والبعيد؟
لماذا نحزن ولكبيرنا احترامه ومكانته ،فهو مصان من قادته وشعبه وأسرته؟ لماذا
نحزن ونحن نتعلم بالمجان ،ونُبتعث ألرقى الجامعات ونمنح الفرصة متى ما
أخلصنا بأن نعطي للوطن؟
لماذا نحزن ونحن في كل يوم نعيش يوما ً جديداً ،وفي كل يوم تجارب في الحياة
تقربنا أكثر وأكثر للعالمية؟ لماذا نحزن ونحن ال نعيش فقرا ً مدقعا ً وال نتمنى شيئا ً
قد ال نناله؟
هل نحزن بسبب ظروف الحياة الشاقة ،والضغوط اليومية؟ والظروف المادية التي
نجعل أنفسنا فيها؟ هل نحزن بسبب البطالة المؤقتة التي تزول سريعا ً ولو بعد
سنوات فهي أرزاق يقدرها الخالق؟ هل نحزن ألننا مرضى وفي كل دقيقة مرض
يكفر فيها عن ذنبنا؟ هل نحزن ألننا طالب علم وزادت علينا ضغوط الدراسة وهي
في سبيل هللا وغدا ً علم ينتفع به؟ هل نحزن ألننا موظفون ومرؤوسونا ال يفهموننا
أو يتسببون بضيق يصيبنا وهم بشر ولن يدوموا لألبد؟ هل نحزن ألننا نعيش أحيانا ً
في بيوت ضيقة وغدا ً تصبح لنا بيوت وقصور في الجنة؟ هل نحزن ألننا لم نصل
لمرحلة نقابل بها رئيسا ً أو شيخاً ،وغدا ً نقابل ملك الملوك رب السماوات واألرض
من يعرف عنا كل صغيرة وكبيرة منذ ولدنا وحتى نلقاه؟ هل نحزن على بشر ونحن
على موعد مع لقاء أطهر البشر محمد صلى هللا عليه وسلم؟
ال تحزن ،فرب العباد يصرف الحياة لخيرك ،وكل مصيبة هي خير ،وكل مشقة
هي ابتالء ممن يحبك ليجدك تصبر أم تقنط .ال تحزن فالحياة فيها الحلو والمر،
وأجمل ما فيها رب كريم رحيم يرحمنا متى ما آذانا البشر .فابتسم وقل دائما ً غدا ً
أجمل ألن لي ربا ً هو ملك الملوك .
.١٧ ٢٠١٤-١٠-٢٦تطوع ..تعلم
كيف تعلمت؟ مجاناً .كيف عولجت؟ مجاناً .وكيف نمت؟ بأمان دون خوف .هل
نمت جائعاً؟ هل استيقظت يوما ً وأنت قلق على من في بيتك؟ هل تعطلت في وسائل
المواصالت يوماً؟ هل تأخرت لك معاملة في دائرة حكومية؟ هل ترددت في
اإلفصاح عما تريد؟
لقد عشنا في وطن جميل أعطانا الكثير ولم يبخل يوما ً علينا بشيء ،حتى غدونا
نحن ما نحن عليه ،فكان له الحق بأن نقول :لك حق العطاء ورد الجميل .ومن أجمل
الجميل أن تعطي بال مقابل ،بال تردد ،وبال انتظار للثناء ،بأن تكون جزءا ً من
منظومة وطن معطاء وأهل عطاء ،بأن تعطي القليل من وقتك ،من مالك ،من
جهدك ،وقبلها من قلبك .وهل هنالك أجمل من أن نكون متطوعين لوطن جميل يقدر
حتى قيمة التطوع.
التطوع هو ذلك الغرس الذي نغرسه في نفوسنا بأن نكون مع مجتمع أكبر من دائرة
بيوتنا .أن نكون نحن جزءا ً من اآلخرين .أن نتواضع وأن نمأل قلوبنا رضا ً وحبا ً
بما لدينا .أن نكون أصحاب ألوان جميلة مبتسمة ،فيها الخير الكثير ،فكم من متطوع
أصبح اليوم قائدا ً ذا منصب؟! لكنه اليزال يحفظ حق كل من لديه ،فهو ذو مسؤولية
وقلب كبير!! وكم من متطوع تعلم الحياة من جديد في عمل قدمه للغير؟! وكم من
متطوع تغيرت حياته وأصبح يعيش السعادة التي كان يبحث عنها؛ ألنه أحب
اآلخرين وأهداهم السعادة والروح الجميلة؟! كم من أناس قابلت؟! وكم من أمور
تنازلت عنها؟! وكم من أمور اكتسبتها؟! أنت متطوع ألنك أحببت أن تكسب كل
السعادة بوجودك في جو من اإليجابية والخير العميق النابع من القلب ،فكنت خير
سفير لخير وطن .كنت الصورة التي تضئ مساحة من الفراغ .كنت روحا ً تبعث
الطمأنينة ألنك ملتزم .كنت وجها ً جديدا ً البن البلد الذي يخدم في كل وقت وزاوية.
كنت صاحب يد بيضاء ال تغتر .وكنت جزءا ً ممن غيّر نظرة الكثيرين أننا ال نعرف
كيف نعطي.
تعلمنا من التطوع كيف أن الحب يهدى لنا بكلمة "شكراً" ،كيف أن السعادة تملؤنا
حين يقال لنا "جزاكم هللا خيرا ً ما قصرتوا" ،كيف أن أمورا ً كثيرة في حياتنا تتيسر
حين نمنح اآلخرين بعضا ً مما يمكننا .كيف أن راحة جميلة تأتينا حين نكون في
أوج التعب واإلرهاق ،كيف أننا نبني عالقات جميلة مع أناس ذوي قلوب جميلة
دونما مصالح أو تعا ٍل ،كيف أن الكل يصبح في وقت العمل إخوة ،وكيف أن الحياة
ستعطي كالً منا دون انتقاص .
تخرجك
التطوع مدرسة ليست صعبة الدخول أو معقدة اإلجراءات ،بل هي من ّ
بامتياز وتستمر باستقبالك كل يوم بوجه مبتسم ،وهي من يقول لك لم تخذلني يا من
ُولدت على هذه األرض ،وطني يستحق.
.١٨ ٢٠١٤-١٢-١٤فنجان قهوة
صباحا ً تشرق شمس جميلة تسلب اللب بخيوطها الذهبية ،تأسر فؤاد من قلبه
بالمشاعر يعيش ،وتحن على من أصبح يناجي ويتأمل في خشوع .في الصباح
تجلس كل القلوب تناظر وجوها ً تحبها ،تقرأ في صحيفة صباحية أخبار العالم التي
أرسلت من كل مكان وطبعت بحبر اليوم ،لتكون مرساالً بين كل مكان .
صباحا ً حين تسكب القهوة في فنجان ال يعرف في الحياة سوى يديك التي اعتاد
عليها كل يوم ،تبدأ معه قصته وتسامره في صمت ،فيعرف من كل رشفة كيف
أصبحت ،ومن طعم السكر ومرارة البن ما بك .
حين تلقى من تحب فتطلب فنجانا ً من القهوة تشربه بلطف وهدوء ،ليطول الحديث
ويستمر حلوه ،يعرف فنجانك أنك اآلن في حضرة الراحة وحضرة قلب يؤنسك
وتحبه ،فيبتسم في لطف يسامرك ،وينظر لتلك العيون التي تبرق في هدوء ..ويقول
لك :ها أنت بخير.
فنجان قهوة مسائية ..بينك وبين نفسك ،وقد تكون نفسا ً أخرى تعشقها .تحدثها في
حضرة القهوة وتقول لها كم اشتقت لها ،وكم في الحياة نشتاق ألصحاب كانوا معنا
يتبادلون الحديث حول فنجان القهوة .
الحياة جميلة بمرارتها ،مشرقة اللون بزهو لون الليل الحالك.
القهوة حلوة بمرارتها ،ولونها الداكن يدغدغ كل المشاعر ..ال أدري من اخترعها
تفصيالً ،لكني أعرف أن من يعشق القهوة قلبه جميل مرهف ،يحب الحياة رغم
قسوتها أحياناً ،يعشق األلوان رغم لون السواد أحياناً ،ويهوى السهر الجميل في
سردت؟! حضن الليل وهدوئه .في فنجان القهوة ال أدري كم من تفاصيل الحياة ُ
وعلى طاولة القهوة كم من األحباب التقوا وافترقوا؟! هناك بين كل رشفة وأخرى
ابتسامة وقد يكون ألما ً ..لكننا ال نزال نتشارك القهوة في كل وقت ومناسبة ..هي
الرفيقة التي ال تتغير عليك وال تغير صحبتها ألعوام ..رفيقة الشتاء وتشتاق لها
صيفا ً .
حبيبة الفنانين ورفيقة العشاق والسهر ،قصة المجانين في سرد حكايات السفر
ومغامرات الثلج البارد ،هواية الصغار ليجربوا طعما ً للحياة يكتب في أجندة الكبار
وإدمانهم .هي طفلة مدللة بين يدي كاتب يعشق الحرف ليسهر الليل يكتب ،هي
رفيقة الرسام يراقص ألوانه وهو ينتشي برائحتها الجميلة ،هي تلك التي يقف
الكثيرون صباحا ً انتظارا ً لها ويهرعون مساء ليتسامروا بها ،هي من لها قد تستعمر
لذواقها قصص في دول وتفتح أخرى ،هي التي من أجلها اخترعت األسماء وكتب ّ
التاريخ مخلدة ..هي الحسن في كل األشكال ،وقد جننت حين أتغزل بفنجان قهوة،
لكنه المشهد الكبير الذي يتكرر في كل مكان ،وفي كل زاوية وحارة .
هي رمز للحياة الجديدة وقد قالت لفنجان الشاي مراراً :سترحل كثيراً ،أصبتك
وأخذت بعضا ً من عشاقك .هي أنت حين تعشق حياتك وتتملكها فتكون كل األشياء
فقط رفيقة وتكون هي الصديقة الودودة ،وأنا في كل صباح سأكتب لها في صمت
"أريد فنجان القهوة.
.١٩ ٢٠١٥-١-١٤ألقاب !..
الحب ال يقال كثيراً ،مشاعر ال تقال ،أحاسيس ال تقال ،الحب يترجم في الكثير من
الوجوه والصور ،الحب تلك القصة األزلية التي تعيشها أ ٌم عند ميالد طفل يتعلق
بها منذ أن ينفخ فيه روح في الظلمات ويبقى معها يكبر الحب ويصبح قصتهما
وعشقا ً ال يترجم في دواوين العشاق إال قليالً .الحب ذلك الدفء الذي يعطيه أب
ألبنائه ،في كل األوقات وفي كل الظروف ،.قلب يحتوي الكل ويتعب من أجل الكل،
حب ال يعرف الحدود أو يعطي القليل ،بل يتفانى وال يتذمر يوما ً أو يقول لماذا أو
كيف!..
الحب قصص جميلة كتبها ال ُكتاب ولحنها الملحنون في حب الوطن ،وقصص
التضحيات التي ال تُقدر بثمن .الحب هو حين يستشهد جندي في ساحة معركة مسلما ً
روحا ً حبا ً وطواعية ليفتدي أرضه وأهله ،في ملحمة قصصية تتوارد فيها كل صور
الفداء والتحام الجسد بأرض هي كل ما يملكه المرء ،قصة ال تعرف التردد أو
التخاذل ،يندفع فيها محب الوطن مبتسما ً فإما نصر وإما شهادة ،وفي الكل فرح
سعيد.
الحب هو ذاك القائد الذي تواضع ونزل ليكون بين شعبه ،يسمع قصصهم ويعيش
يومهم ،يشاركهم فرحهم ويؤازهم في حزنهم ،ويكون سندا ً لكل من يحتاج.
حب غيّر الصور النمطية لرؤساء الدول ،وأصبح حبا ً يفديه فيه كل من على أرض ٌ
الوطن ،فصار يجول رواحا ً ومجيئا ً دونما خوف وفي حالة فردية دونما عسكر ألنه
ملك القلوب فأمن النفوس!.
طى حقوقه فيؤدي الحب هو حب الموظف لوظيفته وإحساسه بأنه إنسان مهم يع ً
فوق ماهو مطلوب منه حبا ً منه لمن أعطاه الكثير ،لمن وهبه ـ بعد هللا ـ األمن
واألمان ،وسيّر له ـ بعد هللا ـ رزقه وأمنه من الجوع والحاجة ،فصار ال يتردد بأن
يعطي من وقته وجهده ويبتسم ،بل يفرح بكل ساعة فيها كان أداء الواجب سبيالً!..
الحب هو حب الزوج لزوجته ،ذلك الحب الذي يجعل كالً منهما يعرف اآلخر
ويتنازل من أجله ويبقى ألجله ويكمل الدرب معه ،ال يكترث لكل االختالفات بل
يثمن كل التضحيات ،ويسعد بكل األزمات التي فيها يقوى الود ويبقى أزلياً ،حب
من أجله قامت األسر واستقر الوطن ،وفرح القائد وعزز الشعب بأجيال يكونون
هم الرافد والسند ،ومن يكمل مسيرة أمة لم تقم إال بشق األنفس والتعب!
الحب هو أنت حين تملك قلبا ً محباً ،قلبك أوالً ،ذلك القلب الذي يعرف كيف يحب
ذاته ،يعطيها وال يبخسها حقاً ،يعرف أن السعادة نبع من الداخل ،وأن من ال يستحق
ليرحلوا سريعاً.
الحب هو أنت حين تمنحه لشخص آخر رغبةً فيه دونما قيد ،بل باحترام كل الحدود،
الحب ذلك الذي من أجله تقام الصداقات الحقة ،الصالت الحقة ،وتتآلف النفوس في
صدق وحب! الحب أن يعشق يوما ً قلبك أحد فال يكتبه وال يترجمه بل يسرح به في
خيال الشعراء ،ويمتلك كتب األدباء ويحفظ األبيات ويغني األغاني ،فيبقى هذا الحب
قصة ال تترجم إال في وقت يشاؤه رب العباد!
١٠:٠٢ ٢٠١٥-٢-٦مساء .٢١نفوسنا !..
نفوسنا ،تلك التي تسكننا وتصادق أرواحنا في التقاء ،هي من يعيشنا ويجعلنا نختلط
بالكثير من اآلخرين والفصول التي في نفوس المحيط .هي تلك التي في فصل
الخريف يعتليها هدوء وسكون لترتقب تغير الحياة والعمر في اختالفات وتحوالت.
وفي الشتاء تحتاج حولها كل من تحب وتحتاج لتحس بدفء وأمان.
نفوسنا تلك التي تعشق كل جميل ،من فن وأدب وقلم يكتب ليالً أو نهارا ً ما في
دواخلنا ويترجمها فكرا ً يقرأه الذين هم من حولنا ،نفوسنا هي نحن في كل ما نعيش
ونختبر ،وكل ما تعتريه ذواتنا من تغييرات وصعوبات ،واألصعب حين نكون بين
الكثيرين ونحاول أن نتأقلم ونكون متوازنين ،متعاطين لكل ما يقال ويسمع ،لكل ما
يفرض علينا أحيانا ً من أحكام ولكل ما يفسر دونما عودة أو سماع…!
نفوسنا نحن كيفما نريدها أن تكون وأن تعيش في المجتمع ،كيف نريدها أن تكابر
كل ما يمر بها من ظروف ومشاكل ،كل تحديات الحياة لتصقلها وتقويها في عملية
تستمر متى ما في العمر بقية .لسنا معصومين ولسنا سوى بشر تمر بنا الكثير من
المتغيرات ،وتعصف بنا مواقف قد تغيرنا ألوقات ،لكنها ال تغير من نحن ومن
نكون ،واألصعب أن تمر بتلك العواصف وحولك من ال يعي من أنت فتتحول
العاصفة الهادئة إلى هوجاء ،وطعم المرارة أكبر حين تعيشها مع من يعرفك،
فيعصف كل شيء جميل بك ويقتل فيك أحاسيس الهدوء واألطمئنان…!
نحن في هذه الحياة ال نعيش حياة مثالية ولسنا في كل أوقاتنا على خطوط مستقيمة
نمضي .لسنا في كل حياتنا معوجين؛ هي المواقف وهي النفوس حولنا وهي حاالتنا
المتزنة والغير متزنة ،نتعلم ونمرنها على أن تكون حية في كل أوقاتها وتتتحمل
كل ما يمر بها ،تتعلم أن تعيش مع الكل ،وأن تروض نفسها على كل حاالت األخرين
المتغيرة أيضاً.
نحن في هذه الحياة غرباء لسنا مخلدين وغدا ً نرحل ،فكيف ستكون صورتنا وكيف
سيذكرنا أحدهم وقد كان معنا في حياته ال يتقبل منا ،أو حين يتقبلنا يرفضنا بأقل
التقديرات والمواقف ،هل تتحمل نفوسنا كل هذا وقد خلقها ربها دون أن يحملها ما
ال تطيق؟ لكننا نحن أنفسنا نحملها ماال تطيق!! نتمسك بمن يؤلمنا ألننا نحبه ،نتعلق
بمن يسلبنا أحيانا ً راحة البال ألننا نحبه ،نصر على من يسد أذنه عنا ألننا نحبه،
فكيف هي الحياة دونهم؟ وكيف هي نفوسنا بدونهم؟ هل يستحقون أن يبقوا لنا؟ وهل
تستحق حياتنا كل تلك التعقيدات ،وتلك األوقات التي تضيع ونحن نفكر فيهم في
ساعات قد يكونوا فيها ال يتذكروننا حتى؟!
لنوازن أمورنا ونعرف من يبقى ومن يرحل ،ونستمر ،نختبر الكثرين ونعرف
الكثيرين ،فيبقى فقط من هو ذو المعدن الجميل والخلق األصيل ،والروح الراقية
التي تصافح السماء عطاء وسروراً.
٩:٥٤ ٢٠١٥-٣-٦مساء .٢٢الحياة دروس !..
نتعلم كل يوم درسا ً جديداً ،قد يكون بعضها صعبا ً وبعضها ال يطاق ،لكننا نمر بها
ونختبرها ونتجاوزها وقد يقف بعضنا عندها وينهار .هناك الكثير من التجارب،
وهناك الكثير من األناس نمر بهم ،بعضهم يؤثر فينا ويترك بصمته ،وبعضهم
يعطينا جرعة كبيرة من الصدمة فيما يقول وفيما يفعل! قد ال تكون فعالً بل كلمة
يتركها أو يقولها في موقف عابر تبقى في الذهن ،فتبقى فينا ويبقى أثرها يحركنا.
في يوم قد نلتقي أناسا ً نعتقد في داخلنا أنهم قد ال يضيفون شيئا ً لنا ،لكننا نتعلم منهم
الكثير وأن الحياة من خالل نظرتهم أيضا ً تعني مفهوما ً مختلفاً .القيم من وجهة
نظرتهم تختلف لكنها تبقى قيماً ،قد تغير فينا ،وقد تجعلنا نتعلم دروسا ً في الحياة
جديدة.
الدروس ليست في جعبة المتعلمين فقط ،المستشارين ،أوالمتخصصين ،بل قد تكون
في جلسة مع إنسان بسيط ،مع رجل كبير في السن ،مع سيدة عانت وتعبت لكي
تخرج أبناءها في أهم الجامعات والتخصصات ،قد تكون في طفل يدور أمامك في
حركة تجعلك تتوقف وتفكر في ماذا يفكر هذا الطفل ،فيمن يعاتبنا ويعلمنا حبا ً فينا ً
وخوفا ً علينا.
الدروس هي خالصة الحياة في تجارب الكثيرين ممن مروا بها ،عرفوا كيف
يواجهون النفوس المختلفة ،عرفوا الكل وصادقوا الندرة منهم والمتصلين
بأرواحهم .هي فكر يتحول من شخص آلخر فيستفيد منها ،وهي شخص يترجم
السعادة لآلخرين من خالل ما يوفره لهم حتى ال يعيشوا ما عاشه.
الدروس هي في امرأة قد تعيش التناقضات ،وقد تمر بإحباطات كثيرة ،وتقرر أن
ال تقف عندها وتعود أوالً من أجل نفسها ومن حولها ،في رجل يكافح من أجل
أسرته ،ومن أجل أن يكونوا بخير وإن كان هو يعاني وال يدرك أحد غيره سلسلة
مشاقه.
الدروس في وقت نقضيه مع أنفسنا ،نتجرد من كل شيء ونعيش إنسانيتنا الحقيقية،
نعيش مع اآلخرين دون تكلف أو تصنع .نعيش يومنا نقدم للغير كما قدم غيرهم لنا،
هناك الكثير ممن يعاني وال نعرف عنه وال ندرك حاجاته ألننا نعيش في راحة،
هناك قصص من التحدي واإلرادة تستحق أن تُكتب وتكون هي في الذاكرة ال
أصحاب المناصب فقط.
الدروس أوقات يعيشها الفرد في خصوصيته مع نفسه ،يحاورها ويكتبها ويترجمها
لنفسه ،يكتشف ذاته ،ليكون هو قبل أن يجعله اآلخرون في زاوية أو إطار خاص.
الدروس هي ما يقال عنا ونتقبله حتى نتعلم مما يقال ،قد يكون مرهقا ً ومتعبا ً وقد
يستنزف منا الكثير ،لكنه يبقى درسا ً نتجاوزه ونتذكره في ذاكرة الوقت والزمن،
مر بنا وكان ..وتبقى دروساً!..
دفتر التاريخّ ،
٩:٥٤ ٢٠١٥-٣-٦مساء .٢٣ميتسوبيشي…!
ال أقول إني في عصر التغييرات وإن القبول هو سمة العالميات ،.لست في اتفاق
مع من يدّعي أن الحياة صارت تسهيالت ،هي ترجمات نصبح عليها وعليها تقوم
المساءات ،في كل الحارات وبين الممرات في الشوارع والمحالت ،أسماء
وسلوكيات ،قصص وعربديات ،الحت لك في سماء األحالم يوما ً واليوم في
ترجمات ،تحكي واقعي وأنت تقول ال منغصات!
قصص الفتيات وحكايا الصبية في كل مكان .ال تغييرات بل عقول في سبات
ومغيبات .هي ترجمات لسلطة الغربيات واحتالل ثقافات من فضائيات ،ال فكر
يتحدث وال قنوات ،أصبحنا في وقت السهرات والنجوميات! هذا يرقص وتلك ال
تستحي تقلد وفي بث حي تقول أنا قدوتكن يا بنيات! وفي عالميتها من يدعي
الوطنية ،يصفق ويقول :قمة أخالقيات وعليها تبكي كل المروءات…!
هي ترجمات… لزمن ال أعرف كيف في كتب الروايات سيكتب ،بتفاهات أم
باستخفافات؟ ال فكر وال معرفيات .وحدها مغنية تعرف كيف تقول وتقف في كل
مسرح تكريم وتصفيق .هي قدوات بل أصحاب الدار وحر القلم في غيبيات .ال
تتباهَ ،وال يثقلك قلمي فهي ترجماتلحكواتي ضيّع وقته في قصص ألف ليلة وليلة
وشموخ الزمن الماض ،يبكى عليه ال جمهور وال مصفق…!
هي ترجمات ،ليوميات ال تعرف سوى تكرار الفعاليات ،سطحيات وبهرجة وال
ندري كيف ندرس المسرحيات! ليست وطنية أو قومية ،هي مهزلة هزلية تضحكك
وفي وقت الليل تبكيك على الحيوات؛ كيف صارت بال مسميات وال مترجمات .هي
ترجمات تقول للحاضر مهالً لست تغدو في توهجات ،بل نزوح وغروب في كل
السماوات .ال تقلق ..هي ترجمات!..
ال ندعي الكماليات فكلنا بينه وبين نفسه صراعات وأبجديات ،يهمس فيها في ظلمات
وفي الليل وحيدا ً يبكي الحسرات ويقول :كيف لي من سبيل في وقت الصعوبات؟
هي ترجمات لزمن ال يعرف ورقا ً وفي الرفوف صارت مجلدات تصارع الوقت
وتقول لزمن الهدوء متى تعتقين الكلمات !.هي ترجمات لزمن إلكترونيات صار
في مجلس األمهات رفيقاً ،وفي حضور الصديق ونيساً ،وعند غياب الحب أنيساً،
وفي وقت الموت جليساً .هي تأوهات لترجمات…!
وحدها قلوب عذراء تنشد وعن فارس األحالم تتكلم ،عن رجل بات في وقته يفرح
بالمغريات ويحتضن العربدات ،ال يتحدث بل في معمات الرفقة يهلوس وفي سلوك
الضياع بات يطبل .هو في كل خواء مجالس ولكل ذو نطيحة محاكي ،ال أحاديث،
ال هوايات ،بل قلب بات يصبح ويمسي ال يدرك سوى الخبيثات .هي ترجمات لزمن
بات يسهل كل درب فيه ضياع وفي األخبار يعلن هذا مهلك .وفي نشرة الصحة
تحذيرات وال قرارات سوى تنويهات.
ال تجزع هي ترجمات ،واقعيات وكلنا سنبقى نشاهد ال نعلن سوى أننا مثقفون من
زمن ماض يكتب ،يحرر ألمه في شخبطات أسطر وفي ضغطت زر يرسل.
هي ترجمات… ال تقلق!..
١١:٢٥ ٢٠١٥-٤-١٠مساء .٢٥التقاء الذاكرة !..
كم تفرح قلوبنا الصغيرة حين تفكر بمن شاركها الكثير من حياتها وتجارب العمر
كله!! كم تتغير نفوسنا حين نلتقي صدفة بأحدهم في مكان ما ،وتبدأ رحلة الذاكرة
وانتعاش النفس بأجمل األوقات .نتذكر أوقاتا ً ال تغيب لكنها تعود بلقاء عابر .أرواحنا
ُخلقت ألن تكون بين الناس ،تتآلف بينهم وتعيش معهم وبينهم .اليوم نحن نفتقد لربما
الكثيرين ممن كانوا معنا على مقاعد الدراسة ،ونتمنى لو نعرف بعض التفاصيل
عنهم ،أو كيف صارت حياتهم وماذا يفعلون .كم نتذكر في جلسة اختالء اشخاصا ً
كانت أحالمهم كبيرة فنقول :هل حقق فالن حلمه وكيف صار شكله اليوم؟ نتذكر
صفوف المدرسة وطابور الصباح الذي يعج بالمئات وبينهم البعض القريب!!
وكيف قاسمنا الكثير حتى "فسحة المدرسة" ومشاغبات الفصل في حصص
االحتياط… نتذكر اليوم رفقاء الجامعة ومشوار التغيير األول في حياتنا ،حين
أصبحنا ألول مرة لربما مسؤولين عن الكثير .وعن حياتنا الجديدة!..
في كل منا ذاكرة كبيرة من الصور واأللبومات ،مجلدات من القصص والحكايا،
تلتقي بها أرواحنا وتحاكيها ،ولربما نضحك في بعض األوقات ،وتقول كيف كنا
هكذا؟ هي أجمل مراحل العمر ومهما عشنا فإنها من أجمل لقاءات الذاكرة؛ كانت
البراءة كثيرة في حياتنا ،وكانت جميلة حتى خالفاتنا ،ألنها بسيطة كبساطة تلك
المواقف التي مرت بنا ،وكانت مسؤولياتنا وهمومنا ال تقارن باليوم أو حتى تأتي
قريبا ً منها!
اليوم الشيء الجميل في عالم التكنولوجيا والتواصل االجتماعي أنه جعلنا نقترب
أيضا ً من هؤالء الذين كانوا في الذاكرة ،واستطعنا التجمع بعد فراق سنوات كثيرة،
لكن المحزن أن تبقى الذاكرة الحقيقية مجمدة عند تلك الفترة العمرية التي ال نمل
نعيدها ونعيدها ،ونضحك كثيرا ً في ساعات نرفه فيها عن أنفسنا حين نلتقي ،لتبقى
ذاكرة صافية…!
اليوم أصبحت عالقاتنا عبر الوسائل االجتماعية أغلب الوقت ،فذاكرتنا الجديدة
محفورة هناك في أجهزتنا اإللكترونية وصورنا الكثيرة ،التي تعكس ما نمر به أو
ماذا نفعل أو حتى كيف نفكر .أصبحت أحيانا ً عالقات وهمية وأحيانا ً ال أساس لها
ألن الروح ال تلتقي ،القلوب ال تعرف بعضها ،واألرواح ال تتقارب حتى أو تعرف
إن كانت متجانسة أم ال .أصبحت ذاكرة مجمدة من المشاعر الحقيقية ،واألحاسيس
التي نحتاج أن نتذكرها على كبر .قد يبادر البعض ويتعرف على بعض
الشخصيات ،لكنها قليلة جدا ً وال تعرف االستمرارية ،ألن الحياة أصبحت مجرد
كلمات مقتضبة ،ورسائل سريعة حتى في تعامالتنا األخرى.
تأن فيها أو أخذ وعطاء ،أصبحنا مع التقاء الذاكرة القديمة أيضا ً
وسائل سريعة ال ٍ
نتحدث برسائل مع تلك الشخصيات التي استطعنا أن نجمعها في "قروب" واحد،
وأصبحت القصص تتوالى وصور الضحكات ،لكنها أوقات خالية من الحقيقة التي
نفتدقها.
ال تزال الذاكرة تحتاج للكثير من التواصل االجتماعي ،التواصل الحقيقي ،والعيش
مع الكل ،مع قصصهم ويومياتهم حين تلتقي األرواح فتلتقي الذاكرة غدا ً بعد مرور
سنوات طويلة…!
١١:٢٥ ٢٠١٤-٤-١٠مساء .٢٦عشق !..
هل تفتقد أحدهم يوما ً وال تعرف كيف تتواصل معه أو أن تواصلك قد يزعجه؟ هل
تشتاق ألوقات ال يمكن أن تكون إال في سلسة ذكريات تعيشها وحدك؟ هل تتوق
ألن تكون أيضا ً وحدك في سالم مع نفسك بعيدا ً عن جميع األشياء المحزنة وتعيش
الفرح وتعتنقه؟ في داخلنا تلك الذاكرة تعيش ،وتبقى دائماً .ذاكرة الفرح والسعادة.
فقط نحتاج أن نستفزها ونخرجها لنتعايش معها…!
يقال عنا نحن ال ُكتاب أننا نعيش في عالم وردي خيالي ،نعتنق الكلمات ونروضها
لتكون لنا عالمنا الخاص ،وروحانية تجعلنا نبتعد عن بعض الواقع ونكون في ما
نرسمه ألنفسنا بجرة قلم! نعم ال ننكر ذلك وال نقول لسنا كذلك ،نحن فينا أيضا ً
ذاكرة كبيرة تزعجنا كثيرا ً أحياناً ،وأحيانا ً تفرحنا حين نعيشها مع أنفسنا ونجبرها
أن تخلق لنا أجوا ًء خاصة من الحب والفرح وربما الهيام أحياناً .لسنا بخياليين أو
غير واقعيين ،بل نحن نحاول أن نتعايش مع األشياء بما تريده أحاسيسنا ،نعيش مع
الشارع الخارجي ،مع الواقع كثيراً ،ومع بعض ما نتمناه ونجربه.
في رحلتي األخيرة لمصر كنت هناك في زاوية ما في خان الخليلي ،في المقهى
الذي اعتاد األديب الكبير نجيب محفوظ أن يعيش فيه ويترجم حياة البسطاء من
خالل ذلك التعايش ،فأخرج لنا روائع في األدب ،هل كان خياليا ً فيما يكتب؟ ال بل
متعايش بصدق ،وإن كان بعض الصدق مؤلما ً أحيانا ً ألنه يجرد الحقيقة ويجعلها
أمامك لتُصدم بها ،فتحاول تغييرها أو أن تتعايش معها وتمضي دونما سؤال فقط
في الذاكرة تبقى…!
نحن الكتاب عشاق ،نعشق الدراما ونعشق الحب ،لسنا مأساويين أو في حزن ،بل
نتغنى كثيرا ً بالحب ويشدو معنا القلم ويغرد ،لسنا سوى بشر نقرأ اآلخرين وفي
بعض األحايين نعيشهم .قد تكون ردودنا في بعض المشكالت خيالية ،وقد تكون
ردود فعلنا عاطفية ،لكننا لسنا مجانين بالبشر ،بل مجانين قلم يأسرنا وال يترك لنا
سوى أن نكون في الغرام أكبر محبيه.
نحن ال ُكتاب في داخلنا تبقى كل الحوارات وبعضها يخرج لآلخرين ،ابتلينا بحمى
الكلمات وما أجملها من حمى!! ال نريد أن نُشفى منها؛ مساء تسهرنا وصبحا ً نشتاق
لها في كل أوقاتنا ونرغب في العودة لها ،وأن تكون لنا معها غرف خاصة وأماكن
ال يعرفها سوى حبنا اليتيم.
نحن الكتاب لسنا منزهين ،نخطئ وفي أحالمنا قد نبالغ! نتخيل الواقع ونكتبه وقد
نصور األشياء جميلة وهي قبيحة ،وقد تكون أبشع األشياء في سطورنا جميلة.
نحاور مجتمعات بكل ما نريد ،قساة أحيانا ً وأحيانا ً نقول الحقيقة المتعبة المؤلمة في
غالف الحب والخوف .فينا مشاعر كثيرة ال تخرج بسهولة ومهما كتبتا فلن تنتهي.
نحن عشاق لمعشوقة فكر وكلمات تتعبنا أحيانا ً وال نريد أن نُشفى منها ،وال نبحث
لها عن طبيب ،بل داء نتمنى أن نموت معه ،فهنيئا ً لكل صاحب قلم ،عشق لن
يتنازل عنه…!
١١:١٤ ٢٠١٤-٤-٢٥صباحا .٢٧المبدعون… مرهقون !..
نتشوق دائما ً ألن نقرأ بين طيات الكتب سير الكثير من العظماء ،المشاهير
والمبدعين ،ونبحثهم في دور السينما وال نتردد بأن نكون في الصفوف األولى .هي
عوالم حقيقية نشاهدها ونقرأها وننصت بعين وأذن واعية وقلوب قارئة لكل سطر
وحديث ،ندقق في التفاصيل ونبحث عن التواريخ ،وفي كل فصل ومشهد أين صار
المسكن بتفاصيله ،فقره وغناه ،فرحه وحزنه؟ نتابع السنوات تباعا ً وال نمل وفي
داخلنا نتمنى أن ال ينتهي ذلك .نتألم في قصصهم وننبهر بنهاياتهم ،وتأسرنا تفاصيل
سد لنا ألن نعرف :لم يكن سهالً!.. لم نعرفها ،هي واقع يج ه
مهما اختلفت هذه الشخصيات ومهما تنوعت قصصها ،فإنها تشترك في شيء مهم
وحقيقة هناك تاريخ ،هناك أحداث ،فشل ثم فشل ونجاح .هناك من القصص ما
يخبرك كيف أنه شرد أحياناً ،مات فقيراً ،لم يعرفه أحد في حياته ،خذله الكثيرون،
وضحك عليه آخرون .لم يعيشوا بسهولة حتى يرحلوا شامخين ،كانت لهم سلسلة
زمنية تشهد لهم بتركيزهم ،تميزهم ،إبداعهم ،ليس هناك أحد منهم ُولد وهو يملك
كل شيء أو يعرف كل شيء .بل هي قصص عن عمر من البحث والبحث والبحث.
عمر من تعليم النفس والتدريب واالستمرار وعدم التخاذل .عمر من السماع لكل
كلمات اإلحباط وسد األذن عنها ،حتى تربعوا على عرش عدم النسيان ،وقلوب كل
األصناف…!
لو نقرأهم كل يوم ال نمل ،لو نشاهد قصصهم كل يوم ال نمل ،ففيها دروس وفيها
كيف أن الحياة ليست بشهرة وقتية أو حياة فرح مؤقته تخلدك .يجب أن نتلقى كل
القسوة ،أن نعيش كل صعب وأن نختار كيف نكتب أنفسنا لآلخرين في حياتنا حتى
نُكتب أمواتاً .يجب أن نتمرس في التضحيات والبعد عن المصالح والترفع عن
مجالس تضييع األوقات وأحالم ال تسمن وال تغني .يجب أن نرتب نظرتنا ألنفسنا
وأن نعيد قراءة أنفسنا وتحليلها ومواجهتها كثيراً .فكل درب مشيناه كان فيه قصة
تخبرنا كيف الغد ربما يكون ،وكيف أننا نحتاج أن نصبر ونصبر ،أن نواكب كل
شيء ونقرأ كثيرا ً حتى نفهم بعض الشيء .يجب أن نعيش اإلرهاق واإلحساس
بجمال كل المواقف ،الحلو منها والمر .أن نخالط كل األجناس ونترك عندهم صورة
ال تُنسى ،الوقت هو أكبر التحديات وعندهم كان الليل يشبه النهار؛ فالخوف من أن
ينتهي الوقت وال ينتهي الحلم لواقع محرك مقلق .ال تكفي األوراق وال تكفي الخطط،
بل كيف ننتزع من داخلنا أوقات الكسل واإلنصات لحقيقة أننا نريد أن نخلد يوما ً
بعد الموت؟ وأن نكون احياء بشهادة الموت .لن نعيش في عقول اآلخرين إن كانت
عقولنا صغيرة ،ولن تبقينا الحياة بين البشر بصغر أفعالنا وتهوراتنا أحياناً.
الزمن خطة والخطة ما نريد ،والسلم ذو درجات ،والقمة عالية والهمة تكمن فينا،
وفينا يجب أن يعيش المستقبل بعد الحياة!!!
٩:١٥ ٢٠١٥-٥-٢صباحا .٢٨تحديات تتراقص…!
بقلم تستطيع أن توقع كل شيء تراه إنجازا ً في حياتك أو حتى تخبطاً ،بقلم تصدر
كتابا ً وتوقّع إنتاج لوحة وتخربش في تصاميم ال حصر لها وال نهاية ،ويبقى السؤال:
ماذا بعد ذلك؟ تتراقص أمامك األجوبة ومعها تلتف كل التحديات وتتراقص أيضاً،
ليس سهالً أن ننتج واألصعب أن نبقى مستمرين في قمة قد يكون فيها معنا أصحاب
نفوس وعقول تمرضنا وتجعلنا نسأم…!
هنا يكون التحدي الحقيقي؛ قد نقرر كثيرا ً أن نعيش حالة العزلة الجميلة بعيدا ً عن
الكل وبعيدا ً حتى عن أنفسنا المختلطة باآلخرين ،ليس تكبرا ً أو غروراً ،بل رغبة
في الحياة وبأن نكون في تحدياتنا نحن فقط مع أنفسنا نواجهها ونتغلب عليها،
ونخرج من صومعاتنا بجميل األشياء متغاضين عن ما يقال حولنا أو يجري ،من
احباطات ورغبات اآلخرين فقط بأن يكونوا مصدرا ً لنا للتراجع…!
في مجاالت اإلبداع النفس هي من يخرج الجميل ،ويجعل الكثير فينا يخرج للعالم
الخارجي بصور جميلة متناسقة أ ّخاذة ،فهي مصدر قوتنا وهي ذاتنا التي ال يجب
أن تشوه أو تتقاذفها التيارات التي من حولنا .هي من يجب أن نتعب عليها وأن
نسقيها بين فترة وأخرى من رحيق الحياة العذب ،يجب أن تكبر معنا وأن تكون في
مستويات ليست بالبسيطة .تحتاج منا أن ال نكون سوى ما نريد نحن ،أن نتبع شغفنا
وأن نكون ذوي جنون في وقت ما ،في داخلنا تعطش دائم ألن نتعلم كيف ،لنتعلم
شغف القراءة فهي من يروضنا ،وهي من يهذب فينا أحاسيسنا ،وهي من يخرجنا
من عوالم الجمود والروتين ويجعلنا حتى نفهم اآلخرين ،وفي كثير من األحايين
نمحوهم من ذاكرة الوقت والزمان ألنهم ال يستحقون منا أن يكونوا في مكان ما
داخلنا…!.
في وقتنا … أصبحت الحياة سريعة تتراكض ،ال يمضي يوم إال وجر األسبوع
معه .ال ينتهي مشروع إال وقد دخلنا في آخر ،ألننا ال نحاول أن نتعلم أن نكون في
حالة "جمود" ،وأن تكون عقولنا في فترة "استراحة المحارب" فنقتلها دون أن
ندرك ذلك ،لنتوقف قليالً ،ولنتعرف على تحدياتنا بهدوء ،لنجعلها أمامنا ونبتعد
عنها وقتاً ،نعيش ما نحب ونبقى في حالة أخرى غير ما كنا فيها ،ال نطيل الجمود
لكننا نعود بجنون ومشاكسة أحيانا ً لنضحك مع من حولنا ونفرح إلنجازنا…!
لتتراقص كل التحديات فهي أجمل اللوحات ،ولتكن في كل الزوايا منمنمات
وخربشات .لتكن هي الشخوص والسيناريوهات ،ولتتسابق في زمن الحكاوي أمام
الراوي ،لنعشها بحلو ومر ،ولنحسبها في وقتها وبعدها تجارب ال منغصات،
لنحتضنها صبحا ً ومساء ،لتكن أمام األعين حاالت ومرادفات من جمال ومتسابقات.
هي تتراقص وفينا كل المستقبل يتسامى ويتالحق في انتظام وابتكار ،هي تتراقص
وأنت ونفسي في احتراف ،فقط لنتراقص معها…!.
١:٠٩ ٢٠١٥-٥-٣٠ظهرا .٢٩متحف المرأة … الزمن الجميل…!
حين تولج لتلك األحياء القديمة التي تحمل رائحة البهارات والماضي الجميل…
ذلك الوقت الذي مازلنا نذكره في طفولتنا وجرينا فيه وراء أمهاتنا من أزقة محالت
"اإليرانية" إلى محالت الذهب التي ال تموت فيها الحياة ..تلك األحياء التي التزال
تحمل سمة سوق "الجملة" وصوت "الحمالين" الذين يسألونك هل تريد أحدا ً يحمل
لك األغراض؟ في تلك األروقة وفي بداية دخولك لعالم سوق الذهب بدبي ..تجد
بيتا ً قديما ً يكاد ال يرى في "سكة" قديمة ..بيت سمي في الماضي واليزال يعرف بـ
"بيت البنات" ..ذلك البيت الذي عاشت فيه أخوات مع أخ وقيل إنهم لم يتزوجوا
فسمي بيت البنات… ذلك البيت الذي يقبع بين المحالت التجارية ال يمكن لك أن
تتخيل ما قد يكون في داخله… منذ الولوج لمدخله تجد نفسك مبهوراً ..سمي متحفا ً
وهو متحف جميل بكل لمساته… تشم من خالله تاريخ المرأة اإلماراتية المعتق
برائحة العطور العربية والبخور ..قصة الدخول ألول مكان يؤرخ دور المرأة
اإلماراتية ..وثيقة علقت تحمل في صورها قصة حقيقية لتاريخ المنطقة متأصلة في
صورة الجوازات المختلفة التي مرت على المنطقة من الوجود البريطاني إلى يوم
االتحاد ،وكيف أن هذه الجوازات بسنواتها اليوم تحكي دون تفاصيل كيف تغيرت
الحياة وتغيرت السياسة التي تحكم… تأريخ لدور المرأة السياسي والذي وثق
بالوثائق والصور منذ أكثر من ٧٠عاماً ..كانت بنت اإلمارات حاضرة ..تساند
الرجل ..في البيت… في تربية األبناء ..وفي التجارة ..لم تكن امرأة عادية ،كثيرات
هن صاحبات حكمة ذكرهم تاريخ المتحف وكانت قصصهم عنوانا ً يشهد لهم
بالتاريخ ..قصة البرقع ..قصة المالبس ..الهاتف الجميل ذي األزرار الدائرية…
المدرسة وحقبة الستينيات … المالبس الجميلة ذات األلوان الزاهية ..أصالة الذهب
ورونق تصميمه.
في جناح بنت العرب تعيش حلما ً جميالً في حضور القصيد ،وتلك األيام التي تألقت
فيها الفتاة لتصبح شاعرة لها وزنها وقافيتها… بعضا ً منها ..من خطها الجميل ..
وشعرها األول ..تلك الدفاتر التي حملت صدق وقتها وعفوية ما قدمت بجمال الشعر
وأصالته… متحف المرأة قصة لكل فتاة اليوم تريد أن تعيش في وقت ويكون لها
حضور في التاريخ ..بما تقدم وبما تحاول أن تكون فيه ..دبي الحالمة قصة جميلة
في جناح آخر يقول لك بصمت لوحاته وطوابع البريد قصة… هناك قصة راشد
اإلنسان الذي حلم بإنسان هذا المكان وكيف يكون له مستقبل ..قصة العمران التي
بنيت على اإلنسان قبل المكان ..في حضور راشد كل صباح… وفي وقته الذي لم
يكن له بل من أجل أن تكون هذه األرض ذات مصداقية ..من أجل اإلمارات ومن
أجل الحياة الكريمة لشعبها… ومن أجل حلم االتحاد الذي تجسد في صور الحكام
مجتمعين..
في متحف المرأة أنت ال تقرأ فقط وقتا ً مضى بل تقرأ دروسا ً تتأصل وتتابع في كل
حكاياها… هناك ترى مشهد السياسة حاضراً ..مشهد الحكمة حاضراً ..وتجد بين
الممرات وأنت تمشي كيف أن للمكان وجودا ً وللمرأة اإلماراتية دورا ً كبيرا ً في حياة
الرجل والمكان ..قبل التعليم وبعد التعليم كانت موجودة… قبل النفط وبعد النفط
كانت صابرة ومجدة ..في الزمن الجميل الماضي كانت البساطة هي في حياتهم…
في تمسكهم باألسرة … في ما قدموا للوطن من أبناء هم اليوم قادته ومن يبني
حاضره ويجهز لمستقبله… قد تغيرت الحياة اليوم وقد نجد أن الباقي هو في
خزانات المتاحف ..لكنه الماضي والتاريخ الذي نريد لآلخرين أن يعرفوه وأن
يدركوا أننا كنا وال نزال نعيش في وطن ومكان يعطي المرأة حقوقها ،ويؤكد أهمية
دورها ووجودها في كل المحافل ..هي األم واألخت والزوجة والمربية… هي في
كل مكان!..
شكرا ً للدكتورة رفيعة غباش صاحبة فكرة متحف المرأة ولجهدها الجميل.
١٠:٣٨ ٢٠١٥-٦-٦صباحا .٣٠الرفض = اإلبداع = النجاح!..
أنت ال تصلح لشيء ،أنت غير موهوب ،عملك غير مقبول ،لن ننشر لك ،أنت لست
بفنان ،لست كاتباً ،لست شاعراً ..لست ولست ولست…! جمل الرفض ستتكرر
على كل العصور وكل األزمان وكل التخصصات والبشر لن يتوقفوا ،بل في قلوبنا
يجب أن نفرح حين نسمع هذه الكلمات .ليست إحباطات بل في الحقيقة دوافع
ومحفزات .نيوتن قيل إنه ال يمكن أن يتعلم فأصبحنا اليوم نتعلم كل ما قاله! كثيرون
لو تعود لكتب السيرة عنهم ستجد جملة الرفض في مكان ما في حياتهم ،نحن نرتبط
بالكلمة بمفاهيمنا ،تعلم أن تبتسم حين تسمعها فهي أول الطريق للنجاح…!
حين تسمعها عد لنفسك وليس لما قالوا ،هل أنت فعالً ال تصلح لشيء؟ أم أن الشيء
بداخلك يحتاج منك أن تتحدى نفسك أوالً قبل اآلخرين؟ أن تختلي بها وأن تبدأ رحلة
التعلم الذاتية ،وفي بعض األحيان أن تبدأ رحلة الوصول ،وأن تكون مصرا ً على
أن توجد رغم كل ما يقال لك " ..لست.."!..
ال نجاح مفرح دون فشل أو تعب ،وال تعتقد يوما ً أنك مبدع وصلت لقمة اإلبداع
دون أن ينتقدك اآلخرون ويكونوا هم سببا ً ألن تكون في مكان أبعد منهم .قد تتهاوى
عليك الكلمات كالسيل ،وقد تغلق األبواب بالمفاتيح وقد يضحك البشر باألعداد التي
تعرفها والتي ال تعرفهاـ لكنك تعرف من أنت و تؤمن بما في داخلك ،تتعلم كل يوم
من كل باب مغلق أن تصنع لنفسك أبوابك أنت وتحمل في يدك مفاتيحهاـ ال ننتظر
أن نمشي مع الركب وندخل من أبوابهم المزدحمة ،فنضيع مع الحشد ،بل لنا مداخل
خاصة نحن نفتحها لمن نريد ،ونقول لمن نريد أن يدخل ليتبعنا ال أن نتبعه ،في
ممرات الهدوء الخاصة فينا يمشي معنا حتى ما أن قلنا توقف جال وصال وقال
"وااااااو"" أنت " مبدع"…!
تعلمها لنفسك ال لهم ،ما نريد أن يكون صورتنا هو نحن ،ولسنا فقط نسعى لشهرة
خاوية غاوية ال تستمر إال بتصفيق وهرج ومرج وأناس ما إن غابوا غبت ،بل تعلم
أن تكون موجودا ً لنفسك أوالً ،تبقى متى ما رحل اآلخرون ،تعيش في الذاكرة متى
وأرخ الزمن في ما انتهى وقت العرض والجمهور .كن صاحب الوقت والحدث ّ
عقول من يعي ويفهم وفي مستقبل من بعدك صوتا ً و بصمة.
عش حقيقة اإلبداع أنها حمى التعثرات ومخاض اإلنكسارات ووالدة من عمق
األلم !..تعلم أن تأخذ سلبياتهم إشعاعات تنير فكرك وعقلك وتهديك لما ال يعرفون،
اخت ِل… تعلم ..تدرب ..عد ولو بعد أعوام بغير ما كانوا يظنون.
أنت مبدع متى ما أيقنت ومتى ما تعلمت السر ،الرفض درب أول ،والنجاح مسيرة
عمر ،واإلبداع خالصة روح تجردت وتالشى منها كل السهل فاعتنقت الصعب
وألفته…!
٢:٤٩ ٢٠١٥-٧-١١ظهرا .٣١أحاسيسنا… مع هللا!..
نحن نعيش في ليلة واحدة مشاعر مختلفة ،تتغير فينا وتتحاور في دواخلنا رغباتنا
وكل تلك األحاسيس المتغيرة ،نحزن لفراق شهر كريم ،ونفرح لعيد يكرمنا هللا فيه
لصومنا وصالتنا ،نترقب لعيد ونبكي لفراق األيام التي لم تكن إال راحة نفسية لنا
يناج هللا ويبكيِ وهدوء بال .من منا لم يسكن لنفسه؟ من منا لم يخت ِل بها؟ من منا لم
طلبا ً ورغبة؟ من منا لم يطلب الرحمة والمغفرة والعتق من النيران؟ من منا لم يدعُ
رب السماوات واألرض بأن يستره ويجعل الجنة داره وقراره؟ من منا لم يدعُ هللا
بأن يرزقه حسن الخاتمة؟ وهي كل ما نحتاج ونطلب لنغادر هذه الحياة..
أحاسيسنا جميلة حين تكون نقية ،صافية متجردة من الحياة الدنيا ومتعلقة باهلل،
أحاسيس الراحة والطمأنينة وحين نريد أن نكون صادقين مع أنفسنا ،فإنها الحقيقة
التي يجب أن تكون في قلوبنا طوال العام ،الصدق في الدعاء ،اليقين باهلل ،الطلب
والتذلل واإللحاح في الطلب .أن نعيش رمضان مع أنفسنا قبل اآلخرين ،أن يكون
القرآن في يدنا كما كان في رمضانن في هواتفنا نستغل كل وقت فراغ ونفتح
الصفحات ونقرأ ،أن نزور بعضنا ،أن نتصدق ونحس بآالم من حولنا ،فالحياة
تستمر بما فيها طوال العام ،والصدقة أو الزكاة أجرهما طوال العام وأثرهما ال
ينتهي .الفقراء والمحتاجون ينتظرون دائما ً أن نعطيهم من حق هللا وليس مما نملك،
فالمال مال هللا ونحن مستأمنون عليه ،ما كان في رمضان في أيام هي تلك التصفية
التي عشناها مع أنفسنا شهرا ً وندعو هللا أن يبلغنا رمضان أعواما ً مديدة؛ حتى نعود
ونعيش الروحانية التي نطلبها
لنكن متوازنين في حياتنا ،أحاسيسنا ال يجب أن تزول ،أفعالنا يجب أن ال تختلف
كثيراً ،فكيف بمن صلى وقام يترك الصالة في أول أيام العيد؟!! هل الفرحة تكون
هكذا والحياة مع هللا تستمر فقط في وقت ما ونتغافل عن أنفسنا وحاجاتنا؟! لسنا
مثاليين ،ولسنا غير واقعيين ،نلهووننشغل ونتيه مرة أخرى في كل همومنا
ومشاغلنا .تعود المشاكل وتتكرر الضغوطات والتغييرات ،لنكن مع جزء منها مع
ما كنا فيه في رمضان.
أحاسيسنا لتولد فينا الرغبة بأن نستمر،أن يكون لنا وقتنا في أيام األسبوع لنكرر ما
فعلناه من أفعال وصفات حميدة في أيام معدودات ،لنجعل أحاسيسنا ارتباطاً ،اتزاناً،
ديمومية وترجمة لنا ،لتكن هي نحن وشخصياتنا ،فمن يحس بغيره ويشعر بما
تحتاج نفسه ،يعيش عالما ً جميالً من األحاسيس ،يعرف معنى الرضا ويدرك السعادة
التي يبحث عنها في كل مكان.
أحاسيسنا هي ما تعيش فينا وتغيرنا ،هي ما نحتاج ونستمر بها ما تبقى فينا من
ولتعف عنا وتغفر لنا فإننا مذنبون مقصرون…!
ُ عمر ،فاللهم اجعلنا بك مرتبطينن
٩:٢٧ ٢٠١٥-٧-١٨مساء .٣٢سعود الدوسري ..رحيل مؤلم!..
استيقظنا اليوم السبت على خبر مؤلم ( ١أغسطس )٢٠١٥سعود الدوسري في ذمة
هللا (هللا يرحمه) ،لوهلة تمنيت لو أن الخبر شائعة كما هي الشائعات عن الكثير من
الفنانين واإلعالميين ،بحثت وكلما طال بحثي تأكد الخبر الذي ازداد يؤلم قلبي؛
رحل وكلنا حزينون ألنه إعالمي ذو أخالق ،ثقافة وفكر ،ذو قلب وصاحب مواقف
وبرامج ستشهد له خيرا ً بإذن هللا رحل ونحن نترحم عليه ونذكره بخير ،ولم أقرأ
أو أسمع أحدا ً يذمه ،رحل صاحب الخلق!..
قبلها بيومين كنت أتساءل هل يجب أن نغير من أخالقنا وأنفسنا من أجل أن نساير
اآلخرين؟! أعتقد أن اإلجابة الصحيحة… ال !..سنرحل كلنا يوما ً ويبقى ذكرنا وما
قدمناه ،أخالقنا ،تواضعنا ،نفوسنا وكيف كنا نخالط الناس ،ماذا قدمنا بحق ومن كنا
في حياته ذوي أثر..
لنحرر أنفسنا من المحسوبيات وقلة الضمير ،لنكن دائما ذوي شخصيات راقية
واعية معطاءة ،تنظر للحياة بنظرة صحيحة ،وننظر لمن حولنا بنظرة اإلنسان
المتساوي مع أخيه اإلنسان ،ال نظلم وال نأخذ حقوق األخرين ،نسعى في خدمة من
يحتاج إذا استطعنا ،ال نتردد وال نقلل من اإلحساس الجميل حين نعطي دون أن
يعلم أحد .لنسامح ولنبقَ في حقيقتنا بشرا ً ال تنفخنا المناصب أو الماديات.
كيف سنرحل غدا ً وماذا سنترك خلفنا ليكن أمام أعيننا؟ نريد أن نرحل ويقال فالن
ي ،مخلص ومعطاء .لنجعل اآلخرين أيضا ً يتألمون لرحيلنا ذو خلق ،قلب رحيم ،وف ّ
بالذكر الحسن والقلب الرحيم .لن يذكرنا من أسأنا له إال بدعوة قد توردنا الهالك
ونحن بحاجة لكل حسنة .الحياة جميلة وال تستحق منا في الوقت نفسه أن نعطيها ما
يخذلنا ويبخسنا ،لنعشها بكل ما هو حقيقي ويكون سببا ً في رحمة قد تنزل علينا في
ولنعط بالحق ،لنشهد بالحق ،لنؤ ِد واجباتنا بحق ،ال ننسى أن
ِ قبورنا ،لنكتب الحق،
كل شيء سيزول ،لندع من يريد أن يظلم يستمتع بذلك فهو ال يدرك ماذا خلد في
الذاكرة ووجبت عليه الشفقة .لندع من يبخس الحقوق يفرح بما يفعل فهو ال يدري
متى ما رحل سيحاسب من ملك الملوك .لنترفع عنهم ونعش بما نتمنى ان نكون
أهالً له وبما تربينا عليه… ديننا… خلقنا ومبادؤنا…!
رحيلك أيها الخلوق الطيب نبهني أن ال أتنازل ،أو أن أقبل بأن يجبرني أحدهم أن
أغير مابداخلي من أجل أمر زائف لن يدوم .طاب ذكرك حيا ً وأنت اليوم عند أكرم
األكرمين ،وأكفنا تُرفع بالدعاء لك ،سنفتقدك ونتألم ،وعزاؤنا أنك في جنات الخلد
يارب عند الرحمن الرحيم…!
١٢:٠٥ ٢٠١٥-٨-١صباحا .٣٣التركيز مخاض اإلبداع!..
في كل مرحلة من العمر نعيش تجربة ورغبة بأن نختبر كل شيء وأنا نمارس كل
شيء ،ال سيما في البدايات العمرية التي تجعلنا في تشتت واحتياج للكثير حتى نحس
بالطاقة التي بداخلنا .ال يجعلنا ذلك نركز أو نتوقف عند أمر ما ،بل تجد الروح
عطشى ألن تجرب كل يوم شيئا ً جديداً ،وهواية جديدة .قد تسأل الكثيرين ما هي
هوايتك فيجيبك بهواياتي هي…! نعم هي لكنك ستستمر معها ومعهم عمرا ً طويالً
دون أن تتوصل يوما ً ألن تقول "هذا أنا".التجربة مهمة واختبار األشياء كلها شيء
جميل ،وأن نمارس العديد من األمور مطلب ضروري حتى نعرف من نحن
وقدراتنا… لكن متى نتعرف على حقيقة ما نحب أو ما يميزنا؟!
لن نقف عند هواية واحدة كوظيفة بل سنبقى عطشى ألشياء كثيرة ،تبدأ الخبرة
التراكمية ويبدأ العمر يقول كلمته ،نبدأ من مرحلة التيه والتشتت ننتقل تدريجيا ً
لمرحلة التركيز والمعرفة الحقيقة والحكم على األمور ،سيكون مؤلما ً لكنه القرار
الحتمي يجب أن نختار وأن نحلل حتى نختار ،أيها أقرب وماذا حقا ً يشبعنا ويجعلنا
نعيش صومعة تريحنا وتحملنا ألشياء نحتاجها ؟ لعزلتنا ولذواتنا ولترجمة حقيقة
من نحن…!
يبدأ هذا األلم وهذا المخاض حتى يولد توأم في النهاية ،وهو تحليلي الشخصي بأننا
نحتاج لشيئين يعيشان معا ً وتحتضنهم مرحلة الغيرة من بعض ،حتى يفوز أحدهم
بالمرتبة األولى ،ويبقى الثاني هو الحالة الخاصة المريحة وجدانيا ً وعاطفياً .يخدع
نفسه من ال يريد هذا األلم والمخاض ،فيضيع عمره دون أن يعرف حقيقة ماذا حقا ً
يشبعه …! االختيار أول المشوار ومتى ما احتوينا اختياراتنا ،نبدأ مرحلة نسيان
األلم وتوديع البقية ليبقوا ذكريات لهم أوقاتهم! هنا تبدأ الحياة الحقيقية واالنطالقة،
يبدأ الحب الخاص ويبدأ العشق ألشياء هي نحن وهي ما نريد .التجربة انتهت وبدأ
التعايش الحقيقي.
الجنوح والجنون واالنعزال هذه المراحل إجبارية حتى نكون مختلفين ،يبدأ البحث
الحقيقي ألدواتنا ،تنصهر كل األشياء لتبقى التحديات هي المحور الحقيقي .يبدأ
الوقت يحكمنا ويبدأ المكان يضغطنا ونبدأ نحن بداخلنا نعيش الرغبة الحقيقية بأن
نبهر أنفسنا قبل الغير .يبدأ التشتت ينتهي ويحل التركيز محله ،أولى خطوات اإلبداع
وأيقونته التي ستعيش معك في تحد يذكرك بأن االستمرار سيكون هو المتنفس،
ليس هناك أصعب من أولى الوالدات ،لكن لكل والدة قصتها وصعوبتها ،فكان البد
من أن نفعل كل شيء دون عشوائية ،بل بتركيز عا ٍل تجتمع فيه كل أحاسيسنا قبل
أجسادنا.
نحن قبل اآلخرين وما يرضينا قبل أن يرضي اآلخرين ،قد نختفي وقتا ً لكننا متى
ما عندنا سجلنا حضورنا حتى نستطيع أن نغيب زمنا مرات عديدة ،ال نستعجل بل
نركز في وقت الظهور واالختفاء حتى؛ فبوابة اإلبداع التركيز ،وحقيقة البقاء هي
تركيز دواخلنا وجعلها بين فترة وأخرى تتألم وتجرب ألما ً حسيا ً ورغبة في الحياة
باختالف عن اآلخرين ،ال نكن مقلدين حتى نقول يوما نحن مبدعون ،بل مجددون
حتى نبقى موجودون…!
٣:٣٦ ٢٠١٥-٨-١٥ظهرا .٣٤احزن!..
الحياة فيها الكثير من الجمال ،تلك التي تجعلنا نبتسم ونتعايش الفرح ،وننتشي في
أجواء الخيال واألحالم التي نتمنى أن ال تزول أبداً .في قراءة خاصة وخياالت
تتداخل فينا وتنعشنا في كل األوقات من ال يحب الفرح؟ ومن ال يريد السعادة؟ كم
تُصرف أموال لنسافر ،لنتعلم ،لنتسوق ،ونذهب ونعود ونحن ال نريد سوى أن
نعتنق الفرح في كل وقت وفي كل مكان نحل فيه…!
خليط من المشاعرفي نفسنا البشرية ،ولن تكون يوما ً في حضور الوقت تمثل ملحمة
السعادة وتبقى لألبد تكرر الدور وتزاوله ،فليس لدينا الخلطة السرية التي نشربها
كل صباح؛ فال نتعرض ألي من المشاعر األخرى ،بل إن في اعتقادي من يحاول
فإنه يظلم نفسه أوالً .نحن نمر بالكثير من يوم أن كنا أطفاالً إلى أن نرحل في هدوء
عن هذه الحياة ،.نتذمر من أبنائنا حين يغضبوا وننسى كيف كنا نصرخ ونبكي حين
ال يعجبنا شيء! نبتسم اليوم ونحاول أن نكون لبقين ومتجردين من إحساس الغضب
الذي نحتاجه كثيراً ،ولكن بحكمة في بعض المواقف .ال تتسرع في إخراج بعضها
لكن اعطها أيضا مساحتها ووقتها…
ال تحرم نفسك من الحزن والبكاء حين تحتاج لذلك؛ فالدموع تغسل ما بداخلك وتفرغ
كل طاقة األلم التي تحتاج هي أيضا ً أن تعيشها في وقتها حتى تتخلص منها الحقاً.
من يحاول أن يبدو قويا ً في بعض المواقف التي تحتاج منا للدموع يخدع نفسه ،فإن
فابك لكن ال تولول ،تتساقط الدموع على وجنتيك فدعها تأخذ مجراها،
مات من تحب ِ
تتحاور المشاعر في داخلك وتتصارع ،دعها حتى يأخذ كل منها مساحته وما
يحتاجه منك .كن أنت الحكيم المعتدل وتقبل الحياة بمشاكلها وأفراحها ،ال تعش
المشكلة وتجعلها هي المأساة الدائمة ،لست بتربوية أو نفسية أو حتى تفوقت على
نفسي في ما أكتب ،فكل منا يحاول ويحاول أن يجرب مع من حوله ما يسمع ويريد،
وهنا نحاول معا ً أن ال نحول الظروف ومن حولنا إلى قصص تكبلنا ،أن نتداخل
في أحزاننا ،ضغوطاتنا وأن نبدأ في معرفتها ،وأن ننسحب من أجل أنفسنا أوالً من
دائرتها ونراها من زاوية المعرفة والمحاولة ،قد ال ننجح؛ فالفشل وارد وخيبة األمل
قد تكون هي النتيجة لكنها الحياة لن تعطينا كل يوم شيئا ً جميالً .فلربما بعض ما
نتمناه غيّب عنا لحكمة ،فال نعتقد أن غيرنا ناله وهو في بيته مرتاح ،فقد حرم مما
لديك في بعض األشياء ،فحكمة هللا العدل في كل شيء .لنتعلم أن نبذل ما نستطيع،
أن نساعد بعضنا ،أن يكون لنا شركاء مقربون ليعيشوا معنا تجاربنا الخاصة ،ليكن
في قلوبنا اإلحساس بالحياة مع المتاعب واألحزان.
احزن واعتنق مشاكلك لكن ،ال تترك الحياة تأسرك وال األوقات تقتلك ،فتموت
وأنت ال تدرك أنك قتلت نفسك!
كن معتدالً وعش باتزان وتوكل على هللا…!
٩:٢٥ ٢٠١٥-٨-٢٢صباحا .٣٥فاقدو المكان!..
نسافر كثيرا ً ونشاهد الكثير في كل مكان نزوره وتبقى الكثير من الذكريات الجميلة
التي نحب أن نحملها في طريق العودة ،ونتجنب أن يعكر صفونا في سفرنا شيء،
لكنك ال تغمض عينيك عن بعض من أشياء هي أيضا ً تجربتك في السفر لتتعلم…!
في العودة مرات ومرات لمكان ما في هذا العالم ،وال أذكر هنا اسمه حتى ال أكون
قد هضمته حقه في جماله ،في هذا المكان وغيره الكثير يبدأ المشهد ويتكرر لمن
يمشي في الشوارع ،وقد ال يتخيل في بادئ األمر حين ينوي السفر أنه قد يشاهد
بعضا ً من تلكم الصور ،فاقد المكان وفاقد األهل وفاقد حتى اإلدراك ،في تعريف
بسيط أولئك الذين تراهم في الشوارع النظيفة غير نظيفين ،بمالبس مهترئة وصور
تخاف أن تقترب منها حتى…! من ال بيت له ،من ال أهل له ،من ال أحد ينظر
خلفه ،وقد تكون فتاة ال مكان لها وهي صغيرة! ترى البعض في سن صغيرة ويطلب
اآلخرين وتتساءل لماذا الهدر؟ ولماذا ال يعمل؟ لماذا يهدر وقته وعمره؟! لكنها هذه
هي الحياة لبعض ما نقول عنهم "بال مأوى ..مشردون…" ،حين أجد رجالً كبيرا ً
في العمر يتوسل المارة طلبا ً للمال أتساءل ألم يكن له في يوم أبناء تعب من أجلهم
وأعطاهم من وقته وحبه؟؟ حين أجد مسنا ً على كرسي متحرك بنظرة منكسرة يحمل
كأسا ً بمالمح حزينة يطلب الناس ،أتساءل أين الحقيقة اإلنسانية في هذا المكان؟ بل
أين العالقة اإلنسانية هنا؟! حين تجد فتاة صغيرة رثة المالبس متسخة الوجه تجلس
على األرض بالقرب من هاتف عمومي ،مع حقيبة يبدو عليها مشقة البقاء خارجاً،
تتوسل أحدهم أن يعطيها ماالً لتتحدث في الهاتف أتساءل :هل هربت من بيتها؟ أم
أنها قررت أن تعيش حياة التشرد لسبب ما؟ كثيرة هي الحكاوي في الشارع ،وكثيرة
هي تلك الوجوه التي تطل عليك وتجعلك تعيد التفكير كثيرا ً وتقول "الحمد هلل على
نعمة اإلسالم"…!
نحن في حياتنا نعيش الكثير من العطاء ،الكثير من االحترام والتفاني من أجل
األسرة ،من أجل كبير السن وكم يبكيني أن أرى كبير سن في شوارع يجرجر
أشياءه!! وفي وقت مضى رأيت الصورة في البرد القارس ،فكيف تلتفت خلفك
وترى هذه الصورة ويكون إحساسك كما يكون دونما تألم؟ فأنت في نهاية المطاف
إنسان يشعر باإلنسان مهما اختلف دينه أو جنسيته ،فهذه فطرة ديننا وفطرة من
ربونا بأن نرحم صغيرنا ونحترم كبيرنا .كثيرة هي تلك األوقات التي نكون فيها
في قمة تجاهلنا للنعم التي نملكها ،حتى يمر بنا مشهد مما كتبت ،فال يجب أن نحرم
أنفسنا من نعمنا بتجاهل حقوقها ،لنحمد نعمة البيت ،األسرة ،وإحساس كل من في
البيت لآلخر ،لنرتبط ببعضنا أكثر ونكن أكثر إدراكا ً لما نملك وحرمت منه
المجتمعات المتقدمة التي قبلت كبيرها أن ينام خارجاً ،التي قبلت ابنة صغيرة أن
تتشرد بين العامة ،لنقل في صلواتنا /اللهم أدم علينا نعم األمن واألمان ونعمة األهل
والكرامة…!
١٢:٠٠ ٢٠١٥-٩-١٩صباحا بتوقيت األجواء (العودة للوطن) .٣٦
الشغف طاقة اإلحساس…!
تسمع آذاننا كل يوم الحاجة للطاقة اإليجابية ومدى تأثيرها على نفسياتنا ورغباتنا
وطموحنا ،ولكن كم منا بدأ يعيش حقيقة الحياة؟ حين تتعلق القلوب برغبة ،وحين
تتمنى النفوس حاجة ليست في عوالم اآلخرين وليست في محيطات التغييرات التي
يراها ويسمع عنها؟ هي في داخله وهي من يدغدغ إحساسه ،ويهمس له في داخله
عن الكثير…الكثير… !
حين كنا أطفاالً سألونا ماذا تريدون أن تكونوا مستقبالً؟ فرددنا :أطباء ..مهندسين…
محامين… والكثير من المسميات حتى زرعوا فينا اإلحساس الجميل حين ننادى
بهذه المسميات ،وكم سيكون المستقبل باهراً!! حين بدأنا عوالم القراءة ولم ِ
نع حينها
أنها هي الطريق ألن نصبح لربما يوما كتابا أوسياسيين ذوي أقالم مهمة لكنها
األحالم وأشياء في داخلنا حركتنا وشغلتنا حتى اعتنقناها وأصبحت هي ما يحركنا.
حين أعطت األم في يد طفلها الفرشاة ولم تنهره ،بل ملكت تلك الضحكة والفرحة
في داخله ،حين بدأ أولى رسوماته وشخابيطه ،أهدته الشغف ومضت!
هل تذكر ذلك الصوت وهل تعيشه اليوم؟ صوت يحركك كل يوم ويقول لك بصوت
خافت ال يسمعه غيرك فيملؤك انتشاء ورغبة كل صباح ،بأن تستيقظ وتتسابق من
أجل شيء يفرح ما بداخلك؟ هو الشغف الذي أنت فقط تعرفه .عشت كثيرا ً وتحريت
كثيرا ً ومارست كل األشياء من مهن وهوايات ،حتى أصبحت تعرف من أنت وما
تملك وما يحركك .حين يولد الشغف الحقيقي في داخلنا ونعرف نحن ذواتنا الحقيقية،
يتولد فينا ما ال يدركه المتكاسل أو المتأخر .تولد فينا طاقة من جمال وحرية
وانطالق .تولد فينا طاقة اإلحساس الحقيقية باألشياء /هذا هو الشغف…! المحرك
األول والمولد الدائم لطاقة اإلحساس ،فلن تحس بعملك إن لم يكن شغفك ،ولن تحس
بالفرح بشيء أنجزته إن لم يكن هو ما يحركك شغفا .لن تكون أنت في المحيط
الصحيح وفي الوقت الصحيح إن لم توقن وتتعرف على الحياة من خالل هذا
الشغف ،ستكون األشياء من حولك ميتة ،تتكرر كل يوم وتعيد نفسها في ذاكرتك
وفيمن حولك دون أن تحرك فيك ساكناً .لن تعلم غيرك ولن تبهج نفسك ،ولن تعطي
بحق لمن يدور في فلكك!..
ليس بالضرورة أن نتظاهربأننا نعرف ما نريد ،األهم أن نبدأ رحلة التعرف ،ولن
تكون إال بالتعب ولربما باأللم .اعتزل اآلخرين واعتزل الكثير من األشياء ،ابدأ
اختبار كل ما تحب حتى تضيق دائرة األشياء ،فتصبح في وقت ما تعرف بصدق
في ماذا أنت تبدع .فتتعرف على نفسك وعلى شغفك الحقيقي…
ال تكن مقلدا ً بل متعلم .ال تكن مسايرا ً بل متمرس ومنصت ..عش شغفك أنت ليس
ما يريده من حولك؛ حتى يكون اليوم الذي فيه تقف في مكان ما وتقول بكل تواضع
لمن حولك :هذه بصمتي!..
ستستمر الحياة وستكون أنت الشغف الذي تريد ،وستعيش كل األحاسيس الجميلة،
اجعلها دائما ً مشتعله متقدة ال تتأرجح أو تتزعز ،اصبر على نفسك ،ال ُ
تقس عليها
واعطها حقها ووقتها فتعطك في وقتك ما يبهرك قبل غيرك.
عش إحساسك بشغف…!
.٣٧ ٢٠١٥-١٠-٢انسى اإلنسان …عش مع هللا!..
نحاول كثيرا ً أن نحارب من أجل الحصول على تقدير معين وحضور وامتيازات
كثيرة في هذه الدنيا ،تتعلق قلوبنا ببشر تعلوهم السلطة ويتفاخرون بالكرسي ،نعتقد
فيهم بظننا الحسن أنهم ال يزالون أؤلئك الذين عرفناهم قبالً بقلوب معطاءة طيبة
متعاونة ،وترجو الخير لآلخرين ،لكننا ننصدم في بعضهم حين تتغير فيهم حتى
صفات اإلنسان المتواضع… هل يهم كل هذا؟
لن نتكلم عنهم وعن سلبياتهم وخوفهم ،خوفهم الذي ينبع كثيرا ً من نقص وقلة الثقة،
سنحاور أنفسنا ونشبعها بما تحتاجه وبما تريده .ال أحد يستطيع أن ينكر رغبته في
النجاح ،في أن يتألق وأن يكون ذا بصمة ويذكر بخير .ال ننكر أن في طبيعتنا
البشرية حب النجاح متأصل ،والطموح ما يبقينا نسعى ونحاول الوصول ونرفض
الفشل بعد تقبله واالستمرار في التغلب عليه .تبقى فينا كل ما قد حلمنا به منذ
طفولتنا ،بعضنا بالشهرة وبعضنا بالنجاح المتفرد ،وبعضنا لم يحلم ،لكنه يتمنى
ويريد بكل ما فيه من إحساس بالحياة أيضا ً أن يذكر .هي النفس البشرية التي ال
ترضى بالقليل ،وهي الحاجة للتنفس عبر الهموم والضغوطات ،وهي الروح
اإلنسانية التي تريد أن يغدق عليها بالشكر والثناء ،وحين ال يكون كل هذا…؟!
نبدأ في دوامة الكسل واإلحباط ،التناسي والرغبة في عدم فعل أي شيء ،هذه حقيقة
المرض الذي يعترينا من قلة التقدير وقلة التذكر من البعض بما قدمنا وبما تعبنا
من أجله ،هل يدفعنا هذا لإلحباط واليأس؟ هل يجعلنا كل هذا ننسى حقيقتنا بأننا
طموحون وأصحاب رؤى وقدرات ومهارات ،بل وإمكانيات تمكننا من تقديم
الكثير؟ ال يجب أن تكون هذه هي الحلول التي تتناسب معنا ومع حياتنا اليومية،
لننس هذا
َ ألنها ستمرضنا في نهاية اليوم .هناك أجمل من كل هذا ،لننس البشر،
ولننس وجودهم الحقيقي ونعاملهم كأشباح نتعامل معهم يومياً،
َ اإلنسان المغتر بوقته
ونؤدي ما علينا ونتناسى حتى وجودهم بعد ساعات العمل .لنكن نحن ذوي االبتسامة
الحقيقية والشعور بالرضا.
غرته الكراسي وغره بعض من أخبار ،لننس المتعالين دونما لننس إنسانا ً ضعيفا ً ّ
فهم وغير المدركين بأنهم فقاعات سينتهون يوما ً وسيفرح الكثير برحيلهم لألسف.
ولنتذكر أجمل ما في هذا الكون ،لنتذكرعطايا هللا ..لنخلص كل يوم ،لنتذكر من بيده
الرزق ،لنتذكر أنه من يصلي الفجر فهو في ذمة هللا ،ولنتذكر أنه من يكيد لغيره
يتواله هللا ،ولنوقن بأننا سنحصل على أجمل األشياء منه ال من إنسان ضعيف.
لننس الوهن والحزن ولنتجاهل بعضهم ،ولنكن في كل األوقات متواصلين من َ
داخلنا مع هللا في يقين حقيقي بأنه سيكرمنا ،وبأن ما يأتي من عنده أهم مما نسعى
له .أقولها بيقين عشته في كثير من المواقف :ال تنتظر الثناء وال تنتظر الشكر من
أحدهم بل اجعله بينك وبين هللا إخالصا ً ألنه أعطاك الفرصة لتقدم ولتكن ذا عمل
طيب في هذه الحياة ،وحينها سيجزيك ويعطيك وينساهم .
تذكر… لننس اإلنسان ونعش مع هللا …!
٣:١١ ٢٠١٥-١٠-٣١ظهرا .٣٨قصصنا الورقية!..
نحن اليوم في زاوية المستقبل تحتضننا غرف إسمنتية وثورة معلوماتية ،تعزلنا عن
بعضنا غرف كثيرة في بيت كبير ،وفي جلسة العائلة تلكم الوسائل اإلجتماعية
وأجهزة إلكترونية أصبحت هي الرفيق والحبيب والصديق ،فهل تتمنى يوما ً أن
تعود لحياة جدي وجدتك؟
نحن كثيرا ً للماضي؛ ألننا ومهما تطورنا نبقى أرواحا ً تبحث عن السكون ،حين يبدأ
الجو باالعتدال فإن األغلبية تحن ألجواء البر ومساءات الشواء والهدوء ،ألن
تالمس أيدينا برودة الرمال ،وتحتضن أجسادنا امتداد األرض ،وتتغزل أعيينا بأفق
عا ٍل هو السماء ال حدود وال ارتباط ،وال حتى صوت إلزعاج…!
الماضي هو حنين ألوقات ،هو الحقائق والتاريخ ،هو جدي الذي عانى حتى نعيش،
وسافر حتى تبقى عائلته بخير .هو ذلك المصير المبهم لكنه الممتع ،هو المشاركة
وهو حق الجار والحياة معاً .الماضي هو قصة جدتي حين كانت تصحو قبل الشمس
وتنام قبل عودتها بقليل ،هو ذلك الدفء في المنزل الذي تفتح غرفه على بعض
ويتصل كل شئ في فناء كبير "الحوش" برماله وببساطة أثاثه .زمن جميل ،والزمن
األول حين كان الصعب تحدياً ،وحين كان السفر وداعاً ،وحين كانت األم هي األم
واألب ،ذلك الوقت الذي فيه لم تكثر سوى حميمية الحياة والسؤال والبقاء معاً ،هو
التآزر وهو السالم على بعض صبحا ً ومساء.
ماضينا قصص الجدة حين ينام األحفاد في حضنها وهي تروي لهم قصة النوخذة
جدهم ،وقصة الجارة بجنبهم .هو ذلك الصبر والتحمل في غياب األب والزوج
والرفيق ،وهو الوفاء في تربية األبناء وحسن األداء..هو صوت المطوعة حين
تتعالى األصوات في حفظ القرآن ،وهو المدرسة األولى والصف األول الذي افترش
األرض واحتمل الشمس حتى يقرأ "ألف باء" .هو العطاء لكل من يحتاج وهو
التواضع وبغض الغرور… !
ماضينا عبق من حب يتناثر في كل مكان وينتقل في الفرجان وبين براجيل الدور
حين تعلو األفراح ،ماضينا هو السند والعون في مصيبة وعزاء واحتياج ،هو
الصوت الذي لم يغب ولم يحتج "لمسجات" .ماضينا إرث يعود حنينا ً فينا ،في
صورة من نراهم اليوم هرموا واحتاجوا أن يكونوا بيننا كرماء ،تراهم في تجاعيد
الدهر وصوت الغياب وذكريات الذاكرة األولى التي يعرفونها ألنهم يحبونها.
ماضينا هو عزهم وهم في وسط الطوفان وهياج األمواج ،وفي عزة نفوسهم وهم
الكرماء .اليوم نفتقدهم وهم بيننا وبعضهم غاب ،ماضينا حكاويهم وأحاديث
مساءاتهم في مجالس البساطة والحياة ،هم صوت ال يغيب في عقول من عاش
واليوم يحن لهم ..ماضينا صبر األمهات ،فرحهم وحزنهم بين األبناء وانتظارهم
على الشطآن لمن غاب وفي قلوبهم سكناه ،ماضينا يبقى فينا زمنا ً جميالً من "زمن
األولين األخيار"… ويبقى هو ماضينا!..
٤:٣٦ ٢٠١٥-١٢-١٩عصرا .٤٠مخيم األمل… حكاوي قلب…!
حين تحتويك فرحة طفل وتتعمق في داخلك مشاعر للعطاء والعيش مع أرواح
جاءت لتعرفك وتكون معك بكل أمان فذاك مخيم األمل .وحين تتفانى الجهود
وتعطي دون مقابل وبال تذمر ويصبح التعب غاية حتى يفرح الكل ،فذاك مخيم
األمل.
حين يفخر بك األب صاحب القلب الكبير ونصير المعاقين ،ويكون هو الراعي
والموجود دوما ً (صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ،حاكم
الشارقة) ،وحين تكون أم المعاقين (سمو الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي) هي
من يستقبلك ويودعك بابتسامة وحب ،وهي من يتابع ويحرص على الصغير
والكبير ،فهذا هو العنوان في مخيم األمل.
في كل عام وهذا العام وفي الوقت نفسه ونحن نترقب هذه العودة التي تجدد طاقاتنا
وتعطينا دافعا ً أكثر للعمل واإلبداع ،مخيم األمل وتظاهرة بدأت بعام ١٩٨٦لتكون
هي المحضن األول لكل طفل وكل متطوع ،هي مدرسة تخرجك بنظرة جديدة
للحياة ،وتحتويك في كل مرة تعود بها ألنك جزء من عائلة األمل.
أطفال األمل من كل دول المجلس وضيوف األمل هم الرسالة لكل دول العالم أننا
نستكشفكم ونريدكم معنا ،في مخيم األمل تتكرر الكثير من مشاهد الفخ؛ فهنا تتعلم
كيف أن الطفل ذو حقوق ،وان له الرغبة بأن يجرب ويكتشف ويكون جزءا ً من
المجتمع .يعطي ويعمل ويكون ذا صفة وهوية يعرفه الكل ويعرفونه .في الشارقة
المبتسمة وبين أهلها ينطلقون يذهبون ويعودون ،وهناك يلتقي الكل في صورة
إنسانية راقية متجردة.
المخيم هو في كل عام رسالة للكل بأن يكونوا معنا ،وأن يعيشوا معنا ،فالطفل
المعاق يحتاج بأن يحس بأنك هنا تزوره وتكون جزءا ً من حياته ،في المخيم ستعيش
قصصا ً وحكاوي ستعلمك وتروضك ،ومن طفل األمل ستشاهد الحياة بعيون
مختلفة ،عيون راضية فرحة فهم نعمة من هللا ،وقلب معطاء ستعرفه من أول حضن
لطفل صغير وحبه غير المتصنع أو المتكلف.هنا ستتجرد من كل مظاهر الحياة
ومناصبها وترفها لتكون أنت على حقيقتك وعفويتك وبما تحب.
هي ثقافة التطوع الحقيقية التي تعلمك في كل تجربة تخوضها كيف يكون المجتمع
األكبر حين تعود إليه ،فإذا أحسست يوما ً بأنك ال تملك شيئا ً تعطيه ،جرب أن تتطوع
وأن تنسى كل شيء إال إنسانيتك فتدرك حينها ماذا أعطاك هللا في هذه الحياة ،وكيف
هي كبيرة نعمه ،وأنك تملك الكثير من الهبات والقدرات لتعطي نفسك وغيرك…
في األمل طفل يبسم وقلب يحتويك أنت الكبير ،تحتاجهم قبل أن يحتاجوك ،فهم
نعمة وهم الهدية التي تعطى لك دون مقابل .لكل من عاش على أرض الشارقة في
مخيم األمل .الحياة تتجدد معكم وبإخالصكم وحبكم ،كل الرحالت وكل األنشطة
والحفالت هي ترجمة صادقة تتناثر بحب متطوعي مخيم األمل ،الذين أحبوا أطفال
األمل فأحب الطفل وجودهم وتعلق بهم.
لكل مايحدث هذا العام وفي األعوام القادمة يبقى المخيم قصة االستكشاف التي ال
تنتهي ،وحكاوي قلب يعطي الحب.
٢:٣٤ ٢٠١٥-١٢-٢٦ظهرا .٤١كوليسترول الوظيفة…!
يقضي المرء حياته يتعلم وينتقل من مدرسة لمدرسة ،يتخيل ويحلم بالغد حين
يكبرويكون طالبا ً في الجامعة ،يتخيل كل شيء وهو طفل حتى يكون مستقبله شغله
الشاغل ،وحياته التي لربما لم يعش غيرها ،يكبر ذاك الطفل ،يتخرج ويبدأ مشوارا ً
اعتنقه حبا ً وإخالصا ً حتى يعطي ويكون جزءا ً من وطن جميل قدم ولم يبخل ،يبدأ
يرسم مخطط المشاريع وكيف يمكنه أن يتطور ويطور ذاته حتى يكون أهالً ألي
مكان يكون فيه ،يقدم كل ما تعلمه ويكون نموذجا ً في كل ما قد يطلب منه ،هذه هي
الروح التي توظف كل واحد فينا ،ال ينتظر مصلحة شخصية أو ذاتية ،فالكل تربى
في مدرسة الخير واإلباء مدرسة زايد ،وتعلم أن الوطن أغلى ما يملك ،ال يتخيل
يوما ً إال أنه في كل يوم في تح ٍد وطموحه يكبر معه ومع سنوات عمله…!
تتحدث الكثير من التجارب وتتقاسم األيام تعبه ،تفانيه وإخالصه ،وبعد إحباطه،
ولربما موت الكثير من خياالته .تلك حالة من التخمة السلبية التي تعيشك واقعا ً ليس
بيدك بل من أشكال مازالت تتكرر وشخصيات أصبحت من المرض ما ال يتحمل
الجسد النظيف ،تتحول فيك لدهون مترسبة كل أفكاره التي ال تغني وال تسمن من
جوع.
كل كلماته التي التحمل سوى النقد والتكسير ،كل مشاعره التي ال تفاؤل فيها ،تتراكم
في نفسك وتسد كل مجرى للتنفس واإلبداع ،تتراكم في شرايينك مع األيام القسوة
وعدم الرغبة في العطاء ،يتحول الوقت لكابوس ،وتصبح هذه األحاسيس وكل
األحداث تراكمات تسد مجرى الدماء ،وتتحول لكوليسترول لربما يتسبب في قتلك،
كوليسترول الوظيفة!! تلك الوظيفة التي حلمت بها وتمنيتها جل عمرك فأصبحت
هي داؤك وهي مرضك…!
هل يعي هؤالء المتسببون فيما حدث ما يفعلون ؟ هل يعي هؤالء أنهم يحبطون
المستقبل وسند الوطن القادم؟ لماذا اليعترف المرء بأن لكل وقت جيله وفكره؟ ال
ينكر من قبله بل يتعايشون ويكملون بعضهم ويكونون هم تاريخا ً مستمراً؟ لماذا
يقتله وهو يحتاجه غدا ً ألن يكمل المسير ويعطي ألبنائه أيضا ً وله.؟! يزداد األلم
فالدم يختنق والرئة تتعب والروح ال تتنفس ،تختار لنفسك إما الهالك باالستمرار،
وإما العالج بالتعايش أو الرحيل حيث التغيير…! ولربما عادت الدوامة من
جديد…!
هنا سؤال وهنا استغراب ،في حقيقة المقال لمن يُـقال ما يُـرى ويُعاد…! كيف أن
المرض أصبح يُـنظر فيه والداء ال يزال في مكان ال يـُستأصل وال يُـذكر؟! عجبا ً
لمن ينسى أن الحياة ال تبقى وأن الرحيل هو الحقيقة ،وكيف أن البقاء هو الذكرى
والوفاء واالحتواء هو السمعة والقصة ال تتغير ،من ظلم يرحل ومن استبد يرحل،
ومن تعالى وتكبر ال يُـخلد ،.هي أمراض وهي عاهات ويبقى الجسد المعافى مطلباً.
قصص ال تحتمل التأخر ،ففي وقتنا يموت المبدع في حضن العفن وعدم الوعي
والفهم بأن الحياة ال تتوقف .كلنا في زاوية وكلنا له دوره ،وزعت األرزاق في
السماء ولم تعط لبشر في األرض فيظلم الخلق بداء التكبر والغرور… في حقيقة
النهاية هل ال يزال الكوليسترول يحتاج إلعالم أكثر؟؟!
٥:٠٨ ٢٠١٥-١٢-٢٨عصرا .٤٢طاقات ومشاعر!..
ننتشي باألشياء ونغرد باألفعال ونفخر باإلنجاز ونحيا بالثناء ،في دواخلنا طاقات
ومشاعر تدغدغها كلمات شكر وعرفان ،في أفئدتنا تعيش كل ذكرى جميلة كانت
موشحة بالحب والسعادة ،وفي عقولنا تبقى كل لحظات التكريم والتقدير ،كل
المسارح التي اعتليناها وكل األماكن التي زرناها ،كل الوجوه التي أعطتنا وكل
الذين تحدثنا معهم ،تعلمنا منهم وال يزالون يحملون في ذاكرتنا مساحات من العرفان
واالمتتنان ،ويبقى الوقت عامالً ،من يتحدانا ويبقينا في تيقظ ،ماذا بعد؟؟
كم يفكر فينا الكثيرون؟! وكم ينتظرون أن نعطيهم مما أعطانا غيرهم؟! أن ننقل
حقيقة التجربة والعطاء ،أن نبني لهم صورا ً تعطي أكثر من غيرنا ،ونستمر بجدية
وتفان ،تحتاج هذه الوجوه التي تقف على أبوابنا خجلة أن نتوقف ونحتجز من الوقت ٍ
ساعات لنعطيهم ،ال ألننا أصحاب فضل بل ألن هللا أعطانا ففرحنا فكيف إذا أعطينا
غيرنا سنفرح نحن قبلهم!! طاقة تتجدد وتستمر بالعطاء ،طاقة عطاء ال تنضب
ألنها سيل سيستمر ويمتد .لن ينكرك أحد بل سيدعو لك ويتذكرك بأجمل أوقاتك،
ولن يقول إال جزى هللا فالنا ً خيراً…! ليس فينا من ال يملك ولو خبرة يوم لينقله،
األم تعطي من عصارة حياتها ،واألب يعلم من تجارب أجداده وآبائه ،ال يبقى الوقت
نفسه وال تبقى الحياة نفسها ،لكنها امتداد يتأصل بالتاريخ ويبقى بالمستقبل ،نرى
فيه أنفسنا ونستبصر ما سيكون بمن بعدنا .لنترك الكثير من األنانية والمصالح
وننس أن هناك من يريد أن يتعلم ونحن نحرمه فنقتل َ الوقتية ،والتشبث بحاجاتنا،
فيه رغبة حقيقية في اإلبداع واإلنجاز ،ليتشارك كل منا واجبه ،وليكن قلبه مشعا ً
بالعطاء فال شيء سيدوم ،ال منصب وال اسم وال كرسي سوى أوقات كلمت فيها
أحدهم وعلمته مما أعطاك هللا ،فكنت طاقة عطاء جميلة تحمل الخير وتنشره… !
أعجب ممن بقي في األماكن سنوات كثيرة متشبثا ً بالمنصب وبالكرسي يخاف من
بعده ،ويحبط من حوله ،ويربط الكل بدائرته دون أن يتحرك وينقل ما لديه ،العلم
يبقى متى ما بقي صاحبه في عقول اآلخرين واإلبداع بصمتك حين تمنحه من ذاتك
بكلمة ،بفعل ،بموقف ،حينها سيخلق لك تاريخا ً ال يختزل في الكتب فقط حين تؤثر
في مستقبل أحدهم ،فأنت أعطيته بعضا ً من مفاتيح السعادة التي جعلها هللا سببا ً في
يدك .ال تحرم أحدا ً رزقاً ،وال تبخل على أحد بجميل ما فيك من عطاء ،وكن نموذجا ً
لطاقة ال تنضب وصورة للعطاء ال تخرب ،كل أعمالنا ستنتهي حين نرحل من
أماكننا ،وقد ال يتذكرنا إال من علمناه وأعطيناه دونما تعا ٍل وتكلف ،قلوبنا هي
محاورنا ومشاعرنا هي الدروس التي تغلف ما نريد أن نقدم… ستكون سعيدا ً
وستحيطك كل أحاسيس الرضا؛ ألنك لم تعرف بخل المعرفة ،وكنت يدا ً تمتد حبا ً
وبذالً…!
٢:٢٧ ٢٠١٦-١-١٦مساء .٤٣صداقات عالمية…!
متعة السفر في أنك تلتقي بأناس وعوالم مختلفة تتعمق في محيطاتهم ،وتتعرف على
أنماط ُوجدت لتعلمك كيف أن هللا خلق البشر بتنوع كبير ال يُحصى ،وكيف أن
المعتقدات هي منبع القلب الذي يؤمن بها ،ويمضي دونما زعزعة حتى تدركها
نعمة هللا فتمشي في طريقه… ! متعة الحياة مع األغراب أنها تصقل فيك إنسانيتك
وتعرفك أنك لست الوحيد الموجود على هذه األرض ،ولست سيد هذا الكون ،فك ٌل
ُوجد وله من المكانة لربما أكبر منك عند رب الكون ،ذو شأن وقدر ،فال تدري لم
أنت هناك بينهم ،ولم يوما ً سافرت لتعرفهم ،لكنك ستدرك أنك مشيت برجليك لتكون
عارفا ً أن الحياة أبعد من مرأى نظرة محدودة…!
متعة العمل مع جنسيات مختلفة من دول العالم أجمع وااللتقاء بهم هي نعمة أخرى
من هللا ،تعطى لك لتعرف كيف أن ما جبلت عليه ليس الشيء الوحيد الموجود في
هذا العالم ،فلهذا سافر علماؤنا ولهذا كان للسفر فوائد .حين تعمل مع منظمات
عالمية ستدرك كيف أن االختالفات التي عشتها في فترة السياحة هي المحرك
الحقيقي لالقتصاد والحياة ،وأن هناك شعوبا ً ستدركك حين تكون أنت مدركا ً لما
تمر به وتعانيه ،حين تكون على طاولة نقاش فيها دول العالم ،تعلم أن تستمع للكل
وتدرك ما هي تطلعاتهم ،وماذا يريدون هم وشعوبهم…!.
تكون صداقات يكون في صلبها عمل ،ومتى متعة التعرف على جنسيات أخرى أنك ّ
ما أصبحت جزءا ً من حياتك االجتماعية فإنك تكسب قلوبا ً جديدة في خارج محيط
حياتك اليومية ،وتكون في شرنقة جديدة تصقلك وتضغطك وتجعلك محط النظر،
حتى تعتصر وتبلغ مدارك المخاض المؤلمة فتخرج حرا ً واثقا ً ذا صفة وخلق…!
الصداقات العالمية هي صداقات تجعلك في حياتك تتعلم كيف أن التسامح هو أساس
الحياة ،وأن تقبل البشر على حقيقتهم هي سمة وصفة نادى بها ديننا وحث عليها
رسولنا الكريم صلى هللا عليه وسلم ..ال تنظر لما يلبس من حولك وماذا لديه ،بل
أدرك قلبه وعش حياته واستمع لما يخبرك واحتضن حبه الذي سيقدمه لك دونما
مصالح شخصية.
في طبيعة العمل العالمية ستخلف وراءك صورة لك ليس بما قدمت من مداخالت
أو كلمات ،بل كيف كان شخصك في الممرات وفي اجتماعات ثنائية وأثناء وجبات
الغداء ،وحين تمشي معهم في الطرقات وتكون جزءا ً من محيط نشاطهم ما بعد
المفاوضات والجداالت…! متعة الصداقات العالمية أنها تعطيك لمحة من الحياة
التي ال تعرفها وبعضا ً من مذاق البهارات الباردة التي تتفاوض معك في داخلك
وتجردك من مظاهرك ،وتجعلك معهم على أرض واحدة وأن اختلفت اللغات،
تتحدث معهم لغة محبة واحترام…!
كن صديقا ً محبا ً جميالً ،وانس بعضا ً من غرور قد ال ينفعك ،كن من مخلوقات
األرض التي خلقها هللا من تراب ،متواضعا ً وستبقى في عقول البشر معدنا ً من
ذهب…!
٤:٤٥ ٢٠١٦-٢-١٣عصرا من مونتلاير .٤٤أمة التسامح…!
التعايش مع المجتمعات الخارجية هي حياة أخرى تجعلك تتعرف على طبيعة البشر
وعقولهم ،وكيف أن البعض وصل لمرحلة من األخالق والرقي ما تتمنى لو أنه
كان مسلماً ،لكننا ال نستطيع حتى بهذا التفكير أن نعرف كيف هم عند هللا منا .فكم
من عالم أسهم في خدمة البشرية وقدم الكثير مما ننعم اليوم نحن به فهل هناك من
ال يدعو لمخترع "التكييف" في الصيف على ما اخترع؟ حتى وإن كنا في ظاهر
األمر نقول إن كثرة استخدام المكيفات هي أحد أسباب ارتفاع درجات الحرارة
وظاهرة االحتباس الحراري ،التي ال يستطيع العلماء إلى اليوم التوصل لحل لها !
لكننا ال ننكر أن كل عالم قدم لهذه البشرية عصارة فكره وعلمه حتى يخدمها دونما
التفكير في أن ما قدمه قد يضر شيئاً .فحقيقة األمور أنها تكون بنية عظيمة وفكرة
سامية ،فهل نجحف هؤالء العلماء حقهم بأن ننتقص من قدرهم فقط ألنهم ليسوا
على ديننا؟ بل على العكس ،نحترمهم ونقدر كل ما قدموه وأعطوه لنا ،وكم نتمنى
لو استطعنا أن نقابل أحدهم حتى نشكره…!
فرقي الفكر هو أن نعرف قدر من خدمنا ،وأن التسامح في القلوب واألفعال رسولُ ،
نحترم من يسمو بخلقه معنا ،التسامح أن نعرف أن الحضارات هي اندماج البشر
فيها ،وتعرفهم على بعضهم وإعطاء كل ذي حق حقه ،أن نعلو وأن نعيش تواضع
العلماء ورقي المسلمين األوائل ،فلماذا يعتقد البعض أنهم أصحاب ميزان الصواب
والخطأ؟ وأنهم يستطيعون أن يحكموا على الناس بالجنة والنار؟ ال أحد يعرف كيف
سب من ترك هذه الدنيا .لنتجاوز بعض الصغائر ولنغير نظارة الحياة ،فالحياة يحا َ
فيها من يجعلك تتدافع من أجل فعل الخير ،وهو ال دين له بل في قلبه إنسانية كبرى،
وهناك من يدعي الدين ويقتل األطفال األبرياء ويشرد األسر فيشوه ما نحن نحب
…!
كم من سفراء سالم لم يعرفوا طعما ً للنوم وهو يجوبون مالجئ المشردين ويطعمون
األطفال بأيديهم!! هل ننكرهم فقط لبعض من تصرفات أو ملبس؟ وكم من أطباء
مارسوا مهنهم بحق وساندوا المريض وكانوا بحق دواءه دون النظر لمن يكون!!
وكم من غني أعطى الفقراء برحمة أنزلها هللا في قلبه وجعله سببا ً لهم!! وكم من
فعل جميل تمنينا لو كنا نحن أصحابه فنكون خير رسل لخير األديان!! وهو الحقيقة
األولى التي بنى الرسول صلى هللا عليه وسلم األمة اإلسالمية عليها ،كيف ال وهو
يقول لقريش يوم فتح مكة وهم من أهانوه وعذبوه "اذهبوا فأنتم الطلقاء" .درس في
التسامح والتعايش ونسيان الماضي ،والبدء بحياة الحب والخير والعطاء ،نحن ديننا
دين الحب والتسامح ،رسولنا صلى هللا عليه وسلم رسول اإلنسانية ،فلنكن نحن
أيضا ً أمة التسامح والتعايش والسالم…!
٤:٤٥ ٢٠١٦-٢-١٣عصرا من مونتلاير .٤٥وجوه مسافرة…!
في مطارات العالم حين تتجهة شرقا ً أو غربا ً فإنك تلمح في كل تلك الوجوه القادمة
والمغادرة عوائل مهاجرة تعود ،طالب مبتعثون ،مغتربون ،أناس ينتقلون من
الشرق للغرب والعكس بغية السياحة والتعرف على العالم ،وهناك وجوه تراها
تركض قبل أقدامها .في عوالم العمل ترحل من مكان لمكان حتى أصبحت األجساد
والعقول ال تعرف أين هي وفي أي المناطق الزمنية تنتمي .هناك تشاهد حيوات
تنتقل في مكان واحد ،كل تلك الوجوه تختلف أديانها وتختلف توجهاتها ،لكنها
تشترك في صفة ال أحد ينكرها ،خلقها هللا بصفة اإلنسانية ،في طابور األعمال
الخيرية هناك متطوعون يجوبون مطارات العالم تحركهم اإلنسانية ليساعدوا
غيرهم ،وتحركم رغبتهم بأن تكون حياتهم ذات فائدة تذكر ،وبأنهم يمنحنون الحياة
لآلخرين ،كم أغبط هؤالء المسافرون للخير ،لينقلوا الفرح وليعيشوا مع من ُحرم
من الحياة لظروف ليس له دخل فيها ،لكنه إنسان يعيش على هذه األرض ووجب
السفر له…!
في كل مطارات العالم هناك قصص يعيشها الكل في جلوسه وارتقابه ،لعله يرتقب
الساعات ليلتقي أهله ،ولعله يرتقب الساعات ليواجه مستقبله ،ولعله ينتظر الساعات
علها تنقله لحياة أجمل ،وهناك مسافرون فضلوا السفر حتى ليتيهوا وينسوا بعضا ً
من ضغوطات الحياة وتعبها .كلنا يسافر وكلنا يتمنى أن يكون في جزيرة بعيدة؛
بعيدا ً بعض الوقت عن بعض األشياء حتى يعود لها ،لكننا ال ندرك كيف أن هناك
دوالً ومدنا ً وقرى ال تزال تعيش بعيدا ً عنا ال تعرف المطار وال تعرف للطائرة
شكالً،ال تزال تعيش عالمها على أنه الكون كله .بل هناك مجتمعات تعيش مع
بعضها تنشر الحب والسعادة بانعزالها ،ألنها تدرك أن الحياة جميل أن يعيشوها بما
لديهم…!
في كل المطارات ستقرأ الحكاوي وستتذكر األوقات التي مضت ،والتي علمتك
كيف أن الحياة تتغير معك كلما تحركت وكلما قطعت التذكرة وعبرت بوابة
المراقبة…! تخيل معي أول رحلة لك بل أقصد تذكرها .سافر لها وعشها في
مخيلتك ،كيف كانت خطواتك األولى تلك ،وكيف عشت الوقت مع كل تلك
اإلجراءات وكل المخاوف التي كانت فيك .بعض السفر مشقة وبعضه متعة
يترجمها فكرك ،ومعرفتك إلى أين أنت تسافر؟ هناك دائما ً التجربة األولى التي
تتبعها التجارب التي تمضي بكل ثقة وسهلة بما فيها من خبرة…
تعيش أنت وتتغيرأحيانا ً دون أن تعرف ،تسبقك حقائب لكنها تحمل مع حاجياتك
أنت ،أنت ذلك اإلنسان الذي حمل بعضا ً مما قد يحتاج في هذه الحياة لمدة ما ،متأقلما ً
مع أقل القليل ومستمتعا ً بأقل المظاهر ،في تلك الرحلة تتجرد من كل شيء وتعود
اإلنسان البسيط ،أنت ومن أنت ،مع كل الماليين التي تسافر ،واحد منهم ،معهم
تصبح أحد الوجوه المسافرة وتسافر…!
٥:١٥ ٢٠١٦-٢-٢٧عصرا من مونتلاير .٤٦مشاغبات عائلية…!
تبقى العائلة هي المؤسسة التي تحتضن بين جدرانها كل أنواع الوزارات والجهات
والقطاعات ،فهي تبدأ بتلك األم التي تكون وزيرة للتعليم والصحة والتربية والتعاون
الدولي وخدمة المجتمع والكثير ،ويبقى األب هو صاحب وزارة المالية والدفاع
يكون أسرة أوواإلقامة والبيئة وغيرها…! مؤسسة صغيرة في داخلها يعيش عدد ّ
لنقل شعبا ً بسيطاً ،يتعايشون مع بعضهم مع كل االختالفات وحاالت الشخصية
المتغيرة…! فهناك األخوة الذين يبدأون يكبرون ويكتشفون العالم ،ويبدأ الصراع
البرئ في داخلهم في المحافظة على أشيائهم ،ويصبحون أحيانا شرسين في المبالغة
في الدفاع ،فما زال الكثير منا يذكر تلك الحروب الصغيرة بين الشقيقات التي تنتهي
ضحيتها "الشعر" ،بحيث يبدأ كل طرف منهن بسحبه فهو أضعف ما تملكه الفتاة
ويبدأ األلم ينخر رأسها !..وال يزال األخوة الصبيان يتعاركون باأليدي ولربما بعض
من األشياء ،لكنها معارك ليست إال تعبيرا ً عن التغيير الذي يطرأ ويكبرون
ليتذكروها فيضحكون من قلوبهم التي تحب بعضها…!
إن من أهم الوزارات والقيم التي تكون في هذه المؤسسة هي الحب والخوف على
اآلخر ،االحترام والتحري عن أحوال بعضنا البعض ،ال تزال كل الماديات لربما
تجذبنا وتشغلنا ،لكن كل هذا يزول وينتهي ويبدأ المرء يبحث في زوايا الجدران
عن قصص الحب واالندماج ،قصص التضحيات واالحتواء ،األخوة هم سند
لبعضهم واألخوات مجتمع لبعضهن ،تملؤهم كل المشاغبات العائلية التي قاموا بها
والتي كبروا على صداها ،لكنها جعلتهم يرتبطون لربما أكثر ببعضهم ،وتتكون تلك
الرابطة التي تجعلهم ال يحيدون عن مسار يجمعهم كعائلة…!
إن مجتمعنا يرتبط بقيم خاصة تحترم كل من في العائلة وتجعل له أهمية ووجودا ً
يحتاجه أحد آخر ،لربما تكثر بعض المشاكل في بعض األحايين ،ولربما الحياة
الدنيا تأخذنا وتغرنا بعض األشياء التي تقتل فينا رحمتنا وحبنا ،وننسى تلك الطفولة
التي جمعتنا واألم واألب اللذين ربيانا وانتظرا أن تبقى مؤسستهم ثابتة راسخة…!
ال ننكر كيف ازدادت المشاكل وكثرت القضايا وعلت األصوات وانتهت العالقات،
لكنها أوقات ضعف غرها الشيطان !..فما قيمة المادة مقارنة بجرعة من حب؟! وما
الثروة التي سأجنيها حين أخاصم أخي أو أختي؟ بماذا قد أحس إذا فارق الحياة
فجأة؟ ما الذاكرة التي ستبقى في؟ ماديات تخاصمنا عليها؟؟ دنيا زائلة فرقتنا؟ نفوس
ضعيفة أجبرتنا على الهجر؟؟ مواقف مرت في لحظتها لكننا تمسكنا بها ،فقطعت
صلة الحب والرحمة؟ كم من شقيق سيندم على شقيقه ،وكم من أخت ستفارق حضنا ً
يشبه حضن أمها وتبكيه ندماً؟ وكم من شقيق سيبكي ألما ً على أخته التي هي بعد
أمه أم أخرى؟؟ وكم من أخت ستبكي أخا ً كان من الممكن أن يكون سندها…!
ال شيء يساوي تلك البذرة األولى وتلك المشاغبات األولى ،وتلك الحياة البريئة
التي فيها كان الحب األول وزال…! فهل تساوي الحياة أن نعيش قسوة تحرمنا من
بعضنا؟
١٠:٢٩ ٢٠١٦-٣-٥صباحا .٤٧الرواية عوالم…!
من أجمل ماقد يقرأه المرء ويستمتع به هو قراءة الرواية ،والتعمق في سطورها
والتفكر في ما كان يعتقد الكاتب حين حبك تلك الفكر ،الرواية هي حاالت إنسانية
جميلة تنعكس من خالل أحداث ووقائع ،يستطيع القارئ المتأمل أن يترجمها على
نفسه ،وما يحيط به ويأخذ منها الدروس التي كتبت ألجلها…!
اليوم تكثر الروايات وتتنوع وقد يتردد البعض في أن يكون مقتنيا ً لها ،بحكم أنه
قارئ باحث أو قارئ للتاريخ وكتب الثقافة المختلفة ،ويأتي هنا الجمال في عالم
الرواية والكتاب واالختيار أو الولوج لهذا الفن من األدب ،فكثير من الروايات
تجمعك بتجربة عميقة تترجم ثقافة الكاتب ومعايشته الحقيقة للتاريخ واألحداث.
تعيش معه ما قد أبحر فيه من خالل أيضا ً تجاربه الشخصية ورؤيته الفاحصة
المتوشحة بمهارات التفكير والبحث ،كثير من الروايات سواء األجنبية أو العربية
تثقفك ،وتنقلك من مستوى آلخر وتجعلك تدرك الحياة بمفاهيم مختلفة ،فنحن حين
نختار الرواية الصحيحة فإننا نرجع لحقيقة من هو الكاتب ،وهنا ال نظلم ال ُكتاب
الجدد ،فقد برز عدد من الروائيين الشباب الذين يستحقون أيضا ً أن نختبرهم
ونضيفهم لقوائمنا…!
كم جميل ذاك الحب في روايات شكسبير ،لكنها ال تخلو من أن تعرفك على حقائق
ذاك الزمن وثقافته السياسية ،وكم جميلة هي األحداث في روايات محمد المر التي
تترجم لك واقعنا اإلماراتي الجميل ،وكم هي متعمقة روايات غازي القصيبي
"يرحمه هللا" التي ترجم من خاللها التاريخ والسياسة ،وكم جميل أن نتعايش مع
الكتاب ونعطيه فرصة حين نقتنيه…! الرواية ليست رواية األوقات والرومانسيات
من وجهة نظري ،بل هي إخبارنا بماهية الحياة والمعاناة ،وأحيانا ً التجربة التي
يعيشها مجموعة من األفراد بين طيات الورق…! كثر اليوم كتاب القصة والرواية
لكنني ال أعرف كيف أصنف كل تلك القصص المتكررة ،والتي ال تضيف لنا شيئاً،
وسؤالي :كم من روائي حاول أن يقرأ ما يكتبه غيره ،ليس ليقلده بل ليتعلم لماذا
كتب من كان قبله؟!
تجربة اختيار الرواية الصحيحة هي أيضا ً تجربة دقيقة ،فقد تقع يداك على كاتب
مجهول أو تقرأ له ألول مرة عنوانا ً استفزك ،أو مقدمة أو تقليبا ً لبعض الصفحات
فتفاجأ به وبعمقه ،لذلك كان االختيار المتأني وفي الوقت نفسه بعض المجازفات
تخلق لك عالما ً من الخيال والمتعة ،قد ال تجدها في ١٠كتب متجمعة لروايات
متشابهة ،والتنوع مطلوب حتى ندرك كيف يكتب من هو ليس من ثقافتنا ،فالروائي
المتمكن هو الذي يعرف كيف يأخذك معه بأساليبه السردية لعوالم مختلفة ،ويجعلك
تغمض عينيك إال عن ما يريدك أن تعيش حتى تغلق الصفحة األخيرة من روايته،
وأنت تفتقد الشخصيات وتشكره بينك وبين نفسك دونما تمييز من أين هو وفي أي
دولة عاش…!
لنعش عوالم الرواية ونكن متذوقين متأملين باحثين ،فهي عوالم من خياالت البعض
اعتقت لك لتتعلم…!
١٢:٣٧ ٢٠١٦-٣-١٩ظهرا ُ .٤٨
ط اّلبنا يابانيون…!
ق
الثقافة اليابانية من الثقافات التي تجذبك وتتعبك في آن واحد ،فهي ثقافة شعب را ٍ
خلوق ومجتهد ،وشعب أراد الحياة ولم يردها عادية بل حياة يفرض فيها نفسه على
العالم ،بعد أن عانى ويالت الحرب العالمية الثانية وما خلفته من تشوهات خلقية
ونفسية ،لكنه يبقى شعبا ً ال يستسلم بل يعود وينهض مرة أخرى .ثقافة الحياة متأصلة
في داخله وثقافة التضحية أيضا ً …! يتعبك أنه يعتز كثيرا ً بلغته وهذه سمة
يُحترمون عليها؛ فال تجد بسهولة من يتحدث معك اإلنجليزية ،وال ينحرج أي منهم
أنه ال يجيد إال لغته األم ،ومع هذا فإن أهم منتجات العالم تأتي من اليابان إلينا
ونبتاعها دون تردد ،ألننا نثق بمصداقية وكفاءة هذا الشعب…!.
في ظاهرة حب اليابان اليوم هناك عالقات تُبنى دوليا ً وسياسياً ،وهناك ارتباط وثيق
بين حكومتنا وحكومة اليابان ،وفي الفترة األخيرة عدد من االتفاقيات وقّعت
وتطلعات للعمل في مجاالت جديدة ،وتأتيك هذه في نظرة حكيمة من حكومتنا
الرشيدة بأن فتحت منذ فترة باب االبتعاث لهذه الدولة ،حتى يتخرج لديها طالب
يتقنون اللغة ،وفي الوقت نفسه متخصصون في مجاالت جديدة أغلبيتها هندسية
وعالقات دولية…!
اليوم في اليابان لدينا أكثر من ٨٠طالبا ً مبتعثا ً في تخصصات مختلفة ومستويات
مختلفة أيضاً ،وحين تلتقي بعدد من الطالب وتراهم يتحدثون اليابانية بطالقة تعجب
من هذا اإلصرار الذي كان فيهم ،بأن يتعلموا اللغة التي لديها أيضا ً أكثر من لغة
وعدد حروفها التي هي رموز ورسوم تتجاوز عدد حروفنا كثيراً !..حين تلتقي بهم
فإنهم يتشاركون الفكرة نفسها التي امتزت بطموح في داخلهم ،فبعضهم يقول لك
اليابان هي حلم الطفولة ،هي التطلع وهي الطموح ،تلتقي بهم فتراهم تأصلوا
واندمجوا في الثقافة اليابانية ،حتى أصبح عدد من طالبنا يابانيين…! بحبهم لهذا
البلد ،بتميزهم في دراستهم ،باندماجهم بحضارة هذا البلد وثقافتهم…!
جميل أن يبدأ مجتمعنا أيضا ً يدرك لماذا يدرس هذا العدد من الطالب هناك ،ولماذا
اختارت دولتنا هذا الجزء من العالم البتعاثهم ،يجب أن يبدأ أصحاب القرارات في
المجاالت المختلفة ،وتحديدا ً الهندسية ،أن يدركوا وجود هذه الفئة الجديدة التي ال
تتخرج في أمريكا وأوروبا ويبدأوا باستيعابهم في أماكن العمل في المسقبل… فال
يزال الكثيرون يجهلون أن هناك طالبا ً يدرسون في اليابان أو حتى يجهل لماذا
يدرس الطالب في اليابان ،يجب أن تكون هناك حالة من التعاون بين الجهات
المختلفة للترويج لهم ،حتى ال يقعوا في صدمة العودة وعدم التفهم ،يجب أن يقوم
التعليم العالي بالتعاون مع سفارة اليابان في اإلمارات وسفارتنا في اليابان وكل
الجهات المرتبطة بهؤالء الطالب المبتعثين ،بالتحدث عنهم ولماذا هذا التوجه
والتحول.هناك أمور تحتاج قاعدة حتى نكون نحن أيضا ً مدركين لمن سيعود إلينا
بثقافة علمية وخلقية جديدة ،هؤالء هم يابانيون تعليماً ..اماراتيون حقيقة…!
١٠:٠٣ ٢٠١٦-٢-٢صباحا بتوقيت اليابان -طوكيو .٤٩فق ُد ما
نحب…!
أحيانا ً نفقد أشياء عزيزة علينا تعيش بين أيدينا وفي كل مكان معنا ،قريبة لقلبنا
نحبها وتكون رفيقا ً يؤنسنا حتى في غربتنا .هذه أشياء سواء كانت غالية أو رخيصة
ال يهم ،فهي ارتباط بمشاعر وبأفراد ،هي أحاسيس وهي مشاعر تُرجمت في
جمادات فأعطتها روحا ً تتقلدنا .حين ترافقك وفجأة تفقدها دونما قصد ،قد يسرقها
أحدهم ،وقد تنساها في مكان ،وقد تتوه منك دونما اختيار ،حينها نتألم ليس ألنها
أشياء نحبها ،بل ألنها ممن نحب!
فكر معي قليالً حين تحس بذلك األلم يعتصرك ويجعلك تشعر باختناقات وتبدأ
بالبكاء ،هل فكرت لحظتها بأن من أهداك حي يعيش حولك وقد يحتاج منك أن
تهديه أيضا ً الكثير من االهتمام والحب .حقيقة فقد األشياء هو تجربة مصغرة لما قد
نحس به إن فقدنا فعليا ً من نحب ،هي حالة من عدم االستقرار وعدم التقبل لواقع
فُرض علينا ،لكنها تذكرة بأن نكون أكثر قربا ممن أهدانا أن نعطيه أكثر ولربما
نحتضن حبه بصورة أجمل .الحياة ثمينة بوجودهم وبما يعطونا مع هداياهم .هم
ذلك الوهج الذي يبرق في عينيك حين تراهم ،وهم طعم للحياة التي نريد أن نتمسك
بها .الماديات هي صلة لكنهم هم قلوب تحتاجنا أن نكون بينها وأن نستقر في
صدرها.
كن متألما لكن تعلم كيف تترجم مشاعرك حبا ً لهم ،وكيف تنظر لهم وتعطيهم وقتا ً
أكثر ،قد تكون األشياء ثمينة لكن حبهم أثمن ،وما يعطوننا يستحق أن نحافظ عليه،
لكنه إن اختفى فال يعني أنهم اختفوا ،صدقهم ال يزال ،وهم من ينتظرك ويخاف
عليك .حين نفقد بعضا ً من أشيائنا فإننا ندرك أننا كنا مرتبطين بأناس يستحقون
لكنهم بعيدون عنا النشغاالتنا ،لترددنا ولربما العتقادنا أن في الحياة ال يزال وقت.
ال ندري غدا ً كيف يكون الفقد األصعب وحجم األلم ،لكننا ندرك أنه أقسى مما نشعر
به تجاه ماديات ،فكيف ال نعطي الوقت فرصة ألن نتألم كثيراً؟ لنكن أكثر وعيا ً
بحقيقة الحياة فهي أناس يحملون بين أضلعهم مشاعر وقلوبا ً معطاءة ،ليكونوا هم
جزءا ً أكبر من حياتنا ويرافقوننا ونرافقهم .حتى حين نختلف فإنهم يتجاوزون بدافع
الحب ويتقبلوننا ألنهم يعرفون تركيبتنا وماذا يعترينا!
لنروض أنفسنا على ّ الحب خالصة كل التجارب ،واالهتمام ما يجعله يستمر،
اإلحساس بالطرف اآلخر ،باألهل ،ولنترجم اهتمامنا فعالً ،فقد ال تكفي مشاعر
تعيش في ظالم صدورنا .السعادة الحقة بأن نقولها لهم ،أن يشعروا بها ،أن يلمسوها
منا ،وأن يكونوا هو الجزء األكبر والحقيقي في حياتنا .لنتألم لفقد األشياء فذاك
يستحق ألنه ممن يستحق ،ولكن لنتجاوز األلم بأن نعطي الحب بقدر أكبر ،وال
نبخل به بل نجزل العطاء فيه .اهتم وأحب قبل أن تفقد!
٥:١٥ ٢٠١٦-٥-١٤عصرا .٥٠قيد العبودية!..
جميل أن نحيا ونحن نفخر بأنفسنا بعد سنوات بأننا حققنا الكثير وأنجزنا األهم ،وما
زلنا نطمح ألن نكون روادا ً في القادم ،ننجز دون توقف ،ونعطي بال حدود،
واألجمل أننا نعيش مع الكل في زه ٍو وسمو .تخيل معي نفسك بعد أعوام تقف مع
نفسك وحيدا ً وتنظر للوراء لما حصل وسيحصل ،كيف سيكون ذاك الشعور إن
تذكرت يوما ً أنك تنازلت عن نفسك !..عن أخالقك وعن قيمك؟!
يؤسفنا أن نرى أن البعض يعتقد في وظيفته وحتى في حياته أن الرزق مرتبط
ببشر ،فيحاول إرضاء هؤالء بالكثير حتى وإن كانت الضحية أنفسهم ،تلك التملقات
وتلك االبتسامات ،وبعض من مبالغات ،فقط حتى ال يكون هناك مجال لرفض
حاجاتهم واحتياجاتهم ،أو إعالن حرب من الغضب عليهم ،تراهم يعيشون بأقنعة
مزيفة مع أنفسهم أوالً قبل اآلخرين ،فهم من اختار الزيف ،وتراهم بعد وقت من
الزمن ال يعرفون أنفسهم ،ولربما خسروا في رحلتهم هذه أناسا ً حقيقيين ليتمسكوا
بالوهم!..
الحياة سواء اليومية ،حياتنا اإلجتماعية ،الوظيفية ،أيا كانت ،ال بد أن نحياها بمبادئنا
وبرقي أخالقنا ،ال أن نتلون كما الحرباء ونتعايش مع كل المثل وتحديدا ً تلك التي
تجعلنا ننزف من الداخل ،لكننا نقبل بالموت البطئ؛ ظنا ً منا بأن هذه هي الحياة ،ال
أرى بعد هذا التعايش في وجوهم بشراً ،بل دمى تحركها بعض المصالح والكثير
من الخوف ونسيان أهم حقيقة كونية.
حياتنا مرتبطة باهلل ،أرزاقنا من عند هللا ،وسيحاسبنا غدا ً كيف أدينا األمانات .ليست
العبودية هي تلك القيود التي وضعت في أيدي العبيد في الماضي ،بل العبودية هي
أن تظن أن حياتك مرهونة بأحد ما ،وبأنك لن تعيش إال تحت وهم رضاه ،من
يطالبك بأن تكون إمعة ،وترضيه وتكون دائما ً سببا ً من أجله ،فتأكد أنك لست بمأمن
معه ،فهؤالء يتلونون مع مصالحهم وأنت لست بصديق لهم ،وحين يتخلون عنك
ستنظر وراءك فال تندم عليهم بل على نفسك ،كن خاسرا ً في معركة الماديات
والترقيات زمناً ،لكنها ستأتيك من هللا ،فهي أرزاق تُمنع وتعطى منه ،لكن؛ ال تخسر
نفسك وال تجعلها تبكي من الداخل أسفا ً عليك .فقيمة اإلنسان بمكانته وبما يريده
لنفسه ،بقيمه وأخالقه ،بحسن تصرفه ،ال أحد يستحق أن يكون قيدا ً علينا ،ألن هللا
خلقنا أحرارا ً يتكفل بنا ويعطينا من خزائنه.
انظر للوراء ،كم خسرت أناساً ،وكم ناقضت نفسك ،وكم أعطيت وأنت كاره ،وكم
بالغت ونافقت وأنت متألم ،وكم أسهمت في أذى اآلخرين من أجل أحد ،وكم لم تكن
أمينا ً على أخالقك ،وكم ساومت على قيمك؟ وكم تتألم اآلن وأنت تقرأ سطري؟ إن
سقطت دمعة أو أحسست بالضيق فأنت أحد هؤالء العبيد ،تخلص من قيدك وارتبط
باهلل ،ووكل كل حياتك إليه ال إلى البشر!..
ا ٩:٣٤ ٢٠١٦-٦-٤صباحا .٥١زايد ال يرحل…!
كان الوالد ،القائد ،المعطي ،الواثق ،المؤمن بشعبه ،ذا نظرة ثاقبة ،وفكر عميق،
أسس االتحاد ليبقى ،وفي كل فرد من شعبه زايد فكيف يرحل؟ ترحل األجساد وتبقى
األرواح واألفعال .هذه حقيقة وثابته ،المؤثرون ال يرحلون ألنهم باقون في العقول
الحية ،لم يكن ما قام به الوالد زايد "يرحمه هللا" بالفعل الذي ينسى ،فهو كان يبني
للمستقبل ،يعطي للحياة ،جعل العالم يدرك من هي اإلمارات وشعبها ،لم يبخل على
البعيد أو القريب ،كان واثقا ً بكل فرد ،وهنا يكمن الفرق ،لم يكن حاكما ً حتى يسود
وينعزل ،بل عاش يبحث عن كل الحاجات ويلبي كل الطلبات .كان أبا ً يربي أبناءه
قبل أي أحد كيف يكون التعاضد والوفاء ،كان يتحدث بلغة الصغير قبل الكبير ،في
قلبه عاشت الرحمة والمحبة .لم يبخل ولم يتوانَ عن شيء يفرح شعبه.
لهذا زايد ال يرحل ،يعلمنا في رحيله كيف يكون البقاء لألبد ،فالحياة ال تستمر،
وكلنا راحلون لكن كيف نرحل؟ هي الحياة الباقية ،الحياة بعد الموت وكيف سيذكرنا
من يبقى بعدنا ،ال أحد يبقى في هذه الحياة إن لم يؤثر في شيء ،في حياة أحد ،لم
يقدم ولم يتوانَ أو يضحي ،المؤثرون يدركون قيمة التعب ،يدركون لماذا يجب أن
نحب اآلخرين ولماذا التضحيات هي سمة األخيار والمتميزين.
البعض يحب أن يعيش في قصر عاجي بعيد عن الناس وهمومهم ،يعتقد أن الفرح
والسعادة في البعد عن اآلخرين وال يدرك بطبيعته أنه يبتعد عن الحياة الحقيقية،
وأنه ميت وهو على هذه األرض.
إن كنا نحب زايد ،ونحن أبناؤه لنكن مثله طوال العام ،ال نتوانى عن الخير ،وال
نكون إال قدوة في كل وقت ومكان ،فالوفاء له ورد الجميل هو ما يبرهن على صدق
حبنا ،لنكن عالمة فارقة في خارطة الخير على مستوى العالم ،ولنكن بأخالقنا
صورته الدائمة المشرفة ،لكي نسعى ،نتعلم ونتفانى ،لتكون قلوبنا نظيفة تستقبل
الفقير والمحتاج ،ال نهين وال نتعالى ،ال نبخل وال نمن ،ال نتردد وال نخذل ،فينا
تكون سمة الكرم واإلخاء ،البذل والسعي ،التميز والتقدم ،الهمة والقمة ،نؤثر في
قلب العامل قبل الوزير ،فكر مثله وعش مثله ،تذكر لماذا كان يعمل لك حتى تعمل
من جديد ،فكر لماذا أحبك لتبقى تحبه ،فكر لماذا هو األب ،فعلم أبناءك كيف يكون
العطاء لهذه األرض التي لم تبخل علينا ،فكر كيف كان يسهر من أجلنا وتمرس
السهر ،وقدم ما ترضى به عن نفسك .كن راقيا ً برقي هذه األرض ومن أسسها،
ومن رحل عنها ،ومن وثق بنا.
رحم هللا أبانا زايد وكل مؤسسي االتحاد ومن يسير على خطاهم.
٢:٥٥ ٢٠١٦-٦-٢٥ظهرا .٥٢عالمية "الجينغا"!
من بين بيوت فقيرة ،حارات ضيقة ،وأماكن تفتقر حتى لوجود الغاز ،التزال
األمهات يغسلن المالبس ويتشاركن المناشف ،الصغار في عندية الوقت يلهون ،وال
ينصتون لكالم الكبار إال في بعض األوقات حتى يفلتوا من العقاب ،هتافات
وأصوات ترقص فرحاً ،أقدام بال أحذية ،ووجوه اغتسلت بالتعب والشقاء لكنها
رقصت حبا ً وحياة ،في قلوب أهل "الجينغا" تلك األسطورة التي ُولدت في القرن
السادس عشر في البرازيل ،من قلوب أفارقة جيئوا كعبيد لم يرضخوا ،بل هربوا
وتمرسوا في األدغال ألعاب القتال على نهج "الجينغا" ،حتى أعلنت لهم الحرية،
ففرغوا ماعرفوه في لعبة العالم األكثر سيطرة وسياسة في الوقت نفسه "لعبة كرة ّ
القدم"" .الجينغا" تلك التي نراها تتراقص من بين أقدام الالعبين في كرة القدم
البرازيليين ،تختلف في أساليبها لكنها توحد شعبها في أنهم يلعبون أسلوبهم الخاص
بفرح.
"الجينغا" التي حاول الشعب البرازيلي قتله بعد خسارته في عام ١٩٥٠في كأس
العالم ،اعتقادا ً منهم أنه اسلوب غير متحضر ،هو ما عاد وجعلهم يربحون الكأس
في عام ١٩٥٨في عام ميالد أسطورة اللعب "بيليه" ،أحداث شاهدتها من خالل
الفيلم الجديد الذي يحكي قصة هذه األسطورة التي لم تصبح أسطورة حين حاولت
أن تنزع عن نفسها جلدتها ،وأن تدعي باسم التحضر أن أسلوب " الجنيغا" غير
حضاري! ما شدني في احداث هذه القصة ،هو إصرار الوالد على تعزيز اإلرث
في قلب ابنه "بيليه" ،مؤكدا ً له " ال تكن غير نفسك ،وال تخسر الثقة ،ال تهتم بما
يقال حولك ،كن أنت وآمن بالجينغا" ،هذه المقولة التي قيلت قبل ما يقارب الـ ٦٠
عاماً ،هي من جعلتنا اليوم نرفع القبعة لهذه األسطورة ،والشعب البرازيلي الذي
يرقص ويفرح العالم حين يلعب ،دور األب كان مهما ً في حياته وفي رحلته،
فاألصل في األمور أن ال نحاول التقليد لمجرد بعض االعتقادات أنها طريق
التحضر ،أن نكون نحن بما نملك وبإرثنا ،سنجعل العالم يحترم وجودنا وأسلوبنا.
في عام ١٩٥٨أصبحت "الجينغا" البرازيلية هي األسلوب األشهر في العالم في
لعب كرة القدم؛ ألن الشعب تمسك بموروثه.
أحببت الوفاء في شخصه "بيليه" ،أصدقائه الذين دائما ً افتقدهم ،تلك الطفولة
المتجمعة في ٤أشخاص آمنوا به ،ومات أحدهم إيمانا ً به ،تلك الطفولة التي نحملها
في ذاكرتنا ،ال تزال هي الحقيقة التي تؤرخ كل ما نصل إليه .القصة استحقت
االنبهار بها ،لما فيها من كمية من الطاقة الحقيقية التي تريك كيف أن الظروف ما
هي إال حجة من ال يريد أن يترك كرسي الكسل والمحاولة ،فحين وعد "بيليه" والده
بكأس العالم ،لم ينس الوعد ،وحققه له بعد ٨سنوات في عمر الـ " "١٧فكيف اليوم
نحن نترك األحالم تجري منا وال نقدر أن نتمسك بها من أجل أنفسنا ومن نحب؟
وأفرح من حولك.
وافرح ِ
َ تعلم " الجينغا" الخاصة بك
١٠:٢٨مساء بتوقيت اإلمارات
على متن الطائرة لمونتريال
.٥٣ ٢٠١٦-٨-١٩الحلم ال يموت!
يحمل الحقائب بجسمه الكبير الذي يحتاج إلنقاص الوزن ،يستقبل السياح عند الباب
بابتسامة ،يتعهد لك بكل سبل الراحة ،يرافقك ،يشرح لك ما تريد وما ال تريد،
شخصية مرحة في كل األوقات ،ال تراه اختلط شخصه بمزاجيته ،ال يهم ما يمر به
لكنه ال يعاملك إال بما يجب! "هارفي" شخصية مررت بها في كندا ،وأثناء العيش
هناك وزياراتي المتكررة ،كان له حلمه الخاص ،لكنه تنازل عن الحلم وقبل بوظيفة
عامل الحقائب في فندق ،كان يجلس في أوقات األستراحة يدخن ،ويسرح ،تراه
يفكر ويتأمل وهو يطلق أنفاسه مع كومة الدخان التي تصغر وتكبر بحجم األفكار
التي برأسه ،سألته يوما "هل تحتاج أن تدخن؟ قال ال!
مرت سنوات وإذا بأحدهم يستوقفني في الشارع أمام الفندق "مريم هذه أنت" وكان
"هارفي" ،كان قبلها بمدة قد ترك العمل في الفندق وال يعرف أحد شيئا ً عنه ،لكنه
عاد وطلب الوظيفة مرة أخرى ،بادرته بالسؤال "نعم أنا ،هل عدت ووقت
استراحتك اآلن لتدخن" ،قال :تركت التدخين وعدت حتى أكمل حلمي الحقيقي ،لم
أستطع المضي في حياة بال أهمية أو هدف ،اللهو والسهر له وقته وينتهي ويبقى ما
نريد ،يزورنا ويستفزنا! كان يحلم دوما ً بأن يصبح ممرضا ً متمرساً ،يساعد الناس
ويخدمهم وهذه الطبيعة التي يحس بها من يزور هذا الفندق ويتعامل معه ،اليوم
وبعد آخر لقاء قبل عامين" ،هارفي" تخرج ،توقف عن التدخين ،خسر الوزن
الزائد ،وأصبح ممرضا ً فرحاً!
ال أكتبه هنا تفردا ً أو أنه شخصية تختلف عمن يقرأ لي ،لكنها قصة استغرقت ٦
سنوات حتى تتحقق ،ال يهم كم مضى من أعمارنا ،ما مررنا به ،ما قيل لنا ،ما
صرنا له ،كيف ينظر اآلخرون لنا ،كيف آلت بنا الحياة ،وكيف هي التضحيات ،ال
يهم الوقت إن نحن ما زلنا نحلم بذلك الحلم الذي يزورنا في نومنا ويوقظنا صباحا ً
متسائالً "ماذا حل بي؟" ،هارفي نموذج نعيشه كل يوم ،كثيرون يتنازلون عن
أحالمهم ألسباب وهمية ،وقتية ،ال تكاد تنقضي حتى يعود اإلحساس بالحنين ،من
يتنازل عن حلمه بحجة القدر ،وبأن الحياة مضى منها الكثير وليس هناك وقت
يهدره ،هو حقا ً يهدر حياته الحقيقية ،فما قيمة أن نعيش خارج ما نريد وتبقى أحالمنا
تحيط بنا في محيط يدور حولنا ويذكرنا بأننا ال ننتمي لما نفعل اليوم ،بل ننتمي
لحياة أهم تعيش في عقولنا الخاصة ،قد نأخذ وقتا ً طويالً حتى ندرك حاجاتنا ألن
نتمسك بما نحب ،لكن متى ما عرفناه ال يخجلنا أن نمضي سعيا ً لها ،ال يخجلنا
العمر ،الوقت ،المجتمع ،بل نفرض ما نريد أوالً على أنفسنا ،حتى نحترمها ومن
بعدها يحترمنا من حولنا ،ونعيش دون تنازالت ،فالحلم يبقى ال يموت!
٢٠١٦-٨-٢٧أرض الوطن .٥٤سفراؤنا رموز! ..
حين تحلق في السماء ،متجها ً لمكان ،تتجول عيونك بين كل من يمر بك في الطائرة،
تحاول أن تتعايش معهم بعضا ً من قصص الخيال وتتخيلهم ،البعض يسرد الحكاوي
والقصص التي تجعله يصدق أنه في الواقع يعيش بينهم يجول هنا وهناك .وهناك
منا من يعيش قصص اآلخرين دونما تخيل بل بواقعية وصدق ،يكون معهم من
لحظة الهبوط إلى وقت المغادرة ،مبتسما ً يستقبلك وفرحا ً يودعك ،لن تقول ولو
لثانية هناك ما يشغله عنك ،فأنت شغله حتى تعود! ال يمارسون معك أية طبقية بل
يخجلونك حين يكونوا هم أساس راحتك .يغتربون ،يعيشون أعواما ً بعيداً ،أطفالهم
ينشأون بعيداً ،زوجاتهم بحق سيدات ترفع لهن القبعة؛ ألنهن لم يساندن فقط
أزواجهن بل أوطانهن.
هؤالء هم سفراؤنا في الخارج ،كثيرا ً ما نشاهد ،نرى ،نسمع ونعيش في الكثير من
المواقف واألماكن معهم ،شخصيات حين أقسمت أمام ولي األمر ،أقسمت على
اإلخالص ،خدمة الوطن ،وشعب هذا الوطن ،لم نالحظ يوما ً أننا نلتقي بسفير من
سفرائنا الكرام وقد تجاهلنا ،بل بما يسمح له وقته وعمله هو في مقدمة من يستقبلك
ويفرح بك ،سفراؤنا هم من خيرة الناس وأكثرهم حياة بال استقرار ،ال تخلو الوظيفة
من التنقالت ،من دولة لدولة ،وال يخلو األمر أن عوائلهم في حل وترحال معهم،
ال يتذمرون بل يتأقلمون مع كل مكان جديد وثقافة جديدة وحياة جديدة ،ألنهم،
الصغير منهم والكبير ،يدرك لماذا هو في الخارج.
نشعر باالعتزاز بهم ،فهم غرس من غراس زايد ومدرسته ،يعطونك دروسا ً في
التواضع وأن المناصب ال ترفع أحدا ً وال تعطيه صفة غير اآلخرين ،مواقفهم التي
ال تعد والتحصى مع أبناء الشعب وسام كبير لما هم أهل له ،سفراؤنا وسفاراتنا
أمان لنا حين نكون في الخارج ،وعزوة حقيقية ،نشعر بها حين تهبط بنا الطائرة
في دولة ما ونستقبل على هواتفنا رسالة من سفارة الدولة ،تخبرك بأن تتواصل
معهم إن احتجت شيئاً ،تشعرك بأنهم معك وكيف أنك في قائمة أولوياتهم ،وحرصهم
عليك ألنك ابن هذا الوطن .أذكر يوما ً أن أحد سفرائنا الكرام لم يغادر قبل أن يتأكد
من أن أحد المغتربين ،وكانت فتاة هي بخير وال ينقصها شيء ،وأحدهم اتصل
شخصيا ً بمجموعة وهم في الطائرة ليتأكد أنهم بخير ،وآخر يتابع مع طالب الدولة
كل أمورهم ويحرص أن يطمئن عليهم إن حلت كارثة طبيعية في البلد الذي هم
فيه ،ال يتوانى عن مساندتهم وتعزيز حب الوطن فيهم وتشجيعهم ،واألمثلة كثيرة.
سفراؤنا ،صورة من جميل الفعل وعلو النفس وسموها ،أخالق منبعها الغرس
الطيب ،سلوكهم تفوح منه قيم التواضع وحب الخير ،هم صورة لدولة ال تبخل على
أحد ،وال تتعالى على أحد ،ولم تعرف يوما ً إال صفة الحب والتسامح ،هم من يتعب
من بعيد ونحن نفخر بهم في كل مكان ،شكرا ً لكم.
٩:٢٧ ٢٠١٦-١٠-٢٢صباحا .٥٥من يكتب..؟!
الكتابة من وجهة نظري الشخصية هي ترجمة لما يعتلي دواخلنا ،أداة يروضها
الكاتب لتقول ما في نفسه ،لتخبر الناس عن حكاوي تعتصر فيه ،وتعتقه من ترددات
الكلمات ليالً ونهاراً!
لم يكن يوما ً القلم حكرا ً على أحد ،أو تخصص ،فال يعتقد البعض أن من درس اللغة
العربية سيكون كاتباً ،وأن من درس العلوم والطب ال يملك ملكة الكتابة! هي موهبة
تتحول بالتدريج الحترافية ،وكثيرا ً ما قابلنا منذ الدراسة الجامعية أطباء ،مهندسين،
علماء ،فنانين ،إلخ ..يملكون لغة أصيلة جميلة تغنيك عن البحث في عقول طلبة
اللغة ،وقد يتفوقون هم بما يكتبون ،كنا دائما ً في مسابقات أدبية فنجد أن من يحصد
أغلبية الجوائز األدبية هي الفئة العلمية .وفي معرض الكتاب يتكرر المشهد .ال
يمكن ألي إنسان أن يصبح كاتبا ً بمجرد دراسة أكاديمية ،أو نظريات علمية ،أو
حتى حصيلة مفردات ومخزونات فكرية ،يجب أن يتجرد من التخزين العقلي،
ويتجرأ أن يخاطب الورقة التي تنتظر كعروس بيضاء ،يتجرأ ويبدأ يقول لها في
شاعرية ورومانسية كيف أنه اآلن مستعد أن يكون معها رفيقاً ،قد يكون توارد
األفكار وانسياب الكلمات صعبا ً في البداية ..لكنها هي البداية!
الكتابة هي طب القلب ،وكما الطبيب ال يتوقف عن القراءة ومتابعة الجديد ،فإن
القلم الذي في يدنا ،واألفكار التي في عقولنا تحتاج دوما ً للقراءة وللمتابعة والتدريب
والممارسة ،قد يبدأ أحدنا بكتابة الخواطر ،ومن ال يملك هذه المسودات التي تختبئ
قديما ً تحت المخدات واليوم في أجهزة الحاسوب! بداية الخواطر هي لمخاطبة النفس
وتطبيب الخاطر ،من موقف ،شخص ،حزن ،سعادة ،إلخ ..قد تنتهي بكتابة يوميات
وتتمرس بعدها في حكاوي وقصص .وقد تتولد لديك فلسفة صغيرة تكتب من
خاللها ،وبعد عمر من التجربة والمعايشة الفعلية للحرف تصبح حينها أنت ورفيقتك
عشاقا ً ال تفترقون ليالً أو نهارا ً !! جربها ستعطيك من وقتها ،وستشعرك بمشاعر
الدفء التي تنساب مع الحروف ،ستؤوي إليك وتؤوي إليها كلما كان من حولك ال
يدركك أو يستمع إليك ،فالورقة والقلم هما الرفيق الذي ال ينسى .سعادتنا تكمن في
أن نخبر من حولنا بالكثير ،وسعادة النفس بأن يعتنق روحها التمايل والخيال ،ال
تستعجل كما نقول دائماً ،لكن ابدأ من مكان ما!
هناك أقالم جميلة ،تقرأ لها فتأنس وتسعد لم تنشر يوماً ،وتختبئ في ظل نفسها،
تعتقد أنها ال تزال تحتاج للكثير ،وتتريث لربما هناك األفضل ،وهذه حالة صحية
عند الكاتب تشخص برؤيته ألن يكون قلمه يذكر غدا ً ال أن يكون وليد وقت معين
ويختفي ،لكنها حالة إن استمرت كثيرا ً ستصبح مزمنة ولن ينتج صاحبها أو يخرج
للنور فيصبح قديما ً فيما كتب أيضاً .عملية التوازن هي الخط الفاصل بين اإلبداع
وخروجه وتركه يموت في األدراج.
١٠:٢١ ٢٠١٦-١١-٥صباحا .٥٦الحمدهلل …!
لو تأملنا كيف تدور بنا األيام وتمضي ،كيف تكون الليالي والشتاءات وفصول
الصيف ،وجوه تراها وأخرى تودعها ،تبكي ميتاً ،وتستقبل باألهازيج طفالً ،ال
تلتف حولك األفراح وتبقى ،بل ترتحل لتحل محلها بعض من األحزان ،تجزع
وتبكي حتى ترحل وتفرح ،وهكذا هي األحداث في بوتقة الحياة .كم من قريب رحل
عنا ،وكم من أم انتظرنا معها طفالً يحل ويمأل دنياها فرحاً!!
ليست هناك نظريات وأبحاث توقف ما نرى أو تغير مواعيد اللقاء والفراق ،قلوبنا
تتحمل في شدتها األهوال ،تلك المضغة الصغيرة التي في أضلعنا ،ال تفتؤ تضخ
الحياة وتنبض بكل ما يمر بنا ،ونحن ال نبقى في محل أو حال .ليس فينا من هو
خا ٍل ،ترى الوجوه حين تجتمع في مصاب ،تتذكر مصابها ومن فقدت فتذرف دمعا ً
وتبقى في ذهول حالة األمس ،وكيف أن من كان بجنبها رحل دون وداع ،هي
حاالت من الصدمة تأتينا فجاءة فال ندرك أن نقول لها تمهلي ،بل تبقى تأخذنا معها
في مسار من دوامة الحياة ،نتذكر في دقائقها األولى كيف هي مرارة الفقد والتعب
األول ،حين يعتصر الفؤاد ألما ً حتى نكاد نقول إننا هالكون المحالة.
هناك يأتي الحمد ،يأتي لفظ "الحمد هلل" من حمد وشكر كان له األجر والثواب ،ال
نعترض أو نقول "لماذا؟" بل نتعظ ونحمد هللا على نعمة الحياة ،وأننا باقون ندعو
لمن رحلوا ،وندعو ألنفسنا بأن يسخر لنا بعد الرحيل من يدعو لنا ويذكرنا ،قصة
الحياة والموت قصة الصدمة والفرحة ،أكررها وفينا دائما ً ذاك السؤال "كيف هي
المعجزة التي نولد بها ونفارق؟!" ،هل يعي من يزهق روحا ً كيف أنه ال يملك حقاً؟
وكيف يدرك من يقتل بيديه من وهبه الحياة بأنه بشع فيما يقدم؟! تدركنا الكثير من
القصص فنقول "كيف ذلك وكيف يموت القلب؟!" الحمد هلل على من يفرحنا ،الحمد
هلل على من يبقينا في صحة وسالم ،أمن وأمان ،الحمد هلل على وقت ال نزال نملك،
نتنفس فيه ونشكر هللا .والحمد هلل على كل ما يذكرنا بأن هذه الحياة زائلة فانية ونحن
راحلون ،فال نتعلق بها وال نرهق أنفسنا بأن نفكر في بشر ال يملكون حولنا وال
رزقنا ،فالحمد هلل أننا مؤمنون باهلل ،وبأنه يملك مفاتيح حياتنا ويدركنا ،رحيم بنا،
يرزقنا ويعطينا ما نريد وأحيانا ً ما ال نريد ،قلوبنا في دورتها ندعو بأن يثبتها على
حبه وطاعته ،قد نكون مقصرين وعاصين ،ال نؤدي حقوقه كامله ،لكن هللا علمنا
بأن األبواب ال تُغلق ،وأن الدعاء ال حاجز له ،وبأنه يفرح بعودة عبده وبكائه بين
يديه ،فكم من قلب هدأ في خلوته حين بكى هلل يطلبه بأن يمسك على قلبه ،وبأن يغفر
له ما بدر وما كان ،فالحمد هلل على نعمة التوحيد وإدراك الخالق الذي نحتاجه في
كل شهقة وزفرة ،والحمد هلل بأنه من يتوالنا حين نرحل وال نكون! الحمد هلل!
٢:٣٥ ٢٠١٦-١٢-٢٤ظهرا .٥٧الحب حاجة!..
قال الرسول صلى هللا عليه وسلم" :ال يؤمن أحدكم حتى يحب ألخيه ما يحبه لنفسه"،
الحب حالة إنسانية ،متأصلة فينا ،من مبادئ ديننا وقيمنا األخالقية ،لن ينكر أحد أنه
يحب نفسه ،ويريد لها الخير ويطمح ألن تكون بخير ،وحين تؤدي خيرا ً وتعطي
حبا ً لمن حولك فإنك تسعد نفسك حقيقة .العطاء راحة ومنح الحب من خالل العطاء
لآلخرين هو الرغبة بشكل غير مباشر بأن نكون نحن في حالة حب .الفقير ولد
فقيراً ،لكنه لم يولد دون مشاعر ،لم يولد دون طاقة من الحب ،أنت حين تبحث عن
أحدهم لتهديه الحب فكن على يقين في داخلك بأنك ستفرح وستعود عليك مشاعر
كبيرة من الحب .أنت بحاجة للحب ،ولست تهديه فقط بل تطلبه.
من منا ال يريد أن يحس باهتمام من حوله به ،من منا ال يريد أن يكون حوله رفقاء
يحبونه قبل حبه لهم ،ومن منا ال يطلب الحب كل يوم في كل ما يفعل ،البشرية
ُجبلت على الحب ،والحب هو مشاعر تختلط في داخلنا وتشعرنا بالسعادة ،فكيف
إذا ً تكون فينا بعض من أنانية؟! حين وجه رسولنا صلى هللا عليه وسلم بحب أخينا
المؤمن وربطه باإليمان ،أعطانا درسا ً كبيرا ً بأن الحياة ال تستقيم باألنانية ،وحين
نغلق األبواب من حولنا .اليوم أصبحت الحياة تجرنا ال إردايا ً للعيش بموجة من
السرعة أنستنا الكثير من إنسانيتنا وكيف نهدي الحب ،لم نخلق ألن نكون آالت
بشرية تتحرك دون أن تشعر بمن حولها ،ولم نخلق ألن نعيش يوميا ً في روتين
جاف ،لم نخلق حتى يتنقل بنا العمر في مراحله في جفوة من المشاعر ،العطاء في
الحياة هو بذرة الحب ،وحفظ حياة اآلخرين ومشاعرهم ومشاركتنا لهم هي روح
العطاء.
الحب تلك الموجة اآلسرة التي تنتشي بها قلوبنا وتعتصرها ألقا ً حتى نبدو فرحين
ومنتشين ،الحب حين يبسم من حولنا ويكون في حالة تفرحنا فنفرح ،الحب سعادة
ال نملكها لكننا نطلبها من خالل من يحتاج فنحتاجه نحن ،الحب صورة من المشاركة
واإلخاء ،التجرد من أنانية الحياة لنتقاسمها معهم ،الحب هبة من هللا ،أحبنا لنحب
خلقه ،أبوابه بالحب مفتوحة ينتظرنا ويطلق لنا كل سبل العودة حين نحتاج ألن
نرتاح ،فكيف نحن نبخل وربنا ينعم؟!! الحب صورة تتخيلها كل يوم لكنها موجودة
حين تسمو نفوسنا عن إيذاء من حولنا ،عن التعرض له ،عن مشاكسة مشاكله،
التجرد من التباهي والتعالي ،التحلي بالتواضع ونشر صورة جميلة عنا .الحب أنت
من خالل غيرك ،ال تبقى في حب إال إذا كنت ممن يهدي الحب ،فال تهمل حاجتك
وأعط بحب!..
ِ وكن سباقا ً
١١:٠٢ ٢٠١٧-١-٧صباحا .٥٨الحياة بعد الرحيل!..
في غمضة عين فارقنا الكثيرون ،وكم من حبيب قريب رحل عن محبيه!! في كل
بيت وكل يوم منذ مدة نسمع عن حاالت الفقد ،حاالت الرحيل التي باتت تفجعنا،
من كل األعمار وبمختلف الحوادث واألسباب ،الكل مؤمن بأن لكل أجل كتاباً ،وكلنا
سيرحل يوما ً مخلفا ً وراءه هذه الدنيا ،وتاركا ً إياها صفر اليدين.
الحياة لن تتوقف ،الحزن عميق في قلب من يحبك حين ترحل ،يتأوه ويبكي ،يحس
بمرارة الفقد وفراغه ،تبقى كل المناسبات ،كل الذكريات وكل أحداث المستقبل
تخبره بأن هناك من رحل ،لكنها رحمة رب العالمين أن يلهمنا الصبر والسلوان
ونعمة النسيان ،حتى ال ننسى ،بل نعيش الواقع بمنظور جديد.
من يرحل عنا يحتاجنا أكثر حين يرحل ،فالحب أن نكون اليد التي ترفع له ،القلب
الذي يدعو له والفعل الذي يمشي على دربه ،والصورة التي تحييه من جديد بجميل
فعله ،ونحن حين نرحل كيف يكون االطمئنان ،وكيف تكون الحياة بعدنا؟ الموت
تجربة حقيقية وفاجعة تربي وتخلق حياة جديدة ،سواء قبلنا بها أم ال ،يبقى اإليمان
باهلل هو المحرك القوي والدائم ،فـ "كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجالل
واإلحسان" ،يبقى هللا الذي يعلم بحالنا ويدركنا ،يبقى هللا الذي ما إن احتجنا ألن
نتمسك بالحياة ناديناه بأكف التضرع والرجاء.
كيف نرحل؟ ال متى نرحل؟ الموعد مجهول والوقت ال ندركه ،غيب عنا بحكمة
من هللا ،حتى ال نعيش كل يوم في قلق ،لكنه أيضا ً أخبرنا بأنها قريبة كرمشة عين،
فهل تستحق الحياة بعدها منا أن نواجهها بكل ما نحمل أنفسنا من ضغوطات
وأحمال؟ كم يهنأ القلب بهدوء صفاء في صالة!! وكم هي متعة كبيرة حين نسعى
في عمل الخير!!
كيف نبخل على أنفسنا بأن تكون لنا روافد تستمر بعدنا؟ كيف نبخل على أرواحنا
التي ستكون عند هللا بأن نقابله وقد أحسنا لخلق هللا؟ نتساءل كثيراً ،كيف استسهل
البعض أن يعيش وقد آلم غيره ،آذاه وتحمل وزر دعائه كمظلوم؟! كيف تنام قلوب
وهي تعرف أنها حرمت أحدهم لذة النوم؟! كيف يبقى القلب هنيئا ً سعيدا ً ومن حولنا
من يترقب منا فعالً أو قوالً يهدئ من نفسه التعبة؟! فهل نزيد بعد ذلك؟ مشهد
الرحيل مؤلم ،ال أحمال وال أمتعة ،ال رفيق وال حبيب ،ال أحد غيرك بين الطين
والظلمة ،تُغسل وتحملك األكتاف وتشيعك األعداد ،وتعود أدراجا ً ليبقى معك ولك
ما قدمت وما فعلت حين كنت على أرض الحياة .كم من امرئ رحل وما زلنا نذكره
بخير؟! غيّر حياة أحدهم ،وقف مع أحدهم أو لربما كان ال يتعرض ألحدهم .كلنا
راحلون ،ولكن كيف ستكون لنا حياة بين األحياء بعد الرحيل ،لنفكر ولنحاسب
أنفسنا ،ولنس َع إلحياة حياة غيرنا حتى نحيا .لنعش بعد الرحيل!
١٢:١٥ ٢٠١٧-١-٢٨ظهرا .٥٩رسالة إلى جندي!..
إلى ذلك الذي يقبع خلف المجهول ،في غربة العز وبعد الوالء ،كيف أنشد عنك ما
تقاسي حتى نتنفس ونعيش؟ كيف أنت تتنفس؟ وكيف تشتاق ألهلك وتغمض العين
تدعو لهم بالحياة واألمن واألمان ،وأنت تقبع هناك بعيدا ً بكل حاالتك حتى ال يتكدر
حالنا ؟!
إلى ذلك الذي لم يتردد ،حمل أحماله ومضى وكفنه بيده يودع الكل حتى يعود للكل
بعز وفخر ،أيها الذي نحب ،أنت أسمى من كلماتنا وأنبل مما قد نقول أو نرسل،
لست أدري بما نعيش هل عرفنا قدرك وأنت تشهد الموت كل يوم؟ تواجه الشر كل
حين ،وتتأمل في نيران الحروب كل حين ،حتى تبقى عيوننا مغمضة في سبات
البيوت والهناء؟
إلى جندي ،لبس إحرام الوطن وارتقى ال يتردد ألن يبذل قلبه ونبضه من أجل
الوطن وأهل هذا الوطن ،لن نتخاذل من بعدك لكن ما تمر به يجعلنا نفكر ،كم قدمنا
مثلك؟ نحارب في الكثير من الجبهات ،تعلمناها منك أن الغالي يهون ،وأن ما نحن
إال فداء ألرض الوطن دون ملل أو كلل.
إلى جندي نحبه ،ونتمنى له كل الخير وأن يحفظه هللا ،أنت مثال حي حتى بعد
الممات ،تعيش في منزلة الشهداء والصديقين وفي الحياة كريما ً عزيزا ً بالفخر اسمك
محفور ،وبالكرامة مذكور ،كيف نقول لك شكرا ً وأنت من ال يريد سوى أن يرانا
بخير وأعزاء على أرض ارتوت بدمك ،واحتضنتك بشوق العودة والرحيل .لك
نرفع الكف في إجالل وندعو بأن نكون لك إخوانا ً وبقربك في الجنان بعضا ً من
مكان.
إلى جندي يعيش فينا كل يوم بتفاصيله ،وال ندري كم جهلنا من حياته ،سمعنا عن
تلك األصوات ،تدوي في كل مكان ،والسماء تمطر النيران من بعض الخونة ،فكنت
أنت الصد وأنت المرسى واألمان ،لم تتراجع بل واجهت وبقيت في الشدة والحروب
لنا قلبا ً يعطينا الحياة ،وال يبخل حتى بروحه وعمره .إليك في سماء الدعوات من
أمهات صابرات ونساء باكيات الكثير من الصلوات بأن تكون بخير.
إلى جندي علمنا أن التضحيات بال حدود ،ال تعرف خطا ً أو مساحات ،بل تأوهات
واحتماالت ،ساعات تلو ساعات ،ال نوم وال راحات ،بل حاالت من تأهب وارتقاب،
خوف على من يقبع خلف خط النيران واستماتة من أجل طفل في حضن أمه يرتقب
العمر والحياة ،إليك سطرت خجلي من الكثير من التخاذالت ،وكسل ع ّم في أجنحة
األروقة ال يدري أن هناك من ال يعرف ساعة من كسل!
إليك أيها الجندي ،أخي ،أبي ،زوجي ،وحتى من ال أعرف ،كثيرا ً من شكري
وامتناني!
١٠:٢٤ ٢٠١٧-٣-٣مساء .٦٠استدامة وطن!..
في يوم ما سمعت أحدهم يقول لنا ونحن في مهمة عمل خارج الدولة "لن يصبح
أحد منكم قائدا ً ناجحاً" ..صدمتنا الكلمة فسألنا لماذا؟ قال ألنكم لم تهتموا بالتفاصيل،
التفاصيل هي من تصنع قائدا ً حقيقياً!
ندرك الكثير من األمور ،ونحاول أن ندخل في الكثير من المواضيع ،التي تعنينا
والتي ال تعنينا ،حتى بات صاحب الـ ٧صنايع ضائعا ً في الـ ١٠٠صنعة ،ألنه
يريد أن ينفش ريشه وينسى أن يركز في صنعته فيتمكن منها قبل أن ينتقل لشيء
آخر .قبل أيام كان اليوم الوطني لدولة الكويت الحبيبة ،استيقظ الشعب على رسالة
من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدول رئيس مجلس
الوزراء حاكم دبي ،رعاه هللا ،يهنئهم باليوم الوطني لهم ،أثر في شعب بكلمات
بسيطة ،تفاصيل قد نعتقد أنها ال تهم لكنها أسعدت شعباً ،صدّر السعادة لهم دون
تكلف .أن نهتم بتفاصيل ما نحب ،تفاصيل من حولنا هو ما يسعدهم ويسعدنا.
يظن الكثيرون أنهم ملمون بكل التفاصيل ،لكنها مهارة تدرب نفسك عليها ،مع
الممارسة والمراجعة ،هي تقنية الجودة التي تترسخ في عقلك وقلبك أيضاً ،حين
تصبح شغوفا ً باألمر وتدرك ما ال يدركه من حولك ،حين تطمح ألن يكون كل شيء
يخرج منك على مستوى عا ٍل ال تتنازل عنه .في خضم كل ذلك ،تبقى األمور
الكبيرة كثيرة التفاصيل ،وتبقى المهام كثيرة ،ال يعني هذا أن ال يكون هناك ثقة بمن
حولنا ،أن نوكل لهم األمور ونمنحهم الفرصة ألن يتعلموا مثلما تعلمنا ،وأن نشرف
عليها حتى يتقنوا مهارة صنع الحدث الدقيق ال ُمرضي .البعض يعتقد أنه يجب أن
يكون فوق كل وارد وصادر ،كل حدث وكل شيء ،نعم لكن هل يعني ذلك أن تتأخر
األمور وترتبط فقط بشخص بعينه؟ كثيرون هم أصحاب المركزية الذين يعتقدون
أن عدم وجودهم سينتج أشياء غير مرضية ،فتصبح هناك تأخيرات تكون في
األساس هي سبب عدم الرضا وليس من انتظر .التفويض منذ البدايات ،وترتيب
األولويات ،والثقة بالقدرات وبإعطائها الفرصة أيضا ً من شأنه رفع المستوى ،أن
نكون أيضا ً دقيقين مع من نفوض له األمر ،أن نشرح له التفاصيل الصحيحة منذ
البداية ،وأن تكون هذه التفاصيل هي تفاصيل نهائية غير مرتبطة بمزاجية أو وجود
شخص من عدمه ،المؤسسات تقوم على المنظومات التي تضمن لها أن تعمل دون
توقف ،أن تكون عجلة اإلنتاجية مستمرة ومدامة .قليل الخبرة يتعلم ،وكبيرالخبرة
يهب ويعطي ،يوجد ويدعم فتصبح كل التفاصيل هي مفاتيح النجاح ،ويصبح هو
قائد النجاح.
١١:٠٠ ٢٠١٧-٢-٢٥صباحا .٦٢استغفال العقول!..
هل جربت يوما ً أن تخوض في مقام ،فتقلب الكلمات وتوردها مداخل ومواقع تختلف
على أذن من يستمعها عما كان يعرفه؟ فيجعلك في موضع شك واستعجاب كيف
أنك قلتها ،وأنت تدرك سرها أو بعضها من وقعها ،فتخلف الحاالت ويتعجب من
يقرؤك ويسمعك عما قلت وكتبت فيقول لك :كيف يا فالن تقول ذاك؟!
من جمال اللغة العربية وقوتها ،هو ذاك الثراء في المكتبة اللغوية التي تجعل من
معان كثيرة ومتشعبة ،واألجمل أن هناك كلمات تداولناها كثيرا ً ٍ الكلمة الواحدة ذات
في معانيها الضد غير المحبب ،وفي تجربة شخصية علمتني أنني لربما أسأت
ألحدهم والقصد المدح فقط ،ألن كلمة كانت هي المفصل ،فكلمة تعرف بمعناها
غير المحمود جاءت مني في "إيجابية" أصيب بها فعالً جميالً من التحميس
والتشجيع ،لكني وقعت وقعة ال أحمد عليها ،فوجب علي قبل غيري أن أتبين الكثير،
كيف أن اللغة هي حقا ً أم اللغات؟ وأن الكلمات تختلف حتى باختالف من يستخدمها؟
علمتني هذه التجربة أن أقرأ اكثر وأتعمق أكثر في الكثير من كلمات المفردات اليوم
وغداً ،وأن تكون هناك حالة من التأمل في جماليات الكلمات ومواضعها ،لغتنا ال
تضاهيها لغة أخرى ،وال نتفاخر فقط بذلك عبثاً ،فكتاب هللا الذي يجعلك مشدوها ً
دوما ً هو المعجزة الخالدة للغة العربية ،التي مهما فهمنا جزءا ً منها نبقى نجهل الكثير
الكثير ،فكانت المعاني هي حالة روحانية سامية ،تأخذك لفضاوات المعجزات
وتحملك على أن تقول "سبحان هللا".
تتعجب ممن يقول أنها ليست لغة عصرية ،تأمل حين تلقى الكلمات في المحافل
الدولية ،ألولئك الذين تمرسوا في تصاريف الكالم وجمال المعاني ،كيف لكلماتهم
وقع القوة ،ورنة االتزان ،وبهاء األناقة وألق الحضارة ،كيف أن الشعر يجردك من
حالة لحالة أخرى ويحتويك حتى تصبح في حب وغرام .أصبحت أردد في سؤلي
عن بعض من أقاويل ،عمن جاء يسألني "لماذا اخترت العربية" فقلت هي لغتي
األم وقد خجلت من نفسي مرارا ً أن أتعذر بصعوبات وحواجز ،حتى صرت عنها
غريبة وصار الوصل بعيداً ،فعدت أتقرب وأتودد لها علها تغفر لي ماضيا ً فيه
تقصيري ،فصارت تتودد لي كلما اخترتها وعاودت التكرار حتى تخترقني وتجري
في مجرى الدم ،حتى صارحتني يوما ً "أو ال تدرين ،أحتاج أن أعود في أثواب
الزهو والفخر ،أتردد في الدواوين وحاالت الكتاب ،وقصائد الشعراء فيتغنون
وتموج حروفي تسري في قلوب باتت تشتاق ،وعن شوقها ال تعرف سوى صمت
الحال" .أجبتها ،عني عذري تقبلي ،فكان التقصير وحان االعتراف ،لم يكن دونك
سوى الجهل ،فعاد الوهج في طيات الدفاتر يخبرنا كيف أنك من خزائن المواريث
أغلى من جواهر ونفائس ،ستبقين عزيزة باقية خالدة ما بقيت الدنيا ،فأنت لغة هللا
في كتابه ،فال تخافي وهو خير حافظ لك وأنت تبقين ملكة اللغات".
١١:١٧ ٢٠١٧-٤-١٥صباحا .٦٤خيرة هللا !..
نسعد في هذه الحياة كثيرا بأمور قد تتجاوز قلوبنا ،ونشكر هللا على فضله ،وبين
الفرح والسعادة يأتي الهم والتعب والحزن ،تتجاور معها بعضا ً من كرب وتعب،
فتعتصر روحنا وتتوه فيها حاالتنا ،قد نفقد لوقت بعضا ً من توازننا ،وقد تكون دنيا
غير الدنيا ،وحين نتذكر "وعسى أن تكرهوا شيئا ً وهو خير لكم" ،يتبدل الظالم
لنور ،ويمالً القلب يقين بأن هللا سيختار لنا أفضل مما نريد ،وما منع شيئا ً إال لسوء
فيه.
يرحل بعض المقربين ،صغارا ً في أعمارهم ،ونحزن ،وتبكيهم كل ذراتنا حتى
تصبح مقامات الفرح صعبة في ظننا ،فما أن يلبسنا السكون فضالً من هللا حتى
ولم أصابهم ما أصابهم ،لكنهم نحمده ونشكره ،ال ندري لم رحلوا في هذا العمرَ ،
طيبون رحلوا ،اختارهم هللا ألنهم خير خلقه وهذه ثقتنا به ،اختارهم ليكونوا عنده
في مقام كريم في الفردوس األعلى ،فتطمئن قلوبنا وندعو هللا بأن نكون في مثل
مقامهم.
رحلت محاربة السرطان "هناء اسكندر" عن عمر ال يتجاوز الـ ،٢٤وقد جاوز
تحديها عنان السماء ،قاومت المرض ٨أشهر حتى فجعنا برحيلها صباح الخميس،
فتاة حنينها ألخيها جعلها تكتب يوما "سأكمل ما بدأته إن كنت في صحة وإن ال
فسأكون جنبك" ،سبقها إلى مقام ربه قبل ٤أشهر لتلحق به ،وفاتها أحزنت الماليين،
لما كانت تحمله من رسالة سامية ،وإصرار في كلماتها المنهكة المتعبة بأنها ستكمل
مشوار أخيها وبأنها ستحقق حلمه بأن يكون هناك مركز لمحاربي السرطان ،بأن
يكون هناك دعم لهم ولحاالتهم واحتياجاتهم ،ال أدري وأنا أكتب هذه المقالة أين
وصلت هناء "يرحمها هللا" في المركز قبل وفاتها ،لكني والجميع ثقة بأن حلمهما
سيتحقق ،سيكون هناك باب للنور ،وسيرى ما عملوا من أجله طريقه مخلدا ً اسميهما
وحقيقة عملهما.
لم ترحل هناء بسهولة من هذه الدنيا ،بل خلدت اسمها في قلوب الماليين ،وستبقى
حية رغم موتها ،ذكر طيب ،ونحن نعلم بأن الخيرة فيما اختاره هللا ،ورجاؤنا بأنها
عند أكرم األكرمين ،فيارب أبدل كل تعبها راحة ،وابدل شبابها هي وأخيها في
الجنة ،واجمع روحيهما فقد اشتاقت له وصبرت ،حنت له وعملت ،بكت من أجله
وأكملت ألجله ،أبدلهما دارا ً خير من دارنا وأهلنا خيرا ً من أهلهما .ولمن يعيش على
تنس من رحل عنك ،فقيدا ً كان قريبا ً لقلبك ،ما زلت تتألم لرحيله، هذه األرض ال َ
ليكن حاضرا ً بكل صالة ،دعاء ،ال تبخل وأنت تفطر بأن تعطيه ثواني تدعو له،
تطلب من هللا أن يرحمه ،فقط انقطع عن الدنيا وأنت وصله .اللهم ارحم من اشتاقت
لهم قلوبنا وهم تحت التراب ،اللهم في شهرك الفضيل هذا ارزقنا رحمتك وعفوك
وغفرانك وتجاوز فإننا مشتاقون لقربك.
٢٠١٧ - ٦ – ٣
عفو تحب العفو!..
١٢:١٢ظهرا ٌ .٦٥
رمضان بدأ يطرق باب الرحيل ،بات يخبرنا أنه بقي أقل القليل ويرحل .رحل
الكثيرون قبله ،فهل ندركه عاما ً آخر؟؟ اللهم بلغنا.
ونسأل هللا "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا" .نتداول هذا الدعاء ونلح فيه،
وفي كل عام أنظر لكلمة العفو وكلي ثقة بأني مهما قرأت في معانيها وعمقها
فمازلت أفتقد الكثير ،فلربما هي كلمة من ثالثة أحرف لكن ما بها أكبر مما نحن
فالعفو "هو الذي له العفو الشامل الذي وسع ما يصدر من ُّ نوقن به أو نسعى له/
عباده من الذنوب" وهنا جل ما ينبغي أن نسعى له أن نكون صادقين ،حريصين
على أن نشكو له زالتنا ،وأن ال نخجل بأن نبكي بين يديه ،حين يطيل اإلمام السجود
فهي فرصة أن نقول ما بداخلنا ،أن تكون دقائق مع من يحبنا وينتظر منا أن نرجع
له ،قد نسرف وقد نعتقد أن ذنبنا أكبر من أن نقوله ،وقد يغلبنا إسرافنا على أنفسنا
فنقول كيف لنا أن نواجه رب السماوات واألرض؟ فتأتي كلمات هللا رحمة وبردا ً
وسالماً ..فاهلل تعالى يقول في محكم آياته "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم
ال تقنطوا من رحمة هللا" ..فكيف بعد هذا نخجل؟؟!
نشكو لبشر ونفتح قلوبنا ونبكي لديه ما يعتلي بقلوبنا ،وهللا أحق بأن نخاطبه ونكلمه.
نبكي لبشر ضعف حالنا وهو الذي بيده ملكوت كل شيء .قد أسرفنا وأصبحت قلوبنا
قاسية جامدة ..نحن نتداول الدعاء وفي كل يوم يصلنا مئات المرات ،ولكن كيف
نحن من تطبيق هذا الدعاء والعيش في معانيه واإلحساس بعظم من يعفو .سألت
عفو غفور
لك رب ٌ نفسي ماذا تبكين قالت ضعفا ً اعتراني وتقصيرا ً أبكاني فقلتِ :
رحيم ،فيا نفسي كوني في ركعة السجود معه ،فضفضي ..قولي ما اعتراك وال
تخجلي ..ابكي بدموع التوبة فهو يقبلها والبشر ينكرونها ،ابكي حزنا ً اعتراك فهو
يغيره ،ابكي رغبات في قلبك طالت فهو من يجيبها ،وابكي شوقا ً للفردوس يكن ما
ينتظرك ،وابكي رؤية رسول هللا "صلى هللا عليه وسلم" بكى لنا وافتقدنا ،ابكي حبا ً
للعفو الغفور ،وابكي نفسك في ساعات السحر حين ينزل رب البشر فيقول هل من
ولنبك ،لنلح فهو ال يمل
ِ سائل فأستجيب له؟ فلنسأل ولنسأل كثيرا ً ولنلح في الطلب
والبشر يملون .لنلح وال نرفع الجباه إال وقد قلنا ما في القلوب والنفوس ،لنلح
ولتطمئن قلوبنا بذكره ،ولنردد بملء اليقين "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا"
..يقين باإلجابة ويقين بأن من نخاطبه ملك الملوك،..يقين بأننا قد ال نكون رمضان
المقبل ممن يدركه ،ولنكثر اللهم رضاك والجنة ،اللهم رضاك والجنة!
عجب عُجاب!..
ٌ يونيو .٦٦ ٢٠١٧
خرجنا كمجموعة لم تلتق منذ سنوات لنلتقي في أحد األماكن التي فتحت جديداً،
"كافيه" جديد ذاع صيته ،كان محطة أولى لنشرب القهوة ومن ثم االنتقال لمطعم
في مكان آخر ،كان من المستحيالت الحصول على طاولة في هذا الكافيه لشهرته
المفاجئة ورغبة الكل بتجربته ويوم "الجمعة" حتى كاد يكون من المهمات الصعبة
التشبث بطاولة لـ ٦أشخاص ،تيسرت األمور وجلسنا نجرب حتى نعرف السر،
كنا نلتفت يمنة ويسرة ،وقد عج المكان فقط بأشباه البشر!..
الكل في كامل زينته التي في اعتقادي الشخصي ليست لمقهى أو مطعم ،بل لمناسبة
لكن الموجودين كانوا نسخة من بعضهم شخصية أو حفلة عائلية أو حتى أصدقاءّ ،
في تقليد أشكال الموضة في الملبس والزينة ،لم أكن أرى في الوجوه التي أتطلع لها
صفة حية ،فالهواتف قد قضت على آخر حقائق التواصل والحديث ،ما إن يدخل
أحدهم حتى يبدأ التصوير وعرض كل ما على الطاولة والمكان ،ومن ثم ينشغل بما
قد يصله من ردود وتنتهي الجلسة .ويبقى السؤال ،لم كل هذا التفاوت والمبالغة في
الملبس والزينة؟ ولم كل هذه السطحية لمجرد الوقوف في طوابير في انتظار طاولة
ومن ثم نسيان من جئنا معه؟ وأعتقد لن يحس أحدهم بذلك فكل من على الطاولة
متشابهون ،مغيبون!!..
لم يكن المطعم الذي ولجنا إليه ببيئة مختلفة ،رغم أننا قررنا أن نستمتع فيه
كمجموعة ،لكننا تعجبنا وتحدثنا عن زمن ال يفرق فيه البشر بين الموقف والمقام
وحاجة كل وقت ومكان لما نسميه "بلبس وزينة النهار والليل والمكان" .أصبحنا
اليوم غارقين بتتبع موجات التواصل اإلجتماعي ،التي جعلت من الكل يتباهى بما
لديه وينسى أن الحقيقة هي في التواصل الحقيقي ،مشاعرنا وأحاسيسنا ،تسجيل
ذكريات للمستقبل ،ذكريات حقيقية نتحدث فيها عن بعضنا ونسمع لبعضنا ،ذكريات
حين نتذكرها نضحك ونعيشها كأنها تحدث اآلن ،ماذا سيتذكر أصحاب األصابع
التي ال تتوقف عن الطرق على شاشات الهواتف؟ وماذا سيتذكر أهلنا عنا حين
نجلس معهم وال نتحدث إليهم؟ تلك الجدة وذلك الجد الذين صرنا نقصر في حقهما،
وحين يرحلون ،نعود ونبحث في هواتفنا عن صورهم!
أصبح اإلدمان الجديد يقتل من حولنا ويقتل فينا إنسانيتنا وحقيقتنا كبشر خلقنا هللا
لنتواصل ،يقتل فينا حقيقة الحياة واالستمتاع بها ،أصبح أرشيف الصور مليئا ً بصور
غير حقيقية فقط ألنها أخذت من وقتنا الكثير حتى نضبط الزوايا ونخرجها بصورة
بهية ،لكنها خالية المحتوى والموقف !..صار اإلدمان الذي ولجنا إليه اليوم يحتاج
إلعادة نظر ،الموضة ،المبالغة في الزينة ،التواصل االجتماعي ،جعلت منها فقط
آليات تتحرك دون هوادة أو هوية ..هل يجب أن نتوقف قليالً مع أنفسنا ونرى ماذا
بقي في عمرنا وحياتنا حتى تسرقه هذه السطحيات؟؟؟؟
٣:٤٢ ٢٠١٧-٧-١عصرا .٦٧مصبغة مجدولين ..عبرة!
سافرت وعشت أياما ً جميلة حتى سألتني وأخبرتني صديقة "هل تعرفين قصة
مصبغة مجدولين؟" قلت ال !..من أهم ما نكسبه حين نسافر لبلد جديد أننا نبدأ نقرأ
عن هذا البلد ،ونتعمق في ثقافته ،ونتعرف على أهم األحداث التي مرت به وما
عاشوه وكيف عاشوه .ليس فقط أن ننغمس في جمال طبيعتهم وحياتهم اليومية بل
ننغمس في ما مروا به ،وما عاشوه ،فألول مرة أعرف عن مجاعة "البطاطس"
تلك النبتة التي دخلت إليهم من أمريكا الجنوبية ،وكانت نبته زينة في بيوتهم ،حتى
أصبحت في نهاية القرن السابع عشر هي الغذاء األساسي للفقراء ،ومن ثم تلفت
بسبب آفة زراعية فمات الكثيرون ،ما يقارب المليون وهاجر ما يشابه العدد ،فكانت
محورا ً أساسيا ً لتغير الشكل السياسي واالقتصادي واالجتماعي في أيرلندا ،مررنا
بشارع مثل بعض التماثيل التي تجسد مشهد تلك المجاعة ،حتى وجدت األلم في
عيون تماثيل ال تنطق وال تحس ،هي المعايشة لحقيقة ما حدث وكيف أن الجوع
والظروف السياسية تقهر البشر وتبيدهم!..
مصبغة مجدولين ،أو مصابغ مجدولين ،والتي كانت ظاهرة موجودة في أيرلندا
تحت إدارة الكنسية ،شاهد على تاريخ خاص بالنساء من قمع وتعذيب خاص ،ال
تهم األسباب أو ماذا حدث وكيف انتهت هذه القصة وكيف تم االعتذار ألكثرمن
٣٠ألف امرأة في عام ،٢٠١٣الذي يهمنا هنا كيف أن الحياة تتبدل ..ما كان غير
مستساغ في مجتمع ما في يوم أصبح شائعا ً ومن العرف ،مصبغة مجدولين هي فيلم
أيضا ً لقصة حقيقية انتشرت في عام ،٢٠٠٢ليسلط الضوء على قضية تهمهم في
تلك الفترة ،وأخذت أعواما ً من الحكومة حتى تأخذ فيها قرارا ً ويُعتذر لكل الضحايا،
فهل ندرك من هذه القصص وتاريخ المرأة كيف أن المواقف التي تخصها ليست
كما نراها اليوم ،من يدعي الحرية كانوا قبل أقل من قرن هم من يمقتها ويكبتها
ويهيئ األسباب ألن تكون نكرة غير مرغوب فيها في مجتمعها ،لم تُنصف حين
كانت مظلومة ولم يعرف عنها أحد حين رحلت ،وكم منهمن أصبحن مجانين ،وقلة
من نجون بأنفسهم حتى عدن ليعشن في الحياة.
هي نظرة من قرب ووقت قريب ،تجعلنا ندرك كيف أننا كرمنا منذ قرون وما زال
البعض يجهل ،المعرفة باب للتفقه أيضاً ،ألن نعرف كيف أن ديننا ومجتمعنا وحتى
بعضا ً من عاداتنا وتقاليدنا كرمتنا كنساء وحافظت علينا ،كيف ألهمت قادتنا بأن
يصونوا حقوقنا ويعطونا الكثير من الحقوق في التعليم والعمل والقيادة ،في
مجتمعات قريبة جغرافيا ً كانت هي في الظلمات ،وكنا وال نزال في النور ،فهل نعي
وندرك ما نحن فيه فنحمد هللا حمدا ً كثيراً؟ ال نحتاج للظلم حتى نشكر ،أو للقهر
حتى نحمد ،بل نحتاج للتذكرة وقراءة التاريخ حتى نعي وندرك ،ولنا في قصصهم
عبره.
١:٤٩ ٢٠١٧-٧-٢٩ظهرا .٦٨ملل األفّلم…!
كنا نحاول أن نقضي وقتا ً جميالً مع فيلم هادئ ،بعيدا ً عن أفالم العنف والحروب
والتخيالت العلمية التي تكون في كثير منها تتحدث عن فيروسات مدمرة أو كائنات
غريبة غازية كوكب األرض ،أو بعض أفالم "الرسوم المتحركة" التي أصبحت
خاوية حتى من حس الفكاهة !..كان فيلما ً جذبنا له أسماء الممثلين فيه ،ثقة منا بأنهم
لن يهدروا وقتهم في فيلم ال قيمة له ،حتى بات الكل سواسية! لم تعد هناك قائمة
تبهرك بأن تكون مشاهدا ً مجذوبا ً لها .أو حتى تحاول أن تتحرى كل أسبوع ما
الجديد في دور السينما.
اليوم قد يجذبنا عالم التصوير السينمائي ،ويكون شافعا ً لنا بأن نهدر بعضا ً من مال
ووقت ألن نكون محبوسين في تلك الكراسي وحولنا أناس أغراب ،نحاول أن
نستمتع بما وصلت له التكنولوجيا والصورة البصرية المبهرة في عوالم التخيالت
والتصميم .بتنا نتوق لتلك األفالم الوثائقية ،أو التي هي مبنية على قصص تاريخية
حقيقية ،أو شخصيات مبهرة كان لها نصيب من األثر في الحياة .ال ننكر أن هناك
من بين فترة وفترة بعض األفالم التي تستحق االهتمام بها .لكن المجمع صار
"ممرضا"!..
سؤالي هو هل أصبحنا في عالم ينقصه كتّاب األفالم الجميلة ،تلك األفالم التي تبكيك
وأنت خارج منها؟ ليس ألنها من نوع "األفالم الهندية" المبالغ فيها ،بل ألنها المستنا
في صدق تمثيل ممثيلها ،وعمق قصتها وجمال الصورة ،وحقيقة تعابير تلك الوجوه
التي ننبهر برونقها وصحتها دونما مساحيق التجميل التي يتكلف فيها الكثيرون.
الواقعية في الكثير من مسارات الحياة مهمة ،لكننا ما زلنا نتوق للراحة ،للخروج
من أزمة األحزان والتعقيدات لعالم الصورة المريحة والحالة التقمصية التي تتلبسنا،
لم نعد نحاكي سوى التوافه ،وإن أردنا أن نعيد كتابة وتمثيل قصص مكررة،
كررناها بملل قاتل مثل الفيلم الذي قصدناه فصدمنا .لم يكن فيه سوى أناقة الممثالت
ولباقة األوروبيات في الحديث المنمق والترتيبات المبهرة ،وحالة الهدوء أثناء
الخطاب والوقوف والجلوس وكأنهم أميرات في كل األوقات .صرنا نحن ونتمنى
أن نبقى في قاعات السينما من فيلم آلخر في يوم واحد ،ال أن نبحث كل أسبوع وال
جديد يجذب!.
كنت أتساءل من اختفى؟ الكاتب أو الممثل ذو األخالق الملتزم بتقديم ذي القيمة؟ أو
المخرج الذي يصب تعبه في أمر يستحق؟ أو النقاد الذين يقولون في وقت ما لماذا
هذا الفيلم؟ أو الجمهور الذي يقاطع؟ أو هي حالة حالية للوقت الذي نحن فيه وال
يجب أن نبالغ في الحكم ،ونمضي مع ما يقدم..؟
٢:٠٧ ٢٠١٧-٨-٢٦ظهرا .٦٩طاقة العطاء…!
هل أغمضت عينيك يوما ً وقلت "الحمد هلل" ألن أحدهم قال لك " أثرت في حياتي"،
"كلماتك كانت حافزاً"" ،أعطيتني دافعاً"" ،كنت قدوة لي"" ،تأُثرت بموقفك"،
"كنت ملهما ً لي".…،إلخ! هل انتشيت بتلك الحالة الوجدانية التي تجعلك تتنفس
ب" وأنت تعتنق لحظة االمتنان والحب الحقيقي ،سعادة ال بعمق وتقول "شكرا ً يار ِ
توجدها أموال الحياة مهما عملت وسعيت؟
أن تغير حياة أحدهم ،أن يكون لك جزء من ذاكرته ،أن يقص أحدهم يوما ً قصة
تكون فيها ،وأن يتبادر إليه ذكرك فيقول "هللا يذكره بالخير" ،هل أعطيت؟؟
طاقة العطاء ،دون أن تكون مدركا ً ستشكل حياة مستقبلية ألحدهم ،قد ال يكون
ألحدنا إدراك فيما يمكن أن يفعل ،لكنها فرص وتغييرات يمنحنا إياها هللا ألن نكون
مؤثرين ،ليس بالنظريات الكثيرة والقول الذي ال ينتهي ،بل بالمعايشة ،بأن نكون
فعالين وذوي تجارب حقيقية ،العطاء ليس قوالً أو ماالً ،بل أنت بنفسك وطاقتك
تكون ذا قدرة أن تلهم غيرك! قد يعتقد البعض أن من يغيرون العالم هم أناس
متخصصون متفردون ،وهي مهمتهم ،هذه هي النظرية التي يعتقدها "المخطئون"،
كلنا يملك أن يكون له بصمة وأن يكون ذا عطاء متجدد .الصبر والمثابرة وأن يراك
الغير كذلك فأنت مؤثر .أن تجتهد وال تتردد حين يحتاج منك أحدهم شيئاً ،أن تكون
بين حين وحين ذا وجود في حياة أحدهم ،تعطيه من وقتك ،من حياتك التي مضت،
وبأن تشكل فيها سعادة خاصة ،ال تهمل ما تقوم به فلربما ما تفعله اليوم يغير إنسانا ً
يقبع في البعيد ،في مكان ال تعلمه ،وأنت ال تعرفه ،في ساعة قد ال تدركها لكنها
فضل من هللا ونعمة ،في العطاء ال نخسر ،ال أمواالً ،وال وقتاً ،وال حياتنا ،بل
سبحان هللا تتجدد أرواحنا ،تسمو آلفاق أكبر ،قد ال تكون غنياً ،ذا دخل بسيط ،لكن
من حولك كثيرون يدعون لك ،يتمنون لك الخير ،يفرحون لوجودك ،لسعيك لهم،
لماض عشته معهم ،ليوم غيّر حياتهم لألبد ،لقصة قلتها ،لفعل فعلته ،لتواضع عشته ٍ
معهم!..
الحياة قد تنتهي بوقت قصير ،لكن الحب ال ينتهي ،يمتد ألزمان ،لحيوات ،يذكرك
من ال تعرفه ويحبك وهل نستصغر ذلك؟ "إذا أحبك هللا حبب خلقه فيك" هل ننسى
هذا المعنى الكبير ،حب الغير نعمة كبيرة ال تكون إال إن كنت معطياً ،محباً ،متفانياً،
كن مختلفا ً فيعرفك الكثيرون ،قلل من وجودك المستمر دون هدف ،قلل من ظهورك
العشوائي دون تجدد ،ال تكن صورة متكررة و"فاهاً" مكررة في الوسط ذاته ،ال
تعش دور اإلنجاز ذاته لألبد ،كن صاحب عطاء لنفسك ليمتد لغيرك ،كلنا نتمنى
الكثير والكثير ال يأتي إال بالتعب والمجهود المتواصل ،كرر تجاربك وطورها،
سطر كل يوم ذاكرة جديدة وقصصا ً لم يألفها غيرك ،كن أنت وعطاءك حالة
استثنائية!..
٤:١٨ ٢٠١٧-٨-٢٣عصرا .٧٠حكاية دول في رجل…!
هل عاش أحدنا متنقالً بين دول العالم يبحث عن وطن؟ هل عاش بعضنا ينتظر
لحظة "لم الشمل" يلتقي بأهله ،أمه تلك التي كبرت وهي تنتظر أن تعيش مع الكل
في بيت واحد يلتف حولها األحفاد وغصن شجر مثمر يشبه شجر الزيتون؟ هل
توالت عليك األخبار حلوها ومرها من سلك طويل يسمى "هاتفاً" في بيوت
األغراب واألصدقاء؟ هل توشحت ليالً غريبا ً دون زوج أو أبناء؟ وهل أدركت
يوما ً رحيل أخ لك وأنت بعيد يخاطبك أحدهم :رحل قبل ساعة؟
هل كانت تلكم الفنادق بيوتا ً لك؟ واستطاع الوقت أن يقف في داخلك حتى تمحو
ذاكرة اللجوء والغربة لما يزيد عن ٤٠عاماً؟ هل كتبت من رحم النزوح واللجوء؟
هل غيّبت عن طفلك الرضيع وصرت واألم شريدي البال والفكر ،ماذا يحمله الغد؟
ولدت لديك الحالة االنتفاضية لتصبح بقايا حكاوي الكبار حين تلتقيهم؟ تحاول أن
تتذكر مالمحهم قبل أعوام فتفرح بهم؟ هل صرت بين الدول راحالً ال تدري أيها
تسميها وطناً؟ جوازات كثيرة وأوراق كثيرة وحياة تبدأ لتترقب يوم الرحيل عنها
في مكانات كثيرة؟ هل طاردتك حالة العيش في غرف حتى ال يصبح االستقرار
مقيتا ً ومؤلما ً لحظة المغادرة ،وترك الذكريات؟
وهل أنت اليوم تدرك نعمة أن تعيش عمرا ً في مكان ما ،مع أمك وأبيك ،أخوتك
وال يشار إليك بأسئلة ال حصر لها ،سقفك فوق رأسك ،وحولك كل الحياة التي تريد،
تسافر متى ما شئت وتعود دون قلق أو خوف ،ال تنتظر خلف الحدود أو تحتجز
بالساعات حتى يقودك أحدهم لبوابة الخروج بعد حاالت من السؤاالت؟ من ينظر
من خلف النافذة فينا في بلد المهجر ،في مكان بعيد ويتأوه وتخرج التنهيدة مسائلة
نفسه وحاله ،متى يصبح الزمن حياتي؟ أسرت في الوقت وال أعرف كيف أعود؟
هناك الكثيرون من حولنا ،الجئون ،مغيبون عن الوطن ،عن األهل وحتى عن
معرفة أين هم؟!! قصص المغتربين في أقاصي العالم من الالجئين هي قصص
يدمى لها الفؤاد ،خلفت الكثير من األدب الذي نقرأه اليوم ونتعايش معه ،نعيش
لحظة الخروج ولحظة العودة للمصير المغيب ،جعلوك تبكي معهم غربتهم وتحمد
هللا على ما لديك ،ال تفنى الحياة بداخلهم رغم الوجع ،رغم تشتيت الشمل ،ورغم
بعد المسافات ،ال يباغتك بالحسد والحقد فهو مشغول بما لديه ،ال يريد أن يكون
جسرا ً من نتوءات الزمن الذي ال شغل له سوى التمرد والتذمر من أصحابه .خذ
قلبك وسافر عبر كتب من كتب عن عودته لوطنه بعد عقود ،وتفحصها ،واقرأ لمن
يريد أن يعود وال يريد ،قلّب تلك الكلمات في قلبك واحتمل ،كثيرا ً من ألم واحمد هللا
وقل "الحمد هلل على الوطن" ،على من يسرهم لقيادتنا والمحافظة علينا .اقرأ شعر
الحياة في سطورهم ووصفهم ليومياتهم وشهدائهم وستعرف في كل مكان هناك
تضحيات وحب كبير ال يختلف عليه أحد لمكان واحد اسمه "الوطن".
١:٤٦ ٢٠١٧-١٠-١٤ظهرا .٧١اختناق عّلقة…!
العالقات اإلنسانية هي تركيبة صعبة منا ،تتداخل فيها شخصياتنا ،مزاجياتنا وحتى
أفكارنا ،لم أقل بداية مشاعرنا ألنها هي حقيقة بداية عالقة أكبر وأسمى ،تتسامى
فيها أرواحنا وتتآلف حتى تشكل توليفة فيها الود وكثير من المسميات المختلفة .في
وجهة نظري ،كثرتها مؤذية كما أن قلتها صعب التعايش معها ،نحتاج حولنا لمن
نتحدث معه ،لمن يشعرنا باألمان واالستقرار ،ليس المهم كم من الوقت يعطينا،
لكن كم نحتاج أن نسمع منه ويسمعنا بتركيز ودون انشغال .كم نحتاج قربه ،صورة
وجهه واحتوائه!..
قد يكون أحدا ً معك ،موجودا ً متعاطياً ،وحتى يسمو بدرجات الود والمشاعر ،ال
تختلفون ،متفقون ،متجانسون ،وتمضي األيام والسنوات ،وتأتي الحالة التي يستكثر
فيها البعض أن يتوقف ويسأل نفسه ،لماذا تغير؟ لماذا تجرد من استقراره وأصبح
حالة من هيجان؟ البعض مع مرور السنوات ينسى أن يكون حنوناً ،أو مهتماً ،يعتقد
أنه وبما أن الطرف اآلخر أصبح قريبا ً منه فإنه ال يحتاج شيئا ً ،تبدأ سلسلة عدم
االهتمام ،ويبدأ الكثير من تفاصيله تضيع ،احتياجاته ،ما يحب ويكره ،وما يريد
ويحب أن يسمع ،قد تطول حالة الصمت في داخلنا ،ال نريد أن نجرح ،أن نؤنب
ونعاتب ،ألننا ال نريد أن نخسر ،وفي المقابل تبقى خسارة في داخلنا تتراكم وتتكون
دائرة من الرغبة بالصراخ ،ليس حتى نصرخ ولكن حتى نسترجعه ،نقول له ،عد
وكوناه؟؟!!
لما نحن بدأناه ّ
العمر يمضي ،وبعد سنوات لن يبقى أحدنا كما كان ،نعم نتغير ،نفهم بعضنا أكثر
ونتجرد من الخجل في البوح بما نريد ،لكن يبقى االحترام والتردد متشاركان،
ويبقى هاجس الخسارة مخيفاً ،حتى يحدث ،في أول حالة خالف أو حتى مع
تكرارها ،يكون االنفجار وينسى من وجب عليه االحتواء أن الوقت وقته ،بأن يكون
سيد الموقف ويعيد التوازن واالستقرار ،فكيف إذا أصبح هو أيضا ً في التيار
نفسه…؟!
أصبحنا نختنق ،ال نريد أن نصبر ،ال أستثني وال أعمم ،ك ٌل يعرف نفسه ،يراها كل
صبح ،ماذا تحتاج ومن تحتاج ولماذا؟ وهل يستحق؟ وهل يكون هو كل الحياة؟
وهل تبقى األمنيات حوله تحوم ،والساعات الضائعة ألنه ال يريد أن يتحدث،
والدفء المفقود في كل األصوات ألنه صار غريباً؟ حين نختنق فإننا نكبر ،نتعلم،
نتشكل من جديد ،وتتحول فينا اختناقاتنا إما لمرض أو قوة ،فال بد من اختيار
المصير الذي نريده ،حين نختنق فإننا نكتشف أننا أهملنا أنفسنا ،وتركناها خلفنا
فصارت هشة ضعيفة ،ال تقدر على المضي ألنها أصبحت ظالً ألحدهم !..حين
نختنق فإن العالقة تختنق ،وال يمكن أن تستمر دون فضفضة حقيقية ،دون تجرد
ولنعط
ِ من الماضي واالستماع لبعضنا بصدق وحب ،لنخرج من حبس الزمن،
العمر بيننا واألعوام حقها ،لنتنفس من جديد ،ونعد من جديد ،إن أردنا ،وإال لنرحل
عن بعضنا بسالم ،حتى إذا ما التقينا ،لم نختنق…!!
دونها بذكاء…!
٩:١٣ ٢٠١٧-١٠-٢١صباحا .٧٢ا
مهارات كثيرة نفتقدها مع بداياتنا ،مع بداية التشكل والعمل الوظيفي ،مهارات ال
تصقل بسهولة وتحتاج منا أعواما ً بل حياة متمرسة فيها اجتهادات كبيرة حتى نتقن
ما نحتاج من أدوات تخدمنا وتميزنا ،هل سألت يوما ً نفسك لماذا يعرف البعض
ويتقن مهارة الكتابة؟ هل ألنه قارئ؟ مستمع جيد؟ متفاعل؟ يحاول أن يطور من
نفسه؟ يغذي ذائقته المعرفية بالكلمات والمصطلحات ومعانيها في أماكن وحوارات
مختلفة؟ يتعلم من أهل العلم والخبرة؟ لماذا يختلف عنك ويبرز؟ هناك من يتجاهل
أن المعرفة الكتابية هي معرفة تحتاج ألن نكون من مرتادي الحياة المكتبية القرائية،
وممن ال يستهين بعمق لغتنا العربية!..
أصبحنا في وقت نرى فيه بعض الضعف في الكتابة المكتبية اإلدارية الفصيحة
التي تدل على حس مؤسسي ناجح ،أصبح من يتقن كتابة التقارير العربية والرسائل
دونما أخطاء ومن الوهلة األولى جوهرة وندرة مستثناة ،واألدهى من ذلك من ال
يفهم وال يعرف كيف يقرأ! هل تعرف من يكتب المقالة باختالف أساليبها بأعداد
تتجاوز المئات؟ من يكتب التقارير على مختلف المستويات؟ من يدرك أنه حين
يكتب لوزير ال يمكن أن تتشابه كتابته لمسؤول مؤسسة وجهة حكومية تختلف عن
خاصة !..تختلف الرسائل وتختلف التقارير ويختلف معها الكثير من اإلدراك
والقوة!..
"دونها بذكاء" لألستاذة أمل آل علي ،باكورة إصداراتها التخصصية ،فخورون ّ
بأنها أدركت من خبرتها في هذا المجال ،وكمدربة على أهمية وجود مثل هذا النوع
من الكتب التي تهم اإلدارات وتحتاجها في تطوير موظفيها ،وإدراجهم في عملية
تدريبية لها أسس وقواعد ،ومفاهيم علمية ،عملت أمل على كتابها لمدة عامين،
دونت فيه خالصة معرفتها بمختلف المستويات واإلدارات ،وظفت كل ما تعلمته
لتكون مادتها علمية تخدم شريحة كبيرة ،هذا النوع من الكتب سلسلة ستكون
مدروسة وفيها الكثير من الجهد والتعب لتنقل من خالله الكثير من الفرص للتعلم،
وفتح مجال االستزادة من خالل الخبرة والتفاعل المباشر .سيكون لها هذا الكتاب،
بابا ً جديدا ً في النشر ،وفي مساعدة الكثيرين في دوائرنا ومؤسساتنا تساعد الكثيرين،
وتخبرهم أن من يريد أن يتعلم هناك وسائل كثيرة ،ومن ال يريد ال نعرف كيف
يمكنه أن يستمر!..
"دونها بذكاء" أحد الكتب التي أفرحنا إطالقه في معرض الشارقة الدولي للكتابّ
لهذا العام ،وقربي من مادته جعلني أدرك مدى الفائدة الكبيرة المرجوة منه ،ومدى
جهد كاتبته التي أعتز بها ،فهي من في يوم علمتني كيف أكتب تقاريري الصحفية
والخبر الصحفي بأسس سليمة مازلت أمشي عليها منذ ١٠أعوام ،تحية لكل قلم
صادق ،مجتهد سنلتقيه ،وسنحظى بفرصه اللقاء به والتجول في فكره وحسن علمه،
فالكتاب بوابة الكثيرين لما في عقولهم ،والعقول متعطشة لعرس الكتب وصدق
ال ُكتاب وتواضعهم.
٣:٢٠ ٢٠١٧-١٠-٢٨عصرا .٧٣كل عمل هو عمل…!
"العمل هو عمل ،ليس المهم أن تكون خلف المكتب ،أتمنى لكم المركز األول وليس
البديل لألول"..
كلمة استهل بها صاحب السمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم الرئيس األعلى
لطيران اإلمارات ،كلمته في استضافة خاصة للهيئة العامة للطيران المدني للحلقة
الشبابية األولى لقطاع الطيران ،في حظيرة طيران اإلمارات ،كلمته التي بدأ بها،
هي حالة من استشعار الواجب الخفي خلف عملنا ،كيف أننا ال نقلل من شأن أي
عمل ،أن نبدأ في أي مكان نحبه ،يقدم لنا وظيفة نخدم بها دولتنا ومن ثم يأخذنا
الطموح لألعلى واألهم متى ما وثقنا بأنفسنا ،وقدراتنا ،وبأننا نريد أن نقدمه بكل
وفاء وإخالص.
في لحظة استشعار كانت لإلنجازات في هذا القطاع ذي الديمومة واألهمية لدولتنا
التي تنمو كل يوم ،دولة ال تزال شابة في عمرها ،استطاعت أن تأخذ بساط الريادة
في الطيران ،وتتربع على العرض بحسن األداء والتميز ،لم تكن أعواما ً سهلة ،بل
متعبة في البدايات للمؤسسين وأصحاب الخطوات األولى حتى أصبحنا اليوم نفاخر
بمكانتنا وتفردنا أمام الكل ،ونرى الكثير يتغير ويتجدد .هل يا ترى كانت القمة في
يوم أو عام؟ ال ،فكيف بمن ال يفكر ويريد أن يكون في قمة الريادة دونما تعب؟ ليس
هناك حالة من نجاح دونما أن يتمرغ المرء بأعوام من التحديات والتعلم ،التعلم
المستمر ،والتواضع المستمر أيضاً.
الكثير أمامنا ،نريد أن نحقق األكثر ،لكن ما في يدينا يحتاج منا أيضا ً أن نحافظ
عليه ،ورث بل إرث كبير ،هو جوهرة سلمها األوائل لنا ،في قطاع هو يؤثر مباشرة
في دخل الدولة وحياتنا اليومية ،نحن اليوم حلقة وصل مهمة عالمية في منطقتنا
نصل الشرق بالغرب ،نقرب األب من أبنائه ،األم من وطنها ،والجدة من أحفادها،
نوصل الطالب لمكان علمه ،ونعيد المغترب ألرض وطنه ،نسهل للمريض االنتقال
والعودة معافى بخير ،وكيف هي الحياة دون الوصول ألطهر بقاع األرض ،مكة
حيث القلب والحب .وهل بعد كل هذا نتقاعس أو نتردد؟
اليوم نعرف بحق كيف أننا في تحديات لنحافظ على مالدينا ،نحتاج المورد البشري
متسلحا ً بكل وسائل الثقة والعلم ،الخبرة والتجرد من الثقة التي في غير محلها ،كلنا
ثان وثالث ورابع بتتابع حريص هنا من أجل أن ال نتنازل ،أن يكون هناك صف ٍ
على أن يرتقي ويتقدم ،قطاع نفاخر به األمم ،نحتاج ألن يخاطر الكثيرون منا
ويجرأون على الدخول في مجاالت ليست مجربة حتى تصبح موجودة ،نحتاج أن
ندخل مجاالت هي موجودة لكننا لم نردها لتعبها !..اليوم نعرف لن يعلمنا غير
أنفسنا ،ولن يتفوق علينا غير أنفسنا ،فلنكن بقلوبنا وأرواحنا أصحاب إرادة وعزيمة
ال تتردد!..
٧:١٤ ٢٠١٧-١٢-١٥مساء .٧٤زايد الوالد اإلنسان…!
بدأنا عام زايد لنعيش زايد الذي لم يرحل ،زايد بن سلطان آل نهيان ،الوالد المؤسس
وهو والد كل من يعيش اليوم على هذه األرض باختالف الجنسيات واألصل ،زايد
كان أبا ً للكل همه اإلنسان في كل بقاع األرض ،إن ذُكر الخير فكان زايد ،وكان
عام زايد هو امتداد لعام الخير ،فالخير مستمر ليوم الدين ،وهو روح كانت للخير
تسعى في كل األوجه وكل األزمنة ،خير شعبه ،خير األمة ،خير الوطن وخير
المواطن ،خير المقيم والملهوف ،لم يفرق يوما ً في جنس أحد أو وطنه ،كان في
النكبات حكيماً ،جسرا ً من رحمة وحب ،قلبا ً للعطاء وكيف يكون العطاء دون
قيود أو حدود.
زايد أسس وطنا ً حجر األساس فيه اإلنسان ،الحب والوفاء ،قد يتساءل العالم لماذا
زايد في مئويته تحلق طائراتنا العمالقة باسمه ورسمه؟ لماذا نعيشه كل يوم وكأنه
ق فينا ،بقاء الحياة على هذه األرض ،رواها بطيبته، لم يرحل يوماً؟ هو لم يرحل با ٍ
وإخالصه ،ألن نكون اليوم نحن بخير…!
زايد ليس مجرد أقوال توزع في الدوائر والحكومات ،ليس فقط صورا ً يعاد نشرها،
وليس حالة مؤقته تنتهي بنهاية العام ،بل سيرة وفعل ،قدوة وزمن ،حالة يجب أن
تتكرر في كل جيل ،وحتى من ُولد بعد رحيله يجب أن يتعلم من هو زايد ،ومن هم
اآلباء المؤسسون ،ولماذا ال يزالون في القلب والروح ،حتى صار شعارهم روح
االتحاد .زايد بقي وسيبقى ألنه عاش على هذه األرض دون ترفع عنها ،عاش إنسانا ً
يختلط بالكل ،ويسأل عن الكل ،وعلى كل القادة في دوائرنا اليوم إعادة ترسيخ
منهجه القيادي في التعليم ،أن يكون هو مرجعا ً في كيفية اإلدارة ،إدارة األب،
المحب الذي يحرص على تعليم أبنائه ووجودهم ،الذي يسأل عن الصغير قبل
الكبير ،المتواضع الذي كان يمضي في كل مكان ألنه حريص على كل فرد .على
من يترأس اليوم أو حتى اإلنسان العادي أن يعي ،الحياة حين تغيّب أحدا ً بإرادة هللا
فإنها تأخذه بعيداً ،لكنه هو من يبقى في القلب قريبا ً بجميل فعله ،وهو مدرسة يتعلم
منها الصغير والكبير ،كيف أننا ما زلنا نحتفي به ومازلنا نفرح ألنه المؤسس ،وكم
تمنينا أنه ال يزال هنا كل يوم ،لكنها مشيئة هللا.
زايد ،يبقى رمزا ً وركنا ً في الحياة يعلمنا في غيابه أن نكون فعالً أبناءه بجميل فعلنا،
أن ال نفاخر فقط بـ "عيال زايد" قوالً ،بل بما نقدم ونعطي من حاالت استثنائية
متفانية ،ليست شعارات بل حكايات نرويها عنا ليفاخر بنا من ربانا ،ويتعلم منا من
ينظر إلينا ،بفعل ال قول ،بأدب ال سوء تصرف ،بقلوبنا الكبيرة ال بما نملك من جاه
أو مال.
زايد اإلنسان هو أجمل صورة؛ ألنه احتوى المليارات فقط بحالته اإلنسانية ،فلنتلعم
أن تكون صفتنا األولى "إنسان".
٣:٢٠ ٢٠١٨-١-١٣ظهرا .٧٥كيف تجعل من نفسك …..
قيل يوماً ،كي تثبت حقك في النشر عليك أن تنشر "مقتبس من فيلم " المنشور the
،"postوالذي كان مركزا ً على حق الصحافة الحرة في النشر ،وأن يكون هناك
موازينهم الخاصة .واليوم نسمع قادتنا بدءا ً بصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد
آل مكتوم ،يصر على أهمية دور الصحافة في نقل الحقائق ،وتحقيق ما يتمناه القارى
الشعب ،في أن تكون الصحافة حلقة الوصل بين ما يريده الشعب وما يتحقق.
النشر هو أداة ،والكاتب أداة ،وكل ما يرتبط بهما أدوات تنتقل من مرحلة التفكير،
التفريغ ،التنقيح ،النشر ،لعقل آخر يستقبل ويحكم رأيه ،لم يعد لمن كتب أوالً الحق
في التراجع أو رفض ما كتب ،كلنا مسؤول عما يكتب ،لكنه ما أن يفلت وينشر فهو
حق عام ،فكان الحذر مطلوبا ً وكان واجبا ً على كل امرئ أن يكون مدركا ً لما سيمثله
غداً .فالكاتب ترجمة لمصداقية ترسخت في داخله بثوابت ومتغيرات ،ال يمكن أيضا ً
أن نقيده في قالب معين أو نجعله مقيدا ً بشخصيات أو أفكار أو مواقف كتبها في
وقت ما ،ليس هناك شخص ثابت حتى فيما يفكر ،بل يتحاور مع نفسه ويعيد حوارها
مرارا ً وتكرارا ً بما يناسبها حتى تنتقل لمراحل أعمق في تاريخ ذاتها وكينونتها،
حتى تصبح حالة متفردة ،فيها التعب والمخاض ،وفيها فرحة االستسالم للروح التي
تكتب!..
يبقى القلم ،ويبقى الكاتب ،والنشر ،مفاتيح حضارية تجعلنا ندرك ومع انطالق
مهرجانات أدبية في الدولة كيف أننا نريد أن يقرأ الكل ،نريد للكاتب الحقيقي أن
يكتب ،ونريد لألفكار أن تتحرر على الورق ،ويبقى السؤال :ما هي المنهجية التي
ترسخت إلى اليوم ليولد جيل حقيقي من الكتاب؟ وما هو الجديد الذي ستقدمه دور
النشر ،الصحافة ،كل من له صلة من قريب أو بعيد بالنشر والكتابة؟ نريد أن يتكرر
عام القراءة في شهر القراءة القادم ،وأن يفعّل قانون القراءة ،وأن تكون المبادرات
في االستراتيجيات حقيقية ومستمرة ذات ديمومة حتى ال تُنسى .نريد للشعب أن
يبقى يقرأ ويقرأ ويقرأ من أجل أن يكون في مصاف الدول الكبرى ،فال تقدم دون
فكر منير واعٍ.
ال يزال من ينشر يسأل نفسه ،هل أنا أهل للنشر؟ هل ما يُنشر يستحق؟ كم من كاتب
كتب دون قيد فكري؟ كان صاحب إسقاطات حقيقية لما يعيشه هو ومجتمعه
ومحيطه؟ كتب بصدق ودون خوف أو تكلف ،بصراحة أو رمزية ،ودون أن يدرك
صار اليوم حقيقة وذا أثر وتردد عالي؟ ال تخف مما تكتب بل خف من نفسك إن
جعلتك تتردد ،كن مجازفا ً حتى وأنت تفكر ،واكتب كل يوم ،ولنتابع كلنا ما يحدث
في مؤسساتنا عن مبادرات القراءة نريدها حقيقية ،نريدها واقعا ً ينقلنا من مكان
آلخر .لنستمر وليستمر النشر…!
٦:٥٠ ٢٠١٧-٢-١٧مساء .٧٧وما أدراك ما القراءة…!
اإلنسان تكوينة من أشياء معقدة ،من جسد فيه من معجزات الخالق ما يزال العلم
والعلماء يقفون في حيرة منها ،يحاولون أن يكونوا متقدمين ،وفي كل تقدم يكون
التالي هو أصعب مما مضى؛ ألن الدقة التي خلقنا بها لم تكن يوما ً ليعيها قلب
بشر !..خلقنا وفينا أرواح وعقول ،تتأثر وتؤثر ،أرواحنا وأنفسنا هي امتزاج الكثير
من المواقف والتجارب ،حين تهدأ الروح ويهدأ النفس وتبقى في أمن وطمأنينة ،في
راحة واستقرار ،في سعادة وفرح ،وحين تتحقق لها المتعة المقرونة بااللتزام فإنها
تعيش ،تبدع ،وتسمو ،يصبح صاحبها في مراتب الطمأنينة التي كلنا نبحث عنها،
فهل من راحة واستقرار وسبيل يراد؟
حين تقرأ فإن عقلك يكبر ،يعيش ويتجدد ،وحين تناقش وتستمع لغيرك فإنك تتعلم
ويستمر عقلك في الحياة والنمو ،اإلنسان ليس جسدا ً فقط يغذيه بالمأكل والمشرب
والنوم ،اإلنسان هو التحام وتناغم الكثير من االشياء ،فصحة عقله في صحة نفسه،
وصحه نفسه حين يغذيها فتغدو الروح منتشية في عوالم الحب والعشق الحالل .هذه
صورة من حالة مخ قارئ لم يعرف يوما ً كيف يعيش دون أن يقرأ ،دون أن تداعب
يداه وعيناه حروفا ً متراقصة (تتغنج) في استحياء تطلبه كي يقرأها في حالة من
العزلة التي فيها كل المباح يباح .وهل تعرف قارئا ً نهما ً ال يدرك قيمة من يحب؟
يحب الكتاب وأي كتاب؟ يحب كل الكتب وكل الكتّاب والمعارف متى ما كان في
متون كتبهم وقلوبهم ما يستحق.
في شهر القراءة نبدأ في الكثير من الرحالت ،في المبادرات ،في مهرجان اإلمارات
لآلداب ،وكل قراءة وندوة وحالة انتشاء منتشرة اليوم ولمدة شهر في كل أرجاء
الوطن ،بدأنا بمبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قبل أيام،
حين أطلق مشروع مليون كتاب للمدارس دعما ً منه وثقة بأن العقول هي أكبر
استثماراتها في القراءة ،وسؤالي للكثير من الجهات والمؤسسات :متى سنرى
مبادرات حقيقية تدعم الكاتب وكتابه؟ متى سنرى حالة دعم مستمرة ال تبدأ وتنتهي
في أيام معدودات؟ ال نعتب إال ألننا تعلمنا من قادتنا أن نكون متقدمين ،ومازلنا
نرى أننا نفقد الكثير من خالل حالة التحول من مجرد كتاب هواة أو ممن ينشر إلى
عالمين بأدوات ُكتاب متمرسين ،ما زلت أنتظر اليوم الذي تصل فيه مؤسسة أدبية
لمرتبة دور النشر العالمية؛ حين يكون المحرر والمؤلف حالة من البحث والمعرفة
والكتابة لكتاب قد يستمر سنوات فيكون بحق "من األكثر مبيعاً".
ال نيأس ،بل نتكلم ،ولنقرأ كل ما نراه مفيداً ،ألننا نحتاج أن نكون بخير ،مع أرواحنا
وأجسادنا ،لنقرأ فالجهل مظلم جداً ،والمعرفة بوابة الحياة الحقيقية ،لنقرأ ،وكل عام
وكل ُكتاب العالم والناشرين والمهتمين بالقلم والقراءة بخير ،نحن في مارس شهر
القراء الوطني لدولة اإلمارات العربية المتحدة .وهل هناك احتفاء أكبر من هذا
بنا؟!!
٢:٤٦ ٢٠١٨-٣-٣ظهراً .المهندسة مريم علي البلوشي
هي أول إماراتية وعربية تمتهن مهنة البيئة في الطيران المدني منذ عام .٢٠٠٦
مؤسس قسم البيئة في مطارات دبي في ٢٠٠٨والهيئة العامة للطيران المدني في
عام .٢٠١٠تم أنتخابها كأول رئيس للجنة البيئة في الهيئة العربية للطيران المدني
في ٢٠١٠التابعة لجامعة الدول العربية وتم اعادة تعيينها باإلجماع في الدورة
الثانية لرئاسة اللجنة .٢٠١٢هي أول من تعمل كمنتدبة في ادارة البيئة في منظمة
الطيران المدني الدولي التابعة لألمم المتحدة ضمن برنامج تدريبي لمدة ٥أشهر.
لها أدوار عالمية تتمثل في تمثيل الدولة في اللجنة المعنية بحماية البيئة في الطيران
المدني التابعة لمنظمة الطيران المدني الدولي منذ ،٢٠١٣كما مثلت وتمثل الدولة
في العديد من اإلجتماعات المحلية ،اإلقليمية والدولية كمتحدث رسمي ،هي رئيس
مفاوضي ملف تغير المناخ للدولة لقطاع الطيران المدني منذ ، ٢٠١٢وعضو في
مجلس ادارة منظمة المرأة في الطيران المدني فرع الشرق األوسط .منذ تأسيسها
في عام .٢٠١٣
من أهم أنجازاتها والجوائز الحاصلة عليها:
قيادة كتابة واعتماد أول سياسة بيئية للطيران في الدولة في عام ٢٠١٢وتنفيذها
وهي السياسة األولى على مستوى كل القطاعات ،كما قادت كتابة واعتماد أول
موقف رسمي لتغير المناخ في الدولة -قطاع الطيران ،أشرفت على وضع
استراتيجية االستدامة للهيئة العامة للطيران المدني والتي أطلقت في .٢٠١٤نالت
جائزة الشخصية القيادية في الطيران من معهد الشرق األوسط للتميز في عام
،٢٠١٤كما تم اختيارها في العام نفسه ضمن أبرز ٥٠شخصية عربية-وتحديدا
من ضمن أبرز ٨اماراتيات في استبيان مجلة سيدتي .جائزة الشخصية القيادية في
الطيران ضمن جوائز الشرق األوسط لقادة األعمال ( )MEBSLAلعام ،٢٠١٥
من قبل جمعية التطوير القيادي األمريكية ( )ALDAوبالتعاون مع مجلة القادة
الدوليين تحت شعار« :إعادة تعريف النمو االقتصادي العالمي» ،وبرعاية من اتحاد
غرف مجلس التعاون الخليجي .وأخيرا جائزة مجلة سيدتي لإلبداع والتميز.٢٠١٦-
تتميز المهندسة مريم أيضا خارج نطاق عملها بأنها كاتبة عمود أسبوعي في جريدة
الخليج ،لها ٤اصدارات هي كتاب «ولكني أستطيع» و سلسلة « لم أفشل ١ولم
ضا من أبرز هواياتها الخط العربي ،شاركت في أفشل »٢و«سفر الذاكرة» .أي ً
العديد من المعارض داخل وخارج الدولة ،متطوعة في مجال ذوي اإلعاقة ألكثر
من ١٢عام ومسشتارة لمرسم مطر و الفنان مطر بن الحج كمتطوعة منذ .٢٠١٤
ظهرا بتوقيت برسبن -استراليا.١وما أدراك من أنت!…ً ٢:٢٩ ٢٠١٨-٤-١٥