Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 9

‫عباد هللا إن الحياة موقوتة واأليام محدودة واألنفاس‬

‫معدودة والنهاية آتية حتما حتما ‪ ,‬سيموت الصالحون‬


‫والطالحون وسيذهب املتقون واملذنبون ‪ ,‬وسيقضي األبطال‬
‫النبالء وسيرحل األراذل الجبناء ‪ ,‬سيفنى الشرفاء الذين‬
‫يعيشون لآلخرة ‪ ,‬وسيولي الحريصون الذين يعيشون لحطام‬
‫الدنيا ‪ ,‬كل سيمضي كل سيرحل وكل سيفنى ويموت إال ذو‬
‫العزة وامللك والجبروت ‪ ,‬قال تعالى ‪ ( :‬كل نفس ذائقة املوت )‬
‫‪ ,‬وقال تعالى ‪ ( :‬كل من عليها فان ‪ , ) ...‬إنها الحقيقة التي ال‬
‫مهرب] منها وال مفر ‪ ,‬وال منجا منها طال الزمان أو قصر ‪,‬‬
‫( قل إن املوت الذي تفرون منه فإنه مالقيكم ‪ , ) ...‬وقال‬
‫تعالى ‪ ( :‬وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد ‪ ) ...‬فاملوت يأتي‬
‫بغتة ‪ ,‬وإن لم يأت بغتة جاءت مقدماته من املرض وسلب‬
‫العافية ‪ ,‬فهو آت آت صيرورة اإلنسان إلى املمات حتمية الكل‬
‫صائر إلى املوت ساع إليه كل ثانية تقربك من املوت ثانية‬
‫وكل ساعة تقربك من القبر ساعة حتى تكون فيه ‪ ..‬فاتق هللا‬
‫ستموت ‪ ,‬قال سبحانه ( إنك ميت وإنهم ميتون )‬
‫ﺗﺰﻭﺩ ﻟﻠﺬﻱ ﻻﺑﺪ ﻣﻨﻪ‬
‫ﻓﺈﻥ ﺍﻤﻟﻮﺕ ﻣﻴﻘﺎﺕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ‬

‫ﻭﺗﺐ ﻣﻤﺎ ﺟﻨﻴﺖ ﻭﺃﻧﺖ ﺣ]]ﻲ‬


‫ﻭﻛ]ﻦ ﻣﺘﻬ]ﻴﺄ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺮﻗﺎﺩ‬

‫ﺳﺘ]ﻨﺪﻡ ﺇﻥ ﺭﺣﻠﺖ ﺑﻐﻴﺮ ﺯ]ﺍﺩ‬


‫ﻭﺗﺸﻘﻲ ﺇﺫ ﻳﻨﺎﺩﻳﻚ ﺍﻤﻟﻨﺎﺩ‬

‫ﺃﺗﺮﺿﻲ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺭﻓﻴﻖ ﻗﻮﻡ‬


‫ﻟﻬﻢ ﺯﺍﺩ ﻭﺃﻧﺖ ﺑﻐﻴﺮ ﺯﺍﺩ‬

‫فاملوت عباد هللا أمر كبار وكأس] بين الناس تدار يخرج بصاحبه‬
‫إلى الجنة أو إلى النار ‪ ,‬إنه هادم اللذات ومفرق الجماعات إنه‬
‫قاطع األسباب ومغيب األصحاب إنه مودع األجساد التراب إلى يوم‬
‫الحساب جعله هللا طريق نجاة] ألوليائه األتقياء ‪ ,‬ومورد هالك‬
‫ألعدائه األشقياء‬
‫فعن أبي سعيد الخدري رضي هللا عنه قال كان رسول هللا (‬
‫يقول ‪ :‬إذا وضعت الجنازة ‪ ،‬فاحتملها الرجال على أعناقهم ‪ ،‬فإن‬
‫كانت صالحة ‪ ،‬قالت ‪ :‬قدموني ‪ ،‬وإن كانت غير صالحة ‪ ،‬قالت‬
‫ألهلها ‪ :‬يا ويلها أين تذهبون بها ؟ يسمع صوتها كل شيء إال‬
‫) اإلنسان ‪ ،‬ولو] سمع اإلنسان لصعق‬
‫إخوة اإليمان إن تأمل سكرات املوت ورؤيت املحتضرين وشهود الجنائز وزيارة القبور لتذكر املوت] وحال امليت يقطع على النفوس لذاتها ويطرد‬
‫عنها مسراتها ويوقذ القلوب من سباتها ويزجرها عن التمادي في غيها وشهواتها ‪ٌ ..‬إي إنه املوت يا عباد هللا‬
‫ْ‬
‫‪ :‬عن ال َب َر ِ]اء ْب ِن َعازب رضي هللا عنه قال‬
‫َ َ َ َ ْ َ ْ ُ ُ َ ُ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َّ‬ ‫َّ َ َّ َّ ُ َ َ ْ َ َ َّ َ ْ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ ُؤ‬ ‫ََْ َ ْ ُ َ َ َ ُ‬
‫ول الل ِه‬ ‫الء ؟ ِقيل ‪ :‬على قب ٍر يحفرونه ‪ ،‬قال ‪ :‬فف ِزع رس‬ ‫ال ‪ :‬عالم اجت َمع ه ِ‬ ‫ول الل ِه صلى الله علي ِه وسلم ‪ِ ،‬إ ذ بصر ِب ِجماع ٍة ‪ ،‬فق‬
‫بينما نحن مع رس ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َْ َ َْ‬ ‫الل ُه َع َل ْيه َو َس َّل َم * كم من قبور حفرناها ولم نفزع إخوة اإليمان * قال ‪َ ،‬ف َب َد َر َب ْي َن َي َد ْي َأ ْ‬
‫ص َح ِاب ِه ُم ْس ِر ًعا ‪َ ،‬ح َّتى انتهَى ِإ لى الق ْب ِر ‪ ،‬ف َجثى َعل ْي ِ]ه ‪.‬‬
‫َ َّ َّ‬
‫صلى‬
‫ِ‬
‫َ َ َ ْ َ ْ َ ْ ُ ُ ْ َ َ ْ َأل ْ ُ َ َ َ َ ْ َ َ َ‬
‫صن ُع ‪ ،‬ف َبكى‬ ‫قال ‪ :‬فاستقبلته ِمن يدي ِه نظر ماذا ي‬ ‫‪ ‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ َأ ْ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َأ ْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ َّ َّ‬
‫وع ِه ‪ ،‬ثم قبل علينا ‪ ،‬فقال ‪ :‬ي ِإ خوا ِني مِل ِ ث ِل‬‫حتى بل الثرى ِمن دم ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ َأ‬
‫‪ .‬هذا اليو ِم ف ِعدوا‬

‫فماذا أعدت لذاك اليوم وماذا أعدت ملا بعده ‪ ,‬فالقبر هو أول‬
‫منازل اإلخرة فإن كان يسيرا فما بعده أيسر منه وإن كان عسيرا‬
‫فما بعده أعسر منه ‪ ,‬فاتق هللا‬
‫فيا عباد هللا كل باك سيبكى وكل ناع سينعى كا مذخور سيفنلى‬
‫وكل مذكور سينسى ‪ ,‬من عاش مات ومن مات فات ‪ ,‬ال سبيل‬
‫‪ .‬للخلود في هذه الحياة‬

‫أال يا نفس ويحك ّ‬


‫خبريني‬
‫ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حديثا صادقا ال تكذبيني‬

‫ٌ‬
‫محتوم عليك‬ ‫فإن املوت‬ ‫َّ‬
‫ً‬
‫ولو ُع ِّمرت ألفا من سنين‬

‫نوح‬ ‫مر‬ ‫ع‬ ‫ولو ُع ّمرت ويحك ُ‬


‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ً‬
‫زائرين‬
‫ِ‬ ‫قطعا‬ ‫لكان املوت‬

‫وأين َّ‬
‫األولون * أين اآلباء ؟ أين األجداد ؟ بل أين األبناء ؟ * فال‬
‫نراهم‬
‫القرون‬
‫ِ‬ ‫وأين اآلخرون من‬

‫ٌ]‬
‫ملوك كانت الدنيا لديهم‬
‫والحصون‬
‫ِ‬ ‫بآالف املدائن‬

‫َّ‬
‫عزير قد تسلى‬
‫ٍ‬ ‫فكم منهم‬
‫عن الدنيا ُسقي َ‬
‫كأس املنون‬

‫فوا أسفي ويا حزني إذا ما‬


‫وغمضوني‬‫علي َّ‬
‫بكى] أهلي َّ‬

‫نعش املنايا‬ ‫على‬ ‫وني‬ ‫َّ‬


‫وسج‬
‫ٍ‬
‫وسار الناس حولي َيتبعوني‬
‫ٌ‬
‫ضجيج‬ ‫توالى] سيرهم وله‬
‫وهم في سيرهم يتبادلوني‬

‫َ‬ ‫َّ‬
‫وحط رحالهم أرض املنايا‬
‫وقدموني‬‫ص َّفوا الصفوف َّ‬
‫وقد َ‬

‫ً‬ ‫وقاموا بالصالة َّ‬


‫علي جمعا‬
‫ً‬
‫وتحت األرض جمعا أفردوني‬

‫بدمع‬ ‫تساعدني‬ ‫فال ٌ‬


‫عين‬
‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ف ُح َّق ملقلتي تبكي شجوني‬

‫فيا أهلي قطعتم حبل عهدي‬


‫فإني ال أراكم تذكروني‬

‫َ‬
‫ذوي امليراث يقتسمون مالي‬
‫فما بالي وقد جحدوا ديوني‬

‫َي ُم ُّر أقاربي من حول قبري‬


‫َّ‬
‫كأن أقاربي ال يعرفوني‬

‫سالم هللا أحبابي عليكم‬


‫وإن طال الزمان ستلحقوني‬

‫نسأل هللا حسن الخاتمة‬


‫ونسأل هللا أن يعفو و يصفح‬
‫عن أهل القبور ويغفر لهم‬
‫ويجعل قبورهم روضه‬
‫من رياض الجنة‬

‫عباد هللا كفى باملوت] ناهيا وزاجرا ‪ ,‬تذكروا] املوت وسكراته] والقبر‬
‫وظلماته ‪ ,‬ملاذا نسينا املوت ؟ تذكروا] ساعة تنكشف فيها الحقائق‬
‫ويعرف فيها املصير ‪ ...‬فإما إلى نعيم مقيم وإما إلى عذاب دائم‬
‫( يومئذ يتذكر اإلنسان وأنا له الذكرى ) ‪ .‬كم مات من تارك‬
‫للضالة ؟ كم مات] من مانع للزكاة] ؟‬
‫كم من قائل يومئذ] ياليتني قدمت لحياتي ‪ ,‬فكم من ظالم تعدى‬
‫‪ .‬وجار فما راعى األهل والجار حل به املوت كأنه ما صار‬

‫وكم من مغرور خرج من دنياه بالكفن‪ ,‬إلى بيت البلى والدود‬


‫والعفن فآه لو رأيته قد حلت به املحن وتغير ذالك الوجه الحسن‪,‬‬
‫فآه لو تعلم كيف غدا وصار ؟ وإن كان حبيبه لقد سال في اللحد‬
‫صديده وبلى في القبر جديده وهجره صديقه ووديده ‪ ,‬فرحم هللا‬
‫‪ ..‬من استعد وتأهب‬
‫أين كثير املال وطويل] األمل ؟ أما خال كل في لحده مع العمل ‪ ,‬أين‬
‫من تنعم في قصره ؟ أليس قد نزل في قبره ‪ ,‬فانتبهوا من رقادكم‬
‫قبل أن تأتيكم املنية عباد هللا‬

You might also like