OTTOMAN - ALG - النخبة المثقفة والسلطة في الجزائر في عهد الدايات - طوبال - لونيسي

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 317

‫الجمهــــــوريـــة الجـزائـريــة الديمقــراطيـة الشعبيـــة‬

‫‪la République algérienne démocratique et populaire‬‬


‫وزارة التعليـــم العـــالــــي و البحـــــــــث العلمـــــــــــي‬
‫‪Ministére de l’enseignement supérieur et de la recherche scientifique‬‬

‫كليـــة العلـــوم اإلنسانيــــة و العلـــــــوم اإلسالميــــــــــــة‬


‫‪Facultédes Sciences Humaines et Sciences Islamique‬‬

‫قسم التاريخ و علم اآلثار‬

‫أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه‬

‫في التاريخ الحديث موسومة ب‪:‬‬

‫النخبة الثقافية و السلطة في الجزائر في عهد الدايات‪ 1830-1671‬م‬

‫تحت إشراف أ‪.‬د راب ـح لونيس ي‬ ‫طـ ــوبال فاطمة الزهراء‬ ‫تقديم الطالبة‬

‫أعضاء لجنة املناقشة‬

‫أست ـ ـ ــاذ جامعـ ـ ـ ـ ــة وه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــران‪1‬‬ ‫رئيس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫أ‪.‬د دادة محم ـ ـ ـ ـ ــد‬

‫أست ـ ـ ــاذ جامعـ ـ ـ ـ ــة وه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــران‪1‬‬ ‫مش ـ ــرفا و مقــررا‬ ‫أ‪.‬د لونيس ي رابح‬

‫أست ـ ـ ــاذ جامعـ ـ ـ ـ ــة وه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــران‪1‬‬ ‫من ــاقشـ ــا‬ ‫أ‪.‬د حمدادو بن عمر‬
‫أست ـ ـ ــاذ جامعـ ـ ـ ـ ــة معسكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر‬ ‫من ــاقشـ ــا‬ ‫أ‪.‬د جاكرلحسن‬
‫أست ـ ـ ــاذة جامعـ ـ ــة سيدي بلعباس‬ ‫من ــاقشـ ــة‬ ‫أ‪.‬د قنون حياة‬

‫السنــــــة الجامعيــــة‪0440/0441 :‬هـ‪9191/9102 //‬م‬


‫إهداء‬
‫إلى روح شيخ املؤرخين أبو القاسم سعد هللا رحمه هللا‬
‫أهدي ثمرة جهدي هذا‬
‫شكر وعرفان‬

‫‪ ‬شكرا هلل العلي القدير الذي جعلني أوفق بين أداء رسالتي العلمية و التعليمية‬
‫‪ ‬أشكر أمي الغالية و أبي العزيز على تشجيعهما لي ملواصلة البحث في الدكتوراه‬
‫وعلى صبرهما وتعاونهما معي طيلة فترة إنجازي العمل‪.‬‬
‫شكر مليء باإلحترام و التقدير ملؤطري األستاذ رابح لونيس ي الذي شرفني‬ ‫‪‬‬
‫بتأطيره العلمي‬
‫و العملي ولم يبخل علي بالنصائح و التوجيهات ‪.‬‬
‫‪ ‬شكر موصول ألستاذنا الفاضل حمدادو بن عمر الذي فتح لنا مجال البحث في‬
‫مشروع السلطة‪،‬االقتصاد و المجتمع في الجزائر خالل العهد العثماني‬
‫(‪ )5381/5151‬وكذا فريق التكوين املؤطر للمشروع‪ .‬كما يسعني أن أتقدم‬
‫بعرفاني و امتناني لكل أساتذة قسم التاريخ بوهران و الذين أشرفوا على تكويننا‬
‫طيلة حياتنا الدراسية سواء الذين رحلوا وأخصهم ذكرا األستاذة بوخالفة‬
‫نورالهدى و األستاذ عبيد أحمد و األستاذ بلقاسمي بوعالم وغيرهم أو الذين‬
‫اليزالون على قيد الحياة وأخصهم األستاذ مهديد ابراهيم واألستاذ دادة محمد‬
‫كما أشكر الذين لجأت إلى خبراتهم فساعدوني من قريب أو من بعيد إلخراج هذا‬
‫البحث إلى النور وأخص بالذكر األستاذ عمار محند عامر بمركز الكراسك‬
‫واألستاذة لزغم فوزية بجامعة تيارت التي زودتني بوثائق هامة‪.‬‬
‫‪‬شكر موصول كذلك إلى مراكز البحث التي فتحت لي أبوابها وعلى رأسهم مركز‬
‫الكراسك ومركز التوثيق اإلجتماعي واإلقتصادي ناهيك عن املكتبة املركزية‬
‫بوهران و كذا املكتبة الوطنية الجزائرية التي وفرت لنا جل هائل من الوثائق و‬
‫املخطوطات وسهلت الحصول عليها وكذا املكتبة الوطنية الفرنسية التي ساهمت‬
‫بقاعدة بيانات توثيقة في تسهيل عملية البحث في املوضوعات التاريخية‬
‫العميقة‪....‬شكر موصول ملكتبة كلية العلوم اإلسالمية و العلوم اإلنسانية بوهران‬
‫وكذا مخابر البحث العلمي التابعة للكلية وأخصها مخبر البحث التاريخي ومخبر‬
‫الدراسات املغاربية وكذا بعض الباحثين بمركز البحوث والدراسات حول‬
‫العاملين العربي واإلسالمي وأخص بالذكر السيدة ‪ Isabelle Grangaud‬التي‬
‫قدمت لي بعض التوجيهات و النصائح وكذا أرشيف اإلدارة اإلستعمارية بوهران‬
‫الذي وفر لنا مجال اإلطالع على ماهو محفوظ من وثائق تاريخية قيمة‪.‬‬
‫قائمة المختصرات‬

‫الدالل ـ ـ ـ ــة‬ ‫بالعربية‬

‫ديوان املطبوعات الجامعية‬ ‫د‪.‬م‪.‬ج‬


‫املؤسسة الوطنية للكتاب‬ ‫م‪.‬و‪.‬ك‬
‫دون تاريخ‬ ‫د‪.‬ت‬
‫دون طبعة‬ ‫د‪.‬ط‬
‫تاريخ الوفاة‬ ‫ت‬
‫التاريخ الهجري‬ ‫ه‬
‫التاريخ امليالدي‬ ‫م‬

‫الدالل ـ ـ ـ ــة‬ ‫بالفرنسية‬

‫‪Pas de date‬‬ ‫‪P.D‬‬


‫‪Sans édition‬‬ ‫‪S.Ed‬‬
‫‪Edition‬‬ ‫‪Ed‬‬
‫‪Retour au nom de l'auteur mentionnéplus haut‬‬ ‫‪Op.cit‬‬
‫‪Revue Africaine‬‬ ‫‪R.A‬‬
‫قائمة المختصرات‬
‫املقدمة‬
‫مقدمة‬

‫التعريف بموضوع البحث‬ ‫‪-1‬‬


‫يتناول موضوع هذا البحث النخبة الثقافية و‬
‫السلطة بالجزائر في عهد الدايات‪ ،‬حيث شهدت الجزائر‬
‫في الفترة العثمانية بروز نخبة أدت دورا مزدوجا على‬
‫عدة أصعدة ثقافية‪ ،‬سياسية‪ ،‬واجتماعية ونشيرإليها ال‬
‫للحصر‪ :‬رجال الفكر(املؤرخون و الرحالة)‪( -‬األدباء‬
‫والشعراء)‪ ،‬رجال الدين الرسميين (أطر املساجد و أطر‬
‫املحاكم)‪ ،‬زعماء دين غير رسميين(شيوخ زوايا و طلبة‬
‫وأعوان أهالي(‪ ،‬أرستقراطية ريفية (مرابطين و أشراف)‪،‬‬
‫ففي الوقت الذي كانت فيه هذه الفئة تعتبر كوسيلة‬
‫تستفيد منها السلطة السياسية لبسط نفوذها داخل‬
‫املجتمع الجزائري من جهة‪ ،‬بدأت تشكل من جهة أخرى‬
‫كتلة تاريخية في تطورات الديناميكيات االجتماعية‬
‫والسياسية‪.‬‬
‫من هنا جاءت هذه الدراسة التي يراد بها تسليط‬
‫الضوء على هاته الشرائح االجتماعية وعلى أثر التواجد‬
‫العثماني على النخبة الجزائرية وعن ما إذا كانت هذه‬
‫الطبقات الوسطى قد مثلت فعال املجتمع الجزائري أو‬

‫أ‬
‫مقدمة‬

‫أنها كانت مجرد أداة سخرتها السلطة لخدمة مصالحها‬


‫الداخلية‪.‬‬
‫و رغم أن البحث في موضوع النخبة ال ينفي عنها‬
‫تأثرها بما يحيط بها من مؤثرات سياسية ألنها جزء من‬
‫سياق عام‪ ،‬ارتأينا إعادة نظر جذرية في تفكيك تمثالت‬
‫النخبة والسلطة وتصحيح مسار الواقع التاريخي الذي‬
‫أسيئت دراسته بقوة‪.‬‬
‫أسباب اختياراملوضوع‬ ‫‪-2‬‬

‫‪ ‬رغبتي في البحث في تاريخ الجزائر الحديث في‬


‫امليدان الثقافي‬
‫‪ ‬أنه من املواضيع التي طرحت مؤخرا‬
‫‪ ‬املساهمة في إثراء البحث العلمي في إطار ما‬
‫درسته في مشروع السلطة‪،‬اإلقتصاد‬
‫و املجتمع في الجزائر خالل العهد العثماني‬
‫‪5381-5151‬‬

‫ب‬
‫مقدمة‬

‫‪ -3‬أسباب إختيارالفترة الزمنية (‪)1331-1761‬‬

‫فترة عهد الدايات هي أطول مرحلة حكم عثماني‬ ‫‪‬‬


‫بالجزائر‬

‫ألنها تزامنت مع فترة انفصال الجزائر عن الدولة‬ ‫‪‬‬


‫العثمانية‬

‫تقارب العالقة بين الطبقات الوسطى واألهالي‬ ‫‪‬‬


‫خاصة مع نهاية التواجد اإلسباني بالجزائر و على رأسها‬
‫رجال الزوايا‬

‫ظهور ثورة قبلية ودينية مناهضة للنظام و‬ ‫‪‬‬


‫لسياسة الضرائب التي فرضتها السلطة على األهالي من‬
‫قبل األعيان الذين ساهموا باملشاركة في إثارة‬
‫االضطرابات ضد الحكم العثماني مثل‪:‬‬

‫ثورة ابن األحرش ببايلك الشرق و ابن الشريف‬ ‫‪‬‬


‫ببايلك الغرب مقدما الطريقة الدرقاوية‬

‫تمرد التجانيين بعين ماض ي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ت‬
‫مقدمة‬

‫وخلصت إلى غاية ‪1331‬م وهي‪:‬‬

‫‪ ‬فترة تمثل في رأينا القطيعة بين النخبة الثقافية‬


‫و السلطة‪.‬‬
‫هذه القطيعة ساهمت بشكل كبير في انهيار‬
‫التواجد العثماني بالجزائر ‪.‬‬
‫‪ -4‬مشكلة الدراسة وأهميتها وأهدافها‬
‫أ‪ -‬إشكالية البحث‬

‫تختلف وجهات النظر التي تحاول تفسير عالقة‬


‫النخب الثقافية بالسلطة بالجزائر العثمانية حسب‬
‫األدوات التحليلية التي يتبناها الدارسون للموضوع‪ ،‬إذ‬
‫إن التمثل التاريخي لدور النخبة الثقافية في عهد الدايات‬
‫آنذاك اليمكن أن ينفي جرأة هذه الفئة على املطالبة‬
‫بحقها في املشاركة السياسية فمسألة ربط " الثقافة‬
‫بالسلطة " كانت مبدءا ملمارسة السلطة على املجتمع و‬
‫الحجج في ذلك كثيرة‪ ،‬فهناك توجهات واضحة من قبل‬
‫بعض املؤرخين لتفسير أبعاد هذه العالقة بوجهة نظر‬
‫ترى تغلب العوامل السياسية ناهيك عن الصراع على‬

‫ث‬
‫مقدمة‬

‫السلطة فوق كل اعتبار و هناك من يعطيها أبعادا‬


‫إجتماعية ‪ -‬دينية‪.‬‬

‫فممارسة السلطة على الجزائريين من خالل هذه‬


‫الفئة كانت سمة عليا للحد من الحرية املطلقة للتعبير‬
‫عن سلبيات هذا النظام الذي ظهر متمثال بغطاء‬
‫الحضارة اإلسالمية إذ من البديهي بمكان أنه إذا ربطناه‬
‫بسياقه الحضاري االجتماعي فهو يمثل الصورة‬
‫الدكتاتورية التي كانت نموذجا سيئا من وجهة نظرنا‬
‫النهيار العديد من اإلمبراطوريات و املمالك في العهود‬
‫السابقة‪.‬‬

‫ومهما كان األمر فإنه يبدو لنا جليا بأن فئة النخبة‬
‫الثقافية آنذاك هي بمثابة املؤسس للعملية التاريخية‬
‫املتواصلة‪ ،‬و التي شكلت لنا مفهوم السلطة حديثا فهي‬
‫نتاج مؤسساتي للدولة الحديثة‪.‬‬

‫حينئذ فإن وظيفة النخبة وعالقتها بالسلطة ظلت‬


‫شغل شاغل الدارسين و الباحثين منذ ذلك الحين‪،‬‬
‫فالتباين الحضاري اإلنساني و الفارق االجتماعي الطبقي‬
‫ساهم في عملية تسهيل الهيمنة السياسية العثمانية على‬

‫ج‬
‫مقدمة‬

‫التعبير الديمقراطي الحر لألفراد‪ ،‬حيث أن سيطرة‬


‫السلطة الثقافية على الفكر الجزائري كانت القوة التي‬
‫استهدفت الرضوخ التام للقرارات السياسية و‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬لتضحى العالقة عالقة غالب ملغلوب في بناء‬
‫القوة القهرية باالعتماد على القوة السياسية املطلقة‪.‬‬
‫إذ ّ‬
‫تتمثل إشكالية هذا البحث في دراسة طبيعة‬
‫عالقة النخبة الثقافية بتوجيه الرأي العام في ظل تنظيم‬
‫مستلهم من نموذج السلطة العثمانية خالل فترة‬
‫(‪1830-1671‬م)؟ على اعتبار أن ذاك التنظيم شهد‬
‫تحوال وظيفيا وذلك تماشيا مع التحوالت االجتماعية و‬
‫االقتصادية للبالد ونتساءل من هذا املنطلق عن تركيبة‬
‫هذه النخب ضف إلى حركيتها الفكرية الوطنية و موقفها‬
‫من السلطة الحاكمة في الفترة املدروسة؟ إذسيسعنا في‬
‫هذا املجال طرح التساؤالت التالية‪ :‬ما هي دواعي التحول‬
‫في العالقة بين النخبة الثقافية و السلطة؟ وعلى أي‬
‫أساس قامت هذه العالقة؟ وفيم تحددت منطلق‬
‫تصوراتها؟ وماهي أسباب وعوامل التأرجح بين التقارب و‬
‫التضاد في هذه العالقة؟ ماهي النتائج املتوخاة منها؟‬

‫ح‬
‫مقدمة‬

‫ب‪-‬أهمية الدراسة‬

‫إن قضية " النخبة الثقافية " و " السلطة " في‬
‫الجزائر الحديثة هي قضية سياسية فكرية لها أهمية‬
‫تاريخية بالغة األثر على اهتمام الدارسين بها إذ إن هذه‬
‫الدراسة هي ضرب من التحدي العلمي ملختلف التوجهات‬
‫املنهجية التقليدية في الكتابة التاريخية فهي تضع كل‬
‫العلوم اإلنسانية في محك للتاريخ‪.‬‬

‫‪ ‬هي أوال دراسة تاريخية قبل أن تكون نظرية‬


‫سياسية‪.‬‬
‫‪ ‬هي دراسة تعتمد على التحليل التاريخي للتفكير‬
‫االجتماعي الثقافي و السياس ي ‪.‬‬
‫‪ ‬هي دراسة تطرح إشكالية عالقة السلطة بالفئة‬
‫املدروسة و أهم مكوناتها‪ ،‬كما تعالج قضية‬
‫النظام الحاكم في فترة زمنية محددة (عهد‬
‫الدايات) كظاهرة للتسلط السياس ي داخل‬
‫املجتمع الجزائري‪ ،‬و تعالج قضية مدى كفاءة‬
‫هذه الفئة في صنع القرار و الذي أثار غموضا‬
‫بالنسبة إلي‪ ،‬فهي مسألة تثير كذلك قضية‬

‫خ‬
‫مقدمة‬

‫احتكار السلطة من طرف العثمانيين في الفترة‬


‫املدروسة بمختلف مجاالتها السياسية و‬
‫العسكرية و اإلدارية واالقتصادية‪.‬‬
‫ج‪ -‬أهداف الدراسة‬
‫قليلة هي الدراسات العلمية التي خصصت لهذه‬
‫النخب موضوعات تعالج فيها الدور الذي لعبته في‬
‫املجتمع إبان الحكم العثماني بالجزائر‪ ،‬ويعود ذلك إلى‬
‫أن معظم الباحثين ركزوا على الجانبين السياس ي‬
‫والعسكري في تغطية هذه الفترة فاعتمدوا على ماكتبه‬
‫املستشرقون أو ترجموه من املصادر العربية‪ ،‬وإن كنا‬
‫نعترف بالفضل لهؤالء الذين ساهموا في التأريخ لهذه‬
‫الفترة فإنه يتوجب علينا في نفس الوقت الوقوف على‬
‫بعض النقائص التي الحظناها في تدوينهم التاريخي أثناء‬
‫دراسة النخب كنسق ثقافي‪ ،‬وتحليلها بمعزل عن العوامل‬
‫السياسية‪ ،‬في سيرورتها وفعاليتها التطورية على نظام‬
‫السلطة العثمانية في عهودها األخيرة بالجزائر‪.‬‬

‫فال ندعي هنا بمكان أن ماكتب سابقا من تراكمات‬


‫معرفية حول هذا املوضوع في فترته الحديثة لم يأت أكله‬

‫د‬
‫مقدمة‬

‫بل إن املدرسة الوطنية التقليدية رصدت الكثير من‬


‫القضايا الهامة وساهمت في التدوين ألحداث تاريخية‬
‫مميزة‪ ،‬بيد أن هناك فجوات بحثية في الدراسات السابقة‬
‫و التي تم القيام بها‪ ،‬إذ بقيت محصورة بين سرد‬
‫األحداث السياسية و العسكرية والتي كانت املادة‬
‫األساسية في بناء املعارف التاريخية آنذاك وكذا طريقة‬
‫تناول تلك األحداث التي لم يتم االستفادة منها منهجيا‪،‬‬
‫ملاذا؟‬

‫ألن تلك الكتابات تأسست لغرض تقديم تعليل مقنع على‬


‫تكذيب الطروحات الفرنسية التي كتبت عن تخلف بالد‬
‫املغرب قبل االحتالل الفرنس ي‪ ،‬فوضعتنا أمام‬
‫إيديولوجية وطنية تقليدية‪ ،‬اعتمدت فيها على املقاربات‬
‫الوطنية الضيقة‪ ،‬فاإلسهامات التي تقدم بها الباحثون‬
‫التقليديون بنيت على أساس السجال اإليديولوجي مع‬
‫املؤرخين الفرنسيين‪.‬‬

‫أما في اآلونة األخيرة صارت الضرورة تدعو إلى تجاوز‬


‫التاريخ السياس ي واالعتماد في اإلسهام التأريخي على‬
‫نشاطات البشر‪ ،‬فقد أفرزت الفترة الراهنة على حصول‬

‫ذ‬
‫مقدمة‬

‫تقارب بين األنثروبولوجيا والتاريخ‪ ،‬فهناك إسهامات‬


‫جامعية تعمل على توظيف املناهج الحديثة في خدمة‬
‫الحقيقة العلمية بيد أنه ينبغي تطوير أدوات تلك‬
‫املناهج املوظفة‪.‬‬

‫بالتالي فمن خالل النتائج املتوصل إليها في الدراسات‬


‫الجزائرية الحديثة و خالصة االستنتاجات املتعلقة‬
‫بالتنظير إلعادة كتابة تاريخ الجزائر الثقافي سنمهد من‬
‫خالل هذه الدراسة للعمل على حقول بحثية واسعة وفق‬
‫فحص علمي دقيق يخضع للحركية البحثية الراهنة‪،‬‬
‫باالرتكاز على اللقاء بين العلوم االجتماعية والتاريخ‬
‫خدمة للتاريخ كمشروع علمي بحثي ال تجسيدا لسياسة‬
‫إيديولوجية معينة‪.‬‬
‫نقد املصادرو املراجع‬ ‫‪-3‬‬
‫أ‪ -‬تحليل املصادرالعربية‬
‫الحديث عن النخب وإسهاماتها السياسية و الثقافية‬
‫داخل ميادين املجتمع الجزائري إبان الحكم العثماني‬
‫يقتض ي البحث والتقص ي والنهل من أمهات املصادر‬
‫والوثائق واإلستشهادات املرجعية ونشير في ضوء ذلك إلى‬

‫ر‬
‫مقدمة‬

‫بعض الكتابات التي أرخت لسياسة السلطة العثمانية‬


‫بالجزائر حيث اليسعنا املجال إلى التطرق إليها كلها‪.‬‬

‫وأهم تلك املصادر‪.‬‬

‫‪ ‬الشروحات و األراجيز حيث أنتجت عدد من‬


‫النخب الجزائرية في العهد العثماني أراجيز ذات‬
‫قيمة تاريخية و من بينها أرجوزة ابن أحمد‬
‫الحلفاوي التي شرحها له تلميذه الجامعي مدحا‬
‫للفتح األول لوهران و مما ال شك فيه أن هذا‬
‫املصدر هام جدا من حيث قيمته التاريخية ألن‬
‫كاتبه عايش جل الظواهر السياسية التي كانت‬
‫سائدة آنذاك إذ بناءا على ذلك‪ ،‬في دراستنا عملنا‬
‫على تحليل أهم النماذج التي أنتجها هؤالء‪ ،‬ومن‬
‫الشروحات كذلك لدينا عقد الجمان النفيس‬
‫للتوجيني وهو رسالة مخطوطة تترجم ألعالم‬
‫الجزائر في ق‪51‬م‪.‬‬
‫‪ ‬األساطير املحلية مثل كتابات بن عمر العدواني‬
‫الذي سماه "كتاب األخبار في القصص على‬
‫نسب بعض األوطان وعارة سوف وأجوبة على‬

‫ز‬
‫مقدمة‬

‫مسائل وفوائد شتى" والذي أعطى فيه رأيه حول‬


‫سياسة األتراك معتمدا في ذلك على الروايات‬
‫الشفوية ذات الخطاب املحلي ودونها كدليل‬
‫مادي ومعنوي لتحديد محطة تاريخية تعكس‬
‫البنية الفوقية للمجتمعات التقليدية في العهد‬
‫العثماني‪ ،‬وهو مصدر مهم جدا يعتمد عليه‬
‫الباحث في تدوين الوقائع و االستشهاد بها‬
‫وتوظيفها في الكتابة التاريخية‪.‬‬
‫‪ ‬الودائع األرشيفية باملركز الوطني لألرشيف‬
‫وتتمثل في مجموعة دفاتر البايلك ‪ 833‬دفتر‬
‫ضمن ‪ 33‬علبة وكذا مجموعة وثائق املحاكم‬
‫الشرعية ‪ 521‬علبة خاصة باألوقاف‪ ،‬لرصد‬
‫تمثالتنا اإلجتماعية لبعض النخب الثقافية‪.‬‬
‫‪ ‬األلواح حيث تشكل أهمية في الدراسات‬
‫التاريخية وعلى رأسها لوحة مسجد حسن الباشا‬
‫و هو أحد مساجد وهران الذي بني عام ‪ 5111‬في‬
‫عهد الباي محمد الكبير بوهران وهي محفوظة‬
‫حاليا بمتحف أحمد زبانة فيها اإلشادة بأعمال‬

‫س‬
‫مقدمة‬

‫الباشا حسان و أهم العلماء وعلى رأسهم الطاهر‬


‫املشرفي ‪.‬‬
‫‪ ‬الكتب‬
‫ومن املصادر التي حصلناها الكتب حيث‬
‫صبغتها رؤية سياسية في التعامل مع األحداث‬
‫التاريخية‪ ،‬إذ بداية كانت عبارة عن دراسات‬
‫عامة تدخل في إطار التعريف بالفترة التي سبقت‬
‫االحتالل الفرنس ي وتميزت باتباع املنهج السردي‬
‫والعرض الكرونولوجي للوقائع التاريخية ونذكر‬
‫منها ال للحصر كتابات أحمد بن سحنون‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الثغر ّ‬
‫الجماني البتسام الثغر‬ ‫الراشدي في كتابه"‬
‫الوهراني " الذي حققه املهدي البوعبدلي إذ تعود‬
‫بنا إلى مطلع سنة ‪ 1792‬حيث ترجم لنا فيه عبر‬
‫قراءة سوسيو ثقافية مدى ارتباطه بالسلطة‬
‫العثمانية من خالل نصوص تاريخية ذات قيمة‬
‫علمية ثابتة في التأريخ للنخبة والسلطة بالجزائر‬
‫العثمانية ناهيك عن كتابات أبي راس الناصري‬
‫ّ ّ‬
‫"در الشقاوة في حروب درقاوة"‬ ‫وعلى رأسها‬
‫إضافة إلى كتابات بن عودة املزاري في "طلوع‬

‫ش‬
‫مقدمة‬

‫سعد السعود" توسع مؤلفه في التأريخ لوهران و‬


‫غربها و إسبانيا و فرنسا و األتراك العثمانيين و‬
‫أسهب في الحديث عن القضايا الفكرية و‬
‫الثقافية معتمدا على مصادر مخطوطة و‬
‫شعرية‪ ،‬وجلي بنا أن نشير إلى كتابات صالح بن‬
‫محمد العنتري القسنطيني الذي أدرك أواخر‬
‫العهد التركي بالجزائر الذي كتب تأليفا‬
‫أسماه "فريدة منسية في حال دخول الترك بلد‬
‫قسنطينة واستيالئهم على أوطانها"‪ ،‬أو تاريخ‬
‫قسنطينة ويليه كتاب "روضة النسرين في‬
‫التعريف باألشياخ األربعة املتأخرين" للشيخ‬
‫محمد بن صعد األنصاري التلمساني حيث يعتبر‬
‫التألفين املشار لهما واملحققين من طرف‬
‫الدكتور يحيى بوعزيز من أهم وأشهر مصادر‬
‫تاريخ الجزائر في عهد األتراك العثمانيين‪.‬‬
‫‪ ‬كتب الرحالت‬
‫إذ كتب ابن هطال التلمساني عن "رحلة الباي الكبير"‬
‫فالباي محمد بن عثمان بن إبراهيم أو الباي محمد‬
‫الكبير كما هو شائع عنه‪ ،‬عالم من علماء الدين في‬

‫ص‬
‫مقدمة‬

‫الجزائر العثمانية الذين ساهموا في صناعة تاريخها في‬


‫أواخر القرن الثامن عشر وكون أن ابن الهطال كان مقربا‬
‫منه كتب هذه الرحلة التي كان هدفها إخضاع القبائل‬
‫الصحراوية املناهضة للسلطة على دفع الضرائب‬
‫فتعكس كتابات ابن الهطال حقائق عن عالقة السلطة‬
‫باملحكومين‪.‬‬
‫و إن املحلل لهذا النوع من املصادر يجد أنه يحتل‬
‫مكانة هامة في حقل البحث التاريخي ألنه يحيلنا إلى تتبع‬
‫تاريخ الجزائر الحديث بصورة واضحة ويضعنا أمام‬
‫مواقف سياسية يتوجب اإلمعان في فحص مصداقيتها‬
‫التاريخية بأبعادها الواسعة‪.‬‬
‫‪ ‬تحليل املصادراألجنبية‬
‫في تقييمنا للمادة العلمية التي كتبت بأيادي أجنبية‬
‫ارتأينا ضرورة االطالع عليها وتحليل ما جاء فيها لنبني عليها‬
‫حيثياتنا البحثية بروح نقدية علمية تتوخى الحذر دون‬
‫أحكام مسبقة‪ ،‬إذ كتبت على ثالث مراحل نبدأها بماقبل‬
‫‪ 5381‬حيث تميزت بتحضير املعطيات العلمية على يد‬
‫من عايشوا الوقائع في تلك الفترة نذكر منها ما جاء على‬
‫يد مبعوثين حكوميين وتدخل في إطار التحضير الحتالل‬

‫ض‬
‫مقدمة‬

‫الجزائر و مذكرات لرهبان وقساوسة مسيحيين مثل ‪le‬‬


‫‪ père Dan‬في ‪histoire de barbarie et‬‬
‫‪ des corsaires‬ناهيك عن كتب الرحالة أمثال‬
‫‪Voyage dans la‬‬ ‫‪ Shaw. Docteur.‬في‬
‫‪ régence d’Alger‬ضف إلى كتابات كل من‬
‫‪Savary De Breves‬و ‪ Arvieux‬و ‪Diego‬‬
‫‪ de heido‬تليها مرحلة‪5381‬م و التي شهدت أعماال‬
‫تاريخية رائدة تمثلت في جمع املادة التاريخية ‪ ،‬ملاذا؟ ألن‬
‫مؤلفوها استحوذوا على عدد كبير من املخطوطات في‬
‫فترة ‪5381‬و هي املدة الزمنية التي تتوقف عندها‬
‫دراستنا‪ ،‬إذ أغلب كتابها كانوا عسكريين و مترجمين وكان‬
‫دافعهم تنفيذ أوامر الجيش الفرنس ي في إعداد دراسات‬
‫علمية حول املنطقة وكان يتم طبعها تحت إشراف وزارة‬
‫الحربية الفرنسية إذ اعتمد دارسوها في تدوينها على‬
‫الوثائق املكتوبة تعود لرجال العلم وشيوخ الزوايا كما‬
‫اعتمدوا على الروايات الشفوية ونذكر منها كتابات‬
‫‪ Berbrugger Adrien‬في ‪Le Pégnon‬‬
‫‪d'Alger, ou, Les origines du‬‬
‫‪ gouvernement turc en Algérie‬وتقارير‬

‫ط‬
‫مقدمة‬

‫‪ le baron de slane‬في‪Rapport adresséà‬‬


‫‪M. le ministre de l'instruction‬‬
‫‪ publique‬وتقارير ‪ Renébasset‬في ‪les‬‬
‫‪manuscrits‬‬ ‫‪arabes de deux‬‬
‫‪bibliothèques de zaouia‬‬
‫وكل ماميز هذه املصادر أنها ركزت في عالجها للوقائع‬
‫على الظواهر اإلجتماعية و الدينية وتوجهت التقارير و‬
‫األبحاث للكتابة عن املؤسسات الدينية ويعود توجيه‬
‫هذه الكتابة إلى السلطة الفرنسية التي كانت ترى أنه من‬
‫الضروري رصد مكانة اإلسالم في الكيان الجزائري‪.‬‬

‫كما ضبطنا خالل مرحلة جمع املادة التاريخية عدة‬


‫مصادر قدمت لنا وصفا دقيقا لوضعية الطرق الصوفية‬
‫ودورها في املجتمع و صلتها بالسلطة أهمها كتابات‬
‫‪ Louis Rinn‬في ‪Marabouts et Khouan‬‬
‫‪ ‬املراجع و الدراسات التي لها صلة بالدراسة‬
‫‪ ‬الكتب‬
‫برزت كتابات تاريخية عامة ساهم بها جزائريون بهدف‬
‫الرد على األطروحات الفرنسية التي طاملا نفت وجود‬
‫طبقة وسطى بالجزائر فكتب يحي بوعزيز تأليفا عنوانه‬

‫ظ‬
‫مقدمة‬

‫"املوجز في تاريخ الجزائر"‪ 1‬بيد أن هناك جهود وطنية‬


‫متخصصة بذلتها دراسات تاريخية كدراسات أبو القاسم‬
‫سعد هللا‪ 2‬في "تاريخ الجزائر الثقافي" (‪ )1830-1519‬والتي‬
‫أجلى من خاللها مقاربة علمية نموذجية إلنكار تلك‬
‫التصورات من خالل العمل على الوثائق املحلية ورسم‬
‫صورة لألحداث التي وقعت بروح عصرها‪.‬‬
‫إذ في هذه الدراسة أريد أن أحلل بالبحث املعطيات‬
‫املتعلقة بخصائص انتلجنتسيا السلطة بمقاربات علمية‬
‫جادة امتدادا للكتابات التي بادر بها ابوالقاسم سعد هللا‪.‬‬
‫املقاالت و الدراسات الحديثة‬
‫إثر تصفحنا للدراسات الحديثة ملحنا أنه صبغتها‬
‫رؤية شاملة في التعامل مع األحداث التاريخية‪ ،‬حيث‬
‫كانت عبارة عن دراسات سطحية تدخل في إطار رصد‬

‫‪ -1‬يحي بوعزيز‪،‬املوجز في تاريخ الجزائر‪،‬ج‪ ،2‬الطبعة األولى‪ ،‬ريحانة للنشر و‬


‫التوزيع‪ ،‬الجزائر‪2112 ،‬‬

‫‪ -2‬تتجسد جهود املؤرخ التأريخية لهذه الفترة في املؤلفات التالية‪:‬‬


‫موسوعة‪ :‬تاريخ الجزائر الثقافي (‪ 1‬مجلدات)‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪،‬‬
‫بيروت‪ +5113 ،‬أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر ‪ (5‬أجزاء)‪،‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ +2112-5113-5118 ،‬دراسات في األدب الجزائري‬
‫الحديث‪ ,‬دار اآلداب‪ ،‬بيروت‪.5133 ،‬‬

‫ع‬
‫مقدمة‬

‫الحياة الثقافية في الفترة التي سبقت االحتالل الفرنس ي‬


‫وتميزت باتباع املنهج السردي والعرض الكرونولوجي‬
‫للوقائع التاريخية‪ ،‬كما وصفت األوضاع االجتماعية لفئة‬
‫معينة من املثقفين و التمثالت الذهنية لهم بإيالة‬
‫الجزائر من خالل ما نشر في أبحاثهم‪ ،‬ومن الدراسات‬
‫"الخلدونية"‪1‬‬ ‫الرائدة دراسة "الحبيب خنفار" بمجلة‬
‫الذي كتب عن الوضع االجتماعي لعلماء الجزائر خالل‬
‫العهد العثماني وعلى غراره ذهب كذلك بكاري عبد‬
‫القادر بنفس املجلة لينشر دراسة "اإلسهامات الثقافية‬
‫والكتابات التاريخية لعلماء الجزائر العثمانية"‪.2‬‬
‫األطروحات األكاديمية‬
‫وباملوازاة تناولت األطروحات األكاديمية موضوعات‬
‫استعرضت واقع الحياة الثقافية بإيالة الجزائر خالل‬
‫العهد العثماني مثل أطروحة لزغم فوزية واملوسومة ب"‬

‫‪ -1‬الحبيب خنفار‪ ،‬مجلة الخلدونية‪،‬العدد السابع‪ ،‬كلية العلوم االجتماعية‬


‫و اإلنسانية ‪ ،‬جامعة ابن خلدون‪ ،‬تيارت‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديسمبر‪،،2152‬ص‪512‬‬
‫‪ -2‬بكاري عبد القادر‪،‬اإلسهامات الثقافية والكتابات التاريخية لعلماء‬
‫الجزائر العثمانية‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في التاريخ الحديث‬
‫و املعاصر‪ ،‬تحت إشراف‪ :‬دحو فغرور‪ ،‬قسم التاريخ وعلم اآلثار‪ ،‬كلية‬
‫العلوم اإلنسانية و الحضارة اإلسالمية‪ ،‬جامعة وهران‪،‬السنة الجامعية‬
‫‪2151-2152‬‬
‫غ‬
‫مقدمة‬

‫البيوتات و األسر العلمية" وفي نفس التخصص تتمحور‬


‫أطروحة بوجالل قدور في " مظاهر التقارب و القطيعة‬
‫بين العلماء و السلطة" نموذج الجزائر في عهد الدايات‬
‫(‪.)5381 – 5315‬‬
‫منهج البحث‬

‫تحتم طبيعة البحث اإلعتماد على املنهج التاريخي‬


‫العلمي التحليلي النقدي وذلك بتتبع الجذور التاريخية‬
‫للموضوع و ممارسة النقد للكشف عن الظروف التي‬
‫مرت بها النخب الثقافية بالجزائر العثمانية في عهد‬
‫الدايات و رصد األحداث إضافة إلى املنهج التاريخي‬
‫الوصفي والذي يكون فيه العمل على إبراز و شرح‬
‫األوضاع السياسية و الثقافية والتي يطالها الكثير من‬
‫التحليل أثناء العرض املتزامن لألحداث التاريخية ‪ ،‬يالزمه‬
‫التحقق من املعلومة من عدة مراجع ومصادر ذات‬
‫العالقة باملوضوع الذي هو محل الدراسة والبحث‬
‫إضافة إلى املنهج املقارن والذي نوظفه في دراسة واقعين‬
‫اجتماعيين في دولة واحدة‪ ،‬بين الجزائريين والعثمانيين‪،‬‬
‫خاصة في مجال التعليم والثقافة خالل الفترة املدروسة‬

‫ف‬
‫مقدمة‬

‫كما وظفنا املنهج اإلحصائي على بعض املباحث إلضفاء‬


‫الصيغة العلمية على الظواهر اإلجتماعية وتحليلها من‬
‫الناحية الكمية ‪.‬‬

‫خطة البحث‬

‫من هذا املنطلق تركزت دراستي على فصلين رئيسيين‬


‫يسبقها مدخل نظري ملفهوم مصطلح النخب وذلك‬
‫باإلطالع على التعاريف التي أوردتها الدراسات املتخصصة‬
‫في ضبط املفاهيم اإلصطالحية كما وضحت التطور‬
‫التاريخي الستعماالت مصطلح النخبة فهو مرتبط بعدد‬
‫من املنظورات الفكرية التي تعد كحجر أساس لحل‬
‫مشكلتنا في ضبط املفهوم‪.‬‬

‫‪ ‬في الفصل األول‪ :‬تمث ــالت النخب ــة خصصته لتحليل‬


‫البنيان األساس ي في التركيبة النخبوية من الناحيتين‬
‫اإلجتماعية و الثقافية‬

‫‪ ‬أما الفصل الثاني فقد تم تخصيصه عن صمام‬


‫األمان ألي دراسة تاريخية حيث تم مقاربة العالقة‬
‫بين السلطة والنخبة الثقافية بالجزائرالعثمانية في‬
‫عهد الدايات (‪1331-1761‬م) في مرحلتين مختلفتين‬

‫ق‬
‫مقدمة‬

‫ونقصد هنا مرحلة التعايش ومرحلة التوتر‬


‫واإلضطراب والقطيعة بين الطرفين ‪.‬‬

‫‪ ‬وفي نهاية الدراسة قمت بإبرازعدد من التوصيات‬


‫تمثلت أهمها باقتراح فكرة ضرورة الترويج إلعادة‬
‫النظر إلى هذه العالقة بأبعاد علمية بحثية واسعة‬
‫وفق فحص علمي دقيق يخضع للمنظورات الفكرية‬
‫الحديثة‪.‬‬

‫ك‬
‫امل ـدخـ ـل‬
‫املدخـ ـ ـل‬

‫‪ -1‬النخبة مصطلح و معنى؟‬


‫منذ السنوات األخيرة ظهر مصطلح النخبة في البحوث املعاصرة في عدة مقاربات‬
‫علمية فبعد ترجمته إلى اللغة العربية صار يؤدي معنى موضوعاتي محدد لعدد من‬
‫الكلمات التقليدية التي كان يتم استخدامها في الكتابات السابقة‪ ،1‬والتي كانت تطابق‬
‫املصطلح كإطار ثابت لفئة إجتماعية مميزة منتخبة في التفكيرين اإلجتماعي التقليدي‬
‫ضف إلى التفكير املعاصر‪ ،‬فأصبح يعتمد على العديد من املقاربات العلمية في توصيفه‬
‫كمعيار أساس ي نقيس به فئة معينة على ضوء املعايير املوضوعية أم الشكلية التي تعارف‬
‫عليها املجتمع‪ ،‬ذلك أن النخبة عبارة عن مصطلح حديث يعرف عدة تضاربات في تحديده‬
‫ألنه من املفاهيم التي ترادفت عليها كلمات أخرى‪ ،‬وهذا راجع إلى ارتباطه بمصطلحات‬
‫مجاورة مثل "األنتلجنسيا"‪" ،‬النخبة الحاكمة"‪" ،‬النخبة السياسية"‪"،‬النخبة الثقافية"‪،2‬‬
‫ولإلشارة ال توجد دراسات متخصصة تتبعت تحديد هذا املصطلح في مختلف مراحل‬
‫استخداماته التاريخية خاصة في فترة الحكم العثماني بالجزائر حتى عام ‪0381‬م‪ ،‬ولكن‬
‫عندما نضبطه في مساره التاريخي البأس أن نحيله إلى مجموعة من املرادفات التي‬
‫استخدمها املؤرخون بشكل كبير في تقاريرهم البحثية والذين تخصصوا في التأريخ لعهد‬
‫الدايات بالجزائر ‪0381-0760‬م وهذا يدل على أن مفهوم النخبة يخضع للعديد من‬
‫املقاربات التي سنشير إليها الحقا‪.3‬‬

‫‪ -1‬استخدم مصطلح النخبة كمفهوم في التراث اإلسالمي بتسميات مختلفة فقد كان يطلق على الفئات املميزة من‬
‫املجتمع بالسراة كما استعمل لقب الخاصة و األعيان ومنهم من يحصرهم في فئة العلماء‪ ،‬أنظر‪ ،‬فضيل حضري‪،‬‬
‫تشكل النخبة الدينية في الجزائر‪ ،‬رسالة تخرج لنيل شهادة الدكتوراه في علم اإلجتماع‪ ،‬إشراف مزوار بلخضر‪ ،‬قسم‬
‫العلوم اإلجتماعية‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية و العلوم اإلجتماعية‪،‬جامعة أبو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ -2158-2152‬ص‪.12‬‬
‫‪ -2‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مقاربات نظرية في مفهوم النخب الثقافية و السلطة بإيالة الجزائر العثمانية في فترة‬
‫الدايات‪ ،‬مجلة القرطاس‪ ،‬العدد التاسع‪ ،‬جويلية ‪،2153‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ -3‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪11‬‬
‫املدخـ ـ ـل‬

‫أ‪ -‬النخبة في التعريفين اللغوي و اإلصطالحي‬

‫النخبة هي فئة انتخبها األفراد بصفة طبيعية رمزية لتمثيل رؤية قيمية في املجتمع‪،1‬‬
‫وقد ورد في لسان العرب البن منظور‪ ،‬أن مصطلح النخبة "ما اختاره‪ ،‬منه‪ .‬ونخبة القوم‬
‫ونخبتهم ‪ :‬خيارهم"‪ 2‬وقد ترددت في الكتابات األجنبية بكلمة ‪ Elite‬إذ نفس املعنى الذي‬
‫ورد عند ابن منظور نجده يتكرر في دراسة ‪ Vilfredo Pareto‬والذي يحصرها في‬
‫الفئة التي ارتقت إلى مستوى التفاضل اإلجتماعي‪ ،‬ألن النخبة بالنسبة للدارس هي فئة‬
‫اجتماعية نقدية تتجاوز مجال تخصصها من أجل خدمة القضايا العامة‪ 3‬والنخبة هي‬
‫الصفوة أو الطليعة التي تملك قوة التأثير في املجتمع‪ ،‬وبناءا على ماسبق فإن هذه الصفة‬
‫التي تكررت في عدد كبير من املرجعيات العلمية تقود بالضرورة إلى تحديد تعريف لغوي‬
‫دقيق للنخبة الثقافية‪.4‬‬

‫عموما هذا املفهوم استخدم بصيغ مختلفة حيث "ظل يستعمل في عموم‬
‫الكتابات بصيغتي املفرد والجمع"‪. 5‬‬

‫وألننا ملسنا استعمال مختلف لهذه الكلمة في عدد من املصادر القديمة وعليه‬
‫يمكن الحصر أن النخبة هي طبقة مميزة ضمن تراتبية إجتماعية واسعة‪.6‬‬

‫ب_ مقاربات نظرية للمفهوم‬

‫يعتبر ‪ William Genieys‬من بين الدارسين الذين وضعوا املعايير و األسس‬


‫التي يبنى عليها مفهوم النخبة من خالل بعض املنظورات العلمية و الفلسفية التي تؤمن‬

‫‪ -1‬سعيد بشار‪ ،‬في مفهوم النخبة ودور الوسيط أو املصادر الثقافي‪،‬مجلة فكر و نقد‪،‬العدد‪،21‬املغرب‪،‬‬
‫مارس‪ ،2111،‬ص‪81-25‬‬
‫‪ -2‬ابن منظور اإلفريقي املصري‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬املجلد األول‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،5111 ،‬ص‪.112-115‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Vilfredo Pareto, The rise and fall of the elites,transaction publishers,New‬‬
‫‪York,1991,p.27-p.36.‬‬
‫‪ -4‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ -5‬فضيل حضري‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫‪ -6‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪12‬‬
‫املدخـ ـ ـل‬

‫بتعددية استخدام املصطلح‪ 1‬ولهذا نجد أن مفهوم النخبة الثقافية قد أخذ شقا هاما‬
‫من املفاهيم املعاصرة في مجال التاريخ الحديث لعدة أسباب منها‪ ،‬أنه يمثل توجه فكري‬
‫معين في مجتمع الجزائر العثمانية من حيث االستخدام‪ ،‬ولذلك نجد مستخدميه‬
‫يعتمدون مرادفات تداولية تترجم صيغه اللفظية إلى كلمة ثابتة تؤدي معنى كل هذه‬
‫املرادفات التي تمت اإلشارة إليها في نصوص متعددة‪ ،‬وبالتالي فإن اإلستخدام التطبيقي‬
‫األكثر تداوال والذي يجمع بين صيغ مختلفة في توظيف الكلمة يتركز في فئة "العلماء"‬
‫الذين أدوا أدوارا بارزة في الفترة التي نحن بصدد دراستها‪ ،‬فقد اتضح ظاهريا ربطها‬
‫بمقاربة واحدة ولو بدت متعددة فقد اقترنت بتوجهات فكرية معينة والتي نشملها في‬
‫السلطة الروحية كمقاربة دينية ثابتة فهي تشير إلى التفضيل والحضور الكبير في الوسط‬
‫املجتمعي حيث تستمد شرعيتها من القيم اإلنسانية و املواقف األخالقية السامية‪.‬‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬أشار ‪ Runciman‬في كتابه إلى أن هذا املفهوم يترجم عدة كلمات‬
‫تشكيلية وهي القوة و املجتمع والسياسة فهو يحلل وجهته وفق املقاربة التي جاء بها‬
‫‪ Pareto‬الذي قدم رؤية وظيفية تحصر املصطلح في أولئك الذين لهم قدرة التغيير‬
‫اإلجتماعي خاصة سواء كان ذلك في مجال نشاطهم أو خارجه‪.2‬‬
‫ونجد أن من الكتابات التاريخية التي اهتمت بالتأريخ للفترة العثمانية من تذهب في‬
‫َ‬
‫تصنيفها لهذه الفئة إلى اإلتجاه الذي نظر له ‪ Pareto‬حيث ربطت قوة السلطة بهذه‬
‫الفئة‪ ،‬فاعتبرت أن أولئك املوجودين في املناصب اإلدارية التي استحدثها الجهاز الحاكم‬
‫في فترة الدايات يستحقون مرتبة املسؤولية ألن لهم قدرة التأثير على املجتمع نظرا‬
‫ملؤهالتهم التي يمتلكونها و قدراتهم التي أبرزوا من خاللها مجموعة املواهب الفنية في‬
‫اإلشراف على شؤون الدولة سواء كانت داخلية أم خارجية وهذا ما نجده عند‬

‫‪1‬‬
‫‪- William Genieys, « De la théorie a la sociologie des élites en interaction.‬‬
‫‪Vers un Neo-Élitisme? », Curapp, Les méthodes au concret, Paris, PUF, 2000.‬‬
‫‪pp. 86-89.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Runciman.W, Social science and political theory, Cambridge University,‬‬
‫‪press, 1963, p.271-307.‬‬
‫‪13‬‬
‫املدخـ ـ ـل‬

‫‪ Nahoum Weissmann‬في كتابه الذي سماه ‪ Les Janissaires1‬ملا أهلت‬


‫السلطة العثمانية فئة معينة لتولية منصب وكيل الخرج فأحال ذلك إلى درجة‬
‫اإلستحقاق التي كانوا يتميزون بها آنذاك ونلمس ذلك كذلك في كتابات ‪Thomas‬‬
‫‪ shaw‬الذي يشير إلى مصاهرة بعض من بايات قسنطينة للعائالت النافذة بهدف توسيع‬
‫مناطق النفوذ واإلمتداد في الحكم مثل رجب باي بايلك قسنطينة الذي صاهر أسرة علي‬
‫بن صخري بوعكاز التي تنتمي إلى قبيلة الذواودة بإقليم الزاب الصحراوي حيث هيأ لها‬
‫كل اإلمكانيات الضرورية لإلشراف على التسيير اإلداري باملنطقة ملا تتمتع به من مكانة‬
‫سياسية مرموقة ونفوذ مالي كبير‪.2‬‬
‫وتتجه دراسات مشابهة تؤكد ماجاء به ‪ Pareto‬في التنظير لهذا املفهوم الذي تعود‬
‫بداية ظهوره إلى القرن الثامن عشر ميالدي حيث نجد أن ‪Dubois Thionville‬‬
‫يبني نموذج ظهور فئة النخبة بالجزائر في فترة الدايات على هذه املقاربة موضحا نشاطاتها‬
‫التي تميزها عن بقية املوظفين الساميين في اإليالة‪ ،‬مشيرا إلى أن الحكام كانوا ال يقدمون‬
‫على أي خطوة أو قرار دون األخذ برأيها‪ 3‬فهي في رأيه كانت تلبي حاجات قيمية للسلطة‬
‫نظرا للمؤهالت والكفاءات التي كانت تتمتع بها أثناء أدائها لوظيفتها فهيمنت على النظام‬
‫اإلداري في هرم السلطة نتيجة لباقة أسلوب عالقاتها القائم بينها وبين الحكام‪.‬‬
‫وقد تبنت بعض الكتابات ماجاء به ‪ Mosca4‬في مقارباته النظرية لهذه الفئة فهو‬
‫يميز بين الطبقة الحاكمة كفئة منتخبة والشعب كمحكوم ويعتبر أن الفئة الحاكمة‬
‫القليلة غالبا ما تكون الفاعلة في الصيرورة الديناميكية للمجتمع والقوة والسياسة ألنها‬
‫تشغل موقع استراتيجي مميز في عملية اتخاذ القرار‪ ،‬وهي بذلك رمز الشهرة والنجومية‬
‫التي غالبا ما استحوذت على معيار السيطرة كرمز ثابت في تحديد تصنيفها كنخبة قائمة‬

‫‪1‬‬
‫‪- Nahoum Weissmann, les janissaires, étude de l’organisation militaire des‬‬
‫‪ottomans, librairie orients, paris, 1964, p70.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Thomas shaw,voyage dans plusieurs provinces de la barbarie et du levant,‬‬
‫‪Tome1,BNF, parais 1810,p.166-167.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Dubois-thanville, mémoire sur alger 1809, ed G.Esquer,paris,1929,p.129‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Gaetano Mosca, the ruling class, translation by Hannah D.Kahn, ed.Mc‬‬
‫‪grow Hill Book Company, New York and London,PP.50.‬‬
‫‪14‬‬
‫املدخـ ـ ـل‬

‫بحد ذاتها وفي هذه املقاربة نجد ‪ Charles1 Féraud‬يرصد نشاطات الباي محمد‬
‫الكبير كقيمة رمزية لهذا املعيار‪.‬‬
‫ويطرح ‪ Robert Michels‬فكرة الفئة التي تحكم األقلية كفئة مميزة في الهرم‬
‫الطبقي للمجتمع‪ 2‬ونظرا ألن هذه النظرية ال تنطبق مائة باملائة مع واقع األحداث‬
‫التاريخية التي مرت بها الجزائر في فترة الدايات لكن يمكن الحصر أن مايسميه‬
‫‪ Michels‬باألوليغارشية قد تجسد في فترة محدودة إن لم أقل الفئة الشبه الحاكمة‬
‫التي نقاربها بما ورد في كتابات ‪ W.Esterhazy‬التي تبرز بأن السلطة السياسية قد‬
‫ُحصرت بيد فئة صغيرة من املجتمع منح لها حق الحكم املحلي‪ 3‬من طرف العثمانيين وقد‬
‫تجسدت في العائالت النافذة لكن تجدر اإلشارة إلى أن السلطة غالبا ماكانت تقوم‬
‫بإسقاط هذا الحكم على هذه الفئة في حال تمردها على دفع الضرائب لهذا كانت تدخل‬
‫معها في مواجهة شرسة حيث سنفصل في هذه النقطة في فصولنا الالحقة‪ ،‬ونفس املقاربة‬
‫نلمسها في كتابات ‪ Venture De Paradis‬التي تنطلق من فكرة أن النظرة املوضعية‬
‫التي حددها املجتمع لهذه الفئة تحدد مواصفات حكم القلة من األسر و العائالت‬
‫الشريفة في هرم املجتمع حيث يتمتعون بالشهرة العلمية و الدينية وامتالك الثروة املالية‬
‫وهم الذين يؤثرون بآرائهم في مناطق نفوذهم‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار يذكر محمد الصالح العنتري بأن الحاج أحمد باي بايلك قسنطينة‬
‫قد وضع معايير وظيفية ثابتة لتولية منصب الخليفة لرجال حضر املنطقة وأهم تلك‬

‫‪1‬‬
‫‪- Féraud, L.-Charles, Éphémérides d’un secrétaire officiel sous la‬‬
‫‪domination turque à Alger de 1775 à 1805, Revue africaine, Rubrique:‬‬
‫‪Articles N°106, 1874, p.313.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Michels, R., Political Parties a Sociological Study of the Oligarchical‬‬
‫‪Tendencies of Modern Democracy (1911- 1962), Collier Books. New York‬‬
‫‪1915, P.365.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- W.Esterhazy, la domination turque dans l’ancienne régence d’alger,‬‬
‫‪Grossein, paris,1840,p186-188‬‬
‫‪15‬‬
‫املدخـ ـ ـل‬

‫املعايير مصاهرة شيوخ العرب واإللتزام بتجسيد مبادئ القيم التقليدية للقبائل الشريفة‬
‫من طرف هؤالء الرجال وكل هذا للحصول على النفوذ املادي و املعنوي للسلطة‪1.‬‬

‫النخبة‪2‬‬ ‫وقد تمكن‪ Wright Mills‬أن يبرز البناء األساس ي الذي تتشكل على إثره‬
‫حيث ركز على املؤسسة كتنظيم فعال في خلق أو تكوين هذه الفئة لكنه اليقصد هنا‬
‫املؤسسة كبناء تكون وفق املؤثرات الرسمية لجهاز السلطة لكنه َ‬
‫قدرها وفق املؤسسة‬
‫املجتمعية التي وجدت كاتجاه نظامي تولد من القاعدة الشعبية‪ ،‬ليشمل نزعة محددة‬
‫قادرة على اتخاذ القرار وتمثيل جماعة من األفراد في تنظيم معين وهذا مادعانا إلى وضع‬
‫مقاربة ضمن اإلتجاه الذي أقره ‪ Mills‬في كتاباته ومن هذا املبدأ فإن ماقرره ‪De‬‬
‫‪ Grammont Henri‬حول ثورات الطرقيين تتبنى هذا التحليل الذي يكشف‬
‫كيفية تشكل الزعامات الدينية كنتيجة الستبداد السلطة الحاكمة آنذاك ألن ثورة رجال‬
‫الطريقة ضد السلطة هي ثورة تشرف عليها مؤسسة نظامية بقيادة فئة كانت نتاج التربية‬
‫املرابطين‪3.‬‬ ‫الطرقية أو الزوايا واملتمثلة في نخبة‬
‫وأثناء تعرجنا على عدد من الكلمات املرادفة ملفهوم النخبة الثقافية استنبطنا بأنها‬
‫ترمز بطريقة أو بأخرى إلى تراتبية إجتماعية مميزة تختلف عن بقية الطبقات االجتماعية‬
‫األخرى و التي اليمكن تجاوزها أثناء الحديث عن الدور الذي لعبته في الفترة التي نحن‬
‫بصدد دراستها‪ ،‬إذ نركز في ضبط تلك التراتبية على الفضاء اإلجتماعي الذي عايشته كونه‬
‫محل ممارسة الفعل الرئيس ي لها‪ ،‬ومن هنا نستجلي تصورنا املنهجي للمفهوم في مقاربتة مع‬
‫العوامل التي أدت إلى تحديده‪.4‬‬

‫‪ -1‬محمد الصالح العنتري ‪ ،‬فريدة منسية في حال دخول الترك بلد قسنطينة واستيالئهم على اوطانهم او تاريخ‬
‫قسنطينة‪ ،‬دار العربي‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪49‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Wright Mills, The Power Elite, first edition, Oxford university press, united‬‬
‫‪states, 1956,P.269.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- De Grammont Henri, histoire d’Algérie sous la domination Turque (1515-‬‬
‫‪1830), E.Leroux, P.365-386‬‬
‫‪ -4‬أنظر فاطمة الزهراء طوبال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪16‬‬
‫املدخـ ـ ـل‬

‫ونعني بذلك أن النخبة هي فئة ذات سمة خلقية عليا وانتقادية تعمل على كسر‬
‫اإلستبداد واملظالم و اإلستعباد وخلق تقارب استراتيجي بين املجتمع و السلطة السياسية‬
‫من خالل بث الوعي الفكري وفق مايتناسب والقيم املجتمعية‪.1‬‬
‫فتصوراتنا للمجتمع آنذاك أنه كان مبني على األحكام القيمية التقليدية من جذوره‬
‫وبالتالي فقد مثل هذا البناء مجموعة من املفكرين والعلماء الرواد الذين أضفوا طابع‬
‫املشروعية في عدد من الوقائع التاريخية‪.‬‬

‫فعندما نحصر مصطلح النخبة ضمن املعارف التاريخية‪ ،‬فإن إحالة املفهوم إلى‬
‫املنظور التاريخي وتقييده داخل إطار زمني محدد‪ ،‬وفق التراكم املعرفي الذي أنتجته بعض‬
‫الدراسات حول هذه الفترة يصبح معيار ثابت ظل مقتصرا على الفئة التقليدية أو الدينية‬
‫كمقياس إلثبات دور الطبقات املؤثرة في املجتمع‪ ،‬دون أن يكون منفتحا على بقية الفئات‬
‫التي تحمل نفس املعيار‪ ،‬وهذا يعود إلى اختالف املرجعيات التي ينطلق منها كل دارس في‬
‫فهمه ملصطلح املثقف‪ ،‬إذ تفرض علينا اآلليات العلمية التي ينبني عليها تخصصنا‪،‬‬
‫التحديد املنهجي لهذا املفهوم وفق الحقل املعرفي الذي نحن بصدد دراسته وذلك برصد‬
‫استخدامات املفهوم من خالل الكتابات التاريخية‪.2‬‬
‫‪ -4‬مقاربات تاريخية للمصطلح‬

‫‪ ‬من خالل املصادرالتاريخية‬

‫من خالل تتبع واستقراء عدد من اإلنتاجات املستخدمة للمصطلح‪ ،‬بدءا باملصادر‬
‫التاريخية يمكن اإلشارة إلى مجموعة من املرادفات التي استعملها املؤرخون والدارسون‬
‫الذين تخصصوا في التأريخ لفترة الحكم العثماني بالجزائر ومن تلك املصطلحات‬
‫املستعملة كلمة "أعيان" إذ استخدمها عبد الرحمن التوجيني في كتابه (عقد الجمان‬

‫‪ -1‬فاطمة الزهراء طوبال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.15‬‬


‫‪ -2‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪17‬‬
‫املدخـ ـ ـل‬

‫النفيس في ذكر األعيان من أشراف غريس)‪1‬واستعملها محمد صالح العنتري بشكل كبير‬
‫في كتابه فريدة منيسة‪ 2‬وباملقابل جسدها حمدان خوجة في مصطلحي األعيان و‬
‫األشراف‪ 3‬ويمثلهم نقيب األشراف الذي يختار من أهل الورع و التقوى ومن األسر‬
‫الشريفة ليتولى الوظائف الدينية‪،‬أما أبوراس الناصري فرادفها بفئة العلماء في كتابه‬
‫"فتح اإلله"‪ 4‬ويحصرهم أحمد البوني في فئة الصلحاء في كتابه الدرة املصونة‪ ،5‬وفي نفس‬
‫اإلتجاه ملسنا هذا الحصر في رحلة الورتالني‪6‬الذي ينعتهم بالفضالء و الصلحاء كما أن‬
‫ّ‬ ‫الثغر ّ‬‫ّ‬
‫الجماني البتسام الثغر‬ ‫إنتاجات كل من أحمد بن سحنون الراشدي في كتابه‬
‫الوهراني‪ 7‬ومراسالت ابن العنابي‪ 8‬التي تناول فيها مسألة الوالية وعالقة الحاكم باملحكوم‬
‫توحي أنه في البداية بني على الفئات الدينية نظرا لتشجيع السلطة العثمانية لتيار‬
‫التصوف ومريديه بالجزائر و مساهمتهم في بناء املؤسسات الدينية و على رأسها الكتاتيب‬

‫‪ -1‬التوجيني أبي زيد‪ ،‬عبد الرحمن بن عبد هللا‪ ،‬عقد الجمان النفيس في ذكر األعيان من أشراف غريس‬
‫ق‪51‬م‪،‬ط‪،5‬دار الخليل القاسمي‪،‬الجزائر‪ .2111،‬أنظر‪ :‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪12-15‬‬
‫‪ -2‬صاحب الكتاب عاش بقسنطينة مرحلة نهاية الحكم العثماني وبداية االحتالل الفرنس ي ويرجح البعض وفاته عام‬
‫‪ 5311‬م‪ ،‬شغل منصب كاتب في املكتب العربي بقسنطينة عام ‪5328‬م بعد أن اختاره رئيس املكتب الضابط بواسوني‬
‫)‪ ،(Boissennet‬لتولي هذا املنصب ‪.‬وبتكليف من الضابط لكاتبه‪ ،‬أقدم محمد صالح العنتري على تأليف هذا الكتاب‬
‫الذي يؤرخ لبايات قسنطينة بأسلوب تميز بالبساطة أنظر‪:‬ابن العنتري‪،‬محمد صالح‪،‬فريدة منيسة في حالة دخول‬
‫الترك بلد قسنطينة واستيالئهم على أوطانها‪ ،‬تحقيق يحي بوعزيز‪ ،‬دار البصائر للنشر و التوزيع‪،‬الجزائر‪.2111،‬‬
‫ويذكر خالد بوهند شروحات عن الكلمة في كتابه النخب الجزائرية – ص‪ .58‬أنظر‪ :‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬نفس‬
‫املرجع‪ ،‬ص‪ 12-15‬كما أشار إليها في مداخلته من خالل امللتقى الوطني حول اإلنتاج الفكري و األكاديمي في الحركة‬
‫الوطنية و النخب الجزائرية بجامعة وهران‪ ،5‬مارس‪2151‬‬
‫‪ -3‬خوجة‪ ،‬حمدان بن عثمان‪ ،‬املرآة‪ ،‬تحقيق محمد العربي الزبيري‪ ،‬منشورات ‪ ،ANEP‬الجزائر‪ ،2111،‬ص‪.528‬‬
‫‪ -4‬الناصري‪ ،‬أبي راس‪ ،‬فتح اإلله و منته في التحدث بفضل ربي ونعمته‪ ،‬تحقيق محمد بن عبد الكريم‪ ،‬املؤسسة‬
‫الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪ .5133،‬أنظر‪ :‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪12-15‬‬
‫‪ -5‬البوني‪ ،‬أحمد بن القاسم‪ ،‬الدرة املصونة في صلحاء وعلماء بونة‪ ،‬تحقيق سعد بوفالقة‪ ،‬منشورات بونة للبحوث و‬
‫الدراسات‪ ،‬الجزائر‪ . 2111،‬أنظر‪ :‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪12-15‬‬
‫‪ -6‬الورثيالني‪ ،‬سيدي حسين بن محمد‪ ،‬الرحلة الورثيالنية‪ ،‬املجلد الثاني‪،‬ط‪ ،5‬مكتبة الثقافة الدينية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،2113‬ص‪ .112‬أنظر‪ ،‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪12-15‬‬
‫‪ -7‬أحمد الراشدي‪ ،‬بن سحنون‪ ،‬الثغر الجماني في ابتسام الثغر الوهراني‪ ،‬تحقيق املهدي البوعبدلي‪ ،‬الجزائر‪.5118،‬‬
‫‪ -8‬سعد هللا‪ ،‬أبو القاسم‪ ،‬رائد التجديد اإلسالمي محمد بن العنابي ‪ ،5311‬ط‪ ،2‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪5111،‬‬
‫‪ ،‬ص‪ .21‬أنظر‪ ،‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪12-15‬‬
‫‪18‬‬
‫املدخـ ـ ـل‬

‫و األوقاف‪1‬واعتبرتها النخبة املسيطرة على األوضاع بالجزائر العثمانية‪ ،‬و من الدراسات‬


‫من ذهبت إلى حصر املصطلح على الفئات الثقافية من شعراء وأدباء وعلماء مقربين من‬
‫السلطة وفي هذا السياق يلقبهم املزاري بالنبالء‪ ،‬األدباء الشجعان و الفضالء‪ 2‬رغم أن‬
‫هذه األخيرة كانت أبعد بكثير عن تشجيع امليدان الثقافي في تلك الفترة‪ 3‬فاملصطلح يمثل‬
‫حسب هذا اإلتجاه تصور واسع يضم مجموعة من الفئات التي تمارس نشاطات ذات‬
‫طابع ثقافي‪ ،‬وسواء في النسق املغلق أو في النسق املفتوح‪ ،‬أمكننا أن نحدد اتجاهات‬
‫دراسة النخبة الثقافية‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ ‬اإلتجاه األول يعتمد فئة العلماء املالزمين لبالط الدايات كمعيار ت ُميز‬
‫يؤهلها ملمارسة الحكم أو توجيه السلطة الحاكمة آنذاك‪.‬‬
‫‪ ‬اإلتجاه الثاني اعتمد جميع األعمال واملمارسات الخاصة بالنشاط الفكري‬
‫والفني واالجتماعي و الديني كمعيار لتصنيف النخب في الخانة الثقافية‬
‫حيث يردها إلى الفئة التي لعبت دورا قياديا في تشكيل ثقافة املجتمع‬
‫وسياسته‪ ،‬وقد اعتمد أصحاب هذا االتجاه على اإلنتاجات الفكرية ناهيك‬
‫عن األدبية لهذه الفئة‪.‬‬
‫وانطالقا من هاذين اإلتجاهين فإن تحديد مفهوم النخبة الثقافية يعتمد فيه بعدان‬
‫اثنان‪ ،‬أولهما ديني‪ ،‬وثانيهما ثقافي فكري كمعيارين أساسيين في اإلحاطة بالواقع الثقافي‬
‫السلطوي بالجزائر العثمانية في عهد الدايات‪.‬‬

‫‪ ‬من خالل الدراسات األكاديمية‬

‫‪ -1‬مسدور‪،‬فارس و صحراوي‪،‬كمال‪،‬األوقاف الجزائرية‪ :‬نظرة في املاض ي و الحاضر‪ ،‬مجلة أوقاف‪ ،‬العدد‪ ،51‬نوفمبر‪،‬‬
‫الكويت‪ ،2113 ،‬ص‪ 12‬أنظر‪ :‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪12-15‬‬
‫‪ -2‬املزاري‪ ،‬اآلغا بن عودة‪ ،‬طلوع سعد السعود في أخبار وهران و الجزائر وإسبانيا وفرنسا أواخر القرن التاسع عشر‪،‬‬
‫تحقيق يحي بوعزيز‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،5111 ،‬ص‪ .213-215‬أنظر‪ ،‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬نفس‬
‫املرجع‪ ،‬ص‪12-15‬‬
‫‪ -3‬ابن الفكون‪ ،‬عبد الكريم‪ ،‬محدد السنان في نحور إخوان الدخان‪ ،‬مخطوط‪ ،‬مكتبة وزارة الشؤون الدينية و‬
‫األوقاف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الرقم‪ .111‬أنظر‪ ،‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪12-15‬‬

‫‪19‬‬
‫املدخـ ـ ـل‬

‫من خالل تتبعنا ملختلف استعماالت املصطلح في هذا املسار التاريخي يوضح أن النخبة‬
‫هي فئة اجتماعية نقدية تتجاوز مجال تخصصها لتكون في خدمة القضايا العامة‪ ،‬فبداية‬
‫كان استعمال املصطلح يتوافق مع الفئة التي يغلب على نشاطاتها الطابع الديني والذي‬
‫طاملا اعتبرته املصادر التاريخية املعيار األساس ي لتحديد قيم املجتمع الثقافية من أجل‬
‫تثبيت مسألة الهوية في إطار السلطة الروحية بصفة خاصة‪ ،‬بيد أن الكتابات التاريخية‬
‫الحديثة استخدمت هذا املصطلح بمرادفات جديدة مثل أبوالقاسم سعد هللا الذي‬
‫وظفها من خالل كلمة "كتلة املحافظين" وجمع فيها بين املثقفين التقليديين وزعماء الدين‬
‫و العلماء‪ 1‬وقسمهم وفق التقسيم الثالثي املتجسد في العلماء املتصوفة (املرابطون)‬
‫ضف إلى العلماء املوظفون (كتاب اإلنشاء) و الفقهاء املستقلون إذ يمكن اعتبار‬
‫مجهودات أبو القاسم سعد هللا في دراسته لهذه املرجعيات مجهودا متميزا نثري به‬
‫موضوعنا املدروس‪ ،‬حيث أنه يقدم لنا أنماطا مختلفة من النخب التي ساهمت بشكل‬
‫ي أو بآخر في أداء وظائف طالئعية في النسق الثقافي في توجيه املجتمع‪2.‬‬ ‫رئيس‬
‫ويبدو جليا أن تمثل املفهوم في عدد من الكتابات األكاديمية الحديثة صار مألوفا‪،‬‬
‫فقد استخدم خالد بوهند كذلك في دراسته حول النخب الجزائرية كلمة " النخبة"‪،‬‬
‫وخاصة النخبة الثقافية في أواخر العهد العثماني على أن ذلك يمثل النخبة التقليدية التي‬
‫مثلها في رجال الدين و شيوخ القبائل و األشراف و قسمها إلى فئتين‪:‬‬
‫‪ ‬بورجوازية مدنية وتشمل قضاة ‪ُ -‬م ْف ُتون ‪ -‬أئمة ‪ -‬أصحاب الكلمة املسموعة‬
‫والوجاهة‪.‬‬

‫‪ ‬األرستقراطية الريفية و تشمل املرابطون (شيوخ الزوايا)‪.3‬‬

‫‪ -1‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬الحركة الوطنية الجزائرية‪،5181-5111‬ج‪ ،2‬الشركة الوطنية للنشروالتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،5138‬ص‪ 512-518-512‬أنظر‪ ،‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪12-15‬‬
‫‪ -2‬سعد هللا أبوالقاسم‪ ،‬تاريخ الجزائر الثقافي‪،5381-5153‬ج‪،2‬ط‪،5‬دار الغرب اإلسالمي‪،‬بيروت‪،5113،‬ص‪.53‬‬
‫أنظر‪ :‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪12-15‬‬
‫‪ -3‬خالد بوهند‪ ،‬النخب الجزائرية‪،5122-5312‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ الحديث و املعاصر‪ ،‬الكلية‪:‬‬
‫اآلداب والعلوم االنسانية‪ ،‬جامعة‪ :‬جياللي ليابس‪ -‬سيدي بلعباس‪ ،‬املشرف‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬محمد مجاود‪ 2012،‬أنظر‪ ،‬طوبال‬
‫فاطمة الزهراء‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪12-15‬‬
‫‪20‬‬
‫املدخـ ـ ـل‬

‫هذا املفهوم الذي تجسد في كتابات العديد من املؤرخين عملوا على تمثيله في فئات‬
‫اجتماعية معينة‪ ،‬تتوفر فيها عدة عناصر أهمها الرؤية الثاقبة لألمور و قوة التأثير في‬
‫املجتمع‪ ،‬في حين أن هناك فئات أخرى من النخب تقوم أهدافها على الوصول إلى السلطة‬
‫منافية توجهاتها الفكرية للنخب الثقافية وتتمثل هذه خاصة في النخبة السياسية في‬
‫الفترة املدروسة وما يتعلق بضبط املصطلح‪ ،‬فإنه يمكن تحديد معنى الكلمة التي طاملا‬
‫واجهت اختالفات في وضع تعريف لها‪ ،‬ألن الفكر الثقافي القائم في تلك الفترة حدد‬
‫مجموعة من مواصفات املثقف التي تخدم توجهاته‪.‬‬
‫ُ‬
‫فالنخبة باعتبارها فئة منتخبة و رمزية قيمت على أحكام وضعية و تفاعالت سلوكية‬
‫تعارف عليها املجتمع بصفة طبيعية‪ُ ،‬بنيت على معايير ثابتة تحددها و بالتالي تتحدد بها‬
‫هوية من يتصف بها‪ ،‬فرصد املفهوم صار يعتبر من املباحث الكبرى التي اهتمت بها‬
‫الدراسات األكاديمية الجزائرية ولو بشكل غير مباشر‪ ،‬خاصة أثناء التأريخ لفترة الحكم‬
‫العثماني بالجزائر‪ ،‬فمن البداهة بمكان أن نربط هذا املفهوم بحقل األنثروبولوجيا‬
‫الثقافية و االجتماعية والتي تعتمد على دراسة بناء الثقافات الشعبية وأداءاتها الوظيفية‪،‬‬
‫وترتبط بدراسة الطبقات اإلجتماعية و السلوكيات الفردية كتاريخ العائلة واألنساب‬
‫واألشراف والعادات والتقاليد ونشاطات البشر‪ ،‬حيث كتب يحي بوعزيز تأليفا سماه "‬
‫أعالم الفكر و الثقافة في الجزائر املحروسة" رصد من خالله نشاطات األعالم الثقافية‬
‫فحصر مفهوم النخبة في الطبقة املثقفة ونعتهم برجال الفكر‪ 1‬وفي نفس اإلتجاه أنجز‬
‫القاسمي عبد املنعم تأليفا بعنوان "أعالم التصوف في الجزائر" استنبطنا من خالله أعالم‬
‫العهد العثماني إذ تطرق فيه إلى مفهوم النخبة بأسلوب غير مباشر فنعتها ب"الطبقة‬

‫‪ -1‬بوعزيز‪ ،‬يحي‪ ،‬أعالم الفكر و الثقافة في الجزائر املحروسة‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،5111 ،‬ص‪.21-25‬‬
‫أنظر‪،‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪12-15‬‬
‫‪21‬‬
‫املدخـ ـ ـل‬

‫املتعلمة التي وقفت مع مصلحة الشعب ضد الحكام"‪ ،1‬وباملقابل فقد رصد ياسين‬
‫بودريعة مدى تأثر مجتمع مدينة الجزائر بالصلحاء فرادفها في دراسته بكلمة األولياء‪.2‬‬

‫وفي نفس املبحث أنجز صادق قادة دراسة حول شخصية مسلم بن عبد القادر‬
‫الوهراني مؤرخ بايات وهران القرن (‪02‬م)‪ ،3‬ورادف مصطلح النخبة بمصطلح‬
‫الشخصيات الالمعة في رصده لنشاطات مسلم بن عبد القادر الوهراني الفكرية وأحص ى‬
‫في دراسته عدد املثقفين بمدينة وهران والذين عملوا على شرح أعماله األدبية وقد اعتمد‬
‫الدارس في رصده للمعطى التاريخي املدون في مقالته على وثائق محفوظات وهران‪.‬‬

‫إن هذه الدراسات جسدت مفهوم النخبة وفق الفعل الذي ميزها عن بقية الشرائح‬
‫اإلجتماعية األخرى‪ ،‬فدرست نشاطاتها بآليات علمية و تحليلية تنتمي إلى املنهج النقدي‬
‫حيث نظرت إليها كأعلى قمة في الهرم اإلجتماعي‪ ،‬وبالتالي فإن توظيف هذه املرادفات في‬
‫الدراسات التاريخية سمحت بظهور مواصفات قيمية وحديثة في ضبط مفهوم النخبة‬
‫الثقافية‪.‬‬

‫‪ -1‬القاسمي عبد املنعم حسني‪ ،‬أعالم التصوف في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الخليل القاسمي للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،2113‬ص‪ .52‬أنظر‪ :‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪12-15‬‬
‫‪ -2‬ياسين بودريعة‪ ،‬امل عتقدات في كرامات األولياء بمدينة الجزائر في العهد العثماني‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،21‬كلية العلوم اإلنسانية و االجتماعية‪ ،‬جامعة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪ ،2158،‬ص‪ .838-831‬أنظر‪ ،‬طوبال‬
‫فاطمة الزهراء‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪12-15‬‬
‫‪ -3‬صادق قادة‪ ،‬الذاكرة املكتوبة والتاريخ ‪ ،‬أضواء جديدة حول شخصية مسلم بن عبد القادر الوهراني أديب‬
‫ومؤرخ بايات وهران (القرن ‪58‬هـ‪51/‬م)‪ ،‬مجلة إنسانيات‪ ،‬العدد‪،18‬املركز الوطني للبحث في األنثروبولوجية‬
‫اإلجتماعية و الثقافية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.21-81‬‬
‫‪22‬‬
‫مخطط توضيحي لمفهوم النخبة وفق المنظورات الحديثة‬

‫النخبة‬

‫‪Mosca‬‬ ‫‪William‬‬ ‫‪Robert‬‬ ‫‪Runciman‬‬ ‫‪Vilfredo‬‬


‫‪GENIEY‬‬
‫فئة ذات‬ ‫‪Michels‬‬ ‫فئة قهرية‬ ‫‪Pareto‬‬
‫‪S‬‬
‫فئة حرة‬
‫شهرة و نفوذ‬ ‫السلطة‬
‫فئة شبه‬
‫سياسي‬ ‫فئة فاضلة‬ ‫نشاطاتها‬
‫حاكمة‬ ‫السياسية‬
‫القوة‬
‫مثالية‬ ‫متنوعة قادرة‬
‫تنتج من المؤسسات‬ ‫تنتج من السلطة‬ ‫التغييردة‬
‫من القاع‬‫تنتجعلى‬
‫المجتمعية كالطرق‬ ‫االجتماعي‬

‫‪23‬‬
‫مخطط توضيحي لمقاربة مفهوم النخبة وفق ما ورد في بعض كتابات من عاصروا فترة الدايات‪1381/1761‬‬

‫النخبة‬

‫النبالء و الفضالء‬ ‫العلماء الموظفون‬ ‫الشعراء و األدباء‬ ‫العلماء المرابطون و الصلحاء‬ ‫أعيان و أشراف‬

‫فئة تتولى الوظائف الدينية‬


‫فئة تشمل‬
‫البرجوازية المدنية و‬ ‫هم سادات القبائل و أهل الحل‬
‫األرستقراطية‬ ‫فئة مالزمة لبالط الدايات مؤهلة‬ ‫و العقد أصحاب الوجاهة و‬
‫فئة ذات وزن اجتماعي كبير‬
‫الريفية‬ ‫لتوجيه السلطة الحاكمة‬ ‫الكلمة المسموعة‬

‫استعمل هذا اللفظ بكثرة عند‬


‫استخدم كتصنيف في كتابات ابن سحنون و المزاري‬ ‫ورد المصطلح بكثرة في كتابات‬
‫الناصري و الورتالني وابن سحنون و البوني و ابن ميمون‬ ‫التوجيني و العنتري وحمدان خوجة‬
‫عند المزاري‬

‫‪24‬‬
‫املدخ ـ ـل‬

‫‪ /II‬مقاربة نظرية ملفهوم السلطة‬

‫إن ضبط مفهوم السلطة وفق الفترة التي نحن بصدد دراستها يحيلنا مباشرة إلى‬
‫التساؤل عن مدى ضبط داللة املصطلح في إطاره الزمني الصحيح على ضوء املصادر‬
‫املحلية والغربية التي تصفحناها‪ ،‬لكن ال بأس أن نسقط هذا املفهوم على بعض الظواهر‬
‫التاريخية التي مثلتها فترة الدايات وفق ما ورد في املنظورات الحديثة‪ ،‬فهي عادة ما تختلف‬
‫في استخدام هذه الكلمة في معناها العلمي اللغوي و اإلصطالحي فمنها من تستعمل لفظ‬
‫‪ authority‬الذي يدل على السيطرة السياسية أو العسكرية مثل ماجاء في كتابات‬
‫‪ Maximilian Weber1‬ومنها من تركز على لفظ ‪ Power‬كما جاء عند ‪Talcott‬‬
‫‪ Parsons‬والذي يحصرها في كلمة القدرة على تسيير نظام اجتماعي محدد حيث ُيعرف‬
‫السلطة بأنها "القدرة على ممارسة بعض الوظائف لفائدة نظام اجتماعي مأخوذا‬
‫بكليته"‪2‬‬

‫وإذا أردنا إسقاط هذا التعريف على مفهوم السلطة العثمانية بالجزائر في فترة‬
‫الدايات فإن الحديث عنها سيحيلنا إلى القيام ببناء منهجية علمية وفق ماورد في عدد من‬
‫املنظورات الفكرية املشار إليها سابقا‪ ،‬إذ ّإن التحليل التاريخي لهدا املفهوم على هذا النحو‬
‫يوجب علينا أن نعطي نظرة عامة حول طبيعة العالقة التي جمعت بين السلطة و الرعايا‬
‫بالجزائر آنذاك كأحد أبرز النماذج التي ستكون مساعدة لنا في تحديد مصطلح دقيق في‬
‫سياقه التاريخي العام‬

‫‪1‬‬
‫‪- Sur cette problématique historique, voir Tréanton Jean-René. Weber‬‬
‫‪M., Économie et société, Revue française de sociologie,volume 4, N°37 1996,‬‬
‫‪p. 674.‬‬
‫‪ -2‬أنظر ‪،‬احسان عبدالهادي النائب‪ ،‬مفهوم السلطة وشرعيتها ‪،:‬اشكالية املعنى و الداللة‪ ،‬منشورات كلية القانون و‬
‫السياسية ‪ ،‬قسم العلوم السياسية ‪،‬جامعة السايمانية‪ ،‬ماي‪ ،2151 ،‬ص‪.11‬‬
‫‪25‬‬
‫املدخ ـ ـ ـ ـ ـل‬

‫فاملفهوم الذي نظر له ‪ Talcott‬للسلطة ينطبق على الفترة التي حكم فيها الداي علي‬
‫بن أحمد ‪ 0101-0101‬وبعض الدايات الذين سلكوا نهجه‪ ،‬فالسلطة في نظر هذا‬
‫األخير تأخذ تقليد سياس ي مستنبط من مرجعية الحاجة االجتماعية إلى التوافق في‬
‫االستمرار في التبادل العالئقي الداخلي بينها و بين األفراد‪ ،‬فمثال هناك بعض الفترات التي‬
‫مرت عليها الجزائر العثمانية في فترة الدايات تبين مدى تطابق هده املرجعية املفاهيمية‬
‫مع طبيعة العالقات بين الحكام و املجتمع ومن دلك الرسائل التي وجهها بعض الحكام إلى‬
‫السلطان العثماني والتي يثبتون من خاللها مدى تفانيهم في تحقيق مبدأ (أن السلطة هي‬
‫اليد العليا في خدمة الصالح العام) ووفق هذا املنظور فقد وجه الداي بن أحمد رسالة‬
‫الى السلطان العثماني يوضح له فيها أسباب عزله لعمر باشا من منصب الداي وتعيينه‬
‫مكانه نظرا لتماديه في العبث بأموال املسلمين مقرا مدى قدرته على ممارسة السلطة وفق‬
‫النظام اإلجتماعي العام إذ يقول‪ ":‬منذ استالمي مقاليد الحكم‪ ،‬وأنا ساهر على حماية‬
‫البلد‪...‬كان الواجب يحتم علينا رفع الطاعة و الوالء إليكم والدفاع عن البالد بجهادنا‬
‫وحماية الفقراء و الضعفاء وحل املشاكل املعلقة على الدولة"‪ 1‬وبناءا على ماجاء في هذه‬
‫الرسالة يبدوا واضحا جدا بأن تنامي دور السلطة في تلك الفترة كان يشكل ظاهرة تاريخية‬
‫وفقا للمقتضيات التي أفرزها الواقع التاريخي‪ 2،‬حيث ينطلق تحليلنا لها من خالل الحدث‬
‫الذي يعود مرجعه إلى املبدأ الذي ظهرت على إثره كمفهوم خاضع للمتغيرات التي أفرزتها‬
‫عالقاتها باملجتمع‪.‬‬

‫ولعل هذا ما انبثق عنه مفهوم شرعية السلطة في الجزائر و الذي صار يخضع ألحكام‬
‫الوالء والقبول من طرف الرعايا و نخبها نظرا لتماشيها مع القيم النافدة باملجتمع‬
‫الجزائري آنذاك‪ ،‬فنجد في نفس السياق ابن العنابي يقول"ولوال ظهور الدولة العثمانية‬
‫أعلى هللا مقامها ورفع بالتأييد و النصر أعالمها فجدد القائمون بأعبائها معالم الدين‬

‫‪ -1‬أنظر‪ :‬عبد الجليل التميمي ‪ ،‬بحوث ووثائق في التاريخ املغربي ‪ ،‬الجزائر وتونس وليبيا ‪ ،5315-5353 :‬الطبعة الثانية‬
‫‪ ،‬منشورات مركز الدراسات والبحوث عن الواليات العربية في العهد العثماني ‪ ،‬زغوان ‪ ،‬تونس ‪ ، 1985‬ص‪211‬‬
‫‪ -2‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫‪26‬‬
‫املدخ ـ ـ ـ ـ ـل‬

‫وأحيوا ما اندرس من شريعة سيد املرسلين التسع الخرق وعم الفساد سائر الخلق"‪.1‬‬
‫وبالتالي فإن ماورد لدى ابن العنابي من وصف للسلطة العثمانية على أنها اتسمت بالقيمة‬
‫الخلقية التي تمكنها من السيطرة في تسيير النظام اإلجتماعي العام وفق مايخدم املصالح‬
‫العليا لألفراد ينطبق تماما مع املنظور الفكري الدي ورد في كتابات ‪Heywood‬‬
‫َ‬
‫‪ Andrew‬الذي نظر ملفهوم السلطة على أنها القوة األخالقية العليا و القانونية والتي‬
‫يفرض على األشخاص الوالء لها وطاعتها‪.2‬‬

‫وفي اتجاه آخر يعرف‪ Weber 3‬السلطة على أنها القوة السياسية القهرية التي‬
‫تملك جهاز إداري تمتد سلطته القانونية إلى حد الخضوع لها بشكل إجباري ونلمس في‬
‫عدد كبير من املصادر التاريخية هدا األداء السلوكي الذي وصفه ‪ Weber‬في تحديده‬
‫ملفهوم السلطة‪ .‬فلو نتمعن في بعض الظواهر التاريخية التي جسدت هدا السلوك‬
‫سنجده ينطبق على الكيفية التي كانت تتعامل بها السلطة مع الرعايا ومن ذلك التمييز‬
‫العنصري الدي كان محل نقد وجدل عند العديد من الدارسين وهدا ماورد عند‬
‫‪ venture de paradis‬ملا وصف الشروط التي كانت تضعها السلطة من أجل نيل‬
‫أعلى املراتب بالقرب من الداي فقال " يكفي أن تكون قد ولدت بتركيا لتحض ى باإلنضمام‬
‫إلى صفوف اإلنكشارية وكدا تكون مقربا من الداي"‪ 4‬كما وصف النظام القانوني الذي‬

‫‪ -1‬سعد هللا أبو القاسم‪ ،‬المفتي الجزائري العنابي رائد التجديد اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الغرب اإلسالمي‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،5111،‬ص‪.12‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Heywood Andrew, Political Theory, An Introduction, 3th edition, Palgrave‬‬
‫‪Macmillan, Basingstoke,1999,p440.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Maximilian Weber, Économie et société, Collection Pocket Agora, France,‬‬
‫‪2003, p.96 - 100.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Voir par exemple Jean-Michel Venture De Paradis, Alger Au XvIIIe Siecle,‬‬
‫‪edite par E. Fagnan,Hachette Livre – Bnf, 1898, p .186‬‬
‫‪27‬‬
‫املدخ ـ ـ ـ ـ ـل‬

‫كانت تسير عليه السلطة آنداك بقانون الغاب ناعتا إياها بسلطة اللصوص‪ 1‬ولعل هذا‬
‫ماقصده وليام شالر وهو يصف الطريقة التي كانت تجمع بها السلطة العثمانية الضرائب‬
‫املفروضة على السكان إذ يورد لنا أنها كانت تلجأ إلى القوة العسكرية و تستحوذ على‬
‫ممتلكات الرعايا الخاصة‪ 2‬خاصة أواخر فترة الحكم العثماني ‪0191‬م‪.‬‬

‫إذ تتجاوز النظرة التي ضبطناها في هذا املفهوم الحدود الزمنية والروحية بمفهومهما‬
‫الضيق الذي ورد عند العديد من املصنفين ألنواع السلطات الحاكمة إلى الحدود الزمنية‬
‫العسكرية القهرية‪ ،‬فاملعطيات التاريخية التي بين أيدينا تثبت املزيج املتعدد للصنف الذي‬
‫نود أن نضع فيه سلطة الدايات في هذه املرحلة التاريخية‪ .‬ألن سلطة الدايات هنا عندما‬
‫تنطوي بين ماورد في مصادر من عايش األحداث وبين ماورد من مفاهيم في املنظورات‬
‫الفكرية الحديثة فإنها تشتمل على داللتين مختلفتين األولى تنطوي على السلطة الزمنية‬
‫الروحية والثانية تنطوي على السلطة العسكرية القهرية وسنبينها وفق الشكل التالي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Cette idée se base sur des recherches personnelles de Mohamed Meouak,‬‬
‫‪Langues, société et histoire d’Alger au XVIIIe siècle d’après les données de‬‬
‫‪Venture de Paradis (1739-1799), Trames de langues(Livre de Jocelyne‬‬
‫‪Dakhlia),Institut de recherche sur le Maghreb contemporain, Tunis, 2004, p.‬‬
‫‪303-329‬‬
‫‪ -2‬شالر وليام‪ ،‬مذكرات‪ ،‬ترجمة اسماعيل العربي‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ، 1982‬ص‪.31‬‬

‫‪28‬‬
‫السلط ـ ـ ـ ـ ــة‬ ‫الزمنية‬
‫الروحية‬
‫زمنية‬
‫عسكرية‬ ‫قوة سياسية ذات‬
‫قوة أخالقية‬
‫قوة سياسية‬
‫تملك جهاز‬ ‫عليا إداري‬
‫معنويةجهاز‬
‫تملك‬

‫إداري عسكري‬ ‫تمتد سلطته‬

‫تمتد سلطته‬ ‫إلى‬ ‫‪ Parsons‬القانونية‬


‫‪ Talcott‬‬

‫‪ Maximilian‬‬
‫القانونية إلى‬ ‫تسيير‬
‫على ‪‬‬ ‫القدرة‬
‫‪Heywood‬‬
‫‪Weber‬‬ ‫‪Andrew‬‬
‫القوة القهرية‬ ‫النظام اإلجتماعي‬
‫‪ Jean-Marie‬‬
‫والسيطرة في‬ ‫العام‬ ‫‪Duncan‬‬

‫تسيير النظام‬ ‫‪ Raymond Bolan‬‬

‫اإلجتماعي‬
‫العام‬

‫‪29‬‬
‫املدخ ـ ـ ـ ـ ـل‬

‫أ‪ -‬السلطة الزمنية الروحية‬

‫إن ضبط مفهوم سلطة الجزائر العثمانية الروحي في عهد الدايات و ربطه بالبعد‬
‫"الزمني" يبقى ظاهرة سياسية اجتماعية‪ ،‬باعتبارها خطاب أخالقي سامي نافذ باملجتمع‬
‫الجزائري آنذاك‪ .1‬ألن إشكالية العالقة بين املجتمع التقليدي و السلطة كانت أهم‬
‫خاصية تميز بها نظام الخالفة اإلسالمي على املدى البعيد‪ ،2‬والذي غالبا ماكان يهتم بجمع‬
‫الحاكم و املحكوم برباط أخالقي مميز مع اعتبار العدل بينهما مسألة بالغة األهمية‪.‬‬

‫ذلك أن "الحق" الذي اتخذته الخالفة كسمة أخالقية عليا سابقا مثل نظامها السياس ي‬
‫بشكل من أشكال القوة في ممارسة السلطة‪ .‬وهدا مايجرنا إلى الحديث عن شخصية‬
‫الحاكم املتمثلة في سلطة الداي والذي من شأنه أن يكون فطنا ألمور الدولة الداخلية‬
‫وشؤونها الخارجية الخارجية وفوق كل هذا متدينا‪،‬متقيا‪ ،‬على مالمحه صفات اإلمامة كما‬
‫أن على مظهره قوة القائد الباطش بعدوه و في فكره قيوما متصال بما يفكر فيه رعاياه‬
‫نجده كيسا المجال ملن هم في حدود سلطته من إخضاعه أو العبث بقراراته و التي‬
‫بمقتضاها تتحقق الدولة و تتحقق السلطة و بالتالي يضمن الثبات للخالفة باعتبارها‬
‫غاية في حد ذاتها‪.3‬‬

‫ومن أجل الحفاظ على هذه املواصفات فقد أقرت السلطة العثمانية في أولى مراحل‬
‫حكم الدايات مبدأ اإلعتماد على السلطة الدينية في تسيير النظام اإلجتماعي حيث شكل‬
‫توجيه الفقهاء و العلماء الركن األساس ي لدى الحكام و الوالة باعتبارهم الركيزة األساسية‬
‫التي يعتمدها الحاكم قبل اللجوء إلى اتخاد أي قرار يمس الصالح العام لهدا كان الحكام‬

‫‪ - -1‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.12‬‬


‫‪ -2‬املاوردي أبوالحسن‪ ،‬األحكام السلطانية‪،‬ج‪ ،5‬تحقيق أحمد مبارك البغدادي‪ ،‬مكتبة دار ابن قتيبة‪ ،‬الكويت‪،‬‬
‫‪ ،5131‬ص‪.8‬‬
‫‪ - -3‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11-11‬‬
‫‪30‬‬
‫املدخ ـ ـ ـ ـ ـل‬

‫أشد حرصا على احترام عادات وتقاليد املجتمع ألن تواجدهم حسب تعبير حمدان خوجة‬
‫مرهون بحسن سيرهم وأخالقهم‪.1‬‬

‫فاملفهوم تجسد في ربط الحاكم باملحكوم عن طريق أهل الحل و العقد وأصحاب‬
‫الوجاهة و الكلمة املسموعة من شيوخ قبائل وعلماء ومرابطين والذين كانوا أكثر تأثيرا في‬
‫العالقة التي جمعت بين السلطة و املجتمع في بعض الفترات التاريخية من حكم الدايات‬
‫لفرض العدالة اإلجتماعية وفقا للمثالية املطلقة و بمقتض ى األخالق و القانون‪ ،‬ولعل‬
‫هذا ما جسده ‪ Rinn Louis‬في كتاباته ملا أورد أنه غالبا ماكان الحكام يشركون‬
‫السكان في الشؤون السياسية للبلد عن طريق أخذهم بآراء الشيوخ و األعيان فيراجعون‬
‫قراراتهم الداخلية التي كانوا يصدرونها في الشؤون العامة ويقومون بتعديلها حرصا على‬
‫إنماء العالقة بينهم و بين نخبة املجتمع‪.2‬‬

‫فالحكام هنا كانوا يحاولون وضع توازن تام بين نظام السلطة الروحية و الزمنية‬
‫وفق مفهوم القدرة على تسيير النظام اإلجتماعي عن طريق وسطاء تقليديون من املجتمع‪.‬‬
‫إال أن جل الكتابات املتخصصة في التاريخ الحديث تربط هذه القدرة بالقوة السياسية‬
‫التي تؤسس لنظرية السلطة الزمنية وخضوع األهالي للدولة وللقوانين السياسية بطريقة‬
‫غير مباشرة‪.‬‬

‫وبذلك فإن تكوين السلطة الزمنية‪ 3‬الروحية كان بمثابة ظاهرة تاريخية استلزمها‬
‫األفراد في مجتمعهم بمقتض ى داللتين أساسيتين هما ‪:‬‬

‫‪ -1‬حمدان خوجة‪ ،‬املرآة‪ ،‬تحقيق ومراجعة محمد العربي الزبيري‪ ،‬ط‪ ،2‬الشركة الوطنية للنشروالتوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،5132،‬ص‪.215‬‬

‫‪- Rinn Louis, Le royaume d'Alger sous le dernier Dey, Bulletin de la Société‬‬
‫‪2‬‬

‫‪Historique Algériénne, N°225-226, 1897, Revue Africaine,41e année,p.29‬‬


‫‪ -3‬خلوت حليمة‪ ،‬مفهوم السلطة السياسية في املجتمعات القديمة و الحديثة‪ ،‬مجلة الناصرية‪ ،‬املجلد‪،3‬العدد‪،5‬‬
‫ص‪.831-831‬‬
‫‪31‬‬
‫املدخ ـ ـ ـ ـ ـل‬

‫الداللة األولى‬

‫إن بداية تكوين السلطة العثمانية بالجزائر توقفت أساسا على فكرة " الخالفة‬
‫اإلسالمية " و التي كانت عامال أساسيا في التأثير على املجتمع الجزائري آنذاك‪ 1‬إذ اعتمد‬
‫هذا البقاء بالجزائر ملدة طويلة على الغطاء الديني و ربطه بالسياسة فكان طريقا إلى‬
‫التغلب على الرعايا عن طريق الطرقيين و املرابطين ‪. 2‬‬

‫فهذه الخاصية الدينية ظهرت كقوة محركة لتكوين ما أطلقوا عليه بالخالفة العثمانية‬
‫بالجزائر و التي بنيت على أساس القوة الدينية‪.‬‬

‫الداللة الثانية‬

‫تكوين السلطة الزمنية وربطها بالسلطة الروحية تحددها الضرورة التاريخية بمختلف‬
‫وقائعها امللموسة وتقتضيها ضرورة الحد من النزاعات العصبية والتي يجسدها األفراد‬
‫بالحسم فتكون لصالح الغالب الذي ترفعه القوة املناصرة له باعتبارها أساس امللك‪.3‬‬

‫إن مسألة ربط الداللتين الزمنية الروحية والتي اقتضاها الوجود العثماني بالجزائر‬
‫عرفت بعدا آخر غير الذي تقتضيه الصورة الحقيقية للخالفة و التي تنظر ملصالح الدولة‬
‫بمنظور شرعي ديني و بالتالي فإن مسألة الخالفة لدى الحكام العثمانيين كان لها بعدا‬
‫نظريا ال علميا و األدلة حول ذلك كثيرة وال يقتض ي منا البحث عن األسباب بذل جهد في‬
‫ذلك‪ ،‬فقد اخترقت السلطة العثمانية حدود هذه الخالفة باإلتجاه نحو نوع آخر من‬
‫السلطة أال وهي سلطة الهيمنة و اإلستغالل أو مانسميه بالسلطة العسكرية‪. 4‬‬

‫‪ -1‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.11‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-Rinn, Louis, Le royaume d'Alger sous le dernier Dey, p.32‬‬
‫‪ - -3‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ -4‬ن‪.‬م‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪32‬‬
‫املدخ ـ ـ ـ ـ ـل‬

‫ب‪ -‬السلطة الزمنية العسكرية‬

‫يمكن اعتبار أن السياسة العثمانية‪ ،‬قد تميزت بالجمع بين امللك الطبيعي و السياس ي‬
‫باعتبار األول ملكا جائرا يخضع األفراد لقوانين وضعت لتحقيق أغراض الحاكم الفطرية‬
‫أما الثاني فيتجسد في إلحاق الضرر بالرعايا جلبا ملصلحة الحاكم الدنيوية‪ .‬إذ تبدو‬
‫املسألة واضحة بدقة و البراهين حول ذلك متوفرة‪ ،‬وهدا ماورد في كتابات العديد من‬
‫املؤرخين و من بينهم العنتري الدي تحدث عن فترة حكم مصطفى باي الوزناجي ‪-0121‬‬
‫‪ 0121‬حيث قال " ومن هذا الوقت صاروا الترك يأخدون الجور‪ ،‬ونبدوا الحقوق‬
‫املشروطة وبدى منهم الفجور‪.....‬وبدى النقص في ملكهم"‪1‬حيث كانت قضية احتكار‬
‫السلطة العثمانية من طرف األتراك بالجزائر في املرحلة األخيرة من حكم الدايات في تسيير‬
‫الشؤون السياسية للبالد مرتبطة باستمرارية تغلب الجنس العثماني السلطوي على‬
‫الجنس الجزائري كما أنها أخدت شكل النفود و الهيبة و السيطرة فال إنكار من أنها‬
‫سلطة منحازة لسلطة امللك الطبيعي فهي و السلطة الدينية ضدان اليجتمعان‪.2‬‬

‫إذ أن العالقة التي كانت تتنامى بين املجتمع العثماني التقليدي و الدولة و تستمد‬
‫أساسا من السلطة الزمنية استنبطت قوتها من القوتين املالية و العسكرية فبوجود هذه‬
‫القوة املادية تحققت قوة السيطرة السياسية ألنها أصبحت مركبة من عنصر مادي‬
‫بعدما تجردت من العنصر املعنوي وفقا لألحكام التي اعتمدها السالطين العثمانيين في‬
‫تسيير النظام اإلجتماعي آنذاك أال وهي قوة القهر التي لم تسمح ألي جزائري باعتالء‬
‫مناصب عليا إال ملن كان عثماني وهنا برزت ظاهرة العصبية بالجنس‪.3‬‬

‫‪ -1‬محمد الصالح بن العنتري‪ ،‬فريدة منسية في حال دخول الترك بلد قسنطينة واستيالئهم على أوطانها‪ ،‬مراجعة‬
‫وتحقيق وتقديم‪ :‬الدكتور يحيى بوعزيز‪ ،‬عالم املعرفة للنشر والتوزيع‪-‬الجزائر‪ ،2111 ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ - -2‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪11-12‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Venture De Paradis, Alger Au XvIIIe Siecle, p .186‬‬
‫‪33‬‬
‫املدخ ـ ـ ـ ـ ـل‬

‫فبداية كانت السلطة العثمانية سلطة روحية مثالية جاءت لتنقذ املغرب من النفوذ‬
‫األجنبي وكمثال على ذلك ظهور الداي محمد بكداش ‪0101-0111‬م كبطل منقد للبلد‬
‫من الغزو الصليبي‪ 1‬ثم استقرت تحت لواء اإلسالم فقال في شأنه الشعراء‪:‬‬

‫وكم أتى من قبله الجزائرا***داي ودهقان كمن جاء زائرا‬


‫فلم يكن للخلق فيه راحة***ولم يسل عن غير ما بالراحة‪2‬‬

‫إال أنها بعد ذلك أسست لنظام أرستقراطي بمفهومه اإلقطاعي العام الذي استبد‬
‫بالرعية عن طريق الجيش فانحل ليصبح نظاما فوضويا ملا تحول عن مجراه األساس ي‬
‫خاصة ملا كان الرعايا يدفعون ضرائب جزافية أنهكت كاهلهم فالنظام العثماني كان نظاما‬
‫للترابط اإلقطاعي‪ 3‬إن لم أقل أنه كان نظاما وحشيا متسلطا‪ 4‬ولعل ماتورده لنا بعض‬
‫كتب الرحالت من السلوكيات التي كان يتصف بها الحكام أثناء جمع الضرائب كالقسوة‬
‫واستعمال القوة العسكرية القهرية أكبر دليل على دلك فقد كان " البايات في تحركاتهم مع‬
‫مجموعة الجند(املحلة) عبر مقاطعاتهم يبدون قسوة بالغة للتمكن من الحصول على‬
‫مقدار الضريبة املفروضة"‪ 5‬و يبدوا واضحا من خالل املصادر التي اطلعنا عليها أنه كان‬
‫يميل إلى خدمة مصالح الفئات العليا من املجتمعات و املتجسدة في التجار واملالك الكبار‬

‫‪1‬‬
‫‪- A.Devoulux, Tachrifat,‬‬ ‫‪Recueil de‬‬ ‫‪notes‬‬ ‫‪Historiques‬‬ ‫‪sur‬‬
‫‪L’administration de L’ancienne Regence D’alger, conservateur de archives‬‬
‫‪arabes des domaines imprimerie Du gouvernement, Alger, 1852, pp.11-12‬‬
‫‪ -2‬وردت القصيدة في أرجوزة الحلفاوي في فتح مدينة وهران األول سنة ‪5113‬م وقد شرحت من طرف الشيخ أبو زيد‬
‫عبد الرحمان الجامعي الفاس ي وهي نسخة املكتبة الوطنية تضمنت املخطوطة الكثير من األحداث التي وقعت قبل‬
‫وأثناء وبعد فتح مدينة وهران وطرد اإلسبانيين منها على يد الداي بكداش والباي بوشالغم في عهده‪ .‬أنظر‪ ،‬مسعود بن‬
‫ساري ومشري بن خليفة‪ ،‬صورة السلطان العثماني في األدب الجزائري القديم ‪،‬مجلة األثر‪ ،‬العدد‪ ،22‬جامعة ورقلة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2151 ،‬ص‪.23-81‬‬
‫‪ - -3‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫‪ - 4‬راجع الوصف الدقيق حول مسألة الضرائب وسلوكيات تعامل السلطة مع الرعايا عند‪:‬‬
‫‪M.Abed El Hadi Ben Mansour, Alger XVIeme- XVIIeme Siécle, journal de‬‬
‫‪Jean- Baptiste Gramaye «Eveque d’Afrique », ed Cerf, Paris,1998, p.768‬‬
‫‪ -5‬نقال عن‪ :‬ناصر الدين سعيدوني‪ ،‬رحلة العالم األملاني‪:‬ج‪.‬أو‪ .‬هابنسترايت إلى الجزائر وتونس وطرابلس ‪5521‬هـ ‪/‬‬
‫‪5182‬م‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي – تونس‪ ،2111 ،‬ص‪32‬‬
‫‪34‬‬
‫املدخ ـ ـ ـ ـ ـل‬

‫فكان املالك هم الطبقة املؤثرة على حياة املجتمع ولم يكن لسلطتها حدودا ولم يكن من‬
‫حق الفئة البسيطة التدخل في الشؤون السياسية أو اإلقتصادية للدولة و ال أحقية لها‬
‫في صنع القرار مادام القانون اليخدم إال الفئات القوية ذات ركيزة مادية قوية‪ 1‬و بالتالي‬
‫أصبح على الطبقة الكادحة أن تخضع ملا يصاغ أمامها من قوانين ردعية مادام أن‬
‫تحصيل معاشها ال يتم إال عن طريق خدمة أمالك اإلقطاعيين‪.2‬‬

‫ومادمنا بصدد تحديد مفهوم السلطة‪ ،‬ينبغي علينا مراعاة أهم الوقائع التي سعت‬
‫إلى انحراف السالطين عن تطبيق نظام الخالفة اإلسالمية إذ اليمكن مقاربة هذا األخير‬
‫بواقع اعتمد فيه أفراده على صراع دائم من أجل تحقيق منفعة ذاتية ال أخالقية روحية‬
‫و بالتالي فقد تحول مفهوم الخالفة عن شكله الحقيقي عبر وقائع تاريخية عرفها املجتمع‬
‫الجزائري العثماني فترة الدايات و التي كانت املنعرج الخطير لنمو فكرة التحرر وتصاعد‬
‫الفكر الداعي إلى التخلص من قيود الجور و الظالم‪ 3‬واملتجسد في بروز ثورة الزعامة‬
‫الدينية والشعبية‪ 4‬و التي سنتطرق إليها بش يء من التفصيل في فصولنا الالحقة والتي‬
‫نظرت لسحب شرعية نظام الخالفة اإلسالمية من تحت لواء الدولة العثمانية‪.‬‬

‫فالسلطة إذن هي حقيقة تاريخية‪ ،‬تربطها عالقة ظروف بالواقع االجتماعي إذ إن‬
‫البحث في هذه العالقة مرتبط أساسا بهذا الواقع الذي يعطي لنا مفهوما علميا دقيقا‬
‫باعتباره عملية تاريخية منتجة لعدة أفكار و نظريات سياسية المناص من استبعادها‪.5‬‬

‫‪ -1‬للتعرف على البنية اإلجتماعية التي كان يتميز بها املجتمع في تلك الفترة وملعلومات أكثر حول ماأشرنا إليه أنظر‪:‬‬
‫ناصر الدين سعيدوني‪ ،‬الجزائر في التاريخ(العهد العثماني)‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،5132 ،‬ص‪.555-31‬‬
‫‪ - -2‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫‪ -3‬ن‪.‬م‪ ،‬ص‪.11-13‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- De Grammont Henri, histoire d’Algérie sous la domination Turque (1515-‬‬
‫‪1830), E.Leroux,paris,1887 P.365‬‬
‫‪ -5‬وليام شالر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫‪35‬‬
‫الفصل األول‬
‫تمثالت النخبة‬

‫‪83‬‬
‫المبث ما ألولم‬
‫ع‬ ‫مت‬
‫ام ثـــالتما إلجامت يةم‬‫ل‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫مدخل الفصل‬
‫إن كل تمثل لفئة النخبة بإيالة الجزائر العثمانية في فترة الدايات يحيلنا مباشرة إلى‬
‫الحديث عن الطبقات اإلجتماعية البارزة التي كانت املحرك األساس ي للواقع الثقافي‬
‫باملجتمع آنذاك‪ 1‬إنطالقا من إنتماءاتها العرقية و إسهاماتها العلمية و طالئعها الوظائفية‬
‫ناهيك عن أهم التفاعالت التي تولدت نتيجة طموحها في تحقيق نظام سياس ي واجتماعي‬
‫متوازن كما قررته الدراسات السابقة‪.2‬‬
‫حيث نهدف في هذا الفصل إلى التعرف على التركيبة اإلجتماعية و النسق الثقافي‬
‫لهذه الفئة وذلك عن طريق رصد مسار تطور تركيب النخب الثقافية بمجتمع الجزائر‬
‫العثمانية في عهد الدايات‪ ،0121-0110‬خصوصا وأن هذا املفهوم جسد مجموعة‬
‫من التمثالت التي أثارت إشكاليات معقدة‪ ،‬ومست القيم التقليدية التي كانت نافذة في‬
‫مجتمع الجزائرالعثمانية آنذاك‪.3‬وتفسير األسباب واملؤثرات اإليجابية التي جعلتها تبرز‬
‫كفاعل تاريخي مساهم في توليد األحداث‪.‬‬

‫ومن بين اإلشكاليات التي نثيرها في هذا الفصل خصائص البنية التركيبية للنخبة‬
‫الثقافية وعالقتها بالسلطة العثمانية خالل فترة (‪1830-1671‬م)؟ على اعتبار أن هذه‬
‫التركيبة قد شهدت تحوال وظيفيا من فئة إلى أخرى وذلك وفق ماتحكمه املتغيرات‬

‫‪1‬‬ ‫‪ -Djamel Latroch, Aspectos sociales y marcos de socilibidad de la‬أنظر دراسة‪:‬‬


‫‪argelia del siglo XIX, Memoria de Magister, Dirigida por Ismet Terki-‬‬
‫‪Hassaine, Universidad de Oran, Facultad de Letras, lenguas y artes, Seccion‬‬
‫‪de espagnole, 2013-2014, pp.41-45.‬‬

‫‪ -2‬من بين أهم تلك الدراسات ماجمعه سعد هلل‪ ،‬أبوالقاسم‪ ،‬تاريخ الجزائر الثقافي‪،5381-5153‬ج‪،2‬ط‪،5‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي‪،‬بيروت‪،5113،‬ص‪53‬‬
‫‪3-‬‬‫‪voir par exemple, Frederico cresti,Alger àla période turque, Observations et‬‬
‫‪hypothèses sur sa population et sa structure sociale, Revue des mondes‬‬
‫‪musulmans et de la Méditerranée ,N°44 Année 1987, pp. 125-133‬‬

‫‪37‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫السياسيـ ـ ـة و االقتصادي ـ ـة‪ 1‬للبـ ـ ـ ـالد ونتساءل من هذا املنطل ـ ـق عن تركيب ـ ـ ـ ـة ه ـ ـذه‬
‫النخـ ـ ــب و موقفها من السلطة الحاكمة في الفترة املدروسة؟ و سيسعنا في هذا املجـ ـ ـ ـ ـ ـال‬
‫طـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرح التساؤل التالي‪:‬‬

‫مم تشكلت فئة النخبة في مجتمع الجزائر العثمانية في عهد الدايات؟ وعلى أي أساس‬
‫تم تصنيف هذه التركيبة من قبل املؤرخين؟‬

‫‪ -1‬راجع هذه املتغيرات عند‪ :‬الخداري محمد ‪ ،‬بالد املغارب تحت الحكم العثماني‪ :‬نموذج الجزائر في عهد الدايات‬
‫َّ‬
‫(‪ ،)5381 – 5315‬دورية كان التاريخية (علمية‪ ،‬عاملية‪ُ ،‬محكمة)‪ ،‬العدد الثاني والعشرون‪ ،‬ديسمبر ‪ ،2158‬ص ‪– 21‬‬
‫‪.83‬‬
‫‪38‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -1‬السوابـق‬

‫إزاء بحثنا عن إحصائيات رسمية‪ 1‬لعدد النخب الثقافية التي برزت بالجزائر‬
‫العثمانية في فترة الدايات‪ ،‬ملسنا غياب وثائق ومصادر املعلومات التي من شأنها أن تسهل لنا‬
‫مهمة الوصول إلى نتائج ضبطها‪ .‬وإثر ذلك حاولنا إعطاء تقديرات تقريبية بعد قيامنا‬
‫باإلطالع على أكبر عدد ممكن من املصادر‪ ،‬وقمنا بجرد ذلك‪ 2‬فقد ثبت أن ماخلفته املصادر‬
‫املحلية وتراجم أعالم الرجال وكتب الرحالت‪ 3‬وبعض مذكرات األشراف وما أورده مؤرخو‬
‫الفترة العثمانية من كتابات من شأنها أن تعطينا معلومات كافية تبسط لنا طريقة وضع‬
‫إحصائيات كمية ألن أغلب هؤالء كانوا من متتبعي أخبار النخب متقصيين للحقائق عنهم‬
‫وهذه اإلحصائيات التمس إال بعض الفئات البارزة من مجتمع الجزائر العثمانية و التي كان‬
‫لها دور فعال في التأثير عليه‪ ،‬فقمت بجمع ماغرفته من مصادر ووثائق من أسماء لنخب‬
‫ثقافية وحصرها في جداول خاصة به ألحقتها في امللحق بعد ضبطها‪ ،‬ألن الجداول كنت قد‬
‫العثمانية‪4‬‬ ‫وضعتها انطالقا من الدراسات التي كتبت عن األسر الوافدة في مجتمع الجزائر‬
‫وقد ركزت عليها ألنها النقطة األساسية التي تسمح لي بضبط العناصر املكونة للفئة‬
‫النخبوية بالجزائر خاصة وأن أفرادها كانوامن كبار شيوخ العلم و التربية في فترة الدايات‪.‬‬
‫و قد هيأت ألبنائها األسباب لينشأوا في بيئة علمية صالحة‪.‬ليـكونوا قوة مؤثرة بالجزائر‬
‫آنذاك‪.‬‬

‫‪ -1‬نشير في هذه النقطة إلى املعطيات التي جمعتها عائشة غطاس من دفاتر املخلفات أي التركات الصادرة عن مؤسسة‬
‫بيت املال ‪ ،‬أنظر مقالها حول من أجل إعادة النظر في البنية الديموغرافية ملجتمع مدينة الجزائر‪ .‬معطيات مستقاة‬
‫من الوثائق املحلية‪ ،‬مجلة ‪ Insaniyat‬إنسانيات‪ ،‬العدد ‪ ،19-20‬مركز البحث في األنثرويواوجيااإلجتماعية و‬
‫الثقافية‪ ،‬وهران‪ ،2118 ،‬ص‪.22-88‬‬
‫‪ -2‬أنظر امللحق رقم ‪5‬‬
‫‪ -3‬مثل كتابات ابن هطال التلمساني الذي كتب عن "رحلة الباي الكبير" وكتابات الرحالة األروبيون أمثال ‪Shaw‬‬
‫‪ Docteur‬في ‪ Voyage dans la régence d’Alger‬ضف إلى كتابات كل من ‪ Savary De Breves‬و ‪ Arvieux‬و ‪Diego de‬‬
‫‪Heido‬‬
‫‪ -4‬أنظر غطاس عائشة‪ ،‬نفس املرجع‪.22-88 ،‬‬
‫‪39‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫محاولتنا تركزت على تقييدات ابن املفتي‪ 1‬الذي أعطى قائمة لتاريخ بشوات الجزائر‬
‫وعلمائها ناهيك عن رحلة ابن زاكور‪ 2‬التي تعد من أهم املصادر التي سردت أخبار علماء‬
‫الجزائر و مذكرات أحمد الشريف الزهار‪ 3‬وكتابات التوجيني‪ 4‬وابن سحنون‪ 5‬و أب ـ ـ ـ ـي‬
‫راس الناصري‪ 6‬ورحلة ابن حمادوش‪ 7‬التي ذكر فيها أسماء الشيوخ من العلماء الذين‬
‫أجازوه خالل مساره العلمي ومانذكره هنا أن بعض الشروحات و األراجيز ‪8‬تميزت بالدقة‬
‫في نقل بعض أخبار العلماء ناهيك عن كتابات األروبيين مثل‪:‬‬

‫‪9 De Joachi Gonzalez‬و ‪ Albert Devoulux10‬الذان أشارا إلى أخبار بعض‬


‫الصفوة في كتاباتهما ‪.‬واليسعنا املجال هنا لذكر كل مااطلعنا عليه من مصادر ومراجع وموسوعات‬
‫ومعاجم ألننا سنشير إلى ذلك في القائمة البيبليوغرافية لكننا أعطينا صورة عن الطريقة التي قمنا بها‬
‫لرصد هذه الفئات‪.‬‬

‫‪ -1‬ابن املفتي حسين بن رجب شاوش‪ ،‬تاريخ بشوات الجزائر و علمائها‪ ،‬تحقيق فارس كعوان‪ ،‬ط‪ ،5‬بيت الحكمة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2111 ،‬ص‪.551‬‬
‫‪ -2‬ابن زاكور الفاس ي‪ ،‬نشر أزاهر البستان فيمن أجازني بالجزائر وتطوان من فضالء أكابر األعيان‪ ،‬املعرفة الدولية‬
‫للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2111،‬ص‪.588‬‬
‫‪ 3‬أنظر‪ ،‬أحمد الشريف الزهار‪ ،‬مذكرات الحاج أحمد الشريف الزهار‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.5112‬ص‪.513‬‬
‫‪ - 4‬أنظر ‪ ،‬عبد الرحمن بن عبد هللا التوجيني‪ ،‬عقد الجمان النفيس في ذكر األعيان من أشراف غريس‬
‫"ق‪55‬هـ‪/‬ق‪51‬م"‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الخليل القاسمي‪ ،‬الجزائر‪ ،2111 ،‬ص‪.82‬‬
‫‪ -5‬ابن سحنون الراشدي‪ ،‬الثغر الجماني في ابتسام الثغر الوهراني‪ ،‬تحقيق الشيخ املهدي البوعبدلي‪،‬ط‪ ،5‬عالم‬
‫املعرفة للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2158،‬‬
‫‪ -6‬أبي راس الناصري الجزائري‪ ،‬عجائب األسفار و لطائف األخبار‪ ،‬دراسة و تحقيق محمد بوركبة‪ ،‬ج‪،5‬منشورات‬
‫وزارة الشؤون الدينية و األوقاف‪ ،‬الجزائر‪ ،2155،‬ص‪81‬‬
‫‪ -7‬ملزيد من التفاصيل حول هذه الشخصية أنظر‪ ،‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪ -8‬مثل أرجوزة الحلفاوي لشرح مفصل حولها أنظر‪ ،‬الجياللي سلطاني‪ ،‬قراءة في أرجوزة الحلفاوي في فتح وهران من‬
‫خالل مخطوط شرح الجامعي لألرجوزة‪ ،‬املجلة الجزائرية للمخطوطات‪ ،‬املجلد رقم ‪ ،2‬العدد‪ ،8‬جامعة وهران‪ ،‬جوان‬
‫‪ ،2151‬ص‪.52-3‬‬
‫‪9 - De Joachim Gonzalez, Essai chronologique sur les Musulmans célébres de la ville d’Alger, e.Box‬‬

‫‪Edition, 1886, p.77‬‬


‫‪10- Albert Devoulx, les édifices religieux de l’ancien Alger, extrait de la revue Africaine, N°10, Typographie pastide, Alger,1870,‬‬

‫‪p.272‬‬
‫‪40‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫ركزنا في تحليلنا كذلك على بعض املصادر التي صدرت عن فئة املفتيين الكبار بعمالة‬
‫وهران و منها كتاب العالمة الشيخ الطيب بن املختار الغريس ي املختاري‪ 1‬الذي عاش في‬
‫الفترة مابين ‪ 0121-0111‬وهو عالم وشاعر و أديب‪ 2‬اشتهر بشخصيته و حرصه‬
‫الشديد على االستفادة القصوى من كل من القاه من العلماء و الفقهاء واهتمامه‬
‫بالتواصل معهم‪.‬‬

‫‪ -2‬النخب الثقافية بين البروزاإلجتماعي و تمثل السلطة‬

‫لقد شدت انتباهنا الديناميكية االجتماعية التي شهدتها مجتمعات اإليالة الجزائرية‬
‫الثقافية‪3‬‬ ‫مع أواخر فترة الحكم العثماني و التي جسدتها مجموعة من حواضر املدن‬
‫كمدينة تلمسـان وقسـنطينة وبجاية ضف إلى مازونة و معسكروغيرها كما جسدت هذه‬
‫املش ـ ـرفي‪4‬‬ ‫الديناميكي ـ ـ ـ ـة مجموع ـ ـ ـة م ـ ـ ـن األس ـ ـر العلميـ ـ ـ ـة مث ـ ـل أس ـ ـرة بيت الطاهـ ـ ـر‬
‫وغيرها‪ 5‬لتنقلنا إلى دائرة من استنباط علمي ينفي املنظور التاريخي الذي ذهب إليه بعض‬
‫الباحثين والذي مفاده أن هذه الفترة التي شهدتها الجزائر هي فترة انحطاط وتخلف‬

‫‪1‬الطيب بن مختار الغريس ي املختاري ‪ ،‬كتاب القول األعم في بيان أنساب قبائل الحشم‪،‬مطبعة ابن خلدون‪ ،‬تلمسان‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،5125 ،‬ص‪.882‬‬
‫‪ -2‬أنظر ترجمته عند بسكر محمد‪ ،‬أعالم الفكر الجزائري من خالل آثارهم املخطوطة واملطبوعة ‪،‬ج‪ ،5‬دار كردادة‬
‫للنشر و التوزيع‪ ،‬بوسعادة‪ ،2158،‬ص‪.818‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Jean-Louis Marie Poiret, Voyage en Barbarie 1785-1786, volumes 2, édité‬‬
‫‪chez J.B.F. Née de la Rochelle, Paris, 1989, p. 317‬‬

‫‪ -4‬تنحدر هذه العائلة من بيت سيدي مشرف بن عبد الرحمن بن مسعود القادم من بوصمغون جنوب الصحراء إلى‬
‫غريس أنظر مخطوط العربي املشرفي في نسب أسرة املشارف‪ ،‬امللحق رقم ‪.12‬‬
‫‪ -5‬أنظر‪ ،‬عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني‪ ،‬فهرس الفهارس و األثبات ومعجم املعاجم و املشيخات و املسلسالت‪ ،‬ج‪،5‬‬
‫ط‪ ،2‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،5132 ،‬ص‪ 233‬إلى جانب أسرة بيت ابن الفكون أنظر‪ ،‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬شيخ اإلسالم عبد‬
‫الكريم الفكون داعية السلفية‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪1986 ،‬م وحسين بوخلوة‪ ،‬عبد الكريم‬
‫الفكون القسنطيني‪ ،‬بحث مقدم لنيل شهادة املاجستير في تاريخ الحضارة اإلسالمية‪،‬جامعة وهران‪،2111/2113 ،‬‬
‫ص‪.513‬‬
‫‪41‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫فهناك دراسات أجنبية قد بثت في صفحات كتبها بأنه لم يكن بالجزائر طبقة متوسطة‬
‫التي تقع في وسط الهرم االجتماعي مثل كتابات ‪ Gautier‬و ‪.1De Grammont‬‬

‫ومن املسلم به أن بروز النخب الثقافية بمجتمع الجزائر العثمانية في فترة حكم‬
‫الدايات صار يشكل منظور عام وشامل لجدلية تاريخية واسعة‪ 2‬تدعو إلى تقديم نماذج‬
‫واقعية وفرضيات نظرية لتصحيح النظر في مجموعة من املحطات التاريخية والتي‬
‫خضعت ألحكام تقليدية ونقلية في تمثالتهم ملجتمع إيالة الجزائر آنذاك‪ ،‬إذ صار املوقف‬
‫يتطلب منا القيام بتعديل جريء في املنظور التقليدي للباحثين من خالل ضبط و تحديد‬
‫تصنيف نوعي لفئة النخب التي تجلت في هذه الفترة‪ ،‬إذ حاولنا قدر اإلمكان أن نضع‬
‫اللبنة األولى للتركيبة اإلجتماعية لهذه الطبقة‪ ،‬التي اكتسبت السمة املميزة لكل ماتعارف‬
‫عليه املجتمع في إيالة الجزائر بشكل أعمق عما أقدم عليه جمهرة املؤرخين الذين حاولوا‬
‫مقاربة األصناف النخبوية في نسق مغلق معتمدين في ذلك على أبعاد ضيقة‬
‫دينية‪،‬سياسية‪،‬اقتصادية‪ ،‬وذلك بتركيزهم على نشاط محدد‪ ،‬مستبعدين مجموعة من‬
‫العوامل التي ساعدت على تكوين هذه الفئة‪.‬‬

‫‪ -1-2‬تركيب النخب الثقافية وبروزها في مجتمع الجزائرالعثمانية‬

‫إن تتب ـ ـع مس ـ ـار تكوين وتجلي النخب الثقافية في فترة الدايات ‪0110‬م‪0121-‬م‪.‬‬
‫يستـ ـ ـوقفنا عن ـ ـد التقسي ـ ـم اله ـ ـ ـرمي ملجتم ـ ـ ـع الج ـ ـزائـ ـر العثماني ـ ـة وذل ـ ـك ليتسـ ـنى لن ـ ـا‬
‫ضب ـ ـط تصنيـ ـف الفئ ـ ـ ـة املـ ـدروس ـ ـة‪ .‬إذ كـ ـ ـ ـان ك ـ ـل م ـ ـ ـن أب ـ ـ ـي راس الن ـ ـاصـ ـري‪3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- H-D. de Grammont, op.cit,p.226‬‬

‫‪ -2‬إن منظور التركيبة النخبوية يقاس بتعريفات بعض املؤرخين الذين تم اإلشارة إليهم في املدخل وتقسم حسب‬
‫نشاطاتها العلمية كالعلماء والفقهاء و املرابطون وحسب نشاطاتها الوظيفية كالطبقة الرسمية و الطبقة امللحقة بها‬
‫– أنظر سعد هلل أبوالقاسم‪ ،‬تاريخ الجزائر الثقافي‪،5381-5153‬ج‪،2‬ط‪،5‬دار الغرب اإلسالمي‪،‬بيروت‪،5113،‬ص‪.53‬‬

‫‪-3‬هو محمد أبوراس بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن أحمد بن الناصر بن عبد هللا بن عبد الجليل‪ ،‬ولد بتاريخ‬
‫‪ 21‬ديسمبر‪ 5115‬في منطقة وزغت جنوب مدينة معسكر و توفي عام ‪5382‬م‪ ،‬عاصر فترة الدايات وتميز بكثرة رحالته‬
‫أنظر‪Revue africaine,volume 8,office des publication universitaires,Alger, :‬‬
‫‪janvier 1864, p.152‬‬
‫‪42‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫و‪ Pierre Boyer1‬و ‪ Michel de Venture de 2Paradis Jean‬من بين‬


‫الدارسين الذين وضحوا لنا الشبكة اإلجتماعية إليالة الجزائر خالل العهد العثماني‪.‬‬

‫فاملعطيات العلمية التاريخية التي تم رصدها من طرفهم توضح بأن بروز طبقة‬
‫النخبة الثقافية آنذاك يعود بالدرجة األولى إلى تنوع التركيبة اإلجتماعية بإيالة الجزائر‪،‬‬
‫والتي خضعت للتقسيم التالي‪:‬‬

‫فئة العثمانيين‬

‫فئة الكراغلة‬

‫فئة الحضر و البدو‬

‫فهذا التقسيم الهرمي الذي ورد في أغلب الدراسات‪ .3‬يجعلنا نحصر الفئة املدروسة‬
‫في آخر نقطتان مرجعيتان اللتان على أساسها تم تصنيف النخب و املتجسدتان خصوصا‬
‫في فئتي الكراغلة والحضر والبدو‪.‬‬

‫إذ تعتبر فئة الكراغلة من الطبقات التي أثارت إشكاليات معقدة‪ 4‬في فترة‬
‫الدايات حيث يجمع ‪ Pierre Boyer‬على أن طموحاتها كانت تصب على األغلب في‬
‫اعتالء املناصب العليا في السلطة‪ .5‬ورغم تقاسمها العيش بحواضر املدن إلى جانب‬

‫‪1‬‬
‫‪- Les renégats et la marine de la Régence d'Alger, Revue de l'Occident‬‬
‫‪musulman et de la Méditerranée,N°39,M.E.N, France, 1985, p.p. 94-99‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Alger au XVIIIe siècle, edE.Fagnan,france, 1898, p.186.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -3‬التركيبة اإلجتماعية للجزائر العثمانية بشكل شامل يتناولها‪ :‬أبي راس الناصري الجزائري‪ ،‬عجائب األسفار و‬
‫لطائف األخبار‪ ،‬دراسة و تحقيق محمد بوركبة‪ ،‬ج‪،5‬منشورات وزارة الشؤون الدينية و األوقاف‪ ،‬الجزائر‪،2155،‬‬
‫ص‪81‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Pierre Boyer, le probleme kouloughli dans la régence d’Alger, Revue de‬‬
‫‪l'Occident musulman et de la Méditerranée,N°8 ,M.E.N. France, 1970, p.p.79-‬‬
‫‪94‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- op,cit, p.p. 79-94‬‬

‫‪43‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫الفئة الحضرية إال أنها بقيت مستقلة بنشاطاتها الحيوية من تجارة وصناعة وبعض‬
‫املهام اإلدارية عن املجتمع‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أهم املواقع الجغرافية التي عاشت فيها هذه الفئة ومارست فيها‬
‫نشاطاتها حيث نذكر منها الللحصر بايلك الشرق )جيجل‪ ،‬عنابة‪ ،‬برج بوعريريج( دار‬
‫السلطان )الجزائر العاصمة(‪ ،‬بايلك التيطري )املدية( ولإلشارة فقد برزت باملدية عائلة‬
‫بومزراق التي تنحدر من آخر البايات الذين حكموا بايلك التيطري في هذه الفترة‬
‫واستوطن الكراغلة كذلك بايلك الغرب بالضبط بمدينة )تلمسان ووهران)‪ 1‬وقد وقعت‬
‫بين أيدينا وثيقة إدارية لحالة مدنية‪ 2‬تاريخية تحمل ألقاب لعائالت عريقة عن هذه الفئة‬
‫والتي شكلت محورا هاما في الفعل التاريخي نهاية الحكم العثماني فأغلبهم كانوا إداريين‬
‫كما كانوا جنود وتبقى هذه الوثيقة عرضة للتحقيق واملراجعة بسبب غياب املصادر التي‬
‫تؤكد اإلطار الزماني الذي جعلها تبرز كفئة فاعلة في مجتمع الجزائر العثمانية فترة‬
‫الدايات‪3.‬‬

‫ونظرا للمضايقات التي كانت تعترضها من طرف السلطة و العالقات السيئة التي‬
‫ربطتها مع غيرها من فئة الحضر‪ ،4‬صارت مستثنية ضمن تصنيف طبقة الحضر إذ لطاملا‬
‫بذلت السلطة العثمانية جهودا للتضييق على هذه الفئة أو عزلها ألنها كانت تشكل خطرا‬
‫على استمرارية نظام الحكم بسبب رغبتها في السلطة‪ 5‬لكن بالرغم من ذلك تمكنت الفئة‬
‫الكرغلية من تأسيس تراكيبية إجتماعية خاصة بها فعلى الرغم من هذا التصنيف‬
‫واإلجماع‪ ،‬إال أنه يبقى محدودا واليمكننا تعميمه على كل الفئات الكرغلية‪ .‬حيث تجلت‬
‫‪1‬‬
‫‪- Mehmet Tütüncü, Cezayir'de Osmanlı İzleri (1516-1830 - 314 Yıllık‬‬
‫‪Osmanlı Hakimiyetinde Cezayir'den Kitabeler, Eserler, Meşhurlar), Çamlıca‬‬
‫‪BasımYayın,İstanbul 2013, p.447‬‬

‫‪ -2‬الوثيقة متاحة على املوقع اإللكتروني ‪ https://tribusalgeriennes.wordpress.com‬حيث تم دخوله‬


‫بتاريخ ‪ 2153/51/81‬على الساعة ‪ 11:81‬سا‬
‫‪ -3‬أنظر ثبت الوثيقة في امللحق رقم‪18‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- William shaler, Sketches of Algiers, political, historical, and civil, Ed john‬‬
‫‪adams library,1826, Boston,p.334‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Pierre Boyer, op,cit,pp79-94.‬‬
‫‪44‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫من خالل هذه الطبقة بعض النماذج النخبوية التي فتحت مجال اإلندماج مع فئة‬
‫الحضر و لعبت دور الوسيط بين السلطة واملجتمع في تلك الفترة‪ ،‬فهذه الفئة هي نتاج‬
‫مصاهرة بين الجزائريين و العثمانيين‪ 1‬على اعتبارات شخصية‪ ،‬جعل املصادر التاريخية‬
‫من الذين عايشوا األحداث يصنفونها في مرتبة النخب التي منحت قيمة تقليدية مميزة‬
‫وسط العناصر املحلية‪ .2‬ولتأكيد هذا الطرح فلقد حاول ‪ Venture de Paradis‬في‬
‫كتابه ‪ ،«Alger au XVIIIe siècle »3‬أن يبين الدور الذي أدته هذه الطبقة في‬
‫حرصها على كسب سمعة طيبة عند بعض األسر املحلية من الشرفاء‪ 4‬وقام كل من أبو‬
‫القاسم سعد هللا‪ 5‬وناصر الدين سعيدوني‪ 6‬بجرد عدد هام من الوضعيات العائلية لهذه‬
‫الفئة و التي اكتسبت احتراما مميزا بحكم مصاهرتها لفئة العلماء حيث كان الكراغلة‬
‫يتوجهون للدراسة في زوايا قسنطينة التابعة لألسر العلمية كزاوية أوالد الفكون‪.‬‬

‫و قارب لنا ‪ johnB.Wolf‬في كتابه ‪BarbaryCoast: Algeria Under‬‬


‫‪ the Turks‬أشكال اإلختصاصات اللغوية التي مارستها هذه الفئة في بالط السلطة‬
‫وعلى رأسها اللغة التركية حتى يتم القبول بها ملمارسة الوظائف السامية كون أنها اللغة‬
‫الرسمية للدولة‪ ،‬هذا الرصد بين لنا مدى قدرة النخب الكرغلية على املزاوجة بين عرقين‬
‫مختلفين من حيث التقاليد والقيم اإلجتماعية‪.7‬‬

‫‪ -1‬لتفصيل أكثر حول هده الفئة أنظر‪ :‬أيت حبوش حميد‪ ،‬الكراغلة و درورهم السياس ي في الجزائر خالل العهد‬
‫العثماني‪ ،‬مجلة الحوار املتوسطي‪ ،‬املجلد‪ 2‬العدد‪ ،5‬جامعة سيدي بلعباس‪ ،‬مارس ‪ ،2158‬ص‪.51-1‬‬

‫‪ -2‬أنظر‪ ،‬دوبالي خديجة‪ ،‬إسهامات الكراغلة في بناء الجزائر العثمانية‪ ،‬مجلة الخلدونية للعلوم اإلنسانية و‬
‫اإلجتماعية‪ ،‬املجلد‪ 51‬العدد‪ ،5‬جامعة تيارت‪ 15 ،‬جوان‪ ،2151‬ص‪.251-511‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Ibid, p.186.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Shaw.T, Voyage dans la régence d’alger, trad., J.Maccarthy, 2éme édition,‬‬
‫‪Bouslama, Tunis,1980,p.185‬‬
‫‪ -5‬أنظر سعد هللا أبوالقاسم‪ ،‬تاريخ الجزائر الثقافي‪،5381-5153‬ج‪،2‬ط‪،5‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪5113 ،‬‬
‫‪ -6‬أنظر سعيدوني ناصر الدين‪ ،‬الجزائر في التاريخ‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪،‬الجزائر‪5132،‬‬
‫‪ -7‬أنظر أرزقي شويتام‪ ،‬دور الكراغلة في الجزائر أثناء الفترة العثمانية‪ ،5381-5151‬مجلة أفكار و آفاق‪ ،‬املجلد ‪8‬‬
‫العدد‪ ،2‬جامعة الجزائر‪ 2،85‬ديسمبر‪ ،2158‬ص‪.531-511‬‬

‫‪45‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫و نقل لنا بعض األسرى‪ 1‬وعلى رأسهم ‪ Pfeiffer Simon2‬تجليات هذه الفئة في‬
‫التراكيبية اإلجتماعية الحضرية واإلسهامات الثقافية‪ 3‬التي بادرت بها في أواخر فترة الحكم‬
‫العثماني بالجزائر ونفس الطرح ورد في تقييدات ابن املفتي‪.4‬‬

‫في نفس اإلتجاه و بشكل أعمق عما تطرقنا إليه في حديثنا عن تجلي الطبقة‬
‫الكرغلية كفئة نخبوية بمجتمع الجزائر العثمانية‪ ،‬حاولنا أن نقارب الظاهرة نفسها‬
‫بتطور التراكيبية اإلجتماعية للفئة الحضرية في نفس الفترة‪ .‬وذلك بتركيزنا على‬
‫مانقلته إلينا املصادر املحلية و األروبية مبتعدين بذلك عن األبعاد الضيقة التي‬
‫استخدمتها الدراسات في حصرها للنخب الثقافية بشكل شائع في رجال الدين أو في‬
‫السكان املحليين‪.‬‬
‫إذ يجدر بنا الذكر على أن الفئة الحضرية هي نتاج لنمط تراكيبية إجتماعية أخرى‬
‫منسجمة‪ 5‬فيما بينها والتي حاول أبو القاسم سعد هللا‪ .‬أن يبين بأن بنيتها انحصرت في‬
‫املثقفة‪6‬‬ ‫عناصر متعددة وأبرزها فئة العلماء التي تعتبر من أبرز الطبقات اإلجتماعية‬
‫والتي أولت عناية فائقة في تقلد عدد كبير من املناصب اإلدارية و السياسية فحضيت‬
‫بمكانة مميزة لدى رجال السلطة خاصة وأن مهامهم الوظيفية ارتبطت بمعايير تصنيفهم‬
‫في تلك الفترة‪.‬فنجد سعد هللا يعطي تصنيف وظيفي يتأسس وفق التقسيم الثالثي‬

‫‪1‬‬
‫‪- Michel, Alfred, La prise d’Alger racontée par un captif, Revue‬‬
‫‪africaine,volume 114, Novembre 1875, p.473‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Anne Duprat et Emiliepicherot, Récits D’Orient dans les littérature‬‬
‫‪d’Europe XVIe -XVIIe siècles, éditépar PUPS. Née Universitéparis Sorbonne,‬‬
‫‪Paris, 2008, p. 192‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Bulletin de la littérature Etrangère, Nouvelle publication en Angleterre,‬‬
‫‪Octobre 1832‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ ،‬ابن املفتي حسين شاوش‪ ،‬تقييدات ابن املفتي في تاريخ باشوات الجزائر وعلمائها‪ ،‬تحقيق األستاذ فارس‬
‫كعوان‪ ،‬الطبعة ‪ :‬األولى ‪ ،‬بيت الحكمة‪ ،‬الجزائر‪2111 ،‬م‪ ،‬ص‪11‬‬
‫‪ -5‬كمثال على ذلك أنظر‪ ،‬بن قويدر سامية ‪ ،‬ملحة عن ديار فحص مدينة الجزائر في العهد العثماني‪ ،‬مجلة املفكر‪،‬‬
‫املجلد‪ 5‬العدد‪ ،5‬جامعة الجزائر‪ 21 ،2‬ماي‪ ،2151‬ص‪.31-25‬‬

‫‪ -6‬أنظر‪ :‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪53‬‬


‫‪46‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫املتجسد في العلماء املتصوفة (املرابطون) و العلماء املوظفون (كتاب اإلنشاء) و الفقهاء‬


‫املستقلون‪ 1‬الذين يتوزعون إلى مجموعات عرقية منسجمة فيما بينها ونبينها من خالل‬
‫املخطط التالي‪:‬‬

‫فئــــــة الحــضــــــــر‬

‫الجالية األندلسية‬ ‫جماعة األشراف‬

‫الجالية المسيحية‬ ‫الفقهاءالمستقلون‬ ‫العلماء المرابطون‬

‫‪ +‬الموظفون‬
‫البالموظفون‬
‫أهل الذمة‬ ‫فئة البرانية و العبيد‬

‫وبالرغم من هذا التصنيف اليمكن أخذ النشاطات الوظيفية كمعيار أساس ي لهذا‬
‫التقسيم رغم أن الخطاب الديني القيمي بالجزائر العثمانية‪ ،‬كان أول خطاب حدد مسألة‬
‫تصنيف النخب الثقافية ضمن بقية الفئات اإلجتماعية األخرى‪ ،2‬فمفهوم النخبة فضاء‬
‫واسع من املواقف و األفكار وهذا ماال نجده في الدراسات التي تناولت املسائل الثقافية‬
‫والسياسية بإيالة الجزائر لهذا اليمكن أن نخضع هذا التصنيف إلى أبعاد محدودة ومائعة‬
‫دون أن تكون هناك معايير نبني عليها تمثالتنا في دراسة ثقافة ومواقف هذه الفئة من‬
‫السلطة‪.‬‬
‫‪ -1‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬الحركة الوطنيةالجزائرية‪،5181-5111‬ج‪،2‬الشركةالوطنيةللنشرو التوزيع‪،‬الجزائر‪،5138،‬‬
‫ص‪512-518-512‬‬
‫‪ -2‬كمثال على ذلك أنظر دوبالي خديجة‪ ،‬العالقات اإلجتماعية بين الرعية و السلطة في بايلك التيطري أواخر العهد‬
‫العثماني من خالل الوثائق‪ ،‬مجلة الحوار املتوسطي‪ ،‬املجلد‪ ،8‬العدد‪ ،5‬جامعة سيدي بلعباس‪ 51 ،‬مارس‪،2152‬‬
‫ص‪.55‬‬

‫‪47‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫وإلى جانب العناصر املحلية التي تحدث عنها أبو القاسم سعد هللا من فئة الحضر تجلت‬
‫الجالية األندلسية في نفس الطبقة حيث ينطلق ‪ laugier de Tassy1‬في كتابه‬
‫‪ Histoire du royaume d’Alger‬من فكرة مفادها أن الجالية األندلسية هي‬
‫نتاج لتجلي تاريخي ُمميز لطبقة حضرية جديدة في إيالة الجزائر‪ ،‬حيث تعاظم دورها‬
‫وتولت وظائف سامية كإدارة األوقاف وسبل الخيرات‪ ،‬على اعتبار أنها صارت ذات نفوذ و‬
‫صاحبة أمالك في املدن الحضرية‪ ،‬ألنها تتكون من أسر ذات وجاهة عالية‪ .‬ويحص ي هذه‬
‫التركيبة الجديدة التي دخلت املجتمع الجزائري في بداية القرن‪01‬م‪Diego de 2‬‬
‫‪ Haëdo‬فلقد أدت إلى والدة بنية تقليدية نخبوية نافذة في اإليالة‪ .‬وخلقت حركية مميزة‬
‫نظرا لتعدد نشاطاتها اإلجتماعية والثقافية وخاصة اإلقتصادية‪ ،3‬فانسجمت مع السلطة‬
‫وبقية الطبقات اإلجتماعية بفعل عاملي التأثير و التأثر‪ .4‬والظاهر من خالل سجالت‬
‫املحاكم الشرعية املدونة في الفترة العثمانية‪ 5‬أن الجالية األندلسية من األسر الغنية قد‬
‫أوقفت عدد من االمتيازات لصالح فقراء اإليالة في فترة الدايات والفترة التي‬

‫‪1‬‬
‫‪-Laugier de Tassy, Histoire du royaume d'Alger, un diplomate français à‬‬
‫‪Alger en 1724, revue d’histoire d’Outre-Mers, Année 1994, N°302, pp. 111-‬‬
‫‪112.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Diego de Haëdo,Topographie et histoire générale d'Alger, traduction‬‬
‫‪Monnereau et andrien berbruger, edition bouchene, année 1998, p. 244‬‬
‫‪ -3‬ملزيد من التفاصيل حول هدا املوضوع عد إلى حنيفي هاليلي‪ ،‬املوريسكيون األندلسيون في الجزائر خالل القرنين‬
‫‪ 53‬و‪51‬م‪ ،‬منشورات مخبر البحوث والدراسات اإلستشراقية في حضارة املغرب اإلسالمي‪ ،‬جامعـة الجياللي ليابس‬
‫سيدي بلعباس‪ -‬الجـزائـر‪ ،2152،‬ص‪.531-532‬‬

‫‪ -4‬لتفصيل أكثر أنظر‪ :‬بلقاسم صديقي‪ ،‬هجرة األندلسيين إلى بالد املغارب أواخر القرن‪ 51‬إلى بدايات القرن ‪51‬‬
‫الدوافع و املراحل‪ ،‬املجلة املغاربية للمخطوطات‪ ،‬املجلد ‪ 8‬العدد‪ ،5‬جامعة الجزائر‪ 51 ،2‬سبتمبر ‪ ،2151‬ص‪-35‬‬
‫‪.551‬‬
‫‪ -5‬أنظر‪ :‬حنيفي هاليلي‪ ،‬الحضور األندلس ي بالجزائر في العهد العثماني على ضوء سجالت املحاكم الشرعية‪ ،‬املجلة‬
‫التاريخية العربية للدراسات العثمانية‪ ،‬العدد ‪ ،21‬مؤسسة التميمي للبحث العلمي‪ ،‬تونس‪ ،2112،‬ص‪.851‬‬
‫‪48‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫سبقتها‪ 1‬مثل فاطمة ابنة ناظر أوقاف األندلس الحاج عبد القادر بن الحاج الغبريني ت‪-‬‬
‫‪0110‬م التي أوقفت ثلثا ثرواتها للفقراء من السكان املحليين و األندلسيين‪.2‬‬

‫وحاول ناصر الدين سعيدوني في نفس اتجاه ما أوردته لنا املصادر تعداد النماذج‬
‫النخبوية من الجالية األندلسية التي أشرفت على بعض املمتلكات باإليالة وقد كان منهم‬
‫وكالء ونظار ورجال العلم وعلى رأسهم يحي الخياط‪ .‬ليخلص إلى أنه رغم أنها التنتمي إلى‬
‫العنصر املحلي‪ .‬لكنها بذلت جهودا بمستويات عديدة في إنشاء جمعية ضمت ثلة من‬
‫النخب األندلسية و صارت من خاللها تساهم في بناء الزوايا و املساجد و املدارس القرآنية‬
‫مما زاد من تعاظم دورها في املجتمع ولدى السلطة‪.3‬‬

‫‪ -2.2‬بيانات إحصائية منفصلة وفق الكمية العددية‪ 4‬ألفرادالنخب الثقافية في‬


‫فترة الدايات‬

‫احتلت الفئة الحضرية مكانة مميزة في بنى مجتمع الجزائر العثمانية فمصادرنا تشير‬
‫إلى أن هذه العناصر بقيت تمثل نفس املكانة منذ أن صارت الجزائر إيالة عثمانية إلى غاية‬
‫نهاية العهد العثماني عام‪0121‬م‪ .‬وتشير املعطيات العلمية التي رصدناها من الدراسات‬
‫الحديثة‪ 5‬إلى أن الفئة الحضرية قد تضاعف عددها في الفترة مابين ‪0112-0122‬م‬

‫‪ -1‬ملزيد من املعلومات حول وقف الحرمين في العاصمة العثمانية عد إلى‪Miriam Hoexter, ،‬‬
‫‪Endowments, Rulers and Community: Waqf Al-ò Haramayn in Ottoman‬‬
‫‪Algiers, Volume6, Brill Leiden.Boston.Koln, 1998, p.167.‬‬
‫‪ -2‬وفي إطار ذلك عد إلى مؤسسة األرشيف الوطني الجزائري‪ ،‬سجالت املحاكم الشرعية‪ ،‬علبة رقم‪ 53‬مكرر‪ ،‬بئر‬
‫خادم‪ ،‬الجزائر العاصمة‬
‫‪ -3‬أنظر ناصر الدين سعيدوني‪ ،‬دراسات وأبحاث في تاريخ الجزائر‪ ،‬ج‪ ،2‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪،5133 ،‬‬
‫ص‪.21‬‬
‫‪ -4‬تعتمد هذه الطريقة على جم ع و تلخيص و تمثيل و إيجاد استنتاجات من مجموعة البيانات العددية املتوفرة وفق‬
‫عدد األفراد وتطبق في العلوم اإلجتماعية و اإلنسانية‪ .‬و هي البيانات التي يمكن عدها ولو لم تأخذ قيما صحيحة‪.‬‬
‫‪ -5‬ونقصد بها املعطيات التي جمعتها عائشة غطاس من دفاتر املخلفات أي التركات الصادرة عن مؤسسة بيت املال ‪،‬‬
‫أنظر مقالها حول من أجل إعادة النظر في البنية الديموغرافية ملجتمع مدينة الجزائر‪ .‬معطيات مستقاة من الوثائق‬
‫املحلية‪ ،‬مجلة ‪ Insaniyat‬إنسانيات‪ ،‬العدد ‪ ،19-20‬مركز البحث في األنثرويواوجيااإلجتماعية و الثقافية‪ ،‬وهران‪،‬‬
‫‪ ،2118‬ص‪.22-88‬‬
‫‪49‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫لتصل إلى نسبة ‪ %11‬بعدما كانت التشكل سوى ‪ %01‬من مجمل السكان الذين كان‬
‫عددهم يتراوح مابين ‪21‬ألف نسمة و ‪ 21‬ألف نسمة في الكلم‪ 9‬الواحد‪ 1‬في هذه الفترة‪.‬‬
‫فدار السلطان شكلت نموذجا واقعيا في هذا التقدير‪ ،‬حيث وصل عدد من الذين احتلوا‬
‫مكانة شرفية بها في فترة الدايات ‪ 21‬فردا أحصينا منهم ‪ 01‬نخبة من السكان األصليين و‬
‫‪ 02‬نخبة من الجالية األندلسية بينما وصل عدد الكراغلة من النخب إلى ‪ 11‬أشخاص‪.‬‬

‫و بلغ عدد النخب من الحضريين في الفترة مابين‪00 .0112-0122‬فردا بدار‬


‫السلطان من مجمل ‪ 202‬حضري‪ 2‬وقد وصل عدد النخب إلى غاية ‪ 0191‬إلى ‪ 01‬فردا‬
‫من مجمل ‪ 110‬شخص حضري‪.‬‬

‫وتتباين أعداد هذه الفئة في بقية املناطق األخرى حيث أحصينا في هذه الفترة بروز ‪01‬‬
‫نخبة محلية ببايلك الشرق و ‪ 12‬نخب ببالد الزواوة و ‪ 01‬نخب ببالد الزيبان و‪ 11‬نخبة‬
‫ببايلك الغرب ضف إلى بروز عائالت من أصول عثمانية كان لها وزن إجتماعي مرموق‪.3‬‬

‫وبالتالي يمكننا أن نقول أن هذه األقلية شكلت حوالي ‪ 01%‬من مجموع سكان املدن‬
‫الحضرية والذين قدر عددهم ب‪21‬ألف نسمة في الكلم‪ 49‬الواحد بفئاتهم املختلفة في‬
‫نفس الفترة املذكورة‪ .‬و احتل بايلك الغرب املرتبة األولى وفق البيانات الكمية التي‬
‫أحصيناها به من حيث القوة العددية‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر عائشة غطاس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.88‬‬


‫‪ -2‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫‪ -3‬كمثال على ذلك أنظر امللحق رقم‪15‬‬
‫‪ -4‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪ 22-88‬إستنادا ملعطيات مؤسسة بيت املال‪ ،‬الدفاتر التالية‪ ،‬دفتر ‪ ،81‬دفتر ‪ ،21‬دفتر ‪ ،12‬دفتر ‪.13‬‬
‫‪50‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫وهذا ماسنبينه في الـج ـ ـدول رق ـ ـ ـم ‪:0‬‬

‫الجدول‪-10-‬‬

‫‪0791-0971‬‬ ‫‪0970-0381‬‬ ‫املجموع‬

‫العناصرالنخبوية‬ ‫العدد‬ ‫العدد‬ ‫املجموع‬

‫الحضرمن املحليين‬ ‫‪10‬‬ ‫‪89‬‬ ‫‪33‬‬

‫الحضرمن الجالية األندلسية‬ ‫‪01‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪08‬‬

‫الكراغلة‬ ‫‪11‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪19‬‬

‫الزواوة‬ ‫‪19‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪17‬‬

‫أبناء الزيبان‬ ‫‪18‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪01‬‬

‫املجموع‬ ‫‪99‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪019‬‬

‫‪ -‬تحويل الجدول إلى رسم بياني‬

‫‪140‬‬

‫‪120‬‬

‫‪100‬‬

‫‪80‬‬ ‫المجموع المجموع‬


‫‪ 1830-1791‬العدد‬
‫‪60‬‬
‫‪ 1790-1674‬العدد‬
‫‪40‬‬

‫‪20‬‬

‫‪0‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪51‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫تحليل البيانات‬ ‫‪-‬‬


‫نالحظ أن عدد النخب املثقفة قد شهد عدة متغيرات سواء وفق الكمية‬
‫العددية أو الوصفية الترتيبية حسب املهام التي كانوا يؤدونها في الدولة و املجتمع‬
‫وهذا مابيناه في الجداول التي أتبعناها في هذه الدراسة‪.‬‬
‫ففي الفترة األولى من عهد الدايات‪ .‬يمكن تمثل تجلي النخب بالجزائر في النقاط‬
‫التالية‪:‬‬
‫ترتفع أعداد الفئة الحضرية في هذه املرحلة مقارنة ببقية الفئات األخرى‬ ‫أ‪-‬‬
‫حيث شكلت أكبر نسبة عددية إذا قسناها بمجموع السكان وكان جزء من هذه‬
‫الفئة متكونة من الجالية األندلسية‪.‬‬
‫كان عدد املحليين من الحضر يشكلون مكانة شرفية معتبرة حيث‬ ‫ب‪-‬‬
‫استقروا عموما في دار السلطان وبايلك الشرق والغرب أما نسبة تجلي كل من فئة‬
‫الكراغلة والزواوة وأبناء الزيبان فقد عرفت تباينات عددية أودت بحدوث تقلبات‬
‫في البنية التحتية لهذه الفئة‪ 1‬و التي غالبا ماعرفت تراجعا نسبيا في البروز و التجلي‬
‫كنخبة قائمة بحد ذاتها‪.‬‬

‫ج‪ -‬خالل املرحلة األولى من حكم الدايات كانت الجزائر تتوفر على أسر علمية بارزة‬
‫لعبت دورا رئيسيا في التاريخ الثقافي الحديث للجزائر‪ 2‬أما املرحلة الثانية فهي‬
‫مرحلة لتوريث الوظائف بحكم اإلنتماء العائلي لتلك األسر‪.3‬‬

‫‪ -1‬للتوسع في املعلومات أنظر‪ ،‬بلبروات عتو‪ ،‬املهاجرون و املهجرون إلى الجزائر العثمانية بين اإلنعزال و اإلندماج‬
‫اإلجتماعي‪ ،‬مجلة املواقف‪ ،‬املجلد ‪ 2‬العدد ‪ ،5‬جامعة معسكر‪ 85 ،‬ديسمبر‪ ،2111‬ص‪.11-11‬‬
‫‪ -2‬بوشيبة دهيبة‪ ،‬العلم و العلماء في الجزائر خالل العهد العثماني‪ ،‬مجلة الحوار املتوسطي‪ ،‬املجلد ‪ 8‬العدد ‪، 5‬‬
‫جامعة سيدي بلعباس‪ 51 ،‬مارس ‪ ،2152‬ص‪.528-553‬‬

‫‪ -3‬كمثال على ذلك أنظر امللحق رقم ‪.5‬‬


‫‪52‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -8.2‬بيانات إحصائية منفصلة وفق الوصفية الترتيبية‪1‬ألفرادالنخب الثقافية‬


‫في فترة الدايات‬

‫كان الوضع املعيش ي و الوظيفي للفئة النخبوية التي سلف ذكرها يتميز بظاهرة‬
‫توريث املهن الراقية بالجزائر العثمانية‪ ،‬حيث تعود السكان منذ التواجد العثماني على‬
‫هذه الظاهرة‪ ،‬فأغلب املناصب كان يتم توارثها من اآلباء إلى األبناء‪ 2‬وفق ماتعارف عليه‬
‫املجتمع أو مايطلق عليه بنظام التوريث وهو سلوك اعتاده الناس حيث يحل أبناء‬
‫األسر العلمية محل آبائهم وأجدادهم في تداول تلك املناصب أو الوظائف‪.‬‬

‫والشك أن املراسالت التي نشرتها الدراسات واطلعنا على البعض منها واملتجسدة في‬
‫الظهائر‪ 3‬التي تتضمن تعيينات ألشخاص من عائالت مختلفة وعلى رأسها عائلة‬
‫الكتروس ي تعد كنموذج لهذا التوريث كما أنها تدل على املكانة التي حظيت بها هذه‬
‫الطبقة في املجتمع فنجد من خاللها أن السلطة منحت مناصب جد هامة لهذه العائلة‬
‫بدافع إظهار اإلحترام لها‪.‬‬
‫وبهذا تنقل لنا هذه الظهائر‪ 4‬صورة عن تولية أبناء هذه العائلة خالل ق‪01‬م‬
‫لوظيفة القضاء واإلفتاء واإلمامة و الخطابة‪ 1‬حيث قام علي باي تونس ي بتعيين السيد‬

‫‪ -1‬تستخدم هذه الطريقة في تصنيف الوظائف ويتم إسقاطها على عدد أفراد األسر في مجتمع ما وعادة ماتستخدم‬
‫لدراسة تطور ظاهرة ما عبر فترة زمنية كظاهرة توريث املناصب وماشابه ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬كمثال على ذلك عد إلى الوثائق التي تخص عائلة الكتروس ي وهي مودعة بمكتبة جمعية الظهرة بمازونة‪ ،‬أنظر‬
‫امللحق رقم‪12‬‬
‫‪ -3‬للتعريف املفصل حول هذه الظهائر‪ ،‬أنظر‪ :‬لزغم فوزية‪ ،‬التعريف بوثائق عائلة الكتروس ي املازونية‪ ،‬املجلة‬
‫الجزائرية للمخطوطات‪ ،‬العدد العاشر‪ ،‬مخبر مخطوطات الحضارة اإلسالمية لشمال إفريقيا‪ ،‬جامعة‬
‫وهران‪5،2158‬الجزائر‪ ،‬ص‪.551‬‬
‫‪ -4‬تعود ملكية هذه الظهائر لجمعية الظهرة الثقافية بمازونة حيث تحصلنا على نسخ منها عن طريق الباحثة لزغم‬
‫فوزية وسبق وأن نشرت البعض منها املجلة الجزائرية للمخطوطات‪ ،‬ص‪ ،511-512‬أنظر ملحق رقم‪ 8‬كما قام‬
‫الباحث بوجالل قدور بتقييدها في أطروحته املوسومة بمظاهر التقارب والقطيعة بين العلماء والسلطة العثمانية في‬
‫بايلك الغرب فترة الدايات‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ الحديث‪ ،‬إشراف دحو فغرور‪ ،‬كلية‬
‫العلوم اإلنسانية والحضارة اإلسالمية‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2151-2153‬ص‪.512‬‬
‫‪53‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫املهدي بن أحمد بن خدة الذي كان مترجما له إماما ملسجد سيدي علي بن حسن‬
‫بمازونة عام ‪0111‬م‪ 2‬وعين مصطفى باي محمد املهدي إماما بمسجد سيدي عيس ى‬
‫بمازونة عام ‪0109‬م‪ 3‬ومنح خليل آغا نوبة مازونة عام ‪0112‬م إمتيازات للمفتي‬
‫مهدي الكتروس ي وبعض أفراد عائلته‪ 4‬كما عين الشيخ محمد بن املهدي وشقيقه علي‬
‫مفتيا وقاضيا على مازونة عام ‪0102‬م‪.‬‬

‫فالوضع آنذاك كان يسهل ألسر محددة عملية اإلرتقاء في الوظائف والتعايش مع‬
‫أنظمة وقوانين السلطة واستمرت هذه العملية في التداول في جميع أنحاء البالد إال أننا‬
‫ملسنا وجود فوارق عددية ونسبية بين بايلك الشرق والغرب ودار السلطان حول األسر‬
‫التي شاعت عليها هذه الظاهرة ففي الفترة مابين ‪0114‬م و‪0121‬م بلغ عدد أبناء‬
‫عائلة قدورة من الذين برزو من النخب وتورثوا الوظائف ‪ 11‬أفراد وعائلة املرتض ى‬
‫‪10‬فردا واحدا أما عائلة العنابي فقد بلغ عدد نخبها ب‪12‬أفراد وعائلة العلج‬
‫ب‪19‬فردين هذا في دار السلطان وهذا مابيناه في الجداول التي أرفقناها في هذه‬
‫الدراسة‪.5‬‬

‫أما في الفترة مابين ‪0120‬م إلى ‪0121‬م بلغ عدد أبناء عائلة العنابي من‬
‫النخب البارزة ‪19‬فردين وعائلةاملجاجي ب‪19‬فردين‪.6‬‬

‫‪ -1‬أنظر لعباس ي محمد‪ ،‬تعيينات آل الكتروس ي في املناصب الدينية بمازونة على العهد العثماني‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪-11‬‬
‫‪.511‬‬
‫‪ -2‬أنظر ملحق رقم‪12‬‬
‫‪ -3‬أنظر ملحق رقم‪12‬‬
‫‪ -4‬أنظر ملحق رقم‪12‬‬
‫‪ -5‬أنظر امللحق رقم‪12‬‬
‫‪ -6‬أنظر امللحق رقم ‪15‬‬
‫‪54‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫أما في بايلك الشرق فقد بلغ عدد أفراد أسرة الفكون في الفترة مابين ‪0114‬م‬
‫و‪0121‬م ‪14‬أفراد من الذين تورثوا الوظائف و‪ 19‬فردين من عائلة ابن باديس وكذا‬
‫فردا واحدا من عائل ـ ـة الغ ـ ـ ـرب ـ ـي‪1‬‬ ‫الحال بالنسبة لعائلة القسنطيني و ابن جلول و ‪10‬‬

‫أما عائلة البوني فقد بلغ عدد نخبها ‪14‬أفراد أما في الفترة مابين ‪0120‬م إلى ‪0121‬‬
‫بلغ عدد أبناء عائلة الفكون فردا واحدا من النخب البارزة‪.2‬‬

‫وفي بايلك الغرب تجلت نخب مثقفة في الفترة مابين ‪ 0114‬و‪ 0121‬وكذا فترة‬
‫مابين ‪ 0120‬إلى ‪ 0121‬لكن أغلب املناصب التي تم تداولها في هذه املنطقة كانت‬
‫دينية أكثر منها إدارية رسمية كاإلمامة والفقه و الخطابة وهذا مابيناه في الجداول التي‬
‫أرفقناها في هذه الدراسة‪.3‬‬

‫وفي الفترة مابين ‪ 0114‬و‪ 0121‬تجلت نخبة أندلسية بالجزائر العثمانية حيث‬
‫بلغ عدد أبناء عائلة ابن عبد اللطيف ‪14‬أفراد كما بلغ عدد أبناء عائلة النيقرو ‪14‬‬
‫أفراد ويتساوى عدد أفراد كل من عائلة بن عبد الرحمن وابن عمار ومبارك حيث بلغ‬
‫‪10‬فردا واحدا في هذه الفترة‪.4‬‬

‫لكن كيف يمكن تفسير تزايد عدد أفراد األسر النخبوية في الفترة مابين ‪0114‬‬
‫و‪ 0121‬و تراجعها في الفترة مابين ‪ 0120‬إلى ‪0121‬؟‬

‫لإلجابة على هذا السؤال وقع اختيارنا أثناء بناءنا لهذه اإلحصائيات العددية على عينات‬
‫من األسر النخبوية العتبارات‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ -1‬أنظر امللحق رقم ‪15‬‬


‫‪ -2‬أنظر امللحق رقم ‪15‬‬
‫‪ -3‬أنظر امللحق رقم ‪15‬‬
‫‪ -4‬أنظر امللحق رقم ‪15‬‬
‫‪55‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ ‬أنها ساهمت بشكل أو بآخر في تكوين عدد البأس به من األفراد الذين أدوا أدوارا‬
‫مميزة في املجتمع نحو عقد من الزمن‪.‬‬
‫‪ ‬كما أنها ساهمت في تنشيط الحركة الثقافية بالجزائر العثمانية خاصة في عهد‬
‫الدايات‪ .‬وهذا مانبينه في الجداول رقم‪19‬و‪12‬و‪.14‬‬

‫دارالسلطان‪ -‬الجدول‪-22‬‬

‫األسرالنخبوية‬ ‫عدد األفراد‬

‫قيدورة‬ ‫‪11‬‬

‫العنابي‬ ‫‪11‬‬

‫العلج‬ ‫‪11‬‬

‫آبهلول‬ ‫‪11‬‬

‫بن عبد اللطيف‬ ‫‪11‬‬

‫النيقرو‬ ‫‪17‬‬

‫ابن عمار‬ ‫‪11‬‬

‫املانجالتي‬ ‫‪11‬‬

‫الشريف الزهار‬ ‫‪11‬‬

‫بايلك الشرق‪ -‬الجدول‪-20‬‬

‫‪56‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫األسرالنخبوية‬ ‫عدد األفراد‬

‫الفكون‬ ‫‪11‬‬

‫ابن باديس‬ ‫‪11‬‬

‫ابن جلول‬ ‫‪11‬‬

‫البوني‬ ‫‪11‬‬

‫بايلك الغرب‪-‬الجدول‪-24‬‬

‫األسرالنخبوية‬ ‫عدد األفراد‬

‫املشرفي‬ ‫‪18‬‬

‫أبوراس الناصري‬ ‫‪10‬‬

‫املقري‬ ‫‪10‬‬

‫العقباني‬ ‫‪18‬‬

‫التلمساني‬ ‫‪18‬‬

‫الكتروس ي‬ ‫‪13‬‬

‫املازوني‬ ‫‪18‬‬

‫بن حواء‬ ‫‪17‬‬

‫‪57‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫خوجة‬ ‫‪18‬‬

‫تحويل الجداول إلى رسم بياني‬

‫دار السلطان‬ ‫‪1‬‬


‫‪25%‬‬ ‫‪32%‬‬
‫بايلك الشرق‬ ‫‪2‬‬
‫بايلك الغرب‬
‫‪3‬‬
‫‪30%‬‬ ‫‪13%‬‬ ‫‪4‬‬
‫النسبة املئوية‬

‫‪ - 0‬املناصب املتداولة بين النخب الثقافية‬

‫كانت املناصب املتداولة بين الفترات املذكورة سلفا تتكون من منصب اإلفتاء املالكي‬
‫والقضاء امللكي ومنصب اإلفتاء الحنفي و الخطابة و اإلمامة و التدريس بالجامع األعظم‪،‬‬
‫وكذا سرد صحيح البخاري والحديث النبوي ضف إلى الكتابة والسفارة ومهنة العدل‬
‫ونقابة األشراف ضف إلى التفسير وناظر على أوقاف الحرمين الشريفين ناهيك عن ركب‬
‫اإلمارة وشيخ زاوية أوعالم طريقة من الطرق وكذا الطب‪.1‬‬

‫ومن أهم أبناء األسر الذين حضيوا باهتمام السلطة في تولية هده املناصب أبناء‬
‫عائلة قدورة وعائلة ابن العنابي الحنفي وابن علي وأبهلول املجاجي بدار السلطان وأبناء‬
‫عائلة الفكون وابن باديس وابن الغربي والكماد وابن ساس ي البوني ببايلك الشرق وأبناء‬
‫عائلة املشذالي والورتالني وابن مصباح وابن علي الشريف ببالد الزواوة وأبناء عائلة ابن‬
‫رمضان وابن عزوز بإقليم الزيبان وأبناء عائلة املشارف وأوالد عب ـد الق ـادر بن املخت ـارو‬

‫‪ -1‬أنظر أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪.212-833 ،‬‬


‫‪58‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫ابن أبي زرفة وأوالد سيدي عمر وابن سحنون وأبو راس الناصري و الكتروس ي و املقري‬
‫ببايلك الغرب‪.1‬‬

‫واستنادا إلى الجداول التي سبق إدراجها في هذه الدراسة خرجنا بعدة نتائج أهمها أنه‬
‫شهد منصب اإلفتاء املالكي والقضاء امللكي ومنصب اإلفتاء الحنفي اهتماما مبالغ فيه‬
‫لدى بعض األسر إذ استقر ملدة طويلة في دار السلطان فتولى منصب اإلفتاء املالكي بها‬
‫أبو عبد هللا محمد بن سعيد قدورة–ت‪.‬عام‪0121‬م‪ -‬وورثه عنه أبو العباس أحمد بن‬
‫سعيد قدورة–ت‪.‬عام‪0111‬م‪ -‬وتواله الحاج سعيد بن أحمد بن سعيد بن إبراهيم‬
‫قدورة–ت‪.‬عام‪ - 0101‬كما تواله الحاج أحمد بن سعيد بن سعيد بن أحمد بن سعيد‬
‫بن إبراهيم قدورة–ت‪.‬عام‪0102‬م‪ -‬وتواله من الجالية األندلسية أحمد زروق بن السيد‬
‫محي الدين بن عبد اللطيف–ت‪.‬عام ‪0122‬م‪ -‬وورثه عنه محمود بن عبد اللطيف‪.2‬‬

‫وشهد منصب الخطابة و اإلمامة و الفقه وإمارة ركب الحج احتكارا المثيل له لدى‬
‫بعض العائالت النخبوية في بايلك الشرق فقد تداول عليها من عائلة الفكون في هذه الفترة‬
‫محمد بن عبد الكريم الفكون‪-‬ت‪ .‬عام ‪0119‬م‪ -‬وورثه عنه بدر الدين بن محمد‬
‫الفكون–ت‪.‬عام ‪0111‬م‪ -‬كما تواله عبد الرحمن بن بدر الدين الفكون منذ ‪0110‬م‬
‫وتواله بعده محمد الفكون و حسين الفكون خالل ق‪02‬م‪3.‬‬

‫أما مهنة التدريس فقد عرفت تداوال لدى بعض النخب ببايلك الغرب فقد امتهنها عبد‬
‫القادر بن عبد هللا املشرفي –ت‪.‬عام ‪ -0111‬وتوالها من بعده كل من الطاهر بن عبد‬

‫‪ -1‬ملزيد من التفصيل حول هذه األسر النافذة في مجتمع الجزائر العثمانية أنظر‪ :‬لزغم فوزية‪ ،‬البيوتات واألسر‬
‫العلمية بالجزائر خالل العهد العثماني‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ و الحضارة اإلسالمية‪،‬‬
‫إشراف محمد بن معمر‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية والحضارة اإلسالمية‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬السنة الجامعية ‪،2152-2158‬‬
‫ص‪.185‬‬
‫‪ -2‬أنظر امللحق رقم ‪15‬‬
‫‪ -3‬أنظر امللحق رقم ‪15‬‬
‫‪59‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫القادر املشرفي و محمد بن عبد هللا سقط خالل ق‪02‬م ثم ورث هذه املهنة أبوحامد‬
‫‪1‬‬
‫محمد العربي بن عبد القادر املشرفي –ت‪.‬عام ‪0121‬م‪.-‬‬

‫كما تم التداول على هذه املهنة بإقليم الزيبان بين الصادق بن مصطفى البسكري–ت‪.‬‬
‫عام ‪0112‬م‪ -‬و أحمد بن محمد الوانجي الهجرس ي اإلدريس ي الحسني خالل ق‪02‬م‬
‫ناهيك عن عبد الحفيظ بن محمد الخنقي مقدم الطريقة الرحمانية –ت‪0111.‬م‪ -‬وكذا‬
‫محمد ابن أحمد بن عزوز البرجي الذي أسس زاوية على الطريقة الرحمانية –‬
‫ت‪0101.‬م‪2.-‬‬

‫وشهدت بالد الزواوة تداوال على التدريس والفقه والتصوف ففي ق‪01‬م تولى هذه‬
‫املهام بهذه املنطقة الحسين بن يحي بن أحمد الشريف وورثها عنه محمد بن الحسين بن‬
‫يحي الورتالني خالل ق‪01‬م كما ورثها محمد الصغير بن رقية – ت‪0111.‬م‪ -‬و الحسين‬
‫بن محمد‬

‫السعيد الورثيالني‪ -‬ت‪0112.‬م وتوالها كذل ـك الحسن بن أحم ـد زروق بن مصبـ ـاح و‬
‫حسين بن محمد صالح و محمد بن علي الشالطي ابن علي الشريف كما توالها السعيد بن‬
‫عبد الرحمن بن أبي داود –ت‪0141.‬م‪ -‬و أبوالقاسم بن السعيد بن عبد الرحمن بن أبي‬
‫داود – ت‪ 0121.‬وهم رجال دين على الطريقة الرحمانية‪.3‬‬

‫إن ظاهرة إحتكار املناصب وتداولها تعد اسـتـثـنـاء بين عدد من أفراد األسر النخبوية‬
‫الذين أشرنا إليهم في الجداول رقم ‪19‬و‪12‬و‪ 14‬فقد هيأت الظروف لسيطرة الطبقية‬
‫على املحليين ويعود ذلك خصوصا إلى قرار السلطة التي كانت تحرص على حصر‬

‫‪ -1‬أنظر امللحق رقم ‪15‬‬


‫‪ -2‬أنظر امللحق رقم ‪15‬‬
‫‪ -3‬أنظر امللحق رقم ‪15‬‬
‫‪60‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫احتكارهذه املناصب لدى أبناء الوجهاء والشرفاء من العائالت التي قمنا برصدها في‬
‫الجداول‪.1‬‬

‫وتسمح لنا املعطيات العلمية التي خرجنا بها باإلشارة إلى الظروف اإلقتصادية‬
‫العامة التي مرت بها اإليالة في السنوات التالية‪ 0191 :‬و‪0191‬‬
‫و‪0191‬و‪ 0124‬و‪ 0122‬و‪ 0149‬و‪0111‬و‪0119‬و ‪ 0114‬و ‪0111‬‬
‫و‪0119‬و‪ 0111‬حيث شهدت فترات األزمة السياسية واإلقتصادية‪ 2‬وكان يطلق عليها‬
‫بسنوات املجاعة و الوباء إذ تفش ى فيها الطاعون‪ 3‬واشتد الغالء املعيش ي‪.‬و لن نجانب‬
‫الحقيقة إذا قلنا بأن هذه الظروف صرفت العامة عن العديد من الجوانب الثقافية‬
‫كتلقي املعرفة واإللتحاق باملدارس اإلسالمية التي كانت تسعى للبحث عن لقمة العيش‬
‫فاألوضاع املادية الصعبة و املتدنية التي كان يعيشها أغلبهم أدىت إلى تقلص عدد النخب‬
‫الثقافية آنذاك‪ ،‬فالتدهور اإلقتصادي من شأنه أن يؤدي إلى ضعف اإليرادات الهامة التي‬
‫عادة ماكانت السلطة تعمل على جمعها وأهمها الضرائب مما من شأنه أن يؤدي إلى‬
‫تقليص الثراء لدى بعض الفئات اإلجتماعية التي غالبا ماكانت تربطها عالقة بالسلطة‬
‫خاصة الشرفاء من أبناء القبائل واألسر النخبوية‪ .‬فمساهمة هؤالء في مساعدة السلطة‬
‫في مأل خزينة الدولة تجعل هذه األخيرة تعمل على إعطاء وزن إجتماعي هام لهؤالء ومنها‬
‫جعل املناصب الدينية واإلدارية الراقية حكرا عليهم‪.‬‬

‫ولإلشارة فإن فترة حكم الداي محمد بن عثمان باشا‪ 4‬كانت فترة لتجلي عدد كبير من‬
‫النخب التي لعبت دورا أساسيا في إرتقاء املناصب الراقية في السلطة و تنشيط الحركة‬

‫‪ -1‬أنظر امللحق رقم ‪15‬‬


‫‪ -2‬يقول مسلم بن عبد القادر في شأن ذلك " وقع الغالء في القمح مدة ست سنوات ووقعت مسغبة عظيمة حتى أكل‬
‫الناس امليتة" أنظر مسلم بن عبد القادر الوهراني‪ – .‬أنيس الغريب واملسافر‪ ،‬مقدمة وتعليق رابح بونار‪ .‬الشركة‬
‫الوطنية للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،5112 ،‬ص‪.35 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Jean Marchika, La peste en Afrique septentrionale: Histoire de la peste en‬‬
‫‪Algérie de 1363 à1830, julien carbonal, Alger 1927, P .24.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Gorguos. A, Notice sur le Bey d’Oran, Mohammed el Kebir, revue‬‬
‫‪Africaine, Articles N°7, 1857, p.28‬‬

‫‪61‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫العلمية وإثراء الكتابة التاريخية و األدبية وكذا نظم القصائد الشعرية وهذا كذالك راجع‬
‫لإلستقرار السياس ي التي عرفتها عهدته‪ 1‬وكذا الرخاء اإلقتصادي الذي شهد دخول‬
‫إيرادات معتبرة إلى الخزينة املالية للدولة مما كان من شأنه اإلنصراف إلى الجانب الثقافي‬
‫وترسيخ حالة اإلزدهار املعرفي‪.‬‬

‫وبالتالي فإن العوامل التي أثرت في تجلي وتشكيل العناصر املكونة لفئة النخب الثقافية‬
‫آنذاك شهدت متغيرات غير ثابتة ألن أغلب الفئات كان تواجدها مؤقت تتحكم فيه‬
‫ظرفيات معينة كإغتيال بعض الفئات الهامة من طرف السلطة‪ 2‬أو عزلها من مناصبها‬
‫حال تدخلها في األمور السياسية للدولة مثلما أشار إليه ‪ Laugier de Tassy‬مثلما‬
‫هو الحال بالنسبة ألحمد بن سعيد بن ابراهيم قدورة الذي ربط وظيفته بالسياسة بدار‬
‫السلطان وقد كان مفتي املالكية فحكم عليه الداي محمد بكداش باالعدام سنة‬
‫‪0111‬م‪ .‬بعدما سجنه رفقة أشقائه أحمد وعالل‪.3‬‬

‫كما أن تولية منصب اإلفتاء كانت قد عرفت اضطرابا سياسيا وهذا ما أورده ابن املفتي في‬
‫تقييداته عن تولي عائلة ابن العنابي لهذا املنصب ولكن سرعان ما تتابعت عملية عزلهم‬
‫مرات عديدة حيث تواله حسين بن محمد العنابي وعزله الداي بكداش بعد أن مكث فيه‬
‫ثالث سنوات ثم تواله للمرة الثانية بعد تولية كل من محمد النيار وحسين خوجة الطوبال‬
‫لكنه عزل كذلك من طرف الداي دالي إبراهيم ليتواله للمرة الرابعة وطالت مدة توليته‬
‫للمنصب في مرته الرابعة ثالث سنوات إلى أن توفي عام ‪0121‬م‪ .4‬وكان قد تواله قبل‬
‫املفتي حسين أيضا الجد األكبر البن العنابي مصطفى بن رمضان‪ 5‬فارتفاع مؤشر اإلغتيال‬

‫‪1‬‬
‫‪- Voir Gorguos. A, op, cit, N05 et 06 du Volume I, 1856, pp.403-463.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Laugier de Tassy, Histoire du royaume d'Alger, un diplomate français à‬‬
‫‪Alger en 1724, revue d’histoire Outre-Mers, Année 1994, N°302, p.p. 111-‬‬
‫‪112.‬‬
‫‪ -3‬أنظر عادل نويهض‪ ،‬معجم أعالم الجزائر‪ ،‬مؤسسة نويهض الثقافية‪ ،‬بيروت‪ ،5131،‬ص‪.211‬‬
‫‪ -4‬أنظر تقييدات ابن املفتي‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ -11‬ص‪.12‬‬
‫‪ -5‬أبوالقاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪62‬‬
‫التمثالت اإلجتماعية‬ ‫الفصل األول‬

‫أو العزل من املناصب الدينية السامية كاإلفتاء و القضاء و غيرها هو أهم مؤشر الرتفاع‬
‫أو تناقص عدد النخب في فترة الدايات‪.‬‬

‫وبالتالي فإن املقاربة البنائية التي قمنا بها تستند بصفة خاصة إلى جرد عينة من أفراد‬
‫األسر النخبوية التي وقع عليها اختيارنا‪ ،‬إذ حاولنا قدر املستطاع تمثيلها إحصائيا وفق‬
‫تصوراتنا املنهجية وهذه املمارسة اإلحصائية هي قليلة الشيوع عند الباحثين لكنها مفيدة‬
‫جدا إذا كان الباحث حنكا وحذرا ودقيقا في استقراء املصادر والنصوص وفي إطار ذلك‬
‫نشير أننا ألغينا عددا من األفراد النخبوية الذين رصدتهم املصادر بسبب عدم إخضاعها‬
‫أثناء تناولها لها للمقاربة الكرونولوجية لهذا لم نخاطر في ضمها إلى هذه العينة التي‬
‫تحدثنا عنها اآلن في انتظار أن تخضع للتحقيق‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫املبث مالثاينم‬
‫ل‬
‫اممتثـــالتمالثقافيةمم‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -II‬التمثـ ــالت الثقافي ـ ــة‬

‫من البديهي جدا‪ ،‬أن كل تمثل ثقافي لفئة النخبة بإيالة الجزائر يحيلنا مباشرة إلى‬
‫الحديث عن إسهاماتها الثقافية و طالئعها الوظائفية ناهيك عن أهم الشخصيات البارزة‬
‫في هذا اإلسهام و التي طمحت من خالله إلى تحقيق نظام سياس ي واجتماعي متوازن كما‬
‫قرروه في إنتاجاتهم املعرفية‪.‬‬

‫وكمـا أن أي حديث عن دورها الثقافي في اإليالة‪ ،‬إال ويكون موضوعه األسماء‬


‫الالمعة التي كانت املحرك األساس ي لها وهذا ماسنتطرق إليه من خالل رصدنا للفئات‬
‫الثقافية الفاعلية في فترة الدايات‬

‫‪ -1‬فئة املؤرخين‬

‫يقتض ي منا الحديث عن هذه الفئة اإلشارة إلى أن الخلفيات الفكرية التي بنى عليها‬
‫املؤرخون تصوراتهم أثناء كتاباتهم في تلك الفترة انطلقت من أبعاد دينية‪ ،‬ذلك أننا نجد‬
‫أن األعالم الذين تميزوا في هذا املجال أغلبهم متصوفة ورجال دين وكثيرا ما اتصل التاريخ‬
‫عندهم باألدب ذلك ملا ورد في تآليفهم من صيغ أدبية وسجع في سرد األخبار ورصد‬
‫الوقائع والسير ثم أن املرجعيات التاريخية التي تراكمت خالل فترات مختلفة بين القرنين‬
‫‪ 01‬و ‪01‬م والتي سنشير إليها الحقا تدفعنا إلى استقراء التوجهات الفكرية لثلة من‬
‫النخب التي كتبت ألحداث فترة الدايات أو غيرها من الفترات التي سبقتها وضبط الغاية‬
‫منها و التي أساسها أن التاريخ آنذاك " كان تاريخا لكبار السياسيين"‪ 1‬إذ أن الذهنية‬
‫الجزائرية في ظل الحكم العثماني لم ترق إلى مستوى فهم األسس البنائية لهذا العلم‪ ،‬ولو‬
‫أن رجال الفكر أو النخب قد خلفوا لنا رصيدا من املرجعيات لكنها صنفت بتسميات‬
‫مختلفة كأدب الرحالت والتراجم والسير وغيرها و يعتبر أبو راس الناصري أول من حاول‬
‫الخروج من الحدود الضيقة التي وضع أساسها علماء تلك الفترة وأعطى للتاريخ بعدا‬

‫‪ -1‬وردت العبارة عند أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪582‬‬
‫‪64‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫واسعا في كتابه "الحلل السندسية في شأن وهران و الجزيرة األندلسية"‪ 1‬ولو أنه عبارة‬
‫عن منظومة شعرية سينية تقع في حوالي ‪ 030‬بيت سعى من خاللها إلى التأريخ للمؤرخين‬
‫املسلمين لكنه على األقل استطاع أن يكسب الصفة العلمية لهذا التوجه‪ ،‬ملا كتبها تخليدا‬
‫لفتح مدينة وهران سنة ‪0129‬م‪ ،2‬وتجدر اإلشارة أنه تالها شرح لها بالفرنسية صنفها‬
‫‪ 3Général G. Faure-Biguet‬فالتمثل الثقافي ملؤرخي هذه الفترة لتاريـخ الجزائر‬
‫في الحديث كما قدمته بعض الصيغ التأليفية لديهم هو تمثل قائم على التحوالت‬
‫السياسية و األحداث الكبرى التي استندوا عليها كثيرا في عناوين كتاباتهم‪ ،‬إذ كان حادث‬
‫فتح وهران من األحداث الكبرى‪ 4‬التي حملت دالئل مقدسة في نفوس الذين سجلوه‪ ،‬فإلى‬
‫جانب أبي راس جاءت قبل ذلك أرجوزة ابن أحمد الحلفاوي التي شرحها له تلميذه‬
‫الجامعي‪ 5‬مدحا للفتح األول لوهران‪ ،6‬حيث جاء في قسمها األول نظم شعري حول فترة‬
‫حكم محمد بن علي بكداش داي الجزائر يقول فيه‪:‬‬

‫ملا أراد هللا بالدين جال***عن أرض وهران بني الكفر جال‬

‫أقامه محل من أقامه***ولقضـ ـ ــاء عنـ ـ ـ ــده أقام ـ ــه‬

‫‪ -1‬أبو راس محمد الناصري‪ ،‬الحلل السندسية في شأن وهران و الجزيرة األندلسية‪ ،‬مع الترجمة إلى الفرنسية للجنرال‬
‫فوربيقي‪ ،‬مطبعة بيير فونتانا‪ ،‬الجزائر‪ ،5118،‬ص‪.81‬‬
‫‪ -2‬مرت فترة الحكم العثماني لوهران على مرحلتين‪ .‬تبدأ الفترة األولى من سنة ‪ 5113‬إلى سنة ‪ 5182‬أما الفترة الثانية‬
‫فمن سنة ‪ 5112‬إلى سنة ‪ 5381‬وهذه األخيرة بدأت بعد توقيع اإلسبان التفاقية التنازل عن املدينة وبذلك فتحها‬
‫محمد بن عثمان الكبير عام‪ 5112‬ويطلق عليه من قبل املؤرخين بالفتح الثاني‪ ،‬أنظر يحي بوعزيز‪ ،‬مدينة وهران عبر‬
‫التاريخ‪،‬ط‪ ،2‬دار الغرب للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2112،‬ص‪.211‬‬
‫‪ -3‬الشرح جاء تحت عنوان ‪Les vêtements de soie fine au sujet d’Oran et de la‬‬
‫‪ ،péninsule espagnole‬ن‪.‬م‪ ،‬ص‪29‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Géneral G. Faure-Biguet, Histoire de l’Afrique septentrionale sous la‬‬
‫‪domination Musulmane, ed Henri charles-la vauzelles,paris,p.411.‬‬
‫‪ -5‬اسمه الكامل أبو زيد عبد الرحمن الجامعي الفاس ي رحالة مغربي زار الجزائر‪ ،‬واهتم كثيرا لرجز شيخه الحلفاوي‬
‫مفتي تلمسان الذي نظمه في أحداث الفتح األول ملدينة وهران عام (‪ 5111‬ـ ‪ 5113‬م) حيث تشير الروايات التاريخية‬
‫أن الحلفاوي قد طلب من الجامعي أن يقوم بشرح أرجوزته نثرا فشرحها وأضاف إليها معطيات تاريخية عن السلطان‬
‫العثماني أحمد األول (‪ 5118‬ـ ‪ 5188‬م) الذي تم الفتح في عهده‪.‬‬
‫‪ -6‬مخطوط شرح أرجوزة الحلفاوي في فتح مدينة وهران‪ ،‬املكتبة الوطنية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬رقم‪ ،2125‬وهي في حوالي ‪ 12‬بيتا‬
‫موزعة على ‪ 11‬ورقة‪ ،‬أنظر امللحق رقم‪11‬‬
‫‪65‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫فكان خيرة وخيرا ومنى***وجلب نفع دائم ومأمنا‬

‫فلم يكن فيه مجال للورى***وإن تسل عن شرحه قل المرا‬


‫هو دولة الحبر محمد بكدش***تاريخها طبق محمد بكدش‪1‬‬

‫وجاء تأليف عبد القادر املشرفي ‪0029‬ه‪0111/‬م) الذي سماه "بهجة الناظر في‬
‫أخبار الداخلين تحت والية اإلسبانيين بوهران كبني عامر"‪ 2‬و الذي عبر فيه عـن النزاعات‬
‫التي وقعت بين املؤيدين لإلحتالل والداعمين له وبين املعارضين من املقاومين‪ ،‬والذي‬
‫نلمسه عند هذا املؤرخ أنه قسم هذا الكتاب إلى ثالثة أقسام ففي القسم األول يذكر‬
‫اإلسبان و أصلهم و موطنهم وفي الثاني يرصد قبائل بني عامر و أصلهم و نسبهم و موطنهم‬
‫ثم يوضح الحكم الشرعي بالنسبة ملن وقف من بني عامر بجانب اإلسبان و بقي متعاونا‬
‫معهم أو تاب توبة نصوحا حيث يرى املؤرخون املستحدثون أن هذا الكتاب هو من‬
‫الرسائل التي مهدت لفتح وهران الثاني‪.3‬‬

‫و تعتبر نشاطات باشوات الجزائر ووالتها وأعمال الدايات من أولى املواضيع التي‬
‫امتدت إليها تآليف املؤرخين أوكتابهم أو مرافقيهم فيها حيث برز ابن ميمون وهو من‬
‫النخب الذين ركزوا اهتمامهم في كتابه الذي سماه " التحفة املرضية في الدولة‬
‫البكداشية"‪ 4‬على سيرة الداي بكداش فاتح مدينة وهران عنوة و قدم وصفا دقيقا‬

‫‪ -1‬مصدر سابق‪ ،‬الورقة ‪51-2‬‬


‫‪ -2‬املشرفي عبد القادر بن عبد هللا بن محمد الغريس ي‪ ،‬بهجة الناظر في أخبار الداخلين تحت والية االسبان بوهران‬
‫من األعراب كبني عامر‪ ،‬تحقيق الدكتور محمد بن عبد الكريم‪ ،‬منشورات دار مكتبة الحياة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬بدون‬
‫سنة طبع‪.‬‬
‫‪ -3‬عبد القادر املشرفي‪ ،‬بهجة الناظر في أخبار الداخلين تحت والية اإلسبانيين بوهران كبني عامر‪ ،‬مقتبس من املجلة‬
‫اإلفريقية‪ ،‬أنظر‪:‬‬
‫‪Notice historique sur les arabes soumis aux espagnoles pendant‬‬
‫‪leuroccupation d’Oran, traduit par Marcel Bodin,revue Africaine,2éme‬‬
‫‪trimestre,N°319,1924,p.196.‬‬
‫‪ -4‬ابن ميمون محمد‪ ،‬التحفة املرضية في الدولة البكداشية‪ ،‬تحقيق محمد بن عبد الكريم‪ ،‬ط‪،2‬الشركة الوطنية‬
‫للنشرو التوزيع‪ ،‬الجزائر‪5135 ،‬‬
‫‪66‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫للمعارك التي دارت بين اإلسبانيين و الجزائريين‪ 1‬جالبا عدة قصائد شعرية أنشدها‬
‫الشعراء خالل املعركة حيث عمل كذلك على جرد وتسجيل قصائد شعراء فترة الدايات‪،‬‬
‫و يبقى إسهامه ذا أهمية بالغة ألنه يتعلق بمرحلة زمنية حاسمة وبذلك أعطى للتاريخ ميزة‬
‫خاصة وربطه بالسياسة رغم تخوف معاصريه من الكتابة في هذا املجال وبالرغم من ذلك‬
‫نجده جريئا جدا بنعت بعض الدايات بصفات بذيئة كنعته للداي مصطفى بالظالم‬
‫واملستبد وكذا ثناءه على آخرين ملا اتسموا به من أخالق رفيعة كثناءه على الداي حسين‬
‫خوجة الشريف‪2‬‬

‫وبصورة مركزة حول هذه النقطة فإن رسالة ابن رقية التي حملت عنوان " الزهرة‬
‫النيرة فيماجرى في الجزائر حين أغارت عليها جنود الكفرة"‪ 3‬جاءت لتؤرخ للغزو اإلسباني‬
‫على الجزائر ومدى قوة السلطة في رد هذا الغزو والقضاء عليه وال نبالغ إذا قـلنا أن هذه‬
‫الرسالة هي مرجعـية أساسية في رصد أوضاع الجزائر السياسية خالل هذه الفترة‪ 4‬خاصة‬
‫وأن ابن رقية كتبها بأمر من الباي محمد بن عثمان الكبير‪ ،‬كما دون ابن سحنون‬
‫الراشدي الذي كان الكاتب الخاص للباي أرجوزة في وصف فتح مدينة وهران‪ 5‬وطرد‬
‫اإلسبان منها على يد الباي محمد الكبير في كتابه ثغر الجماني ورد فيها‪:‬‬

‫ياأيها الليث الهزبراملتقى***وأجل مختار من األخيار‬

‫أبشر فثغر الفتح أصبح باسما***يثني عليك بريه املعطار‬

‫‪ -1‬تولى منصب الداي بعدما تمت تنحية الداي حسين خوجة الشريف‬
‫‪ -2‬ابن ميمون محمد‪ ،‬التحفة املرضية في الدولة البكداشية‪ ،‬تحقيق محمد بن عبد الكريم‪ ،‬ط‪،2‬الشركة الوطنية‬
‫للنشرو التوزيع‪،‬الجزائر‪،5135،‬ص‪.58‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Alphonse Rousseau, chronique de la régence d’alger, traduite par‬‬
‫‪manuscrit arabe intituléEl Zohrat-El-Nayerat- imprimerie du gouvernement,‬‬
‫‪alger,1841,p.214.‬‬
‫‪ -4‬كمثال على دلك أنظر‪ ،‬علي بن العيفاوي‪ ،‬البعد الروحي في فتح مدينة وهران سنة ‪ ،5112‬مجلة الناصرية‪ ،‬املجلد‪3‬‬
‫العدد‪ ،5‬جامعة معسكر‪ ،2151-2152،‬ص‪.212-235‬‬
‫‪ -5‬الراشدي أحمد ابن سحنون ‪ ،‬الثغر الجماني في ابتسام الثغر الوهراني‪ ،‬تحقيق الشيخ املهدي البوعبدلي‪،‬ط‪،5‬‬
‫عالم املعرفة للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪2158،‬‬
‫‪67‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫ولوامع النصر املبين تكاثرت***حتى كستك أشعة األنوار‬

‫طهرت هذا القطر من دون الردى***ورفعته عن سائر األقطار‬

‫وانطالقا من هذا النوع من األعمال ظلت عالقة هذه الفئة بالتاريخ عالقة جزئية مترابطة‬
‫من حيث اإلخبار و شروحات األراجيز وكذا املنظومات الشعرية‪ ،‬وفي هذا السياق تبرز‬
‫أسماء المعة كان لها أكبر األثر على شرح الفنون الشعبية التي كان يتداولها األفراد باإليالة‬
‫نظرا ملا تحمله من غرابة في األلفاظ والصيغ التي كتبت بها فمن املؤكد علميا أن عدد كبير‬
‫من النخب التي كتبت في هذا املجال قد شاعت في كتابة مايطلق عليها باألراجيز فأرجوزة‬
‫بن عبد هللا التوجيني التي سماها "عقد الجمان النفيس في ذكر األعيان من أشراف‬
‫غريس"‪ 1‬هي مخطوط ألهم أنساب العلماء الذين تتلمذ على يدهم التوجيني‪ ،‬وقد وضع‬
‫عليه أبو راس الناصري شرحين سماهما " شرح العقد النفيس في ذكر األعيان من أولياء‬
‫غريس" و " شرح الجمان للشيخ عبد الرحمن" وشرحها كذلك محمد الجوزي املزيلي‬
‫وسماها " فتح الرحمن بشرح عقد الجمان"‪.2‬‬

‫ومن جهة أخرى برزت مجموعة أخرى كتبت عن النعرات القبلية التي حدثت مع‬
‫مطلع القرن ‪01‬م والصراع على األرض في شكل روايات شعبية و أساطير ذات خطاب‬
‫محلي مثل بن عمر العدواني الذي سماه " كتاب األخبار في القصص على نسب بعض‬
‫األوطان وعارة سوف وأجوبة على مسائل وفوائد شتى"‪ 3‬والذي قدم له وحققه أبوالقاسم‬
‫سعد هللا وهو يضم أخبار هامة عن األوضاع السياسية التي وقعت في تلك الفترة ألنه‬
‫يؤرخ لحياة القبائل التي استوطنت الجنوب الشرقي من الجزائر وتصاعد الصراع بينها‬
‫حول الواحات واملراعي وكذا آبار املياه في مناطق منعزلة عن نظام السلطة وكينونتها‬

‫‪ -1‬أنظر عبد الرحمن بن عبد هللا التوجيني‪ ،‬عقد الجمان النفيس في ذكر األعيان من أشراف غريس‬
‫"ق‪55‬هـ‪/‬ق‪51‬م"‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الخليل القاسمي‪ ،‬الجزائر‪ ،2111 ،‬ص‪.82‬‬
‫‪ -2‬نفس املصدر‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ -3‬محمد بن محمد بن عمر العدواني‪ ،‬كتاب األخبار في القصص على نسب بعض األوطان وعارة سوف وأجوبة على‬
‫مسائل وفوائد شتى‪ ،‬تحقيق أبوالقاسم سعد هللا‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪،5113،‬ص‪.813‬‬
‫‪68‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫ونذكر من بين هذه املناطق واد سوف والزيبان والجريد ونواحي تبسة‪ ،‬فاملجال الذي كان‬
‫موضوع الدراسة عند العدواني كان تكريسا لسلطة قبلية بدوية بعيدة عن األراض ي التي‬
‫امتدت إليها سلطة الحكم العثماني‪.‬‬

‫فمن حيث هذه املرجعيات املقدمة أمامنا‪ ،‬نجد أنها كانت بمثابة القنوات التي‬
‫ساعدت على خلق نوع من التحول الثقافي في صنع األفكار بغرض التأثير على مختلف‬
‫الطبقات اإلجتماعية فهي قدمت لنا وصفا دقيقا للوقائع التي حدثت فترة الدايات من‬
‫حيث أنها دلت على النشاط الذي يصف مجموعة من األداءات السلوكية التي قام بها‬
‫الدايات وأعيانهم تخليدا النتصاراتهم ضد اإلسبان وصنع العظمة في أذهان سكان اإليالة‪،‬‬
‫ثم أن توفر هذا الكم الهائل من املرجعيات من أراجيز ومنظومات شعرية أو كتابات‬
‫موصوفة جاء وفقا للطلبات الواردة من السلطة خاصة الباي محمد الكبير‪ 1‬الذي كان‬
‫يطالب كتابه دائما ومرافقوه بتخليد مآثره وسنشير إلى ذلك بنوع من التفصيل أثناء‬
‫تطرقنا ملوضوع أدب الرحالت ونجد أن هذه اإلنتاجات تتفاوت شكال ومضمونا فهي تظهر‬
‫تارة على شكل أدب وتارة أخرى خطاب ديني وغالبا تأتي على شكل منظومات شعرية كما‬
‫سبق وأسلفنا‪.‬‬

‫فهي لم تتجاوز اإلطار الوصفي و السردي وتعتمد على نخب مقربة من السلطة حتى‬
‫ترض ي أهواء من طالب بها‪ ،‬ومن األمثلة على ذلك مدح الحلفاوي في أرجوزته للداي‬
‫بكداش ومدح ابن سحنون للباي محمد الكبير فهذه املرجعيات هي متوارثة بين نخب‬
‫عديدة فرضتها الظروف السياسية‪ ،‬العسكرية و املحلية خاصة وأنها تنساق في استعراض‬
‫رابطة قوية بين جزائريين وعثمانيين واستعراض توتر العالقة بين دولتين متصارعتين‬
‫الجزائر وإسبانيا مبينين الدور الذي لعبته السلطة في الحد من هذا التوتر وإنهاء مشكلة‬

‫‪ -1‬من أهم انجازات الباي محمد بن عثمان الكبير هي الفتح الثاني ملدينة وهران ضد االحتالل االسباني‪ 5112‬أنظر‬
‫ترجمة وافية عنه عند أبي راس الناصري املعسكري‪ ،‬عجائب األسفار ولطائف األخبار‪،‬ص‪21‬‬
‫‪69‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫الغزو األجنبي على السواحل الجزائرية و خاصة وهران على مرحلتين‪ ،1‬مما ساهم في تدفق‬
‫الكتابات دون توقف‪ ،‬وفي واقع األمر‪ ،‬إن هذه الفئة جعلت كتاباتها برأيي‪ ،‬تحتل مكانة‬
‫أساسية في نظر السلطة ألنها تجلت في صناعة النخبة السياسية وصناعة العظمة بشكل‬
‫تلقائي‪.‬‬

‫‪ -2‬فئة األدباء و الشعراء‬

‫يمكن التمييز بين أكثر من اتجاه في تمثالتنا لفئة األدباء والشعراء‪ 2‬الذين ذاع‬
‫صيتهم في أواخر العهد العثماني‪ ،‬وذلك ألن نوع اإلنتاج الفكري الذي ضبطناه في كتاباتهم‬
‫يختلف من شخص إلى آخر فمنهم من يكمن منتوجه في التطلع إلى إندماج األعراب من‬
‫القبائل في نظام السلطة العثمانية‪ ،‬ومنهم من يكمن أصل إنتاجه في املناظرات العلمية‬
‫التي جرت بينه وبين بقية العلماء من مختلف األمصار‪ ،‬ومنهم من اتخذ منتوجه عرضا‬
‫لسيرته الذاتية وترجمة ملشايخه الذين تتلمذ على يدهم‪ ،‬ومن هنا سنورد هذه التوجهات‬
‫التي حددت طبيعة العالقة بين النخب الثقافية والسلطة العثمانية في فترات متفاوتة‪.‬‬

‫أ‪ -‬أدباء الرحلة‬

‫حسب ماتورده لنا الدراسات الحديثة فإن األدب كان منحصرا في كتب الرحالت‬
‫التي كانت بمثابة تقييد لحركية السلطة السياسية وحياة العامة في كل زمان ومكان‪،‬‬
‫وبحكم تقرب أدباء الرحلة من السلطة أضحى إنتاجهم مصدر لكل الوقائع والظواهر‬
‫والحقائق التاريخية ملجتمعات تلك الفترة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Gregorio Sánchez Doncel, Presencia de España en oran (1509-1792),‬‬
‫‪Seminario conciliar, 24 de enero 1991, Estudio Teologico de san Ildefonso,‬‬
‫‪Toledo,1991,p.p783-868.‬‬
‫‪ -2‬لتفصيل أكثر أنظر مسعودي مباركة‪ ،‬صورة العثماني في الشعر الجزائري القديم‪ ،‬مجلة تاريخ العلوم‪ ،‬املجلد ‪11‬‬
‫العدد ‪ ،2‬جامعة زيان عاشور الجلفة‪ 51 ،‬جانفي ‪ ،2151‬ص ‪.212-225‬‬

‫‪70‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫وعلى الرغم من إعطاء تلك الدراسات لألدب صورة سلبية في هذا املجال‪ ،‬إال أن كتب‬
‫الرحالت في رأينا كانت رصيد مهم هدف رواده إلى رصد التحوالت النوعية التي عرفتها إيالة‬
‫الجزائر في أواخر الحقبة العثمانية‪.‬‬
‫ونؤكد أن أدباء الرحلة اعتكفوا على الرحلتين الجهادية و الرسمية إذ تجسدت‬
‫هذه األخيرة في رحلة ابن هطال التلمساني‪ 1‬التي رصد من خاللها الصراع الداخلي الذي‬
‫كان بين الباي محمد الكبير و قبائل الجنوب الصحراوي‪2‬‬

‫إن الباي محمد الكبير‪ 3‬هو من النخب الثقافية والسياسية الذين تولوا سلطة‬
‫بايلك التيطري فقاوم في الجيش العثماني و حض ي بمكانة راقية التي عرفتها الجزائر في‬
‫سيرته الجهادية والعلمية‪ ،‬إذ أنه من البايات الذين عكفوا على تشجيع كتابة وتدوين‬
‫عدد كبير من الكتب النفيسة في عصره ‪0121-0112‬م وبناء مدارس للطلبة‪. 4‬‬

‫‪ -1‬هو مستشار‪ ،‬وكاتب محمد الكبير باي الغرب الجزائري ‪ ،‬ودبلوماس ي‪ ،‬ومحارب عاش فترة القرن الثامن عشر‪.‬‬
‫‪ -2‬ابن هطال التلمساني‪ ،‬رحلة محمد الكبير باي الغرب الجزائري إلى الجنوب الصحراوي الجزائري ‪ ،5131‬حررها‬
‫وقدم لها محمد بن عبد الكريم‪ ،‬املؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،2004 ،‬ص‪.521‬‬
‫‪ -3‬اسمه الكامل هو الباي محمد بن عثمان بن ابراهيم الكردي وشاع عنه اسم الباي محمد الكبير‪ ،‬كان واليا على‬
‫بايلك الغرب بإيالة الجزائر من ‪ 21‬جمادى الثانية‪5518‬هـ‪/‬جوان‪ 5111‬إلى ‪ 21‬جمادى األولى‪5252‬هـ‪ /‬نوفمبر ‪5111‬م‪،‬‬
‫أنظر‪:‬‬

‫‪Féraud, L.-Charles, Éphémérides d’un secrétaire officiel sous la domination‬‬


‫‪turque àAlger. De 1775 à1805, Revue africaine, Rubrique: Articles N°106,‬‬
‫‪1874,p.313.‬‬

‫‪ -4‬تحدث عن الباي محمد الكبير ابن هطال التلمساني و ابن زرفة وأبوراس الناصري كما تحدث عن إنجازاته بن‬
‫عودة املزاري ومحمد يوسف امللياني ناهيك عن محمد بن يوسف الزياني كما وردت سيرته في مخطوط ملؤلف مجهول‪.‬‬

‫أنظر‪ :‬مؤلف مجهول‪ ،‬مخطوط نبدة سيرة الباي محمد الكبير‪ ،‬باي معسكر‪ ،‬فاتح ثغر وهران‪ ،‬املكتبة الوطنية‬
‫الفرنسية‪ ،‬رقم‪ 2331،52‬ورقة‪ ،‬تم جرد عنوان املخطوط باللغة الفرنسية كاآلتي‪:‬‬

‫‪Abrégéde l''histoire du bey Mohammad al-Akhal et de la conquête d'Oran sur‬‬


‫وقد تضمن أعمال الباي محمد الكبير في جميع املجاالت الثقافية و السياسية والعسكرية‪les Espagnols‬‬

‫أنظر امللحق رقم ‪13‬‬

‫‪71‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫وما تقدم أمامنا فإن شهادة ابن الهطال تبدو ذات قيمة تاريخية هامة‪ ،‬إذ خص‬
‫صفحات كتابه يسرد فيها أهم الغارات التي وجهها ضد القبائل املعادية له‪ ،‬وقد أعطى لها‬
‫بعدا سياسيا وتنظيميا استراتيجيا لدرء خطر هذه القبائل ملا نزح من معسكر مرورا بجبل‬
‫عمور و البيضاء وآفلوا و الطويلة إلى أن وصل األغواط ودخلها بقوة‪ ،1‬حيث اتخذ ابن‬
‫الهطال في سرده لرحلة الباي محمد الكبير طابعا رسميا ألن األصل في الصراع داخل إيالة‬
‫الجزائر بين السلطة والقبائل املعارضة لها كان له أهداف سياسية‪ ،2‬ففي الوقت الذي‬
‫كانت فيه بعض النخب مؤيدة لهذا الوجود شاع إظهار الشقاق له من طرف عدد كبير من‬
‫القبائل وعلى رأسهم قبائل جنوب الصحراء‪ ،‬فقد كان " الخروج عن قوانين السلطة " هو‬
‫املحوراألساس ي الذي دفع الباي إلى أن يجهز جيوشه ويتنقل إلى جنوب الصحراء ليتم‬
‫إخضاعها لسلطته بعد غاراته عليها‪.‬‬

‫وبالتالي فإن رحلة ابن الهطال تؤسس ملرجعيىة تاريخية رمزية أساسها الوجود‬
‫العثماني أمام تمرد األعراب من القبائل‪.‬‬

‫وإلى جانب رحلة ابن الهطال برزت رحلة ابن زرفة‪ 3‬وهي من الرحالت الجهادية‬
‫التي لها صلة بالرحلة الرسمية والتي سبقت اإلشارة إليها‪ ،‬فنظرتنا لهذا الرصيد تستجلي‬
‫الدفين بين طيات صفحاته حيث قسمها إلى مقدمة و أربعة فصول‪ 4‬وهي تقييد حول‬

‫‪ -1‬ابن هطال التلمساني‪ ،‬نفس املصدر‪ ،‬ص ‪.53‬‬


‫‪ -2‬الدافع لكتابة ابن هطال للرحلة كان دافعا سياسيا حيث استجاب لرغبة الباي محمد الكبير الذي طلب منه‬
‫تدوين وقائع غزوته على القبائل الصحراوية املتمردة‪ ،‬أنظر‪،‬الطاهر حسيني‪ ،‬الرحلة الجزائرية في العهد‬
‫العثماني‪،‬أطروحة مقدمة لنيل درجة دكتوراه في األدب العربي‪ ،‬إشراف العيد جلولي‪ ،‬كلية اآلداب و اللغات‪ ،‬قسم‬
‫اللغة و األدب العربي‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2152/2158‬ص‪.222‬‬
‫‪ -3‬هو الشيخ مصطفى بن عبد هللا بن عبد الرحمن الدحاوي بن محمد املدعو سيدي أحمد وشاع باسم ابن زرفة‪،‬‬
‫ألحقه الباي محمد الكبير بديوانه عام ‪5512‬ه ـ وجعله من املقربين إليه‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Mous Latif,. Estudio del manuscrito árabe de Mústafa Idn Adb Allah Al‬‬
‫‪Dahawi sobre la liberación de Orán en el siglo XVIII, Tesis se doctorado,‬‬
‫‪Dirigida por Ismet Terki- Hassaine, Facultad de Letras, lenguas y artes,‬‬
‫‪Seccion de espagnole,universidad de Orán,2012-2013,p.p200-255.‬‬
‫‪72‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫سيرة الباي محمد الكبير بطريقة تطبعها الدقة والشمولية وهي بمثابة هدية قدمها‬
‫صاحب الرحلة للباي تخليدا ملآثره في السلطة‪.1‬‬

‫والصنف اآلخر من أدب الرحالت الذي شاع في العهد العثماني ما خطه أبي راس‬
‫الناصري في كتابه " فتح اإلله ومنته في التحدث بفضل ربي ونعمته" وقد قسمه إلى خمسة‬
‫أبواب نوردها كما يلي‪:‬‬

‫الباب الخامس‬ ‫الباب الثالث‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬


‫العسجد و‬ ‫الباب الرابع‪:‬‬ ‫في رحلتي للمشرق و‬ ‫في ذكرأشياخي‬
‫اإلبريزفي عدة‬ ‫املغرب وغيرهما‬ ‫النافضين عني‬ ‫الباب األول‪:‬‬
‫في األسئلة‬ ‫ولقاء العلماء‬ ‫ابتداء أمري‬
‫ماألفت بين‬ ‫واألعالم وماجرى‬
‫قشيب أوساخي‬
‫ومايتعلق بها‬
‫بسيط ووسيط‬ ‫لي معهم من‬ ‫شريعة وحقيقة‬
‫ووجيز‬ ‫مراجعة وكالم‬ ‫وقرآنا وطريقة‬

‫وهو بمثابة ترجمة وافية لشخصه إذ يورد من خالله فروع العلم واملعرفة التي‬
‫كانت سائدة في وقته‪ ،‬وله أيضا كتاب "عجائب األسفار ولطائف األخبار"‪ 2‬و يطلق عليها‬
‫بالرحلة العلمية يوضح فيها عالقته بمشايخ األمصار التي هاجر إليها وانتقد علماؤها‪،‬‬
‫حيث إن األسس الثقافية التي بنيت عليها رحلة أبي راس الناصري هي انفتاحه على علماء‬
‫األمصار التي هاجر إليها كمصر وسورية وفلسطين فتركيزه على مناظراته العلمية‬
‫والحديث عن حالة العلم والعلماء‪ ،‬تجعلنا أمام نموذج تحليلي يربط بين العوامل‬
‫الخارجية بالعوامل الداخلية لتوضيح البنى الثقافية التي تميزت بها السلطة آنذاك‬
‫فأبوراس الناصري من املشاركين في فتح وهران إلى جانب الباي محمد الكبير تمكن من‬

‫‪ -1‬أنظر ابن زرفة‪ ،‬الرحلة القمرية‪ ،‬تحقيق مختار حساني‪ ،‬مخبر املخطوطات‪ ،‬جامعة الجزائر‪،2118،‬ص‪.513‬‬
‫‪ -‬أنظر امللحق رقم ‪11‬‬
‫‪ -2‬مخطوط أبي راس الناصري‪ ،‬عجائب األسفار ولطائف األخبار‪ ،‬املكتبة الوطنية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬رقم‪ ،5388‬وهو يقع في‬
‫‪ 511‬ورقة‪ ،‬أنظر امللحق رقم‪13‬‬
‫‪73‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫الوصول إلى درجة علمية جد راقية "سمحت له أن يجاري علماء املشرق ويناظرهم ويتفوق‬
‫عليهم"‪ 1‬بشكل عام‪.‬‬

‫فوفق ماقدمناه استطاع أدباء الرحالت أن ينقلوا للمجتمع عدة أحداث سياسية‬
‫وعلمية التي كانت بارزة في ذلك الوقت فقد انتعشت الحركة األدبية في هذا املجال وخلقت‬
‫طبقة من الهواة التي عملت على إظهار منافسة عالئقية شديدة بين علماء الجزائر‬
‫ونظرائهم باملشرق أو الدول املجاورة كما ورد في رحالت أبي راس الناصري وأصبحت‬
‫املناظرات العلمية منذ ذلك الوقت األسلوب املهيمن في عملية بروز نخب متفاعلة مع هذا‬
‫النوع من الحركية‪ ،‬كذلك أدى هذا النوع من اإلنتاج إلى تمثيل ذهنية السلطة وكل من‬
‫أشرف على النظم الخاصة بها‪ ،‬واتضح ذلك فيما بعد بدعوة الباي محمد الكبير على‬
‫تسجيل نشاطاته في إخضاعه لكل من خرج عن اإلطار الذي رسمته السلطة لألفراد وكأنها‬
‫رسالة غير مباشرة للحد من قيام التمردات القبلية ببعض املناطق الجزائرية وإخمادها‬
‫نهائيا‪ ،‬فكان من نتائج هذا اإلسهام اكتشاف األمكنة التي امتدت لها يد السلطة إذ بذل‬
‫أدباء الرحلة جهودهم في نقل فكرة القوة والعظمة التي استقرت في بالط الحكم العثماني‬
‫فترة الدايات‪.‬‬

‫ب‪ -‬أدباء الصوفية‬


‫ُ‬
‫إن تتبع مسيرة و أعمال أدباء الصوفية‪ ،‬بالنسبة لهذه الفترة هي تمثل للثقافة‬
‫الدينية املحلية التي كانت منتشرة بكثرة آنذاك‪ ،‬فهذه الفئة‪ ،‬بوصفها نخبة مميزة كان‬
‫لها تأثير واسع على السلطة إذ ال بد من اإلشارة أن أدباء الصوفية لم يكونوا منكبين‬
‫على دراسة املعارف الدينية وإعمال العقل عليها بقدر ماكانوا ُمنضمين للقصائد‬
‫العامية‪ ،‬حيث أنهم كانوا ينشرون ما ُ‬
‫ينضمونه بطرق متنوعة وغالبا لم يكونوا‬
‫يسجلون أشعارهم بل كانوا يدعون غيرهم لفعل ذلك‪ ،‬ونشير في هذه النقطة إلى‬

‫‪ -1‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.811‬‬


‫‪74‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫لخضر بن عبد هللا بن خلوف‪ 1‬الذي تأثر إنتاجه بنزعته الصوفية وتنبأ بأحداث نهاية‬
‫مرحلة حكم الدايات في ملحمة طويلة تناقلتها الروايات الشعبية وسجلها مدير‬
‫املدرسة الكتانية بقسنطينة قسطنطين لويس سونك ‪ Sonneck2‬في ديوان شعري‬
‫سماه الديوان املغرب في أقوال عرب إفريقية و املغرب‪ ،‬ومن بين تلك الروايات تولي‬
‫رجل بايلك الغرب السلطة يسمى محمد يقول فيها‪:3‬‬
‫صلوا على النبي وارضو على العشرا‬
‫ياتي رجل سلطان اسمه محمد***بي ساعة العافية توقع الهجرا‬
‫ويسوق لنصارى بالزمل والزاد***وهللا ينصر يستعان بالغدرا‬
‫والشخص املقصود هنا في هذه امللحمة هو محمد بن عثمان الكبير الذي تولى سلطة‬
‫بايلك الغرب أواخر القرن‪01‬م‪ ،‬واشتهرت عهدته باإلستقرار السياس ي وتقربه من‬
‫علماء الصوفية ورجال الدين‪.‬‬
‫فهؤالء كانوا ينضمون تنبؤات لألوضاع السياسية والعسكرية التي ستؤول إليها‬
‫اإليالة‪ ،‬إذ ورد في نفس امللحمة صورة عن سوء األوضاع أواخر حكم الدايات يقول‬
‫صاحبها‪:4‬‬

‫صلوا على النبي وارضو على العشرا‬


‫تخرج على الجزاير عساكر الخزيان***بالبوسبه و املدفع ومحيرق تزبرا‬

‫‪ -1‬هو األخضر بن عبد هللا بن عيس ى بن شريف اإلدريس ي املغراوي‪ ،‬من شعراء الجزائر في القرن السادس عشر و‬
‫يعتبر من أشهر شعراء الصوفية‪ ،‬اشتهر بكتابة إلياذة التي وصف فيها األوضاع التي ستؤول إليها الجزائر أواخر العهد‬
‫العثماني وتم تداولها بين العامة‪ ،‬أنظر‪ :‬قسطنطين لويس سونك ‪ ،‬الديوان املطرب في أقوال عرب افريقية و املغرب‪،‬‬
‫‪ ،Maisonneuve‬باريس‪ ،5112 ،‬ص‪.512‬‬
‫‪ -2‬هو مستشرق فرنس ي حيث قام بدراسة الشعر الشعبي امللحون واللهجة العامية لسكان شمال إفريقيا إذ في القرن‬
‫التاسع عشر كان الشعر يروى شفاهة ولهذا الغرض كتب دراسته سنة‪5112‬م‪ ،‬أنظر‪ :‬نفس املرجع‪،‬ص‪.282‬‬
‫‪ -3‬ن‪.‬م‪،‬ص‪.512‬‬
‫‪ -4‬ن‪.‬م‪ ،‬ص‪.512‬‬
‫‪75‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫وفي مقطع متواصل يقول‪:‬‬


‫صلوا على النبي وارضو على العشرا‬
‫تخرج قوم جالوت بنهار السبت***يلبوا لبر اإلسالم بالرعد و األمطارا‬
‫ياتي الولي األمير وسيد من ولدت***ياتي بدين مشهور ياسعد من يحضرا‬
‫وهناك اختالف في نضم القصائد و صياغتها بين املتصوفة‪ ،‬ألن بعض الشعراء‬
‫املتصوفة لم يلتزموا باملستوى اللغوي املطلوب في التأليف الشعري إذ كانوا يحاولون قدر‬
‫اإلمكان التقرب من العامة باألسلوب السهل املمتنع والذي يفهموه وأغلبه تجسد في‬
‫اللهجة املحلية العامية‪ 1‬لنقل الرسائل املراد نشرها في املجتمع ومما ال شك فيه أيضا هو‬
‫أن بعض الحوادث كانت محل تأليف وتداول بين هؤالء كتحرير وهران من اإلسبان‬
‫وانتشار األمراض بقوة‪ 2‬والقحط الشديد‪ 3‬الذي أصاب اإليالة في أواخر العهد العثماني‬
‫خاصة في عهد الباي الحاج خليل ببايلك الغرب ‪0111-0110‬م‪.‬‬

‫وقد خلصت بعض التآليف الصوفية في نضمها الشعري إلى رصد التشابك القوي‬
‫الذي وقع بين السلطة وبعض الطرق الصوفية‪ 4‬وعلى رأسها الطريقة الدرقاوية حيث‬
‫ينقل لنا الشاعر الشعبي بوعالم بن الطيب السجراري‪ 5‬العمق القيمي التقليدي و الديني‬
‫الذي أدى بالطريقة الدرقاوية بثورتها ضد السلطة فأثناء قراءة القصيدة التي كتبت هي‬
‫األخرى باللهجة املحلية العامية يتضح لنا أن الصراع على السلطة كان سببا وراء هذه‬

‫‪ -1‬أنظر‪ :‬محمد قاض ي‪ ،‬الكنز املكنون في الشعر امللحون‪ ،‬تقديم أحمد أمين دالي‪ ،‬منشورات مركز البحث في‬
‫األنثروبولوجيا اإلجتماعية والثقافية‪ ،‬مطبعة ‪ ،AGP‬وهران‪ ،‬الجزائر‪ ،2111،‬ص‪513-518‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Dr Gemy, Étude sur la prophylaxie de la variole, ed Adolphe jourdan,‬‬
‫‪alger,1879,p40.‬‬
‫‪ -3‬لإلطالع على نماذج من املنظومات الشعرية في هذا الشأن‪ ،‬أنظر‪ :‬صالح العنتري‪ ،‬ممجاعات قسنطينة‪ ،‬تحقيق‬
‫رابح بونار‪،‬الشركة الوطنية للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪،5112،‬ص‪.22-28‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ :‬ابن سحنون‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.81-83‬‬
‫‪ -5‬منسوب إلى سجرارة وهي قبيلة قريبة من بريقو التابعة لعمالة وهران آنذاك‪.‬‬
‫‪76‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫األحداث إذ ينقل لنا ابن سحنون أبعاد عديدة ترسبت في هذا الصراع من خالل ما أشاده‬
‫شاعر الطريقة الدرقاوية‪:1‬‬

‫كي قصة لجواد مع أتراك النوبة***يوم فزعهم ابن الشريف أجاو‬


‫ذوك أتراك الكرس ي ادهر فاتوا رهبة***قالوالجواد على احرمنا نزكاو‬
‫انعقدو غاش ي لحرار عقد امحبة***في فرطاسة جاوانهار واتالقاو‬
‫انغلبوا لتراك أو سلموافاضربة***أهل العدة البيضا كامل اتعراو‬
‫دار الذيب العولة من لحم لتراك***ملعسكر روح ذاك الشريف الحسني‬

‫هذا يعني‪ ،‬أن أدباء الصوفية ارتبطت أفكارهم باملعتقدات الشعبية املتوارثة عبر‬
‫األجيال و صاغوا مالحمهم كأداة لهجاء السلطة واستبعادها عن األحكام القيمية‬
‫التقليدية املتداولة في التراث الشعبي الجزائري منذ مطلع القرن الثامن عشر‪.‬‬

‫في حين أنهم نالو تنويه السلطة غب تجليهم في اإليالة والتي غالبا ما رضيت بشرف‬
‫املنزلة التي ارتقوا إليها‪ 2‬آنذاك فجعلتهم قاعدة للسلطة الروحية باإليالة انتشت تآليفهم‬
‫بعد ذلك عبارات التوبة و الزهد و الفقر إلى هللا تعالى والتي كانت متعارفة بها سابقا‪.‬‬

‫وبتعبير آخر يمكن القول‪ ،‬إن البحث في ظروف هذا التحول تعود بالدرجة األولى إلى‬
‫تقرب السلطة من هؤالء املتصوفة‪ ،‬و من ثم فإن هذا التحول يوحي إلى القول كذلك بأن‬
‫هذه الفئة بتآليفها تجردت من محتوى التصوف لتتفاعل مع املؤثرات السياسية‪،‬‬
‫فاحتدم الصراع بينها وبين السلطة حول النفوذ في الداخل ذلك ملا تتميز به من تأثير في‬
‫املجتمع‪ ،‬خاصة في املناطق الريفية وسنشير إلى ذلك في فصلنا الالحق‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر قصيدته عند ابن سحنون‪ ،‬مصدر سابق‪.28،‬‬


‫‪ -2‬أنظر حمدادو بن عمر‪ ،‬املساهمة العلمية ملتصوفة بايلك الغرب خالل القرنين ‪53-51‬م‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة‬
‫الدكتوراه في الحضارة اإلسالمية‪ ،‬إشراف عبد املجيد بن نعمية‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية و الحضارة اإلسالمية‪ ،‬قسم‬
‫الحضارة اإلسالمية‪ ،‬جامعة وهران‪ ،5‬السنة الجامعية ‪2158-2152‬م‬
‫‪77‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫فأدباء الصوفية تعدوا مجال التدين الروحي إلى الوالء للطريقة التي ينتمون إليها‪ ،‬هذه‬
‫األخيرة التي صارت تعبر عن الوعي الثوري‪ ،‬فالثقافة املحلية التي شاعت بعد ذلك في بعض‬
‫الطرق الثائرة ضد السلطة ال تتطابق مع أدباء املجالس الصوفية‪ 1‬والذين تكونوا في‬
‫املدارس الدينية‪ ،‬فقد أعيد بناء معتقد محلي آخر حولها النها عرفت تحوالت في الفترات‬
‫األخيرة من الحكم العثماني للجزائر بشكل يجعل حركيتها األدبية محصورة في نطاق ضيق‬
‫تجسد في الشعر الصوفي العامي‪.‬‬

‫ج‪ -‬فئة الشعراء‬

‫الحظنا أن جل ماكتب من قصائد شعرية بأغراضها املختلفة سواء في املدح و الفخر‬


‫أو الرثاء خالل املرحلة األخيرة من الحكم العثماني للجزائر‪ ،‬انطلقت من خلفيات جهادية‬
‫وركزت على اإلشادة بأعمال الدايات الذين تركوا أثرا بالغا في نفوس سكان اإليالة من‬
‫الشعراء‪2‬‬ ‫حروب وانتصارات ومما ال ريب فيه هو أن تمجيد الوالة العثمانيين من قبل‬
‫يعود في األصل إلى وجود عدو مشترك في اإليالة قد نمى هذه العالقة في الوقت ذاته فغالبا‬
‫ما كانت القصائد محصورة في إطارها السياس ي كما كان عليه األمر بالنسبة للتي كتبت في‬
‫الفترة التي سبقت تولي الدايات الحكم والتي اختلطت أغراضها الشعرية بالتاريخ و‬
‫التصوف‪ ،3‬إذ تحيلنا كتابات الشعراء الذين برزوا في هذه الفترة ونذكر منهم الللحصر‬

‫‪ -1‬كان من فحول هؤالء األدباء املذكورين‪ ،‬عبد الكريم الفكون و ابن عمار و إبراهيم الدسوقي و أحمد املانجالتي ‪،‬‬
‫وغيرهم‪ ،‬إذ لعبوا دورا فاعال في في محاربة البدع و األباطيل عن طريق التحاور فيما بينهم و تبادل معارفهم العلمية‬
‫فشاعت بينهم فكرة التقشف في الد نيا لطلب التقرب من هللا تعالى‪ ،‬إذ حض ي كل قطب من هؤالء بترجمة وافية تنوه‬
‫باملكانة العلمية الراقية التي سموا إليها من طرف العلماء و الدارسين‪.‬‬
‫‪ -2‬مسعود بن ساري ومشري بن خليفة‪ ،‬صورة السلطان العثماني في األدب الجزائري القديم ‪ ،‬مجلة األثر‪ ،‬العدد‪،2‬‬
‫جامعة ورقلة‪ ،‬جوان‪،2151‬ص‪.81‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Delphin.G. Journal asiatique ou recueil de mémoires, d'extraits et de‬‬
‫‪notices relatifs àl'histoire, àla philosophie, aux sciences, àla littérature et aux‬‬
‫‪langues des peuples orientaux / publié par la Société asiatique, série N°11,‬‬
‫‪Tome04, Earnest le roux, 1914, p.371.‬‬

‫‪78‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫أحمد بن قاسم البوني ت‪0022‬هـ‪0191/‬م‪،1‬ابن عمار‪0911‬هـ‪0121/‬م‪،2‬ابن‬


‫حمادوش‪0011‬هـ‪0121/‬م‪ ،3‬وابن سحنون الراشدي‪ 4‬وغيرهم على معرفة خصائص‬
‫العالقة التي ربطت هذه الفئة بالسلطة لغايات سياسية وعسكرية فبعد اإلنتصارات التي‬
‫حققتها السلطة العثمانية على اإلسبان وعلى رأسها فتح وهران بمرحلتيه األولى و الثانية‬
‫ناهيك عن إنجازات أخرى كفتح األغواط‪ 5‬وتعمير البالد وبناء املساجد فيها‪ ،‬برز شعراء‬
‫يتحدثون في قصائدهم عن فخرهم بهذا اإلنتصار‪ ،‬فتولد نمط إنتاج شعري جديد لكنه‬
‫بقي منحصرا في وصف املعارك ومدح القادة والدايات والوالة‪ 6‬ونستثني في هذا اإلطار‬
‫سعيد املنداس ي ‪0111‬هـ‪0111/‬م‪ 7‬الذي اشتهر بمعارضته للسلطة العثمانية من خالل‬
‫قصائده‪" ،‬عقب مذبحة عنيفة تسبب فيها األتراك بالهجوم على بعض النخب من‬

‫العباس أحمد بن قاسم بن محمد ساس ي التميمي البوني كانت له عالقة علمية بشيوخ قسنطينة مثل‬ ‫‪ -1‬هو أبو ّ‬
‫بركات بن باديس ‪ ،‬و مراسالت مع الباشا محمد بكداش و الباشا حسن خوجا و غيرهما له ديوان شعري في التصوف‪،‬‬
‫و معظم كتبه في الفقه و الحديث و قد بلغت نحو مائة كتاب‪ ،‬أنظر ابن ميمون‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ -2‬هو أحمد بن عبد هللا الجزلئري كان من الشعراء البارزين و له قصائد في املدح النبوي وموشحات أشاد بها‪ ،‬أنظر‪:‬‬
‫ابن عمار‪ ،‬نحلة الحبيب بأخبار الرحلة إلى الحبيب‪ ،‬مطبعة فونتانا‪ ،‬الجزائر‪5112،‬م‪،‬‬
‫‪ -3‬هو عبد الرزاق ابن حمادوش الجزائري تتلمذ على يد الكثير من الشيوخ في الجزائر منهم الشيخ محمد بن ميمون‬
‫كما عاصر املفتي الشاعر ابن على و عبد الرحمن الشارف احمد بن عمار صاحب نحلة اللبيب و احمد الزروق البوني‪.‬‬
‫أنظر‪ :‬أبوالقاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪ -4‬ولد ابن سحنون في النصف الثاني من القرن ‪ 53‬في معسكر (الراشدية سابقا) وتوفي في النصف األول من القرن‬
‫‪ 51‬إذ إن كتاب «الثغر الجماني في ابتسام الثغر الوهراني» كفيل بتعريفنا به حيث يتضمن أرجوزته التي تحمل‬
‫العنوان نفسه‪ ،‬واألرجوزة في وصف فتح مدينة وهران وطرد اإلسبان منها على يد الباي محمد الكبير‪ .‬نشر عام‬
‫‪5112‬م‬
‫‪ -5‬ابن سحنون‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.511‬‬
‫‪ -6‬أنظر ‪ :‬شوقي ضيف‪ ،‬تاريخ األدب العربي‪ ،‬ط‪ ،5‬دار املعارف‪،‬القاهرة‪ ،5111 ،‬ص‪.581‬‬
‫‪ -7‬سعيد بن عبد هللا‪ ،‬التلمساني املنشأ‪ ،‬املنداس ي األصل‪ .‬أبو عثمان شاعر امللحون‪ ،‬درس اللغة واألدب وكل العلوم‬
‫النقلية في الشريعة و أصولها بتلمسان التي غادرها في عهد عثمان باشا عام ‪5131‬ه ودلك عقب الجرائم التي قامت‬
‫بها السلطة في اإلعتداء على أعيان املنطقة فهجا السلطة ومن آثاره "العقيقة" قصيدة المية في مدح النبي العربي‬
‫الكريم ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬نشرها الجنرال ‪ Faure - Bipuet‬متنا وترجمة فرنسية‪ ،‬بمقدمة وافية‪ ،‬عد إلى‪ :‬كتاب‬
‫معجم أعالم الجزائر‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪79‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫األعيان‪ ،‬فهجا السلطة وكل من تحالف معهم كمفتي تلمسان ابن زاغو"‪ ،1‬وما يلفت‬
‫اإلنتباه هو أن صورة األتراك في قصائد املنداس ي يطغى عليها البعد السياس ي‪،‬‬
‫و تجدر اإلشا رة إلى أن الشاعر قد عاصر أحداث فترة الدايات وقدم من خالل‬
‫كتاباته تقريرا وصفيا ينقد فيه األوضاع التي آل إليها األعيان في اإليالة‪،‬‬
‫ويوضح تصوره الفكري على أن التواجد التركي بالجزائر جاء لغرض اإلستبداد‬
‫باألهالي‪.‬‬

‫وتأتي قصائد أخرى على نقيض ماورد في ديوان املنداس ي ففي الوقت الذي كتب فيه‬
‫ابن آقوجيل قصيدة من سبعين بيتا يصف فيها أحوال اإليالة ونخبتها من العلماء ويحث‬
‫فيها السلطة على الجهاد ضد اإلسبان سنة ‪0111‬م كان هناك عدد آخر من الشعراء‬
‫الذين برعوا في كتابة الرجز الطويل يتنبؤون من خالله بفتح وهران على يد محمد بكداش‬
‫باشا عام ‪0111‬م وعلى رأسهم الحلفاوي‪ ،‬وحتى املدة التي تلت هذا الفتح فإن نظام‬
‫األرجاز في الكتابة الشعرية‪ 2‬و املنظومات القصائدية بقي معمما على شعراء هذه الفترة‬
‫ذلك أن غياب اإلبداع النص ي والخيال الذهني الذي يفترض أن يكون مالئما في التأليف‬
‫الشعري كان من النماذج السائدة في كل القصائد الشعرية‪.‬‬

‫و يمكن أن نجزم بأن بروز فئة الشعراء في هذه الفترة كان مرتبطا بأحداث تاريخية‬
‫استثنائية فقط والتي سبقت اإلشارة إليها‪ ،‬كما أننا ال نستطيع أن نصنف أعمالها ضمن‬
‫نمط اإلنتاج األدبي الفني فحسب رغم وجود عدد كبير من اإلنتاجات الشعرية التي تشيد‬

‫‪ -1‬أنظر‪ :‬سعيد بن عبد هللا التلمساني‪ ،‬ديوان سعيد املنداس ي‪ ،‬تقديم وتحقيق رابح بونار‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر و‬
‫التوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬ب‪.‬ط‪.‬‬
‫‪ -2‬عد إلى مخطوط شرح أرجوزة الحلفاوي في فتح مدينة وهران‪ ،‬رقم‪ ،2125‬وهي في حوالي ‪ 12‬بيتا موزعة على ‪11‬‬
‫ورقة‪ ،‬املكتبة الوطنية‪ ،‬الجزائر‬
‫‪80‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫بالسلطة أو ترثي شخصيات بارزة فيها كوفاة آغا الباي مصطفى بوشالغم الذي رثاه‬
‫يوسف بن بغداد الزياني ‪ ،‬بهذه األبيات‪: 1‬‬

‫هنيئا لك الجنان ال السعير***يا كافل األرامل يا بشير‬

‫لقد عشت سعيدا في رغد عيش***وفزت بالشهادة يا أمير‬

‫ببلدة مستغانم كان املثوى***فنعم السكنى سكناك يا نحرير‬

‫وجاورت بالضريح خير إمام***وباملطمر ضريحك مستنير‬

‫فمن لألرامل و اليتامى***ومن إلى العلماء نصير‬

‫وفي ضحى اإلثنين في نقط يد***من أول الربيعين مسير‬

‫ومدح الباي محمد الكبير بعد فتح وهران الثاني عام ‪0129‬م حيث كتب أبو راس‬
‫سينية في شأن ذلك يقول فيها‪: 2‬‬

‫دنيا وأخرى تراه محسن السيس‬ ‫ملك تقلدت األمالك سيرته‬


‫***‬

‫ّ‬
‫ومرتد النصر وفي الحلم ذو طخس‬ ‫شهم شجاع بحزم امللك متزر‬
‫***‬

‫قد كان ّ‬
‫مد من واجر إلى تنس‬ ‫فملك آل منديل تحت سلطانه‬
‫***‬
‫ّ‬
‫رصد من كلف يصع ومن سجس‬ ‫محمد بن عثمان نجم سعدهم‬
‫***‬

‫‪ -1‬أنظراآلغا بن عودة املزاري‪ ،‬طلوع سعد السعود‪ ،‬تحقيق يحي بوعزيز‪،‬ج‪ ،5‬دارالغرب اإلسالمي‪ ،‬الجزائر‪، 5111،‬‬
‫ص‪.213‬‬
‫‪ -2‬أنظر ‪ ،‬اآلغا بن عودة املزاري‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.233-231‬‬
‫‪81‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫يشيب رأس نهار دايم الغلس‬ ‫يشيب من حربه رأس الغراب وال‬
‫***‬

‫طالع سعد له عليهم بالنحس‬ ‫عدة أشهر الحرب يساجلها‬


‫***‬

‫فأعطوا األمان على األمتع والنفس‬ ‫فطلبوا السلم من بعد مراودة‬


‫***‬

‫كما تعاطى في هذه الفترة شعراء كثر الشعر امللحون في وصف األحداث التاريخية‪.‬‬

‫ويعد بن قنون الحبيب‪ 1‬من هؤالء الذين نافسوا شعراء عصره في مدح الباي محمد بن‬
‫عثمان الكبير‪ ،‬فضال عن شعره في فتح وهران الثاني ووصفه للمعارك التي دارت خالل‬
‫هذا الفتح ونورد بيتا مماقاله الشاعر في شأن ذلك‪.‬‬

‫و مرجاجو كان باملدافع و العسكر***و تايڤ فوڤ البراج من ڤرسيف يبان‬

‫فهذا النمط من الشعر واألرجاز كان نظما مباشرا للوقائع و األحداث التي تكشف لنا‬
‫طبيعة العالقات التي ربطت نخبة الشعراء بالسلطة‪ ،‬وهي عالقات مبنية على الوالء‪ ،‬ففي‬
‫هذه التمثالت‪ ،‬يعد "العامل الجهادي" أو ما يشار إليه بـ "فتح وهران" عامل تعبئة تعبيرية‬
‫في القصائد الشعرية‪ ،‬حيث أنه ما يمكننا أن نؤكده أن بروز شخصيات في السلطة هي‬
‫التي فتحت مجال الحركية الشعرية في الجهاد الذي صار عنصرا فعاال يتردد في املقاطع‬
‫البيتية في الكتابة الشعرية‪ .‬باملقابل‪ ،‬فإن تاريخ هذه املرحلة يجسد بروز مجموعتين‬
‫خلقت فعالية في هذا املجال وصنعت رموزا سياسية بغية منح مكانتهم وسام شرف‬

‫‪ - -1‬يعد الحبيب بن قنون املولود سنة ‪ 5135‬بمعسكر شاعرا مميزا ولديه رصيد لم ينشر ولكن موجود بشكل واسع في‬
‫كراريس ومخطوطات الفنانين ومحبي الشعر امللحون ملزيد من التفاصيل عد إلى‪:‬‬
‫‪Tahar Ahmed, Bengennûn Poète populaire de la plaine de Ġrîss, présentée par‬‬
‫‪Ahmed Amine Delaii,edition Crasc,Oran, 2013, 264 pages‬‬
‫‪ -‬أنظر امللحق رقم ‪11‬‬

‫‪82‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫يحتذى به حيث أسهم كل من أحمد بن القاسم البوني ومحمد املستغانمي‪ 1‬في تخصيص‬
‫قصائد للداي بكداش باشا وأطلق عليهم بشعراء بكداش ويبرز ذلك جليا في منظومة‬
‫محمد املستغانمي الذي كتب تأليفا في شأنه سماه "الكوكب النائر في مدح أمير الجزائر"‪2‬‬

‫و التي تجسد النموذج املثالي على العالقة املوجودة بين السلطة و الشعراء كما تجلت‬
‫املجموعة الثانية في شعراء الباي محمد الكبير والذين ورد ذكرهم عند ابن ميمون في‬
‫التحفة املرضية إذ ال بد من االعتراف بفضل هذا األخير في جرده وتسجيله لقصائد‬
‫وشعراء تلك الفترة حيث يبقى إسهامه ذا أهمية بالغة إلى جانب ابن سحنون وأبي راس‬
‫وبن عالل القرومي واملازري البليدي‪.3‬‬

‫وتغير التمثل الثقافي حول حركة التأليف الشعري ومع ذلك تكاد تغيب اإلنتاجات‬
‫الشعرية بعد فترة بروزها و توقف عمليات الفتح و القضاء النهائي على الوجود اإلسباني‬
‫باملنطقة‪ ،‬حين ذاك اعتبر مستقال عن السياسة إذ يبقى لنا أن نشير أيضا إلى أن الثورات‬
‫الشعبية التي قامت ضد الحكم العثماني في مراحله األخيرة هي التي تمخضت عنها بشكل‬
‫أساس ي فنون التعبير االحتجاجي ضد السلطة العثمانية إذ أضاف دح السنوس ي‪ 4‬في بداية‬
‫القرن التاسع عشر نماذج أخرى من الشعر يؤيد فيها ماذهب إليه املنداس ي في هجائه‬
‫للسلطة من خالل إظهار الصراعات التي كثيرا ماكانت تقع بين السلطة و الطرق الصوفية‪.‬‬

‫‪ -0‬فئة األئمة و الخطباء‬

‫املالحظ بشكل عام تشكل فئة من الخطباء التي كانت تؤدي دور اإلمامة في مساجد‬
‫الحواضر العلمية‪ ،5‬والتي كانت رديفا لفئة املفتيين الذين ملعت أسماءهم آنذاك وشهدت‬

‫‪ -1‬أنظر‪ ،‬شوقي ضيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.581‬‬


‫‪-2‬أنظر‪،‬محمد األمين بلغيث ورابح خدوس ي وآخرين‪ ،‬موسوعة العلماء واألدباء الجزائريين‪ ،‬الجزء األول ‪ ،‬منشورات‬
‫الحضارة‪،‬الجزائر‪ ،2152 ،‬ص‪.551‬‬
‫‪ -3‬محمد األمين بلغيث ورابح خدوس ي وآخرين‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪551‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ ،‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.233‬‬
‫‪ -5‬أنظر محمد بن محمد بن عمر قاسم مخلوف‪ ،‬شجرة النور الزكية في طبقات املالكية‪ ،‬تحقيق عبد املجيد خيالي‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬لبنان‪ ،2003 ،‬ص‪5251-5511‬‬
‫‪83‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫الجزائر في هذه الفترة بروز نخب تنتمي إلى أسر علمية أدت هذه الوظيفة كأحمد بن‬
‫سعيد بن ابراهيم قدورة الذي ربط وظيفته بالسياسة بدار السلطان وقد كان مفتي‬
‫املالكية حيث حكم عليه الداي محمد بكداش باالعدام سنة ‪0617‬م‪ ،‬بعدما سجنه‬
‫رفقة أشقائه أحمد وعالل‪.1‬‬

‫إذ تأتي وظيفتي الخطابة واإلمامة في مقدمة الوظائف الثقافية التي تحددها‬
‫السلطة باإليالة‪ ،‬فالخطابة كانت موازية بشكل أو بآخر لوظيفة اإلفتاء لهذا تعاظم دور‬
‫الخطباء الذين كان يتم اختيارهم من قبل السكان‪ .2‬فلقد توالها من الجالية األندلسية‬
‫بدار السلطان أحمد زروق بن السيد محي الدين بن عبد اللطيف عام ‪0122‬م كما توالها‬
‫ببايلك الشرق بدر الدين بن محمد الفكون عام ‪ 0111‬م وتوالها من بالد الزواوة الحسين‬
‫بن محمد السعيد الورثيالني قبل عام ‪0112‬م وهو العام الذي توفي فيه وتوالها ببايلك‬
‫الغرب محي الدين بن مصطفى بن املختار مع مطلع القرن ‪02‬م بوهران وبمعسكر توالها‬
‫محمد أبوراس الناصري قبل قبل عام ‪0192‬م وهي السنة التي توفي فيها وتوالها بتلمسان‬
‫سعيد بن محمد العقباني ق‪01‬م أما بمازونة فقد توالها املهدي بن أحمد بن خدة وتوالها‬
‫ي عام ‪0102‬م‪3‬‬ ‫أبوعبد هللا محمد بن املهدي الكتروس‬

‫و يحدد أبو القاسم سعد هللا معايير هذا اإلختيار إذ يقول أن الخطباء كان يتم‬
‫اختيارهم على أساس " الفصاحة وجودة الصوت و الجرأة األدبية"‪4‬‬

‫فإذا إنطلقنا من التسليم بأن هذه الشروط بنيت في معظمها على رؤى الجمهور‬
‫سيتوضح لنا الفهم بأن هذه الفئة كانت تتمتع بتقدير واضح من املجتمع وبإثارة مخاوف‬
‫السلطة‪ .‬فعلى ضوء ما تم رصده من طرف سعد هللا يمكن تحديد هذا التأثيرعلى التمثل‬
‫التالي‪:‬‬

‫‪ -1‬أنظر عادل نويهض‪ ،‬معجم أعالم الجزائر‪ ،‬مؤسسة نويهض الثقافية‪ ،‬بيروت‪ ،5131،‬ص‪.211‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ :‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.831‬‬
‫‪ -3‬أنظر امللحق رقم ‪5‬‬
‫‪ -4‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.833‬‬
‫‪84‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫تنافس العلماء الذين كانوا شغوفين ألقص ى الدرجات على هذا املنصب‬ ‫‪‬‬
‫وتوارثه من قبل األسر العلمية البارزة كان حكرا عليهم فاليجوز تداوله من طرف‬
‫أشخاص آخرين‪.‬‬
‫‪ ‬الخطباء و األئمة من منظور هذا التأثير أودى بالسلطة إلى اعتماد‬
‫جواسيس عليهم للحد من حرية ربط مواضيع خطبهم بالسياسة وباألخص‬
‫أن قوة تأثيرهم باملجتمع كانت تثير مخاوف السلطة كما أسلفنا وغالبا مايتم‬
‫عزل بعضهم ملا يثبت تعلقهم بالسياسة‪.‬‬
‫ويبدوا من هذا التمثل أن انبهار أهل الحي بخطيب ما هي التي كانت تقود السلطة لبث‬
‫النظر عن هذه الفئة فالوعي الذي ميز هذا الصنف من النخب وجه الكثيرين إلى التلذذ‬
‫بجرأتهم في نقد املواقف من السلطة و املجتمع فجعل هذا األخير يضفي عليها صفة‬
‫القدسية لتغلب النزعة الدينية على عواطفهم‪.‬‬

‫‪ -4‬نقباء األشراف‬

‫يأتي نقباء األشراف في مقدمة الفئات النخبوية التي تمثل تأثيرا بارزا في نفوس العامة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وعلى مستوى السلطة فاألشراف في اللغة هو من الشريف‪ ،‬والشرفة‪ ،‬والشراف‪ 1‬إذ في‬
‫خضم الوجود العثماني وبالتحديد مع القرن السابع عشر ظهرت هذه الفئة في اإليالة‬
‫واتسع نطاق نشاطها في الحواضر العلمية وصارت باألخص تتصدر الحسم في املواقف‬
‫الكبرى وعادة ماكان يطلق عليهم باملرابطون ملا اتصفوا به من تقوى وورع‪ ،‬وورد عند‬
‫حمدان خوجة أن " نقيب األشراف واجبه أن يجتمع في بيته شيخ البلدة وسائر األمناء‬
‫التابعين له للبحث عن التدابير كلما حدث أمر هام"‪ 2‬ومن نقباء األشراف الدين تولوا‬
‫هدا املنصب أحمد بن الحاج علي الزهار الدي تولى نقابة األشراف بدار السلطان ثم‬
‫الكتابة لدى أحمد باي قبل عام ‪ 0191‬وهي سنة وفاته‪ .‬كما أورد التوجيني في كتابه عقد‬

‫‪ -1‬أنظر‪ :‬معجم املعاني الجامع‪ ،‬عربي عربي‪ .‬متاح على املوقع ‪ https://www.almaany.com‬حيث تم دخوله بتاريخ‬
‫‪ 2153/51/81‬على الساعة ‪52.12‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ :‬حمدان خوجة‪ ،‬املرآة‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪85‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫الجمان النفيس كل من اشتهر نسبهم وذاع صيتهم من األشراف وحصرهم في منطقة‬


‫غريس بمعسكر والذين برزوا في القرن ‪01‬م‪ ،‬ونذكر منهم الللحصر أبوموس ى‬
‫الشريف‪،‬محمد بن محمد بن يعقوب‪ ،‬علي أبوالحسن الشريف‪1‬‬

‫ولسنا بصدد التوسع في الحديث عن هذا املوضوع إال أنه البد من اإلشارة إلى أن‬
‫تصنيفها على مستوى النشاطات الوظيفية يأتي مباشرة بعد القضاة‪ 2‬وكانت مقدمة على‬
‫فئة الوزراء‪ ،‬األمر الذي أدى بالسلطة إلى إيالئها أهمية في اإليالة‪.‬‬

‫إن هذه األهمية التي أولتها السلطة لهذه الفئة ساهمت بفعالية في توسيع الفجوة بين‬
‫الشرفاء من املرابطين و بين العلماء من الشرفاء وأعني بذلك بأن نظام السلطة العثمانية‬
‫جعل من فئة العلماء ورجال الدين من الفئات التي لها األولوية في تولي مناصب النظم‬
‫اإلسالمية‪ 3‬وتتقدم فئة العلماء في هذا النظام على بقية الفئات األخرى وبالتالي فإن نقباء‬
‫األشراف كانوا يختارون من بين العلماء ومن الشرفاء بالدرجة األولى كما يتم اختيارهم من‬
‫املرابطين بالدرجة الثانية وفي هذه الحالة يتم إلغاء سلطة نقيب األشراف على الزوايا و‬
‫الرباطات ألن نظام السلطة العثمانية هو نظام قائم على الفصل بين الدين و الدولة‬
‫ولهذا نفسر فتح وظيفة نقابة األشراف وغيرها من الوظائف التي تؤطر القضايا التي لها‬
‫عالقة بالدين‪ ،‬وهذا مانبينه في الشكل املوالي‪:‬‬

‫‪ -1‬أنظر ‪ :‬عبد الرحمن التوجيني‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.82‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ :‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪833‬‬
‫‪ -3‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪833‬‬
‫‪86‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫السلطة‬
‫النظم الحاكمة‬

‫الداي‬
‫الوزير‬

‫الجيش‬
‫الوالة‬

‫نظم إسالمية‬

‫الدين‬
‫الدولة‬ ‫العلماء‬

‫رجال الدين‬

‫اإلسالم‬

‫إن مالمح اإلنشطار بين الدين والسلطة أدى في غالب األحيان إلى حدوث تصدع بين‬
‫النخب من نقباء األشراف و بين الحكام و تتفاقم األزمة في حال يتم ربط وظائفهم‬
‫بالسياسة فإما مصيرهم العزل أو اإلعدام ملن وقف موقفا معارضا من السلطة‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى النخب من الذين تولوا هذه املهام‪ ،‬حيث يورد ابن املفتي في تقييداته‬
‫إلى تولية عبد الرحمن املرتض ى الذي كان خطيبا بالجامع الكبير بدار السلطان في فترة‬
‫الدايات لخطة نقيب األشراف وكان والده قد توالها قبله‪ ،‬كما توالها سيدي محمد من‬
‫ذرية الولي سيدي محمد الشريف‪ 1‬وتوالها أبو عبد هللا الشريف بدار السلطان عام‬
‫‪0119‬م كما توالها أحمد الشريف الزهار‪ 20121-0114‬وقد توالها قبل ذلك والده‬

‫‪ -1‬أنظرابن املفتي حسين بن رجب شاوش‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.511-513‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ :‬أحمد الشريف الزهار‪ ،‬مذكرات الحاج أحمد الشريف الزهار‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.5112‬ص‪.513‬‬
‫‪87‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫علي الشريف بدار السلطان وتوالها أباحامد املشرفي ببايلك الغرب حيث يذكر على إثر‬
‫ذلك شرفاء تلمسان وشرفاء الشهرة بغريس الراشدية ومن أسره الشرفاء كبيت الشيخ‬
‫عبد القادر املشرفي وبيت أوالد األحمر وأوالد سيدي بوجالل وسيدي ابن عبد الحاج‬
‫وغيرهم‪.1‬‬

‫فإلى جانب ماأورده املشرفي والشريف الزهار في مذكرته فلقد رصد ابن املفتي في‬
‫تقييداته أهم النخب التي ارتبطت في أداءها هذه املهنة بالسياسة عبر فترات تاريخية‬
‫طويلة ذلك أنه قدم إطارا عاما لفهم الواقع الوظيفي في اإليالة‪ ،‬فمع بروز طبقة الشرفاء‬
‫أخذ هذا املجال الوظيفي نصيبا له من بين السياسات التي خططتها السلطة العثمانية‬
‫حال دخولها الجزائر‪.‬‬

‫‪ -5‬فئة املفتون و الفقهاء‬

‫مع تأسيس إيالة الجزائر برزت تصورات جديدة لثقافة املجتمع والدولة‪ ،‬والزم‬
‫ذلك حدوث تغيرات جذرية في بنى الفئات الثقافية املؤهلة لتولي مناصب وظيفية رسمية‪،‬‬
‫فبعد أن كان الخوض في بعض املسائل العلمية كاإلفتاء والفقه والقضاء مفتوحا لجمهرة‬
‫العلماء صار مقيدا بعد ذلك من قبل السلطة ومحصورا لدى فئات أسرية معينة‪ 2‬إذ مع‬
‫ظهور املناصب القيادية الكبرى للسلطة العثمانية واحتكارها من قبل األتراك‪ ،‬تم على‬

‫‪ -1‬أنظر أباحامد املشرفي‪ ،‬ياقوتة النسب الوهاجة وفي ضمنها التعريف بسيدي محمد بن علي مولى مجاجة‪ ،‬مخطوط‬
‫باملكتبة الوطنية الجزائرية‪ ،‬رقم‪ ،8823‬ص‪.23-22‬‬
‫‪ -2‬مثل أسرة محمد أبوراس الناصري ببايلك الغرب وملزيد من املعلومات أنظر‪ ،‬بوكعبر تقي الدين الفقه و القضاء‬
‫املالكي في الجزائر خالل العهد العثماني قراءة في مخطوطة للشيخ أبي راس الناصر املعسكري‪ ،‬مجلة املعارف للبحوث‬
‫و الدراسات التاريخية‪ ،‬املجلد‪ 2‬العدد‪ ،2‬جامعة الوادي‪ 21 ،‬ماي‪ ،2153‬ص‪232-228‬‬

‫‪88‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫صعيد آخر خلق وظائف دينية بعيدة الصلة عن املمارسات السياسية‪ ،‬وصارت تستند‬
‫مشروعيتها ك" وظيفة رسمية " من خالل تولي فئة العلماء‪ 1‬تسييرها والبث في مسائلها‪.‬‬

‫فمع ولوج عصر الدايات‪ ،‬استحدث اإلفتاء كمنصب جديد في نظام الوظائف الرسمية‬
‫باإليالة إد قبل ذلك كان يمارس بشكل آلي كعلم قائم بحد ذاته‪ ،‬ثم بدأ يتم تعيين‬
‫مجموعة من املوظفين التابعين لهيئة محددة في الدولة‪ ،‬من ثم بدأ االنفصال بين وظيفة‬
‫اإلفتاء والفقه و القضاء‪ ،‬تمهيدا إلقامة نظام وظائفي يتفق مع متغيرات النظام السياس ي‬
‫في السلطة وقد شاع في هذا املجال مجموعة من األسر العلمية‪ 2‬توارثته كوظيفة تتداول‬
‫عليها العائلة ونذكر من بينها ال للحصر بيت قدورة‪ ،‬بيت ابن علي‪ ،‬بيت ابن العنابي‪ ،‬بيت‬
‫الكتروس ي‪.‬‬

‫وبالرغم من ذلك أعاد بعض أبناء األسر العلمية الواردة الذكر النظر في هذه‬
‫املسألة لصالح السكان املحليين‪ ،‬فكانوا يستشارون من قبل العامة ويخوضون في القضايا‬
‫الفقهية‪ ،‬فتعاظم دورهم وتحولوا من موظفين بتعيين من السلطة إلى فقهاء ومفتيين‬
‫ونخب فاعلين مؤثرين في الحياة العامة‪.‬‬
‫وال بأس أن نذكر عينة من األفراد الذين تولوا هدا املنصب في هذه الفترة إذ تواله‬
‫بدار السلطان الحاج سعيد بن أحمد بن سعيد بن إبراهيم قدورة عام ‪ 0101‬و عبد‬
‫الرحمن بن أحمد املرتض ى في نفس السنة و أحمد زروق بن السيد محي الدين بن عبد‬
‫اللطيف عام ‪ 0122‬كما تواله علي بن محمد املانجالتي عام ‪ 0192‬وتواله ببايلك الغرب‬
‫أبوعبد هللا محمد بن سعد التلمساني ناهيك عن أبوعبد هللا محمد بن املهدي الكتروس ي‬
‫بمازونة عام‪.30102‬‬

‫‪ -2‬أنظر لزغم فوزية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.551‬‬


‫‪ -3‬أنظر امللحق رقم‪.5‬‬
‫‪89‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫إن التحوالت التي طرأت على تولية منصب اإلفتاء أواخر العهد العثماني أسفرت‬
‫عن إنتاج مؤلفات ذات قيمة تاريخية شاع عليها اسم كتب النوازل الفقهية إذا جاز‬
‫تطبيق هذا املفهوم على تلك الفترة‪ ،‬ومن الكتب الرائدة في هذا املجـ ـال ن ـ ـوازل امل ـازوني‬
‫و الرماص ي وفتاوى الونشريس ي وأبوراس الناصر الراشدي املعسكري كما شاع على‬
‫اآلخرين التجديد في هذا املجال وعلى رأسهم ابن العنابي‪.1‬‬

‫هذا األخير الذي نلمح في كتاباته التي يتعاطى فيها األدب الدعوة إلى الصحوة اإلسالمية‬
‫منذ‪0191‬م‪ 2‬والتجديد في النظم اإلسالمية‪ ،‬إذ كثيرا ماكان يبين سخطه من األوضاع‬
‫اإلجتماعية محاوال بطريقة أوبأخرى تحرير قومه من األوهام على حد تعبير أبوالقاسم‬
‫سعد هللا‪ 3‬التي كانت سائدة في تلك الفترة في كتابه " السعي املحمود في نظام الجنود"‪4‬‬

‫غير أن املوضوعات التي وردت في املخطوط بقيت محصورة فقط على جوانب‬
‫تنظيمية خاصة بالجنود وسنتحدث بشكل مفصل حول ذلك في صفحاتنا الالحقة‪.‬‬

‫حيث أن كتابات ابن العنابي في اإلفتاء تجسد عمـ ـال فك ـ ـريا في عص ـر املناظـ ـرات و‬
‫تضاربات اآلراء بين العلماء خالل ق ‪01‬م إذ يحيلنا إلى تعميق البحث أكثر في الحركية‬
‫الثقافية التي كانت سائدة آنذاك‪.‬‬

‫‪ -6‬فئة القضاة‬

‫شاع نبذ عدد من النخب الثقافية لتولي منصب القضاء مثل عبد القادر املشرفي‬
‫و ابنه الطاهر املشرفي الذي تولى قضاء وهران مرغما من السلطة وقد كان هذا املنصب‬
‫مفتوحا على جميع األسر مقارنة بالوظائف الدينية األخرى التي كانت حكرا على فئة‬
‫محددة من العائالت العلمية والتي سبق اإلشارة إليها‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ :‬أبوالقاسم سعد هللا‪ ،‬ابن العنابي رائد التجديد اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،5111 ،‬ص‪.521‬‬
‫‪ -2‬أبوالقاسم سعد هللا‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.521‬‬
‫‪ -3‬ن‪.‬م‪ ،‬ص أ‪.‬‬
‫‪ -4‬هو عبارة عن مخطوط خصصه املؤلف لنظام تنظيمي خاص بالجنود في تلك الفترة‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫ولم يعد من حق أبناء األسر االعتذار عن تولية هذا املنصب‪ ،‬خاصة بعد ما أصبح‬
‫يتوفر فيهم الشروط الضرورية التي وضعها الفقهاء لتوليته‪ ،‬وأهمها اإلملام بعلوم‬
‫الشريعة‪ 1‬إذ صار من الضروري جدا أن يكون الفصل في القضايا الخاصة لعامة الناس‬
‫باإليالة يتم من طرف العلماء الذين قامت السلطة بتعيينهم‪ ،2‬وأدى هذا اإلجبار إلى تأكيد‬
‫شمولية توريث هذا املنصب وتداوله بين أفراد األسر العلمية باعتبار أنهم كانوا الفاعلون‬
‫الرئيسيون في حياة العامة‪ ،‬وبالتالي أصبح واجبا عليهم الخضوع لهذا التعيين‪.‬‬

‫وهناك عوامل خاصة كانت وراء هذا النبذ وأهمها املسؤولية الكبرى التي تقف على‬
‫عاتق القاض ي في إصدار األحكام إذ ال شك أن النخب الرافضة لتولية هذا املنصب قد‬
‫كانت تمهد لسحب شرعية توريثه ألبنائها بالرغم من املجهودات الجبارة التي قامت بها في‬
‫تنشئتها تنشئة سليمة‪.‬‬

‫ومع توطد القضاء كوظيفة دينية في املجتمع‪ ،3‬أصبح مفهومه تعبيرا عن الوجاهة‬
‫العلمية التي تضفي الشرعية في توليته من قبل النخب املؤهلة له‪.‬‬

‫وبدأ هذا التمثل الحديث للقضاء كمنصب ديني مرتبطا بثالثة مناصب فرعية‬
‫نتجت عنه فاقترن به القضاة الفرعيون و العدول و املوثقون‪.‬‬

‫فتولية هذه املناصب الجديدة كانت تفرض أن تتم بتعيين من الداي وكانت‬
‫استمرارا للمناصب الدينية السابقة كالفقه و اإلفتاء بحكم أن العدول‪ 4‬يتم تعيينهم من‬

‫‪ -1‬أنظر بن حبيبة إيمان‪ ،‬ملحة عن النظام القضائي في الجزائر أثناء الفترة العثمانية‪ ،‬مجلة القانون الدولي و التنمية‪،‬‬
‫املجلد‪ 3‬العدد‪ ،5‬جامعة ابن باديس‪ ،‬مستغانم‪ ،‬ص‪531-511‬‬

‫‪ -2‬عائشة غطاس‪ ،‬الحرف و الحرفيون بمدينة الجزائر من‪ ،5381-5111‬أطروحة لنيل شهادة دكتوراه دولة في‬
‫التاريخ الحديث‪ ،‬ج‪ ،5‬إشراف موالي بلحميس ي‪ ،‬قسم التاريخ‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،2115-2111‬ص‪553‬‬
‫‪ -3‬ملعلومات وتفاصيل أكثر عد إلى بوغدادة أمير‪ ،‬املؤسسات في الجزائر أواخر العهد العثماني( القضاء نموذجا)‪،‬‬
‫مدكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في تاريخ الجزائر خالل العهد العثماني‪ ،‬إشراف احميدة عميراوي‪ ،‬كلية اآلداب و‬
‫العلوم اإلنسانية‪،‬جامعة األمير عبد القادر للعلوم اإلسالمية‪ ،‬قسنطينة‪ ،2113-2111 ،‬ص‪.532‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- venture de paradis, op.cit, p.25‬‬
‫‪91‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫األئمة و الفقهاء وبالتالي فان هذه التولية تستند إلى نفس الشروط الوضعية‪ ،‬التي كانت‬
‫تبنى عليها تولية املفتيون وأهمها اإلستقامة وإكتساب مكانة إجتماعية متميزة في حياة‬
‫األفراد‪.1‬‬

‫ناهيك عن منصب املوثقون الذي لم يكن مألوفا في بنية املجتمع آنذاك وبالرغم‬
‫من استحداثه من قبل السلطة إال أنه لقي إنتقادا بين جمهرة الفقهاء الذين طالبوا بإلغائه‬
‫من ضمن الوظائف الدينية بعد أن ثبت وقوع أخطاء من بعض املوثقين من غير النخب‬
‫املثقفة والذين لم يلتزموا بضوابط التوثيق بصفته مرتبة علمية شريفة فاشترط بأن تتم‬
‫توليته من طرف رجال العلم‪ ،‬فلقد كان النخب من الفقهاء دائما يدعون إلى اإللتزام‬
‫بانتساب الوظائف الدينية‪ 2‬الخاصة بالفروع القضائية إلى رجال العلم وبما أن الفكون‬
‫يعد من أبرز الدعاة الذين انتقدوا خطة التوثيق‪ ،‬فقد بنى دعوته على أنها شرط من‬
‫حقوق عامة الناس التي ال يجوز التصرف فيها من قبل السلطة بشكل عشوائي‪ ،‬و التي‬
‫يجب أن تقوم على تأمينها مما دفع بالسلطة إلى إلغاء منصب املوثقون ويفهم من ذلك أن‬
‫السلطة كانت تستمد سيادتها من سلطة األسر العلمية النافذة في املجتمع‪.‬‬

‫‪ -6‬فئة املدرسين‬
‫لم تكن السلطة تهتم بفئة املدرسين ولم تعمل على تحسين أدائهم التربوي داخل‬
‫املنشآت التعليمية ال ماديا و المعنويا لكن هؤالء كانوا يحصلون على ترقية شرفية‬
‫معنوية من طرف املجتمع من خالل اتصافهم بالقدوة و السلوك الحسن بين‬
‫املتمدرسين‪ ،3‬فمشاركتهم في وضع البرامج املوجهة للتالميذ وتفاعلهم مع مختلف‬
‫عمليات التكوين بكفاءة عالية ونوعية التعليم الذي كانوا يقدموه لألجيال جعلهم‬

‫‪ -1‬أنظر مصطفى عبيد‪ ،‬القضاء بالجزائر خالل العهد العثماني‪ ،‬الدراسة متاحة على املوقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪ https://www.academia.edu‬حيث تم دخول املوقع بتاريخ ‪ 2153/11/12‬على الساعة ‪53.81‬سا‬
‫‪ -2‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬نفس املرجع ‪ ،‬ص‪833‬‬
‫‪ -3‬عبدالقادر حلوش‪ ،‬السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر ‪ ،5152-5315‬شركة دار األمة للطباعة و النشر و‬
‫التوزيع‪ ،‬الجزائر‪،5111،‬ص‪51‬‬
‫‪92‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫يكتسبون سمعة حسنة في بيئتهم مما جعل ترقيتهم تتم بشكل آخر من خالل‬
‫التزكية املعنوية‪ ،‬وكانت هذه السمعة التي يتصفون بها تستجيب لشروط املجتمع‬
‫القيمية التقليدية في تنشئة أبنائهم على معارف املعلمين نتيجة حسن السيرة التي‬
‫كانوا يتصفون بها وسط األهالي‪ ،1‬وال بأس أن نشير إلى بعض املدرسين الذين‬
‫اتصفوا بهذه الخاصية ال للحصر‪ ،‬فقد اشتهر في دار السلطان كل من أبو عبد هللا‬
‫محمد بن سعيد قدورة ت ‪0121‬م و مصطفى بن رمضان العنابي ت ‪0101‬م و‬
‫رمضان بن يوسف العلج املشهور بابن علي ت ‪0111‬م و محي الدين بن عبد‬
‫اللطيف الذي تولى التدريس عام ‪0122‬م ‪2‬وفي نفس السنة برز بن موس ى النيقرو‬
‫كمدرس ونال شهرة و استحسانا وسط املجتمع و اشتهر في نفس البايلك أبوحفص‬
‫عمر املانجالتي ت‪0122‬م أما في بايلك الشرق فقد برز أبو راشد عمار الغربي‬
‫ت‪0121‬م بجامع سيدي علي بن مخلوف و أبوعبد هللا محمد بن أحمد القسنطيني‬
‫ت ‪0114‬م ناهيك عن شعبان بن جلول الذي تولى هذه الوظيفة عام ‪0111‬م وبرز‬
‫في نفس البايك أحمد بن قاسم البوني ت ‪0191‬م أما في بالد الزواوة فقد تجلى من‬
‫املدرسين في فترة الدايات كل من الحسين بن يحي بن أحمد الشريف و الحسن بن‬
‫أحمد زروق بن مصباح و حسين بن محمد صالح و محمد بن علي الشالطي ابن علي‬
‫الشريف وتجلت هذه الفئة بإقليم الزيبان كذلك فببسكرة برز الصادق بن‬
‫مصطفى البسكري ت‪0112‬م و محمد ابن أحمد بن عزوز البرجي ت‪0101‬م الذي‬
‫أسس زاوية على الطريقة الرحمانية و عبد الحفيظ بن محمد الخنقي ت‪0111‬م‬
‫والذي كان مقدما للطريقة الرحمانية أما ببايلك الغرب فقد تولى مهام التدريس في‬
‫هذه الفترة بوهران كل من الطاهر بن عبد القادر املشرفي و محمد بن عبد هللا‬
‫سقط و أبوحامد محمد العربي بن عبد القادر املشرفي ت‪0121‬م أما بمعسكر‬

‫‪ -1‬أبو القاسم سعد هللا‪ :‬تاريخ الجزائر الثقافي‪،5112-5381‬الجزء الثالث‪،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،5113‬ص‪.28‬‬

‫‪ -2‬أنظر معجم أعالم الجزائر‪ ،‬ص‪.233-221‬‬


‫‪93‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫فقد برز أحمد بن التهامي ثم ابنه مصطفى بن أحمد بن التهامي ت ‪0111‬م كما تولى‬
‫هذه املهام محمد بن علي بن سحنون و محمد أبوراس الناصري ت ‪0191‬م في‬
‫نفس املنطقة‪.‬‬
‫وقد اشتهر من املدرسين بتلمسان محمد بن محمد شقرون املقري ت‪0111‬م الذي‬
‫كان إماما عاملا كما برز ضمن هذه الفئة الرحالة محمد بن عبد الرحمن اليبدري‬
‫التلمساني و أبوعبد هللا محمد بن سعد التلمساني ‪0141‬م أما في مازونة فقد تولى‬
‫مهام التدريس املهدي بن أحمد بن خدة و علي بن محمد‪0111‬م و تواله عبد‬
‫الرحمن بن علي بن الشارف املازوني و أبي عبد هللا املغيلي‪ ،‬أما بمستغانم فقد برز‬
‫الطاهر بن حواء ت‪0120‬م والذي كان أستاذا باملدرسة املحمدية‪ 1‬ولإلشارة فقد‬
‫صارت بعض املدارس تستقطب بسببهم عددا كبيرا من التالميذ الوافدين من كل‬
‫األقطاب الجزائرية حيث سنترجم لهؤالء في صفحاتنا الالحقة‪.‬‬

‫‪ -1‬في رصد األعالم عد إلى‪ :‬نويهض عادل ‪ ،‬معجم أعالم الجزائر‪ ،‬مؤسسة نويهض الثقافية‪ ،‬بيروت‪5131،‬‬
‫‪94‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -1.6‬ترجمة نخبة املدرسين‬


‫‪ ‬في دارالسلطان‬

‫أبو عبد هللا محمد بن سعيد قدورة ت ‪0771‬م من أكابر علماء مدينة الجزائر‪ ،‬انتهت‬
‫اليه خطابتها وفتياها‪ .‬قال في "تعريف الخلف"‪ :‬شيخ الفقه والحديث ووارث الشرف‬
‫القديم والحديث‪ ،‬عليه يعتمد في رواية اآلثار وتصحيح أسانيد األخبار‪1" ..‬‬

‫مصطفى بن رمضان العنابي ت ‪0903‬م مكنى بأبو الخير باحث‪ ،‬فرض ي‪ ،2‬من كبار‬
‫فقهاء الحنفية‪ 3‬شاعر تلقى العلم على يد ابن شقرون التلمساني بمدينة الجزائر ومن‬
‫مؤلفاته‪:‬‬

‫‪ ‬أرجوزة في الفرائض‬
‫‪ ‬الروض البهيج بالنظرفي أمور العزوبة و التزويج‬

‫رمضان بن يوسف العلج املشهور بابن علي ت ‪0911‬م فقيه حنفي ينحدر من أسرة‬
‫كرغلية تولى منصب اإلفتاء الحنفي بالجزائر وكان يقرض الشعر‪4‬‬

‫أحمد الزروق محي الدين بن عبد اللطيف ت‪0987‬م هو مفتي مالكي‪ 5‬تولى التدريس‬
‫بدار السلطان‪.‬‬

‫‪ -1‬كتاب معجم أعالم الجزائر‪ ،‬ص‪211‬‬


‫‪ -2‬لزغم فوزية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪22‬‬
‫‪ -3‬كتاب معجم أعالم الجزائر‪،‬ص‪221‬‬
‫‪ -4‬موسوعة العلماء و األدباء الجزائريين‪ .‬الجزء الثاني‪،‬ص‪853‬‬
‫‪ -5‬ابن املفتي‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪558‬‬
‫‪95‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫بن موس ى النيقروت‪0987‬م تولى التدريس بدار السلطان ونال شهرة و استحسانا وسط‬
‫املجتمع‪ 1‬أبوحفص عمر املانجالتي ت‪0778‬م ينتسب إلى قبيلة مانجالت البربرية ببالد‬
‫الزواوة‪2‬‬

‫في بايلك الشرق‬

‫أبو راشد عمار الغربي ت‪ 1305‬فقيه‪ ،‬أديب وشاعر من أهل قسنطينة ولي إفتاء‬
‫املالكية وتولى التدريس بجامع سيدي علي بن مخلوف‪.‬‬
‫من مؤلفاته‪:‬‬
‫حاشية على شرح إبراهيم الشبرخيتي على املختصر في فروع الفقه املالكي‪3‬‬

‫أبوعبد هللا محمد بن أحمد القسنطيني ت ‪ 1024‬من أهل قسنطينة ولي إفتاء‬
‫املالكية وتولى التدريس بها أخذ عن أبي عبد هللا محمد املقري وأخذ عن الشيخ‬
‫محمد بن عبد املؤمن بدار السلطان كما أخذ عن الشيخ محمد بن سعيد قدورة‪4‬‬

‫شعبان بن جلول تولى منصب القضاء الحنفي و تولى وظيفة التدريس عام ‪0671‬‬
‫بعد أن عينه صالح باي في تأطير التعليم باملدينة‪.‬‬
‫وحول النخب القسنطينية املؤطرة للتعليم نظم الشعراء أبياتهم في مدح الشهرة‬
‫العلمية التي تميز بها مدرسوها إذ قال الحسين الورتالني في منظومته‪:5‬‬

‫كم فيها من عالم لعلمه ضربت‬

‫من اآلفاق أكباد اإلبل‬

‫بلدة شمس السعود فيها طالعة‬

‫‪ -1‬أنظر معجم أعالم الجزائر‪ ،‬ص‪.233-221‬‬


‫‪ -2‬معجم أعالم الجزائر‪،‬ص‪853‬‬
‫‪ -3‬أنظر الحفناوي‪ ،‬تعريف الخلف ‪ ،‬ص‪231-233‬‬
‫‪ -4‬أنظر محمد بن محمد مخلوف‪ ،‬شجرة النور الزكية في طبقات املالكية‪ ،‬ص‪8221‬‬
‫‪ -5‬الورتالني‪،‬نزهة األنظار في فضل علم التاريخ واألخبار املشهورة بـ الرحلة الورثالنية‪212،‬‬
‫‪96‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫والعز عن أرضها ليس بمرتحل‬

‫أحمد بن قاسم البوني‪ 1‬ت ‪ 1026‬شاعر تولى التدريس ببايلك الشرق شاع عنه أنه‬
‫كان مقربا من السلطة خاصة مع الباشا محمد بكداش إذ برع في العلوم النقلية وخاصة‬
‫الحديث النبوي الشريف الذي أخذه عن العالمة علي يحي الشاوي وكان رحالة حيث أجازه‬
‫العالم عبد الباقي بن يوسف وأجازه حسن بن سالمة الطيبي بمصرمن تالمذته عبد القادر‬
‫الراشدي القسنطيني‬
‫ومن مؤلفاته‬

‫‪ ‬الدرة املصونة في ذكر أولياء وعلماء بونة‬


‫‪ ‬فتح الباري في شرح غريب البخاري‪.‬‬
‫‪ ‬نظم الخصائص النبوية‪.‬‬
‫‪ ‬االلهام و االنتباه في رفع االبهام و االشتباه‪.‬‬
‫‪ ‬اظهار نفائس ادخاري املهيئات لختم كتاب البخاري‪.‬‬
‫‪ ‬الثمار املهتصرة في املناقب العشرة‪.‬‬
‫‪ ‬الظل الوريف في الحث على العلم الشريف‪.‬‬
‫‪ ‬و تنوير السريرة بذكر أعظم السيرة‪.‬‬
‫ّ‬
‫الذخر األسنى بذكر أسماء هللا تعالى ُ‬
‫الحسنى‬ ‫‪‬‬
‫و قد احتفظت خزانة مخطوطات املكتبة الوطنية بالجزائر بهذا املؤلف األخير وهو‬
‫نظم في التوسل بأسمائه سبحانه و تعالى ومما يلي نورد نموذج مماكان ينظمه في‬
‫التصوف الشعري‪2‬‬

‫‪ -1‬أنظر ترجمته بإيجاز عند‪ :‬محمد بن محمد مخلوف‪ ،‬نفس املصدر‪ ،‬ص‪881‬‬
‫ّ‬
‫الذخر األسنى بذكر أسماء هللا تعالى ُ‬
‫الحسنى‪ ،‬تحقيق محمد شايب شريف‪ ،‬دار ابن حزم‪،‬‬ ‫‪ -2‬أنظر البوني‪،‬‬
‫بيروت‪،2158،‬ص‪88‬‬
‫‪97‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫قالئد كالياقوت تزهو على ُّ‬ ‫كر ُه *** َ‬ ‫ُ ّ‬


‫نظ ُم في أسما ِئه َج َّل ِذ ُ‬
‫الد ّ ِر‬ ‫ِ‬ ‫أ ِ‬
‫السر و َ‬‫املختار في ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وق ّ‬
‫الج ْه ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مدد‬
‫ِ‬ ‫من‬ ‫و‬‫***‬‫تي‬ ‫و‬ ‫بعو ِن إالهي ال بحولي‬
‫ْ‬ ‫فاقت َّ‬ ‫َ‬ ‫َْ ََ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ُ‬
‫الن َّد في ال ِعط ِر‬ ‫جل جالله *** ِبغي ِر تن ٍاه ِ‬ ‫عليه صالة هللا‬

‫‪ ‬في بالد الزواوة‬

‫الحسين بن يحي بن أحمد الشريف ترجم له الورتالني حيث عاش في القرن‪06‬م وتولى‬
‫تدريس الفقه ببالد الزواوة ولم تذكر املصادر تاريخ وفاته إذ تتلمذ على يده سيدي يحي بن‬
‫الواثق‪. 1‬‬

‫الحسن بن أحمد زروق بن مصباح فقيه ومدرس شاع في علم الحديث وتدريسه وفق‬
‫كتب السنة كصحيح البخاري ومسلم عاش في القرن‪03‬م حيث تولى التدريس بمعهد بني‬
‫يعلى العجيس ي ببالد الزواوة‪ 2‬لم تذكر املصادر تاريخ وفاته وتحدث عنه الورتالني في‬
‫رحلته‪.‬‬

‫حسين بن محمد صالح وفق ماورد في الرحلة الورتالنية فقد عاش في القرن‪06‬م كان‬
‫من أعالم التصوف حيث تولى التدريس ببالد الزواوة في هذه الفترة تتلمذ على يده أحمد‬
‫بن حسين الذي نال مكانة شرفية في مجتمع املنطقة حيث كان يعتقد الناس في كراماته‬
‫وماشاع عنه أنه كان يلعب دور الوساطة بين السلطة والقبائل املتمردة عليها خاصة فترة‬
‫حكم فرحات باي‪. 3‬‬

‫‪ -1‬الورتيالني‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ 512‬ينظر لزغم فوزية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪811‬‬
‫‪ -2‬أنظر الحسني القاسمي عبد املنعم‪ ،‬أعالم التصوف‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الخليلي القاسمي للنشر و التوزيع‪،‬الجزائر‪،‬ص‪12‬‬
‫‪ -3‬الورتالني‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ 31-33‬ينظر لزغم فوزية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪822‬‬
‫‪98‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫محمد بن علي الشالطي ابن علي الشريف كان شاعرا تولى التدريس في هذه املنطقة التي‬
‫انتشرت فيها الزوايا بشكل كبير‪ 1‬واشتهر بالتأليف في مجال الفلك الديني ونقصد هنا‬
‫ضبط مواقيت الصالة واملناسبات الدينية مثل حلول األشهر الهجرية كمحرم ومن‬

‫مؤلفاته معالم اإلستبصار وكتب في مدح الرسول صلى هللا عليه وسلم ناهيك عن‬
‫تقييدات فلكية ترصد مالحظاته حول زلزال بالد القبائل عام‪0612‬م‬

‫‪ ‬في إقليم الزيبان‬

‫الصادق بن مصطفى البسكري ‪2‬ت‪1351‬هو من أعالم الصوفية تولى تعليم القرآن و‬


‫تدريس العلم الشرعي بمسجد حي سيدي بركات ببسكرة أخذ عن العالمة سيدي محمد‬
‫بن عزوز البرجي الشريف ‪1817 -1756‬الطريقة الرحمانية ودخل الخلوة مابين سنتي‬
‫‪ 0306 -0318‬مع الشيخ سيدي علي بن عمرالطولقي وسيدي على جروني وسيدي‬
‫املختار الجاللي وسيدي الصادق بلحاج تبرمسين وسيدي عبد الحفيظ الخنقي وسيدي‬
‫املبارك بن خويدم كما أخذ عن سيدي عبد الحفيظ بن محمد الخنقي الهجرس ي الشريف‬
‫‪ 0381-0631‬العلوم الشرعية وقد عمل جاهدا على نشر الطريقة الرحمانية ومن‬
‫تالمذته الشيخ مصطفى بن رمضان والشيخ موس ي بن العابد وسيدي محمد الصالح بن‬
‫خنوش الشتمي وسيدي العباس ي‪.‬‬

‫مؤلفاته‬

‫‪ -1‬أنظر بن اسماعيلي محمد‪ ،‬مشايخ خالدون و علماء عاملون‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬مركز البحوث االجتماعية‬
‫بجامعة ميشيغان بالواليات المتحدة األمريكية‪،2115،‬ص‪.528‬‬

‫‪ -2‬أنظر لزغم فوزية‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪811‬‬


‫‪99‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ ‬قام بنسخ كتاب شرح املنظومة الرحمانية للشيخ مصطفى باش تارزي في‬
‫‪ 27‬رجب‪0211‬هـ‪.‬‬
‫‪ ‬ونسخ كتاب وسيلة املتوسلين في فضل الصالة على سيد املرسلين للشيخ‬
‫بركات بن أحمد العروس ي جمادى األول ‪0268‬هـ‪.‬‬
‫‪ ‬ألف كتاب تبصرة الذاكرين في طريق السالكين في ‪ 26‬رمضان ‪0268‬هـ‪.‬‬
‫‪ ‬ألف كتاب تحفة السلوك ملقام امللوك في شعبان ‪0261‬هـ‪.‬‬
‫‪ ‬ألف كتاب رسالة دائرة األولياء في ذي القعدة ‪ 0231‬هـ‪.‬‬

‫‪ ‬ألف كتاب لطائف الحكم الشافي من األمراض والسقم ‪ 8‬ذو الحجة‬


‫‪0231‬هـ‪.‬‬
‫‪ ‬ألف كتاب درر األرزاق في سر الحرف وتعمير األوفاق‬
‫محمد ابن أحمد بن عزوز البرجي‪ 1‬ت‪ 1313‬الذي أسس زاوية على الطريقة‬
‫الرحمانية تتلمذ على يده الشيخ عبد الرحمن باشتارزي وسيدي علي بن عمر‬
‫الطولقي صاحب زاوية طولقة وسيدي عبد الحفيظ الخنقي صاحب زاوية خنقة‬
‫سيدي ناجي وسيدي مبارك بن خويدم ومن شيوخه محمد بن عبد الرحمان األزهري‬
‫صاحب الطريقة الرحمانية‪.‬‬
‫مؤلفاته‬
‫‪ ‬رسالة عالية في قواطع املريد‬
‫‪ ‬شرح على التلخيص‬
‫عبد الحفيظ بن محمد الخنقي‪ 2‬ت‪ 1352‬والذي كان مقدما للطريقة الرحمانية‬
‫من تالمذته سيدي محمد الصادق بن رمضان ببسكرة وسيدي بن محمد املكي بن‬

‫‪ -1‬أنظر لزغم فوزية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪811‬‬


‫‪ -2‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪812-815‬‬

‫‪100‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫محمد الصديق الخنقي أما شيوخه فقد أخذ العلوم الشرعية على يد الشيخ‬
‫الصديق الونجني والشيخ محمد بن عزوز البرجي وتولى التدريس بزاوية بن عزوز‬
‫البرجي‪.‬‬
‫مؤلفاته‬
‫‪ ‬كتاب الحكم عام‪0381‬‬
‫‪ ‬الجواهر املكنونة في العلوم املصونة‬
‫‪ ‬غاية البداية في سر حكم النهاية‬

‫في بايلك الغرب‬


‫الطاهربن عبد القادر املشرفي ت‪1306‬م‬

‫هو دح املشرفي الوهراني املعسكري ‪ ،‬قاض‪ ،‬باحث‪ ،‬أستاذ باملدرسة املحمدية بخنق‬
‫النطاح ومن فقهاء املالكية‪ 1‬أخذ العلوم الشرعية عن أبو محمد عبد القادر بن عبد هللا‬
‫بن محمد بن أحمد بوجالل بوهران وأخذها كذلك عن محمد املرزوق والسيد محمد بن‬
‫عبد هللا املنور بتلمسان كما أخذها عن شيخه محمدالربيع الڨرومي بإقليم الراشدية‪.‬‬
‫مؤلفاته‬
‫‪ ‬إبراز املعاني من غوامض ألفاظ التفتازاني‬
‫‪ ‬شرح خطبة الشيخ السعد التفتازاني من كتاب ابراز املعاني من غوامض األلفاظ‬
‫‪ ‬شرح كتاب النصيحة الزروقية‬

‫‪ -1‬كتاب معجم أعالم الجزائر‪ ،‬ص‪.812‬‬


‫‪101‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫ومن تالميذه السيد السنوس ي بن عبد القادر بن دح‪ 1‬الذي رثاه بقصيدة قال فيها ‪:‬‬
‫أال إن املنـايــا عـدت عـلي ــك *** فارزقنا ما آنا نصطفي ــه‬
‫وهل يصفوا الزمان لنا وينخوا *** فمثلك خير شيخ تقتفي ــه‬
‫وهل يرض ي غريسا من سواك *** لعمري ما سواك بمرتض‬

‫مصطفى بن أحمد بن التهامي ت ‪ 1366‬متولى التدريس بزاوية القيطنة‬


‫بمعسكر‪ 2‬وهو فقيه وشاعر وصوفي أخذ علم السير و األنساب على يد والده الذي‬
‫تولى منصب اإلفتاء بوهران‪ .‬من تالميذه األمير عبد القادر‪ .‬له مطولة في التوسل تبلغ‬
‫‪ 122‬بيتا‪.‬‬

‫محمد بن علي بن سحنون‬

‫هو عالم أخذ العلم النقلي عن والده محمد بن علي بن سحنون الذي كان قاض ي من‬
‫قضاة معسكر في عهد الباي محمد الكبير إذ ترعرع بمنطقة غريس "كان ابن سحنون من‬
‫العلماء املالزمين لبالط الباي محمد الكبير‪ .‬وقد أشرف على املدرسة التي بناها هذا األخير‬
‫في مدينة معسكر‪ -‬عاصمة البايلك ‪ -‬كما أشرف على تعليم الباي عثمان ‪ -‬ابن محمد‬
‫الكبير"‪3‬‬

‫مؤلفاته‬

‫‪ ‬شرح عقيقة املنداس ي "األزهار الشقيقة"‬

‫‪ -1‬أنظر ترجمته املفصلة عند عبد الحي الكتاني‪،‬فهرس الفهارس واالثبات ومعجم املعاجم واملشيخات واملسلسالت‪،‬‬
‫ص‪.113‬‬
‫‪ -2‬ملزيد من املعلومات حول هذه الشخصية أنظر لونيس ي ابراهيم‪ ،‬مصطفى ابن التهامي ‪ 5333-5133‬العالم ورجل‬
‫دولة‪ ،‬مجلة عصور‪ ،‬املجلد‪ ،2‬العدد‪ ،5‬جامعة وهران‪ 81 ،‬جوان‪ ،2112‬ص‪11-15‬‬

‫‪ -3‬أنظر غالم محمد‪ ،‬ظاهرة الزلزال في األسطوغرافيا الجزائرية التقليدية ‪ -‬بين الذاكرة والتاريخ‪ ،‬مجلة إنسانيات‪،‬‬
‫العدد‪ ،18‬مركز الكراسك‪ ،‬وهران‪ ،‬ص‪.31-21‬‬
‫‪102‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ ‬ديوان"عقود املحاسن"‬
‫‪" ‬الثغر الجماني في ابتسام الثغر الوهراني "‪.‬‬
‫‪ ‬طب القاموس‪ ،‬وضعه بتكليف من الباي‪.‬‬

‫محمد بن محمد شقرون املقري ت‪1606‬م‬


‫تولى اإلمامة و التدريس بتلمسان هو محمد شقرون بن محمد بن أحمد بن أبي‬
‫جمعة املغراوي الوهراني‪ ،‬أبو عبد هللا‪ ،‬املعروف بشقرون‪ :‬حافط للحديث‪ ،‬مقرىء‪،‬‬
‫من فقهاء املالكية‪ .‬أخذ عن ابن غازي وغيره‪ ،‬وله مرثية فيه‪ .‬من تآليفه "الجيش‬
‫الكمين في الكر على من يكفر عوام املسلمين" و"تقييد" على "مورد الظمآن"‬
‫مخطوط في جزء واحد ضمن كتاب "الآللي الفريدة" رقمه ‪ 208‬في الخزانة‬
‫التيمورية‪ .‬توفي بفاس‪.1‬‬

‫أبو طالب محمد بن ْ‬


‫علي بن الشارف املازوني الغريس ي ت‪1313‬م‬
‫هو محمد أبو طالب بن علي بن عبد الرحمان بن محمد بن شارف بن احمد بن علي‬
‫بن عبد العزيز بن علي بن منصور بن محمد بن أعمر تولى التدريس بمازونة كما أشرف‬
‫على الطلبة في جهاده ضد اإلسبان في فتح وهران تتلمذ على يده ابنه سيدي هني‬
‫ومحمد بن علي السنوس ي املجاهري و الشيخ أبو راس الناصري ومن آثاره شرح‬
‫‪2‬‬
‫الصغرى " للسنوس ي التلمساني في التوحيد‪.‬‬

‫‪ -1‬كتاب معجم أعالم الجزائر‪ ،‬ص‪.531‬‬


‫‪ -2‬الترجمة متاحة على موقع وزارة الشؤون الدينية و األوقاف ‪ https://www.marw.dz‬تمت زيارة املوقع على‬
‫الساعة ‪ 53:11‬بتاريخ ‪2153/51/22‬‬
‫‪103‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫املحمدية‪1‬‬ ‫الطاهر بن حواء ت‪1011‬م بمستغانم والذي كان أستاذا باملدرسة‬


‫ولإلشارة فقد صارت بعض املدارس تستقطب بسببهم عددا كبيرا من التالميذ‬
‫الوافدين من كل األقطاب الجزائرية‪.‬‬
‫‪ .2-6 -‬حالة التعليم بالجزائرالعثمانية‬

‫برزت حركة تأسيسية في هذه الفترة لجملة من املدارس العربية اإلسالمية‪ ،2‬نذكر منها‬
‫العلى سبيل الحصر تشييد مدرسة سيدي محمد بن عبد الرحمن بجرجرة ومدرسة‬
‫قرومة شرق العاصمة و مدرسة صالح باي بقسنطينة وحسب ما ورد في تقارير‬
‫الفرنسيين وعلى رأسهم تقرير دوماس‪ 3‬فلقد كانت هذه الحركة التأسيسية تتخذ شكلين‬
‫متباينين‪:‬‬

‫فالشكل األول تجسد في إقامة نظام تربوي يعتمد على صقل شخصية األفراد من‬ ‫أ‪-‬‬
‫خالل تدريس املنطق وامليثافيزيقا و الحقوق لتحقق لهم إمكانية التأقلم مع بيئاتهم‬
‫اإلجتماعية‪.‬‬
‫أما الشكل الثاني فتمثل في إكساب املتعلمين املهارات األساسية من خالل تعلم‬ ‫ب‪-‬‬
‫الهندسة و علم الفلك و علم الجداول ومن تلك املهارات القدرة على تحديد أوقات‬
‫الصلوات الخمس في أوانها‪.‬‬

‫ونظرا لذلك قررت إدارة األوقاف الخيرية إقامة زوايا مجاورة لتلك املدارس بهدف‬
‫إيواء الطلبة وضمان تعليمهم وهذه الظاهرة تم توارثها منذ الفتح اإلسالمي لبالد املغارب إذ‬
‫كانت البرامج التدريسية بهذه املؤسسات تهدف إلى التأسيس لقواعد الدين اإلسالمي‬
‫وترسيخه‪ ،‬ولإلشارة فإن البرامج التعليمية آنذاك كانت جد مكثفة بهذه املؤسسات إذ كان‬
‫يتم في املرحلة اإلبتدائية تدريب املتمدرس على حفظ القرآن الكريم و املبادئ األساسية‬

‫‪ -1‬في رصد األعالم عد إلى‪ :‬نويهض عادل ‪ ،‬معجم أعالم الجزائر‪ ،‬مؤسسة نويهض الثقافية‪ ،‬بيروت‪5131،‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Archives de la wilaya d’Oran , Écoles coraniques, Dossier n°4064.‬‬

‫‪ -3‬عبد الحميد زوزو‪ -‬نصوص ووثائق في تاريخ الجزائر املعاصر‪ ،‬موفم للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،2151 ،‬ص‪.213-211‬‬
‫‪104‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫للحساب أما في مرحلة التعليم الثانوي فاتصفت املقررات التدريسية بشقين متباينين‬
‫تجسد الشق األول في التركيز على املعارف النقلية املتمثلة في علم الحديث و تفسير القرآن‬
‫الكريم وكذا أصول الفقه أما الشق الثاني من البرامج فارتكزت مقرراته على املعارف‬
‫العقلية كتدريس الفلسفة و علم الفلك و الحساب‪ .1‬وأكدت تقارير الفرنسيين‪ 2‬و التي‬
‫خصصت لوصف الحالة الثقافية للجزائر العثمانية بداية القرن ‪02‬م‪ ،‬أن هذه البرامج‬
‫كانت موحدة في جميع أنحاء الجزائر وأن هذا النوع من التعليم كان منتشرا بكثرة في املدن و‬
‫القرى وكانت املدارس املشرفة عليه تحتفظ باملخطوطات التي تجسد الحركة اإلنتاجية‬
‫العلمية لها‪.3‬‬

‫وكانت املقررات الدراسية توضع من قبل فئة املدرسين الذين عملوا على نشر‬
‫سياستهم التعليمية بين األهالي ألنهم كانوا يرون أن تعليم الجزائريين يشكل محفزا على‬
‫مستقبل مكانتهم اإلجتماعية بين شرائح كبيرة من املجتمع خاصة وأنهم كانت لهم سمعة‬
‫تخلق دافعية جذب عدد كبير من املتمدرسين إليهم ‪ ،‬لهذا أنشأوا مدارس خاصة بكل‬
‫املستويات اإلقليمية والتي كانت تستقطب حتى أبناء األرياف و الفالحين مثل مدارس‬
‫قسنطينة التي تراوح عدد متمدرسوها بين ‪ 111‬و ‪ 111‬ألف تلميذ ‪ 4‬ومدارس تلمسان‪.5‬‬

‫و أول خطوة تعليمية أقرها املشرفون على تلك املدارس هي إرساء مبدأ مجانية التعليم‬
‫و سموه التعليم الحر‪ 6‬إنطالقا من املستوى الثانوي إلى التعليم العالي وفتحوا على أنقاضه‬
‫مدارس ملحقة باملساجد‪ ،‬فانتشرت املؤسسات التعليمية بكثرة آنذاك وتفاوتت بين‬
‫‪ -1‬أنظر عبد القادر حلوش‪ ،‬سياسة فرنسا التعليمية في الجزائر‪،‬الطبعة األولى‪،‬شركة دار األمة‪ ،‬الجزائر‪،5111،‬‬
‫ص‪88-82‬‬
‫‪ -2‬أنظر هذه التقارير وعلى رأسها تقارير الجنرال دوماس عند عبد الحميد زوزو‪ ،‬نصوص ووثائق في تاريخ الجزائر‬
‫املعاصر‪ ،‬موفم للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،2151 ،‬ص‪.213-211‬‬
‫‪ -3‬أنظر سعد هللا أبوالقاسم‪ ،‬تاريخ الجزائر الثقافي‪،5381-5153‬ج‪،2‬ط‪،5‬دار الغرب اإلسالمي‪،‬بيروت‪5113،‬‬
‫‪ 4‬لإلشارة قد نعتته كتابات املؤرخين بالتعليم األصلي‪ .‬ملزيد من التفاصيل أنظر‪ :‬أبو القاسم سعد هللا‪ :‬تاريخ الجزائر‬
‫الثقافي‪،5112-5381‬الجزء الثالث‪،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،5113 ،‬ص‪.23‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Turin Yvonne, Affrontement culturels dans l’Algérie Coloniale (Écoles,‬‬
‫‪médecines, religion)1830-1880, ENAL, Alger,1983,p 127-128.‬‬
‫‪ 6‬أنظر الشرح املفصل عند عبد القادر حلوش ‪ ،‬سياسة فرنسا التعليمية في الجزائر ‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫‪105‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫املدارس اإلبتدائية القرآنية و معاهد التعليم العالي و عمل وكالء الشؤون الدينية على‬
‫إعطاء التعليم العربي اإلسالمي للجزائريين و يدخل هذا في إطار اهتمامات مؤسسات‬
‫األوقاف الخيرية التي كانت تعمل دائما على تشجيع شرائح اجتماعية جزائرية كبيرة على‬
‫اإللتحاق باملنشآت التعليمية غير أنها كانت تأخذ توجهات دينية وكان يطلق عليها باملدارس‬
‫العربية اإلسالمية‪ ،‬و كان الهدف منها العمل على تعليم الجزائريين تعليما أصليا و حصر‬
‫مهمة املدرسة في تكوين نخب يتسنى لها التكيف مع شتى التغيرات التي قد تطرأ على املجتمع‬
‫على املدى البعيد‪.‬‬

‫‪ -0.6‬حالة التعليم في تقارير الفرنسيين (تقرير الجنرال‬


‫الجنرال تريزال حول‬
‫حاضرة قسنطينة أنموذجا)‬
‫أثبتت تقارير الفرنسيين‪ 1‬عكس ماذهبت إليه الدراسات التي رأت انحطاطا في‬
‫حالة التعليم بالجزائر العثمانية وتبين أن هذا التدهور بدأ مع اإلحتالل الفرنس ي‬
‫للجزائر‪ ،‬إذ لم يكثر التداول على تبني دراسة موضوع التعليم بمنطقة قسنطينة‬
‫العثمانية‪ ،‬إال في شذرات متفرقة من كتب املختصين الجزائريين في التاريخ الحديث‬
‫ومن خالل ماورد في تقارير بعض الجنراالت الفرنسيين وعلى رأسهم الجنرال تريزال‬
‫بودو قائد فرقة قسنطينة العسكرية‪ ،‬و في هذا السياق حصرت الحديث في هذه‬
‫النقطة عن هذه املنطقة ألن مدارسها كانت ذات سمعة جد عالية مقارنة بمدارس‬
‫وهران و الجزائر العاصمة ثم أن املجال اليسمح لنا بتغطيته على باقي الحواضر‬
‫العلمية األخرى‪.‬‬

‫‪ -1‬من بين ذلك تقارير كاميل ألفونس تريزيل بودو (‪ 1‬يناير ‪ ،5131‬باريس ‪ 55 -‬أبريل ‪ ،5331‬باريس) كان املدير العام‬
‫الفرنس ي‪ ،‬وزير الحرب خالل النظام امللكي بفرنسا‪ .‬وكان مساعد رئيس األركان العامة في حملة موريا‪ ،‬وعمل في ‪5381‬‬
‫على الغزو الفرنس ي للجزائر‪ ،‬حيث عانى من هزيمة كارثية في معركة املقطع‪ ،‬أنظر ‪Camille Alphonse‬‬
‫‪Trézel", in Adolphe Robert and Gaston Cougny, Dictionnaire des‬‬
‫‪parlementaires français (1789-1891), Bourloton, Paris, 1889‬‬
‫‪106‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫فقد قدم لنا معاصر األحداث الجنرال تريزال بودو‪ 1‬شهادة تهدف إلى تحديد‬
‫خصائص التعليم العربي اإلسالمي في أواخر العهد العثماني بمنطقة قسنطينة و‬
‫املدارس امللحقة بهذا النوع من التعليم حيث تناول في فكرته األولى من شهادته التي‬
‫وردت تحت عنوان "تقرير عن التعليم األهلي بالجزائر"‪ 2‬اإلطار التاريخي للتعليم‬
‫بمنطقة قسنطينة‪ ،‬وقد حصره في فترة أواخر التواجد العثماني ‪0121‬م إلى غاية‬
‫سنة ‪0121‬م باعتبارها سنة اإلستيالء على املنطقة من طرف الفرنسيين و التي عثر‬
‫فيها على ثالثون مسجدا و سبع مدارس للتعليم الثانوي و ‪ 21‬مدرسة إبتدائية‪ ،‬وفي‬
‫الفكرة الثانية قدم إحصائيات للتالميذ امللتحقين بهذه املدارس والتي كانت تتسع‬
‫ل‪ 111‬تلميذ في مؤسسات التعليم الثانوي أما املدارس اإلبتدائية فتستقطب ‪0211‬‬
‫تلميذا‪ ،3‬كما تحدث عن نظام تأسيس هذه املدارس في املنطقة وفق نظام مؤسسة‬
‫األوقاف‪ ،‬و استعرض مسار التنظيم الداخلي و التقليدي لها فأشار إلى نفقات صيانتها‬
‫التي أرجعها إلى عائدات األحباس‪ ،‬وبين لنا بوضوح تام تعيينات أساتذة التعليم الثانوي‬
‫الذين كان يتم تعيينهم من طرف الداي بعد اقتراحات الناظر املتصرف في األوقاف و‬
‫املنتخب من قبل هيئة العلماء كما تطرق إلى أعباء التعليم التي كان يتلقاها األساتذة‬
‫والتي كان مصدرها عادة من عطاءات أولياء التالميذ من خالل املنح املادية من هدايا‬
‫وأموال تقدر قيمتها ب‪ 21‬فرنكا من العائدات السنوية‪.‬‬

‫وما تقدم أمامنا فإن شهادة الجنرال تريزال بودو تبدو ذات قيمة تاريخية هامة‪،‬‬
‫فقد استفادت منها الدراسات الحديثة مثل دراسات حلوش عبد القادر الذي كان‬
‫مهتما بتاريخ التعليم بالجزائر في العهد الحديث‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Archives d’outre-mer d’Aix en-Provence (A.O.M) série H229‬‬
‫‪ -2‬التقرير مترجم إلى العربية عند‪ :‬عبد الحميد زوزو‪ -‬نصوص ووثائق في تاريخ الجزائر املعاصر‪ ،‬موفم للنشر‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2151 ،‬ص‪225-251‬‬
‫‪ -3‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.251‬‬
‫‪107‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫و خص الجنرال تريزال بودو صفحات تقريره يسرد فيه أهم برامج الدراسات العليا‬
‫بمدارس قسنطينة هذا البرنامج الذي شمل عدة معارف منها الفلسفة كالتي تدرس‬
‫بفرنسا‪.‬‬

‫وقد أعطى بودو للبرامج التعليمية بعدا قانونيا تنظيميا لبعض املعارف الدينية‬
‫كالفقه الذي اختصره في مصطلح الحقوق معتبرا أن السياسة التعليمية بقسنطينة‬
‫العثمانية تميزت باتجاهاتها التنظيمية إذ تستند إلى فكر تربوي الختراق مجاالت الحياة‬
‫الخاصة و الشؤون العامة و من الوسائل التي اتخذتها إدارة األوقاف لتحقيق ذلك هي‬
‫تفعيل نشاطات الزوايا التعليمية و تقديم التسهيالت الالزمة لألساتذة من أجل تقديم‬
‫تعليم مميز لتالميذ املنطقة وماجاورها من عشائر‪.1‬‬

‫ف ـالجنرال تريزال بودو اهتم بسرد بعض التفاصيل عن السلوكيات التعليمية لسكان‬
‫منطقة قسنطينة‪ ،‬فأشار إلى أحداث أخرى سبقت مرحلة اإلحتالل الفرنس ي للجزائر‪،‬‬
‫خاصة تلك الوقائع التي جرت في عهد الدايات‪ ،‬ففي سياق حديثه عن النظام الداخلي‬
‫للمؤسسات التعليمية في أواخر العهد العثماني يدلي تصريحا واضحا على أنه خرج عن‬
‫روح عصره في عدم اإليمان بأن فرنسا جاءت لتنقل رسالة حضارية إلى الجزائريين فهو‬
‫يقول وهو يصف إستيالء الفرنسيين على قسنطينة‪ 2‬مثال‪..." :‬و هكذا تردى وضع‬
‫األساتذة نحو التذمر و الفقر‪ ،‬وتبعه انخفاض في مستوى التعليم مدة و انتظاما "‪.3‬‬

‫ومهما يكن فإن املنهج الذي سار عليه الجنرال تريزال بودو في تأليفه هو منهج‬
‫كالسيكي‪ ،‬كان املقررون الفرنسيون قد تعودوا عليه فهو يعترف في بداية تقريره‪ 4‬عن‬
‫مكانة قسنطينة التعليمية مقارنة بمدارس الغرب و الوسط الجزائري‪ ،‬ثم ينتقل ليؤكد‬
‫‪- Archives d’outre-mer d’Aix en-Provence (A.O.M) série H229‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ -3‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.251‬‬


‫‪- - Archives d’outre-mer d’Aix en-Provence (A.O.M) série H229‬‬
‫‪4 4‬‬

‫‪108‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫على أن القسنطينيين يتناسقون مع التونسيين و املصريين في ريادتهم التعليمية‪،‬‬


‫ونجده منددا كثيرا للمسلك اإلستعماري في تفسيره للحوادث التاريخية‪ ،‬ألنه حسب‬
‫ماورد في تقريره أن وضع التعليم تعفن مع فترة اإلستيالء على مدينة قسنطينة‪.‬‬

‫و في سياق متصل ترجم لنا الجنرال تريزال بودو من خالل إحصائيات و معطيات‬
‫علمية عدد املدارس التي بقيت بعد سقوط نظام العثمانيين في هذه الفترة وعدد‬
‫التالميذ الوافدين إلى املدرسة في التعليم االبتدائي و الثانوي وصرح في تقريره عن‬
‫توافد أبناء سكان العشائر املجاورة لقسنطينة إلى املدرسة بمالحظته انخفاض عدد‬
‫تالميذها على نقيض املعطيات التي مثلتها فترة الدايات ‪0121-0110‬م ‪.‬‬
‫و الظاهر أن اهتمام بودو بطرح هذا املوضوع انطالقا من معطيات إحصائية وردت في‬
‫األرشيف الفرنس ي جاء لينفي مقولة‪ 1 Oberlé‬أن فرنسا جاءت لتجسد املدنية لدى‬
‫الشعوب املتخلفة و بالتالي نجد أن تقارير الجنرال تريزال بودو حملت بعدا ثقافيا‬
‫واسعا من خالل مقارنة املعطى التاريخي بسنة ‪ 0121‬بمعطيات فترة التواجد‬
‫العثماني بالجزائر‪.‬‬
‫و أعطى دليال آخر في تقريره ملوضوع اإلزدهار التعليمي للمنطقة‪ ،‬حيث أشار إلى أنه‬
‫إذا كان أساتذة بعض املناطق املجاورة ملنطقة قسنطينة قد تجاوبوا للتدريس‬
‫باملدرسة العربية اإلسالمية فلقد تدخل في هذا التجاوب عامل أساس ي و هو اإلمتيازات‬
‫التي كانوا يتمتعون بها في هذه املدارس ذلك أن معدل املنح املخصصة لهم كانت تصل‬
‫إلى ‪ 911‬منحة سنويا‪ 2‬ناهيك عن السكن املجاني و املؤونة الغذائية الضرورية و التي‬
‫تلبي حاجيات أسرهم و بالتالي أعطى لتقريره بعدا سياسيا ثقافيا و يبرز ذلك من خالل‬

‫‪1‬‬ ‫‪ Thierry Oberlé: «Durant la colonisation, seules les élites indigènes‬يقول‬


‫‪parlaient la langue de Paris. Les enfants du peuple n'avaient pas accès à‬‬
‫‪l'école de la République.»,in Le Figaro.13 novembre 1997, p. 4.‬‬
‫‪ -2‬عبد الحميد زوزو‪ -‬نصوص ووثائق في تاريخ الجزائر املعاصر‪ ،‬ص‪.221‬‬

‫‪109‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫املعطى التاريخي الذي وضح من خالله فشل سياسة فرنسا التعليمية في الجزائر بعد‬
‫استيالئها على املناطق ذات الصرح التعليمي الرفيع‪.‬‬
‫من خالل ماتقدم أمامنا من تقارير فإن تقرير الجنرال تريزال بودو يحمل ميزة خاصة‬
‫ألنه تناول املوضوع من وجهته الخاصة و اتخذ بعدا مميزا في طرحه للفكرة فكان أوسع‬
‫من حيث تعاطيه للدراسة التاريخية مقارنة بدراسات الفرنسين التي تصف هذه الفترة‬
‫بالتخلف و اإلنحطاط حيث أظهر عدة فوارق وأهمها الفارق املكاني إذ تناول موضوع‬
‫التعليم في منطقة ذات سمعة علمية راقية‪ .‬ناهيك عن الفارق الكرونولوجي الذي يبرز‬
‫في حصر بودو دراسته من فترة سلطة الدايات إلى غاية اإلستيالء على قسنطينة من‬
‫طرف الفرنسيين سنة ‪0121‬م‪.‬‬

‫إذ على إثر ذلك نجد أن طرح الجنرال تريزال بودو حمل مفارقة كرونولوجية عجيبة‪،‬‬
‫جعلتني أخلص إلى التقييم التالي‪:‬‬

‫‪ ‬أن التعليم العربي اإلسالمي كان مزدهرا فترة التواجد العثماني بالجزائر لكنه‬
‫تراجع عند اإلستيالء على الجزائر من قبل الفرنسيين ألنه أصبح يشكل عائقا كبيرا‬
‫أمام سيطرة سلطات اإلحتالل الفرنس ي على املنطقة فالدراسات و األبحاث التي قام بها‬
‫الجنراالت الفرنسيين تبين أن املنطقة كانت تتكون من عناصر نخبوية محافظة ذات‬
‫كيان وطني منسجم بفضل الدين اإلسالمي األمر الذي أدى إلى فشل فرض سياستهم‬
‫التعليمية بها‪.‬‬
‫‪ ‬أن التعليم بقسنطينة العثمانية هدف إلى اللحاق بمضمار السمعة التي وصلتها‬
‫مدارس تونس و القاهرة باملشرق‪.‬‬

‫ويبرز الفارق املنهجي في تناول بودو املوضوع بإعطائه بعدا تاريخيا أوسع و أشمل من‬
‫بقية الدراسات التي سبق أن تناولت املوضوع في شذرات متفرقة في كتبها مثل ‪Vaz‬‬
‫الذي أعطاه بعد عنصري و ‪ Colonna‬التي أعطته بعد اقتصادي و ديمغرافي‪ ،‬بيد‬
‫أن الرابط األساس ي الذي استقى منه بودو تقريره تمثل في معايشته لألحداث مستعينا‬
‫‪110‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫باملقارنة بين فترتين وكانت هذه املقارنة التي استعملها تصب في وضع مقاربة علمية‬
‫تاريخية‪ ،‬وكذا في قضية توظيفه للمصطلحات التاريخية مثل "اإلطار املدرس" إذ أن‬
‫تقريره يعتبر بمثابة األرضية األولى النطالق الدراسات املقبلة على تعاطي موضوعات‬
‫تلغي ماذهبت إليه إجماعات بعض الدارسين على الركود التعليمي في أواخر العهد‬
‫العثماني‪.‬‬

‫‪ -0‬فئة الطلبة‬

‫لعبت فئة الطلبة دورا حاسما في صناعة الفعل التاريخي فترة الدايات‪ ،‬فماميزها آنذاك‬
‫هو وعيها للوضع الخطير الذي كانت ستؤول إليه البالد جراء الغزو األجنبي عليها فكان لها‬
‫مسارا تاريخيا هاما هذه الفترة‪ .‬ورغم أن هذه الفئة كان مهامها حمل العلم الشريف لكنها‬
‫حسمت املض ي إلى أبعد من ذلك إلى املرابطة والجهاد في سبيل هللا‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫فلقد ورد في الوثائق التاريخية القديمة التتويج البطولي الذي اختصت به زمن فتح‬
‫وهران فبلغ وزنها الذروة القصوى في حياة املجتمع الجزائري آنذاك ومن ذلك ماتغنى به‬
‫الحلفاوي في أرجوزته‪ 1‬التي تحدث فيها عن دورها‪ 2‬خالل الفتح األول لوهران على يد‬
‫محمد بكداش حيث قال‪:‬‬

‫ثم نادى بالجهاد في الورى***مقدما ماكان عندهم ورا‬

‫فسارع الناس له إذ طلبه***السيما جماعة من طلبة‬

‫وبالتالي فقد اتصفت هذه الفئة بمجموعة من املبادئ السلوكية التي جعلتها تبرز كطبقة‬
‫فاعلة في السياق التاريخي من خالل املشاركة في عملية الجهاد ضد اإلحتالل اإلسباني‬
‫لوهران‪ ،‬وتشير املرجعيات إلى أن الباي كان يود بتجنيده للطالب في هذا الفتح التبرك‬
‫ب"حملة العلم الشريف" كما ورد في نفس األرجوزة‪.‬‬

‫وحسب مااستنبطناه من هذه الوثائق فإن مشاركتها في صنع الفعل التاريخي واستجابتها‬
‫لفتح وهران لم يكن بفعل اإلكراه من طرف السلطة‪ .‬وإن كان في أحيان كثيرة من واجبها‬
‫اإلستجابة لنداء الباي بل ألن الضرورة الحتمية التي آلت إليها أوضاع البالد جعل هذه‬
‫الفئة تتجند من جميع أنحاء البالد قاطبة وأشار إلى هذا ابن زرفة قائال "وجاؤوه من كل‬
‫فج عميق"‪3‬‬

‫ومعنى هذا أن هناك مصلحة عامة تعلو أي قوة أو أي سلطة أو إرادة تلزمهم البروز كنخبة‬
‫مثقفة في إنقاذ البالد من كل مكروه‪.‬‬

‫‪ -1‬أرجوزة الحلفاوي‪ ،‬املكتبة الوطنية‪،‬رقم‪ ،8125‬الورقة‪21‬‬


‫‪ -2‬لقد قدم خليفة حماش شرحا موجزا للبيت الشعري الذي ورد في أرجوزة الحلفاوي حيث يشير إلى أن لفظة طلبه‬
‫التي ذكرها في الشطر األول من البيت الثاني تعود إلى محمد بكداش ولفظة طلبة الواردة في الشطر الثاني تعود إلى‬
‫الطلبة‪ .‬أنظر‪ :‬خليفة حماش‪ ،‬دور الطلبة الجزائريين‪ ،‬ص‪213‬‬
‫‪ -3‬ابن زرفة‪ ،‬الرحلة القمرية‪،‬املكتبة الوطنية‪ ،2111 ،‬ورقة‪11‬‬
‫‪112‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫وبناءا على املعطيات العلمية التي وقعت بين أيدينا حول هذه الفئة فإن بروزها‬
‫كفعل مؤثر في األوضاع آنذاك نمى فكرة املرابطة و الرباط لدى السلطة التي جعلت تهتم‬
‫بالرباط وسخرت له مايلزم ملواجهة األجانب خاصة مع الفتح الثاني لوهران وال بأس أن‬
‫نشير إلى أهم املناطق التي وفد منها الطلبة لتحرير وهران الللحصر معسكر‪ ،‬مازونة‪،‬‬
‫غريس‪ ،‬ترارة وندرومة‪.1‬‬

‫فلقد كان الطلبة قوى محركة إلرادة الباي محمد الكبير و الذي جعلهم يالزمون الثغور‬
‫لحراسة أقاليم بايلك الغرب من أي غارات أجنبية‪ ،‬ففي مازونة أمر الباي محمد الكبير‬
‫بتجهيزهم بالبارود والسالح الالزم وكان يشرف على رباطهم شيخهم الفقيه محمد بن أبي‬
‫طالب املازوني‪ 2‬رفقة الشيخين محمد بن املوفق بوجالل‪ 3‬والطاهر بن حوى قاض ي‬
‫معسكر‪" ،‬إذ كان يشجع الجنود والعامة على االقتداء بهم واالرتماء في أحضان املعركة بكل‬
‫حماس وجدية وكان مطاعا عند الطلبة مهابا بينهم ما أمر بش يء إال امتثلوه وال عن غيره إال‬
‫اجتنبوه"‪ .4‬وفي املحمدية أشرف على رباطهم أبو املعالي السيد محمد بن عبد هللا‬
‫الجياللي‪ 5‬وفي ندرومة وترارة أشرف عليهم السيد محمد بن أبي سيف وفي شلف ومزغران‬
‫أشرف عليهم أمحمد بن يحي بن عبد العزيز صاحب زاوية مجاجة هذا األخير الذي كان‬
‫يساهم في إطعام املجاهدين الذين يخرجون لقتال األجانب بثغر تنس‪6‬‬

‫‪ -1‬خليفة حماش‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪211‬‬


‫َ ْ‬ ‫ْ‬
‫اعالم ما زونة له إطالع على العلوم الفقهية والكالمية اشتهر بنزعته‬ ‫‪ -2‬الشيخ محمد أبو طالب بوطالب فقيه عالم من‬
‫ْ‬ ‫ُ ْ‬
‫وفية وحماسه الديني َشارح " ُ‬
‫التلمساني في التوحيد‪ .‬أنظر ترجمته عند بوركبة محمد‪،‬‬ ‫الصغرى " للسنوس ي‬ ‫الص‬
‫الشيخ أبوطالب املازوني من خالل مخطوط الكوكب الثاقب‪ ،‬املجلة الجزائرية للمخطوطات‪ ،‬املجلد‪،1‬‬
‫العدد‪،3‬جامعة وهران‪85،‬ديسمبر‪،2155‬ص‪11-18‬‬
‫‪ -3‬هو محمد بن املغربي بن احمد بن املوفق بن محمد بن عبد الجليل مدرس استقر بمعسكر إلى أن توفي بها سنة‬
‫‪ 5181‬م في عهد الباي مصطفى املسراتي من اشهر ذريته سيدي محمد بن عبد هللا الجاللي شيخ املدرسة املحمدية‬
‫وقائد الطلبة في فتح وهران الثاني سنة ‪5112‬‬
‫‪ -4‬ترجمة الشخصية متاحة على موقع وزارة الشؤون الدينية و األوقاف ‪https://www.marw.dz‬‬
‫‪ -5‬ترجمة الشخصية متاحة على موقع وزارة الشؤون الدينية و األوقاف ‪https://www.marw.dz‬‬
‫‪ -6‬ترجمة الشخصية متاحة على موقع وزارة الشؤون الدينية و األوقاف ‪https://www.marw.dz‬‬
‫‪113‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫فمرابطة الطلبة لتلك الثغور كان لها أهمية أساسية لو قسنا الوعي الذي تميزوا‬
‫به والذي قام على فكرة التحرر واالستقاللية ناهيك عن التجلي اإلجتماعي خاصة ملا نلمس‬
‫من الوثائق الطريقة التي كان الناس ينظرون بها إليهم على أنهم قوى تحمل شروط النصر‬
‫ضد العدو فكانوا يتبركون بوجودهم في صفوف الجهاد الحربي‪.‬‬

‫والذي نريد أن نشير إليه هنا هو أن مشاركة الطلبة في هذا الفعل التاريخي‪ ،‬كان له‬
‫تجاوب عميق من طرف عامة الناس الذين كانوا يخرجون للقاء موكبهم السائر نحو وهران‬
‫لتحريرها والذين غالبا ماكانوا يقيمون في بعض املناطق قبل وصولهم إليها إذ كان العامة‬
‫يضيفونهم ويطعمونهم بأطيب املأكوالت‪.1‬‬

‫على ضوء هذا نجد أن مااكتسبه الطلبة من قيمة وسط العامة يعكس التمثل‬
‫العام لذهنية املجتمع في خضم األحداث الكبرى التي شهدتها الجزائر في هذه الفترة وأهمها‬
‫الفتح األول و الثاني لوهران فمشاركة الطلبة في صنع الحدث يحوي غايات كانت هذه‬
‫الفئة تسعى لتحقيقها فهي تقبل التحدي والتعرض لألخطار بغية الحد من وجود سلطة‬
‫مسيحية قد تحكم الجزائر وهو املبدأ السامي الذي باشرت هذه الفئة على الدفاع عنه‪.‬‬

‫وهنا نؤكد إن الوعي الذي يعكس توجه هذه الفئة آنذاك كان نتاج ظروف تاريخية‬
‫حماسية كونت قوة السلطة الحاكمة نتيجة التقارب بين الطلبة والحكام إذ ألزمتهم‬
‫الحاجة آنذاك إلى هذه الفئة كطبقة ثقافية ذات خصوصيات محركة لظروف اإلنتصار‬
‫على اإلحتالل اإلسباني لوهران‪.‬‬

‫ترجمة نخبة الطلبة (بايلك الغرب أنموذجا)‬

‫اإلمام الرماص ي ت‪1020‬‬


‫هو أبو الخيرات مصطفى بن عبد هللا بن مؤمن الرماص ي سمي بهذا اإلسم نسبة إلى‬
‫انحداره من منطقة رماصة‪ ،‬وهي بلدة تقع غرب الجزائر‪ .‬شاع بين فقهاء املذهب املالكي‬

‫‪ -1‬خليفة حماش‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪211‬‬


‫‪114‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫وتكلم عنه الحفناوي في كتابه فقال عنه " العالمة املتفنن املحقق والجهبذ النقاد املدقق‪،‬‬
‫من أذعنت له في وقته األقران ولم يختلف في فضله و سعة علمه إثنان وتزاحم على بنات‬
‫فكره وعرائس سره الداني من أهل العلم و القاص ي‪ ،‬الشيخ اإلمام القدوة مصطفى بن‬
‫عبد هللا بن مومن الرماص ي"‪ 1‬وقد درس الرماص ي بزاوية مازونة على يد مشايخ كبار منهم‬
‫محمد بن علي ابن الشارف املازوني و الشيخ أبو راس املازوني وملا اشتد أزره تولى التدريس‬
‫بمعسكر حيث درس على يده علماء كثر نشير منهم إلى الشيخ محمد بن عبد هللا بن أيوب‬
‫والشيخ محمد بن علي الشريف الجعدي ‪.‬‬
‫من مؤلفاته‪:2‬‬
‫‪ ‬حاشيته على شرح التتائي ملختصر خليل‪.‬‬
‫‪ ‬كفاية املريد في شرح عقيدة التوحيد‬
‫‪ ‬رسالة في العتاب بخصوص مسائل فقهية‬
‫‪ ‬أجوبة فقهية تقع في ‪ 20‬ورقة أجاب فيها عن أسئلة عالم تطوان الشيخ سيدي‬
‫علي بركة‪ ،‬عن مسائل في مختصر الشيخ خليل‪.‬‬
‫‪ ‬قصيدة رثائية قالها في شيخه عمرو التراري بن أحمد املشرفي تحتوي ‪ 011‬بيتا‪.‬‬
‫‪ ‬تأليف في املنطق‬

‫محمد أبوراس الناصري ت ‪1323‬م‬

‫‪ ‬محمد بن أحمد بن عبد القادر بن محمد الراشدي الجليلي املعسكري‪ ،‬املعروف‬


‫بأبي راس‪ 3:‬مؤرخ‪ ،‬حافظ‪ ،‬له مشاركة في الفقه واألدب والحديث وغير ذلك‪.‬‬

‫‪ -1‬الحفناوي سيدي أبي القاسم محمد‪ ،‬تعريف الخلف برجال السلف‪ ،‬ج‪ ،2‬مطبعة فيير فونتانة‪ ،‬الجزائر‪،5113،‬‬
‫ص‪.133‬‬
‫‪ -2‬أنظر نموذج منها عند حيدرة محمد‪ ،‬التعريف بأجوبة الشيخ مصطفى الرماص ي‪ ،‬املجلة الجزائرية للمخطوطات‪،‬‬
‫املجلد‪ ،1‬العدد‪ ،51‬جامعة وهران‪ 81 ،‬جوان ‪ ،2158‬ص‪.15‬‬
‫‪ -3‬كتاب معجم أعالم الجزائر‪ ،‬ص‪813‬‬
‫‪115‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫مولده ووفاته في "معسكر" وصفه الحفناوي فقال في شأنه" العالمة املحقق‬


‫الحافظ البحر الجامع املتدفق الالفظ من هو ليث الدين أوثق أساس وأضوأ‬
‫نبراس اإلمام القدوة املتفنن سيدي محمد أبو راس بن أحمد بن ناصر الراشدي‬
‫الناصري كان رحمه هللا ورض ي عنه إماما في املعقول واملنقول وإليه يرجع في‬
‫الفروع واألصول ورحل في طلب العلم واكتساب املعارف‪ ،‬وافى األفاضل من أهل‬
‫مصر وتونس وفاس وأخذ عنهم التالد والطارف ودرس وأفاد ورفع منار العلم‬
‫وأشاد وكان يدعى في زمانه الحافظ لقوة حفظه وتمكنه متى شاء من استحضار‬
‫مسائله حتى ّ‬
‫كأن العلوم كتبت بين عينيه"‪1‬‬

‫‪ ‬له " لب افياخي في عدة اشياخي" و "تخريج أحاديث دالئل الخيرات " و"شرح‬
‫املقامات الحريرية" و"السيف املنتض ى فيما رويته بأسانيد الشيخ مرتضاى و‬
‫"مروج الذهب في نبذة النسب ومن الى الشرف انتمى وذهب" و"ذيل القرطاس في‬
‫ملوك بني وطاس" و"در السحابة فيمن دخل املغرب االقص ى"‪ 2‬تتلمذ على يده‬
‫محمد بن علي السنوس ي و األمير عبد القادر الجزائري‪.‬‬

‫عبد القادر بن محي الدين ت‪1330‬‬

‫‪ -1‬أنظرتعريف الخلف برجال السلف‪،‬ج‪ ،2‬مطبعة بيير فونتانة‪ ،‬الجزائر‪5113،‬‬


‫‪ -2‬كتاب معجم أعالم الجزائر‪ ،‬ص‪813‬‬
‫‪116‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ ‬هو من نخبة الطلبة الذين نالوا اإلجازة العلمية‪ 1‬في هذه الفترة حيث أخذ العلوم‬
‫النقلية عن الشيخ أحمد بن الخوجة بوهران وأخذ الفلسفة و الجغرافيا عن‬
‫الشيخ أحمد بن الطاهر البطيوي قاض ي آرزيو في الفترة مابين‪0328-0320‬م‪.‬‬
‫محمد بن علي السنوس ي‬
‫من نخبة الطلبة الذين حصلوا على املشيخة الكبرى حيث أخذ العلم الشرعي من‬
‫طرف علماء مستغانم وتولى التدريس على الطريقة التيجانية‪ 2‬بعين ماض ي وكان‬
‫ذلك عام‪0321‬م‬
‫مسلم بن عبد القادرت‪1302‬‬
‫‪ ‬من النخب املقربة من السلطة حيث اشتغل منصب كاتب لدى الباي حسن‬
‫بوهران وتوالها قبل ذلك لدى اآلغا املزاري على مخزن وهران ومن آثاره أنه خلف‬
‫العديد من القصائد الشعرية ذات أصناف متنوعة نذكر منها ماقاله الوهراني في‬
‫العلم‪3‬‬

‫يا هؤالء قد انكرتم علينا‬


‫وقلتم هذا الشعر ليس يبتدع‬
‫وقلتم إنه امرؤ جاهل‬
‫ولهذه املعاني ال يستطع‬
‫اعلم إن العلم ليس يمتنع‬
‫وإن األسرار دأبا ال تنقطع‬
‫ورب في النهر يوجد الدرر‬
‫والكبريت األحمر يا ممتنع‬

‫‪ -1‬رابح بونار ‪،‬األمير عبد القادر حياته وأدبه‪ ،‬مجلة آمال‪ ،‬عدد خاص عن األمير عبد القادر‪ ،‬الجزائر‪، 5111،‬ص‪22‬‬
‫‪ -2‬ملزيد من املعلومات أنظر بن عبد القادر عبد املالك‪ ،‬الفوائد الجلية في تاريخ العائلة السنوسية‪ ،‬بدون دار نشر‪،‬‬
‫ليبيا‪55،‬جوان‪2153‬‬
‫‪ -3‬القصيدة متاحة على املوقع اإللكتروني تم دخول املوقع بتاريخ ‪ 2153/51/21‬على الساعة‬
‫‪www.poetsgate.com58:53‬‬
‫‪117‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫َ‬
‫ونور اَلل ال ينكره عاقل‬
‫والضوء كالظالم عند من ال يطلع‬
‫واملاء بنكره املريض طبيعة‬
‫والشمس يقصر عنها من كان مرتدع‬
‫ولكن لكم حقا إذا من جانب‬
‫فاألشياء لها أضداد ال ترتفع‬
‫َ‬
‫ونحن بحمد اَلل الذي علمنا‬
‫ونشكره على ذلك املصطنع‬
‫ونرجوه سبحانه أن ال يزيغنا‬
‫وإن يبدل جهلنا بعلمه الساطع‬
‫وإن يشفع فيها من لواله ما‬
‫ّ‬
‫متشرغ‬ ‫خلقت دنيا وال كان فيها‬
‫َ‬
‫فضل اَلل ما له من مانع‬
‫سد الذريعة يا من قلت ال يستطيع‬

‫‪118‬‬
‫التمثالت الثقافية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪119‬‬
‫املقاربة السياسية‬

‫الفصلمالثاينم‬
‫مقاربةمالعالقةمبنيمالسلطةموالنخبةمالثقافيةم‬
‫(‪1381-1761‬م)‬‫ابجلزائرمالعامثنيةميفمعهدمادلاايتم‬
‫المقاربة السياسية‬

‫‪ -0‬تمهيد‬
‫يرتبط إشكال مقاربة عالقة السلطة بالنخب الثقافية سياسيا ارتباطا وثيقا بالتحول‬
‫في نظام الدايات الذي شهده تاريخ البالد مع نهاية الحكم العثماني‪ ،1‬وتعلق األمر بتعدد‬
‫الصدامات والصراع حول السلطة حيث خلقت التغيرات السياسية لدى الدايات‬
‫مسارات حرجة في تطور العالقة بين الطرفين‪ ،2‬غير أن مسألة ضبط طبيعة تلك العالقة‬
‫تتطلب الحيطة و الحذر في إصدار أي أحكام في ضوء املعرفة التاريخية‪ .‬ألن موقف‬
‫السلطة تجاه بعض الفئات النخبوية في هذه الفترة غامض نوعا ما‪ ،‬باإلضافة الى تراكم‬
‫العديد من الطروحات التي تجعلها على صلة وثيقة بهذه الفئة تارة و تارة أخرى تحاول أن‬
‫تبرز الجانب العدائي بينهما فيبقى الطرح ملتبس ويحتاج إلى الدقة في مقاربة هذه العالقة‪.‬‬
‫ومن زاوية أخرى سبق وأن أشرنا إلى تكامل هذه العالقة و تداخلها وفق ظروف محددة‬
‫والتي تجسدت في التالحم و التحالف بينهما للقضاء على الغزو األجنبي آنذاك‪ ،3‬بيد أن ما‬
‫توفره لنا املصادر التي وقعت بين أيدينا والتقارير وما توصلت إليه الدراسات الحديثة‬
‫تتفق جميعها على حدوث تحول في طبيعة هذه العالقة‪ 4‬خاصة في هذه الفترة التي نحن‬
‫بصدد دراستها‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ :‬مبارك بن محمد امليلي‪ ،‬تاريخ الجزائر في القديم و الحديث‪ ،‬ج‪ ،8‬مكتبة النهضة الجزائرية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.533‬‬
‫‪-2‬في هذا اإلطار يمكن تقسيم هذه املسارات إلى مرحلتين أساسيتين من تاريخ الدولة حيث تمتد املرحلة األولى من‬
‫‪ 5315‬إلى ‪ 5311‬ففي بدايتها تولى الداي محمد باشا السلطة ملدة إحدى عشر سنة‪5332-5315 2‬م حيث كانت فيها‬
‫مداخيل الجهاد البحري تصب في خزينة الدولة بشكل قوي وقد عزف فيها الجيش اإلنكشاري عن ممارسة العمل‬
‫السياس ي أما املراحل التي تلتها فكانت مراحل صراع على السلطة أنظر‪ :‬مصطفى بن عمار‪ ،‬الصراع على السلطة في‬
‫الجزائر في عهد الدايات‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في التاريخ الحديث‪ ،‬إشراف فلة القشاعي موساوي‪،‬‬
‫كلية العلوم اإلنسانية و اإلجتماعية‪ ،‬قسم التاريخ‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2‬السنة الجامعية ‪ ،2151-2111‬ص‪.32‬‬

‫‪ -3‬أنظر في شأن هذه الظروف‪ ،‬أحمد توفيق املدني‪ ،‬كتاب الجزائر‪ ،‬املطبعة العربية‪ ،‬الجزائر‪ ،5185 ،‬ص‪.83-82‬‬
‫‪ -4‬تعرضت العالقات بين النخب الثقافية والسلطة إلى عدة متغيرات إذ بدأت تسوء بعد القضاء على اإلحتالل‬
‫اإلسباني للجزائر خاصة بسبب تراجع مداخيل الخزينة الجزائرية عن طريق القرصنة وفرض الضرائب على السكان‬
‫ملزيد من التفاصيل أنظر‪ ،‬ناصر الدين سعيدوني‪ ،‬النظام املالي للجزائر في أواخر العهد العثماني‪ ،5381-5112‬ط‪،2‬‬
‫املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،5131 ،‬ص‪.31‬‬
‫‪119‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫‪ -9‬املقاربة السياسية‬
‫اختلفت رؤى املؤرخين في توضيح الدور السياس ي للنخب الثقافية في فترة الدايات‪ ،1‬ومن‬
‫هنا يمكننا أن نؤكد أن الطابع الجهادي الذي ميز السلطة في بداية األمر ضد الغزو‬
‫اإلسباني للسواحل الجزائرية وعلى رأسها وهران واستمر إلى غاية ‪0612‬م‪ ،‬هو العامل‬
‫األساس ي الذي قامت عليه العالقة بين النخبة الثقافية و السلطة وأن الصراع بين‬
‫العثمانيين والصليبيين كان دافعا قويا لظهور فئة مميزة في صورة مركزية للسيطرة على‬
‫الغزو‪ ،‬فبناءا على أن فئة النخبة لها قدرة تعبئة العاطفة الدينية‪ ،‬فطبقة رجال الدين من‬
‫مرابطين وشيوخ زوايا وفقهاء وأشراف أصبحوا حينئذ الشريحة الرئيسية في بسط نفوذ‬
‫السلطة داخل البالد‪ ،‬حيث يمثلون توجهها تمثيال دينيا‪ ،‬وبذلك يكون تطبيق قوانينها في‬
‫مناطق نفوذها يشكل الشرعية والتوافق بين السلطة واملجتمع‪.‬‬
‫النخب والتعبئة العاطفية‪2‬‬ ‫‪-1‬‬

‫شكلت التعبئة العاطفية الجهادية آنذاك نموذجا مؤثرا في حياة العامة بكل جوانبها‬
‫الثقافية والسياسية‪ ،‬وأبرز مثال على ذلك قصائد الشاعر محمد بن محمد بن علي‬
‫ابن أقوجيل‪ 3‬و التي كانت سببا في استثارة العواطف النفسية‪ 4‬إذ استحث السلطة‬
‫على الجهاد قائال‪:‬‬

‫جه ــز جي ـ ــوشا كاألس ــود وس ــرحن ‪ ...‬تلك الج ــواري في عب ــاب بح ــور‬

‫أض ــرم عل ــى الكف ــار ن ــار الحــرب ال ‪ ...‬تقل ـ ــع وال تمـهــله ـ ــم بفت ـ ــور‬

‫‪ -1‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬التمثالت السياسية للنخب الثقافية و السلطة بالجزائر في عهد الدايات ‪،5381-5315‬‬
‫مجلة املواقف‪ ،‬املجلد‪ ،52‬العدد‪ ،2‬جامعة معسكر‪ ،‬جوان ‪ ،2151‬ص‪21‬‬

‫‪ -2‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪23‬‬


‫‪ -3‬فقيه مالكي‪ ،‬كاتب‪،‬شاعر وأديب من أسرة توارثت القضاء عاش في القرن ‪51‬م أنظر‪ :‬عائشة بن نور‪ ،‬فضيلة بن‬
‫سهادة وآخرون‪ ،‬موسوعة العلماء و األدباء الجزائريين‪ ،‬إشراف رابح خدوس ي‪ ،‬منشورات الحضارة‪ ،2152،‬ص‪.222‬‬
‫طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪23‬‬
‫‪ -4‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.213‬‬
‫‪120‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫وبق ــربن ــا وهـ ـران ض ــرس مـ ــؤلـم ‪ ...‬سه ــل اقتـ ــالع ف ــي اعتنـاء يسيـر‬

‫ك ــم قد أذت من مسلمي ــن وكــم سب ــت ‪ ...‬منـه ــم بـقه ـ ــر أسيـ ــرة وأسيـ ــر‬

‫وقد جاء على إثرهذه القصيدة التي نظمها ابن أقوجيل‪ 1‬على عهد حسين خوجة الشريف‬
‫باشا‪ 2‬مباشرة التحرير األول لوهران عام ‪0613‬م‪ 3‬وذلك في عهد الداي بكداش‪ ،4‬بعدما‬
‫أمر هذا األخير الباي مصطفى بوشالغم‪ 5‬بتحرير وهران ولإلشارة فلقد استعان هذا‬
‫األخير برجال الدين وكذا تالميذ املدارس القرآنية لطرد اإلسبان من املنطقة‪.6‬‬

‫فهذه املرجعية األساسية تعرف كتعبئة جهادية حماسية مهدت لحركية التوافق بين‬
‫السلطة والنخب الداعمة لها وبين النخبة كوسيط سياس ي واملجتمع الذي انبثقت منه‬
‫حركات جهادية انسجامية ثم حركة متفاعلة مع القوانين التي تمثل نفوذ السلطة وتوغلها‬
‫بالجزائر‪.‬‬
‫ي‪7‬‬ ‫وملا استعاد الداي بكداش وهران‪ ،‬تمتع الشعراء بحضور فاعل في املشهد السياس‬
‫واتخذته السلطة كوسيلة لتعصم بها نفوذها إنتاجا وهوية ومن ذلك ماأورده أبوراس‬
‫الناصري‪ 8‬في سينيته‪:9‬‬

‫‪ -1‬شاعر و فقيه مالكي أنظر نويهض عادل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.222‬‬


‫‪ -2‬حكم حسين خوجة شريف في الفترة مابين ‪5111-5111‬م‬
‫‪ -3‬أنظر‪ :‬بسام العسلي‪ ،‬الجزائر و الحمالت الصليبية سلسلة جهاد شعب الجزائر‪ ،‬ط‪،8‬دار النفائس‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،5133،‬ص‪ .513‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪23‬‬
‫‪ -4‬حكم في الفترة مابين ‪5151-5111‬م‬
‫‪ -5‬تولى مصطفي بن يوسف بوشالغم املسراتي بايلك الغرب عام‪ 5333‬وله محاوالت عديدة في تحرير وهران‬
‫‪ -6‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪ -7‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫ّ‬
‫‪ -8‬هو محمد أبو راس بن أحمد بن ناصر الراشدي عالمة ومحقق في العلوم اإلسالمية ُوِلد بنواحي مدينة معسكر يوم‬
‫ودفن بمعسكر‬ ‫‪ 3‬صفر‪5531‬ه املوافق ل ‪ 27‬ديسمبر‪ ،5115‬وتوفي يوم ‪ 51‬شعبان‪5283‬املوافق ل‪ 21‬أبريل ‪ُ ،5328‬‬
‫حيث شارك في الجهاد لفتح وهران سنة ‪5213‬هـ‪5111 /‬م‪ ،‬إلى جنب الباي محمد عثمان الكبير‪.‬أنظر ترجمته الوافية‬
‫عند أبو القاسم الحفناوي في كتابه ‪:‬تعريف الخلف برجال السلف‪ ،‬ج‪ ،2‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‬
‫‪.5111‬‬
‫‪ -9‬أنظر ‪ :‬بن عودة اآلغا املزاري‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ .283‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،2151‬ص‪21‬‬
‫‪121‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫أقام بالجزاير مذهب ّ‬


‫الدمس‬ ‫ملا أراد هللا عود اإليمان بها‬

‫قد فاق األكفاء في ّ‬


‫الدهاء والرعس‬ ‫محمدا بكداش أضحى باشتها‬

‫في شرقها نزلوا في ّبرها اليبس‬ ‫جهز أجفنا باألتراك مشحنة‬

‫أضحى لذلك حزب الكفر منبئس‬ ‫مدافعا وعرادات أتانا بها‬

‫وقائف مصطفى ذو البأس والفرس‬ ‫في كل حين أوزن حسن يزاولها‬

‫من بعد سكنى به والدين في وكس‬ ‫ففتحت عنوة في تسع عاشرة‬

‫سنة بنا قد ّ‬
‫سنها في جرس‬ ‫ّ‬ ‫عاقبة الغدر للبوار قد قررت‬
‫ر‬

‫كانت لها طيبات األنس في دنس‬ ‫أضحت مراتع أمن لألنام وقد‬

‫بغاية وجدت كالعدو للفرس‬ ‫قدمه بعد عشر استقل بها‬

‫حكم االآله (كذا) كما قد ترى ّ‬


‫قدره‬
‫لو شاء ما ملكوها عشر ّ‬
‫النفس‬

‫وأورد أبوعبد هللا سيدي محمد التغريري‪ 1‬نظما شعريا في شأن ذلك يقول فيه‪:1‬‬

‫‪ -1‬شاعر عاصر فترة حكم محمد بكداش خوجة ‪5151-5111‬م‬


‫‪122‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫وهران عن أيدي الرجال‬


‫الحمد هلل الذي فتحا‬
‫الصلحا‬

‫وقهر القوم الليام‬


‫ورفع اإلسالم فوق الكفرة‬
‫الفجرة‬

‫في مدة السلطان فخر‬


‫أحمد خاقان أبي العباس‬
‫الناس‬

‫من ملك البرين‬


‫ومصر والشام بدون مين‬
‫والبحرين‬

‫وخادم الحرمين في‬


‫دام انتصاره على جمع العدا‬
‫طول املدا‬

‫يا سائال ّ‬
‫عما بوهران‬
‫من أخذها وفتحها كما انتشر‬
‫ظهر‬

‫فيما رويناه عن الثقات‬ ‫أخذها الكفار الثبات‬

‫‪ -1‬نفس املصدر‪ ،‬ص‪ .283‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪21‬‬


‫‪123‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫سنة أربع وعشرة‬


‫من بعد تسعمائة قد كملت‬
‫مضت‬

‫فمائتان مع خمسة‬
‫عدة مكثها بأيدي املشركين‬
‫سنين‬

‫ثم بدا العز من االآله‬


‫وجاءنا الفتح ونصر هللا‬ ‫(كذا)‬

‫كما أورد محمد بن أحمد الحلفاوي التلمساني‪ 1‬أرجوزة جاء فيها‪:2‬‬

‫على الجهاد لم يعقبه جازم‬ ‫إذا جمع الرأي بأمر حازم‬

‫مجهزا جيشا حمى الدين‬


‫إذ ظهرت به بقاع من فساد‬
‫فساد‬

‫معهم ألة حرب ال تعد‬ ‫فنهضوا هلل حزما وأعد‬

‫من نحو بارود وكم من‬


‫ومنجنيق ما له من مدفع‬
‫مدفع‬

‫‪ -1‬محمد بن أحمد الحلفاوي التلمساني عالم‪ ،‬فقيه‪ ،‬ناظم‪ ،‬ولي اإلفتاء بتلمسان و من آثاره " أرجوزة في فتح مدينة‬
‫وهران" أنظر التجيني بن عيس ى‪ ،‬معجم أعالم تلمسان‪ ،‬ص‪.811‬‬
‫‪ -2‬ن‪.‬م‪ ،‬ص‪ .281‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪21‬‬
‫‪124‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫قرما رض ى فسار سيرا حسنا‬ ‫مؤمرا صهره أوزن حسنا‬

‫وهو من األقيال قايف‬ ‫والحازم العارف باي‬


‫مصطفى‬ ‫مصطفى‬

‫ّ‬
‫مقدما ما كان عندهم ورى‬ ‫ّثمت نادى بالجهاد في الورى‬

‫ال سيما جماعة من طلبه‬ ‫فسارع الناس له إذ طلبه‬

‫النبوي منسلخ الربيع‬ ‫فنزلوا األول من ربيع‬

‫وتركوا األثقال فيه في مقر‬ ‫في عسكر بيوته عد مقر‬

‫بزمان تا يخه ّ‬
‫يهد شق‬ ‫وقصدوا حصونها بكل شق‬
‫ر‬

‫جمعا كبنيان رسا أو ثغر‬ ‫فاجتمع الجيش بذلك الثغر‬

‫ّ‬
‫للرمي كل أسد مدافع‬ ‫ونصبت من حولها مدافع‬

‫كنجم رمي من سماه يهو‬ ‫ومرعدات كورها في الجو‬

‫ووقعها أمض ى من‬ ‫تلمع من خاللها البوارق‬


‫ّ‬
‫الصواعق‬

‫‪125‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫وتابعوها باعتناء طول املدا‬ ‫ّ‬


‫فأججوا نار الحرب سرمدا‬

‫ونقضوا ما أبرموا من‬ ‫فنشروا ما نظموا من‬


‫عقدها‬ ‫عقدها‬

‫برج العيون ضامنا ّ‬


‫للنجح‬ ‫فكان باكورة ذاك الفتح‬

‫عاشر يوم من جماد األخرا يوم الثالثاء مساء قسرا‬

‫ّ‬
‫بالسحب واغتال األسود‬
‫ّثمت حصنها الذي تقنعا‬
‫ونعا‬

‫ّ‬ ‫قلعة مرجاجو التي لو‬


‫شوامخ األطواد ما تقلعت‬
‫قلعت‬

‫ألقت له القياد باستسالم‬ ‫وإذ دعاها هللا لإلسالم‬

‫‪126‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫وهناك تعبئة أخرى أساسية من دعائم السلطة التي تمثلت في التعبئة العاطفية الدينية‬
‫واستقرت في مجموعة من العلماء‪ ،‬ذلك ألن املوقف آنذاك كان يستدعي إشراك هذه‬
‫الفئة في عملية التحرير العسكري للمنطقة ومن جملتهم فئة املفتيين الذين وجهت لهم‬
‫أوامر قانونية إلصدار فتاوى تتطابق مع املؤثرات الداخلية لإليالة‪ 1‬وتلك التي صار من‬
‫الصعب جدا السيطرة عليها من طرف السلطة دون تدخل هذه الفئة لتحفيز السكان‬
‫املحليين على الجهاد‪ ،‬ومن العلماء الرواد الذين أقدموا على هذه الخطوة الشيخ عبد‬
‫القادر املشرفي‪ 2‬الذي أصدر فتوى عام ‪0678‬م ضمها كتابه املعنون ب"بهجة الناظر في‬
‫أخبار الداخلين تحت والية اإلسبانيين بوهران من األعراب كبني عامر"‪3‬‬

‫في هذا الكتاب ينتقد املشرفي أهم القبائل التي كانت متعاونة مع اإلحتالل اإلسباني‬
‫موضحا أهم أسباب هذا التعاون والتي حصرها في اإلعتقاد الذي كان سائدا عند السكان‬
‫املحليين الذين كانوا يعتبرون أن هذا النوع من اإلحتالل يجلب لهم النفع ومن تلك‬
‫القبائل يشير املشرفي إلى قبيلة كريشتل‪ 4‬الذين كانوا يتجسسون كثيرا لصالح اإلسبان‬
‫وتم تلقيبهم باملغاطيس ناهيك عن قبيلة شافع وهم من بني عامر إضافة إلى بنو يعقوب‪،‬‬
‫ومنهم من كانت ذات جيش قوي تدعم به اإلسبان كقبيلة بنوعامر التي يحصيها املشرفي‬
‫بعشرة آالف فارس‪ ،5‬وإذا كنا نتعرض اآلن لهذا النوع من الوقائع فإنه من املهم جدا أن‬
‫نشير إلى أبرز النخب التي ساهمت في الحد من هذه األحداث فقبل أن يصدر املشرفي‬

‫‪ -1‬عبد القادر بن عبد هللا بن محمد املشرفي الغريس ي‪ ،‬بهجة الناظر في أخبار الداخلين تحت والية االسبان بوهران‬
‫من األعراب كبني عامر‪ ،‬تحقيق الدكتور محمد بن عبد الكريم‪ ،‬منشورات دار مكتبة الحياة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬بدون‬
‫سنة طبع‪،‬ص‪ .83‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81‬‬
‫‪ -2‬من فقهاء املالكية‪ ،‬أنظر‪ :‬عادل نويهض‪ ،‬معجم أعالم الجزائر‪ ،‬ط‪ ،2‬مؤسسة نويهض الثقافية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫ص‪ .818‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81‬‬
‫‪ -3‬عبد القادر بن عبد هللا بن محمد املشرفي الغريس ي‪ ،‬نفس املصدر‪ ،‬ص‪ .52‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪81‬‬
‫‪ -4‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪-52‬ص‪ .52‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81‬‬
‫‪ -5‬م‪،‬س‪ ،‬ص‪-52‬ص‪ .81‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81‬‬
‫‪127‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫فتواه عمل أحمد بن القاض ي بن عبد هللا بن أبي محلي السجلماس ي املساوري‪ 1‬على كتابة‬
‫نظم شعري يطالب فيه بني عامر التوقف عن تعاونها مع اإلسبان‪.‬‬
‫وليس من هدفنا إحصاء كل مانظمه الشعراء وأفتى به الفقهاء في هذا الشأن فقد‬
‫تكفلت بذلك املصادر املحلية و املؤلفات التاريخية غير أننا نود أن نبرز بأن إنتاجات‬
‫النخب الثقافية من شعراء وفقهاء ورجال دين هي التي كان لها القدرة على تعبئة القبائل‬
‫وكل السكان املحليين من حضر وريفيين وهذا ش يء بديهي‪ ،‬خصوصا إذا ملسنا خصائص‬
‫الخطابات التي كانت توجه لهم منذ النصف الثاني من القرن السابع عشر إلى غاية نهاية‬
‫القرن الثامن عشر وهكذا فالسلطة العثمانية لم تكن لها القدرة التعبوية إال عن طريق‬
‫النخب املثقفة الذين كانوا بمثابة وسطاء سياسيون لدرجة أن السلطة صارت تمنح‬
‫للبعض منهم سماة تقديسية وهذا ماسنتطرق إليه بالتفصيل الحقا‪ ،‬ومعلوم لدينا أن‬
‫الهدف من هذا التقديس هو الحصول على الشرعية واملكانة الشرفية في قلوب القبائل‬
‫املحلية‪.‬‬
‫إن هذا التعاون القبلي مع اإلحتالل أودى بتراجع السكان املحليين عن فكرة الجهاد‬
‫األمر الذي أدى بالفقهاء و املفتيين إصدار فتوى تحثهم على القتال في سبيل هللا حتى‬
‫اليتسنى إلسبانيا أن تبسط نفوذها في الجزائر‪ ،2‬ألنه صار من الواضح جدا أن القوة‬
‫القبلية املتكافئة كسرت إرادة املحليين وبالتالي خلقت الفتوى التي أصدرها املشرفي‬
‫استجابة عدد كبير من السكان املحليين للتكتل في شكل جيوش مقاومة‪ ،‬فمنذ إصدار‬
‫املشرفي لفتواه تضاعفت الثقة بالعلماء ورجال الدين على إدراك ضرورة تحرير وهران‬
‫وتوقيف الهدنة بينهم وبين اإلسبان‪ ،‬وصار لرجال الدين من املقاومين شرعية عسكرية‬

‫‪ -1‬هو من بطن عرف بأوالد القاض ي لتولي سلفه خطة القضاء قديما بسجلماسة واشتهرت قبيلته بأوالد أبي املحلي‬
‫وقد كان عاملا فقيها متصوفا أنظر ‪ :‬حفناوي بعلي‪ ،‬الرحالت الحجازية املغاربية‪ ،‬دار اليازوري العلمية للنشر‬
‫والتوزيع‪،‬الجزائر‪ ،2153،‬ص‪ .523‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81‬‬
‫‪ -2‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81‬‬
‫‪128‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫جسد مشروعها الباي محمد بن عثمان الكبير‪ 1‬ملا أخضع العلماء واملرابطون لسلطته في‬
‫فتحه الثاني ملدينة وهران ضد االحتالل االسباني عام ‪0612‬م‪ ،‬إذ عين الشيخ محمد‬
‫الخروبي الجيالني القلعي‪ 2‬رئيسا لرباط إيفري بوهران وهو أديب وقاض حيث توارثت‬
‫أسرته القضاء في هذه املرحلة‪ 3‬كما عين مصطفى بن عبد الرحمن الدحاوي‪ 4‬مساعدا له‬
‫والذي واكب الباي محمد الكبير وشارك في فتح وهران وكان له في ذلك مؤلفه الرحلة‬
‫القمرية‪ 5‬ناهيك عن مساعدين آخرين من بينهم محمد بن محمد بن حواء‪ 6‬الذي كان قد‬
‫تولى قضاء معسكر ثم أوكل له الباي مهمة الرباط على جبل املائدة وكان قد استشهد‬
‫هناك قبل إتمام عملية فتح وهران عام ‪0611‬م‪ 7‬وساعده ابن سحنون الراشدي الذي‬
‫كان الكاتب الخاص للباي محمد الكبير والذي سجل أحداث الفتح وشرحها نظما ونثرا‪.8‬‬

‫وهكذا عبرت السلطة‪ ،‬في هذه الظروف عن حاجتها ألولئك الذين يمتلكون القدرة‬
‫التعبوية في استثارة عواطف املجتمع لتجاوز مشكل الغزو‪ ،‬إذ أن السلطة آنذاك أثناء‬
‫محاوالتها بسط النفوذ و السيطرة كان البد لها من التقرب إلى الطبقة املسيطرة في البنى‬
‫التحتية للمجتمع‪ ،‬والذي نعنيه هنا أن العامة التستجيب عاطفيا ألي اتجاه بقدرما‬
‫تحركها النوازع الدينية والجهادية في التفاعل مع أي حدث‪.‬‬

‫‪ -1‬الباي محمد بن عثمان الكردي من بايات الجزائر الذين تولوا الحكم على بايلك الغرب أواخر القرن ‪53‬م ملزيد من‬
‫التفاصيل أنظر بلبروات بن عتو‪ ،‬الباي محمد الكبير باي وهران ‪ ،5111-5111‬مجلة عصور‪ ،‬املجلد‪ ،2‬العدد‪،5‬‬
‫جامعة وهران‪ 5،81‬جوان‪ ،2118‬ص ‪.513-515‬‬
‫‪ -2‬عاش فترة حكم الباي عثمان بن محمد الكبير‪ .‬أنظر مفالح محمد‪ ،‬أعالم من منطقة غليزان‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ :‬رابح خدوس ي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .12‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪85‬‬
‫‪ -4‬هو الشيخ مصطفى بن عبد هللا بن محمد بن عبد الرحمان املدعو دح بن زرفة نسبة إلى أمه زرفة تولى منصب‬
‫القضاء و أسند له الباي عثمان بن محمد الكبير منصب كاتب إمارة الباي كما كلفه بمهمة مساعد رباط وهران في‬
‫حصار اإلسبان أنظر ترجمته الوافية عند بن حمدان الغوثي‪ ،‬إرشاد الحائر إلى آثار أدباء الجزائر‪ ،‬ص‪.231‬‬
‫‪ -5‬أنظر‪ :‬رابح خدوس ي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .528‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪85‬‬
‫‪ -6‬أديب‪ ،‬مؤرخ‪ ،‬كاتب وشاعر أنظر ترجمته الوافية عند بسكر محمد‪ ،‬أعالم الفكر الجزائري‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.223‬‬
‫‪ -7‬م‪،‬س‪ ،‬ص‪-511‬ص‪ .551‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪85‬‬
‫‪ -8‬م‪،‬س‪ ،‬ص‪ .523‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪85‬‬
‫‪129‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫َ‬ ‫ُ‬
‫ي)‪1‬‬ ‫‪ -2‬املوظفون املساعدون (فئـ ــة الكتـ ــاب األربع ــة أوالخوجاباش‬

‫لقد كان العامل الذي أشرنا إليه سالفا ممهدا لظهور فئة نخبوية مثقفة لعبت‬
‫دور الدعامة الرئيسية للسلطة واملالحظ على إثر ذلك أن العالقة بين هذه النخب‬
‫والسلطة أصبحت عالقة تعاقدية ذات بعد سياس ي‪ ،‬ذلك أنها صارت تتسم بالثنائية‬
‫اإلدارية حسب ماورد في كتابات ناصر الدين سعيدوني إذ يصفهم باملوظفون املساعدون‪2‬‬

‫والذين تأتي مرتبتهم بعد املوظفون السامون وهم كتاب الدولة و املترجمين والذين عادة‬
‫ماكان يتم اختيارهم من جماعة األشراف ناهيك عن الفئات التي كان لها تمثيل سياس ي‬
‫للسلطة في األرياف وهنا نخص بالذكر املرابطون وشيوخ الزوايا وزعماء القبائل وهي التي‬
‫ينعتها أبو القاسم سعد هللا بالسلطة الروحية‪ 3‬إذ سيتم التطرق إليها فيما بعد‪.‬‬

‫ولعل التمثل الذي يوضح لنا ذلك هو خلق السلطة ملناصب حساسة في جهاز‬
‫البايلك اليرتقي إليها إال األعيان من الحضر في املدن أما في األرياف فيتوالها الشيوخ‬
‫والزعماء املحليين وغيرهم ممن أولتهم السلطة عنايتها‪.‬‬

‫وإذا انتقلنا إلى تصنيف تمثلنا هذا حسب درجة حساسية كل منصب‪ ،‬فقد نجد بأن‬
‫سلطة البايلك قد أولت اهتماما جد كبير بالكتاب األربعة الكبار أو الخوجاباش ي‪ 4‬والذين‬
‫عادة ماكانت مهامهم التي تحمل صبغة إدارية لها ارتباط بالسياسة ذلك أن الدايات كانوا‬
‫يثقون في هذه الفئة أكثر من ثقتهم باملوظفون السامون‪.‬‬

‫هذه الفئة من أبرز ما يتم التأكيد عليه في املصادر التاريخية التي تتحدث عن عالقتها‬
‫بالسلطة العثمانية‪ ،5‬فإنها تصمد أمام الحقائق التاريخية والتي استخلصناها كما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪82‬‬


‫‪ -2‬ناصر الدين سعيدوني‪ ،‬ورقات جزائرية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار البصائر‪ ،‬الجزائر‪ ،2111،‬ص‪ .513‬طوبال فاطمة الزهراء‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪82‬‬
‫‪ -3‬أبوالقاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .212‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫‪ -4‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.88‬‬
‫‪ -5‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.88‬‬
‫‪130‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫‪ ‬أنه كان خلق أول منصب للكتاب الكبار في الجزائر مع بداية القرن ‪03‬م حيث تم‬
‫تعيين مجموعة من املثقفين الذين تتوفر فيهم شروط اإلملام بالفقه والتشريع‬
‫اإلسالمي و الحسابات لخدمة السلطة ويطلق عليهم بالخوجاباش ي وهو لقب يعتبر‬
‫درجة أدبية معنوية‪ ،‬سببها نشاطات العالم والفقيه الواسعة في السلطة‪ ،‬وفي‬
‫األغلب هذه الشروط التتوفر إال في شيخ اإلسالم‪.‬‬

‫‪ ‬الحرص خاصة أن تكون هذه الفئة من طبقة الكراغلة‪.‬‬


‫بعد خلق منصب الكاتب األول بعام واحد توالت عملية خلق مناصب أخرى‬
‫للكتاب الثالث التابعين له وصار يتم استشارتهم في أمور الدولة والعامة‪ 1‬حيث أخذت‬
‫مكانتهم تعلوا حتى صاروا ذوو وزن بعدما غدت نشاطاتهم العلمية كمؤسسة إدارية‪.‬‬

‫ويتقدمهم املقطعجي الذي يشترط فيه أن يكون عاملا فقيها ويطلق عليه كذلك‬
‫باملكتباجي ولكن جرى العرف على أن ينادونه باألفندي‪ ،‬والحقيقة أن هذا النوع من‬
‫املناصب الحساسة كان اليتوالها إال وجهاء املدينة وحسب ماتورده الدراسات فإن‬
‫خوجة‪2‬‬ ‫املثقفون من فئة الكراغلة كان لهم نصيبا في ارتقائه وعلى رأسهم والد حمدان‬
‫حيث يقول في كتابه املرآة‪ " :‬لقد كان والدي مشرعا وأستاذا بالقانون‪ ،‬كما أنه اشتغل‬
‫مقطجي أوكاتبا أول‪ ،‬وهو الذي علمني نظام الحكم التركي"‪ 3‬ومن التفسير الواضح لنظام‬
‫السلطة الذي يرد عند املؤرخين نجد بأن إستحداث مناصب كهذه كانت أسلوبا عثمانيا‬
‫ذكيا ينبثق من أن تعظيم أولئك الذين لهم وزنا إجتماعيا متعارف عليه يجب أن يتماش ى‬
‫مع مقتضيات وحاجيات السلطة في الداخل إلخضاع السكان املحليين لسلطتهم‪ ،‬وهذا ما‬
‫‪Les‬‬ ‫‪4‬‬ ‫نجده عند ‪ Nahoum Weissmann‬في كتابه الذي سماه‬

‫‪ -1‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.88‬‬


‫‪ -2‬حمدان خوجة‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ .15‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫‪ -3‬ن‪،‬م‪ ،‬ص‪ .12‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Nahoum Weissmann, les janissaires, etude de l’organisation militaire des‬‬
‫‪ottomans, librairie orients, paris, 1964, p70. Toubal fatima zohra, op.cit, p.34.‬‬

‫‪131‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫‪ Janissaires‬ناهيك عن ‪ ،venture de paradis1‬وهي منظورات تذهب إلى‬


‫أن أهم خطوة في تولية املناصب الحساسة لهذه الفئة هي الوالء للسلطة إذ أن الكاتب‬
‫الثاني تمكن من اكتساب لقب وكيل الخرج الكبير لتفانيه العظيم في مراقبة مخازن الدولة‬
‫وتسجيل مصادر دخلها إبتداءا من سنة‪0633‬م‪ ،‬وتجدر اإلشارة أن سجالت غنائم‬
‫البحر تم إسناد تقييدها لوكيل الخرج الصغير الذي يلي املنصب السالف الذكر وهو‬
‫بمثابة الكاتب الثالث أما الكاتب الرابع ويسمى الرقمجي فيتولى تقييد سجالت مصالح‬
‫البايلك املتعلقة بالشؤون الخارجية‪2.‬‬

‫ومن املمكن اإلشارة عبر كتابات ‪ Dubois Thainville‬أنه مع أواخر القرن الثامن‬
‫عشر ازدادت أهميتهمم وصارت السلطة التتصرف في أمورها الداخلية دون األخذ‬
‫برأيهم‪ ،3‬و يتبادر لدينا من خالل ذلك أن السلطة لم تخلق هذا املنصب إال في هذه‬
‫املرحلة التي رأت ضرورة تأسيسه فوجود هذه الفئة وحيازتها على مكانة خاصة لدى‬
‫الدايات‪ ،‬وهو أمر ال شك في مبالغته إذا أمحصنا النظر وقارناه بمكانة املوظفون‬
‫السامون الذين سحبت السلطة ثقتها فيهم‪ ،‬فشهادة ‪ Dubois Thainville‬تعطينا‬
‫فكرة عن الطريقة التي عومل بها هؤالء خاصة بدمجهم كمستشارون لدى الدايات‪ ،‬على‬
‫الرغم من كون املوظفون السامون أعلى مرتبة منهم‪.‬‬

‫إن نظرة السلطة السائدة لهذه الفئة إبان هذه الفترة لم تكن سوى تمثل أساس ي‬
‫لسيطرتهم على مناطق نفوذهم بالجزائر بطرق غير مباشرة‪ ،‬فمجموعة الوظائف التي‬
‫منحت لهم منذ بداية القرن الثامن عشر "واكتسبوا على إثرها نفوذا شرفيا وكلمة‬
‫مسموعة وارتقوا إلى مرتبة املوظفين ذوي املكانة املرموقة في ديوان البايليك‪ ،‬بعد أن زادت‬
‫حاجة الدولة إليهم"‪ 4‬كانت استغالال من السلطة لفرض سيطرتها على السكان املحليين‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- venture de paradis, op.cit.p.151. Toubal fatima zohra, op.cit, p.34‬‬
‫‪ -2‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Dubois-thanville, mémoire sur alger 1809, ed G.Esquer,paris,1929,p.129.‬‬
‫‪Toubal fatima zohra, op.cit, p.34‬‬
‫‪ -4‬نقال عن ناصر الدين سعيدوني‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪ .513‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪36.‬‬
‫‪132‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫وبناء على ذلك استطاعت بأن تبسط حكمها وقوانينها على اإليالة ألن مصدر تأييدها‬
‫تجسد في النخب السالف ذكرها‪.‬‬
‫القبائل و األسر الشريفة‪1‬‬ ‫‪-0‬‬
‫اتفقت املصادر املحلية حول املكانة السياسية التي حضيت بها بعض النخب من قبائل‬
‫األشراف واألسر الشريفة في فترة الدايات وغيرها من الفترات التي سبقتها‪ ،‬إذ ركز‬
‫الدايات في هذه الفترة على تحفيزهم ماديا وذلك بمنحهم مناصب ذات وزن قياس ي في‬
‫السلطة ومن أهم أبناء األسر‪ 2‬الذين حضيوا باهتمام السلطة أبناء عائلة قدورة وعائلة‬
‫ابن العنابي الحنفي وابن علي وأبهلول املجاجي بدار السلطان وأبناء عائلة الفكون وابن‬
‫باديس وابن الغربي والكماد وابن ساس ي البوني ببايلك الشرق وأبناء عائلة املشذالي‬
‫والورتالني وابن مصباح وابن علي الشريف ببالد الزواوة وأبناء عائلة ابن رمضان وابن‬
‫عزوز بإقليم الزيبان وأبناء عائلة املشارف وأوالد عبد القادر بن املختار و ابن أبي زرفة‬
‫وأوالد سيدي عمر وابن سحنون وأبو راس الناصري و الكتروس ي و املقري ببايلك‬
‫الغرب‪.3‬‬
‫حيـث يذكـر الطيب بن مختار الغريس ي املختاري في كتابه القول األعم في بيان أنساب‬
‫قبائل الحشم استنادا إلى روضة األزهار والقالئد املشهورة‪ 4‬أن من بين قبائل األشراف‬
‫التي شكلت أهمية في أواخر فترة الحكم العثماني قبيلة دحو أبي زرفة حيث يقول‪:‬‬
‫" ‪...‬ولجدهم احترام عند ملوك األتراك حتى أن بكل محكمة من محكماتهم مسجدا‬
‫مضافا إليه ومن دخله من أهل املطالب والجنايات ال يتعرض له‪ ...‬وكانت الرياسة فيهم‬
‫زمن والية األتراك وأيام األمير موالنا عبد القادر في بيت السيد الحاج محمد وفي بيت‬

‫‪ -1‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.81-82‬‬


‫‪ -2‬هي أسر متنفذة أنجبت العديد من العلماء‪ ،‬واكتسبت الجاه والنفوذ والثروة‪ ،‬وهذا ما سمح لها أن تؤدي دورا مهما‬
‫في املجتمع في مختلف املجاالت أنظر‪ :‬لزغم فوزية‪ ،‬البيوتات واألسر العلمية بالجزائر خالل العهد العثماني‪ ،‬أطروحة‬
‫مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ و الحضارة اإلسالمية‪ ،‬إشراف محمد بن معمر‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية‬
‫والحضارة اإلسالمية‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2152-2158‬ص‪185‬‬
‫‪ -3‬ملزيد من التفصيل حول هذه األسر النافذة في مجتمع الجزائر العثمانية أنظر‪ :‬لزغم فوزية‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.185‬‬
‫طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81‬‬
‫‪ -4‬أنظر امللحق ص‪228‬‬
‫‪133‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫"‪1‬‬ ‫السيد الحاج املكي ابن عبد هللا وفي بيت سيدي عبد الرحمان بن حسن وغيرهم‬
‫فهذه العائلة‪ 2‬التي تشكل البناء الرئيس ي للمجتمع كما هو واضح من أقواله كانت محل‬
‫ثقة و تقدير تام لدى السلطة نظرا للمكانة التي كانت تحتلها في البنى اإلجتماعية من‬
‫حيث أنه "كان فيهم أئمة مشاهير كالسيد الحاج عبد القادر بن السنوس ى وولده العالمة‬
‫السيد السنوس ى والدراكة األرض ي اإلمام املرتض ى السيد املصطفى بن عبد هللا"‪ 3‬لكن‬
‫عبد الرحمن التوجيني اكتفى باإلشارة إلى أن هذه القبيلة ربطتها مودة عظيمة بينها وبين‬
‫علي أبو الحسن الشريف وهو من األعيان الذين أولتهم السلطة عنايتها‪ 4‬وبتقديرها‬
‫كعنصر فعال من خالل ترجمته لعدد من أنساب األشراف بمنطقة غريس‪ 5‬إال أن‬
‫الطيب بن مختار الغريس ي املختاري استطرد في تفصيل هذه الفئات التي كان لها دور‬
‫فعال آنذاك فإلى جانب عائلة سيدي دحو يوضح ذات املؤرخ أن أوالد سيدي اعمر ابن‬
‫دوبة كان لها شهرة في العلم و الرياسة وخاصة تولية الفصل بين الخصوم ويعتبرهم من‬
‫الشرفاء السباعين‪ ،6‬ويتبين من املعلومات التي استقيناها من هذا املصدر أن هؤالء‬
‫الشرفاء من القبائل واألسر تجسد استبصار استثنائي في البنية األساسية للسلطة إذ‬
‫ظلوا نموذجا في توريث الوظائف واعتالء مناصب ذات وزن قياس ي في السلطة‪ ،‬حيث إن‬
‫األخبار التي يوردها ذات املصدر تؤكد بأن هؤالء كانوا من رجال الحل و العقد ومن‬
‫مشاهير علمائهم الذين قربتهم السلطة إليها سيدي أحمد بومعزة وولده سيدي عبد‬

‫‪ -1‬أنظر ‪ :‬الطيب بن مختار الغريس ي املختاري ‪ ،‬كتاب القول األعم في بيان أنساب قبائل الحشم ‪،‬مطبعة ابن خلدون‪،‬‬
‫تلمسان‪ ،‬الجزائر‪ ،5125 ،‬ص‪ .882‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81‬‬
‫‪ -2‬اصل سلفهم من األندلس وهم من بني حمود الذين كانوا ملوكا بها كما افاده صاحب الفتح وهم لهذا العهد ما‬
‫خرجوا عن طريقة اهل االندلس من تعاطي الشعر والتأنق في الكالم وارتكاب ابواب الفصاحة والتطاول في املحافل‬
‫والتوغل في رفاهة امللبس واملركب واملأكل واملشرب‪ .‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪83‬‬
‫‪ -3‬نفس املصدر‪ ،‬ص‪ .882‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪83‬‬
‫‪ -4‬عبد الرحمن التوجيني‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪-53‬ص‪ .51‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪83‬‬
‫‪ -5‬نفس املصدر‪ ،‬ص‪ .81‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪83‬‬
‫‪ -6‬هم الشرفاء األدارسة املنحدر ون من ساللة أبي السباع الهاشمي الحسني املغربي الفاس ي وهناك ظهائر ملكية‬
‫توص ي خيرا بالشرفاء السباعين أنظر امللحق رقم‪3‬‬

‫‪134‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫الرحمن ابن أحمد وولد سيدي الطيب بن عبد الرحمن وقد ولى عبد الرحمن القضاء في‬
‫والية الباي حسن آخر أمراء بني عثمان بالجزائر‪.1‬‬
‫والشك أن املراسالت التي نشرتها الدراسات واطلعنا على البعض منها واملتجسدة في‬
‫الظهائر‪ 2‬التي تتضمن تعيينات ألشخاص من عائالت مختلفة وعلى رأسها عائلة‬
‫الكتروس ي تدل على املكانة التي حظيت بها هذه الطبقة في املجتمع فنجد من خاللها أن‬
‫السلطة منحت مناصب جد هامة لهذه العائلة بدافع إظهار اإلحترام لها‪.‬‬
‫وبهذا تنقل لنا هذه الظهائر‪ 3‬صورة عن تولية أبناء هذه العائلة خالل ق‪06‬م لوظيفة‬
‫القضاء واإلفتاء واإلمامة و الخطابة‪ 4‬حيث قام علي باي تونس ي بتعيين السيد املهدي بن‬
‫أحمد بن خدة الذي كان مترجما له إماما ملسجد سيدي علي بن حسن بمازونة عام‬
‫‪0733‬م‪ 5‬وعين مصطفى باي محمد املهدي إماما بمسجد سيدي عيس ى بمازونة عام‬
‫‪0602‬م‪ 6‬ومنح خليل آغا نوبة مازونة عام ‪0611‬م إمتيازات للمفتي مهدي الكتروس ي‬
‫وبعض أفراد عائلته‪ 7‬كما عين الشيخ محمد بن املهدي وشقيقه علي مفتيا وقاضيا على‬
‫مازونة عام ‪0308‬م‪.‬‬

‫‪ -1‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.888‬‬


‫‪ -2‬للتعريف املفصل حول هذه الظهائر‪ ،‬أنظر‪ :‬لزغم فوزية‪ ،‬التعريف بوثائق عائلة الكتروس ي املازونية‪ ،‬املجلة‬
‫الجزائرية للمخطوطات‪ ،‬العدد العاشر‪ ،‬مخبر مخطوطات الحضارة اإلسالمية لشمال إفريقيا‪ ،‬جامعة‬
‫وهران‪5،2158‬الجزائر‪ ،‬ص‪.551‬‬
‫‪ -3‬تعود ملكية هذه الظهائر لجمعية الظهرة الثقافية بمازونة وقد نشرتها املجلة الجزائرية للمخطوطات‪ ،‬ص‪-512‬‬
‫‪ ،511‬أنظر ملحق رقم ‪2‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ :‬لعباس ي محمد‪ ،‬تعيينات آل الكتروس ي في املناصب الدينية بمازونة على العهد العثماني‪ ،‬نفس املرجع‪،‬‬
‫ص‪.511-11‬وأنظر‪ :‬بوجالل قدور‪ ،‬مظاهر التقارب والقطيعة بين العلماء والسلطة العثمانية في بايلك الغرب فترة‬
‫الدايات‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ الحديث‪ ،‬إشراف دحو فغرور‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية‬
‫والحضارة اإلسالمية‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2151-2153‬ص‪ .512‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.83‬‬
‫‪ -5‬أنظر ملحق رقم ‪8‬‬
‫‪ -6‬أنظر ملحق رقم‪8‬‬
‫‪ -7‬أنظر ملحق رقم‪8‬‬
‫‪135‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫وحين شرعت السلطة في توطيد عالقاتها بمختلف شرائح النخب الثقافية‪ ،‬كان أبناء‬
‫هذه األسر والقبائل غالبا من العلماء الذين حظيوا بالتقدير واإلحترام والذين لم يكن‬
‫يربطهم بالسلطة سوى الوازع الديني الروحي‪ 1‬وقد كان دافعهم األساس ي وراء هذه العالقة‬
‫هو طلب الحماية ضد القوات األجنبية الصليبية ولم يكن إعتالء املناصب العليا ونيل‬
‫املكانة الشرفية من طرف السلطة شغلهم الشاغل بل إن الحركية السياسية التي شهدتها‬
‫الجزائر في فترة الدايات والذين اهتموا بتقريب هذه الفئة منهم لم تكن سوى لحظات‬
‫لخلق طبقة من الوسطاء السياسيين لديها فمنهم من استجاب لهذا التوجه ومنهم من بقي‬
‫محافظا على قيمه التقليدية التي تربى وترعرع عليها ويعود ذلك بدون شك إما تخوفا من‬
‫قوة الحكام واستبدادهم وإما إلى انجرافهم نحو كسب تدعيم مادي ومعنوي من قبل‬
‫السلطة لنيل املناصب الراقية في الدولة كما أسلفنا سابقا‪ ،2‬كما يعود عدم انجراف‬
‫بعض الفئات نحو هذا التوجه إلى نشوء أفكار تجديدية حاولت قدر املستطاع الخروج‬
‫من البؤرة السياسية إلبقاء ذاتها محصورة في املجال الثقافي‪.‬‬

‫فلقد أشرنا إلى أن بعض من أبناء القبائل واألسر الشريفة تصدرت مناصب مميزة‬
‫آنذاك وشاعت أسماؤها في مجتمع الجزائر العثمانية بقوة‪ ،3‬وإذا كانت هذه امليزة قد‬
‫اكتسبتها نتيجة نفوذها الواسع واملرموق وسط السكان‪ ،‬فإنه من امللفت لإلنتباه توطد‬
‫أركان صنف آخر من بعض أبناء األسر التي اشتهرت بأفكارها التجديدية كما أسلفنا في‬
‫املجتمع‪ ،‬فمن الذين بلغ نفوذهم في هذه الحركة التجديدية آنذاك شخصية محمد ابن‬
‫العنابي الذي" عاش عمرا حافال باإلنتاج العلمي واإلضطراب السياس ي"‪ 4‬فأسرته عريقة‬
‫في تاريخ عنابة والجزائر وفي تولية املناصب الدينية الرفيعة‪ 5‬وكان مؤسس املشروع‬
‫التجديدي إذ اتسم جهده الفكري بالحداثة في جميع مجاالت الحياة األمر الذي أهله‬

‫‪ -1‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.83‬‬


‫‪ -2‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.83‬‬
‫‪ -3‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫‪ -4‬نقال عن أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬محمد بن العنابي رائد التجديد اإلسالمي‪،‬ط‪ ،2‬دار الغرب اإلسالمي‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،5111،‬ص‪ .25‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81‬‬
‫‪ -5‬أنظر‪ :‬حفناوي بعلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .213‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81‬‬
‫‪136‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫لتولية وظائف متعددة في السلطة حيث تولى منصب اإلفتاء على املذهب الحنفي وتولى‬
‫منصب القضاء و الكتابة والسفارة في مهمات سياسية إلى املغرب األقص ى وإلى‬
‫إسطانبول‪ 1‬وقد تجلى كمثقف مميز إبان فترة الدايات منذ صدور كتابه املهم "السعي‬
‫املحمود في نظام الجنود"‪ 2‬عام ‪ 0327‬الذي دعا فيه إلى التجديد والنهضة فأسست‬
‫كتاباته ملشروع ثقافي جديد بالجزائر‪ ،‬وذلك ماورد في مقدمة كتابه التي يقول فيها‪" :‬إنه ملا‬
‫حدث فى هذه اإلعصار اآلخرة تطاول طغاة األمم الكافرة بترتيب أجنادهم على طريقة‬
‫محكمة ابتدعوها وتدريبهم على فنون حيل اخترعوها" وجاءت خاتمة الكتاب كمايلي"‬
‫فينبغى ملن له مظلمة أو حق قبل جندى خرج غازيا أن يسامحه ويعفو عنه حتى ال يعود‬
‫ضرر مظلمته على اإلسالم والحمد هلل"‪.3‬‬
‫ويعد عدم اإلستقرار في تولية منصب اإلفتاء مؤشر لإلضطراب السياس ي الذي شهدته‬
‫هذه الفترة حيث أورد ابن املفتي في تقييداته تولي آخرون متصلون بابن العنابي لهذا‬
‫املنصب من عائلته ولكن سرعان ما تتابعت عملية عزلهم مرات عديدة حيث تواله حسين‬
‫بن محمد العنابي وعزله الداي بكداش بعد أن مكث فيه ثالث سنوات ثم تواله للمرة‬
‫الثانية بعد تولية كل من محمد النيار وحسين خوجة الطوبال لكنه عزل كذلك من طرف‬
‫الداي دالي إبراهيم ليتواله للمرة الرابعة وطالت مدة توليته للمنصب في مرته الرابعة ثالث‬
‫سنوات إلى أن توفي عام ‪0686‬م‪ ،4‬وكان قد تواله قبل املفتي حسين أيضا الجد األكبر‬
‫البن العنابي مصطفى بن رمضان‪ 5‬فارتفاع مؤشر العزل من املناصب الدينية السامية‬
‫كاإلفتاء و القضاء و غيرها هو من أهم الدالئل على ارتفاع نسبة اإلضطراب السياس ي في‬
‫فترة الدايات‪.‬‬

‫‪ -1‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪ .51‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81‬‬
‫‪ -2‬املخطوط متاح على موقع مخطوطات األزهر الشريف مصر ‪http://www.alazharonline.org‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ :‬محمد بن محمود بن محمد بن حسين الجزائري ‪ ،‬السعى املحمود فى ترتيب العساكر والجنود‪ ،‬رقم‬
‫النسخة‪ ، 333481‬عدد األوراق ‪ 17‬ورقة‪ .‬وهو متاح على موقع مخطوطات األزهر الشريف مصر‬
‫‪http://www.alazharonline.org‬‬
‫‪ -4‬أنظر تقييدات ابن املفتي‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ -11‬ص‪ .12‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫‪ -5‬أبوالقاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .22‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81‬‬
‫‪137‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫وفي تقديري أن تتابع سياسة العزل مع هذه العائلة خاصة وأن ابن العنابي كانت مهمته في‬
‫منصبه كمثقف تختلف مع شاكلته من املفتيين والقضاة وكذا الحال بالنسبة لعائلته‬
‫والتي كانت بعيدة عن إطار حسابات السلطة عبر رؤيته النقدية للسلوكيات التي تجسدها‬
‫قوانين املؤسسات في الدولة هذا التوجه هو الذي يفسر سياسة السلطة تجاه عائلة ابن‬
‫العنابي‪.‬‬
‫ولو كانت دراستنا هذه سياسية لرصدنا فيها جميع القبائل واألسرالشريفة التي كان لها‬
‫نفوذ سياس ي في املجتمع لكننا اكتفينا بإعطاء بعض النماذج منها لتقريب الصورة من‬
‫األذهان والحق أن الدراسات أتت بما يكفي من سرد موقف القبائل و األسر النافذة في‬
‫املجتمع من السلطة العثمانية ووصفت لنا الوقائع السياسية التي حدثت خالل هذه‬
‫الفترة بقوة‪.‬‬

‫املرابطون ورجال التصوف‪1‬‬ ‫‪-4‬‬

‫لقد اتفقت املصادر التاريخية من الذين عايشوا األحداث في الذهاب إلى أن نظام‬
‫السلطة كان يعتمد اعتمادا كليا على قوة املبالغة في استثارة املرابطين ورجال الدين‪ ،‬ولعل‬
‫ُ‬
‫تقديس السلطة الضرحة العلماء تجسد إلى حد بعيد تلك املعتقدات التي تبنتها العامة‬
‫قبل ذلك بهدف كسب والئهم‪ ،‬إذ يورد لنا محمد الشريف الزهار كيف أن السلطة اعتبرت‬
‫األضرحة كمؤسسة طقوسية وأبدعت في الوفاء لذكرى العلماء وعلى رأسهم حسن باشا‬
‫‪0610‬م الذي كانت األضرحة ثقافته الروحية والجهادية قبل التوجه إلى أي غزوة فيتبرك‬
‫بضريح سيدي عبد الرحمن الثعالبي وسيدي علي العباس ي‪ ،2‬وكتب أبي القاسم زياني في‬
‫رحلته وصفا دقيقا يرصد فيه أهم األبنية من مساجد وقباب التي أقدم حسن باشا على‬
‫بناءها عام‪0617‬م إذ يقول"‪...‬وجعل لهذه القبة سراجيب بأنواع البلور الذي لم يرى في‬

‫‪ -1‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21-81‬‬


‫‪ -2‬أحمد شريف الزهار‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ .35‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81‬‬
‫‪138‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫عصر من العصور‪ 1"...‬ونفس الفكرة تطرق إليها ‪ venture de paradis‬في كتابه‬


‫‪ Alger_au_XVIIIe_siècle2‬ونستطيع أن نقول أيضا أن الداي محمد بكداش‬
‫كانت له نظرة قدسية لطبقة املرابطين لدرجة أنه بنى لهم زاوية عام ‪0611‬م‪ ،‬كما بنى‬
‫الباي محمد الكبير مشهد للولي الصالح الذي اشتهرت واليته محمد بن عودة دفين فليتة‬
‫نواحي غليزان وبنى ضريح أحمد بن يوسف دفين مليانة‪ ،3‬حيث انبثق بناء هذه األضرحة‬
‫من نظرة السلطة التقديسية ألضرحة العلماء‪ ،‬إذ قال حمدان خوجة في بشأن ذلك في‬
‫كتابه املرآة‪... ":‬لم يكتف األتراك بأن فرضوا على أنفسهم احترام هؤالء املرابطين‪ ،‬وإنما‬
‫صاروا يقدمون لهم أكبر اإلمتيازات وأثمنها‪ ،‬وصارت أماكن سكناهم وضرائحهم بعد املوت‬
‫مقدسة"‪. 4‬‬

‫هذا‪ ،‬وقد نشأت عالقة تحالفية بين السلطة وبعض عائالت املرابطين مثل عائلة الشيخ‬
‫العالمة عبد الرحمن األخضري‪ 5‬حيث قام الحاج أحمد باي قسنطينة عام ‪0381‬م‬
‫بالختم على وثائق‪ 6‬تنص على ضرورة احترام وتوقيرالعامة لعائلته بعد وفاته وتحتوي هذه‬
‫الوثائق على منظومات شعرية تحمل عنوان السلم في املنطق‪ 7‬الذي ترجمه املستشرق‬
‫الفرنس ي لوسيان سنة ‪ 0120‬وقد عده من أعظم الكتب العاملية ملا قارنه بكتاب "‬
‫حديقة الزهور اإلغريقية" ملؤلفه كلود النسلوا ويأتي مطلعه ‪:‬‬

‫‪ -1‬أبو القاسم بن أحمد الزياني‪ ،‬الترجمانة الكبرى في أخبار املعمور برا وبحرا‪ ،‬تحقيق عبد الكريم الفياللي‪،‬‬
‫الرباط‪ ،5115،‬ص‪ .525،522‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81‬‬
‫‪2- op,cit,p.101.‬‬

‫‪ -3‬أنظر‪ :‬ابن سحنون‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ .525‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪83‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ :‬حمدان خوجة‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ .12،18‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪83‬‬
‫‪ -5‬ولد الشيخ عبد الرحمن األخضري سنة (‪ 121‬هـ‪ 5152 /‬م) ببلدة بنطيوس التي تبعد عن بسكرة بحوالي ( ‪ 81‬كم)‬
‫من عائلة شريفة عرفت بالعلم والتقوى‪ .‬والده العالم املدرس محمد الصغير وأخو ه األكبر أحمد األخضري كان عاملا‬
‫ومدرسا أيضا أخذ عن كليهما الفقه وعلوم اللغة وعلم املواريث بعد أن حفظ القرآن وأتقن رسمه وتالوته ثم واصل‬
‫تعلمه بقسنطينة ثم جامع الزيتونة‪ .‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪83‬‬
‫‪ -6‬أنظر امللحق رقم‪8‬‬
‫‪ -7‬أنظر‪ :‬أحمد بن داوود‪ ،‬العقد الجوهري في التعريف بالقطب الشيخ سيدي عبد الرحمن األخضري‪ ،‬تحقيق لحسن‬
‫بن علجية‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الجزائر‪ ،2151،‬ص‪ .512‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81‬‬
‫‪139‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫َ‬
‫َن َتـائ َج الف ْـكر أل ْرَبـاب الح َ‬ ‫َ ْ ُ َّ َّ َ َ ْ‬
‫ـجا‪1‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َلل ال ِذي ق ْـد أخ َـر َجا‬
‫الحمـد ِ ِ‬

‫أما خاتمة الوثائق‪ 2‬فهي‪:‬‬


‫َ َ َْ ُ َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـط ُأ ُ‬
‫َ َ َ‬
‫ـور ٍة فامل ْب َت َدا‬ ‫ِفـي مـاد ٍة أو ص‬ ‫الب ْر َه ِان َح ْيث ُو ِج َدا‬ ‫وخ‬
‫ْ َ َ‬ ‫َت َب ُـاين ِم ْث َـل َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ َ ْ‬
‫ـف َمأخـذا‬ ‫الر ِدي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫اك ْاو ك َج ْع ِل ذا‬ ‫ِفي اللف ِظ كاش ِت َر ٍ‬

‫هذا‪ ،‬وقد تحالفت السلطة كذلك مع عائلة امللياني إذ تذكر املصادر التاريخية أحداث‬
‫عن أتباع أحمد بن يوسف امللياني‪ 3‬الذي يعتبر من رواد الطريقة الشاذلية‪ ،4‬حيث كان‬
‫هذا األخير حليفا للعثمانيين وقد اشتهر بمواقفه السياسية ضد الوجود اإلسباني‬
‫بالجزائر وقد تعهدت السلطة بعدم التعرض له ولنسله من بعده طيلة حكمها بالجزائر‪.5‬‬

‫إذن مبالغة السلطة في تقديس أضرحة العلماء واستثارة عائالت املرابطين جعلها‬
‫تشكل حضور قوي في نفوس املحليين‪ ،‬ألن هذه الظاهرة هي من العادات التي كانت تتفرع‬
‫دائما من املعتقدات الشعبية التي يسير على نمطها املجتمع‪ ،‬باعتبار أن املعتقد الذي كان‬
‫سائدا آنذاك هو قدرة األولياء من األشراف و العلماء على صنع املعجزات كقضاء‬
‫الحاجات املستعصية‪ 6‬إذ كان الواقع آنذاك يبدي تمثالت غريبة في املمارسات اليومية و‬
‫الطقوس املوروثة التي كانوا يؤدونها و التي تفض ي بالتواصل بين السلطة والرعية و‬
‫تخيالتهم اتجاه األولياء وعائالتهم‪ ،‬فاالعتقاد في اإلنتصار في املعارك أثناء التردد على‬

‫‪ -1‬أنظر‪ :‬أحمد بن داوود‪ ،‬نفس املصدر‪ ،‬ص‪ .512‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81‬‬
‫‪ -2‬ن‪،‬م‪ ،‬ص‪ .512‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81‬‬
‫‪ -3‬أنظر ترجمته عند أبوالقاسم الحفناوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .518‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81‬‬
‫‪ -4‬الشاذلية‪ ،‬طريقة صوفية تنسب إلى أبي الحسن الشادلي املغربي الزاهد املتصوف يؤمن أصحابها بجملة األفكار‬
‫واملعتقدات الصوفية ملزيد من املعلومات حول الطريقة فهي متاحة على املوقع‪:‬‬
‫‪ https://www.britannica.com/biography/al-Shadhili‬تم دخول املوقع بتاريخ ‪ 2151/11/81‬على الساعة ‪5311‬‬
‫‪ -5‬أنظر‪ :‬أبوالقاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪ .233‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪21‬‬
‫‪ -6‬أنظر‪ :‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬جوانب من اإلنتاج اإلسطوغرافي الجزائري حول بالد املغارب في العهد العثماني‪،‬‬
‫مجلة عصور‪ ،‬املجلد‪ ،51‬العدد‪ ،5‬جامعة وهران‪ 25 ،5‬سبتمبر‪ ،2153‬ص‪.281-211‬‬
‫‪140‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫األضرحة و ممارسة طقوس رمزية كانت متداولة بكثرة بينهم‪ ،1‬وبصفة عامة فان هذا النوع‬
‫من املمارسات هو بمثابة خطاب الذي غالبا ماتستعمله السلطة للسيطرة على الطبقة‬
‫الشعبية‪.‬‬

‫ولقد شاع عن بعض البايات أنهم كانوا يتمردون على رجال الدين وخصوصا املرابطين‬
‫وسرعان مايتراجعون عن تمردهم حفاظا على أمنهم واستقرارهم‪ ،‬فالتمثل الذي أوردناه‬
‫سلفا لم يمتد عند البعض اآلخر وفي هـذا اإلطار نريـد أن نرصد هنا نموذجا عن ماذكرناه‬
‫إذ كان باي قسنطينة حسن باي بن حسين املدعو بوحنك‪0618-0687 2‬م اليعترف‬
‫بفئة املرابطين والذي عرف عنه أنه كان متمردا جدا عليهم ويشير أحمد مبارك بشأن ذلك‬
‫في كتابه قائال‪ ":3‬كان رجال ذاهيبة‪ ،‬صعبا اليقول بولي واليرى جاها ألحد بشدة نفسه"‬
‫ويحدثنـا ذات املؤرخ في كتابه في جمل قصيرة وعبارات مقتضبـة عن تراجع الباي بوحنك‬
‫عن تمرده ملا التقى بالشيخ سليمان الشليحي وهو مرابط املنطقة فوقعت له معه كرامة‬
‫ربانية فماكان عليه إال أن أسلم لهذا النوع من الفئات إذ يصف احمد مبارك السبب في‬
‫هذا التراجع فيقول‪ ":‬فلما تكلم معه أراد أن يغلظ على الشيخ‪ ،‬ثم نظر فإذا اهوال‬
‫عظيمة أحاطت به‪ ،‬وشاهد ماالطاقة له على رؤيته"‪ 4‬فاستعظمـه الباي ومنح له بعض‬
‫اإلمتيازات حيث أنشأ له زاوية في مكان يسمى أوالد عبد النور وأعفاه من الضرائب عليها‬
‫وبنى له بيتا في مكان يسمى األربعين شريف‪ ،5‬لكن ما يجب ذكره هنا هو أن السلطة‬
‫وظفت الدين في خدمتها إذ شكلت هذه املؤسسات الطقوسية قوة في خدمة الطبقة‬
‫الحاكمة ومصالحها ففي نظرها يؤدي تقديس العلماء وتقريبهم الى ترسيخ دورها في‬

‫‪ -1‬ياسين بودريعة‪ :‬املعتقدات في كرامات األولياء بمدينة الجزائر في العهد العثماني‪ ،‬العدد ‪ ،21‬كلية العلوم اإلنسانية‬
‫و االجتماعية‪ ،‬جامعة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪ .2158،‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪21‬‬
‫‪ -2‬حسن باي بن حسين املدعو بوحنك هو حاكم بايلك الشرق امتدت فترة حكمه بين سنتي ‪ 5183‬و‪ 5112‬ليخلفه‬
‫فيما بعد حسين بن زرق عينو الترجمة متاحة على املوقع ‪fam=301/http://www.hukam.net/family.php‬‬

‫‪ -3‬أنظر‪ :‬الشيخ الحاج أحمد بن املبارك بن العطار‪ ،‬تاريخ بلد قسنطينة‪ ،‬تحقيق عبد هللا حمادي‪ ،‬دار الفائز‬
‫للطباعة والنشر و التوزيع‪ ،‬قسنطينة‪ ،2155 ،‬ص‪ .521‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪21‬‬
‫‪ -4‬أحمد بن مبارك‪ ،‬نفس املصدر‪ ،‬ص‪ .521‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪21‬‬
‫‪ -5‬ن‪،‬م‪ ،‬ص‪ .521‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪21‬‬
‫‪141‬‬
‫المقاربة السياسية‬

‫التحكم والسيطرة على مختلف الطبقات االجتماعية مما زاد من تعاظم هيمنة الطرقيين‬
‫وشيوخ القبائل املحلية على املجتمع ألنهم كانوا األداة الفعالة في تكريس شرعية السلطة‬
‫العثمانية باإليالة فحسب ماسلف ذكره قد ضمنت هذه األخيرة بسط نفوذها على‬
‫املحليين إذ الشك أن هذه الرؤى توضح أن النخبة التي حضيت باهتمام الدايات تعكس‬
‫توجه السلطة التي استحدثتها وسيطرت عليها‪ ،‬إذ إذا خضع السكان املحليون للقوانين‬
‫املنوطة لهم اتباعها على إثرها‪ ،‬فإنهم بذلك يدخلون تحت نفوذ السلطة تماشيا مع‬
‫طموحاتها ورغباتها‪.1‬‬

‫‪ -1‬طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.25‬‬


‫‪142‬‬
‫التحول في العالقة بين النخب الثقافية و السلطة‬
‫‪-‬مقاربة تاريخية‪-‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫دواعي التحول في العالقة بين النخب و السلطة‬

‫‪ -‬اإلستبداد السياس ي والصراع على السلطة‬

‫تفيدنا الدراسات أن فترة حكم الداي الحاج محمد تريكي ‪0732-0760‬‬


‫كانت فترة هادئة‪ 1‬حيث كانت عالقاته برعاياه متزنة تمكن خاللها من تجاوز‬
‫اإلنسداد السياس ي في السلطة الذي شهدته الجزائر في عهد األغوات ولم تورد‬
‫املصادر ضده أي تجاوزات حيال النخب املثقفة ألنه كان ينتمي إلى أسرة نبيلة‪ ،‬ثم‬
‫ملا حل محله صهره بابا حسن بدأت األمور تتغير شيئا فشيئا إذ صارت السلطة في‬
‫هذه الفترة منشغلة بنشاط القرصنة ضد السواحل األروبية‪ 2‬ناهيك عن مواجهة‬
‫بعض الظواهر املرضية التي برزت داخل البالد في هذه الفترة‪ .‬وأهمها مرض‬
‫الطاعون‪ 3‬وماميزها أنه كان فيه نوع من التالحم بين السكان والحكام بسبب‬
‫الخوف من التعرض للهجوم الصليبي اإلسباني على الجزائر‪ 4‬لكن سرعان ما وقع‬
‫صدام في الشأن العالئقي بين النخب و السلطة خاصة بعد وفاة الداي محمد تريكي‬
‫وتولي بابا حسن منصب الداي مكانه ففترة حكم هذا األخير ‪0738-0732‬‬
‫عرفت تمردات من طرف عدة قبائل فقد اصطدمت السلطة مع قبائل بني عامر‬
‫ببايلك الغرب حيث تعتبر هذه األخيرة من أكبر القبائل في الجزائر تنتشر بشكل‬
‫واسع في بايلك الغرب خاصة وهران وبلعباس و تموشنت وسعيدة وشرق تلمسان‬
‫وغرب معسكر وغرب مستغانم وكذا البيض و النعامة و األغواط وتيارت و الشلف‬

‫‪ -1‬عباد صالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.521-581‬‬


‫‪ -2‬ملزيد من التفاصيل أنظر مبارك زكي‪ ،‬الجهاد البحري في الغرب اإلسالمي املفهوم اإلسالمي واملفهوم املسيحي‪ ،‬مجلة‬
‫البحث العلمي ‪ ،‬السنة اإلحدى والثالثون‪ ،‬العدد ‪ ،21‬جامعة محمد الخامسن الرباط‪ ،‬املغرب‪، 5113 ،‬ص ‪22‬‬
‫‪ -3‬ملزيد من التفاصيل حول هذا الوضع عد إلى موساوي القشاعي فلة‪ ،‬الصحة والسكان في الجزائر أثناء العهد‬
‫العثماني وأوائل اإلحتالل الفرنس ي‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ الحديث‪ ،‬إشراف ناصر الدين‬
‫سعيدوني‪ ،‬كلية العلوم اإلجتماعية ‪ -‬قسم التاريخ‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية ‪2152-2158‬‬
‫‪4 - De Grammont Henri, relations entre la France et la régence d’alger au XVIIe siécle, p.25‬‬

‫‪143‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫وعين الدفلى و املدية و غليزان و تيسمسيلت وبالتالي كانت تشكل خطرا على‬
‫السلطة فهي تؤثر على مجال جغرافي واسع في البالد وفق مانبينه في الخريطة‪.1‬‬

‫كما اصطدمت مع قبائل أوالد سيدي الشيخ حيث لم يتمكن الداي من إخضاعها‬
‫بالجزائر‪2‬‬ ‫ألنها كانت قوية جدا كما أنها أقامت إمارات مستقلة عن سلطة األتراك‬
‫فتربعت على مساحة كبيرة من والية البيض كما تتداخل اراضيها من ناحية الشمال‬

‫‪1 - https://tribusalgeriennes.wordpress.com‬‬ ‫تم دخول الموقع بتاريخ ‪ 9151/11/81‬على الساعة ‪53:11‬‬

‫‪ -2‬عباد صالح‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.525-521‬‬


‫‪144‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫والغرب مع حلفائهم التاريخيين من قبائل الحميان( الشراقة والغرابة)‪،‬وفق مانبينه‬


‫في الخريطة املوالية‪.1‬‬

‫ضف إلى اصطدامه بقوات خارجية بسبب كثرة اإلستفزازات التي كانا يتعرض لها‬
‫الطرفان في عرض البحر جعلته يفشل في تسيير سلطته داخليا أو خارجيا فأودت‬
‫به مقتوال من طرف ابراهيم خوجة‪ 2‬فشهدت هذه الفترة تدبدب العالقات بين‬
‫السلطة و النخبة التي سرعان ماأخذت في التحول التدريجي إذ في دراسة مستفيضة‬
‫تحمل عنوان "العالقات الجزائرية العثمانية خالل عهد الدايات في الجزائر"‪ 3‬يبين‬
‫الباحث أن الدولة العثمانية كانت الفاعل األساس في هذه العالقة من خالل سعيها‬
‫لزيادة مكاسبها وقوتها النسبية‪ ،‬حيث يقول " لقد واجهت السلطة العثمانية‬

‫‪1 - https://tribusalgeriennes.wordpress.com 53:11‬‬ ‫تم دخول الموقع بتاريخ ‪ 9151/11/81‬على الساعة‬

‫‪ -2‬أنظر بن عمار مصطفى ‪ ،‬الصراع على السلطة في الجزائر في عهد الدايات‪ ، ،‬ص‪32‬‬
‫‪ -3‬صغيري سفيان‪ :‬العالقات الجزائرية العثمانية خالل عهد الدايات في الجزائر ‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة‬
‫املاجستير في التاريخ الحديث و املعاصر‪ ،‬تحت إشراف حسينة حماميد‪ ،‬قسم التاريخ‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية‬
‫واالجتماعية والعلوم اإلسالمية‪ ،‬جامعة باتنة‪2152/2155 ،‬‬
‫‪145‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫الحاكمة في الجزائر العديد من التمردات والثورات املناهضة لحكم العثمانيين‬


‫بسبب سياسة التهميش والقمع‪ ،‬وفرض الضرائب التي طبقتها على األهالي‬
‫الجزائريين بإبعادهم عن مراكز السيادة والحكم"‪ 1‬وما يستخلص من هذه العبارة‬
‫هو أن العالقات الجزائرية العثمانية كانت تحمل سمة تشاؤمية بالنسبة لعدد كبير‬
‫من الدارسين‪ ،‬ذلك أن القيم االجتماعية أو الدينية التي ربطت بين الدولتين أدت‬
‫دورا ثانويا في تحديد سلوك الدولة العثمانية اتجاه الجزائر‪ ،‬إذ بدأت بمواجهة‬
‫الغزو اإلسباني للسواحل الجزائرية‪ 2‬والتالحم مع هذه الطبقة بدافع الجهاد‬
‫البحري‪ ،‬وانتهت باالنفصام بسبب حدوث عدة مشاكل سنشير إليها في عناصرنا‬
‫الالحقة‪ ،‬وكذا تعرض معظم الدايات للقتل والتصفية وهو ما أثر بشكل سلبي‬
‫على طبيعة العالقات العثمانية الجزائرية‪.‬‬

‫ونحدد األسباب الحقيقية و اإلستراتيجية لهذا االنفصام والتحول فنجد بأن‬


‫الفوض ى والالأمان و التي سادت الدولة‪ ،‬وكذا تكالب الدول األوروبية كنتيجة لعدم‬
‫االستقرار‪ ،‬واإلختالل الوارد في توازن القوى تشكل التوجهات املنهجية في نظرتنا‬
‫لهذا التحول الذي ترتب عنه مانسميه ب" األزمات الداخلية و تصدع العالقات‬
‫الجزائرية العثمانية"‪ .3‬و أدت أجهزة الحكم خاصة داخل فئة االوجاق والدايات‬
‫وكذلك رياس البحر‪ ،‬دورا كبيرا في تحديد مسار هذا التوجه فاستحوذت مسألة‬
‫املؤامرات و الدسائس وكثرة االغتياالت على حيز كبير منه‪ ،‬فبناءا على هذا وجدنا‬
‫أن اللبنة األساسية التي انطلقت منها العالقة اعتمدت بشكل كبير على ما قام من‬
‫وقائع وأحداث في الواقع‪ ،‬باعتبار أن السياسة الداخلية بين الدولتين قامت على‬
‫أساس روحي قبل أن يتحول إلى أساس مادي‪.‬‬

‫‪ -1‬صغيري سفيان‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪511‬‬


‫‪ -2‬عمل األخوة األربعة كبحارة ومقاتلين في البحر املتوسط‪ ،‬أنظر‪ ،‬كليل صالح‪ :‬سياسة خير الدين في مواجهة املشروع‬
‫اإلسباني الحتالل املغرب األوسط‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في التاريخ الحديث و املعاصر‪ ،‬تحت إشراف‬
‫علي أجقو‪ ،‬قسم التاريخ‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية والعلوم اإلسالمية‪ ،‬جامعة باتنة‪2111/2113 ،‬‬
‫‪ -3‬صغيري سفيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪523‬‬
‫‪146‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫ثم مع فترة حكم حسين ميزمورتو ‪ 0731-0738‬الذي كان قرصانا تضعضعت‬


‫األوضاع ولم تعرف استقرارا داخليا حتى على الشأن العالئقي بين الحكام و النخب فقد‬
‫تجاهلت السلطة املشاكل اإلجتماعية وتفشت األمراض بكثرة وعوض أن تهتم بتحسين‬
‫الخدمات الصحية وتوفير العالج للسكان انصرفت إلى التدخل في شؤون الدول األجنبية‬
‫فخلقت صراعا بين الجزائر واإلياالت املجاورة لها وعلى رأسها تونس‪ 1‬كما ساءت عالقاتها‬
‫مع الدول األروبية‪ ،‬فمن املهم جدا أن نشير أن بعض العوامل الخارجية قد ساهمت في‬
‫ضعف السلطة التي لم تتمكن فيما بعد من التحكم في الوضع الداخلي للجزائر‪ ،‬وفي‬
‫عالقاتها مع النخب حيث أن قيام عالقة متشابكة مع دول الجوار أهمها إيالة تونس خالل‬
‫هذه الفترة‪ 2‬أثرت على قوى السلطة الداخلية بشكل كبير خاصة بعد أن تعقدت األمور‬
‫بين حكام الجزائر وتونس ووقع مانسميه بالصدامات التاريخية بين اإليالتين‪ 3‬و اليتسع‬
‫املجال للتفصيل في ذلك ألننا نود فقط توضيح عوامل التفكك و التحول في هذه الدراسة‬

‫بشكل منهجي صحيح‪ .‬لهذا لم يتوجه هذا الداي إلى اإلهتمام بالثقافة والش يء من هذا‬
‫القبيل إلى أن واجه تمردات اإلنكشارية والتي دفعته إلى الفرار من الجزائر و التخلي عن‬

‫‪ -1‬ملزيد من التفاصيل حول هذا الصدام عد إلى حصام صورية‪ :‬العالقات بين إيالتي الجزائر وتونس خالل القرن‬
‫الثامن عشر ‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في التاريخ الحديث و املعاصر‪ ،‬تحت إشراف عبد املجيد بن‬
‫نعمية‪ ،‬قسم التاريخ‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية و الحضارة اإلسالمية‪ ،‬جامعة وهران‪2158/2152 ،‬‬
‫‪ -2‬حصام صورية‪ :‬العالقات بين إيالتي الجزائر وتونس خالل القرن الثامن عشر ‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة‬
‫املاجستير في التاريخ الحديث و املعاصر‪ ،‬تحت إشراف عبد املجيد بن نعمية‪ ،‬قسم التاريخ‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية و‬
‫الحضارة اإلسالمية‪ ،‬جامعة وهران‪2158/2152 ،‬‬
‫‪ -3‬تجدر اإلشارة إلى أنه تم إبرام اتفاقية مؤاخاة وصلح دائم بين اإليالتين وتمت تصفية الخالفات بصفة نهائية يوم‬
‫‪ 21‬مارس‪5325‬حصام صورية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪532‬‬
‫‪147‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫منصب الداي‪ 1‬فخلفه الداي شعبان ‪ 0711-0733‬الذي واصل نهجه بيد أن ماميز‬
‫فترة حكم هذا الداي أنه خلق صراعا طبقيا بين السلطة و املجتمع إذ البد أن نشير إلى أن‬
‫التقسيم الهرمي للمجتمع في تلك الفترة ساهم بشكل كبير بخلق النفور بين السلطة‬
‫والنخبة فالعثمانيون احتكروا املمارسة السياسية بالبالد ثم أنهم عاملوا السكان معاملة‬
‫احتقار واستعالء وخلقوا طبقية سلطوية خوفا من أن تنفلت األمور من بين أيديهم فصار‬
‫الحكم دائرا بين فئة محددة وفق مانبينه في الشكل التالي‪:‬‬

‫أعضاء الديوان أو البرلمان‬

‫رؤساء البحر و القواد و األغوات‬

‫البايات‬

‫‪ -1‬أنظر بن عمار مصطفى‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.31‬‬


‫‪148‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫فهذه الفئة هي التي تسببت في خلق النفور بين السلطة و املجتمع بنخبته املثقفة‬
‫غالبا ماكانت ترقى إلى هذه املناصب عن طريق الرشوة‪ 1‬وكانوا يمنعون فئة املولدين‬
‫العثمانيين من أمهات جزائريات اإلرتقاء إليها واعتبروهم أبناء عبيد حتى اليتسنى‬
‫لهم الظفر بمقاليد السلطة‪ .2‬إذ لم يكن الداي في هذه الفترة من حكمه يبالي‬
‫بالوضع الداخلي للسكان والحتى لوضعية النخب الثقافية‪ .‬فقد انصرف نشاطه‬
‫فقط في محاولته إخضاع اإلياالت املغاربية‪ 3‬املجاورة للجزائر ويمكننا كذلك ان‬
‫نقف عند تأثير التوتر والصدام العسكري‪ 4‬الذي شهد له تاريخ اإليالة مع املغرب‬
‫فالعالقات السياسية التي تداخلت فيها العالقات الجزائرية املغربية أثناء الحكم‬
‫العثماني بالجزائر عرفت ماتسميه األبحاث باالعتداء املغربي على الجزائر فبداية‬
‫تميزت العالقات بينهما بالسلم لتنتهي إلى نشوب حروب نتيجة تحالف املغاربة مع‬
‫الفرنسيين ضد الجزائر مما كان له تأثير قوي على تدبدب األوضاع و إنصراف‬
‫السلطة إلى حل املشاكل الخارجية على حساب املشاكل الداخلية‪.‬‬

‫لكن ماحال دون بقاء هذا الداي في السلطة هو امتداد الخالفات في فترة حكمه داخل‬
‫الجيوش اإلنكشارية أنفسهم كالخالف بين الداي شعبان وأحمد باشا الذي حرض ضده‬
‫الجنود و خلفه في ظروف جد متدهورة بعد أن تم قتله من قبل جنود اإلنكشارية‬
‫‪ ،0711‬ومن ثم توالت سلسلة اإلغتياالت للدايات في هذه الفترة بكثرة فقد أعدم الحاج‬
‫مصطفى باشا خنقا ‪ 0611‬وخنق محمد بكداش باشا من طرف الجيش كذلك عام‬
‫‪ 0601‬وقتل دالي ابراهيم باشا في نفس السنة وقتل محمد بن حسن باشا عام ‪0628‬‬

‫‪ -1‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.518‬‬


‫‪ -2‬ن‪.‬م‪ ،‬ص‪.511‬‬
‫‪ -3‬ويبدأ ذلك منذ أن أجبر جنود اإلنكشارية الداي حسن ميزمورتو ‪ 5333‬على التخلي على السلطة مع اإلشارة إلى‬
‫أن هذا األخير كان من طائفة رياس البحر فضال عن ذلك لم يقتصر أمر الصراع على طائفتين عسكريتين فحسب‬
‫أنظر بن عمار مصطفى‪ ،‬الصراع على السلطة في عهد الدايات (‪ ،)5381-53152‬مذكرة ماجستير في التاريخ الحديث‪،‬‬
‫إشراف القشاعي موساوي فلة‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2151،‬‬
‫‪ -4‬بن قايد عمر‪ :‬أضواء على عالقات الجزائر مع املغرب األقص ى خالل القرن ‪51‬م‪ ،‬مجلة الواحات و الدراسات‪،‬‬
‫العدد‪ ،51‬من ص‪ ،512-525‬جامعة غرداية‪ ،‬الجزائر‪2152،‬‬
‫‪149‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫وسمم ابراهيم كوتشوك ‪ 0683‬وقتل حاج علي باشا و محمد باشا في نفس السنة‬
‫‪ 0301‬وعمر باشا ‪ 03061‬فهذا الجو من الصراع الدامي على تداول الحكم جعلت‬
‫السلطة تصب اهتمامها و انشغالها الدائم على محاولة التخلص من املؤامرات و البحث‬
‫عن طرق لتفادي مخاطر اإلغتيال مماجعلها تهمل الشؤون العامة للرعايا خاصة ملا تولى‬
‫في هذه الفترة حكام ضعاف ليس لهم خبرة سياسية‪ 2‬والطرق دبلوماسية في تعاملهم مع‬
‫نخبة املجتمع مما ترتب عنه وقوع اختالل في العالقة والالأمن وفقدان الثقة بين الطرفين‪.‬‬

‫ولهذا نخلص إلى القول بأن هذه املرحلة قد عرفت فوض ى سياسية مست جوانب‬
‫متعددة من العالقة التي كانت قائمة بين السلطة و النخب الثقافية فاملحاوالت التي قامت‬
‫بها السلطة في عزل هذه الفئة عن ممارسة العمل السياس ي وسلسلة اإلغتياالت و النفي‬
‫التي قامت بها والتي أشرنا إليها آنفا بغرض اإلنفراد بالحكم كانت عامال إنطالقيا نحو‬
‫انتشار الفساد‪ ،‬ويعود هذا بالدرجة األولى إلى الطريقة التي سيطرت من خاللها فئة معينة‬
‫على الحكم بالجزائر في فترة الدايات فالطريقة التي كان يتعين بها الحكام وعالقاتهم‬
‫بالرعايا وكذا أهم الطبائع و التصرفات الالأخالقية التي كانوا يقومون بها وأهمها تهميش‬
‫واغتيال كل من اليخدم مصالحهم الشخصية أدلت بقمة اإلستبداد املطلق الذي كان‬
‫سائدا بكثرة آنذاك‪ ،‬إذ يفسر املؤرخون أسباب هذا الفساد بشكل واضح من خالل‬
‫األحداث التي يسردونها في كتاباتهم وعلى الرغم من النظرة الضيقة التي يبدونها في طرحهم‬
‫ألسباب تدهور العالقة بين " النخب " و" السلطة " وتفاعلها مع حيثيات الوقائع التاريخية‬
‫الهامة من زاوية واحدة‪ ،‬إال أن السلطة في رأينا كانت تهدف من خالل مشروعها السياس ي‬
‫إلى البحث عن تصنيف خاص لنسقها السياس ي من خالل الصراع الذي خلقته الفئات‬
‫َ‬
‫املتمثلة في طائفتي رياس البحر واإلنكشارية فبعد إنهاء الصراع مع القوى‬ ‫العسكرية‬
‫األجنبية الخارجية برزت السلطة بوجه آخر وهو وجهها الحقيقي املتمثل في سلطة‬
‫مستبدة‪ .‬فقد خلقت صراعا طبقيا شديدا و كانت تحتكر املناصب السامية وتستحوذ‬

‫‪1‬‬
‫‪- Laugier De Tassy. Histoire du royaume D’Alger (1724).Editions loysel,‬‬
‫‪Paris, 1992, p.130-135.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Laugier De Tassy. Op cit, p.130‬‬
‫‪150‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫على الحكم و تشرف على جباية الضرائب حسب أهواء البايات ونزعاتهم التسلطية‪،‬‬
‫فبالرغم من اإلمتيازات التي كانت تمنحها لبعض الفئات التي كانت تمثل البنية التقليدية‬
‫للمجتمع والتي تتيح لهم حق املشاركة في بعض الوظائف اإلدارية بقصد تنشيط الحياة‬
‫الجماعية إال أنها لم تكن تسمح لهم املشاركة في الحياة السياسية فهي بذلك كانت تسعى‬
‫لتحقيق أهدافها عن طريق التالعب بعواطف الرعايا من خالل استغالل رجال الدين في‬
‫تسيير قضاياها الداخلية‪ ،‬فتدهور الوضع السياس ي و دبت الفوض ى‪ ،‬وأثر هذا الوضع‬
‫تأثيرا مبالغ فيه على العالقة بين الرعايا والسلطة وخاصة نخبة املجتمع ومثقفيها‪.‬‬

‫وسنحاول من خالل هذه ال قائمة إبراز أهم الدايات الذين حكموا الجزائر في هذه‬
‫الفترة ‪.‬‬

‫‪0732-0760‬م‬ ‫الحاج محمد باشا‬


‫‪0738-0732‬م‬ ‫بابا حسن‬
‫‪0737-0738‬م‬ ‫حسين ميزو ميزمورطو‬
‫‪0731-0737‬م‬ ‫ابراهيم خوجة‬
‫‪0711-0731‬م‬ ‫الحاج شعبان‬
‫‪0711-0711‬م‬ ‫قارة ابن علي‬
‫‪0611-0711‬م‬ ‫حسن شاوش‬
‫‪0611-0611‬م‬ ‫الحاج مصطفى‬
‫‪0616-0611‬م‬ ‫حسين خوجة شريف‬
‫‪0601- 0616‬م‬ ‫محمد بكتاش خوجة‬
‫‪0603-0601‬م‬ ‫بابا علي شاوش‬
‫‪0628-0603‬م‬ ‫محمد بن حسن‬
‫‪0682-0628‬م‬ ‫كرد عبدي‬
‫‪0681-0682‬م‬ ‫الداي براهيم‬
‫‪0683-0681‬م‬ ‫ابراهيم كوتشك‬
‫‪151‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫‪0611-0683‬م‬
‫محمد بن بكير‬

‫‪0683-0611‬م‬ ‫بابا علي بوصباع‬


‫‪0610-0677‬م‬ ‫محمد بن عثمان‬
‫‪0613-0610‬م‬ ‫حسن خزناجي‬
‫‪0311-0613‬م‬ ‫مصطفى باشا‬
‫‪0313-0311‬م‬ ‫باشا‬ ‫خوجة‬ ‫احمد‬
‫‪0311-0313‬م‬ ‫علي الغسال‬
‫‪0301-0311‬م‬ ‫حاج علي باشا‬
‫‪0306-0301‬م‬ ‫عمر باشا‬
‫‪0303-0306‬م‬ ‫علي خوجة‬

‫‪0381-0303‬‬ ‫الداي حسين‬

‫‪ -‬السياسة الضريبية املجحفة‬

‫لقد عمدت سلطة الدايات لفرض وجودها بالبالد على استخدام خطة‬
‫استراتيجية سياسية محكمة البناء لتتمكن من إدارة املجتمعات الداخلية بصفة غير‬
‫مباشرة‪ ،‬إذ كانت تستند على التحالف القائم بينها وبين رجال الدين بالرغم من استياء‬
‫بعض األعيان من أصحاب النفوذ السياس ي بالبالد من هذا الحكم‪ ،1‬وتمكنت من‬
‫السيطرة السياسية و اإلقتصادية على البايلكات‪ ،‬فغالبا ماكانت تعمل على إنهـاك السـكان‬
‫بضـرائب إضـافية‪ ،‬مما أدى إلى تراجـع النشاطات الزراعية والحرفية والتجارية‪ .‬وكانت‬

‫‪ -1‬أبوالقاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.251‬‬


‫‪152‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫أموال الجباية توجـه إلى الداي وحاشيته‪ ،‬في كل مناسبة رسمية ملا يتقدم البايات بضرائب‬
‫أقاليمهم‪1‬‬

‫وفي الوقت نفسه منحت امتيازات لرجال الطرق الصوفية ليزداد نفوذها أكثر‬
‫واعترفت بالحكم املحلي لهم مقابل ضريبة يدفعونها للسلطة املركزية‪ 2‬وقد مثلت القبائل‬
‫املخزنية الجهاز السياس ي للبايلك فلعبوا دورا هاما في مساعدته في جمع الضرائب وتذكر‬
‫املصادر التاريخية أصناف القبائل املمثلة للسلطة أهمها الدواير و الزمالة حيث اقتطعت‬
‫لها السلطة أجود أنواع األراض ي الزراعية ببايلك الغرب‪ 3‬وفي حال التمرد على السلطة‬
‫واملجاهرة بالعداء لها كانت تمارس سياسة الترهيب إلى حد كبير في إخضاع القبائل‬
‫املمتنعة عن دفع الضرائب بالقوة إذ يمكننا أن نذكر هنا بعض النماذج من هذه‬
‫املمارسات‪ ،‬حيث أخضع الباي محمد الكبير الذي شاع بتقديسه للعلماء قبائل جنوب‬
‫الصحراء لسلطة الداي‪ 4‬و أخضع الباي خليل الذي كان على رأس معسكر كل العلماء‬
‫املعادين للسلطة‪ 5‬و أخضع محمد مقلش باي وهران القبائل التي ساندت ثورة درقاوة‪.6‬‬

‫وملا عين صالح باي على رأس البايلك الشرقي أخضع قبائله "فحارب الزواوة عام‬
‫‪ 0662‬وحارب أوالد نايل عام ‪ 0668‬وضرب الدواودة الذين أحدثوا اضطرابات‬

‫‪ -1‬اقتباسا عن صباح نوري هادي العبيدي‪ ،‬يالة الجزائر العثمانية ‪:‬بين موارد البحر والضرائب‪ ،‬مجلة امللوية‬
‫للدراسات األثرية والتاريخية‪ ،‬املجلد ‪، 2‬العدد ‪،51‬السنة الرابعة‪ ،‬جامعة سامراء‪،2151 ،‬ص‪.581‬‬
‫‪ -2‬أبوالقاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.251‬‬
‫‪ -3‬أنظر جغلول عبد القادر‪ ،‬تاريخ الجزائر الحديث‪ ،‬ط‪ ،8‬دار الحداثة للطباعة و النشر و التوزيع‪ ،‬بيروت‪،5138 ،‬‬
‫ص‪25‬‬
‫‪ -4‬أنظر ابن الهطال‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- W.Esterhazy, la domination turque dans l’ancienne régence d’alger,‬‬
‫‪Grossein, paris,1840,p186-188‬‬
‫‪ -6‬االقبائل التي تم إخضاعها من طرف باي وهران تجسدت في قبائل بن عامر و البرجية و املهاجر أما اإلطار الزمني‬
‫حسب ماتذكره املصادر التاريخية ‪ 5313-5311‬وملزيد من املعلومات‪ ،‬عد إلى‪:‬‬
‫‪W.Esterhazy, op,cit,pp.202-213‬‬
‫‪153‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫ببسكرة وشارك بقوة في مواجهة حملة أوريلي عام ‪ 1"0661‬وألزم زاوية أوالد سيدي‬
‫عبيد بدفع ضريبة اللزمة‪. 2‬‬

‫ووفق تلك الرؤية أسفرت هذه السياسة عن حدوث تفكك في البنى التحتية للعالقات‬
‫بين الطرفين ولم يعد هناك ارتباط وثيق بالسلطة‪ ،‬ونتيجة لذلك‪ ،‬أسهم هذا اإلخضاع في‬
‫حدوث ثورة اجتماعية ‪.‬‬

‫وسنكتفي هنا باإلشارة إلى ما كتبه مسلم بن عبد القادر الحميدي‪ 3‬حيث ألف‬
‫منظومة وصف فيها مساوئ الحكام في تعاملهم مع الرعايا‪ ،‬قال فيها‪:‬‬

‫فاشـتغلوا بـالظلم لـيس مـن عـدل*** فاتخــذوا أخــذا وبــيال باملهــل‬


‫عتـوا عتـوا عـلى الخلـق وجـاروا*** فك ــل أكث ـرالعب ــاد وب ــاروا‪4‬‬

‫وأشار في كتاباته أيضا أن حكم العثمانيين لم يكن عادال‪ 5‬فهو يرصد السمات الخاصة‬
‫للواقع السياس ي و االجتماعي الذي أنتجه نظام الدايات‪ ،‬كما أن املصادر األروبية التي‬
‫خلفها الذين عايشوا هذه التوترات قد أبدت استياءا من املعاملة السيئة التي كانت‬
‫السلطة توجهها ضد السكان فهي التتخطى ما أبدته الكتابات املحلية في هذه املسألة وقد‬

‫‪ -1‬نقال عن صالح عباد‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪211‬‬


‫‪ -2‬صالح فركوس‪ ،‬الحاج أحمد باي قسنطينة‪ ،5311-5323،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،2111 ،‬‬
‫ص‪15،21‬‬

‫‪ -3‬هو س ي مسلم بن عبد القادر الوهراني دارا‪ ،‬الحميري الزايري أصال‪ ،‬أديب ومؤرخ بايات وهران‪ ،‬أنظر‪،‬‬
‫صادق بن قادة‪ ،‬الذاكرة املكتوبة والتاريخ ‪ :‬أضواء جديدة حول شخصية مسلم بن عبد القادر الوهراني أديب ومؤرخ‬
‫بايات وهران (القرن ‪58‬هـ‪51/‬م)‪ ،‬مجلة إنسانيات‪ ،‬العدد ‪ ،8‬الجزائر‪ ،‬ص‪.21-81‬‬
‫‪ -4‬أنظر ابن سحنون‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ -5‬أنظر‪ ،‬مسلم بن عبد القادر الوهراني‪ ،‬تاريخ بايات وهران املتأخر أو أنيس الغريب واملسافر‪،‬ط‪،5‬تحقيق رابح‬
‫بونار‪،‬الشركة الوطنية للنشر و التوزيع‪ ،5112،‬الجزائر‪،‬ص‪.11‬‬

‫‪154‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫كان ‪ Laugier de Tassy‬من أبرزهم في كتابه ‪Histoire du royaume‬‬


‫‪.d'Alger1‬‬
‫فالواضح منها في فهم أسباب تدهور الوضع وتأزم العالقات‪ ،‬أن كالهما يشتركان في‬
‫تحديد السياسة الضريبية كعامل مؤثر في هذا اإلطار‪ ،‬وكالهما يتفقان حول تراجع‬
‫السلطة عن منح امتيازات لرجال الدين املعارضين لها والتنكيل بهم نظرا للنفوذ الروحي‬
‫الذي كانوا يتمتعون به في املجتمع الجزائري كما يقرر ‪Venture De Paradis‬‬
‫واملزاري في كتاباته وحمدان خوجة و العنتري و ابن سحنون وكذا ابن الهطال في رحلته‬
‫وكالهما أيضا يجمعان على انتشار الفساد وتولي حكام ضعاف الشخصية السلطة لدرجة‬
‫التالعب باملناصب والصراع عليها‪.‬‬

‫وفي الواقع‪ ،‬تتقارب هذه التصورات في اإلطار العام‪ ،‬بين املصادر الغربية و املحلية حول‬
‫وقائع ومظاهر القطيعة‬
‫السلطة‪ ،‬إذ ليس من هدفنا مقاربة كل املصادر وما سردته من ِ‬
‫بين السلطة والنخب الثقافية فاملجال هنا ال يتسع للخوض فيه‪ ،‬لكننا نحاول أن نعطي‬
‫نماذج ونبني تصور منهجي يبرز الحقائق ويقيم العوامل والدوافع التي ساهمت في إحداث‬
‫التحول والتوتر بين الطرفين موضوع الدراسة‪.‬‬
‫و في ذات السياق كان ابن زرفة من أبرز املثقفين الذين نقلوا لنا صورة عن حدود‬
‫هذه العالقة وعن التجاوزات التي كانت تحصل من طرف السلطة في خرق "العدالة"‬
‫و"القانون" فيرى أنها كانت تطبق على الفئات االجتماعية املناوئة لها قواعد الحرب‬
‫اإلسالمية‪ 2‬فهو يقصد بذلك أن الهدف الذي كانت تنشده السلطة العثمانية من وجودها‬
‫بالجزائر هو توفير الحماية ألفرادها مهما كان انتماءهم‪ ،‬لكن عندما يتمرد سكانها‬

‫‪1‬‬
‫‪- lauguer de tassy, Histoire du royaume d’alger, Amsterdam,1724, pp.124-‬‬
‫‪127‬‬
‫‪ -2‬ابن زرفة محمد املصطفى بن عبد هللا بن عبد الرحمن‪ ،‬اإلكتفاء في جوائز األمراء و الخلفاء‪ ،‬مخطوط مسجل‬
‫تحت رقم ‪ ،223381‬لغة املخطوط العربية‪ 32 ،‬ورقة‪ ،‬معهد أحمد بابا للتعليم العالي والبحوث اإلسالمية‪ ،‬تومبوكتو‪،‬‬
‫مالي نص املخطوط مقتبس عن أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.251‬‬
‫‪155‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫ويخرجون عن طاعتها ووالئهم لحكامها‪ ،‬عندها تشرع في اعتقالهم وعادة ما يصل بها األمر‬
‫إلى اغتيالهم‪.‬‬

‫لهذا السبب كان هذا النوع من املمارسات قد فتح باب الصراع الذي انطلق‬
‫مباشرة بعد إخراج اإلسبان من املنطقة وتحرير وهران فساءت العالقات‪ ،‬وكان في مطاف‬
‫السلطة األخير إنهيار نظام الدايات وخاصة بعد التنكيل بعدد كبير من النخب الثقافية‬
‫وإقصائهم من املشاركة في العمل السياس ي‪.‬‬

‫وال بد من إسقاط مانقله لنا ابن زرفة على ما أثبتته الوقائع التاريخية‪ ،‬في أن‬
‫السلطة كانت تعفي العلماء واملرابطون الذين يتعاملون معها بوالء وخضوع من الضرائب‬
‫وسميوا ب"املخزن" وحتى تتضح الرؤية لجأ عثمان باي األعور إلى إعفاء الزبوش ي مرابط‬
‫ميلة من الضريبة ألنه كان يحرض الناس ضد األتراك‪ 1‬أما الذين كانوا مناوئين لهم فقد‬
‫أجبروا على تخليص الضريبة وعوملوا معاملة قاسية و لقبتهم "بالرعايا"‪ 2‬فهي بهذا اللقب‬
‫كانت تجرد السكان املحليين من املشاركة في تسيير شؤون بالدهم الداخلية كما جردتهم‬
‫من اعتالء الوظائف السياسية واملناصب اإلدارية السامية‪.‬‬

‫و يرصد لنا ‪ pierre Boyer3‬و ‪ 4Federman‬سياسة الحكام وموقفهم‬


‫من األعيان في هذه املسألة فكالهما يرى أن هذه السياسة ارتبطت بطبيعة العالقة التي‬
‫ربطت السلطة بالشيوخ و املرابطين ومدى قدرتهم على تقديم املطالب املخزنية لسلطة‬
‫البايلك و تسيير شؤون الحياة الداخلية للسكان‪ ،5‬حيث ظل رجال الدين منذ النصف‬
‫األول من القرن السابع عشر إلى أواخره يخضعون بشكل عام إلى ما تفرضه السلطة من‬

‫‪ -1‬أنظر صالح عباد‪ ،‬الجزائر خالل الحكم التركي‪ ،‬دار املنهل للنشر‪،‬الجزائر‪،2152،‬ص‪.811‬‬
‫‪ -2‬أنظر أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬تاريخ الجزائر الثقافي‪،‬ج‪،5‬ص‪.255‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- pierre Boyer, Contribution à l'étude de la politique religieuse des Turcs‬‬
‫‪dans la Régence d'Alger (XVIe-XIXe siècles),revue des mondes musulmans‬‬
‫‪et de la méditerranée, Année 1966 1 pp. 11-49‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- - FEDERMAN, HENRI/AUCAPITAINE, Henri, "Notice sur l’histoire et‬‬
‫‪L´administration du beylik de Tetteri" in R.A, N°12, 1867,p. 210,211.‬‬
‫‪ -5‬املهدي بوعبدلي‪ ،‬وناصر الدين سعيدوني‪ ،‬الجزائر في التاريخ‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪،‬الجزائر‪ ، ،5132،‬ص‪.85‬‬
‫‪156‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫ضرائب‪ ،1‬وظل تكوين هذه العالقة قائما بحد ذاته بدون محاسبة السلطة على‬
‫الضغوطات التي كانت توجهها لهم‪ ،‬ولعل هذا ما يبرر أن السلطة قد سعت إلى خلق عالقة‬
‫جدلية جمعت فيها بين القوة و القانون في ضرب الرعايا وتطويعهم لضمان إستمراريتها‬
‫بالرغم من اإلمتيازات والعطايا التي كانوا يتلقونها مقابل الرضوخ لهذه السياسة‪ 2‬وهذا ما‬
‫يدفعنا إلى الحكم بأن السلطة قد تجاهلت الصالح العام و يتمثل هذا التجاهل في منع كل‬
‫حرية قد تطابق اتجاه "املصلحة العامة"‪ ،‬فالسلطة هنا تولت الحكم بالغلبة وحازت على‬
‫السلطة الدينية وتمكنت من إغفال رجاالت الدين وتلبست ذرع الحماية لإليالة مقابل‬
‫ضرائب نفعية يدفعونها‪.3‬‬

‫وبشكل ملفت لإلنتباه فقد احتلت ثورات الطرقيين موقعا بارزا في هذه‬
‫الفترة‪4‬كرد فعل لهذه السياسة املجحفة‪ ،‬كما أنها عمقت من أزمة تراجع نظام الدايات‬
‫باإليالة لكن سرعان ماكان يتم إخضاع القبائل املوالية لها بمساعدة القبائل املخزنية‪.5‬‬

‫إن الخوض في تفاصيل هذا التوتر يوضح مدى الرغبة الجماعية في اإلنفصال عن‬
‫سلطة أجنبية أبدت حميتها الدينية في محاربة الغزو اإلسباني‪ ،‬وتجاوبت البنية التقليدية‬
‫التحتية لهذه الحمية وفي غضون بضع فترات زمنية تنقلب املوازين إلى سلطة قهرية‬
‫مستبدة وتنقلب املواقف مطالبة إياها بتطبيق التزاماتها الشرعية التي دخلت عن طريقها‬
‫الجزائر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Marcel Emerit, Les Aventures de Thédenat, esclave et ministre d'un bey‬‬
‫‪d'Afrique, XVIIIe siècle ,sociétéhistorique algérienne,1948, France,p182.‬‬

‫‪ -2‬ن‪ ،‬م‪ ،‬ص‪.20‬‬


‫‪3‬‬
‫‪- Jean-Claude Vatin, L'Algérie politique : histoire et société, 2e édition,‬‬
‫‪Presses de Sciences Po,1983,France, p.101,103‬‬
‫‪ -4‬أنظر في تفصيل هذه الثورات‪ ،‬حنيفي هاليلي‪ ،‬الثورات الشعبية في الجزائر أواخر العهد العثماني كرد فعل على‬
‫سياسة التهميش‪ ،‬مجلة جامعة األمير عبد القادرللعلوم اإلسالمية‪ ،‬العدد‪ ،21‬أفريل‪ ،2113‬الجزائر‪ ،‬ص‪.531‬‬

‫‪ -5‬جغلول عبد القادر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪25‬‬


‫‪157‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫فاملحلل ألسلوب تعامل السلطة مع القبائل الثائرة و أهم التمردات التي قامت‬
‫بكل فعالية كرد فعل معارض للسياسة الضريبية واإلستبدادية التي كانت تفرضها على‬
‫املجتمع‪ ،‬يجد أنه اليختلف تماما عن تجربة املستعمرات ذات القوة العسكرية العظمى‬
‫ألراض ي ماوراء البحار‪.‬‬

‫‪ -‬نهب أموال األوقاف‬

‫لقد أدى الوقف عدة وظائف إيجابية بمجتمع الجزائر العثمانية فقد شكل دورا‬
‫أساسيا في حياة الجزائريين في تلك الفترة إذ سعت السلطة إلى فتح مجال تولي اإلنفاق‬
‫عليه بشكل كبير‪ ،‬وكان هذا اإلنفاق يقوم بتقييده القضاة بصيغة قانونية ملزمة حيث‬
‫تسهر السلطة القضائية على ضبط كيفية صرفه و استغالله من طرف املؤسسة‬
‫الوقفية‪ 1‬كتلك التي كانت تشرف عليها مؤسسة سبل الخيرات التي اعتنت كثيرا بمنشآت‬
‫الحنفية كجامع شعبان خوجة ‪0718‬م وجامع كتشاوة‪ 2‬وغيرها خاصة ملا كانت تستغل‬
‫للعناية بالعلماء وطلبة العلم وعابري السبيل‪ ،‬فكانت تحقق لهم النفع املادي و املعنوي‬
‫كما تجسدت مؤسسة األوقاف في أوقاف الحرمين الشريفين التي كانت تعمل على تقديم‬
‫اإلعانات ألهالي الحرمين الشريفين املقيمين بالجزائر و كذا أوقاف املسجد األعظم‬
‫وأوقاف مؤسسة بيت املال والتي كانت تشرف على إقامة املرافق العامة من طرق وجسور‬
‫وتشييد أماكن العبادة من مساجد وزوايا وكانت تتكفل بتغطية نفقات بعض العلماء‬
‫التابعين لبيت املال‪.3‬‬

‫وبما أن هذه املؤسسات كانت تتمتع بنفوذ كبير في املجتمع كان أي استغالل غير شرعي لها‬
‫يعتبر من الجرائم التي تثير حفيظة املجتمع‪ ،‬وفي املقابل أكدت املصادر التاريخية أن‬

‫‪ -1‬محمد بوشنافي‪ ،‬دور السلطة القضائية في تنظيم و استغالل األوقاف بمدينة الجزائر أثناء العهد العثماني من‬
‫خالل وثائق املحاكم الشرعية‪ ،‬مجلة املواقف‪ ،‬املجلد‪ ،52‬العدد‪ ،5‬جامعة معسكر‪81 ،‬جوان‪ ،2151‬ص‪213-211‬‬

‫‪ -2‬ناصر الدين سعيدوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.532‬‬


‫ّ‬
‫‪ -3‬ملزيد من التفاصيل أنظر طـراد طـارق و علـة مـراد‪ ،‬مبررات االهتمام باألمالك الوقفية في الجزائر‪ -‬من االحتالل إلى‬
‫االستقالل ‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية و اإلجتماعية‪ ،‬العدد‪ ،21‬ديسمبر‪ ،2153‬ص‪ 531‬عن ناصر الدين سعيدوني‪،‬‬
‫تاريخ الوقف ودوره االجتماعي واالقتصادي‪ ،‬دورة إدارة األوقاف اإلسـالمية بـالجزائر‪ ،‬الجزائـر‪،5111،‬ص‪.8‬‬
‫‪158‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫إهمال السلطة العثمانية لألوقاف ونهب أموالها كان املحرك األول للتوتر بين طبقة رجال‬
‫الدين وبينها خالل هذه الفترة التاريخية مما خلق صراعا داخليا‪ ،‬فالوكالء عادة ماكانوا‬
‫يخرقون ماورد من إلزام قانوني في الوثائق الشرعية‪ 1‬في كيفية صرف األوقاف إذ كانت‬
‫السلطة تحول عائداته وفوائده إليها‪ 2‬ويمكننا أن نشير إلى نماذج من ما تم وقفه في هذه‬
‫الفترة ال للحصر‪ ،‬األسالك العقاريـة‪ ،‬األراضـي الزراعيـة‪ ،‬الدكاكين‪ ،‬الفنادق‪ ،‬أفران‬
‫الخبز‪ ،‬العيون والسواقي‪ ،‬الحنايا والصهاريج‪ ،‬أفران معالجة الجير‪ ،‬الضـيعات‪ ،‬املـزارع‪،‬‬
‫البساتين‪ ،‬الحدائق‪.3‬‬

‫وإذا كانت هذه املؤسسة التي نهبت تشكل أهم مظهر من مظاهر الحضارة اإلسالمية‬
‫فهي تزكي شرعية السلطة ووجودها ألنها تعبر عن تفعيل إرادة الخير في املجتمع‪ ،‬فقد‬
‫كانت املواقف السلبية التي صدرت منها تجاه هذه املؤسسة محور الصراع الذي استاءت‬
‫له النخبة وعلى رأسهم رجال الدين‪ 4‬الذين أبدوا تذمرا من طريقة تسيير هذه املؤسسات‬
‫الدينية حيث تثير املجادالت بين عدة تقارير وكتابات عثرنا عليها هذا اإلشكال بش يء من‬
‫الذهول ملا تثير األسباب التي بعثت على خلق فجوة وصراع دائم بين النخب من رجال‬
‫ُ‬
‫الدين و السلطة في عدم احترام املواثيق التي نص عليها املوقف وتحويل مصارفها ألغراض‬
‫ُ‬ ‫غير شرعية‪ ،‬إذ َ‬
‫تصرف الوكالء كما أشرنا سابقا على غير ما وقعته املواثيق بين املوقف‬
‫والقائمين على إدارة الوقف فقاموا بتغيير مصاريفها والعبث بمواردها واألغلب أنه كان‬
‫يتم كتم الوقف للتصرف فيه بالبيع وفي أحيان كثيرة كان يتم االستيالء عليه ليصبح ملكا‬
‫تابعا للسلطة‪ ،‬إذ أبرز الورتيالني في رحلته عدة مواقف في إطار هذه الفكرة وأهمها‬

‫‪ -1‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.223‬‬


‫‪ -2‬ن‪.‬م‪ ،‬ص‪.223‬‬
‫‪ -3‬حمداني هجيرة‪ ،‬نظرة حول تاريخ األوقاف في الجزائر‪ ،‬مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية و اإلنسانية‪،‬‬
‫العدد‪ ،82‬جامعة بابل‪ ،2151،‬ص‪.51‬‬
‫‪-4‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.223‬‬
‫‪159‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫الطريقة التي استولت بها السلطة على األوقاف ملا تصرفوا فيها " كاألمالك الحقيقية‬
‫وجعلوا الخطط الشرعية‪ 1‬لهم ظلما"‪.2‬‬

‫وتتهم املصادر التاريخية السلطة باحتكارها فوائد الوقف وتحويله إليها بناءا على الشكاوى‬
‫التي كان يتقدم بها الرعايا ضد الوكالء املتصرفون فيورد لنا البوني في أرجوزته‪ 3‬التي‬
‫عم ببونة (عنابة) حقائق عن هذه‬ ‫أهداها للداي محمد بكداش شاكيا له الظلم الذي َ‬
‫اإلشكالية‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬

‫ياحاكم الجزائر‪...‬ياأنس نفس الزائر‬


‫أريد أن أخبركم ‪ ...‬أدام ربي نصركم‬
‫بحال هذي القرية‪ ...‬بالصدق البالفرية‬
‫قد صال فيها الظالم‪ ...‬وهان فيها العالم‬
‫خربت املساجد‪...‬وقل فيها الساجد‬
‫حبسها قد أسرفا‪...‬ناظره فأشرفا‬
‫وأهملت أسعارها‪...‬وبدلت شعارها‬
‫والشرع فيها باطل‪...‬والظلم فيها هاطل‬
‫والخوف في سبلها‪...‬والقحط في سنبلها‬
‫وكم من القبائح‪ ...‬وكم من الفضائح‬

‫‪ -1‬تختص الخطط الشرعية في نظام الدولة التي تساير األنظمة اإلسالمية بالفتوى و القضاء و الحسبة ووالية‬
‫املظالم أنظر‪ :‬محمد نعمان جالل‪ ،‬االستراتيجية والدبلوماسية والبروتوكول بين اإلسالم واملجتمع الحديث‪ ،‬ط‪،5‬‬
‫املؤسسة العربية للدراسات و النشر‪ ،‬بيروت‪ ،2112 ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪ -2‬أنظر‪ :‬الورتيالني‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ 333‬عن أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪223‬‬
‫‪ -3‬أنظر ابن ميمون‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬الورقة ‪ 28‬لإلشارة الفكرة تطرق إليها أبو القاسم سعد هللا كذلك في كتابه تاريخ‬
‫الجزائر الثقافي‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪223‬‬
‫‪160‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫إال أن التقرير الذي كتبه ‪ 1Aumerat‬في ذات السياق يثبت أن بعض عائدات‬
‫األوقاف التي كانت موجهة إلى الحرمين الشريفين مثال كانت تصرف على فقراء اإليالة‬
‫من طرف الوكالء ولم تكن تلك العائدات حبسا عليهم فكانوا يتقدمون بشكاوي كثيرة‬
‫ضد حرمانهم منها اعتقادا منهم أن مال الوقف عائدا إليهم بالدرجة األولى‪ ،‬وبالتالي‬
‫نجد بأن ‪ Aumerat‬يرصد لنا رؤية حيادية وقد تبدو معقولة تاريخيا‪ ،‬ألن‬
‫الوقفيات التي عثر عليها أبوالقاسم سعد هللا تبرز "أن الحكام كانوا يشعرون ببعض‬
‫الواجب الديني تجاه املجتمع الذي كانوا يحكمونه‪ ،‬فاليكاد يوجد باشا ظل في الحكم‬
‫مدة طويلة إال وقد بنى جامعا أو كتابا أو زاوية"‪ 2‬فهو على هذا يصف األمر الواقع‪،‬‬
‫على أن السلطة قد تدخلت في مواقف عديدة للحد من التجاوزات التي استاءت لها‬
‫نخبة املجتمع فالسلطة كانت تعمل على تغيير الوكالء الذين يشيع عنهم الفساد في‬
‫التصرف بأموال الوقف مثلما فعل الباي محمد الكبير ملا أقر نظام محاسبة الوكالء‬
‫واستعادة أمالك األوقاف التي تم تحويلها بالغصب إلى أمالك شخصية كما هو الحال‬
‫بالنسبة لألراض ي التابعة ملدارس تلمسان والتي أعادها إلى حالتها الطبيعية‪ 3‬ونفس‬
‫الفكرة التي دافع ‪ Aumerat‬عنها من خالل مسألة أن إيرادات النفقات املالية التي‬
‫كان من املفروض أن توجهها السلطة لفقراء مكة و املدينة تحت إشراف مؤسسة‬
‫الحرمين الشريفين صارت توجهها لفقراء العاصمة مقابل تحقيق منفعة عامة لألفراد‬
‫بهدف إشباع حاجات الرعايا العامة وملا تتوقف السلطة عن مواصلة توجيه هذه‬
‫النفقات املذكورة آنفا لهم هنا يقع الصدام الذي سبقت اإلشارة إليه من خالل‬
‫املصادر التي رصدناها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Aumerat, La propriété urbaine à Alger,Bulletin de la société‬‬
‫‪Historique Algériénne, Revue Africaine,Articles N°227, 1897,p326.‬‬

‫‪ -2‬أبوالقاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪288‬‬


‫‪ -3‬أنظر ابن سحنون‪ ،‬الثغر الجماني‪ ،‬ص‪.512‬‬
‫‪161‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫‪ -‬إهانة العلماء واغتيالهم وعزلهم من مناصبهم‬


‫مالفت انتباهنا أن هناك أسر كانت لها عالقة وطيدة بالسلطة رغم سوء األوضاع التي‬
‫أشرنا إليها آنفا لكن السؤال املطروح ماهي دواعي هذا التالحم بالرغم من التغيرات‬
‫العالئقية التي ملحناها على عدد كبير من الفئات ضد السلطة؟‬
‫تشير بعض الطروحات‪ 1‬إلى أن مشكلة السلطة لم تكن مع فئة محددة بقدر ماكانت‬
‫تصب في شخصية ما قد تكون منحدرة من عائلة عريقة لكن بالرغم من ذلك نجدها‬
‫تهان إذ إن ظاهرة "إهانة العلماء واغتيالهم" كما عرضاها كل من ‪ Boyer‬و‬
‫‪ Devoulux‬و العنتري و املزاري في كتاباتهم تجاوزت حدود املنطق في مقاربة‬
‫العالقات بين السلطة و النخب املثقفة‪.‬‬

‫فالعالم – كما قرروه– في نظر بعض البايات الذين تداولوا على السلطة في نهاية‬
‫الحكم العثماني بالجزائر هو مجرد بهيمة المكانة له في البناء اإلجتماعي باإليالة‪ ،‬إذ‬
‫يستشهد ‪ Boyer‬بواقعة مرابط تسالة الذي وضعه الباي محمد الكبير على ظهر حمار‬
‫وطاف به في أرجاء املنطقة بهدف التقليل من شأنه أمام الرعايا‪ ،2‬بل أن هذا النوع من‬
‫التجاوزات في حق رجال الدين تعدت تمثالته حدود املعقول حينما ترصد لنا بقية‬
‫املصادر التاريخية صورة عن واقع العالقات التي ربطت السلطة بالنخب فلقد كان بعض‬
‫البايات ينفرون من العلماء‪ 3‬وفي كثير من األحيان كان يصل بهم األمر إلى القيام بالتنكيل‬
‫بهم ظلما وعدوانا كعائلة قيدورة التي قام الداي محمد بكداش أثناء توليه السلطة‬
‫باغتيال بعض من نخبها منهما األخوين عالل قدورة و أحمد قدورة عام ‪0003‬ه‪ 4‬والذي‬
‫تولى منصب اإلفتاء على املذهب املالكي بينما في نفس الفترة تقوم السلطة بتعيين ابن‬

‫‪ -1‬من بين تلك الطروحات لزغم فوزية التي ذهبت في هذا اإلتجاه في أطروحتها املعنونة البيوتات و األسر العلمية‪،‬‬
‫ص‪112‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-piérre Boyer, Contribution a l’étude de la Politique religieuse des Turc‬‬
‫‪dans la régence d’Alger XVI-XIX Siécle, R.O.M.M,N°01,1966.PP.37-38.‬‬
‫‪ -3‬املزاري‪ ،‬طلوع سعد السعود‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.231‬‬
‫‪ -‬رابح خدوس ي‪،‬موسوعة العلماء و األدباء الجزائريين‪ .‬الجزء الثاني‪ ،‬ص‪4 255‬‬

‫‪162‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫اخته عبد الرحمن املرتض ى حسب ماورد في تقييدات ابن املفتي‪ 1‬ونكل حسن باي وهران‬
‫بالشرفاء والعلماء حيث قتل محمد بن أحمد الصدمي وهو من الفقهاء ونكل بابن عبد‬
‫هللا بن حواء التيجيني الدرقاوي وهو من أسر الشرفاء عام ‪0281‬ه‪ 2‬كما أنه أحدث‬
‫محاكم التفتيش‪ 3‬ملحاربة العلماء بهدف الحد من تدخلهم في الشؤون السياسية وفقا‬
‫لنظام الدولة وغالبا ماكانت تسمح بتنفيذ عقوبة اغتيالهم إذا ثبت توجههم السياس ي‬
‫أثناء أدائهم ملهامهم ونفس التوجه سلكه الباي خليل في معاملته للعلماء‪ 4‬وكذا الباي‬
‫أحمد القلي ‪ 0660-0617‬الذي غالبا ماعمل على مصادرة أمالك العلماء من‬
‫املرابطين‪.5‬‬

‫ويورد العنتري أسماء لبايات شاعوا بالفساد و الفجور و الظلم أهمهم شاكر باي و صالح‬
‫باي‪ ،‬فقد ضغط شاكر باي على أسرة آل املقراني إذ أن هذه األخيرة تمكنت من كسب‬
‫النفوذ املحلي بمنطقة القبائل "وفرضت حكمها على خمسة و ثالثين قبيلة وسبعة و‬
‫عشرين زاوية حتى أصبحت تشكل إمارة"‪ 6‬مستقلة عن سلطة العثمانيين هذا ماجعلها ال‬
‫تسلم من تنكيل السلطة ضدها عام‪0308‬م‪ 7‬حيث اتهمت السلطة آل املقراني‬
‫بتحريض القبائل ضدها خاصة قبائل الحضنة فبعد أن تولى شاكر الباي الحكم‬
‫بقسنطينة بدأ ينفذ عملية اغتيال كل من له صلة بهذه العائلة فقتل أوالد عبد النور‬
‫وقتل شخصين من سعيد ابن سالمة وقام بخداع آل املقراني حيث دعا أشخاص منهم‬
‫ملقابلته من أجل مشاورتهم في أمور إدارية تخص املنطقة لكنه ارتكب مجزرة رهيبة جدا‬

‫‪ -1‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.513‬‬


‫‪ -2‬املزاري بن عودة‪ ،‬مصدر سابق‪،‬ج‪ ،5‬ص‪815 -811‬‬
‫‪ -3‬ابن سحنون‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Walsin Esterhazy, de la domination turque dans l’anciénne régence‬‬
‫‪d’Alger, librairie de charles Gosselin, Paris,P.187.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- BABES, LEILA, Saints tribus, et pouvoir politique dans le constantinois‬‬
‫‪sous la domination Turque, histoire sociale de l’Algérie, études, sources et‬‬
‫‪documents, Université d’Oran, S.D.P.18.‬‬
‫‪ -6‬شدري رشيدة‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪513‬‬
‫‪ -7‬أنظر صالح عباد‪ ،‬الجزائر خالل الحكم التركي‪ ،‬ص‪.251-252‬‬
‫‪163‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫في حق بعضهم كما قام بالتنكيل بأوالد ابن عاشور وخادع الشيخ مصطفى ابن الدراجي‬
‫عام‪ .03081‬وبهذا أصبحت هذه الفترة تعد من أبرز الفترات التي وضعت حدا لحياة أي‬
‫نزعة فكرية بارزة تحاول أن تبرز الوجه الحقيقي للسلطة الحاكمة‪.‬‬

‫ويورد اآلغا بن عودة املزاري في كتابه قتل حسن باي وهران للعالمة سيدي الحاج‬
‫محمد البوشيخي وهو أحد شرفاء وعلماء املنطقة وسجنه للحاج محي الدين بن سيدي‬
‫مصطفى بن املختار والد األمير عبد القادر إذ أورد فيه السنوس ي ابن السيد الحاج عبد‬
‫ي الدحاوي قصيدة يندد فيها هذه املعاملة فقال‪2:‬‬ ‫القادر بن السنوس‬
‫رأوا ولكن أشقى القوم شيطان‬ ‫لم يشتوك أمحي الدين عن زلة‬
‫من أجله قد عاد عليك سلطان‬ ‫صبرا فال غرو أن ّ‬
‫تنحل عقدة من‬
‫الغم أن ّ‬
‫صدوا وأن خانوا‬ ‫ويكشف ّ‬ ‫ويكظم الغيظ من خصم ومن حكم‬
‫سيهزم الجمع أو يشتت ديوان‬ ‫بل ال عليك وإن ساءت ظنونهم‬
‫ّ‬
‫للمتقين وصدق القول قرآن‬ ‫إن العواقب في القرآن ثابتة‬
‫يهدي إلى الحق لم يملك طغيان‬ ‫وأنت وهللا لم تزل على سنن‬
‫وتحمل الكل ال ّ‬
‫غش وال ران‬ ‫تقرى الضيوف وتسعى في حوائجهم‬
‫قلب وتصبح مثل البدر تزدان‬ ‫ّ‬
‫املفصل عن‬ ‫تبيت بين الدجا تتلوا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تلقن الذكر والفؤاد يقظان‬ ‫تد ّرس العلم مرة وثانية‬
‫وما حواليك ّ‬
‫حراس وأعوان‬ ‫فاهلل أسأل أن أراك منطلقا‬

‫ومن ثم يمكن القول بأن رصد املصادر والدراسات لهذه التمثالت حول اإلهانة و اإلغتيال‬
‫التي تعرضت لها النخب الثقافية في عهد الدايات تعد من املؤشرات البارزة التي أدت إلى‬
‫ظهور ماسمي بعد ذلك بثورات الطرقيين ورغم أن بعض النخب من األسر العلمية قد‬
‫شهدت تولي لوظائف مرموقة وكرمت من طرف السلطة فإنه في فترة أخرى قد عاشت‬

‫‪ -1‬أنظر صالح عباد‪ ،‬الجزائر خالل الحكم التركي‪ ،‬ص‪.251‬‬


‫‪ -2‬ابن عودة املزاري‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.835‬‬
‫‪164‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫حياة توتر وقلق دائم من السلطة وعلى رأسها أسرة ابن باديس التي ال تقل مكانتها أهمية‬
‫نظرا لألدوار التي أدتها في مجاالت متعددة وظل علماء آخرون يكرمون تارة و تارة أخرى‬
‫يهانون وفي نفس السياق نجد بأن بكداش في فترة حكمه كان يتقرب من العلماء ويجزي‬
‫لهم العطايا ومن بينهم عاملها أحمد بن ساس ي البوني‪ .‬لكن النعتقد في طرحنا أنه كانت فيه‬
‫مواالة للسلطة من طرف املنتخبون الذين تم تعيينهم في مناصب ممتازة آنذاك خاصة وأن‬
‫انحدار هذه الفئة من عائالت عريقة كان لها مواقف ثابتة ذات قيمة اجتماعية بارزة‬
‫آنذاك‪ ،‬فالبوني كان ينتمي إلى أسرة عريقة في التصوف و الزهد وكانت له مكانة خاصة‬
‫بعنابة وعالقات طيبة بشيوخ قسنطينة مثل بركات بن باديس حيث شاع عنه كثرة‬
‫التواصل و املراسالت مع محمد بكداش وحسن خوجة إال أن كل ماهناك أن هؤالء‬
‫األشخاص ذوو األسر العريقة لم يكونوا يتدخلوا في املسائل السياسية ولم يعلنوا تمردهم‬
‫ضد السلطة خاصة في الحواضر العلمية الكبرى‪ .‬لهذا نجدها تسمح تارة لنفس العائلة‬
‫بتولي مناصب ذات وزن في الهرم اإلجتماعي وتارة أخرى تمنع كل من يحاول أن ينشر الوعي‬
‫ضد املمارسات السياسية التي كان الدايات يسايرونها خالل فترة توليهم الحكم بالبالد ولو‬
‫كان ينتمي إلى نفس العائلة وبالتالي كانت العالقة مبنية على أساس مصلحة تخدم السلطة‬
‫عبر الوساطة املجتمعية‪.‬‬

‫إذن نشهد تضارب املواقف وتداخلها أحيانا وأغلب مظاهر النفور كانت بادية من‬
‫مغلقا‪1‬‬ ‫الريف ضد نظام الحكم ألن النظام السياس ي العام كان نظاما جمهوريا عسكريا‬
‫فهم اليسمحون ألنفسهم باإلختالط مع أي كان من الجزائريين وإال سيحرمون من مقاليد‬
‫القيادة و الحكم في حالة خالفوا تقاليدهم النظامية‪ .‬وبالرغم من ذلك كان بعض أبناء‬
‫املدن يتمتعون بمكانة مرموقة لدى السلطة كما سبق وأن أشرنا مقارنة بسكان الريف‬
‫فاملناصب الدينية التي كان يرقى إليها هؤالء جعلتهم يربطون عالقات ودية مع السلطة فما‬
‫شاع عن بعض الباشوات في تقربهم من النخب املثقفة مثل يوسف باشا الذي عاش في‬
‫القرن‪06‬م والذي ربطته عالقات جد طيبة مع عائلة البوني بعنابة هو إسقاط لنفس‬

‫‪ -1‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ج‪،5‬ص‪.522‬‬


‫‪165‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫العالقة التي ربطت هذا األخير ببكداش وغيره لكن بالرغم من أن الدراسات ترى بأن هذه‬
‫العالقة كان يمألها اإلحترام و الود إال أن هذا التقرب كان مبني على مصلحة كما أسلفنا‬
‫والدليل في ذلك أن تقرب يوسف باشا من هذه العائلة كان يهدف إلى خلق وساطة‬
‫اجتماعية بينه و بين الرعايا من أجل الوصول إلى حل سلمي للخالفات التي عادة ما كانت‬
‫تقع ضده خاصة وأن هدف يوسف باشا كان يصب في القضاء على بعض الثورات املحلية‬
‫وعلى رأسها ثورة ابن الصخري‪ .1‬في نفس السياق نجد أن هذا التمثل العالئقي يتجسد‬
‫لدى العديد من الحكام فمثال رغم العالقة التي ربطت الباي حسن آخر بايات وهران‬
‫ببعض العائالت الشريفة و على رأسها عائلة املشارف التي اشتهرت بالتصوف والزهد‬
‫وإظهاره الود ملشايخها و على رأسهم الطاهر بن عبد القادر املشرفي‪ 2‬إال أنه شاع عنه‬
‫تنكيله بالعلماء وهذا راجع إلى تدخلهم ببعض املسائل السياسية وهذا مايفسر تنامي‬
‫عالقة النفور بسبب إخضاع السلطة والتآمر على كل من حاول أن يمس بقضاياها‬
‫الداخلية‪ .3‬و يسمح لنا تحليلنا للوضع آنذاك أن نورد أمثلة في شأن هذا التدبدب فمن‬
‫أولئك الذين لم تكن عالقتهم مستقرة مع السلطة املفتي محمد بن بوضياف و املفتي عبد‬
‫القادر الراشدي‪ 4‬الذي تولى قضاء قسنطينة على املذهب املالكي و فتواها فنجد أن‬
‫تحليلنا ملتغيرات واقع العالقات بين السلطة و النخب يتطلب اإلتصال بعدة تجارب‬
‫جمعت بين الطرفين للوصول إلى حقائق ثابتة‪ ،‬ألن هذا اإلنقسام لم يكن له وجود منذ أن‬
‫حكم العثمانيون الجزائر إلى أن انطلقت ثورات رجال الدين‪ ،‬التي صورتها الكتابات‬
‫التاريخية في عدة مصادر والتي أشارت إلى أن الصدام الذي آثرته فئة النخبة ضد السلطة‬
‫يحتمل أن يكون مصدره األساس ي ثورة درقاوة والتي سنشير إليها بش يء من التفصيل‬
‫الحقا‪.‬‬

‫‪ -1‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬تاريخ الجزائر الثقافي‪،‬ج‪ ،5‬ص‪.252‬‬


‫‪ -2‬أنظر لزغم فوزية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪112‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Laugier de Tassy, Histoire du royaume d'Alger, un diplomate français‬‬
‫‪à Alger en 1724, revue d’histoire Outre-Mers, Année 1994, N°302.p.90-‬‬
‫‪92.‬‬
‫‪ - 4‬أنظر أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬تاريخ الجزائر الثقافي‪ ،‬ص‪.251‬‬
‫‪166‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫فالسلطة بذلت مجهودات الحصر لها في إبعاد وقتل كل عالم ومثقف يحاول أن‬
‫يتدخل بطريقة أو بأخرى في شؤونها السياسية الداخلية‪ ،‬فضال عن نفيهم إلى دول أجنبية‬
‫وترهيبهم‪ .‬فقد حكم الديوان على املفتي الحنفي محمد بن مصطفى باإلغتيال عام‬
‫‪0083‬ه دون تهمة واضحة موجهة إليه‪1.‬‬

‫ومما ال شك فيه أن ظاهرة اغتيال العلماء وعزلهم و إهانتهم كانت لها تأثير عميق في‬
‫تحديد األطر العامة للعالقة بين الطرفين فنتج جراء ذلك التمرد و الثورة كرد فعل‬
‫طبيعي ضد نظام الدايات‪ ،‬فمنتصف القرن ‪01‬م تميز بكثرة اإلغتياالت وسط‬
‫املرابطين و العلماء والتي أشار إليها ‪ Mercier‬كثيرا في كتاباته وبموجب ﻫذه‬
‫الفكرة فإن السلطة وصل بها األمر إلى خلق نوع من االنفصال في العالقة بينها و بين‬
‫املجتمع و الذي صار يعرقل السير الحسن للحياة املدنية داخل اإليالة‪.‬‬

‫‪ -‬اإلستهتاربالشرفاء وسحب اإلمتيازات املادية منهم‬

‫لم يمنع احتكار العثمانيين للسياسة من تدخل النخب الثقافية كوسطاء بين السلطة‬
‫و الرعايا نظرا ملا كانوا يتمتعون به من قدر عالي من الجاه و النفوذ إال أن األوضاع‬
‫اإلقتصادية املتدهورة التي آلت إليها البالد أحدثت منعرجا في مسار هذه العالقة وال داعي‬
‫إلعادة تكرار ماكنا قد رصدناه سابقا من تمثالت حول أسباب التقارب بين النخب‬
‫الثقافية و السلطة فقد انتهج العثمانيون سياسة مميزة مع هذه الفئة بهدف السيطرة‬
‫على الوضع اإلجتماعي‪ ،‬خاصة أثناء التالحم ضد القوات الصليبية لكن سرعان ماتم‬
‫بسط نفوذ السلطة بالجزائر و القضاء على الغزو اإلسباني فأخذت األوضاع تتدهور شيئا‬
‫فشيئا مع مرور الزمن فأول ما أقدمت السلطة عليه‪ ،‬أنها قامت بحرمان العلماء ورجال‬
‫الدين من اإلمتيازات التي غالبا ماكانوا يتمتعون بها ومن تلك اإلمتيازات اقتطاع عدد من‬
‫األراض ي الزراعية لصالحهم إذ ألغت ماقامت به في شأن ذلك وصادرت منهم تلك‬

‫‪ -‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪1 .253‬‬

‫‪167‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫األراض ي‪ 1‬مما أثار حفيظة هذه الفئة فثارت منددة بهذا السلوك التعسفي خاصة‬
‫الرباطات و الطرق الصوفية و الزوايا و التي كان لها دور فعال في التالحم مع السلطة ضد‬
‫الصليبيين ويسوقنا الحديث هنا عن املكانة التي حضيها شيوخ الزوايا كما سبقت اإلشارة‬
‫إليهم في صفحاتنا السابقة إذ ساهموا بخلق تكتل في البنية اإلجتماعية التقليدية‬
‫للجزائريين فنجحوا في إبعاد نفوذ البايلك عن الريف ملا جمعوا بين العناصر البربرية و‬
‫العربية‪ 2‬هنا بدأت العالقة تزداد سوءا ألن فئة الطرقيين كانوا قد اكتسبوا نفوذا‬
‫اجتماعيا شرفيا خاصة أثناء األزمات اإلقتصادية التي مرت عليها اإليالة حيث لعبوا دور‬
‫األرستقراطية‪3‬‬ ‫الحماة اإلجتماعيون وكونوا من أنفسهم ماتسميه الدراسات بالطبقة‬
‫فتوسع النفوذ الطرقي وسط السكان ضد سلطة البايلك أثار اشمئزاز هذه األخيرة والذي‬
‫جعل السلطة تمارس تعسفها عليهم وتحرمهم من اإلمتيازات و تضغط عليهم بشكل كبير‪.‬‬

‫‪ -‬اإلنصراف عن الخدمات اإلجتماعية‬


‫‪ -‬إهمال التعليم‬

‫لم تخضع السلطة العثمانية أثناء تواجدها بالجزائر التعليم إلى نظام يسير وفق‬
‫نصوص وقوانين تحدد العالقات بين القائمين على شؤون التدريس كي يعكس السياسة‬
‫العامة و التوجه الفكري و اإليديولوجي للسلطة الحاكمة آنذاك‪ .‬رغم توفر عدد كبير من‬
‫املدارس التعليمية وذات مستويات متفاوتة خاصة في مراحلها األخيرة‪ 4‬وتشير أغلب‬
‫الدراسات أن املدرسين الجزائريين كانوا اليخضعون إلى أي ترقية في السلم اإلداري‬
‫التنظيم‪5‬‬ ‫باملدارس وهذا أمر طبيعي ألنه كما أشرنا سابقا السلطة كانت غائبة في مجال‬
‫ويرجح بعض الدارسين هذا اإلنصراف إلى انشغال النظام الحاكم بجمع الضرائب وكذا‬

‫‪ -1‬أنظر لزغم فوزية‪ ،‬البيوتات و األسر العلمية‪ ،‬ص‪112‬‬


‫‪ -2‬أنظر شدري رشيدة‪ ،‬العلماء و السلطة‪ ،‬ص‪.511‬‬
‫‪ -3‬تجدر اإلشارة هنا إلى دراسة سعيدوني ناصر الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 31‬ومايليها‪.‬‬
‫‪ -4‬عبد القادر حلوش‪ :‬سياسة فرنسا التعليمية في الجزائر‪،‬الطبعة األولى‪،‬شركة دار األمة‪ ،‬الجزائر‪ ،5111،‬ص‪21‬‬
‫‪ -5‬آيت حبوش حميد‪ ،‬واقع التعليم في الجزائر أواخر العهد العثماني‪ ،‬مجلة حوليات التاريخ و الجغرافيا‪ ،‬مجلد‪2‬‬
‫رقم‪ 85 ،1‬ديسمبر ‪،2158‬الجزاىر العاصمة‪ ،‬ص‪51-1‬‬

‫‪168‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫التفرغ ملجابهة الحركات الثورية الشعبية التي اتخذت طابعا دينيا قبليا والتي كانت‬
‫تناهض سياسة الضرائب التي كانت تفرضها السلطة على األهالي‪ ،1‬ورغم أن تأطير النظام‬
‫التعليمي كان يتم من طرف إدارة األوقاف‪ ،2‬و كان أبناء الجزائر يستجيبون له ويدرسون‬
‫في الكتاتيب القرآنية‪ 3‬امللحقة بمؤسسات الوقف الخيرية‪ ،‬والتي كانت تشرف على قدر‬
‫كبير في إدارة شؤون التمدرس وأهم النشاطات التدريسية و التحصيل العلمي و املواقيت‬
‫في املؤسسات التعليمية‪ ،‬إال أن بعض الدراسات أعابت على هذا النظام وعلى القائمون‬
‫على شؤونه معتبرة أن أهم اإلهتمامات في التحصيل املعرفي كانت تعتمد على التحصيل‬
‫التقليدي‪ 4‬وبرزت أفكار تنادي بالقضاء على هذا النوع من التعليم ساخرة من ظاهرة‬
‫التقليد التي انتشرت بكثرة أوساط املدرسين و الذين كانوا يشرفون على التأطير وعلى‬
‫وضع البرامج التي قام على أساسها التعليم بالجزائر العثمانية‪.‬‬

‫ومن أدوات التدريس التي لقيت نقدا في هذا اإلطار‪ ،‬اإلنكباب على بعض البرامج التي‬
‫أخذت حيزا كبيرا من املواقيت التعليمية واملتجسدة في أنشطة التحصيل العلمي ذات‬
‫املحتويات املعرفية املنحصرة خصوصا في العلوم النقلية و التي ترتكز على الدراسات‬
‫األدبية و الدينية املتكررة باستمرار دون تجديد و على رأس الناقدين لهذه املعارف ابن‬
‫العنابي‪.5‬‬

‫‪ -1‬أنظر في تفاصيل مرحلة نهاية الحكم العثماني وبداية االحتالل الفرنس ي ‪،‬ابن العنتري‪،‬محمد صالح‪،‬فريدة منيسة‬
‫في حالة دخول الترك بلد قسنطينة واستيالئهم على أوطانها‪ ،‬تحقيق يحي بوعزيز‪ ،‬دار البصائر للنشر و‬
‫التوزيع‪،‬الجزائر‪2111،‬‬
‫‪ -2‬مسدور‪،‬فارس و صحراوي‪،‬كمال‪،‬األوقاف الجزائرية‪ :‬نظرة في املاض ي و الحاضر‪ ،‬مجلة أوقاف‪ ،‬العدد‪ ،51‬نوفمبر‪،‬‬
‫الكويت‪ ،2113 ،‬ص‪12‬‬
‫‪ 3‬تركي رابح ‪ :‬الشيخ عبد الحميد ابن باديس (رائد اإلصالح و التربية في الجزائر) ‪ ،‬ص ‪.581‬‬
‫‪ -4‬أبو القاسم سعد هللا‪ :‬تاريخ الجزائر الثقافي‪،5381-5111‬الجزء األول‪،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪،5113 ،‬‬
‫ص‪.51.‬‬

‫‪ -5‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬ابن العنابي رائد التجديد اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪.5113 ،‬‬
‫‪169‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫إهمال الخدمات الصحية (الطب أنموذجا)‬

‫انصرفت السلطة عن اإلهتمام بتطوير الخدمات اإلجتماعية هذا مااستاء له املجتمع‬


‫ومن ذلك إهمال الشؤون الصحية ألن حالة الطب كانت كحالة التعليم لم تكن هناك‬
‫نصوص قانونية ثابتة تعمل على تنظيمه أو التشجيع على البحث فيه و الخوض في‬
‫مجاالته بصفة خاصة إال أن السلطة العثمانية لم تكن تمنع ممارسة هذا املجال معرفة‬
‫ووظيفة وبالرغم من ذلك تردت األوضاع الصحية وانتشرت األمراض بكثرة في أواخر‬
‫العهد العثماني‪ ،‬وكان البد أن تكون هناك صفوة أو نخبة تعمل على إنقاذ املجتمع من‬
‫املشاكل الصحية التي كان يتخبط فيها‪.‬‬

‫وبالرغم من ذلك فإن هذا الينفي بروز فئة من األطباء في فترة الدايات التي أدت دور مهم‬
‫جدا في حياة عامة املجتمع فاألطباء األروبيين في هذه الفترة بإيالة الجزائر العثمانية كانوا‬
‫األروبيين‪1‬‬ ‫مسخرين فقط لخدمة السلطة ألن الدايات كانوا يفضلون التداوي عند‬
‫الذين كانوا يمارسون مهامهم على مستوى املؤسسات اإلستشفائية حيث من بين األطباء‬
‫األروبيين الذين كانوا مقربين جدا من السلطة وهم من أصول فرنسية وأخرى إسبانية‬
‫حضوا بمكانة بارزة في إيالة الجزائر نذكر منهم الللحصر الجراح مونييه فرانسوا‬
‫‪ 0621-0606‬و كريت شارل الذي كان موظفا باملستشفى اإلسباني‪-0618‬‬
‫‪0611‬م وموران فرانسوا ‪0306-0301‬م ناهيك عن أليخاندرو سانميالن‬
‫‪0671-0616‬م ومانويل أنطونيو سواريز‪0671‬م وفليكس أنظونيو موراليس‬
‫‪ 0663-0667‬و سبريانو كانادا ‪0663‬م‪ 2‬وكلهم من أصول إسبانية‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ :‬بوحجرة عثمان‪ ،‬الطب و املجتمع في الجزائر خالل العهد العثماني‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة املاجستير‬
‫في التاريخ الحديث‪ ،‬إشراف دادة محمد‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية و العلوم اإلسالمية‪ ،‬جامعة وهران‪ ،5‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ،2151-2152‬ص‪.81-23‬‬

‫‪ -2‬أنظر‪ :‬بوحجرة عثمان‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.81-23‬‬


‫‪170‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫لكن هذا الوضع جعل نخبة محلية من األطباء الشعبيين والذين اهتموا كثيرا بالبحث‬
‫في عالج األمراض املستعصية والذين كان لهم ميول بالتطبع للبحث و التأليف في العلوم‬
‫الطبية‪ ،1‬ألن تلك األمراض كانت جد فتاكة ناتجة عن املجاعات وسوء التغذية‪ ،2‬ففي‬
‫هذه الفترة حددت هذه الفئة البارزة من النخب املعايير الطبيعية لحل املشاكل‬
‫الصحية فعالجت بحوثها قضايا صحية شائكة كالسل والجذري والتيتانوس‪ ،‬إذ نهل‬
‫أطباء اإليالة املحليون الثقافة الصحية عن الثقافة العربية اإلسالمية فاستندوا على‬
‫ماخلفه ابن سينا و الرازي من كتب في أخذ املعارف الطبية والطرق العالجية للتداوي‬
‫من األمراض التي كانت منتشرة بكثرة آنذاك‪ .‬حيث إن الدارس لتاريخ املعارف الطبية في‬
‫إيالة الجزائر العثمانية يصعب عليه أن يفصل بين مصادر التطبيب بالنباتات الطبيعية‬
‫فيما يتعلق باألدوية و املصادر التي تنظر للطب كوظيفة حيوية شدت اهتمام ثقافة‬
‫املجتمع في تلك الفترة‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أنه في تلك الفترة تعددت العناصر النخبوية‬
‫املمارسة لهذه الوظيفة و تميزت بتنوع طرقها العالجية وأهمها الطب التركي و املسيحي‬
‫وكذا الشعبي وبالرغم من ذلك فلقد علق في أذهان الجزائريين العالج من مشاكلهم‬
‫الصحية بالتردد لدى األطباء الشعبيين‪ ،3‬فهؤالء كانت لهم مكانة مميزة لدى العديد من‬
‫الفئات الشعبية‪ ،‬بل أن هناك أسماء لنخبة محلية معينة كان يتم التردد عليها بسبب‬
‫شساعة معارفها في الطب النبوي و التداوي باألعشاب‪ ،‬لهذا ألفوا عدة نظم وأراجيز‬
‫تعود إلى تلك الفترة‪ ،‬خصوصا وأن البعض منهم كان عاملا فقيها وله تأثير قوي على‬
‫املجتمع الذي كان يضع ثقته التامة بالعلماء ويعتقد في قدرتهم الشفائية‪.‬‬

‫‪ -1‬نفطي وافية‪ ،‬مسألة علوم الطب عند علماء الجزائر خالل العهد العثماني‪ ،‬مجلة آفاق فكرية‪ ،‬املجلد‪ 1‬العدد‪،5‬‬
‫جامعة سيدي بلعباس‪ 23 ،‬ماي‪ ،2151‬ص‪.18-21‬‬

‫‪ -2‬ملزيد من املعلومات عد إلى موساوي القشاعي فلة‪ ،‬الصحة والسكان في الجزائر أثناء العهد العثماني وأوائل‬
‫اإلحتالل الفرنس ي‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ الحديث‪ ،‬إشراف ناصر الدين سعيدوني‪ ،‬كلية‬
‫العلوم اإلجتماعية ‪ -‬قسم التاريخ‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية ‪2152-2158‬‬
‫‪ -3‬أنظر نفطي وافية‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.18-21‬‬

‫‪171‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫وشاعت مؤلفات تحوي التطبيب بالنباتات الطبيعية وأبرزها مصنفات الحارونية‪،‬‬


‫ومن الدراسات الرائجة في هذا املجال في عهد الدايات نذكر أعمال ابن حمادوش في‬
‫"كشف الرموز في بيان األعشاب"‪ 1‬و " الجوهر املكنون في الطب" ناهيك عن مصنفات‬
‫أحمد البوني الذي كتب كتاب سماه " إعالم أهل القريحة باألدوات الصحيحة" إذ رصد‬
‫فيه عدد كبير من األمراض مقابل األدوية الخاصة لعالجها وألف كذلك "مبين املسارب‬
‫في األكل و الطب مع املشارب" إذ تذكر األبحاث الحديثة أن هذا الكتاب عبارة عن نظم‬
‫يتحدث فيه صاحبه عن طرق معرفة األدوية وخاصة الألعشاب والنباتات الطبية التي‬
‫تداوى بها معظم األمراض بالطريقة التقليدية ناهيك عن تأليف لحمدان بن عثمان‬
‫خوجة الجزائري سماه "إتحاف املنصفين و األدباء بمباحث اإلحتراز عن الوباء"‪.2‬‬

‫و كثرت سفريات االطباء املحليون إلى خارج اإليالة ليزكون ثقافتهم بشكل أعمق عن طريق‬
‫احتكاكهم بأطباء أجانب وأطلقت عليها الدراسات بالرحالت الحجازية‪ ،‬تلك اإلحتكاكات‬
‫تحولت إلى ثقافة يومية ممارسة‪ ،‬ولإلشارة فإن مكانة األطباء املحليون في اإليالة كانت‬
‫تختلف تماما عن األطباء األروبيون ذلك أن الجالية املسيحية ممن امتهنت الطب حلت‬
‫بإيالة الجزائر إما كأسرى أو كأجراء لدى املؤسسات األروبية ومارسوا وظيفتهم بها إذ‬
‫كانوا أكثر تقربا من السلطة وهذا ما يشير إليه العالم األملاني ‪ Hebenstreit‬ألنهم‬
‫أضافوا معارف جديدة إلى الطب وأصبح يتم نعتهم بالعلماء و ال‪ 3 barbiro‬في مرحلة‬
‫تاريخية الحقة من تاريخ قدومهم إلى الجزائر‪0682‬م‪.‬‬

‫‪ -1‬ألف عبد الرزاق بن حمادوش الجزائري كتابه كشف الرموز في بيان االعشاب ومعه شرح باللغة الفرنسية‬
‫للمستشرق لكلر حيث طبع بمطبعة ديلورد بوهيم‪ ،‬باريس‪ ،5312 ،‬و يقع في ‪ 811‬صفحة وملزيد من التفاصيل حول‬
‫هذه الشخصية أنظر‪ :‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.221‬‬

‫‪ -2‬الكتاب متاح على املوقع ‪https://archive.org‬‬


‫‪3‬‬
‫‪- Nouvelles annales des voyages, de la géographie et de l’histoire : ou‬‬
‫‪recueil des relations original, Tome second, Ed librairie de Gide fils, paris,‬‬
‫‪1830, p.168‬‬
‫‪172‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫وإلى جانب ‪ Hebenstreit‬ورد في املجلة اإلفريقية تقرير‪Devoulux Albert‬‬


‫يوضح فيه كيف أن السلطة العثمانية كانت تسلط عقوبات صارمة على األطباء الذين‬
‫يرتكبون األخطاء الطبية ومن بينها تلك التي يترتب عليها موت املريض خاصة إذا كان‬
‫املريض من أصول تركية وبالتالي تجسدت تلك العقوبات في الحكم باإلعدام كالحكم‬
‫الذي صدر ضد الطبيب الجراح ‪ Robert Doriol Hyrossome‬إثر قيامه‬
‫بعملية إزالة بياض العين ملريض تركي فدفع عنه القنصل الفرنس ي ‪rennet le‬‬
‫‪mer‬الدية عام ‪0716‬م‪.1‬‬

‫إن تمثلنا للطب ورجاله في فترة الدايات يحملنا للقول أن براعة هذه الفئة في مختلف‬
‫أنواع العلوم التقليدية خدمة لسكان اإليالة جعلها تتجلى كنخبة ذات مكانة مميزة في‬
‫املجتمع رغم غياب السلطة في هذا املجال‪.‬‬

‫‪ -‬انتشار الفساد و اإلنحالل األخالقي‬

‫أثارت بعض الظواهر الالأخالقية حفيظة العلماء بشكل خاص واملجتمع بصفة عامة‪،‬‬
‫حيث انعدم األمن و اإلستقرار كما أشرنا في نقطتنا السابقة في عدد من مناطق البالد‬
‫وتفشت ظاهرة اللصوصية‪2‬وبرز قطاع الطرق الذين صاروا يتعدون على السكان أثناء‬
‫تنقالتهم إلى أماكن محددة ومن ذلك مايورده املصعبي حول رحلة بعض سكان بنو مزاب‬
‫إلى البقاع املقدسة فقد حدث للركب في ذات املنطقة أن تقدم إليهم جماعة يطلبون منهم‬
‫مبلغا قيمته ثمانون ألف ريال مقابل حمايتهم من قطاع الطرق فامتنعوا عن تخليصهم‬
‫هذه القيمة النقدية‪ 3‬مواصلين املسار دون حماية‪ .‬وصارت السلطة تغض النظر عن حل‬
‫هذا النوع من املشاكل اإلجتماعية اإلجرامية األمر الذي أدى ببعض الوسطاء‬

‫‪ -1‬أنظر‪ :‬بوحجرة عثمان‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪81-23‬‬


‫‪ -2‬أنظر شرحا وجيزا حول هذه الظاهرة عند لبصير سعاد‪ ،‬الرحلة الحجازية في العهد العثماني مصدر أساس ي‬
‫للكشف عن الحدث التاريخي اإلجتماعي‪ ،‬مجلة التراث‪ ،‬املجلد‪ ،3‬العدد‪ ،5‬جامعة الجلفة‪ ،2153 ،‬ص‪.255‬‬
‫‪ -3‬أنظر رحلة املصعبي‪ ،‬تحقيق يحي بن بهون الحاج‪ ،‬دار اآلفاق العربية‪ ،‬ط‪،5‬القاهرة‪ ،2151،‬ص‪ .31‬وقد سبق وأن‬
‫أجازت الباحثة لبصير سعاد بش يء من التفصيل في دراستها عن ماورد في هذه الرحلة حول هذا املوضوع أنظر نفس‬
‫املرجع‪ ،‬ص‪.255‬‬
‫‪173‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫االجتماعيين إلى انتهاز فرصة ضعف العامة والتدخل لحل هذه املشاكل لكن مقابل‬
‫الحصول على مبلغ من املال كما أشرنا سابقا‪ .‬فتفشت ظاهرة الرشوة وشاعت كذلك بين‬
‫بعض املفتيين و القضاة وإثر ذلك يشير الورتيالني في رحلته إلى تعميم هذه اآلفة فيقول"‬
‫إن القاض ي و املفتي اليتولى فيها إال بارتشاء لديهم"‪.1‬‬

‫هذا‪ ،‬وقد رسمت كتب الرحالت واقع الفساد الذي عم البالد في هذه الفترة وطالب‬
‫الرحالة من علماء وفقهاء بالتغيير اإلجتماعي فكانوا هم املتحدثون باسم عامة الناس‬
‫ومنددون بمساوىء الحكم وعدم التحلي باملسؤولية في حل املشاكل اإلجتماعية وفي ذلك‬
‫قال الورتالني" "فهذا أمر ال يليق بالعلماء بل يجب عليهم زجرهم والتنكر عليهم ما‬
‫استطاعوا"‪.2‬وباملقابل هناك ظواهر إجتماعية أخرى أثارت استياء أهل العلم كذلك‬
‫تجسدت في إدخال العثمانيين ملادة التبغ التي كان لها انعكاس خطير على الحياة‬
‫اإلجتماعية بالجزائر‪ ،‬فصار شرب الدخان من املشاكل التي أثارت جدال عميقا بين‬
‫العلماء ولإلشارة فإن ماعثرنا عليه من بعض النوازل الفقهية‪ 3‬تثبت أن استهالك هذه‬
‫املادة قد بدأ قبل عهد الدايات لكنه شاع بكثرة في هذه الفترة‪ .‬فالسلطة شجعت على‬
‫إدخال النرجيلة وشاع استعمال السبس ي للدخان و نحوه‪ .4‬ومن الظواهر التي استاء لها‬
‫العلماء كذلك وناشدوا السلطة للتدخل في الحد منها اإلنحالل األخالقي في اختالط النساء‬
‫بالرجال بصفة ترفضها األحكام القيمية التقليدية املجتمعية إذ نبه الورتالني في رحلته‬
‫لهذا األمر حيث أورد يقول فيها" يجب على من واله هللا أمور املسلمين أن يرفع ذلك‬
‫بالسيف عن أوطاننا‪ ،‬السيما وطن بني عامر وبني دراج ووطننا أي بني ورتيالن وكذا‬
‫مايصير في بجاية آخر رمضان بمسجد البلوط في بني يعلى‪ ،‬وكذا محل األولياء في كل مكان‬

‫‪ -1‬الورتيالني‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.551‬‬


‫‪ -2‬مصدر سابق‪،‬ص‪.581‬‬
‫‪ -3‬أنظر الفكون عبد الكريم بن محمد‪ ،‬مخطوط "محدد السنان"‪ ،‬الكتاب عبارة عن رسالة مخطوطة عدد أوراقها‬
‫‪ 12‬ورقة خصها املؤلف للرد على دعاة حلية شرب التبغ في الفترة العثمانية و على رأسهم العالم املصري الشهير‬
‫األجهوري‪ .‬أنظر طـ ــوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬ظاهرة التدخين في الكتابة التاريخية في العهد العثماني‪ ،‬مجلة الراصد العلمي‬
‫العدد الخامس‪ ،‬جامعة وهران‪ ،5‬ماي‪ ،2153‬ص‪.33‬‬
‫‪ -4‬طـ ــوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪174‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫كقبر سيدي علي بن شداد وسيدي يحي العبدلي وسيدي عبد الرحمن الثعالبي في الجزائر‬
‫وسيدي سعيد السفري في قسنطينة وجبل املثقوب في بني ورتيالن وغيرهم‪...‬كذا"‪ 1‬فبهذا‬
‫كان يهاجم السلطة عبر مايورده من انحالل غضت أنظارها عنه فكان الورتالني يلخص‬
‫مظاهر الضعف والتخلف التي تفاقمت في ظلها أحوال البالد فهو يخاطب العلماء وكل‬
‫النخب املثقفة الستنهاض الهمم في إنهاء هذا الفساد و اإلنحالل الخلقي وينادي بالتغيير‬
‫من طرف السلطة فيقول "وأما السلطة فيجب عليها التغيير باليد"‪ 2‬فما ورد في هذه‬
‫الرحلة هي وسيلته في درأ الفتن التي تجلت باملجتمع و التي شوهت صورة اإلسالم الحقيقي‬
‫الذي سمحت ألجله عامة الناس لهذه الدولة بارساء نظام حكمها باإليالة‪.‬‬

‫وهناك من الشعراء من صوروا لنا أجواء أوطانهم بمشاعر الحزن و الغضب على هذا‬
‫النظام الذي تسبب في سوء األحوال املعيشية وتفش ي الفقر واملجاعة واألمية‪.‬‬

‫إذ أورد الشاعر الشيخ الحداد الرحموني‪ 3‬في قصيدته الشعبية وصف لألحوال املعيشية‬
‫التي شهدتها مدينته بقسنطينة‪:‬‬

‫عام مكبرة هاي سيدي بالكساد ***و غالت النعمة‬

‫كيف نخبر هاي سيدي بالفساد‬

‫في َكمان حوما‬

‫واش تنظروا فيها هلكت‬

‫راهي فسدت ما بقات تسمى بلدة‬

‫‪ -1‬الورثيالني‪ ،‬سيدي حسين بن محمد‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.813‬‬


‫‪ -2‬مصدر سابق‪،‬ص‪.581‬‬
‫‪ -3‬أبوالقاسم سعد هللا‪ ،‬تاريخ الجزائر الثقافي‪،‬ص‪.851‬‬
‫‪175‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫فبهذه الكلمات يلخص لنا الشاعر عهد الدايات بأبشع الصفات فهو بكلماته صنع‬
‫ملحمة للتمهيد لثورة إجتماعية شعبية جسدت التنديد بفساد النظام الحاكم وقد سبق‬
‫وأن أشرنا في فصلنا السابق إلى إهمال السلطة للعلم واملؤسسات التعليمية وكذا‬
‫املؤسسات الصحية‪.‬‬

‫و يرى الشاعر املنداس ي‪ 1‬في هجائه للعثمانيين أنهم استغلوا الدين بهدف السطو على‬
‫امللك العام فيقول في قصيدته ‪:‬‬

‫فمادب فوق األرض كالترك***وال ولدت حواء كالترك إنسانا‬

‫فهو كان يدعو للثورة ضد األتراك بسبب استبدادهم بالحكم حيث سنشير إلى هذه‬
‫النقطة والقصيدة بش يء من التفصيل الحقا خاصة وأن التعايش معهم صار أمرا‬
‫مستحيال في كتابات عدد كبير من املثقفين فتحول الفكر وتحولت العالقة بين الطرفين‬
‫من عالقة انسجام إلى املطالبة باإلستقالل والتحرر من النظام العثماني الفاسد‪.‬‬

‫نتائج التحول في العالقة بين النخب املثقفة و السلطة‬

‫‪ ‬هجرة النخب الثقافية‬

‫بداية كانت دواعي الهجرة علمية محضة حيث كان العلماء يهتمون بالعلوم الشرعية الذي‬
‫طاملا احتوته املؤسسات العلمية خارج الجزائر للبحث في أصول الدين والفقه والحديث‬
‫النبوي الشريف ولتوظيف هذه املعارف في وظائفهم وتلقينهم للطالب بالجوامع التي كانوا‬
‫يدرسون بها‪ 2‬أو حتى األحكام القضائية التي كانوا يحكمون من خاللها فنشطت هذه‬

‫‪ -1‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.233‬‬


‫‪ -2‬الحبيب خنفار‪ ،‬الوضع االجتماعي لعلماء الجزائر خالل العهد العثماني‪ ،‬مجلة الخلدونية‪،‬العدد‬
‫السابع‪،‬ديسمبر‪ ،2152‬كلية العلوم االجتماعية و اإلنسانية‪،‬ص‪ ،512‬جامعة ابن خلدون‪ ،‬تيارت‪ ،‬الجزائر‬
‫‪176‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫الحركة وأطلقت عليها املرجعيات بالرحلة العلمية ‪1‬بيد أنه مع أواخر فترة الحكم العثماني‬
‫بدأ العلماء يستنكرون األوضاع املعيشية التي عايشوها يوميا بالبالد فمنها فئة التي‬
‫واصلت نضالها بالقلم تدعو السلطة إلى الكف عن أذى الناس وكنا قد أشرنا إلى نصوص‬
‫وقصائد شعرية تهجو حركية النظام املستمرة ومنهم من فضل جهاد القلم إلى حيز جغرافي‬
‫آخر‪ ،‬فانكبوا مهاجرين لإلبتعاد عن الوضع السياس ي ونظام الحكم املستبد وسوء‬
‫املعاملة التي عايشوها في واقعهم ‪.‬‬
‫مايمكن ذكره في هذه النقطة هو أن عدد كبير من النخب الثقافية كانت تعمل على‬
‫محاربة التجاوزات التي كانت تصدر من السلطة لكن ما تبينه الوقائع أن هذه الفئة لم‬
‫تستطع مقاومة املؤثرات السياسية التي انتهجتها السلطة حيالها في ظل النظام القائم‬
‫فأغلبهم كان يتعرض للتهميش وسوء املعاملة من قبل السلطة حيث يشير ابن سحنون إلى‬
‫هجرة الشيخ الشارف ابن تكوك إلى املغرب فارا من بطش الباي حسن الذي فتك بشيخه‬
‫بلقندوز التوجيني فنظم ابن تكوك في شأن ذلك منظومة شعرية يصف فيها تجاوزات‬
‫السلطة في قتل العلماء ومنها نورد مايلي‪:2‬‬

‫أرحـم شيخـي بلقنـدوز مريـد الشيـخ املعـزوز‬


‫عبدا لق ــادر به نف ــوز عنـد رج ــال اللزمي ــة‬
‫بالقن ــدوز املزهـ ـ ــد في وسط الطلبة عابد‬
‫البـد في الذكر يمج ــد يخــدم ربــي بالني ـ ــة‬
‫يا رب عــذب حس ـ ــن بركت بيـت هللا تعيــان‬
‫والطلبـة قعـدت تنهــان وافترقـوا فــي بكري ــا‬
‫افترقــوا من تحم ـ ــدا شـدوا مــن به العمــدا‬
‫ما تضنـي كيفـوا والــدا اسم النبي سيد أرقيــة‬
‫ثم كانــوا مجمـوعي ــن عمــارة للمســاكيـ ــن‬

‫‪ -1‬بكاري عبد القادر اإلسهامات الثقافية والكتابات التاريخية لعلماء الجزائر العثمانية ‪ ،‬مجلة الخلدونية‪ ،‬العدد‬
‫السادس‪ ،‬جامعة ابن خلدون‪ ،‬كلية العلوم االجتماعية و اإلنسانية‪ ،‬تيارت‪ ،2158 ،‬ص‪551‬‬
‫‪ -2‬أنظر ابن سحنون‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪15-11‬‬
‫‪177‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫يكفـل من ال عنـده ويـن يكس ي إلى بجوه أعرايا‬


‫اح ــدث ذاك األمـ ـ ــر فـي القــرن العاشـ ــر‬
‫ذا حك ــم هللا قـ ـ ــدر عال ــم بكل أخفي ـ ــة‬
‫في شه ــر هللا صف ــر دارت به العســاك ـ ــر‬
‫بالثالثة بعــد الفج ـ ــر ولى في أيديـن العديـة‬
‫عام الخمسة واألربعين (‪5221‬هـ ) توفـى ليلــة االثني ـ ــن‬
‫فرحــوا له الطايف ــون الغابطــون في الدني ــا‬
‫فيحسبونهــا ت ـ ــدوم فـتـبـعـتـهـم هم ـ ــوم‬
‫رجعوا يخدموا في الروم في كل شهــر الجــز يا‬
‫ما رفقـوش بالنف ــوس يخدموا غير املنح ــوس‬
‫ماذا قتلـ ــوا من رؤوس من ساداتي الصوفي ــة‬
‫قتلـوا شيخي الربان ــي ماهوش ي من أهل الفاني‬
‫يجعلوا مـا ينسان ـ ــي في اآلخ ــرة و الدنيـ ـ ــا‬
‫بالنصـر تب ــت يـ ـ ــدا أزج ـ ــر علينــا االع ـ ــدا‬
‫ما يعـرف ــوش ال ـ ــردا أصح ــاب الدنيـا الفانيـ ــا‬
‫و بس ــورة اإلخـ ــالص الفـالــق مــع الخن ـ ــاس‬
‫امنعن ــي من الوسواس ف ــال يق ـ ـ ــرب لي ـ ـ ــا‬
‫انته ــي في القـ ـ ـران مـائ ــة طـاه ــر نـعـي ــان‬
‫أربعـة عشـر يـا رحـمـان تـجـعـلهــم ســور عـلـيـ ــا‬

‫ومن صور بطش السلطة بالنخب الثقافية ودفعهم إلى الهجرة مافعله " القائد‬
‫حفيظ‪ ،‬حاكم تلمسان‪ ،‬الذي أساء معاملة الشيخ ابن للو التلمساني وهو الذي اشتهر‬
‫بالعلم‪ ،‬وخصوصا تفسير القرآن الكريم‪ ،‬وقد روى أبو حامد املشرفي أن ابن للو قد ختم‬
‫التفسير في الجامع األعظم بتلمسان"‪ 1‬ولإلشارة فإن ابن للو هو من العلماء الذين اتبعوا في‬

‫‪ -1‬نقال عن أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.221‬‬


‫‪178‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫تفسيرهم للقرآن شرح املعاني الظاهرية وتتلمذ على يده ثلة من العلماء منهم الشيخ محمد‬
‫الزجاي‪ 1‬حيث يرد في الدراسات أن سوء معاملة السلطة له دفعته للهجرة إذ تجمع‬
‫املرجعيات التاريخية أن علماء الجزائر في هذه الفترة كانت تربطهم عالقة منسجمة مع‬
‫غيرهم من علماء املشرق واإلياالت املغاربية ولعل هذا اإلحتكاك أحدث بنية جديدة في‬
‫تطور الفكر لدى هؤالء آنذاك حيث تجاوزوا النقل في معارفهم إلى املمارسة العملية البحتة‬
‫في حياتهم اليومية هذا التطور جعلهم ينظرون إلى وضعية املجتمع ببصيرة ثاقبة‬
‫مماجعلهم يستاؤون لطرق تعامل السلطة مع الرعايا‪.‬‬

‫ومن العلماء الذين هاجروا كذلك نتيجة سوء الوضع الذي شهدته البالد هذه‬
‫الفترة في شتى مجاالت الحياة الشيخ سيدي محمد املنور التلمساني حيث هاجر إلى املشرق‬
‫ثم إلى بالد الروم و القاهرة لكن حسب مايرد في كتب التراجم أنه شارك مع العثمانيين في‬
‫حروبهم ضد الجيش الروس ي هذا األخير الذي أسره إلى أن مات شهيدا عام‪5115‬م إذن إن‬
‫هجرة هذا العالم على مايبدو‪ 2‬كانت بغرض الجهاد في سبيل هللا أو طلب العلم وهذا ماينفي‬
‫ماتذكره الدراسات أن هجرته كانت سخطا عن الوضع ضد السلطة‪ 3‬ولست أجادل هنا‬
‫هذا اإلفتراض العلمي لكني أطرح إشكال مشاركة هذا العالم املهاجر العثمانيين الذين‬
‫استاء لنظامهم داخل وطنه؟‬

‫ومن العلماء املهاجرين كذلك نذكر منهم قاض ي املالكية الشيخ محمد بن عبد‬
‫الرحمن اليبدري التلمساني الذي عزل من منصبه فهاجر إلى الحرمين الشريفين‪.4‬‬

‫إن انكباب الهجرات إلى خارج البالد لم تخرج عن كونها مواقف تشهد على الظلم‬
‫الذي عايشته نخبة املجتمع ومثقفيها في كثير من اللحظات التاريخية‪ ،‬فكثيرا ما كان‬
‫العلماء يعارضون سلوكيات السلطة التي لم تكن إال لتخدم أغراضها النفعية على‬

‫‪ -1‬أنظر موسوعة العلماء و األدباء‪ ،‬ص‪.531‬‬


‫‪ -2‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ -3‬من بين الدراسات التي تحدد سبب هجرة املنور التلمساني هروبا من الوضع أنظر شدري رشيدة‪ ،‬نفس املرجع‪،‬‬
‫ص‪.513‬‬
‫‪ -4‬أنظر أبو راس الناصري‪ ،‬فتح اإلله ومنته‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪179‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫حساب السكان وكانت تدعو إلى اإلهتمام بالحياة اليومية وتوفير الخدمات الضرورية‬
‫لهم‪ ،‬ففي نقطتنا السابقة كنا قد تحدثنا عن إهمال الخدمات الصحية وتحدثنا في‬
‫فصلنا السابق عن إهمال العلم ورجاله وتفش ي الجهل وكثير من الظواهر الطقوسية‬
‫الالعقالنية‪.1‬‬

‫فتوصيفنا لهذه املظاهر السلوكية يبدي تحوال واضح املعالم لذهنية هذه الفئة محل‬
‫الدراسة أو مانصطلح عليه بتحليل الوعي الجماعي‪ 2‬والذي سنتطرق إليه بش يء من‬
‫التفصيل في نقطتنا الالحقة‪.‬‬

‫إذ كان الدافع األول من هذه الهجرات هو الوعي التاريخي‪ 3‬الذي نتج عن تراكمات‬
‫املواقف حيال السلطة لكن ماوقفنا عنده فإن الدراسات قد ركزت على هجرة‬
‫العلماء من باب الرحلة في طلب العلم ولم تفصل في الدواعي إال من خالل‬
‫مااستنبطناه في بعض املوضوعات التي تطرقنا إليها سالفا‪.‬‬

‫فإهمال السلطة للعلم ارتبط بالقنوات الرسمية املشرفة على تسيير املؤسسات‬
‫البحري‪4‬‬ ‫التعليمية والتي سعت في مسارها إلى حصر اهتماماتها على حركة النشاط‬
‫ولم يكن تقربهم من العلماء إال في حدود جد مائعة العالقة لها بالعلم والبتنشيط‬
‫حركيته‪.‬‬

‫‪ ‬تنامي الوعي التاريخي ضد النظام العثماني التقليدي‬

‫في مقاربتنا لتضارب املواقف بين النخب حول املمارسة السياسية للسلطة‬
‫باملجتمع والتي أشرنا إليها في دراستنا هذه يبدو جليا أن هذه املمارسة صارت من األساليب‬

‫‪ -1‬نفيسة دويدة‪ ،‬ا ملعتقدات والطقوس الخاصة باألضرحة في الجزائر خالل الفترة العثمانية‪ ،‬مجلة إنسانيات‪،‬‬
‫العدد‪ ،33‬من ص‪ ،82-55‬الجزائر‪2151 ،‬‬
‫‪ -2‬يشير املصطلح إلى املعتقدات واملواقف األخالقية املشتركة والتي تعمل كقوة للتوحيد داخل املجتمع الواحد‪.‬‬
‫‪ -3‬مفهوم الوعي التاريخي متاح على الرابط التالي بصحيفة عكاظ ‪/ /http://okaz.com.sa/article/500186‬‬
‫‪ -4‬ملزيد من التفصيل أنظر بوشنافي محمد‪ ،‬هجرة العلماء الجزائريين إلى املغرب األقص ى وبلدان املشرق العربي خالل‬
‫العهد العثماني‪ ،‬مجلة املواقف‪ ،‬املجلد‪ ،2‬العدد‪ ،5‬جامعة معسكر‪ ،‬ص‪.513-11‬‬
‫‪180‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫التقليدية القديمة والتي تجاوزتها عدة دول خاصة مع بروز العصور التنويرية في البلدان‬
‫األروبية‪ ،‬فاملواقف الرافضة للحكم العثماني والتي تصاعدت من طرف بعض النخب‬
‫ُ‬ ‫ُتثبت مدى ارتفاع نسبة الوعي التاريخي ضد املكون السلطوي الذي َ‬
‫صار تمثله مطابق‬
‫للدولة القبلية املستبدة و التي لم تعد تخدم املصلحة اإلجتماعية العامة ال في الحياة‬
‫اليومية وال في إدارة اقتصاد الدولة أو حسن التعامل مع مثقفيها فمن املؤكد جدا أن‬
‫السلطة – بوجه عام – صارت التستعمل إال التعسف مع هذه الطبقة أيا كان توجهها‪.‬‬
‫ففي ضوء املعطيات التاريخية التي أشرنا إليها في نقاطنا السابقة نجد أن الجزائري في‬
‫كنف هذا النظام فقد حق املواطنة وصار يستهدف جراء تنازعه تجاه عدة مواقف أبداها‬
‫الحكام آنذاك‪ ،‬طرح قضايا مصير املجتمع في ظل الفوض ى التي عايشها في عهد الدايات‪.‬‬

‫والبد من التأكيد أن اإلضطرابات التي عاشها الجزائريون في كنف هذا النظام قد‬
‫نجمت عن ضعف شخصية الحكام الذين توافدوا على السلطة والذين عزفوا عن‬
‫اإلهتمام بالعلم و رجاله وهكذا يمكن القول أن توطد هذا النظام لعدد من القرون سببه‬
‫أنه استمد مشروعيته من خالل انسجامه مع الفئة املثقفة ثم سرعان ما انهار ملا ألغى‬
‫هذا اإلنسجام‪.‬‬

‫من هنا يمكننا أن نبدي بعض الطروحات فنتساءل عن املؤثرات التي رفعت هذا‬
‫الوعي التاريخي في تكوين نخبة مثقفة مضادة لجهاز السلطة البيروقراطي مع تحديد وزنها‬
‫اإلجتماعي في البالد‪.‬‬

‫وال بد أن توضيح املالمح العامة لهذا الطرح تستوجب النظر إلى ثنائية املجتمع بين‬
‫مؤيد و معارض وبين من سادت أفكاره تلك القيمة التقليدية في الحفاظ على مراكزه‬
‫ومناصبه العلمية و الدينية و التي ورثها عن أجداده من خالل السكوت عن خبايا السلطة‬
‫أو كواليسها إذا سمح لنا املقام قول ذلك وبين من صار وليد الحداثة ملا نادى بالتغيير‬
‫والثورة‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫ولعل هذا مايبديه الشاعر املنداس ي التلمساني‪ 1‬الذي كتب قصيدة طويلة يهجي فيها‬
‫السلطة على عهد عثمان باشا عقب مذبحة عنيفة شهدها بتلمسان قامت خاللها‬
‫السلطة بقتل بعض النخب املثقفة والتعدي على ممتلكاتهم فهجا هم وهجى حليفهم ابن‬
‫زاغو مفتي تلمسان ومما يلي نورد هذه القصيدة التي قال فيها ‪:2‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َوأكبر ش يء أفسدته أكفهم‬
‫تلمسان عين الغرب علما وإيمانا‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َوكانت لهم ملا أرادوا فسادا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أراذل منها كالبطارق أعوانا‬
‫َ‬
‫فمنهم قرين السوء مفتي بالدهم‬
‫تود العباد الترك كانوا َوال كانا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فقل البن زاغو للضالل أيمة‬
‫َ‬
‫تدبر لحاك اَلل ما قال َموالنا‬
‫َوال تركنوا َوالركن منك َّ‬
‫سجية‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫كأ َّنك لم تسمع من اَلل قرآنا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فإن أمير الوقت باألمر قا ِئم‬
‫نت َجليس السوء في زي هامانا‬ ‫َو َأ َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫أتهدم دار العلم في حانك الذي‬
‫َ‬
‫تبيت َوتضحى فيه َويحك سكرانا‬
‫لئن فعلت بالحان مثلك سوقة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ف َقد هد منك الظلم للناس أركانا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل َقد كنت جبرا باملدينة صالحا‬

‫‪ -2‬القصيدة متاحة على املوقع ‪ https://www.poetsgate.com‬حيث تم دخوله بتاريخ ‪ 2153/51/23‬على الساعة‬


‫‪51:25‬‬
‫‪182‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫فصرت بها أخا القرامط َحمدانا‬
‫َ َ‬
‫صبرا َولم تزل‬ ‫قتلت فحول العلم‬
‫َ‬
‫َعلى عهدك املعلوم في الزيغ هيمانا‬
‫َ‬ ‫فأيمت َ‬
‫بالفتوى نساء كريمة‬
‫َ‬
‫وأيمت بالقول اململك ولدانا‬
‫َوشيدت لإلسالم ركنا من األذى‬
‫َ‬
‫فال ثمر الرحمن من ذاك بنيانا‬
‫َ َ‬
‫فما اَلل َعن سفك الدماء بغافل‬
‫َوال يترك الرحمان حاشاه لعبانا‬
‫َ َ‬ ‫أى َشبيبة َ‬
‫التوحيد كيف تخضبت‬ ‫ر‬
‫بأسمر كالبلسام ظلما َوعدوانا‬
‫َ‬
‫َورأسا بأيدي الجند كم بات ساجدا‬
‫َوكم ظل في الكبرى يركب برهانا‬
‫َ‬
‫العزيز في القيود كأ َّنه‬
‫َوعبد َ‬
‫إلى النحر يرفع الطرف حيرانا‬
‫ومن معه في ربقة األسر لم يروا‬
‫َحميدا سوى رمضان ثم َوشعبانا‬
‫َ‬ ‫َفما َ‬
‫قام شعبان شعبان ليلة‬
‫َوال َ‬
‫صام في اإلسالم َرمضان َرمضانا‬
‫ظاهروا‬ ‫َعلى نهب َأموال َ‬
‫اليتامى َت َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َوكانت لهم أعلى املدينة أذانا‬
‫فجرد مفتي الجور ثم حسامه‬
‫َوصحح من نذل الضاللة بطالنا‬
‫َوقال اقتلوا فالقتل يردع غيرهم‬
‫ذاك َ‬
‫القلب منه َوال النا‬ ‫َوال رق َ‬

‫‪183‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫إذا َ‬
‫كان مفتي السوء َيقض ي برأيه‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫هناك َيكون الزرع في األرض خسرانا‬
‫ضليال في زي ناسك‬ ‫َتعالوا تروا َ‬
‫َ‬
‫َيطول من ثوب البطالة أردانا‬
‫َوقد قد ذاك الثوب من كل موضع‬
‫َ‬
‫ومر بأبصار الخالئق عريانا‬
‫ِإذا شيم منه الخير فالبرق كاذب‬
‫وإن صال منه الرعد يهلك بلدانا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أيا آل دين اَلل ما لي أراكم‬
‫نياما وكان الطرف من قبل يقظانا‬
‫َ‬ ‫َفداركم َ‬
‫الزهراء بالنار أحرقت‬
‫َوبان َجميل الصبر للزيغ إذ بانا‬
‫َّ‬ ‫َ َ‬
‫أما تذكرون األهل َوالزمن الذي‬
‫صار هجرانا‬ ‫ذاك الوصل َقد َ‬‫عهدتم َف َ‬
‫َ‬
‫َوهال سألتم َعن َيتامى تفرقت‬
‫َ‬
‫أيادي سبا أنثى َوذكرانا‬
‫َ‬
‫فهب أ َّنهم للجور ضلت عقولهم‬
‫َ‬
‫فال يترك الجيران في العسر جيرانا‬
‫َ‬
‫فقل البن زاغو رأس كل خطيئة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فال تحسب الفتك باألهل سلوانا‬
‫َولكنك الدجال للناس فتنة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫تأهب لروح اَلل فالحين قد حانا‬
‫َ‬
‫فإن أضحكتك الجند بالناس ساعة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فال تغترر فاَلل َيكفيك أزمانا‬

‫‪184‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫ونظرا لإلنسداد السياس ي الذي ظل مالزما السلطة في البالد لم تجد العامة من بد سوى‬
‫التفاعل مع بعض الفئات التي حملت الفكر التحرري و التي تجسدت في الطرق الصوفية‬
‫في مسارها التاريخي ويظهر هذا التفاعل جليا في انضمامها تحت لواء املواجهة التي سنتكلم‬
‫عنها بش يء من التفصيل في صفحاتنا الالحقة مما جسد لنا قدرة النخبة على الحشد‬
‫الشعبوي انطالقا من عدة مبادئ شرعية أقرتها الطرقية بالجزائر وفي مقدمتها قطع‬
‫الخطبة باسم السلطان ذلك أن السلطة في السابق كانت تعي جيدا أنها التستطيع حكم‬
‫البالد إال عن طريق أعيان البالد فكانت تعترف لهم بالحكم املحلي مقابل دفع ضريبة‬
‫للحكومة املركزية ومع مرور الزمن وتحول مسار العالقة بين النخبة و السلطة تجلى الوعي‬
‫التاريخي في امتناع النخب عن دفع الضرائب فكان هذا اإلمتناع من أهم املؤشرات التي‬
‫أعلنت عن بداية التمرد ضد السلطة‪.‬‬

‫فالتجارب التاريخية بينت أن القوة السياسية املسيطرة آنذاك قد عجزت عن‬


‫تسيير املجتمع‪ .‬هذا العجز أسهم بشكل كبير في بروز الوعي بعمق األزمة التي تعيشها‬
‫البالد‪ .‬فالوعي النخبوي خالل فترة الدايات صار يعبر عن نفسه في بعض األدبيات‬
‫والكتابات وحتى في صنع الفعل التاريخي املتجسد في الثورات وذلك ألن استعادة التوازن‬
‫الذاتي كان الغاية املنشودة عند هذه الفئة خاصة غاية صنع الهوية املفقودة عبر الزمن‬
‫كل هذا يندرج في إطار الوعي التاريخي بالواقع وباملؤثرات واألحداث‪.‬‬

‫هي مرحلة إذن تسمو إلى خلق أنماط من التغيير اإلجتماعي والسياس ي فالنخب‬
‫املثقفة آنذاك صارت تدعو إلى أن تكون جزءا من السلطة وتتمتع بالحقوق وتدعو إلى‬
‫القضاء على بيروقراطية النظام الفاسد‪.‬‬

‫لكن أهم سؤال بدى يتبادر في ذهنية املجتمع آنذاك هو مدى نجاح تجسيد كيان‬
‫مستقل عن السلطة؟ كما جسدته بعض الطرق الصوفية كالطريقة التيجانية ولو أنها‬
‫فشلت في ثورتها ضد السلطة لكن يمكننا أن نقول أن هذا نوع من التحديث هو مبدئي في‬
‫خضم التغيرات العميقة املناهضة لكيان قام بنشر العنصرية واستهان بالبنية التقليدية‬
‫للمجتمع الجزائري فخلق الثورة ضد العثمانيين‪.‬‬
‫‪185‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫‪ ‬الزعامة الدينية في مواجهة السلطة‬

‫قبل أن نتكلم عن ثورة الزعامة الدينية‪ ،‬البد أن نعطي تعريف وجيز لهذا املصطلح؟‬

‫باختصار شديد فإن الزعامة الدينية تجسدت في شيوخ الطرق الصوفية الذين‬
‫قامت ثورتهم على آليات دينية والتي أخذت العمل املسلح كشكل من أشكال التعبير عن‬
‫الرفض والتمرد على السلطة حيث انساق السكان خلف هذا اإلتجاه ملا وجدوا فيه من‬
‫مبادىء العدل و املساواة ونبذ التمييز الطبقي بين األغنياء والفقراء‪.‬‬

‫فهي بطبيعة الحال ردة فعل على السياسة التي طبقتها السلطة في البالد فتجلت ثورات‬
‫عديدة في ربوع الجزائر احتجاجا على سوء الوضع الذي كان سائدا آنذاك فلقد جرد‬
‫العثمانيون السكان األصليون من حقوقهم الوطنية وأولى تلك الحقوق الحق في املشاركة‬
‫في السلطة فهذه األخيرة ظلت محصورة بين األتراك أنفسهم ألن قيام الحكم كما أشرنا‬
‫سابقا بالجزائر كان على أساس الجهاد والدين‪ .‬إذ أن العثمانيون كانوا قد أسبغوا على‬
‫نظامهم الصبغة الروحية إال أن تحول زمام أمور السلطة اإلدارية إلى سلطة قهرية‬
‫مستبدة كان سببا مباشرا في تمرد عدد كبير من النخب على نظام الحكم‪.‬‬

‫وفي سياق متصل فقد سبق و أن أشرنا في صفحاتنا السابقة إلى موضوع الصراع على‬
‫السلطة بين الحكام أنفسهم والعزوف عن حل مشاكل السكان و التي كانت من بين‬
‫أسباب تزعزع النظام وغالبا ماكان يتم التخوف من العنصر الكرغلي على اعتالء الحكم‬
‫بالبالد و رغم تولي عدد من الكراغلة ملنصب الباي‪ 1‬إال أن هذه التولية كانت ذات طابع‬
‫صوري فقط‪.‬‬

‫‪ -1‬البأس أن نذكر بعض من أسماء هؤالء الللحصر فقد تواله ببايلك الغرب مصطفى العمر عام ‪ 5183‬وتواله ببايلك‬
‫الشرق الحاج أحمد عام ‪ 5323‬وتواله ببايلك التيطري محمد الذباح عام ‪ .5133‬فعلى األغلب تميزت هذه الفترة بسوء‬
‫األوضاع حيث ليس من هدفنا رصد كل الوقائع و األحداث السياسية التي جرفت البالد إلى حافة اإلحتالل لكننا‬
‫‪186‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫و في سياق آخر تذكر الدراسات أن من بين أهم التقاليد التي كانت راسخة في بالط‬
‫السلطة هي تقريب بعض العناصر األجنبية من الرتب العالية في هرم السلطة ومن بينها‬
‫اليهود‪ 1‬الذين حظوا بامتيازات عديدة خاصة في ممارسة مختلف األنشطة االقتصادية‬
‫بحرية‪ ،‬وترتب على هذا األمر أن تولد نوع من الغضب تجاه السلطة وتجاه هذه الطبقة‬
‫التي احتكرت الحركية النشطة في صيرورة اقتصاد البالد‪ .‬ففسح السلطة املجال لدخول‬
‫عناصر أجنبية إلى زمام أمور الحكم ساهم بشدة في إضعاف اإلدارة العثمانية املركزية‬
‫بالجزائر‪.‬‬

‫فهذه األطر السياسية التي رسختها سلطة الدايات في البالد قد قضت على العالقة التي‬
‫كانت قائمة بينها وبين مجموعة من النخب املثقفة وعلى رأسهم رجال الدين طيلة التواجد‬
‫العثماني بالجزائر‪ ،‬من أجل تعزيز مصالحها ونفوذها الداخلي خاصة ملا مارست حكمها‬
‫كسلطة مستبدة والطرق اإلستفزازية التي عاملت به نخبة املجتمع األمر الذي أدى كما‬
‫الصوفية‪3‬‬ ‫أسلفنا إلى تشكل الزعامات الدينية الثائرة‪ 2‬من طرف رجال الزوايا و الطرق‬
‫بهدف القضاء على النظام السائد آنذاك‪.‬‬

‫‪ ‬جذور الطرق الصوفية و زعامتها الدينية‬

‫من بين الطرق التي نود التكلم عنها الطريقة الدرقاوية حيث تعود جذور هذه الطريقة إلى‬
‫مؤسسها موالي العربي الدرقاوي وهو أبو املعالي موالي ّ‬
‫محمد العربي بن احمد محمد ابن‬
‫عبد هللا الدرقاوي الزروالي من مواليد ‪0681‬م حيث يعود نسبه إلى األشراف األدارسة‬

‫سنركز فقط على النتائج التي تجلت جراء الدواعي التي مهدت للغضب اإلجتماعي خالل عهد الدايات‪ .‬أنظر‪pierre :‬‬
‫‪boyer, op.cit, p.80-83‬‬

‫‪ -1‬أنظر طوبال نجوى‪ ،‬طائفة اليهود بمجتمع مدينة الجزائر ‪ ،5381-5111‬من خالل سجالت املحاكم الشرعية‪ ،‬دار‬
‫الشروق للطباعة و النشر‪ ،‬الجزائر‪ ،2113 ،‬ص‪.212-211‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- De Grammont Henri, histoire d’Algérie sous la domination Turque (1515-‬‬
‫‪1830), E.Leroux, P.365-386‬‬
‫‪ -3‬عد إلى مكحلي محمد‪ ،‬ثورات رجال الزوايا والطرقية في الجزائر خالل العهد العثماني ‪ ،5323-5111‬دار اآلفاق‬
‫للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪،2158،‬ص‪.585‬‬
‫‪187‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫هؤالء الذين ينحدرون من ساللة اد يس بن عبدهللا الكامل الحسني العلوي‪ 1‬وأما ّ‬


‫جده‬ ‫ر‬
‫دي محمد بن يوسف ّ‬
‫امللقب بأبي درقة تميز‬ ‫ّالذي ينسب إليه فهو اإلمام أبو عبد هللا ّ‬
‫سي ّ‬
‫بشرف الزهد و التصوف والبحث في العلوم الشرعية (علم الظاهر)‪ 2‬العلوم اللدنية (علم‬
‫الباطن)‪ ،3‬وقد أخذ العلم الشرعي عن ثلة من الشيوخ نذكر منهم الللحصر الشريف‬
‫األكرم الولي الصالح موالي الطيب بن موالي محمد الوزاني‪ ،‬والشيخ الشريف أبو عبد‬
‫هللا محمد بن علي بن ريسون الحسني العلمي‪.‬‬

‫أما حديثنا عن الطريقة ونشاطها بوجه عام فإنها عبارة عن طريقة شاذلية سنية‬
‫تقوم مبادئها على تزكية النفس لإلرتقاء بها إلى مستوى الكمال الروحي ورضا هللا تعالى‪،‬‬
‫ويورد الكتاني بعض مميزات هذه الطريقة في تهذيب املريدين وأتباعها من التالميذ إذ يقول‬
‫"وطريقته رض ي هللا عنه‪ :‬مبنية على ِاتباع السنة في األقوال واألفعال والعبادات والعادات‪،‬‬
‫ومجانبة البدع كلها في جميع الحاالت‪ ،‬مع كسر النفس وإسقاط التدبير واالختيار‪،‬‬
‫والتبري من الدعوى واالقتدار‪ ،‬واإلكثار من الذكر آناء الليل وأطراف النهار‪ ،‬واالشتغال‬
‫باملذاكرة وما َيعني‪ ،‬وترك كل ما ُيعني ‪.‬وبالجملة‪ :‬فطريقته رض ي هللا عنه جاللية الظاهر‬
‫جمالية الباطن"‪4‬‬

‫‪ -1‬ملزيد من التفاصيل و املعلومات أنظر التمسماني محمد‪ ،‬اإلمام موالي العربي الدرقاوي ‪ ،‬ط‪،5‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت‪.2111،‬‬
‫‪ -2‬اي الشريعة و أوامر هللا و نواهيه‬
‫ُ َّ‬
‫اللدني أو العلم الباطن بمعنى العلم الخاص الذي ُي َّدعى َّأنه ُي َّ‬
‫تلقى من عند هللا تعالى‬ ‫ُ‬
‫ستعمل العلم‬ ‫‪ُ -3‬ي‬
‫‪ -4‬أنظر الكتاني سيدي محمد بن جعفر‪ ،‬سلوة األنفاس ومحادثة األكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس‬
‫تحقيق عبد هللا الكامل الكتاني وآخرين الكتاني‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الثقافة‪ ،‬الدار البيضاء‪.2111.‬‬
‫‪188‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫‪ ‬مؤثرات الطريقة الخارجية على الجزائر‬

‫رغم أن منبت هذه الطريقة كان خارج اإليالة لكنها أسهمت بشكل كبير جدا في نشر‬
‫تعاليمها خاصة فترة أواخر العهد العثماني بالجزائر فقد أشرفت على عدة زوايا تقدرها‬
‫األبحاث ب‪ 01‬زوايا والتي بلغ فيها عدد املنخرطين إلى هذه الطريقة ب‪ 1176‬شخص‬
‫خالل سنة ‪. 10617‬‬
‫من بين هؤالء األشخاص برزت شخصية ابن األحرش ابن الشيخ الشريف ببايلك الشرق‬
‫هذا الذي أخذ العلم بالزاوية املختارية‪ 2‬التي تعتبر من أبرز املؤسسات الدينية املنشطة‬
‫للحركة العلمية بمنطقة أوالد جالل بوالية بسكرة وهي تابعة للطريقة الرحمانية والتي‬
‫أسسها الشيخ املختار بن عبد الرحمان الجياللي وهو من أعالم التصوف بالجزائر عام‬
‫‪0301‬م‪ .‬أخذ العلم الشرعي عن الشيخ محمد بن السعيد بن بركات‪ ،‬و الشيخ محمد‬
‫الزين بن بركات‪ .‬إذ في سياق هذه النشأة التي نتكلم عنها حول شخصية ابن األحرش فإن‬
‫هناك نقطتان أساسيتان بالنسبة لتوجهه التحرري يجب أن نقف عندهما‪:‬‬

‫النقطة األولى‪ :‬أن الثورة التي قادها ابن األحرش بقسنطينة عام ‪0318‬م تدعو إلى أن‬
‫قوة السلطة اليجب أن ترتبط بأي مؤثر آخر غير إرادة الزعامات الدينية و القاعدة‬
‫الشعبية‪.‬‬

‫النقطة الثانية اليمكن أن تنطلق ثورة شخص مريد دون أن يكون هناك مؤثر خارجي‬
‫عليها وهذا املؤثر يتجسد على األغلب في تحريض اإلنجليز له‪ 3‬ضد السلطة لوضع عراقيل‬
‫أمام الضمانات و التسهيالت التي كان يقدمها العثمانيون للفرنسيين كقوة أجنبية‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر شدري رشيدة‪ ،‬العلماء و السلطة‪ ،‬ص‪.511‬‬


‫‪ -2‬ألخذ فكرة عن هذه التربية و النشأة أنظر محمد الصغير‪ ،‬كتاب تعطير األكوان بنشر شذا نفحات أهل العرفان‪،‬‬
‫املطبعة الثعالبية‪ ،‬الجزائر‪5153 ،‬‬
‫‪ -3‬لعب ابن األحرش دورا مهما في انضمامه مع جماعة مغاربية إلى الجيش املصري للتصدي للحملة‬
‫الفرنسية على مصر ولهذا السبب أراد اإلنجليز استغالله للتضييق على الفرنسيين في الجزائر نظرا للشجاعة التي‬
‫أبداها في القتال أنظر‪Mercier Ernest, histoire de constantine, p.310 :‬‬

‫‪189‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫وإذا نظرنا إلى ذلك من هذه املنطلقات سنجد أن الخبرة العسكرية التي اكتسبها ابن‬
‫األحرش خارج الجزائر خلقت لديه روح التمرد ضد السلطة العثمانية‪ ،‬ولكي نفهم هذه‬
‫الثورة البد لنا أن ندرك جميع املؤثرات التي أسهمت في وقوعها‪ .‬فدراسة املواقف واألفكار‬
‫التي تسيرها مثل هذه الحركات توضح لنا النسيج املتشابك الذي يجعلنا نربط املؤثر‬
‫الخارجي بالداخلي لهذه الطرق أو الزعامات أو الحركات كما يشاء البعض تسميتها وعلى‬
‫األغلب يكون استرا‪-‬سياس ي تبلور عبر فترات لها امتداد زمني واسع‪.‬‬

‫ونجد بروز شخصية أخرى ببايلك الغرب لديها نفس امليل إلى االتفاق مع مبادىء الطريقة‬
‫التي ناهض ألجلها ابن األحرش وتتجسد في شخصية ابن الشريف الدرقاوي إذ هو عبد‬
‫القادر ابن الشريف الفليتي الدرقاوي الذي يعود أصله إلى قبيلة كسانة البربرية درس‬
‫الدرقاوي‪1‬‬ ‫بزاوية القيطنة ثم انتقل إلى فاس وأخذ الطريقة على يد الشيخ موالي العربي‬
‫وصار مقدما للطريقة الدرقاوية ببايلك الغرب الجزائري بعد أن جعله الشيخ على رأسها إذ‬
‫إثر عودته إلى مسقط رأسه أسس زاوية فشرع في تلقين مبادىء الطريقة إلى السكان‬
‫واكتسب شعبية كبيرة وصار له وزن اجتماعي عظيم وتوافدت إليه القبائل من كل‬
‫األقطاب خاصة الصحراوية وصار الناس يشتكون إليه استبداد السلطة وظلم الحكام‬
‫هذا ماأثار دافعه لقيادة ثورة شعبية لزعزعة كيان النظام العثماني بالجزائر‪.2‬‬

‫والقضية األساسية التي ناضل ألجلها هي استبداد السلطة ضد السكان حيث‬


‫امتدت ظاهرة سوء املمارسة السياسية التي بدت من طرف الحكام لزمن دام أكثر من‬
‫ثالثة قرون‪ ،‬فقد أبدت هذه الشخصيات البارزة من خالل التجارب التي أخذتها من خارج‬
‫الجزائر خاصة ابن األحرش كما سبق وأن أشرنا ومشاركتها الفعالة في نشر الفكر التحرري‬
‫في تلك الفترة أبدت استياءها من الفوض ى واستعباد الناس ومن طريقة التسيير خاصة أن‬

‫‪ -1‬أنظر بونقاب مختار‪ ،‬انتفاضة درقاوة في بايلك الغرب ‪ ،5353-5312‬مجلة املواقف‪ ،‬املجلد‪ ،8‬العدد‪ ،5‬جامعة‬
‫معسكر‪ ،2113/52/85 ،‬ص‪522-581‬‬
‫‪ -2‬أنظر غالي الغربي‪ ،‬ثورة ابن الشريف‪ ،‬مجلة الدراسات التاريخية‪ ،‬العدد‪،51‬الجزائر‪ ،5111،‬ص‪.11-13‬‬
‫‪190‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫السلطة كانت تمارس الحكم باسم الرابطة الدينية الروحية دون أن تجسد هذا املبدأ على‬
‫الواقع املعاش‪.‬‬

‫إذ صار أهم هدف رئيس ي الذي تواجه ألجله الطريقة الدرقاوية السلطة هو‬
‫تجسيد مبدأ إلزام الحاكم بطاعة الزعامات الدينية و تستند هذه املواجهة بصفة عامة‬
‫إلى ثالث نقاط رئيسية نبديها فيمايلي‪:‬‬

‫(‪ )0‬إنهاء كيان سلطة مستبدة تقمصت أدوار عديدة باسم الدين‪.‬‬

‫(‪ )2‬تهيئة السبل واملنافذ للخروج بنخب تحمي مستقبل البالد‪.‬‬

‫(‪ )8‬تلبية رغبة السكان في ضمان استقرارهم و أمانهم بالبالد‪.‬‬

‫ألن السلطة بنظر هؤالء كانت تتحكم وتسيطر وفق نزعاتها النفعية ومصالحها‬
‫الشخصية فصارت سلطة انتهازية في مواقفها وطرق تعاملها مع الرعايا وهذه املمارسة‬
‫املمتدة كما أسلفنا لم يكن لها حدود ‪.‬‬

‫وفي قراءاتنا لفكر هذه الزعامات وتحليلنا له نلمس أن بقاء نظام السلطة العثمانية‬
‫بالجزائر بالنسبة لهم قد صار يشكل خطورة على ثقافتها ومستقبلها فخطورة وجود‬
‫السلطة وكيانها القائم آنذاك هو أهم نقطة حاربت ضده الطرق الصوفية درقاوية كانت‬
‫أو غيرها وسنأتي هنا لذكر طرق أخرى أبدت استياءها من هذا النظام‪.‬‬
‫ومن بين هذه الطرق الطريقة التيجانية التي تعود إلى مؤسسها أحمد بن محمد بن املختار‬
‫بن سالم التيجاني )‪(1737-1815‬م هذا الذي كان كثير التنقل و الترحال في اإلياالت‬
‫املغاربية ناهيك عن مكة املكرمة و املدينة املنورة‪ 1‬ومايهمنا هنا مكوثه وتأسيسه للطريقة‬
‫بإيالة الجزائر خاصة جنوب الصحراء حيث انطلقت من بلدة بوسمغون بالبيض‬

‫‪1‬‬
‫‪- Jean-Louis Triaud, Islam et sociétés en Afrique subsaharienne à‬‬
‫‪l'épreuve de l'histoire: un parcours en compagnie ,‬‬
‫‪Karthala.2012,p. 188‬‬
‫‪191‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫وانتشرت زواياها في قرارة وتوات وواد القمار‪ 1‬وناهضت السلطة كغيرها من الطرق التي‬
‫أسلفنا ذكرها‪.‬‬
‫وتظهر أهمية هذه الطريقة في نفس النقطة التي أثرناها إذ أن مبالغة السلطة في‬
‫استعباد السكان قد جعل من زعامات هذه الطرق منظمة مناهضة للنظام مرافعة‬
‫للمظالم التي قدمت من طرف عامة الناس إلى زوايا هذه الطرق ومن هنا أود أن أوضح أن‬
‫تركيزي للدور الذي لعبه هذا التوجه الطرقي صادر من اقتناعي بأن البنية املجتمعية في‬
‫إيالة الجزائر كانت تخضع إراداتها دائما ملا يبديه رجال الدين وزعماء الطرق من مواقف‬
‫وتميل كل امليل إلى خطاباتهم ومن هنا نجد بأن تكريس هذا التوجه والزوايا كجهاز يعمل‬
‫على تنفيذ رغبة الطبقة العامة نابع من الصراع الطبقي بين السلطة والنخب والذي خلق‬
‫فجوة طبقية عالئقية أودت بنشوب ثورات شعبية إذ سنتطرق إلى حيثياتها في عجالة في‬
‫صفحاتنا الالحقة‪.‬‬

‫‪ ‬حيثيات تجلي ثورة الزعامة الدينية‬


‫أبدى العديد من رجال الدين كما سبق وأن أشرنا استياءهم لطريقة‬
‫املمارسة السياسية التي كانت تجسدها السلطة على واقع األحداث بالبالد إذ‬
‫تمرد شيوخ القبائل والطرقيين على النظام الذي كان يقوم على الطائفية‬
‫السياسية حسب تعبيرنا فالتمرد بدى واضحا جدا من خالل الثورات الشعبية‬
‫ألن نظام حكم الدايات في فتراته األخيرة أودى بتفجير عدة أزمات داخلية‬
‫فسحب السكان ثقتهم فيه‪.‬‬

‫و إذا ضربنا مثال تلك األزمات فإن سماح السلطة للرعايا األجانب من‬
‫تجار أروبيين وغيرهم بالتدخل في شؤون الحكم الداخلية كان تجسيدا ملبدأ‬
‫التمييز العنصري على أساس العرق فغالبا ماكان يتم إقصاء الفئة الجزائرية‬
‫املثقفة من املمارسة السياسية هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن تحول الدور‬
‫الحقيقي للعثمانيين بعد القضاء على عنصر اإلحتالل اإلسباني من دولة ذات‬

‫‪1‬‬
‫‪-louis Rinn,op.cit.p.424-426‬‬
‫‪192‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫سلطة روحية منتجة للثقافة إلى سلطة ذات إيديولوجية عنصرية تعمل على‬
‫إقصاء و تهميش العلماء أدى إلى تولد توجهات معارضة لها أطلق عليها بثورة‬
‫الزعامة الدينية‪.‬‬

‫ففي مقابل آليات التعسف السياس ي الذي طبقته السلطة ضد السكان‬


‫ستختفي الصورة النموذجية الجهادية التي كانت قابعة في املجتمع تجاه الدولة‬
‫العثمانية آنذاك‪ ،‬وسيالحظ املتابع للوقائع السياسية بالجزائر في عهد الدايات أن‬
‫السلطة قد خلقت فجوة عميقة بينها وبين عدد كبير من النخب املؤثرة في‬
‫املجتمع‪ ،‬ألنها في البداية جعلتهم كوسطاء اجتماعيين‪ 1‬للحد من أي صدام أو‬
‫مواجهة بينها وبين القاعدة الشعبية‪ ،‬لكن عزوفها عن اإلهتمام بمشاكل السكان‬
‫ضف إلى منع املثقفين من التدخل في القضايا السياسية واحتكارهم املناصب‬
‫العليا زرع الحقد لدى هذه الفئة بسبب إستعباد الحكام لهم وإنهاك كاهل الناس‬
‫بدفع الضرائب‪ .‬فقد دخلت كل البايلكات في ثورة ردا على ماآلت إليه العالقات بين‬
‫السلطة واملجتمع‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬ولم تكن الفئات الجزائرية املثقفة يوما تميل الستعمال العنف حتى‬
‫في بعض الخطابات التي كنا نلمسها من خالل قراءاتنا ملنتوجاتهم الفكرية‪ .‬ولم‬
‫تكن أبدا تشجع على الخروج عن الحاكم بقدر ماكانت تدعو إلى التضامن معهم‬
‫لكن كل الدوافع التي أشرنا إليها واألسباب أسست لقطيعة مع الخطاب السابق‬
‫فحدث مانسميه بمنعرج في وقائع التواجد العثماني بالجزائر‪ .‬ففي هذه الفترة‬
‫أصبح عامة الناس يطمحون إلى التحرر من التعسف السلطوي وقد تجلت‬
‫حركات مناهضة للنظام السائد آنذاك وعملت على تحريض السكان ضد السلطة‬
‫بل كانت تدعو إلى ثورة شعبية نظمتها الزعامة الدينية‪.‬‬

‫‪ -1‬خاصة منهم شيوخ الزوايا الذين كانوا في بداية األمر وراء تعبئة الناس للجهاد ضد الخطر المسيحي‪ ،‬أنظر شدري‬
‫رشيدة‪ ،‬العلماء و السلطة‪ ،‬ص‪.511‬‬
‫‪193‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫وهكذا كانت ثورة الطريقة الدرقاوية‪ 1‬أول ثورة انطلقت في الجزائر حيث شرع في‬
‫تنفيذ مشروعها بالشرق عام ‪ 0318‬بقيادة ابن األحرش‪ 2‬الذي قاد ثورة وفق مبادىء‬
‫الطريقة الدرقاوية التي تعود جذورها إلى شيخ الطريقة محمد العربي الدرقاوي املراكش ي‬
‫وهي امتداد للطريقة الشاذلية وقد انتشرت بشكل كبير في الغرب الجزائري وقد احتلت‬
‫موقعا مركزيا نظرا للمبادىء السامية والعليا التي كانت تنادي بها وأهمها نبذ التعسف‬
‫السياس ي ألي سلطة في البالد وقد تبوأت الثورة الصدارة في وقائع األحداث آنذاك ملا انتهج‬
‫صاحبها آليات الدعوة إلى القضاء على تراكم الفساد من طرف السلطة‪.‬‬

‫وببايلك الغرب قامت عام ‪ 0311‬بقيادة ابن الشريف‪ ،3‬حيث يصف زعماءها‬
‫املزاري في كتابه إذ يقول "وينتسبون إلى رجل مغربي من بني زروال بوادي أبي بريح‬
‫من فرقة يقال لها درقاوة ‪ ،‬يقال له الشيخ موالي محمد العربي بن أحمد‬
‫وينسبون له ّ‬
‫السر والنقاوة‪ .‬أخذ عنه جملة من أشياخهم وأصولهم وأفراخهم منهم‬
‫السيد عبد القادر بن الشريف القائم بالغوغاء والعامة على أهل امللك‬
‫والتصريف"‪.4‬‬

‫وتمكنت هذه الثورة من تفجير غضب الصدام الذي كان مستمرا على أوجه بين‬
‫النخب الثقافية‪ ،‬والسلطة السياسية‪ ،‬وقد لعبت هذه املواجهة دورا بارزا في‬
‫التاريخ الجزائري الحديث‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر الزياني بن يوسف‪ ،‬دليل الحيران وأنيس السهران في أخبار مدينة وهران‪ ،‬تحقيق املهدي البوعبدلي‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،1947‬ص‪213-211‬‬

‫‪ -2‬هو الشيخ الحاج محمد بن عبد هللا بن األحرش املعروف بالبودالي نسبة إلى مدينة أبدال‪ ،‬من رجال العلم والدين‬
‫في الطريقة الصوفية الدرقاوية التي نشطت شرق الجزائر‪ .‬عد إلى الزياني محمد يوسف ‪ ،‬دليل الحيران و أنيس‬
‫السهران في أخبار مدينة وهران‪ ،‬تقديم املهدي البوعبدلي‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪5111 ،‬م‪ ،‬ص‬
‫‪.211‬‬

‫‪ -3‬عد إلى الغالي الغربي‪ ،‬ثورة ابن الشريف الدرقاوي ضد األتراك في القرن التاسع عشر ‪ ،‬مجلة دراسات تاريخية ‪،‬‬
‫العدد ‪ ، 22-28‬السنة ‪ ،1‬جامعة دمشق‪5133-5131 ،‬م‬

‫‪ -4‬أنظر‪ :‬اآلغا بن عودة املزاري‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.812‬‬


‫‪194‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫في سياق متصل‪ ،‬توسع امتداد زاوية الطريقة الدرقاوية إلى مؤسسة ذات نفوذ‬
‫كبير باإليالة خاصة باملناطق الريفية فاحتضنت فكرة اإلستقالل عن الحكم‬
‫املركزي األمر الذي سهل انتشارها بشكل كبير وكنتيجة لذلك تمكن ابن األحرش‬
‫وابن الشريف الدرقاوي الذان تبنيا تعاليم موالي العربي الدرقاوي املؤسس األول‬
‫لهذه الطريقة من اكتساب شعبية كبيرة وسط السكان‪ ،‬مماجعلهم يسارعون إلى‬
‫تنصيبهما كقائدين لثورتهما ضد العثمانيين‪.‬‬
‫في املقابل‪ ،‬حينما كان بايات املناطق املشار إليهما منشغلين بجباية الضرائب‬
‫و إخماد تمردات القبائل كان الزعيمين قد شرعا في تنفيذ مشروعهما الثوري ضد‬
‫سلطة العثمانيين فبالشرق انتهز ابن األحرش فرصة انشغال الباي عصمان بجمع‬
‫الضرائب بسطيف ليشرع في توجيه حمالته العسكرية نحو قسنطينة‪ 1‬أما ببايلك‬
‫الغرب فقد استغل ابن الشريف توجه الباي مصطفى العجمي إلخماد تمردات‬
‫قبائل األنجاد في الفترة مابين ‪ ،0311-0311‬ففي هذه الفترة كان ابن الشريف‬
‫قد شرع في إعالن أول تمرد له ضد السلطة في معركة فرطاسة بمعسكر‪ 2‬وهذا ما‬
‫سيثير صداما عنيفا بين الباي و ابن الشريف حيث يورد املزاري نتائج هذه‬
‫املواجهة في كتاباته قائال "فأمس ى الباي بمخزنة في نكد‪ ،‬وأصبح الدرقاوي بأتباعه‬
‫في رغد"‪ 3‬كما يورد مانتج من قصائد الشعراء حول هذه املواجهة حيث كتب ما‬
‫جاء على لسان السيد حسن خوجة في در األعيان هذه األبيات‪4:‬‬

‫ما بين قتلى وأسرى غير ناجينا‬ ‫فرطاسة يومها ترى الجنود به‬

‫به يريد لقاء العدو باغينا‬ ‫فالباي جاء بجيش ال نفاذ له‬

‫بل جاء جنده صفر الكف باكينا‬ ‫فلم ّ‬


‫يحقق له سعي وال أمل‬

‫‪1‬‬
‫‪- Feraud ," Les cherifs kabyles de 1804 -1809 dans la province de‬‬
‫‪Constantine" in RA .n°13 1869, p217.‬‬
‫‪- -2‬إبن سحنون ‪،‬املصدر السابق ‪ ،‬ص‪21‬‬
‫‪ -3‬املزاري‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.812‬‬
‫‪ -4‬املزاري‪،‬ن‪،‬م‪ ،‬ص‪.811‬‬
‫‪195‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫باي األعاجم لوال الدين ال دينا‬ ‫فاليوم البن الشريف ّ‬


‫عز‬

‫وقال السيد مسلم الحميري ‪:‬‬


‫ذل فيه العزيز ّ‬
‫عز الحقير‬ ‫ّ‬ ‫فيوم فرطاسة يوم كبير‬

‫تركا ومخزنا امللك الجدير‬ ‫لقد ّ‬


‫هيا مصطفى جيشا كبيرا‬
‫من جيش قليل ّ‬ ‫ّ‬
‫هيأه الفقير‬ ‫فلم تك ساعة إال وانهزموا‬

‫وقال عنه امساهل البرجي في ملحونه‪:1‬‬


‫ال م ــن ج ــاب اخب ــارالخ ــير‬
‫كداروا للـدرقاوى انهـار النطحـا‬
‫دايـ ــرملببـ ــوش ازريـ ــر‬
‫وايحمش فوق العكاز باني الطرحا‬
‫وفي نفس التوجه اصطدم ابن األحرش في معركة وادي الزهور بباي قسنطينة‬
‫بعدما وصله هذا األخير خبر هجوم ابن األحرش على املدينة مما جعل الداي‬
‫يراسل عصمان باي طالبا رأس ابن األحرش مهددا إياه بعزله من منصبه في حال‬
‫ما إذا فشل في إخماد ثورته‪ 2‬خاصة وأن زعيم الثورة في هذه املنطقة قد تكتل مع‬
‫الزبوش ي الذي سبقت اإلشارة إليه والذي ثار ضد السلطة نتيجة حرمانه من‬
‫اإلمتيازات التي كان يغدق البايات عليه بها سابقا‪ ،‬فبناءا على هذه الحادثة قامت‬

‫‪ -1‬محمد بن يوسف الزياني‪ ،‬دليل الحيران و أنيس السهران في أخبار مدينة وهران‪ ،‬تحقيق الشيخ املهدي البوعبدلي‪،‬‬
‫ط‪ ،5‬املعرفة للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2158 ،‬ص ‪.281‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Esterhazy, Op.cit, p201-212‬‬
‫‪196‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫عالقة تنافرية بين الزعامات الدينية والسلطة امتدت سنوات عديدة والتي سيأتي‬
‫ذكر نماذج أخرى منها فيما بعد‪.‬‬
‫لقد كانت مواجهة الزعامات الدينية للسلطة على الشراكة مع فئات إجتماعية‬
‫متعددة لكن جملة اإلنتصارات التي حققتها ثورة الدرقاويين لم تدم طويال إذ‬
‫سرعان ما تم القضاء عليها ابتداءا من تكليف الباي عبد هللا بن اسماعيل بالشرق‬
‫وبتدعيم من طرف الداي مصطفى باشا ضد ابن األحرش ووصول الباي املقلش‬
‫ببايلك الغرب إلى وهران بعد أن حاصرها ابن الشريف‪1.‬‬

‫في تحقيبنا لهذه الوقائع التي أعطينا نماذج منها‪ ،‬نجد بأن آليات مواجهة الزعامة‬
‫الدينية الدرقاوية للسلطة قد انحصرت في عدد من النقاط الرئيسية والبأس أن‬
‫نشير إليها الللحصر ‪ :‬كان مشروع القضاء على نظام العثمانيين بالعمل الثوري‬
‫ساريا وفق مبادىء الطريقة التي حاول مؤسسوها على قدم وساق أن يرسخوا‬
‫وجودها في كل القطر الجزائري بيد أن إلتفاف عامة الناس بالشرق للطريقة‬
‫الرحمانية آل دون نجاح استمرارية هذه الثورة خاصة ملا لقيت إعراضا من بعض‬
‫القبائل املتحالفة مع السلطة التي كانت محاوالتها جد نشطة في قمع أتباع وزعماء‬
‫هذه الطريقة‪.‬‬
‫ثم لم يلبث ابن األحرش إال وأن دخل في تكتل مع ابن الشريف ببايلك الغرب‬
‫ليكونا على خط واحد فجرى أن انقلبت املوازين ضده ملا صار منافسا على تمثيل‬
‫هذه الطريقة باملنطقة فانهارت الثقة بينهما األمر الذي دفعه إلى اغتياله كما‬
‫أشارت املصادر التاريخية إلى ذلك لتدخل الزعامة الدينية في أزمة الفشل املتكرر‬
‫أثناء مواجهة السلطة‪.‬‬
‫وفي تلك األجواء من الصراع لم تتمكن هذه الثورات من إسقاط نظام سلطة‬
‫العثمانيين‬

‫‪1‬‬
‫‪-Delpech, Adrien, "Le soulèvement de Derkaoua de la province d’Oran de‬‬
‫‪1800-1813" in R.A, N°18, 1874,p.40 –p.44‬‬

‫‪197‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫لكن كل ما تمكنت القيام به هو إنهاك الحكام وإضعافهم ويبدو ذلك جليا من‬
‫خالل االفتراضات العلمية التي انطلق منها كل من ‪ Berburgger1‬و‬
‫‪ Vayssette2‬و ‪ De Grammond,3‬وأهمها أن الدولة العثمانية كانت‬
‫الفاعل األساس في هذا الصراع من خالل سعيها لزيادة قوتها النسبية خاصة أثناء‬
‫إعادة تأسيسها لسياسة املواجهة ضد معارك ابن األحرش والتي كانت إيذانا بإنهاء‬
‫أواصرها بشكل سريع ألنه باملقابل قامت السلطة بإغراء بعض القبائل و بعض‬
‫الفئات للتحالف معها بهدف القضاء على خطورة هذه الثورة إذ نفس الطروحات‬
‫نلمسها في الدراسات الحديثة التي تشير إلى أن " السلطة العثمانية الحاكمة في‬
‫الجزائر قد واجهت العديد من التمردات والثورات املناهضة لحكم العثمانيين‬
‫بسبب سياسة التهميش والقمع‪ ،‬وفرض الضرائب التي طبقتها على األهالي‬
‫الجزائريين بإبعادهم عن مراكز السيادة والحكم"‪ 4‬وما يستخلص من هذه‬
‫العبارة هو أن العالقات التي ربطت الجزائريين بالسلطة العثمانية كانت تحمل‬
‫سمة تشاؤمية بالنسبة للعديد من املؤرخين‪ ،‬ذلك أن القيم االجتماعية أو‬
‫الدينية التي ربطت بين الدولتين أدت دورا ثانويا في تحديد سلوك الدولة العثمانية‬
‫اتجاه الجزائر‪ ،‬إذ بدأت بالتالحم في‪5‬مواجهة الغزو اإلسباني بدافع الجهاد‬
‫البحري‪ ،‬وانتهت باالنفصام بسبب تعرض معظم الدايات للقتل والتصفية وهو‬
‫ما أثر بشكل سلبي على طبيعة العالقات بين السلطة العثمانية و الجزائريين‪.‬‬
‫ففي تحديدنا لألسباب الحقيقية و اإلستراتيجية لهذا االنفصام التي نلخصها في‬
‫الفوض ى والالأمان و التي سادت الدولة‪ ،‬وكذا تكالب الدول األوروبية كنتيجة‬

‫‪1 - Berburgger ," Un cherif kabyle" in RA N°3, 1858, 210-211.‬‬

‫‪2 - Vayssette, Histoire des derniers beys, p260.‬‬

‫‪3 - De Grammond Henri, OP,Cit, P.365‬‬

‫‪ -4‬صغيري سفيان‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪511‬‬


‫‪ -5‬أنظر‪ ،‬كليل صالح‪ :‬سياسة خير الدين في مواجهة املشروع اإلسباني الحتالل املغرب األوسط‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل‬
‫شهادة املاجستير في التاريخ الحديث و املعاصر‪ ،‬تحت إشراف علي أجقو‪ ،‬قسم التاريخ‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية‬
‫واالجتماعية والعلوم اإلسالمية‪ ،‬جامعة باتنة‪2111/2113 ،‬‬
‫‪198‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫لعدم االستقرار يبدو من الواضح جدا أن هذه املفاهيم وعلى رأسها عدم األمن‬
‫واإلختالل الوارد في توازن القوى تشكل التوجهات الحديثة في نظرتنا الواقعية التي‬
‫تعكس صورة عن األزمات الداخلية و تصدع العالقات الجزائرية العثمانية"‪ 1‬فقد‬
‫أدت أجهزة الحكم خاصة داخل فئة االوجاق والدايات وكذلك رياس البحر‪،‬‬
‫دورا كبيرا في تحديد مسار هذه العالقة إذ استحوذت مسألة املؤامرات و‬
‫الدسائس وكثرة االغتياالت على حيز كبير من توجهاتها‪ ،‬فبناءا على هذا وجدنا أن‬
‫اللبنة األساسية التي انطلقت منها العالقات اعتمدت بشكل كبير على ما قام من‬
‫وقائع وأحداث في الواقع‪ ،‬باعتبار أن السياسة الداخلية للسلطة قامت على‬
‫أساس الحفاظ على النفوذ واملال في إطار املصلحة العثمانية‪.‬‬

‫وهكذا فإن عمق التأثر بسياسة الحكام فتح الباب أمام ثورات أخرى نتيجة‬
‫تمتع رجال الدين بشعبية كبيرة وسط املجتمع حينئذ امتدت املواجهة ضد‬
‫السلطة إلى عين ماض ي بالصحراء فقامت ثورة الطريقة التيجانية إذ يمتد غضبها‬
‫نتيجة توجيه البايات لحمالت متكررة ضد سكان املنطقة من أجل دفع ضريبة‬
‫اللزمة حيث هاجمها باي التيطري عام ‪ 0322‬وهاجمها الباي حسن عام‪0321‬‬
‫فاستغل التيجاني كل الوسائل املتاحة بما فيها مراسلة القبائل املعادية للسلطة‬
‫بهدف التحالف معه‪ ،‬قصد الحد من الضغوطات التي كانت تمارسها السلطة على‬
‫النشاطات الدينية الخاصة بأتباع هذه الطريقة‪ 2‬ذلك أنها تخوفت من تصاعدها‬
‫إلى حركة ثورية ضد الوجود العثماني باملنطقة مع اإلشارة إلى أن عين ماض ي كانت‬
‫تتمتع باستقاللها عن السلطة املركزية إلى أن فتح البايات باب توجيه الحمالت‬
‫إليها بغرض جمع الضرائب‪ ،‬األمر الذي أذعن بخلق عالقة تنافرية ولدت موجة‬
‫من الصراع الدائم بين زعامة هذه الطريقة و السلطة التي انتهجت نهج قمع عدد‬
‫من شيوخ قبيلة الحشم التي ساندت هذه الثورة وكان ثوارها نهاية املطاف عرضة‬

‫‪ -1‬صغيري سفيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪523‬‬


‫‪2 - RINN, LOUIS, les Marabouts et khouans,étude sur l’Islam en Algérie, A.Jourdan, Alger, 1884p.420-‬‬

‫‪425.‬‬
‫‪199‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫ملذبحة وحشية‪ ،‬جعلت السلطة تنهي خطورة هذه الحركة املعارضة لوجودها بعد‬
‫أن طبقت بعض الخطط اإلستراتيجية في اإلطاحة بزعيمها وأهمها إغراء القبائل‬
‫املساندة التي بادرت بالعزوف عن الثورة لصالح هذه الطريقة‪ .‬وفي مقابل ذلك‪ ،‬لم‬
‫تتمكن الثورة التيجانية من إنهاء نظام السلطة العثمانية أو القضاء عليه‪.‬‬
‫بناءا على ماتقدم نستطيع أن نقول أن السلطة نجحت في إخضاع هذه الثورات‬
‫ألنها تمكنت إلى حد بعيد من تحقيق مصلحة بعض الطبقات النافذة في املجتمع مماخلق‬
‫تغير في موازين القوى بين الجبهات املتصارعة بين زعماء الطرق الدينية والسلطة ولإلشارة‬
‫فإن التغير امللموس من خالل الحيثيات التي طرحناها للنقاش لم يتم بالسهولة التي‬
‫توقعتها بعض الدراسات ألن هذا التمكن نتج عن حركية تاريخية جعلت السلطة تتكيف‬
‫مع الوضع وتعمل على استراتيجية محكمة من أجل خلق اتجاه جديد وهو ضرب الزعماء‬
‫بالقبائل الرافضة لإلنضمام تحت لواء هذه الثورات إن صح التعبير كقبائل البرجية و‬
‫الزمالة و الدواير‪ 1‬الرافضة لإلنضمام إلى ثورة الطريقة التيجانية‪.‬‬

‫فقضاء السلطة على ثورات الدرقاويين و التيجانيين تم بدرجات متفاوتة‪ ،‬ألنها‬


‫كانت ترى أن جوانب ضعف هؤالء هو تراجع اإللتفاتة الشعبية حولهم مما أتاح الفرصة‬
‫أمام السلطة من التأثير في قرارات السكان الذين بحثوا عن أجهزة ومؤسسات تقيهم شرها‬
‫فتخوف غالبية املجتمع من قوة الزعامات الدينية في مواجهة السلطة جعلها التصل إلى‬
‫النجاح الذي جاهدت على تحقيقه ويمكن أن نبدي بعض املالحظات في تحليلنا لهذه‬
‫املواقف و األفكار وهي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الزعامة الدينية كانت هيئة تنظيمية وضعت قواعد بنائية خاصة بطريقة‬
‫محددة لها مؤثرات خارجية التنطبق على بالد يعيش أفرادها في مساحة شاسعة وأود أن‬
‫أقول هنا أن الثورات الشعبية كانت ذات طابع مذهبي‪ ،‬ولو أن مبادئها في مناهضة السلطة‬
‫مقبولة منطقيا لكن من حيث الظروف التي عاشها األفراد كانت تحتاج في تقديرنا أن تكون‬
‫وطنية داخلية فقط فهي كانت تميل إلى نشر طريقة دينية تطمح في الوصول إلى السلطة‬

‫‪ -1‬غالي الغربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪512‬‬


‫‪200‬‬
‫المقاربة التاريخية‬

‫فبقدر ماكانت تتبنى مناهج إيجابية في حركتها الفعلية التاريخية بقدر ماكان لها عيوب‬
‫تتجسد في انقسام توجهات املجتمع وإن كنت الأستطيع التدخل أكثر في سرد فلسفة هذا‬
‫التوجه حتى أتجنب الخروج عن املوضوع أو إصدار أحكام غير موضوعية لكن أجدني‬
‫ملزمة في اإلشارة إلى هذه النقطة كأهم سبب أدى إلى تراجع املجتمع وعدم التفافه حولها‬
‫وعدم نجاحها في استمرارية ثوراتها ألن توجهها لم يكن متناسقا مع جميع أفراد املجتمع‪.‬‬

‫ثانيا أشرنا إلى مصطلح الزعامة ألن هؤالء كانوا رجال دين ثم توجهوا للعمل‬
‫الثوري وغالبا ماصار يتم نعتهم بهذا اللقب بحكم خبراتهم التي مارسوها داخل البالد وهذا‬
‫يؤكد أن هؤالء خلقوا مؤسسات المركزية إن صح التعبير متفرقة بعيدا عن أوامر السلطة‬
‫القانونية وبالتالي البعد الجغرافي والزمني لهذه اإلنطالقة كانا من أسباب فشلها‪.‬‬

‫إذن وبالرغم من كل ذلك الزعامة الدينية كان لها فكر ثوري تحرري اليستهان به‬
‫فمنها من أقامت ممارستها في نشر تعاليم طرقها بعيدا عن الرقابة املركزية ثم أنه كان لها‬
‫مشروع طموح في السيطرة على وضع البالد التي آلت أوضاعها إلى أزمات متكررة وإن أي‬
‫تحليل لهذه األزمات‪ ،‬يكشف ضرورة وجود مثل هكذا مواقف يكون عليها املطالبة‬
‫بتأسيس إطار حكم شرعي يخضع إلرادة املجتمع فهذه الثورات بأجهزتها الصغيرة كان لها‬
‫فكر واسع في تصميم وتأطير حضارة املجتمع ومستقبل البالد‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫الخاتمة‬
‫الخاتمة‬

‫لقد كان من الصعب جدا أن أنهي في ظرف وجيز استعراض ي ألغلب الفئات‬
‫الثقافية التي كان لها فاعلية ودور أساس ي في التأثير على مجتمع الجزائر العثمانية في‬
‫عهد الدايات‪ .‬ألن ذلك يتطلب مجلدات وإمكانيات جد معتبرة وبالرغم من ذلك حاولت‬
‫بجهدي املتواضع أن أوجز قدر املستطاع لتغطية الدراسة تغطية شاملة‪ .‬إال أنني‬
‫سجلت بعض املالحظات التي استنبطتها في هذا املجال‪ ،‬إذ أن املقاربة التاريخية بين‬
‫الطرفين محل الدراسة تجعلنا نواجه صعوبة في جعل املوضوع ذا شمولية مطلقة ألن‬
‫العالقة بين النخب الثقافية و السلطة مرت بمتغيرات أولية‪.‬‬
‫فهناك من الحكام من أبدوا انسجاما مع الفئة املثقفة ومنهم من ذهب ليغتال‬
‫ويعرقل مسارهم الفكري خالل فترات عديدة فاملنطلقات واألحداث انصهرت حسب‬
‫حاجيات كل طرف من جهة وحاجيات املجتمع لهم من جهة أخرى‪.‬‬
‫وال بد أن نسجل أن هؤالء لم يتوصلوا إلى تشجيع العلم و ال العلماء في جميع‬
‫مجاالت الحياة إال إذا تعلق األمر بالحاجة إلى تزكية معنوية يحتاجونها للسيطرة‬
‫على وضع ما أو قبيلة أو فرقة ما كي تخدم مصالح بالدهم داخل الجزائر‪ ،‬فيقربون‬
‫بعض النخب منهم للتأثير على املجتمع بطرق غير مباشرة‪ ،‬فالسلطة سعت قدر‬
‫اإلمكان إلى إبعاد هذه الفئة عن ممارسة العمل السياس ي وكانت تحمل وراء هذا‬
‫خلفيات ومبررات داخلية و خارجية لهذا جعلت عالقاتها معها مرتبطة بالتأثير على‬
‫املجتمع كلما دعت الضرورة إلى ذلك‪ .‬لكن بالرغم من ذلك كانت هذه الطبقة جد‬
‫مميزة لدرجة أنها خلفت العديد من األبناء الذين حملوا املشعل وواصلوا بعث‬
‫الحركة العلمية و الثقافية بالجزائر العثمانية في فتراتها املختلفة وخاصة فترة‬
‫الدايات‪ ،‬وهذا مايفند طروحات الضفة األخرى التي تنكر وجود الطبقة الوسطى‬
‫بالجزائر وتدلي بحقائق تخدم إيديولوجية سياسية عسكرية أجنبية‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫الخاتمة‬

‫ماتجدر اإلشارة إليه كذلك أن السلطة لم تعرف كيف تستغل هذه الطبقة‬
‫خاصة تلك التي ظهرت في حواضر املدن العلمية الكبرى كالجزائر باعتبارها املمثل‬
‫الشرعي للسلطة املركزية ناهيك عن مدن بعض البايلكات كقسنطينة ببايلك‬
‫الشرق و وهران و تلمسان ببايلك الغرب وغيرها من الحواضر األخرى‪ ،‬فإهمال‬
‫السلطة للعلم و رجاله و مؤسساته في هذه الفترة بالذات فتح مجال تفش ي الجهل‬
‫بشتى أصنافه وبروز عدد من األمراض اإلجتماعية التي أدت إلى حدوث تفكك في‬
‫البنى التحتية للمجتمع وبالرغم من املجهودات التي بذلتها النخبة الثقافية إليجاد‬
‫حل للمشاكل اإلجتماعية إال أن غياب السلطة كان له تأثير عميق جدا في تالش ي‬
‫السمعة الدولية والداخلية للجزائر‪.‬‬
‫ما استنتجناه كذلك أن هناك من النخب من برزت في مجاالت متعددة سواء‬
‫كانت نقلية أو عقلية أوحتى في املراكز و املناصب اإلدارية السامية وكان لها وزن‬
‫َ‬
‫إجتماعي وورثت هذه املهن والعلوم ألبنائها وربما هناك من الدراسات من استاءت‬
‫لهذا السلوك لكن هذا النوع من السلوكيات هو ردة فعل ملا أنتجه املحيط من‬
‫تفاعالت املجتمع مع هذه الفئة‪ ،‬وبالتالي فإننا نفند هذه األحكام املسبقة في شأن‬
‫هذه الفئة ألننا نراه سلوك إيجابي ولد ديناميكية حيوية في التميز وإثراء الجانب‬
‫الثقافي في تاريخ الجزائر الحديث‪.‬‬

‫وبالتالي ومن خالل املقاربة املنهجية التي طرحناها في موضوعنا هذا فإن خالصة‬
‫ونتيجة دراستنا تقوم على أنقاض املعطيات التي استنبطناها من ماسبق طرحه من‬
‫مواضيع في مصادر ومراجع ودراسات مختلفة التي تم اإلشارة إليها في القائمة‬
‫البيبليوغرافية‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫الخاتمة‬

‫فمن خالل ماتفحصناه من دراسات رائجة في املعرفة التاريخية في هذه الفترة ‪ ،‬سجلنا‬
‫النتائج املتوصل إليها كاآلتي‪:‬‬

‫‪ ‬في املرحلة األولى (‪)5111-5315‬كانت عالقة النخبة بالسلطة متقاربة من خالل‬


‫صد الهجمات الصليبية وهذا ش يء طبيعي ألن هذه العالقة كانت عالقة روحية‬
‫دينية في مرحلة النشأة‪.‬‬

‫‪)5112-5111( ‬في املرحلة الثانية بنيت على انتهاز فرصة النفوذ الروحي في القاعدة‬
‫الشعبية بهدف تحقيق مكسب مادي وهو جمع الضرائب عن طريق بعض الفئات‬
‫النخبوية‬

‫‪)5381-5112( ‬في املرحلة الثالثة تحولت العالقة بين النخبة الثقافية و السلطة‬
‫حيث تبنت أفكار سياسية ثورية معادية لنظام الحكم ‪.‬‬

‫ومن الحصيف أن نشير على سبيل تسجيل بعض املعطيات العلمية إلى ضبط‬
‫نقاط رئيسية البد من التركيز عليها والتي ستفتح مجال متابعة هذا املوضوع و‬
‫التوسع فيه مستقبال‪:‬‬

‫‪ ‬أن عالقة السلطة باملثقفين كانت تحمل بعدا سياسيا محضا أكثر منه روحي ديني‬
‫أو علمي‪.‬‬
‫‪ ‬يحتاج املوضوع إلى مقاربة منهجية جديدة وآفاق تضع كل من تناوله محل‬
‫وسط واعتدال ويتطلب منا ذلك إمكانيات كبيرة من وسائل وطرائق‪ ،‬األمر‬
‫الذي يجعلنا تركه مفتوحا للتدقيق فيه أكثر مستقبال ‪.‬‬
‫‪ ‬هذه املتغيرات يمكنها أن تفتح مجال الدراسة مستقبال باعتبارها كعنصر متحرك‬
‫من جهة وبين املؤرخين كمحركين لألحداث من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪204‬‬
‫الخاتمة‬

‫فمن خالل ماقدمناه البأس أن نسجل بأن النتائج املتوصل إليها و خالصة‬
‫االستنتاجات التي ذكرناها تمهد إلعادة النظر إلى هذه العالقة بأبعاد علمية‬
‫بحثية واسعة وفق فحص علمي دقيق يخضع للحركية االجتماعية والتغيرات التي‬
‫صادفته في تلك الفترة‪.‬‬

‫الجديد في البحث‬

‫• حاولت الترويج للعمل على حقول بحثية خارج دائرة التاريخ تخضع للحركية‬
‫البحثية الراهنة وهي اللقاء بين علم اإلجتماع و التاريخ وهذا ماجسدناه في بعض‬
‫املباحث ألن الضرورة صارت تدعو إلى تجاوز التاريخ السياس ي واالعتماد في‬
‫اإلسهام التأريخي على نشاطات البشر‪ ،‬و العمل على التقارب بين األنثروبولوجيا‬
‫والتاريخ في خدمة الحقيقة العلمية ‪.‬‬

‫‪205‬‬
‫قائمة املصادرواملراجع‬
‫ثبت المصادر و المراجع‬

‫املصادر‬

‫العربية‬

‫املصادر املخطوطة و األرشيف‬

‫‪ .0‬األرشيف الوطني الجزائري‪ ،‬سجالت املحاكم الشرعية‪ ،‬علبة رقم‪ 07‬مكرر‪،‬‬


‫بئر خادم‪ ،‬الجزائر العاصمة‪.‬‬
‫‪ .2‬مخطوط شرح أرجوزة الحلفاوي في فتح مدينة وهران‪ ،‬رقم‪ ،2120‬وهي في‬
‫حوالي ‪ 62‬بيتا موزعة على ‪ 16‬ورقة‪ ،‬املكتبة الوطنية‪ ،‬الجزائر‬
‫‪ .8‬مخطوط أبي راس الناصري‪ ،‬عجائب األسفار ولطائف األخبار‪ ،‬املكتبة‬
‫الوطنية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬رقم‪ ،0788‬وهو يقع في ‪ 011‬ورقة‪.‬‬
‫‪ .8‬مخطوط العربي املشرفي في نسب أسرة املشارف‪ ،‬زاوية الكرط‪ ،‬غرب‬
‫حاضرة معسكر‬

‫‪ .1‬وثائق تتضمن تعيينات ألشخاص من عائالت مختلفة تخص عائلة‬


‫الكتروس ي‪ ،‬مكتبة جمعية الظهرة‪ ،‬مازونة‬
‫‪ .7‬وثيقة تتضمن ألقاب ‪ 021‬عائلة جزائرية عريقة ذات نفوذ ووزن اجتماعي‬
‫مرموق من أصول عثمانية أغلبهم كراغلة استوطنوا بايلك التيطري‪،‬‬
‫أرشيف التراث الثقافي الجزائري‪ ،‬الجزائر العاصمة‬
‫‪ .6‬ظهائر ملكية تثبت النسب الشريف للشرفاء السباعين‪ ،‬الرابطة‬
‫العاملية للشرفاء السباعيين‪ ،‬اململكة املغربية‬

‫‪206‬‬
‫ثبت المصادر و المراجع‬

‫املصادر املطبوعة‬
‫‪ .3‬أباحامد املشرفي‪ ،‬ياقوتة النسب الوهاجة وفي ضمنها التعريف بسيدي‬
‫محمد بن علي مولى مجاجة‪ ،‬مخطوط باملكتبة الوطنية الجزائرية‪،‬‬
‫رقم‪8827‬‬
‫‪ .1‬ابن الفكون‪ ،‬عبد الكريم‪ ،‬محدد السنان في نحور إخوان الدخان‪ ،‬مخطوط‪،‬‬
‫مكتبة وزارة الشؤون الدينية و األوقاف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الرقم‪.616‬‬
‫‪ .01‬ابن املفتي حسين شاوش‪ ،‬تقييدات ابن املفتي في تاريخ باشوات الجزائر‬
‫وعلمائها‪ ،‬تحقيق األستاذ فارس كعوان‪ ،‬الطبعة ‪ :‬األولى ‪ ،‬بيت الحكمة‪،‬‬
‫الجزائر‪2111 ،‬م‬
‫‪ .00‬ابن عمار أبي العباس سيدي احمد‪ ،‬نحلة الحبيب بأخبار الرحلة إلى‬
‫الحبيب‪ ،‬مطبعة فونتانا‪ ،‬الجزائر‪0112،‬م‬
‫‪ .02‬ابن ميمون محمد‪ ،‬التحفة املرضية في الدولة البكداشية‪ ،‬تحقيق محمد‬
‫بن عبد الكريم‪ ،‬ط‪،2‬الشركة الوطنية للنشرو التوزيع‪،‬الجزائر‪0130،‬‬
‫‪ .08‬ابن هطال التلمساني‪ ،‬رحلة محمد الكبير باي الغرب الجزائري إلى الجنوب‬
‫الصحراوي الجزائري ‪ ،0631‬حررها وقدم لها محمد بن عبد الكريم‪،‬‬
‫املؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بيروت‪2004 ،‬‬
‫‪ .08‬ابن زاكور الفاس ي‪ ،‬نشر أزاهر البستان فيمن أجازني بالجزائر وتطوان من‬
‫فضالء أكابر األعيان‪ ،‬املعرفة الدولية للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪2111،‬‬
‫‪ .01‬ابن زرفة‪ ،‬الرحلة القمرية‪ ،‬تحقيق مختار حساني‪ ،‬مخبر املخطوطات‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪2118،‬‬
‫‪ .07‬البوني‪ ،‬أحمد بن القاسم‪ ،‬الدرة املصونة في صلحاء وعلماء بونة‪ ،‬تحقيق‬
‫سعد بوفالقة‪ ،‬منشورات بونة للبحوث و الدراسات‪ ،‬الجزائر‪. 2116،‬‬

‫‪207‬‬
‫ثبت المصادر و المراجع‬

‫‪ .06‬الترعزيز سامح ‪،‬األتراك ( الكراغلة) العثمانيين في الجزائر شمال إفريقيا‪،‬‬


‫ترجمة محمود علي عامر‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.0131 ،‬‬

‫‪ .03‬التلمساني سعيد بن عبد هللا ‪ ،‬ديوان سعيد املنداس ي‪ ،‬تقديم وتحقيق‬


‫رابح بونار‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬ب‪.‬ط‪.‬‬
‫‪ .01‬التوجيني أبي زيد‪ ،‬عبد الرحمن بن عبد هللا‪ ،‬عقد الجمان النفيس في ذكر‬
‫الخليل‬ ‫ق‪06‬م‪،‬ط‪،0‬دار‬ ‫غريس‬ ‫أشراف‬ ‫من‬ ‫األعيان‬
‫القاسمي‪،‬الجزائر‪2111،‬‬
‫‪ .21‬العدواني محمد بن محمد بن عمر ‪ ،‬كتاب األخبار في القصص على نسب‬
‫بعض األوطان وعارة سوف وأجوبة على مسائل وفوائد شتى‪ ،‬تحقيق‬
‫أبوالقاسم سعد هللا‪ ،‬ط‪ ،0‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪0117،‬‬
‫‪ .20‬الكتاني عبد الحي بن عبد الكبير ‪ ،‬فهرس الفهارس و األثبات ومعجم‬
‫املعاجم و املشيخات و املسلسالت‪ ،‬ج‪ ،0‬ط‪ ،2‬بيروت‪ ،‬لبنان‪0132 ،‬‬
‫‪ .22‬الشيخ الحاج أحمد بن املبارك بن العطار‪ ،‬تاريخ بلد قسنطينة‪ ،‬تحقيق‬
‫عبد هللا حمادي‪ ،‬دار الفائز للطباعة والنشر و التوزيع‪ ،‬قسنطينة‪2100 ،‬‬
‫‪ .28‬املاوردي أبوالحسن‪ ،‬األحكام السلطانية‪،‬ج‪ ،0‬تحقيق أحمد مبارك‬
‫البغدادي‪ ،‬مكتبة دار ابن قتيبة‪ ،‬الكويت‪0131 ،‬‬
‫‪ .28‬املختاري الطيب بن مختار الغريس ي ‪ ،‬كتاب القول األعم في بيان أنساب‬
‫قبائل الحشم ‪،‬مطبعة ابن خلدون‪ ،‬تلمسان‪ ،‬الجزائر‪0120 ،‬‬
‫‪ .21‬املشرفي عبد القادر بن عبد هللا بن محمد الغريس ي‪ ،‬بهجة الناظر في أخبار‬
‫الداخلين تحت والية االسبان بوهران من األعراب كبني عامر‪ ،‬تحقيق‬
‫الدكتور محمد بن عبد الكريم‪ ،‬منشورات دار مكتبة الحياة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫بدون سنة طبع‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫ثبت المصادر و المراجع‬

‫‪ .27‬املصعبي‪ ،‬ابراهيم بن بحمان بن ابي محمد بن عبد هللا ابن عبد العزيز‬
‫الثميني اليسجني‪ ،‬رحلة املصعبي‪ ،‬تحقيق يحي بن بهون الحاج‪ ،‬دار اآلفاق‬
‫العربية‪ ،‬ط‪،0‬القاهرة‪2106،‬‬
‫‪ .26‬املزاري‪ ،‬اآلغا بن عودة‪ ،‬طلوع سعد السعود في أخبار وهران و الجزائر‬
‫وإسبانيا وفرنسا أواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬تحقيق يحي بوعزيز‪ ،‬ط‪ ،0‬دار‬
‫الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪0111 ،‬‬
‫‪ .23‬الناصري‪ ،‬أبي راس‪ ،‬فتح اإلله و منته في التحدث بفضل ربي ونعمته‪،‬‬
‫تحقيق محمد بن عبد الكريم‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪.0137،‬‬
‫‪ .21‬الناصري‪ ،‬أبي راس الجزائري‪ ،‬عجائب األسفار و لطائف األخبار‪ ،‬دراسة و‬
‫تحقيق محمد بوركبة‪ ،‬ج‪،0‬منشورات وزارة الشؤون الدينية و األوقاف‪،‬‬
‫الجزائر‪2100،‬‬
‫‪ .81‬الناصري‪ ،‬أبي راس ‪ ،‬الحلل السندسية في شأن وهران و الجزيرة‬
‫األندلسية‪ ،‬مع الترجمة إلى الفرنسية للجنرال فوربيقي‪ ،‬مطبعة بيير فونتانا‪،‬‬
‫الجزائر‪0118،‬‬
‫‪ .80‬الورثيالني‪ ،‬سيدي حسين بن محمد‪ ،‬نزهة األنظار في فضل علم التاريخ‬
‫واألخبار‪ ،‬الرحلة الورثيالنية‪ ،‬املجلد الثاني‪،‬ط‪ ،0‬مكتبة الثقافة الدينية‪،‬‬
‫القاهرة‪2117 ،‬‬
‫‪ .82‬الراشدي أحمد ابن سحنون ‪ ،‬الثغر الجماني في ابتسام الثغر الوهراني‪،‬‬
‫تحقيق الشيخ املهدي البوعبدلي‪،‬ط‪ ،0‬عالم املعرفة للنشر و التوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪.2108،‬‬

‫‪209‬‬
‫ثبت المصادر و المراجع‬

‫‪ .88‬الزياني محمد بن يوسف‪ ،‬دليل الحيران و أنيس السهران في أخبار مدينة‬


‫وهران‪ ،‬تحقيق الشيخ املهدي البوعبدلي‪ ،‬ط‪ ،0‬املعرفة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪2108 ،‬‬
‫‪ .88‬الزهار أحمد الشريف ‪ ،‬مذكرات الحاج أحمد الشريف الزهار‪ ،‬مراجعة و‬
‫تحقيق أحمد توفيق املدني‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪0168‬‬
‫‪ .81‬الزياني أبو القاسم بن أحمد ‪ ،‬الترجمانة الكبرى في أخبار املعمور برا‬
‫وبحرا‪ ،‬تحقيق عبد الكريم الفياللي‪ ،‬الرباط‪0110،‬‬
‫‪ .87‬بن العنتري‪،‬محمد الصالح‪،‬فريدة منيسة في حالة دخول الترك بلد‬
‫قسنطينة واستيالئهم على أوطانها‪ ،‬تحقيق يحي بوعزيز‪ ،‬دار البصائر للنشر‬
‫و التوزيع‪،‬الجزائر‪.2111،‬‬
‫‪ .86‬بن العنتري‪،‬محمد الصالح ‪ ،‬مجاعات قسنطينة‪ ،‬تحقيق رابح‬
‫بونار‪،‬الشركة الوطنية للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪.0168،‬‬
‫‪ .83‬بن داوود أحمد‪ ،‬العقد الجوهري في التعريف بالقطب الشيخ سيدي عبد‬
‫الرحمن األخضري‪ ،‬تحقيق لحسن بن علجية‪ ،‬ط‪ ،0‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫الجزائر‪2106،‬‬
‫‪ .81‬خوجة‪ ،‬حمدان بن عثمان‪ ،‬املرآة‪ ،‬تحقيق محمد العربي الزبيري‪،‬‬
‫منشورات ‪ ،ANEP‬الجزائر‪2111،‬‬
‫‪ .81‬شالر وليام‪ ،‬مذكرات تعريب وتعليق وتقديم ‪ :‬اسماعيل العربي‬
‫الشركة الوطنية للنشر ‪.‬والتوزيع الجزائر‪1982‬‬
‫‪ .80‬لويس سونك قسطنطين ‪ ،‬الديوان املطرب في أقوال عرب افريقية و‬
‫املغرب‪ ،Maisonneuve ،‬باريس‪0112 ،‬‬

‫‪210‬‬
‫ثبت المصادر و المراجع‬

‫‪ .82‬مخلوف محمد بن محمد بن عمر قاسم ‪ ،‬شجرة النور الزكية في طبقات‬


‫املالكية‪ ،‬تحقيق عبد املجيد خيالي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬لبنان‪2003 ،‬‬

‫‪ .88‬محمد قاض ي‪ ،‬الكنز املكنون في الشعر امللحون‪ ،‬تقديم أحمد أمين دالي‪،‬‬
‫منشورات‬
‫مركز البحث في األنثروبولوجيا اإلجتماعية والثقافية‪ ،‬مطبعة ‪ ،AGP‬وهران‪،‬‬
‫الجزائر‪.2116،‬‬
‫‪ .88‬محمد بن محمود بن محمد بن حسين الجزائري ‪ ،‬السعى املحمود فى‬
‫ترتيب العساكر والجنود‪ ،‬رقم النسخة‪ ، 333481‬عدد األوراق ‪17‬‬
‫ورقة‪ .‬وهو متاح على موقع مخطوطات األزهر الشريف مصر‬
‫‪http://www.alazharonline.org‬‬
‫‪ .81‬مسلم بن عبد القادر الوهراني‪ ،‬أنيس الغريب واملسافر‪ ،‬مقدمة وتعليق‬
‫رابح بونار‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر و التوزيع‪0168 ،‬‬
‫‪ .87‬مؤلف مجهول‪ ،‬مخطوط نبدة سيرة الباي محمد الكبير‪ ،‬باي معسكر‪،‬‬
‫فاتح ثغر وهران‪ ،‬املكتبة الوطنية الفرنسية‪ ،‬رقم‪ 2376602‬ورقة‪ ،‬تم‬
‫جرد عنوان املخطوط باللغة الفرنسية كاآلتي‪:‬‬
‫‪Abrégé de l''histoire du bey Mohammad al-Akhal‬‬
‫‪ et de la conquête d'Oran sur les Espagnols‬وقد‬
‫تضمن أعمال الباي محمد الكبير في جميع املجاالت الثقافية و السياسية‬
‫والعسكرية‬

‫املراجع باللغة العربية‬

‫الكتب‬

‫‪211‬‬
‫ثبت المصادر و المراجع‬

‫‪ .86‬التميمي عبد الجليل ‪ ،‬بحوث ووثائق في التاريخ املغربي ‪ ،‬الجزائر‬


‫وتونس وليبيا ‪ ،0360-0307 :‬الطبعة الثانية ‪ ،‬منشورات مركز‬
‫الدراسات والبحوث عن الواليات العربية في العهد العثماني ‪ ،‬زغوان ‪،‬‬
‫تونس‪1985،‬‬
‫‪ .83‬العسلي بسام ‪ ،‬الجزائر و الحمالت الصليبية سلسلة جهاد شعب الجزائر‪،‬‬
‫ط‪ ،8‬دار النفائس‪ ،‬الجزائر‪0137،‬‬
‫‪ .81‬القاسمي عبد املنعم حسني‪ ،‬أعالم التصوف في الجزائر‪ ،‬ط‪ ،0‬دار الخليل‬
‫القاسمي للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪2117 ،‬‬
‫‪ .11‬املدني أحمد توفيق ‪ ،‬كتاب الجزائر‪ ،‬املطبعة العربية‪ ،‬الجزائر‪0180 ،‬‬
‫‪ .10‬بعلي حفناوي‪ ،‬الرحالت الحجازية املغاربية‪ ،‬دار اليازوري العلمية للنشر‬
‫والتوزيع‪،‬الجزائر‪2107،‬‬
‫‪ .12‬بوعزيز يحي ‪،‬املوجز في تاريخ الجزائر‪،‬ج‪ ،2‬ريحانة للنشر و التوزيع‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬الجزائر‪2112 ،‬‬
‫‪ .18‬بوعزيز يحي‪ ،‬أعالم الفكر و الثقافة في الجزائر املحروسة‪ ،‬ط‪ ،0‬دار‬
‫الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪0111 ،‬‬
‫‪ .18‬بوعزيز يحي ‪ ،‬مدينة وهران عبر التاريخ‪،‬ط‪ ،2‬دار الغرب للنشر و التوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪2112،‬‬
‫‪ .11‬حلوش عبد القادر‪ ،‬سياسة فرنسا التعليمية في الجزائر‪،‬الطبعة‬
‫األولى‪،‬شركة دار األمة‪ ،‬الجزائر‪0111،‬‬
‫‪ .17‬حنيفي هاليلي‪ ،‬املوريسكيون األندلسيون في الجزائر خالل القرنين ‪07‬‬
‫و‪06‬م‪ ،‬منشورات مخبر البحوث والدراسات اإلستشراقية في حضارة‬
‫املغرب اإلسالمي‪ ،‬جامعـة الجياللي ليابس سيدي بلعباس‪ -‬الجـزائـر‪2108،‬‬

‫‪212‬‬
‫ثبت المصادر و المراجع‬

‫‪ .16‬جالل محمد نعمان‪ ،‬االستراتيجية والدبلوماسية والبروتوكول بين اإلسالم‬


‫واملجتمع الحديث‪ ،‬ط‪ ،0‬املؤسسة العربية للدراسات و النشر‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪2118‬‬
‫‪ .13‬جغلول عبد القادر‪ ،‬تاريخ الجزائر الحديث‪ ،‬ط‪ ،8‬دار الحداثة للطباعة و‬
‫النشر و التوزيع‪ ،‬بيروت‪0138 ،‬‬
‫الثقافي‪-0103‬‬ ‫الجزائر‬ ‫تاريخ‬ ‫أبوالقاسم‪،‬‬ ‫هللا‬ ‫‪ .11‬سعد‬
‫‪،0381‬ج‪،2‬ط‪،0‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪0113 ،‬‬
‫‪ .71‬سعد هللا أبو القاسم‪،‬أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر‪،‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪2118-0117-0118 ،‬‬
‫‪ .70‬سعد هللا أبو القاسم ‪ ،‬دراسات في األدب الجزائري الحديث‪ ,‬دار‬
‫اآلداب‪ ،‬بيروت‪.0177 ،‬‬
‫‪ .72‬سعد هللا أبو القاسم‪ ،‬رائد التجديد اإلسالمي محمد بن العنابي‬
‫‪ ،0311‬ط‪ ،2‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪0111،‬‬
‫‪ .78‬سعد هللا أبو القاسم‪ ،‬الحركة الوطنية الجزائرية‪،0181-0111‬‬
‫ج‪،2‬الشركة الوطنية للنشر و التوزيع‪،‬الجزائر‪0138،‬‬
‫‪ .78‬سعد هللا أبو القاسم ‪ ،‬شيخ اإلسالم عبد الكريم الفكون داعية‬
‫السلفية‪ ،‬لطبعة ‪ :‬الثانية ‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪1986 ،‬م‬
‫‪ .71‬سعيدوني ناصر الدين ‪ ،‬دراسات وأبحاث في تاريخ الجزائر‪ ،‬ج‪،2‬‬
‫املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪0133 ،‬‬
‫‪ .77‬سعيدوني ناصر الدين ‪ ،‬النظام املالي للجزائر في أواخر العهد‬
‫العثماني‪ ،0381-0612‬ط‪ ،2‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪0131 ،‬‬

‫‪213‬‬
‫ثبت المصادر و المراجع‬

‫‪ .76‬سعيدوني ناصر الدين ‪ ،‬ورقات جزائرية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار البصائر‪،‬‬


‫الجزائر‪2111،‬‬
‫‪ .73‬سعيدوني ناصر الدين‪ ،‬الجزائر في التاريخ‪ ،‬املؤسسة الوطنية‬
‫للكتاب‪،‬الجزائر‪0138،‬‬
‫‪ .71‬سعيدوني ناصر الدين‪ ،‬رحلة العالم األملاني ج‪.‬أو هابنسترايت إلى‬
‫الجزائر وتونس وطرابلس ‪0081‬هـ ‪0682 /‬م‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي –‬
‫تونس‪2116 ،‬‬
‫‪ .61‬سعيدوني ناصر الدين‪ ،‬تاريخ الوقف ودوره االجتماعي واالقتصادي‪،‬‬
‫دورة إدارة األوقاف اإلسـالمية بـالجزائر‪ ،‬الجزائـر‪0111،‬‬
‫‪ .60‬شوقي ضيف‪ ،‬تاريخ األدب العربي‪ ،‬ط‪ ،0‬دار املعارف‪،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪0111‬‬
‫‪ .62‬مبارك بن محمد امليلي‪ ،‬تاريخ الجزائر في القديم و الحديث‪ ،‬ج‪،8‬‬
‫مكتبة النهضة الجزائرية‪ ،‬الجزائر‪0178 ،‬‬
‫‪ .68‬مكحلي محمد‪ ،‬ثورات رجال الزوايا والطرقية في الجزائر خالل العهد‬
‫العثماني ‪ ،0323-0616‬دار اآلفاق للنشر و التوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪2108،‬‬
‫‪ .68‬عباد صالح‪ ،‬الجزائر خالل الحكم التركي‪ ،‬دار املنهل‬
‫للنشر‪،‬الجزائر‪2102،‬‬
‫‪ .61‬فركوس صالح‪ ،‬الحاج أحمد باي قسنطينة‪ ،0311-0327،‬ديوان‬
‫املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪2116 ،‬‬
‫‪ .67‬زوزو عبد الحميد ‪ -‬نصوص ووثائق في تاريخ الجزائر املعاصر‪ ،‬موفم‬
‫للنشر‪ ،‬الجزائر‪2101 ،‬‬

‫‪214‬‬
‫ثبت المصادر و المراجع‬

‫املجالت‬
‫‪ .66‬أرزقي شويتام‪ ،‬دور الكراغلة في الجزائر أثناء الفترة العثمانية‪-0101‬‬
‫‪ ،0381‬مجلة أفكار و آفاق‪ ،‬املجلد ‪ 8‬العدد‪ ،8‬جامعة الجزائر‪2680‬‬
‫ديسمبر‪2108‬‬
‫‪ .63‬أيت حبوش حميد‪ ،‬الكراغلة و درورهم السياس ي في الجزائر خالل العهد‬
‫العثماني‪ ،‬مجلة الحوار املتوسطي‪ ،‬املجلد‪ 8‬العدد‪ ،0‬جامعة سيدي‬
‫بلعباس‪ ،‬مارس ‪2108‬‬
‫‪ .61‬آيت حبوش حميد‪ ،‬واقع التعليم في الجزائر أواخر العهد العثماني‪ ،‬مجلة‬
‫حوليات التاريخ و الجغرافيا‪ ،‬مجلد‪ 8‬رقم‪ 80 ،6‬ديسمبر ‪،2108‬الجزاىر‬
‫العاصمة‪،‬‬
‫‪ .31‬الجياللي سلطاني‪ ،‬قراءة في أرجوزة الحلفاوي في فتح وهران من خالل‬
‫مخطوط شرح الجامعي لألرجوزة‪ ،‬املجلة الجزائرية للمخطوطات‪ ،‬املجلد ‪2‬‬
‫العدد ‪ ،8‬جامعة وهران‪ ،‬جوان‪.2101‬‬

‫‪ .30‬الخداري محمد ‪ ،‬بالد املغارب تحت الحكم العثماني‪ :‬نموذج الجزائر في‬
‫عهد الدايات (‪ ،)0381 – 0760‬دورية كان التاريخية (علمية‪ ،‬عاملية‪،‬‬
‫َّ‬
‫ُمحكمة)‪ -‬العدد الثاني والعشرون‪ ،‬ديسمبر ‪.2108‬‬
‫‪ .32‬العبيدي صباح نوري هادي ‪ ،‬يالة الجزائر العثمانية ‪:‬بين موارد البحر‬
‫والضرائب‪ ،‬مجلة امللوية للدراسات األثرية والتاريخية‪ ،‬املجلد ‪، 8‬العدد‬
‫‪،01‬السنة الرابعة‪،‬جامعة سامراء‪.2106،‬‬
‫‪ .38‬الغالي غربي ‪ ،‬ثورة ابن الشريف الدرقاوي ضد األتراك في القرن التاسع‬
‫عشر ‪ ،‬مجلة دراسات تاريخية ‪ ،‬العدد ‪ ، 28-28‬السنة ‪ ،6‬جامعة دمشق‪،‬‬
‫‪0137-0131‬م‬

‫‪215‬‬
‫ثبت المصادر و المراجع‬

‫‪ .38‬بن قايد عمر‪ ،‬أضواء على عالقات الجزائر مع املغرب األقص ى خالل القرن‬
‫‪06‬م‪ ،‬مجلة الواحات و الدراسات‪ ،‬العدد‪ ،06‬جامعة غرداية‪،‬‬
‫الجزائر‪2102،‬‬
‫‪ .31‬بلبروات عتو‪ ،‬املهاجرون و املهجرون إلى الجزائر العثمانية بين اإلنعزال و‬
‫اإلندماج اإلجتماعي‪ ،‬مجلة املواقف‪ ،‬املجلد ‪ 8‬العدد ‪ ،0‬جامعة معسكر‪،‬‬
‫‪ 80‬ديسمبر‪.2111‬‬
‫‪ .37‬بلقاسم صديقي‪ ،‬هجرة األندلسيين إلى بالد املغارب أواخر القرن‪ 01‬إلى‬
‫بدايات القرن ‪ 06‬الدوافع و املراحل‪ ،‬املجلة املغاربية للمخطوطات‪ ،‬املجلد‬
‫‪ 8‬العدد‪ ،0‬جامعة الجزائر‪ 01 ،2‬سبتمبر ‪2101‬‬

‫‪ .36‬بشار سعيد ‪ ،‬في مفهوم النخبة ودور الوسيط أو املصادر الثقافي‪،‬مجلة‬


‫فكر و نقد‪،‬العدد‪،26‬مارس‪ ،‬الدار البيضاء‪2111 ،‬‬
‫‪ .33‬بن العيفاوي علي‪ ،‬البعد الروحي في فتح مدينة وهران سنة ‪،0612‬‬
‫مجلة الناصرية‪ ،‬املجلد‪ 7‬العدد‪ ،0‬جامعة معسكر‪2101-2108،‬‬
‫‪ .31‬بن حبيبة إيمان‪ ،‬ملحة عن النظام القضائي في الجزائر أثناء الفترة‬
‫العثمانية‪ ،‬مجلة القانون الدولي و التنمية‪ ،‬املجلد‪ 7‬العدد‪ ،0‬جامعة ابن‬
‫باديس مستغانم‪،‬‬
‫‪ .11‬بن قويدر سامية ‪ ،‬ملحة عن ديار فحص مدينة الجزائر في العهد العثماني‪،‬‬
‫مجلة املفكر‪ ،‬املجلد‪ 0‬العدد‪ ،0‬جامعة الجزائر‪ 21 ،2‬ماي‪.2106‬‬

‫‪ .10‬بودريعة ياسين ‪ ،‬املعتقدات في كرامات األولياء بمدينة الجزائر في العهد‬


‫العثماني‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬العدد ‪ ،81‬كلية العلوم اإلنسانية و‬
‫االجتماعية‪ ،‬جامعة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪2108،‬‬

‫‪216‬‬
‫ثبت المصادر و المراجع‬

‫‪ .12‬بوشيبة دهيبة‪ ،‬العلم و العلماء في الجزائر خالل العهد العثماني‪ ،‬مجلة‬


‫الحوار املتوسطي‪ ،‬املجلد ‪ 8‬العدد ‪ ، 0‬جامعة سيدي بلعباس‪ 01 ،‬مارس‬
‫‪2102‬‬
‫‪ .18‬محمد بوشنافي‪ ،‬دور السلطة القضائية في تنظيم و استغالل األوقاف‬
‫بمدينة الجزائر أثناء العهد العثماني من خالل وثائق املحاكم الشرعية‪،‬‬
‫مجلة املواقف‪ ،‬املجلد‪ ،02‬العدد‪ ،0‬جامعة معسكر‪81 ،‬جوان‪.2106‬‬
‫‪ .18‬بوكعبر تقي الدين‪ ،‬الفقه و القضاء املالكي في الجزائر خالل العهد‬
‫العثماني قراءة في مخطوطة للشيخ أبي راس الناصر املعسكري‪ ،‬مجلة‬
‫املعارف للبحوث و الدراسات التاريخية‪ ،‬املجلد‪ 2‬العدد‪ ،2‬جامعة الوادي‪،‬‬
‫‪ 21‬ماي‪2107‬‬

‫‪ .11‬حمداني هجيرة‪ ،‬نظرة حول تاريخ األوقاف في الجزائر‪ ،‬مجلة كلية التربية‬
‫األساسية للعلوم التربوية و اإلنسانية‪ ،‬العدد‪ ،82‬جامعة بابل‪2106،‬‬
‫‪ .17‬حنيفي هاليلي‪ ،‬الحضور األندلس ي بالجزائر في العهد العثماني على ضوء‬
‫سجالت املحاكم الشرعية‪ ،‬املجلة التاريخية العربية للدراسات العثمانية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،21‬مؤسسة التميمي للبحث العلمي‪ ،‬تونس‪2112،‬‬
‫‪ .16‬حنيفي هاليلي‪ ،‬الثورات الشعبية في الجزائر أواخر العهد العثماني كرد‬
‫فعل على سياسة التهميش‪ ،‬مجلة جامعة األمير عبد القادرللعلوم اإلسالمية‪،‬‬
‫العدد‪ ،21‬أفريل‪ ،‬الجزائر‪2117 ،‬‬
‫‪ .13‬خلوت حليمة‪ ،‬مفهوم السلطة السياسية في املجتمعات القديمة و‬
‫الحديثة‪ ،‬مجلة الناصرية‪ ،‬املجلد‪ ،3‬العدد‪ ،0‬جامعة معسكر‪2106 ،‬‬
‫‪ .11‬خنفار الحبيب‪ ،‬دور العامل االجتماعي في الحركة العلمية لعلماء الجزائر‬
‫خالل العهد العثماني‪ ،‬مجلة الخلدونية‪،‬العدد السابع‪ ،‬كلية العلوم‬

‫‪217‬‬
‫ثبت المصادر و المراجع‬

‫االجتماعية و اإلنسانية ‪ ،‬جامعة ابن خلدون‪ ،‬تيارت‪ ،‬الجزائر‪،‬‬


‫ديسمبر‪2108‬‬
‫لبصير سعاد‪ ،‬الرحلة الحجازية في العهد العثماني مصدر أساس ي‬ ‫‪.011‬‬
‫للكشف عن الحدث التاريخي اإلجتماعي‪ ،‬مجلة التراث‪ ،‬املجلد‪ ،3‬العدد‪،0‬‬
‫جامعة الجلفة‪2103 ،‬‬
‫دوبالي خديجة‪ ،‬إسهامات الكراغلة في بناء الجزائر العثمانية‪،‬‬ ‫‪.010‬‬
‫مجلة الخلدونية للعلوم اإلنسانية و اإلجتماعية‪ ،‬املجلد‪ 01‬العدد‪،0‬‬
‫جامعة تيارت‪ 10 ،‬جوان‪2106‬‬
‫دوبالي خديجة‪ ،‬العالقات اإلجتماعية بين الرعية و السلطة في‬ ‫‪.012‬‬
‫بايلك التيطري أواخر العهد العثماني من خالل الوثائق‪ ،‬مجلة الحوار‬
‫املتوسطي‪ ،‬املجلد‪ 8‬العدد‪ ،0‬جامعة سيدي بلعباس‪ 01 ،‬مارس‪2102‬‬

‫صادق قادة‪ ،‬الذاكرة املكتوبة والتاريخ ‪ :‬أضواء جديدة حول‬ ‫‪.018‬‬


‫شخصية مسلم بن عبد القادر الوهراني أديب ومؤرخ بايات وهران (القرن‬
‫‪08‬هـ‪01/‬م)‪ ،‬مجلة إنسانيات‪ ،‬العدد‪،18‬املركز الوطني للبحث في‬
‫األنثروبولوجية اإلجتماعية و الثقافية‪ ،‬الجزائر‪.0113،‬‬
‫ّ‬
‫طـراد طـارق و علـة مـراد‪ ،‬مبررات االهتمام باألمالك الوقفية في‬ ‫‪.018‬‬
‫الجزائر‪ -‬من االحتالل إلى االستقالل ‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية و اإلجتماعية‪،‬‬
‫جامعة املسيلة‪ ،‬العدد‪ ،26‬ديسمبر‪2107‬‬
‫طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬جوانب من اإلنتاج اإلسطوغرافي الجزائري‬ ‫‪.011‬‬
‫حول بالد املغارب في العهد العثماني‪ ،‬مجلة عصور‪ ،‬املجلد‪ ،06‬العدد‪،0‬‬
‫جامعة وهران‪ 20 ،0‬سبتمبر‪2103‬‬

‫‪218‬‬
‫ثبت المصادر و المراجع‬

‫طـ ــوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬ظاهرة التدخين في الكتابة التاريخية في‬ ‫‪.017‬‬
‫العهد العثماني‪ ،‬مجلة الراصد العلمي‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬جامعة وهران‪،0‬‬
‫ماي‪2103‬‬
‫طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬مقاربات نظرية في مفهوم النخب الثقافية‬ ‫‪.016‬‬
‫و السلطة بإيالة الجزائر العثمانية في فترة الدايات‪ ،‬مجلة القرطاس‪ ،‬العدد‬
‫التاسع‪ ،‬جويلية ‪،2103‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،‬الجزائر‬
‫طوبال فاطمة الزهراء‪ ،‬التمثالت السياسية للنخب الثقافية و‬ ‫‪.013‬‬
‫السلطة بالجزائر في عهد الدايات ‪ ،0381-0760‬مجلة املواقف‪،‬‬
‫املجلد‪ ،08‬العدد‪ ،2‬جامعة معسكر‪ ،‬جوان ‪2101‬‬

‫غطاس عائشة ‪ ،‬من أجل إعادة النظر في البنية الديموغرافية‬ ‫‪.011‬‬


‫ملجتمع مدينة الجزائر‪ .‬معطيات مستقاة من الوثائق املحلية‪،‬‬
‫مجلة ‪ Insaniyat /‬إنسانيات‪ ،‬العدد ‪ ،19-20‬مركز البحث في‬
‫األنثرويواوجيا اإلجتماعية و الثقافية‪ ،‬وهران‪2118 ،‬‬
‫لزغم فوزية‪ ،‬التعريف بوثائق عائلة الكتروس ي املازونية‪ ،‬املجلة‬ ‫‪.001‬‬
‫الجزائرية للمخطوطات‪ ،‬العدد العاشر‪ ،‬مخبر مخطوطات الحضارة‬
‫اإلسالمية لشمال إفريقيا‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬الجزائر‪.2108 ،‬‬
‫لعباس ي محمد‪ ،‬تعيينات آل الكتروس ي في املناصب الدينية بمازونة‬ ‫‪.000‬‬
‫على العهد العثماني‪ ،‬املجلة الجزائرية للمخطوطات‪ ،‬املجلد ‪ 08‬العدد ‪،0‬‬
‫مخبر مخطوطات الحضارة اإلسالمية لشمال إفريقيا‪ ،‬جامعة وهران‪،‬‬
‫الجزائر‪.2103 ،‬‬

‫‪219‬‬
‫ثبت المصادر و المراجع‬

‫مبارك زكي‪ ،‬الجهاد البحري في الغرب اإلسالمي املفهوم اإلسالمي‬ ‫‪.002‬‬


‫واملفهوم املسيحي‪ ،‬مجلة البحث العلمي ‪ ،‬السنة اإلحدى والثالثون‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،81‬جامعة محمد الخامسن الرباط‪ ،‬املغرب‪، 0113 ،‬ص ‪28‬‬

‫مسدور فارس و صحراوي كمال‪ ،‬األوقاف الجزائرية‪ :‬نظرة في‬ ‫‪.008‬‬


‫املاض ي و الحاضر‪ ،‬مجلة أوقاف‪ ،‬العدد‪ ،01‬نوفمبر‪ ،‬الكويت‪2113 ،‬‬
‫مسعود بن ساري ومشري بن خليفة‪ ،‬صورة السلطان العثماني في‬ ‫‪.008‬‬
‫األدب الجزائري القديم ‪،‬مجلة األثر‪ ،‬العدد‪ ،22‬جامعة ورقلة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪2101‬‬
‫مسعودي مباركة‪ ،‬صورة العثماني في الشعر الجزائري القديم‪،‬‬ ‫‪.001‬‬
‫مجلة تاريخ العلوم‪ ،‬املجلد ‪ 11‬العدد ‪ ،2‬جامعة زيان عاشور الجلفة‪01 ،‬‬
‫جانفي ‪2101‬‬
‫نفطي وافية‪ ،‬مسألة علوم الطب عند علماء الجزائر خالل العهد‬ ‫‪.007‬‬
‫العثماني‪ ،‬مجلة آفاق فكرية‪ ،‬املجلد‪ 1‬العدد‪ ،0‬جامعة سيدي بلعباس‪،‬‬
‫‪ 23‬ماي‪2101‬‬

‫األطروحات و الرسائل األكاديمية‬


‫بن عمار مصطفى ‪ ،‬الصراع على السلطة في الجزائر في عهد‬ ‫‪.006‬‬
‫الدايات‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في التاريخ الحديث‪ ،‬إشراف‬
‫فلة القشاعي موساوي‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية و اإلجتماعية‪ ،‬قسم التاريخ‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪ ،2‬السنة الجامعية ‪2101-2111‬‬
‫بكاري عبد القادر‪ ،‬اإلسهامات الثقافية والكتابات التاريخية‬ ‫‪.003‬‬
‫لعلماء الجزائر العثمانية‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في التاريخ‬
‫الحديث و املعاصر‪ ،‬تحت إشراف‪ :‬دحو فغرور‪ ،‬قسم التاريخ وعلم اآلثار‪،‬‬

‫‪220‬‬
‫ثبت المصادر و المراجع‬

‫كلية العلوم اإلنسانية و الحضارة اإلسالمية‪ ،‬جامعة وهران‪،‬السنة‬


‫الجامعية ‪2101-2108‬‬
‫بوحجرة عثمان‪ ،‬الطب و املجتمع في الجزائر خالل العهد‬ ‫‪.001‬‬
‫العثماني‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في التاريخ الحديث‪ ،‬إشراف‬
‫دادة محمد‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية و العلوم اإلسالمية‪ ،‬جامعة وهران‪،0‬‬
‫السنة الجامعية ‪2101-2108‬‬
‫بوجالل قدور‪ ،‬مظاهر التقارب والقطيعة بين العلماء والسلطة‬ ‫‪.021‬‬
‫العثمانية في بايلك الغرب فترة الدايات‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة‬
‫الدكتوراه في التاريخ الحديث‪ ،‬إشراف دحو فغرور‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية‬
‫والحضارة اإلسالمية‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬السنة الجامعية ‪2106-2107‬‬
‫بوخلوة حسين ‪ ،‬عبد الكريم الفكون القسنطيني‪ ،‬بحث مقدم‬ ‫‪.020‬‬
‫لنيل شهادة املاجستير في تاريخ الحضارة اإلسالمية‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية و‬
‫الحضارة اإلسالمية ‪،‬جامعة وهران‪2111/2113 ،‬‬
‫بوغدادة أمير‪ ،‬املؤسسات في الجزائر أواخر العهد‬ ‫‪.022‬‬
‫العثماني( القضاء نموذجا)‪ ،‬مدكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في تاريخ‬
‫الجزائر خالل العهد العثماني‪ ،‬إشراف احميدة عميراوي‪ ،‬كلية اآلداب و‬
‫العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة األمير عبد القادر للعلوم اإلسالمية‪ ،‬قسنطينة‪،‬‬
‫‪2113-2116‬‬

‫حسيني الطاهر ‪ ،‬الرحلة الجزائرية في العهد العثماني‪،‬أطروحة‬ ‫‪.028‬‬


‫مقدمة لنيل درجة دكتوراه في األدب العربي‪ ،‬إشراف العيد جلولي‪ ،‬كلية‬
‫اآلداب و اللغات‪ ،‬قسم اللغة و األدب العربي‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪2108/2108‬‬

‫‪221‬‬
‫ثبت المصادر و المراجع‬

‫حضري فضيل ‪ ،‬تشكل النخبة الدينية في الجزائر‪ ،‬رسالة تخرج‬ ‫‪.028‬‬


‫لنيل شهادة الدكتوراه في علم اإلجتماع‪ ،‬إشراف مزوار بلخضر‪ ،‬قسم‬
‫العلوم اإلجتماعية‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية و العلوم اإلجتماعية‪،‬جامعة أبو‬
‫بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،‬السنة الجامعية ‪2108-2102‬‬
‫حصام صورية‪ ،‬العالقات بين إيالتي الجزائر وتونس خالل القرن‬ ‫‪.021‬‬
‫الثامن عشر ‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في التاريخ الحديث و‬
‫املعاصر‪ ،‬تحت إشراف عبد املجيد بن نعمية‪ ،‬قسم التاريخ‪ ،‬كلية العلوم‬
‫اإلنسانية و الحضارة اإلسالمية‪ ،‬جامعة وهران‪2108/2102 ،‬‬
‫خالد بوهند‪ ،‬النخب الجزائرية‪،0182-0312‬أطروحة لنيل‬ ‫‪.027‬‬
‫شهادة الدكتوراه في التاريخ الحديث و املعاصر‪ ،‬الكلية‪ :‬اآلداب والعلوم‬
‫االنسانية‪ ،‬جامعة‪ :‬جياللي ليابس‪ -‬سيدي بلعباس‪ ،‬املشرف‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬محمد‬
‫مجاود‪2012،‬‬
‫صغيري سفيان‪ :‬العالقات الجزائرية العثمانية خالل عهد الدايات‬ ‫‪.026‬‬
‫في الجزائر ‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في التاريخ الحديث و‬
‫املعاصر‪ ،‬تحت إشراف حسينة حماميد‪ ،‬قسم التاريخ‪ ،‬كلية العلوم‬
‫اإلنسانية واالجتماعية والعلوم اإلسالمية‪ ،‬جامعة باتنة‪2102/2100 ،‬‬
‫غطاس عائشة ‪ ،‬الحرف و الحرفيون بمدينة الجزائر من‪-0611‬‬ ‫‪.023‬‬
‫‪ ،0381‬أطروحة لنيل شهادة دكتوراه دولة في التاريخ الحديث‪ ،‬ج‪،0‬‬
‫إشراف موالي بلحميس ي‪ ،‬قسم التاريخ‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪2110 -2111‬‬
‫كليل صالح‪ ،‬سياسة خير الدين في مواجهة املشروع اإلسباني‬ ‫‪.021‬‬
‫الحتالل املغرب األوسط‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في التاريخ‬

‫‪222‬‬
‫ثبت المصادر و المراجع‬

‫الحديث و املعاصر‪ ،‬تحت إشراف علي أجقو‪ ،‬قسم التاريخ‪ ،‬كلية العلوم‬
‫اإلنسانية واالجتماعية والعلوم اإلسالمية‪ ،‬جامعة باتنة‪2116/2117 ،‬‬
‫لزغم فوزية‪ ،‬البيوتات واألسر العلمية بالجزائر خالل العهد‬ ‫‪.081‬‬
‫العثماني‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ و الحضارة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬إشراف محمد بن معمر‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية والحضارة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬السنة الجامعية ‪2108-2108‬‬
‫موساوي القشاعي فلة‪ ،‬الصحة والسكان في الجزائر أثناء العهد‬ ‫‪.080‬‬
‫العثماني وأوائل اإلحتالل الفرنس ي‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه‬
‫في التاريخ الحديث‪ ،‬إشراف ناصر الدين سعيدوني‪ ،‬كلية العلوم اإلجتماعية‬
‫‪ -‬قسم التاريخ‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية ‪2108-2108‬‬
‫املوسوعات‬
‫ابن منظور اإلفريقي املصري‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬املجلد األول‪ ،‬دار‬ ‫‪.082‬‬
‫صادر‪ ،‬بيروت‪0111 ،‬‬
‫بلغيث محمد األمين و خدوس ي رابح وآخرين‪ ،‬موسوعة العلماء‬ ‫‪.088‬‬
‫واألدباء الجزائريين‪ ،‬الجزء األول ‪ ،‬منشورات الحضارة‪،‬الجزائر‪2108 ،‬‬
‫بن نور عائشة ‪ ،‬فضيلة بن سهادة وآخرون‪ ،‬موسوعة العلماء و‬ ‫‪.088‬‬
‫األدباء الجزائريين‪ ،‬إشراف رابح خدوس ي‪ ،‬منشورات الحضارة‪2108،‬‬
‫نويهض عادل ‪ ،‬معجم أعالم الجزائر‪ ،‬مؤسسة نويهض الثقافية‪،‬‬ ‫‪.081‬‬
‫بيروت‪0131،‬‬
‫امللتقيات و املحاضرات و املداخالت املنشورة‬
‫احسان عبدالهادي النائب‪ ،‬مفهوم السلطة وشرعيتها ‪:‬‬ ‫‪.087‬‬
‫‪The First International‬‬ ‫اشكالية املعنى والداللة‪،‬‬

‫‪223‬‬
‫ثبت المصادر و المراجع‬

‫‪People Satisfaction is ،Scientific Conference‬‬


‫‪ a Source of the Legitimacy of Goverments‬قسم‬
‫العلوم السياسية ‪ /‬كلية القانون و السياسية ‪ /‬جامعة السايمانية‪،‬‬
‫ماي‪.2106،‬‬

‫املواقع اإللكترونية األكاديمية‬


‫عبيد مصطفى‪ ،‬القضاء بالجزائر خالل العهد العثماني‪ ،‬الدراسة‬ ‫‪.086‬‬
‫متاحة على املوقع اإللكتروني‪https://www.academia.edu :‬‬
‫حيث تم دخول املوقع بتاريخ ‪ 2103/11/12‬على الساعة ‪07.81‬سا‬
‫‪https://tribusalgeriennes.wordpress.com‬‬ ‫‪.083‬‬
‫مخطط يبين نسب قبيلة بني عامر متاح على املوقع‪ ،‬حيث تم دخول املوقع‬
‫بتاريخ ‪ 2103/11/12‬على الساعة ‪06.88‬سا‬
‫خريطة تبين تموقع قبائل أوالد سيدي الشيخ بالجزائر العثمانية‬
‫‪https://tribusalgeriennes.wordpress.com‬‬ ‫‪.081‬‬
‫حيث تم دخول املوقع بتاريخ ‪ 2103/11/12‬على الساعة ‪06.88‬سا‬

‫‪Sources originales en langues étrangères‬‬


‫‪1- Archives de la wilaya d’Oran‬‬
‫‪Législation‬‬
‫‪132‬‬ ‫‪Dossier n°4064: Écoles coraniques‬‬
‫‪Archives Français‬‬
‫‪133- Archives d’outre-mer d’aix en-provence‬‬
‫‪(A.O.M) Restriction sur les poèmes du poète‬‬

‫‪224‬‬
‫ثبت المصادر و المراجع‬

populaire Ben Gannoun Habib, archives à


l'étranger, France
134- Archives d’outre-mer d’aix en-provence
(A.O.M) serie H229
«Notice sur le Shérif Sidi Mohamed ben Ali el
Senoussi»

Recueils
135- Bulletin de la société Historique Algériénne,
Revue Africaine,Articles N° 227, 1897 par
Aumerat, La propriété urbaine à Alger.
136- Nouvelles annales des voyages, de la
géographie et de l’histoire : ou recueil des
relations original, Tome second, Ed librairie de
Gide fils, paris, 1830.
137- Bulletin de la littérature Etrangère, Nouvelle
publication en Angleterre, Octobre 1832
138- Delphin.G, Journal asiatique : ou recueil de
mémoires, d'extraits et de notices relatifs à
l'histoire, à la philosophie, aux sciences, à la
littérature et aux langues des peuples orientaux,
publié par la Société asiatique, Earnest le roux,
série N°11,Tome04,1914.
139- Devoulx Albert, les édifices religieux de l’ancien
Alger, extrait de la revue Africaine, N°10,
Typographie pastide, Alger,1870.

225
‫ثبت المصادر و المراجع‬

140- Devoulx Albert, Tachrifat, Recueil de notes


Historiques sur L’administration de L’ancienne
Regence D’alger, conservateur de archives
arabes des domaines imprimerie Du
gouvernement, Alger, 1852.
141- recueil sur Alger au XVIIIe siècle, ed
E.Fagnan, 1898,france,p.186.
142- Notice historique sur les arabes soumis aux
espagnoles pendant leuroccupation d’Oran,
traduit par Marcel Bodin,revue Africaine,2éme
trimestre,N°319,1924.

Ouvrages
143- Alphonse Rousseau, chronique de la
régence d’alger, traduite par manuscrit arabe
intitulé El Zohrat-El-Nayerat- imprimerie du
gouvernement, alger,1841.
144- De Gonzalez Joachim, Essai chronologique
sur les Musulmans célébres de la ville d’Alger,
France, e.Box Edition, 1886.
145- De Grammont Henri, histoire d’Algérie sous
la domination Turque (1515-1830), E.Leroux,
Paris,1887.
146- Dubois-thanville, mémoire sur Alger 1809,
ed G.Esquer, paris, 1929.
147- Dr Gemy, É tude sur la prophylaxie de la
variole, ed Adolphe Jourdan, Alger,1879.

226
‫ثبت المصادر و المراجع‬

148- G. Faure-Biguet, Histoire de l’Afrique


septentrionale sous la domination Musulmane,
ed Henri Charles-lavauzelles, paris, 1905.
149- Jean-Michel Venture De Paradis, Alger
Au Xviiie Siecle, edite par E. Fagnan, Hachette
Livre – Bnf, 1898
150- Jean-Louis Marie Poiret, Voyage en
Barbarie 1785-1786, volumes 2, édité chez J.B.F.
Née de la Rochelle, Paris, 1989.
151- Marcel Emerit, Les Aventures de Thédenat,
esclave et ministre d'un bey d'Afrique, XVIIIe
siècle ,société historique algérienne,1948,
France.

152- Rinn Louis, les Marabouts et khouans,


étude sur l’Islam en Algérie, A. Jourdan, Alger,
1884.
153- Thomas shaw ,voyage dans plusieurs
provinces de la barbarie et du levant, traduit de
l’anglois Tome Premier, Hate Jean
Neaulme,paris, 1810.
154- Thomas Shaw, Voyage dans la régence
d’alger, trad J.Mac carthy, 2éme édition,
Bouslama, Tunis,1980.
155- Walsin Esterhazy, la domination turque dans
l’ancienne régence d’alger, Grossein, paris,1840.

227
‫ثبت المصادر و المراجع‬

156- William shaler, Sketches of Algiers, political,


historical, and civil, Ed john adams library,1826,
Boston.
Périodiques
157- Berbrugger , Un cherif kabyle in Revue
africaine N°3, Année1858.
158- Berbrugger, Reprise D’Oran par les
espagnole 1732, Revue africaine,volume8,
janvier 1864.
159- Delpeche Adrien, Le soulèvement de
Derkaoua de la province d’Oran de 1800-1813,
in Revue africaine, N°18,Année 1874.
160- Federman Henri, Au Capitaine Henri,
"Notice sur l’histoire et L´ administration du beylik
de Tetteri" in Revue africaine, N°12, Année1867
161- Feraud ," Les cherifs kabyles de 1804 -1809
dans la province de Constantine" in Revue
africaine.n°13, Année 1869.
162- Gorguos.A, Notice sur le Bey d’Oran,
Mohammed el Kebir, Revue Africaine, Articles
N° 7, Année 1857,p.28
163- Laugier de Tassy, Histoire du royaume
d'Alger, un diplomate français à Alger en 1724,
revue d’histoire Outre-Mers, Année 1994, N°302.
164- Laurent-Charles Féraud, Éphémérides d’un
secrétaire officiel sous la domination turque à

228
‫ثبت المصادر و المراجع‬

Alger. De 1775 à 1805, Revue africaine,


Rubrique: Articles N° 106, Année 1874.
165- Michel, Alfred, La prise d’Alger racontée par
un captif, Revue africaine, volume 114,
Novembre 1875.
166- Pierre Boyer, le probleme kouloughli dans la
régence d’Alger, Revue de l'Occident
musulman et de la Méditerranée,N°8,
1970,M.E.N. France.
167- Pierre Boyer, Les renégats et la marine de la
Régence d'Alger, Revue de l'Occident
musulman et de la Méditerranée,N°39,
1985,M.E.N. France.
168- pierre Boyer, Contribution à l'étude de la
politique religieuse des Turcs dans la Régence
d'Alger (XVIe-XIXe siècles), Revue des mondes
musulmans et de la méditerranée, France,
Année 1966 .
169- Rinn Louis, Le royaume d'Alger sous le
dernier Dey, Bulletin de la Société Historique
Algérienne, N° 225-226, Revue Africaine,41e
année 1897
Dictionnaires
170- Camille Alphonse Trézel (in Adolphe Robert
and Gaston Cougny) Dictionnaire des
parlementaires français (1789-1891), Bourloton,
Paris, 1889.
Références en langues étrangères
229
‫ثبت المصادر و المراجع‬

Ouvrages spéciaux de terminologie en


Français
171- William GENIEYS : « De la théorie a la
sociologie des élites en interaction. VERS UN
NÉ O-É LITISME? », CURAPP, Les méthodes au
concret, Paris, PUF, 2000
Ouvrages spéciaux de terminologie en
Anglais
172- Gaetano Mosca, the ruling class, translation
by Hannah D.Kahn, ed.Mc grow Hill Book
Company, New York and London,1939.
173- Heywood Andrew, Political Theory: An
Introduction, 3th edition, Palgrave Macmillan,
Basingstoke,1999
174- Michels, R., Political Parties: A Sociological
Study of the Oligarchical Tendencies of Modern
Democracy. ([1911] 1962). Collier Books, New
York,1915
175- Miriam Hoexter, Endowments, Rulers, and
Community: Waqf Al-ò Haramayn in Ottoman
Algiers, Volume6, Brill Leiden.Boston.Koln, 1998.
176- Runciman.W, Social science and political
theory, Cambridge University, press, 1963
177- Vilfredo Pareto, The rise and fall of the elites,
transaction publishers, New York,1991
178- wright mills, The Power Elite, first edition,
Oxford university press, united states, 1956
Ouvrages spéciaux en Français
230
‫ثبت المصادر و المراجع‬

179- Babes Leila, Saints tribus, et pouvoir


politique dans le constantinois sous la
domination Turque, histoire sociale de l’Algérie,
études, sources et documents, Université d’Oran,
S.D.P.18.
180- Ben Mansour M.Abed El Hadi, Alger
XVieme- XViieme Siécle, journal de Jean-
Baptiste Gramaye « Eveque d’Afrique », ed Cerf,
Paris,1998
181- Jean Marchika, La peste en Afrique
septentrionale: Histoire de la peste en Algérie de
1363 à 1830, julien carbonal, Alger 1927.
182- Mohamed Meouak, Langues, société et
histoire d’Alger au XVIIIe siècle d’après les
données de Venture de Paradis (1739-1799),
Trames de langues(Livre de Jocelyne
Dakhlia),Institut de recherche sur le Maghreb
contemporain, Tunis, 2004
183- Nahoum Weissmann, les janissaires, étude
de l’organisation militaire des ottomans, librairie
orients, paris, 1964
184- Tahar Ahmed, Bengennûn Poète populaire
de la plaine de Ġrîss, présentée par Ahmed
Amine Delaii,edition Crasc,Oran, 2013, 264
pages

Ouvrages généraux en Français

231
‫ثبت المصادر و المراجع‬

185- Anne Duprat&Emilie picherot, Récits


D’Orient dans les littérature d’Europe XVIe - XVIIe
siècles, édité par PUPS. Née Université paris
Sorbonne, Paris, 2008
186- Jean-Claude Vatin, L'Algérie politique :
histoire et société, Presses de Sciences Po, 2e
édition ,France,1983
187- Maximilian Weber, É conomie et société,
Collection Pocket Agora, France, 2003
188- Turin Yvonne ,Affrontement culturels dans
l’Algérie Coloniale (Écoles, médecines,
religion)1830-1880, ENAL, Alger,1983

Ouvrages spéciaux en Turc


189- Mehmet Tütüncü, Cezayir'de Osmanlı İzleri
(1516-1830 - 314 Yıllık Osmanlı Hakimiyetinde
Cezayir'den Kitabeler, Eserler, Meşhurlar),
Çamlıca Basım Yay ın,İstanbul 2013, 447

Périodiques
190- Frederico cresti,Alger à la période turque.
Observations et hypothèses sur sa population et
sa structure sociale, Revue des mondes
musulmans et de la Méditerranée ,N°44 Année
1987.

232
‫ثبت المصادر و المراجع‬

191- Tréanton Jean-René. Weber M , É conomie


et société In: Revue française de
sociologie,N°37-4, France,1996

Journaux
192- Thierry Oberlé , Le Figaro.France,13
novembre 1997, p. 4.

Références speciaux en espagnole


193- Djamel Latroch, Aspectos sociales y marcos
de socilibidad de la argelia del siglo XIX,
Memoria de Magister, Dirigido por Ismet Terki-
Hassaine, Facultad de Letras, lenguas y artes,
Seccion de espagnole, Universidad de Orán,
2013-2014.
194- Mous Latif,. Estudio del manuscrito árabe de
Mú stafa Idn Adb Allah Al Dahawi sobre la
liberació n de Orán en el siglo XVIII, Tesis de
doctorado, Dirigido por Ismet Terki- Hassaine,
Facultad de Letras, lenguas y artes, Seccion de
espagnole,universidad de Orán,2012-
2013,pp200-255.
195- Gregorio Sánchez Doncel, Presencia de
Españ a en oran (1509-1792), Seminario conciliar,
24 de enero 1991, Estudio Teologico de san
Ildefonso, Toledo,1991,pp783-868.

233
‫ثبت المصادر و المراجع‬
‫املالحق‬
‫المالحق‬

‫امللحق رقم ‪1‬‬

‫جدول أهم النخب الثقافية التي تجلت بالجزائر العثمانية فترة الدايات موزعة‬
‫حسب البايلكات و املهام و املناصب التي تولتها ضف إلى تاريخ الوفاة‬

‫‪ .1‬دارالسلطان‬

‫الصفة‬ ‫تاريخ الوفاة‬ ‫النخب الثقافية‬


‫أبو عبد هللا محمد بن ‪0016‬ه‪0711/‬م تولى منصب اإلفتاء املالكي و الخطابة و التدريس‬
‫بالجامع األعظم‬ ‫سعيد قدورة‬
‫أبو العباس أحمد بن سعيد ‪0003‬ه‪0617/‬م شاعر تولى اإلفتاء بالجامع األعظم‬
‫قدورة‬
‫عالل بن سعيد بن إبراهيم ‪0003‬ه‪0617/‬م تولى منصب القضاء امللكي‬
‫قدورة‬
‫تولى منصب اإلفتاء املالكي عام ‪0022‬ه‪0601/‬م‬ ‫الحاج سعيد بن أحمد بن‬
‫سعيد بن إبراهيم قدورة‬
‫تولى منصب اإلفتاء املالكي عام ‪0021‬ه‪0608/‬م‬ ‫الحاج أحمد بن سعيد بن‬
‫سعيد بن أحمد بن سعيد‬
‫بن إبراهيم قدورة‬
‫عبد الرحمن بن أحمد ‪0023‬ه‪0601/‬م تولى منصب اإلفتاء املالكي عام‪0003‬ه‪0601/‬م‬
‫املرتض ى‬
‫مصطفى بن رمضان العنابي ‪0081‬ه‪0603/‬م تولى منصب القضاء و اإلفتاء الحنفي والتدريس‬

‫‪234‬‬
‫المالحق‬

‫والتأليف في الفقه‬
‫‪0011‬ه‪0686/‬م تولى منصب اإلفتاء الحنفي‬ ‫حسين بن محمد العنابي‬
‫محمد بن حسين بن محمد ‪0218‬ه‪0633/‬م تولى منصب القضاء الحنفي‬
‫العنابي‬
‫محمود بن محمد بن حسين ‪0287‬ه‪0321/‬م تولى منصب اإلفتاء الحنفي‬
‫بن محمد العنابي‬
‫محمد بن محمود بن محمد ‪0276‬ه‪0311/‬م تولى منصب القضاء و اإلفتاء الحنفي والكتابة و‬
‫السفارة والتأليف في الفقه‬ ‫بن حسين بن محمد بن‬
‫عيس ى اإلزملتي املشهور بابن‬
‫العنابي‬
‫محمد بن محمد بن املهدي ‪0118‬ه‪0607/‬م شاعر‬
‫بن رمضان بن يوسف العلج‬
‫أبو عبد هللا محمد بن علي ‪0071‬ه‪0611/‬م أديب‬
‫تولى منصب اإلفتاء الحنفي والخطابة و التدريس‬ ‫بن محمد املهدي بن رمضان‬
‫بن يوسف العلج املشهور‬
‫بابن علي‬
‫فقيه‬ ‫هني ابن السايح البهلولي ‪08‬ه‪ /‬ق‪01‬م‬
‫املجاجي‬
‫فقيه تولى منصب القضاء امللكي‬ ‫محمد ابن هني ابن السايح ‪08‬ه‪ /‬ق‪01‬م‬
‫البهلولي املجاجي‬
‫الجالية األندلسية‬

‫الصفة‬ ‫تاريخ الوفاة‬ ‫النخب الثقافية‬

‫‪235‬‬
‫المالحق‬

‫تولى منصب اإلفتاء املالكي عام‬ ‫أحمد زروق بن السيد محي الدين بن ‪02‬ه‪06/‬م‬
‫‪0012‬ه‪0681/‬م والتدريس‬ ‫عبد اللطيف‬
‫والخطابة‬
‫سارد لصحيح البخاري‬ ‫عبد الرحمن بن السيد محي الدين بن ‪02‬ه‪06/‬م‬
‫عبد اللطيف‬
‫عالم خطيب‬ ‫‪02‬ه‪03 /‬م‬ ‫محمد بن عبد اللطيف‬
‫تولى منصب القضاء املالكي‬ ‫‪02‬ه‪03/‬م‬ ‫محمود بن عبد اللطيف‬
‫فقيه تولى منصب اإلمامة عام‬ ‫ابراهيم بن نيكرو‬
‫‪0737‬م‬
‫أديب وفقيه ومفتي ومدرس‬ ‫محمد بن إبراهيم بن أحمد بن موس ى ‪0012‬ه‪/‬‬
‫وخطيب تولى منصب اإلفتاء‬ ‫‪0681‬م‬ ‫النيقرو‬
‫املالكي‬
‫سارد الحديث النبوي‬ ‫أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أحمد ق‪03‬م‬
‫بن موس ى النيقرو‬
‫فقيه ومدرس بجامع ميزومورطو‬ ‫محمد بن محمد بن إبراهيم بن أحمد ق‪03‬م‬
‫بباب عزون‬ ‫بن موس ى النيقرو‬
‫مدرس‬ ‫‪0012‬ه‪/‬‬ ‫محمد بن إبراهيم بن علي النيكرو‬
‫‪0681‬م‬
‫تولى الكتابة ‪0307‬م‬ ‫ق‪01‬م‬ ‫علي بن النيكرو‬
‫تولى منصب اإلفتاء املالكي‬ ‫‪0088‬ه‪/‬‬ ‫عمار بن عبد الرحمن‬
‫والخطابة بالجامع األعظم‬ ‫‪0680‬م‬
‫أديب تولى منصب اإلفتاء املالكي‬ ‫‪0211‬ه‪/‬‬ ‫أحمد ابن عمار‬

‫‪236‬‬
‫المالحق‬

‫والتدريس والخطابة بالجامع‬ ‫‪0611‬م‬


‫األعظم‬
‫تولى منصب اإلفتاء املالكي‬ ‫‪0011‬ه‪/‬‬ ‫محمد بن أحمد بن سيدي مبارك‬
‫والتدريس والخطابة بالجامع‬ ‫‪0686‬م‬
‫األعظم‬
‫العناصراملحلية و العثمانية‬

‫الصفة‬ ‫تاريخ الوفاة‬ ‫النخب الثقافية‬


‫‪0018‬ه‪0718/‬م فقيه تولى منصب القضاء املالكي‬ ‫أبوحفص عمر املانجالتي‬
‫والتدريس والخطابة‬
‫فقيه وأديب‬ ‫أبوعبد هللا محمد بن أحمد بن عمر ‪0286‬ه‪0380/‬‬
‫املانجالتي‬
‫شاعر‬ ‫‪02‬ه‪03/‬م‬ ‫أحمد املانجالتي‬
‫اإلفتاء‬ ‫منصب‬ ‫تولى‬ ‫ق‪01‬م‬ ‫علي بن محمد املانجالتي‬
‫املالكي‪0281‬ه‪0328/‬م والتدريس‬
‫من العدول منذ ‪0716‬م‬ ‫ق‪06‬م‬ ‫محمد بن عمر املانجالتي‬
‫عالم فقيه‬ ‫‪02‬ه‪03/‬م‬ ‫أحمد بن محمد الشريف الزهار‬
‫‪0231‬ه‪0362/‬م تولى نقابة األشراف بدار السلطان ثم‬ ‫أحمد بن الحاج علي الزهار‬
‫الكتابة لدى أحمد باي‬

‫‪ .2‬بايلك الشرق‬

‫الصفة‬ ‫تاريخ الوفاة‬ ‫النخب الثقافية‬

‫‪237‬‬
‫المالحق‬

‫‪0008‬ه‪0612/‬م تولى منصب اإلمامة والخطابة‬ ‫محمد بن عبد الكريم الفكون‬


‫بالجامع األعظم ناهيك عن ركب‬
‫اإلمارة‬
‫تولى منصب اإلمامة والخطابة‬ ‫ق‪03‬م‬ ‫بدر الدين بن محمد الفكون‬
‫ناهيك عن ركب اإلمارة عام‬
‫‪0676‬م‬
‫فقيه وناظر على أوقاف الحرمين‬ ‫ق‪03‬م‬ ‫عبد الرحمن بن بدر الدين الفكون‬
‫الشريفين بقسنطينة منذ ‪0630‬م‬
‫فقيه تولى إمارة ركب الحج‬ ‫ق‪01‬م‬ ‫محمد الفكون‬
‫والخطابة وناظر االوقاف‬
‫تولى منصب عدل باملحكمة‬ ‫ق‪02‬ه‪03/‬م‬ ‫حسين الفكون‬
‫‪0016‬ه‪0711/‬م مفتي ومؤلف في الفقه وشاعر‬ ‫بركات بن عبد الرحمن بن باديس‬
‫فقيه تولى منصب عدلباملحكمة‬ ‫علي النوري بن السيد محمد ابن باديس ‪02‬ه‪03/‬م‬
‫‪0210‬ه‪0381/‬م أديب وشاعر تولى منصب اإلفتاء‬ ‫أبو راشد عمار الغربي‬
‫املالكي والخطابة بجامع سيدي علي‬
‫بن مخلوف والتدريس‬
‫‪0007‬ه‪0618/‬م إمام محدث وناظر ومدرس‬ ‫أبوعبد هللا محمد بن أحمد القسنطيني‬
‫‪0282‬ه‪0327/‬م أديب تولى منصب الخطابة والقضاء‬ ‫محمد بن املسبح القسنطيني‬
‫مدرس تولى منصب قضاء الحنفية‬ ‫ق‪03‬م‬ ‫شعبان بن جلول‬
‫حوالي ‪0671‬م‬
‫‪0011‬ه‪0667/‬م مفتي‬ ‫أحمد بن جلول‬
‫قاسم بن محمد بن ابراهيم ساس ي ‪0133‬ه‪0766/‬م فقيه مؤلف ومتصوف‬

‫‪238‬‬
‫المالحق‬

‫البوني‬
‫‪0081‬ه‪0627/‬م فقيه‪ ،‬مدرس ومتصوف‬ ‫أبو العباس أحمد بن قاسم البوني‬
‫‪0063‬ه‪0671/‬م مدرس‪ ،‬مؤرخ وشاعر‬ ‫محمد بن أحمد بن قاسم البوني‬
‫‪0013‬ه‪0681/‬م مدرس وعدل‬ ‫أحمد الزروق بن أحمد البوني‬

‫‪ .0‬بالد زواوة‬

‫الصفة‬ ‫تاريخ الوفاة‬ ‫النخب الثقافية‬


‫مفتي‪ ،‬مدرس و فقيه‬ ‫‪00‬ه‪06/‬م‬ ‫الحسين بن يحي بن أحمد الشريف‬
‫مفسر‪ ،‬فقيه‪ ،‬محدث وأديب‬ ‫‪02‬ه‪03/‬م‬ ‫محمد بن الحسين بن يحي الورتالني‬
‫فقيه‬ ‫‪0061‬ه‪/‬‬ ‫محمد الصغير بن رقية‬
‫‪0671‬م‬
‫إمام ورحالة‪ ،‬فقيه ومتصوف‬ ‫‪0018‬ه‪/‬‬ ‫الحسين بن محمد السعيد الورثيالني‬
‫‪0661‬م‬
‫مدرس وفقيه ومؤلف‬ ‫‪02‬ه‪03/‬م‬ ‫الحسن بن أحمد زروق بن مصباح‬
‫مدرس وشيخ زاوية‬ ‫نهاية‬ ‫حسين بن محمد صالح‬
‫ق‪00‬ه‪06/‬م‬
‫مدرس وشيخ زاوية‬ ‫‪02‬ه‪03/‬م‬ ‫محمد بن علي الشالطي ابن علي‬
‫الشريف‬
‫رجل دين‪-‬الطريقة الرحمانية‪-‬‬ ‫‪0217‬ه‪/‬‬ ‫السعيد بن عبد الرحمن بن أبي داود‬
‫‪0381‬م‬
‫مدرس زاوية‬ ‫‪0211‬ه‪/‬‬ ‫أبوالقاسم بن السعيد بن عبد الرحمن‬

‫‪239‬‬
‫المالحق‬

‫‪0383‬م‬ ‫بن أبي داود‬

‫‪ .4‬إقليم الزيبان – بسكرة‪-‬‬

‫الصفة‬ ‫تاريخ الوفاة‬ ‫النخب الثقافية‬


‫‪0018‬ه‪ 0680/‬فقيه وقاض ي وشيخ زاوية‬ ‫محمد بن محمد الطيب الخنقي‬
‫م‬
‫صاحب املدرسة الناصرية‬ ‫‪02‬ه‪03/‬م‬ ‫أحمد بن ناصربنمحمدبنمحمدالطيب‬
‫‪0267‬ه‪ 0311/‬مدرس زاوية ومؤلف في الزهد و‬ ‫الصادق بن مصطفى البسكري‬
‫التصوف‬ ‫م‬
‫متصوف‪ ،‬مدرس وشيخ زاوية‬ ‫أحمد بن محمد الوانجيالهجرس ي اإلدريس ي ‪02‬ه‪03/‬م‬
‫الحسني‬
‫‪0277‬ه‪ 0311/‬مدرس ومقدم الطريقة الرحمانية‬ ‫عبد الحفيظ بن محمد الخنقي‬
‫م‬
‫‪0288‬ه‪ 0303/‬مدرس ومؤسس زاوية على الطريقة‬ ‫محمد ابن أحمد بن عزوز البرجي‬
‫الرحمانية‬ ‫م‬
‫‪0811‬ه‪ 0336/‬عالم الطريقة الرحمانية‬ ‫املبروك بن محمد ابن أحمد بن عزوز البرجي‬
‫م‬
‫عالم الطريقة الرحمانية‬ ‫‪0801‬ه‪0312/‬‬ ‫التازي بن محمد ابن أحمد بن عزوز البرجي‬
‫م‬

‫‪240‬‬
‫المالحق‬

‫عالم الطريقة الرحمانية‬ ‫‪0811‬ه‪0310/‬‬ ‫محمد بن محمد ابن أحمد بن عزوز البرجي‬
‫م‬
‫عالم الطريقة الرحمانية‬ ‫مصطفى بن محمد ابن أحمد بن عزوز البرجي ‪0232‬ه‪0371/‬‬
‫م‬

‫‪ .5‬بايلك الغرب‬
‫وهران‬

‫الصفة‬ ‫تاريخ الوفاة‬ ‫النخب الثقافية‬


‫فقيه‪ ،‬أديب ومتصوف‬ ‫‪0012‬ه‪0663/‬م‬ ‫عبد القادر بن عبد هللا املشرفي‬
‫قاض ي ومدرس‬ ‫ق‪08‬م‪/‬ق‪01‬م‬ ‫الطاهر بن عبد القادر املشرفي‬
‫عالم‪ ،‬مدرس‪ ،‬مؤلف‪ ،‬ملقب بشيخ‬ ‫ق‪08‬ه‪01/‬م‬ ‫محمد بن عبد هللا سقط‬
‫اإلسالم‬
‫مدرس‪ ،‬مؤلف‪ ،‬ناظم الشعر‪ ،‬رحالة‬ ‫‪0808‬ه‪0311/‬م‬ ‫أبوحامد محمد العربي بن عبد القادر املشرفي‬
‫ومتصوف‬
‫عالم‬ ‫‪0271‬ه‪0312/‬م‬ ‫عبد القادر بن مصطفى األحمر‬
‫أديب‪ ،‬ناظم وعالم‬ ‫‪0261‬ه‪0313/‬م‬ ‫محمد بن مصطفى األحمر‬
‫قاض ي‬ ‫ق‪08‬ه‪/‬ق‪01‬م‬ ‫عبد القادر بن عبو‬
‫متصوف من شيوخ الطريقة القادرية‬ ‫‪0202‬ه‪0613/‬م‬ ‫مصطفى بن املختار الراشدي‬
‫إمام وعالم امللقب بسلطان العلماء‬ ‫‪0281‬ه‪0388/‬م‬ ‫محي الدين بن مصطفى بن املختار‬
‫عالم‬ ‫‪0213‬ه‪0382/‬م‬ ‫علي بن أبي طالب بن مصطفى بن املختار‬
‫تولى رئاسة زاوية القيطنة‬ ‫‪0263‬ه‪0370/‬م‬ ‫محمد السعيد بن محي الدين‬

‫‪241‬‬
‫المالحق‬

‫رجل علم مقاوم ومؤسس دولة‬ ‫‪0811‬ه‪0338/‬م‬ ‫عبد القادر بن محي الدين‬
‫فقيه‪ ،‬شاعر‪ ،‬رجل علم‬ ‫ق‪08‬ه‪/‬ق‪01‬م‬ ‫املختار بن الطاهر بن البشير‬
‫مؤلف ومؤرخ‪ ،‬أديب وشاعر‬ ‫‪0813‬ه‪0311/‬م‬ ‫الطيب بن املختار بن الطاهر‬

‫‪ .7‬معسكر‬

‫الصفة‬ ‫تاريخ الوفاة‬ ‫النخب الثقافية‬


‫أبوعبد هللا محمد املصطفى بن عبد هللا بن زرفة ‪0201‬ه‪0311/‬م كاتب‪ ،‬ناظم‪ ،‬أديب‪ ،‬رحالة‬
‫ومؤرخ‬
‫‪0201‬ه‪0311/‬م عالم ومؤلف‬ ‫عبد القادر بن سنوس ي‬
‫أديب‪ ،‬عالم‪ ،‬شاعر‬ ‫ق‪08‬ه‪01/‬م‬ ‫السنوس ي بن عبد القادر بن سنوس ي‬
‫أديب‪ ،‬ناظر‪ ،‬إمام و فقيه‬ ‫السنوس ي بن السنوس ي بن عبد القادر بن ق‪08‬ه‪01/‬م‬
‫سنوس ي‬
‫الطريقة‬ ‫منشأ‬ ‫‪0038‬ه‪0661/‬م متصوف‬ ‫الهاشمي بن علي بن بوشنتوف‬
‫الطيبية‬
‫شيخ الطريقة الطيبية‬ ‫ق‪02‬ه‪03/‬م‬ ‫محمد بن الهاشمي بن علي بن بوشنتوف‬
‫فقيه ومدرسبجامع وهران‬ ‫ق‪08‬ه‪/‬ق‪01‬م‬ ‫أحمد بن التهامي‬
‫األعظم‬
‫‪0238‬ه‪0377/‬م مدرس وأديب‬ ‫مصطفى بن أحمد بن التهامي‬
‫قاض ي ومدرس‬ ‫ق‪02‬ه‪03/‬م‬ ‫محمد بن علي بن سحنون‬
‫‪0200‬ه‪0617/‬م كاتب الباي محمد الكبير‪،‬‬ ‫أحمد بن محمد بن علي بن سحنون‬
‫مؤلف ومؤرخ‬

‫‪242‬‬
‫المالحق‬

‫عالم‬ ‫ق‪00‬ه‪06/‬م‬ ‫عمرو بن دوبة‬


‫عالم وأديب‬ ‫ق‪00‬ه‪06/‬م‬ ‫محمد بن آمنة‬
‫‪0283‬ه‪0328/‬م مدرس‪ ،‬مؤلف ومؤرخ تولى‬ ‫محمد أبوراس الناصري‬
‫منصب اإلفتاء و القضاء و‬
‫اإلمامة‬

‫‪ .0‬تلمسان‬

‫الصفة‬ ‫تاريخ الوفاة‬ ‫النخب الثقافية‬


‫إمام مدرس وعالم‬ ‫‪0136‬ه‪0767/‬م‬ ‫محمد بن محمد شقرون املقري‬
‫فقيه ومحدث‬ ‫‪0131‬ه‪0768/‬م‬ ‫سعيد بن أحمد بن محمد العقباني‬
‫كاتب لدى العثمانيين‬ ‫‪00‬ه‪06/‬م‬ ‫محمد خوجة العقباني ابن محممدالسقال‬
‫تولى منصب الخطابة و القضاء‬ ‫ق‪00‬ه‪06/‬م‬ ‫سعيد بن محمد العقباني‬
‫رحالة و مدرس تولى منصب‬ ‫ق‪02‬ه‪03/‬م‬ ‫محمد بن عبد الرحمن اليبدري التلمساني‬
‫القضاء املالكي‬
‫مدرس‬ ‫حامد محمد بن محمد بن عبد الرحمن اليبدري ق‪02‬ه‪03/‬م‬
‫التلمساني‬
‫فقيه‪ ،‬مدرس ومفتي تولى‬ ‫‪0278‬ه‪0386/‬م‬ ‫أبوعبد هللا محمد بن سعد التلمساني‬
‫منصب القضاء‬
‫‪ .3‬مازونة‬

‫الصفة‬ ‫تاريخ الوفاة‬ ‫النخب الثقافية‬


‫إمام ومدرس‬ ‫‪02‬ه‪03/‬م‬ ‫املهدي بن أحمد بن خدة‬

‫‪243‬‬
‫المالحق‬

‫مفتي‬ ‫‪02‬ه‪03/‬م‬ ‫املهدي الكتروس ي‬


‫فقيه‬ ‫‪02‬ه‪03/‬م‬ ‫أحمد الكتروس ي‬
‫فقيه‬ ‫‪02‬ه‪03/‬م‬ ‫مصطفى الكتروس ي‬
‫فقيه‬ ‫‪02‬ه‪03/‬م‬ ‫محي الدين الكتروس ي‬
‫فقيه‬ ‫‪02‬ه‪03/‬م‬ ‫محمد املهدي الكتروس ي‬
‫مفتي وخطيب في مسجد أبي‬ ‫‪08‬ه‪01/‬م‬ ‫أبوعبد هللا محمد بن املهدي الكتروس ي‬
‫ذلول تولى منصب القضاء‬
‫عام ‪0308‬م‬
‫تولى وظيفة اإلفتاء‬ ‫ق‪08‬ه‪/‬ق‪01‬م‬ ‫علي ابن املهدي بن محمد بن املهدي‬
‫‪0031‬ه‪0661/‬م مدرس‬ ‫علي بن محمد‬
‫مدرس‬ ‫ق‪02‬ه‪03/‬م‬ ‫عبد الرحمن بن علي بن الشارف املازوني‬
‫‪0288‬ه‪0303/‬م مدرس‪ ،‬فقيه عالم‬ ‫محمد بن أبي طالب املازوني‬
‫مدرس‬ ‫ق‪02‬ه‪03/‬م‬ ‫العربي بن نافلة‬
‫مدرس تولى منصب القضاء‬ ‫ق‪02‬ه‪03/‬م‬ ‫أبي عبد هللا املغيلي‬
‫عام‪0610‬م‬

‫‪ -11‬مستغانم‬

‫مؤلف و شاعر‬ ‫‪0031‬ه‪0677/‬م‬ ‫محمد بن محمد ابن حواء‬


‫خطيب تولى منصب القضاء‬ ‫ق‪02‬ه‪03/‬م‬ ‫عبد هللا ابن حواء‬
‫أستاذ باملدرسة املحمدية‬ ‫‪0211‬ه‪0610/‬م‬ ‫الطاهر بن حواء‬

‫‪244‬‬
‫المالحق‬

‫شيخ الطريقة الدرقاوية‬ ‫أبو محمد عبد هللا بن الطيب بن ‪0281‬ه‪0328/‬م‬


‫حواء‬
‫عالم‬ ‫ق‪08‬ه‪01/‬م‬ ‫محمد بن حواء بن يخلف‬
‫شاعر شعبي‬ ‫ق‪08‬ه‪01/‬م‬ ‫الطاهر بن حواء‬
‫كاتب ديوان اإلنشاء‬ ‫ق‪08‬ه‪01/‬م‬ ‫حسن خوجة‬
‫كاتب ديوان اإلنشاء‬ ‫ق‪08‬ه‪01/‬م‬ ‫محمد بن حسن خوجة‬
‫قاض ي‬ ‫ق‪08‬ه‪01/‬م‬ ‫أحمد بن خوجة املستغانمي‬
‫كاتب الباي حسن وهران تولى‬ ‫‪0263‬ه‪0370/‬م‬ ‫الحاج محمد بن الخروبي‬
‫القضاء بالقلعة‬
‫مؤلف و شاعر‬ ‫‪0031‬ه‪0677/‬م‬ ‫محمد بن محمد ابن حواء‬

‫‪245‬‬
‫المالحق‬

‫امللحق رقم‪22‬‬

‫مخطوط العربي املشرفي في نسب أسرة املشارف زاوية الكرط غرب حاضرة معسكر‬

‫‪245‬‬
‫المالحق‬

‫امللحق رقم ‪20‬‬

‫وثيقة تتضمن ألقاب لبعض الكراغلة ذات نفوذ ووزن اجتماعي مرموق من الذين تجلوا في هذه الفترة وتولوا‬
‫مهام إدارية عثمانية مرتبة أبجديا من الشمال إلى اليمين وقد استوطنوا بايلك التيطري متاحة على املوقع ا‬
‫حيث تم دخوله بتاريخ ‪https://tribusalgeriennes.wordpress.com‬إلكتروني‬
‫‪ 2103/01/81‬على الساعة ‪11:81‬سا‬

‫‪246‬‬
‫المالحق‬

‫ملحق رقم ‪24‬‬

‫مجموعة ظهائرتبين تعيينات آل الكتروس ي في مناصب مختلفة اكتشفت من‬


‫طرف الباحثة لزغم فوزية و هي محفوظة بجمعية الظهرة بمازونة‬

‫‪247‬‬
‫المالحق‬

‫‪248‬‬
‫المالحق‬

‫‪249‬‬
‫المالحق‬

‫‪250‬‬
‫المالحق‬

‫‪251‬‬
‫المالحق‬

‫امللحق رقم ‪11‬‬

‫ديباجة أرجوزة الحلفاوي في فتح مدينة وهران‪ ،‬املكتبة الوطنية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬


‫رقم‪ ،2521‬وهي في حوالي ‪ 02‬بيتا موزعة على ‪ 50‬ورقة‬

‫‪252‬‬
‫المالحق‬

‫امللحق رقم‪26‬‬

‫ديباجة مخطوط ملؤلف مجهول‪ ،‬مخطوط نبدة سيرة الباي محمد الكبير‪ ،‬باي معسكر‪،‬‬
‫فاتح ثغر وهران‪ ،‬املكتبة الوطنية الفرنسية‪ ،‬رقم‪ 2376602‬ورقة‪ ،‬تم جرد عنوان‬
‫املخطوط باللغة الفرنسية كاآلتي‪:‬‬

‫‪Abrégé de l''histoire du bey Mohammad al-Akhal et‬‬


‫وقد تضمن ‪de la conquête d'Oran sur les Espagnols‬‬
‫أعمال الباي محمد الكبير في جميع املجاالت الثقافية و السياسية والعسكرية‬

‫‪253‬‬
‫المالحق‬

‫امللحق رقم‪16‬‬

‫‪ -‬ديباجة الرحلة القمرية ملصطفى بن زرفة الدحاوي‬

‫‪254‬‬
‫المالحق‬

‫امللحق رقم ‪23‬‬

‫ديباجة مخطوط عجائب األسفارو لطائف األخبارألبي راس الناصري‬

‫‪255‬‬
‫المالحق‬

‫الورقة األخيرة من مخطوط أبي راس الناصري‬

‫‪256‬‬
‫المالحق‬

‫امللحق رقم ‪11‬‬

‫تقييد لشعر بن قنون حبيب شاعر حاضرة معسكر‪ ،‬أرشيف ماوراء البحار ‪AOM‬‬
‫اكتشف من طرف أحمد أمين دالي املتخصص في امللحون واألدب الشعبي املغاربي‬
‫والباحث بمركز البحث في األنثربولوجيا اإلجتماعية والثقافية عام ‪2111‬ونشره طاهر‬
‫أحمد بمركز الكراسك أنظر املعلومات الكافية في القائمة البيبليوغرافية‪.‬‬

‫‪257‬‬
‫المالحق‬

‫الصفحة األخيرة من التقييد لشعر بن قنون حبيب شاعر حاضرة معسكر‬

‫‪258‬‬
‫المالحق‬

‫امللحق ‪12‬‬

‫مصدر تاريخي مهم جدا لم يتم استغالله من طرف املؤرخين يوضح بعض فروع األشراف‬
‫بالجزائرللعالمة مفتي حاضرة معسكرسيدي بلهاشمي بن بكار‪.‬‬

‫‪259‬‬
‫المالحق‬

‫صورة ملفتي حاضرة معسكرسيدي بلهاشمي بن بكار‬

‫‪260‬‬
‫المالحق‬

‫‪261‬‬
‫الفهارس‬
‫فهرس المؤرخين و األعالم‬

‫األجانب‬ ‫العرب‬
‫‪Albert Devoulx11-10‬‬ ‫أ‬
‫‪Aumerat191‬‬ ‫الزهار أحمد الشريف‪33-37،‬‬
‫‪Dubois Thionville002-092‬‬ ‫العنتري محمد الصالح ‪018‬‬
‫‪De Grammont Henri024-002‬‬ ‫التوجيني عبد الرحمن ‪002-011‬‬
‫‪De Joachim Gonzalez19‬‬ ‫الناصري أبوراس ‪002‬‬
‫‪Diego de Haëdo19‬‬ ‫البوني أحمد ‪010-18‬‬
‫‪Féraud Charles11-19‬‬ ‫الراشدي أحمد بن سحنون ‪010-18‬‬
‫‪Heywood Andrew 00-01‬‬ ‫الورتالني محمد بن الحسين بن ‪011-18‬‬
‫‪G. Faure-Biguet012‬‬ ‫املزاري‪032-062‬‬
‫‪Gautier012‬‬ ‫الوهراني مسلم بن عبد القادر‪-062-‬‬
‫‪Gaetano Mosca00-01‬‬ ‫مصطفى الرماص ي‪002‬‬
‫‪johnB.Wolf00-01‬‬ ‫ابن املفتي‪33-37،‬‬
‫‪laugier de Tassy50,68‬‬ ‫ابن زاكور‪33-37‬‬
‫‪Maximilian Weber90,24‬‬ ‫ابن العنابي‪33-37،‬‬
‫‪Nahoum Weissmann7,126‬‬ ‫ابن حمادوش‪11‬‬
‫‪Pierre Boyer44,45‬‬ ‫ابن منظور ‪08‬‬
‫‪Pareto Vilfredo2 ,6‬‬ ‫التوجيني‪011-18‬‬
‫‪Robert Doriol Hyrossome164‬‬ ‫الكتروس ي مهدي‪16،‬‬
‫‪Ronni lumar164‬‬
‫‪Rinn Louis91‬‬ ‫املختاري الطيب بن املختار الغريس ي ‪37‬‬
‫‪Robert Michels 7‬‬ ‫املشرفي الطاهر‪011-18‬‬
‫‪Simon.Pfeiffer47‬‬ ‫الغبريني الحاج عبد القادر بن الحاج ‪-18‬‬
‫‪011‬‬
‫‪Sonneck19‬‬ ‫املهدي بن أحمد بن خدة‪16‬‬
‫فهرس المؤرخين و األعالم‬

‫‪Talcott Parsons00-01‬‬ ‫املهدي مصطفى باي محمد ‪16‬‬


‫‪Thomas shaw011‬‬ ‫الفكون محمد بن عبد الكريم ‪16‬‬
‫‪VentureDe‬‬ ‫الفكون عبد الرحمن بن بدر الدين ‪16‬‬
‫‪Paradis,8,24,44,126‬‬
‫‪William Genieys00-01‬‬ ‫املشرفي عبد القادر بن عبد هللا ‪011-30‬‬
‫‪W.Esterhazy00-01‬‬ ‫البسكري الصادق بن مصطفى ‪011-30‬‬
‫‪Wright Mills00-01‬‬ ‫اإلدريس ي أحمد بن محمد الوانجي الهجرس ي‬
‫‪011-30‬‬
‫الخنقي عبد الحفيظ بن محمد ‪002-18،‬‬
‫البرجي محمد ابن أحمد بن عزوز ‪71‬‬
‫الشالطي حسين بن محمد صالح و محمد بن علي ‪002-18‬‬
‫العنابي حسين بن محمد ‪002-18‬‬
‫الطوبال حسين خوجة ‪30‬‬
‫الحلفاوي ابن أحمد ‪73‬‬
‫ابن ميمون‪72،‬‬
‫ابن رقية‪62‬‬
‫التوجيني بن عبد هللا ‪002-18‬‬
‫املزيلي محمد الجوزي ‪62‬‬
‫العدواني بن عمر ‪38‬‬
‫ابن الهطال‪72‬‬
‫ابن زرفة‪30‬‬
‫ابن عمار‪67‬‬
‫البوني أحمد بن قاسم ‪002-18‬‬
‫املنداس ي سعيد ‪062‬‬
‫الزياني يوسف بن بغداد ‪062‬‬
‫فهرس المؤرخين و األعالم‬

‫املستغانمي محمد ‪088-021‬‬


‫املازري البليدي‪088-021‬‬
‫العقباني سعيد بن محمد ‪088-021‬‬
‫املرتض ى عبد الرحمن بن أحمد ‪002‬‬
‫التلمساني الغرب أبوعبد هللا محمد بن سعد ‪11‬‬
‫الباي محمد الكبير‪088-001،‬‬
‫املشرفي الطاهر ‪002‬‬
‫الصادق بن مصطفى البسكري‪016‬‬
‫السنوس ي دح‪021‬‬
‫العلج رمضان بن يوسف ‪11‬‬
‫النيقرو بن موس ى ‪11‬‬
‫املقري محمد بن محمد شقرون ‪11‬‬
‫املساوري أحمد بن القاض ي بن عبد هللا بن أبي محلي السجلماس ي ‪11‬‬
‫القلعي محمد الخروبي الجيالني‪11‬‬
‫السيد الحاج املكي ابن عبد هللا‪011-11‬‬
‫السيد الحاج عبد القادر بن السنوس ى‪002‬‬
‫الشليحي بالشيخ سليمان ‪002‬‬
‫الصدمي محمد بن أحمد ‪002‬‬
‫ابن أقوجيل محمد بن محمد بن علي‬
‫‪001‬‬
‫ب‬
‫بن عبد اللطيف أحمد زروق بن السيد محي الدين‪16‬‬
‫بن علي بن الشارف عبد الرحمن املازوني‪002‬‬
‫الداي بن أحمد‪22‬‬
‫أحمد باي‪3616‬‬
‫فهرس المؤرخين و األعالم‬

‫باشا عمر‪22‬‬
‫بن املهدي محمد‪13‬‬
‫بن عبد هللا محمد سقط‪71‬‬
‫بن يحي الحسين بن أحمد الشريف‪71‬‬
‫بن مصباح الحسن بن أحمد زروق ‪71‬‬
‫بن أبي داود أبوالقاسم بن السعيد بن عبد الرحمن ‪77‬‬
‫الباي الحاج خليل‪31‬‬
‫بن األحرش الحاج محمد بن عبد هللا ‪062‬‬
‫بن الشريف عبد القادر ‪062‬‬
‫ابن دوبة سيدي اعمر ‪023‬‬
‫ح‬
‫حمدان خوجة‪006600،‬‬
‫ق‬
‫قدورة أبو عبد هللا محمد بن سعيد ‪78‬‬
‫قدورة أبو العباس أحمد بن سعيد ‪78‬‬
‫فهرس الحكام‬

‫الصفحة‬ ‫الحكام‬
‫‪16006600360016021602060226028‬‬ ‫الباي محمد بن عثمان بن‬
‫إبراهيم أو الباي محمد‬
‫الكبير‬
‫‪081‬‬ ‫باي رجب‬
‫‪763681616‬‬ ‫باي أحمد الحاج‬
‫‪081‬‬ ‫الداي علي بن أحمد‬
‫‪081‬‬ ‫مصطفى باي الوزناجي‬
‫‪160066003600160216020602260816028‬‬ ‫محمد بكداش‬
‫‪081‬‬ ‫الداي الحاج محمد تريكي‬
‫‪081‬‬ ‫الداي بابا حسن‬
‫‪083-081‬‬ ‫الداي حسين ميزمورتو‬
‫‪083-081‬‬ ‫الداي شعبان‬
‫‪083-081‬‬ ‫الحاج مصطفى باشا‬
‫‪083-081‬‬ ‫دالي ابراهيم باشا‬
‫‪083-081‬‬ ‫محمد بن حسن باشا‬
‫‪083-081‬‬ ‫ابراهيم كوتشوك‬
‫‪083-081‬‬ ‫حاج علي باشا‬
‫‪083-081‬‬ ‫محمد باشا‬
‫‪083-081‬‬ ‫عمر باشا‬
‫فهرس القبائل و األسر الشريفة‬

‫الصفحة‬ ‫العائلة أو القبيلة‬


‫‪1‬‬ ‫أسرة علي بن صخري بوعكاز‬
‫‪1‬‬ ‫قبيلة الذواودة‬
‫‪386016، ،81602‬‬ ‫أسرة بيت الطاهر املشرفي‬
‫‪106186186116012616‬‬ ‫عائلة الكتروس ي‬
‫‪10612618618611678‬‬ ‫عائلة قدورة‬
‫‪10612618618611678‬‬ ‫وعائلة املرتض ى‬
‫‪10602622612618618611673‬‬ ‫عائلة العنابي‬
‫‪10612618618611‬‬ ‫وعائلة العلج‬
‫‪10612618618611‬‬ ‫عائلةاملجاجي‬
‫‪11 ،10612618618611678‬‬ ‫أسرة الفكون‬
‫‪10612618618611‬‬ ‫عائلة ابن باديس‬
‫‪10612618618611‬‬ ‫عائلة القسنطيني‬
‫‪10612618618611‬‬ ‫ابن جلول‬
‫‪10612618618611‬‬ ‫عائلة الغربي‬
‫‪10612618618611‬‬ ‫عائلة البوني‬
‫‪10612618618611678‬‬ ‫عائلة ابن عبد اللطيف‬
‫‪10612618618611‬‬ ‫عائلة النيقرو‬
‫‪10612618618611‬‬ ‫عائلة بن عبد الرحمن‬
‫‪10612618618611‬‬ ‫عائلة ابن عمار‬
‫‪10612618618611‬‬ ‫عائلة مبارك‬
‫‪18617‬‬ ‫عائلة العلج‬
‫‪18617‬‬ ‫عائلة آبهلول‬
‫‪18617‬‬ ‫عائلة املانجالتي‬
‫فهرس القبائل و األسر الشريفة‬

‫‪186176011616‬‬ ‫عائلة الشريف الزهار‬


‫‪18617‬‬ ‫عائلة البوني‬
‫‪11617‬‬ ‫عائلة املقري‬
‫‪11617‬‬ ‫عائلة العقباني‬
‫‪11617‬‬ ‫عائلة املازوني‬
‫‪11617‬‬ ‫عائلة بن حواء‬
‫‪11617‬‬ ‫عائلة خوجة‬
‫فهرس األماكن و البلدان‬

‫الصفحة‬ ‫الوظيفة‬
‫ت‪17،‬‬ ‫مقدم الطريقة‬
‫الدرقاوية‬
‫ت‪17،‬‬ ‫مقدم الطريقة‬
‫الرحمانية‬
‫ص‬ ‫رهبان وقساوسة‬
‫مسيحيين‬
‫‪88، 8601622681688‬‬ ‫العلماء‬
‫‪00622628617 ،6‬‬ ‫املرابطون و شيوخ‬
‫الزوايا‬
‫‪8861760286028602160276026 ،01‬‬ ‫كتاب اإلنشاء‬
‫‪01617616‬‬ ‫الفقهاء‬
‫‪00610617611611‬‬ ‫قضاة‬
‫‪81610617616618618611 ،00‬‬ ‫ُم ْف ُتون‬
‫‪00617‬‬ ‫أئمة‬
‫‪016226886688687‬‬ ‫أعيان و أشراف‬

‫‪01667666663661631630638638631637636633‬‬ ‫الشعراء و األدباء‬

‫‪10616631611‬‬ ‫اإلمامة و الخطابة‬


‫‪1761661160116010601260186018601160176016‬‬ ‫التدريس‬
‫‪17‬‬ ‫سرد صحيح‬
‫البخاري والحديث‬
‫النبوي‬
‫‪17‬‬ ‫الكتابة‬
‫فهرس األماكن و البلدان‬

‫‪17‬‬ ‫السفارة‬
‫‪17‬‬ ‫مهنة العدل‬
‫‪17611610612618‬‬ ‫نقابة األشراف‬
‫‪17‬‬ ‫ناظر على أوقاف‬
‫الحرمين‬
‫الشريفين‬
‫‪17‬‬ ‫ركب اإلمارة‬
‫‪17‬‬ ‫الطب‬
‫‪61660662668668‬‬ ‫املؤرخون‬
‫فهرس األماكن و البلدان‬

‫الصفحة‬ ‫البلدان و األماكن‬


‫‪026836116716116016‬‬ ‫بالد الزواوة‬
‫‪83611‬‬ ‫بالد الزيبان‬
‫‪026816816836106186186116686386016‬‬ ‫بايلك الغرب‬

‫‪816866106186186116166011‬‬ ‫دارالسلطان‬
‫‪10618618611‬‬ ‫بايلك الشرق‬
‫‪02622‬‬ ‫عنابة‬
‫‪01360816012611616‬‬ ‫مازونة‬

‫‪01667161‬‬ ‫بسكرة‬
‫‪81681667631630618‬‬ ‫معسكر‬
‫‪6860126013‬‬ ‫تلمسان‬
‫‪10‬‬ ‫مستغانم‬
‫‪106003‬‬ ‫وهران‬
‫‪00680616612 ،763611678‬‬ ‫قسنطينة‬

‫‪263‬‬
‫فهرس المالحق‬

‫‪ .0‬جدول أهم النخب الثقافية التي تجلت بالجزائر العثمانية فترة الدايات‬
‫موزعة حسب البايلكات و املهام و املناصب التي تولتها ضف إلى تاريخ‬
‫الوفاة‬

‫‪ -2‬مخطوط العربي املشرفي في نسب أسرة املشارف زاوية الكرط غرب‬


‫حاضرة معسكر‬

‫‪ -8‬وثيقة تتضمن ألقاب ‪ 021‬عائلة جزائرية عريقة ذات نفوذ ووزن‬


‫اجتماعي مرموق من أصول عثمانية أغلبهم كراغلة استوطنوا بايلك‬
‫التيطري‪.‬‬

‫‪ -8‬ظهائر تبين تعيينات آل الكتروس ي في مناصب مختلفة اكتشفت من‬


‫طرف الباحثة لزغم فوزية و هي محفوظة بجمعية الظهرة بمازونة‬
‫‪-1‬ديباجة أرجوزة الحلفاوي في فتح مدينة وهران‪ ،‬املكتبة الوطنية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫رقم‪ ،2120‬وهي في حوالي ‪ 62‬بيتا موزعة على ‪ 16‬ورقة‬
‫‪ -7‬مخطوط نبذة سيرة الباي محمد الكبير باي معسكر فاتح ثغر وهران‪،‬‬
‫ملؤلف مجهول‪ ،‬املكتبة الوطنية الفرنسية‪ ،‬رقم‪ 2376602‬ورقة‪ ،‬تم جرد‬
‫عنوان املخطوط باللغة الفرنسية كاآلتي‪:‬‬
‫‪Abrégé de l''histoire du bey Mohammad al- .0‬‬
‫‪Akhal et de la conquête d'Oran sur les‬‬
‫‪Espagnols‬‬
‫‪-6‬ديباجة الرحلة القمرية ملصطفى بن زرفة الدحاوي‬
‫‪-3‬ديباجة مخطوط عجائب األسفار و لطائف األخبار ألبي راس الناصري‬

‫و الورقة األخيرة من مخطوط أبي راس الناصري‬

‫‪267‬‬
‫فهرس المالحق‬

‫‪ -1‬تقييد لشعر بن قنون حبيب شاعر حاضرة معسكر‪ ،‬أرشيف ماوراء‬


‫البحار ‪ AOM‬اكتشف من طرف أحمد أمين دالي املتخصص في امللحون‬
‫واألدب الشعبي املغاربي والباحث بمركز البحث في األنثربولوجيا اإلجتماعية‬
‫والثقافية عام ‪2111‬ونشره طاهر أحمد بمركز الكراسك أنظر املعلومات‬
‫الكافية في القائمة البيبليوغرافية‬

‫مصدر تاريخي مهم جدا لم يتم استغالله من طرف املؤرخين‬ ‫‪-01‬‬


‫يوضح بعض فروع األشراف بالجزائرللعالمة مفتي حاضرة معسكر سيدي‬
‫بلهاشمي بن بكار‪.‬‬

‫و صورة ملفتي حاضرة معسكر سيدي بلهاشمي بن بكار‬

‫‪268‬‬
‫فهرس املوضوعات‬

‫‪266‬‬
‫إهداء‬

‫شكر وعرفان‬

‫املقدمة‪...........................................................................................................‬أ‬

‫املدخل‪11.........................................................................................................‬‬

‫النخبة مصطلح و معنى؟‪.............................................................................................‬ص‪00‬‬

‫النخبة في التعريفين اللغوي و اإلصطالحي‪..................................................................‬ص‪02‬‬

‫مقاربات نظرية للمفهوم‪..............................................................................................‬ص‪02‬‬

‫مقاربات تاريخية للمصطلح‪.......................................................................................‬ص‪06‬‬

‫من خالل املصادر التاريخية‪.......................................................................................‬ص‪06‬‬

‫من خالل الدراسات األكاديمية‪..................................................................................‬ص‪01‬‬

‫مخطط توضيحي ملفهوم النخبة وفق املنظورات الحديثة‪.....................................‬ص‪22‬‬

‫مخطط توضيحي ملقاربة مفهوم النخبة وفق ماورد في بعض كتابات من عاصروا فترة‬
‫الدايات‪........................................................................................0381/0760‬ص‪28‬‬

‫املقاربات النظرية ملفهوم السلطة‪............................................................................‬ص‪21‬‬

‫مخطط توضيحي ملقاربة مفهوم السلطة‪...................................................................‬ص‪21‬‬

‫السلطة الزمنية الروحية‪..........................................................................................‬ص‪81‬‬

‫السلطة الزمنية العسكرية‪.....................................................................................‬ص‪88‬‬


‫الفصل األول‪ :‬تمث ــالت النخ ـب ــة‬

‫مدخل الفصل‪...................................................................................................‬ص‪87‬‬

‫‪ ‬التمثالت اإلجتماعية‬
‫السوابق‪......................................................................................................‬ص‪83‬‬
‫النخب الثقافية بين البروز اإلجتماعي و تمثل السلطة‪.......................................‬ص‪81‬‬
‫تركيب النخب الثقافية وبروزها في مجتمع الجزائر العثمانية‪..............................‬ص‪80‬‬

‫بيانات إحصائية منفصلة وفق الكمية العددية ألفراد النخب الثقافية في فترة‬
‫الدايات‪..................................................................................................................‬ص‪83‬‬

‫بيانات إحصائية منفصلة وفق الوصفية الترتيبية ألفراد النخب الثقافية في فترة‬
‫الدايات‪..................................................................................................................‬ص‪12‬‬
‫املناصب املتداولة بين النخب الثقافية‪..................................................................‬ص‪16‬‬

‫‪ ‬التمثالت الثقافية‬

‫فئة املؤرخين‪.......................................................................................................‬ص‪72‬‬

‫فئة األدباء والشعراء‪...........................................................................................‬ص‪73‬‬

‫أدباء الرحلة‪........................................................................................................‬ص‪73‬‬

‫أدباء الصوفية‪....................................................................................................‬ص‪62‬‬

‫فئة الشعراء‪........................................................................................................‬ص‪67‬‬

‫فئة األئمة و الخطباء‪........................................................................................‬ص‪30‬‬


‫نقباء األشراف‪........................................................................................................‬ص‪38‬‬

‫فئة املفتون و الفقهاء‪.............................................................................................‬ص‪37‬‬

‫فئة القضاة‪.............................................................................................................‬ص‪33‬‬

‫فئة املدرسين‪..........................................................................................................‬ص‪11‬‬

‫فئة الطلبة‪.............................................................................................................‬ص‪011‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬مقاربة العالقة بين السلطة والنخبة الثقافية بالجزائر العثمانية في‬
‫عهد الدايات (‪1302-1601‬م)‬

‫مدخل الفصل‪.........................................................................................................‬ص‪006‬‬

‫‪ ‬املقاربة السياسية‬
‫النخب والتعبئة العاطفية‪......................................................................................‬ص‪001‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫املوظفون املساعدون (فئـ ــة الكتـ ــاب األربع ــة أوالخوجاباش ي)‪.................................‬ص‪027‬‬

‫القبائل و األسر الشريفة‪..........................................................................................‬ص‪021‬‬

‫املرابطون ورجال التصوف‪.....................................................................................‬ص‪088‬‬

‫‪ ‬التحول في العالقة بين النخب الثقافية و السلطة ‪-‬مقاربة تاريخية‪-‬‬

‫دواعي التحول في العالقة بين النخب و السلطة‪.................................................‬ص ‪081‬‬

‫اإلستبداد السياس ي والصراع على السلطة ‪.........................................................‬ص‪081‬‬


‫السياسة الضريبية املجحفة‪.................................................................................‬ص ‪083‬‬

‫نهب أموال األوقاف‪............................................................................‬ص‪018‬‬


‫إهانة العلماء واغتيالهم وعزلهم من مناصبهم‪........................................................‬ص‪016‬‬

‫اإلستهتار بالشرفاء وسحب اإلمتيازات املادية منهم‪................................................‬ص‪072‬‬

‫اإلنصراف عن الخدمات اإلجتماعية (الطب أنموذجا)‪..........................................‬ص‪078‬‬

‫إهمال الخدمات الصحية‪........................................................................................‬ص‪078‬‬

‫انتشار الفساد و اإلنحالل األخالقي‪.........................................................................‬ص‪073‬‬


‫نتائج التحول في العالقة بين النخب املثقفة و السلطة‪.........................................‬ص‪062‬‬

‫تنامي الوعي التاريخي ضد النظام العثماني التقليدي‪.............................................‬ص‪067‬‬

‫الزعامة الدينية في مواجهة السلطة‪........................................................................‬ص‪030‬‬


‫جذور الطرق الصوفية وزعامتها الدينية‪................................................................‬ص‪032‬‬
‫مؤثرات الطريقة الخارجية على الجزائر‪..................................................................‬ص‪038‬‬

‫الخاتمة‪....................................................................................................................‬ص‪211‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‪............................................................................................‬ص‪211‬‬
‫املالحق ‪.................................................................................................‬ص‪202‬‬
‫الفهارس‬
‫فهرس املوضوعات‬
‫فهرس املؤرخين و األعالم‬
‫فهرس الحكام‬
‫فهرس القبائل و األسرالشريفة‬
‫فهرس الوظائف و املناصب املتداولة بين النخب الثقافية‬
‫امللخص‬
‫النخبة الثقافية و السلطة في الجزائر في عهد الدايات ‪ 5381-5315‬هو من املواضيع البالغة‬
‫األثر و الذي تصنفه املدرسة التاريخية الوطنية ضمن املواضيع الثقافية بيد أن ضبط‬
‫مصطلح النخبة كان محل خالف بين املؤرخين وكان ذلك في تصفحنا لعدد كبير من املرجعيات‬
‫فلم يكن هناك استخدام له في الدراسات حيث صدر اإلستخدام العلمي للمصطلح في املدرسة‬
‫التاريخية الوطنية في مرحلتها األولى من ‪ 5132‬إلى ‪ 5115‬وفق التراث اإلسالمي بتسميات مختلفة‬
‫فقد كان يطلق على الفئات املميزة من املجتمع بالخاصة و األعيان‪ .‬لكن مع صدور القانون‬
‫التوجيهي للتعليم العالي‪ 5115‬والذي نص على توظيف التاريخ ضد األبحاث األوربية وقع تعديل‬
‫في استخدام املصطلح فتم حصرهم في فئة العلماء وهم من رجال الدين ومع‬
‫قرار‪28‬جانفي‪ 2111‬وإصالحات النظام الجديد تم وضع حد لهذا النوع من التوجهات في‬
‫الدراسة التاريخية لتحدث نقلة نوعية تساهم في التنظير والتفتح على القواعد البحثية التي‬
‫بنيت عليها املدارس األجنبية وبالتالي ورد استخدام مصطلح النخبة لكن تم استخدامه في‬
‫البحوث املتخصصة في التاريخ املعاصر فقط‪.....‬ملاذا؟ ألنه عرف عدة تضاربات في تحديده وألنه‬
‫من املفاهيم املعاصرة التي ترادفت عليها كلمات أخرى‪ ،‬وهذا راجع إلى ارتباطه بمصطلحات‬
‫مجاورة مثل "األنتلجنسيا"‪" ،‬النخبة الحاكمة"‪" ،‬النخبة السياسية"‪"،‬النخبة الثقافية"‪.‬‬

‫• من خالل موقعي كباحثة في التاريخ وجدت طرح سؤال حول آلية استخدام مصطلح‬
‫النخبة في تاريخ الجزائر الحديث وطبيعة عالقة النخبة الثقافية(بعد تحديد‬
‫املصطلح و ضبطه) بالسلطة في ظل تنظيم مستلهم من نموذج السلطة العثمانية‬
‫فترة الدايات على اعتبار أن ذاك التنظيم شهد تحوال وظيفيا وذلك تماشيا مع‬
‫التحوالت االجتماعية و االقتصادية و السياسية للبالد ونتساءل من هذا املنطلق‬
‫عن‪:‬‬

‫• تركيبة هذه النخب‬

‫• موقفها من السلطة الحاكمة في الفترة املدروسة‬


‫حينها أدركت أنه لزاما علي أن أزيل الغموض الذي يعتري ضبط املصطلح وأن أقدم لوطني‬
‫بحثا علميا يضيف الجديد إلى تخصص التاريخ وأن يكون مرجعا عمليا ودليال استرشاديا‬
‫لكل باحث يريد اإلنطالق في ماوصلت إليه من نتائج متواضعة في هذا العمل ملا له من أهمية‬
‫كبرى في فتح مجاالت بحثية جديدة فجاءت رسالتي العلمية النخبة الثقافية و السلطة في‬
‫الجزائر في عهد الدايات كدراسة تحليلية مفسرة وناقدة لهذه الفئات بغية الوصول إلى‬
‫مخرجات تفصل فيما اختلف فيه املؤرخون‪ .‬وإلى منهج متكامل يخدم ويعالج املعطيات‬
‫التاريخية وفق منظومة معرفية تشمل كل العلوم اإلنسانية‬

‫من هذا املنطلق تركزت دراستي على فصلين رئيسيين يسبقها مدخل نظري ملفهوم مصطلح‬
‫النخب وذلك باإلطالع على التعاريف التي أوردتها الدراسات املتخصصة في ضبط املفاهيم‬
‫اإلصطالحية كما وضحت التطور التاريخي الستعماالت مصطلح النخبة فهو مرتبط بعدد‬
‫من املنظورات الفكرية التي تعد كحجر أساس لحل مشكلتنا في ضبط املفهوم‪.‬‬

‫‪ ‬في الفصل األول‪ :‬تمث ــالت النخب ــة خصصته لتحليل البنيان األساس ي في التركيبة‬
‫النخبوية من الناحيتين اإلجتماعية و الثقافية‬

‫‪ ‬أما الفصل الثاني فقد تم تخصيصه عن صمام األمان ألي دراسة تاريخية حيث تم‬
‫مقاربة العالقة بين السلطة والنخبة الثقافية بالجزائرالعثمانية في عهد الدايات‬
‫(‪1331-1761‬م) في مرحلتين مختلفتين ونقصد هنا مرحلة التعايش ومرحلة التوتر‬
‫واإلضطراب والقطيعة بين الطرفين ‪.‬‬

‫‪ ‬وفي نهاية الدراسة قمت بإبرازعدد من التوصيات تمثلت أهمها باقتراح فكرة ضرورة‬
‫الترويج إلعادة النظر إلى هذه العالقة بأبعاد علمية بحثية واسعة وفق فحص علمي‬
‫دقيق يخضع للمنظورات الفكرية الحديثة‪.‬‬

‫‪ ‬طوبال فاطمة الزهراء‬


‫كلمات مفتاحية‬
‫التمثالت‬ ‫التمثالت‬ ‫املقاربة السياسية‬ ‫النخبة الثقافية املقاربة التاريخية‬
‫اإلجتماعية‬ ‫الثقافية‬
‫السلطة‬ ‫فترة الدايات‬ ‫املقاربة املفاهيمية للنخبة‬ ‫السلطة الزمنية السلطة الروحية‬
‫العثمانية‬
‫‪‬‬

‫نوقشت بتاريخ ‪ 12‬مارس‪ 2222‬على الساعة ‪12‬سا‬


‫اﻟﻣﻠﺧص‬

‫اﻟﻧﺧﺑﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ و اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ﻓﻲ ﻋﮭد اﻟداﯾﺎت ‪ 1830-1671 :‬ھو ﻣن اﻟﻣواﺿﯾﻊ اﻟﺑﺎﻟﻐﺔ اﻷﺛر و‬
‫اﻟذي ﺗﺻﻧﻔﮫ اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﺿﻣن اﻟﻣواﺿﯾﻊ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﺑﯾد أن ﺿﺑط ﻣﺻطﻠﺢ اﻟﻧﺧﺑﺔ ﻛﺎن ﻣﺣل‬
‫ﺧﺎﻟف ﺑﯾن اﻟﻣؤرﺧﯾن وﻛﺎن ذﻟك ﻓﻲ ﺗﺻﻔﺣﻧﺎ ﻟﻌدد ﻛﺑﯾر ﻣن اﻟﻣرﺟﻌﯾﺎت ﻓﻠم ﯾﻛن ھﻧﺎك اﺳﺗﺧدام ﻟﮫ ﻓﻲ‬
‫اﻟدراﺳﺎت ﺣﯾث ﺻدر اﻹﺳﺗﺧدام اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻟﻠﻣﺻطﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺗﮭﺎ اﻷوﻟﻰ ﻣن‬
‫‪ 1962‬إﻟﻰ ‪ 1971‬وﻓق اﻟﺗراث اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺗﺳﻣﯾﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻘد ﻛﺎن ﯾطﻠق ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺋﺎت اﻟﻣﻣﯾزة ﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‬

‫ﺑﺎﻟﺧﺎﺻﺔ و اﻷﻋﯾﺎن‪ .‬ﻟﻛن ﻣﻊ ﺻدور اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗوﺟﯾﮭﻲ ﻟﻠﺗﻌﻠﯾم اﻟﻌﺎﻟﻲ‪ 1971‬واﻟذي ﻧص ﻋﻠﻰ ﺗوظﯾف‬

‫اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺿد اﻷﺑﺣﺎث اﻷورﺑﯾﺔ وﻗﻊ ﺗﻌدﯾل ﻓﻲ اﺳﺗﺧدام اﻟﻣﺻطﻠﺢ ﻓﺗم ﺣﺻرھم ﻓﻲ ﻓﺋﺔ اﻟﻌﻠﻣﺎء وھم ﻣن‬
‫رﺟﺎل اﻟدﯾن وﻣﻊ ﻗرار‪23‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ 2005‬وإﺻﻼﺣﺎت اﻟﻧظﺎم اﻟﺟدﯾد ﺗم وﺿﻊ ﺣد ﻟﮭذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺗوﺟﮭﺎت‬

‫ﻓﻲ اﻟدراﺳﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻟﺗﺣدث ﻧﻘﻠﺔ ﻧوﻋﯾﺔ ﺗﺳﺎھم ﻓﻲ اﻟﺗﻧظﯾر واﻟﺗﻔﺗﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻋد اﻟﺑﺣﺛﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺑﻧﯾت ﻋﻠﯾﮭﺎ‬
‫اﻟﻣدارس اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ورد اﺳﺗﺧدام ﻣﺻطﻠﺢ اﻟﻧﺧﺑﺔ ﻟﻛن ﺗم اﺳﺗﺧداﻣﮫ ﻓﻲ اﻟﺑﺣوث اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﻌﺎﺻر ﻓﻘط‪.....‬ﻟﻣﺎذا؟ ﻷﻧﮫ ﻋرف ﻋدة ﺗﺿﺎرﺑﺎت ﻓﻲ ﺗﺣدﯾده و ﻷﻧﮫ ﻣن اﻟﻣﻔﺎھﯾم اﻟﻣﻌﺎﺻرة اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗرادﻓت ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻛﻠﻣﺎت أﺧرى‪ ،‬وھذا راﺟﻊ إﻟﻰ ارﺗﺑﺎطﮫ ﺑﻣﺻطﻠﺣﺎت ﻣﺟﺎورة ﻣﺛل "اﻷﻧﺗﻠﺟﻧﺳﯾﺎ"‪" ،‬اﻟﻧﺧﺑﺔ‬
‫اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ"‪" ،‬اﻟﻧﺧﺑﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ"‪"،‬اﻟﻧﺧﺑﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ"‪.‬‬

‫اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﻣﻔﺗﺎﺣﯾﺔ‪:‬‬

‫اﻟﻧﺧﺑﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ؛ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ؛ اﻷﻋﯾﺎن؛ اﻟداﯾﺎت؛ اﻟﻧﺧﺑﺔ اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ؛ اﻟﻧﺧﺑﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ؛ اﻷﺳر اﻟﺷرﯾﻔﺔ؛‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻧﺧب و اﻟﺳﻠطﺔ؛ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟزﻣﻧﯾﺔ؛ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟروﺣﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻧوﻗﺷت ﯾوم ‪ 12‬ﻣﺎرس ‪2020‬‬

You might also like