D 4

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 24

‫(‪)1‬‬

‫فتاوى العالمة ابن عُثيمني يف اُألضحية‬


‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬عن الفرق بني اهلدي واألضحية والفدية؟‬
‫فأجاب‪ -‬رمحه اهلل‪ -‬بقوله‪ :‬أما األضحية فهي‪ :‬ما يذبح يف أيام عيد األضحى تقربًا إىل اهلل عز وجل يف عامة البلدان‪ ،‬يف‬
‫مكة وغريها‪.‬‬
‫وأما اهلدي فهو‪ :‬ما يهدى إىل احلرم‪ ،‬من اإلبل والبقر والغنم‪ ،‬مبعىن أن يبعث اإلنسان بشيء من اإلبل‪ ،‬أو البقر‪ ،‬أو الغنم‬
‫تذبح يف مكة‪ ،‬وتوزع على فقراء احلرم‪ ،‬أو يبعث بدراهم ويوكل من يشرتي هبا هديًا من إبل أو بقر أو غنم ويذبح يف مكة ويوزع‬
‫على الفقراء‪.‬‬
‫وشكرا‬
‫ً‬ ‫أيضا‪ -‬ما يقوم به احملرم املتمتع الذي أتى بالعمرة مث باحلج فلزمه هدي‪ ،‬يكون تقربًا إىل اهلل عز وجل‪،‬‬
‫ومن اهلدي‪ً -‬‬
‫لنعمه حيث يسر له العمرة واحلج‪.‬‬
‫أما الفدية فهي‪ :‬ما كانت عن ترك واجب أو فعل حمظور‪.‬‬
‫مثال عن ترك الواجب‪ :‬أن يرتك اإلنسان رمي اجلمرات فيجب عليه فدية يذحبها يف مكة ويوزعها على الفقراء‪.‬‬
‫ومثال فعل احملظور‪ :‬أن حيلق رأسه وهو حمرم‪ ،‬فعليه فدية من صيام‪ ،‬أو صدقة‪ ،‬أو نسك‪ ،‬هذا هو الفرق‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬ما حكم األضحية؟ وما حكم إفراد امليت باألضحية؟‬
‫فأجاب‪ -‬رمحه اهلل‪ -‬بقوله‪ :‬األضحية سنة مؤكدة للقادر عليها‪ ،‬فيضحي اإلنسان عن نفسه وأهل بيته‪.‬‬
‫وأما إفراد امليت باألضحية فليس بسنة‪ ،‬فإنه مل يرد عن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ - -‬فيما أعلم‪ -‬أنه ضحى عن أحد ميت‬
‫أضحية منفردة‪ z،‬وال عن أصحابه يف حياته ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ، -‬ولكن يضحي اإلنسان عنه وعن أهل بيته‪ ،‬وإذا نوى أن‬
‫يكون امليت معهم فال بأس‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬عن حكم األضحية؟ وما شروطها؟ وهل تشرع عن األموات؟‬
‫دليل استدلوا به‪ ،‬واالحتياط‬
‫فأجاب‪ -‬رمحه اهلل‪ -‬بقوله‪ :‬األضحية سنة مؤكدة‪ ،‬وقال بعض العلماء‪ :‬إهنا واجبة‪ ،‬ولكل قوم ٌ‬
‫أال يدعها الغين الذي أغناه اهلل تبارك وتعاىل‪ ،‬وأن جيعلها من نعمة اهلل عليه‪ ،‬حيث يشارك احلجاج يف شيء من النسك‪ ،‬فإن احلجاج‬
‫يف أيام العيد يذحبون هداياهم‪ ،‬وأهل األمصار يذحبون ضحاياهم‪ ،‬فمن رمحة اهلل تبارك وتعاىل أن شرع ألهل األمصار أن يضحوا يف‬
‫أيام‬
‫األضحية ليشاركوا احلجاج يف شيء من النسك‪.‬‬
‫وهلذا نقول‪ :‬القادر عليها ال ينبغي أن يدعها‪.‬‬
‫مث األضحية ليست لألموات‪ ،‬األضحية لألحياء‪ ،‬وليست بسنة لألموات‪ ،‬ودليل ذلك‪ :‬أن الشرع إمنا يأيت من عند اهلل عز‬
‫وجل ورسوله ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ، -‬والذي جاءت به السنة هي األضحية عن األحياء‪ ،‬فالنيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬مات‬
‫يضح عنهم‪ ،‬كل أوالده توفُّوا قبله عليه الصالة والسالم‪ ،‬منهم الذي بلغ احلُلُم‪ ،‬ومنهم من مل يبلغ احللم‪ ،‬فأبناؤه ماتوا‬
‫له أقارب ومل ِّ‬
‫قبل أن يبلغوا احللم‪ ،‬وبناته ِمنْت َ بعد أن بلَ ْغ َن احلُلُم‪ ،‬إال فاطمة‪ -‬رضي اهلل عنها‪ ،-‬فقد بقيت بعده‪ ،‬ومات له زوجتان‪ :‬خدجية‪،‬‬
‫يضح عنه‪،‬‬
‫عمه محزة بن عبد املطلب‪ -‬رضي اهلل عنه‪ -‬ومل ِّ‬ ‫يضح عنهما‪ ،‬واستشهد ُّ‬ ‫وزينب بنت خزمية‪ -‬رضي اهلل عنهما‪ ،-‬ومل ِّ‬
‫فهو عليه الصالة والسالم مل يشرع األضحية عن امليت‪ ،‬ومل يدعُ َّأمته إىل ذلك‪.‬‬
‫‪ )?(1‬جمموع فتاوى ورسائل العثيمني (‪)119-25/9‬‬

‫‪1‬‬
‫ضحى عن امليت؟ ألن ذلك مل يرد عن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ، -‬وال علمته‬ ‫وعلى هذا فنقول‪ :‬ليس من السنة أن يُ َّ‬
‫اتباعا لوصيته‪ ،‬وكذلك إذا دخل امليت‬ ‫يضحى عنه فهنا تُتبع وصيته ويَضحى عنه‪ً ،‬‬ ‫أيضا‪ ،‬نعم إذا أوصى امليت أن َّ‬ ‫واردا عن الصحابة ً‬ ‫ً‬
‫فرد امليت بأضحية من عنده‪،‬‬ ‫مع األحياء ضمنًا كأن يضحي اإلنسان عنه وعن أهل بيته‪ ،‬وينوي بذلك األحياء واألموات‪ ،‬وأما أن يُ َ‬
‫فهذا ليس من السنة‪.‬‬
‫أما األضحية نفسها فلها شروط‪ :‬منها ما يتعلق بالوقت‪.‬‬
‫‪ -‬ومنها ما يتعلق بنفس األضحية‪.‬‬
‫أما الوقت‪ :‬فإن األضحية هلا وقت حمدد ال تشرع قبله وال بعده‪.‬‬
‫ووقتها‪ :‬من فراغ صالة العيد إىل مغيب الشمس ليلة الثالث عشرة‪ ،‬فتكون األيام أربعة‪ :‬هي يوم العيد‪.‬‬
‫وثالثة أيام بعده‪.‬‬
‫هنارا فأضحيته صحيحة‪ ،‬من حيث الوقت‪ ،‬ومن ضحى قبل الصالة فشاته شاة حلم ال‬ ‫ضحى يف هذه املدة ليالً أو ً‬
‫فمن َّ‬
‫جتزئ عن األضحية‪ ،‬وعليه أن يذبح بدهلا‪ ،‬ومن ضحى بعد غروب الشمس يف اليوم الثالث عشر مل جت ِز عن األضحية اللهم إال أن‬
‫معذورا‪.‬‬
‫ً‬ ‫يكون‬
‫‪ -‬وأما شروطها بنفسها‪ ،‬فيشرتط فيها‪:‬‬
‫ضحى بشيء غري هبيمة األنعام مل تُقبل‬ ‫الشرط األول‪ :‬أن تكون من هبيمة األنعام‪ :‬وهي اإلبل والبقر والغنم‪ ،‬ضأهنا ومعزها‪ ،‬فمن َّ‬
‫ضحي اإلنسان بفرس‪ ،‬أو بغزال‪ ،‬أو بنعامة‪ ،‬فإن ذلك ال يُقبل منه؟ ألن األضحية إمنا وردت يف هبيمة األنعام‪،‬‬ ‫منه‪ ،‬مثل أن يُ ِّ‬
‫واألضحية عبادة وشرع‪ ،‬ال يُشرع منها وال يُتعبد هلل بشيء منها إال مبا جاء به الشرع‪ ،‬لقول النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪" : -‬من‬
‫عمل عمالً ليس عليه أمرنا فهو رد" (‪ )1‬أي مردود‪z.‬‬
‫شرعا‪:‬‬
‫الشرط الثاين‪ :‬أن تبلغ السن املعترب ً‬
‫وهي يف الضأن‪ :‬ستة أشهر‪.‬‬
‫ويف املعز‪ :‬سنة‪.‬‬
‫ويف البقر‪ :‬سنتان‪.‬‬
‫ويف اإلبل‪ :‬مخس سنوات‪.‬‬
‫فمن ضحى مبا دون ذلك فال ُأضحية له‪ ،‬فلو ضحى بشيء من الضأن له مخسة أشهر مل تصح األضحية به‪ ،‬أو بشيء من املعز له‬
‫عشرة أشهر مل تصح األضحية به‪ ،‬أو بشيء من البقر له سنة وعشرة أشهر مل تصح األضحية به‪ ،‬أو بشيء من اإلبل له أربع سنني‬
‫وستة أشهر مل تصح به‪ ،‬فالبد أن يبلغ السن املعترب‪ ،‬ودليل ذلك قول النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪( : -‬ال تذحبوا إال ُم ِسنَّة‪ -‬يعين‬
‫(‪)2‬‬
‫ثنيّة‪ -‬إال أن ْتع ُسَر عليكم فتذحبوا َج َذعة من الضأن "‬
‫الشرط الثالث‪ :‬أن تكون سليمة من العيوب املانعة من اإلجزاء‪:‬‬

‫(?)أخرجه مسلم يف كتاب األقضية‪ ،‬باب نقض األحكام الباطلة‪. )1718( ، )17( .‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?)أخرجه مسلم يف كتاب األضاحي‪ ،‬باب سن األضحية‪. )1963( .‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪2‬‬
‫وهي أربعة‪ :‬أجاب هبا النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬حيث ُسئل‪ :‬ماذا يُتقى من الضحايا؟ فقال‪" :‬أربع‪ :‬العوراء البنِّي عورها‪،‬‬
‫واملريضة البنّي مرضها‪ z،‬والعرجاء البنِّي عرجها‪ ،‬والعجفاء اليت ال تُنقي " (‪ )1‬أي ليس فيها ُمخ‪ ،‬هلزاهلا وضعفها‪ ،‬وما كان مثل هذه‬
‫العيوب أو أشد فهو مبعناها‪ ،‬له حكمها‪ ،‬فهذه ثالثة شروط عائدة إىل ذات األضحية‪ ،‬والشرط الرابع عائد إىل وقتها وسبق بيانه‪.‬‬
‫ات َعلَى ما ر َز َقهم من هَبِيم ِة اَ ِ‬
‫ألنعام فَ ُكلُواْ‬ ‫أيام معلُوم ٍ‬
‫اهلل ىِف ٍ‬ ‫أما كيف توزع‪ :‬فقد قال اهلل تعاىل‪" :‬ليشه ُدوا منافِع هَل م ويذكروا آسم ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ً ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِئ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِئ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َو َّ‬ ‫اها لَكْم م ّن َش َعا ِر اهلل لَك ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫آف‬ ‫سم اَهلل َعلَيها َ‬
‫ْم ف َيها َخْيٌر فَاَ ْذ ُكُروا اَ َ‬ ‫س اَل َفق َري " وقال سبحانه‪َ :‬والبُد َن َج َع ْلنَ َ‬ ‫مْن َها َوأطْع ُموا آلْبَآ َ‬
‫ِ‬
‫ْم لَ َعلَّكم تَ ْش ُكُرو َن" (‪ ، )3‬فيأكل اإلنسان منها‪،‬‬ ‫اها لَك ْ‬
‫ك َس َّخ ْرنَ َ‬‫فَإ َذا َو َجبَت ُجنُوبُ َها فَ ُك ْلواْ ِمْن َها َوأطعِ ُموا الْ َقانِ َع َوالْ ُم َعتَّر َك َذال َ‬
‫ويتصدق منها على الفقراء‪ ،‬ويُهدي منها لألغنياء‪ ،‬تألًُّفا وحتبُّبًا‪ ،‬حىت جيتمع يف األضحية ثالثة أمور مقصودة‪ z‬شرعية‪:‬‬
‫األمر األول‪ :‬التمتع بنعمة اهلل‪ ،‬وذلك يف األكل منها‪.‬‬
‫األمر الثاين‪ :‬رجاء ثواب اهلل‪ ،‬وذلك بالصدقة منها‪.‬‬
‫التودد إىل عباد اهلل‪ ،‬وذلك باهلدية منها‪.‬‬ ‫األمر الثالث‪ّ :‬‬
‫لث يتصدق به‪ ،‬وثُلث يهديه‪.‬‬ ‫لث يأكله‪ ،‬وثُ ٌ‬ ‫معان جليلة مقصودة‪ z‬للشرع‪ ،‬وهلذا استحب بعض العلماء أن تكون أثالثًا‪ ،‬فثُ ٌ‬ ‫وهذه ٍ‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬ما القول الصحيح يف حكم األضحية؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬الذي يظهر يل أن األضحية ليست بواجبة ولكنها سنة مؤكدة‪ ،‬يُكره للقادر تركها‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬رجل يتقرب إىل اهلل بذبيحة لكن يف غري وقت األضحية‪ ،‬فهل له أجر؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬من املعلوم أن التقرب إىل اهلل بذبيحة يف غري وقت األضحية ال حيصل فيها أجر األضحية‪ ،‬لكن إن تصدق‬
‫وحينئذ نقول له‪ :‬ال تتقرب بالذبح إال على نية أنك تريد أنت تتقرب‬ ‫ٍ‬ ‫بلحمها فله أجر الصدقة‪ .‬وأما يأخذ أجر األضحية فال‪،‬‬
‫بالصدقة بلحمها‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬ما حكم األضحية وهل يستدين اإلنسان ليضحي؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬األضحية سنة مؤكدة ملن كان قادراً عليها‪ ،‬حىت قال بعض أهل العلم‪ :‬إهنا واجبة‪ ،‬وممن قال بوجوهبا أبو‬
‫حنيفة وأصحابه‪ -‬رمحهم اهلل‪ -‬وهو رواية عن اإلمام أمحد بن حنبل‪ -‬رمحه اهلل‪ -‬واختاره شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ -‬رمحه اهلل‪،-‬‬
‫وعلى هذا فال‬
‫ينبغي للقادر أن يدع األضحية‪.‬‬
‫أما َمن ليس عنده فلوس فإنه ال ينبغي له أن يستدين ليضحي؛ ألنه سوف يشغل ذمته بالدين‪ ،‬وال يدري أيقدر على وفائه أم‬
‫قادرا فال يدع األضحية ألهنا سنة‪ ،‬واألضحية يف احلقيقة إمنا هي عن الرجل وأهل بيته هذه هي السنة كما فعل‬ ‫ال‪ ،‬لكن من كان ً‬
‫النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ، -‬فقد كان يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته‪ ،‬واإلنسان إذا ضحى بالشاة عنه وعن أهل بيته كفاه‬
‫عن اجلميع األحياء واألموات‪ ،‬وال حاجة أن خيص األموات بأضحية كما يفعل بعض الناس‪ ،‬حيث خيصون بعض األموات‬

‫(?)أخرجه اإلمام مالك يف املوطأ‪ ،‬كتاب الضحايا‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?)احلج‪.28 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?)احلج‪.36 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪3‬‬
‫باألضحية‪ ،‬ويدعون أنفسهم ال يضحون عنهم وال عن أهليهم‪ ،‬وأما األضاحي عن األموات يف الوصايا اليت أوصوا هبا فالبد من‬
‫تنفيذها‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬هل ذبح األضحية يوم العيد واجب أو سنة؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬كان الذي ينبغي أن يسأل عن األضحية هل هي واجبة أم ال؟‪.‬‬
‫وقد اختلف العلماء يف وجوهبا‪.‬‬
‫فمنهم من قال‪ :‬إهنا واجبة كما هو مذهب أيب حنيفة‪ ،‬وإحدى الروايتني عن اإلمام أمحد‪ ،‬وأحد القولني يف مذهب مالك‪ ،‬واختيار‬
‫شيخ اإلسالم ابن تيمية؛ ألن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬أمر هبا وواظب عليها‪.‬‬
‫ومن العلماء من يقول‪ :‬إهنا سنة مؤكدة يكره للقادر تركها‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬كيف جيمع اإلنسان بني األضحية واحلج؟ وهل هذا مشروع؟‬
‫يضح النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬يف حجة الوداع وإمنا‬‫فأجاب بقوله‪ :‬احلاج ال يضحي وإمنا جهدي هديًا؟ وهلذا مل ِّ‬
‫أهدى‪ ،‬ولكن لو فرض أن احلاج حج وحده وأهله يف بلده فهنا يدع ألهله من الدراهم ما يشرتون به األضحية ويضحون هبا‪،‬‬
‫ولكون هو جهدي‪ ،‬وهم يضحون؟ ألن األضاحي إمنا تشرع يف األمصار‪ ،‬أما يف مكة فهو اهلدي‪.‬‬
‫*سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬كيف جيمع اإلنسان بني احلج واألضحية؟ وماذا يصنع بالنسبة لألخذ من شعره وأظفاره؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬احلاج ال يضحي لكن من له أهل فإنه جيعل عندهم القيمة يضحون عنهم‪ ،‬وأما هو فله اهلدي‪ ،‬وإذا قدِّر أنه‬
‫قال ألهله‪ :‬ضحوا عين وعنكم‪ ،‬فهو املضحي حقيقة‪ ،‬ولكن ال حرج أن يأخذ من شعره إذا حتلل من العمرة؟ ألن اإلنسان املتمتع‬
‫إذا قدم مكة وطاف‬
‫وسعى فإنه يقصر وهذا التقصري ال يضر؟ ألنه نسك والذي ورد به النهي إمنا هو األخذ لغري النسك‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬هل على احلاج أضحية؟ وما اجلواب عن أن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬ضحى عن أزواجه‬
‫بالبقر (‪ )1‬؟ وما جاء يف حديث ثوبان رضي اهلل عنه قال‪" :‬ذبح رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬ضحيته" (‪ )2‬ويف رواية أن ذلك‬
‫يف حجة الوداع(‪ )3‬؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬األضحية للحاج إن كان يريد أن يضحي يف أهله‪ ،‬مبعىن أنه حج وأهله مقيمون يف بلده وأراد أن يعطيهم‬
‫دراهم يشرتون هبا األضحية يضحون هبا فهذا ال بأس به‪.‬‬
‫وأما إذا كان يريد أن يضحي يف مىن فإنه ال يضحي يف مىن‪ ،‬ليس يف احلج إال اهلدي‪.‬‬
‫وأما حديث أن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬ضحى عن أزواجه بالبقر فاملراد بـ (ضحى) ‪ ،‬أي‪ :‬ذحبها عنهن يف الضحى‪،‬‬
‫بقرا‪ ،‬لكن ذحبها يف الضحى فأطلق عليها أهنا أضحية‪ ،‬وكذلك ما جاء يف حديث ثوبان‪ -‬رضي اهلل عنه‪ ،-‬وكل ما‬ ‫فأهدى هلن ً‬
‫أطلق عليه أنه أضحية يف احلج فإنه هدي‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬هل على كل مسلم أن يضحي؟ وهل جيوز اشرتاك مخسة أفراد يف أضحية واحدة؟‬

‫(?)أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب األضاحي‪ ،‬باب بيان ما كان من النهي عن أكل األضحية‪. )975( ، )35( ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?)أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب األضاحي‪ ،‬باب بيان ما كان من النهي عن كل األضحية‪. )975( ، )35( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?)أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب األضاحي‪ ،‬باب بيان ما كان من النهي عن كل األضحية‪. )975( ، )36( ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪4‬‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وأصلي وأسلم على نبينا حممد وعلى آله وأصحابه أمجعني‪z.‬‬
‫األضحية هي الذبيحة اليت يتقرب هبا اإلنسان إىل اهلل يف عيد األضحى واأليام الثالثة بعده‪ ،‬وهي من أفضل العبادات؟ ألن اهلل‬
‫اك الْ َكوثَر (‪ )1‬فَ ِ‬
‫صاليِت‬‫ك َواحْنَْر) ‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬قُ ْل ِإ َّن َ‬ ‫سبحانه وتعاىل قرهنا يف كتابه بالصالة فقال جل وعال‪ِ( :‬إنَّا ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫ص ِّل لَربِّ َ‬
‫َ‬ ‫َأعطَْينَ َ ْ َ‬
‫ِِ‬ ‫يك لَه وبِ َذلِ َ ِ‬ ‫ونُس ِكي وحَمْياي ومَمَايِت هلل ر ِّ ِ‬
‫ني (‪ )162‬ال َش ِر َ ُ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ت َوَأنَا ََّأو ُل الْ ُم ْسلم َ‬
‫ني)‬ ‫ك ُأم ْر ُ‬ ‫ب الْ َعالَم َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ ََ‬
‫(‪)3‬‬
‫وضحى النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬بأضحيتني إحدامها عنه وعن أهل بيته‪ ،‬والثانية عمن آمن به من أمته ‪ ،‬وحث‬
‫الناس عليها صلوات اهلل وسالمه عليه‪ ،‬ورغب فيها‪.‬‬
‫وقد اختلف العلماء‪ -‬رمحهم اهلل‪ -‬هل األضحية واجبة‪ ،‬أو ليست بواجبة على قولني‪.‬‬
‫ك َواحْنَْر) وملا جاء عن النيب ‪ -‬صلى‬ ‫فمنهم من قال‪ :‬إهنا واجبة على كل قادر؟ لألمر هبا يف كتاب اهلل عز وجل يف قوله‪( :‬فَ ِ‬
‫ص ِّل لَربِّ َ‬
‫َ‬
‫اهلل عليه وسلم ‪ -‬فيمن ذبح قبل الصالة أن يذبح بعد الصالة (‪ ، )4‬وفيما روي عنه‪" :‬من وجد سعة فلم يضح فال يقربن مصالنا"‬
‫(‪ ، )5‬فال ينبغي لإلنسان أن يدع األضحية ما دام قادراً عليها‪ ،‬فليضح بالواحدة عنه وعن أهل بيته‪ ،‬وال جيزئ أن يشرتك اثنان فأكثر‬
‫اشرتاك ملك يف األضحية الواحدة من الغنم ضأخنها أو معزها‪ z،‬أما االشرتاك يف البقرة أو البعري فيجوز أن يشرتك سبعة يف الواحدة‪،‬‬
‫هذا باعتبار االشرتاك يف امللك‪ ،‬وأما التشريك بالثواب فال حرج أن يضحي اإلنسان بالشاة عنه وعن أهل بيته وإن كانوا كثريين‪،‬‬
‫بل له أن يضحي عن نفسه وعن علماء األمة اإلسالمية وما أشبه ذلك من العدد الكثري الذي ال حيصيه إال اهلل‪.‬‬
‫وهنا أنبه على أمر يفعله بعض العامة معتقدين‪ :‬أن األضحية إمنا تكون عن امليت‪ ،‬حىت إهنم كانوا فيما سبق إذا قيل‬
‫ألحدهم‪ :‬هل ضحيت عن نفسك؟ يقول‪ :‬أضحي وأنا حي؟! يستنكر هذا األمر‪،‬‬
‫ولكن ينبغي أن يُعلم أن األضحية إمنا شرعت للحي‪ ،‬فهي من السنن املختصة باألحياء‪ ،‬وهلذا مل يرد عن النيب ‪ -‬صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪ -‬أنه ضحى عن أحد من الذين ماتوا من أقاربه‪ ،‬أو من زوجاته على وجه االنفراد‪ ،‬فلم يضح عن خدجية‪ ،‬وهي أول‬
‫زوجاته‪ -‬رضي اهلل عنها‪ ،-‬وال عن زوجته زينب بنت خزمية‪ -‬رضي اهلل عنها‪ -‬اليت ماتت بعد تزوجه إياها مبدة غري طويلة‪ ،‬ومل‬
‫يضح عن عمه محزة بن عبد املطلب‪ -‬رضي اهلل عنه‪ -‬الذي استشهد يف أحد‪ ،‬وإمنا كان يضحي عنه وعن أهله بيته‪ ،‬وهذا يشمل‬
‫تبعا بأن يضحي اإلنسان عنه وعن آل بيته‪ ،‬وينوي بذلك‬ ‫احلي وامليت‪ ،‬وهناك فرق بني االستقالل والتبع‪ ،‬فيضحى عن امليت ً‬
‫األحياء واألموات‪ ،‬وأما أن يضحي عن ميت خبصوصه‪ z‬بعينه فهذا ال أساس له من السنة فيما أعلم‪ ،‬أما إذا كان امليت قد أوصى‬
‫معلوما‪ ،‬وهو أن األضحية إمنا تشرع يف األصل يف حق احلي ال يف‬ ‫تبعا لوصيته‪ ،‬وأرجو أن يكون هذا األمر ً‬ ‫بأضحية فإنه يضحي عنه ً‬
‫تربعا من أحد فإهنا وإن جازت‪ ،‬لكن األفضل خالف ذلك‪.‬‬ ‫حق امليت‪ ،‬فاألضحية عن امليت تكون بالتبع وتكون بوصية‪ ،‬أما ً‬

‫(?)الكوثر (‪)2 -1‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?)األنعام (‪)163 -162‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?)أخرجه اإلمام أمحد (‪ ، )6/391‬وابن ماجه كتاب األضاحي‪ ،‬باب أضاحي رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪)3122( ،-‬‬ ‫‪3‬‬

‫(?)أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب األضاحي‪ ،‬باب من ذبح قبل الصالة فليعد (‪ . )5561‬ومسلم‪ ،‬كتاب األضاحي‪ ،‬باب وقتها (‬ ‫‪4‬‬

‫‪. )1960‬‬
‫(?)أخرجه األمام أمحد (‪ ، )20/321‬وابن ماجه‪ ،‬كتاب األضاحي‪ ،‬باب األضاحي واجبة هي أم ال؟ (‪ ،- )3123‬واحلاكم (‬ ‫‪5‬‬

‫‪ )2/389‬وصححه‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬هل من السنة أن اإلنسان إذا أهدى يف احلج أن يضحي؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهلل‪ :‬إنه ال أضحية للحاج؟ ألن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬مل يضح‪،‬‬
‫وأهدى مئة بعري عن سبع مائة رأس من الغنم (‪ ، )1‬لكن إذا كان اإلنسان له عائلة مل حيجوا معه‪ ،‬وأوصاهم أن يضحوا عنه وعنهم‬
‫فهذا طيب‪ .‬فإذا كان له عائلة فمن السنة أن جيعل هلم أضحية عنه وعنهم إذا مل حيجوا معه‪ z،‬وأما احلجاج فال يضحون وإمنا يهدون‬
‫هديًا‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ -‬عن رجل يضحي مع عائلته‪ ،‬وله أبناء يف مدينة أخرى ليسوا متزوجني‪ ،‬ومل يضحوا فماذا عليهم؟‬
‫أحدا؟ ألن األضحية سنة‬ ‫فأجاب بقوله‪ :‬إذا ضحوا فهو خري‪ ،‬وإن تركوا األضحية فال شيء عليهم‪ ،‬واألضحية ال تلزم ً‬
‫مؤكدة من األصل‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬عن شخص له والدة متوفاة‪ ،‬ويريد أن يضحي عنها من ماله‪ ،‬فهل يشركها يف األضحية‬
‫مع أهل بيته‪ ،‬أم يضحي عنها بأضحية خاصة؟‬
‫مبشروع‪ ،‬إذ مل يرد عن النيب ‪-‬‬
‫ٍ‬ ‫جائزا لكنه ليس‬
‫ص به‪ ،‬وإن كان هذا ً‬ ‫فأجاب بقوله‪ :‬ال يشرع للميت أضحية خاصة خُت ُ‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ‪ ، -‬وال عن أصحابه‪ -‬رضي اهلل عنهم‪ -‬فيما أعلم‪ -‬أنه ضحى عن أحد من األموات أضحية مستقلة‪ ،‬فالنيب‬
‫‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬قد ماتت زوجته خدجية‪ ،‬وماتت زوجته زينب بنت خزمية‪ -‬رضي اهلل عنهما‪ -‬ومنت بناته إال فاطمة‪،‬‬
‫أحدا منهم بأضحية‪ ،‬وإمنا كان يقول ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬عند‬ ‫ومات أبناؤه‪ ،‬ومات عمه محزة‪ -‬رضي اهلل عنهم‪ -‬ومل خيص ً‬
‫تضحيته‪" :‬اللهم هذه عن حممد واس حممد" (‪ ، )2‬فيشمل آل بيته األحياء واألموات‪.‬‬
‫وإذا كان كذلك فإن األفضل يف حق السائل أال خيص أمه بأضحية خاصة‪ ،‬وإمنا يضحي بأضحية عنه وعن أهل بيته‪،‬‬
‫وتشمل األحياء واألموات هذه هي السنة‪ ،‬وإن بعض الناس يضحي بأضحية عن امليت أول سنة من موته يسموهنا‪ :‬أضحية احلفرة‪،‬‬
‫أو أضحية الدفنة‪ ،‬وهذا من البدع؟ ألن ختصيص امليت بأضحية هبذا االسم يف أول سنة ميوت مل يرد عن الرسول ‪ -‬صلى اهلل عليه‬
‫(‪)3‬‬
‫وسلم ‪ ، -‬وال عن أصحابه‪ ،‬فيكون من البدع اليت ابتدعها الناس‪ ،‬وكل بدعة ضاللة كما قال النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪-‬‬
‫* حكم األضحية عن األموات‪:‬‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم من حممد الصاحل العثيمني إىل األخ املكرم‪ z...‬حفظه اهلل تعاىل‪ -‬السالم عليكم ورمحة اهلل وبركاته‪.‬‬
‫كتابكم املؤرخ ‪ 29‬من الشهر املاضي وصل‪ .‬سرنا صحتكم واحلمد هلل على ذلك‪.‬‬
‫أما سؤالكم عما كثر من أقوال العامة واخلاصة ممن ينتسبون إىل العلم أنه ليس للموتى أضحية‪ ،‬وليس هلم صدقة إال الصدقة اجلارية‬
‫فقط‪ ،‬وكذلك ما يصح هلم حج وال غريه إال الذي ما قضى فرضه فهو حيج عنه‪.‬‬
‫فجوابه‪ :‬أما األضحية عن األموات فإهنا تنقسم إىل ثالثة أقسام‪:‬‬

‫(?)أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب احلج‪ ،‬باب حجة النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪. )1218( ، -‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?)أخرجه اإلمام أمحد (‪. )6/391‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?)أخرجه مسلم‪ /‬كتاب اجلمعة‪ /‬باب ختفيف الصالة واخلطبة برقم (‪. )867‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪6‬‬
‫أحدها‪ :‬أن يوصي هبا امليت فيضحي عنه تنفيذا لوصيته؟ ألن اهلل تعاىل مل يبح تغيري الوصية إال إذا كانت جنفاً أو إمثاً‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫وص جَن ًفا أو ِإمْثًا فََأصلَح ب َينهم فَالَ ِإمْث علَي ِه ِإ َّن اهلل َغ ُف ِ‬ ‫(فَمن خ َ ِ‬
‫يم(‪ ، )1( ))182‬واألضحية ليست جنفاً وال إمثاً‪ ،‬بل‬ ‫ور َرح ٌ‬
‫َ ٌ‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ َ َ ُْ‬ ‫اف من ُم ٍ َ ْ‬ ‫َْ َ‬
‫هي عبادة مالية من أفضل العبادات والشعائر‪.‬‬
‫وقد روى الرتمذي وأبو داود عن علي بن أيب طالب‪ -‬رضي اهلل عنه‪ -‬أنه كان يضحي بكبشني أحدمها عن نفسه واآلخر‬
‫عن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ، )2( -‬ويف رواية أيب أنه قال‪ :‬إن رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬أوصاين أن أضحي عنه‪،‬‬
‫فأنا أضحي عنه (‪ ، )3‬وقد ترجم لذلك الرتمذي وأبو داود فقال الرتمذي‪ z:‬باب ما جاء يف األضحية عن امليت‪ ،‬وقال أبو داود‪ :‬باب‬
‫األضحية عن امليت‪ ،‬مث ساقا احلديث‪ ،‬لكن احلديث سنده ضعيف عند أهل العلم‪ ،‬وعلى كل حال فالعمدة على آية الوصية‪.‬‬
‫تبعا مثل أن يضحي الرجل عن نفسه وأهل بيته‪ ،‬وفيهم من هو ميت فهذا جائز وحيصل للميت‬ ‫القسم الثاين‪ :‬أن يضحي عن امليت ً‬
‫به أجر‪ ،‬وقد جاءت مبثله السنة‪ ،‬فقد ضحى النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬بكبشني أحدمها عنه وعن آله‪ ،‬والثاين عن أمته (‪، )4‬‬
‫وهو شامل للحي وامليت من آله وأمته‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬أن يضحي عن امليت وحده بدون وصية منه مثل أن يضحي اإلنسان عن أبيه أو أمه أو ابنه أو أخيه أو غريهم من‬
‫املسلمني‪ ،‬فال أعلم لذلك أصالً من السنة إال ما جاء يف بعض روايات مسلم حلديث الرباء بن عازب يف قصة أيب بردة بن نيار أنه‬
‫قال‪( :‬يا رسول اهلل قد نسكت عن ابن يل) (‪ ، )5‬فإن صحت هذه الزيادة فقد يتمسك هبا من يثبت جواز األضحية عن امليت‬
‫أحي أم ميت‪ ،‬ولو كان احلكم خيتلف بني احلي وامليت الستفصل منه‬ ‫وحده حيث مل يسأله النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬عن ابنه ّ‬
‫النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ، -‬لكن يف هذا نظر؛ ألن املعهود أن األضحية كانت يف عهد النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬عن‬
‫األحياء‪ ،‬واألموات تبع هلم‪ ،‬وال نعلم أنه ضحى عن امليت وحده يف عهد النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ، -‬ولذلك اعتمد من‬
‫جييزون األضحية عن امليت وحده بدون وصية منه‪ ،‬على قياس األضحية على الصدقة‪ ،‬حيث إن الكل عبادة مالية‪.‬‬
‫قال ابن العريب املالكي يف شرح صحيح الرتمذي (‪ : )6/290‬اختلف أهل العلم هل يضحي عن امليت مع اتفاقهم على أنه‬
‫يتصدق عنه واألضحية ضرب من الصدقة ألهنا عبادة مالية وليست كالصالة والصيام‪ .‬اهـ‬
‫نصا صرحيًا بعينها‪ ،‬لكن لو فعلت فأرجو أال يكون‬ ‫واخلالصة‪ :‬أن األضحية عن امليت وحده بدون وصية منه ال أعلم فيها ًّ‬
‫هبا بأس‪ ،‬إال أن األفضل واألحسن أن جيعل املضحي األضحية عنه وعن أهل بيته األحياء واألموات؟ اقتداء بالنيب ‪ -‬صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ‪ ، -‬وفضل اهلل واسع‪ ،‬يكون األجر بذلك للجميع إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬

‫(?)(البقرة‪)182 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?)أخرجه أبو داود‪ ،‬كتاب الضحايا‪ ،‬باب األضحية عن امليت‪ )279( ،‬والرتمذي‪ ،‬كتاب األضاحي‪ ،‬باب ما جاء يف األضحية عن‬ ‫‪2‬‬

‫امليت‪. )1495( ،‬‬


‫(?)أخرجه أبو داود‪ ،‬كتاب الضحايا‪ ،‬باب األضحية عن امليت‪ )279( ،‬والرتمذى‪ ،‬كتاب األضاحي‪ ،‬باب ما جاء يف األضحية عن‬ ‫‪3‬‬

‫امليت‪. )1495( ،‬‬


‫(?)أخرجه اإلمام أمحد (‪. )6/391‬‬ ‫‪4‬‬

‫(?)أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب األضاحي‪ ،‬باب وقتها (‪. )1961( ، )6‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪7‬‬
‫وأما قول بعض الذين ينتسبون للعلم عندكم‪( :‬إن الصدقة ال تصح للموتى إال أن تكون صدقة جارية) ‪ .‬فهذا غري صحيح‪،‬‬
‫فإن الصدقة للموتى تصح ويصل إليهم ثواهبا إذا كانت خالصة هلل تعاىل ومن مال طيب‪ ،‬سواء كان جارية أم منقطعة‪ ،‬فقد ثبت يف‬
‫صحيح البخاري عن عائشة رضي اهلل عنها أن رجالً قال للنيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ : -‬إن أمي اقتلتت نفسها‪ ،‬أي‪ :‬ماتت‬
‫فجأة‪ ،‬وأظنها لو تكلمت تصدقت فهل هلا أجر إن تصدقت عنها؟ قال‪" :‬نعم"(‪ ،)1‬وروى حنوه مسلم من حديث أيب هريرة (‪. )2‬‬
‫ففي هذا احلديث دليل على جواز الصدقة عن امليت مطلقا‪ ،‬وأن له بذلك أجراً سواء كانت الصدقة اجلارية أم منقطعة‪.‬‬
‫ولعل الذين تومهوا أن امليت ال ينفعه إال الصدقة اجلارية فهموا ذلك من قول النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪" : -‬إذا مات اإلنسان‬
‫(‪)3‬‬
‫انقطع عمله إال من ثالثة‪ :‬إال من صدقة جارية‪ ،‬أو علم ينتفع به‪ ،‬أو ولد صاحل يدعو له"‬
‫وليس يف هذا احلديث داللة على ما تومهوه‪ ،‬فإن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬يقول‪" :‬انقطع عمله" ومل يقل‪" :‬انقطع‬
‫العمل له"‪ ،‬مث إن هذا احلديث الذي استندت إليه هؤالء فيما فهموا منه‪ ،‬ليس على عمومه بالنص واإلمجاع‪ ،‬إذا لو كان على عمومه‬
‫لكان امليت ال ينتفع بغري دعاء ولده له‪ ،‬وقد دل الكتاب والسنة واإلمجاع على انتفاع امليت بدعاء غري ولده له‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِأْل ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين َآمنُوا َربَّنَا ِإن َ‬
‫َّك‬ ‫يِف‬
‫ين َسَب ُقونَا با ميَان َوال جَتْ َع ْل ُقلُوبِنَا غاّل ً للَّذ َ‬
‫ين َجاءُوا م ْن َب ْعده ْم َي ُقولُو َن َر َّبنَا ا ْغف ْر لَنَا َوِإِل ْخ َواننَا الذ َ‬
‫(والذ َ‬ ‫َ‬
‫يم) ‪ ،‬والذين سبقوهم باإلميان يف هذه اآليات هم املهاجرون واألنصار‪ ،‬والذين جاءوا من بعدهم شامل ملن بعدهم إىل‬ ‫(‪)4‬‬ ‫ِ‬
‫وف َرح ٌ‬
‫َرُؤ ٌ‬
‫يوم القيامة‪ ،‬فهم يدعون باملغفرة هلم وإن مل يكونوا من أوالدهم‪ ،‬وينفعهم ذلك‪ ،‬وقد ثبت عن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪-‬‬
‫أنه أغمض أبا سلمة رضي اهلل عنه حني مات وقال‪" :‬اللهم اغفر ألبب سلمة‪ ،‬وارفع درجته يف املهديني‪ ،‬واخلفه يف عقبه‪ ،‬وافسح‬
‫(‪)5‬‬
‫ونور له فيه"‬ ‫له يف قربه‪ِّ ،‬‬
‫وكان ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬يصلي على أموات املسلمني ويدعو هلم‪ ،‬وصح عنه أنه قال‪" :‬ما من رجل مسلم ميوت‬
‫فيقوم على جنازته أربعون رجالً ال يشركون باهلل شيًئا إال شفَّعهم اهلل فيه " (‪ ، )6‬وصح عنه ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬أنه كان‬
‫(‪)7‬‬
‫يزور املقابر‪ ،‬ويدعو ألهلها‪ ،‬ويأمر أصحابه بذلك‬
‫إمجاعا‬
‫فهذه داللة الكتاب والسنة على انتفاع اإلنسان بدعاء غري ولده له‪ ،‬وأما اإلمجاع فقد أمجع املسلمون على ذلك ً‬
‫قطعيًّا‪ ،‬فما زالوا يصلون على موتاهم ويدعون هلم وإن مل يكونوا من آبائهم‪ ،‬وكذلك صح عن رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‬

‫(?)أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب الوصايا‪ ،‬باب ما يستحب ملن تويف فجأة‪. )2670( ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?)أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب الوصية‪ ،‬باب وصول ثواب الصدقات إىل امليت‪. )1004( ، )12( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 3‬أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب الوصية‪ ،‬باب ما يلحق اإلنسان من الثواب بعد وفاته‪( ، )14( ،‬‬ ‫(?)‬

‫‪)1631‬‬
‫(?)(احلشر‪)10 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫(?)أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب اجلنائز‪ ،‬باب يف إغماض امليت والدعاء له (‪)925( ، )7‬‬ ‫‪5‬‬

‫(?)أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب اجلنائز‪ ،‬باب من صلى عليه أربعون شفعوا فيه (‪. )948( ، )59‬‬ ‫‪6‬‬

‫(?)أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب اجلنائز‪ ،‬باب ما يقال عند دخول املقابر‪. )974( ،‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪8‬‬
‫سن يف اإلسالم سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل هبا إىل يوم القيامة"(‪ ، )8‬وليس ذلك من الصدقة اجلارية‪ ،‬وال‬ ‫‪ -‬أنه قال‪" :‬من َّ‬
‫من العلم‪ ،‬وال من دعوة الولد‪.‬‬
‫وكذلك صح عنه ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬أنه قال‪" :‬من مات وعليه صيام صام عنه وليه" (‪ ، )1‬ووليه وارثه سواء كان‬
‫ض يِف كِتَ ِ‬
‫اب اهلل) (‪ ، )2‬وقول النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪" : -‬أحلقوا‬ ‫اَأْلر َح ِام َب ْع ُ‬
‫ض ُه ْم َْأوىَل بَِب ْع ٍ‬ ‫(وُأولُوا ْ‬ ‫ولدا أم غريه‪ ،‬لقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫ً‬
‫(‪)3‬‬
‫الفرائض بأهلها‪ ،‬فما بقي فهو ألوىل رجل ذكر"‬
‫والصيام عبادة بدنية‪ ،‬وقد أمر النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬بصومه عن امليت وهو دليل على أنه ينتفع به‪ ،‬وإال مل يكن‬
‫لألمر به فائدة‪.‬‬
‫واألمثلة أكثر من هذا وال حاجة الستيعاهبا إذ املؤمن يكفيه الدليل الواحد‪.‬‬
‫واملقصود أن قول النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪" : -‬إذا مات اإلنسان انقطع عمله" إىل آخر احلديث إمنا يعين به عمل‬
‫نفسه ال عمل غريه له؟ وهلذا قيد الصدقة باجلارية لتكون مستمرة له بعد املوت‪ ،‬وأما عمل غريه له فقد عرفت األمثلة واألدلة على‬
‫انتفاعه به سواء من الولد أو غريه‪،‬‬
‫ولكن مع ذلك ال ينبغي لإلنسان أن يكثر من إهداء العمل الصاحل لغريه؟ ألن ذلك مل يكن من عادة السلف وإمنا يفعله‬
‫أحيانًا‪.‬‬
‫وأما قول بعض املنتسبني للعلم عندكم‪( :‬إنه ما يصح احلج للميت إال إذا كان ما قضى فرضه فهو حيج عنه) ‪ ،‬فهذا موضع‬
‫خالف بني العلماء‪ ،‬واملشهور من مذهب اإلمام أمحد‪ -‬رمحه اهلل‪ -‬أنه جيوز أن حيج عن امليت الفرض والنفل؛ حلديث عبد اهلل بن‬
‫عباس رضي اهلل عنهما‪ ،‬أن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬مسع رجالً يقول‪ :‬لبيك عن شربمة‪ ،‬قال‪" :‬ومن شربمة؟" قال‪ :‬أخ يل‪ .‬أو‬
‫قريب يل‪ ،‬قال‪" :‬أحججت عن نفسك؟"‬
‫(‪)4‬‬
‫قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪" :‬حج عن نفسك مث حج عن شربمة"‬
‫احتج به أمحد يف رواية صاحل‪ ،‬قال البيهقي‪ :‬إسناده صحيح‪ .‬ومن العلماء من أعله بالوقف‪ ،‬لكن الرافع له ثقة وهو يدل‬
‫بعمومه على جواز حج النفل عن امليت؛ ألن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬مي مل يستفصل هذا الرجل عن حجه عن شربمة هل‬
‫هو نفل أو فرض‪ ،‬وهل كان شربمة حيًّا أو ميتًا‪ ،‬قالوا‪ :‬وإذا جاز أن حيج عنه الفرض بالنص الصحيح الصريح ما املانع من النفل‪،‬‬

‫(?)أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب احلث على الصدقة (‪. )1017( ، )69‬‬ ‫‪8‬‬

‫(?)أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب الصوم‪ ،‬باب من مات وعليه صوم (‪ )1952‬ومسلم كتاب الصيام‪ ،‬باب قضاء الصيام عن امليت‪( ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪. )1147( ، )153‬‬


‫‪)?(2‬‬
‫(األحزاب‪)6 :‬‬
‫(?)أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب الفرائض‪ ،‬باب مرياث الولد من أبيه وأمه (‪ ، )6732‬ومسلم كتاب الفرائض‪ ،‬باب‪ :‬أحلقوا الفرائض‬ ‫‪3‬‬

‫بأهلها (‪. )1615( ، )2‬‬


‫‪4‬‬
‫(?)أخرجه أبو داود‪ ،‬كتاب املناسك‪ ،‬باب الرجل حيج عن غريه‪ ، )1811( ،‬وابن ماجه‪ ،‬كتاب املناسك‪ ،‬باب احلج عن‬
‫امليت‪. )2903( ،‬‬

‫‪9‬‬
‫فإن جواز حجة الفرض عنه دليل على أن احلج ال متتنع فيه النيابة‪ ،‬وهذا ال فرق فيه بني الفرض والنفل إذا كان الذي حيج عنه ميتًا‬
‫عجزا يرجى زواله فال يوكل من حيج عنه‪.‬‬ ‫عجزا ال يرجى زواله‪ ،‬أما القادر أو العاجز ً‬ ‫عاجزا ً‬
‫أو ً‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬خيتلف اجلاموس عن البقر يف كثري من الصفات كاختالف املاعز عن الضأن‪ ،‬وقد فصل اهلل يف‬
‫سورة األنعام بني الضأن واملاعز‪ ،‬ومل يفصل بني اجلاموس والبقر‪ ،‬فهل يدخل يف ضمن األزواج الثمانية فيجوز األضحية هبا أم ال‬
‫جيوز؟‬
‫حيرمون ما يريدون‪،‬‬ ‫فأجاب بقوله‪ :‬اجلاموس نوع من البقر‪ ،‬واهلل عز وجل ذكر يف القرآن املعروف عند العرب الذين ّ‬
‫ويبيحون ما يريدون‪ ،‬واجلاموس ليس معروفًا عند العرب‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬أيهما أفضل يف األضحية الكبش أو البقر؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬ذكر الفقهاء رمحهم اهلل أنه إذا ضحى بالبهيمة كاملة فاألفضل اإلبل‪ ،‬مث البقر‪ ،‬مث الغنم‪ ،‬والضان أفضل من‬
‫املاعز‪ ،‬أما إذا ضحى بسبع من البدنة أو البقرة فإن الغنم أفضل والضان أفضل من املاعز‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬أيهما أفضل يف األضحية كبرية احلجم كثرية الشحم واللحم أم غالية الثمن؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬هذه مسألة هل األفضل يف األضحية رفيعة القيمة أو السمينة الكبرية؟ الغالب أهنما متالزمان وأن الكبرية‬
‫ذات اللحم الكثري تكون أفضل‪ ،‬لكن أحيانًا يكون بالعكس‪ ،‬فإذا نظرنا إىل منفعة األضحية قلنا الكبرية أفضل‪ ،‬وإن قلَّت قيمتها‪،‬‬
‫تعبدا هلل يدل على كمال عبادته‬
‫وإن نظرنا إىل صدق التعبد هلل عز وجل قلنا كثرية الثمن أفضل؟ ألن بذل اإلنسان املال الكثري ً‬
‫وصدق عبادته‪ ،‬واجلواب أن نقول‪ :‬انظر ما هو أصلح لقلبك فافعله ما دام املصلحتان قد تعارضتا‪ ،‬فانظر ما هو أصلح لقلبك‪ ،‬فإن‬
‫رأيت أن النفس يزداد إمياهنا وذهلا هلل عز وجل ببذل الثمن فابذل الثمن الكثري‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬ورد يف كالمكم يف فضل األضحية أهنا كلما كانت أكمل كلما كانت أفضل مع أن الثنية من‬
‫حلما وأقل مثنًا عند الناس من اليت أكرب منها فأيهما أفضل؟‬
‫الضأن أفضل ً‬
‫حلما وأنفع للفقراء‪ ،‬وإن كان بعض العلماء يقول ما كانت أكثر مثنًا‪ ،‬فاملسألة فيها‬ ‫فأجاب بقوله‪ :‬األفضل ما كانت أكثر ً‬
‫حلما وأنفع‪ ،‬فمن العلماء من يرجح ما كانت أكثر مثنًا؟ ألن‬ ‫خالف بني العلماء إذا كان األمر بني‪ ،‬أن تكون أكثر مثنًا أو أكثر ً‬
‫كون اإلنسان يبذل املال األكثر يف مرضاة اهلل هذه درجة عالية‪ ،‬ومنهم من يقول‪ :‬إذا كان القصد نفع الفقراء‪ ،‬ونفع األهل واألكل‬
‫حلما‪ ،‬فكل من العلماء نظر إىل ناحية‪ ،‬ولكن الذي يظهر أن األفضل ما كان أنفع للفقراء وأكثر للحم‬ ‫فإن األفضل ما كان أكثر ً‬
‫حلما وأشهى للناس‪،‬‬‫لتكثر اهلدية والصدقة واألكل‪ ،‬اللهم إال أن ميتاز األقل بفضل آخر أو مبيزة أخرى‪ z،‬مثل أن يكون أطيب ً‬
‫غضا طريًا فهنا يرجح‪.‬‬
‫ويكون الناس يف زمن الرفاهية ال يأكلون من اللحوم إال ما كان ً‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬كيف أعرف اإلبل اليت جتوز األضحية هبا من جهة السن؟ ألن أصحاب اإلبل يقولون إهنا‬
‫يسوقون بضاعتهم‪ ،‬فما احلكم؟‬ ‫تضحي لكي ِّ‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬ال تأخذ بقول البائع أهنا بلغت السن الذي جيزئ إال إذا كنت تعرفه شخصيًا أنه ثقة‪ ،‬وإال فال تأخذ بقوله؟‬
‫ألنه يريد أن ميشي سلعته‪ ،‬كذلك إذا كنت من يعرف األسنان هل هي ثنية اآلن أو جذعة‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬هل جتوز أضحية واحدة ألخوين شقيقني يف بيت واحد مع أوالدهم أكلهم وشر هبم واحد؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬نعم‪ ،‬جيوز أن يقتصر أهل البيت الواحد ولو كانوا عائلتني على أضحية واحدة‪ ،‬ويتعدى بذلك فضيلة‬
‫األضحية‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬أهدى الرسول ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬يوم النحر‪ ،‬يف حجة الوداع مئة من اإلبل‪ ،‬فهل هذه‬
‫املئة له خاصة أو له وألزواجه؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬نعم‪ ،‬أهدى النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬يف حجة الوداع مئة ناقة‪ ،‬ذبح ثالثًا وستني بيده‪ ،‬والباقي أعطاه‬
‫علي بن أيب طالب ليذحبه ويوزع حلمه‪ ،‬وأمر أن يؤخذ من كل بعري قطعة فجعلت يف قدر وطبخت فأكل من حلمها وشرب من‬
‫س الْ َف ِق َري)(‪ ، )2‬وهذا عن نفسه فقط إال أنه أشرك على بن أيب طالب يف‬ ‫ِئ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪)1‬‬
‫مرقها ؟ حتقي ًقا لقوله تعاىل‪( :‬فَ ُكلُوا مْن َها َوَأطْع ُموا الْبَا َ‬
‫(‪)4‬‬
‫اهلدي كما جاء هذا يف صحيح مسلم يف حديث جابر بن عبد اهلل (‪ - )3‬رضي اهلل عنهما‪ ،-‬وأما نساؤه فقد أهدى عنهن بالبقر‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬عن أب يسكن معه يف بيته ثالثة أبناء متزوجون‪ ،‬ولكل واحد منهم جزء مستقل يف البيت فهل‬
‫جتزئ أضحية واحدة عنهم؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬الذي أرى أن على كل بيت أضحية؟ ألن لكل بيت مستقل‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬عمن يسكن مع والده‪ ،‬وهو متزوج وله مال‪ ،‬فهل يكتفي بأضحية والده؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬السنة أن الرجل يضحي عنه وعن أهل بيته صغاراً أو كباراً‪ ،‬أما إذا كان اإلنسان منفصالً عنه أبيه‪ ،‬هو يف‬
‫بيت‪ ،‬وأبوه يف بيت‪ ،‬فلكل واحد منهما أضحية‪ ،‬فاألب يضحي عنه وعن أهل بيته‪ ،‬واالبن يضحي عنه وعن أهل بيته‪ ،‬ولكن جيب‬
‫أن يالحظ أن هذا سنة‪ ،‬وليس معىن ذلك أنه حيرم على االبن إذا كان يسكن مع والده أن يضحي بأضحية مستقلة‪ ،‬لكن ال شك‬
‫أن التمسك بالسنة خري من عدمه‪ ،‬وأضرب لذلك مثالً‪ :‬برجلني أحدمها قام يصلي سنة الفجر لكن خيففها‪ ،‬والثاين قام يصلي سنة‬
‫الفجر لكن يطول فيها‪ ،‬أيهما األوفق للسنة؟ األول الذي خيفف‪ ،‬ولكن الثاين وإن كان يطول ويفعل خالف السنة إال أنه ال يأمث‪،‬‬
‫فإذا قلنا أن السنة أن جيمع أهل البيت على أضحية واحدة فيقوم هبا رب البيت فليس معىن ذلك أهنم لو ضحوا بأكثر من واحدة‬
‫َأح َس ُن َع َماًل ) (‪ )5‬وهلذا ملا‬ ‫ِ‬
‫أهنم يأمثون‪ ،‬ال يأمثون‪ ،‬لكن احملافظة على السنة أفضل من كثرة العمل‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪( :‬ليَْبلَُو ُك ْم َأيُّ ُك ْم ْ‬
‫بعث النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬رجلني يف حاجة فلم جيدا املاء فتيمما وصليا‪ ،‬مث وجدا املاء‪ ،‬أما أحدمها فتوضأ وأعاد الصالة‪،‬‬
‫وأما اآلخر فلم يتوضأ ومل يعد الصالة‪ ،‬ف ُذ كر ذلك لرسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬فقال للذي مل يعد الصالة‪" :‬أصبت "‬
‫وقال للثاين‪" :‬لك األجر مرتني" (‪ ، )6‬فاألفضل منهما الذي أصاب السنة وإمنا أخذ اآلخر األجر مرتني‪ ،‬ألنه عمل عملني‪ ،‬وله أجر‬
‫عملني لكنه ليس كالذي أصاب السنة‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬هل يصح ذبح ذحبيتني‪ :‬واحدة بنية األضحية‪ ،‬والثانية بنية توزيع اللحم؟ وما حكم األضحية‬
‫مبقطوعة األذن أو القرن؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬هذا سؤال طيب‪.‬‬

‫‪)?(1‬‬
‫أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب احلج‪ ،‬باب حجة النيب‪-‬برقم (‪. )1218‬‬
‫‪)?(2‬‬
‫(احلج‪)28 :‬‬
‫(?)مسلم (‪. )1218‬‬ ‫‪3‬‬

‫(?)أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب األضاحي‪ ،‬باب بيان ما كان من النهي عن أكل األضحية (‪. )35‬‬ ‫‪4‬‬

‫(?)(امللك‪)2 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫(?) أخرجه أبو داود‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب املتيمم جيد املاء بعدما يصلي يف الوقت‪. )338( ،‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪11‬‬
‫أما بالنسبة للمسألة األوىل فالسنة أن يضحي اإلنسان بواحدة عنه وعن آل بيته‪ ،‬كما كان الرسول ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬يفعل‪،‬‬
‫وحنن نعلم أن الرسول ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬أكرم اخللق‪ ،‬ولكن اقتصر على واحدة‪ ،‬فالسنة خري‪ ،‬لكن لو زدت هبذا للغرض‬
‫الذي ذكرت فال بأس إن شاء اهلل‪.‬‬
‫وأما ما يتعلق مبقطوعة األذن ومقطوعة القرن فالصحيح‪ :‬أهنا جائزة جمزئة لكنها مكروهة؛ ألهنا ناقصة اخللقة‪ ،‬وقد أمر النيب‬
‫‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬أن نستشرف العني واألذن (‪ ، )1‬أي أن نطلب شرفهما وكماهلما‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬إذا كان األب له أوالد وبعض األوالد متزوج‪ ،‬فهل تكفي أضحية األب عن األبناء مع أن هلم‬
‫زوجات؟ وهل يذبح الوالد عن نفسه والولد عن نفسه والزوجة عن نفسها‪ ،‬وكذلك كل من كان له مرتب؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬إذا كانوا عائلة يف بيت واحد كفتهم أضحية واحدة؟ ألن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬ضحى بأضحية‬
‫واحدة عنه وعن أهل بيته (‪ ، )2‬وكان نساؤه الاليت معه تسع نساء‪ ،‬ومع ذلك ضحى عنهم أضحية واحدة‪ ،‬أما إذا كان هؤالء‬
‫منفردا عن اآلخر فإن على كل واحد منهم أضحية‪ ،‬وال تكفي أضحية الوالد عنهم‪.‬‬ ‫األبناء كل واحد يف بيت ً‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬ثالثة رجال كل واحد اشرتى له هديًا فقالوا‪ :‬شاة هنديها‪ ،‬وشاة نتصدق هبا‪ ،‬وشاة نأكلها‬
‫فبهذا نكون قد أكلنا الثلث‪ ،‬وتصدقنا الثلث‪ ،‬وأهدينا الثلث‪ ،‬فما رأيك يف هذا؟‬
‫مشاعا‪ ،‬والبد أن يتصدق اإلنسان مما أهداه‪ ،‬ويف هذا املثال‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬رأيي أن هذا غلط؛ ألن الثلث البد أن يكون ً‬
‫الذي ذكره السائل الشاة الثالثة ما أهدي منها بشيء‪ ،‬وما تصدق منها بشيء‪ ،‬أكلت كلها‪ ،‬والطريق السليم أن تأخذ من هذه‬
‫الشاة قليالً‪ ،‬ومن هذه قليالً‪ ،‬ومن هذه قليالً‪ ،‬مث تأكل‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬عن ثالثة أخوة يف بيت‪ ،‬هلم رواتب‪ ،‬وكلهم متزوج‪ ،‬فهل جتزئهم أضحية واحدة أم لكل واحد‬
‫أضحية؟‬
‫واحدا فإن الواحدة تكفيهم‪ ،‬يضحي األكرب عنه وعمن يف بيته‪ ،‬وأما إذا‬ ‫واحدا‪ ،‬وأكلهم ً‬ ‫فأجاب بقوله‪ :‬إذا كان طعامهم ً‬
‫كان كل واحد له طعام خاص‪ -‬يعين مطبخ خاص به‪ -‬فهنا كل واحد منهم يضحي؛ ألنه مل يشارك اآلخر يف مأكله ومشربه‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬انتشر بني بعض العامة أنه ال يضحي احلاج إال إذا كان قد تويف أحد والديه فهل هذا صحيح؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬هذا ليس بصحيح‪ ،‬احلاج إذا كان هو صاحب البيت فإنه يضحي‪ ،‬مبعىن أنه يقول ألهله اذحبوا األضحية عين وعنكم‪،‬‬
‫ويعطيهم القيمة‪ ،‬أما إذا كان يريد أن يضحي يف مكة فال؟‬
‫ألن احلاج املشروع يف حقه هو اهلدي وليس األضحية؟ وهلذا مل يضح النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬يف حجة الوداع مع أنه‬
‫يضحي كل سنة‪ ،‬يف حجة الوداع حنر هديًا مئة بعري‪ ،‬حنر منها ثالثًا وستني بيده‪ ،‬والباقي أعطاه عليًّا ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ ،)3(-‬وقال‪:‬‬
‫احنره‪ ،‬ومل يضح‪ ،‬فعلى هذا نقول‪ :‬إذا كان احلاج رب البيت فليوص أهله بأن يشرتوا أضحية من ماله‪ ،‬ويضحوا هبا عنه وعنهم‪ ،‬أما‬
‫يف مكة فاهلدي‪.‬‬

‫(?)أخرجه اإلمام أمحد (‪ )1/149‬والرتمذي يف كتاب األضاحي‪ ،‬باب ما يكره من ا ألضاحي (‪ )1948‬والنسائي (‪ )4462‬وابن‬ ‫‪1‬‬

‫ماجه‪ ،‬كتاب األضاحي‪ ،‬باب ما يكره أن يضحي به‪. )3143( ، )3142( ،‬‬
‫(?)أخرجه اإلمام أمحد (‪. )6/391‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?)أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب احلج‪ ،‬باب حجة النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪. )1218( -‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪12‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬رجل له أوالد‪ ،‬وله ابن كبري متزوج يسكن معه‪ z‬وموظف‪ ،‬وأكلهما وشرهبما واحد‪ ،‬فهل يف‬
‫حقهما أضحية واحدة؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬أصحاب البيت الواحد أضحيتهم واحدة ولو تعددوا‪ ،‬فلو كانوا اخوة مأكلهم واحد‪ ،‬وبيتهم واحد‬
‫متزوجا فاألضحية واحدة‪.‬‬
‫ً‬ ‫فأضحيتهم واحدة‪ ،‬ولو كان هلم زوجات متعددة‪ ،‬وكذلك األب مع أبنائه ولو كان أحدهم‬
‫سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬رجل متزوج بزوجتني األوىل عنده واألخرى عند أهلها هل يلزم أضحية أم أضحيتني؟‬
‫أيضا؛ ألهنا من أهله‪ ،‬وإن كانت هي عند أهلها‪ ،‬فإذا قال‪ :‬هذا‬ ‫فأجاب بقوله‪ :‬األضحية يف البيت الذي هو فيه تكفي عنها ً‬
‫عين وعن أهل بييت‪ ،‬مشلها وإن كانت عند أهلها‪.‬‬
‫سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬عن ثالثة إخوة يسكنون يف سكن واحد‪ ،‬ويضحون بأضحية واحدة فهل جتزئ عنهم؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬الظاهر يل أن احلكم يف هذا أن أضحيتهم هذه جمزئة؟ ألن ماهلم مبنزلة الواحد‪ ،‬فتجزئ عنهم األضحية‬
‫الواحدة؛ ألهنم يف بيت واحد‪ ،‬وكان الصحابة رضي اهلل عنهم يضحون بالشاة عنهم وعن أهل بيتهم‪ ،‬خبالف ما لو كان كل واحد‬
‫خمتصا مباله فإن األضحية الواحدة ال جتزئ عنهم‪ ،‬وهلذا لو اشرتك ثالثة جريان يف أضحية واحدة فإن ذلك ال جيزئ‪ z،‬وال‬ ‫منهم َّ‬
‫تكون الشاة هذه شاة أضحية بل هي شاة حلم؟ ألن من شروط األضحية أن تكون على وفق الشرع ومل يرد يف الشريعة اشرتاك‬
‫اثنني فأكثر يف شاة واحدة‪ ،‬وإمنا كان االشرتاك يف اإلبل والبقر‪ ،‬يشرتك السبعة يف بعري أو بقرة‪ ،‬ومن املعلوم أن من شروط العمل‬
‫الصاحل أن يكون على وفق الشريعة‪ ،‬فمن عمل عمالَ ليس عليه أمر اهلل ورسوله فهو مردود عليه‪ ،‬كما ثبت ذلك عن رسول اهلل ‪-‬‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬أنه قال‪" :‬من عمل عمالً ليس عليه أمرنا فهو رد" (‪ ، )1‬أما هؤالء اجلماعة فهم يف بيت واحد‪ ،‬وماهلم‬
‫مجيعا‪.‬‬
‫واحد‪ ،‬فهم مبنزلة رجل واحد فتجزئ الشاة عنهم َ‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬هل جيوز للمقتدر أن يذبح أكثر من أضحية له‪ ،‬حيث ورد أن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪-‬‬
‫ضحى بكبشني؟ وهل ميكن أن يشرتك الرجل وزوجته يف أضحية واحدة من هذا نصف ومن هذا نصف‪ ،‬وعلى أيهما يكون‬
‫اإلنسان؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬األفضل أالَّ يزيد اإلنسان عن شاة واحدة عنه وعن أهل بيته؟ ألن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬كان‬
‫يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته (‪ ، )2‬ومعلوم أنه أكرم اخللق ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ، -‬وأنه ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬أشد‬
‫الناس حبَّا لعبادة اهلل وتعظيمه‪ ،‬أما كونه ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬ضحى بكبشني‪ ،‬فالثاين ليس عن أهله وأهل بيته‪ ،‬ولكنه عن‬
‫أمته‪ ،‬وعلى هذا فاألفضل االقتصار على شاة واحدة للرجل وأهل بيته‪ ،‬ومن كان عنده فضل مال فليبذله دراهم‪ ،‬أو أطعمة أو ما‬
‫أشبه ذلك يف البالد األخرى احملتاجة‪ ،‬أو للمحتاجني يف بلده؛ ألن البالد ال ختلو من أناس حمتاجني‪.‬‬
‫وأما إذا اشرتك اإلنسان وزوجته يف قيمة شاة فإن هذا ال يصح؛ ألنه ال يشرتك اثنان يف القيمة يف شاة واحدة‪ ،‬وإمنا‬
‫االشرتاك املتعدد يف اإلبل والبقر‪ ،‬يكون البعري عن سبعة‪ ،‬والبقرة عن سبعة‪،‬‬

‫(?)أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب األقضية‪ ،‬باب نقض األحكام الباطلة برقم (‪. )1718‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫(?)أخرجه اإلمام أمحد (‪. )6/391‬‬

‫‪13‬‬
‫أبدا‪ ،‬أما الثواب فليس له حصر‪ ،‬ال بأس أن يقول‪ :‬اللهم هذا عين وعن‬ ‫أما الغنم فال ميكن أن يشرتك اثنان على الشيوع ً‬
‫زوجيت‪ ،‬أو عين وعن أهلي‪ ،‬وأما أن كل واحد منهما يبذل نصف ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬القيمة ويشرتي أضحية واحدة من‬
‫الغنم فهذا ال يصح‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬رجل يقول‪ :‬عميت قد أوصت بأضحية وعشاء يف رمضان‪ ،‬وعندي هلا ما يقرب من عشرين ألف‬
‫أسهما من شركة الكهرباء مثالً‪،‬‬ ‫عقارا أنفذ الوصية من رلعه‪ ،‬فهل ميكن أن أشرتي به َ‬ ‫رالل‪ ،‬وهذا املبلغ ال أستطيع أن أشرتي به ً‬
‫وأنفذ الوصية من ربح هذه األسهم؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬نعم ميكن ذلك؛ ألن فيه مصلحة‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬إذا أوصى امليت بأضحية‪ ،‬مث قال أحد األقارب أو األوالد أنا أضحي عن امليت من جييب‪ ،‬فهل‬
‫جيوز للوكيل مثأل أن يقبل وال يضحي من دراهم امليت‪ ،‬وإذا وقع ذلك فما احلكم؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬الوامجب على الوكيل أن ينفذ الوصية اليت وكلت إليه‪ ،‬ومن أراد أن يضحي عن امليت فإنه ال مينع‪ ،‬ولكن‬
‫الوصية البد من تنفيذها‪.‬‬
‫وأنا قلت كلمة (الوكيل) جماراة للسؤال‪ ،‬وإال فالصواب‪:‬‬
‫(الوصي) ؛ ألن املتويل لغريه إن كان الغري حيًّا فهو (وكيل) ‪ ،‬وإن كان ميتًا فهو (وصي) ‪ ،‬وإن كان على مال يتيم وحنوه فهو‬
‫(ويل) ‪ ،‬وإن كان على وقف فهو (ناظر) ‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬أيهما أفضل أن يدفع رب البيت قيمة األضحية وحده‪ ،‬أم يضحي كلل مستطيع من أفراد‬
‫األسرة تطييباً لنفوسهم؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬األفضل أن يقوم هبا وحده‪ ،‬فقد كان الرجل يف عهد النيب ع ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬يضحي عنه وعن‬
‫أهل بيته‪ ،‬وأما تطييب نفوسهم بأن يقال هلم‪ :‬السنة هي اليت فيها طيب النفس‪ z،‬والناس إذا عودوا على الشيء اعتادوا عليه وسهل‬
‫عليهم‪ ،‬والشك أن الناس اآلن اعتادوا على أن كل واحد يضحي‪ ،‬ولكن إذا قيل هلم‪ :‬إن السنة أن يضحي رب البيت‪ ،‬وإن كان‬
‫لكم زيادة فتصدقوا جها‪ ،‬ومع ذلك لو أنكم ضحيتم ليس عليكم إمث‪ ،‬ولكن احملافظة على السنة وعلى ما كان عليه الصحابة رضي‬
‫اهلل عنهم ال شك أنه أوىل‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬إذا أوصى الرجل بأضحية‪ ،‬فهل الورثة خمريون بني ذبح شاة‪ ،‬وبني االشرتاك يف سبع بدنة أم ال؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬إذا أوصى امليت بأضحية فإن الواجب على الوصي أن خيتار ما هو أفضبل وأكمل‪ ،‬فالشاة أفضل من سبع‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يشرتي ُسبع‬ ‫لسبع من اإلبل‪ ،‬أو البقرة‪،‬‬
‫بدنة‪ ،‬لكن إذا كامنسا الوصية قليلة ال تكفي للواحدة من الضأن أو املاعز‪ ،‬وتكفي ُ‬
‫بدنة‪ ،‬أو بقرة‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬ما رأيكم يف ذبح اهلدي عن طريق البنك االسالمي‪ ،‬وتوفيع حلمه خارج احلرم‪ ،‬خاصة إذا كان‬
‫احلملة فيها عدد كبري من الناس‪ ،‬فهل األفضل أن يذحبها اإلنسان بنفسه مع املشقة ومظنة عدم االستفادة منها؟ أو يدفعها هلذه اجلهة‬
‫حىت ولو مل تذبح إال يف اليوم الرابع؟‬
‫حاضرا عنده؛ ألن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪-‬‬ ‫ً‬ ‫فأجاب بقوله‪ :‬األفضل أن يباشر اإلنسان الذبح بنفسه أو بوكيل يكون‬
‫خليم هو الذي باشر الذبح‪ ،‬ذبح هديه بيده ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬خَل ريو فإنه أهدى مئة بدنة‪ ،‬ذبح منها ثالثًا وستني بيده‪،‬‬

‫‪14‬‬
‫وأعطى علي بن أيب طالب الباقي (‪ )1‬فذحبه‪ ،‬وإن حصل لك املشقة احتسب األجر‪ ،‬وبعض الناس ينزل إىل مكة يف يوم العيد‪ ،‬أو يف‬
‫أي يوم من أيام التشريق‪ ،‬ويشرتي اهلدي ويذهب إىل اجملزرة فيذحبه هناك‪ ،‬وجيد من يأخذها منه‪ ،‬فبإمكانك أن تنزل إىل مكة يف‬
‫يوم من أيام التشريق وتذبح هناك كما يفعله بعض الناس بدون مشقة وبدون تعب‪ ،‬وإذا كان عليك مشقة كما لو كانت اهلدايا‬
‫كثرية وأنت رجل واحد فلك أن تعطي هذه الشركة لذحبها؛ ألن القائمني عليها حسب علمي أناس موثوقون‪ ،‬والتوكيل يف اهلدي‬
‫جائز‪.‬‬
‫سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬هل جيوز ذبح اخلمىي يف األضحية؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬جيوز أن يذبح اخلصي يف األضحية‪ ،‬حىت إن بعض أهل العلم قد فضَّله على الفحل‪ ،‬قال‪ :‬ألن حلمه يكون‬
‫أطيب‪ ،‬والصحيح‪ :‬أن الفحل من ناحية أفضل لكمال أعضائه وأجزائه‪ ،‬وهذا أفضل بطيب حلمه‪ ،‬وعلى كل حال فإنه جيوز أن‬
‫يضحي‬
‫اإلنسان باخلصي‪ ،‬وقد جاء يف احلديث أن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬خلي ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬ضحى بكبشني موجوءين‬
‫(‪ )2‬أي خمصيني‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬هل جيوز األضحية باملخصي؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬الصحيح أنه جيوز األضحية باملخمىي؛ ألنه ثبت عن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬خَل يلى أنه ضحى‬
‫بكبشني موجوأين‪ ،‬يعين مقطوير اخلصيتني‪ ،‬ووجه ذلك أن اخلصي يكون حلمه أطيب وألذ‪ ،‬فاخلصاء مل يضره بشيء‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬ما العيوب اليت تكون مانعة من االجزاء يف األضحية؟ وما أول وقت الذبح وآخره؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬العيوب اليت متنع من اإلجزاء بينها النيب كلم ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم – يف حديث الرباء بن عازب رضي اهلل‬
‫عنه قال ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪" : -‬أربع ال جتوز يف األضاحي‪ :‬املريضة البني مرضها‪ ،‬والعوراء البني عورها‪ ،‬والعرجاء البنّي‬
‫ضلعها‪ ،‬والعجفاء اليت ال تنقي" (‪ ، )3‬هذه هي العيوب األربعة اليت متنع من اإلجزاء‪ ،‬وما كان مبعناه أو مثلها فهو مثلها يف احلكم‪.‬‬
‫فالعوراء البني عورها هي‪ :‬اليت يتبني ملن رآها أخها عوراء حبيث تكون العني ناتئة‪ ،‬أو غائرة‪ ،‬أو عليها بياض بنِّي ‪ ،‬يتبني ملن رآها‬
‫بأخها عوراء‪.‬‬
‫أما املريضة البني مرضها فهي‪ :‬اليت يظهر عليها آثار املرض‪ ،‬وأعراض املرض بأن تكون غري نشيطة‪ ،‬وال تأكل وما أشبه‬
‫ذلك مما يستدل هبا على مرضها‪z.‬‬
‫والعرجاء البني ضلعها‪ ،‬قال أهل العلم‪ :‬هي اليت ال تستطيع املشي مع الصحيحة‪ ،‬وأما اليت تستطيع املشي مع الصحيحة‬
‫وتباريها وإن كانت تعرج فإنه ال بأس هبا‪.‬‬

‫(?)أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب احلج‪ ،‬باب حجة النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪. )1218( -‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?)أخرجه اإلمام أمحد (‪ ، )6/220‬وابن ماجه‪ ،‬كتاب األضاحي‪ ،‬باب أضاحي رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪( ، -‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪. )3122‬‬
‫(?)أخرجه مالك يف املوطأ‪ ،‬كتاب الضحايا برقم (‪. )1‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪15‬‬
‫وأما العجفاء اليت ال تنقى فهي‪ :‬اليت ال يكون يف أعضائها مخ؟ ألخها تكون غالبًا غري طيبة اللحم‪ ،‬فلهذا ضهى عنها النيب‬
‫‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬خلي ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ، -‬ومثل العوراء العمياء فال جتزئ يف األضحية‪ ،‬ومثل العرجاء البني ضلعها‬
‫أبدا فإخها ال جتزئ‪.‬‬
‫ما قطع أحد أعضائها‪ ،‬وكذلك لو كانت ال متشي ً‬
‫ومثل املريضة البنِّي مرضها احلامل إذا أخذها الطلق‪ ،‬أي إذا كانت تتولد ولو علمها حتيا أو متوت فإهنا ال جتزئ حىت متشي‪،‬‬
‫أيضا اليت بشمت من متر أو غريه فإهنا ال جتزئ حىت تفرغ؛ ألهنا معرضة للخطر‪.‬‬ ‫وقال أهل العلم‪ :‬ومثل ذلك ً‬
‫*سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬ما حكم األضحية بشاة فيها نوع من املرض يسمى بالطلوع وهل يعترب عيبًا؟‬
‫ظاهرا فإنه يسال أهل اخلربة هل هذا من األمراض اخلطرية؟ إن قالوا‪ :‬نعم‪ .‬فهو مرض‬ ‫فأجاب بقوله‪ .:‬الطلوع إذا كان ً‬
‫خطريا والشاة ليس‬
‫ظاهر ال يضحي بالشاة اليت فيها طلع‪ ،‬وإن قالوا‪ :‬ليس ً‬
‫فيها ضعف من جهة الصحة والنشاط واالكل فإنه يضحي هبا إال إذا قرر البياطرة أن يف أكل حلمها ضرر فهنا ال يضحي هبا‪.‬‬
‫*سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬يف مسالة األضحية احلديث الوارد عن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬ك ‪ -‬صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ‪ -‬يف األضحية اليت ال جتزئ أربعة أشياء‪ ،‬وقاس ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬عليها العلماء بعض األشياء اليت إما أن تكون أوىل‬
‫أو تكون ظاهرة القياس للعلة بينها‪ ،‬قد يقول قائل‪ :‬حنن نقيس على بعض أركالن اإلسالم‪ ،‬فما هو الضابط فيها؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬أوالً‪ :‬العيوب اليت نص عليها الشارع يف األضحية أربعة‪ ،‬ألنه سئل‪ -‬عليه الصالة والسالم‪ -‬ماذا يتقى من‬
‫"أربعا‪ ،‬وأشار بيده‪ ،‬العوراء البني عورها‪ ،‬واملريضة البني مرضها‪ ،‬والعرجاء البنِّي ضلعها‪ ،‬والعجفاء اليت ال تنقي"‬
‫األضاحي؟ فقال‪ً :‬‬
‫(‪. )1‬‬
‫نصا عليه‪ ،‬وعلى ما يف معناه‪ ،‬أو أوىل‬ ‫*فهذه أربعة‪ ،‬وحنن نعلم أن الشريعة مبنية على احلكمة فإذا نص الشارع على شيء‪ ،‬كان ًّ‬
‫منه‪.‬‬
‫*أما مسالة أركان اإلسالم‪ ،‬لو أراد أحد أن يقيس عمالً صاحلًا على ركن من األركان منعناه‪:‬‬
‫أمرا إال بإذن من الشرع‪.‬‬ ‫أوالً‪ :‬ألنه من باب فعل األوامر‪ ،‬ليس من باب األوصاف اليت عُلقت هبا األحكام‪ ،‬وال ميكن أن نثبت ً‬
‫ثانيًا‪ :‬أننا نقول لكل من أراد أن يلحق شيًئا من غري أركان اإلسالم بأركان اإلسالم‪ :‬من قال لك إن هذا الشيء الذي تريد إحلاقه‬
‫يساوي عند اهلل ما يساويه الركن؟ فلهذا ميتنع القياس باألوامر‪ ،‬فاألوامر ال ميكن أن تقيس عليها شيًئا‪.‬‬
‫*أما مسألة العيوب أو األحكام املعلقة بأوصاف‪ ،‬فمىت وجدت هذه األوصاف يف شيء‪ ،‬أو ما هو أوىل منها ثبت فيه‬
‫احلكم‪ ،‬أرأيت‬
‫قول الرسول ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪" : -‬مخس من الدواب كلهن فواسق‪ ،‬يُقتلن يف احلل واحلرم‪ z:‬الغراب‪ ،‬واحلدأة‪ ،‬والعقرب‪،‬‬
‫والكلب العقور‪ ،‬والفأرة" (‪ ، )1‬هل نقول‪ :‬إن األسد ال يقتل يف احلرم؟ يُقتل‪ ،‬وهو أوىل من الكلب العقور بالقتل‪ ،‬هل نقول‪ :‬إن‬
‫ضررا منها‪ ،‬فإذا نص على شيء ثبت‬ ‫احلية ال تُقتل يف احلرم؟ ال نقول هذا‪ ،‬بل نقول‪ :‬تُقتل؛ ألنه إذا نُص على العقرب فاحلية أشد ً‬
‫احلكم فيما مثله أو أوىل منه‪.‬‬
‫*سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬هل تصح األضحية باألغنام املوسومة يف أذنيها؟‬

‫(?)أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب جزاء الصيد‪ ،‬باب ما يقتل احملرم من الدواب (‪ ، )1829‬ومسلم‪ ،‬كتاب احلج‪ ،‬باب ما يندب احملرم‬ ‫‪1‬‬

‫وغريه قتله من الدواب يف احلل واحلرم‪. )1198( ، )67( ،‬‬


‫‪16‬‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬الصحيح أن ذلك ال يضر‪ ،‬وأن مقطوعة األذن ومقطوعة القرن ومقطوعة الذيل كلها جتزئ لكن ال ينبغي‬
‫"أربعا ال جتوز يف األضاحي‪ :‬العوراء البني عورها‪،‬‬ ‫أن يضحي هبا لنقصها‪ ،‬ودليل ذلك أن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬قال‪ً :‬‬
‫واملريضة البني مرضها‪ z،‬والعرجاء البنِّي ضلعها‪ ،‬والعجفاء اليت ال تنقي" (‪ ، )1‬ويف رواية أنه سئل‪ -‬عليه الصالة والسالم‪" :-‬ماذا يتقى‬
‫من الضحايا؟ فقال‪ :‬أربعاً‪ ،‬وأشار بأصابعه وعدها" (‪ ، )2‬وهذا يدل على أن ما سواها جيزئ‪ ،‬لكن ما فيه العيب ال شك أنه مكروه‪z،‬‬
‫وأنه ينبغي أن تكون األضحية على أكمل ما تكون‪ ،‬وعلى هذا فإذا شقت األذن للوسم وضحي هبا فال بأس‪.‬‬
‫*سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬ما هي الكيفية الصحيحة لذبح األضحية؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬الكيفية الصحيحة أن ينحر اإلبل قائمة معقولة اليد اليسرى‪ ،‬فإن مل يتيسر حنرها قائمة جاز له حنرها باركة‪،‬‬
‫أما إذا كانت األضحية من الغنم (الضأن واملاعز) فإنه يضجعها على اجلانب‬
‫األيسر ويضع رجله على رقبتها‪ ،‬وميسك بيده اليسرى رأسها حىت يتبني احللقوم‪ ،‬مث مير السكني على احللقوم والودجني واملريء‬
‫بقوة‪ ،‬فينهر الدم‪ ،‬ويقول عند الذبح‪" :‬بسم اهلل‪ ،‬اهلل أكرب‪ ،‬اللهم هذا منك ولك‪ ،‬اللهم هذه عين وعن أهل بييت"‪ ،‬أما غري األضحية‬
‫فيفعل فيها هكذا لكنه يقول عند الذبح‪ ،‬قبل أن يذبح يقول‪ :‬بسم اهلل‪ ،‬واهلل أكرب فقط‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬ما وقت التسمية يف األضحية؟ وما صفتها؟ وهل ما يفعله الناس من املسح على ظهر األضحية‬
‫عند تسميتها له أصل من السنة أو من كالم أهل العلم؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬وقت التسمية عند الذبح إذا أضجع الذبيحة وصفتها أن يقول‪ :‬بسم اهلل‪ ،‬واهلل أكرب‪ ،‬اللهم هذا منك ولك‪،‬‬
‫اللهم هذا عن فالن‪.‬‬
‫*أما ما يفعله الناس من املسح على الظهر فال أعلم له أصالً يف السنة‪ ،‬وال يف كالم أهل العلم‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬من نسي التسمية عند ذبح األضاحي فماذا يلزمه؟ وهل هناك فرق بني صاحب األضحية‬
‫املتربع أو الوكيل؟‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(ربَّنَا اَل ُتَؤ اخ ْذنَا ِإ ْن نَسينَا َْأو ْ‬
‫َأخطَْأنَا) (‪ ، )3‬ولكن هل حيل‬ ‫فأجاب بقوله‪ :‬إذا نسي التسمية فليس عليه إمث لقول اهلل تعاىل‪َ :‬‬
‫اس ُم اهلل َعلَْي ِه) (‪ ، )4‬فأمامنا اآلن فعالن‪:‬‬ ‫مِم‬
‫(واَل تَْأ ُكلُوا َّا مَلْ يُ ْذ َك ِر ْ‬
‫لنا أن نأكل من هذه الذبيحة‪ ،‬ننظر‪ ،‬قال اهلل عز وجل‪َ :‬‬
‫فعل الذابح‪.‬‬
‫وفعل اآلكل‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(ربَّنَا اَل ُتَؤ اخ ْذنَا ِإ ْن نَسينَا َْأو ْ‬
‫َأخطَْأنَا)‬
‫(‪)5‬‬
‫أما الذابح فمعفو عنه ألنه ناسي‪ ،‬وقد قال اهلل تعاىل‪َ :‬‬

‫(?)أخرجه مالك يف املوطأ‪ ،‬كتاب الضحايا برقم (‪)1‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?)أخرجه أبو داود برقم (‪. )2802‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪)?(3‬‬
‫(البقرة‪)286 :‬‬
‫‪4‬‬
‫(?)(األنعام‪)121 :‬‬
‫(?)(البقرة‪)286 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪17‬‬
‫اس ُم اهلل َعلَْي ِه) (‪ ، )1‬وألن التسمية عك الذبيحة شرط‪ ،‬والشرط ال يسقط‬ ‫مِم‬
‫(واَل تَْأ ُكلُوا َّا مَلْ يُ ْذ َك ِر ْ‬
‫وأما اآلكل فنقول‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َأخطَْأنَا) (‪، )2‬‬‫(ربَّنَا اَل ُتَؤ اخ ْذنَا ِإ ْن نَسينَا َْأو ْ‬
‫بالسهو واجلهل‪ ،‬نظري ذلك لو أن اإلنسان صلى بغري وضوء ناسيًا فال يأمث‪ ،‬لقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫لكن هل تربأ ذمته؟‬
‫واجلواب‪ :‬ال تربأ ذمته‪ ،‬وال بد أن يتوضأ ويصلي‪ ،‬وحنن إذا قلنا هبذا القول‪ -‬الذي اختاره شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه‬
‫اهلل‪ -‬وهو ظاهر النصوص‪ ،‬إذا قلنا به فإن الناس لن ينسوا التسمية على الذبيحة‪ .‬وهلذا ملا أورد بعض الناس قال‪ :‬إذا قلنا بأن من‬
‫ذبح ناسيًا التسمية فالذبيحة حرام وجيب جرها للكالب‪ ،‬قال‪ :‬أتلفتم أموال الناس؛ ألن النسيان كثري‪.‬‬
‫فنقول‪ :‬بالعكس حنن حفظنا أموال الناس‪ ،‬ألننا لو قلنا هلذا الرجل الذي نسي التسمية‪ :‬الذبيحة حرام‪ ،‬وال جيوز اآلكل منها‬
‫فإنه ال ميكن أن ينسى يف املستقبل‪.‬‬
‫وال فرق بني متربع وغري متربع‪ ،‬الذبيحة ال حتل‪ ،‬لكن يبقى هل يضمن الذابح لصاحب البهيمة؛ ألنه هو الذي كان سببًا‬
‫ني ِم ْن َسبِ ٍيل)‬‫ِِ‬
‫(ما َعلَى الْ ُم ْحسن َ‬ ‫يف عدم التسمية أو ال يضمن‪ ،‬قد يقال‪ :‬إنه إذا كان حمسنًا فال ضمان عليه لقول اهلل تبارك وتعاىل‪َ :‬‬
‫(‪)3‬‬
‫كثريا‪ ،‬وقد نقول‪ :‬بالضمان ولو كان حمسنًا؛ ألنه أتلف املال على صاحبه‪ ،‬وإتالف املال على صاحبه مضمون‬ ‫وألن النسيان يقع ً‬
‫على كل حال‪ ،‬حىت ولو كان اإلنسان ناسيًا فإنه يضمن‪ ،‬لو أن اإلنسان نسي وأكل طعام أخيه يضمنه‪ ،‬لكن األول أصح وأرجح‪،‬‬
‫أن املتربع احملسن إذا نسي التسمية فال ضمان عليه‪ ،‬لكن الذبيحة ال حتل‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬هل يصح مسح ظهر األضحية قبل ذحبها؟ وما الذكر املشروع؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬رأينا أن مسح الظهر عند ذبح األضحية من أجل تعيينها ال أصل له‪ ،‬وليس مبشروع‪ ،‬ومن فعله تقربًا إىل اهلل‬
‫فقد ابتدع يف دين اهلل ما ليس منه‪.‬‬
‫بعريا‪ ،‬أن يقول‪" :‬بسم اهلل‪ ،‬اهلل أكرب‪ ،‬اللهم هذا‬ ‫واملشروع يف التسمية إذا أضجع الذبيحة‪ ،‬أو أراد أن ينحرها إذا كانت ً‬
‫منك ولك‪ ،‬اللهم هذه عين وعن أهل بييت"‪ ،‬أو عن فالن إذا كان أضحية موصى هبا‪ ،‬أو ما أشبه ذلك‪ ،‬املهم أن تعيني من هي له إمنا‬
‫يكون عند الذبح بعد التسمية والتكبري‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬هل يشرتط أن يذكر عند ذبح األضحية أهنا عن فالن؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬إن ذكر أهنا عن فالن فهو أفضل‪ ،‬فإن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬كان يقول‪" :‬اللهم هذا منك ولك‪،‬‬
‫اللهم هذا عن حممد وآل حممد" (‪ ،)4‬وإن مل يذكره كفت النية‪ ،‬ولكن األفضل الذكر‪ ،‬مث إن تسمية املضحى عنه تكون عند الذبح‬
‫حممد أو عن فالن وفالن ويسميه‪ ،‬وأما ما يفعله بعض العامة إذا كان ليلة العيد‬ ‫يقول‪ :‬بسم اهلل‪ ،‬اهلل أكرب‪ ،‬اللهم هذا منك عن ٍ‬
‫ذهب إىل املواشي ليسمي من هي له‪ ،‬وجعل ميسحها من مقدم الرأس إىل الذيل‪ ،‬ويكرر التسمية‪ ،‬فهذا‪ ،‬بدعة ال أصل هلا عن النيب‬
‫‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪. -‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬هل يشرتط أن يذبح اإلنسان أضحيته بنفسه أو حيضر عند ذبح الوكيل لألضحية؟‬

‫(?)(األنعام‪)121 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?)(البقرة‪)286 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?)(التوبة‪)91 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫(?)أخرجه اإلمام أمحد (‪. )6/391‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪18‬‬
‫ومستحضرا؛ ألنه يف عبادة يتقرب هبا‬
‫ً‬ ‫فأجاب بقوله‪ :‬األفضل لإلنسان أن يتوىل ذبح اهلدي بنفسه حىت يكون مطمئنًا عليه‪،‬‬
‫إىل اهلل‪ ،‬ولكن إذا شق عليه ذلك أو شق عليه توزيعه فإنه ال حرج عليه أن يوكل ثقة يتوىل ذحبه وتوزيعه‪ ،‬وال يشرتط مع ذلك أن‬
‫يشاهد ذحبه‪ ،‬بل إذا وكله وانصرف وتوىل هذا الثقة ذحبه وتوزيعه فإن ذلك جائز وال حرج فيه‪ ،‬فقد ثبت عن النيب ‪ -‬صلى اهلل‬
‫وك ل علي بن أيب طالب أن يذبح ما تبقى من هديه وكان ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬قد أهدى مئة من اإلبل فنحر‬ ‫عليه وسلم ‪ -‬إنه َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫ثالثًا وستني بيده‪ ،‬وأعطى عليًّا الباقي لينحره وأمره أن يتصدق مبا يتصدق به منها‬

‫* هذه الرسالة املرفقة وردتنا اليوم ‪6/11/1410‬هـ من جلنة اإلغاثة يف خارج اململكة بدون توضيح معها‪ ،‬والظاهر أهنم يريدون منا‬
‫نشرها بني الناس لدعم مشروع األضحية‪ ،‬أي جعل األموال باسم قيمة األضاحي؛ لتؤمن وتذبح هناك وتوزع على املهاجرين من‬
‫األفغان‪ ،‬والسؤال هو‪ :‬هل ترون فضيلتكم جواز هذا العمل ببعث قيمة األضاحي إىل هذه اللجنة لتتوىل شراء ذبائح األضاحي‬
‫وذحبها وتوزيعها على خميمات املهاجرين من األفغان؟ وفقكم اهلل والسالم عليكم ورمحة اهلل وبركاته‪.‬‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم ‪ ,‬وعليكم السالم ورمحة اهلل وبركاته‪.‬‬
‫ال أرى جواز بعث قيمة األضاحي إىل هذه اللجنة لتتوىل شراء األضاحي يف بلد آخر‪ ،‬ألن هذا يؤدي إىل تعطيل شعرية األضاحي يف‬
‫البالد اإلسالمية‪ ،‬والشرع احلكيم له نظر يف أن تنتشر شعائر اإلسالم يف بالد اإلسالم‪ ،‬وهلذا شرع للحجاج اهلدي‪ ،‬وشرع لغريهم‬
‫األضاحي يف بالدهم؟ وألن إرسال قيمة األضحية إىل بالد أخرى؛‪ z‬ليضحي هبا يعطل قول اهلل عز وجل‪( :‬فَ ُكلُوا ِمْن َها َوَأطْعِ ُموا‬
‫س الْ َف ِق َري) (‪ )2‬وقد ذهب بعض العلماء إىل وجوب اآلكل من األضحية بنفسه‪ ،‬كما كان النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬يذبح‬ ‫ِئ‬
‫الْبَا َ‬
‫(‪)3‬‬
‫أضحيته بنفسه‬
‫وأما توكيله علي بن أيب طالب رضي اهلل عنه أن يذبح بقية هديه يف مىن‪ ،‬فألن احلاجة داعية إىل ذلك؛ ألن ما أهداه النيب‬
‫‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬مئة بعري‪ ،‬والناس يف حاجة إىل تفرغ النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬هلم‪ ،‬وقد أمر النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ‪ -‬أن يؤخذ من كل بعري قطعة‪ ،‬فجعلت يف قدر وطبخت‪ ،‬فأكل من حلمها وشرب من مرقها (‪ ، )4‬وهذا يدل على تأكد‬
‫أكل اإلنسان مما تقرب إىل اهلل بذحبه‪ ،‬وهذا يفوت إذا أرسلت القيمة إىل بلد آخر؟ وألن األضاحي إذا كانت وصايا فإن املوصني‬
‫حيبون أن يضحي هبا ذريتهم ويذكروهم هبا‪ ،‬وهذا يفوت بإرسال القيمة إىل بالد أخرى‪.‬‬
‫وبناء على ما سبق فال أرى نشر الدعاية إلرسال قيمة األضحية إىل بالد أخرى‪ z،‬واهلل املوفق‪.‬‬

‫‪)?(1‬‬
‫أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب احلج‪ ،‬باب حجة النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪. )1218( -‬‬
‫‪)?(2‬‬
‫(احلج‪)28 :‬‬
‫(?)أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب األضاحي‪ ،‬باب من ذبح األضاحي بيده‪. )558( ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫(?)أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب احلج‪ ،‬باب حجة النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪. )1218( -‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪19‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪-‬رمحه اهلل‪ :-‬عن رجل خارج بلده للعمل ملدة ثالث سنوات‪ ،‬ومل يقم باألضحية‪ ،‬ومل يوكل‪ ،‬فهل عليه‬
‫كفارة؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬الصحيح أن األضحية ليست واجبة وأهنا سنة‪ ،‬لكنه يكره للقادر أن يدعها‪ ،‬وهذا األخ الغريب الذي ترك‬
‫أمرا مطلوبًا إن تيسر له فعله‪ ،‬وإن مل يتيسر فال حرج عليه‪،‬‬ ‫األضحية ملدة ثالث سنوات ال إمث عليه؛ ألنه مل يرتك واجبًا‪ ،‬وإمنا ترك ً‬
‫لكن مثل هؤالء الغرباء ينبغي هلم أن يوكلوا أهليهم بأن يقوموا باألضحية يف بالدهم حىت حيصل هلم الفرح والسرور بأضحيته يف‬
‫بالده‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪-‬رمحه اهلل‪ :-‬عن رجل أراد أن يضحي وهو ناو احلج فكيف يعمل؟‬
‫أحدا يضحي عنه‪ ،‬وأما إذا كان أهله يف بلده فهنا ينبغي أن يوكل من‬ ‫فأجاب بقوله‪ :‬إذا كان أهل معه فاألفضل أال يوكل ً‬
‫يضحي عنه يف أهله‪ ،‬وحينئذ ال يأخذ من شعره وال من ظفره وال من بشرته شيًئا إال إذا أحرم بالعمرة فله أن يقصر؛ ألن التقصري‬
‫صار نس ًكا‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬هل جيوز للشخص احلاج توكيل أهله يف األضحية؟‬
‫أحدا من أهله الباقني يف البلد‪ ،‬فيضحي عنه‪ ،‬وعن أهل بيته‪ ،‬ألن النيب ‪-‬‬ ‫فأجاب بقوله‪ :‬جيوز لإلنسان إذا حج أن يوكل ً‬
‫(‪.)1‬‬
‫وكل علياّ بن أيب طالب يف ذبح ما بقى من هديه‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪-‬‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم ‪َّ -‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬من سافر ومل يرتك أضحية عند أهله فهل جيوز له تأجيلها لليوم الثالث عشر أو يذبح عنهم يف‬
‫حمل إقامته؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬جيوز لإلنسان أن يؤخر ذبح أضحيته إىل اليوم الثالث عشر من ذي احلجة؛ وذلك ألن أيام الذبح أربعة‪ :‬يوم‬
‫العيد بعد صالة العيد‪ ،‬واليوم احلادي عشر‪ ،‬والثاين عشر‪ ،‬والثالث عشر‪ ،‬وهذا أفضل من كونك تذبح األضحية يف مىن‪ ،‬أي كونك‬
‫تؤخرها إىل اليوم الثالث عشر‪ ،‬وتذحبها عند أهلك يف الرياض‪ ،‬خري من كونك تذحبها يف مىن؛ ألن ذحبك يف مىن ذبح يف غري مكان‬
‫األضحية‪ ،‬فإن األضاحي مشروعة يف غري حق احلجاج؟ وألنك إذا ذحبتها يف مىن مل يستفد منها أهلك‪ ،‬ومل يأكلوا منها‪ ،‬فاألفضل‬
‫مجيعا‪.‬‬
‫مجيعا؛ ليأكلوا منها ً‬
‫ملن أراد أن يضحي عن أهله وعنه أن يضحي يف مكان إقامتهم ً‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬هل يغرم الوكيل إذا ذبح األضحية قبل صالة العيد ناسيًا أو جاهالً؟‬
‫كالما لألصحاب يف هذا‪،‬‬‫فأجاب بقوله‪ :‬إذا ذحبت األضحية قبل صالة العيد فهي شاة حلم وال جتزئ األضحية‪ ،‬ومل أجد ً‬
‫ولكن القياس يقتضي أن اللحم للموكل‪ ،‬ويضمن الوكيل ما نقص الشاة ‪ -‬أي ما بني قيمتها مذبوحة وحية‪ -‬واملوكل يذبح بدل‬
‫األضحية‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل تعاىل‪ :-‬إذا نسي الوكيل األضحية ومل يذكر إال بعد أيام التشريق فما احلكم؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬ال شيء عليه‪ ،‬وإذا أراد املوكل األضحية فيضحي يف العام املقبل‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬مىت ينتهي وقت األضحية؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬ينتهي بغياب الشمس لليوم الرابع‪ ،‬فلو ذحبتها قبل غروب الشمس بدقيقة فهي أضحية‪ ،‬ولو سلختها فيما‬
‫بعد فال‬

‫(?)أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب احلج‪ ،‬باب حجة النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬برقم (‪. )1218‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪20‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬ما حكم ذبح األضحية يف مصلى العيد؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬ذبح األضاحي يف مصلى العيد من السنة‪ ،‬لفعل النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ، )1( -‬لكن ا الناس اآلن‬
‫اعتادوا أن يذحبوا يف بيوهتم؟ لئال تتلوث البقاع حول مصليات العيد‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬إذا اشرتى إنسان ذبيحتني يقصد إحدامها لألضحية واألخرى حلما فهل يشرتط أن يعني اليت‬
‫سيضحي هبا بعينها وال جيوز له تبديلها باألخرى؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬ال ليس بشرط‪ ،‬والذي ينبغي لإلنسان أالَّ يعني األضحية إال عند ذحبها ألجل أن يكون َّ‬
‫حرا يف تبديلها‬
‫وتغيريها‪ ،‬فإذا أراد أن يذحبها يقول‪ :‬هذه أضحية فالن‪ ،‬أضحية عين وعن أهل بييت‪ ،‬أو عن فالن الذي أوصى هبا أو ما أشبه بذلك‪.‬‬
‫ماذا تعينت فإنه يتعلق هبا حكم األضحية وجيب عليه تنفيذها‪ ،‬وقد ذكر بعض أهل العلم أنه إذا أبدهلا خبري منها فال حرج‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬من اشرتى األضحية لرتبيتها يف الرعي‪ ،‬مث مرضت‪ z‬أو انكسرت رجلها فهل يضحي مبا؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬يقول العلماء‪ -‬رمحهم اهلل‪ -‬من عنّي األضحية وقال‪ :‬هذه أضحييت صارت أضحية‪ ،‬فإذا أصاهبا مرض أو‬
‫كسر فإن كنت أنت السبب فإهنا ال جتزئ‪ ،‬وجيب عليك أن تشرتي بدهلا مثلها أو أحسن منها‪ ،‬وإن مل تكن السبب فإهنا جتزئ‪.‬‬
‫مبكرا من أجل أن يغذيها بغذاء طيب‪ ،‬ولكن ال يعينها‪ ،‬فإذا كان‬ ‫وهلذا نقول‪ :‬األوىل أن اإلنسان يصرب يف تعيينها فيشرتيها ً‬
‫عند الذبح عينها وقال‪ :‬اللهم هذا منك ولك‪ ،‬هذا عين وعن أهل بييت‪ .‬وهو إذا مل يعني يستفيد فائدة مهمة وهي‪ :‬لو طرأ أن يدعها‬
‫ويشرتي غريها فله ذلك؛ ألنه مل يعينها‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬ما حكم تعليم األضحية باحلناء وبالقالئد؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬األضاحي ال حاجة ألن تعلم باحلناء وال بقالئد؛ ألن اإلنسان سيضحي هبا يف بيته‪ ،‬ويأكل منها هو وأهله‪،‬‬
‫ويطعم الفقراء ويتصدق عليهم‪ ،‬ويطعم األغنياء‪ ،‬وإمنا التقليد يكون للهدي‬
‫الذي يبعث به إىل مكة‪ ،‬حىت يعرف الفقراء أنه هدي فيتبعوه ليأكلوا منه‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬هل يستحب للمتمتع بعد أن حيل ويشرتي هديه أن يقلده ليعلم أنه هدي؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬من ساق اهلدي هو الذي يستحب أن يشعره ويقلده‪ ،‬أما من اشرتاه من السوق ليذحبه فهذا ال يسن فيه‬
‫اإلشعار وال التقليد‪.‬‬
‫كبشا معينًا فمات الكبش املعني دون تفريط منه فهل يلزمه إبداله؟‬‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬شخص نذر أن يذبح ً‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬إذا عني اإلنسان األضحية‪ ،‬مث ماتت بغري تفريط منه وال تعدي فال شيء عليه‪ ،‬إال إذا كانت منذورة‪ ،‬يعين‬
‫قد نذر األضحية فعليه أن يويف بنذره‪ ،‬أما إذا كانت مل جتب إال بالتعيني مث‬
‫ماتت بال تفريط منه فال شيء عليه‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪-‬رمحه اهلل‪ :-‬هل يشرع للفقري أن يستدين لكي يضحي؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬الفقري الذي ليس بيده شيء عند حلول عيد األضحى لكنه يأمل أن حيصل‪ ،‬كإنسان له راتب شهري‪ ،‬أو أنه يف‬
‫يوم العيد ليس يف يده شيء لكنه يستطيع أن يستقرض من صاحبه ويويف إذا جاء الراتب فهذا ميكن أن نقول له‪ :‬لك أن تستقرض‬

‫(?)أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب األضاحي‪ ،‬باب األضحى والنحر باملصلى (‪. )5552‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪21‬‬
‫إذن وتضحي مث تويف‪ ْ،‬أما إذا كان ال يأمل الوفاء عن قريب فإننا ال نستحب له أن يستقرض ليضحي؛ ألن هذا يستلزم إشغال ذمته‬
‫ومن الناس عليه‪ ،‬وال يدري هل يستطيع الوفاء أو ال يستطيع‪.‬‬ ‫بالدين ّ‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬هل جيوز شراء األضحية بالدين؟ وهل يُعطى اجلزار أجرة منها أو يُهدى له منها؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬إذا كان الرجل ليس عنده قيمة األضحية يف وقت العيد لكنه يأمل أن سيحصل على قيمتها عن قُرب‪،‬‬
‫تسلَّم راتبه سهل عليه تسليم القيمة فإنه يف هذه احلال ال حرج عليه أن‬
‫كرجل موظف ليس بيده شيء يف وقت العيد‪ ،‬لكن يعلم إذا َ‬
‫يستدين‪ ،‬وأما من ال يأمل احلصول على قيمتها من قرب فال ينبغي أن يستدين لألضحية‪.‬‬
‫وأما إعطاء اجلزار أجرته منها فال جيوز‪ .‬وأما إعطاؤه هدية منها فال بأس به‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬بالنسبة للمتمتع والقارن هلما هدي‪ ،‬فهل هذه تعترب أضحية؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬هذا اهلدي الذي يكون على املتمتع والقارن يكفي عن األضحية؛ ألنه يذبح يوم العيد فيكفي‪ ،‬كرجل دخل‬
‫املسجد وصلى الراتبة فهذه تكفي عن الراتبة وعن حتية املسجد‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬هل األضحية مشروعة عن األموات؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬الذي نرى أن األضحية مشروعة يف حق األحياء فقط؛ ألن هذا هو الوارد عن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‬
‫‪ -‬فهي عن األحياء فقط‪ ،‬إال إذا أوصى هبا امليت فإهنا تفعل عنه‪ ،‬وذلك ألن امليت إذا أوصى هبا فقد أوصى هبا من ماله‪ ،‬وماله له‬
‫أن يصرفه كما يشاء يف غري معصية اهلل‪ ،‬فتنفذ كما أوصى‪ ،‬وأما احلي فإنه يضحي عن نفسه ولكن ال مانع من أن يضحي ويقول‪:‬‬
‫هذا عين وعن أهل بييت‪ ،‬وينوي هبم األحياء واألموات‪ ،‬فإن ظاهر فعل النيب عغغ حيث كان يقول‪" :‬هذا عن‬
‫حممد وآل حممد وعن أمة حممد" (‪ ، )1‬ظاهره أنه يشمل احلي وامليت‪.‬‬
‫أما أن يضحي عن امليت خاصة فهذا مل يرد عن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬أنه ضحى عن أحد من أمواته خبصوصه‪z،‬‬
‫فلم يضح عن أوالده الذين ماتوا يف حياته‪ ،‬وهن ثالث بنات متزوجات‪ ،‬وثالثة أبناء صغار‪ ،‬وال عن زوجته خدجية‪ -‬رضي اهلل‬
‫عنها‪ -‬وهي من أحب نسائه إليه‪ ،‬وال عن عمه محزة‪ -‬رضي اهلل عنه‪ -‬وهو من أعز أقاربه عنده‪ ،‬ولو كان هذا من األمور املشروعة‬
‫لكان الرسول ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬يشرعه ألمته إما بقوله وإما بفعله‪ ،‬وإما بإقراره‪ ،‬وملا مل يكن شيء من ذلك عُلم أنه ليس‬
‫مبشروع‪ ،‬ومع هذا ال نقول‪ :‬إنه حمرم أو بدعة‪ ،‬أو أنه ال جيوز؛ ألنه أشبه ما يكون بالصدقة كما قاس بعض أهل العلم األضحية عن‬
‫(‪)2‬‬
‫امليت بالصدقة عنه‪ ،‬والصدقة عن امليت قد ثبتت هبا السنة‬
‫أيض ا من اخلطأ‪ :‬ما يفعله بعض الناس من التضحية عن امليت أول سنة ميوت ويسموهنا (أضحية احلفرة) ويعتقدون‬ ‫ونرى ً‬
‫تربعا‪ ،‬أو مبقتضى وصاياهم وال يضحون عن أنفسهم وأهليهم‪،‬‬ ‫أنه ال جيوز أن يشرك معه يف ثواهبا أحد‪ ،‬أو يضحون عن أمواهتم ً‬
‫ولو علموا أن الرجل إذا ضحى من ماله عن نفسه وأهله مشل أهله األحياء واألموات‪ -‬كما سبق‪ -‬ملا عدلوا عنه إىل عملهم هذا‪،‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪-‬رمحه اهلل‪ :-‬هل تشرع األضحية للحاج أم يكفي اهلدي؟‬

‫(?)أخرجه أمحد (‪. )6/391‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?)أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب الوصية‪ ،‬باب وصول ثواب الصدقات إىل امليت برقم (‪. )12‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪22‬‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬اإلنسان الذي سيحج هو وأهله فإنه ال حاجة إىل األضحية يف حقهم؛ ألهنم سوف يهدون‪ ،‬واهلدي يف مكة‬
‫أفضل من األضحية‪ ،‬وأما من كان يريد أن حيج ببعض عائلته ويبقي البعض يف البلد فهذا يشرع له أن يضحي ألهله الباقني أضحية‬
‫عندهم‪ ،‬وحينئذ يثبت يف حقه حكم املنع يف األخذ من الشعر واألظفار والبشرة إال أنه إذا متتع البد أن يقصر من شعر رأسه‬
‫ويسمح له يف ذلك؛ ألن التقصري حينئذ نسك مأمور به من واجبات العمرة‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪-‬رمحه اهلل‪ :-‬هل يلزم احلاج املفرد أضحية يف بلده؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬األضحية يف بلد احلاج سواء حاج متمتع‪ ،‬أو قارن‪ ،‬أو مفرد‪ z‬إذا كان له أوالد هناك وأراد أن يضحي هلم‬
‫متمتعا أو قارنًا‪ ،‬أما إذا كان أهله معه وليس له يف البالد أهل فإنه يذبح اهلدي للتمتع والقران‬
‫مفردا أو ً‬
‫فهذا طيب سواء كان ً‬
‫ويكفيه‪ ،‬واملفرد إذا أحب أن يهدي هدي تطوع فعلى خري ويكون أضحية‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬والدي متوىف ومل يوص بشيء‪ ،‬وله أوالد قصر‪ ،‬هل أضحي لألوالد القصر أم أضحي للوالد‬
‫على حده؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬أوالً‪ :‬جيب أن تعلم أن األضحية ليست واجبة لألموات‪ ،‬وأصل األضحية لألحياء‪ ،‬هذا هو األصل‪ ،‬فإذا‬
‫تبعا لألحياء‪ ،‬فيضحي اإلنسان بالشاة عنه وعن أهل بيته‪ ،‬وينوي بذلك احلي‬ ‫كان امليت مل يوص هبا‪ ،‬فاألفضل أالَّ يضحي عنه إال َ‬
‫وامليت‪ ،‬والدليل على أنه ليس من السنة أن يضحي عن األموات إال بوصية‪ ،‬أن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬تويف له بنات وتويف‬
‫له عمه محزة بن عبد املطلب‪ ،‬وتويف له زوجات‪ ،‬توفيت له زوجته خدجية‪ -‬رضي اهلل عنها‪ -‬وزينب بنت خزمية‪ -‬رضي اهلل عنها‪-‬‬
‫خريا لفعله النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ، -‬وإمنا كان‬
‫يضح عن أحد منهم صلوات اهلل وسالمه عليه‪ ،‬ولو كان َ‬ ‫ومع ذلك مل ِّ‬
‫يضحي عنه وعن أهل بيته (‪ ، )1‬يعين األحياء‪ ،‬ولكن نقول‪ :‬إذا ضحى اإلنسان عن نفسه وأهل بيته‪ ،‬ونوى بذلك األحياء‬
‫واألموات‪ ،‬فليس يف ذلك بأس‬
‫إن شاء اهلل‪ ،‬أما الوصايا فيجب أن تنفذ على ما هي عليه‪.‬‬
‫* سئل فضيلة الشيخ‪ -‬رمحه اهلل‪ :-‬عن أم تقوم بذبح ضحايا متعددة ألبيها وأمها وغريمها‪ ،‬مما يكلفها مبالغ كبرية‪ ،‬فهل يصح‬
‫فعلها؟‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬أخري اهلدي هدي حممد ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ، -‬وليست هذه املرأة أكرم من رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪ ، -‬وال أعلم منه مبا يرضي اهلل‪ ،‬وال أحرص منه على مرضاة اهلل ِ‬
‫فلتقتد برسوهلا حممد ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ، -‬أما‬
‫والداها وجدها وجدهتا‪ ،‬وعمها وعمتها‪ ،‬وخاهلا‪ ،‬وخالتها‪ ،‬وأقارهبا‪ ،‬وأصدقاؤها فلتدع اهلل هلم؛ ألن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‬
‫‪ -‬قال ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪" : -‬إذا مات اإلنسان انقطع عمله إال من ثالث‪ :‬صدقة جارية‪ ،‬أو علم ينتفع به‪ ،‬أو ولد صاحل‬
‫يدعو له" (‪ ، )2‬فلم يقل‪( :‬يضحي له) مع أن احلديث يف سياق األعمال‪" :‬انقطع عمله إال من ثالث"‪ ،‬واألضحية عمل فلم يقل‪( :‬إال‬
‫ولد صاحل يضحي له) ‪ ،‬وهذه املرأة تريد اخلري لكن ليس كل جمتهد نصيب‪.‬‬

‫(?)أخرجه اإلمام أمحد (‪. )6/391‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫(?)أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب الوصية‪ ،‬باب ما يلحق اإلنسان من الثوابت بعد وفاته‪. )1631( ،‬‬

‫‪23‬‬
‫* قال فضيلة الشيخ رمحه اهلل تعاىل‪ :‬لقد سألين املكرم‪ z..../‬عن رجل عنده دراهم يريد أن يتصدق هبا عن ميت من أقاربه‪ ،‬أو‬
‫يضحي هبا عن هذا امليت‪ ،‬فأيهما أفضل الصدقة هبا عنه أو األضحية؟‬
‫فأجبته مبا يلي‪:‬‬
‫الصدقة بالدراهم عن امليت‪ ،‬أو وضعها يف بناء مسجد‪ ،‬أو أعمال خريية أفضل من األضحية؟ وذلك ألن األضحية عن‬
‫امليت استقالالً غري مشروعة؛ ألن ذلك مل يرد عن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬ال من قوله وال من فعله وال من إقراره‪ ،‬وقد مات‬
‫للنيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬أوالد سوى فاطمة‪ ،‬وماتت زوجتاه خدجية وزينب بنت خزمية‪ ،‬ومات عمه محزة‪ -‬رضي اهلل‬
‫أحدا من الصحابة ضحى يف عهد النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬عن أحد من‬ ‫عنهم‪ -‬ومل يضح عن واحد منهم‪ ،‬ومل يعلم أن ً‬
‫األموات قريب وال بعيد‪ ،‬وهلذا ذهب كثري من أهل العلم إىل أن امليت ال ينتفع باألضحية عنه‪ ،‬وال يأتيه أجرها إال أن يكون قد‬
‫أوصى هبا‪ ،‬ولكن الصحيح أنه ينتفع هبا ويأتيه األجر‪ -‬إن شاء اهلل‪ -‬إال أن الصدقة عنه بالدراهم والطعام أفضل؟ وذلك ألن الصدقة‬
‫عن امليت قد ورد عن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬وقوعها يف عهده‪ ،‬وإقراره عليها‪ ،‬خبالف األضحية‪ ،‬ففي الصحيحني من‬
‫حديث عائشة‪ -‬رضي اهلل عنها‪ -‬أن رجأل أتى النيب فقال‪ :‬يا رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬إن أمي افتلتت نفسها‪ ،‬وأظنها‬
‫لو تكلمت تصدقت فهل هلا أجر إن تصدقت عنها؟ قال‪" :‬نعم" (‪. )1‬‬
‫والذين أجازوا األضحية عن امليت استقالالً إمنا قاسوها على الصدقة عنه‪ ،‬ومن املعلوم أن ثبوت احلكم يف املقيس عليه‬
‫أقوى من ثبوته يف املقيس‪ ،‬فتكون الصدقة عن امليت أوىل من األضحية عنه‪.‬‬

‫(?)أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب الوصايا‪ ،‬باب ما يستحب ملن تويف فجأة‪ ، )2675( ،‬ومسلم كتاب الوصية‪ ،‬باب وصول ثواب‬ ‫‪1‬‬

‫الصدقات إىل امليت‪. )1004( ،‬‬


‫‪24‬‬

You might also like