Professional Documents
Culture Documents
قصّة سيّدنا يوسف عليه السلام
قصّة سيّدنا يوسف عليه السلام
ّ
سيدنا يوسف عليه السالم هو الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ،وصفه رسولنا الكريم هكذا ألنه
يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السالم ،فهو نبي من أنبياء هللا عز وجل .ووردت قصة
سيدنا يوسف في القرآن الكريم في سورة يوسف وفيها يُفسر ما واجهه من صعوبات وابتالءات ،والتي
سنقوم بعرضها األن في هذا الموضوع .محتويات المقال
قصة سيدنا يوسف عليه السالم ونشأته وُ لِ َد بالعراق في قرية تدعى (فدان آرام) أبيه يعقوب عليه السالم و
أمه راحيل ،توفيت وهو صغير فكفلته عمته وتعلق بها وتعلقت به وأحبته ،وعندما كبر قلياًل أراد أبوه أن
يأخذه منها ولكنها تمسكت بيه ،كان لسيدنا يوسف عليه السالم أحد عشر ً
أخا ولكنه كان أثيرً ا عند أبيه من
بين أخوته.
(و َل َق ْد َجاء ُك ْم يُوسُفُ مِنْ َق ْب ُل ِب ْال َب ِّي َنا ِ
ت قد ذكره هللا في عداد مجموعة األنبياء فقال تعالي في كتابه المبين َ
ث هَّللا ُ مِنْ َبعْ ِد ِه َرسُوال َك َذل َِك يُضِ ُّل هَّللا ُ َمنْ ه َُو
ك قُ ْل ُت ْم لَنْ َيب َْع َ َف َما ِز ْل ُت ْم فِي َش ٍّ
ك ِممَّا َجاء ُك ْم ِب ِه َح َّتى ِإ َذا َهلَ َ
مُسْ ِرفٌ مُرْ َتابٌ ) صدق هللا العظيم.
وهو غالم صغير رأى سيدنا يوسف عليه السالم رؤيا ذهب وقصها على أبيه ،رأى أحد عشر كوكبًا
والشمس والقمر يسجدون له ،فعلم يعقوب عليه السالم أنها تتضمن مج ًدا ليوسف فطلب منه أال يقصص
يت َأ َحدَ َع َش َر
ت ِإ ّني َرَأ ُرؤياه على اخوته خشية عليه من حسدهم .فقال تعالى (ِإذ قا َل يوسُفُ َأِلبي ِه يا َأ َب ِ
ِك َف َيكيدوا لَ َ
ك َكي ًدا ِإنَّ خوت َُؤياك َعلى ِإ َ دين*قا َل يا ُب َنيَّ ال َتقصُص ر َمس َوال َق َم َر َرَأي ُتهُم لي سا ِج َ
َكو َكبًا َوال َّش َ
نسان َع ُد ٌّو مُبينٌ ) صدق هللا العظيم. ِ ال َّش َ
يطان لِِإل
على الرغم من ذلك يقع ما كان يحذره يعقوب ،فحسد اخوته عليه لحب أبيهم له وإيثاره عليهم ،فدبروا له
مكيدة ليقتلوه ،ولكن اقترح أحد اخوته عدم قتله وإلقائه في أحد اآلبار ليأخذه قوم آخرون ،وحدث هذا
بالفعل وعادوا في الليل في وقت متأخر يبكون وقالوا ألبيهم أن الذئب أكله .ولكن أبيهم كان يعلم بكذبهم
وقال لهم ( َبل َس َّولَت لَ ُكم َأنفُ ُس ُكم َأمرً ا َف َ
صب ٌر َجمي ٌل َوهَّللا ُ المُس َتعانُ َعلى ما َتصِ َ
فون) صدق هللا
العظيم ،ومرت قافلة أرسلت واردها إلى البئر وأدلى دلوه فتعلق يوسف به ،فأخذوه ً
عبدا وانتهى به
المطاف عند وزير ملك مصر ،استوصى به خيرً ا فأصبح مملو ًكا في بيت عزيز مصر.
شباب سيدنا يوسف عليه السالم
في قصر عزيز مصر شبّ يوسف عليه السالم ،وقد رزقه هللا الجمال وال ُخلق والحكمة والعلم ومن شدة
جماله فُتنت به زوجة العزيز ،وبات محط أنظارها وعشقته ،فبدأت تدبر ألمر خطير ،أغلقت األبواب
وراودته عن نفسه فاستعصم وقال معاذ هللا .وولى هاربًا فأمسكت بقميصه من الخلف فتمزق ،في هذه
اللحظة حضر العزيز ،فألقت امرأة العزيز األمر على يوسف واتهمت يوسف باالعتداء عليها لتبرأ نفسها
أمام زوجها.
ولكن سرعان ما علم بكذبها ألن قميصه قد تمزق من الخلف ،وعندما انتشرت القصة على المأل
وضعت امرأة العزيز مكيدة ودعت جميع النساء الى جلسة ،وقامت بإعطاء كل منهن طب ًقا وسكي ًنا حادة،
وأمرت يوسف عليه السالم بالدخول عليهن .فسرق أبصارهن وجرحن أيديهن وهن ال يشعرون ،بعدما
(ربِّ السِّجْ نُ
فقد نساء المأل عقولهن ،هددته امرأة العزيز بالذل والسجن إذا لم يلبّ رغبتها منه ،فقال َ
َأ َحبُّ ِإلَيَّ ِممَّا َي ْدعُو َننِي ِإلَ ْيهِ) صدق هللا العظيم.
قصة سيدنا يوسف ودخوله السجن
كان السجن حصن يوسف عليه السالم من الفتنة ،وكأن هللا أراد بسجنه ليحميه من الفاحشة ،وكان معه
في السجن فتيان ،رئيس سقاة الملك ورئيس الخبازين ،كسب ثقتهما وحبهما بحسن خلقه ،وقد أعطاه هللا
عز وجل علم تفسير الرؤى وكشف بعض الغيبيات ،فرأى كل منهما في منامه رؤية .رئيس سقاة الملك
رأى أنه يعصر خمرً ا فقال يوسف له أنه سيصبح ساقي الخمر للملك ،ورئيس الخبازين رأى أنه يحمل
فوق رأسه طب ًقا من الخبز والطير تأكل من ذلك الخبز ،فقال يوسف له أنه سيصلب وتأكل الطير من
رأسه ،وعندما خرجوا تحققت الرؤى ،ولبث يوسف عليه السالم في السجن بضع سنين.
مر الوقت ورأي الملك رؤيا قصها على المأل ولكن الجميع عجزوا عن تفسيرها ،فذكر ساقي الخمر
للملك ما حدث له وأن يوسف هو من فسر له رؤياه وتحققت .فأمر الملك أن يحضروا له يوسف من
السجن ،وبالفعل استطاع يوسف عليه السالم أن يفسر رؤيا الملك التي عجز الجميع عن تفسيرها،
ضا :قصة سيدنا موسى مع الخضر مختصرة فأعجب الملك به وبجمال خلقه وعلمه الواسع .شاهد أي ً
عزيزا أمي ًنا على خزائن
ً قصة سيدنا يوسف وخروجه من السجن خرج يوسف عليه السالم من السجن
مصر ،وجعله الملك مسئواًل على كل مصر باستثناء كرسي الملك فأدار أمر البالد ،وتحولت حياة يوسف
عليه السالم من المحن إلى الرخاء ومن العبودية إلى السلطة والملك.
دارت االيام وتبدلت الظروف وانتشرت المجاعات في بقاع أرض كنعان وما حولها ،لكن مصر كانت
محط أنظار جيرانها ،فكانت مخزن الطعام في المنطقة كلها ،ألن يوسف عليه السالم ادخر في سنوات
الخصب والرخاء في سنابله لمواجهة الكرب في سنوات القحط.
فقاد هللا عز وجل أخوة سيدنا يوسف عليه السالم إليه في مصر ،فدخلوا عليه طالبين الطعام إال شقيقه
بنيامين ،ألن أباه صار حريصً ا عليه بعد فقدانه لولده يوسف ،وسرعان ما عرفهم وأخذ يحقق معهم عن
أسرتهم وأبيهم ،فأعطاهم جزءًا من الطعام في أوعيتهم وطلب منهم أن يحضروا بأخيهم بنيامين المرة
المقبلة.
ولما وفدوا عليه مرة أخرى دبر لهم أمرً ا ليبقي به أخاه بنيامين عنده ،فكلف غلمانه أن يدسوا اإلناء الذي
يشرب به في رحل أخيه بنيامين ،ولما حملوا أمتعتهم عائدين إلى بالدهم أرسل الجنود للبحث عن سقاية
الملك ،فوجدوها في رحل بنيامين فأخذوه.
وعندما عادوا إلى أبيهم بدون أخاهم األصغر قصوا عليه ما حدث ولكنه لم يصدقهم وظن بهم السوء،
شديدا أفقده بصره .ثم عادوا إليه مرة أخرى وقد مسهم الفقر والحزن والضرر ،وتوسلوا أن ً وحزن حز ًنا
يفرج عن أخيهم ،وخالل محادثتهم بأسلوب بارع عرفهم سيدنا يوسف عليه السالم بنفسه ،فقالواَ( :أِئ َّن َ
ك
هذا َأخِي َق ْد َمنَّ هَّللا ُ َعلَ ْي َنا!) فقالوا لهَ ( :تاهَّلل ِ لَ َق ْد آ َث َر َ
ك هَّللا ُ َعلَ ْي َنا!) ت يُوسُفُ ) فرد قائالَ( :أ َنا يُوسُفُ َو َ َأل ْن َ
صدق هللا العظيم.
وطلبوا منه السماح والتمسوا منه الصفح عما كان منهم ،فقال( :ال َت ْث ِر َ
يب َعلَ ْي ُك ْم ْال َي ْو َم َي ْغفِ ُر هَّللا ُ لَ ُك ْم)،
فطلب منهم أن يأتوا بأهلهم أجمعين وبذلك انتقل بني إسرائيل إلى مصر.
لما اجتمع سيدنا يوسف عليه السالم وأبيه بعد هذا الفراق الطويل كان حينئ ٍذ عمر يعقوب مائة وثالثون
عامًا وعمر يوسف تسع وثالثون عام ،توفي أبيه سيدنا يعقوب عليه السالم بعد ما قضى معه سبعة عشر
عامًا.
وتوفي يوسف عليه السالم مائة وعشرة عامًا ومات في مصر وهو في الحكم ودفن فيها ،وبعد ذلك نقل
رفاته إلى الشام أيام سيدنا موسى عليه السالم.