Professional Documents
Culture Documents
يوميات طبيب مصرى فى السعودية النسخة الأخيرةpdf
يوميات طبيب مصرى فى السعودية النسخة الأخيرةpdf
يوميات ب
ي
سلا
مصرى فى عود ةي
.1مقدمة
.2البداية قصيمية !!
.3البورصة السعودية
.4الخطاب ماقبل األخير
.5د /مصطفى محمود عالم مات مرتين!
.6أجمل 38جمله في العالم
.7صورة
.8آه من حواء
.9أيام القلق فى مصر ..التصويت إنتخابات الرئاسة
.10سقوط األقنعة
.11بلد "نص لبة!! "
.12حوار مع صديق نمرود!!
.13عصام حجى ..شعلة األمل !
.14عمى الحاج !!
.15فى انتظار "جودو"!!
.16الجين المصرى "المتمرد!! "
.17محددات العقل المصرى!!
.18زمن بال فرسان
.19خواطر مسافر -:شعب مختلف!!
.20أين الرجل الرشيد ؟!
.21تقزيم السالم !
.22حصاد السنين
.23إحنا زى الفل!!
.24حديث بعد الفطار؛ فى الرئيس "مرسى" و عنه!!
.25فى سجن "إسالم البحيرى!!"
.26عفوا ديكارت؛ "أنا أفكر إذا أنا مجرم!"
.27األنموذج التركى!!
سواق أوبر يحكى-: .28
""Ermin .29
.30جيل عم سيد الذي مات
عقدة_المخبر .31
.32الحقيقة المؤلمة..إلى متى النكار؟!
.33صديقى المهاجر الى بالد النجليز
2
.34أرجوكم ..إنه أبى !
.35بائع الجرائد
.36من مذكرة طبيبة سعودية في بريطانيا
.37من أجرأ ما قرأت -:على المسلمين االختيار إما محمد 'السنة' أو محمد 'القرآن'
.38كيف سنحيا غدا ؟! ..و كيف ستكون الحياة ؟!
.39عادل الخياط
".40منى بكر" أسطورة النانوتكنولوجي ..رحلت في غموض!
.41د .أحمد عمار
I won "The Star Award", on 15th of March 2018..42
.43عودة "عبد هللا بن بخيت" !!
.44لماذا خسرنا فى كاس العالم؟!
.45هذا هو أبى
".46بين المنطق و المنطوق" ..مشكلة العقل فى بالدى!
.47فن إغتصاب العقول
.48خرافة و تخاريف؛ العقل العربى!!
.49تليفون نصف الليل
.50ا.د .حسام موافى
.51معجزة نقل األعضاء تتحدى فتاوى األولياء
.52أنا عندي أطفال!
.53رأيى الشخصى فى -:التطبيع مع اسرائيل!!
.54د .سولك
.55شاهد "عيان!!"
.56رسالة الى صديقى األردنى ؛ "مازن داود"
.57فى ذكرى وفاة إبنى "مهند"
.58أينشتاين
.59الطب" ،من مهنة إنسانية ،إلى "مهلة استثنائية!! " التنمر ضد األطباء ..من يدفع الثمن ؟!
.60قدر العلماء فى بالدى!
.61متى يقول علماؤنا كلمتهم ؟!
.62اليوم الثانى
.63خطابى فى حفل وداعى
المصادر .64
3
مقدمة
قضيت أنا الموقع أدناه 29 ،عاما بالتمام و الكمال ،فى المملكة العربية السعودية ،عامال فى مستشفياتها .و تحديدا منذ أخريات
العام 1993م ( 1414هـ) الى أوائل العام 1443( 2022هـ) .و تلك كانت تجربة ثرية بكل معنى الكلمة .فقد شكلت جل خبرتى
الحياتية الستينية (اآلن) .إذ أنى تخرجت من كلية طب القصر العينى (جامعة القاهرة) فى ديسمبر ، 1984بعدها كانت سنة
التدريب الجبارى (المتياز) ثم سنة التكليف ،فسنوات نيابة الجراحة العامة ،حتى حصلت على ماجستير الجراحة فى العام
، 1991بعدها سافرت لمدة عام الى الواليات المتحدة األمريكية ،لكى أعود من هناك مباشرة إلى السعودية .الشاهد فى ذلك أن
مجمل خبرتى الحياتية ،والتى يبدأ حسابها من بعد فترة الدراسة و الكلية ،و بدءا من الحتكاك المباشر بالمرضى من عامة
الشعب ،لم تكن خبرتى تتجاوز الخمس سنوات ،و بالطبع كانت من دون مسئولية قانونية ،إذ أن الستشاريين و األخصائيين،
كانوا يتحملون تغطية األخطاء الطبية ،بإعتبارنا الفريق األصغر ( ،)Junior Staffو تحت التدريب.
أو هكذا بدأت حياتى العملية ،فى مجتمع غريب عنى و أنا غريب عنه ،ليس هذا فقط ،بل و رأيتنى محاسبا على أى خطأ طبى و
غير طبى ،مما دعانى ،أنا و زمالء رحلة الغتراب ،إلى البقاء معظم الوقت ،فى الوضع "إنتباه"!! .و بدأ "عداد السنين" يعمل
و يعد .و مرت األيام ..فى البدء كانت ثقيلة بطيئة ،ولكن ما أن ألفنا الوضع ـ بعد 3سنوات ـ و فككنا الشفرة المجتمعية ،إلى حد
معقول ،حتى هدأت التوترات ،و بدأنا مرحلة جديدة من التصالح مع المكان و الزمان والنسان.
لم نكن نحن فقط الذين نتغير ،بل إن المملكة كلها كانت تتغير .و رغم أن التغيير فى بدايته ،أو قل فى بداية رحلتنا (حيث أنه
يقينا كان قد بدأ ربما قبل أن نولد نحن) كان حثيثا ،إال أنه كان واثقا و مبهجا .فعلى سبيل المثال و ليس الحصر ،كان سفر المقيم
من "القصيم" إلى "الرياض" (العاصمة) باألوتوبيس ،يلزمه خطاب موافقة الكفيل ( ،)Travel Letterوفى استراحة ما ،فى
منتصف الطريق ،فإن رجال من رجال الشرطة سوف يطلبه منك .أما اليوم فقد أمكننى إصدار تأشيرة دولية متعددة ،لمدة عام ،
لبنتى التى تدرس فى القاهرة ،كى تزورنا فى أى وقت تشاء .و تلك التأشيرة أنا بنفسى الذى أصدرتها عن طريق موقع
"أبشر"(وزارة الداخلية) على النترنت ،فى دقيقة واحدة و من دون ورق.
هذا ناهيك عن الطفرة الجتماعية الهائلة التى حدثت ،من حيث؛ قيادة المرأة للسيارة و إختراقها كافة أسواق العمل .و إجماال؛
تحجيم سطوة "المطوعين" إلى حد كبير ،و النطالق بالمملكة نحو الحداثة و المعاصرة.
و اآلن ،فإن ما دعانى إلى تسجيل تلك المذكرات ،هو بلوغى "سن التقاعد" ،بل إنى قد تجاوزته بعامين ،نظرا لظروف كورونا
( ،) Covid-19و من ثم صار على أن أرحل .فلقد انتهت الرحلة .وهى رحلة بدأت بالدموع و انتهت بالدموع .ولكن شتان بين
البداية و النهاية ،فـ بكاء البداية كان خوفا من المجهول ،أما بكاء النهاية ،فقد كان عشقا للمعلوم.
و مذكراتى تلك ،هى ليست يوميات ،بقدر ما هى إنطباعات و إنفعاالت مؤطرة أو آراء استشرافية ،و أيا ما كانت ،تلك
المذكرات ،فإنها وليدة المكان و الزمان ،وهو ما يمنحها برأيى ،شرعية النتماء و مشروعية الدعاء.
أسعد هللا أوقاتكم أينما كنتم ،و متعكم بالصحة و السعادة.
د .هشام الحديدى
2022/2/ 22
تنويه
جميع الروايات و األحداث التى وردت فى هذا الكتاب؛ حقيقية ،أما أسماء األشخاص فهى مستعارة ،حرصا من الكاتب على
خصوصيتهم !.
4
5أكتوبر 1993
5
شئ آخر الحظته مبكرا ،وهو أنى وكل زمالئى فى الطوارئ ،كنا ذوى أجسام رياضية و طويلى القامة ،مقارنة مثال بباقى
زمالئى الذين ذهبوا الى قسم الجراحة ،و غيرهم فى األقسام األخرى .وهى مالحظة أسقطتها من حسابى سريعا ،إذ لم يدر
بخلدى إطالقا أن "د .سختي ان" كان يقارن أطوالنا ،فى المساء األول لوصولنا المستشفى ،و إذا كان ذلك كذلك ،فما الدافع؟!.
ثم ما هو إال أسبوع أو يزيد ،حتى وجدت أحد الزمالء يجرى فزعا فى أروقة الطوارئ ،و خلفه يهرول أحد "المراجعين" ،وهو
يسبه و يهدد و يتوعد .و ما كان منا ،باقى الطاقم ،إال أن أخلينا الطريق أمام المتسابقين .وقتها أدركت ما كان يعنيه مديرنا
الطبى ،من إهتمامه بلياقتنا البدنية.
*** فى أول يوم راحة من العمل ،أخذنا أنا و زوجتى نتمشى داخل المجمع السكنى للمستشفى ،ووصلنا الى المركز الترفيهى
( )Recreation Centreو دخلنا الى منطقة حمام السباحة ،و كانت زوجتى آنذاك غير محجبة ..و كان الوقت ظهرا ،حين
اندفع إلينا أحد رجال األمن من ذوى اللحى الكثيفة و الطويلة ،و كان غاضبا جدا و صاح فينا "-:من أنتم ؟؟"..و عرفناه بأنفسنا،
فلم يهدأ و استمر يصيح " -:ممنوع يادكتور ان زوجتك تخرج من بيتها سافرة بهذا الشكل..ولو الموضوع ده وصل الدكتور عبد
العزيز السواح..ح يعاقبكم ..اتفضلوا امشوا من هنا حاال و إال ح أبلغ د .عبد العزيز بنفسى"!.
عدنا أدراجنا و نحن نكاد نبكى من هول الصدمة ،و أدركنا وقتها أن ما سمعناه عن التزمت الدينى و العادات و التقاليد الصعبة،
لم يكن مزحا .و بدأت زوجتى تتحجب بعض الوقت ،ثم كل الوقت ثم ضعف الوقت .ثم حدث أن كنا –بعض العائالت ـ نتجول
فى مدينة عنيزة .حيث كان أوتوبيس العائالت يقلنا مرتين أسبوعيا ،من داخل مبانى المستشفى ،حيث نقطن (و كانت المستشفى،
التى تبدو و كأنها مدينة طبية ،تقع فوق هضبة تبعد عن قلب المدينة حوالى 6كيلومترات) ،يقلنا األوتوبيس تارة إلى السوبر
ماركت األكبر بالمدينة ،و ينتظرنا لمدة 3ساعات ،نتسوق خاللها .و تارة أخرى ينقلنا الى منطقة األسواق الشعبية و التى بها
الخضراوات و الفاكهة و اللحوم ..إلخ .و ذات مرة ،و بينما كن ا نتسوق ،تقدم أحد المواطنين منا أنا و زوجتى ،و قال لى بتجهم،
مشيرا الى زوجتى -:هل هذه زوجتك ؟!..
قلت له مرتبكا من الصدمة -:نعم..هى زوجتى.
قال لى -:و األخ مصرى ؟!
قلت له -:نعم
قال لى بإستهجان -:أليس عيبا أن تكون من بلد األزهر و رجال الدين العظام ،و تترك زوجتك متبرجة هكذا ؟!!!
نظرت الى زوجتى ،متحققا مما يقول ،فوجدتها ،على ما خرجت عليه من شقتنا بالمستشفى؛ منقبة من الرأس الى القدمين،
بغطاء أسود ،لم يستثن حتى العينين !!
فقلت له بإندهاش -:أين هذا التبرج ؟!
فأشار من بعيد إلى شريط مذهب ،ملتصق بنهاية غطاء الرأس ،و قال لى -:و هذا الشريط األصفر ،أليس ملفتا للنظر .قلت له
وقد صدمنى منطقه -:عندك حق فعال ..لن نفعل ذلك مرة أخرى!! .وصعدنا أنا و زوجتى الى الباص ،حتى ننهى هذا الموقف.
وهكذا كان "المطوعون"(جماعة األمر بالمعروف) ينتشرون فى كل مكان ،يزجرون الناس بالشوارع وقت الصالة ،لدفعهم الى
المساجد ،و يتسلقون المبانى و يلقون باألطباق (مستقبالت الفضائيات) التلفزيونية ،التى بدأت تنتشر آنذاك ،إلى األرض ،و
يلقون القبض على أى مدخن أو من يجهر بمعصية .و كان المعروف لكل الناس ،فيما عداى ،أن منطقة القصيم هى معقل التشدد
الدينى و التزمت األخالقى ،وال مانع من بعض التعصب الجهوى ،و تاليا ،فإنها كانت أقل المناطق جذبا للعمالة فى المملكة .و
انعكس ذلك على حوادث العنف و الجرائم التى كانت تأتينا فى قسم الطوارئ .أذكر ذات مرة أن خادمة أثيوبية وضعت طفل
كفيلها ،والذى لم يتم عامه األول بعد ،فى فرن "البوتاجاز" و أشعلت الفرن ،انتقاما من كفيلها على سوء معاملته لها .وقد أتى
األهل بالطفل وهو متفحم تماما ،و معهم الخادمة القاتلة و كانت هادئة تماما ،ما عنى لنا أنها وصلت الى حالة نفسية معقدة تكاد
تتساوى و حاالت النتحار .وما هى إال دقائق معدودة إال ووصلت الشرطة ،كى تتولى الموضوع برمته ،و كان ما على فقط؛
كتابة تقرير وفاة الطفل.
6
بصفة عامة ،كان مناخ المستشفى متوترا ،أما الطوارئ فكانت ترقص فوق صفيح ساخن ،وكانت كلمة "إنهاء التعاقد"
( )Terminationهى األكثر حضورا بين الزمالء و الموظفين و الدا ريين ،بأكثر من كلمات التحية أو التعارف .فإذا أخذنا فى
العتبار أن الوافد ،قد دفع مقدما إلى مكتب التوظيف فى بلده ،مبلغا كبيرا من المال قد يبلغ راتب عدة أشهر فى الغربة ،ألدركنا
كيف أن "إنهاء التعاقد" ،يمثل عقابا مؤلما ألى مغترب.
يوما ما قال لى أحد موظفي الستقبال بود مصطنع -:تدرى أن الدكتور "عبد هللا البداح" ،يصلى الفروض الخمس فى المسجد ؟
أنا (بإندهاش)So what ?!! -:
يرد الموظف ببرود -:يعنى أن الدكتور عبد العزيز لن يراك و لن يعرفك ،ألنك ببساطة ال تصلى فى المسجد ..هذا بفرض أنك
تصلى أساسا.
رددت و أنا أكظم غيظى -:أشكرك على النصيحة !!
و بدأت أتردد على المسجد ،وتعرفت عن بعد على "المرعب" (د .عبد هللا البداح) ،و صدقت فعال أنه من الممكن أن يألف وجوه
من يصلون فى المسجد ،و تاليا فذا قد يمنحهم ميزة نسبية فى سيرورة العمل فى المستشفى!! .و ألنى وقتها –لألسف – لم أكن
ملتزما ،أؤدى الفروض ،و لكن ليس من بينها ارتياد المساجد ،لذلك تفتق ذهنى الشيطانى ،عن حل صبيانى؛ أال وهو أننى فى
المرة الواحدة التى أذهب فيها يوميا للمسجد ،فإننى أبحث بطرف عينى ،عن "البداح" ،فإذا صادفته ،فإنى أسارع بالوقوف
للصالة بجواره ،فإذا قال المام " -:تماسوا تراحموا " ،ضربت قدمى فى قدمه بمنتهى العنف و اليالم .و كما توقعت ،فبعد
مرات قالئل من زيارتى للمسجد ،صار "البداح" ينصرف بسرعة من جوارى ،قبل أن أضرب قدمه .و هنا أدركت أن حيلتى
الشيطانية قد نجحت!.
فى القصيم ،رزقنى هللا بأول فرحتى و أول أبنائى "زياد" ،فى األول من أغسطس للعام .1994و قررت زوجتى عقب الوالدة،
أن تكمل أجازتها للرضاعة فى مصر ،و بالفعل تركتنى بعد الوالدة بأسبوعين .و من هناك أخبرتنى؛ أنها لن تعود قبل عامين
على األقل (سن الفطام) .و هنا بدأت حياتى الشخصية فى الضطراب ،فالعمل ،و إن كان ليس مرهقا ،إال أنه حافل بالتوترات
المجتمعية و الدارية ،و البيت خاليا إال من التلفزيون الحكومى العادى ذى القناتين األرضيتين ،حيث أن الفضائيات آنذاك،
يلزمها طبق (دش) مخالف للشريعة ،لن يصمد لساعات أمام هجوم المطوعين ،الذين ال يترددون أيضا عن التنمر بصاحب
الطبق ،إذا لزم األمر.
*** بدأت أرسل سيرتى الذاتية لمستشفيات أخرى ،فى مناطق أخرى بالمملكة ،و بالفعل بدأت الردود تصلنى بالبريد الورقى
التقليدى (ساعى البريد) ،حيث لم يكن البريد اللكترونى ( )emailقد نشط بعد .و أعجبنى آنذاك عرضا جاءنى من الظهران
(المنطقة ال شرقية) ،للعمل هناك فى "مجمع الملك فهد الطبى العسكرى" ( .)KFMMCو كانت الظهران ،و المنطقة الشرقية
عموما ،حلم كل من يطأ السعودية للعمل و القامة .بعد ذلك بعدة أيام تم –عن طريق التليفون األرضى –تحديد موعد للمقابلة
الشخصية ،هناك فى المستشفى العسكرى بالظهران .و انتابتنى مشاعر متضاربة ،هى خليط بين الفرح و الثارة و القلق.
وفى اليوم و الساعة المحددة مسبقا ،حملتنى سيارة المستشفى التى كانت فى انتظارى ،من مطار الظهران القديم ،و كان مطارا
محليا صغيرا و يقع بالقرب من فندق "القصيبى" ،بما ال يقارن بمطار "الملك فهد الدولى" ،الموجود حاليا .و بعد ربع الساعة،
كنت فى مكتب واحد من أجمل الشخصيات التى قابلتها فى حياتى ؛ "د .عبد العزيز النويصر الحريقى" ،وهو استشارى أمراض
صدرية و يتولى منصب رئيس قسم ؛ "الطوارئ و العيادات األولية" بالمجمع العسكرى .كانت المقابلة عبارة عن أسئلة طبية
تدور حول الحاالت الطارئة و الحوادث ..إلخ ،و استغرقت قرابة الساعة ،و بعد أن اطمأن كالنا إلى النتيجة اليجابية للمقابلة،
دعانى "د .نويصر" إلى الغذاء فى كافيتريا المستشفى ،و نحن فى الطريق ،سألنى عن هواياتى ،لكى نفاجأ بأننا أصحاب
هوايات أدبية مشتركة ،فلقد كان أديبا و شاعرا من طراز رفيع .و بدأنا حديثا شيقا و جميال عن األدب و األدباء ،و تبادلنا بعض
المقطوعات الشعرية ..كم هو جميل "د .نويصر" ،متعه هللا بالصحة و السعادة.
غادرت المجمع العسكرى ،و كلى لهفة للعودة إليه عامال ال زائرا .وهو ما حدث فعال فى منتصف يناير من العام ، 1996لكى
أبدأ مرحلة جديدة فى حياتى ،مختلفة تماما عن كل ما سبقها ،إطارها العام ،و الحمد هلل ،كان الهدوء والكياسة فى التعامل و
توطيد أسباب السعادة !!.
7
كانت شركة "ويتكر"( ،) Witekarوهى شركة أمريكية سعودية مشتركة ،هى من يتولى تشغيل المستشفى آنذاك .و كانت ترتب
لنا رحلة كل يوم جمعة ،بالباصات ،إلى مدينة "الجبيل" الساحلية ،حيث كنا نقضى جل النهار فى فندق "الموفينبيك" المطل على
الخليج .أما رحالت التسوق ،فكانت مساء كل يوم ،و تتجه إلى مدينة "الخبر" الساحرة .و التى قيل أن األمريكان هم الذين
طوروها عمرانيا ،كى تكون متنفسا لألجانب العاملين فى شركة "أرامكو" البترولية.
الرحلة للخبر( 15كيلومتر) ،كانت ممتعة ،بدءا من التجمع داخل المستشفى و األوتوبيس ،ثم النتشار فى أرجاء المدينة الجميلة،
إنطالقا من موقف األوتوبيس بجوار سوبرماركت "المزرعة .)Farm 9( "9و كثيرا ما كنا نذهب الى الخبر مع بعض
الزمالء و عائالتهم ،فى سيارة أحدنا ،فنفترش إحدى الحدائق الواسعة ،داخل المدينة أو بمحاذاة الساحل ،و ينطلق أطفالنا
يلعبون ،بينما نتولى نحن الكبار عملية الشواء على الفحم.
أما مدينة "الدمام" ،فهى الشقيقة الكبرى لمدينة "الخبر" ،و تقع على نفس المسافة من المستشفى ،و لكن فى اتجاه مختلف .و فى
الدمام ،تقع جل المصالح الحكومية و البلدية و أسواق الجملة و القطاعى ،ما جعلها شعبوية بإمتياز .و صار العرف السائد ،أن
معظم الموظفين و العاملين الذين يعملون فى الخبر ،يسكنون الدمام ألنها األرخص فى المعيشة .فى حين يسكن كبار الموظفين
و علية القوم؛ الخبر .أما المنطقة كلها؛ شاملة مستشفانا و شاطئ "نصف القمر"( )Half Moonفتعرف بمنطقة "الظهران" .و
لفظة الظهران ،كان لها وقع ساحر و جميل علينا مذ وطئت أقدامنا السعودية ،فقد كانت حلما بعيد المنال ..ثم ها هو ذا؛ الحلم
يتحقق.
لم تمض عدة أشهر ،حتى تخلى "د.عبد العزيز النويصر" ،عن رئاسة القسم لكى يتفرغ لمرضاه بالعيادة و القسم الداخلى .و قد
حزنت لذلك كثيرا .فلقد أديبا بمعنى الكلمة؛ يتحسس كلماته و أفعاله ،فأحبه الجميع و احترموه.
حل محل د .نويصر فى رئاسة القسم "د.عثمان سعد الغامدى" ،استشارى طب األسرة ،و الذى لم يكن يقل عن سلفه خلقا وال
كياسة..و ما هى إال أيام قالئل حتى صار صديقا للجميع ..و سارت األمور فى الطوارئ ،كما كانت ،هادئة واثقة .و بمرور
السنوات ،نمت عالقة صداقة و أخوة و محبة بينى و بين "د .عثمان" ،لكى يصبح واحدا من أكثر الشخصيات التى أثرت إيجابيا
فى حياتى و أثرتها.
7مايو 2007
البورصة السعودية
كان عام 2006عاما استثنائيا فى البورصة السعودية .كنت أعمل وقتها فى "مجمع الملك فهد الطبى" ( )KFMMCبالظهران.
لم يكن لدينا علم ،نحن معشر األطباء العاملين بقسم الطوارئ هناك ،أى فكرة ال عن البورصة وال غيرها من وسائط الستثمار
المالية فى المملكة ،و كانت أقصى معلوماتنا هى كيف تفتح حسابا جاريا فى البنك.
ما حدث آنذاك هو أن حديثا هامسا بدأ نا نلتقطه سواء بين المرضى بعضهم البعض ،أو بين الموظفين السعوديين .و يوما بعد يوم
بدأ الحديث الهامس ،يعلو و يعلو حتى صار صخبا مزعجا ال يمكنك تجاهله .و إذا عدنا الى بيوتنا بعد نهاية الدوام ،فإن قنوات
التلفزيون؛ الجزيرة و العربية و mbcو القنوات المحلية ،ج ميعها تتابع البورصة السعودية بأكثر مما لو تابعت نهائى كأس
العالم فى كرة القدم.
ليس هذا فقط ،بل إنها – البورصة – صارت تخترق الطب ،فحاالت الصداع و األرق و ارتفاع الضغط و زيادة ضربات
القلب..الخ ،قد زادت بشكل ملحوظ ،و صار السؤال عن عالقة المريض بالبورصة؛ سؤاال منطقيا بل حتميا .ومن ثم ،وجدنا
أنفسنا ،شئنا أم أبينا فى المعمعة .و أذكر أنى سألت أحد المرضى ،و كان يعانى من عدم تحكم فى ضغط الدم ،سألته عن عالقته
بالبورصة ،فأجابنى بكل هدوء " -:اآلن ليس لى عالقة بها ،دخلت فيها بمبلغ مئتى ( )200ألف لاير ،و بمجرد أن وصل المبلغ
مليونا ،انسحبت منها" !! .كانت الجابة صادمة بالنسبة لى ،فحملتها لزمالئى (هشام سرور ،عماد محسن ،أحمد رسمى ،هيثم
أبو حجلة ،سامى فوزى ،عاطف جمعة ،عاطف نور الدين ،هانى حسنى..،الخ) ،الذين كانوا محملين بقصص مشابهة ،و
8
مشاعر متباينة ،لكنها اتفقت على أننا البد أن نفعل شيئا وال نأخذ موقف المتفرج .و كان وضعى المادى كاد يتماثل مع وضع
"عماد محسن" المادى ،وهو ما يسمى بـ "ع الحديدة" (الوضع الصفرى) ،اللهم إال الراتب الشهرى و الذى يتبخر بعد سويعات
من ظهوره فى الحساب البنكى .لذلك اتفقت أنا و صديقى "عماد محسن" أن نفعل شيئا ،وال نقف متفرجين ،فنحن لسنا أقل ممن
كسبوا الماليين !!.
سألنا و تقصينا و عرفنا أن السبيل الوحيد للحصول على المال الالزم لإلنطالقة ،هو أن نأخذ قرضا من البنك بضمان الراتب .و
إتصلنا بالبنك و قدمنا الطلب وتحدد لنا موعدا نذهب فيه الى البنك معا للقاء الموظف المسئول.
كان اللقاء فى مبنى البنك ،فى ميدان "البرج الفضى" ( )Silver Towerبمدينة الخبر الساحرة .قدم إلينا الموظف المسئول،
ورقتين لكل واحد منا ،و طلب منا أن نعبئ الفراغات بهما بخط اليد ،وشرح لنا محتواهما الذى سنوقع عليه.
الورقة األولى تفيد بأننى شخصيا قد وكلت البنك فى شراء و إستيراد كمية من معدن "النحاس" الخام ،بمبلغ 240ألف لاير .و
الورقة الثانية تفيد بأننى قد وكلت البنك فى بيع نفس الكمية من المعدن بمبلغ 180ألف ،أى بخسارة 60ألف لاير ،على أن أسدد
مبلغ الشراء ( 240ألفا) بالتقسيط الشهرى خصما من الراتب ،على مدى 4سنوات .فى حين يسدد لى البنك؛ مبلغ البيع (180
ألفا) دفعة واحدة ،تدخل حسابى بعد أسبوع واحد فقط من وقت توقيع الورقتين .و بالتالى فلسوف أكون مطالبا بسداد 60ألف
لاير للبنك زيادة على قيمة القرض ،تماثل أرباح البنوك المصرية على القروض ،و لكن بشكل و مسمى مختلفين.
نفس الشىء حدث مع عماد محسن بالضبط ،و لكن المعدن اختلف ،فصار "منجنيز" ،و بقيت األرقام كما هى.
و انصرفنا من مبنى البنك و نحن فى قمة الفرح و النشراح ،فبعد أسبوع واحد فقط سوف؛ "نلعب بالفوس لعب"!!!.
فى اليوم الثانى ،كان دوامى ليلى ،أى يبدأ الساعة 12منتصف الليل و ينتهى فى الثامنة صباحا ،و كان زميلى فى الدوام هو "د/
حيدر البستنجى" ،وهو طبيب أردنى و أيضا قصاص و شاعر و إنسان رقيق المشاعر ،كنت أستمتع كثيرا برفقته و الحديث
معه .و الجدير بالذكر أنى أسميت إبنتى الوحيدة "روال" ،بإسم السيدة زوجته ،ألنه كان يعيش معها قصة حب رومانسية جميلة،
كنا نتندر بها فى الطوارئ؛ أنه "الزميل الذى يحب زوجته"!!!.
بدأ دوامنا الليلى ،معا ،أنا و حيدر ،و رويت له موضوع القرض و ما حدث لى أنا و عماد بالتفصيل .وما أن انتهيت من
روايتى حتى لمعت عينا حيدر و ابتسم ،فضحكت أنا و قد أدركت أنى قد استحضرت حيدر األديب و القاص .و ألنى أشاركه
نفس الهوى ،فلم يستغرق األمر منا أكثر من دقيقتين ،لكى نعد سيناريو و حوارا جاهزا للتنفيذ.
ولكن من ينفذ ؟ ..قناعتى كانت ،أننى يمكننى أن أقلد اللهجة السعودية ،ولكن ليس طول الوقت ،فإذا ما سقطت منى كلمة،
انكشف أمرى و عرف من أحادثه أنى مصرى ..أما حيدر ،فلو سقطت منه كلمة ،فلسوف ينطقها باللهجة األردنية ،وتاليا فلن
يلحظ عماد محسن الفارق و سيكون من الصعب عليه معرفة من يحادثه.
جلسنا فى مكتب األطباء ،بعد أن هدأ الوضع فى ساحة الطوارئ ،و كانت الساعة قد تجاوزت الواحدة صباحا.
أمسك حيدر بالتلفون األرضى ،و كان طبيعيا أن نستخدم التلفون األرضى وليس الموبايل ،حتى اليظهر رقم المتصل .أمسك
حيدر بالتلفون ،و فتحت أنا السماعة ()Speakerحتى أستمع للحوار الذى أعددناه سويا-:
حيدر -:سعادتك د .عماد محسن ؟
عماد -:أيوا يا فندم ..مين حضرتك ؟
حيدر -:معاك البنك السعودى البريطانى ..إحنا آسفين جدا إننا نكلم سعادتك فى وقت متأخر
عماد -:خير إن شاء هللا
حيدر -:إن شاء هللا خير ..هو سعادتك قدمت للبنك طلب من يومين ..إن البنك يشترى لسعادتك "منجنيز" ..تمام كده ؟
عماد -:مظبوط
9
حيدر -:أحب أعرف سعادتك إن المنجنيز وصل مستودع البنك فى الخبر و مطلوب من سعادتك تستلمه باكر قبل الساعة 12
ظهرا
عماد -:حضرتك بتقول إيه ؟!! ..حضرتك فاهم غلط ..أنا ال طلبت منجنيز وال أعرف إيه المنجنيز ده أصال
حيدر -:سعادتك هنا موقع على طلب للبنك بشراء منجنيز بـ 240ألف لاير
عماد (و قد بدأ صوته يعلو ) -:يا فندم ده كالم فاضى ..أنا طلبت قرض من البنك ..مليش دعوة أنا بقى بالفبركة بتاعتكم دى
حيدر -:فبركة إيه سعادتك ؟ ..حضرتك موقع على طلب شراء المنجنيز ..صح ؟
عماد (و قد بدأ يتعصب) -:و وقعت على طلب تانى إن البنك يبيع المنجنيز ..صح كده ؟
حيدر -:صحيح كالم سعادتك ..بس لألسف البنك ما عرفش يبيع المنجنيز
عماد -:ياسالم ..قوم أنا بقى اللى ح أعرف أبيع المنجنيز
حيدر -:يعنى سعادتك طبيب و أكيد معارف سعادتك كتير ..و نقول ان شاء هللا تقدر تبيع المنجنيز
عماد (بحدة) -:يا عم انت بتهرج ؟ ..أنا طلبت قرض ..كاش مونى ..وال طلبت منجنيز وال زفت
حيدر (وقد بدأ يتعصب) -:سعادتك ليش متعصب ..هوه أنا اللى وقعت على الطلب وال سعادتك ؟!
عماد (وهو متعصب) -:خالص يا سيدى ،ال أنا عايز قرض وال عايز منجنيز ..ينفع كده ؟!
حيدر (بسخرية) -:لألسف ما ينفعش ..و الحظ سعادتك إن التأخير فى استالم المنجنيز ،ح تضطر تدفع 7آالف لاير يوميا
أرضية.
عماد (يصرخ) -:ليه؟! ..هو المنجنيز ده كام كيلو ان شاء هللا ؟؟
حيدر (بثقة) 40 -:طن يا فندم
عماد (يصرخ) -:إيه ؟!! ..أربعين طن؟؟ ..و دول ان شاء هللا آخدهم إزاى
حيدر (بهدوء) -:هى التريلال سعادتك ممكن تشيل 4طن ..يعنى يلزمك 10تريلالت سعادتك ..بس قبل الساعة 12الضهر
سعادتك ،علشان ما يتحسبش عليك 7آالف زيادة
عماد -:و صاحبى اللى حضر معايا ،ح يعمل إيه ؟؟
حيدر (بفرحة) -:ال الحمد هلل ..صاحبك طلب نحاس و الحمد هلل ..البنك قدر يبيعه له
عماد (وقد انهار تماما) -:طيب خالص حضرتك ..قلت اللى انت عايزه ..مع السالمة بقى
و أغلق الخط بقوة
و بعدها بدقيقة اتصل بى على الموبايل
عماد (وهو يلهث) -:انت فى الدوام ..مش كده ؟؟
أنا -:أيوه ..ليه ؟!
عماد -:بتوع البنك اتصلوا بك ؟!
أنا -:أيوه ..اتصلوا بى من ساعة و قالوا انهم باعوا لى النحاس و إن فلوسه ح تكون فى حسابى بكرة ..ليه؟ ..هم اتصلوا بك
؟!!
10
عماد -:أنا بأكلمك من الشارع (داخل مجمع الحيدر السكنى) ..مش قادر أنام و مش قادر إنى أقعد فى البيت ..الصداع ح يفلق
رأسى ..وعندى ( Palpitationsتسارع فى ضربات القلب) فظيعة ..أنا خايف يحصل لى حاجة !!
فى هذه اللحظة قررنا العتراف له !!!
******************
و تسلمنا األموال كما وعدنا البنك و بدأنا اللعب فى البورصة؛ إيداع و سحب و شراء و بيع و توقعات و ظنون و أفراح و
أتراح ،و توتر طول الوقت ،يعادل إن لم يزد عن توتر مشجعى كرة القدم فى مباراة النهائى .و تغيرت أمزجتنا تماما ،نحن وكل
الزمالء الذين تورطوا معنا .فقناة "العربية" هى القناة الوحيدة فى تلفزيون حجرة األطباء ،ألن متابعتها للبورصة لحظية .و
صار الحديث بيننا و مع موظفى المستشفى ،يدور فى إطار واحد فقط؛ وهو السهم الصاعد و الهابط و أسعار البيع و الشراء ،و
صار مزاجنا العام متقلبا دائما و متوترا معظم الوقت.
كان المؤشر العام لسوق األسهم وقت أن بدأنا اللعب ،حوالى 11ألف نقطة ،صعودا من 6آالف نقطة ،و كانت تمثل األساس
للبورصة .و ذاك الرتفاع األولى ،و الذى كنا متغيبين عنه ،بل مجرد مراقبين ،استغرق ثالثة أشهر .ثم ،و خالل شهرين بعد
ذلك ،قفز مؤشر البورصة الى 23ألف نقطة ،و تضاعف رأس مالنا ،مرة واحدة على األقل ،إن لم يكن أكثر.
غير أن الوقت لم يطل بنا على هذا الحال ..إذ بعد شهرين بالتمام و الكمال ،من تاريخ ولوجنا إلى البورصة ،حدث النهيار
العظيم ..إذ فجأة تحولت شاشات التلفزيون التى تنقل مؤشرات األسهم ،على الهواء مباشرة ،تحولت إلى اللون األحمر الدامى،
بعد أن كانت خضراء يانعة ،معظم الوقت.
بالطبع فعلنا ما فعله الم اليين أمثالنا من "البورصويين األحرار" ،إذ طرحنا كل أسهمنا للبيع بسعر السوق ..وهذا ما يعنى فى
العرف "البورصجى"؛ قمة اليأس .و تمر األيام بطيئة متثاقلة ،و يتهاوى مؤشر األسهم (من 24ألف إلى 6آالف نقطة) ،و
نتهاوى كلنا معه ،حتى أننا سمعنا عن حاالت انتحار حدثت ف ى صاالت التداول فى بعض البنوك .أما نحن معشر األطباء فى
قسم الطوارئ ،فقد خيم علينا حزن ثقيل و صمت و ذهول.
و خرجت من البورصة بمبلغ 35ألف لاير ،محققا خسارة مقدارها 155ألف لاير فى غضون ثالثة أشهر ..و نفس الشئ حدث
تقريبا مع كل زمالئنا ،ومن بينهم عماد .و ظللت بعدها أسدد قرضى للبنك على هيئة أقساط شهرية ( 5آالف لاير شهريا) و لمدة
4سنوات عجاف .وقد خرجت من تلك التجربة المريرة ،بدروس أكثر مرارة؛ وهى -:ال كبيرة للقروض ،و ال أكبر منها
للبورصة ،و آل متناهية الكبر ألى مغامرة مالية؛ محسوبة أو غير محسوبة !!!.
22مايو 2009
كلمتى التى سجلتها بخط يدى فى دفتر " " Diariesطوارئ المجمع الطبى العسكرى بالظهران ،فى 22مايو ، 2009قبل أن
أغادرهم إلى مستشفى الملك فهد التخصصى بالدمام -:
الرفاق أعضاء اللجنة المركزية -: •
11
بوكورتوف
أشكركم جميعا على مشاعركم الطيبة (المتبادلة) ،رفيق رفيق..والشكر موصول للدكتور "عمر الشمرى" رئيس القسم الذى لم
يدخر جهدا فى محاولة اثنائى عن الرحيل ،ولكن هللا شاء..فالشكر لكم جميعا و له على هذا الود األصيل.
وكما عودتكم دائما ،أبنائى وبناتى ،أعضاء المجلس الموقر ،فإنه يطيب لى أن أفتح لكم دماغكم ( )Craniotomyللمصارحة-:
أوال -:توليت مسئولية وضع الجدول فى فترة من أهم فترات التحول التاريخى فى مسيرة العمل الثورى الوحدوى المشترك،
من ديسمبر 1998إلى يونيو ، 2005أى ما يزيد على 6سنوات عجاف ،كانت بمثابة عنق الزجاجة (طويل شوية!) فى تحديد
مصير طب الطوارئ لكل الطوارئيين األحرار فى كل مكان .رافعين شعار طبقة البروليتاريا الكادحة"-:يا طوارئ العالم..
اتحدوا"!
ونظرا ألن "مصارين" البطن بتتخانق ،ولو كان الواحد قاعد مع أخوه إبن أمه و أبوه ،هذه المدة الطويلة ،فلم يكن األمر سيسلم
من ان الواحد يحاول يغتاله ،مرة واحدة ع األقل مع كام لكمة على كام رفسة ،تحابيش .وبالتالى ،فطبيعى جدا ،ان كل واحد فيكم
أصابه من أذاي نصيب ،وتحمد ربنا إنك نفدت بجلدك من تحت إيدى و لسه عايش الى اآلن .وهذا األذى ،إما وصل سعادتك
مباشرة (يعنى ف وشك) أو من ورا ضهرك .البعض منكم كان بيشتكى و يعلى صوته ويعترض ،و ده طبعا ما كانش ممكن
نكافؤه وال نحبه .و البعض اآلخر كان بيسكت عن حقه ،والساكت عن الحق شيطان أخرس ،علشان كده ،كان الزم يتعاقب.
وهكذا..الحق حق.
علشان كده ،وتكفيرا عن أيام السجون والمعتقالت وكبت الحريات اللى عشتوها معايا؛ قررت أنه بالنسبة للناس الذين عاشوا
هذه األيام السودة ،سوف أعمل بدال من كل واحد فيهم مناوبة واحدة فقط .وهؤالء السادة هم -:الرفيق المبريالى سرور و ماهر،
والرفيق البرجوازى أيمن و هيثم ،والرفيق الرتوازى محسن و رسمى ،والرفيق النازى سامى والفاشى هانى .و هؤالء هم
الذين فتحوا عينيهم ف الطوارئ ،فوجدونى أمامهم .بالطبع هذه المناوبة لن تكون Nو لن تكون . W Eوهذه المناوبات التى
أحل محلكم فيها ،ستحدد تواريخها الحقا.
ولكن هناك شرط مهم جدا قبل أن تجلس فى بيتكم وتسيبنى أتفحت بدال منك ،وهو؛ أن تتنازل سعادتك ،أمام هللا ،بينك وبين
نفسك ،عن أى اساءة صدرت منى تجاهك سواء فى السر أو فى العلن ،و عن قصد أو غير قصد ،وبالفعل أو بالقول أو بأقل من
ذلك أو أكثر .فإذا قبلت سعادتك هذا الشرط ،تكون المناوبة من حقك ،والسكوت عالمة الرضا (وهذا هو العشم و المطلوب).
وإذا لم تقبل التنا زل (كنوع من الغتاتة و الغل األسود) ،فلتتفضل بالكتابة أدناه بأنك ترفض المناوبة.
ثانيا -:طبعا متوقع أن ينشط البعض لجمع األموال لشراء 60قلة وعمل احتفال كبير لكسر هذه القلل .وأريد أن ألفت نظر
سعادتكم الى أنى أعتذر مقدما وبشدة ال تقبل التراجع ،عن قبول هذا الشئ أو حضوره أو حتى مناقشته ،كما أعتذر مقدما
ونهائيا وقطعيا عن قبول أى هدية ،أيا كان نوعها؛ اللهم إال خطاب أبيض عليه العنوان الدائم والتليفون لمن يريد ،فقط ال غير.
ومخالفة تلك الرغبة يضايقنى جدا ،عدا عن الرفض ،فال داعى لإلحراج .و دعونا نرحل فى صمت.
رفاقى ..يا رفاق ماركس و ستالين -:فى األيام األخيرة لك فى أى مكان ،تتغير نظرتك تماما لألشياء؛ الشئ الكبير يصغر و
الصغير يكبر وتحس ان فيه حاجات كتيرة انت ماكنتش شايفها.
و أعتقد ان ده ح يكون احساس الواحد برضه وهو بيفارق الدنيا.
يعنى اآلن بأشوف انه برغم خالفاتنا وخناقاتنا ،و ان كان فيه أيام الواحد بيتمنى من ربنا اتوبيس سياحى فاخر يكون سائقه أعمى
وأطرش ،يدخل به غرفة اطباء الطوارئ ساعة تسليم المناوبة ،وهو على سرعة 500ميل .و نفس األتوبيس السياحى الفاخر،
ييجى تانى يوم فى مناوبة تانية ،وهكذا 3أيام متوالية.
إال إنى اآلن بأفتكر ان أكبر سباب متبادل بيننا كان نصه" -:سم يا كوبا" و "قليل األدب..إنت"..وأكبر سبب ألى خالف بيننا
كان؛ ان "فالن دمه تقيل" أو "فالن ..ياخبر ،ياخبر..كداب ،و ح يروح النار".
اآلن أدرك أننا كنا وال زلتم مجموعة استثنائية رائعة بدون استثناء ،مستحيل ان الواحد يالقى مثل هذه المجموعة على وجه
األرض ،اجتمعنا فى زمن استثنائى رائع،هو األجمل فى حياة الواحد حتى اآلن ،اجتمعنا فى مكان استثنائى رائع ،وتعاملنا مع
12
أناس رائعين (ماحدش يقدر ينكر) سواء مديرين أو مراجعين .لقد كانت حياة هادئة وناعمة وسعيدة بكل معنى الكلمة .ربنا
يديمها نعمة .لذلك أنا أرى أن نحاول أن نعيش هذه اللحظة باستمتاع شديد ،ألنها أيام هى األجمل بالفعل ،تمر وال تعود ،وتخصم
من رصيد أيامنا الباقية.
وأخيرا -:عنوانى الدائم ،وال دائم إال وجهه -:
القاهرة -مدينة زهراء المعادى (شرق األوتوستراد) -؟؟؟؟؟؟؟؟؟ (اتصل ..تصل)
أو /الجناح رقم 7بالقصر الجمهورى بكوبرى القبة /أو 25/حارة "زينهم" فوق "عطية" بتاع الكشرى.
ت 0020227543563موبايل 00201065070459
عارفتوف
من طرف أخوكم ؛ هشام الحديدى
*************
31أكتوبر 2010
كان هذا الوداع يليق بالدكتور مصطفى محمود ،فاآلالف الذين ساروا في جنازته هم من كانوا يقصدون مسجد ومستشفى
مصطفى محمود بضاحية المهندسين للصالة أو االستشفاء .وبرحيله في صمت وهدوء يترك الباب مفتوحا للصراع بين ورثته
ومجلس إدارة الجمعية العلمية التي أسسها ،حول مرصد فلكي ،تبلغ قيمته المادية ماليين الجنيهات.
لم تكن البداية تنبئ بما يمكن أن ي صل إليه الطفل مصطفى كمال محمود حسين من شهرة ومجد ،فالطفل الذي ولد ابن سبعة
أشهر بعد وفاة توأمه ،كان يعاني هزاال شديدا ،حتى أن أية نزلة برد كانت كفيلة بحبسه في الفراش ألسبوعين على األقل ،فقد
رسب لثالث سنوات في الصف األول من تلك المرحلة.
بداية غير مبشرة ،لكن ه استطاع أن يستأنف الدراسة بعد ذلك ،واهتم بشكل خاص بمادة الكيمياء ،ويحكى عنه أنه أنشأ معمال
صغيرا لتصنيع المبيدات ،قبل أن يلتحق بكلية طب قصر العيني في نهاية األربعينات من القرن العشرين ليتخرج فيها عام
1952،ويعمل طبيبا لألمراض الصدرية ،بأحد المستشفيات الحكومية.
في السابع والعشرين من ديسمبر (كانون األول) عام 1921كان محمود حسين المحضر بديوان مديرية الغربية ،ينتظر والدة
زوجته ،الحامل في توأم ،لكن األقدار ضربت أحدهما فمات عقب والدته ،ورزق الرجل بمصطفى .ونظرا لطبيعة عمله ،كان
مقررا على األسرة أن ترحل معه في هجرة دائمة من مسقط رأسه في شبين الكوم بمديرية المنوفية إلى مدينة طنطا ،التي تلقى
13
فيها االبن تعليمه االبتدائي والثانوي إلى أن توفي األب في العام 1939وتولت األم رعايته ،وكانت دائمة الغضب منه
النشغاله بالموسيقا والكتابة ،فهي تريده طبيبًا ،وهو ما كان.
وتغلبت شخص ية الكاتب على الطبيب بداخله فاعتزل مهنة الطب ،ليشتغل بالصحافة ويتفرغ نهائيا لألدب ،ونشر قصصه في
أوائل الخمسينات ،في مختلف الدوريات ،وكان ذلك متزامنا مع إعالن عصر القصة القصيرة ،وأصبحت سلسلة كتب للجميع
النافذة األوسع لهذا الفن الجديد على الساحة ،فنشر فيها م صطفى محمود مجموعات أكل عيش ،وقطع السكر ،وشلة األنس
والخروج من التابوت ثم توالت مسرحياته وكتبه الفكرية.
ارتبط مصطفى محمود بالعمل الصحافي مبكرا حين التحق بمؤسسة روزاليوسف ،وإبان صدور مجلة صباح الخير كان واحدا
من كتيبة فكرية وفنية ،تضم أحمد بهاء الدين ،وفتحي غانم ،ومحمود السعدني ،وصالح جاهين ،وأحمد عبد المعطي حجازي،
وحسن فؤاد ،وجمال كامل ،وأسهم هو بدور فعال في المجلة الوليدة ،من خالل باب اعترفوا لي الذي كان يحرره.
ارتبط مصطفى محمود في أذهان العامة بأمرين ،األول جمعية مصطفى محمود التي يتبعها المسجد والمست شفى ،ويقول
الدكتور أحمد عادل نور الدين المسؤول عن الجمعية ،هذا الصرح الخيري كان فكرة بسيطة ،طرحها د.مصطفى محمود في
إحدى ليالي العام 1975،وقدم من جيبه 275جني ًها للمشاركة في رسوم التأسيس ،وتم إشهارها في الشؤون االجتماعية ،وبدأ
العمل من خالل عيادة صغيرة يتن اوب عليها ثالثة أطباء ،حتى تحولت الفكرة إلى مشاريع صحية وخيرية تتجاوز قيمتها 80
مليون جنيه.
ومن الخدمة الصحية المجانية إلى المشاريع الخيرية ،ظهرت فكرة بنك الطعام حيث توزع الجمعية على مدار العام 4آالف
وجبة ساخنة على المحتاجين ،وتصل إلى منازلهم أو أماكن عملهم ،وكان مصطفى محمود يتابع تلك المشاريع بدقة إلى أن
أقعده المرض عن العمل في العام .2006
أما الصورة الثانية التي ارتبط بها اسم د.مصطفى محمود بعامة الناس فتتمثل في البرنامج األسبوعي التلفزيوني الشهير العلم
واإليمان الذي ظل يعده ويقدمه في الفترة من 1971حتى 1997،وكان أجره في الحلقة األولى 350قرشا ،تزايد حتى وصل
إلى 300جنيه في الحلقة ،برغم أن تسويق البرنامج أدر على التلفزيون المصري في العام 1997حوالي عشرة ماليين جنيه.
كانت فكرة البرنامج طلبًا من الرئيس السادات ،الذي كان يدخل مفردة اإليمان في خطاباته ،كتدشين لعصر جديد ،وكان طلب
السادات أن يعد مصطفى محمود البرنامج ،وهو الذي اختار عنوانه.
وبالفعل اتفق عبد المنعم الصاوي وزير اإلعالم آنذاك مع مصطفى محمود وتم اختيار المذيع عبدالرحمن علي لتقديمه ،لكن
علي بخلفيته الناصرية لم يكن على وفاق مع مصطفى محمود.
واتفق فريق ا لعمل على ضرورة أن يقدم البرنامج عالم متخصص وليس مجرد مذيع واقترح مساعد المخرج أن يقدم مصطفى
محمود البرنامج بنفسه ،وفي العام 1976واجهوا مشكلة نفاد األفالم التي حصلوا عليها من سفارات الدول الغربية ،فسافر
مصطفى محمود إلى الخارج لشراء أفالم ،وصلت قيمتها إلى 15ألف جنيه ،وسجل الحلقات في تونس واليونان ،ثم لندن.
وطلب مصطفى محمود من محمد عبد الوهاب تأليف مقطوعة موسيقية للبرنامج ،وكانت راقصة ،فاعترض عليها محمود
وطلب من محمود عفت مقطوعة أخرى باستخدام الناي وهي الموسيقي التي ارتبطت بالبرنامج في سنواته األخيرة.
وكشف أ دهم أن والده ذهب للقاء السيد صفوت الشريف ،وزير اإلعالم آنذاك ،شاكيا له توقف البرنامج ،ولما عرف بشأن
الخطاب أدرك أن إسرائيل تمارس ضغوطا سياسية ودبلوماسية لمطاردة أفكاره ،مؤكدا أن والده عانى األمرين من تدخالت
األزهر المتكررة لحذف مقاطع كثيرة من حلقات برنامجه ،حتى إنه كان يضطر إلى الذهاب إلى شيخ األزهر لمناقشته مرارا
حول المقاطع المحذوفة.
وقال اإلبراشي إن مصطفى محمود كان يمثل خطرا على إسرائيل ألنه كان الوحيد الذي يرد على ادعاءاتهم من خالل قراءته
المتأنية في العقائد والتاريخ والعلوم ،وأن سلوكه هذا تسبب في حرج شديد للمسؤولين فى الدولة ،وهو ما يفسر تخليهم عنه في
محنة مرضه وحتى لحظة رحيله..
14
وفي العام 1997منع التلفزيون المصري إذاعة أربع حلقات كانت تتضمن أفالما من إنتاج B.B.Cعن مفاعل ديمونة
اإلسرائيلي وأخرى عن حرب المياه وأصاب قرار المنع د.مصطفي محمود باالكتئاب.
وهكذا يفارق مصطفى محمود الحياة يوم 31اكتوبر 2009ليرحل معه العصر الذهبي في تاريخ مصر.
************************
24سبتمبر 2011
15
** ** ** **
ال خير في يمنى بغير يسار
** ** ** **
الجزع عند المصيبة ,مصيبة أخرى
** ** ** **
االبتسامة كلمة معروفه من غير حروف
** ** ** **
اعمل على أن يحبك الناس عندما تغادر منصبك ,كما يحبونك عندما تتسلمه
** ** ** **
ال تطعن في ذوق زوجتك ,فقد اختارتك أوال
** ** ** **
لن تستطيع أن تمنع طيور الهم أن تحلق فوق رأسك
و لكنك تستطيع أن تمنعها أن تعشش في رأسك
** ** ** **
تصادق مع الذئاب ...على أن يكون فأسك مستعدا
** ** ** **
ذوو النفوس الدنيئة ,يجدون اللذة في التفتيش عن أخطاء العظماء
** ** ** **
إنك تخطو نحو الشيخوخة يوما مقابل كل دقيقة من الغضب
** ** ** **
كن صديقا ,وال تطمع أن يكون لك صديق
** ** ** **
إن بعض القول فن ..فاجعل الصغاء فنا
** ** ** **
الذي يولد يزحف ,ال يستطيع أن يطير
** ** ** **
اللسان الطويل داللة على اليد القصيرة
** ** ** **
16
نحن نحب الماضي ألنه ذهب .ولو عاد لكرهناه
** ** ** **
من العظماء من يشعر المرء بحضرته أنه صغير
ولكن العظيم بحق هو من يُشعر الجميع في حضرته بأنهم عظماء
** ** ** **
من يطارد عصفورين يفقدهما
** ** ** **
المرأة هي نصف المجتمع وهي التي تلد و تربي النصف اآلخر
** ** ** **
كلما ارتفع النسان ,تكاثفت حوله الغيوم والمحن
** ** ** **
ال تجادل األحمق ,فقد يخطئ الناس في التفريق بينكما
** ** ** **
الفشل في التخطيط يقود إلى التخطيط للفشل
** ** ** **
قد يجد الجبان 36حال لمشكلته ولكن ال يعجبه سوى حل واحد منها وهو ..الفرار
** ** ** **
شق طريقك بابتسامتك خير لك من أن تشقها بسيفك
** ** ** **
من أطاع الواشي ضيَع الصديق
** ** ** **
أن تكون فردا في جماعة األسود خير لك من أن تكون قائدا للنعام
** ** ** **
تستح من إعطاء القليل فإن الحرمان اقل منه
ِ ال
**************
25أكتوبر 2011
صورة
17
مريضه بالسرطان تحمل حقيبة مليئة بالمال تطلب من الطبيب إنقاذ حياتها ولديها الكثير من المال لتدفعه .لكن الطبيب قال إنه
ال يستطيع أن يفعل شيئا ألن سرطانها في المرحلة النهائية..كانت غاضبة جدا وألقت المال عبر ممر المستشفى بأكمله ،وهى
تصرخ وتقول :ما هو إستخدام المال؟! .ما هو هدف وجود المال؟!.
المال ال يمكنه شراء الصحة ..والمال ال يمكنه شراء الوقت ..والمال ال يمكنه شراء الحياة !!.
الحمدهللا على نعمة الصحة.
****************
20فبراير 2012
آه من حواء
أغبى امرأة تستطيع أن تخدع أذكى رجل
هل تصدق هذه المقولة ؟
اقرأ اآلن هذه المعلومات:
المرأة قد تصفح عن الخيانة ولكنها ال تنساها
قلب المرأة لؤلؤة تحتاج إلى صياد ماهر
ونتذكر هنا قول سقراط:
عبقريةالمرأة تكمن في قلبها"
المرأة لم تخلق لتكون محط إعجاب الرجال جميعا بل لتكون مصدرا لسعادة رجل واحد"..
عندما تبكي المرأة ..تتحطم قوة الرجل" "شكسبير"
المرأة قلعة كبيرة إذا سقط قلبها سقطت معه"
الرجل ال ينسى أول امرأة أحبها..والمرأة ال تنسى أول رجل خانها"
أحسن طريقة لتجعل امرأة تغير رأيها هو أن توافق عليه"
الشيطان أستاذ الرجل وتلميذ المرأة" .
المرأة مثل العشب الناعم ينحني أمام النسيم ولكنه ال ينكسر للعاصفة" .
المرأة الفاضلة تلهمك..والذكية تثير اهتمامك..
والجميلة تجذبك..والرقيقة تفوز بك
هذه ببعض األقوال الحكيمة عن المرأة أيضا...
إذا تلبد قلب الرجل بالهموم انزاحت سحب الضباب بظهور المرأة .
18
*إذا أحبت المرأة ضحت بنفسها من أجل قلبها ,وإذا كرهت ضحت بغيره
*إذا كانت المرأة عيبا طبيعيا فهي بال شك أجمل عيوب الطبيعة
*أكبر لص تحت قبة السماء هو الجمال الكامن في عيني المرأة
*امرأة بال ابتسامة أدعى ما في الوجود للملل
*إن كل فلسفة الرجال ال تعادل واحدة من عواطف المرأة
*أن يقاوم الرجل قلب المرأة كأنما يُكتب عليه شرب البحر
*دموع المرأة طوفان يغرق فيه أمهر السباحين
*دموع المرأة أقوى نفوذا من القوانين
*المرأة مخلوق عظيم إذا عرفت قدر نفسها
*المرأة كالبحر مطيعة لمن يقوى عليها ،جبارة على من يخشاها.
مع كامل اال حترام!.
***************
13مايو 2012
19
2نوفمبر 2012
سقوط األقنعة
أقر و أعترف أنا الموقع أدناه أننى اكتشفت أننى شخص ساذج جدا و " على نياته " جدا جدا ..فلقد اكتشفت أن الكثير الكثير
ممن كنت أعتبرهم ثوارا حقيقيين ،و ممن كنت أعتبرهم أساتذتى في الوطنية ،و ممن كنت أراهم قامات سامقة في سموات
بالدى ..و ممن كانت تطربنى اصواتهم و آراؤهم ،و ممن سهرت أمامهم الليالى منصتا بكل جوارحى ،مستلهما الروح الثورية
الجديدة تدب في عروقى.
اليوم ..أرانى قد أخطأت ..و لتعذرونى جميعا أيها الثوريون "الفضائيون" ..لقد أحببتكم بأكثر مما ينبغى ،و احترمتكم بأكثر
مما ينبغى ..و رأيتكم على غير حقيقتكم!!
فجأة و في ليلة واحدة ،تساقطت األقنعة ،عن الوجوه الكالحة ..تساقطت كورق التوت ،لتكشف عورات هى عارات نتنة ..
تساقطت مع ضربات الـ "ريموت كونترول" ،لتترك معظمهم عراة مثيرين لإلشمئزاز و الغثيان ..قليل منهم من يحب البلد،
قليل منهم من يعلى المصلحة العليا للوطن ..معظمهم يعلى مصلحته الخاصة ،وال يرى إال نفسه ،و يلعق اليوم ما لفظه باألمس،
ثم ينصب نفسه حكيم الزمان ،و حامل مفاتيح الخير و األمان ،و ما دونه شر مستطير و نفخ في الكير !!
أطفأت التلفاز على أ سوأ البشر ،و ذهبت الى نوم محموم ..و أنا أشعر أننا " صفر " كبير ،بل "صفر" حقير صغير هزيل ..و
خشيت أن أستيقظ على صبح بال شمس !!
*****************
15نوفمبر 2012
20
وما نقصده نحن من سوء مآل هو "وسطية المكانة" ،و ما يستتبعه من فتور الهمة و خوار العزيمة .ثم أن رضاءك بالمكانة
الوسطى يجعلك مهددا طوال الوقت بمن ال يرضون عن العال بديال ،و لسوف تقعد ملوما محسورا تعض شفاه الندم و الحسرة
كلما مرت بجوارك أمة تسعى الى القمة و تركلك بقدمها نحو قاع بارد مظلم.
فهل يستطيع جيش متوسط "نص لبة" !! أن يصد الهجوم على نفسه ،وال نقول على "غزة" .وهل من المتصور أن مهندسا
متوسطا (على قدر الحال) سوف يخترع سالحا جهنميا يدمر األعداء ،أو أن كيميائيا متوسطا (نص نص) سوف يخترع مادة
كيماوية نرشها فوق األعادى فتحرقهم حرقا .و هل يمكن لقانونى متوسط (من جموع المتوسطين) أن يسن لنا قوانين تنظم
حركة األفراد و المجتمع على مر السنين ،بطريقة تضمن كرامة الفرد و أمن المجتمع و سكينة األمة ..و تسجل قوانينه على مر
التاريخ بجوار قوانين "حمورابى"؟؟ !!
ان البالد التى تسعى الى القمة ،ال تستورد النوابغ من الخارج ،و مثل ذلك ان حدث (كتجنيس أبطال الرياضة) ال يؤسس لقمة
واثقة ،و إنما هى تفسح المجال لنوابغها و مبدعيها ،كى تكون هى الحكومة صاحبة الحكمة ،و القيادة صاحبة الكلمة ،و الزعامة
رأس األمة ،فتراهم يرون ماال يرى العوام ،و يفكرون فيما لم يخطر على قلب العوام ،و يستشرفون آفاقا لم يرها العوام ،ثم
يقررون للعوام يومهم و غدهم بما فيه الصالح العام .فالسهم ينطلق برأسه ،و رأس السهم رفيع مدبب حاد ،يشق الريح و
األجساد ،و يجر باقى السهم خلفه .هذا اذ ا ماكنا نريد انطالقة سهم .فأما اذا أردناها نزهة نيلية ،فلننشر القلوع بعرض المركب،
و لنغمض أعيننا و لننم ملء الجفون ..فالمسير طويل طويل ،و المصير غير مأمون .
*******************
13أغسطس 2012
21
أو اكتفيت منها بمشاهدة البث الحى
ثم ذهبت بعد أن انفض السامر
تتفقد األشالء
و آثار الدماء
و تلتقط لنفسك صورة ..وسط األصدقاء
و أنت تلقى قصيدة عصماء؛
"الشعب يريد إسقاط أبو عالء"
و أراك اليوم تنتقد األوضاع
كل األوضاع
تنتقد من اشترى
و تلعن من باع
اليوم تثور على من سار أو ثار
و باألمس تعزف على كل األوتار
تسب من استقام و تنتقد من استدار
و تحتكر الحكمة لنفسك
و أن لديك كل العلم
و صندوق األسرار
......
لقد ارتضيت لنفسك دور المهزوم
منذ عشرات السنين
و قنعت بعيش المأزوم
وقلت لى ،وفى نفسك
تهون خذالنى و كسلك
"ما لجرح بميت إيالم "
......
اليوم ،حق عليك الصمت
اليوم ،يمتنع عليك الصوت
فالصوت صوت المنتصر
و العيش عيش الحر الذى انتظر
هو من ضحى ،و من بذل
و انتفض ولم ينكسر
هو من لبى النداء ،و نزع الغطاء
و انتفض و حضر
اليوم أراه قد انتصر ،فوقف يقرر
و يفرض وضعا
و على المهزوم ،أن يلتزم الصمت
كرها أو طوعا
فليس كل المواطنين سواء
و ليس األحرار كاألرقاء
وليس من بذل ماء وجهه
كمن بذل الدماء
و ليس الساكت عن الحق
كالزاعق به
و بعض الكالم هراء
فالوطن الحر يصنعه
السادة األحرار
22
و يمتنع على الجبناء
ليس لك اليوم من حق
إال شراكة الماء و الكأل و الهواء
لذا أعجب اليوم ممن يشكو؛
"أين الكهرباء؟"
وهو من ولد وعاش و مات
نسيا منسيا فى ظلماء
عن يمينه قمامة و عن يساره قمامة
و من خلفه قمامة
و أمامه أيام سوداء
فلتصمت ،طوعا أو كرها
و إال أعدتك سيرتك األولى
تقبل أيادى األسياد
و تلعق الحذاء
فمثلك اليدرك للكرامة معنى
و ليس به إال خسة و خيبة
فال تزاحمن سادتك الشرفاء!!
*****************
29أبريل 2013
عقب فاصل من الردح و الردح المضاد ،كالمعتاد فى كل فضائيات اإلثارة و التهييس ،انتهت سهرة القناة األولى المصرية
أمس ( ،) 2013/4/28وألول مرة منذ زمن طويل ،نهاية سعيده ..إذ كان الضيف ابنا غاليا من أبناء مصر ،وقاه هللا شر "العته
و البله" بأن أبعده عن مصر هذه األيام ..تركها مصر األهرامات فعاد ليجدها قد هرمت .غادرها مصر عالية القامه وعاد
ليجدها عالية القمامة .
استمتعت بالسهره القصيرة مع "عصام حجى" (إبن رسام الكاريكاتير الشهير "حجى") ،العالم المصرى عن حق ،فى وكالة
ناسا للفضاء ،و المكلف بالبحث عن دالئل الحياة فوق المريخ .كلمات هذا العالم الشاب الواعد ،كانت كطلقات رصاص ،قال
أننا حاليا خارج منظومة التاريخ و الحضارة .و أضاف أنه ال نهضة بدون تعظيم دور العلم و المرأة و الصحة .و ذكر أن
اإلحباطات التى واجهتها أمريكا ف ى فيتنام فى الستينيات ،واجهتها بالمشروع الحلم "السبق فى نزول اإلنسان فوق القمر" .قال
أننا أحسن بلد فى العالم ،على الورق ،تعليم مجانى و عالج مجانى و حقوق مصانه ،ولكن فى الواقع؛ الشئ من هذا وال ذاك.
و أضاف أن الديمقراطية و العدالة اإلجتماعيه البد لها من بيئة مناسبة تتحقق فيها ،إذ ال يمكن أن تتحقق فى مجتمع نصفه
جاهل.
شعرت عقب حديثه ،بأنه كان من األولى و األرجح أن يضع سيادته دستور مصر ؛ ومعه أحمد زويل و فاروق الباز و مجدى
يعقوب و فقط .نقطه و من أول العصر!!.
*********************
23
6سبتمبر 2013
عمى الحاج !!
أحيط سعادتكم علما أن عدد من كنت أقول لهم "أنكل" و "طنط" و "عمو" ،قد تناقص مؤخرا بشكل مرعب .
و أن أعداد من صاروا ينادوننى بـ "أنكل" و "عمو" ،قد تزايد بشكل مريع.
و كله كوم ،و أوالد 60فى 70الذين ينادوننى ،فى الشارع ،بـ "عمى الحاج" ،كوم تانى.
أنا "عم الحاج" يا حثالة يا بيئة ..ده أنا "ميشو" ياض ..ومن سنتين كنت "مشمش" ..أنا ياض اللى قطعت "سمير" و "ميكى"
و بهدلت "تان تان" و "تخ تخ" و "لوزة" و "عاطف".
أنا "ميشو" ياض ،بتاع "عصافير الجنة" و "فتافيت السكر" و ماما سلوى و ماما نجوى .و ..و ..الخ الخ.
قوم أنا يقولوا لى يا "عمى الحاج" ؟؟!! ..ياكشى ربنا يحرقهم بجاز "ديرتى ".
*******************
9يونيو 2013
فى انتظار "جودو"!!
البيئة السياسية التى تغلف البلد حاليا ،ليست بيئة مثالية لممارسة السياسة على الطالق .و المؤلم حقيقة ،أنها لم تعد بيئة مثالية
حتى لمجرد التفكير و النقاش .و إنما هى بيئة مثالية للعربده و العهر و الجنون .فالوضع أشبه بمشاجره فى "حانة" ،كل من فيها
سكارى ،فإذا تواجد فيها آنذاك ،بالصدفه ،بعض من بقى له عقل ،فمن األفضل له أن ينأى بنفسه عن هذا الجنون.
ولذلك أنا أغبط زمالءنا الذين الزالت لديهم القوة و القدرة على الشرح و التحليل ،و التحزب لرأى ضد الرأى اآلخر!!
فأنا وكثرة كاثرة من المصريين المغتربين ،أغلقنا أجهزة التلفزيون ،وطلقنا الصحف المصرية بالثالثة ،بإنتظار معجزة تحدث
!!
منذ عام أو يزيد ،كنا منقسمين ،الى "اخونجى" و "فلول" و "علمانى" و "برادعاوى" و "امبريالى" و "استهبالى" و
"انشطارى" ..الخ.
أما اآلن ،فإن حالة من الكآبة ،ثقيلة الوطأة ،صارت تغلف الجميع ،و توقفنا جميعا بإنتظار "جودو" ..الشخص الوهمى أو فارس
األحالم ،الذى قد يأتى وقد ال يأتى!!.
"في انتظار جودو ، " Waiting for Godotمسرحية كتبها الكاتب اآليرلندي "صمويل بيكيت" .وتدور حول رجلين يدعيان
"فالديمير" و"استراجون" ينتظران شخصا يدعى "جودو" ،ويعلقان عليه كل آمالهما و أحالمهما ،وهذا الشخص ،ال وجود له
من األساس ،إال فى مخيلتهما .كل يراه بطريقته و على هواه .وأثارت هذه الشخصية مع الحبكة القصصية الكثير من التحليل
والجدل حول المعنى المبطن ألحداثها .وحازت على تقييم أهم عمل مسرحي في القرن العشرين باللغة النكليزية .وكان افتتاح
أول عرض في 5يناير 1953في مسرح بابلون من إخراج "روجر بلين ".
*****************
17أبريل 2013
24
ما دفعنى لعمال الذهن و كتابة هذا المقال ،هو أنى ذات يوم كنت مودعا لبنى "زياد" فى المطار ،و ألنه كان •
مسافرا على طائرة مصر للطيران ،فقد أخذ دوره فى طابور المصريين المغادرين الى القاهرة .
الصالة كان بها ما ال يقل عن 20صفا ألكثر من 20جنسية أخرى .تقريبا الـ 20صفا األخرى ،يكاد مسافروهم من الجنسيات
األخرى ،ينتظمون فوق خطوط مستقيمة ليس فيها انحناء وال اعوجاج ،و كلهم صامتون أو هامسون ،فيما عدا ..!..
فيما عدا الطابور المصرى .إنه الطابور الوحيد الذى ال ينظمه خط مستقيم ،و كان أشبه بكرة الصوف التى لعب بها القط ،أو
قل عدة دوائر غير منتظمة ،متقاطعة عشوائيا .و بالطبع ،لم يكن إبنى استثناءا ،فقد كان نقطة عشوائية وسط تجمهر فوضوى ،و
المدهش ،أنه على حداثة سنه ،لم يستشعر ،ال هو وال غيره من المسافرين المصريين ،أنهم مخالفون للنظام و الفطرة و الشكل
العام.
أضف الى ذلك الضوضاء و الهرج و المرج الذى كان يصدره هذا التجمهر الفوضوى .و ذا طبعا ليس إال تمثيال مهذبا لواقع
مجتمعنا العشوائى البدائى .و عدت أتساءل؛ لماذا يستعصى النسان المصرى على النتظام و النظام؟ !
و رأيت أن نظرية "االنتخاب الطبيعى )" (Natural Selectionيمكن تطبيقها هنا؛
• ففى قديم الزمان و بسبب الجليد و الثلج و الصقيع و البرد الزمهرير ،فى نصف األرض الشمالى ،كان النسان األوروبى فى
خروجه لصيد قوت يومه ،إذا ما ضل طريق العودة الى كوخه ،قتله البرد القارس و دفن تحت أكوام الجليد .و بمرور السنين،
مات و اندثر كل من لم يستوعب خارطة الطريق .مات كل من لم يتقن بناء كوخه ،و مات كل من شرد به عقله بعيدا عن سكنى
عائلته و قومه .مات و اندثر كل من أضاع معالم الطريق .مات و اندثر من خانته ذاكرته أو اختلطت أمام ناظريه االتجاهات.
فالطبيعة ال ترحم ،و األعاصير الجليدية ال تبقى و ال تذر .و البرد القارس يقتل كل عاطل أو متكاسل أو مهمل أو غافل.
و بمرور السنين ،لم يبق من األوروبيين ،أحياء ،إال األذكياء المهرة ،الذين عرفوا كيف يروضون الطبيعة بالعلم و المنطق و
التعاون و التجريب ..الخ .
فال غرو اليوم أن تجدهم قد شطروا الذرة ،و طاروا خارج المجرة ،و من يعلم ماذا سوف يفعلون غدا.
•العكس تماما حصل فى أدغال أفريقيا و أحراشها ،فمن خرج من كوخه للصيد منفردا ،و صادفه السبع ،أكله و قضى عليه.
و بالتالى لم ينج من فم السبع إال األسرع فى الفرار ،أو األقوى الذى استطاع أن يقتل الحيوان المفترس قبل أن يقتله ،أو الذى
احتمى بقبيلته ،فواجهوا قطعان الجوارح؛ قبيلة ضد قطيع .
و بمرور السنين لم يبق من األفارقة ،أحياء ،إال األطول و األقوى عضليا
) ، (Brown Muscle Fibresو هذا ما يفسر تفردهم بجوائز السرعة و ألعاب القوى ،و يبرر بقاء القبلية و العشائرية فيما
بينهم (بسبب التاريخ الطويل من الصراع متضافرين ضد السباع).
•و بالمثل؛ حدث فى "جنوب شرق آسيا" و الدول الشاطئية و الجزر الصغرى و كل المجتمعات التى اعتمدت فى حياتها على
البحر اختيارا أو قسرا ،إذ لم ينج من تلك المجتمعات إال من كان يتقن السباحة و أصحاب النفس الطويل و رشيقى الحركة،
تماما كما األسماك أو باألحرى كالبرمائيات .و طوال هذا الصراع الطويل مع البحر و المحيط ،مات منهم غرقا من لم يطف
فوق السطح ،ومن لم يتقن صنع القوارب و من لم يسبح مع التيار.
و تأمل الفلبينيين و الكورريين و اليابانيين (الجنس األصفر)؛ تجد أن القاسم األعظم بينهم هو صغر الجسد مع نعومة الجلد و
اتساع فتحتى األنف و ضيق العينين ،إضافة الى كونهم هادئى الطباع ،لينى العريكة و سهلى المراس .و جميعهم يحبون إتقان
العمل ،و بالذات العمل اليدوى ،و يقدسون النظام الجتماعى و يرونه السبيل الوحيد للنجاة و العيش فى سالم .
• و أما نحن فى مصر ،فلقد حبانا هللا بأجمل موقع فى العالم كله (و كذلك جل الشرق األوسط بدرجة أقل قليال) .فالجو عندنا ،
ربيع طول السنه (أغنية الثالثى) ،و "حصيرة الصيف واسعة" ،فننام فى "الطل" بجوار النهر ،نفترش العشب و نلتحف السماء.
و النيل يجرى بالخير بطول البالد و عرضها ،فال تجد أحدا "ينام من غير عشاء" ،وال أحد يموت من الجوع (مثل شعبى) .
25
و من ثم ،فلم يتعرض أهل مصر بطول تاريخها ألى انتخاب طبيعى من أى نوع ،اللهم إال بعض الكوارث الموسمية المحدودة
األثر التى لم تكن تستمر طويال (فيضان النيل و األوبئة من مثل؛ الكوليرا و التيفود و البلهارسيا و المالريا) ،و بالتالى فلم يكن
لها تأثير جينى من أى نوع .
و هكذا ،عاش أهل مصر كلهم ،بكل اختالفاتهم و تناقضاتهم ،معا .عاش الغنى و الفقير ،الطويل و القصير و عاش األبيض و
األسود و الذكى و الغبى و العاقل و المجنون و الطيب و الشرير و المؤمن و الملحد و الصالح و الطالح و اللين و المتمرد و
..و ..كل نوع و نقيضه ،و لهذا كنيت بـ "أم الدنيا" ،و قيل فيها -:ويا مصر قد كنت حصنا منيعا لكل الضعاف و للبؤساء..
يعيشون فيك وأهل الكتاب ويحيون فيك حياة الهناء ..وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء (أبو الطيب المتنبى) .
و مما الشك فيه أن مجموع تلك التناقضات أنتج شخصية وسطية ،ت رى دائما األشياء من منتصفها ،و ترى أن الموقف المحايد
هو أفضل المواقف وأن البقاء عند نقطة الصفر هو أسلم األوضاع عندما تختلط لديك االتجاهات .يدعم ذلك تأثير النهر وواديه
الخصب فى تلطيف المزاج و تأسيس العقلية الزراعية الكسولة ،طويلة البال ،الموقنة بثبات الحال ،من خالل دورة زراعية ال
تتغير .وهى عقلية مجالها البصرى محدود ما بين اللون األخضر النباتى و اللون األزرق النيلى ،و هى ألوان هادئة تشع سالما
و راحة .و هكذا صرنا الى شخصية ثابتة فى معتقداتها و أزمنتها و أمكنتها ،فال هجرة بعيدة وال مغامرة مجنونة وال فكرة
جديدة ،أو قل إجماال ؛ شخصية عنيدة ،الى األرض مشدودة ،و مكتفية بذاتها عمن سواها (أنا وأخى على إبن عمى..الخ) ،و
زمنها محدود بين محصول شتوى و آخر صيفى ،دونما خلل أو اختالل ،أو كأن الدنيا خلقت له و ليس فيها سواه .
أو هكذا صرنا ؛ شعبا ليس له "كاتالوج" ..و هذه هى ا لمشكلة ،أن جيناتنا الوراثية صارت تحمل كل التناقضات ،منكفئة على
ذاتها فى انحناء شديد ،يكاد يغلق الدائرة حول النفس شديدة الكثافة .فصار المصرى ال يصدق إال مايراه ،وال يرى إال ما يعتقده،
وال يعتقد إال ما يهواه .يسكن فى جماعة ،يتبادل معها القليل من المنافع ،و يحيا داخلها فردا ،عنيدا متمردا ،ال تخضعه إال سلطة
قوية قاهرة فوق رأسه و ممسكة برقبته .فال عجب إذن أن سميت عاصمته بـ "القاهرة " !!.
ال تخضعه إال سلطة قوية مركزية ،تجزى و تجازى ،و تفرض بقوة السلطان ماال يفرض باألخالق وال باألديان.
أو هكذا أفهم شخصية المصرى العنيد ،الذى يقف خارج الصف دائما ،و غالبا ما يبدو خارجا على العرف وال ينظمه ناظم!!
********************
28أبريل 2013
26
بداية ،الفالح يكاد يستخدم العلم و الم نطق فى حدودهما الدنيا ،بل يكادا يكونا مغيبين تماما من تفكيره .فاألرض هى األرض منذ
آالف السنين و كذلك المحصول و المناخ و الدورة الزراعية ،و كل أساسيات الحياة ،ثابتة لديه و بدون مفاجآت .و لذلك تقلصت
لديه جينات التفكير العلمى و الرياضي و المنطقي ،المتأسس على العلة و المعلول ،و التجربة و الخطأ ،و المشاهدة و االستقراء
و االختبار و االستنتاج فالتنظير .و هكذا تجد أن المصريين طوال تاريخهم الحديث -ما بعد الفراعنة -لم يخترعوا و لم
يبتكروا شيئا واحدا ذا بال .ف " اسحق نيوتن" كان قد وضع قوانين الجاذبية من مالحظته سقوط التفاحة أرضا ،فى حين أن
سقوط الثمار من فوق ماليين األشجار لم يثر لدى جدنا أى تساؤل أو فكرة حسابية! .و برغم أن أجدادنا كانوا قد امتطوا
صهوة النهر و البحر منذ القدم ووصلت مراكب "حتشبسوت" إلى بالد "بونت" إال أن من استنتج قوانين الطفو و الزاحة هو
"ارشميدس" .و إذا علمت أن "توماس أديسون" األمريكى ( )1931 - 1847وحده قد اخترع أكثر من ألف جهاز ليس أقلها
المصباح الكهربى ( 1093براءة اختراع) ،لعلمت الفارق بين الطبيعة الجينية للعقليتين .
إذ أنه فى المقابل نما لدي المصرى ،بتأثير الفراغ و االستقرار و األمان؛ الخيال القصصى و الروائي الخرافى .فعاشت أجيال
وراء أجيال ،تتداول السحر و الشعوذة و األسطورة و الفلكلور .فإذا علمنا أن "أعذب الشعر أكذبه" ،نكون قد بدأنا نالمس أحد
أهم المثالب األخالقية للمصرى ،أال وهى "الفهلوة".
وألن فالحة األرض ال تحتاج مجهودا كبيرا ،فأيام الحرث و الرى و الحصاد ،طوال العام ،محدودة (ال تتجاوز 50يوما) ،و
باقى أيامه لعب و لهو و مؤانسة ،أصبح الفالح يميل الى الكسل و ليس له جلد على العمل الشاق .فال غرو إذن أن تكون انتاجية
العامل المصرى متدنية ،بما ال يتجاوز النصف ساعة يوميا (بحسب الجهاز المركزى لإلحصاء).
الفالحة أيضا ال تحتاج لتقان ،أو مهارة يدوية خاصة أو حرفية عالية .فالرى و الحرث و البذر و الحصاد ثم طحن و تخزين
الغالل ،كلها أعمال بدائية بسيطة ،ال تتطلب دقة ) (Crudeمن أى نوع .لذلك افتقد المصرى الدقة فى األداء و مهارة التشطيب
الجيد ) (Finishingو اللمسات الفنية ،و هو ما عرف اصطالحا بـ " الكروتة( " مشتقة من ). (Crude
و ألن الزمن ،لم يكن فى وقت من األوقات ،عامل حسم فى حياة المصرى ،اللهم إال دورة زراعية واسعة األقطار ،تعتمد تقسيم
السنة الى أربعة فصول مناخية فقط ،و من ثم كانت أصغر وحدة زمنية مهمة لدى الفالح قوامها ثالثة أشهر ،و أقل من ذلك ،ال
يعتد به ،أصبح إحساس المصرى بالزمن ،بطيئا .و لعل ذلك ما يفسر العبارة الشهيرة ؛ "فوت علينا بكرة يا سيد" (حيث "بكرة"
ال يأتى أبدا).
*****************
3يوليو 2013
27
أن فارسا قد هزم
وخاصمته األيام
فأغمد سيفه
وضمد جرحه
ولوى عنق فرسه
وانسحب من الميدان
...أما صاحبنا
فقد آثر إال أن يسقط
تحت األقدام
ككل اللئام
الحرب دون الذهب
و الموت دون اللقب
وأما الشرف
و العزة والكرامة
فأيتام أيتام
و يتامى
لماذا خلت
أرض العرب
من الفرسان العظام
ولماذا يزدهر الشوك
والحنظل
ويسود األقزام
******************
14يوليو 2013
28
من هناك ..حيث اسقبلنا أول موظف مصرى فى المطار ..ثم على متن طائرة مصر للطيران ..و رغم حالة الحزن
العامة التى تغلف الجميع ..إال أن المضيفين و المضيفات و كل الموظفين المصريين ،يبدون غير ..يشعرونك بود حقيقى ،
غير مزيف.
ان الذى قضى سنوات كثيرة فى الخارج ،يستطيع أن يلمح بسهولة و يميز الفروق بين الشعوب .و رغم أن المصرى طحنه
الفقر إال أنه يبقى واقفا عمالقا ،ببساطته و تواضعه و روحه المرحه الساخرة ،التى يسخر بها حتى من نفسه .و يبقى أنه طيب
جدا و رقيق المشاعر جدا و صادق جدا.
تلك أمور لم أكن ألعيرها انتباها لو لم أغترب ،و أنظر الى المصرى من خارج الطار.
لكم أنت طيب و صابر و عظيم يا "بن بلدى" !!! فلتكفكف دمعك ،و لتضمد جرحك و لتطوى ألمك بين ضلوعك ،و لتمضى ..
فالدنيا ..كل الدنيا ..ترقبك ،كيف سيمضى ،عزيز قوم ،كبا ..و أبى ..أن يذل!!
******************
5أغسطس 2013
17ديسمبر 2013
تقزيم اإلسالم !
29
" د .محمد فايد هيكل" استاذ الشريعة بجامعة االزهر فرع المنصورة ,قال امس في حوار شيق مع ابراهيم عيسي في برنامج
٢٥/٣٠؛ ما هي حاجة االسالم للعمل السري؟ … لقد انتهت حقبة العمل السري بهجرة الرسول –صلعم -الي المدينة… .قد
تحتاج حركات االستقالل او المعارضة السياسية الي العمل السري ،و لكن ليس االسالم ،فال يجوز الخلط.
و ما هي حاجة االسالم الي تكوين جماعة اسالمية داخل امة _ هي قطعا مسلمة _ تصوم و تصلي ،ويكون غرض تلك الجماعة
:هدم هذا االطار االكبر بداية من التمرد علي اعرافه و قوانينه ثم تدمير االطار كله ،من اجل افكار في راس اصحابها يريدون
ان يلزموا بها العامة ،و االولي بمن يري رايا ان يلزم به نفسه و اهل بيته فقط ،و اال صار ذلك تغوال علي حقوق االخرين.
و من قال ان الخالفة هي شكل الحكم االوحد المقدس الذي ال يرضي هللا عنه بديال .لقد كانت اجتهادات اصحابها في زمنها،
وليس من نص مقدس ملزم بها.
ثم ما حاجة االسالم لحزب سياسي يحتكر راية االسالم ،ان فاز الحزب فاز االسالم و ان خسر الحزب خسر االسالم و ان
اصاب الحزب اصاب االسالم وان ضبط مؤسس الحزب في خلوة مع عاهرة ،حسبت علي االسالم .
و اخيرا و ليس اخرا ..ال رهبانية في االسالم ،اي ال وسيط بين العبد و ربه ،ال شخص وال جماعة وال حزب ،فاخر من كان
يوحي اليه قد مات.
****************
27يونيو 2014
حصاد السنين
هذا الخطاب كان موجها ألعضاء جروب "القصر العينى دفعة "1984على الفيسبوك ،بعد أن توترت العالقات فيما بينهم و لما يمض على •
إلتئامهم بضعة أشهر -:
لألسف أشعر أننى بحاجة ألن أقول قوال سابقا ألوانه ببضع سنين ،أعطانا هللا و إياكم طول العمر و الصحة .و الدافع بالتعجيل
هو التوتر الشديد فى العالقات "الفتراضية )" ( Virtualفيما بيننا ،فى الوقت الذى من المفترض أن نكون أكثر حرصا على
دعمها و توطيدها ،بعد أن باعدت بيننا المسافات و األزمنة و الخبرات .
ما أريد قوله اآلن ،هو أن هناك حقيقة ماثلة أمامنا ،و لكننا نتعامى عنها برغم أنها تتراقص أمام أعيننا و على بعد خمس
خطوات ،أال و هى ؛ نهاية المشوار ،لألسف .
فى البدايات؛ كان يملؤنا إقتناع راسخ بأننا نمتلك الدنيا و أننا سنفعل فيها مانشاء ،و أننا سنطوعها رغما عنها لرادتنا ،و أنها ما
خلقت إال ألجل إسعادنا بالمواصفات و الشروط التى نضعها نحن ،ألنفسنا و لغيرنا ،و هى اشتراطات ال نساوم عليها وال نقبل
بتعديلها.
ثم انصرفنا نشق غمار الحياة ،و ندخل الدنيا من بابها األوسع ،و بدأت المعارك تتوالى تترى ،و بدأ النزف من الرصيد ،فلقد
أصيبت آمال و تفتحت جروح و تقيحت أخرى و التأمت ثالثة .و بدأنا رحلة الهبوط من سماء األحالم العالية لكى تالمس أقدامنا
أرض الواقع .
انخفض سقف التوقعات و األمنيات و تقلصت األحالم و عرفنا جميعا أن هللا حق.
كنا نتخيل أن السعادة هى؛ قصر مشيد و ملك تليد و عمر مديد و نسل مجيد ،ثم أمسينا ندرك؛ أن السعادة ليست فى كثرة
الممتلك ات ،و لكنها إحساس داخلى (وهو المفهوم الذى كنا نسخر منه فى صبانا) ،خاص جدا و ذاتى جدا ،فلربما كان حارس
القصر أكثر سعادة من ساكن القصر .
أمسينا ندرك ،أن أهم و أغلى و أحلى ما فى الحياة ،ليس البنيان ،و لكنه النسان !! و كم هو تعيس ،من لم يدرك ذلك إال بعد
فوات األوان .و كل منا له تجربة مؤلمة واحدة على األقل ،تؤيد هذا المعنى.
30
و تاليا فأحدنا يعول على الباقين ،كرصيد غال و نفيس ،يصل به الى نهاية الرحلة ،ربما خلو الوفاض ،إال من قلب محب و عقل
صديق و صحبة رفيق.
فال تفرطوا فى هذا الرصيد النادر الوجود.
فلنتحسس كلماتنا و لنترفق ببعضنا البعض ،و لنلتمس األعذار للرفاق ،و لنفسح للزمالء مساحة أوسع فى قلوبنا ،و لنجنب
األصدقاء ويالت تصلب مشاعرنا ،الذى هو حتما والبد من مضاعفات تصلب شراييننا.
فلنسع جميعا يدا بيد لستعادة الصحبة الجميلة و األيام الحلوة و النفوس السعيدة!!
****************
8يوليو 2014
إحنا زى الفل!!
و اللى مش عاجبه يضرب دماغه فى الحيط ..ناقصينك يا يهودية يا بنت ال ....؟؟ ..ح تسلمى يعنى ح تسلمى و ال •
....؟؟ فوق رقبتك .شوفوا اليهودية دى تجرأت و كاتبة عننا إيه -:
الخميس 23مايو 00:59 - 2013 المهندسة /نجاة النهاري :كيف يسلم "اليهودي" وهذا حال المسلمين!..؟!!
كثيرون وجهوا لي الدعوة للتخلي عن معتقدي اليهودي ودخول االسالم ،وكثيرون أيضا يلعنونني كل يوم ويصفوني بالكافرة
ويقولون ان غير المسلمين مصيرهم إلى نار هللا.
بعث لي أحد األصدقاء قصة جميلة عن النبي محمد ويهودي كان يسكن جواره ويلحق به األذى والنبي يصبر عليه ،وعندما
مرض اليهودي زاره النبي فخجل اليهودي من اخالقه ودخل االسالم ...عندما قرأتها فهمت أن تصرفات واخالق النبي محمد
كانت هي مقياس اليهودي لالعجاب باالسالم واعتناقه قبل حتى أن يقرأ مافي القرآن ..ولحظتها تساءلت مع نفسي :يا ترى
المسلمون اليوم بماذا سيغرون اليهودي لدخول االسالم!..؟
أرجو أن ال تغضبكم صراحتي ،فأنا أحاول أن أفهم االسالم على طريقة اليهودي الذي أسلم بسبب تصرفات النبي قبل كالم
القرآن ..وسأناقش الموضوع بثالثة نقاط:
((أوال)) -المسلمون اليوم مذاهب متعددة وكل مذهب يعتبر اآلخر "كافر" ويحلل قتله ..فلو أردت -كيهودية -دخول االسالم
فهل أدخله من باب "السنة" أم "الشيعة" أم المذاهب األخرى؟ وأي منها أعيش فيه بسالم وال يحلل قتلي أنصار مذاهب االسالم
األخرى!؟
تحد ثت لصديقتي المسلمة في بيروت عن دعوات األصدقاء لدخول االسالم ،وأثناء النقاش فوجئت أن المسلمين يرددون كالم
مقدس للنبي محمد بأن المسلمين سيتفرقون الى ( )70فرقة كلها سيعذبهم هللا في النار باستثناء فرقة واحدة ستدخل الجنة .فسألت
صديقتي عن اسم هذه الفرقة فقالت أنها ال تعرفها وال يوجد مسلم يعرفها لكن كل فرقة تدعي أنها هي المقصودة !!...
تساءلت مع نفسي :يا ترى إذا أراد يهودي دخول االسالم فعند أي فرقة يذهب ليتحول الى مسلم؟ ومن من علماء المسلمين
يعطيه ضمان أكيد بأنه سينضم للفرقة الصحيحة التي اليعذبها هللا!؟ فهذه مغامرة كبيرة وخطيرة جدا.
((ثانيا)) -المسلمون اليوم يتقاتلون بينهم البين في كل مكان ،ويذبحون بعضهم البعض بطرق بشعة جدا ..فكيف يقتنع اليهودي
بدخول االسالم إذا وجد المسلم يقتل أخيه بسبب الدين نفسه ،بينما اليمكن أن يسمع أحدكم بأن اليهود يقتلون بعضهم البعض
بسبب الدين ،بل على العكس اسرائيل اقامت دولتها بسبب الدين .
31
قبل يومين قرأت تقرير تم تقديمه لألمم المتحدة من دول عربية مسلمة يتحدث عن ( )80ألف مسلم تم قتلهم في سوريا خالل
سنتين فقط بأيدي المسلمين سواء من النظام أم المعارضة .ورأيت مقطع فيديو ألحد مقاتلي المعارضة وهو يخرج قلب جندي
ويأكله -أي مسلم يأكل قلب أخيه المسلم !!!..
كما كنت قرأت إحصائيات عن عدد القتلى في العراق خالل الحرب األهلية (المذهبية) تقدرهم بأكثر من 280ألف عراقي
غالبيتهم العظمى مسلمون وقليل جدا بينهم مسيحيون.
سأكتفي بهذين المثلين ،وأترك لكم التفكير والتأمل والتساؤل كيف يمكن لليهودي أو المسيحي أن يقتنع ويطمئن قلبة لدخول
االسالم إذا كان هذا حال دول المسلمين؟ مع إني واثقة كل الثقة أن ما يحدث ليس من تعاليم االسالم ألن جميع األديان السماوية
تدعو للسالم.
((ثالثا)) -عندما النبي محمد دعى الناس لالسالم فإنه أغراهم بالحرية والعدل والخالص من الظلم والجهل والفقر لذلك تبعوه
الناس .لكن اليوم عندما المسلمون يدعون اليهود لدخول االسالم بماذا يغرونهم؟
لنكون صريحين وصادقين :فمعظم دولنا العربية االسالمية يعمها الفقر والجهل والظلم وانتهاكات حقوق االنسان وتفتقر للتنمية
والقوة االقتصادية ،ولوال ذلك لما قامت ثورات الربيع العربي .بينما الدول التي يديرها مسيحيون ويهود ممن يعتبرهم البعض
(كفار) أصبحت هي من تغري المسلمين للهجرة اليها والعمل او العيش فيها ..بل هي من تصنع للمسلمين حتى مالبسهم
الداخلية ..وأرجو المعذرة لذلك فليس القصد السخرية وإنما اعتراف ومصارحة بالواقع الي يعيشه العالم اليوم!
صحيح أنا يهودية لكنني أحترم االسالم وأجد فيما يحدثني عنه المسلمون دستورا عظيما للحياة االنسانية ،وتمسكي بعقيدتي ليس
كفرا كما يعتقد البعض ،فقد بعث لي أحد االصدقاء بنص من القرآن يؤكد أنه لم يكفر أصحاب األديان ويقول هذا النص ((ليسوا
سواء من اهل الكتاب امة قائمة يتلون آيات هللا آناء الليل وهم يسجدون)) !
لذلك بدأت أقرأ دراسات عن القرآن وكل يوم تزداد حيرتي أكثر وأبقى أسأل نفسي :لماذا إذن العالم االسالمي وصل الى هذا
الحال رغم انه لديه دستور ديني رائع ونبي عظيم كان يجعل اليهودي يتبعه بسلوك صغير قبل معرفة مافي القرآن بينما اليوم
ينظر غير المسلمين الى المسلم بريبة وخوف!!؟.
*****************
21يوليو 2014
32
ثم حضر األمن و طلب من العمال كلهم مغادرة الغرفة..و بدأ األمن يدفع الصديق بعيدا عن المصاب .فبدأ هذا الصديق يشد فى
ذراع صديقه المغمى عليه و يصيح عليه بآيات من القرآن بلسان اعجمى مكسر "-:ال إله إال انت سبحانك" ..فافاق المصاب و
نطق بعض حروفها بصوت ضعيف.
ثم بدأ األمن يدفع الصديق بعيدا و يفك يده من يد المصاب ..فبدأ الصديق يصرخ فى مصابه بصوت عال ،كى يكمل اآلية قبل أن
يموت " -:انى كنت من الظالمين " ..و كلما ابعده األمن يرفع صوته أكثر وهو يبكى ،لعل صديقه المصاب يسمعه و يرددها
" -:انى كنت من الظالمين""..انى كنت من الظالمين" ..لكن المصاب لم يكن يرد عليه!!.......
الجيد فى األمر ،أننا و بعد جهد جهيد ،و بفضل هللا ،استطعنا إنقاذ هذا المصاب ..وسط عاصفة من الدموع!!!
**********************
18أغسطس 2014
بداية أقر و أعترف أنا الموقع أدناه ،أننى مسلم الديانة ،علمانى التفكير" ،برادعاوى" التوجه" ،زويلى" المنهج ،وهو ما يعنى
إجماال؛ الليبرالية بحذافيرها .و لى فى ذلك كتاب عن "البرادعى" و آخر عن "زويل" و فى الطريق كتاب ثالث عن "مجدى
يعقوب" .و ما تلك المقدمة إال لكى أنفى عن نفسى اآلن و الحقا "شرف" أن أكون "أخوانيا" أو "سلفيا" أو "جهاديا" ..إلخ .بل
أزيدك أن لى قناعات خاصة قد تكون صادمة لمن يطلع عليها ،ولكنى متأكد من أنها شيقة ،أو على األقل مدعاة للتفكير و
التأمل ..من هذه القناعات:-
•أنى مؤمن تماما أن عالقة النسان بربه ،و عالقته بدينه ،هى عالقة خاصة جدا جدا جدا ،فيها الكثير الكثير من الضعف
النسانى و األمل و الخجل و التبتل و الدموع و اليأس و الرجاء و العتب و التعب و الخطأ و المناجاة و التوبة ..إلخ إلخ .و أننى
كإنسان ال أستطيع بعق لى الضعيف أن أحكم على الحالة الدينية ألخى ،ألننى مهما تفقهت فى الدين ،لن أحيط بها (ال رهبانية فى
السالم) ..و الرسول "صلعم" هو من قال "-:دخلت امرأة النار فى "هرة"(قطة) حبستها ،"...وهو أيضا من وعد "عاهرة"
بالجنة ألنها سقت كلبا عطشانا فى الصحراء فى يوم قائظ ..هل تتخيل أنت ذلك؟ ..موقف واحد ،يبدو تافها لمعظمنا ،يقلب
نتيجة حياتك كلها رأسا على عقب .ومن ثم ارتأيت يا سادة أن نصمت عن الحكم على "تقوى" العباد ،و نترك ذلك الى رب
العباد.
•أنى مؤمن تماما بحديثى الرسول "صلعم""-:إنما بعثت ألتمم مكارم األخالق"..و الحديث الثانى الذى ينتهى بـ "...و الحياء
شعبة من شعب اليمان" .و ذلك فى معرض العالقات بين الناس .بمعنى أن عقيدتك ثم عبادتك سر خاص بك ،و ما يلزمنى من
تدينك ليس "طول لحيتك" وال "قصر ثوبك" ولكن أخالقك ،بما فيها "الخجل"!!.
•أنى مؤمن تماما ،بأن ال قرآن يؤول وال يفسر ،فالتفسير نهائى قاطع مانع و ملزم ،بينما التأويل ،متغير و حمال أوجه ،اللهم
فيما عدا الثوابت "المعروفة من الدين بالضرورة" ..لذا امتنع الرسول و الخلفاء الراشدون من بعده عن تفسير القرآن ،و ذكر أن
مجموع تفسيرات الرسول للقرآن المنزل عليه ،ال تتجاوز ثمانى عشرة " "18صفحة فقط .فأى جبروت يمتلكه هذا الذى
يتصدى لتفسير القرآن وهو بعد به حديث عهد ؟! ..و تاليا فإنى أعتقد أن النص مقدس ،أما التأويل ففيه أخذ و رد ،و التأويل
ملزم باألساس لصاحبه ،وال يصير ملزما لى إال إذا اقتنعت به .و تاليا فأنت مهما عال قدرك و علمك ،ال تستطيع وال يجب أن
تلزمنى بفهمك أنت للنص الدينى .و ليس بيننا إال التحاور بالتى هى أحسن ،فمن اقتنع بشئ صار ملزما له و ملتزما به و يحاسب
33
عليه حسابا عسيرا ،على األقل فى الدنيا ،من قبل مجتمعه .و من ثم كان الحساب العسير للنائب "البلكيمى" على كذبه و تجمله،
و النائب "على ونيس" لفعل الفاحشة فى السيارة ،و جماعة الخوان على مراوغاتها ،و كذلك يجب أن تحاسب أى منتقبة حسابا
عسيرا اذا ما تجاوزت أو أخلت باآلداب العامة .
•أنى مؤمن تماما أن من يرفع شعار "السالم هو الحل" جاهل بالسالم و جاهل بالحل .إذ أنه يفترض بالضرورة أن السالم
خيار مطروح على الطاولة ،رأسا برأس مع الرأسمالية و الشتراكية و "الثاتشرية" و أن سعادته قد ارتأى أن السالم يبدو هو
األنسب لنا ..و من ثم فهو ينزل بالسالم "اللهى" السماوى ،من دون أن يدرى ،الى معترك المقارنات األرضية .ليس هذا فقط
،بل إن هذه الدعوة تنضوى على خبث بين ،فمن يدعيها ،هو يدعى ضمنا أنه يحتكر السالم لنفسه و فرقته ،و أنه أيضا،
ضمنيا ،ينزع السالم عن منافسيه فى المعترك السياسى ..و هذا ماال يجوز ألحد غير رب العباد و رسوله.
•وفى ذلك فأنا أعتقد أن السالم إطار جامع للحياة و الممات و ما بعد الممات ،و تاليا فهو يضع فى أيدينا "البوصلة" التى تحدد
المسار و المقياس الذى نقيس عليه أفعالنا ،وهو السؤاالن الخالدان اللذان يجب أن يقرا فى األذهان"-:هل هذا الفعل يحبه هللا؟" و
"هل هذا الفعل يغضب هللا؟" ،و فيما بين الجابتين ،فاألصل فى األشياء الباحة ،طالبين المصلحة الشخصية بما اليضر
بالمصلحة العامة .و من هنا تأسس مقصد الشريعة" -:أيما كانت مصلحة المسلمين ،فثم شرع هللا" .لذلك أنا أستغرب النقاش
الدائر حول إقحام الدين فى السياسة أو نزع الدين من السياسة .
و أتساءل ،بالمثل ،ما رأيكم فى إقحام الدين فى الطب ،أو نزع الدين من الطب؟؟!! ..ثم ما رأيكم فى إقحام الدين فى مختبر
المواد الكيماوية أو نزع الدين منه؟؟!! ..ثم ما رأى الدين فى نظام "فرامل السيارة" الجديد ؟؟!!..و ما رأى الدين فى الحصول
على الطاقة من الخاليا الشمسية؟؟!! .البعض سوف يرد بالحديث" -:أنتم أعلم بأمور دنياكم" ..إذن فلماذا ال ينسحب ذلك على
السياسة أيضا؟ .فإذا أبحتم لرجل الدين الملتحى أن يمتهن السياسة ألنه ملتح ،فلماذا ال نجعله يقوم بإجراء العمليات الجراحية
أيضا ؟؟.
و من ثم فالسياسة كالصناعة و الكيمياء و الجراحة ،ماهى إال مسارب فى الحياة الدنيا ،ال يجب أن يمتهنها إال من هو حاذق
بها .و كل هاتيك المسارب تخضع بالضرورة لإلطار العام "-:هل ما أفعله اآلن – كسياسى أو كجراح أو كيميائى – يرضى هللا
أم يغضبه ،يفيد الناس أم يضرهم ؟؟!! ..فقط ال غير .و ما غير ذلك هو افتئات على الدين .و لنتذكر مناقشة الصحابى للرسول
فى غزوة بدر ؛ حين قال له ما معناه " -:هل هذا الموضع وحى من عند هللا (فنسمع و نطيع) ،أم هو الرأى و المشورة ؟" فقال
الرسول "-:بل هو الرأى و المشورة" قال الصحابى " -:إذن فلنجعل ماء بدر خلفنا" ..و هكذا قصد الصحابى مصلحة المسلمين،
و هكذا فعلوا ،و بينهم رسول هللا ،حين لم يكن نص وال وحى .
و لكن لماذا هذا الصرار العنيد على إقحام الدين فى السياسة ،دون غيرها من المجاالت ..فى رأيى؛ ألن ذلك هو األسهل كلفة و
األكثر مردودا ..فنحن أمة "يعرب" ،الزال "شيخ القبيلة" يلعب دورا مهما فى موروثنا الثقافى ،لما له من مكانة بين قومه
ووجاهة اجتماعية تسد مناطق ضعف أو تغذى شهوات القوة ،فى مجتمعات التزال جهوية و قبلية بإمتياز ("إنا إذا بلغ الرضيع
لنا فطاما ..تخر له الجبابر ساجدينا"....و "انت مش عارف انت بتكلم مين؟؟" ....أو "أنا إبن فالن بك")!! .فالحديث فى الطب
يل زمه بكالوريوس الطب ،و الحديث عن الصناعة يلزمه بكالوريوس هندسة ،و الحديث عن الكيماويات يلزمه بكالوريوس
علوم ،و إال كانت تلك األحاديث مجرد "طق حنك"و صار المتحدث أبلها لدى المستمعين !! .أما الحديث فى الدين أو فى
السياسة أو فى الكرة أو الفن ،فال يشترط أكثر من عاطل يدمن مشاهدة التلفزيون و "مصطبة" أو مقهى ،و يصير من حقه أن
يدلى بدلوه فيما سبق ،و أن يحتكر الحقائق و يطلق لخياله العنان ،مع سحب الدخان ..و أنظر معى كم هو ممتع الحديث عن
العب كرة متدين أو الالعب الغانى الذى وقف يصلى فى ملعب الكرة فى أوليمبياد لندن ، 2012أو الممثلة التى تحجبت و
األخرى التى تدينت و اعتزلت ..و هذا كله كالم جميل و شيق وال بأس به ،اذا ما بقى فى حدوده؛ "قعدات مصاطب" ،أما أن
يخرج عن إطاره لكى يرسم سيرورة أوطان ،فتلك ردة حضارية يجب أن ننتبه لها .و أهم سبيل الى هذا هو أن ال تخرج
"قعدات المصاطب" تلك ،إلى العلن ،حتى ال تنسج مناخا عاما من هرج و مرج و لغو ،و أقصد بذلك برامج الـ "توك شو"
الباحثة عن الثارة و فقط ،من أجل الحصول على أكثر مشاهدة و من ثم إعالنات .فمثلما تستضيف برامج الصحة األطباء فقط
،و تستضيف برامج الطبيخ الطباخين المحترفين فقط (برغم أن كل النساء طباخات بالفطرة!) ،لذا يجب أن يقتصر الحديث فى
الدين وفى السياسة على األئمة الثقات ،كل فى مجاله .أما إعالم الـ "سداح مداح" الذى يخاطب 60مليونا ال يستطيعون كتابة
34
أسمائهم ،و 75مليونا ال يقرأون الصحف ،فإن أثره الضار هو ما نجنيه اآلن من صخب و ضجيج يمأل جنبات وطن ،أخرس
عن عمد؛ أى صوت ألى رجل رشيد ..و أبقى عن عمد أيضا ،األعلى صوتا من بين المهرجين و البذائين و الفحاشين .
•كل هذه المقدمة الطويلة لكى أنفى عن نفسى مقدما أننى أتعاطف باألساس ) (By Defaultمع األخوان أو مع غيرهم من
التيارات الطافية على الساحة اآلن .
• فأما صلب الموضوع فهو قصير ،و لكنه جوهرى..فلقد سئل الدكتور "حلمى الحديدى" فى أحد مؤتمراته النتخابية فى
منتصف الثمانينات؛ هل عندنا ديمقراطية حقا ؟ ،فأجاب بأنه لن يكون عندنا ديمقراطية حقة إال عندما يكون لدينا رئيس منتخب
بنسبة ، %51أما "بالجماع" و الـ %99التى تربينا عليها ،فهى عمليا ال تحدث إال فى "قطعان البهائم".
•ماذا يعنى ذلك؟ ..يعنى ببساطة أن %49من الشعب الديمقراطى ،يجب أن ينحنى احتراما لرأى األغلبية و لحكم الصندوق ،و
يعود أدراجه فيؤدى دوره فى مجتمعه ،ملتزما بالقوانين و األنظ مة التى تسنها ،فى هذه الحالة ،األغلبية المنتصرة ،حتى ولو
بفارق أقل من واحد فى المائة .و ذلك بانتظار دورة ديمقراطية أخرى بعد 4سنوات ،لعله يفوز فيها .و لنتذكر كيف انهزم
الرئيس الفرنسى "ساركوزى" و كيف فاز "جورج بوش" البن على "آل جور" .وكيف انصرف الشعبان الفرنسى و
األمريكى ،كل الى عمله فى اليوم التالى ،مؤمنين بأن السباق الديمقراطى البد أن ينتهى ،كما فى كرة القدم ،الى غالب و
مغلوب .
•أما أن يبقى الـ % 49من الشعب ،الذين انهزم مرشحهم ،فى الشارع و فى حال استنفار دائم ،فهذا غير مقبول .ألن العقد
شرعة المتعاقدين ،و لقد قبلنا جميعا بصندوق االنتخابات حكما بيننا ..فماذا اآلن ؟!
•كما أنه ال يجب أن ال ينسى الـ %49الذين قالوا "ال" ،أن هناك %51قالوا "نعم" ،فماذا نفعل معهم و بهم ،هل نلقيهم فى
البحر ؟!
• إن بقاء الذين قالوا "ال" ،فى الشوارع ،هى ردة و نكوص على لعبة الديمقراطية ،التى ارتضيناها جميعا ،و من ثم فهى دعوة
خبيثة أو معتوهة (بإفتراض حسن النية) للعبة أخرى ،غير الديمقراطية .لعبة سوف تكون العشوائية و الهمجية و ربما القوة
المنفلتة ،هى أعمدتها األساسية ،إذ ال أستبعد أن يلجأ كل فصيل لتكوين ميليشياته التى تفرض قانونه الخاص ،حين ال نلقى باال
للقانون العام.
• فإلى كل المعترضين و المعارضين للرئيس "مرسى" و عليه ،و يعلم هللا أنى كنت منهم؛ أقول؛ أن هذا هو الوليد الذى أتى به
مخاضنا الصعب ،بعد عملية ديمقراطية "قيصرية" بذلنا فيها دماء زكية ..فهل نقتله و نبقر بطن أمه ألن الوليد ال يعجب أباه
؟! ..أم نصبر عليه لعل فيه خيرا ..فإن لم يكن ،فلعل الخير يكون فى جنين آخر ،يأتى بوالدة طبيعية ،بعد حمل طبيعى و
شرعى .
•إن هللا صاحب القدرة و الذى يقول للشئ كن فيكون ،اشترط للحمل 9أشهر و للرضاعة عامين ،أى اشترط عامل "الزمن"
لتمام النضج ،وهو القادر على حذف الزمن تماما من معادلة الخلق و التكوين ..أما نحن فنريد أن نستبدل مولودا (ديمقراطيا) ال
يعجبنا ،بمولود آخر يعجبنا ،فى التو و اللحظة !! ..إن هذا لنزق و خرف ،و أنا أربأ بكل من أوتى عقال و رشدا و حكمة ،أن
يسهم فى هذا العته و الشر الماجن ،ولو بالكلمة ..فلتقل خيرا ..أو لتصمت .
•اللهم احم مصر من حماقة أبنائها ،أما أعداؤها فإنها كفيلة بهم!! .
ملحوظة -:هذا هو رأيى الخاص ،وهو ليس ملزما ألحد ،وال أدعى أنه األصوب كما ال أدعى أنه األحق أن يتبع ،و •
لكنى أستطيع أن أدعى أنه وليد قناعاتى الشخصية ،و ما قصدت من عرضه إال الخير..فإن كان ،فبها و نعمت ،و إن
لم يكن ،فلعلى قد أثرت فى قريحتك أفكارا جديدة ..و هذا شرف لى.
**********************
20ديسمبر 2015
35
فى سجن "إسالم البحيرى!!"
ليتنا متدينين فعال !!
أو متزمتين دينيا و أخالقيا كما يبدو من أعداد المساجد و المسابح و المعتمرين.
ولكننا لألسف نصابين و سفاحين و حرامية بنسبة تتجاوز ال . % 80و صار النصابون مستريحين لهذا الوضع الدينى.
أن تكون قمة التدين فى أن تعدل الشبشب المقلوب ..و فيما عدا ذلك ،فكل النصب مباح.
و هى حالة نفسية مرضية مفهومة ،أن تبالغ في استحضار المفقود .فالداعرة هى أكثر النساء حديثا عن الشرف ،و الوضيع هو
أكثر الناس تكبرا ،و المثليون هم أكثر الرجال حديثا عن فحولتهم ،و "عبده الكحيت "(شخصية مصطفى حسين
الكاريكاتورية) كان يتحدث عن السيجار الكوبى و السيمون فيميه بينما أصابع قدميه تطل من فتحات الحذاء الممزق!! .
• على مدى اليومين الماضيين تابعت برنامج "انتباه" و برنامج "خيط حرير" (حلقة مجمعة لعام . )2015البرنامج
األول كان يناقش فنون السرقة فى وثائق تأمين السيارات فى مراكز التراخيص .المرعب أن الشخص الدليل لم يحدد
مركزا معينا للمذيعة ولك نه قال لها ؛ اختارى اى مركز ..أى مركز !! و ساكشف لك التزوير هناك!!
البرنامج الثانى استعرض نبذات من عام مضى -:خطف األطفال للتسول ،سرقة اآلثار و بيعها في الخارج ،على مستوى
األفراد وليس عصابات كما كان في الماضي ،الزواج السياحى ،تردى بل انهيار المستشفيات و المدارس الحكومية ،الطبيبة
البيطرية التى كشفت المستور فى المطاعم .... ،الخ الخ الخ
أضف إلى ذلك النصابين البسطاء الظرفاء العاديين جدا الذين تقابلهم بمجرد أن تفتح باب شقتك للخروج (هذا إذا لم تكن أنت
شخصيا نصابا و تخادع نفسك) -:الشغالة و البواب و زوجته و السباك و الكهربائي و سائق التاكسى و و و ...الخ
لدرجة أننا ارتفعنا بتعريف النصب إلى ألف جنيه فأكثر ،و كل ما دون ذلك فهو "عادى" ،بل صرنا نتهم الضحية بأنه "مغفل"
..أى العيب منه!!
حقا ؛ إننا فعال شعب متدين بطبعه!!!!!!
*****************
29ديسمبر 2015
36
عليها من حد او عقوبة !!! باالمس كتبت عن حلقة " البحث عن المسيح " التي اذاعتها قناة CNNليلة عيد الميالد و ابديت
اعجابي بمواكبة الغرب ل لعلم في البحث عن قضية تمس جوهر عقيدتهم و كيف يجرون األبحاث العلمية مستندون على نتائج
تحليل ال DNAو اشعة اكس ،كيف يجرؤون على المناقشة و البحث لكشف الحقائق دون ادنى خوف ،يبحثون في ما اذا
كانت هناك عالقة من اي نوع بين مجدلية و السيد المسيح بمنتهى الموضوعية و دون اي مواربة هل كانا متحابين ؟ هل تزوجا
؟ يتناقشون في مرض مجدلية بالصرعة و لماذا و كيف تكون الوحيدة التي شهدت قيام المسيح ثم تختفي بإختفائه ؟ ينقدون
بطرس و ينقدون بولس و ال غبار في ذلك وصوال للحقيقة ! تارة يبرئون يهوذا و يتهمونه تارة اخرى بحثا عن السبب الحقيقي
لخيانته ! ألصاب في ايامنا هذي بقمة الحباط لخبر سجن إسالم بحيري بتهمة " ازدراء الدين " و سب األئمة و سب البخاري
ال لشئ اال أنه انتقد اراءهم و كالمهم و هم بشر عاديون يصيبون و يخطئون ال قداسة لهم !! انتقد فكرة زواج الطفلة ذات الست
او التسع سنوات و العالم كله يعتبر ان هذه الحالة مرض من األمراض النفسية اسمه في الطب ) ( pedophiliaو يستوجب
العالج النفسي و يجرم فاعله و تستوجب عقوبتة ،ام ان القانون المصري الذي جرم زواج البنت تحت سن السادسة عشر قد
خالف السنة ! و كان احق ان يتهم واضعه انه ازدرى الدين ! لعلمي هذا ما قال البحيري و حوكم عليه ! الحقيقة الى اآلن ال
ادري ما تهمة البحيري و الى اآلن ال ادري ما معنى جريمة ازدراء الدين و الى اآلن ال ادري جريمة بغير مجني عليه من
جنس البشر ! ام ان الدين شكى لكم !
ثم ماذا عن ازدراء عقول الناس و اجبارهم على وقف العقل و مخالفة الحقائق العلمية ! اليست هذه جريمة اشنع !!! هكذا نظل
متفردين بأفكارنا منعزلين عن العالم ! محرومين من البحث و التفكير مهددين !! اقسم اننا بذلك سننقرض كما انقرض
عصر
ٍ في الديناصور و كان الديناصور اكبر منا و اشد فتكا بمعاصريه ! وستعيش البقية الباقية منا بعيدا عن العلم و عن العالم
اكثر احفورية من عصر الديناصورات !!!
********************
24يناير 2016
األنموذج التركى!!
البعض يتخيل أن من سمات الوطنية المعاصرة ،أن تكره تركيا و األتراك و "أردوغان" و "الذين أتوا به!! "
و الحقيقة أن هذا خلط لألوراق شديد .فما يبدو على السطح من أن "أردوغان "أخواني أكثر من "المرشد" ،هو كالم غير
صحيح .و ما يبدو اآلن من حب و هوى ،بين الجماعة و األتراك ،هو من قبيل -:ماال يدرك كله ،ال يترك كله .
الدليل على ذلك ،هو ما نسيناه ،بحكم تزاحم األحداث ،فى زيارتى "أردوغان" للقاهرة ،فى سبتمبر 2011ثم فى نوفمبر 2012
إبان حكم "مرسى" ،حيث ألقى خطابا فى جامعة القاهرة ،أثار امتعاض األخوان آنذاك .صحيح أن أردوغان اعتبر مرسي
شريكا وحليفا ،لكنه لم يمتنع عن انتقاد سلوكه في السلطة .فمنذ بداية المشوار ،أشار أردوغان إلى الطريق الذي يجب أن ينتهجه
السالم السياسي في مصر ،فقال في مقابلة مع التلفزيون المصري " -:آمل أن يكون النظام الجديد في مصر علمانيًّا" ،وأضاف
أنه رغم كونه مسلما ،فإن الدولة التي يتزعمها هي علمانية و أن على مصر أن تتبني دستورا علمانيا ،و أوضح أن النموذج
التركي يظهر أن العلمانية ليست عدوة الدين.
رفض الخوان المسلمون في مصر كالم "أردوغان" ،فى الزيارتين ،و اعتبروه تدخال في الشؤون الداخلية المصرية .و رد
الناطق بلسان الحركة " -:ال يمكن استنساخ تجارب دول أخرى (يقصد تركيا طبعا) في مصر" ،ولذلكُ ،رفضت نصائح
أردوغان ،آنذاك ،جملة و تفصيال .
و إذا كان ثمة تماثل بين حكم األخوان فى مصر ،و الحكم فى تركيا ،فهو يقينا ،ليس تماثال مع "أردوغان" ،و لكن مع "نجم
الدين أربكان" ،رئيس الحكومة في تركيا الذي أطيح به إثر إنذار عسكري عام 1997بعد سنة واحدة فقط من توليه السلطة .
37
هذه المقدمة أراها ضرورية ،لكى يتحرر القوميون من إثم محبة "أردوغان" ،و يتحرر مناصرو األخوان من فريضة زيارة
تركيا.
يبقى أن أسجل إعجابى الشديد بالنهج الذى انتهجه "رجب" عقب انقالب "شوال" المزعوم .فالرجل يقوم حاليا بأكبر عملية
تطهير تشهدها بالده ،وهو يطيح و يقيل اآلالف دفعة واحدة .وال يبدو أنه ارتعد من جمعيات حقوق النسان وال استأذن الدستور
وال أنصت لديمقراطية وال قانون وال يحزنون .و لم يقل أحد أنه "بلل البامبرز" خوفا من أوروبا ،التى يسعى لكسب رضاها ،
أمال فى النضمام لإلتحاد األوروبى .
ما أحوجنا ألن نقلد "أردوغان" و نستنسخ األنموذج التركى ،خاصة و قد ضرب الفساد بأطنابه فى كل ربوع البالد .
وال تقل لى نفعل القوانين ،و نسن قوانين أخرى تكون أكثر حرارة ،و أخرى "شفتشى" على "تركواز" ..أقول لسعادتك أن
القوانين لدينا باألطنان ،و أننا فى أحسن أحوالنا "نبلها و نشرب ميتها" .أنظر سعادتك الى النائبة المحترمة "زينب سالم" التى
اعتدت على ظباط قسم "مدينة نصر" .هذه النائبة ،المفروض أنها تشرع القوانين ،اعتدت على من ينفذ القانون .فنكتشف ،اآلن ،
و اآلن فقط ،أن لها صحيفة جنائية عامرة.
و رغم ذلك فلقد دخلت البرلمان كعضو ذى حيثية تشريعية و رقابية .و السؤال ،أين كانت صحيفتها الجنائية (الفيش و التشبيه)
عندما تقدمت بأوراقها للبرلمان ؟! .إنها أالعيب و حيل قانونية ،يا سيدى الفاضل ،على أعلى مستوى!! .تلك القوانين ،تذكرنى
بأصنام الجاهلية ،التى كانوا يصنعونها من "التمور" ،يعبدونها طالما شبعوا ،فإذا جاعوا ،أكلوها .
ال ا ليد المرتعشة و ال الطبطبة وال التبول "الالإرادى" (خوفا من القيل و القال) ينفع فى إدارة هذا الوطن ..ليس أقل من أسلوب
الطيب "أردوغان" ...نقطة و من أول السطر.
****************
25يوليو 2016
38
الرصيف مش عارف يعمل ايه ..لقيته مره واحده واقف ع الرصيف وبيقول بصوت عالي ياااارب مش كفايا كده انا فيا اللي
مكفيني ..يااااارب انا معنديش طاقه لكل ده ..وقعد مكان ماهو واقف ع الرصيف وحاطط ايده ع دماغه وبيبكي ..وانا ده كله
قاعد في العربيه مصدوم ..روحت نازل من العربيه بحاول اخد بخاطره ..واقوله خالص يابو محمد الحمد هلل انها جت في
الفلوس ..رد علي وقالي يااسطى دي اخر ٢٠٠جنيه معايا قلت ادفع المواصالت رايح جاي واجيب لعبه للواد انسيه الوجع اللي
هو فيه ..طبعا الناس اتلمت وخالص ياحاج وربك كريم والكالم اللي احنا عارفينه ده ..ومره واحده عربيه جيب شروكي كانت
واقفه جنب المستشفي وتقريبا صاحب العربيه شاف الموقف ..العربيه وقفت عندنا وصاحبها نزل وحط كبشه فلوس في جيب
عم ابو محمد وركب العربيه ومشي ..وال حتي قال كلمه ..كلنا وقفنا مستغربين من الموقف ولقيت ابو محمد بيقولي هو مين ده
انت تعرفه ..قلتله ال ..بس ع العموم اهه ربك رزق ..قوم تعالي بقي ياعم نقعد في العربيه ونقسم الفلوس سوا ع سبيل الهزار
يعني ..قام معايا عم ابو محمد ودخلنا العربيه وطلع الفلوس وفضل يعد طلعوا كام؟؟ ٢٥٠٠جنيه ..بص للفلوس كده وقعد يعيط
اكتر من االول بسأله وبقوله طب ليه بتعيط ماربنا رزقك والحمد هلل ..رد علي وقالي انا بعيط عشان رحمه ربك ولطفه انا بقالي
ست شهور مدفعتش ايجار الشقه والراجل صاحب البيت بيفوت عليه كل شويه واجمالي االيجار ٢٣٠٠جنيه وانا زهقت من
الراجل النه عارف حاله ابني ومش مقدر وبرضه مش صابر ..فاانهارده الفجر وانا ساجد دعيت ربنا قلتله يارب انا راجل ع
هللا وانت عالم بحالي ورزقي رزق اليوم بيومه ..فيارب ارزقني بفلوس االيجار ياما تحنن قلب الراجل علي ومتخلهوش يطالبني
لحد ما انت برضه ترزقني ..وربنا حال ال٢٠٠جنيه في عيون سواق التاكس عشان ياخدها ويجري ..عشان يجي واحد تاني
يديله اللي طالبه من ربنا مع ان استحاله حد في مكان سواق التاكس يعمل اللي هو عمله ده ..لو كافر وقلبه حجر عمره
ماهيسرق من قدام مستشفي السرطان لكن اراده ربنا خاله ياخد الفلوس عشان يدي لعبده اللي طلبه حتي لو بطريقه غير مباشره
..ربنا رزق ابو محمد ب٢٣٠٠جنيه ايجار الشقه وال٢٠٠جنيه اللي اخدها سواق التاكس ..انا سمعت كده من عم ابو محمد
وسلمت عليه ونزل من العربيه روحت قاعد جوه العربيه اعيط واقول سبحانك ربي انت ارحم الراحمين
بجد من اصعب المواقف اللي عدت عليا في حياتي
تعليقى عالبوست من جهه اخرى
انت متعرفش الراجل اللى راكب الجيب ده حاله ايه
تالقيه مبتلى ببالوى و نازل يدور على حد عشان يطلع له صدقه يداوى بيها بالويه
فى النهايه كلنا محتاجين لبعض ..دى الخالصه ..فياريت نهدى كده كلنا على بعض عشان تعدى ...عدى بقى يا دنيا مش عايزين
منك حاجه
طالبين الستر...و دوام الصحة ..و رحمة ربنا.
***************
21أغسطس 2016
""Ermin
This pic was many weeks ago (thousands), during my early days in KFMMC in Dhahran.
The guy smiling in front was a nurse there, from Philippines & he was called "Ermin".
One day, while I'm on duty, they called me loudly, to attend a patient who was convulsing & fell
down from z stretcher. Fortunately z patient wasn't injured by falling.
After settling z situation down, Ermin came to me, asking to sign an "Incident Report " as a
witness.
39
Me :- what about?
Ermin :- about z patient fall. It was my fault as I didn't raise z sidebar of z stretcher.
- so, u gonna accuse yourself?!!!
- yes.
- why will u do so?! z patient wasn't injured by this fall & his companion didn't complain.
- but I've to notify any negligence happened in z department.
- then, they'll punish you.
- what to do ? . It is my fault & whatever happened, I deserve it.
- and what will happen if you didn't notify ?
- nothing will happen, but my guilt sensation will be doubled. Something I can't afford.
My face was blushed & I signed z incident report, as a witness, against him.
......
I felt myself so little in front of him.
Unfortunately Ermin didn't stay too long & he left soon to somewhere else, & I didn't see him
since that time.
What great values this nurse has. Such Values I've never seen in my life.
........
Now it came to my mind; what are z values, we are offering to z world ?? Is it z long beard ? Is it
z short pants? Or; Necessities know no laws??!!
There's always an excuse to all our nusty deeds.
There's always a conspiracy against us, justifying why we look always ugly !!
.......
How much you were great, Ermin, & how badly our little world, needs you, not me.
********************
2016 أغسطس21
40
معاه مؤهل عالي -بيتكلم أنجليزي كويس -لبق -وسيم -خبره في مجال المطاعم ال بأس بها
و عملنا application formمكتوب بالنجليزي علشان الموظف يبقي يماله قبل ما يدخل المقابله الشخصيه
و حددنا ميعاد لإلنتر ڤيو و أبتدت المقابالت
لقيت شباب معظمه في العشرينات و كانوا مؤهل عالي فعال
بس أول حاجه صدمتني كانت الخط اللي أتكتب بيه ال ) ( application formمعرفش ليه ساعتها جالي إيحاء أن الشهادات
الجامعيه دي مضروبه و الموظفين دي معاها إبتدائيه بالكتير بس قولت عديها هما أصال مش هيستخدموا حاجه في المطعم
تستدعي الكتابه بخط االيد الني كنت شاري وقتها جهاز p.o.sعلشان يستخدموه في أخد طلبات العمالء
المهم دخلت علي اللي بعده و هي اللغه فأكتشفت أن أقوي ولد فيهم و اللي بالنسبة لهم وقتها كان يعتبر إبراهيم الكرداني مثال
عارف يعني إيه parsley , lettuce , cucumberبس و باقي الشباب أبيض يا ورد لدرجه أن المدير بيسأل ولد فيهم و
بيقوله لو في عميل عنده Allergyو عايز يشيل الخس من األوردر بتاعه و ال P.o.s machineعطالن و الشيف اللي معانا
أجنبي والزم تبلغه طلب العميل شفهي هتقول للشيف إيه ؟
قاله :هقوله بليز زيس نو كابوتشا
فقولت له :كابوتشا!!!!!!!!!!
قالي :اه يا مستر مش كابوتشا يعني خس
طبعا بعد حوالي أسبوعين من المقابالت أضطريت أستسلم لألمر الواقع و أبتدي أقدم شويه تنازالت في الشروط اللي أنا
حاططها وإال هيتخرب بيتي من االيجار اللي عمال يعد و أنا لسه مفتحتش
و طبعا كان الزم يكون موجود أهم وظيفه بالنسبة لي و هو ) ( chef stewardأو الشخص المسئول عن العمال المكلفين
بنظافه المكان و بالفعل دخل عليا راجل عنده حوالي 55سنه وقتها
بس مالمح وشه و التجاعيد اللي فيها توحي أن عنده فوق التسعين سنه و كأن الزمن حفرها بنفسه بس متماسك جسديا
و بعد ما أتكلمنا معاه حسيت أنه فاهم و خبرته في مجاله عاليه جدا ده غير نضافته في نفسه الملفتة للنظر و جزمته المتلمعه و
معرفش ليه نضافته و نزاهته عملتلي راحه نفسيه و حسيت أن عيني مرتاحة مقارنه بالشباب الجامعي اللي جه قبل منه
المهم فتحنا المطعم و أشتغل و أستعديت علشان ألم الماليين بقي.
و لكن تأتي الرياح بما ال تشتهي السفن
المطعم محققش اليرادات المتوقعه الن أسعاره كانت مبالغ فيها و ده كان سوء تخطيط مني أنا المسئول عنه لوحدي
المهم طلعت بدروس مستفادة و أتعلمت و شوفت و عرفت حاجات في العالم ده ( عالم المطاعم ) مشوفتهاش في حياتي
عرفت أول طريق للرشوه من خالل المطعم ده و من خالل موظفين الحكومه والد الحالل اللي بيعدوا علي الناس بشكل منتظم
علشان يقاسموها في رزقها و ده يسلمك ل ده و رغم أن أوراقك سليمه بس الزم تشخلل علشان تعدي وإال حالك يقف
عرفت أن الشباب الصغير ده معظمه و ال عايز يشتغل وال في دماغه شغل و ده من خالل كميه المكالمات اللي كان بيتكلمها
مدير المطعم للموظفين علشان يصحيهم للشغل
عرفت أن كلمه أنا داخل عليك أهو يا مستر يعني لسه نايم ع السرير و ماما لسه معملتش الفطار
عرفت يعني إيه موظف أمه بتمرض في األسبوع 3مرات و ده كله علشان يخلع بدري و يروح يسهر علي القهوة مع صحابه
41
عرفت يعني إيه شاب مش عارف يحوش من راتبه الشهري جنيه و مقضيها سلف من طوب االرض ببجاحه و هو عنده 22
سنه و مفيش وراه التزامات أصال
عرفت يعني أيه موظف عايز لو عمل شغله ياخد مكافأة ولو جيت تفهمه ان انا بديك راتب يا حبيبي علشان تعمل شغلك يعني
انت مش مجاملني في شيء يزعل و يتقمص
عرفت أن بنات مصر ب 100راجل و قد المسئوليه و شقيانين علي نفسهم بجد علشان يصرفوا علي أهاليهم و يجهزوا نفسهم
عرفت أن في مخدر علي هيئه أقراص بيساعدك أنك تشتغل طول الشفت زي البلدوزر و تاني يوم تبقي عايز 10يشيلوك من ع
السرير يجيبوك الشغل و المعظم بيستخدمه
قابلت الموظف أبو عين زايغه اللي بيشفط كرشه أول ما يشوف عميله حلوه و يرقق نبره صوته و يحسسك أنها خالص هتطلب
إيده أخر الشفت
بس مهما كانت الدنيا ضلمه دايما في نور الزم يكسر العتمه
و هو عم سيد عوض الراجل ابو 55سنه اللي عنده بنت في الجامعه و ولد ثانوية عامه و بنوته في أولي ثانوي و شقيان عليهم
و بيشوف الويل علشانهم و مع ذلك صابر و ساكت و راضي و حامد ربنا
الراجل اللي لقيت منه ألتزام في مواعيد و نضافه في شغله و هيئته مش عاديه ،،لقيت أخالص في العمل من الراجل ده
ملقتهاش في موظف علي مدار حياتي حتي بره مصر ،،لقيت لباقه و أدب و حياء في التعامل لدرجه اني اتمنيت لو كان كل
الموظفين عم سيد
لقيت عم سيد الراجل المثقف اللي بيجيب الجرنان معاه كل يوم علشان يقرأه في البريك بتاعه
عم سيد اللي بيكرهه ريحه السجائر عمي بس مضطر يستحملها علشان أكل عيشه
عم سيد اللي عمره ما طلب من حد جنيه و لو صرفت له مكافأة ياخدها و هو عينه في االرض من الكسوف
عم سيد اللي كان بييجي الشغل و هو عيان و البرد مبهدله و لو طلبت منه يروح و يومه محسوب يقولي و أسيب مال الناس
لمين ؟؟
أقوله يا سيدي أنا الناس و بقولك روح يقولي و هللا لو روحت هتعب زياده انا برتاح و صحتي بتيجي ع الشغل
عم سيد اللي في مره سألته لو مصر دخلت حرب هتعمل إيه يا راجل يا عجوز ؟؟
قالي مبارك راجل ذكي يا مستر و عمره ما يبهدلنا بحروب تاني بس لو حصل ال قدر هللا هتالقيني بحش رقاب ع الجبهة
أكتشفت أن في فرق شاسع بين الجيل ده و جيل عم سيد و أكتشفت أني قصاد جيل عديم المسئوليه و مش ملتزم و عايز ياخد
مرتب و يديك قصاده لبان و المطلوب منك انك تشكره كمان
في نفس الوقت لقيت راجل من جيل تاني خالص علي أستعداد يديك 14ساعه من يومه و من صحته و هو مش عايز مقابل
الشباب اللي بتكلم عنهم دول هما اللي دمروا حاجات كتير كانت حوالينا جميله
أصل دي ثقافه جيلهم اللي أتبنت علي االنتخه و النطاعه و علي أفالم السبكي و محمد رمضان زي ما هي دي ثقافه جيله اللي
رسخت جواه ان الشغل و الشقي بشرف ده في حد ذاته عزه و فخر ،،
ده الفرق بين جيل داق طعم البيبسي و الشمعدان و جيل داق طعم نصر أكتوبر
ده الفرق بين حظ عبد الناصر و السادات و بين حظ السيسي
42
ده الجيل اللي كان مخلي عبدالناصر داخل بصدره في الدنيا كلها و مش همه حد علشان عارف أن معاه وحوش في ضهره و ده
الجيل اللي كسر بيه السادات شوكه دول كتير و أنتصر في الحرب علي إسرائيل في كام ساعه
و ده الجيل اللي حاوج السيسي للي يسوي واللي ميسواش ،،ده الجيل اللي معترض دايما و مش عاجبه حد و بيفرح بالتكسير و
البلطجه و العنف
ده الجيل الفقير أخالقيا و اللي حاسس دايما بالدونيه!!
و ده الجيل الغني بأخالقه و مبادئه و حاسس دايما بالعزه في العمل و بذل الجهد
ده الفرق بين جيل بيعتبر مصر فعال امه و عرضه و حبيبته و جيل بيعتبرها بنسيون نجمتين في شارع جانبي والخدمه فيه مش
والبد .
لكل قاعده شواذ و أكيد في شباب محترم كتير عنده چينات شهامه و رجوله و نخوه زي جيل الراجل ده بس برضه في أنطاع
كتير
علي أي حال النهارده بلغوني أن عم سيد مات
مات الراجل الطيب الجدع األمين الملتزم الخلوق اللي كان بيخاف علي مال الناس و بيحافظ عليه و بيشتغل بذمه و بيحب بلده
من قلبه مع أنه مطلعش من ورآها بمصلحه ،،مات الراجل اللي كانت صحته بتيجي علي الشغل
انا مش زعالن عليك علي فكره الني واثق انك في مكان اجمل بكتير من اللي احنا فيه
و مش زعالن كمان الن دي تكاد تكون المره األولي اللي جسمك يعرف فيها طعم الراحه
أنا زعالن علي األخالق اللي ماتت و الجيل الجميل اللي بدأ يخلص و بدأ يظهر من بعده جيل ما يعلم بيه اال ربنا
زمان كان نفسي كل الموظفين اللي شغاله معايا تكون زيك بس النهارده بقول ياريت مصر كلها تبقي زيك يا عم سيد
هللا يرحمك و يحسن مثواك و يرحم األيام الحلوه اللي شوفتها معاك يا راجل يا طيب.
و هللا يعينك و يقويك يا ريس علي الشيله التقيله اللي علي كتافك مع أجيال جزمه عم سيد كانت أنضف منها.
*****************
31أغسطس 2016
عقدة_المخبر
من قصص د.احمد خالد توفيق
عندما جربت السفر للمملكة العربية السعودية بعد التخرج – عام - 1990تعثر تصريح السفر ،وقيل لي إن علي أن آخذه من
جهاز أمن الدولة .هناك كارثة ما .
المخبر الذي يجلس في مكتب االستقبال كالح الوجه ،يتعامل مع الناس بوقاحة مستفزة كفالح جلف يعرف أنك عاجز عن أن
تضره .يسخر من لقب كل شخص (أحمد حسنين ؟ هع هع .مش كفايه حسن واحد ؟ ...علي األطرش ؟ هو لسه أطرش ؟ هع
هع) ،ويستهزئ بالجميع شاعرا بأهمية مركزه ،ومعظم ما يقوم به من عمل هو جعل الناس ينتظرون على احر من الجمر ،ثم
بعد ثالث ساعات يخبرهم أن (فالن بيه) لم يأت اليوم ،وأن عليهم العودة بعد ثالثة أيام ،ثم يبدي قرفه واشمئزازه من توسالت
43
الناس له ألن موعد السفر اقترب ..أو ..أو ..ال أعرف إن كانوا يتبدلون في النوبتجية ،لكن حظي العاثر كان يوقعني دوما مع
هذا الوغد.
أجلس في غيظ – لرابع يوم – أصغي لهرائه والقصص السخيفة التي يحكيها ألحد معارفه:
ـ"العقيد (فالن بيه) يثق بي تماما ..ال يخرج ألي مأمورية من دون أن يقول لي :تعال معي يا إبراهيم بيه فأنا بحاجة لك"!!!
أتماسك حتى ال أنفجر ضحكا .أحداث رائعة يوسف إدريس (جمهورية فرحات) ال تفارق ذهني.
سخريات الحياة أن يصير هذا الكلب متحكما في مستقبلك ومصيرك ،وهو بالفعل قادر على أال تقابل الضابط المسئول لألبد .في
النهاية عندما قابلت الضابط نفسه -الشهادة هلل – كان في غاية التهذيب واألدب ،وقال لي وهو يناولني لفافة تبغ ويشعلها:
ـ"ملفك يتحدث عن نشاط شيوعي أيام الكلية يا دكتور ،لهذا حدث هذا الخلط ..التقلق .سأنهي المشكلة حاال"
كما قلت لك :لست ناشطا كما إنني لست شيوعيا ،لكن هذا ليس موضوعنا على كل حال .مرة أخرى بعد أعوام تكرر الموقف
ذاته ،وجئت ألمن الدولة ألجد مخبرا غير خصمي القديم ،لكنه هو نفسه بطباعه وغروره وقلة أدبه .بعد ما تكرر الكعب الدائر
مرتين ،خرجت لكابينة هاتف واتصلت بصديق حميم له قريب ذو منصب مهم في جهاز أمن الدولة .عدت لمكتب االستقبال
ألسمع سخرية المخبر السخيفة وكالمه الجلف .عندما دق جرس الهاتف ،رفع السماعة وبدت معالم البالهة والغباوة على وجهه:
ـ"نعم يا باشا ..هو امامي اآلن ..ماذا ؟ أوصله بنفسي لمكتبك ؟ أمرك"
وسرعان ما راح يركض كاألرنب وأنا وراءه عبر أروقة الجهاز الكئيبة ،ليوصلني للضابط الكبير الذي أنهى المشكلة في نصف
دقيقة وهو يبتسم .وعندما خرجت من الباب للشارع نهض المخبر محييا في توقير كأنني صرت باشا آخر.
عندما يتملك السلطة شخص جاهل غبي لم تهذبه الثقافة ولم يعلمه الدين شيئا ،فإنه يصير من زبانية جهنم ،وتصير رسالته في
الحياة هي أن يحيل حياة البسطاء الذين ال خطر منهم جحيما.
هناك كذلك (عقدة ممرض الطبيب الناجح) التي يعرفها األطباء جيدا .
هناك دوما الطبيب الناجح الذي يتزاحم المرضى على عيادته .هؤالء – كي يقابلوا آمون – يجب أن يظهروا الخضوع والتبتل
للكاهن األعظم .وهذا الكاهن األعظم يجلس إلى مكتب (إيديال) صغير شاعرا بتضخم أهميته ،يرنو لهم بتنطع وغرور يتناسبان
مع جهله .مع الوقت يوقن أنه مهم جدا ..إن الناس تتزاحم أمامه طالبة رضاه ..البعض ينتحون به جانبا ،والبعض يبرزون له
بطاقات تدل على أنهم مهمون مثله .إنه يملك لهم كل شيء ..يملك أن يسمح لهم بمقابلة آمون داخل المحراب ،أو يمنعهم من ذلك
فهو إذن الهالك األبدي ألرواحهم ..
مع الوقت يشعر بأنه أهم من الطبيب بكثير ..يتصرف بغرور فج ال يختلف عن غرور مخبر أمن الدولة الذي حكيت عنه.
وأعتقد انه يتحول إلى وحش يسيطر عليه الطبيب بصعوبة .
منذ أعوام زرت طبيب أمراض جلدية شهيرا في مدينتي ،فأعطاني الممرض الرقم 71في الحجز اليومي ! ..وهو يحدد لك
الموعد بالدقيقة 8:10 ..مساء مثال ..السبب هو منع االزدحام الذي يثير شهوات مفتشي الضرائب ،لو تأخرت خمس دقائق
لضاع دورك .ثم عرفت أنه يتقاضى سبعة جنيهات عن كل كشف .لو افترضنا أن الطبيب يفحص مئة مريض يوميا – والكل
يؤكد أن هذا ممكن ألن الرجل يقضي مع كل حالة ثالث دقائق -فإن الممرض يحصل على 700جنيه يوميا تقريبا ،أي اننا
نتكلم هنا عن 18ألف جنيه شهريا على األقل ،مقابل (لسه قدامك اتنين يا حاج ..اتفضلي يا مدام عزة ..الحجز بالتليفون يا
كابتن) ..هذه وظيفة تغريني انا نفسي ،فال غرابة في ان يفقد الممرض أي سيطرة له على نفسه ..
القاعدة واحدة وسارية في كل مكان .هات شخصا جاهال غبيا من أصل منحط – وال أعني الثراء أو الفقر طبعا -واعطه سلطة
،حتى لو كانت حراسة باب مبولة عمومية ،ولسوف تطلق أقذر مكونات نفسه للخارج .إنه يصير الشيطان ذاته .
44
ينط بق هذا على الجميع .ينطبق على مخبر يحرس بوابة أو تومرجي في عيادة ..ينطبق على مسئول كبير أو أستاذ جامعي ..
ينطبق على ضابط شرطة صار (باشا) يهابه الجميع ..ينطبق على مذيع يحتل ساعات مهمة في الفضائيات وال يصدق أنه صار
بهذه األهمية..
على الجانب اآلخر تكتشف أن ذوي األصول الكريمة -مهما كان فقر جذورهم -يزدادون رفقا ونبال كلما ترقوا في سلم الحياة.
وتجدهم يحرصون على أن يقوا من هم أصغر منهم أشواك الرحلة وغبارها .المؤسف ان فرصة السيطرة والنفوذ قلما تتاح
لهؤالء .األحجار الكريمة نادرة في هذا العالم ،لذا هي ثمينة عالية القيمة .
********************
13مارس 2017
45
إننا و بعد أكثر من 60عاما من الحرية و التحرر و الشعارات الوطنية ،عانينا و نعانى من الدارة المصرية و الوزراء
المصريين و البزنس و المحسوبية ..الخ.الخ ...و إجماال؛ االحتالل المصرى األسود لمصر!!!
هى ليست دعوة لإلحباط . .ولكن رحم هللا امرءا عرف قدر نفسه ..ان أقصى ما يمكننا إنجازه هو أن نصعد خمسة أو عشرة
مراكز من قاع الترتيب العالمى ،الذى نقبع فيه ،آخذين فى العتبار أن الدول األخرى ليست نائمة!
لقد تحدث جمال حمدان عن عبقرية المكان ...فقط ال غير ،و إنها بالفعل ألجمل بالد هللا ،و لكننا السادة المستأجرون ،فقط
نبحث عن "بيت للراحة" ليس أكثر !!
و كما قال أينشتاين؛ انه من الغباء أن نظن ان تكرار نفس المعادلة بنفس المدخالت ،آالف المرات ،يمكن أن يعطى نتائج
مختلفة.
الحل فى رأيى هو ما تفعله دول الخليج ؛ خبراء أجانب و عمال أجانب ،و إعانة بطالة للمصريين ...و صدقوني أنها (العانة)
سوف تكون عشرة أضعاف المدخوالت الحالية.
و ماذا يعيبها " قعدة المصاطب" ؟؟!!".
*****************
17أبريل 2017
46
.8النشاط أساس النجاح :كل صباح ،ينهض الماليين وهم مستعدين للعمل والحركة .تتغير األشياء .تتبدل الحكومات.
تتطور المناهج .كل يوم يتنافس مع اليوم الذي قبله .ال وقت للتكاسل .ال خوف من األخطاء .الحركة بركة في أي
اتجاه .والحركة تَ َخلَّق حركة حتى لو ضدها ،فيستفيد النظام ككل
.9التخطيط أمان :ال يو جد صدفة في أي شئ ،الحظ يتحيز للعقل المستعد .كل تفصيلة في الحياة يمكن تخيلها وتوقعها
وحساب سيناريوهاتها واحتماالتها ،وعندما يأتي الموعد ،تصير كل المفاجآت كأنها مشاهد ُمعادة ال خطر منها
.10الصحة أسلوب حياة :لم نتعلم تقريبا أن نهتم بأنفسنا .األكل والنوم والرياضة والموسيقى والصمت والوحدة والصحبة.
الناس هنا يتعاملون مع أجسادهم باهتمام ،وكذلك مع الحيوانات ،والنباتات والبيئة (صحة األرض) .العالقة مع الجسد
ومع الطبيعة فيها حميمية في مقابل االغتراب الذي تعلمنا أن نشعر به
.11الشمس بهجة ،لكن البرد أجمل من الحر ،والمطر أجمل من الجدب
.12المدرسة هي أهم مؤسسة في المجتمع
.13البساطة أناقة :من المالبس لألثاث للمجامالت للمناسبات للغة ...البساطة تجعل الجمال في العمق ال في المظهر
******************
11مايو 2017
47
3يونيو 2017
بائع الجرائد
دخل القاعة لحضور حفل تكريمه اثر زيارته للعراق ...بعد غياب دام اكثر من 15عام
انه كبير استشاري امراض القلب في المستشفى الملكي بلندن طبيب القلب الدكتور ضياء كمال الدين
وعند مدخل القاعة استوقفه منظر بائع جرائد كبير السن مفترشا جرائده على الرصيف
اغلق الطبيب عينيه ثم سرعان مافتحهما ...
تذكر مالمح هذا الرجل العجوز المحفورة في ذهنه
جرجر نفسه ودخل القاعة ثم جلس غير ان ذهنه بقي مع بائع الجرائد
وعندما نودي على اسمه لدى حلول ف قرة تقليده وسام االبداع قام من مكانه ،بيد انه لم يتوجه الى المنصة بل توجه الى خارج
القاعة ...راح الكل ينظر اليه في ذهول ...اما هو فقد اقترب من بائع الصحف وتناول يده فسحب البائع يده وقد فوجئ وقال :
عوفني يا ابني ماراح افرش هنا مرة اخرى ،رد عليه بصوت مخنوق :انت اصآل ماراح تفرش مرة اخرى ،أرجوك بس تعال
وياي ...ظل البائع يقاوم والدكتور يمسك بيده وهو يقوده الى داخل القاعة ...تخلى البائع عن المقاومة وهو يرى عيون الدكتور
تفيض بالدموع وقال :مابك يا ابني ؟
لم يتكلم الدكتور وواصل طريقه الى المنصة وهو ممسك بيد بائع الجرائد والكل ينظر اليه في دهشة ثم انخرط في موجة بكاء
حارة واخذ يعانق الرجل ويقبل راسه ويده ويقول :انت ما عرفتني يا استاذ "خليل "؟
قال :ال وهللا يا ابني العتب على النظر ...فرد الدكتور وهو يكفكف دموعه :انا تلميذك "ضياء كمال الدين "في االعدادية
الم ركزية ...لقد كنت االول دائمآ ...وكنت انت من يشجعني ويتابعني سنه 1966ونظر الرجل الى الدكتور واحتضنه
تناول الدكتور الوسام وقلده لالستاذ وقال للحضور :هؤالء هم من يستحقون التكريم ...وهللا ما ضعنا وتخلفنا وجهلنا إال بعد
إذاللنا لهم ...وإضاعة حقوقهم وعدم إحترامهم وتقديرهم بما يليق بمقامهم وبرسالتهم السامية ...انه االستاذ خليل علي استاذ
اللغة العربية في االعدادية المركزية ...ببغداد...
قصة حقيقية فيها عبرة وفيها رد اعتبار لمن نذر نفسه لخلق جيل من العلماء واالطباء لخدمة المجتمع وليس لتوزيع اموال
الشعب على حثالة الشعب من الحرامية والساقطين واللصوص.
*****************
10يونيو 2017
48
يحولك للمستشفى لمقابلة طبيب
الطبيب ،الذي بدوره يكشف عليك «كشفا أوليا سريعا» ،ويعالجك إذا كانت حالتك بسيطة ،أو ِ
متخصص ،وفي كل منطقة يوجد مستشفى كبير كامل ،يخدم عدة مدن وقرى .كل المستشفيات ،والوحدات الصحية مرتبطة
ببعضها إلكترونيا ،وتعمل معتمدة على قاعدة بيانات واحدة ،أي أن الباحث في المجال الصحي ،أو المسؤول ،يستطيع بـ «كبسة
زر» أن يعرف كم مريضا أخذ الدواء الفالني اليوم ،وكيف صار حالهم ،ويستطيع أن يقيِم بسهولة فاعلية دواء معين ،أو مدى
انتشار مرض ،وتُبنى على قاعدة البيانات هذه دراسات ،وتُتَّخذ قرارات ،تُع َّمم على كل المستشفيات ،والوحدات الصحية ،في
تطوير مستمر على شكل حلقة «تقييم ،تطوير ،تقييم ،تطوير» ،هكذا إلى ما ال نهاية.
إذا كنت في المنزل وشعرت بوعكة صحية عندك رقم عام ،تتصل به ،وتتحدث مع طبيب لكي تستشيره ،وقد يعالجك ،أو
«يطمئنك» عن طريق الهاتف ،وتنتهي المشكلة ،وقد يطلب منك أن تذهب إلى الوحدة الصحية ،أو أن تذهب إلى الطوارئ
بسرعة ،وإذا كنت مريضا ،أو ال تستطيع الذهاب إلى المستشفى ،حينها تتصل بالسعاف ،وهناك نوعان من سيارات السعاف:
نوع صغير «يشبه سيارات الشرطة» ،يأتي بسرعة فائقة فقط لنقاذ حياة المريض ،أو المصاب ،وتلحقه سيارة السعاف الكبيرة
لتكمل إسعافه ،وتنقله إلى المستشفى.
في الطوارئ ،وبعد أن تكشف عليك ممرضة الطوارئ كشفا أوليا لتتأكد من أن حالتك ليست خطرة ،وال تحتاج إلى إسعاف
سريع ،تطلب منك الذهاب إلى غرفة االنتظار ،وتخبرك كم دقيقة ستنتظر .لكن «ال تنصدم» إن قالت لك ستنتظر خمس
َّ
ساعات ،ولو جاء إلى الطوارئ ثالثة أشخاص مصابون في حادث ،وحالتهم صعبة ،حينها سينشغل كامل القسم بهم ،ولن يتمكن
أحد من خدمتك ،ولربما ستنتظر 12ساعة ،أو قد تعود إلى المنزل دون عالج.
يحتاج المريض إلى أن يفهم أن قسم الطوارئ ليس بديال أسرع للعيادات ،ولكن لنقاذ الحاالت الخطرة ،أو لـ «تمشية الحال»
إلى أن تتم َّكن من رؤية طبيب مختص.
قابلت سعوديين هنا ،وقد كانوا ساخطين على النظام الصحي البريطاني .هو يزور الوحدة الصحية ،ويتفاجأ من بساطتها،
وبدائيتها .في الطوارئ يتضايق ،وينتقد ،وينعتهم بالتخلف ألنهم جعلوه ينتظر ساعات طويلة ،و«زهق» ،ورجع إلى البيت دون
عالج ،ويقول« :متخلفو ن حتى في السعودية ما يصير كذا» .نعم ،تراه يغضب ألنه يفكر بطريقة مختلفة عن البريطانيين،
فالبريطاني ال يرى أنه زبون مستهلك للخدمة الصحية ،وإنما شريك ،ومساهم .البريطاني في الطوارئ عنده استعداد ألن ينتظر،
ويعلم أن األولوية للحاالت المستعجلة .يقرأ ما كُتب على ا للوحة ،ويالحظ وجود قلة في عدد الطواقم الطبية المتوفرة ،ويفهم أن
اللوحة عُلِقت لهدف معين ،ال ألن تكون زينة ،أو استعراضا .السعوديون الساخطون ال يفكرون بهذه الطريقة ،هم يفكرون بـ
«نفسية الزبون» الذي يحاول باستمرار تقييم الخدمة المقدمة إليه ،والبحث عن خدمة أفضل ،أما البريطاني فيفكر بـ «نفسية
الشريك» .وشتان بين الزبون والشريك.
******************
·
13ديسمبر 2017
• من أجرأ ما قرأت -:
على المسلمين االختيار إما محمد 'السنة' أو محمد 'القرآن'
احتفل الكثيرون في العالم السالمي في األسابيع الماضية بذكرى مولد الرسول عليه السالم ،واختلفت طرق االحتفال بين تناول
الحلوى وحلقات الذكر الصوفية ،وكالعادة قاطع السلفيون االحتفاالت ألن االحتفال بمولد الرسول في نظرهم بدعة من بدع
الشيطان ،والسؤال الذي يطرح نفسه حينما نتكلم عن الرسول عليه السالم هو هل محمد الذى جاء في القرآن هو محمد نفسه
الذى جاءتنا به كتب السنة؟
وكما اختلفت المذاهب في االحتفال بمولد الرسول ،اختلف وتباين وصف "محمد" بين القرآن والسنة بحيث يصل فيها التناقض
إلى درجة تجعل من االستحالة تصور أن المصدرين (أي القرآن والسنة) يتكلمان عن الشخصية نفسها ،فمحمد "القرآن" قد
يدافع عن نفسه ولكنه ال يعتدى على اآلخرين:
49
َّللا ال يُحِ بُّ ْال ُم ْعتَدِينَ " ،وأما محمد السنة فيقول "أُمرت أن أقاتل الناس حتى َّللا ا َّلذِينَ يُ َقاتِ ُلونَ ُك ْم َوال تَ ْعتَدُوا ِإنَّ َّ َ " َو َقاتِ ُلوا فِي َس ِبي ِل َّ ِ
"و َما أد ِْري َما يُفعَ ُل بِي َوال بِكُ ْم" ،أما ْ َ يقولوا ال إله إال هللا" ،ومحمد "القرآن" ال يعرف ماذا سيحدث له أو لغيره يوم القيامةَ :
محمد السنة فهو يعلم الكثير من الغيب فيبشر أفرادا بعينهم يقينا بدخول الجنة (العشرة ال ُمبشَرون بالجنة!).
الر ْشدُ مِنَ ْالغَي ِ" ،بل ويؤمن بحرية ين قَدْ تَبَيَّنَ ُّ ومحمد القرآن ليس من حقه أن يُكره أحدا على دخول الدين "ال إِ ْك َراهَ فِي ال ِد ِ
مِن َو َم ْن شَا َء ف َْليَ ْكفُرْ " أما محمد السنة فهو يقول "من بدل دينه فاقتلوه". العقيدة "فَ َم ْن شَا َء ف َْليُؤْ ْ
ص ْف َح ْال َجمِ يلَ" ،وأما محمد السنة فهو ينتقم من شاعرة اسمها "أمُ صفَحِ ال َّ ومحمد القرآن أُمر أن يصفح عمن أساء في حقه " فَا ْ
قرفة" بصورة وحشية تتعارض مع كل مبادئ الضمير والنسانية ،وذلك ألنها كانت تهجوه بشعرها فكما ذكر فتح الباري بشرح
صحيح البخاري في كتاب المغازي باب غزوة زيد بن حارثة ":فجهزه النبي صلى هللا عليه وسلم إليهم فأوقع بهم وقتل أم قرفة
بكسر القاف وسكون الراء بعدها فاء وهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر زوج مالك بن حذيفة بن بدر عم عُيينة بن حصن بن حذيفة
وكانت معظمة فيهم ،فيقال ربطها في ذنب فرسين وأجراهما فتقطعت وأسر بنتها وكانت جميلة".
َّللا فَبِ ُهدَاهُ ُم َّ َ
س ِلهِ" ،بل ويتبع هداهم ويقتدي بهم "أولئِكَ الذِينَ هَدَى َّ ُ ُ ومحمد القرآن ال يفرق بين رسل هللا "الَ نُف َِرقُ بَيْنَ أَ َح ٍد مِ ن ُّر ُ
ا ْقتَ ِدهِ" ،أما محمد السنة فهو يقول عن نفسه "أنا سيد ولد آدم وال فخر" ،ومحمد القرآن ال يرجم الزانية ألن حد الرجم ليس له
وجود في القرآن ،أما محمد السنة فهو يدعو إلى رجم الزناة بصورة همجية وبشعة.
علَ ٰى ُح ِب ِه ام َ َ َ ع َّ
ط ال ونَ م ُ ع ِ ْ
ُط ي و
َ " برحمة ُعاملهم ومحمد القرآن ال يقتل األسرى في الحروب "فَإِ َّما َمنًّا بَ ْعدُ َو ِإ َّما فِدَاء" بل وعليه أن ي
مِ ْسكِينا َويَتِيما َوأَسِيرا" ،أما محمد السنة فيقتل أسراه بتوحش كما قتل يهود بنى قريظة وسبى نساءهم تبعا لكتب الحديث
والسيرة.
صفهُ َوثلثهُ" ،بل وح ُِرمت عليه َ ُ ُ َ َّ َ ُ ُ ْ َ ُ َ َّ َ َ
ومحمد القرآن ليس شهوانيا فكان يقوم الليل متعبدا هلل " َربَّكَ يَ ْعل ُم أنكَ تقو ُم أدن َٰى مِن ثلثي ِ الل ْي ِل َونِ ْ
مِن بَ ْعدُ" ،أما محمد السنة فهو يجامع تسع زوجات في ليلة واحدة وأوتى كما النساء في آخر مراحل الدعوة " ال يَحِ ُّل لَكَ النِ َسا ُء ْ
ذكرت كتب الحديث "قوة ثالثين في الجماع".
ومحمد القرآن ليس مريضا بمرض البيدوفيليا أو "معاشرة األطفال جنسيا" ،فال يقبل أن يتزوج إال بعد أن تبلغ الزوجة األجل
َاح َحتَّى َي ْبلُ َغ ْال ِكتَابُ أَ َجلَهُ" ،أما محمد السنة "و َال تَ ْع ِز ُموا عُ ْقدَةَ النِك ِ المناسب (أي تكون ناضجة جسديا وذهنيا) كما ذكر القرآن َ
َ
ع ْن َها قَالتْ َّللا َي َّ ُ ض َ َ
عائِ َشة َر ِ ع ْن َ فهو يتزوج طفلة صغيرة عمرها ست سنوات ويعاشرها جسديا وهى في التاسعة من عمرها َ " :
ص َواحِ بُ لِي، َ ِي ع سِت سِ نِينَ ،فَأَتَتْنِي أُمِي أ ُ ُّم ُرو َمانَ َو ِإنِي لَفِي أُرْ جُو َ َ َ
م و ة
ٍ ح ِ علَ ْي ِه َو َسلَّ َم َوأَنَا ِب ْنتُ صلَّى َّ ُ
َّللا َ ي َ ( :تَزَ َّو َجنِي النَّ ِب ُّ
ض نَفَسِي ،ث َّمُ َّ
ب الد َِّار َوإِنِي ألن ِه ُج َحتى َسكَنَ بَ ْع ُ ْ ُ َ على بَا ِ َ ص َرخَتْ بِي فَأَتَ ْيت َها ال أد ِْري َما ت ِريدُ بِي ،فَأ َخذَتْ بِيَدِي َحتى أ ْوقفَتنِي َ
ْ َ َ َّ َ ُ َ َ ُ فَ َ
علَى ْال َخي ِْر َو ْالبَ َر َك ِة ت فَقُ ْلنَ َ : صا ِر فِي ا ْلبَ ْي ِ َ ْ
ن َ األ ْ ْ
مِن ٌ ة ْو
َ س ن
ِ ا َ ذ إ
َ ِ َ ف ،َّار د ال ِي ن ْ ت َ ل خ
َ ْ د َ أ م
َّ ُ ث سِي، ْ أر و ي
ِ َ ِ َ َ ه جْ و ه
ِ ب تْ ح
َ س
َ م
َ َ ف اءٍ م َ ْ
مِن ا ْئ
ي ش
َ َتْ أَ َخذ
علَ ْي ِه َو َسلَّ َم ضُحى فَأ َ ْسلَ َمتْنِي إِلَ ْي ِه َوأنَاَ صلى َّ ُ
َّللا َ َّ َّللا َ َّ
صلحْنَ مِن شَأنِي فل ْم يَ ُر ْعنِي إِال َرسُو ُل َّ ِ َ َ ْ ْ َ َ َ نَّ َ ْ َ
على َخي ِْر طائِر ،فأ ْسل َمتنِي إِل ْي ِه فأ ْ َ َ َ َ َو َ
يَ ْو َمئِ ٍذ بِ ْنتُ تِس ِْع سِ نِينَ ) رواه البخاري ( )3894ومسلم( ) -1422.
ومحمد القرآن أُرسل كما جاء في القرآن "رحمة للعالمين"َ ،و َما أَرْ َس ْلنَاكَ ِإ َّال َرحْ َمة ِل ْل َعالَمِ ينَ " ،أما محمد السنة فيقول في الحديث
مِن قَ ْب ِل أَ ْن " لقد جئتكم بالذبح" ،ومحمد القرآن ليس من حقه أن يشفع ألحد يوم القيامة " يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا أَ ْن ِفقُوا مِ َّما َرزَ ْقنَاكُ ْم ْ
ب ِإنَّ قَ ْومِي اتَّ َخذُوا ٰهَذَا الرسُو ُل َيا َر ِ عةٌ" ،بل وسيشهد على أمته كما جاء في القرآن " َوقَا َل َّ ِي َي ْو ٌم َال َب ْي ٌع فِي ِه َو َال ُخلَّةٌ َو َال َشفَا َ ْ
َيأت َ
ْالقُرْ آنَ َم ْهجُورا" ،أما محمد "السنة" فيقول "أمتي أمتي" ويشفع ألمته يوم القيامة فيخرجهم من النار إلى الجنة كما ورد في كت ِ
ب
الحديث ،فيا ترى من نصدق وصف محمد في القرآن أم وصف محمد فى السنة؟؟ ،فهما نقيضان ال يلتقيان!
******************
21يناير 2018
50
بالعالم رغم أنها ال تملك أي عقار ،إنه الذكاء الصناعي ،فالحواسيب أصبحت أكثر معرفة بالعالم من النسان ،والحاسوب غلب
أفضل العبي اللعبة الذهنية ( )GOبالعالم هذا العام مستبقا التوقعات بعشرة أعوام.
وفي الواليات المتحدة ال يستطيع المحامون الشباب الحصول على عمل اليوم ألن برنامج أي بي ام واتسون القانوني يقدم لك
مشورة قانونية في القضايا العامة األساسية خالل ثوان بدقة تصل نسبتها إلى %90افضل من نسبة ال %70التي يقدمها
المحامون من البشر .فإن كنت تدرس القانون اآلن ،توقف حاال ،فسوف يتناقص عدد المحامين بالمستقبل بنسبة %90ولن يتبق
سوى المختصين منهم.
ويشخص برنامج واتسون مرض السرطان بدقة أفضل من تشخيص البشر أربع مرات ،ولفيسبوك برنامج التعرف على وجوه
البشر بدقة تفوق قدرة النسان على التعرف ،وسيكون الحاسوب في العام 2030أكثر ذكاء من النسان.
وبالنسبة للسيارات الذاتية القيادة ،فسوف تكون أولى دفعاتها متاحة للعامة في العام القادم ،2018وفي العام 2020سوف تبدأ
صناعة السيارات التقليدية بالتعثر ،فالواحد منا لن يحتاج إلى أن يمتلك سيارة بعد اليوم ،فسوف تطلب سيارة عبر هاتفك
المتنقل ،تأتيك حيث أنت وتنقلك حيث تشاء .ولن تحتاج لموقف سيارة لتركنها ،أنت تدفع قيمة توصيلك حيث تشاء عبر بطاقتك
البنكية وحسب بل ويمكنك أن تقرأ أو تنجز أعماال أثناء الرحلة ،ولن يحتاج أوالدنا مستقبال لرخصة قيادة بل إنهم لن يمتلكوا
سيارات خاصة بهم أصال.
وسوف تتغير المدن حيث سيختفي %95-90من السيارات ،ويمكن تحويل مواقف السيارات إلى حدائق عامة ،واليوم يموت
سنويا 1,2مليون بالعالم نتيجة حوادث السيارات حيث يقع حادث كل 60ألف ميل (أي كل 100ألف كيلومتر) ،ولكن السيارات
الذاتية القيادة ستخفض هذه األرقام إلى حادث واحد كل 6ماليين ميل (أي كل 10ماليين كيلو متر) ،مما يعني إنقاذ حياة مليون
إنسان سنويا.
وقد تفلس معظم شركات السيارات ،وستحاول شركات السيارات التقليدية تبني منهج التطوير بصناعة سيارات أفضل ،بينما
ستحاول شركات التكنولوجيا الحديثة –مثل تيسال وأبل وجوجل -تبني منهج التثوير (من الثورة) ببناء حواسيب قيادة.
ويعيش كثير من مهندسي فولكسواجن وآودي حالة رعب سببتها لهم سيارة تيسال ،وستواجه شركات التأمين مشاكل جمة بدون
حوادث ،وسينخفض التأمين بنسبة هائلة ،كما سيتالشى نموذج السيارة المثالية للتأمين.
وسوف يتغير عالم العقار ،فإن كان بإمكان الواحد منا العمل على الطريق خالل رحلة السيارة الذاتية القيادة ،فإنه سينتقل
لضواحي جميلة وبعيدة عن صخب المدينة .وستصبح السيارات الكهربائية هي األكثر انتشارا عام ،2020وسيتراجع ضجيج
المدن فالسيارات الجديدة تسير على الكهرباء ،وستصبح الكهرباء أنظف وأرخص بشكل ال يصدق ،وتتزايد استخدامات الطاقة
الشمسية طيلة السنوات الثالثين الماضية ،ونشهد تأثير ذلك الواسع في عالم اليوم .فقد تم تركيب مولدات الطاقة الشمسية في
العام الماضي أكثر مما تم استخدامه من الطاقة الصخرية ،وتصارع شركات الطاقة للحد من استخدامات شبكات الطاقة الشمسية
بالبيوت لكنها لن تصمد طويال ،فالتكنولوجيا ستنتصر في النهاية.
ومع الكهرباء الرخيصة ستتوافر كميات المياه ،فتحلية المياه المالحة اليوم تحتاج 2كيلوات بالساعة للمتر المكعب بتكلفة ربع
دوالر فقط ،والعالم ال ينقصه الماء ،لكن ما ينقصه هو الماء الصالح للشرب ،ولنتخيل ما سيكون عليه العالم حين يتمكن أي
إنسان من الحصول على أية كمية يريد من المياه الصالحة للشرب بثمن بخس.
أما في المجال الصحي فإن قيمة الحافظة الثالثية اليدوية سيعلن هذا العام ،وستخترع الشركات الطبية جهازا طبيا اسمه الحافظة
الثالثية المستوحاة من فيلم ستار تريك ،وتعمل على هاتف ك الجوال حيث تفحص شبكة العين وعينة الدم وتقيس عملية التنفس .ثم
تعطي هذه الحافظة 54قراءة تشخص أي مرض تقريبا ،وسوف تكون رخيصة الثمن بحيث يمكن ألي إنسان على هذا الكوكب
أن يحصل على تحليل طبي متطور ودقيق بالمجان تقريبا ،فوداعا للمستوصفات والمستشفيات.
وخالل عشرة سنوات تراجع سعر الطابعة الثالثية األبعاد ( )D printing3من 18ألف دوالر إلى 400دوالر فقط ،وازدادت
سرعتها بنسبة ،% 100ولقد بدأت شركات األحذية الكبرى بالعالم باستخدام هذه التكنولوجيا فعليا.
كما تصنع قطع غيار الطائرات بالطابعة الثالثية األبعاد بمطارات بعيدة ،وتغني هذه الطابعة سفن الفضاء عن حمل قطع الغيار
الكبيرة والثقيلة التي كانت تحملها بالماضي على ظهر السفينة حيث يمكن تصنيعها بالفضاء وبسرعة هائلة بالطابعة الثالثية.
وبنهاية العام الحالي ،سيكون بهاتفك الجوال القدرة على الطباعة الثالثية هذه بحيث يمكن تصوير القدم بها وطباعة الحذاء الذي
تلبسه بدقة متناهية داخل منزلك.
وفي الصين ،بنوا بناية من ستة طوابق بتكنولوجيا الطباعة الثالثية ،وفي العام 2027سيكون %10من منتجات العالم مصنعة
بهذه التكنولوجيا.
أما في عالم التجارة واألعمال ،فعلى الواحد أن يسأل نفسه قبل القدام على أي عمل تجاري :هل سنحتاج هذا المنتج مستقبال؟
فإن كانت الجابة بنعم ،فالسؤال يكون :كيف ننتج ذلك بأسرع وقت ممكن؟
والجابة تكمن في هاتفك الجوال ،فعليك التخلي عن الفكرة إن كان ما تريد إنتاجه ال يرتبط بهاتفك الجوال ،فما كان مصمما
للنجاح بالقرن العشرين ،محتوم بالفشل بالقرن الحادي والعشرين.
51
الوظائف وفرص العمل :ستتالشى %80-70من المهن واألعمال خالل العشرين سنة القادمة ،صحيح أنه ستتوافر فرص عمل
كثيرة ،ولكن توفرها سيتطلب وقتا أطول من ذلك.
وعلى صعيد الزراعة ،سيقوم إنسان آلي قيمته 100دوالر بالزراعة بالحقول بحيث يتحول مزارعو العالم الثالث إلى مدراء
لمزارعهم بدال من الكدح طيلة النهار بحراثتها وسقيها.
وال تحتاج الزراعة المعلقة لكميات كثيرة من الماء ،وقد تم إنتاج أول طبق مخبري للحوم األبقار وسيكون أرخص من اللحوم
العادية عام ،2018ففي عالم اليوم تستحوذ األبقار ومزارع أعالفها على %30من األراضي الزراعية بالعالم ،فماذا يمكن أن
يكون عليه عالم الزراعة لو لم نعد بحاجة لتلك المساحات؟ وستخرج شركات جديدة تنتج بروتين الحشرات لألسواق والذي
يحتوي على بروتين أكثر من اللحوم ،سيلصق على هذه المنتجات ما يشير إلى أنها "مصدر بروتين بديل" وذلك ألن كثير من
الناس يرفض أكثر الحشرات.
كما يوجد تطبيق اسمه (موديز) أو أمزجة ،يمكنه قراءة مزاجك ،وسيكون بالعام 2020تطبيق يكتشف الكاذب من خالل تعابير
وجهه ،تخيلوا ما ستكون عليه المناظرات السياسية حين قراءة وجه تعابير السياسي وما إذا كان يقول الحقيقة أم أنه كاذب.
وقد تصبح العملة الرقيمة ( )Bitcoinهي العملة العالمية دون الحاجة لبنوك مركزية.
أما بالنسبة لمعدالت األعمار والتي تزيد بنسبة ثالثة أشهر كل عام ،فقد زادت من 79إلى 80عاما خالل السنوات األربع
الماضية ،وهذه الزيادة هي في حد ذاتها في حالة ازدياد مضطرد ،ففي العام 2036سوف تصبح الزيادة سنة ميالدية لكل عام
ميالدي ،وسوف يعيش النسان لمدة تطول قد تتجاوز المائة عام.
أما التعليم فهو مرتبط بالهواتف المتنقلة التي تبلغ قيمتها اليوم 10دوالرات بآسيا وأفريقيا ،وسيمتلكها %70من سكان العالم
عام 2020وهو ما يعني دخول أي تلميذ إلى عالم التعليم النوعي الذي يتمتع به أطفال العالم "األول" وااللتحاق بأكاديمية خان.
وقد تم إطالق تطبيقات لهذه األكاديمية بأندونيسيا وقريبا ستظهر تطبيقاتها بالعربية والسواحيلية والصينية خالل هذا الصيف.
ومن المفيد جدا لو أننا أطلقنا هذا التطبي ق مجانا باللغة النجليزية بحيث أن أطفال أفريقيا والعالم بأكمله سيتقنون االنجليزية
بطالقة خالل نصف سنة فقط.
*****************
4فبراير 2018
عادل الخياط
إنه أحد أجمل و أنبل و أعظم من زاملت فى حياتى ؛ "د .عادل الخياط .".زاملته فى مستشفى الملك سعود فى "عنيزة-القصيم"،
منذ أخريات العام ، 1993ثم شاءت األقدار أن نجتمع ثانية فى "مجمع الملك فهد الطبى العسكرى" بالظهران ،لكى نفترق ثالثة
فى العام ، 2009إذ غادرته أنا ال ى مستشفى الملك فهد التخصصى بالدمام ،و لكننا بقينا على اتصال ،بحكم الجوار فى السكن،
داخل مجمع الحيدر السكنى.
إنه عادل الخياط ،الذى لم أكن أتخيل يوما أن أرثيه ..اليوم رحل ؛ صديق الجميع و أخ كل الناس و طبيب كل األوجاع و
اآلالم .كان دائما و أبدا معلما متساميا مترفعا ،نأتى إليه بصغائرنا و هفواتنا فنلقيها عند قدميه ،و ننتظر منه الجواب و الحل و
الحتواء .كان دائما كبيرا ،أكبر من كل األشياء و كل البشر .رأيته منذ يومين (فى مستشفى الهدا العسكرى بالطائف) ،بعدما
فقدوا فى شفائه األمل) ، ( DNRتصورت أنى سوف أنهار عندما أجده فى فراش المرض الخبيث..
لكنى وجدته قويا ،أقوى من المرض ،ووجدت نفسى أمامه ؛ أخوه الصغير ،الذى طالما كان يزعجه بصغائره و هفواته .لم
أكن أنتظر ردوده ،التى احتبست خلف قناع األكسجين .و حين شعرت أنى أزعجته – كالعادة – بما فيه الكفاية ،انصرفنا (أنا و
صديقنا المشترك "أحمد رسمى") على وعد بالعودة لزعاجه فى يوم آخر.
و اليوم علمت بأن هذا الوعد باللقاء ،قد ألغى نهائيا و إلى األبد .فلقد رحل "عادل الخياط" عن عالمنا اآلن .رحل حتى يستريح
من إزعاجى و يستريح من هذا العالم المزعج.
اليوم ال يبدو العالم بدونك يا عادل ،كما كان و أنت تزينه.
سامحنا يا عادل على كل أخطائنا فى حقك ،و على كل ما سببته لك أنا و غيرى من إزعاج .و لعلنا يوما ما نلقاك ..فى عالمك
المالئكى ..بعيدا بعيدا ..حيث أراك ترفل فى سعادة سرمدية .فهل سوف تتذكرنا و تحن إلينا ،كما نبكي فراقك اليوم ؟؟!!
52
***************
26فبراير 2018
53
يقول أحد تالميذها ،لم يكن لها أعداء إال الدكاترة العاطلون "الموظفين" على حد تعبيره ،الذين يحضرون للجامعة ليقضوا
ساعات العمل ويحصلون على المرتب والترقية دون تقديم بحث يفيد الناس ودون المشاركة في دفع عجلة البحث العلمي لألمام،
كانوا يحقدون على المنصب الذي وصلت له ،كيف تكون أصغر منهم بكل هذه األعوام وتدير المركز المصري للنانو تكنولجي
التابع لجامعة القاهرة.
كيف غيرت مركز النانو تكنولوجي؟
9أشهر ،هي المدة التي رأست فيها منى بكر إدارة المركز المصري للنانو تكنولوجي ،ولكنها الشهور األلمع منذ 5سنوات منذ
بداية افتتاحه ،وضعت بكر الجدول الزمني لخروج أول أبحاثها للنور ،في شهر مايو ،2017ولكنها لم تكن تعلم أنها لن ترى
مصر تتخلص من "قش األرز" لألبد ،وتحوله لمواد كيميائية توفر الكثير من العملة الصعبة للدولة.
ماذا فعلت منى بكر براتبها وجائزة الدولة التشجيعية؟
حصلت منى بكر على جائزة الدولة التشجيعية عام 2009وكانت قيمة الشيك 50ألف جنيه ،توجهت فورا لشراء جهاز للمعمل
لخدمة النانو تكنولوجي "علم الفقراء" و"كنز الدول الفقيرة" كما علمت تالميذها ،وكما علمها الدكتور مصطفى السيد العالم
الكبير ،فالنانو تكنولوجي ببساطة هو استغالل كل ما هو موجود حولك داخل بيئتك ،لتستخرج منه شيئا مفيدا يخدم المجتمع بأقل
تكلفة ممكنة ،بحسب رأي العالمة الراحلة.
لماذا رفضت منى بكر 25ألف دوالر شهريا عام 2012؟
كانت حديث الجامعة وأوساط البحث العلمي ،الدكتورة التي أذهب العلم بعقلها وأنساها الدنيا ،رفضت عرضا للتدريس بجامعة
بسنغافورة فورا مقابل 25ألف دوالر شهريا عام ،2012ولم يكن هذا العرض األول وال األخير ،ولكنه العرض الذي تسرب
ألسماع األخرين ،فكانت ترفض دون أن تُعلم أحدا ولم تعطي أدنى اهتمام إال لمعملها وأبحاثها ،لم تهتم بتكوين أسرة كأمثالها من
البنات ،كانت أبحاثها تعوضها عن الزوج واألطفال وعن بعدها عن األهل واألحباب بالصعيد ،وكأن كل تالميذها حول العالم
يمثلون عائلة دولية كبيرة.
تركت أسرتها وارتحلت للقاهرة ،ليس لجمع المال والجوائز ،تركتهم لتعيش من أجل العلم وروح العلم التي فاضت على روحها،
فكانت أكثر من أحس بالناس ،فيذكر لها الجميع حين دفعت رواتب شهر لبعض الموظفين بالمركز من مالها الخاص ،تحت
قناعة "الناس تعبانة".
منى بكر دافعت عن علماء مصر المهاجرين بالخارج.
لم تكن منى بكر وجها إعالميا ،كانت قليلة الظ هور ،وكان مبدؤها العمل أفضل من الكالم ،ففي أحد اللقاءات التليفزيونية سألها
المذيع :لماذا يهرب علماء مصر للخارج؟ ،أجابت :الناس نوعان ،نوع يحب أن يكون ترسا في ماكينة دائرة بالفعل ،ونوع
يصنع الماكينة من البداية ،وأنا محظوظة إنني قدرت أن أجد الحلقة المفقودة بين األبحاث العلمية والمصانع والنتاج ليساندني
رجال األعمال بمصر ويدعمون مشروعي.
منى بكر عالمة النانو تكنولوجي المصريةمنى بكر عالمة النانو تكنولوجي المصرية
الحلقة المفقودة التي بحثت عنها منى طوال حياتها.
قالت منى" :الباحثين في مصر لم يتعلموا كيف يربطوا بين األبحاث على الورق وبين احتياجات المجتمع ،فيرفضها صندوق
التنمية للعلوم التكنولوجية الذي ال تقل ميزانيته عن 500مليون جنية سنويا ،لذلك تتحول أغلب األبحاث واالختراعات العلمية
لورقة في السيرة الذاتية محفوظة ببراءة اختراع".
تضيف "خارج مصر يسطيعون أن يخرجوا األف كار من الورق للمصنع ،وهذا ما ينقصنا فقط ،وهذا ما أسعى لعمله وعلى األقل
مصنع لعمل ماكيتات ونماذج صغيرة ألبحاث العلماء المصريين حتى نجرب نتائجها ونكبر ما يستحق منها".
ولكنها رحلت وتركت المركز يتيما بعد فقدان أم حنون ،تركت تالميذها يجمعون أوراقها ويواسون بعضهم البعض ،ويتساءلون
لماذا منى بكر تكون الواحد من كل 50مليون إنسان ليصيبها هذا المرض النادر ،الذي أنهى حياتها بعد 4أشهر ،رفضت فيهم
أن تتابع عالجها خارج مصر ،وقالت :أثق بعلماء وطني ،حتى وإن مت أموت بوطني.
شخص الدكتور محمد علي الداروتي ،استشاري األمراض الجلدية ،المشرف على حالة الدكتورة منى بكر حالتها المرضية بـ
،cold agglutinin syndromeوهو مرض نادر ،وهو عبارة عن أجسام مضادة تهاجم كرات الدم الحمراء في األوعية
الدموية المغذية لألطراف ،وتنشط في البرودة الشديدة ،مما يسبب "غرغرينا" في األطراف ،مضيفا "سرعان ما تمت السيطرة
على المرض وإجراء عمليات ترقيع للجلد للقدم اليمنى تحت إشراف دكتور عمرو زكي استشاري الجراحات التجميلية
بمستشفى القصر العيني".
ولكن "الداروتي" أرجع سبب الوفاة لصابتها بصدمة صديدية نتيجة الجلوس بالمستشفى فترة طويلة وعدم الحركة ،وإصابتها
بعدوى بكتيري ة من الجو ،وهذا األمر ال يرجع لعدم نظافة المسشتفى ولكنه يحدث بجميع مستشفيات العالم ،ويؤكد أستاذ الجلدية
على أن حالة الدكتورة منى كانت بدأت في التماثل للشفاء ،لكن حالتها تدهورت فجأة بسبب مضاعفات العدوى البكتيرية.
54
حالة من الصمت المطبق يلتزمها األصدقاء واألقا رب ،رافضين "تقليب المواجع" حفاظا للمرأة القوية على ذكرى األيام
الماضية الشحونة بعواطف متضاربة ،يغلب عليها عدم تصديق رحيلها المفاجئ ،لكن تبقى كلماتها وأعمالها وإنجازاتها وبقايا
روحها التي تحلق في األماكن وقودا لالستمرار المسيرة التي حفرتها منى بكر لنفسها ورسمته لتالميذها من بعدها.!!.
********************
8مارس 2018
17مارس 2018
18مايو 2018
عودة "عبد هللا بن بخيت" !!
لم أكن أدرك معنى التغييرات التى تحدث من حولى ،إذ كنت أظنها من لوازم التطور الحياتى الراهن .
كان ذلك كذلك حتى شاهدت بالصدفة حلقة أمس من برنامج "مجموعة إنسان ) " ( mbcمع األديب و الكاتب المشاكس "عبد
هللا بن بخيت" إثر عودته من كندا بعد 8سنوات من االغتراب االختيارى.
55
يقول "بن بخيت" أنه فى أواخر التسعينيات وجد رفاقه مغتبطين فرحى بفتوى الشيخ الجليل ؟؟ ؛ أنه يمكن للرجل أن يتبول واقفا
طالما لم تطله نجاسة .و أضاف اديبنا -:رأيت رفاقى يمتدحون سماحة السالم و رحمته ،ذلك الذى أباح أخيرا للرجل أن يتبول
واقفا!!
يقول "بن بخيت" -:لقد فجعت فى تلك العقول التى قزمت السالم العظيم إلى درجة أن ترى أن اعظم مآثر الدين الذى نزل به
جبريل من فوق سبع سموات ،أن يشرح للرجل كيف يتبول!!
....
....
عند هذا الحد أدركت أن عودة "عبد هللا بن بخيت" من اغترابه ،هو تأطير لمرحلة نهضوية تحل العقل النقدى محل النقل
النكدى ،فترد العربى إلى قافلة النسانية التى فارقته إلى آفاق اجمل و أرحب من "مرحاضه" المقدس!!!.
*****************
22يونيو 2018
56
يمكنك أن تقيس على ذلك ترتيبنا وتصنيفنا في كافة المؤشرات ومجاالت الحياة ..في الشفافية وتراجع الفساد نحتل المركز
..117في البحث العلمي والتطوير مركزنا 52واالبتكار ..105وحقوق النسان 112والرعاية الصحية ..97إذن فنحن ال
ننافس أحدا في أي مجال ..فكيف ننافس أباطرة كرة القدم في الكرة؟! ..وتخيل معي كيف سيكون حال مصر إن هي تقدمت في
التعليم وأصبحت ضمن أفضل 32دولة في العالم ..وكيف سيكون حالنا إن كسبنا دول أوروبا في العلم واالقتصاد واالستثمار
والدارة واألخالق والضمير؟!!
ال تغضب ..ألننا أصل المشكلة ..فأنا وأنت نأكل ما ال نزرع ،ونستخدم ما ال ننتج ،وال يطرف لنا جفن حين نرى العالم يحلق في
السماء ،ونحن ننظر له مندهشين ف ي انتظار «الفتات» يتساقط علينا ..حتى النعم التي حبانها بها هللا عز وجل ال نجيد استثمارها
وتوظيفها ..انظر تحت قدميك وسترى ثروة أثرية نادرة وضخمة ،ومع ذلك ال نحقق من السياحة ما تحققه أمة بال تاريخ ..وإن
أردت واقعية أكثر إنصافا لمنتخبنا ضع النسان المصري في مواجهة بسيطة مع مواطن آخر في أوروبا وآسيا ،وقارن بين ما
يحصل عليه االثنان منذ والدتهما ،ستجد أن الخامة البشرية مختلفة علميا وثقافيا وإبداعيا وأخالقيا ..فلماذا تقسو على العبينا مع
أن الواقع يؤكد أنهم لم يلعبوا وحدهم في روسيا ..أنا وأنت وكلنا كنا في الملعب ..فجاء أداؤنا مثل أدائنا في كل شيء ..وربما
أفضل!..
كرة القدم -يا سادة -علم ،واالحتراف إدارة ..ونحن ليس لنا في العلم وال في الدارة ..وإن أردنا المنافسة في الكرة ،فالبد أن
ننافس أوال في البداع والعلوم والثقافة والنتاج والشفافية وحقوق النسان ..ودون ذلك سنفرح كل 20أو 30سنة بصعودنا
لكأس العالم ..ثم نحزن لخروجنا المبكر من كأس العالم!..
نصيحة مخلصة :افرح بمنتخبك ألنه في روسيا ،وألنه أفضل ما فينا ..فليس بالمكان أبدع مما كان ..ثم إنك يا أخي ال تصل
لـ«العالمية» إال في كرة القدم ..
نعمة و من يكرهها يعمى!..
***************
13أكتوبر 2018
هذا هو أبى
يقول أحدهم عن ابيه :-
كان ابي إذا دخل غرفتي ووجد المصباح مضاءا أو المروحة وأنا خارجها قال لي :لم ال تطفئه ولم كل هذا الهدر في الكهرباء؟
إذا دخل الحمام ووجد الصنبور يقطر ماذا قال بعلو صوته لم ال تحكم غلقه قبل خروجك ولم كل هذا الهدر في المياه؟؟؟
دائما ما ينتقدني ويتهمني بالسلبية!!!
يعاتب على الصغيرة والكبيرة!!!
حتى وهو على فراش المرض!!!
إلى أن جاء يوم وجدت وظيفة.
اليوم الذي لطالما انتظره.
اليوم سأجري المقابلة الشخصية األولى في حياتي للحصول على وظيفة مرموقة في إحدى الشركات الكبرى .
وإن تم قبولي فسأترك هذا البيت إلى غير رجعة وسأرتاح من أبي وتوبيخه الدائم لي .
استيقظت في الصباح الباكر واستحممت ولبست أجمل الثياب وتعطرت وهممت بالخروج فإذا بيد تربت على كتفي عند الباب .
التفت فوجدت أبي متبسما رغم ذبول عينيه وظهور أعراض المرض جلية على وجهه....
57
وناولني بعض النقود وقال لي أريدك أن تكون إيجابيا واثقا من نفسك وال تهتز أمام أي سؤال .
تقبلت النصيحة على مضض وابتسمت وأنا أتأفف من داخلي ،حتى في هذه اللحظات ال يكف عن النصائح وكأنه يتعمد تعكير
مزاجي في أسعد لحظات حياتي.
خرجت من البيت مسرعا واستأجرت سيارة أجرة وتوجهت إلى الشركة.
وما أن وصلت ودخلت من بوابة الشركة حتى تعجبت كل العجب!!!
فلم يكن هناك حراس عند الباب وال موظفو استقبال سوى لوحات إرشادية تقود إلى مكان المقابلة.
وبمجرد أن دخلت من الباب الحظت أن مقبض الباب قد خرج من مكانه وأصبح عرضة للكسر إن اصطدم به أحد .
فتذكرت نصيحة أبي لي عند خروجي من المنزل بأن أكون إيجابيا ،فقمت على الفور برد مقبض الباب إلى مكانه وأحكمته جيدا.
ثم تتبعت اللوحات الرشادية ومررت بحديقة الشركة فوجدت الممرات غارقة بالمياه التي كانت تطفو من أحد األحواض الذي
امتأل بالماء الى آخره .وقد بدا أن البستاني قد انشغل عنه .فتذكرت تعنيف أبي لي على هدر المياه فقمت بسحب خرطوم المياه
من الحوض الممتلئ ووضعته في حوض آخر مع تقليل ضخ الصنبور حتى ال يمتأل بسرعة إلى حين عودة البستاني.
ثم دخلت مبنى الشركة متتبعا اللوحات وخالل صعودي على الدرج الحظت الكم الهائل من مصابيح النارة المضاءة ونحن في
وضح النهار فقمت ال إراديا بإطفائها خوفا من صراخ أبي الذي كان يصدح في أذني أينما ذهبت .
إلى أن وصلت إلى الدور العلوي ففوجئت بالعدد الكبير من المتقدمين لهذه الوظيفة
قمت بتسجيل اسمي في قائمة المتقدمين وجلست انتظر دوري وأنا أتمعن في وجوه الحاضرين ومالبسهم لدرجة جعلتني أشعر
بالدونية من مالبسي وهيئتي أمام ما رأيته .والبعض يتباهى بشهاداته الحاصل عليها من الجامعات األمريكية.
ثم الحظت أن كل من يدخل المقابلة ال يلبث إال أن يخرج في أقل من دقيقة .
فقلت في نفسي ان كان هؤالء بأناقتهم وشهاداتهم قد تم رفضهم فهل سأقبل أنا ؟؟؟!!!
فهممت باالنسحاب والخروج من هذه المنافسة الخاسرة بكرامتي قبل ان يقال لي نعتذر منك.
وبالفعل انتفضت من مكاني وهممت بالخروج فإذا بالموظف ينادي على اسمي للدخول .
فقلت ال مناص سأدخل وأمري إلى هللا .
دخلت غرفة المقابلة وجلست على الكرسي في مقابل ثالثة أشخاص نظروا إلي وابتسموا ابتسامة عريضة ثم قال أحدهم متى
تحب أن تستلم الوظيفة ؟؟؟
فذهلت لوهلة وظننت أنهم يسخرون مني أو أنه أحد أسئلة المقابلة ووراء هذا السؤال ما وراءه.
فتذكرت نصيحة أبي لي عند خروجي من المنزل بأال أهتز وأن أكون واثقا من نفسي.
فأجبتهم بكل ثقة :بعد أن أجتاز االختبار بنجاح ان شاء هللا.
فقال آخر لقد نجحت في االمتحان وانتهى األمر.
فقلت ولكن أحدا منكم لم يسألني سؤاال واحدا !!!
فقال الثالث نحن ندرك جيدا أنه من خالل طرح األسئلة فقط لن نستطيع تقييم مهارات أي من المتقدمين .
ولذا قررنا أن يكون تقييمنا للشخص عمليا...
58
فصممنا مجموعة اختبارات عملية تكشف لنا سلوك المتقدم ومدى اليجابية التي يتمتع بها ومدى حرصه على مقدرات الشركة،
فكنت أنت الشخص الوحيد الذي سعى لصالح كل عيب تعمدنا وضعه في طريق كل متقدم ،وقد تم توثيق ذلك من خالل
كاميرات مراقبة وضعت في كل أروقة الشركة.
يقول صاحبي...
حينها فقط اختفت كل الوجوه أمام عيني ونسيت الوظيفة والمقابلة وكل شئ...
ولم أعد أرى إال صورة أبي!!!
ذلك الباب الكبير الذي ظاهره القسوة ولكن باطنه الرحمة والمودة والحب والحنان والطمأنينة.
شعرت برغبة جامحة في العودة إلى البيت والنكفاء لتقبيل يديه وقدميه .
اشتقت إلى سماع صوته و موسيقى صراخه تطرب أذني .
لماذا لم أر أبي من قبل؟؟؟
كيف عميت عيناي عنه ؟؟؟
عن العطاء بال مقابل...
عن الحنان بال حدود...
عن الجابة بال سؤال...
عن النصيحة بال استشارة...
رحيلك ُم ٌّر يا أبي
البار بنا ولم تنل البر منا كما يجب أن يكون.
كنت أنت َّ
غبت يا أبي وغاب عني العقل الرشيد والركن الشديد ،والسند المتين ،والناصح االمين.
لم يمت أبي ولن يموت ...
ق في نفسي و روحى إلى أن ألحق به..
وإن مات فهو با ٍ
رحم هللا أبي ..و كل أب.
********************
12ديسمبر 2018
59
تصاب أجساد و تبتر أطراف ،ناهيك عن الفاقد فى السيارات و الدواب و الممتلكات ،حتى أن القرية أصبحت تعيش فى مأتم
دائم .
و بعد أن يئس الناس من أن تتدخل الحكومة لنقاذهم من توحش "الحفرة " التى ابتلعت فلذات أكبادهم ،بعد أعوام من
المناشدات و التوسالت و الشكاوى و البرقيات ،اجتمع كبراء القرية و عقالؤها ليجاد حل لتلك المأساة النازفة الملتهبة .
•اقترحت المجموعة األولى أن :-
" نتقدم للحكومة بطلب بناء مستشفى متخصص فى الجراحة و إصابات الطرق ،يكون موقعه بجوار الحفرة ،بحيث يخرج
المصاب من الحفرة الى المستشفى مباشرة دون تأخير ،فتكون فرصة انقاذ حياته أعلى".
•لكن بعض الحاضرين اعترضوا على هذا الرأى :-
"رغم وجاهة الفكرة و منطقيتها ،إال أنكم كما تعلمون ؛ يوم الحكومة بسنة ،و من ثم ،فإنشاء تلك المستشفى سوف يستغرق
على األقل 10سنوات ،نكون خاللها قد فقدنا المئات ،ان لم يكن اآلالف من أرواح أهالينا".
•هنا تقدمت مجموعة أخرى بإقتراح آخر:-
"إذن فلنطلب من الحكومة تأسيس نقطة إسعاف فقط ،بجوار الحفرة ،تكون مجهزة بعربة إسعاف سريعة و طاقم من المسعفين
المدربين ،يكونون متواجدين على مدار الساعة ،بحيث كلما سقطت ضحية فى تلك الحفرة ،سارع هؤالء المسعفون بإنتشالها و
تقديم السعافات األولية لها ،ثم حملها بسيارة السعاف بسرعة الى أقرب مستشفى".
• هنا انتفض بعض المثقفين الشباب من أبناء القرية:-
" يا جماعة الخير الحل أبسط من ذلك بكثير ،فهناك بالفعل مستشفى متخصص فى حوادث الطرق على بعد 7كيلومترات فقط
من هنا ..و بناء عليه فإنه من األفضل و األسهل و المنطقى أن نردم تلك الحفرة ،ثم نحفر حفرة أخرى تكون قريبة من
المستشفى ،بحيث يخرج المصاب من الحفرة الى المستشفى مباشرة" !!.
و عندئذ انفرجت أسارير الجميع و هللوا و زغردوا و استبشروا خيرا بالفكرة التى سوف تنهى مأساتهم بعد طول عذاب .
أو هكذا مشكالت بالدى ،وهكذا تدار و هكذا تجترح الحلول !! .فمشكالت بالدى يا سادة ليست فى توظيف النانوتكنولوجى فى
عالج السرطان ،ال سمح هللا ،ولكن المشكلة أنه التوجد "سرنجة" بالستيك فى المستشفى .
و ليست مشكلة بالدى فى المكوك الفضائى الذى ضل طريقه الى المريخ ،و ذهب الى "عطارد" ال سمح هللا ،و لكن المشكلة
فى "التوكتوك" الذى وصل الى المعادى !!.
و مشكلة بالدى ليست فى النشطار النووى الذى يؤدى الى استنباط عناصر جديدة ،و لكنها فى إنشطار أسفلت الطرق و
إنشطار بالوعات المجارى و استنباط عناصر إجرامية جديدة تمارس البلطجة و التسول.
مشكلة بالدى ليست فى إحالل الروبوت (النسان اآللى) محل البشر فى سوق العمل ،و تحول بيئة العمل تدريجيا الى بيئة
مميكنة غير مؤنسنة .لكن مشكلة بالدى فى أن من يتبولون "تحت الكوبرى" يتكاثرون ،ما يهدد بتحويل منطقة "تحت الكوبرى"
الى مرحاض كبير و مفتوح.
مشكلتنا الحقيقية ،أن هناك عضوا قابعا فوق الكتفين ،و داخل الجمجمة ،ال يستخدم و لذلك أصابه الضمور.
لدينا من كل شئ منطوقه ،و ليس منطقه .فنحن األكثر ثرثرة و األعلى صراخا ،حتى كلماتنا صارت جوفاء من دون معنى ..
و األدهى أنها صارت الى البذاءات أقرب !!
"احنا غالبة قوى يا عم الحاج!! "
*******************
60
19يناير 2019
23فبراير 2019
61
وفى هذا الطار ،فإنك لو حاولت إحصاء عدد األدوية فى أى صيدلية فى شارعكم ،فإنها ستتجاوز العشرة آالف صنف ،ليس
من بينهم صنف واحد عربيا .و أزيدك ،أن الغرب صاحب العشرة آالف دواء ،يفاجئنا بين الحين و اآلخر بسحب دواء بعينه من
السوق ،بدعوى أنه ثبت لديهم ضرره على صحة النسان .المدهش؛ أننا معشر األطباء العرب ،كنا نستخدم هذا الدواء – مثله
مثل غيره – بحماس شديد دون أن نالحظ شيئا ،و عندما يقول الغرب أنه "ضار بالصحة" ،ننتبه نحن (أنا و زمالئى) و نردد -:
فعال و حقا ..إنه ضار!!!.
و مثل ذلك فى كل المجاالت ،فالعقل العربى لم يخترع شيئا واحدا – أى شىء – فى آخر خمسة قرون .ال شىء .أنظر حولك
اآلن ..اآلن ،أينما كنت .و حاول أن تجد شيئا واحدا ،اخترعه العرب ،أى عربى .ال شىء .من إبرة الخياطة الى الصاروخ .لم
يخترع العرب اختراعا واحدا ،منذ زمن "هارون الرشيد" فى القرن الثامن الميالدى ،الذى اشتهر بـ "الساعة الرملية" آخر
االختراعات العربية العظيمة .و منذ ذلك الوقت ،و طوال 13قرنا بالتمام و الكمال ،لم يخترع العرب شيئا واحدا.
بل أضيف لسعادتك ،أن الحضارة الفرعونية ،بجالل قدرها ،و أهرامها و آثارها و معابدها ،لم نكن نعلم عنها شيئا حتى العام
1799م ،أى أننا كنا نعتقد و حتى 220سنة خلت ،أن األهرامات هى من أفعال الجان و الشياطين .ال فراعنة وال حضارة وال
يحزنون ..بل خرافات و أساطير ،حتى أتت الحملة الفرنسية ،أكرر ؛ الفرنسية ،و تمكن العالم الفرنسى "شامبليون" من فك
رموز حجر "رشيد" ،و بدأ يعلمنا ،أنه على نفس األرض ،كان هناك أقوام أذكياء يدعون ؛ الفراعنة ..من وقتها و نحن نغنى -:
"المصريين أهمه..!!".
و األمثلة على القصور العقلى العربى ،كثي رة و طويلة و ممتدة ،وال تقتصر على مجاالت العلوم و التصنيع ،بل يمتد القصور
إلى الخيال و البداع .حتى أن رواية "ألف ليلة و ليلة" أصلها العمل البهلوي الفارسى " ألف خرافة" والتي بدورها اعتمدت
. جزئيا على األدب الهندي
و اآلن و بعد أن ثبت لديك (و إن لم يثبت ،فالمشكلة لديك) أن العقل العربى قاصر و متواضع المكانات جدا جدا جدا ،هل
يمكنك أن تثق بأن هذا العقل الضامر ،يستطيع أن يفهم و يستوعب و يهضم؛ أقدس و أعلى و أذكى و أصوب و أصدق كتاب
فى الدنيا .الكتاب الذى أنزل على كل البشر فى كل البلدان و بكل اللغات و فى كل األزمنة ،منذ بدء الخليقة و حتى نهاية الخلق.
الكتاب الذى يشرح عالقة النسان ،أى إنسان ،بأى مستوى عقلى و مادى و روحانى ،عالقته بكل المخلوقات ،و خالق
المخلوقات .الكتاب الذى يقرأه النسان فى أى زمان ،فينبهر و يندهش و يخر صعقا بما علمه وما لم يعلمه بعد .الكتاب الذى
يشرح الماضى و الحاضر و المستقبل ألى زمان و أى مكان و أى كيان.
هل يمكنك أن تثق بشروحات و تفاسير و نظريات عقلنا العربى الفاشل عن؛ رؤية السالم لألخالق الفردية و المجتمعية ،و
الدعوة و الجهاد و القتصاد و السياسة و إعالن الحرب – أو الحب – على الدول و المجتمعات و األفراد ،و نحن بعد لم نستحم
و ال نعرف كيف ننظف شوارعنا ،و رائحة أفواهنا و أجسادنا و مساكننا تزكم األنوف ؟ !!!!!.
ابحثوا عن األفكار العظيمة فى العقول العظيمة ،فالناء ينضح بما فيه !.
*********************
7يونيو 2019
62
In my childhood, I was carrying my concerns and problems and throwing them in the face of my
family seniors ; sometimes my grandpa and grandma and then my parents and then my uncles
and aunts. I thought; those adults are very strong, very wise, always balanced and they have a
solution for any problem. They may not laugh all the time like us, but they never grieve, do not
suffer, hence no cry. At a time, my grandpa took me to visit his younger brother, who was
admitted in "Damietta General Hospital" because of "Haematemesis" (Vomiting Blood, cos of
Bilharsial Eosophageal Varices". I was a child jumping here & there, enjoying that little trip. A
few days later, the patient died, and my grandfather stood up in the mourning pavilion, receiving
the consolation of his brother.
Then many years passed and I became a young teenager, my grandma died and the same giant
grandfather, once felt ill, & told me to take him to where his son (Uncle) is living in a nearby
village. There was no phone, so my uncle was surprised to find us by his door. I gave him the
news of his father' illness. My uncle also wasn't shocked and was not disturbed. Or, this what I
thought.
After few months, my grandpa died, and I also I did not see my uncle crying, collapsing or
showing pain. Or perhaps that
what seemed to me.
Nowadays, my family juniors; boys and children, face me with their problems and misfortunes,
and they believe; I'm so strong, I have a solution for every problem, & I'm the harbor for every
raging sea and drowning ocean !!.
The truth of the matter, which I realized recently, is that me and those who have reached my age;
are crying in silence with heartburn, weep for the wretch, sad for the unhappy guys & worried
about those who are happy. Obsessions deprive us from sleep.
Dear sons & daughters; I am not what you think or see. Be merciful to me & make sure that;
being healthy, good & happy, is my utmost ambition.
**************
2019 يوليو5
64
13أغسطس 2019
8نوفمبر 2019
ونحن فى خضم معركة الشيخ الشعراوى وفتاويه ،هناك خبر مر علينا مرور الكرام ولم تعلق عليه الصحافة إال فى مقال مهم
للكاتبة فاطمة ناعوت فى جريدة «المصرى اليوم» ،ماذا يقول الخبر؟ ،وما هى تفاصيله المضيئة؟ ،وما هى القراءة التى ال بد
أن نقرأها خلف سطور هذا الخبر؟ الخبر ملخصه أن سيدة متوفاة دماغيا أنقذت سبعة مرضى فى السعودية ،وذلك بعدما تم نقل
أجزاء من جسدها إليهم خالل 24ساعة فقط ،بحسب ما ذكر مسئولون فى «الصحة» هناك ،وخالل تغريدة له على موقع
التواصل االجتماعى «تويتر» ،قال الدكتور توفيق الربيعة ،وزير الصحة ،إن المرأة أنقذت حياة سبعة أشخاص ،مضيفا أن ذلك
«تم حتى فجر اليوم فى عمل متواصل لمدة ٢٤ساعة» ،وأضاف الوزير فى تغريدته «تم نقل أعضاء مريضة ميتة دماغيا
وبنجاح لسبعة أشخاص ،تم تقسيم الكبد إلى جزأين وزراعتها لمريضين ،تمت زراعة كُلى وبنكرياس لمريض ،تم فصل الرئتين
لمريضين ،تمت زراعة القلب لمريض ،والكلية لمريض آخر ،وكتب الربيعة فى تغريدة أخرى« :قام بجميع عمليات الزراعة
جراحون سعوديون ،أشكر أهل المريضة على تبرعهم بأعضائها ،تمت عمليات الزراعة فى مستشفى الملك فهد التخصصى
بالدمام ومستشفى الملك فيصل التخصصى بالرياض» .وأضاف« :التبرع باألعضاء يسهم فى إنقاذ حياة الكثير ،مئات
األشخاص لدينا يموتون سنويا بسبب عدم توفر األعضاء» .وكان خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز ،ملك السعودية ،قد
أصدر قرارا ملكيا بالموافقة على منح 426مواطنا ومواطنة وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الثالثة ،وذلك لتبرعهم بأحد
65
أعضائهم الرئيسية سواء كان العضو من حى أو من متوفى دماغيا .الخبر لديهم يدعو للفرحة والتفاؤل واالعتراف بأيادى العلم
البيضاء علينا ،ولكنه لدينا يدعو للرثاء ألننا ونحن نتلقى هذا الخبر إذا بماليين عندنا ينتفضون دفاعا عن فتاوى الشيخ
الشعراوى وعلى رأسها فتاوى زراعة األعضاء التى كانت سببا فى تأجيل قانون زراعة األعضاء ونقلها من المتوفين دماغيا
وعدم تفعيله حتى بعد إقراره من البرلمان ،خوفا ورعبا من مخالفة كالم إمام الدعاة!! ،ولي ُمت َمن يموت على أبواب حجرة
العمليات وهو يدق الباب طالبا زرع كبد أو قلب ،لو كانت السعودية التى عاش فيها الشيخ الشعراوى سنين عديدة التزمت بهذه
الفتوى لكانت حتى هذه اللحظة تقف عند حدود حبة البركة والرقية الشرعية ،لكنها انطلقت ،وها هى تلك العملية المعجزة
تضعها كتفا بكتف مع هارفارد وكليفالند ،فتوى الشيخ تدين تلك السيدة المتبرعة ،ألنها تصرفت فيما يملكه هللا وهى ليست لديها
حرية التصرف ،والسبعة الذين نقلت إليهم األعضاء متهمون ومدانون بتهمة التدخل فى المشيئة وتأجيل لقاء الرب ،أنا مرغم
أمام ما حدث فى تلك الجراحة وما خلفها من فكر متحرر جسور ،على طرح هذا التساؤل ،ليه بقينا كده؟ ،لماذا نصر على
تحنيط األدمغة وتقديس البشر حتى ولو على حساب جودة حياتنا وتقدمها؟! ،معقول أن ندافع عن فتوى من الممكن أن أفقد
بسببها أمى أو ابنى أو حياتى أنا شخصيا بسبب احتياجى لزرع عضو؟ كل هذا لتعيش قدسية الفتوى وصاحب الفتوى ،ال
تخدشها مجرد مناقشة ،معقول أن ي دافع أستاذ نساء ووالدة عن فتوى األربع سنوات كأقصى مدة للحمل!! ،معقول تلك الهستيريا
التأليهية للبشر والتضحية بكل منطق وكل عقل فى سبيل الذود عن حصن تلك األفكار المتحفية!! صدقونى القضية ليست قضية
شيخ بعينه ،ولكنها قضية وطن يصرون على أن يفقدوه عقله.
*********************
3مارس 2020
16سبتمبر 2020
66
فلتلعن و تسب من شئت ،و لكن قل لى باهلل عليك؛ ماذا فعلت أنت لنصرة فلسطين؟..ماذا فعلت أنت لسترداد القدس؟؟..ماذا
فعلت أنت لكى تطرد اسرائيل من األرض المحتلة ؟؟؟ .
انك أيها العبقرى تلقى بالمسئولية على 30رجال ،هم القادة العرب ،و تنسى أن هناك 300مليون عربى نائمون فى العسل .و
تنسى أو تتناسى ،أنه "مثلما تكونوا يولى عليكم" و أنك "آتيه يوم القيامة فردا" .تتنسى أو تتناسى ،أن أى حاكم ،أو وزير ،أو
حتى شيخ خفر ،عربى ،قد يكون ،على المستوى الشخصى ،أذكى و أفصح و أعقل من "ترامب" .الفارق بينهما أن الحاكم
العربى ينظر حوله ،فال يجد إال فقراء و جهالء و م رضى ،بينما يجد ترامب خلفه؛ أقوى و أغنى دولة فى العالم .و من ثم يزأر
ترامب ،وال يجد من يرد عليه كلمته!!.
القرار السياسى ،أيها العربى األبى الشجاع؛ هو مجموع ما لدى دولتك من إقتصاد و طب و هندسة و علوم و تسليح و عدل و
أخالق و نظافة ..إلخ ،مقسوم على عدد أفراد تلك الدولة .أو هكذا تتماثل قوة الدولة و قوة الفرد .
عزيزى الحر األبى الشجاع ،قبل أن تلوم أحدا؛ أنظر فى المرآة ،و اسأل الكائن الذى سيظهر أمامك؛ ماذا قدمت لعائلتك؟ ماذا
قدمت لوطنك؟ ثم ماذا قدمت للبشرية و النسانية ؟..و تحديدا حتى ال تتفلسف؛ كم من اللغات األجنبية ترطن؟؟..هل تستطيع
عمل برنامج كمبيوتر؟ كم حرفة يدوية تتقن؟..هل اخترعت شيئا ،أى شئ ،بطول حياتك؟؟..كم كتابا قرأت فى الشهر األخير
؟! ..هل شاركت فى أى عمل تطوعى أو خيرى أو مجتمعى ،بحيث تخدم أكثر عدد من المحتاجين مجانا ؟؟..هل شاركت فى
تنظيف شارعك أو تجميله؟؟ بالطبع ال ..بل األبسط من ذلك؛ هل انحنيت ذات مرة –فى حياتك -و التقطت أى قمامة من
منتصف الشارع ووضعتها فى صندوق القمامة؟؟!! .إذا كانت المحصلة ،مخزية ،فأنت و لألسف ،عضو فاشل فى أمة فاشلة،
تستأهل ما يحدث لها!!.
بل يؤسفنى أن أخبرك أن من قرر التطبيع مع الكيان الصهيونى ،هو أنت !! .نعم؛ أنت شخصيا ،بشحمك و لحمك .قررت ذلك
حين ذهبت الى عملك متأخرا ساعة أو انصرفت مبكرا ساعة .قررت سعادتك التطبيع حين قبلت الرشوة و الوساطة .قررت
سعادتك التطبيع حين قبلت بالغش الجماعى فى الثانوية العامة ،أو ساهمت فيه أو على األقل لم تستنكره .قررت سعادتك التطبيع
مع الصهاينة حين غششت المواد التموينية أو الصناعية أو الزراعية ،لكى يتدنى المنتج العربى ،إلى ما دون الصينى .يا
عزيزى أنت صهيونى حتى النخاع ،حين تعطل مصلحة مراجع أمامك و تقول له"-:فوت علينا بكرة يا سيد!!" ،حين تغتصب
حق غيرك بوضع اليد ،حين تطلق أطفالك يصدرون الزعاج للجيران.
عزيزى العربى الحر األبى ،حين نصبح نحن اللصوص فيما بيننا ،فال تحدثنى عن الشرف!!!
*****************
29أكتوبر 2020
د .سولك
اليوم هو ذكري الميالد رقم 105للدكتور ( )Jonas Salkيوناس سولك ..يوناس اليهودي هو الذى اكتشف لقاح شلل األطفال
سنة 1955ورفض أن يتقاضى دوالرا واحد مقابل هذا االكتشاف وقدمه مجانا للعالم ولو كان قام بتسجيله كان سيتقاضي اكثر
من 7مليارات دوالر وقتها..
لكم ان تتخيلوا أن فى أميركا فقط سنة 1952أصيب 58الف طفل بشلل االطفال ووصلت حاالت الصابة حول العالم الى
350ألف طفل سنويا ..و قد انخفض الرقم الى 1500حالة فقط على مستوى العالم فى ..2007
يوناس توفى سنة ، 1995بعد أن أنقذ الكثير والكثير من أطفال العالم من الشلل المعيق (( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس
جميعا)).
**************
16يونيو 2020
شاهد "عيان!!"
67
****************
منذ حوالى سبعة أيام ( 9يونيو )2020و تحديدا الساعة السابعة مساء ،اندفع رجال الهالل األحمر ،يشقون الطوارئ شقا ،و هم
يدفعون أمامهم جسدا مغطى بالكامل ،اندفعوا الى منطقة النعاش القلبى الرئوى ،وهم يتصايحون :-"Code Blue..Code
Blue" .ترك كل منا ما فى يده و اندفعنا 6 ،من األطباء كنا نشكل الطاقم الطبى فى ذاك المساء ،وال يقل عن 12ممرضة
ماهرة ،اندفعنا نجرى خلفهم الى منطقة النعاش ،و بسرعة تم توصيل الجسد المسجى ،بالشاشات و األجهزة ،التى هى دائما
جاهزة وفى وضعية الستعداد .وخالل ثوان معدودة ظهر لنا على الشاشة ،ما نخشاه دائما ،و هو الخط مستقيم )(Flat Line
الذى ليس به أى اهتزازات وهو مايعنى توقف عضلة القلب تماما) ، (Asystoleفبدأنا عملية النعاش بحسب البروتوكوالت
الدولية لمثل تلك الحاالت.
مرت 15دقيقة ثقيلة ،كنا نتبادل فيها عملية التدليك الخارجى لعضلة القلب ) (CPRحتى أرهقنا تماما ،ولكن من دون فائدة،
فتوقفنا عن النعاش و أعلنا الوفاة .و كان علينا اختيار أحدنا لخبار أهل المتوفى الذين ينتظرون خارج المنطقة الحمراء.
و بينما نحن نلتقط أنفاسنا و نسجل ما حدث كتابة ،عاد إلينا زميلنا وهو يرتعد" ، :-"He is Covid positiveما يعنى أن
المتوفى كان مصابا بالكورونا.
اتصل أحدنا بقسم األمراض المعدية ) (Infection Controlالمسئولين عن مثل تلك الحاالت ،و الذين سيتولون بدورهم إبالغ
الوزارة بها .و ما هى إال د قائق ،حتى حضر فريقهم ،لمراجعة الجراءات الحترازية التى اتخذناها أثناء اختالطنا بالمريض.
كان كل شىء على ما يرام -فقد كنا ،الطاقم الطبى ،نرتدى لبس رواد الفضاء ،كما كان المريض مغطى بالكامل بكيس من
النايلون الشفاف .ولكنهم اكتشفوا أن ثالثة من األطباء الستة كانوا يستخدمون كمامات جراحية ) (Surgical Masksو ليست
كمامات N95كما يقول الكتاب ،و كنت أنا من بين هؤالء الثالثة .
كان على ثالثتنا أن نغادر المستشفى فورا إلى العزل المنزلى لمدة 5أيام ثم العودة لعمل مسحة و تحليل ،لمعرفة ما إذا كنا قد
التقطنا العدوى أم ال ؟!
فى بداية العزل المنزلى ،أخذت األمر بإستخفاف ،ثم ملل ثم ضجر ثم ....بدأت أعراض المرض تتسلل إلى بدنى ،متمهلة
بطيئة و لكنها واثقة ثقيلة .بدأت بوهن فى الجسم فآالم فى العظام فإلتهابات فى الجيوب األنفية ....و ..و ..إلخ.
يوم األحد ( 14يونيو) صباحا ،كان موعد أخذ المسحة فى عيادة الموظفين ،و كم كانت مؤلمة .ثم عدت أدراجى بسرعة كى
أكمل عزلتى و انعزالى ،منتظرا النتيجة .مرت الساعات بطيئة ثقيلة و موجعة .فقد كانت آالمى تزداد ،و لحد ما بدأت أشعر
بالحرارة فى جسدى .
و أمس ليال ،قبل أن أخلد الى النوم فى الثالثة صباح ا ،وصلتنى رسالة قصيرة على الموبايل ،من وزارة الصحة ...ترددت كثيرا
قبل أن أقرأها ،و أغلقت الموبايل ،و قلت فى نفسى؛ دعنى أنام اآلن بهدوء ..ولكنى لم أستطع ..ففتحت الرسالة و بدأت القراءة
"-:السيد فالن..أجريتم مسحة طبية بخصوص Covid 19يوم األحد 14يونيو ،و نعلمكم أن نتيجة المسحة سلبية ..و يتوجب
عليكم الستمرار فى إلتزام قواعد التباعد الجتماعى ".
قرأت الرسالة فى دقيقة ،و بنهاية الدقيقة اختفت كل األعراض المرضية تماما من جسدى ،و غدا أعود ألكمل عملى الذى
انقطعت عنه أسبوعا ،و قد أدركت يقينا أن الصحة تاج فوق رؤوس األصحاء ،ال يراه إال المرضى..و أما الطب ،فال زال
يحبو!!!!
****************
7أبريل 2021
68
ذهبت الضحكات و اختفت البسمات
لتحل محلها قسمات الحزن و ذرفات الدمع
إنا نتباكى اليوم
على زمن لم نقدره حق قدره
وقت أن كان متاحا فى وقته
نتباكى على أناس جميلة
عشنا معهم و بينهم
ولم ندرك قيمتهم
و جمالهم
إال بعد أن فارقونا
....
أعذرني أخى العزيز
إن عجزت يوما أن أرد عليك
أو أتواصل معك
ف قلبى الضعيف ال يحتمل
و روحى المنهكة ال تقوى على التذكر
و الشوك الذى مشينا فوقه من بعدكم
ال نحتمل أن يعيدنا الشوق
فوقه إلى نقطة فى الخيال غير المنظور
تبعث فينا األمل
وتضخ فى أجسادنا الحياة
ثم
ما هى إال لحظات
حتى تقذف بنا
من أعلى عليين
إلى أسفل سافلين
...
لم نعد نحتمل يا صديقي
حتى و إن كنا نسير فى دروب موحشة نحو نهايات مجهولة.
صرنا نؤثر المرار
على التكرار
بل قل
صرنا نؤثر الرقاد فى صمت
على النتشاء فى صخب
حين تدرك أن فرحة اللقاء
أقسى بما ال يقاس
من عذاب الفراق !!!
حين تدرك أن فرحة النجاح لحظات
و ألم السؤال يدوم و يدوم و يدوم
و قتها سوف تؤثر النوم على اليقظة
و لسوف تتمناه
سكرة طويلة طويلة
.......
......
عذرا يا رفيقى األثير
فلطالما اسعدتني رفقتك
69
و كثيرا ما رسمت البسمة فوق شفاهى
و غالبا ما أضحكت روحى و أطلقتها فى سماوات جميلة
....
عذرا
إن صممت عنك اذنى
فلم اعد أحتمل
الجمال
و الحلم
و السعادة
لم أعد أقو على اجترار الفرح
و األمر من ذلك
هو فقدان القدرة على تخليقه
أو تذوقه
.....
اآلن يا رفيقى
أدرك
أن ما هو أقسى من األلم
هو فقدان الحساس به
فإنعدام التألم
يعدمك التأمل
و األمل
فتصبح ال نهائى األبعاد
صفرى المحتوى
....
أعذرنى يا صديقى
فأنت أنت
من يرانى
أثيريا غائما هائما
أبحث عن فراغ ال محدود
فلتفتح لى صدرك و قلبك و روحك
حتى أنفذ الى حيث
لم أكن أنا
و لم تكن أنت
ولم يكن كائنا من كان فى أى كون
متطلعا الى ال شىء ما
فى ال "ال شىء".
***************
25أبريل 2021
70
كنا فى أوائل العام ، 1998فى مجمع الملك فهد العسكرى بالظهران (،)KFMMCحين أيقنت –بواسطة جهاز •
"سونار" -أن زوجتى حامل للمرة الثانية فى ولد .وقتها انتابتنى فرحة عارمة ،أكاد أجزم أنها أكبر فرحة فى حياتى
حتى اآلن.
كانت والدة إبنى األول فى العام 1994فى "مستشفى الملك سعود" فى عنيزة (حيث كنا نعمل) .لكنا قررنا أن تكون
والدة الثانى فى القاهرة .و بالفعل ذهبت زوجتى للوالدة هناك ،قبل موعدها بشهر .
كانت الوالدة طبيعية و سهلة ،و جاءت تتويجا للفرحة التى غمرتنا طيلة شهور الحمل .و فى اليوم الثانى ،أخرجوا
"مهند" (كما اتفقنا أن نسميه) من الحضانة ،لكى ترضعه أمه ،و أنا أراقب ذلك بسعادة ال توصف .غير أنى الحظت
ألول مرة ،أن رأسه صغيرة بشكل ملحوظ .لكنى ؛حاولت أن ال ألفت انتباه زوجتى لذلك .و رغم أنها طبيبة ،إال أنها لم
تلتفت لذلك ،ما أشعرنى بأننى ربما أكون مخطئا ..و رغبة فى الطمئنان ،ذهبت لطبيب األطفال المسئول عن
الحضانة التى كان يرقد فيها مهند ،و سألته مباشرة " -:أال تالحظ معى أن إبنى عنده ( Microcephalyأى
جمجمة صغيرة) ؟؟!" .فأجابنى بكل ثقة " -:صحيح..إبنك عنده ." Microcephalyأو هكذا ألقى بالقنبلة فى
وجهى!! ..لكى تبدأ إحدى أكبر المآسى فى حياتى.
منذ تلك اللحظة ،انقلبت حياتنا رأسا على عقب ،فلقد تم تشخيص حالة "مهند" إبنى ،على أنها ؛
Holoprosencephalyو هى عبارة عن نقص فى نمو أجزاء متعددة من المخ ،وهو ما يعنى حالة مرضية نادرة و
معقدة ،سوف تؤثر سلبا على الجهاز الحركى و الحسى لبنى .و كان طبيعيا أن أقرأ عن تلك الحالة بالتفصيل،
فإزددت اكتئابا و حزنا.
وبدأت المعاناة ! ..فلقد بدأت العمليات الجراحية ،و أولها كان زراعة أنبوب تغذية فى البطن ،لحقن الحليب مباشرة فى
المعدة ،ألن مهند ال يبلع .ثم عملية أخرى لزراعة أنبوب ،يصل تجاويف المخ بتجويف البطن ،حتى يخفف ضغط المخ
المرتفع ،فنقلل من حدوث التشنجات و نوبات الصرع ،التى بدأت تنتابه بين الحين و اآلخر ..و توالت العمليات
الجراحية و جلسات العالج الطبيعى و الحجز أليام عدة فى أقسام األطفال و األعصاب و التأهيل .وصار لدينا طفل
معاق إعاقة كاملة ،فال حركة و ال كالم وال بلع وال إخراج ،اللهم إال إبتسامة بريئة جميلة ،يحيينا بها فيداعب بها قلوبنا
الموجوعة.
و تحولت حياتنا بالكامل ،من حياة روتينية هادئة مسالمة ،إلى حياة قلقة بإستمرار ،متوترة دائما ،و عنصر المفاجأة
فيها ،من فرط تكرار حدوثه ،لم يعد مفاجئا ،فالتردد به على قسم الطوارئ بالمجمع العسكرى ،حيث نعمل ،صار
واردا و متكررا فى أى وقت من ليل أو نهار .
أذكر أن أجمل أيام أى مغترب هى فترة أجازته السنوية ،و عادة ما تكون رحلة العودة للوطن فى تلك األجازة ،هى
أجمل أوقاتها ،فتجد المطار مزدحما ،و تجد المصريين أمام "كاونتر" مصر للطيران أو الخطوط السعودية المتجهة
إلى القاهرة ،تجد المصريين و كأنهم فى عرس وتجد األطفال حولهم يلهون و يجرون وهم فى فرح و سعادة بالعودة
إلى حضن الوطن .وهكذا يبدو الجميع فرح و منشرح ،إال نحن!! .فنحن ندفع مهند محموال فوق كرسى المعاقين
( ، )Wheel Chairو نتقدم ببطئ نحو موظف الك اونتر و نطلب منه أن يخبر مطار القاهرة بأن يجهزوا لنا "اللودر"
الرافع ،فيفعل متعاطفا معنا ،ثم يطلب منا بصوت خجول أن ال ندخل الطائرة إال بعد ولوج كل الركاب ،و ذلك رفقا
بنا ،ألنى أكون وقتها حامال إبنى فوق ذراعى ،فيكون األسهل أن أمر فى ممر الطائرة بسرعة بعدما يستقر كل راكب
فوق مقعده ..أو هكذا تكون الرحلة شاقة بدنيا و موجعة نفسيا لكل فرد فينا.
ظل الوضع كذلك طيلة 16عاما ،كنا خاللها قد استقدمنا خادمة فلبينية اسمها "إلما" ( ،)Elma Vale Dandoو
الحقيقة أنها كانت ماهرة و مخلصة فى عملها ،و األهم أنها أحبت "مهندا " و أحبها مهند ،فصار يبتسم لها و يستسلم
لها تماما ،فتجد عضالت أطرافه مسترخية معها ،واألصل أنها متصلبة معظم الوقت.
وفى منتصف شهر أبريل من العام ،2014كان على أن أحمله إلى طوارئ المجمع العسكرى ،ألن حرارته ارتفعت و
صار يتقيأ كل ما نحقنه فى بطنه من حليب أو ماء ،حتى أنه أوشك على أن يصاب بالجفاف .وهناك ،كان تقييم طبيب
األطفال المناوب ،أنه من األفضل له أن يتم حجزه فى قسم "العناية المركزة" ،ألن حالته قد تتدهور بسرعة ،تتعدى
إمكانات "قسم األطفال" ،فوافقنا .و كانت زوجتى ال زالت تعمل فى قسم "طب األسرة" بالمجمع العسكرى ،فكانت
تمر عليه ،عدة مرات أثناء دوامها المعتاد .فى حين أننى وقتها كنت قد انتقلت للعمل بالمستشفى التخصصى ،فكنت
أكتفى بما كانت تنقله لى أمه ،عن حالته ،التى كانت قد استقرت إلى حد كبير .
71
وفى يوم 16أبريل ، 2014الساعة 11صباحا ،اتصلت بى احدى موظفات عالقات المرضى فى المجمع العسكرى،
لكى تخبرنى أن " -:مهند تعبان شوية ،و يفضل لو أنك تحضر للمستشفى اآلن" .عندها أدركت أن الموضوع جد
خطير .فهرولت إلى المستشفى فالعناية المركزة ،حيث يرقد مهند..وما توقعته و كنت أخشاه ،قد حدث .لقد مات مهند.
مات مهند .مات مهند.
...............
.............
إبنى حبيبى
أين أنت اآلن ؟
بل أين أنا ؟
ال زلت تحيا بيننا
ال زال ملمس جلد وجهك الناعم
أشعر به يالمس جلد وجهى
يسعدنى
ال زالت ابتسامتك حين ترانى
تفرحنى
إبنى حبيبى
لقد اشتقت إليك
باألمس غادرنا "سكن الحيدر"
حيث ترعرعت أنت
ثم كان مرضك األخير هناك
وال زلت أذكر أن أكبر إنجاز فى حياتى هو
أنى حضرت غسلك فى مسجد "الفرقان" المجاور لسكننا.
و بينما الرجل يغسلك
كادت رأسك الصغيرة الجميلة أن ترتطم بمنضدة الغسل بقوة
لوال أنى
و الحمد هلل
توقعت ذلك
و مددت يدى بسرعة
بين رأسك المالئكى و المنضدة
الزلت أتذكر تلك اللحظة
72
و أحمد هللا
أنى كنت معك
فهل سأكون معك هناك ؟!
*******
باألمس القريب غادرت منزلنا "إلما"
مربيتك الفلبينية
لم نتخل عنها بعد أن فارقتنا أنت
و اليوم
بعد أن انتهت الرحلة
كان على كل منا أن يعود الى دياره
وودعناها بالدموع
و إنهارت أختك روال و هى تودعها
يا لقسوة الحياة
ما أن تحلو
حتى يدق جرس الرحيل
وعلى أمل أن نلتقيك
ال زلنا نحيا
**************
9يونيو 2021
أينشتاين
سافر العالم "أينشتاين" إلى اليابان عام 1922في الوقت الذي تم فيه العالن عن فوزه بجائزة نوبل للفيزياء .وفي الفندق لم يجد
معه ماال ليعطيه للخادم الذي جلب له الشاي ،فأمسك ورقة وكتب فيها جملة ثم وقعها وأعطاها للخادم ونصحه باالحتفاظ بها.
و بعد مرور 95عاما –في يوم - 2017/ 10/ 24اتصل أحد أبناء أخوة عامل الفندق ذاك ،بدار المزايدات لطرح الورقة في
المزاد.
بدأ المزاد بالشاري األول و بمبلغ 2000دوالر ،وبعد 25دقيقة توقف المزاد على مبلغ 1.3مليون دوالر.
اآلن ،لنرى ماذا كتب أينشتاين في تلك الورقة- :
73
*حياة هادئة ومتواضعة تجلب قدرا من السعادة أكبر من السعي للنجاح المصحوب بالتعب المستمر*
هذا عندهم ،فماذا عن عالمنا العربي! -:
في العام 1958كان رئيس جامعة بغداد البروفيسور"عبد الجبار عبدهللا" هو أحد أربعة طالب تتلمذوا على يد العالم (أينشتاين)
في معهد (ماساشوستس) في الواليات المتحدة .وعندما حدث انقالب على سلطة (عبد الكريم قاسم) ( )1963اعتُقل العالم
الفيزيائي العراقي تلميذ (أينشتاين) فيمن اعتقلوا من كوادر وسياسيين وأساتذة وعسكريين .وعندما أُفرج عنه هاجر إلى الواليات
المتحدة وأقام أستاذا في نفس المعهد ومنحه الرئيس (هاري ترومان) أعلى وسام في أمريكا [ وسام العالم ].
أحد زمالء الزنزانة عرفه جيدا ،يقول أنه كان يشاهده مستغرقا في تأمالته وكانت دموعه تنهمر أحيانا.
و ذات يوم تجرأ وسأله عن سبب بكائه ،فأجاب العالم الكبير:
عندما جاء الحرس القومي لعتقالي ،صفعني أحدهم فأسقطني على األرض ثم فتش جيوبي وسرق ما لدي وأخذ فيما أخذ قلم
الحبر الذي أهداه إ لي (ألبرت أينشتاين) يوم نيلي شهادة الدكتوراه التي وقعها به..كان قلما جميال من الياقوت األحمر ولم أكن
استعمل هذا القلم إال لتوقيع شهادات الدكتوراه لطالبي في جامعة بغداد.
صمت هذا العالم قليال .ثم قال:
"لم تؤلمني الصفعة وال العتقال المهين ...ما آلمني أن الذي صفعني كان أحد طالبي!!!
هذا ما قاله البروفيسور "عبد الجبار عبدهللا"،
أينشتاين يقول: •
2%من البشر يفكرون
3%من البشر يظنون أنهم يفكرون
95%من البشر يفضلون الموت على أن يفكروا..
الخادم الياباني أكرم "انشتاين ) واحتفظ بالقصاصة ألحفاده بينما رجال السلطة في أمتنا التي تدعى عربية أهانوا أينشتاين
العراق والعرب وكسروا قلم أينشتاين!!!
ليس فقط في العراق بل الوطن العربي قاطبةَ ..دمروا العلم والعلماء والتعليم واهتموا بإنشاء جيل مهووس بالغناء والكرة
والمالهي التي ال تسمن والتغني وال تفيد إال في انهيار األمة.
أمة يهان علماؤها ويصفع فيها الطالب أستاذه هي أمة خارج التصنيف أصال.. •
**********************
11يوليو 2021
74
فالمريض ،المجنى عليه ،من حقه رفع دعوى قضائية ضد من آذاه ،و تعويضه عن أى ضرر سببه له الطاقم الطبى .و هذا
بالضبط الحادث فى كل دول العالم األول و الثانى و كثير من الدول العربية ،لدرجة أنهم يتندرون بأن المستشفيات فى أمريكا ،
تحوى من محاميى التعويضات أكثر مما تحوى من األطباء!!!
هذا الوضع ،رغم أنه يبدو مثاليا و أخالقيا و إنسانيا ،كانت له توابعه التى ال تستطيع كل المجتمعات تحملها ؛ فعلى سبيل
المثال و ليس الحصر :-
( )1تعملقت شركات التأمين –الخاصة بالمهن الطبية -من ناحية اشتراكاتها و اشتراطاتها ،و رغم أن الطبيب هو من يسدد
النفقات ،ألنه العميل المباشر ،إال أن ذلك سرعان ما ينصرف الى المريض نفسه ،و خاصة فى المنشآت الطبية
الخاصة.
( )2ثانيا وهو األهم ،أن هذا التنمر أو قل "الترصد" لألطباء ،خلق حالة دفاعية عند األطباء ،تسمى "الطب الدفاعى "
) ، (Defensive Medicineوهو نوع من الطب غالى الكلفة المادية جدا ،و تعانى من نفقاته و تبعاته الدول الغنية
،فما بالكم بالدول المتواضعة ماديا ؟! .أما المريض ،فهو الخاسر األول فى تلك الحالة .
فما هو هذا الطب الدفاعى ) (Defensive Medicine؟
هذا الطب الدفاعى يعنى ببساطة اللتزام الحرفى المقيت بالمرجع الطبى ،معليا مبدأ "سالمة الطبيب أوآل" ،واضعا ضميره
المهنى و خبرته الكلينيكية فى الثالجة .و يعنى أيضا؛ أن استيفاء األوراق – من الناحية القانونية – مقدم ،من ناحية التوقيت و
األهمية ،على الخدمة الطبية .و هذا يستلزم أن يمر المريض بكل أنواع الفحوصات و التحاليل ،وال ننتقل إلى خطوة عالجية
أخرى ،إال بعد أن يستوفى المريض الخطوة األولى موثقة ،بمعنى أن من لديه "إشتباه نزيف فى البطن" ،فإن عليه أن ينتظر
تحاليل وظائف الكلى أوال ،لكى ينتقل بعدها المريض الى قسم األشعة لجراء أشعة مقطعية بالصبغة على البطن ،و على
الجراح أن ينتظر تقرير األشعة مكتوبا و موقعا من طبيب األشعة ،و كذا أكياس الدم من بنك الدم ،قبل أن ينتقل الى حجرة
العمليات ،بعد أن يحصل على كل التوقيعات التى تفيد بأنه شرح للمريض و أهله؛ كل الحتماالت القائمة ،بما يخلى مسئوليته
من عواقب الجراحة .
ولقد تعرضت شخصيا لمثل تلك الحالة ،حين عرف طبيبى المعالج أننى "زميل مهنة" و بدأت أناقشه فى كل تفصيلة يقوم بها،
فوجدت طبيبى هذا قد بدأ يلتزم حرفيا بالكتاب ،و توقف عن ممارسة خبرته الكلينيكية معى – حتى يريح دماغه من فلسفتى –
فقد أرسل عينة من دمى للمختبر لزراعته و معرفة نوع البكتيريا فيه ،و كان على أن أنتظر فى المستشفى 3أيام لكى تأتى
النتيجة بأن دمى يحوى ميكروب )) ،Streptococcus Viridansفقال لى طبيبى ،أن الكتاب يقول أن هذا النوع من البكتيريا
يتواجد بكثرة على الصمام الميترالى للقلب و بالتالى فيجب العرض على فريق "أمراض القلب" ،و من ثم 3أيام أخرى
بالمستشفى .و قد كان ،و تم عمل تصوير للقلب بالموج ات الصوتية من فوق الصدر ،و كتبوا فى تقريرهم أنهم لم يروا شيئا
غريبا فى القلب ،و أنهم يوصون لزيادة الدقة ،أن يتم عمل تصوير للقلب عن طريق المرىء ،و هذا يلزمه تخدير كلى ،و من ثم
فيجب تقييمى بواسطة طبيب التخدير بعد يوم أو اثنين ،قبل أن يشرع فى تخديرى .و وارد جدا أن يطلب هو اآلخر مزيدا من
التحاليل ،و تاليا أيام أخرى كثيرة ،تضاف الى أسبوعين قضيتهما فى نفس الحجرة و على نفس السرير .و أنا أعلم ،و طبيبى
يعلم ،أن هذه البكتيريا غير مؤثرة على حالتى العامة ،و أن تواجدها فى مزرعة الدم ،ربما يكون محض صدفة ،وفى أسوأ
الظروف فإن عالجها يكون بـ"البنسلين" منذ اليوم األول .
إلى هنا كنت قد انهرت تماما فطلبت من طبيبى المعالج أن أوقع له على أوراق "الخروج من المستشفى على مسئوليتى و ضد
النصيحة الطبية " (LAMA).و أعتقد أن ذلك كان أجمل ما سمعه طبيبى منى ،فأخرج على الفور القرار من جيبه ،فوقعته له،
و خرجت مسرعا من المستشفى ،دون إنجاز يذكر .
فهل تستطيع الدولة – ممثلة فى وزارة الصحة -تحمل كل تلك النفقات ،وهى التى ال تستطيع أن توفر كل األساسيات ؟؟ .و
إجماال ؛ هل سيكون ذلك فى مصلحة المريض على المدى البعيد ؟ أم أنه سيتحمل المزيد من النفقات – فى القطاع الخاص –
دونما نقلة نوعية فى مستوى الخدمة الطبية ؟ !
( )3ثالثا ،وهو أيضا مهم ،أن هذا التجاه ،سوف يكرس حالة "األيدى المرتعشة" لدى األطباء عموما ،و أطباء القطاع
الحكومى خصوصا .فمن ذا الذى سوف يغامر و يدخل مصابا "فى حادث سيارة" أو مطعونا بسكين أو ساقطا من عل
،من هذا الجراح الجرىء الذى سوف يدخل المصاب غرفة العمليات و إحتمال وفاته قائم و تاليا فإن سيف الدانة
على رقبة الجراح .أم أن األسلم له ،من الناحية القانونية ،أن ينتظر األشعة و التحاليل و رسم القلب و أكياس الدم
و..و..إلخ .فإذا نفذ قضاء هللا ؛ "تو زع دم المصاب بين القبائل" ،ما بين قسم األشعة و جهاز رسم القلب و المختبر و
بنك الدم ،و عدد ال بأس به من الممرضين و الداريين ،حتى تصل الى المحافظ و وزير الصحة ،و ينجو الجراح
المتردد ذو "اليد المرتعشة" .فهل هذا ما نصبو إليه ؟ !
( )4رابعا ،و إجماال ،سيتحول المري ض فى نظر طبيبه ،من إنسان عاجز لجأ إليك (كطبيب) سائال العون و المعونة ،لكى
يتجاوز محنته الصحية و يعود سليما معافا و شاكرا و مقدرا خدمتك و علمك و جهدك ،الذى بذلته من أجل أن يشفى
75
هو .سوف يتحول المريض فى نظر طبيبه ،إلى "عدو محتمل"!! .فهذا المسكين الذى يئن و يتوجع أمامك ،سوف
يطاردك غدا – و بمجرد أن يشفى – فى ساحات المحاكم ،و خلفه فيلق من المحامين األشد عداوة و ضراوة .
ومن ثم ،ستتحول مهنة الطب ،من مهنة إنسانية ،إلى "مهلة إستثنائية" ،ال تدرى بعدها متى ستعود إلى "السجن" ،و كم
ستقضى فيه ،قبل أن تعود إلى أوالدك ،نادما على إمتهانك مهنة الطب الذى أهانك !!.
إن المزيد من الضغوط على األطباء ،سوف يدفع القلة الباقية الى الهجرة ،الحقين بأسالفهم .ليس هذا فقط ،بل سيرفع أجر
الجراحات و الحاالت الحرجة بالقطاع الخاص الى أسعار فلكية ،تغطى ماديا احتماالت التعويضات و المساءالت القانونية.
** ال شك أن الهمال مرفوض ،شكال و موضوعا ،و على المهمل أن يتحمل نتيجة إهماله ،و خاصة إذا ما أدى الهمال الى
عواقب صحية تؤثر على المريض بأى شكل من األشكال .و من هنا فإن لجانا فنية متخصصة تؤلفها النقابة ،تدعم القضاء فى
أحكامه ،بخصوص كل حالة بعينها ،ستكون هى الضامن لكل من المريض و الطبيب؛ عدالة الحكم و منطقيته.
أما إذا استمرت تلك الحالة العدوانية ،و استمرأ المشرعون حالة الترصد تلك ،فإن النتائج ،العاجلة و اآلجلة ،لن تكون مرضية
ألى طرف من األطراف ،حتى و إن حسنت النوايا .ف "حسن النوايا" ليس دائما ؛ ضامنا لـ "حسن النهاية" !!.
******************
9أغسطس 2021
76
أما أينشتاين فيقول- :
2%من البشر يفكرون
3%من البشر يظنون أنهم يفكرون
95%من البشر يفضلون الموت على أن يفكروا..
الخادم الياباني أكرم "أينشتاين" واحتفظ بالقصاصة ألحفاده ،بينما رجال السلطة في أمتنا التي تدعى عربية أهانوا "أينشتاين"
العراق والعرب وكسروا قلم أينشتاين!.
ليس فقط في العراق بل الوطن العربي قاطبةَ ،دمروا العلم والعلماء وال تعليم واهتموا بإنشاء جيل مهووس بالغناء والكرة
والمالهي التي ال تسمن والتغني وال تفيد إال في انهيار األمة.
(أمة يهان علماؤها ويصفع فيها الطالب أستاذه هي أمة خارج التصنيف أصال).
*******************
30أغسطس 2021
8فبراير 2022
مأساة النجوم
يوما ما فى العام ، 2011كنت أسير داخل المستشفى التخصصى ،برفقة زميلنا المهذب جدا؛ د".طارق عزيز حماية"..
كان الوقت صباحا ،وكنا ذاهبين إلى مكتب السفر الموجود أيضا داخل المستشفى ،و ذلك لحجز تذاكر أجازتنا السنوية .المسافة
بين المبنيين ،حيث نعمل ،و اآلخر حيث مكتب السفر ،التزيد عن 400متر .أثناء ذلك كان يمر بنا العديد من موظفى
77
المستشفى ،الذين كانوا يوقفوننا للمصافحة و الحديث الودى الذى ال يخلو من مزاح .فتأخرنا كثيرا ،حتى أننا عندما وصلنا
المكتب ،كان قد أغلق لراحة فترة الغذاء .فنظر لى طارق مبتسما "-:شفت شعبيتك الجارفة عملت فينا إيه؟؟".
أنا " -:دى شعبيتك انت..انت هنا قبلى بـ 3سنين".
طارق " -:أنا كنت هنا امبارح..مشيت خمس دقائق فقط ال غير..و أى حد كان بيقابلنى؛ هاى جاى باى و خالص" !!
تلك كانت المرة األولى التى انتبهت فيها لكلمة و معنى "الشعبية".
.........
ثم حدث بعد ذلك بعامين ،أن ذهبت الى عيادة األسنان ،بعد أن بلغ بى األلم مداه ،و بعد الكشف الدقيق من قبل زميل شاب ،خلع
قفازاته و قال لى" -:بكل أسف سوف تحتاج إلى خلع الضرس وقطع العصب المغذى ثم تركيب حشو مؤقت و بعدها التركيب
الدائم".
قلت له و أنا اتألم "-:ماشى ..دعنا نبدأ"
فرد على ساخرا " -:نبدأ إيه ؟!..حضرتك ح تحجز موعد فى عيادة التركيبات عند السكرتيرة برة ..بس أبشرك..مش قبل 6
شهور"!
لم أجادل أو أبد أى ردة فعل ،فقد أحبطنى هذا الطبيب تماما ،و قمت من أمامه و توجهت للسكرتيرة لحجز موعد .و عندما
أعطيتها بطاقتى الطبية ،نظرت إلى بإندهاش " -:أأنت د .حديدى ؟؟"..قلت لها و قد فاجأنى اندهاشها"-:نعم..أنا" .ابتسمت و
أخذت تتفحص كمبيوتر المواعيد ،ثم التفتت لى ثانية و قالت"-:رسميا ،أمامك 6شهور على األقل..و لكنى سأحاول أن أخدمك و
أجعل أحد الختصاصيين يعالجك فى فترة راحته. .فقط أعطنى رقم موبايلك وسوف أتصل بك عندما أتم الترتيبات" ..أحسست
أنها ستتجشم بسببى ماال تطيق ،ثم أنى ال أعرفها حتى تفعل ذلك من أجلى ،فقلت لها بخجل"-:أوال ألف شكر على مجرد انك
تفكرى فى هذا الحل..و لكن ال داعى أن نتعب أحدا آخر" .. .فقالت لى بلهجة حازمة"-:نتعب مين يا دكتور ؟!! ..يا دكتور أنت
بتخدم الصغير و الكبير ..خلينا مرة نخدمك..أعطنى رقم موبايلك"!
تلك كانت المرة الثانية التى أنتبه فيها لصوابية ما أصنعه فى الطوارئ ،عن غير قصد منى.
.......................
أما المرة الثالثة ،فكانت فى العام 2015فى حجرة الكشف السريع المجاورة لمكتب موظفى الستقبال ،إذ حضر إلينا رجل
مصاب بجرح قطعى عميق فى وجهه ،مشتبه فى أن يكون مطعونا بسكين ،رغم أن المريض نفسه ،يدعى أنه وقع زلقا فوق آلة
حادة.
لم أهتم كثيرا بتلك التفاصيل ،و اندفعت أمارس عملى الجراحى ،الذى كان إلى حد ما مرهقا ،فجروح الوجه عموما تحتاج إلى
دقة و حرفية شديدتين ،حتى ال يخلف الجرح تشوها بالوجه .قضيت فى تلك العملية قرابة الـثالث ساعات ،باذال أقصى ما لدى
من مهارات جراحية و تجميلية .و عندما انتهيت و أفاق المريض من تخديره ( )Conscious Sedationتأمل شكله عن طريق
الموبايل ،و أبدى امتعاضا ،ثم أراد النصراف ،و لكنى أخبرته ،أنه ممنوع من النصراف ،إال بعد أن تحضر الشرطة ،و أننا
بالفعل قد أبلغناهم .و هنا ثارت ثائرة المريض و بدأ يصيح بعصبية و توتر شديدين .فى المقابل فقد انفعلت أنا أيضا ،وقلت له
بصوت عال أن يلزم مكانه و يوقف الصياح ،و لكن ما حدث هو أن المريض زاد انفعاله و صياحه .فما كان من موظف
الستقبال ،و كان يومها؛ "محمد الرناخ" ،إال أن اقتحم الحجرة ووقف إلى جوارى ،و بدأ يصيح فى المريض بحدة و يهدده .ثم
تحدث تليفونيا طالبا رجال أمن المستشفى ،الذين حضروا مسرعين و سيطروا على الموقف.
و بعد أن هدأت األحداث ،قلت لـ "محمد الرناخ" " -:ما الذى جعلك تتدخل بهذا الشكل ؟!" .قال لى بثقة و ابتسامة عريضة -:
"تلك أول مرة أسمعك فيها منفعال ..و بالتالى أدركت أن هناك أمرا جلال قد حدث..لذلك اندفعت داخل غرفة الكشف كى
أحميك..و أنا أهرع إليك صرخت فى ممرضة الفحص األولى ( )Triage Nurseأن تتصل باألمن" ..قلت متسائال -:
"تحمينى؟!" .قال بثقة و جدية "-:طبعا..أنا اندفعت كالمجنون ..ما بأفكرش..أنا كان ممكن أقتله لو كان تمادى شوية".
78
هنا أحسست بالمسئولية الخطيرة ،فالناس من حولى يثقون بى و بقدرتى على التحكم بانفعاالتى ،و امتصاص غضب المرضى.
لذلك أحسست أنى أخطأت خطأ جسيما ،حين انفعلت فى موقف ،كان يمكن تداركه و احتواءه .و إجماال ،أننى قد سحبت من
رصيدى لدى الزمالء العاملين معى .وهو رصيد اكتشفت أن كله ثقة و إحترام و تقدير .وأنه من العبث ،هدره من دون ضرورة
حتمية.
...................
فى نفس الوقت ،كان إبنى "زياد" ،يكافح فى نفس كليتى (على درب أبيه)؛ القصر العينى ( 2018-2013م) ،و كان يدور
بخلدى أحيانا كثيرة ،أنه قد اقترب اليوم الذى يتعين على فيه أن أنقل له خبرتى و تجاربى فى الحياة و نصائحى العلمية و
العملية .ولم يك ن إبنى فقط من أعنى ،بل كل األطباء الشبان الذين كانوا يمرون بقسمنا ،كجزء أساسى من "برنامج الزمالة
السعودى"( .)Saudi Boardوجدت أن النصائح كثيرة ،وال تختلف كثيرا ،عن نصائح باقى الستشاريين ،و هى تبدأ من ؛
استحضر هللا فى ذهنك و ضميرك ،و أنك تتعامل مع هللا و ل يس مع البشر ،و تنتهى سلسلة النصائح الكالسيكية بالقول بأن
تتعامل مع المريض و كأنه أبوك أو أخوك ،و حاول دائما و أبدا أن تبث فى المريض روح التفاؤل واألمل فى الشفاء ،مهما
كانت حالته الكلينيكية ،فإذا ما كان ثمة أخبار سيئة ،عن وضع المريض الصحى ،فلتنبئ مرافقه بعيدا عنه ،و ذا بعكس
التوصيات األمريكية و األوروبية فى مثل تلك الظروف ،إذ تراهم جادون فى إخبار المريض تفاصيل مرضه ( Breaking
.) Bad Newsو منطقهم فى ذلك يعود إلى قوة المساءلة القانونية هناك ،و تحايالت المحامين الذين يتصيدون الهنات و ينفذون
من هكذا ثغرات.
غير ذلك ،فإن النصيحتين اللتين أعتز بإحتكارهما و بذلت فيهما سنوات من المالحظة و الختبار و التعديل ،حتى وصلت إلى
صياغة معقولة لهما -:
** النصيحة األولى -:هى أن هناك أناس حباهم هللا بـ "كاريزما" طاغية ،و حضور الفت و مبهج ،و هى نعمة من هللا
يحسدون عليها ،من هؤالء كان الزمالء (بدون ترتيب) -:عماد محسن ،هشام سرور ،محمد طرطير ،ياسر عايش ،طارق بدير
،مبارك الملحم ،خالد أبو حيمد ،سامى قشقرى ،صالح آل هتيلة ،محمد الملحم ،محمد الغامدى ،عبد هللا الشهرانى ،خالد الملحم
،عدنان اليوسف ،بندر الجهنى ،وائل عيد ،فهد المجالد ،هتان عسيالن ،فيصل طاهر ،صالح علم ،على الزيرة ،محمد عبد
رب النبى ،مقداد ..،..إلخ .و هؤالء أحسبهم نجوم الشاشة!!
وهناك الناس العاديون ،الذين أحسب نفسى واحدا منهم ..و هم ينقسمون فى رأيى ،و بحسب مالحظاتى ،إلى ثالثة أقسام )1( -:
كومبارس شرير ،و هؤالء يمثلهم الموظفون المتقاعسون ،و الممرضات المهمالت ،و العمال الذين ال يعملون.. ،إلخ ،و إجماال
هم مجموعة البشر الذين إذا رأيتهم ال تتفاءل خيرا -: )2( .كومبارس صامت ،و هؤالء هم الغالبية العظمى من البشر ،الذين
يشكلون جل الصورة و المساحة العظمى من العمل الفنى ،إذا ما شبهنا حياتنا العملية اليومية ،بعمل فنى متسلسل .وهؤالء
يؤدون معظم العمل ،بال تقاعس و أيضا بال حماس -: )3( .النقاط المضيئة؛ (وهم الهدف من تلك النصيحة) ،و هم مجموعة
البشر ،الذين يمثلون البطولة الثالثة و الرابعة ،فى أى عمل سينمائى ،أو ما يطلق عليه ؛ "السنيد" (أى من يسند البطل الرئيس).
و هم مجموعة الموظفين و العمال ،المخلصون فى أعمالهم ،و يمتازون بروح سمحة و أخالقيات راقية ،وال يتحدثون كثيرا ،و
عتابهم إبتسامة خافتة ،و إمتنانهم إبتسامة عريضة ،وهم دائما متصالحون مع أنفسهم و مع اآلخرين .و هؤالء تحديدا ،إذا ما
رأيت أحدهم ،أنا أو أنت ،فإننا نشعر بالراحة و الطمأنينة ،فكل شىء سيسير على ما يرام .و أنا أعتقد أن هذه المنطقة
ا لمجتمعية ،هى أجمل المناطق و أهدأها و أسعدها .فاألبطال (المنطقة األولى) هم كالنجوم فى مركز الدائرة ،و هم صناع
الحدث ،و يتحملون مشقة إسعاد الجميع ،و تلك مهمة ال يقوى عليها إال نخبة متميزة و محظوظة ،فإن لم يحالفنا الحظ و كنا
منهم ،فنحن نستطيع أن نكون نقطة سعا دة مضيئة فى اللوحة الكبيرة .و ياله من نجاح ،حين يذكر أحدهم إسمك ،فيبتسم اآلخرون
!!.
** النصيحة الثانية -:و هى تختص بالتعامل مع المرضى و المرافقين .فالكثير منهم ،يكون متوترا ثائرا ،و بالطبع يصيب
األطباء من ذلك التوتر الجزء األكبر..و ألن الطبيب ـ وخاصة طبيب الطوارئ ـ يكون مستفزا معظم الوقت (بحكم نوعية
الحاالت التى يتعرض لها) ،لذلك تجد منطقة الطوارئ قد احتشدت برجال األمن ،معظم الوقت.
79
بإستمرار يتقدم لنا مرافق المريض وهو ثائر "-:دكتور ..هل هذا يصح؟ ..والدى مريض بالسرطان و أخذ كيماوى أمس و
اليوم سخن علينا و من الصباح وهو بيطرش..يعنى حالته حرجة ..تقوم الممرضة تتركنا فى صالة النتظار ساعتين..هل هذا
يصح؟؟".
فيرد عليه أحدنا بهدوء حذر " -:فى الوقت الحالى ،كل األسرة مشغولة ،و حالة والدك كما تقول أنت تستحق الفحص و العالج
على سرير ،و ليس على كرسى".
فيرد البن ،وقد زاد غضبه ،و ظهر عليه أنه يكظم غيظه "-:والحل؟؟..نتركه هكذا حتى يموت؟!".
فيرد زميلنا بهدوء روتينى "-:إن شاء هللا يفضى سرير و ندخل والدك"
البن "-:يعنى هو اللى عليه الدور ؟!"
زميلنا (وهو يشير إلى سلة الملفات) "-:كما ترى..هذه الملفات كلها فى النتظار..و هى مرتبة حسب وقت الحضور..فال نستطيع
أن نقدم مريض على آخر"
البن وقد عال صوته ،و بدأ يفقد أعصابه " -:أقول لك عنده سرطان و تقول لى بالدور و الوقت و ما أدرى إيش..هذا مو
معقول".
وهنا يعلو صوت زميلنا و يحتد "-:كل مرضانا عنده م سرطان..و أنت الحين تعطلنى و تؤخر والدك أكثر ..".ثم يشير الى بوابة
الطوارئ" -:و اتفضل أخرج برة" .وهنا ينتبه رجل األمن الواقف بجوار باب الطوارئ الى الصياح ،فيسرع إلى زميلنا ويقف
بينه و بين المرافق ،و يطلب من المرافق أن يخرج من منطقة العالج ،إلى صالة النتظار حيث يجلس أبيه على الكرسى
المتحرك ،فى معية المرضى اآلخرين.
عندها ،ينصرف زميلنا ليباشر مرضاه ،بينما يشعر البن ،أنه دخل فى متاهة ،فهو لم يفد والده بشئ ،بل بالعكس ،أثار عدوانية
العاملين بالمستشفى ،مما قد ينعكس سلبا على والده .و هنا تثور ثائرته ،و يرفض النصياع ألوامر رجل األمن ،و يبدأ فى
الصياح "-:وينه مدير المستشفى؟؟ ..أبغى مدير المستشفى يجينى حاال" ..وهنا يتحدث رجل األمن فى جهازه الالسلكى ،و ماهى
إال لحظات قالئل ،حتى يتجمع المزيد و المزيد من رجال األمن ،فيحملون المرافق حمال إلى خارج منطقة الطوارئ ،لكى يبدأوا
معه سيناريو متكرر يوميا ،بل كل ساعتين تقريبا ..ذلك إذن موقف مكرور ،بدرجة أنه صار من أبجديات قسم الطوارئ.
ثم حدث ذات مرة ،فى أبريل من العام ، 2016أن تقدم ناحيتى ،أحد المرافقين ،و كالعادة كان ثائرا محبطا " -:ممكن تشوف
الوالدة لو سمحت يا دكتور". .وقتها كنت أحمل أحد الملفات وعلى وشك أن أستدعى المريض صاحب الملف ،فقلت له و أنا
أنظر الى السم المسجل على الملف" -:هو إسم الوالدة إيه ؟" ..فيرد بصوت عال و قد نفذ صبره "-:مشاعل حمد الدوسرى"،
قلت له منصرفا إلى صالة إنتظار السيدات ،و ناديت اسم المريضة التى حان دورها" -:فائزة سعد العنزى" ،فوقفت المريضة و
اقتربت منى ،فتراجع ذلك المرافق بعدما شعر ،أننا قد شغلت مع مريضة أخرى ..و كان على أن أتقدم المريضة ألرشدها الى
سرير الكشف .وما أن تقدمت خطوة حتى لفت نظرى إحدى المريضات ،فوق الكرسى المتحرك وهى تتأوه فى صمت و رأسها
يتمايل يمنة و يسرة..أحسست أن تلك المريضة تتدهور إكلينيكيا ،فأسرعت أدفع كرسيها المتحرك إلى داخل منطقة العالج و أنا
أصرخ فى الممرضات( Resuscitation -:إنعاش) .و ذا يعنى أن الحالة خطيرة جدا و أن تهرع ثالث ممرضات على األقل،
إلى سرير النعاش ،و يهرع إلى أح د الممرضين ليساعدنى فى دفع الكرسى ..و خالل ثوان معدودة ،كانت المريضة فوق سرير
النعاش ،و قد اتصلت بكل األجهزة عن طريق خصالت مختلفة من األسالك..كانت حالة المريضة صعبة ،فلقد تدهورت إلى
درجة الصدمة ،و أما القلب فكان ينبض بسرعة وبدون إنتظام أو مايعرف بـ"تدهور البطين" ()Ventricular Fibrilation
مما اضطرنا إلى استخدام الصدمات الكهربية ،و تم إنقاذ المريضة .قضينا مع المريضة قرابة ساعتين فى ذروة العمل السعافى
السريع والمنظم .وعندما انتظمت العالمات الحيوية للمريضة ،شعرنا كلنا بالراحة ،و كالعادة ينتابنا شعور داخلى بالتيه و الفخر
بذواتنا.
و عند خروجى من منطقة النعاش ،مبتسما لباقى الطاقم الطبى ،كعالمة رضا و إمتنان على أدائهم الرائع ،إذا بى أفاجأ بنفس
المرافق (إبن المريضة مشاعل حمد الدوسرى) ،يهرع إلى ثانية و هو يصرخ متوسال "-:أمى يا دكتور ..أمى..".نظرت الى
80
الناحية األخرى متأففا " -:انت إيه يا أخى ؟!..مش شايف اللى احنا فيه ؟!..ثم إحنا خمسة أطباء على رأس العمل ،فلتذهب إلى
طبيب آخر" ..فعال صوت البن متهدجا و يكاد يبكى " -:يا دكتور هذى هى أمى" و أشار الى المريضة التى أنقذناها للتو.
عندها فهمت سوء التفاهم ،فقلت له بصوت خجول" -:أمك ،الحمد هلل ،كويسة"..هنا انفجر البن فى البكاء ،و انتفض جسده
بعنف ،و كاد يسقط على األرض وهو يردد " -:الحمد هلل ..الحمد هلل" ،ففتحت له ذراعى و احتويته قبل أن يسقط ،ولم أستطع أن
أمنع دموعى من أن تنهمر.
تلك الحادثة ،آلمتنى كثيرا ،فماذا لو أننا لم نستطع إنقاذ هذه المريضة؟! ..صحيح أن أحدا منا لم يكن مخطئا أمام القانون المنظم
للعمل فى تلك المنطقة الساخنة ،فالمسئولية هنا تقع على الممرضة األولى التى فتحت لها الملف و سجلت به عالماتها الحيوية و
قيمت المريضة من ناحية الخطورة القائمة ،فقد كان األجدر بتلك الممرضة –على مهارتها المشهود لها –أن تعطى تلك
المريضة ،أعلى تقييمات الخطورة الكلينيكية ،و تدفعها –محمولة – مباشرة إلى منطقة النعاش .و رغم ذلك ،فإننا –كل الطاقم
الطبى المناوب – ال نستطيع أن نعفى أنفسنا من استشعار التقصير أمام هللا و تأنيب الضمير .و ألننى كنت واحدا ممن لجأ إليهم
البن مبكرا ،وألننى أخذت شكوى البن بإستخفاف إلى حد ما معتبرا أنه مثل باقى المرافقين الذين يحاولون لفت النتباه و
تخطى باقى المرضى الذين وصلوا قبلهم ،ألننى من فعل ذلك مع تلك المريضة و إبنها تحديدا ،لذلك إنتابنى شعور حاد بالخجل
من نفسى ،استمر معى عدة أيام .و قررت بعدها أن أتأخر فى ردة فعلى ،على المرافق الذى يقاطعنى أثنا عالجى لمريض آخر.
فالداعى لإلجابات العدوانية من مثل؛ أال ترانى مشغول؟! ..أو ؛ هل يعنى ذلك أن مريضك أهم من هذا المريض الذى ترانى
أكشف عليه؟! ..أو ؛ إذن أنت تعنى أن أترك هذا المريض بدون عالج و أذهب إلى مريضك ؟! ..إلخ من باقى الردود المنطقية،
ولكنها رغم ذلك إستفزازية إن لم تكن عدوانية .فنحن معشر األطباء ،نسقط من حسباننا المشاعر الخاصة جدا بين أفراد األسرة
الواحدة ،و نطلب منهم أن يكونوا حياديين مثلنا تجاه مرضاهم و المرضى اآلخرين .وهذا و إن كان هو العدل ،إال أنه عدل
جاف و مجاف تماما للطبيعة البشرية.
وهكذا ألزمت نفسى مذ ذاك بقاعدة الـ "خمس دقائق"؛ وهى أال أرد على أى طلب مستفز من أى مريض أو مرافق ،إال بعد 5
دقائق (أو أعد من 1إلى ،)100و أن أفترض الصدق فى كالمه إلى أن يثبت العكس .فى خالل تلك الدقائق ،فإن مزاجى و
مزاج الطرف الثانى ،يتغيران و يصبحان تحت السيطرة ،فيهدأ الصوت و تختفى الكلمات الستفزازية و كثيرا ما تتغير
المواقف ،بالطبع إال استثناءات قليلة.
*********************
21فبراير 2022
آخر مناوبة!!
اليوم كان 2022/02/21الساعة الثانية و النصف ظهرا ..كنت فى طريقى الى المستشفى (( الملك
فهدالتخصصي بالدمام)) ،لكى أبدأ دوامى بعد نصف الساعة .نظريا؛ ليس ثمة تغيير يذكر ؛ الجو صحو و جميل ،والطريق ال
يستغرق أكثر من 7دقائق ،و رجل األمن على بوابة المستشفى أشير له بالتحية كالعادة ،فيفتح لى البوابة و قد علت البتسامة
وجهه الطيب ،و بهدوء أقود السيارة داخل طرقات المستشفى متجها ناحية "جراج" السعاف .
مشوار مكرور ،تقريبا يوميا – فيما عدا األجازات -طيلة اثنتى عشرة عاما متصلة ،خالية من أى انفعاالت حادة ،فال إحباطات
من أى نوع ،و بالمثل ال إنجازات مبهرة ..اللهم إال مشاعر هادئة ،وسمت شخصية كل العاملين فى مستشفانا الجميل ،بالهدوء و
دماثة الخلق .هى إذن معزوفة يومية من النوع األوبرالى الراقى ..كانت تصيبنى أحيانا ببعض الملل ،فنشتاق ليوم العطلة و
الحرية و عدم اللتزام بمواعيد مسبقة أو الحقة ..يوم نقضيه ،نحن و بعض األصدقاء المقربين ،على ساحل الخليج ،فى هدوء ال
يقطعه إال شقشقة الطيور المهاجرة.
81
لكن ما يختلف اليوم ،هو أن اليوم هو آخر يوم لى فى العمل !! .لقد حان زمن "التقاعد" !!! .بل لقد تجاوزته بعامين ،بسبب
ضغوطات الكورونا .
اليوم أتجه الى العمل ،و مشاعر متضاربة تنتابنى؛ ما بين أننى مقبل على فترة راحة جسدية ،و ذا من المفترض أن يسعدنى ،و
ما بين أننى منذ الغد ،لن يكون لى عالقة بمرضاى ،و ستنتفى عنى صفتى الرسمية كطبيب مسئول بالمستشفى ،وقد يوقفنى
رجل األمن متسائال -:إلى أين ؟!.
كان يوم عمل عادى جدا ،و الكثيرون ،بل معظم الفريق الذى كان يعمل معى ،لم يكونوا يدركون ،أن ذا ؛ هو يوم عملى األخير
!! و بمرور الدقائق بدأوا يدركون ذلك من ثنايا حديثى ..و رغم أنهم جميعا كانوا يعلمون ،أن أربعتنا مغادرون – د .ياسر
عايش و د .طارق بدير و د .عماد محسن و أنا – إال أن أحدهم ال يعلم تحديدا تواريخ المغادرة.
و ما أن بدأ أعضاء فريقنا – الذين هم على رأس العمل – يدركون حقيقة أن تلك المناوبة ،هى المناوبة األخيرة لى فى
المستشفى ،حتى انفجر بركان الحب و المشاعر الجياشة و العواطف الجميلة ،لم أتحمل هذا البركان الروحانى الجميل ،فإنزويت
قليال فى حجرة األطباء ،أكفكف دموعا تسللت من عيونى رغما عنى .وقتها أحسست أن قلبى كاد ينخلع من صدرى ،و أن
قدماى ال تقويان على حملى ..استرحت قليال ،ثم خرجت من الحجرة ،لكى أفاجأ بأن الزمالء فى قسم األطفال قد أحضروا
كعكة ،كتبوا عليها إسمى.
ياله من يوم !! ...وقتها أدركت ،أن مشاعر الحب و األخوة و الصحبة الجميلة ،أكثر قسوة و إيالما –عند الفراق – من مشاعر
الكراهة و العداوة .
*** أحبائى فى مستشفى "الملك فهد التخصصى" بالدمام ،ليتنى كرهتكم و كرهتمونى!! ..ليتكم ناصبتونى العداء !! ..ليت
حبكم لم يتسلل إلى وجدانى و دمى ...ليت صوركم لم تتسرب إلى داخل خاليا جسدى الواهن .
قل لى ،باهلل عليك ،أيها المالئكى الذى تتأملنى عن بعد ؛ كيف أخلع صورتك من دمى و قلبى و من عينى؟!.
قولوا لى أيتها البشر الجميلة ..باهلل عليكم ؛ كيف أنساكم ؟ !.
قولوا لى ،يا من صنعتم فى ذاكرتى ،أجمل الذكريات ،كيف تحلو لى الحياة بدونكم ؟!!
*************
اليوم
و اليوم فقط
أدركت حقا
أن من الحب ما قتل
لقد قتلتمونى بحبكم
فلقد رأيتكم
مالئكة
هبطت إلى بالحب من السماء
و سكنت قلبى و عقلى و روحى
فكيف نفترق اليوم ؟!
و هل تعيدون إلى أشيائى ؟!
82
قلبا بكم و لكم
قد خفق
و عقال ،بمنطق الفراق
قد صعق
و روحأ ،معكم
قد هامت فى األفق.
فـلتترفق يا رفيقى
حذار
أن تصادف عينى عيناك
فتنهار و أسقط منهارا
حذار
أن تقول ؛ وداعا
فيختنق صوتك
و تقتل العبرات أصواتى
أغلق عينيك و لتنصرف فى صمت
و دعنى و شأنى
ال أدرى ماذا أفعل بحياتى ؟؟!!
***********
23فبراير 2022
اليوم الثانى
ذهبت فى اليوم التالى ( 22فبراير )2022للمستشفى ،كى أبدأ اجراءات إخالء الطرف ( ،)Clearenceالوقت كان
العاشرة صباحا و الطقس كان شتويا دافئا و السماء صافية و الشمس ساطعة .مشيت من موقف السيارات إلى مبنى الموارد
البشرية .أخذت أتأمل شوارع المستشفى ال داخلية و حدائقها الجميلة ،و الموظفون و العمال يتجولون فى هدوء بين المبانى
العديدة.
يا هللا ..ما هذا الجمال ؟!!! .إنها جنة هللا فى األرض ..تلك البقعة الجميلة من الكرة األرضية ،تنتمى إلى و أنتمى إليها ..أذوب
فيها و تذوب فى ..لقد صرنا قطعة واحدة ،فكيف نفترق ؟!.
83
كل من كان يمر بى ،كان يحيينى ،فمعظم العاملين يعرفوننى و أنا أعرفهم ،و ليس بيننا إال الحب و المودة .نتخاطب بإبتسام أو
بلطيف الكالم .إنهم مالئكيون يتجولون فى أركان الفردوس األرضى .فلماذا يجب على أن أخرج من هذا الفردوس ،و كيف أحيا
خارج هذا الطار ؟!.
وفى المساء إلتقيت بـ عماد محسن و مقداد و محمد البراهيم ،على أحد مقاهى كورنيش الدمام .وتحدثنا طويال عن تأثير إقامتنا
الطويلة فى السعودية عموما وفى الظهران خصوصا ،على شخصياتنا .فخالل ثالثين عاما ،هى مدة إغترابى ،لم يحدث أن
تشاجرنا مع أحد أو حتى شاهدنا شجارا فى الشارع .حتى فى المرات القليلة التى إصطدمت فيها بسيارتى ضد سيارة أخرى ،لم
نتشاجر و لم نتوتر ال أنا وال صاحب السيارة األخرى ،بل نزلنا من سياراتنا و تصافحنا وتولى أحدنا مهمة إبالغ المرور ،
فارسلوا لنا سيارة معاينة الحادث (نجم) حبث يتولى أحدهم تقييم الحادث .ثم ينصرف كل منا الى حال سبيله ،لكى تتولى شركات
التأمين الحقا مهمة إصالح السيارات المصدومة.
** الحياة فى السعودية ،و أحسبها كذلك فى كل دول الخليج ،منظمة جدا .وهو نظام ليس متروكا ألهواء البشر ،و إال لما صار
هناك نظام ،فليس أقل من 30جنسية مختلفة م تواجدة فى منطقة الظهران ،على سبيل المثال ،ولو ترك األمر لتصرفات البشر،
كل حسب هواه و ثقافته و تربيته ،لصار األمر إلى فوضى عارمة .لكنها قوة القانون يا سادة ،و تاليا قوة من ينفذ القانون .فرجال
الشرطة هنا لهم هيبة عظيمة ،تمنعنا من تجاوز إشارة المرور الساعة 3فجرا ،بينما الشوارع خالية تماما من المارة .و حديثا ـ
منذ العام -2010تم تغطية كل األماكن العامة و الطرق والشوارع ،بالكاميرات .و تاليا فأنت لن تجد إطالقا ،من يلقى بالقمامة
فى الشارع .ليس هذا فقط ،بل صار يمكنك أن تقدم بالغا ضد أى مصلحة حكومية أو خاصة ،على جوالك ،و دون أن تتجشم
أى عناء ،و لسوف تفاجأ بمن يتصل بك ليعلمك بما انتهت إليه شكواك .و من ثم ،فالسمت العام هو النضباط المتزمت ،بطريقة
قد ترهقك كموظف أو عامل تؤدى خدمة محددة ،إذ لن يقبل منك أحد أى استهتار أو تراخ .و بالمثل ،فإنك لن تقبل بحقك
منقوصا من قبل آخرين.
و مازاد أنماط الحياة ،عالوة على النضباط ،سهولة و يسرا ،هو إلتزام الحكومة بإقتناء كل التطبيقات الفتراضية ( Online
)Apps.أوال بأول ،حتى أنى فى العام 2019بعت سيارتى ،و أنا جالس فى البيت دون أن أرى المشترى ،فالسيارة كانت فى
جراج العمارة و مفتاحها كان مع الحارس ،حين كان يعاينها المشترى ،الذى اتصل بى على الموبايل و اتفقنا على السعر ،وفى
التو و اللحظة حول المبلغ إلى حسابى البنكى ،فما كان منى إال أن أصدرت له تفويضا "أونالين"(من موقع "أبشر") ،بالبيع
لنفسه و للغير .و بعد ربع ساعة وصلتنى رسالة من إدارة المرور تسألنى "-:هل توافق على بيع سيارتك إلى إكس من
الناس؟" .فأجبتهم بـ "نعم" ،فردوا على بعد دقيقتين ،بأنه منذ اآلن ،انتقلت ملكية السيارة و رخصتها إلى المشترى بصورة
نهائية.
أما آخر النجازات التى حققتها من البيت "أونالين" أيضا ،فكانت أنى تمكنت من إنشاء حساب جار فى "البنك السعودى
األمريكى" ألول مرة ،دون أن أذهب للبنك .استغرق األمر 3دقائق فقط ،بعدها وصلتنى رسالة بها رقم حسابى الجارى إشعار
بأن أمر بأى فرع للبنك خالل شهر لطباعة البطاقة الممغنطة ( )ATM cardمن الماكينة الموجودة فى مدخل أى فرع ،دون أن
أقابل أحدا من موظفى البنك ،الذين تقلص عددهم فى أى فرع ألى بنك إلى قرابة الخمسة موظفين فقط ال غير .
**********************
28فبراير 2022
84
الموظفين إال مرة واحدة فى السنة ،عند تجديد التعاقد ،وما يلزمه من كشف طبى عام يثبت أو ينفى ،قدرة الموظف على مزاولة
المهنة لعام آخر .
و طبيب الطوارئ ،معروف و مشهور أكثر بكثير من أى طبيب فى أى تخصص آخر ،الذي قد ال يذهب له الموظف أبدا طوال
فترة عمله ،إذا لم يعتر الموظف شيئا يمت لهذا التخصص بصلة ما.
أما قسم الطوارئ ،فما من موظف إال و تردد عليه ،إن لم يكن لنفسه ،فـألحد من أهله أو رفاقه .و من ثم انطلقت شهرة طبيب
الطوارئ .فإذا أحسن أحدنا إلى الموظف المريض ،قوال أو فعال أو بهما معا ،ارتفعت أسهمه فى هذا المجتمع الصغير ،مجتمع
العاملين بالمستشفى ،الذين يتجاوزون األلف من العمال و الموظفين و الفنيين.
و الحقيقة أننى لم أدرك تلك الظاهرة ،إال رويدا رويدا ،و خاصة عندما كنت أذهب كمريض إلى احدى العيادات المتخصصة،
حيث أفاجأ بحفاوة شديدة من أحد العاملين هناك ،ألنى يوما ما أحسنت استقباله و عالجه فى الطوارئ .ليس هذا فقط ،بل إنى
اكتشفت ،أنه و بطول مدة بقائى فى نفس القسم ،فإن المرضى األصليين ،صاروا يعرفون إسمى و كذلك أسماء الزمالء القدامى،
و صار تقريبا ،لكل مريض طبيبه المفضل .و صارت الممرضات يعرفن بالتقريب ميول بعض المرضى .و يوما بعد يوم صار
لى "لستة" معروفة .وصارت الممرضة تأتى إلى و هى مبتسمة لتبشرنى بأن المريض " “ Xقد وصل ،وأنه يعلم أننى مشغول
و لسوف ينتظرنى فى صالة النتظار ،وأنه يرفض أن يفحصه زميل آخر .و برغم أن هذا السلوك ،كان يرهقنى الى حد ما ،
فقد صرت ملزما بالكشف على هذا المريض ،إضافة إلى مرضاى الذين هم فى رقبتى اآلن .ليس هذا فقط ،بل إننى يجب أن
أكون عند حسن ظنه ،بعدما وضع فى كل ثقته .و صار يتصرف معى كما لوكنت والده وهو إبنى الوحيد (مهما كان عمره)،
فتراه مبتسما معظم الوقت ،و يفعل ما أطلبه منه بهدوء و بدون جدال .و فى الحقيقة فإن ذلك كان يرضى غرورى و يسعدنى
جدا ،ما كان يحفزنى إلى بذل المزيد من الجهد ،سواء مع هؤالء المرضى"اللستة" أو غيرهم .و أحسب أنه من أسعد أيامى،
يوما أتت لى ممرضة "الفحص المبدئى" ،و كانت سعودية حديثة العهد بالمستشفى ،فقالت لى "-:أأنت دكتور حديدى ؟" ..قلت
لها " -:نعم " ..قالت لى :ـ"ماذا تفعل للمرضى؟ ..كل مريض ،قبل أن يقول لى شكواه ،يسألنى؛ د .حديدى موجود ؟!!".
ومرت السنون ،فكنت أتقدم فى العمر و مما ال شك فيه ،أننى و دون أن أدرى ،كنت أزداد هدوءا و روية و قدرة على إستيعاب
شكاوى المرضى و آالمهم و كذا آمالهم .و بالتالى زادت شعبيتى إلى حد كبير ..وهو ما تسبب لى فى أزمة نفسية من نوع
غريب ،لم أدركها أو بمعنى أصح؛ لم تؤلمنى و تؤذينى ،إال فى اليوم التالى لخروجى على المعاش .فطوال أكثر من 12عاما
تعودت أن أذهب يوميا إل ى المستشفى ،فألتقى الزمالء و طاقم التمريض و الموظفين و رجال األمن ثم المرضى ،ما ال يقل عن
30إنسانا مختلفا ،وكل هؤالء يبدأ حوارى معهم بالتحية و البتسام ثم حوارات قصيرة مفعمة بالود و الفكاهة و الدفء العائلى،
حتى أن "عبد هللا الشهرى" ،الدارى المناوب فى ق سم الطوارئ ،أطلق على لقب ؛"صانع السعادة" .أو هكذا تأسست سعادتى
على اقتطاف إبتسامات الرضا و المحبة من ثغور ما ال يقل عن 30إنسانا ،دونما عالقة خاصة وعميقة مع إنسان واحد أو اثنين
بعينهما ،وهو ما يماثل إلى حد كبير؛ العالقة بين النجم العالمى و جمهوره العريض ،وهى عالقة من نوع خاص ،فذا النجم
العالمى ،تعود على التحليق عاليا سامقا بعيدا عن تفصيالت و ماديات العالقات البشرية العادية .أو قل أن هذا النجم ،صار
يعيش فى كوكب آخر بعيد ،ال وجود له إال فى خياله ،و ما حمله إلى هذا الكوكب ،إال حب اآلخرين و سعادتهم به .و عندما
تطول المدة ،يكاد الخيال الفتراضى ،يتحول بكثافة األفعال و النفعال ،إلى واقع إفتراضى .فإذا اختلت أطراف المعادلة ،أو
اضطربت ظروفها ألى سبب ما ،تالشى الخيال الفتراضى وما يحويه من تصورات ،و سقط الكوكب البعيد فى حضن الواقع
األرضى المادى ،محدثا جلبة و ضوضاء مدوية .فيالها من صدمة و ياله من ارتطام !!.
**********************
8مارس 2022
86
آلمتها أشواق و أشجان
من يسعده حظه و يدخل بستانكم
سوف يزكمه العطر الفواح
سوف تسكره األفراح
سوف تسقط من حساباته الخسائر و األرباح
إذ أنكم ستجعلوه أثيريا يمتطى الرياح
يذوب فى األرواح
كانت رحلة فوق السحاب
فوق الزمن
فوق البشر
كانت أجمل قدر
و اآلن حان وقت الياب
حان وقت الذهاب
فلكل رحلة
و إن طالت
نهاية
وال تحزن يا صديقى
فما الحياة كلها
إال رحلة اغتراب
لم يجعل لها قيمة
إال الفتراق
فلتكفكف دمعك يا صديقى
ف دمعك غال
و قدرك عال
و أنا مآلى الى الحزن
و الحزن مآلى
فلنفترق من غير وداع
فأنا ال أقوى على الوداع
87
لقد وهن العظم منى
وال أدرى ماذا أفعل بما يتبقى لدى
بقايا العمر
و بقايا الجسد
و بقايا روح مأزومة
و بقايا ضحكة مهزومة
انصرفوا أنتم حتى اليضيع منكم الطريق
و أطفئوا نور الحجرة خلفكم
و لكن أبقوا الباب مفتوحا
فال تزال عندى بعض الهواجس
و بعض الهالوس
اليزال عندى رغبة فى الصراخ بأعلى الصوت
فأخشى ما أخشاه
الصمت
******************
88
المصادر
3مارس 2020 من مذكرات المرحوم /د .يحيى نور الدين طراف - 1أنا عندى أطفال
-2د .أحمد عمار ..لمشاهدة حلقة ،اتبع اللينك-:
https://youtu.be/zQBPPpqjbeMFe66b1rtStt2ouary 256s6, 2cm60e1d8
-3بائع الجرائد ،من مفكرة ا.د .على الزيرة 3يونيو 2018
https://youtu.be/rIQpf1_1FQQ -4عودة "عبد هللا بن بخيت".
-5المهندسة /نجاة النهاري :كيف يسلم "اليهودي" وهذا حال المسلمين!..؟!! الخميس 23مايو 00:59 2013
https://muslimedianews.rssing.com/chan-27602941/all_p58.html
-6عفوا ديكارت؛ "أنا أفكر إذا أنا مجرم!" ا.د /ايمان رفعت المحجوب استاذ بطب قصر العيني 29ديسمبر 2015
-7على المسلمين االختيار إما محمد 'السنة' أو محمد 'القرآن' بقلم د /.توفيق حميد 13ديسمبر 2017
-8تقزيم السالم ! "د .محمد فايد هيكل" استاذ الشريعة بجامعة االزهر فرع المنصورة 17ديسمبر 2013
-9عقدة المخبر ؛ من قصص د.احمد خالد توفيق ،
https://aktowfik.blogspot.com/2016/08/blog-post_31.html
" -10معجزة نقل األعضاء تتحدى فتاوى األولياء" -فاطمة ناعوت -جريدة «المصرى اليوم» 8 -نوفمبر 2019
-11محمد سالمة ؛ أينشتاين 9يونيو 2021
-12ا.د / .أيمن جادو 7 -يونيو - 2019سواق أوبر يحكى
-13منى بكر -سامح جميل 26 -فبراير 2018
-14هذا هو أبى -من مفكرة د .منال عمر 13 -أكتوبر 2018
-15كيف سنحيا غدا -سعد بن طفل 11 -مارس 2018
-16فى انتظار "جودو" – د .حيدر البستنجى – 25يناير 1998
89
الكاتب فى سطور -:
منذ العام 1988الى العام 1993؛ ترجم العديد من المقاالت لجريدة "العالم اليوم" ، •
التى كان يرأس تحريرها األستاذ "عماد الدين أديب".
فى العام 1991عمل كمراسل صحفى لجريدة "العالم اليوم" فى مدينة "نيويورك" لمدة •
عام واحد .و هناك ألف كتابه "نيويورك..أول مرة".
منذ العام 1993الى العام 2009؛ كتب العديد من المقاالت فى جريدة "األهرام" •
القاهرية – "قضايا و آراء".
ظهر كأديب صحفى فى عدة برامج تلفزيونية ،منها -: •
; • A Guest in TV program, on 12 of July 2008
th
https://youtu.be/XZL4xFD4GFg
; • A Guest in TV program, on 12th of July 2008
https://youtu.be/XZL4xFD4GFg
; • CVA Lecture, on 30 of April 2015, in Jubail General Hospital
https://youtu.be/Gcr2NycYnxA
91
• "Dilemma of Cellulitis Vs DVT in Upper Limb" ; M & M lecture on 6th of
; Jan. 2016
https://youtu.be/5sR-uhxqHnA
; • A Guest in TV program, on 12th of July 2008
https://youtu.be/XZL4xFD4GFg
• Farewell Ceremony, on the Occasion of the end of his work in KFMMC on
;9th of July 2009
https://youtu.be/p7asl5-ewKk
• Retirement Party of Dr. Hisham ELHadidi , from King Fahd
Specialist Hospital, on 8th of March 2022. It was held in Grand
Silvertone Hotel in AL Khobar City.
https://youtu.be/KpdJtAoLgHY
هذا الكتاب
هى يومياتى ،التى سجلتها فى حينها ،و الكثير منها نشرته فى وقتها على صفحتى على "الفيسبوك" ( ،)Facebookيوميات
امتدت قرابة الثالثين عاما ً (من أكتوبر 1993إلى فبراير )2022إال قليالً ،أو قل حياة ثانية ،بل هى جل حياتى ،عشتها
بعيدا عن بلدى األم ،فى ضيافة و كنف البلد األب !.
هى سنوات طالت ،فهطلت علينا أفراحها و أتراحها وما بينهما من براح ! .و ألن القلب قد انقسم بين القطرين و الروح هامت
بين القطبين ،لذا فنحن الفصيل من البشر الذى عاش هائما ً بين بين .بين أرض نبت فيها ،و سماء ترعرع فى فضائها .فأحب
هذى و هام بتلك .و صار السؤال الوجودى الذى يعترض فكره دائماً ،هو ؛ أيهما تحب أكثر و أيهما تهوى ؟! .غير أنا لم نر
ثمة مشكلة فى إتجاه الهوى ،و كأنك تسلنا؛ لمن البر اليوم ؟! لألب أم لألم ؟!.
لذا تجدنى فى هذا الكتاب ،موزع العاطفة ،منقسم الهوى .إن ا ستمعت لقوم ،فعينى على القوم اآلخرين .تقلقنى كل األحداث،
فأتابع كل األخبار ،فأحزن تارة أو أصفق بحماس !! فلم أعد كما كنت؛ مصريا ً يعيش فى السعودية ،ولكن سعودى يعيش
بروح مصرية.
92