Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 158

‫عش مع هللا‬

‫وما أدراك من أنت‬


‫تأليف مريم علي البلوشي‬

‫تحويل وتنسيق‬
‫د‪ /‬حازم مسعود‬
‫‪https://t.me/hazem_massaod_kindle_books‬‬
‫إهداء‪..‬‬
‫لكل قلب يعي ويدرك‪..‬‬
‫لكل روح باتت تسأل نفسها كثيرا‪..‬‬
‫هنا بعض من إجابات مرت بي في سنوات‪..‬‬
‫قد تشبهك وقد نختلف‪!..‬‬
‫المقدمة‬
‫تبقى الحياة رحلة كثيرة التقلبات والمواقف‪ ،‬يبقى فينا كل ما يمر فينا مخزونا في‬
‫ذاكرة منسية‪ ،‬خلف األبواب التي ال نريد أحيانا أن نتذكرها‪ ،‬ويبقى الفضول محركا‬
‫لنا ألن نقرأ ونتعلم‪ ،‬بين صفحات كتابي هذه فضفضاتي ومقاالتي التي كانت تشبهني‬
‫ولربما تشبهك‪ ،‬حالة من التودد للكثير من الحياة‪ ،‬والتخلص من بعض المواقف‬
‫بكتابتها‪ ،‬بين صفحاتي هنا أحيانا فرحت‪ ،‬استأت‪ ،‬بكيت وكثيرا ما تناسيت‪ ،‬كانت‬
‫وال تزال تجربة التعلم المستمر في ماهية الحياة‪ ،‬وما نمر به‪ ،‬لم تكتب لتعلم أحدا‬
‫شيئا فالزلت بنفسي اتعلم وأخطئ‪.‬‬
‫تقولنا الكثير‬
‫في طيات الورق وبين حاالت القلق‪ ،‬كان الكلم مرساال بيني وبينك‪ّ ،‬‬
‫وخفنا من كثير ولكننا هنا نقرؤ بعضنا ونسأل بعضنا‪ ،‬أمن دواء يشفينا من حمى‬
‫القراءة؟‬
‫اقرأ وتعلم‪ ،‬لسنا ككتاب منزهين‪ ،‬أو في طبقة تختلف عنك‪ ،‬بل نحن من أختار أن‬
‫يعتق مافيه ليصلك في لحظة النشر‪ ،‬نحن الكتاب بشر‪ ،‬مثلنا مثلك‪ ،‬تتقمصنا المشاعر‬
‫وترهقنا تفاصيل البشر‪ ،‬نحاول أن نبسم وفي الكثير منا ألم يبقى‪ ،‬ال تحزن وأحزن‬
‫أحيانا‪ ،‬وأدرك مابين السطور‪ ،‬دعنا نتكلم هنا معا‪.‬‬
‫ظهرا بتوقيت برسبن‪ -‬استراليا ‪.١‬وما أدراك من‬
‫ً‬ ‫‪٢:٢٩ ٢٠١٨-٤-١٥‬‬
‫أنت…!‬
‫كررته وقلت عنه قبل اليوم‪ ،‬تكوين صعب‪ ،‬هو حقا ً صعب‪،‬‬ ‫التكوين البشري الذي ّ‬
‫التكوينة البشرية معقدة في مشاعرها‪ ،‬فيما تمر به‪ ،‬ال يعرف أحدنا ك ْنه ما يحصل‬
‫أحيانا ً أو ما يحس به‪ ،‬تجترنا اآلالم كثيرا ً وقليل من األفراح أحيانا ً حتى ما يكون‬
‫تكويننا أشبه بتيار يعبث بعقولنا‪ ،‬فيأخذها لمنحيات متعبة ومهلكة بعض الشيء‪.‬‬
‫اإلبداع البشري في الكثير مما قرأت أخيرا ً قد يأتي نتيجة تجارب ليست بالسهلة‪،‬‬
‫وقد يكون الخلود للكثيرين بعد نهايات صعبة تمر بها النفس البشرية من صعود‬
‫مر بي في بعض المشاهد جعلني أتساءل‪:‬‬ ‫وهبوط‪ ،‬من تخبطات وأتراح‪ ،‬بل إن مما ّ‬
‫هل اإلبداع فعالً حالة من المعاناة التي يجب أن نمر بها؟ هل هو صورة تتكرر في‬
‫كل المجتمعات واألزمان؟ حتى في مقولة الطيب صالح "مهمتي ككاتب ليست‬
‫ي هي تذكر أشياء كثيرة نسيتها تماماً‪،‬‬ ‫النسيان‪ ،‬بل أن أتذكر‪ ،‬والمشكلة بالنسبة إل ّ‬
‫لكن النسيان في الحياة العادية هو مرحلة األلم العظيم"‪ .‬استوقفتني هذه العبارة كثيرا ً‬
‫وبت أقرأُها من خالل الكثير من مشاهد حيوات الكتاب والفنانين‪ .‬الممر العظيم‬
‫ألسمية "ممر األلم" هل هو ركيزة أساسية لحالة الكتابة التي نحتاجها؟ أم الحالة‬
‫الفنية التي يعيشها فنان‪ ،‬مثل ألم "فنسنت فان جوخ" الذي بعد مشاهدتي ألحد األفالم‬
‫عنه جرتني معاناته اإلنسانية ألن أبحث أكثر وأقرأ عن اإلنسان نفسه وتكوينه‪.‬‬
‫من أنت في الواقع؟ هي تجربة ذاتية نتعرف عليها من خالل الكثير‪ ،‬وما أجمل تلك‬
‫العالقة التي تتعرف بها على نفسك في ثورة القراءة المنعزلة‪ ،‬ليست سوى اكتشاف‬
‫لذاتك وما هي عليه‪ ،‬لمن تنتمي كل ذرة فيك؟ قد تجد في رواية ما بعد قراءتها جملة‬
‫تشبهك‪ ،‬وقد تحاكيك قصة أحد الرواد المبدعين‪ ،‬ليس ألنك تشبهه‪ ،‬بل ألنها كتبت‬
‫بمصداقية عنه في تجربة إنسانية‪ ،‬وكلنا في هذه الحياة نحتاج ألن نكون فقط بصفة‬
‫أهم "اإلنسان"‪.‬‬
‫أنت تتعرف على اإلنسانية الحقة من خالل الكتب فال تيأس‪ ،‬حين نقرأ فإننا نتعلم‬
‫أن نتخطى بعض تلك اآلالم‪ ،‬نحن مؤمنون باهلل وبأن ما يمر بنا في كل شيء خير‪،‬‬
‫تبقى كل الرسائل عنهم والشواهد والكتب هي نقلة وجدانية فلسفية‪ ،‬تجرد الكثير من‬
‫المثالية وتخبرك؛ لم يخلد أحد وهو مرفه‪ ،‬ولم يكن إال ألنه تقمص نفسه أوالً‪،‬‬
‫وعرف سبب الوجود‪ ،‬شغفه وأين ينتمي‪ ،‬لم أتعلم يوما ً من قراءات اآلخرين أو‬
‫كتبهم أكثر من أني أجهل الكثير‪ .‬أنت من يدرك من أنت‪ ،‬وما أدراك من أنت!!‬
‫ليستمر فينا الفضول للتعرف على أنفسنا‪ ،‬لنستمر نقرأ بعد شهر القراءة‪.‬‬
‫كل يوم نتعلم أن القراءة منهج حقيقي للحياة‪ ،‬وللكيفية التي نريد بها أن نعيش‪ ،‬هنيئا ً‬
‫لل ُكتاب الذين ُخلّدوا بما قدموا‪ ،‬وشكرا ً لكل المؤسسات والجهات التي تدعمنا في‬
‫قراءاتنا وكتبنا‪ .‬ولنتعرف على الحياة‪.‬‬
‫‪ ٤:٣٢ ٢٠١٨-٣-٣١‬عصراً ‪.٢‬أفكار وكلمات‬

‫يستشهد الكثير من ُكتّاب األعمدة والمقاالت أحيانا ً بمقوالت أجنبية أو أمثال في‬
‫مقاالتهم‪ ،‬وهو ما ينم عن توسع في القراءات‪ ،‬واطالع على الثقافات المختلفة‪ ،‬لكن‬
‫عملية متابعة بعض ال ُكتّاب تعطيك انطباعا ً بأن البعض يستصعب الكتابة من دون‬
‫المثل األجنبي‪ ،‬وكأنه يستشف أفكاره فقط منه‪ ،‬وإن كنت أيضا ً أعتقد أنه فكر في‬
‫الفكرة التي سيكتب عنها وبدأ عملية (الغوغلة) بحثا ً عن مثل‪ .‬منذ صغري تستهويني‬
‫متابعة ُكتّاب األعمدة‪ ،‬ألنهم يحملون في كلماتهم المختزلة المفيد‪ ،‬ويترجمون‬
‫للكثيرين ما يدور في خواطرهم أو ما يفكرون فيه‪ ،‬ليوصلوه للمسؤولين دونما‬
‫مبالغات أو تقليل‪ ،‬لذلك فإن متابعة بعض ال ُكتّاب تعطيك الفرصة لمتابعة سلسلة من‬
‫األحداث ونتائجها بأسلوب يس ّهل عليك عملية الفهم والتواصل‪ ،‬وفي أوقات كثيرة‬
‫تجد نفسك وقد أصبحت ملما ً بما يدور في المجتمع من خالل عمود بسيط تتابعه‬
‫يومياً‪ ،‬هي مجرد كلمات ترجمت واقعاً‪ ،‬ودخلت البيت في شكل حروف وأوراق ‪.‬‬
‫تتنوع الموضوعات وتختزل نفسها في الكثير من األحايين‪ ،‬لكن البعض يعاني في‬
‫اختيار موضوعات مقاالته والبعض يتصنع‪ .‬عدد من ال ُكتّاب تراه من خالل متابعة‬
‫المواقع االجتماعية يستجدي عنوانا ً أو فكرة‪ ،‬وكأنه استنفد كل ما في جعبته وينتظر‬
‫اآلخرين ليسعفوه!! حتى أيقنت أن الوقت حان إلغالق عموده لمدة (مغلق تحت‬
‫الصيانة الفكرية)‪.‬‬
‫ماذا عن يومياتنا وما نمر به من مواقف وتجارب؟ ما نسمعه من خالل األحاديث‬
‫والجلسات؟ هل أصبح التواصل االجتماعي الذي يمأل أجهزتنا (التويتر‪ ،‬الفيس‬
‫بوك‪ ،‬االنستغرام) يحرمنا لذة مخالطة البشر واالستماع لتفاصيل حياتهم وتجاربهم‬
‫فنترجمها بأقالمنا؟ هل أصبحت التسهيالت اإللكترونية توهمنا بأننا وصلنا للمدينة‬
‫الفاضلة‪ ،‬وأن الموضوعات التي يجب أن نتناولها مقتصرة على هذه العوالم؟ أين‬
‫أصبحت حياة اإلنسان البسيط تُقرأ؟ وأين أصبحت لوحات الفنانين تُزار؟ كم هجرنا‬
‫من دور كتب؟! كم تثاقلنا عن زيارة أماكن تراثية تاريخية؟! وكم أصبحنا أبعد ما‬
‫يكون عن يوميات الشارع التي كان كبار الكتاب كنجيب محفوظ يختلط بها يوميا ً‬
‫حتى تترجم لروايات تالمس القلب؟! استسهلنا كل شيء حتى الكتابة فقل عدد من‬
‫نتابع اليوم لألسف‪ .‬فمن يالم؟ هي مجرد كلمات لكنها كلمات يجب أن تكون منتقاة‬
‫عميقة فلربما غيّرت حياة أناس‪.‬‬
‫‪.٣ ٢٠١٣-١٠-٦‬اللغة العربية في مونتلاير‬

‫انتهينا أخيرا ً من اجتماعات مكثفة في منظمة الطيران المدني الدولي ضمن الجمعية‬
‫العمومية الـ ‪ ،٣٨‬ولن أتطرق هنا لتفاصيل قد تكون جدا ً مملة‪ ،‬بل سأحكي تجربتي‬
‫الخاصة جداً‪ ..‬مع تغير في لغة إلقائي المداخالت ‪ . .‬الكل يعلم أن اللغة العربية هي‬
‫إحدى اللغات الست المعتمدة في األمم المتحدة‪ ،‬وهي لغة كلنا يعلم زخمها وثراءها‪،‬‬
‫وال أحد يقدر أن ينتقص من قيمتها ‪.‬‬
‫ي أن تكون جميع مداخالتي التي سألقيها باسم الدولة‬ ‫في هذه التجربة فُرض عل ّ‬
‫باللغة العربية‪ ،‬وهذا شرف كبير لي‪ ،‬لكن ما استصعبته ليس النطق بحروف عربية‪،‬‬
‫بل التحول من اإلنجليزية إلى العربية وترجمة جمل فنية في كثير من األحايين‬
‫يمكن أن نخطئ في إيصال معانيها ‪ . .‬ال ينقص لغتنا الكلمات‪ ،‬لكن ينقصها من‬
‫يترجمها بدقة ويوصل المعنى نفسه ‪ . .‬كثير منا يلجأ للكالم باالنجليزية؛ ألنه في‬
‫مواقف تحكي مواقف دول ال يمكن تأويل ما يقوله المترجم‪ ،‬وقد جربت ذلك مرارا ً‬
‫وتكرارا ً ‪ . .‬إن الكثير من الدول كروسيا مثالً تصرف الكثير على الترجمة وتعتز‬
‫بلغتها ‪ . .‬نحن نملك أجمل لغة أنزل بها القرآن ‪ . .‬لغة البالغة والفصاحة‪ ،‬واألكثر‬
‫من ذلك لغة الشمول والسالم ‪ .‬ال أنكر أنني كنت أشعر بالكثير من الفخر وأنا أنطق‬
‫بالعربية‪ ،‬بل كنت أحس براحة كبيرة‪..‬‬
‫وإن كنت أخوض تجربة قد تربك الكثيرين أحيانا ً وتجعلني في اوقات أسأل (ماذا‬
‫ت تريدين أن تقولي؟) ‪ . .‬سأحاول أن أتدرب أكثر فليس التطور والوصول إلى‬ ‫كن ِ‬
‫العالمية مقتصرا ً على لغة بعينها‪ ،‬بل هي القدرة على احتواء تلك اللغة ضمن لغتنا‬
‫‪ . .‬أخذت الكثير من الوقت أحيانا ً ألترجم بنفسي‪ ،‬وكنت أتأخر أحيانا ً فقط ألنني‬
‫أبحث عن ترجمة كلمة ما‪ ،‬وإن وجدتها فمحاولة تركيب الجملة كاملة ليست سهلة‪،‬‬
‫هي ملَكة جعلها هللا ألحدنا قدرة ولآلخرين تحديا ً ألن يتحدوا أنفسهم ‪ ..‬لنذكر أنفسنا‬
‫ونربي الجيل الجديد على أن اللغة العربية هي أصلنا وهويتنا وعزتنا ‪ . .‬ولنحاول‬
‫بكل ما نستطيع أن نقدمها على باقي اللغات وإن كان األمر صعباً‪ ،‬لكنه جميل حين‬
‫يسمعه اآلخرون منك ‪ . .‬في أول مداخلة مطولة لي قال بعدها السفير األمريكي‬
‫حين رآني أنصرف (لغتك اإلنجليزية جميلة لكني وجدتك اليوم تلقين بالعربية وكان‬
‫لها وقع آخر) ‪ . .‬شكرا ً لمن ألزمني بها وشجعني عليها‪ ،‬شكرا ً لمن جلس إلى جانبي‬
‫وراجع معي ودفعني ألقوم بذلك بحضوره وبغيابه ‪ . .‬كلي فخر بك ‪.‬‬
‫‪.٤ ٢٠١٣-١٠-٢٠‬أخي مدريدي‬

‫دائما ً كنا ونحن صغار في حالة مشادة مع إخواننا األوالد‪ ،‬بطبيعة الحال‪ ،‬هي فطرة‬
‫مازال أطفال اليوم يعيشونها‪.‬‬
‫في يوم سألت إحدى البنات واسمها (أ‪.‬ج)‪ :‬ماذا تريدين أن تصبحي حين تكبري؟‬
‫قالت رائدة فضاء في ناسا‪ ،‬أعجبت بطموحها ورغبتها بأن تعمل في ناسا وبهذه‬
‫الوظيفة ‪ .‬فبادرتها ‪ . .‬إذا ً أنت تحبين الفضاء والعيش فيه‪ ،‬فردت‪ :‬أفضل حتى أكون‬
‫بعيدة عن أخي ‪ .‬ضحكت وعرفت أنها قصة األخ واألخت الدائمي المشاكسات‬
‫والمناوشات والتصالح في نهاية األمر ‪ .‬قلت لها فقط ألنكم دائما ً في خالف؟ قالت‪:‬‬
‫ال ‪ . .‬ألنه مدريدي ‪ .‬هنا كانت المفاجأة ‪.‬‬
‫(أ‪.‬ج) في حقيقة األمر تشجع برشلونة‪ ،‬وفي خالف دائم مع أخيها ألنه مدريدي ‪.‬‬
‫لم تكن هذه األمور تعني األجيال الماضية كثيراً‪ ،‬فنادرا ً ما كانت لعبة كرة القدم‬
‫ضمن اهتمام الفتيات أو حتى في جدولهن ‪ . .‬لكننا اليوم نرى أن المالعب بها فتيات‬
‫مراهقات‪ ،‬نجد في المنازل حدة وخالفات ألن فريقهن خسر أمام فريقهم‪ .‬الرياضة‬
‫شيء جميل‪ ،‬لكن الغريب حين يصبح الجنسان مهووسين بكرة القدم ‪ .‬ففي الزمن‬
‫الماضي كانت الفتاة جل متعتها لعبة (العروسة) وترتيب مالبسها‪ ،‬وطلبها بإلحاح‬
‫من والدها (بيت العروسة) ‪.‬‬
‫كانت تفرض غريزتها عليها تجهيز مالبس (العروسة) وأحيانا ً تفصيلها بنفسها‪،‬‬
‫والوقوف أمام باب خياط الفريج حتى يعطيها ما تبقى من قطع المالبس التي ال‬
‫يحتاجها‪ ،‬لتحاكي عروستها الموضة وألوان الموسم وتنافس فتيات الفريج ‪ .‬لم يكن‬
‫هناك في ذهنها أن ابنتها ستكون معاكسة لها تماما ً في اهتماماتها‪ ،‬وأنها ستكون في‬
‫مزاجية معادية فقط من أجل لعبة تخص الرجال (قديما ً فقط)‪.‬‬
‫نحن نشجع االهتمام بكل أنواع الرياضات‪ ،‬والفتاة اليوم أصبحت تدخل في الكثير‬
‫من الرياضات بما ال يتعارض مع عاداتنا وتقاليدنا‪ ،‬لكن هل تغيير االهتمامات التي‬
‫ُولدنا عليها كفتيات ظاهرة صحية؟ أحيانا ً نرفض أن تشترك إحدى بناتنا الصغيرات‬
‫في فريق كرة القدم أو حتى غيرها‪ ،‬ألننا نخشى مع األيام أن تنسى أنها فتاة‪ ،‬أو أن‬
‫تتغير تصرفاتها وأخالقها مع انتشار ظاهرة غير مقبولة في المجتمع ‪ .‬يجب أن‬
‫نكون حريصين عليهن‪ ،‬وأال نجبرهن على ترك ما يحببن‪ ،‬لكن أيضا ً يجب أن‬
‫نحاول أن نذكرهن بأسلوب محبب لهن‪ ،‬بحقيقة فطرتهن وأن اهتماماتهن تعكس‬
‫صفات المرأة فيهن في المستقبل‪.‬‬
‫أمس األول الجمعة كانت مباراة المنتخب مع فريق هونغ كونغ‪ ،‬وتأهل المنتخب‬
‫لكأس آسيا في أستراليا (مبروووك لمنتخبنا الغالي)‪ .‬التفت الفتيات حول التلفاز قبل‬
‫األوالد‪ ،‬يقفزن ويرسلن المسجات باألهداف ‪ . .‬للمنتخب ال أقول ال ‪ . .‬لكن لكل يوم‬
‫أقول ال‪.‬‬
‫‪.٥ ٢٠١٣-١١-١٧‬كبار السن‬

‫ال يخلو بيت من رجل كبير‪ ،‬والد أو جد‪ ،‬أو امرأة كبيرة‪ ،‬أم أو جدة‪ ،‬وقد تكون أختا ً‬
‫كبرى أو أخا ً ‪ .‬الحياة في مالمح هؤالء الكبار تحكي قصة عمر طويل عاشوه من‬
‫أجل أن نراهم اليوم كباراً‪ .‬ال تقف القصة عندهم وال يقف الزمان عندهم‪ ،‬تتجرد‬
‫ي أحدهم‪ ،‬فهو يعلم ما لم تعلم واختبر الحياة قبلك‬‫كل الكلمات حين تنظر في عين ّ‬
‫وعرف الكثير‪ ،‬وبعض الكثير اليوم زال مع ذاكرة الزمن ‪.‬‬
‫من يمر اليوم على المستشفيات يرى أن أكثر األجنحة قد امتألت بكبار السن‪ ،‬نسا ًء‬
‫كانوا أم ورجاالً‪ ،‬حاالت متعددة وأمراض مختلفة نعرفها وأخرى ال نعرفها‪ ،‬لكننا‬
‫نعرف جميعا ً أنهم أصبحوا ضعافاً‪ ،‬وأنهم في أرذل العمر‪ ،‬يقلبهم تارة قريب وفي‬
‫أكثر األوقات غريب وهو الممرض أو الممرضة ‪ .‬منذ مدة قصيرة سمعت بحالة‬
‫رجل كبير في السن يقبع في غرفة المستشفى منذ سنتين ولديه ممرضه الخاص‪،‬‬
‫ال حول له وال قوة‪ ،‬أجهزة تنفس وصمت مطلق ‪.‬‬
‫وكانت لنا جارة‪ ،‬كانت في الحارة وسيلة األخبار األولى في عهد لم يكن للهواتف‬
‫وجود ‪ .‬كانت تسأل عن الصغير والكبير‪ ،‬وتعرف أسماءنا وتجيد سرد قصص‬
‫حياتنا‪ ،‬واليوم تقبع في زاوية في المستشفى وقد مأل جسمها باألنابيب‪ ،‬بعضها‬
‫لتتنفس به واألخرى لتتغذى من خاللها‪ ،‬مازالت تعرفك‪ ،‬تمسك يدك لكنها ال تتحدث‬
‫‪.‬‬
‫هذه هي الحياة وهؤالء من تعبوا ألجلنا‪ ،‬ال أدري كيف نسمح أحيانا ً ألنفسنا أن‬
‫نتركهم بين الغرباء؟ كيف نتركهم يعيشون الوحدة والغربة‪ ،‬وتبكي عيونهم وقلوبهم‬
‫قبلها شوقاً؟ كيف نتركهم ألن يحسوا بالذل وأنهم أصبحوا حمالً ثقيالً؟ كثيرون هناك‬
‫يرجون رحمة ربهم بأن يرحلوا عن هذه الدنيا ألنهم يعانون الوحدة‪ ،‬ال مؤنس وال‬
‫أنيس ‪ .‬لنتخيل أنفسنا حين كنا أطفاالً‪ ،‬نتعب ونمرض‪ ،‬هل تركونا؟ هل تخلوا عنا؟‬
‫هناك من اآلباء من اغترب شهورا ً وسنوات لعالج ابنه أو ابنته‪ ،‬وهناك من لم يتمتع‬
‫براتبه حتى يوفر لهم سبل الحياة الكريمة!! فكيف بهم اليوم يعيشون أرذل العمر‬
‫ويتوقون لسماع أصوات بناتهم وأبنائهم الذين دللوهم كثيرا ً وهم صغار؟! هل هي‬
‫مشاغل الحياة؟ أم أننا أصبحنا ال نعرف من يستحق منا أن نعطيه من حياتنا وأوقاتنا؟‬
‫كيف ننام مساء وهناك أم أو أب في قسم مفتوح مكشوف يئن ويتقلب بأيدي غرباء؟‬
‫كيف تأخذنا الحياة منهم ونقول ليس لدينا وقت وهم أعطونا عمرهم؟ كيف ننشغل‬
‫بأبنائنا ونحن باألمس كنا لهم أبناء؟ كيف نبكي طفالً مريضا ً وننسى دموع كبير في‬
‫تقس عليهم‪ ،‬ولتبق‬
‫ُ‬ ‫السن يشتاق ألن يكون في بيته بين أبنائه؟ لتحن قلوبنا وال‬
‫المستشفيات ودور كبار السن خاوية خالية منهم‪ ،‬فمكانهم في بيوتهم بين من ربوهم‪.‬‬
‫لنرحمهم فنرحم في شيخوختنا‪ ،‬ولنتذكر أنهم بركة الحياة قبل الممات‪.‬‬
‫‪.٦ ٢٠١٤-٣-٢‬قيد التخصص‬

‫فرحة التخرج في الثانوية من أجمل ما يمر به المرء في حياته‪ ،‬فهي البوابة لعالم‬
‫جديد يفتح له آفاقا ً أبعد من مجرد مقاعد دراسية وزي مدرسي‪ .‬هي الخطوة األولى‬
‫ألن يكتشف المرء طموحه ويبدأ في السعي إليه‪ ،‬لتأتي مرحلة الدراسة الجامعية‬
‫لتتوج له في أول عام كل ما كان يحلم به ويتخيله لنفسه من مهنة ومسمى في‬
‫المستقبل فكيف إذا كان هذا المسمى قيدا ً جديدا ً ال يحبه؟‬
‫ي‪ ،‬وال تزال‪ ،‬قصص كثيرة عن أناس درسوا لسنوات تخصصات ال‬ ‫مرت عل ّ‬‫ّ‬
‫تستهويهم‪ ،‬ولم يستمتعوا بها أو يدركوا من خاللها القيمة العلمية الحقيقية لما‬
‫يدرسون‪ ،‬بل تكبدوا التعب والعناء لكي ينجحوا ويستمروا في هذه العملية حتى سنة‬
‫التخرج ‪ . .‬لماذا؟ ألن أحد الوالدين أراد ذلك‪ .‬جميل أن يحقق األبناء أحالم آبائهم‪،‬‬
‫وجميل أن يكونوا هم الجسر لما كانوا يتمنون ألنفسهم‪ ،‬وجميل أن يفخر األب واألم‬
‫بثمرة تعبهم‪ ،‬لكن ماذا بعد ذلك؟ يستمر االبن أو االبنة في المسار نفسه‪ ،‬رغم أنهم‬
‫لم يحبوا التخصص‪ ،‬ولم يكن يوما ً جزءا ً من أحالمهم‪ ،‬لكنها رغبتهم بأن يكونوا‬
‫األبناء البارين الذين يردون الجميل‪ ،‬يتخرجون‪ ،‬ينخرطون في وظائف تجعلهم‬
‫يختنقون في داخلهم وتبدأ دوامة الروتين في حياتهم‪ ،‬ال إبداع‪ ،‬وال تميز‪ ،‬ليدرك من‬
‫يدرك نفسه‪ .‬ويتجنب اآلخرون هذه الحالة بتغيير وظائفهم بعد فترة‪ ،‬والبعض يبدأ‬
‫رحلة الدراسة من جديد في التخصص الذي يحبه‪ ،‬والبعض يبدأ بالتطوع في المهنة‬
‫التي حلم بها‪ ،‬ولربما بعد أمد يبدع ويكمل المسير بعد سنوات من الضياع وعدم‬
‫االرتياح ‪.‬‬
‫لماذا ال تزال هناك عقول تفرض هذا الشيء؟ لماذا اليزال التخصص مرتبطا ً‬
‫بوجاهة اجتماعية؟ لماذا فقط نردد ماذا يحتاج السوق؟ االعتدال في األمور شيء‬
‫جميل‪ ،‬دراسة السوق واجبة‪ ،‬ومعرفة ميول كل فرد مهمة جدا ً لتبدأ عملية التوازن‬
‫بوضع خيارات عدة تكون في األساس مرتبطة بنسبة كبيرة بما يحب المرء أوالً‪.‬‬
‫هناك طبيب يقبع خلف الميكروفون ويبدع‪ ،‬ألنها رغبته منذ البداية لكنه آثر أن‬
‫يحققها بعد أن يحقق حلما ً لشخص يحبه‪ .‬هناك مهندسة في الموقع وهي تعشق‬
‫األزياء ألنها أرادت أن تمشي على خطى عائلتها فال تنفك السلسلة‪ ،‬هناك أطباء‬
‫يرتدون الرداء األبيض ويتفانون من أجل المرضى‪ ،‬يغتربون ويتخصصون وفي‬
‫داخلهم اليزال الحلم بالتجارة‪ .‬هناك الفنان الذي اختفى وراء نظرة البعض للفن‬
‫على أنه ال يُحسب من التخصصات التي قد يفخر بها المرء‪ ،‬وهناك من ترك كل‬
‫شيء بعد سلسلة من الصراعات حول ماذا يريد وماذا يريدون ‪.‬نحن مقبلون بعد‬
‫أشهر على دفعة جديدة تتخرج في الثانوية‪ ،‬وفي هذا الوقت من العام بدأت امتحانات‬
‫القبول وبدأوا يقررون تخصصاتهم وجامعاتهم‪ ،‬فرفقا ً بهم ‪ .‬نعم الكل تعب في‬
‫تربيتهم لكن هل يكون رد الجميل بأن يعيشوا حياة خالية من اإلبداع فيما يحبون‬
‫ويريدون؟ وهل يكون بفرض ما تريدون؟ وهل يكون فقط بنظرتنا نحن الخاصة‬
‫للحياة؟ أتمنى أن تقل القصص التي ال أزال أسمعها فأتألم‪ ،‬فمتعة الحياة الجامعية‬
‫بما نحب‪ ،‬ومتعة وظائفنا بما نستطيع أن نبدع فيه فال تتحول يوما ً لقيد يخنقنا‪.‬‬
‫‪ ٣٠٠ .٧ ٢٠١٤-٣-١٦‬درهم‬

‫نخرج كثيراً‪ ،‬ونستمتع بالكثير من األمور في حياتنا‪ ،‬نسافر‪ ،‬نرتاد المطاعم ودور‬
‫السينما‪ ،‬نتسوق‪ ،‬نبتاع الهدايا‪ ،‬نحتسي القهوة‪ ،‬نلعب‪ ،‬نجرب كل مكان جديد وكل‬
‫ماركة جديدة‪ ،‬نحب أن نكون في أماكن تباع أحيانا ً فيها القهوة بسعر مضاعف‪،‬‬
‫فقط كي نسجل حضورنا في المكان‪ ،‬وكثيرا ً ما نصرف فوق الـ ‪ ٣٠٠‬درهم ‪ .‬هناك‬
‫من حولنا من يعيش‪ ،‬يعمل ساعات أطول من ساعات عملنا‪ ،‬ويتحمل أن يسمع‬
‫الكثير‪ ،‬كلمات أحيانا ً جارحة‪ ،‬وأحيانا ً أصوات تتعالى عليه‪ ،‬وأحيانا ً أخرى يوضع‬
‫في دوامة "أين أنت" وهو يجري في الممرات من مكتب لمكتب يلبي الطلبات ‪.‬‬
‫يبدأ يومه في السادسة صباحاً‪ ،‬يجهز كل أنواع القهوة والشاي استعدادا ً لتلبية طلبات‬
‫مختلفة وأمزجة متغيرة‪ ،‬يستقبلك بابتسامة تخفي ما قد يحمله من هموم ومشكالت‪.‬‬
‫يحاول أن يلبي لك رغبتك بقهوة صباحية تبدأ بها يومك‪ ،‬وأنت في أغلب األحيان‬
‫قد تكون في غنى عنها‪ ..‬لكنها العادة‪ .‬يبقى بالقرب من الهاتف ينتظر رنينه‪ ،‬وإن لم‬
‫يجب يغضبوا عليه ويتهموه بالتقصير‪ ،‬في حين أنه كان يحمل صينية بها مشروبات‬
‫مختلفة يقوم بتوصيلها إلى هذا المكتب أو ذاك‪ .‬ال يكتفون‪ .‬فالملفات ينظفها واألوراق‬
‫يجردها ويخزنها‪ ،‬والهدايا يرتبها‪ ،‬والسيارات يغسلها ‪ .‬من مبنى آلخر ينتقل يحمل‬
‫أوراقا ً مختلفة يوصلها‪ ،‬يرتب لحفالت اإلفطار وال يتذكره أحد بطبق‪ ،‬ينظف‬
‫المكان‪ ،‬وينتظر أن ينصرف الكل حتى يغير ما يرتديه‪ ،‬ليصبح عامل فترة جديدة‬
‫ينظف فيها كل المكاتب‪ ،‬تنتهي كل الساعات الـ ‪ ١٢‬وينصرف فقط لينام ويعود في‬
‫اليوم التالي ‪.‬‬
‫نسميه نحن عامل المكتب(‪ ،)office boy‬ذلك الموظف الذي يحمل أيضا ً رقما ً‬
‫وظيفيا ً مثلي ومثلك‪ ،‬لكن الفرق أنه تغرب كي يطعم عائلة ويبني في المستقبل‬
‫منزالً‪ ،‬كي يتزوج إن ُكتب له‪ ،‬ال يُصرف له ما يُصرف لنا‪ ،‬وبعضهم دخله قد ال‬
‫يتجاوز الـ ‪ ٣٠٠‬درهم بعد كل االستقطاعات للشركة التي يعمل بها‪ ،‬لكنه لم يتذمر‬
‫يوماً‪ ،‬لم يعبس في وجهك يوماً‪ ،‬يستقبلك بابتسامة ويودعك بأخرى‪ ،‬لم يقل لك يوما ً‬
‫ي مهام كثيرة اليوم‪ ،‬لم ينصرف وقد أهمل لك شيئاً‪ ..‬فكيف يا‬ ‫ال أستطيع أو أن لد ّ‬
‫تُرى تبقى قلوبنا ال ترحم وال تشفق؟ هل نحتاج ألن نناديه ليشغل لنا وصلة‬
‫الكهرباء؟ هل نحتاج له كي يحمل حقيبتنا للسيارة؟ هل نحتاجه كي يجلب لنا أوراقنا‬
‫من جهاز الطابعة؟ هل نحتاجه ألن يصور لنا ورقة واحدة؟ وهل نحتاجه ليبقى‬
‫واقفا ً فقط ينتظر األوامر بسكب فنجان من القهوة أم ال؟‬
‫قد نزهد بمبالغ نصرفها يومياً‪ ،‬لكنها أجبرت آخرين على تحملنا‪ ،‬وأجبرتهم أيضا ً‬
‫على أن يبقوا صامتين‪ ،‬فلنرحمهم وال نرهقهم وال نتكبر عليهم‪ ،‬فلنرحمهم‬
‫ولنتذكرهم بهدايا بسيطة‪ ،‬بكلمات طيبة‪ ،‬ولنعطهم اإلحساس األهم‪ ،‬هم بشر مثلك‬
‫ومثلي‪ ،‬فلنشكر النعم ولنرحم البشر ‪.‬‬
‫‪ .٨ ٢٠١٤-٣-٣٠‬ضريبة النجاح‬

‫من أجمل أحاديث رسولنا الكريم محمد صلى هللا عليه وسلم "ال يؤمن أحدكم حتى‬
‫يحب ألخيه ما يحب لنفسه"‪ ،‬فكم هو كبير معنى هذا الحديث‪ ،‬فمنه يتحقق التوازن‬
‫في المجتمع‪ .‬ال حسد وال غيرة‪ ،‬بل فرح لفرح من حولنا‪ ،‬وسعادة حين ينالوا أعلى‬
‫الدرجات وينجحوا في حياتهم ‪ .‬كم يكون القلب مرتاحا ً من األحقاد والضغائن حين‬
‫ومعان جميلة‪ ،‬وكم سيعيش الفرد ال يعي‬‫ٍ‬ ‫نعيش بهذا الحديث بكل ما فيه من تفاصيل‬
‫باالً أو يحزن ألن غيره نال نصيبا ً من الدنيا لم ينله‪ ،‬فما عند أخيه عنده‪ ،‬وما يسعد‬
‫أخاه يسعده‪ ،‬فكيف بقلوب ال تعرف لألخوة معنى أو ألخالق المسلم باباً؟! يحزنك‬
‫كثيرا ً حين تفاجأ وغالبا ً بمحض الصدفة أن من كنت تعتبره صديقا ً ال يفرح لفرحك‪،‬‬
‫بل يحقد عليك ويتحرى السبل ليفسد عليك فرحك‪ .‬كيف بأناس أعمتهم الدنيا فصاروا‬
‫يتناسون زوالها ويبيتون وهم ال هم لهم سوى كيف يزيلون فالنا ً من الدرب؟!‬
‫قصص النجاح كثيرة‪ ،‬وتفاصيل حياة بعض األفراد تجعلك تفخر بهم‪ ،‬فهو قد تعب‪،‬‬
‫اجتهد وصبر‪ ،‬ومرت سنوات وسنوات ومازال يتعلم ويبذل وقته وجهده‪ ،‬ليكون‬
‫مميزاً‪ ،‬يصقل مهاراته‪ ،‬ويتعلم كل التقنيات التي تفرض تألقه في عمله‪ ،‬محيطه‬
‫االجتماعي‪ ،‬فكيف بمن يرى أو يقرأ قصة نجاح ويدعي أن ما فيها ليس إال مجرد‬
‫صدفة؟! هنا تبدأ الحروب الفردية وأحيانا ً الجماعية إلزالة فالن ‪ .‬نكتشف قصصا ً‬
‫ال نتخيلها إال في األفالم والمسلسالت‪ ،‬وحواديت وروايات عن طرق وسبل طمس‬
‫معالم وإنجازات إنسان ‪.‬‬
‫سؤالي‪ :‬ماذا نستفيد حين نعيش هذه الحياة التي فيها المرض النفسي يتجلى؟ هل‬
‫سنفرح؟ هل ستسهل الحياة علينا قبل أن نفكر بالتخلص من اآلخرين لنتذكر أنفسنا؟‬
‫من انشغل باآلخرين بات مهموماً‪ ،‬وهو في كل وقته يفكر بأفكار غير سوية‪ ،‬وسيبقى‬
‫في دوامة الضيق دائما ً ‪.‬‬
‫ولمن نال النجاح وفرح به أقول‪ :‬هذه ضريبة النجاح‪ ،‬فالبعض ال يدري كيف أنك‬
‫من نال النجاح ناله بعد سلسلة من التجارب الفاشلة أحياناً‪ ،‬فتنال مكرا ً من اآلخرين‬
‫ولكنهم يتناسون أن مكر هللا شديد‪ ،‬ومن بات مظلوما ً خير ممن بات ظالما ً ‪ .‬فلتفرح‬
‫بنجاحاتك‪ ،‬وليعيشوا أحقادهم‪ ،‬ويحصدوا الغم بما يبيتون لغيرهم‪ ،‬فليست الحياة‬
‫باقية ألحد‪ ،‬وليست المناصب دائمة‪ ،‬وليست العروش صامدة‪ ،‬وال أسماء العائالت‬
‫خالدة‪ ،‬فكلنا يوما ً سنعود للتراب ونحصد ما عملنا ‪ .‬فلنحب بعضنا‪ ،‬وليكن في كل‬
‫مساء لنا ساعة خلوة نسامح فيها الكل ونتمنى لهم السعادة‪ ،‬وندعو لهم بالهداية‬
‫وألنفسنا بالنجاة من الوسواس والحقد والضغينة‪ ،‬ولننظر كم من الناس عرفناهم‬
‫رحلوا وما بقيت إال ذكراهم‪ ،‬فلنعطر ذكرانا ولنحب غيرنا‪ .‬ولنحتسب عند هللا ما‬
‫أعطانا إياه‪.‬‬
‫‪ .٩ ٢٠١٤-٤-٢٠‬جسر االنتحار ‪ -‬لوزان‬

‫لوزان مدينة سويسرية جميلة‪ ،‬تمتاز ببحيرتها الخالبة التي تقابل في الطرف اآلخر‬
‫جبال األلب الفرنسية‪ ،‬حيث تقع عين إيفيان المعروفه التي تصدّر المياه لكل العالم‬
‫وتبيعها بأغلى األسعار‪ .‬هناك المنبع الرئيسي تفصلك عنه فقط رحلة بحرية لمدة‬
‫ساعة تقطع بها الطرفين‪ ،‬مدينة فيها امتزج الحديث بالقديم‪ ،‬وما زال القديم يغرد‬
‫شامخا ً في البيوت والقصور‪ ،‬في الطرقات القديمة والمحال الحديثة التي زينت‬
‫مبان ما زالت موجودة منذ قرون‪ ،‬بها جو من الهدوء والفن الراقي الذي‬ ‫ٍ‬ ‫واجهات‬
‫تميزت به‪ ،‬وتميزت بوجود عدد كبير من الفنانين‪ ،‬سواء فنانيها أو فنانين مهاجرين‬
‫إليها‪ ،‬وخالل مشيك هناك يستوقفك جسر جميل على ارتفاع كبير‪ ،‬فالمدينة مبنية‬
‫على عدد من الجبال‪ ،‬الجسر وسط المدينة ويسمى جسراالنتحار‪ ،‬ويؤسفك أنه بهذا‬
‫االسم!‬
‫كما روي لي‪ :‬يجتمع عليه عدد من الناس ممن ملوا حياتهم حتى ينهوها بأنفسهم‪،‬‬
‫وتتجمع مجموعات وتنصب خيامها هناك من أجل أن تنصحهم بأن يعودوا عن‬
‫قرارهم‪ ،‬ولكن باألخير يقال لهم‪:‬هذا قرارك!‪ .‬عجبا ً فمن يمشي على هذا الجسر‬
‫يشعر بحبه للحياة‪ .‬تنظر لألسفل للمكان الذي يموتون فيه فتجده ساحة كبيرة كأنها‬
‫هيئت لهم‪ ،‬وكأنها تقول لهم هنا انهوا حياتكم بال حساب أو سؤال‪ ،‬وتنتهي بقفزة‬
‫أمام أعين الناس الذين يحترمون قراراتهم‪ ،‬فهي في نظرهم حرية شخصية يجب‬
‫أال ينتقصها أحد ‪.‬‬
‫لقد أنعم هللا علينا بنعمة اإلسالم ونعمة الحياة‪ ،‬فال يحق ألحد أن ينهي حياته متى‬
‫أراد ألنها ليست ملكه‪ ،‬فنحن نؤمن بأن ما أصابنا ُكتب لنا‪ ،‬وأن كل مكروه فيه خير‬
‫لنا‪ .‬نعيش‪ ،‬نحب هللا‪ ،‬ونحب الحياة التي منحنا إياها‪ ،‬وال نملك الحق بأن نقول نحن‬
‫متى ما أردنا وداعا ً ‪.‬‬
‫لقد منحنا الحياة لنعيشها ونستمتع بها ونؤدي ما علينا من واجبات‪ ،‬تكثر المدن‬
‫وتكثر قصصها‪ ،‬ولكن قصة المسلم المؤمن بربه وبقضائه وقدره متشابهة في كل‬
‫مكان وفي كل بلد‪ ،‬فنحن نعيش لنعبد هللا ونعرف أن كل ابتالء هو من حب هللا لنا‪،‬‬
‫فمتى ما أحب هللا عبدا ً ابتاله ‪.‬‬
‫ال تكون الحياة كل يوم فرحا ً وسعادة‪ ،‬بل ال تخلو من ضغوط وهموم وأحزان‬
‫وأفراح ومن ثم أتراح‪ .‬هي سلسلة تدور وأيام تتغير ونحن معها نتكيف ونعيش‬
‫محتسبين‪ ،‬وفي المقابل منها الكثير لنعيشه‪ ،‬جمال الكون وطبيعته‪ ،‬هدوء النفس‬
‫وسكينتها‪ ،‬عائالتنا ومن يحبنا ‪.‬‬
‫والرحيل هو أمر هللا‪ ،‬وال ندرك متى نرحل وندعو دوما ً "اللهم حسن الخاتمة"‬
‫لنعيش بمقاييس رب العالمين‪ ،‬نعرف واجباتنا ونؤديها‪ ،‬ونسعى بكل ما نملك ألن‬
‫نرضيه‪ ،‬فهو أرحم بنا من أنفسنا‪ ،‬ولتكن خواتيمنا ذكرى جميلة يتذكرها من عاش‬
‫معنا ويدعو لنا‪ ،‬وليكن بيننا وبين هللا جسر من القرب والمحبة والطاعة‪ ،‬فهو دائم‬
‫ال ينتهي‪.‬‬
‫‪ .١٠ ٢٠١٤-٤-٢٧‬أرذل العمر‬

‫الحياة نعمة كبيرة وهبها الخالق لنا‪ ،‬فيها الكثير من التحديات والمشقات من الميالد‬
‫حتى الوفاة‪ ،‬قال تعالى "لقد خلقنا اإلنسان في كبد" أي في مشقة وتعب منذ أول يوم‬
‫يتنفس فيه إلى أن يدخل القبر ‪.‬‬
‫في كل بيت اليوم هناك كبير في السن يعاني الهرم والضعف وربما الزهايمر الذي‬
‫ينسيه كل ما كان ومن مر في حياته‪ ،‬نسي الكثير إال بعضا من تلكم التفاصيل التي‬
‫تأصلت فيه بفضل من هللا كالصالة والذكر ‪ .‬يعيش هؤالء الكبار مرحلة من الضعف‬
‫تجعلك أحيانا ً تتساءل أين اختفت تلك الشخصية القوية خلف هذا الشخص؟ رب‬
‫األسرة الذي كان صاحب الكلمة األولى واألخيرة‪.‬‬
‫أين اختفت تلك المالمح التي يحتفي بها الكل حين يدخل فالن‪ ،‬وفالن ذو صيت‪،‬‬
‫ذو خلق وذو اسم ومنصب؟ هل ينتهي كل شيء في لحظة ليعود ألرذل العمر؟ ال‬
‫يعي شيئاً‪ ،‬يحتاج إلى كل أنواع الحب والرعاية‪ .‬يعود كالطفل يحتاج منك أن تبقى‬
‫بجواره‪ ،‬تمسك بيده‪ ،‬تشعره باألمان وبأنك موجود من أجله‪ ،‬تعتني به‪ ،‬بصحته‪،‬‬
‫بنظافته‪ ،‬وتجيبه عن كل تساؤالته‪ ،‬وتجاري أحيانا ً قصصه الخيالية كما كان يفعل‬
‫معك حين كنت صغيراً‪ ،‬لربما هذه المشاهد مؤلمة لبعض من يعيشها كل يوم‪ ،‬لكنها‬
‫سنة هللا في األرض‪ .‬وقد ذكرها في كتابه‪:‬‬
‫أرذَ ِل ْالعُ ُم ِر ِل َك ْي ال يَ ْعلَ َم بَ ْعدَ ِع ْل ٍم َ‬
‫شيْئا ً إِ هن‬ ‫َّللاُ َخلَقَ ُك ْم ث ُ هم يَت ََوفها ُك ْم َو ِم ْن ُك ْم َم ْن ي َُردُّ إِلَى ْ‬
‫"و ه‬ ‫َ‬
‫ع ِلي ٌم قَدِير‪".‬‬ ‫ه‬
‫َّللاَ َ‬
‫فبعد كل العلم ال تعلم شيئاً‪ ،‬وبعد كل الحضور الذهني ال تدرك شيئاً‪ ،‬وبعد كل‬
‫االلتفات من حولك ال أحد من حولك إال من رحم ربي‪ .‬تصبح طفالً ال حول له وال‬
‫قوة‪ ،‬فكيف بنا نغفل عن ذلك‪..‬؟‬
‫اليوم يتساءل الكثيرون وهم في صحتهم وشبابهم وإدراكهم لألمور‪ :‬هل سيكون‬
‫أبناؤنا بارين بنا؟ هل سيفعلون لنا ما نفعله آلبائنا؟ وهل سيدركون الكبد الذي عشناه‬
‫من أجلهم؟ تتكرر هذه األحاديث بشكل يومي‪ ،‬فقد أصبح المجتمع اليوم فيه من‬
‫العقوق والنكران ما يجعل المرء يتحسب آلخر عمره‪ ،‬ويعيش في خوف أنه في‬
‫يوم قد يموت وال يدري عنه أحد‪ ،‬أو يعيش حياة ذل ومهانة‪ ،‬وقد ينتهي به األمر‬
‫في دار المسنين‪ ،‬ومن ال يعي ما أقول هنا فليزر إحدى دور المسنين وليسمع‬
‫القصص لتبكي عينه ويدمى فؤاده‪ .‬ليست فقط قصصا ً ألناس فقراء ال مسكن لهم‬
‫وال مأوى‪ ،‬بل هناك من كان في يوم ذا صيت ومال وجاه‪ ،‬فابتلي بأبناء لم يصونوا‬
‫ما قام به من أجلهم‪ ،‬لندرك جميعا ً أن الجزاء من جنس العمل‪ ،‬وأن أعمالنا ستختم‬
‫نهايتنا وربما كنا بارين ونبتلى بعقوق‪ ،‬لنكون ممن أحبهم هللا فابتالهم!‬
‫االلهم أحسن خواتمنا‪ ،‬وارزقنا في أرذل العمر من يصون كرامتنا ويرحم ضعفنا ‪.‬‬
‫‪ .١١ ٢٠١٤-٥-١٨‬الظلم ُ‬
‫ظلمات‬

‫هناك مشاعر كثيرة تمر باإلنسان‪ ،‬تختلف بين الفرح والحزن‪ ،‬األلم والرضا‪،‬‬
‫وأصعب تلك المشاعر هي أن يحس المرء بالظلم وال يقدر أن يغير ظلما ً وقع عليه‪.‬‬
‫والغريب وما يجعل المرء يحار‪ :‬كيف يظلم أحدهم وينام مرتاحا ً ال يعير اهتماما ً‬
‫ألي شيء؟ الظلم ُ‬
‫ظلمات‪ ،‬وأن ينام أحدنا مظلوما ً خير له من أن يظلم أحدا ً فيقع في‬
‫دعوة لمظلوم ليس بينها وبين رب العالمين حجاب‪ ،‬عجبت لمن يعيش على أرض‬
‫تُزلزل في لحظات‪ ،‬أن يأمن غضب هللا وجبروته؟‬
‫أصحاب المناصب يعتقدون أحيانا ً أن الكراسي تعطيهم حقوقا ً على البشر‬
‫فيستعبدونهم‪ ،‬أو يعطونهم هذا الشعور بأنهم يملكون حياتهم وأوقاتهم‪ ،‬وفوق ذلك‬
‫يذلونهم بأن يجعلوهم يعيشون في و ْهم أنهم أصحاب القرار في حياتهم فينسون أن‬
‫الرازق هو هللا‪ ،‬وأن المانع هو هللا‪ ،‬وهم أسباب في دنيا زائلة ‪ .‬قد يرحل من يُظلم‬
‫ويتألم وال يلتفت من ظلمه له أو لما يشعر به‪ ،‬ولما قد يترتب عليه قرار ما في‬
‫حياته‪ ،‬لكن رب الخلق يسمع كل شكوى وينصف كل من يطرق بابه‪ ،‬فتمعن يا من‬
‫سب من رب العباد ‪.‬‬‫يظلم أنك ستحا َ‬
‫كيف ال يدرك المرء أن ال شيء يدوم‪ ،‬وأن ما جعل غيره يمر به سيمر هو به؟ قد‬
‫يكون بعد سنوات وقد يكون مؤجالً لآلخرة‪ ،‬فكيف يطيق المرء فكرة أنه من سيقتص‬
‫منه رب الخلق؟‬
‫في بيئة العمل وأينما يكن المرء يجب أن يحس باألمن واألمان‪ ،‬وبأنه يعطي وفي‬
‫الوقت نفسه هناك من ال يقدر أنه يملك قوته وقوت أبنائه‪ ،‬بأنه في مكان ال يملكه‬
‫بل هو من يملك فيه حريته ووقته وحياته‪ ،‬حينها فقط فيعطي بوالء حقيقي ألنه يحب‬
‫المكان ويحب من يعمل معهم‪ ،‬فيخلص وال يهمه أحيانا ً طول األوقات والمجهود‪،‬‬
‫هنا فقط تتحقق المفاهيم التي نسمع عنها‪ ،‬مفاهيم بيئة العمل النظيفة‪ ،‬مفاهيم الديمومة‬
‫واالستدامة التي هي من أهم عناصرها حقوق اإلنسان الموطف‪ ،‬وبيئة عمله‪ .‬هناك‬
‫من يدرك هذه المفاهيم فقط في الملفات وفي أخبار الجرائد وال يعي أن ما يكتب‬
‫سيحاسب عليه ‪ ،‬قد نمضي وقد نتغير وقد ندور في الكثير من األماكن‪ ،‬نعمل‪،‬‬
‫نتعرف إلى وجوه جديدة‪ ،‬إلى أناس جدد‪ ،‬وحين نرحل سيتذكروا أخالقنا وحسن‬
‫تعاملنا وعدلنا وتواضعنا وإحساسنا باآلخرين ‪.‬‬
‫من يرحلون عن العمل وقد ظلموا وتعالوا وأغلقوا األبواب وتمادوا‪ ،‬سينتهون‬
‫بسرعة‪ ،‬وستنتهي مناصبهم‪ ،‬وستُمحى سيرهم من الذاكرة‪ ،‬سيغدون أناسا ً عاديين‪،‬‬
‫بكراس ونسوا أن الحياة مشاعر وبشر‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫لن يعيرهم أحد اهتمامه ألنهم اقترنوا‬
‫أحاسيس وقيم‪ ،‬أخالقيات وترك أثر طيب في النفوس!‬
‫ي يدوم وال منصب يضمن‬ ‫ليحذر كل من يتمادى من يوم سيكون فيه نكرة‪ ،‬فال كرس ّ‬
‫مستقبالً‪ ،‬فكثيرون كانوا أسماء وظلوا فقط ألنهم في يوم كانوا أصحاب مناصب‪،‬‬
‫فعاشوا متواضعين بين البشر وتحاشوا ظلماً‪ ،‬وكانوا مساندين لمن يعمل معهم غير‬
‫متسلطين‪ ،‬وآخرون رحلوا وفي يوم لم يذكرهم أحد بظلمهم ‪ ..‬فاختر من تريد أن‬
‫تكون غدا ً حين ترحل ‪.‬‬
‫‪ .١٢ ٢٠١٤-٦-٨‬مشاعر‬

‫حين كنا أطفاالً كانت مشاعرنا بسيطة مرتبطة باألم واألب واألخوة واألخوات‪،‬‬
‫مشاعر طفولة بريئة ليس فيها من زحمة الحياة أي شيء‪ ،‬لم نكن ندرك ما تعنيه‬
‫كلمة مسؤوليات وال هموم أو مشاغل‪ ،‬فكلها كلمات تركناها بحكم عمرنا لألم‬
‫واألب‪ ،‬نحن فقط كنا نعيش فترة مشاغباتنا‪ ،‬تذمرنا من المدرسة‪ ،‬طلباتنا التي‬
‫تُستجاب أحيانا ً وأحيانا ً ال‪ ،‬رغباتنا في الذهاب للحديقة في اإلجازة‪ ،‬فرحتنا برمضان‬
‫والعيد والعيدية‪ ،‬تعلقنا بجدنا وجدتنا‪ ،‬وفرحتنا بكل صغير وجميل‪ ،‬لم تكن لدينا‬
‫أفكار عن ما يعنيه الغد حين نكبر‪ ،‬أو ما قد تكون عليه الحياة ‪.‬‬
‫كبرنا‪ ،‬تغيرت مشاعرنا‪ ،‬أصبحت ناضجة‪ ،‬تحاول أن تدرك ما هي الحياة‪ ،‬ما هي‬
‫المسؤوليات‪ ،‬وما هية كلمة "كبرنا"‪ ،‬وشاب الشعر وابيض ومضت تجاعيد الوجه‬
‫تداهمنا‪ ،‬وصار العمر يركض بنا‪ ،‬وصارت الطفولة ماضياً‪ ،‬وأصبح الشباب‬
‫يغادرنا بسرعة واأليام تفجعنا كل يوم برحيل أحد‪ ،‬وتفرحنا بوالدة أحد‪ ،‬تسارعت‬
‫مشاعرنا اليوم وأصبحت كثيرة‪ ،‬ال تدرك كيف أن العمر أخذ منا وممن ربانا‪ ،‬جعله‬
‫ضعيفا ً بعد أن كنا نتسابق معه فأصبح يمشي بخطوات بسيطة يسانده عكازه‪ ،‬وقد‬
‫ال يستطيع المشي فيجلس على كرسي ذي عجالت ‪.‬‬
‫من كبر‪ ،‬كان طفالً غدا شاباً‪ ،‬واليوم كهالً كبيرا ً يقاوم كل أنواع التعب‪ ،‬السهر‪،‬‬
‫األرق‪ ،‬والحزن على ما فات‪ .‬وقد يكون في جل فرحه‪ ،‬حوله أبناؤه كبروا ليكبر‬
‫معهم وليساندوه‪ ،‬وحوله أحفاده كبروا معه ليفرحوه ويصبحوا رجله ويده‪ ،‬فال يبالي‬
‫حينها فالحياة أعطته الجميل والخير الكثير‪ ،‬ويمضي في فرحه‪ ،‬في سعادته كل يوم‬
‫حتى يصبح يوما ً جليس الفراش‪ ،‬تعتريه الكهولة وتصاحبه الشيخوخة‪ ،‬وتصادقه‬
‫ذاكرة ضعيفة حتى يصبح خامالً فال يريد إال أن يعيش في تجربة الماضي‪ .‬تجلس‬
‫معه فيسمعك حديثا ً قديما ً وقصصا ً ألناس أغلبهم ما عادوا بيننا‪ ،‬ال يزال يحبهم‬
‫ويذكرهم ويذكر حياته معهم‪ ،‬يسمعك قصة التاريخ الماضي‪ ،‬البدايات الصعبة‪،‬‬
‫التجارب القاسية‪ ،‬ولقمة العيش البسيطة التي كانت تسعدهم‪ .‬قد نشاهده فنقول‪" :‬هللا‬
‫يرأف به ويرحمه" وال نريد أن نقول "اللهم أجرنا مما صار إليه"‪ ،‬ليست الحياة‬
‫في عمر من كبر سهلة فقد كان يوما ً هو من ينهى ويأمر ويذهب ويأتي‪ ،‬يعطي وال‬
‫يأخذ‪ ،‬يحمل وال يُحمل‪ ،‬واليوم في نظرته انكسار‪ ،‬ال يطيق أن يحمله أحد‪ ،‬أن‬
‫يطعمه أحد‪ .‬هذه سنة هللا في الحياة ‪ .‬ونحن نغفل ونجهل وكأننا سنظل صغارا ً أبدا‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫العمر جميل بكل مشاعره‪ ،‬بكل أعوامه‪ ،‬بكل ما فيه من قصص وتجارب‪ ،‬ولكن‬
‫القسوة حين نقسو نحن على من يكبر أمامنا‪ ،‬ونحاول أن نتجاهله وننساه في دوامة‬
‫الحياة‪ ،‬القسوة أن ننسى من سهر‪ ،‬من تعب‪ ،‬ومن رحمنا فال نرحمه‪ .‬لنرحمهم بأن‬
‫نكون معهم‪ ،‬لنرحمهم بكلماتنا‪ ،‬بتعاملنا معهم‪ ،‬برأفتنا بنظرتهم تلك التي تقول‬
‫"ارحموا ضعفي"‪ .‬فيا رب ارحمه كما رباني صغيراً‪.‬‬
‫‪ .١٣ ٢٠١٤-٨-٢٤‬الموهبة نعمة أم نقمة؟‬

‫الموهبة نعمة من هللا يهبها للكثيرين‪ ،‬ملكات يمتلكها الناس فيتميزون عن غيرهم‬
‫ويتألقون‪ .‬هي نعمة ألنها تعطي اإلنسان حياة أخرى وطبيعة أخرى‪ ،‬تخرجه من‬
‫حالة ألخرى‪ ،‬من وقت ألوقات جديدة‪ ،‬وتفرغ طاقة لربما كانت غير مرغوبة‬
‫لتمنحه إيجابية عالية وتركيزا ً مختلفاً‪ ،‬هي ملًكة خاصة تفرد بها شخصه عن‬
‫مجموعة من الناس يعيش في مجتمعهم‪ ،‬تميز عنهم وأبدع فأصبح متفردا وحالة‬
‫أحيانا ً غير مألوفة ‪.‬‬
‫الهواية ال تكون فقط نعمة أو ملكة نكتشفها في ذواتنا‪ ،‬بل هي قدرتنا على االستثمار‬
‫فيها بالتدريب والتعلم ومواصلة ممارستها بشكل دائم ومستمر ‪ .‬وقبل ذلك يقيننا‬
‫نواح عدة‪ ،‬فال يجب يوما ً أن يكون مصبنا فيها فقط‬ ‫ٍ‬ ‫بأنها نعمة تحقق لنا ذاتنا من‬
‫ترويجيا ً أو تجارياً‪ ،‬وال عيب في ذلك بمعايير وأسس ‪.‬‬
‫أطفالنا‪ ،‬كم نكتشف فيهم من مواهب وقدرات؟! وكم أصبح الوقت يخدمهم كثيراً؟!‬
‫وكم توفرت لديهم اإلمكانات التي كانت غائبة عنا في السابق؟! فتصب في تدريبهم‬
‫ومنحهم قدرات تكون لهم متنفسا ً في المستقبل‪ ،‬ولكن؛ مازالت الحالة االبداعية التي‬
‫نريدها مقيدة‪ ،‬مازالت األفكار تأخذ األهل يمينا ً وشماالً ‪.‬‬
‫كم من طفل ُولد في عائلة مثقفة‪ ،‬متعلمة‪ ،‬لكنها جهلت أنه بجانب الناحية األكاديمية‬
‫نواح أخرى يجب أن نعيرها اهتمامنا‪ ،‬فالطفل حين يرسم فهو حالة إبداعية‬ ‫ٍ‬ ‫هناك‬
‫مستقبلية‪ ،‬وحين يفكر في أي مهارة يدوية أو رياضة أو قراءات معينة فهذه عالمات‬
‫نبوغ في هذه المجاالت‪ ،‬لكن الكثير من األهل يعتقد لليوم بأن الـ "برستيج‬
‫االجتماعي" أهم ‪.‬كم من طفل لديه قدرات معينة‪ ،‬لكن ذويه نسوه ولم يعيروه‬
‫اهتماماً؛ ألنهم لم يملكوا الموهبة نفسها في طفولتهم فلم يتعبوا أنفسهم معه‪ ،‬ونسوا‬
‫بذلك أنهم ضيعوا فرصة لإلبداع‪ ،‬وأن أطفالهم ليسوا بالضرورة مثلهم ‪.‬‬
‫كم من طفل لديه موهبة ضاعت اليوم في توجهات األمهات التي ال تعرف سوى‬
‫الجوائز‪ ،‬فأرهق الطفل بكم من المشاركات غير المركزة التي ال تخدمه‪ ،‬فقط ليكون‬
‫رصيد الشهادات كبيرا ً ينافس فيه بملف يقدم لجائزة ويربح‪ ،‬وبعدها يهمل وتنسى‬
‫الحقيقة أنه مبدع صاحب موهبة أعدمت ‪.‬‬
‫هل نسعى لتحويل مواهب أطفالنا لتكون فقط شهادات على الجدران ليقال إن فالنا ً‬
‫ابنه متميز؟ أم أننا سنؤمن بها ونؤمن بأن أطفالنا منحهم هللا نعمة تفردوا بها؟‬
‫كم من طفل استُغلت موهبته من ذويه‪ ،‬ووئدت طفولته ليكون هو الدجاجة التي‬
‫تبيض ذهباً‪ ،‬واليوم كبر الطفل وقاضى والديه متناسيا ً أي جائزة أو أموال‪ ،‬فقط ألنه‬
‫تذكر أنه لم يكن يوما ً طفالً ‪.‬‬
‫ال نقول هنا بأن نهمل أبنائنا وأن ال نشجعهم على التميز‪ ،‬بل يجب أن تكون هناك‬
‫حالة وسطية‪ ،‬وتخطيط صحيح بعيدا ً عن ماذا أريد أنا ولماذا أريده‪ .‬ليكن الطفل هو‬
‫المحور األول كإنسان مبدع‪ ،‬ليكن الصورة التي نريدها‪ ،‬ولنكن نحن كذويه معه‬
‫فيما يريد فيغدو صورة جميلة يتذكرنا بها‪ ،‬ويقول عنا غدا‪ :‬لقد ربوا في موهبتي‬
‫واليوم لهم الفضل في حياتي‪ ،‬لتكن الموهبة نعمة ال نقمة ‪.‬‬
‫‪ .١٤ ٢٠١٤-٩-٧‬مجتمع األمهات‬

‫كنا فتيات صغيرات نحلم دائما ً ببيت الدمية (العروسة) وكيف نجهز مالبسها‪ ،‬كنا‬
‫نقف عند باب الخياط نتوسل إليه أن يعطينا بقايا قطع من مالبس انتهى منها‪ ،‬حتى‬
‫نقوم نحن بتفصيل مالبس الدمية الخاصة بنا‪ .‬صممنا خزانات من ال شيء‪ ،‬وأخدنا‬
‫زاوية خاصة بنا في البيت وأثثناها وجعلناها بيتنا الخاص نعيش فيه قصصنا‬
‫الخاصة‪ ،‬ال ندع ألحد الفرصة كي يتطفل على خصوصياتنا‪ .‬دخلنا المدرسة وتعلمنا‬
‫الكثير من فنون األسرة‪ ،‬الخياطة‪ ،‬الطبخ وبعض اإلتيكيت‪ ،‬أشياء ال تدرس اليوم‬
‫وال يشار إليها‪ ،‬اندمجنا في الحياة المدرسية‪ ،‬وبدأنا نكبر وال نشعر بأننا نكبر دخلنا‬
‫مراحل المراهقة وبدأت تغييرات كنا ننكرها في البداية حتى تعلمنا أنها طبيعية‪،‬‬
‫لربما مارسنا تصرفات أزعجت من حولنا‪ ،‬أهلنا‪ ،‬مدرسينا‪ ،‬جيراننا "راعي الدكان‬
‫والدوبي والخياط"‪ ،‬لكننا لم نالحظ أننا بين ليلة وضحاها لم نعد صغارا ً ‪.‬‬
‫مر في حياته من رفاق المدرسة‪ ،‬الجامعة‪ ،‬األنشطة‬ ‫حين يفكر كل منا بكل من ّ‬
‫المختلفة‪ ،‬يجد أنه عدد كبير من الوجوه‪ ،‬الشخصيات‪ ،‬النفسيات‪ ،‬التصرفات‪،‬‬
‫الميول‪ ،‬األخالق‪ ،‬الفكر والثقافة‪ ،‬لكنها اختلطت في فترة عمرية مع بعضها‪ ،‬ومن‬
‫ثم افترقت‪.‬‬
‫منذ أيام التقيت بمن درست معهم في الجامعة‪ ،‬لم أرهم منذ سنوات طوال‪ ،‬ومنذ‬
‫أول جملة وحوار أيقنت أنني اليوم ال أجتمع بطالبات الجامعة اللواتي كان همهن‬
‫ماذا يدرسن ومتى يتخرجن‪ ،‬ومتى يعملن!! التقيت بوجوه هي نفسها‪ ،‬لكن العنوان‬
‫تغير‪ ،‬أصبح المجتمع الذي ولجت إليه مجتمعا ً ينصب باهتمامه على منحنى جديد‬
‫من الحياة‪ .‬تغيرت الكثيرات‪ ،‬شكالً‪ ،‬فكراً‪ ،‬عمراً‪ ،‬وأنا في ذاكرتي ال تزال تلك‬
‫األيام بشقاوتها وعفويتها‪ .‬اليوم من كان في عمر الجامعة التي تجمد عندها فكري‪،‬‬
‫هو في مجتمع آخر كله مسؤوليات وتضحيات‪ ،‬قلق وخوف‪ ،‬ترقب وانتظار‪ ،‬قلة‬
‫نوم وتخطيط‪ ،‬مجتمع األمهات!‬
‫الحديث عن البيت واألبناء‪ ،‬كنت أستمع بدقة لكل ما يقال‪ ،‬لم أسمع أيا منهن تقول‬
‫"أنا" ‪ .‬تاهت رغباتهن في تلك الساعات‪ ،‬لم يكن يتذكرن أنفسهن فقد انصهرن من‬
‫أجل أبنائهن‪ ،‬قلقات من االنفتاح‪ ،‬من الرفقاء‪ ،‬من سرعة الزمن وتغيراته‪ ،‬من‬
‫وسائل التواصل االجتماعي ‪ .‬كلنا يحاول أن يحمي من حوله وننسى أننا بشر لنا‬
‫طاقة‪ .‬وأننا أرواح لنا رغبات‪.‬‬
‫تعجبني األم المثقفة‪ ،‬القارئة‪ ،‬الواعية‪ ،‬التي ال تهمل نفسها‪ ،‬والتي تمشي وإن كانت‬
‫ربة بيت مع متغيرات الوقت وتالزمها حتى ال تتوه في عالم أبنائها‪ .‬تعجبني األم‬
‫الحازمة المعتدلة‪ ،‬التي تعرف كيف تجذب المشاعر إليها في بيتها ‪ .‬تعجبني األم‬
‫المدركة أن لنفسها أيضا ً حقاً‪ ،‬وأنها تحتاج وقتا ً لها تسترد طاقتها ونفسيتها حتى‬
‫تستمر في العطاء ‪.‬‬
‫تعجبني األم المدركة أنه مهما وضعت سياجا ً وأغلقت األبواب فإنها لن تفلح‪ ،‬فتبدأ‬
‫هي من يوجه نحو األبواب الصحيحة والتوجهات المدركة لثقافات العصر‪.‬‬
‫تعجبني األم التي ال تزال تتواصل معنا وتحب لقاءنا‪ ،‬وتدرك أن الماضي جزء ال‬
‫بد أن يستمر في الحياة حتى ال تنقطع الهمة واإلرادة‪ ،‬ويعجبني مجتمع فيه أمهات‬
‫كن صديقات‪ ،‬ال تزال ضحكاتهن كما هي‪ ،‬وهن وإن تغيرن شكالً وحياة‪ ،‬ال يزلن‬
‫بالنسبة لي صديقات دراسة ‪.‬‬
‫‪ .١٥ ٢٠١٤-٩-١٤‬وطني نعمة‬

‫الوطن من المفاهيم الصعبة التي يمكن أن تكتبها وتحس أنك لم تف ِه حقه مهما عبرت‪،‬‬
‫مهما فكرت‪ ،‬ومهما أعطيت‪ ،‬فال تزال في داخلك الكثير من المشاعر التي ال تعتقد‬
‫في قرارة نفسك أنك أطلقتها وقلتها لآلخرين‪ ،‬فالوطن حبه يسكن الروح‪ ،‬وأن يكون‬
‫لك وطن تعيش فيه بأمان وحرية ويكفيك الحاجة‪ ،‬فهذه نعمة كبيرة ال يحس بها إال‬
‫من يرتحل ويشاهد قصص اآلخرين وحياتهم‪ .‬في الكثير من رحالتنا ومهماتنا‬
‫نختلط بثقافات جديدة وأناس جدد ‪.‬نشاهد حياتهم‪ ،‬نمشي في الشوارع فنعرف ما‬
‫يمرون به‪ ،‬وما يتكبدونه من مصائب ومشاكل‪ ،‬حتى يستطيعوا أن يؤمنوا قوت‬
‫يومهم‪ ،‬ويكفوا أنفسهم وأبناءهم‪ ،‬فما بالك بالتعليم وتأهيل جيل المستقبل‪ .‬تجد الكثير‬
‫من صغار السن والشباب انخرطوا في مهام صغيرة لخدمة السياح‪ ،‬الذين أتوا‬
‫لبالدهم لما فيها من طبيعة جميلة ورخص في األسعار‪ ،‬فيفرحون ويقضون أوقاتا ً‬
‫سعيدة‪ ،‬وهم يقومون بخدمتهم والحصول على المبالغ الصغيرة ليستطيعوا العيش ‪.‬‬
‫نحن في نعمة أن نستيقظ صباحا ً فنحصل على وجبة اإلفطار‪ ،‬وقد يعتقد البعض‬
‫أني أبالغ‪ ،‬لكنها عند المحرومين من األمور التي فيها رفاهية لهم‪ .‬نحن في نعمة أن‬
‫يكون لدينا مبلغ نشرب به قهوة الصباح أو الشاي‪ ،‬فثمنها عند أسرة في مكان ما‬
‫يكفيها ليوم ولربما أكثر‪ .‬ال نستعجب إن عرفنا أن هناك من يعيش بدوالر في الشهر‪،‬‬
‫وبعض أطفالنا تعدت مصاريفهم اليومية الـ ‪ ١٠‬دوالرات وال يعرفون كيف يقولون‬
‫الحمد هلل ‪ .‬نِعم هللا كثيرة‪ ،‬شوارعنا كبيرة وإن كان بها زحمة في أوقات معينة فهذه‬
‫قضية عالمية‪ .‬فكيف ببلد فيه ازدحام دون أن تكون هناك شوارع جديدة؟! كيف‬
‫تعتقد أن تكون الحياة في ازدحام مضاعف؟! نحن نأكل من مطاعم عالمية وعند‬
‫البعض هي موجودة فقط ليخدم فيها‪ ،‬ويذهب في آخر اليوم لمطعم آخر لفقره ليأكل‬
‫فيه ‪.‬‬
‫في وطننا الحياة جميلة‪ ،‬فالسعادة أن تكون في بيت يضم أهلك وأسرتك وغيرك‬
‫اغترب ليستطيع أن يعيش أهله في بيت هو ال يكون جزءا ً منه‪ ،‬وحين يعود يكون‬
‫قد خسر حياته وبقيت له أيام معدودات ‪ .‬في وطننا الكبير يُحترم وله مكانته ومن‬
‫يخدمه‪ ،‬وهناك من وصل إلى سن ال يزال يتعب فيها ويشقى؛ ألن أبناءه كبروا‬
‫ورحلوا ناسين من رباهم وتعب عليهم‪ ،‬معتقدين أن هذا كان واجبهم وليس له واجب‬
‫عليهم ‪ .‬في وطننا تحفظ كرامة المرأة وتعطى حقها في التعليم والعيش الكريم في‬
‫كنف أهلها‪ ،‬ومن بعد زوجها دون احتكار أو تسلط أو تملك غير مقبول ‪.‬وقبل مدة‬
‫كثرت الجمل الجميلة في اإلذاعة والتلفزيون؛ تحفز الطالب والشباب على أهمية‬
‫تبني مفهوم الخدمة الوطنية‪ ،‬وأن هذا الوطن يستحق منا الكثير لنعطيه‪ ،‬ونحن نقول‬
‫بأنه دون كلمات ودون أن تكون هناك برامج تحفيزية‪ .‬وطننا وطن أهدانا السعادة‪،‬‬
‫وأعطانا الرغبة في الحياة‪ ،‬وأن يستمر طموحنا وعطاؤنا دون أن ننسى أن الدرب‬
‫ال يزال طويالً ‪ .‬ولوطننا نقول‪ :‬الخدمة الوطنيه هي فقط صورة واحدة لرد الجميل‪،‬‬
‫ونحن مكلفون كل يوم بأن نؤدي الخدمة الوطنية في كل مكان ودور ‪ .‬فأنت وطن‬
‫ال نتنازل عنه ‪.‬‬
‫‪ .١٦ ٢٠١٤-٩-٢٨‬ال تحزن‬

‫كثيرا ً ما تمر على اإلنسان أوقات يشعر فيها بأنه في ضيق ومخنوق ‪ .‬كثيرا ً ما تمر‬
‫عليه أيام يشعر بأنه ال مزاج له لفعل شيء‪ ،‬أو طاقة له حتى لحديث ‪ .‬كثيرا ً ما تمر‬
‫على المرء أوقات يريد فيها أن ينعزل عن العالم ويبقى وحده ال يفعل شيئاً‪ .‬وكثيرا ً‬
‫ما نتمنى لو ننام أياما ً حتى ننسى ما نحن فيه‪ .‬هذه هي الحياة‪ ،‬وهذه هي الدنيا ُخلقنا‬
‫لنعيش في "كبد" ‪ .‬خلقنا لنعيش في "مشقة" مسهدين نتعب‪ ،‬مرهقين نسعى‪ ،‬لم‬
‫تُخلق الحياة لتكون سهلة ميسرة فحينها هل "يستوي الذين يعملون والذين ال‬
‫يعملون"‪.‬‬
‫لماذا نحزن؟ ونحن في كل خطواتنا مأجورون إن ربطنا النية باهلل؟ لماذا نحزن‬
‫حين تكتب لنا حسنة بكل خطوة هلل؟ وهذه ليست فقط في العبادات بل كل عمل نيته‬
‫رضا هللا؟‬
‫لماذا نحزن‪ ،‬ونحن نعيش بين أهلنا معافين نلقى قوت يومنا‪ ،‬سقفا ً يظلنا‪ ،‬أمنا ً يشملنا‬
‫ووطنا ً يضمنا؟ لماذا نحزن وفي قلوبنا تعيش األحالم‪ ،‬وينمو طموح كل يوم بأن‬
‫نكون األفضل‪ ،‬وأن نرقى وتكون أسرنا في خير ونعمة؟‬
‫لماذا نحزن ونحن نعيش على أرض حماها هللا من ويالت الحروب‪ ،‬من مأساة‬
‫الجوع والعطش‪ ،‬من الخوف والرهبة‪ ،‬من الفتن‪ ،‬وجعلها أرضا ً تحمي القريب‬
‫والبعيد؟‬
‫لماذا نحزن ولكبيرنا احترامه ومكانته‪ ،‬فهو مصان من قادته وشعبه وأسرته؟ لماذا‬
‫نحزن ونحن نتعلم بالمجان‪ ،‬ونُبتعث ألرقى الجامعات ونمنح الفرصة متى ما‬
‫أخلصنا بأن نعطي للوطن؟‬
‫لماذا نحزن ونحن في كل يوم نعيش يوما ً جديداً‪ ،‬وفي كل يوم تجارب في الحياة‬
‫تقربنا أكثر وأكثر للعالمية؟ لماذا نحزن ونحن ال نعيش فقرا ً مدقعا ً وال نتمنى شيئا ً‬
‫قد ال نناله؟‬
‫هل نحزن بسبب ظروف الحياة الشاقة‪ ،‬والضغوط اليومية؟ والظروف المادية التي‬
‫نجعل أنفسنا فيها؟ هل نحزن بسبب البطالة المؤقتة التي تزول سريعا ً ولو بعد‬
‫سنوات فهي أرزاق يقدرها الخالق؟ هل نحزن ألننا مرضى وفي كل دقيقة مرض‬
‫يكفر فيها عن ذنبنا؟ هل نحزن ألننا طالب علم وزادت علينا ضغوط الدراسة وهي‬
‫في سبيل هللا وغدا ً علم ينتفع به؟ هل نحزن ألننا موظفون ومرؤوسونا ال يفهموننا‬
‫أو يتسببون بضيق يصيبنا وهم بشر ولن يدوموا لألبد؟ هل نحزن ألننا نعيش أحيانا ً‬
‫في بيوت ضيقة وغدا ً تصبح لنا بيوت وقصور في الجنة؟ هل نحزن ألننا لم نصل‬
‫لمرحلة نقابل بها رئيسا ً أو شيخاً‪ ،‬وغدا ً نقابل ملك الملوك رب السماوات واألرض‬
‫من يعرف عنا كل صغيرة وكبيرة منذ ولدنا وحتى نلقاه؟ هل نحزن على بشر ونحن‬
‫على موعد مع لقاء أطهر البشر محمد صلى هللا عليه وسلم؟‬
‫ال تحزن‪ ،‬فرب العباد يصرف الحياة لخيرك‪ ،‬وكل مصيبة هي خير‪ ،‬وكل مشقة‬
‫هي ابتالء ممن يحبك ليجدك تصبر أم تقنط ‪ .‬ال تحزن فالحياة فيها الحلو والمر‪،‬‬
‫وأجمل ما فيها رب كريم رحيم يرحمنا متى ما آذانا البشر‪ .‬فابتسم وقل دائما ً غدا ً‬
‫أجمل ألن لي ربا ً هو ملك الملوك ‪.‬‬
‫‪ .١٧ ٢٠١٤-١٠-٢٦‬تطوع ‪ ..‬تعلم‬

‫كيف تعلمت؟ مجاناً‪ .‬كيف عولجت؟ مجاناً‪ .‬وكيف نمت؟ بأمان دون خوف‪ .‬هل‬
‫نمت جائعاً؟ هل استيقظت يوما ً وأنت قلق على من في بيتك؟ هل تعطلت في وسائل‬
‫المواصالت يوماً؟ هل تأخرت لك معاملة في دائرة حكومية؟ هل ترددت في‬
‫اإلفصاح عما تريد؟‬
‫لقد عشنا في وطن جميل أعطانا الكثير ولم يبخل يوما ً علينا بشيء‪ ،‬حتى غدونا‬
‫نحن ما نحن عليه‪ ،‬فكان له الحق بأن نقول‪ :‬لك حق العطاء ورد الجميل‪ .‬ومن أجمل‬
‫الجميل أن تعطي بال مقابل‪ ،‬بال تردد‪ ،‬وبال انتظار للثناء‪ ،‬بأن تكون جزءا ً من‬
‫منظومة وطن معطاء وأهل عطاء‪ ،‬بأن تعطي القليل من وقتك‪ ،‬من مالك‪ ،‬من‬
‫جهدك‪ ،‬وقبلها من قلبك‪ .‬وهل هنالك أجمل من أن نكون متطوعين لوطن جميل يقدر‬
‫حتى قيمة التطوع‪.‬‬
‫التطوع هو ذلك الغرس الذي نغرسه في نفوسنا بأن نكون مع مجتمع أكبر من دائرة‬
‫بيوتنا‪ .‬أن نكون نحن جزءا ً من اآلخرين‪ .‬أن نتواضع وأن نمأل قلوبنا رضا ً وحبا ً‬
‫بما لدينا‪ .‬أن نكون أصحاب ألوان جميلة مبتسمة‪ ،‬فيها الخير الكثير‪ ،‬فكم من متطوع‬
‫أصبح اليوم قائدا ً ذا منصب؟! لكنه اليزال يحفظ حق كل من لديه‪ ،‬فهو ذو مسؤولية‬
‫وقلب كبير!! وكم من متطوع تعلم الحياة من جديد في عمل قدمه للغير؟! وكم من‬
‫متطوع تغيرت حياته وأصبح يعيش السعادة التي كان يبحث عنها؛ ألنه أحب‬
‫اآلخرين وأهداهم السعادة والروح الجميلة؟! كم من أناس قابلت؟! وكم من أمور‬
‫تنازلت عنها؟! وكم من أمور اكتسبتها؟! أنت متطوع ألنك أحببت أن تكسب كل‬
‫السعادة بوجودك في جو من اإليجابية والخير العميق النابع من القلب‪ ،‬فكنت خير‬
‫سفير لخير وطن‪ .‬كنت الصورة التي تضئ مساحة من الفراغ ‪ .‬كنت روحا ً تبعث‬
‫الطمأنينة ألنك ملتزم‪ .‬كنت وجها ً جديدا ً البن البلد الذي يخدم في كل وقت وزاوية‪.‬‬
‫كنت صاحب يد بيضاء ال تغتر‪ .‬وكنت جزءا ً ممن غيّر نظرة الكثيرين أننا ال نعرف‬
‫كيف نعطي‪.‬‬
‫تعلمنا من التطوع كيف أن الحب يهدى لنا بكلمة "شكراً"‪ ،‬كيف أن السعادة تملؤنا‬
‫حين يقال لنا "جزاكم هللا خيرا ً ما قصرتوا"‪ ،‬كيف أن أمورا ً كثيرة في حياتنا تتيسر‬
‫حين نمنح اآلخرين بعضا ً مما يمكننا‪ .‬كيف أن راحة جميلة تأتينا حين نكون في‬
‫أوج التعب واإلرهاق‪ ،‬كيف أننا نبني عالقات جميلة مع أناس ذوي قلوب جميلة‬
‫دونما مصالح أو تعا ٍل‪ ،‬كيف أن الكل يصبح في وقت العمل إخوة‪ ،‬وكيف أن الحياة‬
‫ستعطي كالً منا دون انتقاص ‪.‬‬
‫تخرجك‬
‫التطوع مدرسة ليست صعبة الدخول أو معقدة اإلجراءات‪ ،‬بل هي من ّ‬
‫بامتياز وتستمر باستقبالك كل يوم بوجه مبتسم‪ ،‬وهي من يقول لك لم تخذلني يا من‬
‫ُولدت على هذه األرض‪ ،‬وطني يستحق‪.‬‬
‫‪ .١٨ ٢٠١٤-١٢-١٤‬فنجان قهوة‬

‫صباحا ً تشرق شمس جميلة تسلب اللب بخيوطها الذهبية‪ ،‬تأسر فؤاد من قلبه‬
‫بالمشاعر يعيش‪ ،‬وتحن على من أصبح يناجي ويتأمل في خشوع‪ .‬في الصباح‬
‫تجلس كل القلوب تناظر وجوها ً تحبها‪ ،‬تقرأ في صحيفة صباحية أخبار العالم التي‬
‫أرسلت من كل مكان وطبعت بحبر اليوم‪ ،‬لتكون مرساالً بين كل مكان ‪.‬‬
‫صباحا ً حين تسكب القهوة في فنجان ال يعرف في الحياة سوى يديك التي اعتاد‬
‫عليها كل يوم‪ ،‬تبدأ معه قصته وتسامره في صمت‪ ،‬فيعرف من كل رشفة كيف‬
‫أصبحت‪ ،‬ومن طعم السكر ومرارة البن ما بك ‪.‬‬
‫حين تلقى من تحب فتطلب فنجانا ً من القهوة تشربه بلطف وهدوء‪ ،‬ليطول الحديث‬
‫ويستمر حلوه‪ ،‬يعرف فنجانك أنك اآلن في حضرة الراحة وحضرة قلب يؤنسك‬
‫وتحبه‪ ،‬فيبتسم في لطف يسامرك‪ ،‬وينظر لتلك العيون التي تبرق في هدوء‪ ..‬ويقول‬
‫لك‪ :‬ها أنت بخير‪.‬‬
‫فنجان قهوة مسائية ‪ ..‬بينك وبين نفسك‪ ،‬وقد تكون نفسا ً أخرى تعشقها‪ .‬تحدثها في‬
‫حضرة القهوة وتقول لها كم اشتقت لها‪ ،‬وكم في الحياة نشتاق ألصحاب كانوا معنا‬
‫يتبادلون الحديث حول فنجان القهوة ‪.‬‬
‫الحياة جميلة بمرارتها‪ ،‬مشرقة اللون بزهو لون الليل الحالك‪.‬‬
‫القهوة حلوة بمرارتها‪ ،‬ولونها الداكن يدغدغ كل المشاعر‪ ..‬ال أدري من اخترعها‬
‫تفصيالً‪ ،‬لكني أعرف أن من يعشق القهوة قلبه جميل مرهف‪ ،‬يحب الحياة رغم‬
‫قسوتها أحياناً‪ ،‬يعشق األلوان رغم لون السواد أحياناً‪ ،‬ويهوى السهر الجميل في‬
‫سردت؟!‬ ‫حضن الليل وهدوئه‪ .‬في فنجان القهوة ال أدري كم من تفاصيل الحياة ُ‬
‫وعلى طاولة القهوة كم من األحباب التقوا وافترقوا؟! هناك بين كل رشفة وأخرى‬
‫ابتسامة وقد يكون ألما ً ‪ ..‬لكننا ال نزال نتشارك القهوة في كل وقت ومناسبة ‪ ..‬هي‬
‫الرفيقة التي ال تتغير عليك وال تغير صحبتها ألعوام ‪ ..‬رفيقة الشتاء وتشتاق لها‬
‫صيفا ً ‪.‬‬
‫حبيبة الفنانين ورفيقة العشاق والسهر‪ ،‬قصة المجانين في سرد حكايات السفر‬
‫ومغامرات الثلج البارد‪ ،‬هواية الصغار ليجربوا طعما ً للحياة يكتب في أجندة الكبار‬
‫وإدمانهم ‪ .‬هي طفلة مدللة بين يدي كاتب يعشق الحرف ليسهر الليل يكتب‪ ،‬هي‬
‫رفيقة الرسام يراقص ألوانه وهو ينتشي برائحتها الجميلة‪ ،‬هي تلك التي يقف‬
‫الكثيرون صباحا ً انتظارا ً لها ويهرعون مساء ليتسامروا بها‪ ،‬هي من لها قد تستعمر‬
‫لذواقها قصص في‬ ‫دول وتفتح أخرى‪ ،‬هي التي من أجلها اخترعت األسماء وكتب ّ‬
‫التاريخ مخلدة ‪ ..‬هي الحسن في كل األشكال‪ ،‬وقد جننت حين أتغزل بفنجان قهوة‪،‬‬
‫لكنه المشهد الكبير الذي يتكرر في كل مكان‪ ،‬وفي كل زاوية وحارة ‪.‬‬
‫هي رمز للحياة الجديدة وقد قالت لفنجان الشاي مراراً‪ :‬سترحل كثيراً‪ ،‬أصبتك‬
‫وأخذت بعضا ً من عشاقك ‪.‬هي أنت حين تعشق حياتك وتتملكها فتكون كل األشياء‬
‫فقط رفيقة وتكون هي الصديقة الودودة‪ ،‬وأنا في كل صباح سأكتب لها في صمت‬
‫"أريد فنجان القهوة‪.‬‬
‫‪ .١٩ ٢٠١٥-١-١٤‬ألقاب ‪!..‬‬

‫اليوم في مجتمعنا تعددت كل األشياء‪ ،‬األماكن‪ ،‬الوجوه‪ ،‬الحياة‪ ،‬الناس‪ ،‬الجنسيات‬


‫واأللقاب‪ .‬كل يسعى لكي يكون له لقب جميل وال نعيب ذلك‪ ،‬فمن تعب في دراسة‬
‫ما‪ ،‬يستحق أن يلقب بما سعى له‪ ،‬ولكن هل يكون هذا اللقب هو محور حياته؟ وقته‬
‫الحالي والماضي وغداً؟ هل هو الشخص الذي يعيش خلفه؟ هل هذا كل ما نعرفه‬
‫عنه؟ أين واقعه اليومي‪ ،‬تجاربه‪ ،‬هدؤوه وباقي حياته؟؟‬
‫جميل أن نعيش ببساطة وأن نكون نحن متجردين من كل شئ‪ ،‬فأحيانا الحياة التي‬
‫فيها تعقيدات ومسميات والكثير من الترتيبات ترهقنا‪ ،‬كما يرهقنا أن نجبر بأن ننادي‬
‫أحدهم بلقب ما أو يدير لنا ظهره وال يكلمنا؛ ظنا ً منه أنه تم انتقاص مقامه‪ ،‬وهذا‬
‫إنما نقص في عقله رغم ما نال في وقت زائل!‬
‫كلنا نعيش رحالت من اكتشاف الذات‪ ،‬معرفة حقيقة الحياة وكيف نعيشها‪ .‬كلنا‬
‫يتمنى أن ينعزل عن كل شيء في مكان ال يعرفه أحد‪ ،‬فيعيش الوقت فقط هو والماء‬
‫والهواء واألم األرض‪ .‬فترة هدوء من كل تعقيدات المعادالت والمسؤوليات‪ ،‬هذه‬
‫الفترة التي ينتظرها الكثيرون طوال السنة فيما يسمى اإلجازة فقط‪!..‬‬
‫هل نحتاج فقط شهرا ً من العام بأكمله؟ لماذا ال نعيش كل يوم بيومه؟ نحن أنفسنا‪،‬‬
‫تلك النفوس البسيطة العفوية المحبة الصادقة التي تتقبل الكل وتعيش من أجل الكل‪.‬‬
‫كيف هي اإلنسانية حين نحس بكل من حولنا ونكون معه؟ كيف هو اليوم بعد فترة‬
‫عمل مرهقة مع نفس هادئة متزنة متواضعة‪ ،‬تعيش ما تحب وتمارس ما تحب‪.‬‬
‫تفرغ كل شيء سلبي وتغلق أبواب القلق من كل شيء وتتكل على هللا في أمرها‪،‬‬
‫سرها وعلنها‪.‬‬
‫وكيف هي األوقات مع اآلخرين والكل فقط معك بذاته دون تكلف أو ألقاب‪ ،‬لنتنفس‬
‫بعمق ونتعمق في دواخلنا ونخرجها هي ال أشياء مؤقتة‪ .‬لنعشق التصالح مع كل‬
‫شيء‪ ،‬ولنحب كل شيء خلق بجمال أبدعه الخالق لنستمتع به‪ ،‬لنتقبل كل شيء‬
‫ونحمد هللا ولنقبل الكل ونتذكر الكل خلقه هللا‪ .‬لنتذكر كيف العالم في خارج محيطنا‬
‫يحتاج لإلنسانية أكثر‪!..‬‬
‫الحياة مرهقة فلنبسطها‪ ،‬متعبة فلنخففها‪ ،‬فيها الكثير من الضغوطات فال نحمل أنفسنا‬
‫ما ال طاقة لها به‪ .‬ولنعش كل يوم بأشياء جميلة تخبر الناس عنا؛ فنكتسب بداخلهم‬
‫الكثير من الحب واأللقاب الجميلة التي لن ينسونا بها ولنتذكر؛ تجربة الوقت تخبرنا‬
‫كل يوم بأننا لن نبقى ولن نخلد بل سنرحل وسنُذكر مهما عال منصبنا ولقبنا الدنيوي‬
‫فلن نحملهما معنا! سنغادر بهدوء وبصمت‪ ،‬وسنخلف وراءنا ذكريات مع الكثيرين‪،‬‬
‫سنكون بذاكرتهم قصصا ً وتجارب وحكاوي‪ ،‬لن يكون هناك وقت سوى لسرد ما‬
‫كان جميالً ومضى‪ ،‬حقيقة وبقيت‪ ،‬وقلباصافيا ً وخلد… فهل نبتعد كثيرا؟!‬
‫‪ .٢٠ ٢٠١٥-١-٣٠‬ماهو الحب ‪!..‬‬

‫الحب ال يقال كثيراً‪ ،‬مشاعر ال تقال‪ ،‬أحاسيس ال تقال‪ ،‬الحب يترجم في الكثير من‬
‫الوجوه والصور‪ ،‬الحب تلك القصة األزلية التي تعيشها أ ٌم عند ميالد طفل يتعلق‬
‫بها منذ أن ينفخ فيه روح في الظلمات ويبقى معها يكبر الحب ويصبح قصتهما‬
‫وعشقا ً ال يترجم في دواوين العشاق إال قليالً‪ .‬الحب ذلك الدفء الذي يعطيه أب‬
‫ألبنائه‪ ،‬في كل األوقات وفي كل الظروف‪ ،.‬قلب يحتوي الكل ويتعب من أجل الكل‪،‬‬
‫حب ال يعرف الحدود أو يعطي القليل‪ ،‬بل يتفانى وال يتذمر يوما ً أو يقول لماذا أو‬
‫كيف‪!..‬‬
‫الحب قصص جميلة كتبها ال ُكتاب ولحنها الملحنون في حب الوطن‪ ،‬وقصص‬
‫التضحيات التي ال تُقدر بثمن‪ .‬الحب هو حين يستشهد جندي في ساحة معركة مسلما ً‬
‫روحا ً حبا ً وطواعية ليفتدي أرضه وأهله‪ ،‬في ملحمة قصصية تتوارد فيها كل صور‬
‫الفداء والتحام الجسد بأرض هي كل ما يملكه المرء‪ ،‬قصة ال تعرف التردد أو‬
‫التخاذل‪ ،‬يندفع فيها محب الوطن مبتسما ً فإما نصر وإما شهادة‪ ،‬وفي الكل فرح‬
‫سعيد‪.‬‬
‫الحب هو ذاك القائد الذي تواضع ونزل ليكون بين شعبه‪ ،‬يسمع قصصهم ويعيش‬
‫يومهم‪ ،‬يشاركهم فرحهم ويؤازهم في حزنهم‪ ،‬ويكون سندا ً لكل من يحتاج‪.‬‬
‫حب غيّر الصور النمطية لرؤساء الدول‪ ،‬وأصبح حبا ً يفديه فيه كل من على أرض‬ ‫ٌ‬
‫الوطن‪ ،‬فصار يجول رواحا ً ومجيئا ً دونما خوف وفي حالة فردية دونما عسكر ألنه‬
‫ملك القلوب فأمن النفوس‪!.‬‬
‫طى حقوقه فيؤدي‬ ‫الحب هو حب الموظف لوظيفته وإحساسه بأنه إنسان مهم يع ً‬
‫فوق ماهو مطلوب منه حبا ً منه لمن أعطاه الكثير‪ ،‬لمن وهبه ـ بعد هللا ـ األمن‬
‫واألمان‪ ،‬وسيّر له ـ بعد هللا ـ رزقه وأمنه من الجوع والحاجة‪ ،‬فصار ال يتردد بأن‬
‫يعطي من وقته وجهده ويبتسم‪ ،‬بل يفرح بكل ساعة فيها كان أداء الواجب سبيالً‪!..‬‬
‫الحب هو حب الزوج لزوجته‪ ،‬ذلك الحب الذي يجعل كالً منهما يعرف اآلخر‬
‫ويتنازل من أجله ويبقى ألجله ويكمل الدرب معه‪ ،‬ال يكترث لكل االختالفات بل‬
‫يثمن كل التضحيات‪ ،‬ويسعد بكل األزمات التي فيها يقوى الود ويبقى أزلياً‪ ،‬حب‬
‫من أجله قامت األسر واستقر الوطن‪ ،‬وفرح القائد وعزز الشعب بأجيال يكونون‬
‫هم الرافد والسند‪ ،‬ومن يكمل مسيرة أمة لم تقم إال بشق األنفس والتعب!‬
‫الحب هو أنت حين تملك قلبا ً محباً‪ ،‬قلبك أوالً‪ ،‬ذلك القلب الذي يعرف كيف يحب‬
‫ذاته‪ ،‬يعطيها وال يبخسها حقاً‪ ،‬يعرف أن السعادة نبع من الداخل‪ ،‬وأن من ال يستحق‬
‫ليرحلوا سريعاً‪.‬‬
‫الحب هو أنت حين تمنحه لشخص آخر رغبةً فيه دونما قيد‪ ،‬بل باحترام كل الحدود‪،‬‬
‫الحب ذلك الذي من أجله تقام الصداقات الحقة‪ ،‬الصالت الحقة‪ ،‬وتتآلف النفوس في‬
‫صدق وحب! الحب أن يعشق يوما ً قلبك أحد فال يكتبه وال يترجمه بل يسرح به في‬
‫خيال الشعراء‪ ،‬ويمتلك كتب األدباء ويحفظ األبيات ويغني األغاني‪ ،‬فيبقى هذا الحب‬
‫قصة ال تترجم إال في وقت يشاؤه رب العباد!‬
‫‪ ١٠:٠٢ ٢٠١٥-٢-٦‬مساء ‪ .٢١‬نفوسنا ‪!..‬‬

‫نفوسنا‪ ،‬تلك التي تسكننا وتصادق أرواحنا في التقاء‪ ،‬هي من يعيشنا ويجعلنا نختلط‬
‫بالكثير من اآلخرين والفصول التي في نفوس المحيط‪ .‬هي تلك التي في فصل‬
‫الخريف يعتليها هدوء وسكون لترتقب تغير الحياة والعمر في اختالفات وتحوالت‪.‬‬
‫وفي الشتاء تحتاج حولها كل من تحب وتحتاج لتحس بدفء وأمان‪.‬‬
‫نفوسنا تلك التي تعشق كل جميل‪ ،‬من فن وأدب وقلم يكتب ليالً أو نهارا ً ما في‬
‫دواخلنا ويترجمها فكرا ً يقرأه الذين هم من حولنا‪ ،‬نفوسنا هي نحن في كل ما نعيش‬
‫ونختبر‪ ،‬وكل ما تعتريه ذواتنا من تغييرات وصعوبات‪ ،‬واألصعب حين نكون بين‬
‫الكثيرين ونحاول أن نتأقلم ونكون متوازنين‪ ،‬متعاطين لكل ما يقال ويسمع‪ ،‬لكل ما‬
‫يفرض علينا أحيانا ً من أحكام ولكل ما يفسر دونما عودة أو سماع…!‬
‫نفوسنا نحن كيفما نريدها أن تكون وأن تعيش في المجتمع‪ ،‬كيف نريدها أن تكابر‬
‫كل ما يمر بها من ظروف ومشاكل‪ ،‬كل تحديات الحياة لتصقلها وتقويها في عملية‬
‫تستمر متى ما في العمر بقية‪ .‬لسنا معصومين ولسنا سوى بشر تمر بنا الكثير من‬
‫المتغيرات‪ ،‬وتعصف بنا مواقف قد تغيرنا ألوقات‪ ،‬لكنها ال تغير من نحن ومن‬
‫نكون‪ ،‬واألصعب أن تمر بتلك العواصف وحولك من ال يعي من أنت فتتحول‬
‫العاصفة الهادئة إلى هوجاء‪ ،‬وطعم المرارة أكبر حين تعيشها مع من يعرفك‪،‬‬
‫فيعصف كل شيء جميل بك ويقتل فيك أحاسيس الهدوء واألطمئنان…!‬
‫نحن في هذه الحياة ال نعيش حياة مثالية ولسنا في كل أوقاتنا على خطوط مستقيمة‬
‫نمضي‪ .‬لسنا في كل حياتنا معوجين؛ هي المواقف وهي النفوس حولنا وهي حاالتنا‬
‫المتزنة والغير متزنة‪ ،‬نتعلم ونمرنها على أن تكون حية في كل أوقاتها وتتتحمل‬
‫كل ما يمر بها‪ ،‬تتعلم أن تعيش مع الكل‪ ،‬وأن تروض نفسها على كل حاالت األخرين‬
‫المتغيرة أيضاً‪.‬‬
‫نحن في هذه الحياة غرباء لسنا مخلدين وغدا ً نرحل‪ ،‬فكيف ستكون صورتنا وكيف‬
‫سيذكرنا أحدهم وقد كان معنا في حياته ال يتقبل منا‪ ،‬أو حين يتقبلنا يرفضنا بأقل‬
‫التقديرات والمواقف‪ ،‬هل تتحمل نفوسنا كل هذا وقد خلقها ربها دون أن يحملها ما‬
‫ال تطيق؟ لكننا نحن أنفسنا نحملها ماال تطيق!! نتمسك بمن يؤلمنا ألننا نحبه‪ ،‬نتعلق‬
‫بمن يسلبنا أحيانا ً راحة البال ألننا نحبه‪ ،‬نصر على من يسد أذنه عنا ألننا نحبه‪،‬‬
‫فكيف هي الحياة دونهم؟ وكيف هي نفوسنا بدونهم؟ هل يستحقون أن يبقوا لنا؟ وهل‬
‫تستحق حياتنا كل تلك التعقيدات‪ ،‬وتلك األوقات التي تضيع ونحن نفكر فيهم في‬
‫ساعات قد يكونوا فيها ال يتذكروننا حتى؟!‬
‫لنوازن أمورنا ونعرف من يبقى ومن يرحل‪ ،‬ونستمر‪ ،‬نختبر الكثرين ونعرف‬
‫الكثيرين‪ ،‬فيبقى فقط من هو ذو المعدن الجميل والخلق األصيل‪ ،‬والروح الراقية‬
‫التي تصافح السماء عطاء وسروراً‪.‬‬
‫‪ ٩:٥٤ ٢٠١٥-٣-٦‬مساء ‪ .٢٢‬الحياة دروس ‪!..‬‬

‫نتعلم كل يوم درسا ً جديداً‪ ،‬قد يكون بعضها صعبا ً وبعضها ال يطاق‪ ،‬لكننا نمر بها‬
‫ونختبرها ونتجاوزها وقد يقف بعضنا عندها وينهار‪ .‬هناك الكثير من التجارب‪،‬‬
‫وهناك الكثير من األناس نمر بهم‪ ،‬بعضهم يؤثر فينا ويترك بصمته‪ ،‬وبعضهم‬
‫يعطينا جرعة كبيرة من الصدمة فيما يقول وفيما يفعل! قد ال تكون فعالً بل كلمة‬
‫يتركها أو يقولها في موقف عابر تبقى في الذهن‪ ،‬فتبقى فينا ويبقى أثرها يحركنا‪.‬‬
‫في يوم قد نلتقي أناسا ً نعتقد في داخلنا أنهم قد ال يضيفون شيئا ً لنا‪ ،‬لكننا نتعلم منهم‬
‫الكثير وأن الحياة من خالل نظرتهم أيضا ً تعني مفهوما ً مختلفاً‪ .‬القيم من وجهة‬
‫نظرتهم تختلف لكنها تبقى قيماً‪ ،‬قد تغير فينا‪ ،‬وقد تجعلنا نتعلم دروسا ً في الحياة‬
‫جديدة‪.‬‬
‫الدروس ليست في جعبة المتعلمين فقط‪ ،‬المستشارين‪ ،‬أوالمتخصصين‪ ،‬بل قد تكون‬
‫في جلسة مع إنسان بسيط‪ ،‬مع رجل كبير في السن‪ ،‬مع سيدة عانت وتعبت لكي‬
‫تخرج أبناءها في أهم الجامعات والتخصصات‪ ،‬قد تكون في طفل يدور أمامك في‬
‫حركة تجعلك تتوقف وتفكر في ماذا يفكر هذا الطفل‪ ،‬فيمن يعاتبنا ويعلمنا حبا ً فينا ً‬
‫وخوفا ً علينا‪.‬‬
‫الدروس هي خالصة الحياة في تجارب الكثيرين ممن مروا بها‪ ،‬عرفوا كيف‬
‫يواجهون النفوس المختلفة‪ ،‬عرفوا الكل وصادقوا الندرة منهم والمتصلين‬
‫بأرواحهم‪ .‬هي فكر يتحول من شخص آلخر فيستفيد منها‪ ،‬وهي شخص يترجم‬
‫السعادة لآلخرين من خالل ما يوفره لهم حتى ال يعيشوا ما عاشه‪.‬‬
‫الدروس هي في امرأة قد تعيش التناقضات‪ ،‬وقد تمر بإحباطات كثيرة‪ ،‬وتقرر أن‬
‫ال تقف عندها وتعود أوالً من أجل نفسها ومن حولها‪ ،‬في رجل يكافح من أجل‬
‫أسرته‪ ،‬ومن أجل أن يكونوا بخير وإن كان هو يعاني وال يدرك أحد غيره سلسلة‬
‫مشاقه‪.‬‬
‫الدروس في وقت نقضيه مع أنفسنا‪ ،‬نتجرد من كل شيء ونعيش إنسانيتنا الحقيقية‪،‬‬
‫نعيش مع اآلخرين دون تكلف أو تصنع‪ .‬نعيش يومنا نقدم للغير كما قدم غيرهم لنا‪،‬‬
‫هناك الكثير ممن يعاني وال نعرف عنه وال ندرك حاجاته ألننا نعيش في راحة‪،‬‬
‫هناك قصص من التحدي واإلرادة تستحق أن تُكتب وتكون هي في الذاكرة ال‬
‫أصحاب المناصب فقط‪.‬‬
‫الدروس أوقات يعيشها الفرد في خصوصيته مع نفسه‪ ،‬يحاورها ويكتبها ويترجمها‬
‫لنفسه‪ ،‬يكتشف ذاته‪ ،‬ليكون هو قبل أن يجعله اآلخرون في زاوية أو إطار خاص‪.‬‬
‫الدروس هي ما يقال عنا ونتقبله حتى نتعلم مما يقال‪ ،‬قد يكون مرهقا ً ومتعبا ً وقد‬
‫يستنزف منا الكثير‪ ،‬لكنه يبقى درسا ً نتجاوزه ونتذكره في ذاكرة الوقت والزمن‪،‬‬
‫مر بنا وكان‪ ..‬وتبقى دروساً‪!..‬‬
‫دفتر التاريخ‪ّ ،‬‬
‫‪ ٩:٥٤ ٢٠١٥-٣-٦‬مساء ‪ .٢٣‬ميتسوبيشي…!‬

‫كلنا يعرف تماما ً ما هي عالمة "الميتسوبيشي"‪ ،‬نراها يوميا ً في الشوارع‪ ،‬تلك‬


‫السيارة ذات العالمة الحمراء‪ ،‬والتي تأتي على شكل مثلث من ثالثة مربعات‪ ،‬يقلل‬
‫بعضنا من شأنها وأحيانا ً شأن من يركبها‪ ،‬ونعتبرها من أقل السيارات جودة ورواجا ً‬
‫رغم أنها إحدى عالمات سيارات اليابان! واليابان ال تصنع األشياء العادية أو‬
‫البسيطة‪ ،‬هي بلد بعض المعجزات‪ ،‬وبلد فيها قصص توقفك متأمالً متسائالً ما سبب‬
‫تميزهم وإبداعهم…؟!‬
‫في رحلة عمل قيل لنا أننا سنزور مصنع تجميع الميتسوبيشي‪ ،‬فكان األمر غريباً!‬
‫فلم نعتد يوما ً أن نعير هذه العالمة أهمية‪ ،‬واليوم نحن نعقد اجتماعنا في مدينة ناغويا‬
‫وليس طوكيو‪ ،‬وهي المدينة الصناعية التي تنتج أعدادا ً مهولة من السيارات‪ ،‬والمار‬
‫على مينائها الصناعي سيذهل؛ فأعداد السيارات التي تقف تنتظر عملية الشحن‬
‫مخيف‪ ،‬وبواخر الشحن بأحجام غير اعتيادي‪ ،‬هي تصدر للعالم والعالم اليوم ينظر‬
‫ويشاهد عبقرية هذا الشعب! وكل هذا تحس به يحصل بهدووووووء…‪!.‬‬
‫كان الوفد ينتظر في غرفة االجتماعات وكان العدد فوق الـ ‪ ٦٠‬من مختلف قطاعات‬
‫الطيران في العالم… تحدث أحدهم من فريق ميتسوبيشي الياباني بلهجة إنجليزية‬
‫ضعيفة‪ ،‬ولم يخجل وهو أحد المدراء في هذا المصنع أبد‪ ،‬كان يتحدث بثقة ويضحك‬
‫أيضا ً ولم يعر لضعف انجليزيته أهمية‪ ،‬بل تكلم بثقة وكان يسأل عن ترجمة بعض‬
‫الكلمات وإن كانت القواعد مختلة! ال يهم ألنها ليست لغته األم ونحن يجب أن نتعلم‬
‫أن ال نخجل من بعض األخطاء حين نتكلم‪ ،‬فهي لغة ثانية وليست هويتنا التي يحاول‬
‫الكثيرون اليوم العيش فيها وترديدها‪ ،‬واعتبار ذلك جهالً للتطور والتقدم…!‬
‫عرض فلم قصير عن هذه الشركة الكبيرة في‬ ‫في قاعة االجتماعات أيضا ً ذهلنا؛ ُ‬
‫العمر والفعل‪ ،‬وأيضا ً االبتكار؛ فميتسوبيشي تصنع هياكل الطائرات في أربع‬
‫محطات في اليابان‪ ،‬وتقوم بتجميعها وتصديرها للشركات الكبرى كبوينع‬
‫وإيرباص! وممثلو هذه الشركات في القاعة‪.‬‬
‫يعمل لديهم أكثر من ‪ ٣٠‬ألف موظف‪ ،‬وحين دخلنا هدوء تام وكأن المكان ال أحد‬
‫فيه‪ .‬هذه عالمة تجارية مهمة في عالم الطيران‪ ،‬تصنع جزءا ً مهما ً في الطائرة وهو‬
‫هيكلها‪ ،‬فكيف بسيارة؟! لم يكن هذا فقط‪ ..‬ستطلق طائرتها الخاصة الجديدة في‬
‫‪ .٢٠١٧‬وتصنع حاليا ً طائرات حربية للحكومة وإضافة لذلك هي من يصنع األقمار‬
‫الصناعية أيضاً‪ .‬كبير المهندسين ال يتحدث اإلنجليزية بطالقة‪ ،‬نائب مدير المصنع‬
‫ال يكمل جملة دون كلمات يابانيةوها هم على قائمة أهم المصنعين في العالم ونحن‬
‫ال نفهم أحيانا ً ما خلف بعض العالمات التجارية‪!..‬‬
‫كم هي نظرتنا في بعض األمور محدودة!! وكم نهول من بعض األمور ونعطيها‬
‫أكبر من حجمها!! وال نعير اهتماما ً ألن نتعلم كيف بُنيت أمم وحضارات!! وما هي‬
‫القصص وراء بعض األسماء والعالمات؟! وننبهر ببعض األمور السطحية‪،‬‬
‫ونعيش أنفسنا بسطحية ونتعالى أحياناً‪!..‬‬
‫بالنسبة لعدد كبير خرجوا من ذلك المكان وفي داخلهم احترام كبير لهم وتقدير‬
‫سيعيش زمناً‪ ،‬كتلك الطائرة القديمة التي تقف أمام مدخلهم معتدة بتاريخهم‪ ،‬وتشهد‬
‫على تقدمهم وإنجازاتهم…!‬
‫‪ ٦:٢٦ ٢٠١٥-٣-٢٨‬مساء بتوقيت اليابان‪ .٢٤ ..‬ترجمات ‪!..‬‬

‫ال أقول إني في عصر التغييرات وإن القبول هو سمة العالميات‪ ،.‬لست في اتفاق‬
‫مع من يدّعي أن الحياة صارت تسهيالت‪ ،‬هي ترجمات نصبح عليها وعليها تقوم‬
‫المساءات‪ ،‬في كل الحارات وبين الممرات في الشوارع والمحالت‪ ،‬أسماء‬
‫وسلوكيات‪ ،‬قصص وعربديات‪ ،‬الحت لك في سماء األحالم يوما ً واليوم في‬
‫ترجمات‪ ،‬تحكي واقعي وأنت تقول ال منغصات!‬
‫قصص الفتيات وحكايا الصبية في كل مكان‪ .‬ال تغييرات بل عقول في سبات‬
‫ومغيبات‪ .‬هي ترجمات لسلطة الغربيات واحتالل ثقافات من فضائيات‪ ،‬ال فكر‬
‫يتحدث وال قنوات‪ ،‬أصبحنا في وقت السهرات والنجوميات! هذا يرقص وتلك ال‬
‫تستحي تقلد وفي بث حي تقول أنا قدوتكن يا بنيات! وفي عالميتها من يدعي‬
‫الوطنية‪ ،‬يصفق ويقول‪ :‬قمة أخالقيات وعليها تبكي كل المروءات…!‬
‫هي ترجمات… لزمن ال أعرف كيف في كتب الروايات سيكتب‪ ،‬بتفاهات أم‬
‫باستخفافات؟ ال فكر وال معرفيات‪ .‬وحدها مغنية تعرف كيف تقول وتقف في كل‬
‫مسرح تكريم وتصفيق‪ .‬هي قدوات بل أصحاب الدار وحر القلم في غيبيات‪ .‬ال‬
‫تتباهَ‪ ،‬وال يثقلك قلمي فهي ترجماتلحكواتي ضيّع وقته في قصص ألف ليلة وليلة‬
‫وشموخ الزمن الماض‪ ،‬يبكى عليه ال جمهور وال مصفق…!‬
‫هي ترجمات‪ ،‬ليوميات ال تعرف سوى تكرار الفعاليات‪ ،‬سطحيات وبهرجة وال‬
‫ندري كيف ندرس المسرحيات! ليست وطنية أو قومية‪ ،‬هي مهزلة هزلية تضحكك‬
‫وفي وقت الليل تبكيك على الحيوات؛ كيف صارت بال مسميات وال مترجمات‪ .‬هي‬
‫ترجمات تقول للحاضر مهالً لست تغدو في توهجات‪ ،‬بل نزوح وغروب في كل‬
‫السماوات‪ .‬ال تقلق‪ ..‬هي ترجمات‪!..‬‬
‫ال ندعي الكماليات فكلنا بينه وبين نفسه صراعات وأبجديات‪ ،‬يهمس فيها في ظلمات‬
‫وفي الليل وحيدا ً يبكي الحسرات ويقول‪ :‬كيف لي من سبيل في وقت الصعوبات؟‬
‫هي ترجمات لزمن ال يعرف ورقا ً وفي الرفوف صارت مجلدات تصارع الوقت‬
‫وتقول لزمن الهدوء متى تعتقين الكلمات‪ !.‬هي ترجمات لزمن إلكترونيات صار‬
‫في مجلس األمهات رفيقاً‪ ،‬وفي حضور الصديق ونيساً‪ ،‬وعند غياب الحب أنيساً‪،‬‬
‫وفي وقت الموت جليساً‪ .‬هي تأوهات لترجمات…!‬
‫وحدها قلوب عذراء تنشد وعن فارس األحالم تتكلم‪ ،‬عن رجل بات في وقته يفرح‬
‫بالمغريات ويحتضن العربدات‪ ،‬ال يتحدث بل في معمات الرفقة يهلوس وفي سلوك‬
‫الضياع بات يطبل‪ .‬هو في كل خواء مجالس ولكل ذو نطيحة محاكي‪ ،‬ال أحاديث‪،‬‬
‫ال هوايات‪ ،‬بل قلب بات يصبح ويمسي ال يدرك سوى الخبيثات‪ .‬هي ترجمات لزمن‬
‫بات يسهل كل درب فيه ضياع وفي األخبار يعلن هذا مهلك‪ .‬وفي نشرة الصحة‬
‫تحذيرات وال قرارات سوى تنويهات‪.‬‬
‫ال تجزع هي ترجمات‪ ،‬واقعيات وكلنا سنبقى نشاهد ال نعلن سوى أننا مثقفون من‬
‫زمن ماض يكتب‪ ،‬يحرر ألمه في شخبطات أسطر وفي ضغطت زر يرسل‪.‬‬
‫هي ترجمات… ال تقلق‪!..‬‬
‫‪ ١١:٢٥ ٢٠١٥-٤-١٠‬مساء ‪ .٢٥‬التقاء الذاكرة ‪!..‬‬

‫كم تفرح قلوبنا الصغيرة حين تفكر بمن شاركها الكثير من حياتها وتجارب العمر‬
‫كله!! كم تتغير نفوسنا حين نلتقي صدفة بأحدهم في مكان ما‪ ،‬وتبدأ رحلة الذاكرة‬
‫وانتعاش النفس بأجمل األوقات‪ .‬نتذكر أوقاتا ً ال تغيب لكنها تعود بلقاء عابر‪ .‬أرواحنا‬
‫ُخلقت ألن تكون بين الناس‪ ،‬تتآلف بينهم وتعيش معهم وبينهم‪ .‬اليوم نحن نفتقد لربما‬
‫الكثيرين ممن كانوا معنا على مقاعد الدراسة‪ ،‬ونتمنى لو نعرف بعض التفاصيل‬
‫عنهم‪ ،‬أو كيف صارت حياتهم وماذا يفعلون‪ .‬كم نتذكر في جلسة اختالء اشخاصا ً‬
‫كانت أحالمهم كبيرة فنقول‪ :‬هل حقق فالن حلمه وكيف صار شكله اليوم؟ نتذكر‬
‫صفوف المدرسة وطابور الصباح الذي يعج بالمئات وبينهم البعض القريب!!‬
‫وكيف قاسمنا الكثير حتى "فسحة المدرسة" ومشاغبات الفصل في حصص‬
‫االحتياط… نتذكر اليوم رفقاء الجامعة ومشوار التغيير األول في حياتنا‪ ،‬حين‬
‫أصبحنا ألول مرة لربما مسؤولين عن الكثير‪ .‬وعن حياتنا الجديدة‪!..‬‬
‫في كل منا ذاكرة كبيرة من الصور واأللبومات‪ ،‬مجلدات من القصص والحكايا‪،‬‬
‫تلتقي بها أرواحنا وتحاكيها‪ ،‬ولربما نضحك في بعض األوقات‪ ،‬وتقول كيف كنا‬
‫هكذا؟ هي أجمل مراحل العمر ومهما عشنا فإنها من أجمل لقاءات الذاكرة؛ كانت‬
‫البراءة كثيرة في حياتنا‪ ،‬وكانت جميلة حتى خالفاتنا‪ ،‬ألنها بسيطة كبساطة تلك‬
‫المواقف التي مرت بنا‪ ،‬وكانت مسؤولياتنا وهمومنا ال تقارن باليوم أو حتى تأتي‬
‫قريبا ً منها!‬
‫اليوم الشيء الجميل في عالم التكنولوجيا والتواصل االجتماعي أنه جعلنا نقترب‬
‫أيضا ً من هؤالء الذين كانوا في الذاكرة‪ ،‬واستطعنا التجمع بعد فراق سنوات كثيرة‪،‬‬
‫لكن المحزن أن تبقى الذاكرة الحقيقية مجمدة عند تلك الفترة العمرية التي ال نمل‬
‫نعيدها ونعيدها‪ ،‬ونضحك كثيرا ً في ساعات نرفه فيها عن أنفسنا حين نلتقي‪ ،‬لتبقى‬
‫ذاكرة صافية…!‬
‫اليوم أصبحت عالقاتنا عبر الوسائل االجتماعية أغلب الوقت‪ ،‬فذاكرتنا الجديدة‬
‫محفورة هناك في أجهزتنا اإللكترونية وصورنا الكثيرة‪ ،‬التي تعكس ما نمر به أو‬
‫ماذا نفعل أو حتى كيف نفكر‪ .‬أصبحت أحيانا ً عالقات وهمية وأحيانا ً ال أساس لها‬
‫ألن الروح ال تلتقي‪ ،‬القلوب ال تعرف بعضها‪ ،‬واألرواح ال تتقارب حتى أو تعرف‬
‫إن كانت متجانسة أم ال‪ .‬أصبحت ذاكرة مجمدة من المشاعر الحقيقية‪ ،‬واألحاسيس‬
‫التي نحتاج أن نتذكرها على كبر‪ .‬قد يبادر البعض ويتعرف على بعض‬
‫الشخصيات‪ ،‬لكنها قليلة جدا ً وال تعرف االستمرارية‪ ،‬ألن الحياة أصبحت مجرد‬
‫كلمات مقتضبة‪ ،‬ورسائل سريعة حتى في تعامالتنا األخرى‪.‬‬
‫تأن فيها أو أخذ وعطاء‪ ،‬أصبحنا مع التقاء الذاكرة القديمة أيضا ً‬
‫وسائل سريعة ال ٍ‬
‫نتحدث برسائل مع تلك الشخصيات التي استطعنا أن نجمعها في "قروب" واحد‪،‬‬
‫وأصبحت القصص تتوالى وصور الضحكات‪ ،‬لكنها أوقات خالية من الحقيقة التي‬
‫نفتدقها‪.‬‬
‫ال تزال الذاكرة تحتاج للكثير من التواصل االجتماعي‪ ،‬التواصل الحقيقي‪ ،‬والعيش‬
‫مع الكل‪ ،‬مع قصصهم ويومياتهم حين تلتقي األرواح فتلتقي الذاكرة غدا ً بعد مرور‬
‫سنوات طويلة…!‬
‫‪ ١١:٢٥ ٢٠١٤-٤-١٠‬مساء ‪ .٢٦‬عشق ‪!..‬‬

‫هل تفتقد أحدهم يوما ً وال تعرف كيف تتواصل معه أو أن تواصلك قد يزعجه؟ هل‬
‫تشتاق ألوقات ال يمكن أن تكون إال في سلسة ذكريات تعيشها وحدك؟ هل تتوق‬
‫ألن تكون أيضا ً وحدك في سالم مع نفسك بعيدا ً عن جميع األشياء المحزنة وتعيش‬
‫الفرح وتعتنقه؟ في داخلنا تلك الذاكرة تعيش‪ ،‬وتبقى دائماً‪ .‬ذاكرة الفرح والسعادة‪.‬‬
‫فقط نحتاج أن نستفزها ونخرجها لنتعايش معها…!‬
‫يقال عنا نحن ال ُكتاب أننا نعيش في عالم وردي خيالي‪ ،‬نعتنق الكلمات ونروضها‬
‫لتكون لنا عالمنا الخاص‪ ،‬وروحانية تجعلنا نبتعد عن بعض الواقع ونكون في ما‬
‫نرسمه ألنفسنا بجرة قلم! نعم ال ننكر ذلك وال نقول لسنا كذلك‪ ،‬نحن فينا أيضا ً‬
‫ذاكرة كبيرة تزعجنا كثيرا ً أحياناً‪ ،‬وأحيانا ً تفرحنا حين نعيشها مع أنفسنا ونجبرها‬
‫أن تخلق لنا أجوا ًء خاصة من الحب والفرح وربما الهيام أحياناً‪ .‬لسنا بخياليين أو‬
‫غير واقعيين‪ ،‬بل نحن نحاول أن نتعايش مع األشياء بما تريده أحاسيسنا‪ ،‬نعيش مع‬
‫الشارع الخارجي‪ ،‬مع الواقع كثيراً‪ ،‬ومع بعض ما نتمناه ونجربه‪.‬‬
‫في رحلتي األخيرة لمصر كنت هناك في زاوية ما في خان الخليلي‪ ،‬في المقهى‬
‫الذي اعتاد األديب الكبير نجيب محفوظ أن يعيش فيه ويترجم حياة البسطاء من‬
‫خالل ذلك التعايش‪ ،‬فأخرج لنا روائع في األدب‪ ،‬هل كان خياليا ً فيما يكتب؟ ال بل‬
‫متعايش بصدق‪ ،‬وإن كان بعض الصدق مؤلما ً أحيانا ً ألنه يجرد الحقيقة ويجعلها‬
‫أمامك لتُصدم بها‪ ،‬فتحاول تغييرها أو أن تتعايش معها وتمضي دونما سؤال فقط‬
‫في الذاكرة تبقى…!‬
‫نحن الكتاب عشاق‪ ،‬نعشق الدراما ونعشق الحب‪ ،‬لسنا مأساويين أو في حزن‪ ،‬بل‬
‫نتغنى كثيرا ً بالحب ويشدو معنا القلم ويغرد‪ ،‬لسنا سوى بشر نقرأ اآلخرين وفي‬
‫بعض األحايين نعيشهم‪ .‬قد تكون ردودنا في بعض المشكالت خيالية‪ ،‬وقد تكون‬
‫ردود فعلنا عاطفية‪ ،‬لكننا لسنا مجانين بالبشر‪ ،‬بل مجانين قلم يأسرنا وال يترك لنا‬
‫سوى أن نكون في الغرام أكبر محبيه‪.‬‬
‫نحن ال ُكتاب في داخلنا تبقى كل الحوارات وبعضها يخرج لآلخرين‪ ،‬ابتلينا بحمى‬
‫الكلمات وما أجملها من حمى!! ال نريد أن نُشفى منها؛ مساء تسهرنا وصبحا ً نشتاق‬
‫لها في كل أوقاتنا ونرغب في العودة لها‪ ،‬وأن تكون لنا معها غرف خاصة وأماكن‬
‫ال يعرفها سوى حبنا اليتيم‪.‬‬
‫نحن الكتاب لسنا منزهين‪ ،‬نخطئ وفي أحالمنا قد نبالغ! نتخيل الواقع ونكتبه وقد‬
‫نصور األشياء جميلة وهي قبيحة‪ ،‬وقد تكون أبشع األشياء في سطورنا جميلة‪.‬‬
‫نحاور مجتمعات بكل ما نريد‪ ،‬قساة أحيانا ً وأحيانا ً نقول الحقيقة المتعبة المؤلمة في‬
‫غالف الحب والخوف‪ .‬فينا مشاعر كثيرة ال تخرج بسهولة ومهما كتبتا فلن تنتهي‪.‬‬
‫نحن عشاق لمعشوقة فكر وكلمات تتعبنا أحيانا ً وال نريد أن نُشفى منها‪ ،‬وال نبحث‬
‫لها عن طبيب‪ ،‬بل داء نتمنى أن نموت معه‪ ،‬فهنيئا ً لكل صاحب قلم‪ ،‬عشق لن‬
‫يتنازل عنه…!‬
‫‪ ١١:١٤ ٢٠١٤-٤-٢٥‬صباحا ‪ .٢٧‬المبدعون… مرهقون ‪!..‬‬

‫نتشوق دائما ً ألن نقرأ بين طيات الكتب سير الكثير من العظماء‪ ،‬المشاهير‬
‫والمبدعين‪ ،‬ونبحثهم في دور السينما وال نتردد بأن نكون في الصفوف األولى‪ .‬هي‬
‫عوالم حقيقية نشاهدها ونقرأها وننصت بعين وأذن واعية وقلوب قارئة لكل سطر‬
‫وحديث‪ ،‬ندقق في التفاصيل ونبحث عن التواريخ‪ ،‬وفي كل فصل ومشهد أين صار‬
‫المسكن بتفاصيله‪ ،‬فقره وغناه‪ ،‬فرحه وحزنه؟ نتابع السنوات تباعا ً وال نمل وفي‬
‫داخلنا نتمنى أن ال ينتهي ذلك‪ .‬نتألم في قصصهم وننبهر بنهاياتهم‪ ،‬وتأسرنا تفاصيل‬
‫سد لنا ألن نعرف‪ :‬لم يكن سهالً‪!..‬‬ ‫لم نعرفها‪ ،‬هي واقع يج ه‬
‫مهما اختلفت هذه الشخصيات ومهما تنوعت قصصها‪ ،‬فإنها تشترك في شيء مهم‬
‫وحقيقة هناك تاريخ‪ ،‬هناك أحداث‪ ،‬فشل ثم فشل ونجاح‪ .‬هناك من القصص ما‬
‫يخبرك كيف أنه شرد أحياناً‪ ،‬مات فقيراً‪ ،‬لم يعرفه أحد في حياته‪ ،‬خذله الكثيرون‪،‬‬
‫وضحك عليه آخرون‪ .‬لم يعيشوا بسهولة حتى يرحلوا شامخين‪ ،‬كانت لهم سلسلة‬
‫زمنية تشهد لهم بتركيزهم‪ ،‬تميزهم‪ ،‬إبداعهم‪ ،‬ليس هناك أحد منهم ُولد وهو يملك‬
‫كل شيء أو يعرف كل شيء‪ .‬بل هي قصص عن عمر من البحث والبحث والبحث‪.‬‬
‫عمر من تعليم النفس والتدريب واالستمرار وعدم التخاذل‪ .‬عمر من السماع لكل‬
‫كلمات اإلحباط وسد األذن عنها‪ ،‬حتى تربعوا على عرش عدم النسيان‪ ،‬وقلوب كل‬
‫األصناف…!‬
‫لو نقرأهم كل يوم ال نمل‪ ،‬لو نشاهد قصصهم كل يوم ال نمل‪ ،‬ففيها دروس وفيها‬
‫كيف أن الحياة ليست بشهرة وقتية أو حياة فرح مؤقته تخلدك‪ .‬يجب أن نتلقى كل‬
‫القسوة‪ ،‬أن نعيش كل صعب وأن نختار كيف نكتب أنفسنا لآلخرين في حياتنا حتى‬
‫نُكتب أمواتاً‪ .‬يجب أن نتمرس في التضحيات والبعد عن المصالح والترفع عن‬
‫مجالس تضييع األوقات وأحالم ال تسمن وال تغني‪ .‬يجب أن نرتب نظرتنا ألنفسنا‬
‫وأن نعيد قراءة أنفسنا وتحليلها ومواجهتها كثيراً‪ .‬فكل درب مشيناه كان فيه قصة‬
‫تخبرنا كيف الغد ربما يكون‪ ،‬وكيف أننا نحتاج أن نصبر ونصبر‪ ،‬أن نواكب كل‬
‫شيء ونقرأ كثيرا ً حتى نفهم بعض الشيء‪ .‬يجب أن نعيش اإلرهاق واإلحساس‬
‫بجمال كل المواقف‪ ،‬الحلو منها والمر‪ .‬أن نخالط كل األجناس ونترك عندهم صورة‬
‫ال تُنسى‪ ،‬الوقت هو أكبر التحديات وعندهم كان الليل يشبه النهار؛ فالخوف من أن‬
‫ينتهي الوقت وال ينتهي الحلم لواقع محرك مقلق‪ .‬ال تكفي األوراق وال تكفي الخطط‪،‬‬
‫بل كيف ننتزع من داخلنا أوقات الكسل واإلنصات لحقيقة أننا نريد أن نخلد يوما ً‬
‫بعد الموت؟ وأن نكون احياء بشهادة الموت‪ .‬لن نعيش في عقول اآلخرين إن كانت‬
‫عقولنا صغيرة‪ ،‬ولن تبقينا الحياة بين البشر بصغر أفعالنا وتهوراتنا أحياناً‪.‬‬
‫الزمن خطة والخطة ما نريد‪ ،‬والسلم ذو درجات‪ ،‬والقمة عالية والهمة تكمن فينا‪،‬‬
‫وفينا يجب أن يعيش المستقبل بعد الحياة!!!‬
‫‪ ٩:١٥ ٢٠١٥-٥-٢‬صباحا ‪ .٢٨‬تحديات تتراقص…!‬

‫بقلم تستطيع أن توقع كل شيء تراه إنجازا ً في حياتك أو حتى تخبطاً‪ ،‬بقلم تصدر‬
‫كتابا ً وتوقّع إنتاج لوحة وتخربش في تصاميم ال حصر لها وال نهاية‪ ،‬ويبقى السؤال‪:‬‬
‫ماذا بعد ذلك؟ تتراقص أمامك األجوبة ومعها تلتف كل التحديات وتتراقص أيضاً‪،‬‬
‫ليس سهالً أن ننتج واألصعب أن نبقى مستمرين في قمة قد يكون فيها معنا أصحاب‬
‫نفوس وعقول تمرضنا وتجعلنا نسأم…!‬
‫هنا يكون التحدي الحقيقي؛ قد نقرر كثيرا ً أن نعيش حالة العزلة الجميلة بعيدا ً عن‬
‫الكل وبعيدا ً حتى عن أنفسنا المختلطة باآلخرين‪ ،‬ليس تكبرا ً أو غروراً‪ ،‬بل رغبة‬
‫في الحياة وبأن نكون في تحدياتنا نحن فقط مع أنفسنا نواجهها ونتغلب عليها‪،‬‬
‫ونخرج من صومعاتنا بجميل األشياء متغاضين عن ما يقال حولنا أو يجري‪ ،‬من‬
‫احباطات ورغبات اآلخرين فقط بأن يكونوا مصدرا ً لنا للتراجع…!‬
‫في مجاالت اإلبداع النفس هي من يخرج الجميل‪ ،‬ويجعل الكثير فينا يخرج للعالم‬
‫الخارجي بصور جميلة متناسقة أ ّخاذة‪ ،‬فهي مصدر قوتنا وهي ذاتنا التي ال يجب‬
‫أن تشوه أو تتقاذفها التيارات التي من حولنا‪ .‬هي من يجب أن نتعب عليها وأن‬
‫نسقيها بين فترة وأخرى من رحيق الحياة العذب‪ ،‬يجب أن تكبر معنا وأن تكون في‬
‫مستويات ليست بالبسيطة‪ .‬تحتاج منا أن ال نكون سوى ما نريد نحن‪ ،‬أن نتبع شغفنا‬
‫وأن نكون ذوي جنون في وقت ما‪ ،‬في داخلنا تعطش دائم ألن نتعلم كيف‪ ،‬لنتعلم‬
‫شغف القراءة فهي من يروضنا‪ ،‬وهي من يهذب فينا أحاسيسنا‪ ،‬وهي من يخرجنا‬
‫من عوالم الجمود والروتين ويجعلنا حتى نفهم اآلخرين‪ ،‬وفي كثير من األحايين‬
‫نمحوهم من ذاكرة الوقت والزمان ألنهم ال يستحقون منا أن يكونوا في مكان ما‬
‫داخلنا…‪!.‬‬
‫في وقتنا … أصبحت الحياة سريعة تتراكض‪ ،‬ال يمضي يوم إال وجر األسبوع‬
‫معه‪ .‬ال ينتهي مشروع إال وقد دخلنا في آخر‪ ،‬ألننا ال نحاول أن نتعلم أن نكون في‬
‫حالة "جمود"‪ ،‬وأن تكون عقولنا في فترة "استراحة المحارب" فنقتلها دون أن‬
‫ندرك ذلك‪ ،‬لنتوقف قليالً‪ ،‬ولنتعرف على تحدياتنا بهدوء‪ ،‬لنجعلها أمامنا ونبتعد‬
‫عنها وقتاً‪ ،‬نعيش ما نحب ونبقى في حالة أخرى غير ما كنا فيها‪ ،‬ال نطيل الجمود‬
‫لكننا نعود بجنون ومشاكسة أحيانا ً لنضحك مع من حولنا ونفرح إلنجازنا…!‬
‫لتتراقص كل التحديات فهي أجمل اللوحات‪ ،‬ولتكن في كل الزوايا منمنمات‬
‫وخربشات‪ .‬لتكن هي الشخوص والسيناريوهات‪ ،‬ولتتسابق في زمن الحكاوي أمام‬
‫الراوي‪ ،‬لنعشها بحلو ومر‪ ،‬ولنحسبها في وقتها وبعدها تجارب ال منغصات‪،‬‬
‫لنحتضنها صبحا ً ومساء‪ ،‬لتكن أمام األعين حاالت ومرادفات من جمال ومتسابقات‪.‬‬
‫هي تتراقص وفينا كل المستقبل يتسامى ويتالحق في انتظام وابتكار‪ ،‬هي تتراقص‬
‫وأنت ونفسي في احتراف‪ ،‬فقط لنتراقص معها…‪!.‬‬
‫‪ ١:٠٩ ٢٠١٥-٥-٣٠‬ظهرا ‪ .٢٩‬متحف المرأة … الزمن الجميل…!‬

‫حين تولج لتلك األحياء القديمة التي تحمل رائحة البهارات والماضي الجميل…‬
‫ذلك الوقت الذي مازلنا نذكره في طفولتنا وجرينا فيه وراء أمهاتنا من أزقة محالت‬
‫"اإليرانية" إلى محالت الذهب التي ال تموت فيها الحياة‪ ..‬تلك األحياء التي التزال‬
‫تحمل سمة سوق "الجملة" وصوت "الحمالين" الذين يسألونك هل تريد أحدا ً يحمل‬
‫لك األغراض؟ في تلك األروقة وفي بداية دخولك لعالم سوق الذهب بدبي‪ ..‬تجد‬
‫بيتا ً قديما ً يكاد ال يرى في "سكة" قديمة‪ ..‬بيت سمي في الماضي واليزال يعرف بـ‬
‫"بيت البنات" ‪ ..‬ذلك البيت الذي عاشت فيه أخوات مع أخ وقيل إنهم لم يتزوجوا‬
‫فسمي بيت البنات… ذلك البيت الذي يقبع بين المحالت التجارية ال يمكن لك أن‬
‫تتخيل ما قد يكون في داخله… منذ الولوج لمدخله تجد نفسك مبهوراً‪ ..‬سمي متحفا ً‬
‫وهو متحف جميل بكل لمساته… تشم من خالله تاريخ المرأة اإلماراتية المعتق‬
‫برائحة العطور العربية والبخور‪ ..‬قصة الدخول ألول مكان يؤرخ دور المرأة‬
‫اإلماراتية‪ ..‬وثيقة علقت تحمل في صورها قصة حقيقية لتاريخ المنطقة متأصلة في‬
‫صورة الجوازات المختلفة التي مرت على المنطقة من الوجود البريطاني إلى يوم‬
‫االتحاد‪ ،‬وكيف أن هذه الجوازات بسنواتها اليوم تحكي دون تفاصيل كيف تغيرت‬
‫الحياة وتغيرت السياسة التي تحكم… تأريخ لدور المرأة السياسي والذي وثق‬
‫بالوثائق والصور منذ أكثر من ‪ ٧٠‬عاماً‪ ..‬كانت بنت اإلمارات حاضرة‪ ..‬تساند‬
‫الرجل ‪ ..‬في البيت… في تربية األبناء‪ ..‬وفي التجارة‪ ..‬لم تكن امرأة عادية‪ ،‬كثيرات‬
‫هن صاحبات حكمة ذكرهم تاريخ المتحف وكانت قصصهم عنوانا ً يشهد لهم‬
‫بالتاريخ‪ ..‬قصة البرقع‪ ..‬قصة المالبس‪ ..‬الهاتف الجميل ذي األزرار الدائرية…‬
‫المدرسة وحقبة الستينيات … المالبس الجميلة ذات األلوان الزاهية‪ ..‬أصالة الذهب‬
‫ورونق تصميمه‪.‬‬
‫في جناح بنت العرب تعيش حلما ً جميالً في حضور القصيد‪ ،‬وتلك األيام التي تألقت‬
‫فيها الفتاة لتصبح شاعرة لها وزنها وقافيتها… بعضا ً منها ‪ ..‬من خطها الجميل ‪..‬‬
‫وشعرها األول‪ ..‬تلك الدفاتر التي حملت صدق وقتها وعفوية ما قدمت بجمال الشعر‬
‫وأصالته… متحف المرأة قصة لكل فتاة اليوم تريد أن تعيش في وقت ويكون لها‬
‫حضور في التاريخ‪ ..‬بما تقدم وبما تحاول أن تكون فيه‪ ..‬دبي الحالمة قصة جميلة‬
‫في جناح آخر يقول لك بصمت لوحاته وطوابع البريد قصة… هناك قصة راشد‬
‫اإلنسان الذي حلم بإنسان هذا المكان وكيف يكون له مستقبل‪ ..‬قصة العمران التي‬
‫بنيت على اإلنسان قبل المكان‪ ..‬في حضور راشد كل صباح… وفي وقته الذي لم‬
‫يكن له بل من أجل أن تكون هذه األرض ذات مصداقية‪ ..‬من أجل اإلمارات ومن‬
‫أجل الحياة الكريمة لشعبها… ومن أجل حلم االتحاد الذي تجسد في صور الحكام‬
‫مجتمعين‪..‬‬
‫في متحف المرأة أنت ال تقرأ فقط وقتا ً مضى بل تقرأ دروسا ً تتأصل وتتابع في كل‬
‫حكاياها… هناك ترى مشهد السياسة حاضراً‪ ..‬مشهد الحكمة حاضراً‪ ..‬وتجد بين‬
‫الممرات وأنت تمشي كيف أن للمكان وجودا ً وللمرأة اإلماراتية دورا ً كبيرا ً في حياة‬
‫الرجل والمكان‪ ..‬قبل التعليم وبعد التعليم كانت موجودة… قبل النفط وبعد النفط‬
‫كانت صابرة ومجدة‪ ..‬في الزمن الجميل الماضي كانت البساطة هي في حياتهم…‬
‫في تمسكهم باألسرة … في ما قدموا للوطن من أبناء هم اليوم قادته ومن يبني‬
‫حاضره ويجهز لمستقبله… قد تغيرت الحياة اليوم وقد نجد أن الباقي هو في‬
‫خزانات المتاحف‪ ..‬لكنه الماضي والتاريخ الذي نريد لآلخرين أن يعرفوه وأن‬
‫يدركوا أننا كنا وال نزال نعيش في وطن ومكان يعطي المرأة حقوقها‪ ،‬ويؤكد أهمية‬
‫دورها ووجودها في كل المحافل ‪ ..‬هي األم واألخت والزوجة والمربية… هي في‬
‫كل مكان‪!..‬‬
‫شكرا ً للدكتورة رفيعة غباش صاحبة فكرة متحف المرأة ولجهدها الجميل‪.‬‬
‫‪ ١٠:٣٨ ٢٠١٥-٦-٦‬صباحا ‪ .٣٠‬الرفض = اإلبداع = النجاح‪!..‬‬

‫أنت ال تصلح لشيء‪ ،‬أنت غير موهوب‪ ،‬عملك غير مقبول‪ ،‬لن ننشر لك‪ ،‬أنت لست‬
‫بفنان‪ ،‬لست كاتباً‪ ،‬لست شاعراً‪ ..‬لست ولست ولست…! جمل الرفض ستتكرر‬
‫على كل العصور وكل األزمان وكل التخصصات والبشر لن يتوقفوا‪ ،‬بل في قلوبنا‬
‫يجب أن نفرح حين نسمع هذه الكلمات‪ .‬ليست إحباطات بل في الحقيقة دوافع‬
‫ومحفزات‪ .‬نيوتن قيل إنه ال يمكن أن يتعلم فأصبحنا اليوم نتعلم كل ما قاله! كثيرون‬
‫لو تعود لكتب السيرة عنهم ستجد جملة الرفض في مكان ما في حياتهم‪ ،‬نحن نرتبط‬
‫بالكلمة بمفاهيمنا‪ ،‬تعلم أن تبتسم حين تسمعها فهي أول الطريق للنجاح…!‬
‫حين تسمعها عد لنفسك وليس لما قالوا‪ ،‬هل أنت فعالً ال تصلح لشيء؟ أم أن الشيء‬
‫بداخلك يحتاج منك أن تتحدى نفسك أوالً قبل اآلخرين؟ أن تختلي بها وأن تبدأ رحلة‬
‫التعلم الذاتية‪ ،‬وفي بعض األحيان أن تبدأ رحلة الوصول‪ ،‬وأن تكون مصرا ً على‬
‫أن توجد رغم كل ما يقال لك ‪" ..‬لست‪.."!..‬‬
‫ال نجاح مفرح دون فشل أو تعب‪ ،‬وال تعتقد يوما ً أنك مبدع وصلت لقمة اإلبداع‬
‫دون أن ينتقدك اآلخرون ويكونوا هم سببا ً ألن تكون في مكان أبعد منهم‪ .‬قد تتهاوى‬
‫عليك الكلمات كالسيل‪ ،‬وقد تغلق األبواب بالمفاتيح وقد يضحك البشر باألعداد التي‬
‫تعرفها والتي ال تعرفهاـ لكنك تعرف من أنت و تؤمن بما في داخلك‪ ،‬تتعلم كل يوم‬
‫من كل باب مغلق أن تصنع لنفسك أبوابك أنت وتحمل في يدك مفاتيحهاـ ال ننتظر‬
‫أن نمشي مع الركب وندخل من أبوابهم المزدحمة‪ ،‬فنضيع مع الحشد‪ ،‬بل لنا مداخل‬
‫خاصة نحن نفتحها لمن نريد‪ ،‬ونقول لمن نريد أن يدخل ليتبعنا ال أن نتبعه‪ ،‬في‬
‫ممرات الهدوء الخاصة فينا يمشي معنا حتى ما أن قلنا توقف جال وصال وقال‬
‫"وااااااو"" أنت " مبدع"…!‬
‫تعلمها لنفسك ال لهم‪ ،‬ما نريد أن يكون صورتنا هو نحن‪ ،‬ولسنا فقط نسعى لشهرة‬
‫خاوية غاوية ال تستمر إال بتصفيق وهرج ومرج وأناس ما إن غابوا غبت‪ ،‬بل تعلم‬
‫أن تكون موجودا ً لنفسك أوالً‪ ،‬تبقى متى ما رحل اآلخرون‪ ،‬تعيش في الذاكرة متى‬
‫وأرخ الزمن في‬ ‫ما انتهى وقت العرض والجمهور‪ .‬كن صاحب الوقت والحدث ّ‬
‫عقول من يعي ويفهم وفي مستقبل من بعدك صوتا ً و بصمة‪.‬‬
‫عش حقيقة اإلبداع أنها حمى التعثرات ومخاض اإلنكسارات ووالدة من عمق‬
‫األلم‪ !..‬تعلم أن تأخذ سلبياتهم إشعاعات تنير فكرك وعقلك وتهديك لما ال يعرفون‪،‬‬
‫اخت ِل… تعلم‪ ..‬تدرب‪ ..‬عد ولو بعد أعوام بغير ما كانوا يظنون‪.‬‬
‫أنت مبدع متى ما أيقنت ومتى ما تعلمت السر‪ ،‬الرفض درب أول‪ ،‬والنجاح مسيرة‬
‫عمر‪ ،‬واإلبداع خالصة روح تجردت وتالشى منها كل السهل فاعتنقت الصعب‬
‫وألفته…!‬
‫‪ ٢:٤٩ ٢٠١٥-٧-١١‬ظهرا ‪ .٣١‬أحاسيسنا… مع هللا‪!..‬‬

‫نحن نعيش في ليلة واحدة مشاعر مختلفة‪ ،‬تتغير فينا وتتحاور في دواخلنا رغباتنا‬
‫وكل تلك األحاسيس المتغيرة‪ ،‬نحزن لفراق شهر كريم‪ ،‬ونفرح لعيد يكرمنا هللا فيه‬
‫لصومنا وصالتنا‪ ،‬نترقب لعيد ونبكي لفراق األيام التي لم تكن إال راحة نفسية لنا‬
‫يناج هللا ويبكي‬‫ِ‬ ‫وهدوء بال‪ .‬من منا لم يسكن لنفسه؟ من منا لم يخت ِل بها؟ من منا لم‬
‫طلبا ً ورغبة؟ من منا لم يطلب الرحمة والمغفرة والعتق من النيران؟ من منا لم يدعُ‬
‫رب السماوات واألرض بأن يستره ويجعل الجنة داره وقراره؟ من منا لم يدعُ هللا‬
‫بأن يرزقه حسن الخاتمة؟ وهي كل ما نحتاج ونطلب لنغادر هذه الحياة‪..‬‬
‫أحاسيسنا جميلة حين تكون نقية‪ ،‬صافية متجردة من الحياة الدنيا ومتعلقة باهلل‪،‬‬
‫أحاسيس الراحة والطمأنينة وحين نريد أن نكون صادقين مع أنفسنا‪ ،‬فإنها الحقيقة‬
‫التي يجب أن تكون في قلوبنا طوال العام‪ ،‬الصدق في الدعاء‪ ،‬اليقين باهلل‪ ،‬الطلب‬
‫والتذلل واإللحاح في الطلب‪ .‬أن نعيش رمضان مع أنفسنا قبل اآلخرين‪ ،‬أن يكون‬
‫القرآن في يدنا كما كان في رمضانن في هواتفنا نستغل كل وقت فراغ ونفتح‬
‫الصفحات ونقرأ‪ ،‬أن نزور بعضنا‪ ،‬أن نتصدق ونحس بآالم من حولنا‪ ،‬فالحياة‬
‫تستمر بما فيها طوال العام‪ ،‬والصدقة أو الزكاة أجرهما طوال العام وأثرهما ال‬
‫ينتهي‪ .‬الفقراء والمحتاجون ينتظرون دائما ً أن نعطيهم من حق هللا وليس مما نملك‪،‬‬
‫فالمال مال هللا ونحن مستأمنون عليه‪ ،‬ما كان في رمضان في أيام هي تلك التصفية‬
‫التي عشناها مع أنفسنا شهرا ً وندعو هللا أن يبلغنا رمضان أعواما ً مديدة؛ حتى نعود‬
‫ونعيش الروحانية التي نطلبها‬
‫لنكن متوازنين في حياتنا‪ ،‬أحاسيسنا ال يجب أن تزول‪ ،‬أفعالنا يجب أن ال تختلف‬
‫كثيراً‪ ،‬فكيف بمن صلى وقام يترك الصالة في أول أيام العيد؟!! هل الفرحة تكون‬
‫هكذا والحياة مع هللا تستمر فقط في وقت ما ونتغافل عن أنفسنا وحاجاتنا؟! لسنا‬
‫مثاليين‪ ،‬ولسنا غير واقعيين‪ ،‬نلهووننشغل ونتيه مرة أخرى في كل همومنا‬
‫ومشاغلنا‪ .‬تعود المشاكل وتتكرر الضغوطات والتغييرات‪ ،‬لنكن مع جزء منها مع‬
‫ما كنا فيه في رمضان‪.‬‬
‫أحاسيسنا لتولد فينا الرغبة بأن نستمر‪،‬أن يكون لنا وقتنا في أيام األسبوع لنكرر ما‬
‫فعلناه من أفعال وصفات حميدة في أيام معدودات‪ ،‬لنجعل أحاسيسنا ارتباطاً‪ ،‬اتزاناً‪،‬‬
‫ديمومية وترجمة لنا‪ ،‬لتكن هي نحن وشخصياتنا‪ ،‬فمن يحس بغيره ويشعر بما‬
‫تحتاج نفسه‪ ،‬يعيش عالما ً جميالً من األحاسيس‪ ،‬يعرف معنى الرضا ويدرك السعادة‬
‫التي يبحث عنها في كل مكان‪.‬‬
‫أحاسيسنا هي ما تعيش فينا وتغيرنا‪ ،‬هي ما نحتاج ونستمر بها ما تبقى فينا من‬
‫ولتعف عنا وتغفر لنا فإننا مذنبون مقصرون…!‬
‫ُ‬ ‫عمر‪ ،‬فاللهم اجعلنا بك مرتبطينن‬
‫‪ ٩:٢٧ ٢٠١٥-٧-١٨‬مساء ‪ .٣٢‬سعود الدوسري ‪ ..‬رحيل مؤلم‪!..‬‬

‫استيقظنا اليوم السبت على خبر مؤلم (‪ ١‬أغسطس ‪ )٢٠١٥‬سعود الدوسري في ذمة‬
‫هللا (هللا يرحمه)‪ ،‬لوهلة تمنيت لو أن الخبر شائعة كما هي الشائعات عن الكثير من‬
‫الفنانين واإلعالميين‪ ،‬بحثت وكلما طال بحثي تأكد الخبر الذي ازداد يؤلم قلبي؛‬
‫رحل وكلنا حزينون ألنه إعالمي ذو أخالق‪ ،‬ثقافة وفكر‪ ،‬ذو قلب وصاحب مواقف‬
‫وبرامج ستشهد له خيرا ً بإذن هللا رحل ونحن نترحم عليه ونذكره بخير‪ ،‬ولم أقرأ‬
‫أو أسمع أحدا ً يذمه‪ ،‬رحل صاحب الخلق‪!..‬‬
‫قبلها بيومين كنت أتساءل هل يجب أن نغير من أخالقنا وأنفسنا من أجل أن نساير‬
‫اآلخرين؟! أعتقد أن اإلجابة الصحيحة… ال‪ !..‬سنرحل كلنا يوما ً ويبقى ذكرنا وما‬
‫قدمناه‪ ،‬أخالقنا‪ ،‬تواضعنا‪ ،‬نفوسنا وكيف كنا نخالط الناس‪ ،‬ماذا قدمنا بحق ومن كنا‬
‫في حياته ذوي أثر‪..‬‬
‫لنحرر أنفسنا من المحسوبيات وقلة الضمير‪ ،‬لنكن دائما ذوي شخصيات راقية‬
‫واعية معطاءة‪ ،‬تنظر للحياة بنظرة صحيحة‪ ،‬وننظر لمن حولنا بنظرة اإلنسان‬
‫المتساوي مع أخيه اإلنسان‪ ،‬ال نظلم وال نأخذ حقوق األخرين‪ ،‬نسعى في خدمة من‬
‫يحتاج إذا استطعنا‪ ،‬ال نتردد وال نقلل من اإلحساس الجميل حين نعطي دون أن‬
‫يعلم أحد‪ .‬لنسامح ولنبقَ في حقيقتنا بشرا ً ال تنفخنا المناصب أو الماديات‪.‬‬
‫كيف سنرحل غدا ً وماذا سنترك خلفنا ليكن أمام أعيننا؟ نريد أن نرحل ويقال فالن‬
‫ي‪ ،‬مخلص ومعطاء‪ .‬لنجعل اآلخرين أيضا ً يتألمون لرحيلنا‬ ‫ذو خلق‪ ،‬قلب رحيم‪ ،‬وف ّ‬
‫بالذكر الحسن والقلب الرحيم‪ .‬لن يذكرنا من أسأنا له إال بدعوة قد توردنا الهالك‬
‫ونحن بحاجة لكل حسنة‪ .‬الحياة جميلة وال تستحق منا في الوقت نفسه أن نعطيها ما‬
‫يخذلنا ويبخسنا‪ ،‬لنعشها بكل ما هو حقيقي ويكون سببا ً في رحمة قد تنزل علينا في‬
‫ولنعط بالحق‪ ،‬لنشهد بالحق‪ ،‬لنؤ ِد واجباتنا بحق‪ ،‬ال ننسى أن‬
‫ِ‬ ‫قبورنا‪ ،‬لنكتب الحق‪،‬‬
‫كل شيء سيزول‪ ،‬لندع من يريد أن يظلم يستمتع بذلك فهو ال يدرك ماذا خلد في‬
‫الذاكرة ووجبت عليه الشفقة‪ .‬لندع من يبخس الحقوق يفرح بما يفعل فهو ال يدري‬
‫متى ما رحل سيحاسب من ملك الملوك‪ .‬لنترفع عنهم ونعش بما نتمنى ان نكون‬
‫أهالً له وبما تربينا عليه… ديننا… خلقنا ومبادؤنا…!‬
‫رحيلك أيها الخلوق الطيب نبهني أن ال أتنازل‪ ،‬أو أن أقبل بأن يجبرني أحدهم أن‬
‫أغير مابداخلي من أجل أمر زائف لن يدوم‪ .‬طاب ذكرك حيا ً وأنت اليوم عند أكرم‬
‫األكرمين‪ ،‬وأكفنا تُرفع بالدعاء لك‪ ،‬سنفتقدك ونتألم‪ ،‬وعزاؤنا أنك في جنات الخلد‬
‫يارب عند الرحمن الرحيم…!‬
‫‪ ١٢:٠٥ ٢٠١٥-٨-١‬صباحا ‪ .٣٣‬التركيز مخاض اإلبداع‪!..‬‬

‫في كل مرحلة من العمر نعيش تجربة ورغبة بأن نختبر كل شيء وأنا نمارس كل‬
‫شيء‪ ،‬ال سيما في البدايات العمرية التي تجعلنا في تشتت واحتياج للكثير حتى نحس‬
‫بالطاقة التي بداخلنا‪ .‬ال يجعلنا ذلك نركز أو نتوقف عند أمر ما‪ ،‬بل تجد الروح‬
‫عطشى ألن تجرب كل يوم شيئا ً جديداً‪ ،‬وهواية جديدة‪ .‬قد تسأل الكثيرين ما هي‬
‫هوايتك فيجيبك بهواياتي هي…! نعم هي لكنك ستستمر معها ومعهم عمرا ً طويالً‬
‫دون أن تتوصل يوما ً ألن تقول "هذا أنا"‪.‬التجربة مهمة واختبار األشياء كلها شيء‬
‫جميل‪ ،‬وأن نمارس العديد من األمور مطلب ضروري حتى نعرف من نحن‬
‫وقدراتنا… لكن متى نتعرف على حقيقة ما نحب أو ما يميزنا؟!‬
‫لن نقف عند هواية واحدة كوظيفة بل سنبقى عطشى ألشياء كثيرة‪ ،‬تبدأ الخبرة‬
‫التراكمية ويبدأ العمر يقول كلمته‪ ،‬نبدأ من مرحلة التيه والتشتت ننتقل تدريجيا ً‬
‫لمرحلة التركيز والمعرفة الحقيقة والحكم على األمور‪ ،‬سيكون مؤلما ً لكنه القرار‬
‫الحتمي يجب أن نختار وأن نحلل حتى نختار‪ ،‬أيها أقرب وماذا حقا ً يشبعنا ويجعلنا‬
‫نعيش صومعة تريحنا وتحملنا ألشياء نحتاجها ؟ لعزلتنا ولذواتنا ولترجمة حقيقة‬
‫من نحن…!‬
‫يبدأ هذا األلم وهذا المخاض حتى يولد توأم في النهاية‪ ،‬وهو تحليلي الشخصي بأننا‬
‫نحتاج لشيئين يعيشان معا ً وتحتضنهم مرحلة الغيرة من بعض‪ ،‬حتى يفوز أحدهم‬
‫بالمرتبة األولى‪ ،‬ويبقى الثاني هو الحالة الخاصة المريحة وجدانيا ً وعاطفياً‪ .‬يخدع‬
‫نفسه من ال يريد هذا األلم والمخاض‪ ،‬فيضيع عمره دون أن يعرف حقيقة ماذا حقا ً‬
‫يشبعه …! االختيار أول المشوار ومتى ما احتوينا اختياراتنا‪ ،‬نبدأ مرحلة نسيان‬
‫األلم وتوديع البقية ليبقوا ذكريات لهم أوقاتهم! هنا تبدأ الحياة الحقيقية واالنطالقة‪،‬‬
‫يبدأ الحب الخاص ويبدأ العشق ألشياء هي نحن وهي ما نريد‪ .‬التجربة انتهت وبدأ‬
‫التعايش الحقيقي‪.‬‬
‫الجنوح والجنون واالنعزال هذه المراحل إجبارية حتى نكون مختلفين‪ ،‬يبدأ البحث‬
‫الحقيقي ألدواتنا‪ ،‬تنصهر كل األشياء لتبقى التحديات هي المحور الحقيقي‪ .‬يبدأ‬
‫الوقت يحكمنا ويبدأ المكان يضغطنا ونبدأ نحن بداخلنا نعيش الرغبة الحقيقية بأن‬
‫نبهر أنفسنا قبل الغير‪ .‬يبدأ التشتت ينتهي ويحل التركيز محله‪ ،‬أولى خطوات اإلبداع‬
‫وأيقونته التي ستعيش معك في تحد يذكرك بأن االستمرار سيكون هو المتنفس‪،‬‬
‫ليس هناك أصعب من أولى الوالدات‪ ،‬لكن لكل والدة قصتها وصعوبتها‪ ،‬فكان البد‬
‫من أن نفعل كل شيء دون عشوائية‪ ،‬بل بتركيز عا ٍل تجتمع فيه كل أحاسيسنا قبل‬
‫أجسادنا‪.‬‬
‫نحن قبل اآلخرين وما يرضينا قبل أن يرضي اآلخرين‪ ،‬قد نختفي وقتا ً لكننا متى‬
‫ما عندنا سجلنا حضورنا حتى نستطيع أن نغيب زمنا مرات عديدة‪ ،‬ال نستعجل بل‬
‫نركز في وقت الظهور واالختفاء حتى؛ فبوابة اإلبداع التركيز‪ ،‬وحقيقة البقاء هي‬
‫تركيز دواخلنا وجعلها بين فترة وأخرى تتألم وتجرب ألما ً حسيا ً ورغبة في الحياة‬
‫باختالف عن اآلخرين‪ ،‬ال نكن مقلدين حتى نقول يوما نحن مبدعون‪ ،‬بل مجددون‬
‫حتى نبقى موجودون…!‬
‫‪ ٣:٣٦ ٢٠١٥-٨-١٥‬ظهرا ‪ .٣٤‬احزن‪!..‬‬

‫الحياة فيها الكثير من الجمال‪ ،‬تلك التي تجعلنا نبتسم ونتعايش الفرح‪ ،‬وننتشي في‬
‫أجواء الخيال واألحالم التي نتمنى أن ال تزول أبداً‪ .‬في قراءة خاصة وخياالت‬
‫تتداخل فينا وتنعشنا في كل األوقات من ال يحب الفرح؟ ومن ال يريد السعادة؟ كم‬
‫تُصرف أموال لنسافر‪ ،‬لنتعلم‪ ،‬لنتسوق‪ ،‬ونذهب ونعود ونحن ال نريد سوى أن‬
‫نعتنق الفرح في كل وقت وفي كل مكان نحل فيه…!‬
‫خليط من المشاعرفي نفسنا البشرية‪ ،‬ولن تكون يوما ً في حضور الوقت تمثل ملحمة‬
‫السعادة وتبقى لألبد تكرر الدور وتزاوله‪ ،‬فليس لدينا الخلطة السرية التي نشربها‬
‫كل صباح؛ فال نتعرض ألي من المشاعر األخرى‪ ،‬بل إن في اعتقادي من يحاول‬
‫فإنه يظلم نفسه أوالً‪ .‬نحن نمر بالكثير من يوم أن كنا أطفاالً إلى أن نرحل في هدوء‬
‫عن هذه الحياة‪ ،.‬نتذمر من أبنائنا حين يغضبوا وننسى كيف كنا نصرخ ونبكي حين‬
‫ال يعجبنا شيء! نبتسم اليوم ونحاول أن نكون لبقين ومتجردين من إحساس الغضب‬
‫الذي نحتاجه كثيراً‪ ،‬ولكن بحكمة في بعض المواقف‪ .‬ال تتسرع في إخراج بعضها‬
‫لكن اعطها أيضا مساحتها ووقتها…‬
‫ال تحرم نفسك من الحزن والبكاء حين تحتاج لذلك؛ فالدموع تغسل ما بداخلك وتفرغ‬
‫كل طاقة األلم التي تحتاج هي أيضا ً أن تعيشها في وقتها حتى تتخلص منها الحقاً‪.‬‬
‫من يحاول أن يبدو قويا ً في بعض المواقف التي تحتاج منا للدموع يخدع نفسه‪ ،‬فإن‬
‫فابك لكن ال تولول‪ ،‬تتساقط الدموع على وجنتيك فدعها تأخذ مجراها‪،‬‬
‫مات من تحب ِ‬
‫تتحاور المشاعر في داخلك وتتصارع‪ ،‬دعها حتى يأخذ كل منها مساحته وما‬
‫يحتاجه منك‪ .‬كن أنت الحكيم المعتدل وتقبل الحياة بمشاكلها وأفراحها‪ ،‬ال تعش‬
‫المشكلة وتجعلها هي المأساة الدائمة‪ ،‬لست بتربوية أو نفسية أو حتى تفوقت على‬
‫نفسي في ما أكتب‪ ،‬فكل منا يحاول ويحاول أن يجرب مع من حوله ما يسمع ويريد‪،‬‬
‫وهنا نحاول معا ً أن ال نحول الظروف ومن حولنا إلى قصص تكبلنا‪ ،‬أن نتداخل‬
‫في أحزاننا‪ ،‬ضغوطاتنا وأن نبدأ في معرفتها‪ ،‬وأن ننسحب من أجل أنفسنا أوالً من‬
‫دائرتها ونراها من زاوية المعرفة والمحاولة‪ ،‬قد ال ننجح؛ فالفشل وارد وخيبة األمل‬
‫قد تكون هي النتيجة لكنها الحياة لن تعطينا كل يوم شيئا ً جميالً‪ .‬فلربما بعض ما‬
‫نتمناه غيّب عنا لحكمة‪ ،‬فال نعتقد أن غيرنا ناله وهو في بيته مرتاح‪ ،‬فقد حرم مما‬
‫لديك في بعض األشياء‪ ،‬فحكمة هللا العدل في كل شيء‪ .‬لنتعلم أن نبذل ما نستطيع‪،‬‬
‫أن نساعد بعضنا‪ ،‬أن يكون لنا شركاء مقربون ليعيشوا معنا تجاربنا الخاصة‪ ،‬ليكن‬
‫في قلوبنا اإلحساس بالحياة مع المتاعب واألحزان‪.‬‬
‫احزن واعتنق مشاكلك لكن‪ ،‬ال تترك الحياة تأسرك وال األوقات تقتلك‪ ،‬فتموت‬
‫وأنت ال تدرك أنك قتلت نفسك!‬
‫كن معتدالً وعش باتزان وتوكل على هللا…!‬
‫‪ ٩:٢٥ ٢٠١٥-٨-٢٢‬صباحا ‪ .٣٥‬فاقدو المكان‪!..‬‬

‫نسافر كثيرا ً ونشاهد الكثير في كل مكان نزوره وتبقى الكثير من الذكريات الجميلة‬
‫التي نحب أن نحملها في طريق العودة‪ ،‬ونتجنب أن يعكر صفونا في سفرنا شيء‪،‬‬
‫لكنك ال تغمض عينيك عن بعض من أشياء هي أيضا ً تجربتك في السفر لتتعلم…!‬
‫في العودة مرات ومرات لمكان ما في هذا العالم‪ ،‬وال أذكر هنا اسمه حتى ال أكون‬
‫قد هضمته حقه في جماله‪ ،‬في هذا المكان وغيره الكثير يبدأ المشهد ويتكرر لمن‬
‫يمشي في الشوارع‪ ،‬وقد ال يتخيل في بادئ األمر حين ينوي السفر أنه قد يشاهد‬
‫بعضا ً من تلكم الصور‪ ،‬فاقد المكان وفاقد األهل وفاقد حتى اإلدراك‪ ،‬في تعريف‬
‫بسيط أولئك الذين تراهم في الشوارع النظيفة غير نظيفين‪ ،‬بمالبس مهترئة وصور‬
‫تخاف أن تقترب منها حتى…! من ال بيت له‪ ،‬من ال أهل له‪ ،‬من ال أحد ينظر‬
‫خلفه‪ ،‬وقد تكون فتاة ال مكان لها وهي صغيرة! ترى البعض في سن صغيرة ويطلب‬
‫اآلخرين وتتساءل لماذا الهدر؟ ولماذا ال يعمل؟ لماذا يهدر وقته وعمره؟! لكنها هذه‬
‫هي الحياة لبعض ما نقول عنهم "بال مأوى‪ ..‬مشردون…"‪ ،‬حين أجد رجالً كبيرا ً‬
‫في العمر يتوسل المارة طلبا ً للمال أتساءل ألم يكن له في يوم أبناء تعب من أجلهم‬
‫وأعطاهم من وقته وحبه؟؟ حين أجد مسنا ً على كرسي متحرك بنظرة منكسرة يحمل‬
‫كأسا ً بمالمح حزينة يطلب الناس‪ ،‬أتساءل أين الحقيقة اإلنسانية في هذا المكان؟ بل‬
‫أين العالقة اإلنسانية هنا؟! حين تجد فتاة صغيرة رثة المالبس متسخة الوجه تجلس‬
‫على األرض بالقرب من هاتف عمومي‪ ،‬مع حقيبة يبدو عليها مشقة البقاء خارجاً‪،‬‬
‫تتوسل أحدهم أن يعطيها ماالً لتتحدث في الهاتف أتساءل‪ :‬هل هربت من بيتها؟ أم‬
‫أنها قررت أن تعيش حياة التشرد لسبب ما؟ كثيرة هي الحكاوي في الشارع‪ ،‬وكثيرة‬
‫هي تلك الوجوه التي تطل عليك وتجعلك تعيد التفكير كثيرا ً وتقول "الحمد هلل على‬
‫نعمة اإلسالم"…!‬
‫نحن في حياتنا نعيش الكثير من العطاء‪ ،‬الكثير من االحترام والتفاني من أجل‬
‫األسرة‪ ،‬من أجل كبير السن وكم يبكيني أن أرى كبير سن في شوارع يجرجر‬
‫أشياءه!! وفي وقت مضى رأيت الصورة في البرد القارس‪ ،‬فكيف تلتفت خلفك‬
‫وترى هذه الصورة ويكون إحساسك كما يكون دونما تألم؟ فأنت في نهاية المطاف‬
‫إنسان يشعر باإلنسان مهما اختلف دينه أو جنسيته‪ ،‬فهذه فطرة ديننا وفطرة من‬
‫ربونا بأن نرحم صغيرنا ونحترم كبيرنا‪ .‬كثيرة هي تلك األوقات التي نكون فيها‬
‫في قمة تجاهلنا للنعم التي نملكها‪ ،‬حتى يمر بنا مشهد مما كتبت‪ ،‬فال يجب أن نحرم‬
‫أنفسنا من نعمنا بتجاهل حقوقها‪ ،‬لنحمد نعمة البيت‪ ،‬األسرة‪ ،‬وإحساس كل من في‬
‫البيت لآلخر‪ ،‬لنرتبط ببعضنا أكثر ونكن أكثر إدراكا ً لما نملك وحرمت منه‬
‫المجتمعات المتقدمة التي قبلت كبيرها أن ينام خارجاً‪ ،‬التي قبلت ابنة صغيرة أن‬
‫تتشرد بين العامة‪ ،‬لنقل في صلواتنا‪ /‬اللهم أدم علينا نعم األمن واألمان ونعمة األهل‬
‫والكرامة…!‬
‫‪ ١٢:٠٠ ٢٠١٥-٩-١٩‬صباحا بتوقيت األجواء (العودة للوطن) ‪.٣٦‬‬
‫الشغف طاقة اإلحساس…!‬

‫تسمع آذاننا كل يوم الحاجة للطاقة اإليجابية ومدى تأثيرها على نفسياتنا ورغباتنا‬
‫وطموحنا‪ ،‬ولكن كم منا بدأ يعيش حقيقة الحياة؟ حين تتعلق القلوب برغبة‪ ،‬وحين‬
‫تتمنى النفوس حاجة ليست في عوالم اآلخرين وليست في محيطات التغييرات التي‬
‫يراها ويسمع عنها؟ هي في داخله وهي من يدغدغ إحساسه‪ ،‬ويهمس له في داخله‬
‫عن الكثير…الكثير… !‬
‫حين كنا أطفاالً سألونا ماذا تريدون أن تكونوا مستقبالً؟ فرددنا‪ :‬أطباء‪ ..‬مهندسين…‬
‫محامين… والكثير من المسميات حتى زرعوا فينا اإلحساس الجميل حين ننادى‬
‫بهذه المسميات‪ ،‬وكم سيكون المستقبل باهراً!! حين بدأنا عوالم القراءة ولم ِ‬
‫نع حينها‬
‫أنها هي الطريق ألن نصبح لربما يوما كتابا أوسياسيين ذوي أقالم مهمة لكنها‬
‫األحالم وأشياء في داخلنا حركتنا وشغلتنا حتى اعتنقناها وأصبحت هي ما يحركنا‪.‬‬
‫حين أعطت األم في يد طفلها الفرشاة ولم تنهره‪ ،‬بل ملكت تلك الضحكة والفرحة‬
‫في داخله‪ ،‬حين بدأ أولى رسوماته وشخابيطه‪ ،‬أهدته الشغف ومضت!‬
‫هل تذكر ذلك الصوت وهل تعيشه اليوم؟ صوت يحركك كل يوم ويقول لك بصوت‬
‫خافت ال يسمعه غيرك فيملؤك انتشاء ورغبة كل صباح‪ ،‬بأن تستيقظ وتتسابق من‬
‫أجل شيء يفرح ما بداخلك؟ هو الشغف الذي أنت فقط تعرفه‪ .‬عشت كثيرا ً وتحريت‬
‫كثيرا ً ومارست كل األشياء من مهن وهوايات‪ ،‬حتى أصبحت تعرف من أنت وما‬
‫تملك وما يحركك‪ .‬حين يولد الشغف الحقيقي في داخلنا ونعرف نحن ذواتنا الحقيقية‪،‬‬
‫يتولد فينا ما ال يدركه المتكاسل أو المتأخر‪ .‬تولد فينا طاقة من جمال وحرية‬
‫وانطالق‪ .‬تولد فينا طاقة اإلحساس الحقيقية باألشياء‪ /‬هذا هو الشغف…! المحرك‬
‫األول والمولد الدائم لطاقة اإلحساس‪ ،‬فلن تحس بعملك إن لم يكن شغفك‪ ،‬ولن تحس‬
‫بالفرح بشيء أنجزته إن لم يكن هو ما يحركك شغفا‪ .‬لن تكون أنت في المحيط‬
‫الصحيح وفي الوقت الصحيح إن لم توقن وتتعرف على الحياة من خالل هذا‬
‫الشغف‪ ،‬ستكون األشياء من حولك ميتة‪ ،‬تتكرر كل يوم وتعيد نفسها في ذاكرتك‬
‫وفيمن حولك دون أن تحرك فيك ساكناً‪ .‬لن تعلم غيرك ولن تبهج نفسك‪ ،‬ولن تعطي‬
‫بحق لمن يدور في فلكك‪!..‬‬
‫ليس بالضرورة أن نتظاهربأننا نعرف ما نريد‪ ،‬األهم أن نبدأ رحلة التعرف‪ ،‬ولن‬
‫تكون إال بالتعب ولربما باأللم‪ .‬اعتزل اآلخرين واعتزل الكثير من األشياء‪ ،‬ابدأ‬
‫اختبار كل ما تحب حتى تضيق دائرة األشياء‪ ،‬فتصبح في وقت ما تعرف بصدق‬
‫في ماذا أنت تبدع‪ .‬فتتعرف على نفسك وعلى شغفك الحقيقي…‬
‫ال تكن مقلدا ً بل متعلم ‪ .‬ال تكن مسايرا ً بل متمرس ومنصت‪ ..‬عش شغفك أنت ليس‬
‫ما يريده من حولك؛ حتى يكون اليوم الذي فيه تقف في مكان ما وتقول بكل تواضع‬
‫لمن حولك‪ :‬هذه بصمتي‪!..‬‬
‫ستستمر الحياة وستكون أنت الشغف الذي تريد‪ ،‬وستعيش كل األحاسيس الجميلة‪،‬‬
‫اجعلها دائما ً مشتعله متقدة ال تتأرجح أو تتزعز‪ ،‬اصبر على نفسك‪ ،‬ال ُ‬
‫تقس عليها‬
‫واعطها حقها ووقتها فتعطك في وقتك ما يبهرك قبل غيرك‪.‬‬
‫عش إحساسك بشغف…!‬
‫‪ .٣٧ ٢٠١٥-١٠-٢‬انسى اإلنسان …عش مع هللا‪!..‬‬

‫نحاول كثيرا ً أن نحارب من أجل الحصول على تقدير معين وحضور وامتيازات‬
‫كثيرة في هذه الدنيا‪ ،‬تتعلق قلوبنا ببشر تعلوهم السلطة ويتفاخرون بالكرسي‪ ،‬نعتقد‬
‫فيهم بظننا الحسن أنهم ال يزالون أؤلئك الذين عرفناهم قبالً بقلوب معطاءة طيبة‬
‫متعاونة‪ ،‬وترجو الخير لآلخرين‪ ،‬لكننا ننصدم في بعضهم حين تتغير فيهم حتى‬
‫صفات اإلنسان المتواضع… هل يهم كل هذا؟‬
‫لن نتكلم عنهم وعن سلبياتهم وخوفهم‪ ،‬خوفهم الذي ينبع كثيرا ً من نقص وقلة الثقة‪،‬‬
‫سنحاور أنفسنا ونشبعها بما تحتاجه وبما تريده‪ .‬ال أحد يستطيع أن ينكر رغبته في‬
‫النجاح‪ ،‬في أن يتألق وأن يكون ذا بصمة ويذكر بخير‪ .‬ال ننكر أن في طبيعتنا‬
‫البشرية حب النجاح متأصل‪ ،‬والطموح ما يبقينا نسعى ونحاول الوصول ونرفض‬
‫الفشل بعد تقبله واالستمرار في التغلب عليه‪ .‬تبقى فينا كل ما قد حلمنا به منذ‬
‫طفولتنا‪ ،‬بعضنا بالشهرة وبعضنا بالنجاح المتفرد‪ ،‬وبعضنا لم يحلم‪ ،‬لكنه يتمنى‬
‫ويريد بكل ما فيه من إحساس بالحياة أيضا ً أن يذكر‪ .‬هي النفس البشرية التي ال‬
‫ترضى بالقليل‪ ،‬وهي الحاجة للتنفس عبر الهموم والضغوطات‪ ،‬وهي الروح‬
‫اإلنسانية التي تريد أن يغدق عليها بالشكر والثناء‪ ،‬وحين ال يكون كل هذا…؟!‬
‫نبدأ في دوامة الكسل واإلحباط‪ ،‬التناسي والرغبة في عدم فعل أي شيء‪ ،‬هذه حقيقة‬
‫المرض الذي يعترينا من قلة التقدير وقلة التذكر من البعض بما قدمنا وبما تعبنا‬
‫من أجله‪ ،‬هل يدفعنا هذا لإلحباط واليأس؟ هل يجعلنا كل هذا ننسى حقيقتنا بأننا‬
‫طموحون وأصحاب رؤى وقدرات ومهارات‪ ،‬بل وإمكانيات تمكننا من تقديم‬
‫الكثير؟ ال يجب أن تكون هذه هي الحلول التي تتناسب معنا ومع حياتنا اليومية‪،‬‬
‫لننس هذا‬
‫َ‬ ‫ألنها ستمرضنا في نهاية اليوم‪ .‬هناك أجمل من كل هذا‪ ،‬لننس البشر‪،‬‬
‫ولننس وجودهم الحقيقي ونعاملهم كأشباح نتعامل معهم يومياً‪،‬‬
‫َ‬ ‫اإلنسان المغتر بوقته‬
‫ونؤدي ما علينا ونتناسى حتى وجودهم بعد ساعات العمل‪ .‬لنكن نحن ذوي االبتسامة‬
‫الحقيقية والشعور بالرضا‪.‬‬
‫غرته الكراسي وغره بعض من أخبار‪ ،‬لننس المتعالين دونما‬ ‫لننس إنسانا ً ضعيفا ً ّ‬
‫فهم وغير المدركين بأنهم فقاعات سينتهون يوما ً وسيفرح الكثير برحيلهم لألسف‪.‬‬
‫ولنتذكر أجمل ما في هذا الكون‪ ،‬لنتذكرعطايا هللا‪ ..‬لنخلص كل يوم‪ ،‬لنتذكر من بيده‬
‫الرزق‪ ،‬لنتذكر أنه من يصلي الفجر فهو في ذمة هللا‪ ،‬ولنتذكر أنه من يكيد لغيره‬
‫يتواله هللا‪ ،‬ولنوقن بأننا سنحصل على أجمل األشياء منه ال من إنسان ضعيف‪.‬‬
‫لننس الوهن والحزن ولنتجاهل بعضهم‪ ،‬ولنكن في كل األوقات متواصلين من‬ ‫َ‬
‫داخلنا مع هللا في يقين حقيقي بأنه سيكرمنا‪ ،‬وبأن ما يأتي من عنده أهم مما نسعى‬
‫له‪ .‬أقولها بيقين عشته في كثير من المواقف‪ :‬ال تنتظر الثناء وال تنتظر الشكر من‬
‫أحدهم بل اجعله بينك وبين هللا إخالصا ً ألنه أعطاك الفرصة لتقدم ولتكن ذا عمل‬
‫طيب في هذه الحياة‪ ،‬وحينها سيجزيك ويعطيك وينساهم ‪.‬‬
‫تذكر… لننس اإلنسان ونعش مع هللا …!‬
‫‪ ٣:١١ ٢٠١٥-١٠-٣١‬ظهرا ‪ .٣٨‬قصصنا الورقية‪!..‬‬

‫نتعايش كل يوم مع قصص وحكاوي من مختلف األحداث واألوقات وبعضها يعنينا‬


‫ونعيش في توالف مع ما ال يعنينا أيضاً‪ .‬تلك القصص التي نحتضنها في ذاكرتنا‬
‫فتصبح ذاكرتنا‪ ،‬وقصص ال نعيش معها إال وحدنا‪ ،‬تلك القصص التي تعرفنا‬
‫ونعرفها‪ ،‬تلك األوقات التي تحوينا ونكتمها في داخلنا أسراراً‪ .‬قصص نسردها على‬
‫كونا شخصياتنا الورقية في‬ ‫بعض من أوراق وبعضنا في وسائله الخاصة‪ ،‬حتى ّ‬
‫أماكن وهمية ومدن ورقية… !‬
‫هناك من يكتبنا في حاالتنا ورغباتنا هي نحن وال يدري بنا أحد‪..‬ننعزل فنخاطب‬
‫ما يعترينا ونتصالح مع ما يمر بنا‪ ،‬نكتبه بعيدا ً عن أعين اآلخرين‪ ،‬تلك الشخصيات‬
‫التي تجعلنا نحلم بما نريد ونتمنى‪ ،‬نستسلم لها وال نتذمر‪ ،‬نخاطبها برومانسية‬
‫حروفنا وتعانق حروفنا‪ ،‬نبوح لها سرا ً بما ال نقوله لبشر‪ ،‬نخط بعضا ً منا لها‬
‫ونتحدث معها‪ ،‬تلك األوراق التي تمتلئ بها أدراجنا‪ ،‬ونخاف يوما ً أن يعرفها أو‬
‫يجدها شخص ما فيكتشفنا!‬
‫لنعترف‪ ..‬نحن في أصدق حاالتنا هي حين نكون معها‪ ،‬ال نخجل ونبوح دون تردد‬
‫‪ ،‬تحوي سطورها ما يعترينا من آالم قبل األفراح‪ ،‬نبكي معها ونبللها وتكتمنا في‬
‫أدراجنا‪ ،‬هي وحدها وهي أنت وأنا‪ ! ..‬لكل إنسان منا تلك المساحة التي ال يتنازل‬
‫عنها ألحد‪ ،‬حكاوي ودردشات ولربما قصص من حب وغزل!‬
‫تلك الصفحات الورقية التي تعيش معنا ونح ّملها أعباءنا ونقول لها مساء‪ :‬نامي‬
‫بهدوء‪ .‬نبنيها ونأمن لها ويمكن ألي ممن يعيش هذه الحياة الورقية أن يتخيلها تتبعثر‬
‫وتخرج يوماًّ!! كثير من ُكتاب السيرة والشخصيات احتفظ بها بحرص‪ ،‬لم يرد ألحد‬
‫أن يدري عما فيها‪ ،‬يعيش معها عمرا ً وربما يرحل فتخرج للحياة كتبا ً تعطيه الغنى‬
‫وهو في قبره…!‬
‫تلك الحاالت التي تنكسر فيها نفوسنا فنترجمها دروسا ً نتعلمها‪ ،‬وتلك الحاالت التي‬
‫نعيشها في عشق وهيام ونخبئها عن عيون المتطفلين فتكون يوما ً دواوين ترسمنا‪.‬‬
‫كلها مشاعر وكلها أحاسيس تتمازج وتتناغم‪ ،‬ال يكتبها صاحبها لغرض غير أن‬
‫يحدث نفسه ويتعرف عليها‪ ،‬كل تلك الحياة الورقية هي متنفس وهي عند بعضهم‬
‫حاالت إبداع ال يدركونها… ! يتذمر الكثيرون من أن ال أحد يسمع‪ ،‬ال أحد يفهم‪،‬‬
‫ال أحد اليوم حتى موجود هنا…!‬
‫لماذا نبحث عن الالموجود وننسى أوراقنا ومدننا؟ من لم يجرب ليجرب ويتحدث‬
‫مع نفسه بنفسه‪ ،‬اكتبها واعطها وقتك‪ ،‬عش تلكم الروحانية وتلكم الحياة األخرى‪،‬‬
‫تصالح مع ذاتك بذاتك‪ ،‬ال تنتظر أوراق غيرك وما يريد لك‪ .‬ستفيدك تلك األحاديث‬
‫وستساعدك‪ ،‬ومتى ما عشت أنت حياتك ستكون ملكك‪.‬‬
‫عشنا كثيرا ً ككتاب وال نزال في هذه المدن وكم هي نعمة كبيرة أن تكون لنا دون‬
‫غيرنا‪ ،‬وغيرنا يملكها إن جرب فهي موهبة للبعض‪ ،‬ومتنفس حقيقي للبعض وليست‬
‫حكرا ً على أحد‪ ،‬التجرد من الخوف مع القلم حالة من النشوة والرغبة واالنتماء‬
‫اعتنقها … عش أوراقك‪!..‬‬
‫‪ ٣:٠٢ ٢٠١٥-١١-٧‬مساء ‪ .٣٩‬ماضينا…!‬

‫نحن اليوم في زاوية المستقبل تحتضننا غرف إسمنتية وثورة معلوماتية‪ ،‬تعزلنا عن‬
‫بعضنا غرف كثيرة في بيت كبير‪ ،‬وفي جلسة العائلة تلكم الوسائل اإلجتماعية‬
‫وأجهزة إلكترونية أصبحت هي الرفيق والحبيب والصديق‪ ،‬فهل تتمنى يوما ً أن‬
‫تعود لحياة جدي وجدتك؟‬
‫نحن كثيرا ً للماضي؛ ألننا ومهما تطورنا نبقى أرواحا ً تبحث عن السكون‪ ،‬حين يبدأ‬
‫الجو باالعتدال فإن األغلبية تحن ألجواء البر ومساءات الشواء والهدوء‪ ،‬ألن‬
‫تالمس أيدينا برودة الرمال‪ ،‬وتحتضن أجسادنا امتداد األرض‪ ،‬وتتغزل أعيينا بأفق‬
‫عا ٍل هو السماء ال حدود وال ارتباط‪ ،‬وال حتى صوت إلزعاج…!‬
‫الماضي هو حنين ألوقات‪ ،‬هو الحقائق والتاريخ‪ ،‬هو جدي الذي عانى حتى نعيش‪،‬‬
‫وسافر حتى تبقى عائلته بخير‪ .‬هو ذلك المصير المبهم لكنه الممتع‪ ،‬هو المشاركة‬
‫وهو حق الجار والحياة معاً‪ .‬الماضي هو قصة جدتي حين كانت تصحو قبل الشمس‬
‫وتنام قبل عودتها بقليل‪ ،‬هو ذلك الدفء في المنزل الذي تفتح غرفه على بعض‬
‫ويتصل كل شئ في فناء كبير "الحوش" برماله وببساطة أثاثه‪ .‬زمن جميل‪ ،‬والزمن‬
‫األول حين كان الصعب تحدياً‪ ،‬وحين كان السفر وداعاً‪ ،‬وحين كانت األم هي األم‬
‫واألب‪ ،‬ذلك الوقت الذي فيه لم تكثر سوى حميمية الحياة والسؤال والبقاء معاً‪ ،‬هو‬
‫التآزر وهو السالم على بعض صبحا ً ومساء‪.‬‬
‫ماضينا قصص الجدة حين ينام األحفاد في حضنها وهي تروي لهم قصة النوخذة‬
‫جدهم‪ ،‬وقصة الجارة بجنبهم‪ .‬هو ذلك الصبر والتحمل في غياب األب والزوج‬
‫والرفيق‪ ،‬وهو الوفاء في تربية األبناء وحسن األداء‪..‬هو صوت المطوعة حين‬
‫تتعالى األصوات في حفظ القرآن‪ ،‬وهو المدرسة األولى والصف األول الذي افترش‬
‫األرض واحتمل الشمس حتى يقرأ "ألف باء" ‪ .‬هو العطاء لكل من يحتاج وهو‬
‫التواضع وبغض الغرور… !‬
‫ماضينا عبق من حب يتناثر في كل مكان وينتقل في الفرجان وبين براجيل الدور‬
‫حين تعلو األفراح‪ ،‬ماضينا هو السند والعون في مصيبة وعزاء واحتياج‪ ،‬هو‬
‫الصوت الذي لم يغب ولم يحتج "لمسجات"‪ .‬ماضينا إرث يعود حنينا ً فينا‪ ،‬في‬
‫صورة من نراهم اليوم هرموا واحتاجوا أن يكونوا بيننا كرماء‪ ،‬تراهم في تجاعيد‬
‫الدهر وصوت الغياب وذكريات الذاكرة األولى التي يعرفونها ألنهم يحبونها‪.‬‬
‫ماضينا هو عزهم وهم في وسط الطوفان وهياج األمواج‪ ،‬وفي عزة نفوسهم وهم‬
‫الكرماء‪ .‬اليوم نفتقدهم وهم بيننا وبعضهم غاب‪ ،‬ماضينا حكاويهم وأحاديث‬
‫مساءاتهم في مجالس البساطة والحياة‪ ،‬هم صوت ال يغيب في عقول من عاش‬
‫واليوم يحن لهم‪ ..‬ماضينا صبر األمهات‪ ،‬فرحهم وحزنهم بين األبناء وانتظارهم‬
‫على الشطآن لمن غاب وفي قلوبهم سكناه‪ ،‬ماضينا يبقى فينا زمنا ً جميالً من "زمن‬
‫األولين األخيار"… ويبقى هو ماضينا‪!..‬‬
‫‪ ٤:٣٦ ٢٠١٥-١٢-١٩‬عصرا ‪ .٤٠‬مخيم األمل… حكاوي قلب…!‬

‫حين تحتويك فرحة طفل وتتعمق في داخلك مشاعر للعطاء والعيش مع أرواح‬
‫جاءت لتعرفك وتكون معك بكل أمان فذاك مخيم األمل‪ .‬وحين تتفانى الجهود‬
‫وتعطي دون مقابل وبال تذمر ويصبح التعب غاية حتى يفرح الكل‪ ،‬فذاك مخيم‬
‫األمل‪.‬‬
‫حين يفخر بك األب صاحب القلب الكبير ونصير المعاقين‪ ،‬ويكون هو الراعي‬
‫والموجود دوما ً (صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي‪ ،‬حاكم‬
‫الشارقة)‪ ،‬وحين تكون أم المعاقين (سمو الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي) هي‬
‫من يستقبلك ويودعك بابتسامة وحب‪ ،‬وهي من يتابع ويحرص على الصغير‬
‫والكبير‪ ،‬فهذا هو العنوان في مخيم األمل‪.‬‬
‫في كل عام وهذا العام وفي الوقت نفسه ونحن نترقب هذه العودة التي تجدد طاقاتنا‬
‫وتعطينا دافعا ً أكثر للعمل واإلبداع‪ ،‬مخيم األمل وتظاهرة بدأت بعام ‪ ١٩٨٦‬لتكون‬
‫هي المحضن األول لكل طفل وكل متطوع‪ ،‬هي مدرسة تخرجك بنظرة جديدة‬
‫للحياة‪ ،‬وتحتويك في كل مرة تعود بها ألنك جزء من عائلة األمل‪.‬‬
‫أطفال األمل من كل دول المجلس وضيوف األمل هم الرسالة لكل دول العالم أننا‬
‫نستكشفكم ونريدكم معنا‪ ،‬في مخيم األمل تتكرر الكثير من مشاهد الفخ؛ فهنا تتعلم‬
‫كيف أن الطفل ذو حقوق‪ ،‬وان له الرغبة بأن يجرب ويكتشف ويكون جزءا ً من‬
‫المجتمع‪ .‬يعطي ويعمل ويكون ذا صفة وهوية يعرفه الكل ويعرفونه‪ .‬في الشارقة‬
‫المبتسمة وبين أهلها ينطلقون يذهبون ويعودون‪ ،‬وهناك يلتقي الكل في صورة‬
‫إنسانية راقية متجردة‪.‬‬
‫المخيم هو في كل عام رسالة للكل بأن يكونوا معنا‪ ،‬وأن يعيشوا معنا‪ ،‬فالطفل‬
‫المعاق يحتاج بأن يحس بأنك هنا تزوره وتكون جزءا ً من حياته‪ ،‬في المخيم ستعيش‬
‫قصصا ً وحكاوي ستعلمك وتروضك‪ ،‬ومن طفل األمل ستشاهد الحياة بعيون‬
‫مختلفة‪ ،‬عيون راضية فرحة فهم نعمة من هللا‪ ،‬وقلب معطاء ستعرفه من أول حضن‬
‫لطفل صغير وحبه غير المتصنع أو المتكلف‪.‬هنا ستتجرد من كل مظاهر الحياة‬
‫ومناصبها وترفها لتكون أنت على حقيقتك وعفويتك وبما تحب‪.‬‬
‫هي ثقافة التطوع الحقيقية التي تعلمك في كل تجربة تخوضها كيف يكون المجتمع‬
‫األكبر حين تعود إليه‪ ،‬فإذا أحسست يوما ً بأنك ال تملك شيئا ً تعطيه‪ ،‬جرب أن تتطوع‬
‫وأن تنسى كل شيء إال إنسانيتك فتدرك حينها ماذا أعطاك هللا في هذه الحياة‪ ،‬وكيف‬
‫هي كبيرة نعمه‪ ،‬وأنك تملك الكثير من الهبات والقدرات لتعطي نفسك وغيرك…‬
‫في األمل طفل يبسم وقلب يحتويك أنت الكبير‪ ،‬تحتاجهم قبل أن يحتاجوك‪ ،‬فهم‬
‫نعمة وهم الهدية التي تعطى لك دون مقابل‪ .‬لكل من عاش على أرض الشارقة في‬
‫مخيم األمل‪ .‬الحياة تتجدد معكم وبإخالصكم وحبكم‪ ،‬كل الرحالت وكل األنشطة‬
‫والحفالت هي ترجمة صادقة تتناثر بحب متطوعي مخيم األمل‪ ،‬الذين أحبوا أطفال‬
‫األمل فأحب الطفل وجودهم وتعلق بهم‪.‬‬
‫لكل مايحدث هذا العام وفي األعوام القادمة يبقى المخيم قصة االستكشاف التي ال‬
‫تنتهي‪ ،‬وحكاوي قلب يعطي الحب‪.‬‬
‫‪ ٢:٣٤ ٢٠١٥-١٢-٢٦‬ظهرا ‪ .٤١‬كوليسترول الوظيفة…!‬

‫يقضي المرء حياته يتعلم وينتقل من مدرسة لمدرسة‪ ،‬يتخيل ويحلم بالغد حين‬
‫يكبرويكون طالبا ً في الجامعة‪ ،‬يتخيل كل شيء وهو طفل حتى يكون مستقبله شغله‬
‫الشاغل‪ ،‬وحياته التي لربما لم يعش غيرها‪ ،‬يكبر ذاك الطفل‪ ،‬يتخرج ويبدأ مشوارا ً‬
‫اعتنقه حبا ً وإخالصا ً حتى يعطي ويكون جزءا ً من وطن جميل قدم ولم يبخل‪ ،‬يبدأ‬
‫يرسم مخطط المشاريع وكيف يمكنه أن يتطور ويطور ذاته حتى يكون أهالً ألي‬
‫مكان يكون فيه‪ ،‬يقدم كل ما تعلمه ويكون نموذجا ً في كل ما قد يطلب منه‪ ،‬هذه هي‬
‫الروح التي توظف كل واحد فينا‪ ،‬ال ينتظر مصلحة شخصية أو ذاتية‪ ،‬فالكل تربى‬
‫في مدرسة الخير واإلباء مدرسة زايد‪ ،‬وتعلم أن الوطن أغلى ما يملك‪ ،‬ال يتخيل‬
‫يوما ً إال أنه في كل يوم في تح ٍد وطموحه يكبر معه ومع سنوات عمله…!‬
‫تتحدث الكثير من التجارب وتتقاسم األيام تعبه‪ ،‬تفانيه وإخالصه‪ ،‬وبعد إحباطه‪،‬‬
‫ولربما موت الكثير من خياالته‪ .‬تلك حالة من التخمة السلبية التي تعيشك واقعا ً ليس‬
‫بيدك بل من أشكال مازالت تتكرر وشخصيات أصبحت من المرض ما ال يتحمل‬
‫الجسد النظيف‪ ،‬تتحول فيك لدهون مترسبة كل أفكاره التي ال تغني وال تسمن من‬
‫جوع‪.‬‬
‫كل كلماته التي التحمل سوى النقد والتكسير‪ ،‬كل مشاعره التي ال تفاؤل فيها‪ ،‬تتراكم‬
‫في نفسك وتسد كل مجرى للتنفس واإلبداع‪ ،‬تتراكم في شرايينك مع األيام القسوة‬
‫وعدم الرغبة في العطاء‪ ،‬يتحول الوقت لكابوس‪ ،‬وتصبح هذه األحاسيس وكل‬
‫األحداث تراكمات تسد مجرى الدماء‪ ،‬وتتحول لكوليسترول لربما يتسبب في قتلك‪،‬‬
‫كوليسترول الوظيفة!! تلك الوظيفة التي حلمت بها وتمنيتها جل عمرك فأصبحت‬
‫هي داؤك وهي مرضك…!‬
‫هل يعي هؤالء المتسببون فيما حدث ما يفعلون ؟ هل يعي هؤالء أنهم يحبطون‬
‫المستقبل وسند الوطن القادم؟ لماذا اليعترف المرء بأن لكل وقت جيله وفكره؟ ال‬
‫ينكر من قبله بل يتعايشون ويكملون بعضهم ويكونون هم تاريخا ً مستمراً؟ لماذا‬
‫يقتله وهو يحتاجه غدا ً ألن يكمل المسير ويعطي ألبنائه أيضا ً وله‪.‬؟! يزداد األلم‬
‫فالدم يختنق والرئة تتعب والروح ال تتنفس‪ ،‬تختار لنفسك إما الهالك باالستمرار‪،‬‬
‫وإما العالج بالتعايش أو الرحيل حيث التغيير…! ولربما عادت الدوامة من‬
‫جديد…!‬
‫هنا سؤال وهنا استغراب‪ ،‬في حقيقة المقال لمن يُـقال ما يُـرى ويُعاد…! كيف أن‬
‫المرض أصبح يُـنظر فيه والداء ال يزال في مكان ال يـُستأصل وال يُـذكر؟! عجبا ً‬
‫لمن ينسى أن الحياة ال تبقى وأن الرحيل هو الحقيقة‪ ،‬وكيف أن البقاء هو الذكرى‬
‫والوفاء واالحتواء هو السمعة والقصة ال تتغير‪ ،‬من ظلم يرحل ومن استبد يرحل‪،‬‬
‫ومن تعالى وتكبر ال يُـخلد‪ ،.‬هي أمراض وهي عاهات ويبقى الجسد المعافى مطلباً‪.‬‬
‫قصص ال تحتمل التأخر‪ ،‬ففي وقتنا يموت المبدع في حضن العفن وعدم الوعي‬
‫والفهم بأن الحياة ال تتوقف‪ .‬كلنا في زاوية وكلنا له دوره‪ ،‬وزعت األرزاق في‬
‫السماء ولم تعط لبشر في األرض فيظلم الخلق بداء التكبر والغرور… في حقيقة‬
‫النهاية هل ال يزال الكوليسترول يحتاج إلعالم أكثر؟؟!‬
‫‪ ٥:٠٨ ٢٠١٥-١٢-٢٨‬عصرا ‪ .٤٢‬طاقات ومشاعر‪!..‬‬

‫ننتشي باألشياء ونغرد باألفعال ونفخر باإلنجاز ونحيا بالثناء‪ ،‬في دواخلنا طاقات‬
‫ومشاعر تدغدغها كلمات شكر وعرفان‪ ،‬في أفئدتنا تعيش كل ذكرى جميلة كانت‬
‫موشحة بالحب والسعادة‪ ،‬وفي عقولنا تبقى كل لحظات التكريم والتقدير‪ ،‬كل‬
‫المسارح التي اعتليناها وكل األماكن التي زرناها‪ ،‬كل الوجوه التي أعطتنا وكل‬
‫الذين تحدثنا معهم‪ ،‬تعلمنا منهم وال يزالون يحملون في ذاكرتنا مساحات من العرفان‬
‫واالمتتنان‪ ،‬ويبقى الوقت عامالً‪ ،‬من يتحدانا ويبقينا في تيقظ‪ ،‬ماذا بعد؟؟‬
‫كم يفكر فينا الكثيرون؟! وكم ينتظرون أن نعطيهم مما أعطانا غيرهم؟! أن ننقل‬
‫حقيقة التجربة والعطاء‪ ،‬أن نبني لهم صورا ً تعطي أكثر من غيرنا‪ ،‬ونستمر بجدية‬
‫وتفان‪ ،‬تحتاج هذه الوجوه التي تقف على أبوابنا خجلة أن نتوقف ونحتجز من الوقت‬ ‫ٍ‬
‫ساعات لنعطيهم‪ ،‬ال ألننا أصحاب فضل بل ألن هللا أعطانا ففرحنا فكيف إذا أعطينا‬
‫غيرنا سنفرح نحن قبلهم!! طاقة تتجدد وتستمر بالعطاء‪ ،‬طاقة عطاء ال تنضب‬
‫ألنها سيل سيستمر ويمتد‪ .‬لن ينكرك أحد بل سيدعو لك ويتذكرك بأجمل أوقاتك‪،‬‬
‫ولن يقول إال جزى هللا فالنا ً خيراً…! ليس فينا من ال يملك ولو خبرة يوم لينقله‪،‬‬
‫األم تعطي من عصارة حياتها‪ ،‬واألب يعلم من تجارب أجداده وآبائه‪ ،‬ال يبقى الوقت‬
‫نفسه وال تبقى الحياة نفسها‪ ،‬لكنها امتداد يتأصل بالتاريخ ويبقى بالمستقبل‪ ،‬نرى‬
‫فيه أنفسنا ونستبصر ما سيكون بمن بعدنا‪ .‬لنترك الكثير من األنانية والمصالح‬
‫وننس أن هناك من يريد أن يتعلم ونحن نحرمه فنقتل‬ ‫َ‬ ‫الوقتية‪ ،‬والتشبث بحاجاتنا‪،‬‬
‫فيه رغبة حقيقية في اإلبداع واإلنجاز‪ ،‬ليتشارك كل منا واجبه‪ ،‬وليكن قلبه مشعا ً‬
‫بالعطاء فال شيء سيدوم‪ ،‬ال منصب وال اسم وال كرسي سوى أوقات كلمت فيها‬
‫أحدهم وعلمته مما أعطاك هللا‪ ،‬فكنت طاقة عطاء جميلة تحمل الخير وتنشره… !‬
‫أعجب ممن بقي في األماكن سنوات كثيرة متشبثا ً بالمنصب وبالكرسي يخاف من‬
‫بعده‪ ،‬ويحبط من حوله‪ ،‬ويربط الكل بدائرته دون أن يتحرك وينقل ما لديه‪ ،‬العلم‬
‫يبقى متى ما بقي صاحبه في عقول اآلخرين واإلبداع بصمتك حين تمنحه من ذاتك‬
‫بكلمة‪ ،‬بفعل‪ ،‬بموقف‪ ،‬حينها سيخلق لك تاريخا ً ال يختزل في الكتب فقط حين تؤثر‬
‫في مستقبل أحدهم‪ ،‬فأنت أعطيته بعضا ً من مفاتيح السعادة التي جعلها هللا سببا ً في‬
‫يدك‪ .‬ال تحرم أحدا ً رزقاً‪ ،‬وال تبخل على أحد بجميل ما فيك من عطاء‪ ،‬وكن نموذجا ً‬
‫لطاقة ال تنضب وصورة للعطاء ال تخرب‪ ،‬كل أعمالنا ستنتهي حين نرحل من‬
‫أماكننا‪ ،‬وقد ال يتذكرنا إال من علمناه وأعطيناه دونما تعا ٍل وتكلف‪ ،‬قلوبنا هي‬
‫محاورنا ومشاعرنا هي الدروس التي تغلف ما نريد أن نقدم… ستكون سعيدا ً‬
‫وستحيطك كل أحاسيس الرضا؛ ألنك لم تعرف بخل المعرفة‪ ،‬وكنت يدا ً تمتد حبا ً‬
‫وبذالً…!‬
‫‪ ٢:٢٧ ٢٠١٦-١-١٦‬مساء ‪ .٤٣‬صداقات عالمية…!‬

‫متعة السفر في أنك تلتقي بأناس وعوالم مختلفة تتعمق في محيطاتهم‪ ،‬وتتعرف على‬
‫أنماط ُوجدت لتعلمك كيف أن هللا خلق البشر بتنوع كبير ال يُحصى‪ ،‬وكيف أن‬
‫المعتقدات هي منبع القلب الذي يؤمن بها‪ ،‬ويمضي دونما زعزعة حتى تدركها‬
‫نعمة هللا فتمشي في طريقه… ! متعة الحياة مع األغراب أنها تصقل فيك إنسانيتك‬
‫وتعرفك أنك لست الوحيد الموجود على هذه األرض‪ ،‬ولست سيد هذا الكون‪ ،‬فك ٌل‬
‫ُوجد وله من المكانة لربما أكبر منك عند رب الكون‪ ،‬ذو شأن وقدر‪ ،‬فال تدري لم‬
‫أنت هناك بينهم‪ ،‬ولم يوما ً سافرت لتعرفهم‪ ،‬لكنك ستدرك أنك مشيت برجليك لتكون‬
‫عارفا ً أن الحياة أبعد من مرأى نظرة محدودة…!‬
‫متعة العمل مع جنسيات مختلفة من دول العالم أجمع وااللتقاء بهم هي نعمة أخرى‬
‫من هللا‪ ،‬تعطى لك لتعرف كيف أن ما جبلت عليه ليس الشيء الوحيد الموجود في‬
‫هذا العالم‪ ،‬فلهذا سافر علماؤنا ولهذا كان للسفر فوائد‪ .‬حين تعمل مع منظمات‬
‫عالمية ستدرك كيف أن االختالفات التي عشتها في فترة السياحة هي المحرك‬
‫الحقيقي لالقتصاد والحياة‪ ،‬وأن هناك شعوبا ً ستدركك حين تكون أنت مدركا ً لما‬
‫تمر به وتعانيه‪ ،‬حين تكون على طاولة نقاش فيها دول العالم‪ ،‬تعلم أن تستمع للكل‬
‫وتدرك ما هي تطلعاتهم‪ ،‬وماذا يريدون هم وشعوبهم…‪!.‬‬
‫تكون صداقات يكون في صلبها عمل‪ ،‬ومتى‬ ‫متعة التعرف على جنسيات أخرى أنك ّ‬
‫ما أصبحت جزءا ً من حياتك االجتماعية فإنك تكسب قلوبا ً جديدة في خارج محيط‬
‫حياتك اليومية‪ ،‬وتكون في شرنقة جديدة تصقلك وتضغطك وتجعلك محط النظر‪،‬‬
‫حتى تعتصر وتبلغ مدارك المخاض المؤلمة فتخرج حرا ً واثقا ً ذا صفة وخلق…!‬
‫الصداقات العالمية هي صداقات تجعلك في حياتك تتعلم كيف أن التسامح هو أساس‬
‫الحياة‪ ،‬وأن تقبل البشر على حقيقتهم هي سمة وصفة نادى بها ديننا وحث عليها‬
‫رسولنا الكريم صلى هللا عليه وسلم‪ ..‬ال تنظر لما يلبس من حولك وماذا لديه‪ ،‬بل‬
‫أدرك قلبه وعش حياته واستمع لما يخبرك واحتضن حبه الذي سيقدمه لك دونما‬
‫مصالح شخصية‪.‬‬
‫في طبيعة العمل العالمية ستخلف وراءك صورة لك ليس بما قدمت من مداخالت‬
‫أو كلمات‪ ،‬بل كيف كان شخصك في الممرات وفي اجتماعات ثنائية وأثناء وجبات‬
‫الغداء‪ ،‬وحين تمشي معهم في الطرقات وتكون جزءا ً من محيط نشاطهم ما بعد‬
‫المفاوضات والجداالت…! متعة الصداقات العالمية أنها تعطيك لمحة من الحياة‬
‫التي ال تعرفها وبعضا ً من مذاق البهارات الباردة التي تتفاوض معك في داخلك‬
‫وتجردك من مظاهرك‪ ،‬وتجعلك معهم على أرض واحدة وأن اختلفت اللغات‪،‬‬
‫تتحدث معهم لغة محبة واحترام…!‬
‫كن صديقا ً محبا ً جميالً‪ ،‬وانس بعضا ً من غرور قد ال ينفعك‪ ،‬كن من مخلوقات‬
‫األرض التي خلقها هللا من تراب‪ ،‬متواضعا ً وستبقى في عقول البشر معدنا ً من‬
‫ذهب…!‬
‫‪ ٤:٤٥ ٢٠١٦-٢-١٣‬عصرا من مونتلاير ‪ .٤٤‬أمة التسامح…!‬

‫التعايش مع المجتمعات الخارجية هي حياة أخرى تجعلك تتعرف على طبيعة البشر‬
‫وعقولهم‪ ،‬وكيف أن البعض وصل لمرحلة من األخالق والرقي ما تتمنى لو أنه‬
‫كان مسلماً‪ ،‬لكننا ال نستطيع حتى بهذا التفكير أن نعرف كيف هم عند هللا منا ‪ .‬فكم‬
‫من عالم أسهم في خدمة البشرية وقدم الكثير مما ننعم اليوم نحن به فهل هناك من‬
‫ال يدعو لمخترع "التكييف" في الصيف على ما اخترع؟ حتى وإن كنا في ظاهر‬
‫األمر نقول إن كثرة استخدام المكيفات هي أحد أسباب ارتفاع درجات الحرارة‬
‫وظاهرة االحتباس الحراري‪ ،‬التي ال يستطيع العلماء إلى اليوم التوصل لحل لها !‬
‫لكننا ال ننكر أن كل عالم قدم لهذه البشرية عصارة فكره وعلمه حتى يخدمها دونما‬
‫التفكير في أن ما قدمه قد يضر شيئاً‪ .‬فحقيقة األمور أنها تكون بنية عظيمة وفكرة‬
‫سامية‪ ،‬فهل نجحف هؤالء العلماء حقهم بأن ننتقص من قدرهم فقط ألنهم ليسوا‬
‫على ديننا؟ بل على العكس‪ ،‬نحترمهم ونقدر كل ما قدموه وأعطوه لنا‪ ،‬وكم نتمنى‬
‫لو استطعنا أن نقابل أحدهم حتى نشكره…!‬
‫فرقي الفكر هو أن نعرف قدر من خدمنا‪ ،‬وأن‬ ‫التسامح في القلوب واألفعال رسول‪ُ ،‬‬
‫نحترم من يسمو بخلقه معنا‪ ،‬التسامح أن نعرف أن الحضارات هي اندماج البشر‬
‫فيها‪ ،‬وتعرفهم على بعضهم وإعطاء كل ذي حق حقه‪ ،‬أن نعلو وأن نعيش تواضع‬
‫العلماء ورقي المسلمين األوائل‪ ،‬فلماذا يعتقد البعض أنهم أصحاب ميزان الصواب‬
‫والخطأ؟ وأنهم يستطيعون أن يحكموا على الناس بالجنة والنار؟ ال أحد يعرف كيف‬
‫سب من ترك هذه الدنيا‪ .‬لنتجاوز بعض الصغائر ولنغير نظارة الحياة‪ ،‬فالحياة‬ ‫يحا َ‬
‫فيها من يجعلك تتدافع من أجل فعل الخير‪ ،‬وهو ال دين له بل في قلبه إنسانية كبرى‪،‬‬
‫وهناك من يدعي الدين ويقتل األطفال األبرياء ويشرد األسر فيشوه ما نحن نحب‬
‫…!‬
‫كم من سفراء سالم لم يعرفوا طعما ً للنوم وهو يجوبون مالجئ المشردين ويطعمون‬
‫األطفال بأيديهم!! هل ننكرهم فقط لبعض من تصرفات أو ملبس؟ وكم من أطباء‬
‫مارسوا مهنهم بحق وساندوا المريض وكانوا بحق دواءه دون النظر لمن يكون!!‬
‫وكم من غني أعطى الفقراء برحمة أنزلها هللا في قلبه وجعله سببا ً لهم!! وكم من‬
‫فعل جميل تمنينا لو كنا نحن أصحابه فنكون خير رسل لخير األديان!! وهو الحقيقة‬
‫األولى التي بنى الرسول صلى هللا عليه وسلم األمة اإلسالمية عليها‪ ،‬كيف ال وهو‬
‫يقول لقريش يوم فتح مكة وهم من أهانوه وعذبوه "اذهبوا فأنتم الطلقاء"‪ .‬درس في‬
‫التسامح والتعايش ونسيان الماضي‪ ،‬والبدء بحياة الحب والخير والعطاء‪ ،‬نحن ديننا‬
‫دين الحب والتسامح‪ ،‬رسولنا صلى هللا عليه وسلم رسول اإلنسانية‪ ،‬فلنكن نحن‬
‫أيضا ً أمة التسامح والتعايش والسالم…!‬
‫‪ ٤:٤٥ ٢٠١٦-٢-١٣‬عصرا من مونتلاير ‪ .٤٥‬وجوه مسافرة…!‬

‫في مطارات العالم حين تتجهة شرقا ً أو غربا ً فإنك تلمح في كل تلك الوجوه القادمة‬
‫والمغادرة عوائل مهاجرة تعود‪ ،‬طالب مبتعثون‪ ،‬مغتربون‪ ،‬أناس ينتقلون من‬
‫الشرق للغرب والعكس بغية السياحة والتعرف على العالم‪ ،‬وهناك وجوه تراها‬
‫تركض قبل أقدامها‪ .‬في عوالم العمل ترحل من مكان لمكان حتى أصبحت األجساد‬
‫والعقول ال تعرف أين هي وفي أي المناطق الزمنية تنتمي‪ .‬هناك تشاهد حيوات‬
‫تنتقل في مكان واحد‪ ،‬كل تلك الوجوه تختلف أديانها وتختلف توجهاتها‪ ،‬لكنها‬
‫تشترك في صفة ال أحد ينكرها‪ ،‬خلقها هللا بصفة اإلنسانية‪ ،‬في طابور األعمال‬
‫الخيرية هناك متطوعون يجوبون مطارات العالم تحركهم اإلنسانية ليساعدوا‬
‫غيرهم‪ ،‬وتحركم رغبتهم بأن تكون حياتهم ذات فائدة تذكر‪ ،‬وبأنهم يمنحنون الحياة‬
‫لآلخرين‪ ،‬كم أغبط هؤالء المسافرون للخير‪ ،‬لينقلوا الفرح وليعيشوا مع من ُحرم‬
‫من الحياة لظروف ليس له دخل فيها‪ ،‬لكنه إنسان يعيش على هذه األرض ووجب‬
‫السفر له…!‬
‫في كل مطارات العالم هناك قصص يعيشها الكل في جلوسه وارتقابه‪ ،‬لعله يرتقب‬
‫الساعات ليلتقي أهله‪ ،‬ولعله يرتقب الساعات ليواجه مستقبله‪ ،‬ولعله ينتظر الساعات‬
‫علها تنقله لحياة أجمل‪ ،‬وهناك مسافرون فضلوا السفر حتى ليتيهوا وينسوا بعضا ً‬
‫من ضغوطات الحياة وتعبها ‪ .‬كلنا يسافر وكلنا يتمنى أن يكون في جزيرة بعيدة؛‬
‫بعيدا ً بعض الوقت عن بعض األشياء حتى يعود لها‪ ،‬لكننا ال ندرك كيف أن هناك‬
‫دوالً ومدنا ً وقرى ال تزال تعيش بعيدا ً عنا ال تعرف المطار وال تعرف للطائرة‬
‫شكالً‪،‬ال تزال تعيش عالمها على أنه الكون كله‪ .‬بل هناك مجتمعات تعيش مع‬
‫بعضها تنشر الحب والسعادة بانعزالها‪ ،‬ألنها تدرك أن الحياة جميل أن يعيشوها بما‬
‫لديهم…!‬
‫في كل المطارات ستقرأ الحكاوي وستتذكر األوقات التي مضت‪ ،‬والتي علمتك‬
‫كيف أن الحياة تتغير معك كلما تحركت وكلما قطعت التذكرة وعبرت بوابة‬
‫المراقبة…! تخيل معي أول رحلة لك بل أقصد تذكرها‪ .‬سافر لها وعشها في‬
‫مخيلتك‪ ،‬كيف كانت خطواتك األولى تلك‪ ،‬وكيف عشت الوقت مع كل تلك‬
‫اإلجراءات وكل المخاوف التي كانت فيك‪ .‬بعض السفر مشقة وبعضه متعة‬
‫يترجمها فكرك‪ ،‬ومعرفتك إلى أين أنت تسافر؟ هناك دائما ً التجربة األولى التي‬
‫تتبعها التجارب التي تمضي بكل ثقة وسهلة بما فيها من خبرة…‬
‫تعيش أنت وتتغيرأحيانا ً دون أن تعرف‪ ،‬تسبقك حقائب لكنها تحمل مع حاجياتك‬
‫أنت‪ ،‬أنت ذلك اإلنسان الذي حمل بعضا ً مما قد يحتاج في هذه الحياة لمدة ما‪ ،‬متأقلما ً‬
‫مع أقل القليل ومستمتعا ً بأقل المظاهر‪ ،‬في تلك الرحلة تتجرد من كل شيء وتعود‬
‫اإلنسان البسيط‪ ،‬أنت ومن أنت‪ ،‬مع كل الماليين التي تسافر‪ ،‬واحد منهم‪ ،‬معهم‬
‫تصبح أحد الوجوه المسافرة وتسافر…!‬
‫‪ ٥:١٥ ٢٠١٦-٢-٢٧‬عصرا من مونتلاير ‪ .٤٦‬مشاغبات عائلية…!‬

‫تبقى العائلة هي المؤسسة التي تحتضن بين جدرانها كل أنواع الوزارات والجهات‬
‫والقطاعات‪ ،‬فهي تبدأ بتلك األم التي تكون وزيرة للتعليم والصحة والتربية والتعاون‬
‫الدولي وخدمة المجتمع والكثير‪ ،‬ويبقى األب هو صاحب وزارة المالية والدفاع‬
‫يكون أسرة أو‬‫واإلقامة والبيئة وغيرها…! مؤسسة صغيرة في داخلها يعيش عدد ّ‬
‫لنقل شعبا ً بسيطاً‪ ،‬يتعايشون مع بعضهم مع كل االختالفات وحاالت الشخصية‬
‫المتغيرة…! فهناك األخوة الذين يبدأون يكبرون ويكتشفون العالم‪ ،‬ويبدأ الصراع‬
‫البرئ في داخلهم في المحافظة على أشيائهم‪ ،‬ويصبحون أحيانا شرسين في المبالغة‬
‫في الدفاع‪ ،‬فما زال الكثير منا يذكر تلك الحروب الصغيرة بين الشقيقات التي تنتهي‬
‫ضحيتها "الشعر"‪ ،‬بحيث يبدأ كل طرف منهن بسحبه فهو أضعف ما تملكه الفتاة‬
‫ويبدأ األلم ينخر رأسها‪ !..‬وال يزال األخوة الصبيان يتعاركون باأليدي ولربما بعض‬
‫من األشياء‪ ،‬لكنها معارك ليست إال تعبيرا ً عن التغيير الذي يطرأ ويكبرون‬
‫ليتذكروها فيضحكون من قلوبهم التي تحب بعضها…!‬
‫إن من أهم الوزارات والقيم التي تكون في هذه المؤسسة هي الحب والخوف على‬
‫اآلخر‪ ،‬االحترام والتحري عن أحوال بعضنا البعض‪ ،‬ال تزال كل الماديات لربما‬
‫تجذبنا وتشغلنا‪ ،‬لكن كل هذا يزول وينتهي ويبدأ المرء يبحث في زوايا الجدران‬
‫عن قصص الحب واالندماج‪ ،‬قصص التضحيات واالحتواء‪ ،‬األخوة هم سند‬
‫لبعضهم واألخوات مجتمع لبعضهن‪ ،‬تملؤهم كل المشاغبات العائلية التي قاموا بها‬
‫والتي كبروا على صداها‪ ،‬لكنها جعلتهم يرتبطون لربما أكثر ببعضهم‪ ،‬وتتكون تلك‬
‫الرابطة التي تجعلهم ال يحيدون عن مسار يجمعهم كعائلة…!‬
‫إن مجتمعنا يرتبط بقيم خاصة تحترم كل من في العائلة وتجعل له أهمية ووجودا ً‬
‫يحتاجه أحد آخر‪ ،‬لربما تكثر بعض المشاكل في بعض األحايين‪ ،‬ولربما الحياة‬
‫الدنيا تأخذنا وتغرنا بعض األشياء التي تقتل فينا رحمتنا وحبنا‪ ،‬وننسى تلك الطفولة‬
‫التي جمعتنا واألم واألب اللذين ربيانا وانتظرا أن تبقى مؤسستهم ثابتة راسخة…!‬
‫ال ننكر كيف ازدادت المشاكل وكثرت القضايا وعلت األصوات وانتهت العالقات‪،‬‬
‫لكنها أوقات ضعف غرها الشيطان‪ !..‬فما قيمة المادة مقارنة بجرعة من حب؟! وما‬
‫الثروة التي سأجنيها حين أخاصم أخي أو أختي؟ بماذا قد أحس إذا فارق الحياة‬
‫فجأة؟ ما الذاكرة التي ستبقى في؟ ماديات تخاصمنا عليها؟؟ دنيا زائلة فرقتنا؟ نفوس‬
‫ضعيفة أجبرتنا على الهجر؟؟ مواقف مرت في لحظتها لكننا تمسكنا بها‪ ،‬فقطعت‬
‫صلة الحب والرحمة؟ كم من شقيق سيندم على شقيقه‪ ،‬وكم من أخت ستفارق حضنا ً‬
‫يشبه حضن أمها وتبكيه ندماً؟ وكم من شقيق سيبكي ألما ً على أخته التي هي بعد‬
‫أمه أم أخرى؟؟ وكم من أخت ستبكي أخا ً كان من الممكن أن يكون سندها…!‬
‫ال شيء يساوي تلك البذرة األولى وتلك المشاغبات األولى‪ ،‬وتلك الحياة البريئة‬
‫التي فيها كان الحب األول وزال…! فهل تساوي الحياة أن نعيش قسوة تحرمنا من‬
‫بعضنا؟‬
‫‪ ١٠:٢٩ ٢٠١٦-٣-٥‬صباحا ‪ .٤٧‬الرواية عوالم…!‬

‫من أجمل ماقد يقرأه المرء ويستمتع به هو قراءة الرواية‪ ،‬والتعمق في سطورها‬
‫والتفكر في ما كان يعتقد الكاتب حين حبك تلك الفكر‪ ،‬الرواية هي حاالت إنسانية‬
‫جميلة تنعكس من خالل أحداث ووقائع‪ ،‬يستطيع القارئ المتأمل أن يترجمها على‬
‫نفسه‪ ،‬وما يحيط به ويأخذ منها الدروس التي كتبت ألجلها…!‬
‫اليوم تكثر الروايات وتتنوع وقد يتردد البعض في أن يكون مقتنيا ً لها‪ ،‬بحكم أنه‬
‫قارئ باحث أو قارئ للتاريخ وكتب الثقافة المختلفة‪ ،‬ويأتي هنا الجمال في عالم‬
‫الرواية والكتاب واالختيار أو الولوج لهذا الفن من األدب‪ ،‬فكثير من الروايات‬
‫تجمعك بتجربة عميقة تترجم ثقافة الكاتب ومعايشته الحقيقة للتاريخ واألحداث‪.‬‬
‫تعيش معه ما قد أبحر فيه من خالل أيضا ً تجاربه الشخصية ورؤيته الفاحصة‬
‫المتوشحة بمهارات التفكير والبحث‪ ،‬كثير من الروايات سواء األجنبية أو العربية‬
‫تثقفك‪ ،‬وتنقلك من مستوى آلخر وتجعلك تدرك الحياة بمفاهيم مختلفة‪ ،‬فنحن حين‬
‫نختار الرواية الصحيحة فإننا نرجع لحقيقة من هو الكاتب‪ ،‬وهنا ال نظلم ال ُكتاب‬
‫الجدد‪ ،‬فقد برز عدد من الروائيين الشباب الذين يستحقون أيضا ً أن نختبرهم‬
‫ونضيفهم لقوائمنا…!‬
‫كم جميل ذاك الحب في روايات شكسبير‪ ،‬لكنها ال تخلو من أن تعرفك على حقائق‬
‫ذاك الزمن وثقافته السياسية‪ ،‬وكم جميلة هي األحداث في روايات محمد المر التي‬
‫تترجم لك واقعنا اإلماراتي الجميل‪ ،‬وكم هي متعمقة روايات غازي القصيبي‬
‫"يرحمه هللا" التي ترجم من خاللها التاريخ والسياسة‪ ،‬وكم جميل أن نتعايش مع‬
‫الكتاب ونعطيه فرصة حين نقتنيه…! الرواية ليست رواية األوقات والرومانسيات‬
‫من وجهة نظري‪ ،‬بل هي إخبارنا بماهية الحياة والمعاناة‪ ،‬وأحيانا ً التجربة التي‬
‫يعيشها مجموعة من األفراد بين طيات الورق…! كثر اليوم كتاب القصة والرواية‬
‫لكنني ال أعرف كيف أصنف كل تلك القصص المتكررة‪ ،‬والتي ال تضيف لنا شيئاً‪،‬‬
‫وسؤالي‪ :‬كم من روائي حاول أن يقرأ ما يكتبه غيره‪ ،‬ليس ليقلده بل ليتعلم لماذا‬
‫كتب من كان قبله؟!‬
‫تجربة اختيار الرواية الصحيحة هي أيضا ً تجربة دقيقة‪ ،‬فقد تقع يداك على كاتب‬
‫مجهول أو تقرأ له ألول مرة عنوانا ً استفزك‪ ،‬أو مقدمة أو تقليبا ً لبعض الصفحات‬
‫فتفاجأ به وبعمقه‪ ،‬لذلك كان االختيار المتأني وفي الوقت نفسه بعض المجازفات‬
‫تخلق لك عالما ً من الخيال والمتعة‪ ،‬قد ال تجدها في ‪ ١٠‬كتب متجمعة لروايات‬
‫متشابهة‪ ،‬والتنوع مطلوب حتى ندرك كيف يكتب من هو ليس من ثقافتنا‪ ،‬فالروائي‬
‫المتمكن هو الذي يعرف كيف يأخذك معه بأساليبه السردية لعوالم مختلفة‪ ،‬ويجعلك‬
‫تغمض عينيك إال عن ما يريدك أن تعيش حتى تغلق الصفحة األخيرة من روايته‪،‬‬
‫وأنت تفتقد الشخصيات وتشكره بينك وبين نفسك دونما تمييز من أين هو وفي أي‬
‫دولة عاش…!‬
‫لنعش عوالم الرواية ونكن متذوقين متأملين باحثين‪ ،‬فهي عوالم من خياالت البعض‬
‫اعتقت لك لتتعلم…!‬
‫‪ ١٢:٣٧ ٢٠١٦-٣-١٩‬ظهرا ‪ُ .٤٨‬‬
‫ط اّلبنا يابانيون…!‬

‫ق‬
‫الثقافة اليابانية من الثقافات التي تجذبك وتتعبك في آن واحد‪ ،‬فهي ثقافة شعب را ٍ‬
‫خلوق ومجتهد‪ ،‬وشعب أراد الحياة ولم يردها عادية بل حياة يفرض فيها نفسه على‬
‫العالم‪ ،‬بعد أن عانى ويالت الحرب العالمية الثانية وما خلفته من تشوهات خلقية‬
‫ونفسية‪ ،‬لكنه يبقى شعبا ً ال يستسلم بل يعود وينهض مرة أخرى‪ .‬ثقافة الحياة متأصلة‬
‫في داخله وثقافة التضحية أيضا ً …! يتعبك أنه يعتز كثيرا ً بلغته وهذه سمة‬
‫يُحترمون عليها؛ فال تجد بسهولة من يتحدث معك اإلنجليزية‪ ،‬وال ينحرج أي منهم‬
‫أنه ال يجيد إال لغته األم‪ ،‬ومع هذا فإن أهم منتجات العالم تأتي من اليابان إلينا‬
‫ونبتاعها دون تردد‪ ،‬ألننا نثق بمصداقية وكفاءة هذا الشعب…‪!.‬‬
‫في ظاهرة حب اليابان اليوم هناك عالقات تُبنى دوليا ً وسياسياً‪ ،‬وهناك ارتباط وثيق‬
‫بين حكومتنا وحكومة اليابان‪ ،‬وفي الفترة األخيرة عدد من االتفاقيات وقّعت‬
‫وتطلعات للعمل في مجاالت جديدة‪ ،‬وتأتيك هذه في نظرة حكيمة من حكومتنا‬
‫الرشيدة بأن فتحت منذ فترة باب االبتعاث لهذه الدولة‪ ،‬حتى يتخرج لديها طالب‬
‫يتقنون اللغة‪ ،‬وفي الوقت نفسه متخصصون في مجاالت جديدة أغلبيتها هندسية‬
‫وعالقات دولية…!‬
‫اليوم في اليابان لدينا أكثر من ‪ ٨٠‬طالبا ً مبتعثا ً في تخصصات مختلفة ومستويات‬
‫مختلفة أيضاً‪ ،‬وحين تلتقي بعدد من الطالب وتراهم يتحدثون اليابانية بطالقة تعجب‬
‫من هذا اإلصرار الذي كان فيهم‪ ،‬بأن يتعلموا اللغة التي لديها أيضا ً أكثر من لغة‬
‫وعدد حروفها التي هي رموز ورسوم تتجاوز عدد حروفنا كثيراً‪ !..‬حين تلتقي بهم‬
‫فإنهم يتشاركون الفكرة نفسها التي امتزت بطموح في داخلهم‪ ،‬فبعضهم يقول لك‬
‫اليابان هي حلم الطفولة‪ ،‬هي التطلع وهي الطموح‪ ،‬تلتقي بهم فتراهم تأصلوا‬
‫واندمجوا في الثقافة اليابانية‪ ،‬حتى أصبح عدد من طالبنا يابانيين…! بحبهم لهذا‬
‫البلد‪ ،‬بتميزهم في دراستهم‪ ،‬باندماجهم بحضارة هذا البلد وثقافتهم…!‬
‫جميل أن يبدأ مجتمعنا أيضا ً يدرك لماذا يدرس هذا العدد من الطالب هناك‪ ،‬ولماذا‬
‫اختارت دولتنا هذا الجزء من العالم البتعاثهم‪ ،‬يجب أن يبدأ أصحاب القرارات في‬
‫المجاالت المختلفة‪ ،‬وتحديدا ً الهندسية‪ ،‬أن يدركوا وجود هذه الفئة الجديدة التي ال‬
‫تتخرج في أمريكا وأوروبا ويبدأوا باستيعابهم في أماكن العمل في المسقبل… فال‬
‫يزال الكثيرون يجهلون أن هناك طالبا ً يدرسون في اليابان أو حتى يجهل لماذا‬
‫يدرس الطالب في اليابان‪ ،‬يجب أن تكون هناك حالة من التعاون بين الجهات‬
‫المختلفة للترويج لهم‪ ،‬حتى ال يقعوا في صدمة العودة وعدم التفهم‪ ،‬يجب أن يقوم‬
‫التعليم العالي بالتعاون مع سفارة اليابان في اإلمارات وسفارتنا في اليابان وكل‬
‫الجهات المرتبطة بهؤالء الطالب المبتعثين‪ ،‬بالتحدث عنهم ولماذا هذا التوجه‬
‫والتحول‪.‬هناك أمور تحتاج قاعدة حتى نكون نحن أيضا ً مدركين لمن سيعود إلينا‬
‫بثقافة علمية وخلقية جديدة‪ ،‬هؤالء هم يابانيون تعليماً‪ ..‬اماراتيون حقيقة…!‬
‫‪ ١٠:٠٣ ٢٠١٦-٢-٢‬صباحا بتوقيت اليابان ‪ -‬طوكيو ‪ .٤٩‬فق ُد ما‬
‫نحب…!‬

‫أحيانا ً نفقد أشياء عزيزة علينا تعيش بين أيدينا وفي كل مكان معنا‪ ،‬قريبة لقلبنا‬
‫نحبها وتكون رفيقا ً يؤنسنا حتى في غربتنا‪ .‬هذه أشياء سواء كانت غالية أو رخيصة‬
‫ال يهم‪ ،‬فهي ارتباط بمشاعر وبأفراد‪ ،‬هي أحاسيس وهي مشاعر تُرجمت في‬
‫جمادات فأعطتها روحا ً تتقلدنا‪ .‬حين ترافقك وفجأة تفقدها دونما قصد‪ ،‬قد يسرقها‬
‫أحدهم‪ ،‬وقد تنساها في مكان‪ ،‬وقد تتوه منك دونما اختيار‪ ،‬حينها نتألم ليس ألنها‬
‫أشياء نحبها‪ ،‬بل ألنها ممن نحب!‬
‫فكر معي قليالً حين تحس بذلك األلم يعتصرك ويجعلك تشعر باختناقات وتبدأ‬
‫بالبكاء‪ ،‬هل فكرت لحظتها بأن من أهداك حي يعيش حولك وقد يحتاج منك أن‬
‫تهديه أيضا ً الكثير من االهتمام والحب‪ .‬حقيقة فقد األشياء هو تجربة مصغرة لما قد‬
‫نحس به إن فقدنا فعليا ً من نحب‪ ،‬هي حالة من عدم االستقرار وعدم التقبل لواقع‬
‫فُرض علينا‪ ،‬لكنها تذكرة بأن نكون أكثر قربا ممن أهدانا أن نعطيه أكثر ولربما‬
‫نحتضن حبه بصورة أجمل‪ .‬الحياة ثمينة بوجودهم وبما يعطونا مع هداياهم‪ .‬هم‬
‫ذلك الوهج الذي يبرق في عينيك حين تراهم‪ ،‬وهم طعم للحياة التي نريد أن نتمسك‬
‫بها‪ .‬الماديات هي صلة لكنهم هم قلوب تحتاجنا أن نكون بينها وأن نستقر في‬
‫صدرها‪.‬‬
‫كن متألما لكن تعلم كيف تترجم مشاعرك حبا ً لهم‪ ،‬وكيف تنظر لهم وتعطيهم وقتا ً‬
‫أكثر‪ ،‬قد تكون األشياء ثمينة لكن حبهم أثمن‪ ،‬وما يعطوننا يستحق أن نحافظ عليه‪،‬‬
‫لكنه إن اختفى فال يعني أنهم اختفوا‪ ،‬صدقهم ال يزال‪ ،‬وهم من ينتظرك ويخاف‬
‫عليك‪ .‬حين نفقد بعضا ً من أشيائنا فإننا ندرك أننا كنا مرتبطين بأناس يستحقون‬
‫لكنهم بعيدون عنا النشغاالتنا‪ ،‬لترددنا ولربما العتقادنا أن في الحياة ال يزال وقت‪.‬‬
‫ال ندري غدا ً كيف يكون الفقد األصعب وحجم األلم‪ ،‬لكننا ندرك أنه أقسى مما نشعر‬
‫به تجاه ماديات‪ ،‬فكيف ال نعطي الوقت فرصة ألن نتألم كثيراً؟ لنكن أكثر وعيا ً‬
‫بحقيقة الحياة فهي أناس يحملون بين أضلعهم مشاعر وقلوبا ً معطاءة‪ ،‬ليكونوا هم‬
‫جزءا ً أكبر من حياتنا ويرافقوننا ونرافقهم‪ .‬حتى حين نختلف فإنهم يتجاوزون بدافع‬
‫الحب ويتقبلوننا ألنهم يعرفون تركيبتنا وماذا يعترينا!‬
‫لنروض أنفسنا على‬ ‫ّ‬ ‫الحب خالصة كل التجارب‪ ،‬واالهتمام ما يجعله يستمر‪،‬‬
‫اإلحساس بالطرف اآلخر‪ ،‬باألهل‪ ،‬ولنترجم اهتمامنا فعالً‪ ،‬فقد ال تكفي مشاعر‬
‫تعيش في ظالم صدورنا‪ .‬السعادة الحقة بأن نقولها لهم‪ ،‬أن يشعروا بها‪ ،‬أن يلمسوها‬
‫منا‪ ،‬وأن يكونوا هو الجزء األكبر والحقيقي في حياتنا‪ .‬لنتألم لفقد األشياء فذاك‬
‫يستحق ألنه ممن يستحق‪ ،‬ولكن لنتجاوز األلم بأن نعطي الحب بقدر أكبر‪ ،‬وال‬
‫نبخل به بل نجزل العطاء فيه‪ .‬اهتم وأحب قبل أن تفقد!‬
‫‪ ٥:١٥ ٢٠١٦-٥-١٤‬عصرا ‪ .٥٠‬قيد العبودية‪!..‬‬

‫جميل أن نحيا ونحن نفخر بأنفسنا بعد سنوات بأننا حققنا الكثير وأنجزنا األهم‪ ،‬وما‬
‫زلنا نطمح ألن نكون روادا ً في القادم‪ ،‬ننجز دون توقف‪ ،‬ونعطي بال حدود‪،‬‬
‫واألجمل أننا نعيش مع الكل في زه ٍو وسمو‪ .‬تخيل معي نفسك بعد أعوام تقف مع‬
‫نفسك وحيدا ً وتنظر للوراء لما حصل وسيحصل‪ ،‬كيف سيكون ذاك الشعور إن‬
‫تذكرت يوما ً أنك تنازلت عن نفسك‪ !..‬عن أخالقك وعن قيمك؟!‬
‫يؤسفنا أن نرى أن البعض يعتقد في وظيفته وحتى في حياته أن الرزق مرتبط‬
‫ببشر‪ ،‬فيحاول إرضاء هؤالء بالكثير حتى وإن كانت الضحية أنفسهم‪ ،‬تلك التملقات‬
‫وتلك االبتسامات‪ ،‬وبعض من مبالغات‪ ،‬فقط حتى ال يكون هناك مجال لرفض‬
‫حاجاتهم واحتياجاتهم‪ ،‬أو إعالن حرب من الغضب عليهم‪ ،‬تراهم يعيشون بأقنعة‬
‫مزيفة مع أنفسهم أوالً قبل اآلخرين‪ ،‬فهم من اختار الزيف‪ ،‬وتراهم بعد وقت من‬
‫الزمن ال يعرفون أنفسهم‪ ،‬ولربما خسروا في رحلتهم هذه أناسا ً حقيقيين ليتمسكوا‬
‫بالوهم‪!..‬‬
‫الحياة سواء اليومية‪ ،‬حياتنا اإلجتماعية‪ ،‬الوظيفية‪ ،‬أيا كانت‪ ،‬ال بد أن نحياها بمبادئنا‬
‫وبرقي أخالقنا‪ ،‬ال أن نتلون كما الحرباء ونتعايش مع كل المثل وتحديدا ً تلك التي‬
‫تجعلنا ننزف من الداخل‪ ،‬لكننا نقبل بالموت البطئ؛ ظنا ً منا بأن هذه هي الحياة‪ ،‬ال‬
‫أرى بعد هذا التعايش في وجوهم بشراً‪ ،‬بل دمى تحركها بعض المصالح والكثير‬
‫من الخوف ونسيان أهم حقيقة كونية‪.‬‬
‫حياتنا مرتبطة باهلل‪ ،‬أرزاقنا من عند هللا‪ ،‬وسيحاسبنا غدا ً كيف أدينا األمانات‪ .‬ليست‬
‫العبودية هي تلك القيود التي وضعت في أيدي العبيد في الماضي‪ ،‬بل العبودية هي‬
‫أن تظن أن حياتك مرهونة بأحد ما‪ ،‬وبأنك لن تعيش إال تحت وهم رضاه‪ ،‬من‬
‫يطالبك بأن تكون إمعة‪ ،‬وترضيه وتكون دائما ً سببا ً من أجله‪ ،‬فتأكد أنك لست بمأمن‬
‫معه‪ ،‬فهؤالء يتلونون مع مصالحهم وأنت لست بصديق لهم‪ ،‬وحين يتخلون عنك‬
‫ستنظر وراءك فال تندم عليهم بل على نفسك‪ ،‬كن خاسرا ً في معركة الماديات‬
‫والترقيات زمناً‪ ،‬لكنها ستأتيك من هللا‪ ،‬فهي أرزاق تُمنع وتعطى منه‪ ،‬لكن؛ ال تخسر‬
‫نفسك وال تجعلها تبكي من الداخل أسفا ً عليك‪ .‬فقيمة اإلنسان بمكانته وبما يريده‬
‫لنفسه‪ ،‬بقيمه وأخالقه‪ ،‬بحسن تصرفه‪ ،‬ال أحد يستحق أن يكون قيدا ً علينا‪ ،‬ألن هللا‬
‫خلقنا أحرارا ً يتكفل بنا ويعطينا من خزائنه‪.‬‬
‫انظر للوراء‪ ،‬كم خسرت أناساً‪ ،‬وكم ناقضت نفسك‪ ،‬وكم أعطيت وأنت كاره‪ ،‬وكم‬
‫بالغت ونافقت وأنت متألم‪ ،‬وكم أسهمت في أذى اآلخرين من أجل أحد‪ ،‬وكم لم تكن‬
‫أمينا ً على أخالقك‪ ،‬وكم ساومت على قيمك؟ وكم تتألم اآلن وأنت تقرأ سطري؟ إن‬
‫سقطت دمعة أو أحسست بالضيق فأنت أحد هؤالء العبيد‪ ،‬تخلص من قيدك وارتبط‬
‫باهلل‪ ،‬ووكل كل حياتك إليه ال إلى البشر‪!..‬‬
‫ا‪ ٩:٣٤ ٢٠١٦-٦-٤‬صباحا ‪ .٥١‬زايد ال يرحل…!‬

‫كان الوالد‪ ،‬القائد‪ ،‬المعطي‪ ،‬الواثق‪ ،‬المؤمن بشعبه‪ ،‬ذا نظرة ثاقبة‪ ،‬وفكر عميق‪،‬‬
‫أسس االتحاد ليبقى‪ ،‬وفي كل فرد من شعبه زايد فكيف يرحل؟ ترحل األجساد وتبقى‬
‫األرواح واألفعال‪ .‬هذه حقيقة وثابته‪ ،‬المؤثرون ال يرحلون ألنهم باقون في العقول‬
‫الحية‪ ،‬لم يكن ما قام به الوالد زايد "يرحمه هللا" بالفعل الذي ينسى‪ ،‬فهو كان يبني‬
‫للمستقبل‪ ،‬يعطي للحياة‪ ،‬جعل العالم يدرك من هي اإلمارات وشعبها‪ ،‬لم يبخل على‬
‫البعيد أو القريب‪ ،‬كان واثقا ً بكل فرد‪ ،‬وهنا يكمن الفرق‪ ،‬لم يكن حاكما ً حتى يسود‬
‫وينعزل‪ ،‬بل عاش يبحث عن كل الحاجات ويلبي كل الطلبات‪ .‬كان أبا ً يربي أبناءه‬
‫قبل أي أحد كيف يكون التعاضد والوفاء‪ ،‬كان يتحدث بلغة الصغير قبل الكبير‪ ،‬في‬
‫قلبه عاشت الرحمة والمحبة‪ .‬لم يبخل ولم يتوانَ عن شيء يفرح شعبه‪.‬‬
‫لهذا زايد ال يرحل‪ ،‬يعلمنا في رحيله كيف يكون البقاء لألبد‪ ،‬فالحياة ال تستمر‪،‬‬
‫وكلنا راحلون لكن كيف نرحل؟ هي الحياة الباقية‪ ،‬الحياة بعد الموت وكيف سيذكرنا‬
‫من يبقى بعدنا‪ ،‬ال أحد يبقى في هذه الحياة إن لم يؤثر في شيء‪ ،‬في حياة أحد‪ ،‬لم‬
‫يقدم ولم يتوانَ أو يضحي‪ ،‬المؤثرون يدركون قيمة التعب‪ ،‬يدركون لماذا يجب أن‬
‫نحب اآلخرين ولماذا التضحيات هي سمة األخيار والمتميزين‪.‬‬
‫البعض يحب أن يعيش في قصر عاجي بعيد عن الناس وهمومهم‪ ،‬يعتقد أن الفرح‬
‫والسعادة في البعد عن اآلخرين وال يدرك بطبيعته أنه يبتعد عن الحياة الحقيقية‪،‬‬
‫وأنه ميت وهو على هذه األرض‪.‬‬
‫إن كنا نحب زايد‪ ،‬ونحن أبناؤه لنكن مثله طوال العام‪ ،‬ال نتوانى عن الخير‪ ،‬وال‬
‫نكون إال قدوة في كل وقت ومكان‪ ،‬فالوفاء له ورد الجميل هو ما يبرهن على صدق‬
‫حبنا‪ ،‬لنكن عالمة فارقة في خارطة الخير على مستوى العالم‪ ،‬ولنكن بأخالقنا‬
‫صورته الدائمة المشرفة‪ ،‬لكي نسعى‪ ،‬نتعلم ونتفانى‪ ،‬لتكون قلوبنا نظيفة تستقبل‬
‫الفقير والمحتاج‪ ،‬ال نهين وال نتعالى‪ ،‬ال نبخل وال نمن‪ ،‬ال نتردد وال نخذل‪ ،‬فينا‬
‫تكون سمة الكرم واإلخاء‪ ،‬البذل والسعي‪ ،‬التميز والتقدم‪ ،‬الهمة والقمة‪ ،‬نؤثر في‬
‫قلب العامل قبل الوزير‪ ،‬فكر مثله وعش مثله‪ ،‬تذكر لماذا كان يعمل لك حتى تعمل‬
‫من جديد‪ ،‬فكر لماذا أحبك لتبقى تحبه‪ ،‬فكر لماذا هو األب‪ ،‬فعلم أبناءك كيف يكون‬
‫العطاء لهذه األرض التي لم تبخل علينا‪ ،‬فكر كيف كان يسهر من أجلنا وتمرس‬
‫السهر‪ ،‬وقدم ما ترضى به عن نفسك‪ .‬كن راقيا ً برقي هذه األرض ومن أسسها‪،‬‬
‫ومن رحل عنها‪ ،‬ومن وثق بنا‪.‬‬
‫رحم هللا أبانا زايد وكل مؤسسي االتحاد ومن يسير على خطاهم‪.‬‬
‫‪ ٢:٥٥ ٢٠١٦-٦-٢٥‬ظهرا ‪ .٥٢‬عالمية "الجينغا"!‬

‫من بين بيوت فقيرة‪ ،‬حارات ضيقة‪ ،‬وأماكن تفتقر حتى لوجود الغاز‪ ،‬التزال‬
‫األمهات يغسلن المالبس ويتشاركن المناشف‪ ،‬الصغار في عندية الوقت يلهون‪ ،‬وال‬
‫ينصتون لكالم الكبار إال في بعض األوقات حتى يفلتوا من العقاب‪ ،‬هتافات‬
‫وأصوات ترقص فرحاً‪ ،‬أقدام بال أحذية‪ ،‬ووجوه اغتسلت بالتعب والشقاء لكنها‬
‫رقصت حبا ً وحياة‪ ،‬في قلوب أهل "الجينغا" تلك األسطورة التي ُولدت في القرن‬
‫السادس عشر في البرازيل‪ ،‬من قلوب أفارقة جيئوا كعبيد لم يرضخوا‪ ،‬بل هربوا‬
‫وتمرسوا في األدغال ألعاب القتال على نهج "الجينغا"‪ ،‬حتى أعلنت لهم الحرية‪،‬‬
‫ففرغوا ماعرفوه في لعبة العالم األكثر سيطرة وسياسة في الوقت نفسه "لعبة كرة‬ ‫ّ‬
‫القدم"‪" .‬الجينغا" تلك التي نراها تتراقص من بين أقدام الالعبين في كرة القدم‬
‫البرازيليين‪ ،‬تختلف في أساليبها لكنها توحد شعبها في أنهم يلعبون أسلوبهم الخاص‬
‫بفرح‪.‬‬
‫"الجينغا" التي حاول الشعب البرازيلي قتله بعد خسارته في عام ‪ ١٩٥٠‬في كأس‬
‫العالم‪ ،‬اعتقادا ً منهم أنه اسلوب غير متحضر‪ ،‬هو ما عاد وجعلهم يربحون الكأس‬
‫في عام ‪ ١٩٥٨‬في عام ميالد أسطورة اللعب "بيليه"‪ ،‬أحداث شاهدتها من خالل‬
‫الفيلم الجديد الذي يحكي قصة هذه األسطورة التي لم تصبح أسطورة حين حاولت‬
‫أن تنزع عن نفسها جلدتها‪ ،‬وأن تدعي باسم التحضر أن أسلوب " الجنيغا" غير‬
‫حضاري! ما شدني في احداث هذه القصة‪ ،‬هو إصرار الوالد على تعزيز اإلرث‬
‫في قلب ابنه "بيليه"‪ ،‬مؤكدا ً له " ال تكن غير نفسك‪ ،‬وال تخسر الثقة‪ ،‬ال تهتم بما‬
‫يقال حولك‪ ،‬كن أنت وآمن بالجينغا"‪ ،‬هذه المقولة التي قيلت قبل ما يقارب الـ ‪٦٠‬‬
‫عاماً‪ ،‬هي من جعلتنا اليوم نرفع القبعة لهذه األسطورة‪ ،‬والشعب البرازيلي الذي‬
‫يرقص ويفرح العالم حين يلعب‪ ،‬دور األب كان مهما ً في حياته وفي رحلته‪،‬‬
‫فاألصل في األمور أن ال نحاول التقليد لمجرد بعض االعتقادات أنها طريق‬
‫التحضر‪ ،‬أن نكون نحن بما نملك وبإرثنا‪ ،‬سنجعل العالم يحترم وجودنا وأسلوبنا‪.‬‬
‫في عام ‪ ١٩٥٨‬أصبحت "الجينغا" البرازيلية هي األسلوب األشهر في العالم في‬
‫لعب كرة القدم؛ ألن الشعب تمسك بموروثه‪.‬‬
‫أحببت الوفاء في شخصه "بيليه"‪ ،‬أصدقائه الذين دائما ً افتقدهم‪ ،‬تلك الطفولة‬
‫المتجمعة في ‪ ٤‬أشخاص آمنوا به‪ ،‬ومات أحدهم إيمانا ً به‪ ،‬تلك الطفولة التي نحملها‬
‫في ذاكرتنا‪ ،‬ال تزال هي الحقيقة التي تؤرخ كل ما نصل إليه‪ .‬القصة استحقت‬
‫االنبهار بها‪ ،‬لما فيها من كمية من الطاقة الحقيقية التي تريك كيف أن الظروف ما‬
‫هي إال حجة من ال يريد أن يترك كرسي الكسل والمحاولة‪ ،‬فحين وعد "بيليه" والده‬
‫بكأس العالم‪ ،‬لم ينس الوعد‪ ،‬وحققه له بعد ‪ ٨‬سنوات في عمر الـ "‪ "١٧‬فكيف اليوم‬
‫نحن نترك األحالم تجري منا وال نقدر أن نتمسك بها من أجل أنفسنا ومن نحب؟‬
‫وأفرح من حولك‪.‬‬
‫وافرح ِ‬
‫َ‬ ‫تعلم " الجينغا" الخاصة بك‬
‫‪ ١٠:٢٨‬مساء بتوقيت اإلمارات‬
‫على متن الطائرة لمونتريال‬
‫‪ .٥٣ ٢٠١٦-٨-١٩‬الحلم ال يموت!‬

‫يحمل الحقائب بجسمه الكبير الذي يحتاج إلنقاص الوزن‪ ،‬يستقبل السياح عند الباب‬
‫بابتسامة‪ ،‬يتعهد لك بكل سبل الراحة‪ ،‬يرافقك‪ ،‬يشرح لك ما تريد وما ال تريد‪،‬‬
‫شخصية مرحة في كل األوقات‪ ،‬ال تراه اختلط شخصه بمزاجيته‪ ،‬ال يهم ما يمر به‬
‫لكنه ال يعاملك إال بما يجب! "هارفي" شخصية مررت بها في كندا‪ ،‬وأثناء العيش‬
‫هناك وزياراتي المتكررة‪ ،‬كان له حلمه الخاص‪ ،‬لكنه تنازل عن الحلم وقبل بوظيفة‬
‫عامل الحقائب في فندق‪ ،‬كان يجلس في أوقات األستراحة يدخن‪ ،‬ويسرح‪ ،‬تراه‬
‫يفكر ويتأمل وهو يطلق أنفاسه مع كومة الدخان التي تصغر وتكبر بحجم األفكار‬
‫التي برأسه‪ ،‬سألته يوما "هل تحتاج أن تدخن؟ قال ال!‬
‫مرت سنوات وإذا بأحدهم يستوقفني في الشارع أمام الفندق "مريم هذه أنت" وكان‬
‫"هارفي"‪ ،‬كان قبلها بمدة قد ترك العمل في الفندق وال يعرف أحد شيئا ً عنه‪ ،‬لكنه‬
‫عاد وطلب الوظيفة مرة أخرى‪ ،‬بادرته بالسؤال "نعم أنا‪ ،‬هل عدت ووقت‬
‫استراحتك اآلن لتدخن"‪ ،‬قال‪ :‬تركت التدخين وعدت حتى أكمل حلمي الحقيقي‪ ،‬لم‬
‫أستطع المضي في حياة بال أهمية أو هدف‪ ،‬اللهو والسهر له وقته وينتهي ويبقى ما‬
‫نريد‪ ،‬يزورنا ويستفزنا! كان يحلم دوما ً بأن يصبح ممرضا ً متمرساً‪ ،‬يساعد الناس‬
‫ويخدمهم وهذه الطبيعة التي يحس بها من يزور هذا الفندق ويتعامل معه‪ ،‬اليوم‬
‫وبعد آخر لقاء قبل عامين‪" ،‬هارفي" تخرج‪ ،‬توقف عن التدخين‪ ،‬خسر الوزن‬
‫الزائد‪ ،‬وأصبح ممرضا ً فرحاً!‬
‫ال أكتبه هنا تفردا ً أو أنه شخصية تختلف عمن يقرأ لي‪ ،‬لكنها قصة استغرقت ‪٦‬‬
‫سنوات حتى تتحقق‪ ،‬ال يهم كم مضى من أعمارنا‪ ،‬ما مررنا به‪ ،‬ما قيل لنا‪ ،‬ما‬
‫صرنا له‪ ،‬كيف ينظر اآلخرون لنا‪ ،‬كيف آلت بنا الحياة‪ ،‬وكيف هي التضحيات‪ ،‬ال‬
‫يهم الوقت إن نحن ما زلنا نحلم بذلك الحلم الذي يزورنا في نومنا ويوقظنا صباحا ً‬
‫متسائالً "ماذا حل بي؟"‪ ،‬هارفي نموذج نعيشه كل يوم‪ ،‬كثيرون يتنازلون عن‬
‫أحالمهم ألسباب وهمية‪ ،‬وقتية‪ ،‬ال تكاد تنقضي حتى يعود اإلحساس بالحنين‪ ،‬من‬
‫يتنازل عن حلمه بحجة القدر‪ ،‬وبأن الحياة مضى منها الكثير وليس هناك وقت‬
‫يهدره‪ ،‬هو حقا ً يهدر حياته الحقيقية‪ ،‬فما قيمة أن نعيش خارج ما نريد وتبقى أحالمنا‬
‫تحيط بنا في محيط يدور حولنا ويذكرنا بأننا ال ننتمي لما نفعل اليوم‪ ،‬بل ننتمي‬
‫لحياة أهم تعيش في عقولنا الخاصة‪ ،‬قد نأخذ وقتا ً طويالً حتى ندرك حاجاتنا ألن‬
‫نتمسك بما نحب‪ ،‬لكن متى ما عرفناه ال يخجلنا أن نمضي سعيا ً لها‪ ،‬ال يخجلنا‬
‫العمر‪ ،‬الوقت‪ ،‬المجتمع‪ ،‬بل نفرض ما نريد أوالً على أنفسنا‪ ،‬حتى نحترمها ومن‬
‫بعدها يحترمنا من حولنا‪ ،‬ونعيش دون تنازالت‪ ،‬فالحلم يبقى ال يموت!‬
‫‪ ٢٠١٦-٨-٢٧‬أرض الوطن ‪ .٥٤‬سفراؤنا رموز‪! ..‬‬

‫حين تحلق في السماء‪ ،‬متجها ً لمكان‪ ،‬تتجول عيونك بين كل من يمر بك في الطائرة‪،‬‬
‫تحاول أن تتعايش معهم بعضا ً من قصص الخيال وتتخيلهم‪ ،‬البعض يسرد الحكاوي‬
‫والقصص التي تجعله يصدق أنه في الواقع يعيش بينهم يجول هنا وهناك‪ .‬وهناك‬
‫منا من يعيش قصص اآلخرين دونما تخيل بل بواقعية وصدق‪ ،‬يكون معهم من‬
‫لحظة الهبوط إلى وقت المغادرة‪ ،‬مبتسما ً يستقبلك وفرحا ً يودعك‪ ،‬لن تقول ولو‬
‫لثانية هناك ما يشغله عنك‪ ،‬فأنت شغله حتى تعود! ال يمارسون معك أية طبقية بل‬
‫يخجلونك حين يكونوا هم أساس راحتك‪ .‬يغتربون‪ ،‬يعيشون أعواما ً بعيداً‪ ،‬أطفالهم‬
‫ينشأون بعيداً‪ ،‬زوجاتهم بحق سيدات ترفع لهن القبعة؛ ألنهن لم يساندن فقط‬
‫أزواجهن بل أوطانهن‪.‬‬
‫هؤالء هم سفراؤنا في الخارج‪ ،‬كثيرا ً ما نشاهد‪ ،‬نرى‪ ،‬نسمع ونعيش في الكثير من‬
‫المواقف واألماكن معهم‪ ،‬شخصيات حين أقسمت أمام ولي األمر‪ ،‬أقسمت على‬
‫اإلخالص‪ ،‬خدمة الوطن‪ ،‬وشعب هذا الوطن‪ ،‬لم نالحظ يوما ً أننا نلتقي بسفير من‬
‫سفرائنا الكرام وقد تجاهلنا‪ ،‬بل بما يسمح له وقته وعمله هو في مقدمة من يستقبلك‬
‫ويفرح بك‪ ،‬سفراؤنا هم من خيرة الناس وأكثرهم حياة بال استقرار‪ ،‬ال تخلو الوظيفة‬
‫من التنقالت‪ ،‬من دولة لدولة‪ ،‬وال يخلو األمر أن عوائلهم في حل وترحال معهم‪،‬‬
‫ال يتذمرون بل يتأقلمون مع كل مكان جديد وثقافة جديدة وحياة جديدة‪ ،‬ألنهم‪،‬‬
‫الصغير منهم والكبير‪ ،‬يدرك لماذا هو في الخارج‪.‬‬
‫نشعر باالعتزاز بهم‪ ،‬فهم غرس من غراس زايد ومدرسته‪ ،‬يعطونك دروسا ً في‬
‫التواضع وأن المناصب ال ترفع أحدا ً وال تعطيه صفة غير اآلخرين‪ ،‬مواقفهم التي‬
‫ال تعد والتحصى مع أبناء الشعب وسام كبير لما هم أهل له‪ ،‬سفراؤنا وسفاراتنا‬
‫أمان لنا حين نكون في الخارج‪ ،‬وعزوة حقيقية‪ ،‬نشعر بها حين تهبط بنا الطائرة‬
‫في دولة ما ونستقبل على هواتفنا رسالة من سفارة الدولة‪ ،‬تخبرك بأن تتواصل‬
‫معهم إن احتجت شيئاً‪ ،‬تشعرك بأنهم معك وكيف أنك في قائمة أولوياتهم‪ ،‬وحرصهم‬
‫عليك ألنك ابن هذا الوطن‪ .‬أذكر يوما ً أن أحد سفرائنا الكرام لم يغادر قبل أن يتأكد‬
‫من أن أحد المغتربين‪ ،‬وكانت فتاة هي بخير وال ينقصها شيء‪ ،‬وأحدهم اتصل‬
‫شخصيا ً بمجموعة وهم في الطائرة ليتأكد أنهم بخير‪ ،‬وآخر يتابع مع طالب الدولة‬
‫كل أمورهم ويحرص أن يطمئن عليهم إن حلت كارثة طبيعية في البلد الذي هم‬
‫فيه‪ ،‬ال يتوانى عن مساندتهم وتعزيز حب الوطن فيهم وتشجيعهم‪ ،‬واألمثلة كثيرة‪.‬‬
‫سفراؤنا‪ ،‬صورة من جميل الفعل وعلو النفس وسموها‪ ،‬أخالق منبعها الغرس‬
‫الطيب‪ ،‬سلوكهم تفوح منه قيم التواضع وحب الخير‪ ،‬هم صورة لدولة ال تبخل على‬
‫أحد‪ ،‬وال تتعالى على أحد‪ ،‬ولم تعرف يوما ً إال صفة الحب والتسامح‪ ،‬هم من يتعب‬
‫من بعيد ونحن نفخر بهم في كل مكان‪ ،‬شكرا ً لكم‪.‬‬
‫‪ ٩:٢٧ ٢٠١٦-١٠-٢٢‬صباحا ‪ .٥٥‬من يكتب‪..‬؟!‬

‫الكتابة من وجهة نظري الشخصية هي ترجمة لما يعتلي دواخلنا‪ ،‬أداة يروضها‬
‫الكاتب لتقول ما في نفسه‪ ،‬لتخبر الناس عن حكاوي تعتصر فيه‪ ،‬وتعتقه من ترددات‬
‫الكلمات ليالً ونهاراً!‬
‫لم يكن يوما ً القلم حكرا ً على أحد‪ ،‬أو تخصص‪ ،‬فال يعتقد البعض أن من درس اللغة‬
‫العربية سيكون كاتباً‪ ،‬وأن من درس العلوم والطب ال يملك ملكة الكتابة! هي موهبة‬
‫تتحول بالتدريج الحترافية‪ ،‬وكثيرا ً ما قابلنا منذ الدراسة الجامعية أطباء‪ ،‬مهندسين‪،‬‬
‫علماء‪ ،‬فنانين‪ ،‬إلخ‪ ..‬يملكون لغة أصيلة جميلة تغنيك عن البحث في عقول طلبة‬
‫اللغة‪ ،‬وقد يتفوقون هم بما يكتبون‪ ،‬كنا دائما ً في مسابقات أدبية فنجد أن من يحصد‬
‫أغلبية الجوائز األدبية هي الفئة العلمية‪ .‬وفي معرض الكتاب يتكرر المشهد‪ .‬ال‬
‫يمكن ألي إنسان أن يصبح كاتبا ً بمجرد دراسة أكاديمية‪ ،‬أو نظريات علمية‪ ،‬أو‬
‫حتى حصيلة مفردات ومخزونات فكرية‪ ،‬يجب أن يتجرد من التخزين العقلي‪،‬‬
‫ويتجرأ أن يخاطب الورقة التي تنتظر كعروس بيضاء‪ ،‬يتجرأ ويبدأ يقول لها في‬
‫شاعرية ورومانسية كيف أنه اآلن مستعد أن يكون معها رفيقاً‪ ،‬قد يكون توارد‬
‫األفكار وانسياب الكلمات صعبا ً في البداية‪ ..‬لكنها هي البداية!‬
‫الكتابة هي طب القلب‪ ،‬وكما الطبيب ال يتوقف عن القراءة ومتابعة الجديد‪ ،‬فإن‬
‫القلم الذي في يدنا‪ ،‬واألفكار التي في عقولنا تحتاج دوما ً للقراءة وللمتابعة والتدريب‬
‫والممارسة‪ ،‬قد يبدأ أحدنا بكتابة الخواطر‪ ،‬ومن ال يملك هذه المسودات التي تختبئ‬
‫قديما ً تحت المخدات واليوم في أجهزة الحاسوب! بداية الخواطر هي لمخاطبة النفس‬
‫وتطبيب الخاطر‪ ،‬من موقف‪ ،‬شخص‪ ،‬حزن‪ ،‬سعادة‪ ،‬إلخ‪ ..‬قد تنتهي بكتابة يوميات‬
‫وتتمرس بعدها في حكاوي وقصص‪ .‬وقد تتولد لديك فلسفة صغيرة تكتب من‬
‫خاللها‪ ،‬وبعد عمر من التجربة والمعايشة الفعلية للحرف تصبح حينها أنت ورفيقتك‬
‫عشاقا ً ال تفترقون ليالً أو نهارا ً !! جربها ستعطيك من وقتها‪ ،‬وستشعرك بمشاعر‬
‫الدفء التي تنساب مع الحروف‪ ،‬ستؤوي إليك وتؤوي إليها كلما كان من حولك ال‬
‫يدركك أو يستمع إليك‪ ،‬فالورقة والقلم هما الرفيق الذي ال ينسى‪ .‬سعادتنا تكمن في‬
‫أن نخبر من حولنا بالكثير‪ ،‬وسعادة النفس بأن يعتنق روحها التمايل والخيال‪ ،‬ال‬
‫تستعجل كما نقول دائماً‪ ،‬لكن ابدأ من مكان ما!‬
‫هناك أقالم جميلة‪ ،‬تقرأ لها فتأنس وتسعد لم تنشر يوماً‪ ،‬وتختبئ في ظل نفسها‪،‬‬
‫تعتقد أنها ال تزال تحتاج للكثير‪ ،‬وتتريث لربما هناك األفضل‪ ،‬وهذه حالة صحية‬
‫عند الكاتب تشخص برؤيته ألن يكون قلمه يذكر غدا ً ال أن يكون وليد وقت معين‬
‫ويختفي‪ ،‬لكنها حالة إن استمرت كثيرا ً ستصبح مزمنة ولن ينتج صاحبها أو يخرج‬
‫للنور فيصبح قديما ً فيما كتب أيضاً‪ .‬عملية التوازن هي الخط الفاصل بين اإلبداع‬
‫وخروجه وتركه يموت في األدراج‪.‬‬
‫‪ ١٠:٢١ ٢٠١٦-١١-٥‬صباحا ‪ .٥٦‬الحمدهلل …!‬

‫لو تأملنا كيف تدور بنا األيام وتمضي‪ ،‬كيف تكون الليالي والشتاءات وفصول‬
‫الصيف‪ ،‬وجوه تراها وأخرى تودعها‪ ،‬تبكي ميتاً‪ ،‬وتستقبل باألهازيج طفالً‪ ،‬ال‬
‫تلتف حولك األفراح وتبقى‪ ،‬بل ترتحل لتحل محلها بعض من األحزان‪ ،‬تجزع‬
‫وتبكي حتى ترحل وتفرح‪ ،‬وهكذا هي األحداث في بوتقة الحياة‪ .‬كم من قريب رحل‬
‫عنا‪ ،‬وكم من أم انتظرنا معها طفالً يحل ويمأل دنياها فرحاً!!‬
‫ليست هناك نظريات وأبحاث توقف ما نرى أو تغير مواعيد اللقاء والفراق‪ ،‬قلوبنا‬
‫تتحمل في شدتها األهوال‪ ،‬تلك المضغة الصغيرة التي في أضلعنا‪ ،‬ال تفتؤ تضخ‬
‫الحياة وتنبض بكل ما يمر بنا‪ ،‬ونحن ال نبقى في محل أو حال‪ .‬ليس فينا من هو‬
‫خا ٍل‪ ،‬ترى الوجوه حين تجتمع في مصاب‪ ،‬تتذكر مصابها ومن فقدت فتذرف دمعا ً‬
‫وتبقى في ذهول حالة األمس‪ ،‬وكيف أن من كان بجنبها رحل دون وداع‪ ،‬هي‬
‫حاالت من الصدمة تأتينا فجاءة فال ندرك أن نقول لها تمهلي‪ ،‬بل تبقى تأخذنا معها‬
‫في مسار من دوامة الحياة‪ ،‬نتذكر في دقائقها األولى كيف هي مرارة الفقد والتعب‬
‫األول‪ ،‬حين يعتصر الفؤاد ألما ً حتى نكاد نقول إننا هالكون المحالة‪.‬‬
‫هناك يأتي الحمد‪ ،‬يأتي لفظ "الحمد هلل" من حمد وشكر كان له األجر والثواب‪ ،‬ال‬
‫نعترض أو نقول "لماذا؟" بل نتعظ ونحمد هللا على نعمة الحياة‪ ،‬وأننا باقون ندعو‬
‫لمن رحلوا‪ ،‬وندعو ألنفسنا بأن يسخر لنا بعد الرحيل من يدعو لنا ويذكرنا‪ ،‬قصة‬
‫الحياة والموت قصة الصدمة والفرحة‪ ،‬أكررها وفينا دائما ً ذاك السؤال "كيف هي‬
‫المعجزة التي نولد بها ونفارق؟!"‪ ،‬هل يعي من يزهق روحا ً كيف أنه ال يملك حقاً؟‬
‫وكيف يدرك من يقتل بيديه من وهبه الحياة بأنه بشع فيما يقدم؟! تدركنا الكثير من‬
‫القصص فنقول "كيف ذلك وكيف يموت القلب؟!" الحمد هلل على من يفرحنا‪ ،‬الحمد‬
‫هلل على من يبقينا في صحة وسالم‪ ،‬أمن وأمان‪ ،‬الحمد هلل على وقت ال نزال نملك‪،‬‬
‫نتنفس فيه ونشكر هللا‪ .‬والحمد هلل على كل ما يذكرنا بأن هذه الحياة زائلة فانية ونحن‬
‫راحلون‪ ،‬فال نتعلق بها وال نرهق أنفسنا بأن نفكر في بشر ال يملكون حولنا وال‬
‫رزقنا‪ ،‬فالحمد هلل أننا مؤمنون باهلل‪ ،‬وبأنه يملك مفاتيح حياتنا ويدركنا‪ ،‬رحيم بنا‪،‬‬
‫يرزقنا ويعطينا ما نريد وأحيانا ً ما ال نريد‪ ،‬قلوبنا في دورتها ندعو بأن يثبتها على‬
‫حبه وطاعته‪ ،‬قد نكون مقصرين وعاصين‪ ،‬ال نؤدي حقوقه كامله‪ ،‬لكن هللا علمنا‬
‫بأن األبواب ال تُغلق‪ ،‬وأن الدعاء ال حاجز له‪ ،‬وبأنه يفرح بعودة عبده وبكائه بين‬
‫يديه‪ ،‬فكم من قلب هدأ في خلوته حين بكى هلل يطلبه بأن يمسك على قلبه‪ ،‬وبأن يغفر‬
‫له ما بدر وما كان‪ ،‬فالحمد هلل على نعمة التوحيد وإدراك الخالق الذي نحتاجه في‬
‫كل شهقة وزفرة‪ ،‬والحمد هلل بأنه من يتوالنا حين نرحل وال نكون! الحمد هلل!‬
‫‪ ٢:٣٥ ٢٠١٦-١٢-٢٤‬ظهرا ‪ .٥٧‬الحب حاجة‪!..‬‬

‫قال الرسول صلى هللا عليه وسلم‪" :‬ال يؤمن أحدكم حتى يحب ألخيه ما يحبه لنفسه"‪،‬‬
‫الحب حالة إنسانية‪ ،‬متأصلة فينا‪ ،‬من مبادئ ديننا وقيمنا األخالقية‪ ،‬لن ينكر أحد أنه‬
‫يحب نفسه‪ ،‬ويريد لها الخير ويطمح ألن تكون بخير‪ ،‬وحين تؤدي خيرا ً وتعطي‬
‫حبا ً لمن حولك فإنك تسعد نفسك حقيقة‪ .‬العطاء راحة ومنح الحب من خالل العطاء‬
‫لآلخرين هو الرغبة بشكل غير مباشر بأن نكون نحن في حالة حب‪ .‬الفقير ولد‬
‫فقيراً‪ ،‬لكنه لم يولد دون مشاعر‪ ،‬لم يولد دون طاقة من الحب‪ ،‬أنت حين تبحث عن‬
‫أحدهم لتهديه الحب فكن على يقين في داخلك بأنك ستفرح وستعود عليك مشاعر‬
‫كبيرة من الحب‪ .‬أنت بحاجة للحب‪ ،‬ولست تهديه فقط بل تطلبه‪.‬‬
‫من منا ال يريد أن يحس باهتمام من حوله به‪ ،‬من منا ال يريد أن يكون حوله رفقاء‬
‫يحبونه قبل حبه لهم‪ ،‬ومن منا ال يطلب الحب كل يوم في كل ما يفعل‪ ،‬البشرية‬
‫ُجبلت على الحب‪ ،‬والحب هو مشاعر تختلط في داخلنا وتشعرنا بالسعادة‪ ،‬فكيف‬
‫إذا ً تكون فينا بعض من أنانية؟! حين وجه رسولنا صلى هللا عليه وسلم بحب أخينا‬
‫المؤمن وربطه باإليمان‪ ،‬أعطانا درسا ً كبيرا ً بأن الحياة ال تستقيم باألنانية‪ ،‬وحين‬
‫نغلق األبواب من حولنا‪ .‬اليوم أصبحت الحياة تجرنا ال إردايا ً للعيش بموجة من‬
‫السرعة أنستنا الكثير من إنسانيتنا وكيف نهدي الحب‪ ،‬لم نخلق ألن نكون آالت‬
‫بشرية تتحرك دون أن تشعر بمن حولها‪ ،‬ولم نخلق ألن نعيش يوميا ً في روتين‬
‫جاف‪ ،‬لم نخلق حتى يتنقل بنا العمر في مراحله في جفوة من المشاعر‪ ،‬العطاء في‬
‫الحياة هو بذرة الحب‪ ،‬وحفظ حياة اآلخرين ومشاعرهم ومشاركتنا لهم هي روح‬
‫العطاء‪.‬‬
‫الحب تلك الموجة اآلسرة التي تنتشي بها قلوبنا وتعتصرها ألقا ً حتى نبدو فرحين‬
‫ومنتشين‪ ،‬الحب حين يبسم من حولنا ويكون في حالة تفرحنا فنفرح‪ ،‬الحب سعادة‬
‫ال نملكها لكننا نطلبها من خالل من يحتاج فنحتاجه نحن‪ ،‬الحب صورة من المشاركة‬
‫واإلخاء‪ ،‬التجرد من أنانية الحياة لنتقاسمها معهم‪ ،‬الحب هبة من هللا‪ ،‬أحبنا لنحب‬
‫خلقه‪ ،‬أبوابه بالحب مفتوحة ينتظرنا ويطلق لنا كل سبل العودة حين نحتاج ألن‬
‫نرتاح‪ ،‬فكيف نحن نبخل وربنا ينعم؟!! الحب صورة تتخيلها كل يوم لكنها موجودة‬
‫حين تسمو نفوسنا عن إيذاء من حولنا‪ ،‬عن التعرض له‪ ،‬عن مشاكسة مشاكله‪،‬‬
‫التجرد من التباهي والتعالي‪ ،‬التحلي بالتواضع ونشر صورة جميلة عنا‪ .‬الحب أنت‬
‫من خالل غيرك‪ ،‬ال تبقى في حب إال إذا كنت ممن يهدي الحب‪ ،‬فال تهمل حاجتك‬
‫وأعط بحب‪!..‬‬
‫ِ‬ ‫وكن سباقا ً‬
‫‪ ١١:٠٢ ٢٠١٧-١-٧‬صباحا ‪ .٥٨‬الحياة بعد الرحيل‪!..‬‬

‫في غمضة عين فارقنا الكثيرون‪ ،‬وكم من حبيب قريب رحل عن محبيه!! في كل‬
‫بيت وكل يوم منذ مدة نسمع عن حاالت الفقد‪ ،‬حاالت الرحيل التي باتت تفجعنا‪،‬‬
‫من كل األعمار وبمختلف الحوادث واألسباب‪ ،‬الكل مؤمن بأن لكل أجل كتاباً‪ ،‬وكلنا‬
‫سيرحل يوما ً مخلفا ً وراءه هذه الدنيا‪ ،‬وتاركا ً إياها صفر اليدين‪.‬‬
‫الحياة لن تتوقف‪ ،‬الحزن عميق في قلب من يحبك حين ترحل‪ ،‬يتأوه ويبكي‪ ،‬يحس‬
‫بمرارة الفقد وفراغه‪ ،‬تبقى كل المناسبات‪ ،‬كل الذكريات وكل أحداث المستقبل‬
‫تخبره بأن هناك من رحل‪ ،‬لكنها رحمة رب العالمين أن يلهمنا الصبر والسلوان‬
‫ونعمة النسيان‪ ،‬حتى ال ننسى‪ ،‬بل نعيش الواقع بمنظور جديد‪.‬‬
‫من يرحل عنا يحتاجنا أكثر حين يرحل‪ ،‬فالحب أن نكون اليد التي ترفع له‪ ،‬القلب‬
‫الذي يدعو له والفعل الذي يمشي على دربه‪ ،‬والصورة التي تحييه من جديد بجميل‬
‫فعله‪ ،‬ونحن حين نرحل كيف يكون االطمئنان‪ ،‬وكيف تكون الحياة بعدنا؟ الموت‬
‫تجربة حقيقية وفاجعة تربي وتخلق حياة جديدة‪ ،‬سواء قبلنا بها أم ال‪ ،‬يبقى اإليمان‬
‫باهلل هو المحرك القوي والدائم‪ ،‬فـ "كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجالل‬
‫واإلحسان"‪ ،‬يبقى هللا الذي يعلم بحالنا ويدركنا‪ ،‬يبقى هللا الذي ما إن احتجنا ألن‬
‫نتمسك بالحياة ناديناه بأكف التضرع والرجاء‪.‬‬
‫كيف نرحل؟ ال متى نرحل؟ الموعد مجهول والوقت ال ندركه‪ ،‬غيب عنا بحكمة‬
‫من هللا‪ ،‬حتى ال نعيش كل يوم في قلق‪ ،‬لكنه أيضا ً أخبرنا بأنها قريبة كرمشة عين‪،‬‬
‫فهل تستحق الحياة بعدها منا أن نواجهها بكل ما نحمل أنفسنا من ضغوطات‬
‫وأحمال؟ كم يهنأ القلب بهدوء صفاء في صالة!! وكم هي متعة كبيرة حين نسعى‬
‫في عمل الخير!!‬
‫كيف نبخل على أنفسنا بأن تكون لنا روافد تستمر بعدنا؟ كيف نبخل على أرواحنا‬
‫التي ستكون عند هللا بأن نقابله وقد أحسنا لخلق هللا؟ نتساءل كثيراً‪ ،‬كيف استسهل‬
‫البعض أن يعيش وقد آلم غيره‪ ،‬آذاه وتحمل وزر دعائه كمظلوم؟! كيف تنام قلوب‬
‫وهي تعرف أنها حرمت أحدهم لذة النوم؟! كيف يبقى القلب هنيئا ً سعيدا ً ومن حولنا‬
‫من يترقب منا فعالً أو قوالً يهدئ من نفسه التعبة؟! فهل نزيد بعد ذلك؟ مشهد‬
‫الرحيل مؤلم‪ ،‬ال أحمال وال أمتعة‪ ،‬ال رفيق وال حبيب‪ ،‬ال أحد غيرك بين الطين‬
‫والظلمة‪ ،‬تُغسل وتحملك األكتاف وتشيعك األعداد‪ ،‬وتعود أدراجا ً ليبقى معك ولك‬
‫ما قدمت وما فعلت حين كنت على أرض الحياة‪ .‬كم من امرئ رحل وما زلنا نذكره‬
‫بخير؟! غيّر حياة أحدهم‪ ،‬وقف مع أحدهم أو لربما كان ال يتعرض ألحدهم‪ .‬كلنا‬
‫راحلون‪ ،‬ولكن كيف ستكون لنا حياة بين األحياء بعد الرحيل‪ ،‬لنفكر ولنحاسب‬
‫أنفسنا‪ ،‬ولنس َع إلحياة حياة غيرنا حتى نحيا‪ .‬لنعش بعد الرحيل!‬
‫‪ ١٢:١٥ ٢٠١٧-١-٢٨‬ظهرا ‪ .٥٩‬رسالة إلى جندي‪!..‬‬

‫إلى ذلك الذي يقبع خلف المجهول‪ ،‬في غربة العز وبعد الوالء‪ ،‬كيف أنشد عنك ما‬
‫تقاسي حتى نتنفس ونعيش؟ كيف أنت تتنفس؟ وكيف تشتاق ألهلك وتغمض العين‬
‫تدعو لهم بالحياة واألمن واألمان‪ ،‬وأنت تقبع هناك بعيدا ً بكل حاالتك حتى ال يتكدر‬
‫حالنا ؟!‬
‫إلى ذلك الذي لم يتردد‪ ،‬حمل أحماله ومضى وكفنه بيده يودع الكل حتى يعود للكل‬
‫بعز وفخر‪ ،‬أيها الذي نحب‪ ،‬أنت أسمى من كلماتنا وأنبل مما قد نقول أو نرسل‪،‬‬
‫لست أدري بما نعيش هل عرفنا قدرك وأنت تشهد الموت كل يوم؟ تواجه الشر كل‬
‫حين‪ ،‬وتتأمل في نيران الحروب كل حين‪ ،‬حتى تبقى عيوننا مغمضة في سبات‬
‫البيوت والهناء؟‬
‫إلى جندي‪ ،‬لبس إحرام الوطن وارتقى ال يتردد ألن يبذل قلبه ونبضه من أجل‬
‫الوطن وأهل هذا الوطن‪ ،‬لن نتخاذل من بعدك لكن ما تمر به يجعلنا نفكر‪ ،‬كم قدمنا‬
‫مثلك؟ نحارب في الكثير من الجبهات‪ ،‬تعلمناها منك أن الغالي يهون‪ ،‬وأن ما نحن‬
‫إال فداء ألرض الوطن دون ملل أو كلل‪.‬‬
‫إلى جندي نحبه‪ ،‬ونتمنى له كل الخير وأن يحفظه هللا‪ ،‬أنت مثال حي حتى بعد‬
‫الممات‪ ،‬تعيش في منزلة الشهداء والصديقين وفي الحياة كريما ً عزيزا ً بالفخر اسمك‬
‫محفور‪ ،‬وبالكرامة مذكور‪ ،‬كيف نقول لك شكرا ً وأنت من ال يريد سوى أن يرانا‬
‫بخير وأعزاء على أرض ارتوت بدمك‪ ،‬واحتضنتك بشوق العودة والرحيل‪ .‬لك‬
‫نرفع الكف في إجالل وندعو بأن نكون لك إخوانا ً وبقربك في الجنان بعضا ً من‬
‫مكان‪.‬‬
‫إلى جندي يعيش فينا كل يوم بتفاصيله‪ ،‬وال ندري كم جهلنا من حياته‪ ،‬سمعنا عن‬
‫تلك األصوات‪ ،‬تدوي في كل مكان‪ ،‬والسماء تمطر النيران من بعض الخونة‪ ،‬فكنت‬
‫أنت الصد وأنت المرسى واألمان‪ ،‬لم تتراجع بل واجهت وبقيت في الشدة والحروب‬
‫لنا قلبا ً يعطينا الحياة‪ ،‬وال يبخل حتى بروحه وعمره‪ .‬إليك في سماء الدعوات من‬
‫أمهات صابرات ونساء باكيات الكثير من الصلوات بأن تكون بخير‪.‬‬
‫إلى جندي علمنا أن التضحيات بال حدود‪ ،‬ال تعرف خطا ً أو مساحات‪ ،‬بل تأوهات‬
‫واحتماالت‪ ،‬ساعات تلو ساعات‪ ،‬ال نوم وال راحات‪ ،‬بل حاالت من تأهب وارتقاب‪،‬‬
‫خوف على من يقبع خلف خط النيران واستماتة من أجل طفل في حضن أمه يرتقب‬
‫العمر والحياة‪ ،‬إليك سطرت خجلي من الكثير من التخاذالت‪ ،‬وكسل ع ّم في أجنحة‬
‫األروقة ال يدري أن هناك من ال يعرف ساعة من كسل!‬
‫إليك أيها الجندي‪ ،‬أخي‪ ،‬أبي‪ ،‬زوجي‪ ،‬وحتى من ال أعرف‪ ،‬كثيرا ً من شكري‬
‫وامتناني!‬
‫‪ ١٠:٢٤ ٢٠١٧-٣-٣‬مساء ‪ .٦٠‬استدامة وطن‪!..‬‬

‫في القمة الحكومية‪ ،‬وردت الكثير من المواضيع‪ ،‬وحضرت حكومات وعقدت‬


‫اتفاقيات كثيرة وتوقيعات‪ .‬من الجلسات التي ألهبت القلب واستفرت الكثير من‬
‫المشاعر لدينا نحن على أرض اإلمارات‪ ،‬جلسة سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان‪،‬‬
‫استدامة وطن‪ ،‬الوطن الذي هو قلب الحياة فينا‪ ،‬الوطن الذي نعيشه كل يوم ويموت‬
‫من أجله شبابنا تضحية وبذالً‪.‬‬
‫كانت النماذج التي يقدمها سمو الشيخ نماذج مصغرة لكنها تتكلم عن شريحة أكبر‬
‫من المجتمع‪ ،‬فالشهيد والجندي اإلماراتي‪ ،‬هو روح هذا الوطن‪ ،‬ونبضه الذي يسري‬
‫في عروق كل إماراتي وغير إماراتي على هذه األرض‪ ،‬كل التضحيات نعيشها‬
‫معهم كل يوم‪ ،‬ال نستهين بها‪ .‬كل جندي مغترب هو حقيقة جسر الستمرار الحياة‪،‬‬
‫واستدامة األمن واألمان‪ ،‬وكلنا له في امتنان‪.‬‬
‫الطالبة اليابانية ريم النقبي‪ ،‬هي نموذج لطالبنا المبتعثين‪ ،‬وشريحة جدا ً متفانية منهم‬
‫ومميزة‪ ،‬بدأوا ينطلقون في اتجاهات مغايرة عن الماضي‪ ،‬وبدأوا يكتشفون الحياة‬
‫من منظور مختلف عما اختبره المبتعثون قبلهم‪ ،‬هي تعبر عن فئة بدأت تنطلق‬
‫لدول ال تتحدث باللغة اإلنجليزية‪ ،‬بل لغات أخرى ومجتمعات مختلفة‪ ،‬أصعب‬
‫ولربما أعقد‪ ،‬لكنهم قرروا أن يكونوا مميزين في حياة جديدة‪ ،‬ومتمكنين من أجل‬
‫أن يكملوا مسيرة الوطن‪ ،‬ومن أجل أن تستمر موازين التقدم والتطور‪ ،‬وحين تختلف‬
‫اتجاهاتها يجب أن نتكيف ونبدأ مرحلة التعلم الموازية لها‪ ،‬وبذلك يكون االستمرار‬
‫واالستدامة!‬
‫الموظف اسماعيل‪ ،‬أعرفه منذ أعوام‪ ،‬لكن حين قدمه سمو الشيخ سيف بن زايد‪،‬‬
‫ألول مرة أعرف حقيقة إعاقته‪ ،‬فاحترمت أكثر فيه تلك الروح االيجابية‪ ،‬المبادرة‪،‬‬
‫لم أعرف عنه يوما ً أو سمعت تذمراً‪ ،‬بل يصور الحياة بفرح وسرور‪ ،‬وما قام به‬
‫من عمل خير لم يطلب من ورائه شهرة أو رياء‪ ،‬فأراد هللا له أن يختبر ويخبر عنه‬
‫دون أن يدري‪ ،‬ألن هللا ساق له رزقا ً وعطاء بنيته الصافية وقلبه النقي‪ ،‬وهذه صفة‬
‫أهل الخير‪ ،‬أهل البذل دون مقابل‪ ،‬حين ينبع الخير من القلب ويصل من أجل أن‬
‫يسد حاجة من حاجات الدنيا‪ ،‬فإن مردودها العالي سيقبع في قلب من تعطى له‬
‫وتعود لمن أعطاها بأضعاف ال يتخيلها‪.‬‬
‫نماذج كثيرة تعيش على هذه األرض‪ ،‬في مجاالت مختلفة‪ ،‬وكثيرون وفدوا على‬
‫هذه األرض وبعد التعايش والتأقلم‪ ،‬يبيت الكل يحب هذه األرض ويبذل لها كل ما‬
‫يستطيع‪ ،‬ألنه آمن ومن قلبه بأن هذه األرض التي احتوت الكل‪ ،‬احتوته وعائلته‬
‫األمن واألمان والحياة‪ ،‬تستحق أن تكون وتستمر في تطور وازدهار‪ ،‬أن تستديم‬
‫فيها الحياة‪.‬‬
‫استدامة وطن‪ ،‬واجب سبقه الغرس الذي غرسه اآلباء المؤسسون‪ ،‬فوجب علينا أن‬
‫نستمر ونبقى على يقين بأن كل شيء يهون‪ ..‬حتى يبقى ويستمر‪.‬‬
‫‪ ١٢:١٢ ٢٠١٧-٢-١٨‬ظهرا ‪ .٦١‬التفاصيل تصنع قائدا‪!..‬‬

‫في يوم ما سمعت أحدهم يقول لنا ونحن في مهمة عمل خارج الدولة "لن يصبح‬
‫أحد منكم قائدا ً ناجحاً"‪ ..‬صدمتنا الكلمة فسألنا لماذا؟ قال ألنكم لم تهتموا بالتفاصيل‪،‬‬
‫التفاصيل هي من تصنع قائدا ً حقيقياً!‬
‫ندرك الكثير من األمور‪ ،‬ونحاول أن ندخل في الكثير من المواضيع‪ ،‬التي تعنينا‬
‫والتي ال تعنينا‪ ،‬حتى بات صاحب الـ ‪ ٧‬صنايع ضائعا ً في الـ ‪ ١٠٠‬صنعة‪ ،‬ألنه‬
‫يريد أن ينفش ريشه وينسى أن يركز في صنعته فيتمكن منها قبل أن ينتقل لشيء‬
‫آخر‪ .‬قبل أيام كان اليوم الوطني لدولة الكويت الحبيبة‪ ،‬استيقظ الشعب على رسالة‬
‫من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدول رئيس مجلس‬
‫الوزراء حاكم دبي‪ ،‬رعاه هللا‪ ،‬يهنئهم باليوم الوطني لهم‪ ،‬أثر في شعب بكلمات‬
‫بسيطة‪ ،‬تفاصيل قد نعتقد أنها ال تهم لكنها أسعدت شعباً‪ ،‬صدّر السعادة لهم دون‬
‫تكلف‪ .‬أن نهتم بتفاصيل ما نحب‪ ،‬تفاصيل من حولنا هو ما يسعدهم ويسعدنا‪.‬‬
‫يظن الكثيرون أنهم ملمون بكل التفاصيل‪ ،‬لكنها مهارة تدرب نفسك عليها‪ ،‬مع‬
‫الممارسة والمراجعة‪ ،‬هي تقنية الجودة التي تترسخ في عقلك وقلبك أيضاً‪ ،‬حين‬
‫تصبح شغوفا ً باألمر وتدرك ما ال يدركه من حولك‪ ،‬حين تطمح ألن يكون كل شيء‬
‫يخرج منك على مستوى عا ٍل ال تتنازل عنه‪ .‬في خضم كل ذلك‪ ،‬تبقى األمور‬
‫الكبيرة كثيرة التفاصيل‪ ،‬وتبقى المهام كثيرة‪ ،‬ال يعني هذا أن ال يكون هناك ثقة بمن‬
‫حولنا‪ ،‬أن نوكل لهم األمور ونمنحهم الفرصة ألن يتعلموا مثلما تعلمنا‪ ،‬وأن نشرف‬
‫عليها حتى يتقنوا مهارة صنع الحدث الدقيق ال ُمرضي‪ .‬البعض يعتقد أنه يجب أن‬
‫يكون فوق كل وارد وصادر‪ ،‬كل حدث وكل شيء‪ ،‬نعم لكن هل يعني ذلك أن تتأخر‬
‫األمور وترتبط فقط بشخص بعينه؟ كثيرون هم أصحاب المركزية الذين يعتقدون‬
‫أن عدم وجودهم سينتج أشياء غير مرضية‪ ،‬فتصبح هناك تأخيرات تكون في‬
‫األساس هي سبب عدم الرضا وليس من انتظر‪ .‬التفويض منذ البدايات‪ ،‬وترتيب‬
‫األولويات‪ ،‬والثقة بالقدرات وبإعطائها الفرصة أيضا ً من شأنه رفع المستوى‪ ،‬أن‬
‫نكون أيضا ً دقيقين مع من نفوض له األمر‪ ،‬أن نشرح له التفاصيل الصحيحة منذ‬
‫البداية‪ ،‬وأن تكون هذه التفاصيل هي تفاصيل نهائية غير مرتبطة بمزاجية أو وجود‬
‫شخص من عدمه‪ ،‬المؤسسات تقوم على المنظومات التي تضمن لها أن تعمل دون‬
‫توقف‪ ،‬أن تكون عجلة اإلنتاجية مستمرة ومدامة‪ .‬قليل الخبرة يتعلم‪ ،‬وكبيرالخبرة‬
‫يهب ويعطي‪ ،‬يوجد ويدعم فتصبح كل التفاصيل هي مفاتيح النجاح‪ ،‬ويصبح هو‬
‫قائد النجاح‪.‬‬
‫‪ ١١:٠٠ ٢٠١٧-٢-٢٥‬صباحا ‪ .٦٢‬استغفال العقول‪!..‬‬

‫حالة من البهرجة‪ ،‬مسميات ووجوه أجنبية‪ ،‬تجتمع في قاعة االجتماع لعرض‬


‫موضوع كبير في صفته وتفاصيله‪ ،‬لكنه ليس بتلك الضخامة أن تحتشد له وجوه‬
‫ومسميات‪ ،‬وأن تقلب الفقرات بين كل األلوان واألجناس‪ .‬ذلك يحمل هذه الشهادة‬
‫وتلك الخبرات‪ ،‬وتلك معروفة بإنجازها للمشروع نفسه في مؤسسات وجهات كبرى‬
‫وذات حالة من التمكن ال تضاهى أو حتى تفند‪ .‬تلك الحالة مع "الخبير الخواجة"‪،‬‬
‫والشركة الخواجة‪ ،‬وكل حاجة ال تنطق في عرضها بالعربية تقال لها "شركات‬
‫استشارة" و"فلتة زمانه"!‬
‫ال ننتقص من حق كل الخبرات التي نقلت إلينا‪ ،‬والتي تعلمنا منها بصدق كيف ننتقل‬
‫من حالة النمو إلى التطور‪ ،‬وال ننكر كل العقول التي جاءت واستثمرت وعلمت‪،‬‬
‫كل من على هذه األرض له فضل‪ ،‬وكل بنى معنا وقدم الكثير‪ ،‬ما يستفز العقل‬
‫ويجعله في طنجرة الغضب أحياناً‪ ،‬تلك الحالة االستغفالية من بعض الشركات‬
‫والمسميات التي توجد بكثرة في الدولة‪ ،‬بعضها قد يكون تحت مظلة شركة عالمية‪،‬‬
‫لكنه يعتبر فرعا ً قد ال يمت بصلة للجودة الحقيقية بالشركة األم‪ ،‬ألن من ُوظف هنا‬
‫قد وظف وفي جيبه كبسولة من البهرجة والتغني بكل الموشحات‪ ،‬وإظهار الزينة‬
‫لكل المواضيع وتحصيل األموال فقط لمجرد بعض من اسقاطات‪ .‬تجد أحد هؤالء‬
‫يأتيك‪ ،‬يشرح لك ويضع الشمس في كف والقمر في كف‪ ،‬يزين لك الدنيا ويخبرك‬
‫أنه سينقلك من حال لحال‪ ،‬وأن المشروع الفالني سينقلك نقله نوعية‪ ،‬وأن الدراسة‬
‫القادمة معهم هي الجسر الحقيقي لالنتقال‪ ،‬فتنبهر بكم الجلوس‪ ،‬وعدد الحضور‪،‬‬
‫واللبس المفتون‪ ،‬وحالة من "هل تعلم‪ ،‬لقد كنا مع فالن والشركة الفالنية‪ ،‬أصبحنا‬
‫شركاء مع فالن وفالنة‪ ،‬إلخ‪ ،"..‬يجعلون من أمامهم في حالة من االستغفال‪ ،‬فيصدق‬
‫لقلة الخبرة أو حسن نية‪ ،‬ولربما ألنه كان في الحقيقة مبهورا ً بقلب سليم حتى صار‬
‫الحدث ووقعت الطامة الكبرى‪ ،‬وصار الحضور مجرد مقلدين وناسخين‪ ،‬بل ولربما‬
‫ال علم لهم وال استطاعة‪ ،‬فقط بعض من قشور‪ ،‬تلك القشور التي تحتاجها لربما في‬
‫البدايات‪ ،‬لكنها ال تغنيك بعد زمن من مرحلة التنفيذ فتصبح في حيرة من أمرك‬
‫وتتساءل‪ :‬ماذا قدموا؟‬
‫يجب أن نعي حقيقة تلك الشركات وأولئك الخبراء‪ ،‬فالدراسة االقتصادية وسعر‬
‫الدراسة التي تجعل األرقام في تضخم قد تخدع البعض باحترافيتهم‪ ،‬لكنها احترافية‬
‫غير مركزة أو مطعمة بعمق الحقائق‪ ،‬وما يجب أن يقدموا‪ ،‬تعلم أن تفاوضهم‪ ،‬أن‬
‫تعصرهم بالتفاصيل‪ ،‬أن تجردهم من بهرجتهم وأن تدقق في كل كلمة وكل مرحلة‪،‬‬
‫كن واثقا ً بأنك ذو عقلية تستطيع أن تفند الكثير من زيفهم‪ ،‬وتعلم إن كنت ال تعلم أن‬
‫تبقي بابا ً مفتوحا ً مع أهل الخبرة من محيطك فسيكونون أهالً لدعمك لتتعلم‪ ،‬ال تنبهر‬
‫باألرقام واإلحصائيات بل خاطب تلك العقول بالمنتجات ومدى فاعليتها ألعوام‪،‬‬
‫وكيف أنها ستعود عليك بعد أن يذهبوا وال يكونوا موجودين‪ .‬ال تجهل حقوقك‪ ،‬بل‬
‫تعلم أن تنتزع منهم حتى راحتهم‪ .‬كن ذا صرامة‪ ،‬وتعلم أن تستغفلهم‪!..‬‬
‫‪ ٩:٠٠ ٢٠١٧-٣-٣‬مساء ‪ .٦٣‬ملكة اللغات‪!..‬‬

‫هل جربت يوما ً أن تخوض في مقام‪ ،‬فتقلب الكلمات وتوردها مداخل ومواقع تختلف‬
‫على أذن من يستمعها عما كان يعرفه؟ فيجعلك في موضع شك واستعجاب كيف‬
‫أنك قلتها‪ ،‬وأنت تدرك سرها أو بعضها من وقعها‪ ،‬فتخلف الحاالت ويتعجب من‬
‫يقرؤك ويسمعك عما قلت وكتبت فيقول لك‪ :‬كيف يا فالن تقول ذاك؟!‬
‫من جمال اللغة العربية وقوتها‪ ،‬هو ذاك الثراء في المكتبة اللغوية التي تجعل من‬
‫معان كثيرة ومتشعبة‪ ،‬واألجمل أن هناك كلمات تداولناها كثيرا ً‬ ‫ٍ‬ ‫الكلمة الواحدة ذات‬
‫في معانيها الضد غير المحبب‪ ،‬وفي تجربة شخصية علمتني أنني لربما أسأت‬
‫ألحدهم والقصد المدح فقط‪ ،‬ألن كلمة كانت هي المفصل‪ ،‬فكلمة تعرف بمعناها‬
‫غير المحمود جاءت مني في "إيجابية" أصيب بها فعالً جميالً من التحميس‬
‫والتشجيع‪ ،‬لكني وقعت وقعة ال أحمد عليها‪ ،‬فوجب علي قبل غيري أن أتبين الكثير‪،‬‬
‫كيف أن اللغة هي حقا ً أم اللغات؟ وأن الكلمات تختلف حتى باختالف من يستخدمها؟‬
‫علمتني هذه التجربة أن أقرأ اكثر وأتعمق أكثر في الكثير من كلمات المفردات اليوم‬
‫وغداً‪ ،‬وأن تكون هناك حالة من التأمل في جماليات الكلمات ومواضعها‪ ،‬لغتنا ال‬
‫تضاهيها لغة أخرى‪ ،‬وال نتفاخر فقط بذلك عبثاً‪ ،‬فكتاب هللا الذي يجعلك مشدوها ً‬
‫دوما ً هو المعجزة الخالدة للغة العربية‪ ،‬التي مهما فهمنا جزءا ً منها نبقى نجهل الكثير‬
‫الكثير‪ ،‬فكانت المعاني هي حالة روحانية سامية‪ ،‬تأخذك لفضاوات المعجزات‬
‫وتحملك على أن تقول "سبحان هللا"‪.‬‬
‫تتعجب ممن يقول أنها ليست لغة عصرية‪ ،‬تأمل حين تلقى الكلمات في المحافل‬
‫الدولية‪ ،‬ألولئك الذين تمرسوا في تصاريف الكالم وجمال المعاني‪ ،‬كيف لكلماتهم‬
‫وقع القوة‪ ،‬ورنة االتزان‪ ،‬وبهاء األناقة وألق الحضارة‪ ،‬كيف أن الشعر يجردك من‬
‫حالة لحالة أخرى ويحتويك حتى تصبح في حب وغرام‪ .‬أصبحت أردد في سؤلي‬
‫عن بعض من أقاويل‪ ،‬عمن جاء يسألني "لماذا اخترت العربية" فقلت هي لغتي‬
‫األم وقد خجلت من نفسي مرارا ً أن أتعذر بصعوبات وحواجز‪ ،‬حتى صرت عنها‬
‫غريبة وصار الوصل بعيداً‪ ،‬فعدت أتقرب وأتودد لها علها تغفر لي ماضيا ً فيه‬
‫تقصيري‪ ،‬فصارت تتودد لي كلما اخترتها وعاودت التكرار حتى تخترقني وتجري‬
‫في مجرى الدم‪ ،‬حتى صارحتني يوما ً "أو ال تدرين‪ ،‬أحتاج أن أعود في أثواب‬
‫الزهو والفخر‪ ،‬أتردد في الدواوين وحاالت الكتاب‪ ،‬وقصائد الشعراء فيتغنون‬
‫وتموج حروفي تسري في قلوب باتت تشتاق‪ ،‬وعن شوقها ال تعرف سوى صمت‬
‫الحال"‪ .‬أجبتها‪ ،‬عني عذري تقبلي‪ ،‬فكان التقصير وحان االعتراف‪ ،‬لم يكن دونك‬
‫سوى الجهل‪ ،‬فعاد الوهج في طيات الدفاتر يخبرنا كيف أنك من خزائن المواريث‬
‫أغلى من جواهر ونفائس‪ ،‬ستبقين عزيزة باقية خالدة ما بقيت الدنيا‪ ،‬فأنت لغة هللا‬
‫في كتابه‪ ،‬فال تخافي وهو خير حافظ لك وأنت تبقين ملكة اللغات"‪.‬‬
‫‪ ١١:١٧ ٢٠١٧-٤-١٥‬صباحا ‪ .٦٤‬خيرة هللا ‪!..‬‬

‫نسعد في هذه الحياة كثيرا بأمور قد تتجاوز قلوبنا‪ ،‬ونشكر هللا على فضله‪ ،‬وبين‬
‫الفرح والسعادة يأتي الهم والتعب والحزن‪ ،‬تتجاور معها بعضا ً من كرب وتعب‪،‬‬
‫فتعتصر روحنا وتتوه فيها حاالتنا‪ ،‬قد نفقد لوقت بعضا ً من توازننا‪ ،‬وقد تكون دنيا‬
‫غير الدنيا‪ ،‬وحين نتذكر "وعسى أن تكرهوا شيئا ً وهو خير لكم"‪ ،‬يتبدل الظالم‬
‫لنور‪ ،‬ويمالً القلب يقين بأن هللا سيختار لنا أفضل مما نريد‪ ،‬وما منع شيئا ً إال لسوء‬
‫فيه‪.‬‬
‫يرحل بعض المقربين‪ ،‬صغارا ً في أعمارهم‪ ،‬ونحزن‪ ،‬وتبكيهم كل ذراتنا حتى‬
‫تصبح مقامات الفرح صعبة في ظننا‪ ،‬فما أن يلبسنا السكون فضالً من هللا حتى‬
‫ولم أصابهم ما أصابهم‪ ،‬لكنهم‬ ‫نحمده ونشكره‪ ،‬ال ندري لم رحلوا في هذا العمر‪َ ،‬‬
‫طيبون رحلوا‪ ،‬اختارهم هللا ألنهم خير خلقه وهذه ثقتنا به‪ ،‬اختارهم ليكونوا عنده‬
‫في مقام كريم في الفردوس األعلى‪ ،‬فتطمئن قلوبنا وندعو هللا بأن نكون في مثل‬
‫مقامهم‪.‬‬
‫رحلت محاربة السرطان "هناء اسكندر" عن عمر ال يتجاوز الـ ‪ ،٢٤‬وقد جاوز‬
‫تحديها عنان السماء‪ ،‬قاومت المرض ‪ ٨‬أشهر حتى فجعنا برحيلها صباح الخميس‪،‬‬
‫فتاة حنينها ألخيها جعلها تكتب يوما "سأكمل ما بدأته إن كنت في صحة وإن ال‬
‫فسأكون جنبك"‪ ،‬سبقها إلى مقام ربه قبل ‪ ٤‬أشهر لتلحق به‪ ،‬وفاتها أحزنت الماليين‪،‬‬
‫لما كانت تحمله من رسالة سامية‪ ،‬وإصرار في كلماتها المنهكة المتعبة بأنها ستكمل‬
‫مشوار أخيها وبأنها ستحقق حلمه بأن يكون هناك مركز لمحاربي السرطان‪ ،‬بأن‬
‫يكون هناك دعم لهم ولحاالتهم واحتياجاتهم‪ ،‬ال أدري وأنا أكتب هذه المقالة أين‬
‫وصلت هناء "يرحمها هللا" في المركز قبل وفاتها‪ ،‬لكني والجميع ثقة بأن حلمهما‬
‫سيتحقق‪ ،‬سيكون هناك باب للنور‪ ،‬وسيرى ما عملوا من أجله طريقه مخلدا ً اسميهما‬
‫وحقيقة عملهما‪.‬‬
‫لم ترحل هناء بسهولة من هذه الدنيا‪ ،‬بل خلدت اسمها في قلوب الماليين‪ ،‬وستبقى‬
‫حية رغم موتها‪ ،‬ذكر طيب‪ ،‬ونحن نعلم بأن الخيرة فيما اختاره هللا‪ ،‬ورجاؤنا بأنها‬
‫عند أكرم األكرمين‪ ،‬فيارب أبدل كل تعبها راحة‪ ،‬وابدل شبابها هي وأخيها في‬
‫الجنة‪ ،‬واجمع روحيهما فقد اشتاقت له وصبرت‪ ،‬حنت له وعملت‪ ،‬بكت من أجله‬
‫وأكملت ألجله‪ ،‬أبدلهما دارا ً خير من دارنا وأهلنا خيرا ً من أهلهما‪ .‬ولمن يعيش على‬
‫تنس من رحل عنك‪ ،‬فقيدا ً كان قريبا ً لقلبك‪ ،‬ما زلت تتألم لرحيله‪،‬‬ ‫هذه األرض ال َ‬
‫ليكن حاضرا ً بكل صالة‪ ،‬دعاء‪ ،‬ال تبخل وأنت تفطر بأن تعطيه ثواني تدعو له‪،‬‬
‫تطلب من هللا أن يرحمه‪ ،‬فقط انقطع عن الدنيا وأنت وصله‪ .‬اللهم ارحم من اشتاقت‬
‫لهم قلوبنا وهم تحت التراب‪ ،‬اللهم في شهرك الفضيل هذا ارزقنا رحمتك وعفوك‬
‫وغفرانك وتجاوز فإننا مشتاقون لقربك‪.‬‬
‫‪٢٠١٧ - ٦ – ٣‬‬
‫عفو تحب العفو‪!..‬‬
‫‪ ١٢:١٢‬ظهرا ‪ٌ .٦٥‬‬

‫رمضان بدأ يطرق باب الرحيل‪ ،‬بات يخبرنا أنه بقي أقل القليل ويرحل‪ .‬رحل‬
‫الكثيرون قبله‪ ،‬فهل ندركه عاما ً آخر؟؟ اللهم بلغنا‪.‬‬
‫ونسأل هللا "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا"‪ .‬نتداول هذا الدعاء ونلح فيه‪،‬‬
‫وفي كل عام أنظر لكلمة العفو وكلي ثقة بأني مهما قرأت في معانيها وعمقها‬
‫فمازلت أفتقد الكثير‪ ،‬فلربما هي كلمة من ثالثة أحرف لكن ما بها أكبر مما نحن‬
‫فالعفو "هو الذي له العفو الشامل الذي وسع ما يصدر من‬ ‫ُّ‬ ‫نوقن به أو نسعى له‪/‬‬
‫عباده من الذنوب" وهنا جل ما ينبغي أن نسعى له أن نكون صادقين‪ ،‬حريصين‬
‫على أن نشكو له زالتنا‪ ،‬وأن ال نخجل بأن نبكي بين يديه‪ ،‬حين يطيل اإلمام السجود‬
‫فهي فرصة أن نقول ما بداخلنا‪ ،‬أن تكون دقائق مع من يحبنا وينتظر منا أن نرجع‬
‫له‪ ،‬قد نسرف وقد نعتقد أن ذنبنا أكبر من أن نقوله‪ ،‬وقد يغلبنا إسرافنا على أنفسنا‬
‫فنقول كيف لنا أن نواجه رب السماوات واألرض؟ فتأتي كلمات هللا رحمة وبردا ً‬
‫وسالماً‪ ..‬فاهلل تعالى يقول في محكم آياته "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم‬
‫ال تقنطوا من رحمة هللا"‪ ..‬فكيف بعد هذا نخجل؟؟!‬
‫نشكو لبشر ونفتح قلوبنا ونبكي لديه ما يعتلي بقلوبنا‪ ،‬وهللا أحق بأن نخاطبه ونكلمه‪.‬‬
‫نبكي لبشر ضعف حالنا وهو الذي بيده ملكوت كل شيء‪ .‬قد أسرفنا وأصبحت قلوبنا‬
‫قاسية جامدة ‪..‬نحن نتداول الدعاء وفي كل يوم يصلنا مئات المرات‪ ،‬ولكن كيف‬
‫نحن من تطبيق هذا الدعاء والعيش في معانيه واإلحساس بعظم من يعفو‪ .‬سألت‬
‫عفو غفور‬
‫لك رب ٌ‬ ‫نفسي ماذا تبكين قالت ضعفا ً اعتراني وتقصيرا ً أبكاني فقلت‪ِ :‬‬
‫رحيم‪ ،‬فيا نفسي كوني في ركعة السجود معه‪ ،‬فضفضي ‪ ..‬قولي ما اعتراك وال‬
‫تخجلي ‪ ..‬ابكي بدموع التوبة فهو يقبلها والبشر ينكرونها‪ ،‬ابكي حزنا ً اعتراك فهو‬
‫يغيره‪ ،‬ابكي رغبات في قلبك طالت فهو من يجيبها‪ ،‬وابكي شوقا ً للفردوس يكن ما‬
‫ينتظرك‪ ،‬وابكي رؤية رسول هللا "صلى هللا عليه وسلم" بكى لنا وافتقدنا‪ ،‬ابكي حبا ً‬
‫للعفو الغفور‪ ،‬وابكي نفسك في ساعات السحر حين ينزل رب البشر فيقول هل من‬
‫ولنبك‪ ،‬لنلح فهو ال يمل‬
‫ِ‬ ‫سائل فأستجيب له؟ فلنسأل ولنسأل كثيرا ً ولنلح في الطلب‬
‫والبشر يملون‪ .‬لنلح وال نرفع الجباه إال وقد قلنا ما في القلوب والنفوس‪ ،‬لنلح‬
‫ولتطمئن قلوبنا بذكره‪ ،‬ولنردد بملء اليقين "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا"‬
‫‪ ..‬يقين باإلجابة ويقين بأن من نخاطبه ملك الملوك‪،..‬يقين بأننا قد ال نكون رمضان‬
‫المقبل ممن يدركه‪ ،‬ولنكثر اللهم رضاك والجنة‪ ،‬اللهم رضاك والجنة!‬
‫عجب عُجاب‪!..‬‬
‫ٌ‬ ‫يونيو ‪.٦٦ ٢٠١٧‬‬

‫خرجنا كمجموعة لم تلتق منذ سنوات لنلتقي في أحد األماكن التي فتحت جديداً‪،‬‬
‫"كافيه" جديد ذاع صيته‪ ،‬كان محطة أولى لنشرب القهوة ومن ثم االنتقال لمطعم‬
‫في مكان آخر‪ ،‬كان من المستحيالت الحصول على طاولة في هذا الكافيه لشهرته‬
‫المفاجئة ورغبة الكل بتجربته ويوم "الجمعة" حتى كاد يكون من المهمات الصعبة‬
‫التشبث بطاولة لـ ‪ ٦‬أشخاص‪ ،‬تيسرت األمور وجلسنا نجرب حتى نعرف السر‪،‬‬
‫كنا نلتفت يمنة ويسرة‪ ،‬وقد عج المكان فقط بأشباه البشر‪!..‬‬
‫الكل في كامل زينته التي في اعتقادي الشخصي ليست لمقهى أو مطعم‪ ،‬بل لمناسبة‬
‫لكن الموجودين كانوا نسخة من بعضهم‬ ‫شخصية أو حفلة عائلية أو حتى أصدقاء‪ّ ،‬‬
‫في تقليد أشكال الموضة في الملبس والزينة‪ ،‬لم أكن أرى في الوجوه التي أتطلع لها‬
‫صفة حية‪ ،‬فالهواتف قد قضت على آخر حقائق التواصل والحديث‪ ،‬ما إن يدخل‬
‫أحدهم حتى يبدأ التصوير وعرض كل ما على الطاولة والمكان‪ ،‬ومن ثم ينشغل بما‬
‫قد يصله من ردود وتنتهي الجلسة‪ .‬ويبقى السؤال‪ ،‬لم كل هذا التفاوت والمبالغة في‬
‫الملبس والزينة؟ ولم كل هذه السطحية لمجرد الوقوف في طوابير في انتظار طاولة‬
‫ومن ثم نسيان من جئنا معه؟ وأعتقد لن يحس أحدهم بذلك فكل من على الطاولة‬
‫متشابهون‪ ،‬مغيبون‪!!..‬‬
‫لم يكن المطعم الذي ولجنا إليه ببيئة مختلفة‪ ،‬رغم أننا قررنا أن نستمتع فيه‬
‫كمجموعة‪ ،‬لكننا تعجبنا وتحدثنا عن زمن ال يفرق فيه البشر بين الموقف والمقام‬
‫وحاجة كل وقت ومكان لما نسميه "بلبس وزينة النهار والليل والمكان"‪ .‬أصبحنا‬
‫اليوم غارقين بتتبع موجات التواصل اإلجتماعي‪ ،‬التي جعلت من الكل يتباهى بما‬
‫لديه وينسى أن الحقيقة هي في التواصل الحقيقي‪ ،‬مشاعرنا وأحاسيسنا‪ ،‬تسجيل‬
‫ذكريات للمستقبل‪ ،‬ذكريات حقيقية نتحدث فيها عن بعضنا ونسمع لبعضنا‪ ،‬ذكريات‬
‫حين نتذكرها نضحك ونعيشها كأنها تحدث اآلن‪ ،‬ماذا سيتذكر أصحاب األصابع‬
‫التي ال تتوقف عن الطرق على شاشات الهواتف؟ وماذا سيتذكر أهلنا عنا حين‬
‫نجلس معهم وال نتحدث إليهم؟ تلك الجدة وذلك الجد الذين صرنا نقصر في حقهما‪،‬‬
‫وحين يرحلون‪ ،‬نعود ونبحث في هواتفنا عن صورهم!‬
‫أصبح اإلدمان الجديد يقتل من حولنا ويقتل فينا إنسانيتنا وحقيقتنا كبشر خلقنا هللا‬
‫لنتواصل‪ ،‬يقتل فينا حقيقة الحياة واالستمتاع بها‪ ،‬أصبح أرشيف الصور مليئا ً بصور‬
‫غير حقيقية فقط ألنها أخذت من وقتنا الكثير حتى نضبط الزوايا ونخرجها بصورة‬
‫بهية‪ ،‬لكنها خالية المحتوى والموقف‪ !..‬صار اإلدمان الذي ولجنا إليه اليوم يحتاج‬
‫إلعادة نظر‪ ،‬الموضة‪ ،‬المبالغة في الزينة‪ ،‬التواصل االجتماعي‪ ،‬جعلت منها فقط‬
‫آليات تتحرك دون هوادة أو هوية‪ ..‬هل يجب أن نتوقف قليالً مع أنفسنا ونرى ماذا‬
‫بقي في عمرنا وحياتنا حتى تسرقه هذه السطحيات؟؟؟؟‬
‫‪ ٣:٤٢ ٢٠١٧-٧-١‬عصرا ‪ .٦٧‬مصبغة مجدولين ‪ ..‬عبرة!‬

‫سافرت وعشت أياما ً جميلة حتى سألتني وأخبرتني صديقة "هل تعرفين قصة‬
‫مصبغة مجدولين؟" قلت ال‪ !..‬من أهم ما نكسبه حين نسافر لبلد جديد أننا نبدأ نقرأ‬
‫عن هذا البلد‪ ،‬ونتعمق في ثقافته‪ ،‬ونتعرف على أهم األحداث التي مرت به وما‬
‫عاشوه وكيف عاشوه‪ .‬ليس فقط أن ننغمس في جمال طبيعتهم وحياتهم اليومية بل‬
‫ننغمس في ما مروا به‪ ،‬وما عاشوه‪ ،‬فألول مرة أعرف عن مجاعة "البطاطس"‬
‫تلك النبتة التي دخلت إليهم من أمريكا الجنوبية‪ ،‬وكانت نبته زينة في بيوتهم‪ ،‬حتى‬
‫أصبحت في نهاية القرن السابع عشر هي الغذاء األساسي للفقراء‪ ،‬ومن ثم تلفت‬
‫بسبب آفة زراعية فمات الكثيرون‪ ،‬ما يقارب المليون وهاجر ما يشابه العدد‪ ،‬فكانت‬
‫محورا ً أساسيا ً لتغير الشكل السياسي واالقتصادي واالجتماعي في أيرلندا‪ ،‬مررنا‬
‫بشارع مثل بعض التماثيل التي تجسد مشهد تلك المجاعة‪ ،‬حتى وجدت األلم في‬
‫عيون تماثيل ال تنطق وال تحس‪ ،‬هي المعايشة لحقيقة ما حدث وكيف أن الجوع‬
‫والظروف السياسية تقهر البشر وتبيدهم‪!..‬‬
‫مصبغة مجدولين‪ ،‬أو مصابغ مجدولين‪ ،‬والتي كانت ظاهرة موجودة في أيرلندا‬
‫تحت إدارة الكنسية‪ ،‬شاهد على تاريخ خاص بالنساء من قمع وتعذيب خاص‪ ،‬ال‬
‫تهم األسباب أو ماذا حدث وكيف انتهت هذه القصة وكيف تم االعتذار ألكثرمن‬
‫‪ ٣٠‬ألف امرأة في عام ‪ ،٢٠١٣‬الذي يهمنا هنا كيف أن الحياة تتبدل‪ ..‬ما كان غير‬
‫مستساغ في مجتمع ما في يوم أصبح شائعا ً ومن العرف‪ ،‬مصبغة مجدولين هي فيلم‬
‫أيضا ً لقصة حقيقية انتشرت في عام ‪ ،٢٠٠٢‬ليسلط الضوء على قضية تهمهم في‬
‫تلك الفترة‪ ،‬وأخذت أعواما ً من الحكومة حتى تأخذ فيها قرارا ً ويُعتذر لكل الضحايا‪،‬‬
‫فهل ندرك من هذه القصص وتاريخ المرأة كيف أن المواقف التي تخصها ليست‬
‫كما نراها اليوم‪ ،‬من يدعي الحرية كانوا قبل أقل من قرن هم من يمقتها ويكبتها‬
‫ويهيئ األسباب ألن تكون نكرة غير مرغوب فيها في مجتمعها‪ ،‬لم تُنصف حين‬
‫كانت مظلومة ولم يعرف عنها أحد حين رحلت‪ ،‬وكم منهمن أصبحن مجانين‪ ،‬وقلة‬
‫من نجون بأنفسهم حتى عدن ليعشن في الحياة‪.‬‬
‫هي نظرة من قرب ووقت قريب‪ ،‬تجعلنا ندرك كيف أننا كرمنا منذ قرون وما زال‬
‫البعض يجهل‪ ،‬المعرفة باب للتفقه أيضاً‪ ،‬ألن نعرف كيف أن ديننا ومجتمعنا وحتى‬
‫بعضا ً من عاداتنا وتقاليدنا كرمتنا كنساء وحافظت علينا‪ ،‬كيف ألهمت قادتنا بأن‬
‫يصونوا حقوقنا ويعطونا الكثير من الحقوق في التعليم والعمل والقيادة‪ ،‬في‬
‫مجتمعات قريبة جغرافيا ً كانت هي في الظلمات‪ ،‬وكنا وال نزال في النور‪ ،‬فهل نعي‬
‫وندرك ما نحن فيه فنحمد هللا حمدا ً كثيراً؟ ال نحتاج للظلم حتى نشكر‪ ،‬أو للقهر‬
‫حتى نحمد‪ ،‬بل نحتاج للتذكرة وقراءة التاريخ حتى نعي وندرك‪ ،‬ولنا في قصصهم‬
‫عبره‪.‬‬
‫‪ ١:٤٩ ٢٠١٧-٧-٢٩‬ظهرا ‪ .٦٨‬ملل األفّلم…!‬

‫كنا نحاول أن نقضي وقتا ً جميالً مع فيلم هادئ‪ ،‬بعيدا ً عن أفالم العنف والحروب‬
‫والتخيالت العلمية التي تكون في كثير منها تتحدث عن فيروسات مدمرة أو كائنات‬
‫غريبة غازية كوكب األرض‪ ،‬أو بعض أفالم "الرسوم المتحركة" التي أصبحت‬
‫خاوية حتى من حس الفكاهة‪ !..‬كان فيلما ً جذبنا له أسماء الممثلين فيه‪ ،‬ثقة منا بأنهم‬
‫لن يهدروا وقتهم في فيلم ال قيمة له‪ ،‬حتى بات الكل سواسية! لم تعد هناك قائمة‬
‫تبهرك بأن تكون مشاهدا ً مجذوبا ً لها‪ .‬أو حتى تحاول أن تتحرى كل أسبوع ما‬
‫الجديد في دور السينما‪.‬‬
‫اليوم قد يجذبنا عالم التصوير السينمائي‪ ،‬ويكون شافعا ً لنا بأن نهدر بعضا ً من مال‬
‫ووقت ألن نكون محبوسين في تلك الكراسي وحولنا أناس أغراب‪ ،‬نحاول أن‬
‫نستمتع بما وصلت له التكنولوجيا والصورة البصرية المبهرة في عوالم التخيالت‬
‫والتصميم‪ .‬بتنا نتوق لتلك األفالم الوثائقية‪ ،‬أو التي هي مبنية على قصص تاريخية‬
‫حقيقية‪ ،‬أو شخصيات مبهرة كان لها نصيب من األثر في الحياة‪ .‬ال ننكر أن هناك‬
‫من بين فترة وفترة بعض األفالم التي تستحق االهتمام بها‪ .‬لكن المجمع صار‬
‫"ممرضا"‪!..‬‬
‫سؤالي هو هل أصبحنا في عالم ينقصه كتّاب األفالم الجميلة‪ ،‬تلك األفالم التي تبكيك‬
‫وأنت خارج منها؟ ليس ألنها من نوع "األفالم الهندية" المبالغ فيها‪ ،‬بل ألنها المستنا‬
‫في صدق تمثيل ممثيلها‪ ،‬وعمق قصتها وجمال الصورة‪ ،‬وحقيقة تعابير تلك الوجوه‬
‫التي ننبهر برونقها وصحتها دونما مساحيق التجميل التي يتكلف فيها الكثيرون‪.‬‬
‫الواقعية في الكثير من مسارات الحياة مهمة‪ ،‬لكننا ما زلنا نتوق للراحة‪ ،‬للخروج‬
‫من أزمة األحزان والتعقيدات لعالم الصورة المريحة والحالة التقمصية التي تتلبسنا‪،‬‬
‫لم نعد نحاكي سوى التوافه‪ ،‬وإن أردنا أن نعيد كتابة وتمثيل قصص مكررة‪،‬‬
‫كررناها بملل قاتل مثل الفيلم الذي قصدناه فصدمنا‪ .‬لم يكن فيه سوى أناقة الممثالت‬
‫ولباقة األوروبيات في الحديث المنمق والترتيبات المبهرة‪ ،‬وحالة الهدوء أثناء‬
‫الخطاب والوقوف والجلوس وكأنهم أميرات في كل األوقات‪ .‬صرنا نحن ونتمنى‬
‫أن نبقى في قاعات السينما من فيلم آلخر في يوم واحد‪ ،‬ال أن نبحث كل أسبوع وال‬
‫جديد يجذب‪!.‬‬
‫كنت أتساءل من اختفى؟ الكاتب أو الممثل ذو األخالق الملتزم بتقديم ذي القيمة؟ أو‬
‫المخرج الذي يصب تعبه في أمر يستحق؟ أو النقاد الذين يقولون في وقت ما لماذا‬
‫هذا الفيلم؟ أو الجمهور الذي يقاطع؟ أو هي حالة حالية للوقت الذي نحن فيه وال‬
‫يجب أن نبالغ في الحكم‪ ،‬ونمضي مع ما يقدم‪..‬؟‬
‫‪ ٢:٠٧ ٢٠١٧-٨-٢٦‬ظهرا ‪ .٦٩‬طاقة العطاء…!‬

‫هل أغمضت عينيك يوما ً وقلت "الحمد هلل" ألن أحدهم قال لك " أثرت في حياتي"‪،‬‬
‫"كلماتك كانت حافزاً"‪" ،‬أعطيتني دافعاً"‪" ،‬كنت قدوة لي"‪" ،‬تأُثرت بموقفك"‪،‬‬
‫"كنت ملهما ً لي"‪.…،‬إلخ! هل انتشيت بتلك الحالة الوجدانية التي تجعلك تتنفس‬
‫ب" وأنت تعتنق لحظة االمتنان والحب الحقيقي‪ ،‬سعادة ال‬ ‫بعمق وتقول "شكرا ً يار ِ‬
‫توجدها أموال الحياة مهما عملت وسعيت؟‬
‫أن تغير حياة أحدهم‪ ،‬أن يكون لك جزء من ذاكرته‪ ،‬أن يقص أحدهم يوما ً قصة‬
‫تكون فيها‪ ،‬وأن يتبادر إليه ذكرك فيقول "هللا يذكره بالخير"‪ ،‬هل أعطيت؟؟‬
‫طاقة العطاء‪ ،‬دون أن تكون مدركا ً ستشكل حياة مستقبلية ألحدهم‪ ،‬قد ال يكون‬
‫ألحدنا إدراك فيما يمكن أن يفعل‪ ،‬لكنها فرص وتغييرات يمنحنا إياها هللا ألن نكون‬
‫مؤثرين‪ ،‬ليس بالنظريات الكثيرة والقول الذي ال ينتهي‪ ،‬بل بالمعايشة‪ ،‬بأن نكون‬
‫فعالين وذوي تجارب حقيقية‪ ،‬العطاء ليس قوالً أو ماالً‪ ،‬بل أنت بنفسك وطاقتك‬
‫تكون ذا قدرة أن تلهم غيرك! قد يعتقد البعض أن من يغيرون العالم هم أناس‬
‫متخصصون متفردون‪ ،‬وهي مهمتهم‪ ،‬هذه هي النظرية التي يعتقدها "المخطئون"‪،‬‬
‫كلنا يملك أن يكون له بصمة وأن يكون ذا عطاء متجدد‪ .‬الصبر والمثابرة وأن يراك‬
‫الغير كذلك فأنت مؤثر‪ .‬أن تجتهد وال تتردد حين يحتاج منك أحدهم شيئاً‪ ،‬أن تكون‬
‫بين حين وحين ذا وجود في حياة أحدهم‪ ،‬تعطيه من وقتك‪ ،‬من حياتك التي مضت‪،‬‬
‫وبأن تشكل فيها سعادة خاصة‪ ،‬ال تهمل ما تقوم به فلربما ما تفعله اليوم يغير إنسانا ً‬
‫يقبع في البعيد‪ ،‬في مكان ال تعلمه‪ ،‬وأنت ال تعرفه‪ ،‬في ساعة قد ال تدركها لكنها‬
‫فضل من هللا ونعمة‪ ،‬في العطاء ال نخسر‪ ،‬ال أمواالً‪ ،‬وال وقتاً‪ ،‬وال حياتنا‪ ،‬بل‬
‫سبحان هللا تتجدد أرواحنا‪ ،‬تسمو آلفاق أكبر‪ ،‬قد ال تكون غنياً‪ ،‬ذا دخل بسيط‪ ،‬لكن‬
‫من حولك كثيرون يدعون لك‪ ،‬يتمنون لك الخير‪ ،‬يفرحون لوجودك‪ ،‬لسعيك لهم‪،‬‬
‫لماض عشته معهم‪ ،‬ليوم غيّر حياتهم لألبد‪ ،‬لقصة قلتها‪ ،‬لفعل فعلته‪ ،‬لتواضع عشته‬ ‫ٍ‬
‫معهم‪!..‬‬
‫الحياة قد تنتهي بوقت قصير‪ ،‬لكن الحب ال ينتهي‪ ،‬يمتد ألزمان‪ ،‬لحيوات‪ ،‬يذكرك‬
‫من ال تعرفه ويحبك وهل نستصغر ذلك؟ "إذا أحبك هللا حبب خلقه فيك" هل ننسى‬
‫هذا المعنى الكبير‪ ،‬حب الغير نعمة كبيرة ال تكون إال إن كنت معطياً‪ ،‬محباً‪ ،‬متفانياً‪،‬‬
‫كن مختلفا ً فيعرفك الكثيرون‪ ،‬قلل من وجودك المستمر دون هدف‪ ،‬قلل من ظهورك‬
‫العشوائي دون تجدد‪ ،‬ال تكن صورة متكررة و"فاهاً" مكررة في الوسط ذاته‪ ،‬ال‬
‫تعش دور اإلنجاز ذاته لألبد‪ ،‬كن صاحب عطاء لنفسك ليمتد لغيرك‪ ،‬كلنا نتمنى‬
‫الكثير والكثير ال يأتي إال بالتعب والمجهود المتواصل‪ ،‬كرر تجاربك وطورها‪،‬‬
‫سطر كل يوم ذاكرة جديدة وقصصا ً لم يألفها غيرك‪ ،‬كن أنت وعطاءك حالة‬
‫استثنائية‪!..‬‬
‫‪ ٤:١٨ ٢٠١٧-٨-٢٣‬عصرا ‪ .٧٠‬حكاية دول في رجل…!‬

‫هل عاش أحدنا متنقالً بين دول العالم يبحث عن وطن؟ هل عاش بعضنا ينتظر‬
‫لحظة "لم الشمل" يلتقي بأهله‪ ،‬أمه تلك التي كبرت وهي تنتظر أن تعيش مع الكل‬
‫في بيت واحد يلتف حولها األحفاد وغصن شجر مثمر يشبه شجر الزيتون؟ هل‬
‫توالت عليك األخبار حلوها ومرها من سلك طويل يسمى "هاتفاً" في بيوت‬
‫األغراب واألصدقاء؟ هل توشحت ليالً غريبا ً دون زوج أو أبناء؟ وهل أدركت‬
‫يوما ً رحيل أخ لك وأنت بعيد يخاطبك أحدهم‪ :‬رحل قبل ساعة؟‬
‫هل كانت تلكم الفنادق بيوتا ً لك؟ واستطاع الوقت أن يقف في داخلك حتى تمحو‬
‫ذاكرة اللجوء والغربة لما يزيد عن ‪ ٤٠‬عاماً؟ هل كتبت من رحم النزوح واللجوء؟‬
‫هل غيّبت عن طفلك الرضيع وصرت واألم شريدي البال والفكر‪ ،‬ماذا يحمله الغد؟‬
‫ولدت لديك الحالة االنتفاضية لتصبح بقايا حكاوي الكبار حين تلتقيهم؟ تحاول أن‬
‫تتذكر مالمحهم قبل أعوام فتفرح بهم؟ هل صرت بين الدول راحالً ال تدري أيها‬
‫تسميها وطناً؟ جوازات كثيرة وأوراق كثيرة وحياة تبدأ لتترقب يوم الرحيل عنها‬
‫في مكانات كثيرة؟ هل طاردتك حالة العيش في غرف حتى ال يصبح االستقرار‬
‫مقيتا ً ومؤلما ً لحظة المغادرة‪ ،‬وترك الذكريات؟‬
‫وهل أنت اليوم تدرك نعمة أن تعيش عمرا ً في مكان ما‪ ،‬مع أمك وأبيك‪ ،‬أخوتك‬
‫وال يشار إليك بأسئلة ال حصر لها‪ ،‬سقفك فوق رأسك‪ ،‬وحولك كل الحياة التي تريد‪،‬‬
‫تسافر متى ما شئت وتعود دون قلق أو خوف‪ ،‬ال تنتظر خلف الحدود أو تحتجز‬
‫بالساعات حتى يقودك أحدهم لبوابة الخروج بعد حاالت من السؤاالت؟ من ينظر‬
‫من خلف النافذة فينا في بلد المهجر‪ ،‬في مكان بعيد ويتأوه وتخرج التنهيدة مسائلة‬
‫نفسه وحاله‪ ،‬متى يصبح الزمن حياتي؟ أسرت في الوقت وال أعرف كيف أعود؟‬
‫هناك الكثيرون من حولنا‪ ،‬الجئون‪ ،‬مغيبون عن الوطن‪ ،‬عن األهل وحتى عن‬
‫معرفة أين هم؟!! قصص المغتربين في أقاصي العالم من الالجئين هي قصص‬
‫يدمى لها الفؤاد‪ ،‬خلفت الكثير من األدب الذي نقرأه اليوم ونتعايش معه‪ ،‬نعيش‬
‫لحظة الخروج ولحظة العودة للمصير المغيب‪ ،‬جعلوك تبكي معهم غربتهم وتحمد‬
‫هللا على ما لديك‪ ،‬ال تفنى الحياة بداخلهم رغم الوجع‪ ،‬رغم تشتيت الشمل‪ ،‬ورغم‬
‫بعد المسافات‪ ،‬ال يباغتك بالحسد والحقد فهو مشغول بما لديه‪ ،‬ال يريد أن يكون‬
‫جسرا ً من نتوءات الزمن الذي ال شغل له سوى التمرد والتذمر من أصحابه‪ .‬خذ‬
‫قلبك وسافر عبر كتب من كتب عن عودته لوطنه بعد عقود‪ ،‬وتفحصها‪ ،‬واقرأ لمن‬
‫يريد أن يعود وال يريد‪ ،‬قلّب تلك الكلمات في قلبك واحتمل‪ ،‬كثيرا ً من ألم واحمد هللا‬
‫وقل "الحمد هلل على الوطن"‪ ،‬على من يسرهم لقيادتنا والمحافظة علينا‪ .‬اقرأ شعر‬
‫الحياة في سطورهم ووصفهم ليومياتهم وشهدائهم وستعرف في كل مكان هناك‬
‫تضحيات وحب كبير ال يختلف عليه أحد لمكان واحد اسمه "الوطن"‪.‬‬
‫‪ ١:٤٦ ٢٠١٧-١٠-١٤‬ظهرا ‪ .٧١‬اختناق عّلقة…!‬

‫العالقات اإلنسانية هي تركيبة صعبة منا‪ ،‬تتداخل فيها شخصياتنا‪ ،‬مزاجياتنا وحتى‬
‫أفكارنا‪ ،‬لم أقل بداية مشاعرنا ألنها هي حقيقة بداية عالقة أكبر وأسمى‪ ،‬تتسامى‬
‫فيها أرواحنا وتتآلف حتى تشكل توليفة فيها الود وكثير من المسميات المختلفة‪ .‬في‬
‫وجهة نظري‪ ،‬كثرتها مؤذية كما أن قلتها صعب التعايش معها‪ ،‬نحتاج حولنا لمن‬
‫نتحدث معه‪ ،‬لمن يشعرنا باألمان واالستقرار‪ ،‬ليس المهم كم من الوقت يعطينا‪،‬‬
‫لكن كم نحتاج أن نسمع منه ويسمعنا بتركيز ودون انشغال‪ .‬كم نحتاج قربه‪ ،‬صورة‬
‫وجهه واحتوائه‪!..‬‬
‫قد يكون أحدا ً معك‪ ،‬موجودا ً متعاطياً‪ ،‬وحتى يسمو بدرجات الود والمشاعر‪ ،‬ال‬
‫تختلفون‪ ،‬متفقون‪ ،‬متجانسون‪ ،‬وتمضي األيام والسنوات‪ ،‬وتأتي الحالة التي يستكثر‬
‫فيها البعض أن يتوقف ويسأل نفسه‪ ،‬لماذا تغير؟ لماذا تجرد من استقراره وأصبح‬
‫حالة من هيجان؟ البعض مع مرور السنوات ينسى أن يكون حنوناً‪ ،‬أو مهتماً‪ ،‬يعتقد‬
‫أنه وبما أن الطرف اآلخر أصبح قريبا ً منه فإنه ال يحتاج شيئا ً‪ ،‬تبدأ سلسلة عدم‬
‫االهتمام‪ ،‬ويبدأ الكثير من تفاصيله تضيع‪ ،‬احتياجاته‪ ،‬ما يحب ويكره‪ ،‬وما يريد‬
‫ويحب أن يسمع‪ ،‬قد تطول حالة الصمت في داخلنا‪ ،‬ال نريد أن نجرح‪ ،‬أن نؤنب‬
‫ونعاتب‪ ،‬ألننا ال نريد أن نخسر‪ ،‬وفي المقابل تبقى خسارة في داخلنا تتراكم وتتكون‬
‫دائرة من الرغبة بالصراخ‪ ،‬ليس حتى نصرخ ولكن حتى نسترجعه‪ ،‬نقول له‪ ،‬عد‬
‫وكوناه؟؟!!‬
‫لما نحن بدأناه ّ‬
‫العمر يمضي‪ ،‬وبعد سنوات لن يبقى أحدنا كما كان‪ ،‬نعم نتغير‪ ،‬نفهم بعضنا أكثر‬
‫ونتجرد من الخجل في البوح بما نريد‪ ،‬لكن يبقى االحترام والتردد متشاركان‪،‬‬
‫ويبقى هاجس الخسارة مخيفاً‪ ،‬حتى يحدث‪ ،‬في أول حالة خالف أو حتى مع‬
‫تكرارها‪ ،‬يكون االنفجار وينسى من وجب عليه االحتواء أن الوقت وقته‪ ،‬بأن يكون‬
‫سيد الموقف ويعيد التوازن واالستقرار‪ ،‬فكيف إذا أصبح هو أيضا ً في التيار‬
‫نفسه…؟!‬
‫أصبحنا نختنق‪ ،‬ال نريد أن نصبر‪ ،‬ال أستثني وال أعمم‪ ،‬ك ٌل يعرف نفسه‪ ،‬يراها كل‬
‫صبح‪ ،‬ماذا تحتاج ومن تحتاج ولماذا؟ وهل يستحق؟ وهل يكون هو كل الحياة؟‬
‫وهل تبقى األمنيات حوله تحوم‪ ،‬والساعات الضائعة ألنه ال يريد أن يتحدث‪،‬‬
‫والدفء المفقود في كل األصوات ألنه صار غريباً؟ حين نختنق فإننا نكبر‪ ،‬نتعلم‪،‬‬
‫نتشكل من جديد‪ ،‬وتتحول فينا اختناقاتنا إما لمرض أو قوة‪ ،‬فال بد من اختيار‬
‫المصير الذي نريده‪ ،‬حين نختنق فإننا نكتشف أننا أهملنا أنفسنا‪ ،‬وتركناها خلفنا‬
‫فصارت هشة ضعيفة‪ ،‬ال تقدر على المضي ألنها أصبحت ظالً ألحدهم‪ !..‬حين‬
‫نختنق فإن العالقة تختنق‪ ،‬وال يمكن أن تستمر دون فضفضة حقيقية‪ ،‬دون تجرد‬
‫ولنعط‬
‫ِ‬ ‫من الماضي واالستماع لبعضنا بصدق وحب‪ ،‬لنخرج من حبس الزمن‪،‬‬
‫العمر بيننا واألعوام حقها‪ ،‬لنتنفس من جديد‪ ،‬ونعد من جديد‪ ،‬إن أردنا‪ ،‬وإال لنرحل‬
‫عن بعضنا بسالم‪ ،‬حتى إذا ما التقينا‪ ،‬لم نختنق…!!‬
‫دونها بذكاء…!‬
‫‪ ٩:١٣ ٢٠١٧-١٠-٢١‬صباحا ‪ .٧٢‬ا‬

‫مهارات كثيرة نفتقدها مع بداياتنا‪ ،‬مع بداية التشكل والعمل الوظيفي‪ ،‬مهارات ال‬
‫تصقل بسهولة وتحتاج منا أعواما ً بل حياة متمرسة فيها اجتهادات كبيرة حتى نتقن‬
‫ما نحتاج من أدوات تخدمنا وتميزنا‪ ،‬هل سألت يوما ً نفسك لماذا يعرف البعض‬
‫ويتقن مهارة الكتابة؟ هل ألنه قارئ؟ مستمع جيد؟ متفاعل؟ يحاول أن يطور من‬
‫نفسه؟ يغذي ذائقته المعرفية بالكلمات والمصطلحات ومعانيها في أماكن وحوارات‬
‫مختلفة؟ يتعلم من أهل العلم والخبرة؟ لماذا يختلف عنك ويبرز؟ هناك من يتجاهل‬
‫أن المعرفة الكتابية هي معرفة تحتاج ألن نكون من مرتادي الحياة المكتبية القرائية‪،‬‬
‫وممن ال يستهين بعمق لغتنا العربية‪!..‬‬
‫أصبحنا في وقت نرى فيه بعض الضعف في الكتابة المكتبية اإلدارية الفصيحة‬
‫التي تدل على حس مؤسسي ناجح‪ ،‬أصبح من يتقن كتابة التقارير العربية والرسائل‬
‫دونما أخطاء ومن الوهلة األولى جوهرة وندرة مستثناة‪ ،‬واألدهى من ذلك من ال‬
‫يفهم وال يعرف كيف يقرأ! هل تعرف من يكتب المقالة باختالف أساليبها بأعداد‬
‫تتجاوز المئات؟ من يكتب التقارير على مختلف المستويات؟ من يدرك أنه حين‬
‫يكتب لوزير ال يمكن أن تتشابه كتابته لمسؤول مؤسسة وجهة حكومية تختلف عن‬
‫خاصة‪ !..‬تختلف الرسائل وتختلف التقارير ويختلف معها الكثير من اإلدراك‬
‫والقوة‪!..‬‬
‫"دونها بذكاء" لألستاذة أمل آل علي‪ ،‬باكورة إصداراتها التخصصية‪ ،‬فخورون‬ ‫ّ‬
‫بأنها أدركت من خبرتها في هذا المجال‪ ،‬وكمدربة على أهمية وجود مثل هذا النوع‬
‫من الكتب التي تهم اإلدارات وتحتاجها في تطوير موظفيها‪ ،‬وإدراجهم في عملية‬
‫تدريبية لها أسس وقواعد‪ ،‬ومفاهيم علمية‪ ،‬عملت أمل على كتابها لمدة عامين‪،‬‬
‫دونت فيه خالصة معرفتها بمختلف المستويات واإلدارات‪ ،‬وظفت كل ما تعلمته‬
‫لتكون مادتها علمية تخدم شريحة كبيرة‪ ،‬هذا النوع من الكتب سلسلة ستكون‬
‫مدروسة وفيها الكثير من الجهد والتعب لتنقل من خالله الكثير من الفرص للتعلم‪،‬‬
‫وفتح مجال االستزادة من خالل الخبرة والتفاعل المباشر‪ .‬سيكون لها هذا الكتاب‪،‬‬
‫بابا ً جديدا ً في النشر‪ ،‬وفي مساعدة الكثيرين في دوائرنا ومؤسساتنا تساعد الكثيرين‪،‬‬
‫وتخبرهم أن من يريد أن يتعلم هناك وسائل كثيرة‪ ،‬ومن ال يريد ال نعرف كيف‬
‫يمكنه أن يستمر‪!..‬‬
‫"دونها بذكاء" أحد الكتب التي أفرحنا إطالقه في معرض الشارقة الدولي للكتاب‬‫ّ‬
‫لهذا العام‪ ،‬وقربي من مادته جعلني أدرك مدى الفائدة الكبيرة المرجوة منه‪ ،‬ومدى‬
‫جهد كاتبته التي أعتز بها‪ ،‬فهي من في يوم علمتني كيف أكتب تقاريري الصحفية‬
‫والخبر الصحفي بأسس سليمة مازلت أمشي عليها منذ ‪ ١٠‬أعوام‪ ،‬تحية لكل قلم‬
‫صادق‪ ،‬مجتهد سنلتقيه‪ ،‬وسنحظى بفرصه اللقاء به والتجول في فكره وحسن علمه‪،‬‬
‫فالكتاب بوابة الكثيرين لما في عقولهم‪ ،‬والعقول متعطشة لعرس الكتب وصدق‬
‫ال ُكتاب وتواضعهم‪.‬‬
‫‪ ٣:٢٠ ٢٠١٧-١٠-٢٨‬عصرا ‪ .٧٣‬كل عمل هو عمل…!‬

‫"العمل هو عمل‪ ،‬ليس المهم أن تكون خلف المكتب‪ ،‬أتمنى لكم المركز األول وليس‬
‫البديل لألول"‪..‬‬
‫كلمة استهل بها صاحب السمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم الرئيس األعلى‬
‫لطيران اإلمارات‪ ،‬كلمته في استضافة خاصة للهيئة العامة للطيران المدني للحلقة‬
‫الشبابية األولى لقطاع الطيران‪ ،‬في حظيرة طيران اإلمارات‪ ،‬كلمته التي بدأ بها‪،‬‬
‫هي حالة من استشعار الواجب الخفي خلف عملنا‪ ،‬كيف أننا ال نقلل من شأن أي‬
‫عمل‪ ،‬أن نبدأ في أي مكان نحبه‪ ،‬يقدم لنا وظيفة نخدم بها دولتنا ومن ثم يأخذنا‬
‫الطموح لألعلى واألهم متى ما وثقنا بأنفسنا‪ ،‬وقدراتنا‪ ،‬وبأننا نريد أن نقدمه بكل‬
‫وفاء وإخالص‪.‬‬
‫في لحظة استشعار كانت لإلنجازات في هذا القطاع ذي الديمومة واألهمية لدولتنا‬
‫التي تنمو كل يوم‪ ،‬دولة ال تزال شابة في عمرها‪ ،‬استطاعت أن تأخذ بساط الريادة‬
‫في الطيران‪ ،‬وتتربع على العرض بحسن األداء والتميز‪ ،‬لم تكن أعواما ً سهلة‪ ،‬بل‬
‫متعبة في البدايات للمؤسسين وأصحاب الخطوات األولى حتى أصبحنا اليوم نفاخر‬
‫بمكانتنا وتفردنا أمام الكل‪ ،‬ونرى الكثير يتغير ويتجدد‪ .‬هل يا ترى كانت القمة في‬
‫يوم أو عام؟ ال‪ ،‬فكيف بمن ال يفكر ويريد أن يكون في قمة الريادة دونما تعب؟ ليس‬
‫هناك حالة من نجاح دونما أن يتمرغ المرء بأعوام من التحديات والتعلم‪ ،‬التعلم‬
‫المستمر‪ ،‬والتواضع المستمر أيضاً‪.‬‬
‫الكثير أمامنا‪ ،‬نريد أن نحقق األكثر‪ ،‬لكن ما في يدينا يحتاج منا أيضا ً أن نحافظ‬
‫عليه‪ ،‬ورث بل إرث كبير‪ ،‬هو جوهرة سلمها األوائل لنا‪ ،‬في قطاع هو يؤثر مباشرة‬
‫في دخل الدولة وحياتنا اليومية‪ ،‬نحن اليوم حلقة وصل مهمة عالمية في منطقتنا‬
‫نصل الشرق بالغرب‪ ،‬نقرب األب من أبنائه‪ ،‬األم من وطنها‪ ،‬والجدة من أحفادها‪،‬‬
‫نوصل الطالب لمكان علمه‪ ،‬ونعيد المغترب ألرض وطنه‪ ،‬نسهل للمريض االنتقال‬
‫والعودة معافى بخير‪ ،‬وكيف هي الحياة دون الوصول ألطهر بقاع األرض‪ ،‬مكة‬
‫حيث القلب والحب‪ .‬وهل بعد كل هذا نتقاعس أو نتردد؟‬
‫اليوم نعرف بحق كيف أننا في تحديات لنحافظ على مالدينا‪ ،‬نحتاج المورد البشري‬
‫متسلحا ً بكل وسائل الثقة والعلم‪ ،‬الخبرة والتجرد من الثقة التي في غير محلها‪ ،‬كلنا‬
‫ثان وثالث ورابع بتتابع حريص‬ ‫هنا من أجل أن ال نتنازل‪ ،‬أن يكون هناك صف ٍ‬
‫على أن يرتقي ويتقدم‪ ،‬قطاع نفاخر به األمم‪ ،‬نحتاج ألن يخاطر الكثيرون منا‬
‫ويجرأون على الدخول في مجاالت ليست مجربة حتى تصبح موجودة‪ ،‬نحتاج أن‬
‫ندخل مجاالت هي موجودة لكننا لم نردها لتعبها‪ !..‬اليوم نعرف لن يعلمنا غير‬
‫أنفسنا‪ ،‬ولن يتفوق علينا غير أنفسنا‪ ،‬فلنكن بقلوبنا وأرواحنا أصحاب إرادة وعزيمة‬
‫ال تتردد‪!..‬‬
‫‪ ٧:١٤ ٢٠١٧-١٢-١٥‬مساء ‪ .٧٤‬زايد الوالد اإلنسان…!‬

‫بدأنا عام زايد لنعيش زايد الذي لم يرحل‪ ،‬زايد بن سلطان آل نهيان‪ ،‬الوالد المؤسس‬
‫وهو والد كل من يعيش اليوم على هذه األرض باختالف الجنسيات واألصل‪ ،‬زايد‬
‫كان أبا ً للكل همه اإلنسان في كل بقاع األرض‪ ،‬إن ذُكر الخير فكان زايد‪ ،‬وكان‬
‫عام زايد هو امتداد لعام الخير‪ ،‬فالخير مستمر ليوم الدين‪ ،‬وهو روح كانت للخير‬
‫تسعى في كل األوجه وكل األزمنة‪ ،‬خير شعبه‪ ،‬خير األمة‪ ،‬خير الوطن وخير‬
‫المواطن‪ ،‬خير المقيم والملهوف‪ ،‬لم يفرق يوما ً في جنس أحد أو وطنه‪ ،‬كان في‬
‫النكبات حكيماً‪ ،‬جسرا ً من رحمة وحب‪ ،‬قلبا ً للعطاء وكيف يكون العطاء دون‬
‫قيود أو حدود‪.‬‬
‫زايد أسس وطنا ً حجر األساس فيه اإلنسان‪ ،‬الحب والوفاء‪ ،‬قد يتساءل العالم لماذا‬
‫زايد في مئويته تحلق طائراتنا العمالقة باسمه ورسمه؟ لماذا نعيشه كل يوم وكأنه‬
‫ق فينا‪ ،‬بقاء الحياة على هذه األرض‪ ،‬رواها بطيبته‪،‬‬ ‫لم يرحل يوماً؟ هو لم يرحل با ٍ‬
‫وإخالصه‪ ،‬ألن نكون اليوم نحن بخير…!‬
‫زايد ليس مجرد أقوال توزع في الدوائر والحكومات‪ ،‬ليس فقط صورا ً يعاد نشرها‪،‬‬
‫وليس حالة مؤقته تنتهي بنهاية العام‪ ،‬بل سيرة وفعل‪ ،‬قدوة وزمن‪ ،‬حالة يجب أن‬
‫تتكرر في كل جيل‪ ،‬وحتى من ُولد بعد رحيله يجب أن يتعلم من هو زايد‪ ،‬ومن هم‬
‫اآلباء المؤسسون‪ ،‬ولماذا ال يزالون في القلب والروح‪ ،‬حتى صار شعارهم روح‬
‫االتحاد‪ .‬زايد بقي وسيبقى ألنه عاش على هذه األرض دون ترفع عنها‪ ،‬عاش إنسانا ً‬
‫يختلط بالكل‪ ،‬ويسأل عن الكل‪ ،‬وعلى كل القادة في دوائرنا اليوم إعادة ترسيخ‬
‫منهجه القيادي في التعليم‪ ،‬أن يكون هو مرجعا ً في كيفية اإلدارة‪ ،‬إدارة األب‪،‬‬
‫المحب الذي يحرص على تعليم أبنائه ووجودهم‪ ،‬الذي يسأل عن الصغير قبل‬
‫الكبير‪ ،‬المتواضع الذي كان يمضي في كل مكان ألنه حريص على كل فرد‪ .‬على‬
‫من يترأس اليوم أو حتى اإلنسان العادي أن يعي‪ ،‬الحياة حين تغيّب أحدا ً بإرادة هللا‬
‫فإنها تأخذه بعيداً‪ ،‬لكنه هو من يبقى في القلب قريبا ً بجميل فعله‪ ،‬وهو مدرسة يتعلم‬
‫منها الصغير والكبير‪ ،‬كيف أننا ما زلنا نحتفي به ومازلنا نفرح ألنه المؤسس‪ ،‬وكم‬
‫تمنينا أنه ال يزال هنا كل يوم‪ ،‬لكنها مشيئة هللا‪.‬‬
‫زايد‪ ،‬يبقى رمزا ً وركنا ً في الحياة يعلمنا في غيابه أن نكون فعالً أبناءه بجميل فعلنا‪،‬‬
‫أن ال نفاخر فقط بـ "عيال زايد" قوالً‪ ،‬بل بما نقدم ونعطي من حاالت استثنائية‬
‫متفانية‪ ،‬ليست شعارات بل حكايات نرويها عنا ليفاخر بنا من ربانا‪ ،‬ويتعلم منا من‬
‫ينظر إلينا‪ ،‬بفعل ال قول‪ ،‬بأدب ال سوء تصرف‪ ،‬بقلوبنا الكبيرة ال بما نملك من جاه‬
‫أو مال‪.‬‬
‫زايد اإلنسان هو أجمل صورة؛ ألنه احتوى المليارات فقط بحالته اإلنسانية‪ ،‬فلنتلعم‬
‫أن تكون صفتنا األولى "إنسان"‪.‬‬
‫‪ ٣:٢٠ ٢٠١٨-١-١٣‬ظهرا ‪ .٧٥‬كيف تجعل من نفسك …‪..‬‬

‫وأترك لكم البقية…!‬


‫أتذكر من مسك بيدك في بداياتك؟ من علمك أن تمسك فرشاة في يدك؟ من همس‬
‫في أذنك وقال إنك مبدع؟ من حمل معك أدواتك؟ من قرأ معك مستقبلك؟ من ابتسم‬
‫يوما ً من لوحة رسمتها؟ كلمة كتبتها؟ هل تذكر فرحة البدايات؟ حين قيل إنك ذو‬
‫موهبة؟ هل تدرك اليوم وبعد عمر وجيل بعد جيل أنك كنت في البدايات تحلم كثيرا ً‬
‫بأن يكون معك من يشجعك؟ يربت على كتفك ويقول لك استمر‪ ،‬تعلم‪ ،‬تدرب‪ ،‬ثابر‪،‬‬
‫وكن متفرداً…؟!‬
‫هل أصبحت اليوم فناناً؟ كاتباً؟ مهندساً؟ موسيقياً؟ نحاتاً؟ حالماً؟ كل المهارات التي‬
‫لديك اليوم‪ ،‬وكل حاالت التعب واإلرهاق‪ ،‬كل مراحل التدريب واالستمرار‪،‬‬
‫وسنوات التجربة مرات ومرات‪ ،‬أتذكرها اليوم؟ أصبحت اليوم تعرف كيف‬
‫أصبحت ما أنت عليه‪ ،‬فهل يوما ً ما ستتمنى لو تعود للوراء؟ كلنا حين ينظر للوراء‬
‫يقول "يستحق كل التعب والعناء" ليس هناك لذة في النهايات دون بدايات‪ ،‬ليس‬
‫هناك إحساس بما لدينا إن لم يختلط بعرق الفشل األول‪ ،‬وإعادة المرات مرات‬
‫ومرات…‬
‫بين طفولة وبلوغ‪ ،‬بين حلم وحقيقة‪ ،‬كل األعوام اليوم هي ذكريات‪ ،‬خبرات‬
‫وتجارب تستحق أن تدون‪ ،‬إن لم تنتقل بين األجيال‪ ،‬كل تلك الصعوبات تستحق أن‬
‫تترجم بنا األعمار‪ ،‬أن يبنى جسر من حوار‪ ،‬وأن يكتب بسطور للمستقبل كيف أن‬
‫األجيال تكمل بعضها في استدامة اإلبداع‪ ،‬في ديمومة الحراك الفني الثقافي‪،‬‬
‫اإلنساني في كل المجاالت دون حصرها‪ ،‬هي البدايات التي تبدأ أحيانا ً مع صف‬
‫الكبار ويتشربها الصغار‪ ،‬هي البدايات التي تأخذ الكبير والصغير في عالم ليس‬
‫سوى حقيقة تبني مستقبالً أكثر إنجازاً‪ ،‬هنا يأتي الكبير ليحتضن الصغير‪ ،‬حين نقدم‬
‫للمجتمع بعض ما أعطانا‪ ،‬ونرد الجميل بأن ننقل الخبرات ونعلم غيرنا… وبأن‬
‫نكون موجودين من أجل أنفسنا واآلخرين في رحلة تتجدد بالعطاء‪ ،‬وترسو مراسيها‬
‫بين المحاوالت األولى والخبرة التي تختصر سنوات من العمر في حالة احترافية‬
‫متأصلة‪ ،‬بنماذج تستطيع أن تحدث حالة اإلدراك والمفاجأة الحسية البصرية…!‬
‫اليوم نحتاج لهذا االمتزاج والمبادرات التي توجد حاضنات بشرية لمختلف الفنون‬
‫الحياتية‪ ،‬حتى يكون رافدا ً ممتدا ً‪ ،‬وجماالً متكررا ً في أصالة وعمق ليس مشوبا ً بكل‬
‫مسرعات العصر‪ ،‬التي لم تعد تعلم الطفل معنى التريث والتجربة‪ ،‬الهدوء‬
‫والتدريب‪ ،‬الصبرعلى الكثير قبل مواجهة المجتمع بنتاج ربما يظل ولربما يمر‬
‫مرور الكرام‪.‬‬
‫‪ ٥:١٠ ٢٠١٨-١-٢٧‬عصرا ‪ .٧٦‬الحق في النشر هو النشر…!‬

‫قيل يوماً‪ ،‬كي تثبت حقك في النشر عليك أن تنشر "مقتبس من فيلم " المنشور ‪the‬‬
‫‪ ،"post‬والذي كان مركزا ً على حق الصحافة الحرة في النشر‪ ،‬وأن يكون هناك‬
‫موازينهم الخاصة‪ .‬واليوم نسمع قادتنا بدءا ً بصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد‬
‫آل مكتوم‪ ،‬يصر على أهمية دور الصحافة في نقل الحقائق‪ ،‬وتحقيق ما يتمناه القارى‬
‫الشعب‪ ،‬في أن تكون الصحافة حلقة الوصل بين ما يريده الشعب وما يتحقق‪.‬‬
‫النشر هو أداة‪ ،‬والكاتب أداة‪ ،‬وكل ما يرتبط بهما أدوات تنتقل من مرحلة التفكير‪،‬‬
‫التفريغ‪ ،‬التنقيح‪ ،‬النشر‪ ،‬لعقل آخر يستقبل ويحكم رأيه‪ ،‬لم يعد لمن كتب أوالً الحق‬
‫في التراجع أو رفض ما كتب‪ ،‬كلنا مسؤول عما يكتب‪ ،‬لكنه ما أن يفلت وينشر فهو‬
‫حق عام‪ ،‬فكان الحذر مطلوبا ً وكان واجبا ً على كل امرئ أن يكون مدركا ً لما سيمثله‬
‫غداً‪ .‬فالكاتب ترجمة لمصداقية ترسخت في داخله بثوابت ومتغيرات‪ ،‬ال يمكن أيضا ً‬
‫أن نقيده في قالب معين أو نجعله مقيدا ً بشخصيات أو أفكار أو مواقف كتبها في‬
‫وقت ما‪ ،‬ليس هناك شخص ثابت حتى فيما يفكر‪ ،‬بل يتحاور مع نفسه ويعيد حوارها‬
‫مرارا ً وتكرارا ً بما يناسبها حتى تنتقل لمراحل أعمق في تاريخ ذاتها وكينونتها‪،‬‬
‫حتى تصبح حالة متفردة‪ ،‬فيها التعب والمخاض‪ ،‬وفيها فرحة االستسالم للروح التي‬
‫تكتب‪!..‬‬
‫يبقى القلم‪ ،‬ويبقى الكاتب‪ ،‬والنشر‪ ،‬مفاتيح حضارية تجعلنا ندرك ومع انطالق‬
‫مهرجانات أدبية في الدولة كيف أننا نريد أن يقرأ الكل‪ ،‬نريد للكاتب الحقيقي أن‬
‫يكتب‪ ،‬ونريد لألفكار أن تتحرر على الورق‪ ،‬ويبقى السؤال‪ :‬ما هي المنهجية التي‬
‫ترسخت إلى اليوم ليولد جيل حقيقي من الكتاب؟ وما هو الجديد الذي ستقدمه دور‬
‫النشر‪ ،‬الصحافة‪ ،‬كل من له صلة من قريب أو بعيد بالنشر والكتابة؟ نريد أن يتكرر‬
‫عام القراءة في شهر القراءة القادم‪ ،‬وأن يفعّل قانون القراءة‪ ،‬وأن تكون المبادرات‬
‫في االستراتيجيات حقيقية ومستمرة ذات ديمومة حتى ال تُنسى‪ .‬نريد للشعب أن‬
‫يبقى يقرأ ويقرأ ويقرأ من أجل أن يكون في مصاف الدول الكبرى‪ ،‬فال تقدم دون‬
‫فكر منير واعٍ‪.‬‬
‫ال يزال من ينشر يسأل نفسه‪ ،‬هل أنا أهل للنشر؟ هل ما يُنشر يستحق؟ كم من كاتب‬
‫كتب دون قيد فكري؟ كان صاحب إسقاطات حقيقية لما يعيشه هو ومجتمعه‬
‫ومحيطه؟ كتب بصدق ودون خوف أو تكلف‪ ،‬بصراحة أو رمزية‪ ،‬ودون أن يدرك‬
‫صار اليوم حقيقة وذا أثر وتردد عالي؟ ال تخف مما تكتب بل خف من نفسك إن‬
‫جعلتك تتردد‪ ،‬كن مجازفا ً حتى وأنت تفكر‪ ،‬واكتب كل يوم‪ ،‬ولنتابع كلنا ما يحدث‬
‫في مؤسساتنا عن مبادرات القراءة نريدها حقيقية‪ ،‬نريدها واقعا ً ينقلنا من مكان‬
‫آلخر‪ .‬لنستمر وليستمر النشر…!‬
‫‪ ٦:٥٠ ٢٠١٧-٢-١٧‬مساء ‪ .٧٧‬وما أدراك ما القراءة…!‬

‫اإلنسان تكوينة من أشياء معقدة‪ ،‬من جسد فيه من معجزات الخالق ما يزال العلم‬
‫والعلماء يقفون في حيرة منها‪ ،‬يحاولون أن يكونوا متقدمين‪ ،‬وفي كل تقدم يكون‬
‫التالي هو أصعب مما مضى؛ ألن الدقة التي خلقنا بها لم تكن يوما ً ليعيها قلب‬
‫بشر‪ !..‬خلقنا وفينا أرواح وعقول‪ ،‬تتأثر وتؤثر‪ ،‬أرواحنا وأنفسنا هي امتزاج الكثير‬
‫من المواقف والتجارب‪ ،‬حين تهدأ الروح ويهدأ النفس وتبقى في أمن وطمأنينة‪ ،‬في‬
‫راحة واستقرار‪ ،‬في سعادة وفرح‪ ،‬وحين تتحقق لها المتعة المقرونة بااللتزام فإنها‬
‫تعيش‪ ،‬تبدع‪ ،‬وتسمو‪ ،‬يصبح صاحبها في مراتب الطمأنينة التي كلنا نبحث عنها‪،‬‬
‫فهل من راحة واستقرار وسبيل يراد؟‬
‫حين تقرأ فإن عقلك يكبر‪ ،‬يعيش ويتجدد‪ ،‬وحين تناقش وتستمع لغيرك فإنك تتعلم‬
‫ويستمر عقلك في الحياة والنمو‪ ،‬اإلنسان ليس جسدا ً فقط يغذيه بالمأكل والمشرب‬
‫والنوم‪ ،‬اإلنسان هو التحام وتناغم الكثير من االشياء‪ ،‬فصحة عقله في صحة نفسه‪،‬‬
‫وصحه نفسه حين يغذيها فتغدو الروح منتشية في عوالم الحب والعشق الحالل‪ .‬هذه‬
‫صورة من حالة مخ قارئ لم يعرف يوما ً كيف يعيش دون أن يقرأ‪ ،‬دون أن تداعب‬
‫يداه وعيناه حروفا ً متراقصة (تتغنج) في استحياء تطلبه كي يقرأها في حالة من‬
‫العزلة التي فيها كل المباح يباح‪ .‬وهل تعرف قارئا ً نهما ً ال يدرك قيمة من يحب؟‬
‫يحب الكتاب وأي كتاب؟ يحب كل الكتب وكل الكتّاب والمعارف متى ما كان في‬
‫متون كتبهم وقلوبهم ما يستحق‪.‬‬
‫في شهر القراءة نبدأ في الكثير من الرحالت‪ ،‬في المبادرات‪ ،‬في مهرجان اإلمارات‬
‫لآلداب‪ ،‬وكل قراءة وندوة وحالة انتشاء منتشرة اليوم ولمدة شهر في كل أرجاء‬
‫الوطن‪ ،‬بدأنا بمبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قبل أيام‪،‬‬
‫حين أطلق مشروع مليون كتاب للمدارس دعما ً منه وثقة بأن العقول هي أكبر‬
‫استثماراتها في القراءة‪ ،‬وسؤالي للكثير من الجهات والمؤسسات‪ :‬متى سنرى‬
‫مبادرات حقيقية تدعم الكاتب وكتابه؟ متى سنرى حالة دعم مستمرة ال تبدأ وتنتهي‬
‫في أيام معدودات؟ ال نعتب إال ألننا تعلمنا من قادتنا أن نكون متقدمين‪ ،‬ومازلنا‬
‫نرى أننا نفقد الكثير من خالل حالة التحول من مجرد كتاب هواة أو ممن ينشر إلى‬
‫عالمين بأدوات ُكتاب متمرسين‪ ،‬ما زلت أنتظر اليوم الذي تصل فيه مؤسسة أدبية‬
‫لمرتبة دور النشر العالمية؛ حين يكون المحرر والمؤلف حالة من البحث والمعرفة‬
‫والكتابة لكتاب قد يستمر سنوات فيكون بحق "من األكثر مبيعاً"‪.‬‬
‫ال نيأس‪ ،‬بل نتكلم‪ ،‬ولنقرأ كل ما نراه مفيداً‪ ،‬ألننا نحتاج أن نكون بخير‪ ،‬مع أرواحنا‬
‫وأجسادنا‪ ،‬لنقرأ فالجهل مظلم جداً‪ ،‬والمعرفة بوابة الحياة الحقيقية‪ ،‬لنقرأ‪ ،‬وكل عام‬
‫وكل ُكتاب العالم والناشرين والمهتمين بالقلم والقراءة بخير‪ ،‬نحن في مارس شهر‬
‫القراء الوطني لدولة اإلمارات العربية المتحدة‪ .‬وهل هناك احتفاء أكبر من هذا‬
‫بنا؟!!‬
‫‪ ٢:٤٦ ٢٠١٨-٣-٣‬ظهراً‪ .‬المهندسة مريم علي البلوشي‬
‫هي أول إماراتية وعربية تمتهن مهنة البيئة في الطيران المدني منذ عام ‪.٢٠٠٦‬‬
‫مؤسس قسم البيئة في مطارات دبي في ‪ ٢٠٠٨‬والهيئة العامة للطيران المدني في‬
‫عام ‪ .٢٠١٠‬تم أنتخابها كأول رئيس للجنة البيئة في الهيئة العربية للطيران المدني‬
‫في ‪ ٢٠١٠‬التابعة لجامعة الدول العربية وتم اعادة تعيينها باإلجماع في الدورة‬
‫الثانية لرئاسة اللجنة ‪ .٢٠١٢‬هي أول من تعمل كمنتدبة في ادارة البيئة في منظمة‬
‫الطيران المدني الدولي التابعة لألمم المتحدة ضمن برنامج تدريبي لمدة ‪ ٥‬أشهر‪.‬‬
‫لها أدوار عالمية تتمثل في تمثيل الدولة في اللجنة المعنية بحماية البيئة في الطيران‬
‫المدني التابعة لمنظمة الطيران المدني الدولي منذ ‪ ،٢٠١٣‬كما مثلت وتمثل الدولة‬
‫في العديد من اإلجتماعات المحلية‪ ،‬اإلقليمية والدولية كمتحدث رسمي‪ ،‬هي رئيس‬
‫مفاوضي ملف تغير المناخ للدولة لقطاع الطيران المدني منذ ‪ ، ٢٠١٢‬وعضو في‬
‫مجلس ادارة منظمة المرأة في الطيران المدني فرع الشرق األوسط‪ .‬منذ تأسيسها‬
‫في عام ‪.٢٠١٣‬‬
‫من أهم أنجازاتها والجوائز الحاصلة عليها‪:‬‬
‫قيادة كتابة واعتماد أول سياسة بيئية للطيران في الدولة في عام ‪ ٢٠١٢‬وتنفيذها‬
‫وهي السياسة األولى على مستوى كل القطاعات‪ ،‬كما قادت كتابة واعتماد أول‬
‫موقف رسمي لتغير المناخ في الدولة‪ -‬قطاع الطيران‪ ،‬أشرفت على وضع‬
‫استراتيجية االستدامة للهيئة العامة للطيران المدني والتي أطلقت في ‪ .٢٠١٤‬نالت‬
‫جائزة الشخصية القيادية في الطيران من معهد الشرق األوسط للتميز في عام‬
‫‪ ،٢٠١٤‬كما تم اختيارها في العام نفسه ضمن أبرز ‪ ٥٠‬شخصية عربية‪-‬وتحديدا‬
‫من ضمن أبرز ‪ ٨‬اماراتيات في استبيان مجلة سيدتي‪ .‬جائزة الشخصية القيادية في‬
‫الطيران ضمن جوائز الشرق األوسط لقادة األعمال (‪ )MEBSLA‬لعام ‪،٢٠١٥‬‬
‫من قبل جمعية التطوير القيادي األمريكية (‪ )ALDA‬وبالتعاون مع مجلة القادة‬
‫الدوليين تحت شعار‪« :‬إعادة تعريف النمو االقتصادي العالمي»‪ ،‬وبرعاية من اتحاد‬
‫غرف مجلس التعاون الخليجي‪ .‬وأخيرا جائزة مجلة سيدتي لإلبداع والتميز‪.٢٠١٦-‬‬
‫تتميز المهندسة مريم أيضا خارج نطاق عملها بأنها كاتبة عمود أسبوعي في جريدة‬
‫الخليج‪ ،‬لها ‪ ٤‬اصدارات هي كتاب «ولكني أستطيع» و سلسلة « لم أفشل‪ ١‬ولم‬
‫ضا من أبرز هواياتها الخط العربي‪ ،‬شاركت في‬ ‫أفشل‪ »٢‬و«سفر الذاكرة»‪ .‬أي ً‬
‫العديد من المعارض داخل وخارج الدولة‪ ،‬متطوعة في مجال ذوي اإلعاقة ألكثر‬
‫من ‪ ١٢‬عام ومسشتارة لمرسم مطر و الفنان مطر بن الحج كمتطوعة منذ ‪.٢٠١٤‬‬
‫ظهرا بتوقيت برسبن‪ -‬استراليا‪.١‬وما أدراك من أنت!…‬‫ً‬ ‫‪٢:٢٩ ٢٠١٨-٤-١٥‬‬

You might also like