Professional Documents
Culture Documents
مقرر ثقافة 3
مقرر ثقافة 3
اغبمد هلل كحده ،كالصالة كالسالـ على رسوؿ اهلل كعلى آلو كصحبو ،أما بعد :
– 1الحقوؽ العقائدية :حقوؽ أكجبها اهلل عز كجل لنفسو ،مثل حقو يف أف نعبده كال نشرؾ بو
تبع طاعة اهلل طاعة رسولو ؿبمد فيما بلغو عن ربو من شيئنا ،كأف ييطاع سبحانو كال ييعصى ،كيى ي
أكامر كنواهو ،كاتباع سنتو القولية كالفعلية ،كالدعوة إذل اإلسالـ باغبكمة كاؼبوعظة اغبسنة ،كاغبفاظ على
عقيدة أىل السنة كاعبماعة اؼبستمدة من القرآف كأحاديث الرسوؿ ، كترؾ ما خيالفها من األفكار
كالبدع كاؼبذاىب اؼبنحرفة.
-2الحقوؽ االجتماعية الشرعية :كىى تشمل صبيع نسيج اجملتمع اإلسالمي كاإلنساين ،مثل حقوؽ
اؼبستخدمُت ،
ى صبيعا ،كحقوؽ العلماء كاؼبعلمُت ك العماؿ كالصحابة ،كآؿ البيت رضواف اهلل عليهم ن
كحقوؽ الزكج على زكجتو ،كالزكجة على زكجها ،كالوالدين ،كاألبناء ،كاإلخوة ،كاعبَتاف ،كاألقارب
اؼبعاىدين كاؼبستأمنُت
،كذكل األرحاـ ،كاغبقوؽ العامة عبميع اؼبسلمُت ،ك حقوؽ غَت اؼبسلمُت من ى
يف اجملتمع اإلسالمي كخارجو .
-3الحقوؽ االقتصادية الشرعية :كىى تلك اليت ترتبط باؼباؿ يف اإلسالـ كما جيب فيو من إعمار
للكوف كالزكاة كالصدقة منو ،فقد جاءت الشريعة اإلسالمية دبنظومة للحقوؽ االقتصادية مشلت طريقة
كسب اؼباؿ ،كإنفاقو ،كتوريثو ،كجعلت اغبق فيو معلوـ للسائل كاحملركـ .
-4الحقوؽ السياسية الشرعية :كه م اليت أكجبها اهلل كرسولو يف األمر بالشورل ،كاغبكم دبا أنزؿ اهلل
،ككجوب نصب كرل األمر كمبايعتو كطاعة رعيتو لو ،كما جيب على كرل األمر من اغبفاظ على عقائد
اإلسالـ كنشرىا ،ك الدفاع عن دياره ،كتعليم الناس كتيسَت سبل اؼبعاش ،كإقامة اغبدكد الشرعية ،
كفرض السلوكيات األخالقية اإلسالمية يف ربوع الدكلة اإلسالمية .
-5الحقوؽ البيئية الشرعية :كىى اغبقوؽ الواجبة على اإلنساف ذباه البيئة اليت يعيش فيها مثل
حقوؽ :األرض ،كاؼباء ،كاؽبواء ،كالطريق ،كالنبات ،كاغبيواف .....،إخل
من خالؿ ىذه اؼبقدمة للحقوؽ الشرعية يف اإلسالـ تتضح عظمة الشريعة اإلسالمية كمشوؽبا ككماؽبا ،
كيف الصفحات القادمة من الكتاب دبشيئة اهلل كعونو كتوفيقو ،اؼبزيد من التفصيل للحقوؽ يف اإلسالـ .
( )
تعريف (الحق)
ىذه إشارة سريعة لتعريف (اغبق) يف اللغة كاالصطالح ،مع بياف معناه عند علماء الفقو كأصولو.
التعريف اللغوم:
كلمة (اغبق) يف اللغة ؽبا العديد من اؼبعاين ،منها :الشيء الثابت الذم ال يسوغ إنكاره ،كخالؼ
أيضا اسم من أظباء ً
الباطل .كما يطلق اغبق على :اؼباؿ ،كاؼبلك ،كالنصيب ،كالواجب ،كاليقُت .كاغبق ن
اهلل تعاذل ،كقيل من صفاتو ( ).
التعريف االصطالحي:
اغبق يف االصطالح يأيت دبعنيُت :األكؿ :ىو اغبكم اؼبطابق للواقع ،كيطلق على األقواؿ كالعقائد كاألدياف
كاؼبذاىب باعتبار اشتماؽبا على ذلك ،كيقابلو الباطل.
كاآلخر :أف يكوف دبعٌت الواجب الثابت .كىو قسماف :حق اهلل ،كحق العباد.
فأما حق اهلل ،فقد عرفو التفتازاين :بأنو ما يتعلق بو النفع العاـ للعادل من غَت اختصاص بأحد ،فينسب
إذل اهلل تعاذل لعظم خطره كمشوؿ نفعو ،أك كما قاؿ ابن القيم :حق اهلل ما ال مدخل للصلح فيو،
كاغبدكد كالزكوات كالكفارات كغَتىا.
كأما حق العبد فهو ما يتعلق بو مصلحة خاصة لو كحرمة مالو ،أك كما قاؿ ابن القيم :كأما حقوؽ
العباد ،فهي اليت تقبل الصلح كاإلسقاط كاؼبعاكضة عليها( ).
كمن المعاني االصطالحية :استعماؿ األصوليُت كالفقهاء لكلمة (حق)؛ كىذه إشارة موجزة
ؽبذا االستعماؿ.
( ) للمزيد عن تعريف (احل ؽ) كأنواعو كأقسامو كمصدره كأركانو يراجع مصطلح (حق) يف موسوعة الفقو الكويتية
،46-7/18ففيو فوائد كثَتة كربريرات نافعة.
) انظر مادة ( ىح ىق ىق) يف:لساف العرب البن منظور ،كالتعريفات للجرجاين ،كالتوقيؼ على مهمات التعاريف للمناكم. (
) راجع :أعالـ اؼبوقعُت 108/1كشرح اؼبنار كحواشيو ص ،886كتيسَت التحرير .181-174/2 (
-1الحق عند علماء أصوؿ الفقو:
االتجاه األكؿ :أف اغبق ىو اغبكم ،كىو خطاب اهلل تعاذل اؼبتعلق بأفعاؿ اؼبكلفُت باالقتضاء
أك التخيَت أك الوضع( ).
االتجاه الثاني:أف اغبق ىو الفعل الذم تعلق بو خطاب الشارع .فال بد من ربققو ًّ
حسا ،أم
من كجوده يف الواقع ،حبيث يدرؾ باغبس أك بالعقل ،إذ اػبطاب ال يتعلق دبا ال يكوف لو كجود
أصال( ).
-1إطالؽ اغبق على ما يشمل اغبقوؽ اؼبالية كغَت اؼبالية ،مثل قوؽبم :من باع بثمن حاؿ مث أجلو صح،
ألنو حقو ،أال ترل أنو ديلك إسقاطو ،فيملك تأجيلو.
-2االلتزامات اليت تًتتب على العقد -غَت حكمو -كتتصل بتنفيذ أحكامو.
مثل :تسليم الثمن اغباؿ أكال مث تسليم اؼببيع ،كذلك يف قوؽبم :كمن باع سلعة بثمن سلمو أكال ،ربقي نقا
للمساكاة بُت اؼبتعاقدين ،ألف اؼببيع يتعُت بالتعيُت ،كالثمن ال يتعُت إال بالقبض ،فلهذا اشًتط تسليمو
إال أف يكوف الثمن مؤجال ،ألنو أسقط حقو بالتأجيل ،فال يسقط حق اآلخر( ).
( ) انظر:كشف األسرار للبزدكم ،135 ،134/4كتيسَت التحرير لعالء الدين البخارم ،174/2كالفركؽ للقرايف/1
.142 –140
( ) راجع :قواعد ابن رجب اغبنبلي ،ص ،195-188كهتذيب الفركؽ كالقواعد السنية يف األسرار الفقهية .157/1
كىو للشيخ ؿبمد بن علي بن حسُت مفىت اؼبالكية دبكة اؼبكرمة.
) البحر الرائق .148/6 (
( )
االختيار لتعليل اؼبختار البن مودكد اؼبوصلي اغبنفي .14-12/2
-3األرزاؽ اليت سبنح للقضاة كالفقهاء كغَتىم من بيت ماؿ اؼبسلمُت ،مثل قوؿ ابن قبيم :من لو حق
تبعا ،كال يسقط دبوت
يف ديواف اػبراج كاؼبقاتلة كالعلماء كطلبتهم كاؼبفتُت كالفقهاء يفرض ألكالدىم ن
األصل ترغيبنا( ).
-5اغبقوؽ اجملردة ،كىي اؼبباحات ،مثل :حق التملك ،كحق اػبيار للبائع أك للمشًتم ،كحق الطالؽ
للزكج ( ).
كبعد أف تبُت لنا معٌت اغبق يف اللغة كاالصطالح ،كبعض االستعماالت اػباصة بو ديكننا الدخوؿ يف
اؼبقرر الدراسي يف الفصوؿ التالية .
( )
األشباه كالنظائر البن قبيم؛ ص .121
) انظر:موسوعة الفقو الكويتية .11-9/18 (
انفصم األول :حك اهلل ذعاىل ورسىنه
وفُه يثحثاٌ
يقوؿ اإلماـ ابن القيم (( :فمن أنفع ما للقلب :النظر يف حق اهلل على العبد ،فإف ذلك
العجب كرؤية العمل ،كيفتح لو باب اػبضوع كالذؿ يورثو مقت نفسو ،كاإلزراء عليها ،كخيلصو من ي
كاالنكسار بُت يدل ربو كاليأس من نفسو ،كأف النجاة ال ربصل إال بعفو اهلل كمغفرتو كرضبتو )) .
كهلل تعاذل حقوؽ ،منها :
أكالن :التوحيد (( توحيده سبحانو كتعالى كالبعد عن الشرؾ )) .
كجل .
عز َّ كىذا اغبق أصل تلك اغبقوؽ كقاعدهتا اليت ال تنبغًي إالَّ هلل َّ
التوحيد في اللغة :مشتق من كحد الشيء إذا جعلو كاحدان ،فهو مصدر كحد يوحد ،أم:
جعل الشيء كاحدان كاعتقاد أف الشيء كاحد متفرد .
كفي الشرع :إفراد اهلل ػ ػ ػ سبحانو ػ ػ ػ بالربوبيَّة كاأللوىيَّة كاألظباء كالصفات .
سمى التوحيد العلمي االعتقادم اػبربم ػ ػ ػ ػ
توحيد الربوبيٌة ىو جزء من توحيد اؼبعرفة كاإلثبات ػ ػ ػ كيي َّ ؼ
كاعبزء اآلخر منو توحيد األظباء كالصفات .
رب كل
كحده ٌ كمعنى توحيد الربوبيَّة :إفراد اهلل تعاذل بأفعالو ،أم أ ٌف اهلل سبحانو كتعاذل ىو ى
صرؼ يف ق ػذا الكػكف
اؼبت ِّ
النافع اؼبع ػطي ادلػانع ػ
شيء كمليكو ،ىو اخل ػالق الرازؽ احمليي اؼبميت الض ػار ػ
يئتق اؼبطلقة ،ليس معو رب آخر يشركو .فتوحيد الربوبيٌة متعلِّق باألمور الكونيٌة .
دبش ػ
ػ
القسم الثاني :توحيد األظباء كالصفات :ىو جزء من توحيد اؼبعرفة كاإلثبات ،كييقاؿ لو :
التوحيد العلمي االعتقادم اػبربم ،كاعبزء اآلخر منو توحيد الربوبيٌة .
كمعناه :إثبات ما أثبتو اهلل لنفسو من األظباء اغبسٌت ،كمن الصفات العليا الكاملة يف القرآف الكرًن،
اؼبطهرة ،من غَت ربريف ،كال تعطيل ،كال سبثيل، كما أثبتو لو رسولو صلى اهلل عليو كسلَّم منها يف السنة ٌ
كال تكييف ،كنفي ما نفاه اهلل عن نفسو ،كما نفاه عنو رسولو صلى اهلل عليو كسلٌم من صفات
النقصاف .
، 110د .ؿبمد أضبد ) ؾبموع الفتاكل ، 92 / 1شيخ اإلسالـ ابن تيميٌة ،عقيدة التوحيد يف القرآف الكرًن ،ص
ملكاكم ،حقيقة التوحيد بُت أىل السنة كاؼبتكلمُت ،ص ، 110د .عبد الرحيم بن صمايل السلمي .
) الشعراء اآلية . 23
) غافر اآليتاف . 37 ، 36
الشر ،كمها خيتلفاف يف اعبوىر كالطبع كالصفات كالفعل
) كمها " :يزداف" إلو النور كخيلق اػبَت " ،كأىرمن" :إلو الظلمة كخيلق ٌ
،فجوىر النور :الصفاء كالنقاء كاعبماؿ ،كفعلو :اػبَت كالصالح ،كجوىر الظلمة :القبح كاللؤـ ،كفعلو :الشر كالفساد
كالفوضى .فإلو اػبَت عندىم أحسن من إلو الشر ،انظر :اؼبلل كالنحل 290 / 1 ،ػ ػ ، 294للشهرستاين ،عقيدة التوحيد
يف القرآف الكرًن ص ، 113د .ؿبمد ملكاكم .
، 22 / 4رقم األمة )) أخرجو أبو داكد ،كتاب السنة ،باب يف القدر ، ًً
) كما يف اغبديث (( :القدريٌة ىؾبوس ىذه ٌ
كحسنو األلباين يف ًظالؿ اعبنة زبريج أحاديث كتاب السنة البن أيب عاصم رقم ،338ص ، 150كرقم ، 342ص ٌ ، 4691
. 151
يقوؿ ابن ألثَت معلِّقان على اغبديث (( :كمعٌت ذلك أنٌو ؼبشاهبتهم اجملوس يف مذىبهم ،كقوؽبم باألصلُت ػ ػ ػ ػ كمها النور
كالظلمة ػ ػ ػ ػ فإف اجملوس يزعموف أف اػبَت من فعل النور ،كالشر من فعل الظلمة ،فصاركا بذلك ثنويٌة ،ككذلك القدريٌة ؼبا
قادريٍن خالًىق ٍُت لألفعاؿ كما أثبت اجملوس ،فأشبهوىم)) جامع األصوؿ 128 /10 الشر إذل العبيد ،أثبتوا ى
أضافوا اػبَت إذل اهلل ،ك ٌ
) العقيدة التدمريٌة ،ص ، 7لشيخ اإلسالـ ابن تيميٌة ،ربقيق د .السعوم .
لح يد فيو ،ؽاؿ تعاذل ىكلًلٌ ًو األ ٍ
ىظبىاء كخيالفو كي ً
ي كالشرؾ في األسماء كالصفات :ىو ما ييناقضو ي
ين يػيٍل ًح يدك ىف ًيف أ ٍىظبى ئًًو ىسيي ٍجىزٍك ىف ىما ىكانيواٍ يىػ ٍع ىمليو ىف ﴾ .كىو صور متعددة، َّ ً ً
اغبي ٍس ىٌت فى ٍاد يعوهي هبىا ىكذى يركاٍ الذ ى
ٍ
منها :
ت عطيل البارم عن كمالو اؼبق ٌدس يف أظبائو كصفاتو كأفعالو ،كاعبهميٌة الغالة ،كالباطنية ،
كإثبات صفات اػبالق سبحانو للمخلوقُت ،كذلك بالتمثيل يف أظبائو أك صفاتو ،كمن أمثلتو زعم
مشاركة اهلل يف علمو للغيب ،كزعم أىل التنجيم ،كالعرافة ،كالكهانة ،كزعم مشاركة اهلل يف قدرتو الكاملة،
التصرؼ للغَت يف ملكوت اهلل ،كخوؼ الضرر كالتماس النفع من الغَت. كزعم ٌ
جل كعال ،كاليهود اؼبغضوب عليهم الذين شبهوا اهللى بصفات ك إثبات صفات اؼبخلوؽ للخالق َّ
األبوة .
بالبنوة ك ٌ اؼبخلوقُت ،كىكذا النصارل يف قوؽبم ٌ
اؼبسمى توحيد العبادة ،أك التوحيد العملي الطليب . القسم الثالث :توحيد األلوىيٌة :كىو َّ
كمعناه :إفراد اهلل عز كجل بالعبادة .
أفعاؿ العباد من أعماؿ كأقواؿ أحبَّها اهلل كأمر هبا سواء كانت من قبيل كالعبادة تشمل كل
الفرائض كاألركاف أك من قبيل السنن كاؼبستحبات أك من قبيل اآلداب أك التعامالت مع الغَت ،قاؿ
تعاذل مبيِّنان مشوليَّة العبادة لكل مناحي اغبياة من شعائر تعبديَّة كأخالؽ كسلوؾ كغَتىا قي ٍل إً َّف ى
ص ىالًيت
عرؼ ُت ﴾ ؛ لذا َّ ًً كنيس ًكي كىٍؿبيام كفبىى ًايت لًلَّ ًو رب اٍلعالى ًمُت ىال ىش ًريك لىو كبً ىذلً ً
ك أيم ٍرت ىكأىنىا أ َّىكؿ اٍل يم ٍسلم ى
يى ى ىٌ ى ى ى ي ى ى ىى
لكل ما يحيبُّو اهللي تعاذل كيرضاه من األقواؿ كاألعماؿ الظاىرة بأّنا (( اسم جامع ِّ العلماء العبادة ٌ :
كالباطنة )) .
كحدهي ال ً
فما من قوؿ أك فعل ظاىر أك باطن فبَّا يحيبو اهلل كيرضاه إال جيب أف مكوف هلل ى
شريك لو .
ىو اؼبستحق كحده عبميع أنواع العبادة ،كال ييصرؼ منها شيء لغَته ، فاهلل ػ ػ سبحانو كتعاذل ػ ػ ػ ػ
اؼبعربة عن ىذا اؼبعٌت أدؽ تعبَت ىي كلمة الشهادة ( :ال إلو إالٌ اهلل ) ،فمعناىا أف ال معبود كالكلمة ٌ
حبق إالٌ اهلل .
) اعبواب الكايف ص 167لإلماـ ابن القيٌم ،شرح الطحاكيٌة 42 ، 24 / 1 ،ػ ػ ػ ، 43ربقيق الًتكي كاألرناؤكط .
) سورة الذاريات ،آية . 56
) األنبياء. 25:
) النحل. 36:
أخرجوي البخارم يف كتاب التوحيد ،باب ( )1ما جاء يف دعاء النيب أمتو إذل توحيد اهلل ،ح ( ، 378 /4 ، )7373
) ى
كمسلم يف كتاب اإلدياف ،باب ( )10الدليل على أف من مات على التوحيد دخل اعبنة ،ح. 58 /1 ، )30( 48
) تيسَت العزيز اغبميد ص ،587 ،44 ،42عقيدة التوحيد يف القرآف الكرًن ،ص ،117للدكتور ؿبمد ملكاكم .
مسلم يف الصحيح ،كتاب الزىد كالرقائق ،باب ( )5من أشرؾ يف ً
عمل ًو غَت اهلل ،ح . 2985 ) أخرجو اإلماـ ً
ى
أخرجوي اإلماـ ابن ماجو ،كتاب الزىد ،باب ( )21باب الرياء كالسمعة ح . 4202
) ى
ثانيان :العلم باهلل تعالى من خالؿ ما لو من صفات الكماؿ كنعوت الجالؿ .
فاهلل سبحانو كتعاذل لو األظباء اغبسٌت اؼبتضمنة لصفاتو العليا ،ليس كمثلو شيء كىو السميع
البصَت.
فإف ىذه اؼبعرفة يتعرؼ العبد ما هلل من صفات الكماؿ كنعوت اعبالؿ َّ ، كأصل العلم باهلل أف َّ
ب يف مصاحل العباد كالرأفة تكجب خشية اهلل كؿببتو كالقرب منو كاألنس بو كالشوؽ إليو ،ك َّأّنا ي
تص ٌ
كالرضبة هبم كاإلحساف إليهم .كمنها :
أ ) ؿببة اهلل ػبلقو :
خلق كل شيء من أجلو ،حىت ال يكوف ؿبتاجان إال إذل اهلل كمن دالئل ؿببة اهلل لإلنساف أنَّو
كمهد لو األرض لكي ديشي عليها ،خلق لو الطعاـ الذم يأكلو ،كاؼباء خلق لو السماء سق نفاَّ ، تعاذل ،ؼ
الذم يشربو ،كاؽبواء الذم يستنشقو ،كاغبيواف الذم يستخدمو أك يؤنسو .
َّوابً ى
ُت ب التػ َّ ،قولو تعاذل إً َّف اللَّوى يًحي ُّ ب اهلل للعبد منها كاألدلة الشرعيَّة كثَتة يف بياف يح ِّ
ب اهلل لعباده َّأّنم مهما كثيرت ذنوهبم يمث تابوا فاهلل تعاذل يقبل توبتهم ، ين﴾ .فى ًمن يح ِّ ب اٍل يمتىطى ِّه ًر ىىكيًحي ُّ
ؼىع ٍن أًىيب ككذا إذا تكررت منهم اػبطيئة ،خيطئوف كيتوبوف يقبلهم اهلل ،يمث خيطئوف كيتوبوف يقبلهم اهلل ،ى
اؿ اللَّ يه َّم يما ىٍحي ًكي ىع ٍن ىربًِّو ىعَّز ىك ىج َّل قى ى ً ً
ب ىعٍب هد ىذنٍػبنا فىػ ىق ى اؿ (( :أى ٍذنى ى صلَّى اللَّوي ىعلىٍيو ىك ىسلَّ ىم ف ى َّيب ىيىىريٍػىرىة ىع ٍن النً ِّ
الذنٍب ىكيىأٍ يخ يذ بً َّ
الذنٍ ً ً َّ ً ً ا ٍغ ًف ٍر ًرل ىذنًٍيب فىػ ىق ى
ب يمثَّ ىع ىاد ب ىعٍبدم ىذنٍػبنا فىػ ىعل ىم أ َّىف لىوي ىربًّا يىػ ٍغف ير ى اذل أى ٍذنى ى اؿ تىػبى ىارىؾ ىكتىػ ىع ى
ً َّ ً اؿ تىػبارىؾ كتىػع ى ً
ب ا ٍغف ٍر ًرل ىذنًٍيب فىػ ىق ى ى ى ى ى
اؿ أىم ر ِّ ً
بب ىذنٍػبنا فىػ ىعل ىم أ َّىف لىوي ىربًّا يىػ ٍغف ير الذنٍ ى اذل ىعٍبدم أى ٍذنى ى ب فىػ ىق ى ٍ ى فىأى ٍذنى ى
ب ىعٍب ًدم ىذنٍػبنا فىػ ىعلً ىم اذل أى ٍذنى ى ب ا ٍغ ًف ٍر ًرل ىذنًٍيب فىػ ىق ى
اؿ تىػبى ىارىؾ ىكتىػ ىع ى ىم ىر ِّ
اؿ أ ٍ ب فىػ ىق ى ً َّ ً
ىكيىأٍ يخ يذ بالذنٍب يمثَّ ىع ىاد فىأى ٍذنى ى
ً الذنٍ ً الذنٍب ىكيىأٍ يخ يذ بً َّ ً َّ
ك )) . ت لى ى ت فىػ ىق ٍد ىغ ىف ٍر يب ٍاع ىم ٍل ىما شٍئ ى أ َّىف لىوي ىربًّا يىػ ٍغف ير ى
أنو لو تكرر الذنب مائةى مرة أك ألف مرة أك أكثر ،كتاب يف كل قاؿ اإلماـ النوكم ... (( :
صحت توبتيو )) . بعد صبيعًها َّ مرة ،قيبلت توبتيو ،كسقطت ذنوبو ،كلو تاب عن اعبميع توبةن كاحدة ى
) منها ستة عشر آية يف القرآف الكرًن ،يف سورة البقرة آيتاف ،آية ، 195كآية ، 222كيف سورة آؿ عمراف طبس آيات ،
آية رقم ، 76كرقم ، 134كرقم ، 146كرقم ، 148كرقم ، 159كيف سورة اؼبائدة ثالث آيات ،آية رقم ، 13كآية رقم
، 42كآية رقم ، 93كيف سورة التوبة ثالث آيات ،آية رقم ، 4كآية رقم ، 7كآية رقم ، 108كيف سورة اغبجرات آية كاحدة
رقم ، 9كيف سورة اؼبمتحنة آية كاحدة رقم ، 8كيف سورة الصف آية كاحدة رقم . 4
انظر :اؼبعجم اؼبفهرس أللفاظ القرآف الكرًن – ؿبمد فؤاد عبد الباقي ،دار الفكر ،بَتكت.
) سورة البقرة ،اآلية . 222
/4 ،)2758 أخرجو مسلًم يف كتاب التوبة ،باب ( )5قبوؿ التوبة من الذنوب كإف تكررت الذنوب كالتوبة ،ح ( ) ى
.2112
) شرح النوكم لصحيح مسلم ، 63 / 17 ،اجمللد . 9
بل ًمن ؿببَّتًو يسبحانو لعباده أنَّو ال يغفر ذنوب ىمن تاب منهم فقط بل ييبدِّؽبا ؽبم حسنات ،قاؿ
و ًً تعاذل إًَّال من تىاب كآمن كع ًمل عم نال ً ً
ِّؿ اللَّوي ىسيِّئىاهت ٍم ىح ىسنىات ىكىكا ىف اللَّوي ىغ يف ن
ورا ك يػيبىد يصاغبنا فىأ ٍيكلىئ ى ى ٍ ى ى ى ى ى ى ى ىى ى
حسنات ؽبم يوـ القيامة )) . و يما ﴾ .قاؿ سعيد بن اؼبسيب (( :تصَت سيئا يهتم ً
ىرح ن
كجا ًم ىن ؼ آخىر أ ٍىى ًل النَّا ًر يخ ير ن
وؿ اللَّ ًو صلَّى اللَّو علىي ًو كسلَّم (( :إً ِّين ىأل ٍىع ًر ي ً
ي ىٍ ىى ى ى اؿ ىر يس ياؿ :قى ى ك ىع ٍن أًىيب ىذ ٍّر ،قى ى
اؿ : وؿ ىكبُّوا كًبى ىار ذينيوبًًو ىك ىسليوهي ىع ٍن ًصغىا ًرىىا ،قى ى اعبىنَّةى ،يػي ٍؤتىى بًىر يج ول فىػيىػ يق ياعبىن ًَّة يد يخ نوال ٍ
آخىر أ ٍىى ًل ٍ النَّا ًر ،ك ً
ى
ب ،لى ىق ٍد وؿ :يىا ىر ِّ اؿ :فىػيىػ يق يت ىك ىذا يىػ ٍوىـ ىك ىذا ىكىك ىذا ،قى ى ً ً
ت ىك ىذا يىػ ٍوىـ ىك ىذا ىكىك ىذا ،ىك ىعم ٍل ى اؿ لىوي :ىعم ٍل ى فىػييػ ىق ي
اؿ : ت نىػ ىو ًاج يذهي ،قى ى ً
صلَّى اللَّوي ىعلىٍيو ىك ىسلَّ ىم ىح َّىت بى ىد ٍ
اؿ :فىض ًحك رس ي ً
وؿ اللَّو ى ى ى ىي ت أى ٍشيىاءى ىدلٍ أ ىىرىىا يىنىا ،قى ى ً
ىعم ٍل ي
ك ىم ىكا ىف يك ِّل ىسيِّئى وة ىح ىسنىةن )) ،كما أنَّو سبحانو كغببِّو لعباده التائبُت يرزقهم السعادة اؿ لىوي :فىًإ َّف لى ىفىػييػ ىق ي
كاألنس كالطمأنينة هبذه التوبة كالرجوع إليو .
كجل ػ ػ ػ ال حيبس أنعامو كأفضالو عنىم ألجل ذنوهبم ،كلكن يرزؽ كمن ؿببتو يسبحانو لعباده أنَّو ػ ػ ػ عز َّ ً
العاصي كما يرزؽ اؼبطيع ،كيبقيو كىو منهمك يف معاصيو ،كما يبقي الرب التقي ،كقد يقيو اآلفات
كالباليا كىو غافل ال يذكره ،فضالن عن أف يدعوه ،كما يقيها الناسك الذم يسألو ،كردبا شغلتو العبادة
عن اؼبسألة .
ىكًمن ؿببتو يسبحانو لعباده َّأّنم إذا فعلوا معصية يكتب ؽبم سيئة كاحدة ،كإف فعلوا الطاعة ييضاعف
ً ً حسناهتا ؽبم أضعافان كثَتة ،ؼعن اب ًن عبَّ و ً
صلَّى اللَّوي ىعلىٍيو ىك ىسلَّ ىم ،ف ى
يما اس ىرض ىي اللَّوي ىعٍنػ يه ىما ىع ٍن النً ِّ
َّيب ى ىٍ ٍ ى
ك فى ىم ٍن ىى َّم ًحبى ىسنى وة فىػلى ٍم ات يمثَّ بػ َّ ً السيِّئ ً اؿ ( :إً َّف اللَّو ىكتب ٍ ً يىػ ٍرًكم ىع ٍن ىربًِّو ىعَّز ىك ىج َّل قى ى
ُت ىذل ى ىى اغبى ىسنىات ىك َّ ى ى ىى
ات إً ىذل يػعم ٍلها ىكتبػها اللَّو لىو ًعٍن ىده حسنىةن ىك ًاملىةن فىًإ ٍف ىو ى َّم ًهبا فىػع ًملىها ىكتبػها اللَّو لىو ًعٍن ىده ع ٍشر حسنى و
ي ى ى ى ى ى ىى ى ي ي ي ى ى ى ى ى ٍ ى ى ىى ى ي ي ي ى ى
اؼ ىكثً ىَتةو ىكىم ٍن ىى َّم بً ىسيِّئى وة فىػلى ٍم يىػ ٍع ىم ٍل ىها ىكتىبىػ ىها اللَّوي لىوي ًعٍن ىدهي ىح ىسنىةن ىك ًاملىةن فىًإ ٍف يى ىوىضع و ً ً ً و
ىسٍب ًع مائىة ض ٍعف إً ىذل أ ٍ ى
اح ىد نة ) . ى َّم ًهبا فىػع ًملىها ىكتبػها اللَّو لىو سيِّئةن ك ً
ى ى ى ى ىى ى ي ي ى ى ى
فعلى العباد أف ييقابلوا ىذه احملبة العظيمة من اهلل ؽبم دبحبة عظيمة تكوف ركيزهتا على إخالص
التوحيد هلل تعاذل ،كىناؾ أسباب جالبة حملبة اهلل تعاذل ،منها :
) 1قراءة القرآف بالتدبُّر كالتفهم ؼبعانية .
) قاؿ اإلماـ اػبطايب (( :معٌت الصبور يف صفة اهلل سبحانو قريب من معٌت اغبليم ؛ إال أف الفرؽ بُت األمرين َّأّنم ال
يأمنوف العقوبة يف صفة الصبور كما يسلموف منها يف صفة اغبليم ،كاهلل أعلم بالصواب )) .انظر :شأف الدعاء ،ص . 98
أف الصرب شبرة اغبلم كموجبو ،فعلى قدر حلم العبد يكوف صربه ، كيقوؿ اإلماـ ابن القيم (( :كالفرؽ بُت الصرب كاغبلم َّ :
صربه سبحانو فمتعلِّق بكفر العباد ً
فاغبلم يف صفات الرب تعاذل أكسع من الصرب ...ككونو حليمان من لوازـ ذاتو سبحانو ،ك َّأما ي
كشركهم كمسبتهم لو سبحانو كأنواع معاصيهم كفجورىم فال يزعجو ذلك كلو إذل تعجيل العقوبة بل يصرب على عبده كديهلو
كيستصلحو كيرفق بو كحيلم عنو)) .انظر :عدة الصابرين كذخَتة الشاكرين ،ص . 276
) فالصفح ال ييع ٌد حلمان حىت يكوف فبٌن يوصف بالقدرة ،فإف اؼبخلوؽ حيلم عن جهل كيعفو عن عجز كالرب تعاذل حيلم
مع كماؿ علمو كيعفو مع سباـ قدرتو ،فاهلل تعاذل على كل شيء قدير .انظر :شأف الدعاء ،ص ،63كعدة الصابرين ،ص 276
.
) النمل61 :
) الكهف58 :
ظبعوي من اهلل عز كجل ،يى ٍد يعوف لو رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم قاؿ « :ما أح هد أصربي على أذی ى
كلدان كىو ييعافيهم كيى يرزقهم » .
آثار اإلدياف حبلم اهلل تعاذل كصربه على عباده :
أكالن :بياف مدل النعمة اليت أنعم اهلل هبا على عباده العصاة ،حيث دل يعاجلهم بالعقوبة رغم
استحقاقهم ؽبا .يقوؿ اإلماـ ابن القيم :
قوبة لًيتيوب من ًعص ً
ياف و كىو اغبليم فال ي ً
ٍ عبدهي يبع ى ى عاج يل ى ي ي
ثانيان :ظهور كماؿ اهلل سبحانو كتعاذل ،ألف إمهالو لعباده مقرك هف بكماؿ قدرتو ككماؿ علمو ككماؿ
السماك ً وً ً ً ً
ات غناه عن خلقو ،كدل يكن عن ضعف كعجز ،قاؿ تعاذل ىكىما ىكا ىف اللَّوي لييػ ٍعجىزهي م ٍن ىش ٍيء يف َّ ى ى
جهل بأعماؿ عباده :ىكاللَّوي يىػ ٍعلى يم ىما ًيف قيػليوبً يك ٍم يما قى ًد نيرا ﴾ ،كدل يكن عن و ً
ض إنَّوي ىكا ىف ىعل ن
كىال ًيف ٍاأل ٍىر ً ً
ى
و و ً ً
يما ﴾ ،كليس عن حاجة لعباده مقتضية إلرجاء اؼبؤاخذة بالذنب :ىكاللٌوي ىغ ً ٌّ
ٍت يما ىحل ن ىكىكا ىف اللَّوي ىعل ن
يم ﴾ . ً
ىحل ه
ً
ثالثان :ظهور حلمو كصربه سبحانو كتعاذل على عباده ،كيف اغبديث القدسي ىع ٍن أًىيب يىىريٍػىرىة ىرض ىي اللَّوي
ً صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم قى ى
ك ىك ىشتى ىم ًٍت ىكىدلٍ اؿ اللَّوي (( :ىك َّذبىًٍت ابٍ ين ى
آد ىـ ىكىدلٍ يى يك ٍن لىوي ىذل ى اؿ :قى ى َّيب ى ىعٍنوي ىع ٍن النً ِّ
اػبىٍل ًق بًأ ٍىى ىو ىف ىعلى َّي ًم ٍن إً ىع ىادتًًو ىكأ َّىما
س أ َّىك يؿ ٍ ً ً ً ً ً ً
ام فىػ ىق ٍوليوي لى ٍن ييع ىيدين ىك ىما بى ىدأىين ىكلىٍي ى ك فىأ َّىما تىكٍذيبيوي إيَّ ى يى يك ٍن لىوي ىذل ى
ً َّ ً
ىح هد ))الص ىم يد ىدلٍ أىل ٍد ىكىدلٍ أيكلى ٍد ىكىدلٍ يى يك ٍن ًرل يك ٍفئنا أ ى
ىح يد َّ ام فىػ ىق ٍوليوي ازبى ىذ اللَّوي ىكلى ندا ىكأىنىا ٍاأل ىىشٍت يموي إيَّ ى
يقوؿ اإلماـ ابن القيٌم (( :كىو سبحانو مع ىذا الشتم لو كالتكذيب يرزؽ الشامت اؼبكذب كيعافيو،
كيدفع عنو كيدعوه إذل جنتو ،كيقبل توبتو إذا تاب إليو ،كيب ٌدلو بسيئاتو حسنات ،كيلطف بو يف صبيع
كيؤىلو إلرساؿ رسلو كيأمرىم بأف يلينوا لو القوؿ كيرفقوا بو )) . أحوالوٌ ،
ؼسبحانو دل يعاملهم دبا استوجبوه بعصياّنم من تعجيل اعبزاء ،لكنو يؤخره ؼبقتضى حلمو كحكمتو ،
اب بى ٍل ىؽبي ٍم ىم ٍو ًع هد لى ٍن ىًجي يدكا ً ً قاؿ تعاذل كربُّك الٍغى يفور ذيك َّ ً
الر ٍضبىة لى ٍو يػي ىؤاخ يذ يى ٍم دبىا ىك ىسبيوا لى ىع َّج ىل ىؽبي يم الٍ ىع ىذ ى ي ىى ى
ًم ٍن يدكنًًو ىم ٍوئًنال ﴾ .
اؿ (( :لى ٍو يىػ ٍعلى يم الٍ يم ٍؤًم ين ىما ًعٍن ىد اللَّ ًو ًم ىن الٍ يع يقوبىًة وؿ اللَّ ًو صلى اهلل عليو كسلم قى ى ك ىع ٍن أىً يىىريٍػىرىة أ َّىف ىر يس ى
الر ٍضبىًة ما قىنً ىط ًم ٍن ىجنَّتً ًو أح هد )) . ىما طى ًم ىع جبنَّتً ًو أح هد ،كلو يىػ ٍعلى يم الكافًير ىما ًع ىند اهللً ًم ىن َّ
كمن ذلك : فعلى اؼبسلم أف يتخلَّق هبذه الصفة العظيمة ،كيبذؿ السبب لتحصيل رضبة اهلل تعاذل ً ،
ىكىال تىػ ٍقتيػليوا ) 1أف يكوف رحيمان بنفسو بإلزامها بطاعة اهلل تعاذل ،كالبعد عن اؼبعاصي ،قاؿ تعاذل
ً ً ً
يما ﴾ . أىنٍػ يف ىس يك ٍم إ َّف اللَّوى ىكا ىف ب يك ٍم ىرح ن
صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ً ؼىع ٍن ىعٍب ًد اللَّ ًو بٍ ًن ىع ٍم ًرك بٍ ًن الٍ ىع ً
اص ،يىػٍبػلي يغ بًو النً َّ
َّيب ى ) 2أف يكوف رحيمان خبلق اهلل تعاذل ،ى
الس ىم ًاء )) . اؿ ً (( :
ض يىػ ٍرضبىٍ يك ٍم ىم ٍن ًيف َّالر ٍضبى ينٍ ،ار ىضبيوا ىم ٍن ًيف ٍاأل ٍىر ً
الراضبيو ىف يىػ ٍر ىضبي يه يم َّ
َّ ىك ىسلَّ ىم قى ى
ثالثان ً :من حق اهلل تعالى اإليماف بحفظ اهلل للقرآف ككجوب تعظيمو كالعمل بو .
) الًتمذم ،كتاب الرب كالصلة ،باب ( )9ما جاء يف قطيعة الرحم ،ح ( ، 278 / 4 ، ) 1907كأضبد يف مسند عبد
اص ًة ًم ٍن الٍىب ِّ
ت ىكيى ىو الٍ ىقطٍ يع . ارضبن بن عوؼ ،ح( . ) 686بىػىتتُّوي أم قىطى ٍعتو ًم ٍن ىر ٍضبىًيت ٍ
اػبى َّ
أخىر ىجو البخارم يف ،باب ( ) من كصل كصلو اهلل ،ح ( ، ) 5642كالًتمذم يف كتاب الرب كالصلة ،باب ( )16ما ) ٍ
جاء يف رضبة اؼبسلمُت ،ح ( ، 285 / 4 ، )1924كأضبد يف مسند عبد اهلل بن عمرك بن العاص ،ح( . ) 6494
الرًحم ىم يى ٍد يخل بىػ ٍعضو ًيف بىػ ٍعض .ىكالٍ ىم ٍع ىٌت أ َّ
ىف َّ كأىصل الشِّجنة عركؽ الشَّجر الٍم ٍشتبً ىكة ،كًمٍنو قىػوؽبم ً ٍ " :
اغبىديث ذيك يش يجوف " أ ٍ ى ي ٍ ٍ ى ي ى ٍ ى يي ٍ
َّ ً ً ً
أثر من آثار الرضبة مشتبكة هبا ; ،فىالٍ ىقاطع ىؽبىا يمٍنػ ىقطع م ٍن ىر ٍضبىة اللو .انظر :ربفة األحوذم شرح جامع الًتمذم . 44 / 6 ،
) سورة األعراؼ ،اآلية . 204
) أخرجو البيهقي يف شعب اإلدياف ،ح ( ، ) 4585كىناد يف الزىد ح ( . ) 1106
) أخرجو أبو داكد يف كتاب الصالة ،باب ( )297الصالة قبل العصر ح ( ، 53 / 2 ، )1271كالًتمذم يف كتاب
أبواب الصالة ،باب ( )318ما جاء يف األربع قبل العصر ،ح ( ،296 /2 ،)430كأضبد يف مسند عبد اهلل بن عمر،
ح(. )5980
) أخرجو أضبد يف مسند أيب ىريرة ،ح( ،)7410كأبوداكد يف كتاب الصالة ،باب ( )307قياـ الليل ،ح ( /2 ،)1308
73
القرآف الكرًن كالـ اهلل اٍل يمنىػَّزؿ علي النيب ؿبمد صلى اهلل عليو كسلم بواسطة أمينو جربيل عليو السالـ ،
باللساف العريب ،اٍل يم ٍع ًجز ،كاٍل يم ىتعبَّد بتالكتو ،اؼبنقوؿ إلينا بالتواتر ،اؼبكتوب يف اؼبصاحف من أكؿ
سورة الفاربة إرل آخر الناس ،من اهلل تعاذل بدأ كإليو يعود .
(( بعض الوقفات مع التعريف )) :
( كالـ اهلل ) إضافتو إذل اهلل خيرج كالـ اإلنس ك اعبن كاؼبالئكة .
( اؼبنزؿ على النيب ؿبمد ) خيرج كالـ اهلل الذم أنزلو على غَته من األنبياء كاؼبرسلُت ،كخيرج ػ ػ ػ ػ أيضان ػ ػ ػ
ات ىرِّيب لىنى ًف ىد الٍبى ٍح ير الكالـ الذم استأثر بو سبحانو كتعاذل ،ؽاؿ تعاذل قيل لىو ىكا ىف الٍبحر ًم ىدادا لً ىكلًم ً
ى ٍي ن ى ٍ ٍ
ض من ىش ىجىرةو أىٍق ىال هـ ً ات ىرِّيب ىكلى ٍو ًجٍئػنىا دبًًثٍلً ًو ىم ىد ندا ﴾ ،كقاؿ تعاذل ىكلى ٍو أىََّنىا ًيف ٍاأل ٍىر ً ً
قىػٍب ىل أى ٍف تىػٍنػ ىف ىد ىكل ىم ي
ً ت ىكلًم ي ً ً ً ً ًً
يم ﴾ . ات اللَّو إ َّف اللَّوى ىع ًز هيز ىحك ه ىكالٍبى ٍح ير ديىيدُّهي من بىػ ٍعده ىسٍبػ ىعةي أ ٍىحبي ور َّما نىف ىد ٍ ى
( اؼبتعبد بتالكتو ) يخيرج األحاديث القدسية ،كيقصد بالتعبد أمرين:
أ -أنو اؼبقركء يف الصالة كال تصح الصالة إال بو فعن عبادة بن الصامت قاؿ :قاؿ عليو الصالة
اب )) . كالسالـ يف اغبديث اؼبتفق عليو (( ال صال ىة لًمن ىدلٍ يػ ٍقرأٍ بًىف ًاربى ًة الٍ ًكتى ً
ى ىٍ ىى
ب -إف الثواب على تالكتو ال يعادلو ثواب ،فعن ابن مسعود قاؿ :قاؿ عليو الصالة كالسالـ (( ىم ٍن
وؿ ادل حر ه ً ً ً ً اب اللَّ ًو فىػلىوي بًًو ىح ىسنىةه ىك ٍ
قىػرأى حرفنا ًمن كًتى ً
ؼ ىكىال هـ ف ىح ٍر ه ؼ ىكلىك ٍن أىل ه اغبى ىسنىةي ب ىع ٍش ًر أ ٍىمثىاؽبىا ىال أىقي ي ى ٍ ى ىٍ ٍ
ؼ )) . يم ىح ٍر ه حر ه ً
ؼ ىكم ه ىٍ
( اؼبنقوؿ بالتواتر ) :التواتر يف اللغة :التتابع .
كاصطالحان :إخبار قوـ دفعة أك متفرقا بأمر ال يتصور عادة تواطؤىم كتوافقهم عليو بالكذب .
الذ ٍكىر ىكإًنَّا لىوي
كقد حصل ىذا التواتر يف نقل القراف الذم تكفل اهلل حبفظو قاؿ تعاذل إًنَّا ىٍكبن نىػَّزلٍنىا ِّ
ي
ىغبىافًظيو ىف ﴾ .
أف اهلل تكلَّم بو على اغبقيقة حبرؼ كصوت ،كفيو رد على الٍمخالفُت كاؼبعتزلة ( من اهلل بدأ ) :أم َّ
القائلُت بأنَّو ـبلوؽ يؿبدث ،كاألشاعرة القائلُت بالكالـ النفسي .
املثحث انثاٍَ:
إف اهلل تبارؾ كتعاذل جعل ؿبمدا خامت النبيُت ،كأرسلو للناس أصبعُت ،كأكمل لو كألمتو الدين،
كبعثو على حُت فًتة من الرسل كظهور الكفر ،فأحيا بو ما درس من معادل اإلدياف ،كقمع بو أىل الشرؾ
كالكفر من عبدة األكثاف كالصلباف ،كأذؿ بو كفار أىل الكتاب ،كأىل الشرؾ كاالرتياب ،كأقاـ بو منار
دينو الذم ارتضاه ،كشاد بو ذكر من اجتباه من عباده كاصطفاه.
فهو اؼببعوث باؽبدل كدين اغبق بُت يدم الساعة بشَتا كنذيرا كداعيا إذل اهلل بإذنو كسراجا منَتا،
فكمل اهلل بو الرسالة كىدل بو من الضاللة كعلم بو من اعبهالة كفتح برسالتو أعينا عميا ،كآذانا صما،
كقلوبا غلفا ،فأشرقت برسالتو األرض بعد ظلماهتا ،كتألفت بو القلوب بعد شتاهتا ،فأقاـ هبا اؼبلة
العوجاء كأكضح هبا احملجة البيضاء ،فبُت عن طريقو الكفر من اإلدياف ،كالربح من اػبسراف ،كاؽبدل
من الضالؿ ،كأىل اعبنة من أىل النار ،كاؼبتقُت من الفجار ،فهو اؼببعوث رضبة للعاؼبُت ،كؿبجة
للسالكُت كحجة على اػبالئق أصبعُت .كلقد نوه اهلل عز كجل يف كتابو الكرًن هبذه النعمة العظمى اليت
امنت هبا على ىذه األمة يف آيات كثَتة منها:
ث فًي ًه ٍم ىر يسوالن ًم ٍن أىنٍػ يف ًس ًه ٍم يىػ ٍتػليو ىعلىٍي ًه ٍم آيىاتًًوين إً ٍذ بىػ ىع ىقولو تعاذل{ :لى ىق ٍد م َّن اللَّوي ىعلىى ال ً ً
ٍم ٍؤمن ى
ي ى
الؿ يمبًي ون} (آؿ عمراف ،)164كقاؿ ٍحكٍمةى كإً ٍف ى انيوا ًم ٍن قىػ ٍبل لى ًفي ى و ً ً
ىكييػ ى ِّك ي ًه ٍم ىكييػ ىعلِّك يم يه يم الٍكتى ى
ي اب ىكال ى ى
كؼ
ين ىريؤ ه وؿ ًمن أىنٍػ يف ًس يكم ىع ًي ه ىعلىٍي ًو ما ىعنًتُّم ح ًريص ىعلىٍي يكم بًال ً ً
ٍم ٍؤمن ى ٍ ي ى ٍ ى ه ٍ اء ي ٍم ىر يس ه ٍ تعاذل{:لى ىق ٍد ىج ى
يم}(التوبة .)128 ً
ىرح ه
كؼبا كانت منزلة النيب عند ربو هبذه اؼبرتبة ككانت حاجة الناس إليو هبذه الدرجة ،فقد أكجب اهلل
لنبيو على ىذه األمة صبلة من اغبقوؽ كالواجبات تنظم العالقة اليت تربطهم بو تنظيما دقيقا ،كىذه
اغبقوؽ:
من حقوؽ النبي على أمتو :تصديقو فيما جاء بو عن ربو ،كاعتقاد أف ما جاء بو من عند اهلل
حق جيب اتباعو ،كما جيب تصديق النيب صبيع ما أخرب بو عن اهلل عز كجل ،من أنباء ما قد سبق
كحرـ من حراـ ،كاإلدياف بأف ذلك كلو من عند اهلل عز كجل، كأخبار ما سيأيت ،كفيما أحل من حالؿ ٌ
ً
وحى}(النجم)4 ،3: قاؿ تعاذل {:ىكىما يىػ ٍنط يق ىع ًن ال ىٍه ىول ،إً ٍف يى ىو إًالَّ ىك ٍح هي يي ى
قاؿ شارح العقيدة الطحاكية" :جيب على كل أحد أف يؤمن دبا جاء بو الرسوؿ إديانا ؾبمال ،كال
ريب أف معرفة ما جاء بو الرسوؿ على التفصيل فرض على الكفاية"( ).
كاؼبراد بالعبارة السابقة :أنو جيب على اؼبسلم تصديق النيب فيما أخرب بو على العموـً ،كيف تىأٍ ًك ًيل
اى يدكا بًأ ٍىم ىوالً ًه ٍم ىكأىنٍػ يف ًس ًه ٍم فًي ًً ً اذل { :إنَّما ال ً َّ ً قىػ ٍولًًو تىػ ىع ى
آمنيوا بًاللَّو ىكىر يسولو ثي َّم لى ٍم يىػ ٍرتىابيوا ىك ىج ى
ين ى
ٍم ٍؤمنيو ىف الذ ى
ى ي
ادقيو ىف}(اغبجرات)15:يذكر ابن جرير الطربم: يل اللَّ ًو أيكلىئً ى يى يم َّ
الص ً ىسبً ً
آمنَّا ىكلى َّما يى ٍد يخ ًل ا ًإلديىا يف ًيف قيػليوهبًً ٍم :إًََّنىا اٍل يم ٍؤًمنيو ىف أىيُّػ ىها ً َّ ً وؿ تىػع ى ً ً
ين قىاليوا ى اذل ذ ٍك يرهي لأل ٍىعىراب الذ ى "يىػ يق ي ى
وؿ :يمثَّ ىدلٍ يى يش ُّكوا ًيف ىك ٍح ىدانًيَّ ًة اللَّ ًو ،ىكالى نػيبيػ َّوةً نىبًيِّ ًو ، ص َّدقيوا اللَّوى ىكىر يسولىوي ،يمثَّ ىدلٍ يىػ ٍرتىابيوا ،يىػ يق ي
ين ى
َّ ً
اٍل ىق ٍويـ الذ ى
ك ًمٍنوي ًيف كج ً ض اللَّ ًو بًغى ًٍَت ىش ٍّ ب ىعلىٍي ًو ًم ٍن فىػىرائً ً ً ًً ً
وب ي اعةى ىر يسولو ،ىكالٍ ىع ىم ىل دبىا ىك ىج ى اعةى اللَّو ىكطى ى ىكأىلٍىزىـ نىػ ٍف ىسوي طى ى
ك ىعلىٍي ًو"( ). ً
ىذل ى
) شرح العقيدة الطحاكية حملمد بن أيب العز الطحاكم 70/1ط/دار السالـ بالقاىرة 1426ق2005-ـ. (
) جامع البياف يف تفسَت القرآف البن جرير الطربم 314/22ط/مؤسسة الرسالة بالقاىرة 1420ق2000-ـ. (
-2تصديقو أنو أرسل للناس افة،كيشهد ؽبذا آيات يف القرآف ،كقولو تعاذل:
َّاس ىال يىػ ٍعلى يمو ىف} (سبأ.)28: اؾ إًَّال ى افَّةن لًلن ً
َّاس بى ًش نيرا ىكنى ًذ نيرا ىكلى ًك َّن أى ٍ ثىػ ىر الن ً {-ىكىما أ ٍىر ىسلٍنى ى
ين نى ًذ نيرا}(الفرقاف.)1: ً ً ًً ً َّ ً
-كقولو{:تىػبى ىار ىؾ الذم نىػ َّ ىؿ الٍ يف ٍرقىا ىف ىعلىى ىع ٍبده ليى يكو ىف لل ىٍعالىم ى
فرسالة النيب عامة عبميع البشر ،بل كاعبن ،كما ىو ثابت من أخبار اعبن يف القرآف يف سورة
أحدا من
اعبن ،كآخر األحقاؼ ،كليست خاصة ،كىي ميزة تفرد هبا عن سائر األنبياء ،كبذلك ال يسع ن
). العاؼبُت أف خيرج عن شريعتو ،أك يرفض دعوتو ،أك يدعي أّنا ال تلزمو(
-3تصديقو أف من لم يتبعو كلم يؤمن بو فهو من أىل النار ،سواء اف يهويا أك نصرانيا أك غير
اإل ٍس ىالًـ ًديننا فىػلى ٍن ييػ ٍقبى ىل ًم ٍنوي ىك يى ىو فًي
ذل :كيشهد ؽبذا أدلة كثَتة ،كقولو تعاذل {:ىكىم ٍن يىػ ٍبتى ًغ غىٍيػ ىر ًٍ
ً ً ًً
ين}(آؿ عمراف)85: ٍااخ ىرة م ىن الٍ ى اس ًر ى
م -كقاؿ عليو الصالة كالسالـ" :كالَّ ًذم نىػ ٍفس يؿب َّم ود بًي ًدهً ىال يسمع ًيب أىح هد ًمن ى ًذهً ٍاأل َّيم ًة يػه ً
ود ٌّ ىي ىٍىي ى ٍ ى ي ى ى ى
ىصح ً
اب النَّا ًر"( ) ً وت كىدلٍ يػ ٍؤًم ٍن بًالَّ ًذم أ ٍيرًس ٍل ي ًً ً
ت بو إَّال ىكا ىف م ٍن أ ٍ ى صىرًاينٌّ يمثَّ ديىي ي ى ي
ىكىال نى ٍ
-4تصديقو في أف شريعتو التي أتى بها ىي أحسن الشرائع ،كأف دين اإلسالـ ىو أحسن األدياف
كأعالىا ،كأف اليهودية كالنصرانية ال تساكيها حباؿ.
ين}(آؿ عمراف)139:ًً كيشهد ؽبذا أدلة كثَتة منها {:ىكىال تى ًهنيوا ىكىال تى ٍح ىنيوا ىكأىنٍػتي يم ٍاألى ٍعلى ٍو ىف إً ٍف ي ٍنتي ٍم
يم ٍؤمن ى
-5تصديقو في أف دينو شامل لكل أكجو الحياة كنشاطاتها ،صغيرىا ك بيرىا ،فال ي رج
ين ىال ىش ًري ى ً ام ىكىم ىماتًي لًلَّ ًو ىر ِّك
ب ال ىٍعالىم ى
عنو ،كيشهد ؽبذا قولو تعاذل{ :قيل إً َّف ص ىالتًي كني ً
سكي ىكىم ٍحيى ى
ى ي ى ٍ
ين} (األنعاـ)163-162: ت كأىنىا أ َّىك يؿ ال ً ً ًً ً
ٍم ٍسلم ى ي لىوي ىكب ىذل ى أيم ٍر ي ى
فهذه القضايا من األصوؿ اليت جيب تصديقها ،كاإلدياف هبا ،كاغباجة إذل التذكَت هبا يف الوقت
ماسة ،لكثرة من يدخل يف نفوس الناس الريب فيها ،كمن يريد تعطليها كؿبوىا ،كليعلم أف ؿبوىا ؿبو
لإلسالـ من أصلو ،فال إسالـ إال بعلو يف األرض ،فهو دين اهلل تعاذل الذم ارتضاه لعباده ،قاؿ تعاذل:
اإل ٍس ىال ىـ ًديننا} (اؼبائدة)3: ٍت لى يك ٍم ًدينى يك ٍم ىكأىتٍ ىم ٍم ي
ت ىعلىٍي يك ٍم نً ٍع ىمتًي ىكىر ً ي
يت لى يك يم ًٍ {الٍيىػ ٍوىـ أى ٍ ىمل ي
-6تصديقوأنو قد بلغ الرسالة كأ ملها.
) تفسَت القرآف العظيم أليب الفداء إظباعيل بن عمر بن كثَت الدمشقي 427/6ط/دار طيبة للنشر كالتوزيع 1999ـ. (
) صحيح مسلم 365/1باب كجوب اإلدياف دبحمد صلى اهلل عليو كسلم ،حديث .218 (
إف من سباـ نعمة اهلل سبحانو كتعاذل على ىذه األمة أف أكمل ؽبم دينهم فال ينقصو أبدا ،كال
حيتاج إذل زيادة أبدا ،كاقًتف ىذا اإلكماؿ برضاه سبحانو بأف يكوف ىذا الدين الكامل دينا نتعبده بو،
الـ ًدينان}(.اؼبائدة)3: ٍت لى يك ٍم ًدينى يك ٍم ىكأىتٍ ىم ٍم ي
ت ىعلىٍي يك ٍم نً ٍع ىمتًي ىكىر ً ي
يت لى يك يم ا ًإل ٍس ى قاؿ تعاذل{ :الٍيىػ ٍوىـ أى ٍ ىمل ي
،كعن جابر بن عبد اهلل كىذه اآلية دليل على كماؿ الدين كحيا من اهلل ،كتبليغنا من رسولو
رضي اهلل عنو قاؿ :قاؿ رسوؿ اهلل " :تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إف اعتصمتم بو ،كتاب اهلل،
كأنتم تسألوف عٍت فما أنتم قائلوف؟ ،قالوا :نشهد أنك قد بلغت كأديت كنصحت .فقاؿ بأصبعو السبابة
) ،فشهد يرفعها إذل السماء كينكتها إذل الناس" :اللهم اشهد اللهم اشهد ثالث مرات "..اغبديث (
لو خَت قركف ىذه األمة كىم صحابتو رضواف اهلل عليهم ككانوا يف ذلك اؼبوقف كبوا من أربعُت
ألفا( ).
ىذا ىو اغبق الثاين من حقوقو كلقد فرض اهلل عز كجل على صبيع اػبلق اإلدياف بنبيو كطاعتو
كاتباعو كإجياب ما أكجبو كربرًن ما حرمو كشرع ما شرعو .كبو فرؽ اهلل بُت اؽبدل ،كالضالؿ ،كالرشاد
كالغي ،كاغبق كالباطل ،كاؼبعركؼ ،كاؼبنكر ،كىو الذم شهد اهلل لو بأنو يدعو إليو بإذنو ،كيهدم إذل
اؾ ىش ً
اىدان ىكيمبى ِّكشران ىكنى ًذيران، صراط مستقيم كأنو على صراط مستقيم .قاؿ تعاذل{ :يىا أىيُّػ ىها النَّبً ُّي إًنَّا أ ٍىر ىسلٍنى ى
صر و ً ً ً ً ً ً ً َّ ً ًً ًً ً
اط ىك ىداعيان إلىى اللو ب ٍذنو ىكس ىراجان يمنيران} (األحزاب ،)45،46:كقاؿ تعاذل { :ىكإنَّ ى لىتىػ ٍهدم إلىى ى
يم}(الشورل)52:يم ٍستى ًق و
اع اللَّوى}(النساء.)80:
وؿ فىػ ىق ٍد أىطى ى كقد جعل اهلل طاعتو طاعة لو يف مثل قولو تعاذل { :ىم ٍن يي ًط ًع َّ
الر يس ى
يما ىش ىج ىر بىػ ٍيػنىػ يه ٍم ثي َّم ال يى ًج يدكا فًي أىنٍػ يف ًس ًه ٍم كقاؿ تعاذل{ :فىال كربِّك ى ال يػ ٍؤًمنيو ىف حتَّى يح ِّككم ى ً
وؾ ف ى ى يى ي ي ىى
سلًيمان}(النساء.)65: ىح ىرجان ًم َّما قى ى ٍي ى
ت ىكيي ىسلِّك يموا تى ٍ
كاإلدياف بأف ىديو أكمل اؽبدم -كمن طاعتو كجوب التحا م إليو ،كالر ي بحكمو:
كشريعتو أكمل الشرائع كأف ال يقدـ عليها تشريعان أك نظاما مهما كاف مصدره.
وؿ ىكأيكلًي ٍاأل ٍىم ًر ًم ٍن يك ٍم فىً ف تىػنى ىاز ٍعتي ٍم
الر يس ى
يعوا َّ ً
يعوا اللَّوى ىكأىط ي
ً
آمنيوا أىط ي ين ى
َّ ً
قاؿ اهلل تعاذل{ :يىا أىيُّػ ىها الذ ى
ً ً ً ً ً فًي ىش ٍي وء فىػ يردُّكهي إًلىى اللَّ ًو ىك َّ
وؿ إًف ي نتي ٍم تيػ ٍؤمنيو ىف بًاللَّو ىكالٍيىػ ٍوـ ااخ ًر ىذل ى ىخ ٍيػ هر ىكأ ٍ
ىح ىس ين الر يس ً
تىأٍ ًكيالن}(سورة النساء ،)59:كيكوف التحاكم إذل سنتو كشريعتو بعده .
ٍم ًو فىػ ىق ى
الص ٍد ًر غبك ً ً ً ً اذل بًالت ً
اؿ {:فىالى ىكىربِّك ى الى َّسلي ًم غبي ٍك ًم ىر يسوؿ اهلل ىكانٍشىر ًاح َّ ي ىكقى ٍد أ ىىمىر اهللي تىػ ىع ى ٍ
يما ىش ىج ىر بىػ ٍيػنىػ يه ٍم ثي َّم الى يى ًج يدكا فًي أىنٍػ يف ًس ًه ٍم ىح ىر نجا ًم َّما قى ى ٍي ى
ت ىكيي ىسلِّك يموا يػ ٍؤًمنيو ىف حتَّى يح ِّككم ى ً
وؾ ف ى ى يى ي ي
يما}(النساء)65 : ً
تى ٍسل ن
لقد أكجب اهلل على العباد طاعة رسولو كاتباعو ،كلقد عمل السلف دبا أكجبو اهلل تعاذل فأخذكا
بسنة نبيهم كعملوا هبا أمرا كّنيا كخربا ،فكانت أقوالو كأفعالو كتقريراتو ىي اؼبصدر الثاين بعد كتاب اهلل
) إعالـ اؼبوقعُت البن قيم اعبوزية 48/1ط/دار اعبيل بَتكت 1973ـ. (
) كما جاء يف قولو " :أال إين أكتيت الكتاب كمثلو معو "..اغبديث ،كأخرجو أبو داكد يف سننو( )10 /5ح 4604 (
) أخرجو مسلم كتاب اإلمارة ،باب كجوب طاعة األمراء يف غَت معصية كربرديها يف اؼبعصية ()15 /6 (
) أخرجو البخارم ح ،7257كفتح البارم ( ،)233 /13كمسلم (.)15 /6 (
) أخرجو مسلم ( .)12 /6كأخرجو البخارم ح ،7144كفتح البارم (.)122 ،121 /13 (
عز كجل الذم تستقي منو األمة أحكامها كتشريعاهتا يف شىت شؤكف حياهتا .كيعتقد السلف أف للسنة
استقالليتها يف تشريع األحكاـ كىي كالقرآف يف ربليل اغبالؿ كربرًن اغبراـ ،كاألحكاـ اليت سكت القرآف
عن بياف حكمها ككرد يف السنة بياّنا.
النيب " بىػلِّغيوا ىع ٍِّت ىكلى ٍو َّبي فيما يتعلق بطاعتو :نى ٍش ير ىد ٍع ىوتًًو:قى ى ً
) آيةن"( اؿ ُّ -ىكم ٍن حقوؽ الن ِّك
كمن طاعتو كجوب التحاكم إليو ،كالرضي حبكمو كاإلدياف بأف ىديو أكمل اؽبدم كشريعتو
أكمل الشرائع كأف ال يقدـ عليها تشريعان أك نظاما مهما كاف مصدره.
كرد التحذير من معصية الرسوؿ يف مواطن عدة من القرآف الكرًن ،كقد جاء التحذير مصحوبا
ين يي ى الً يفو ىف ىع ٍن َّ ً
بالوعيد الشديد لذلك اؼبخالف العاصي كمن تلك اؼبواطن :قولو تعاذل{ :فىػلٍيى ٍح ىذ ًر الذ ى
صيبػهم ع ىذ ً ً أ ٍىم ًرهً أى ٍف تي ً
ص اللَّوى ىكىر يسولىوي يم} (النور ،)63:كقولو تعاذل { :ىكىم ٍن يىػ ٍع ً صيبىػ يه ٍم ف ٍتػنىةه أ ٍىك يي ً ى ي ٍ ى ه
اب أىل ه
ص اللَّوى ىكىر يسولىوي فىػ ىق ٍد ً ً ً
اب يم ًه ه
ين} ،كقولو تعاذل { :ىكىم ٍن يىػ ٍع ً يها ىكلىوي ىع ىذ ه ىكيىػتىػ ىع َّد يح يد ى
كدهي يي ٍدخلٍوي نىاران ىخالدان ف ى
ل ى الالن يمبًينان}(األحزاب.)36: ى َّ
ص اللَّو كرسولىو فىً َّف لىو نىار جهنَّم ىخالً ًد ً
يها أىبىدان}(اعبن.)23:
ين ف ى
ى ي ى ىى ى كقولو تعاذل { :ىكىم ٍن يىػ ٍع ً ى ى ى ي ي
أكجب اهلل تعاذل األدب مع النيب كىذا من حقوقو على اؼبسلمُت قاؿ تعاذل{ :يىا أىيُّػ ىها
يم } (البقرة)104:اعنا كقيوليوا انٍظيرنىا كاسمعوا كلً ٍل ىكافً ًرين ع ىذ ً
ً َّ ً
اب أىل ه
ى ى ه ٍ ى ٍ ىي ى آمنيوا ىال تىػ يقوليوا ىر ى ى
ين ى
الذ ى
كأرشدىم تعاذل إذل كلمة سليمة من كل شبهة تنايف األدب كىي انظرنا ،كأمرىم أف يسمعوا لنبيٌهم
االستً ٍهىزاءي بالرسوؿ كاػبسرة منو كـباطبتو دبا يفهم
إذا خاطبهم حىت ال يضطركا إذل مراجعتو؛ إذ ٍ
كعلو شأنو كعظيم منزلتو كفر بواح.
االستخفاؼ حبقو ٌ
كأخرب تعاذل عباده اؼبؤمنُت بأف الكافرين من أىل الكتاب كمن غَتىم من اؼبشركُت الوثنيُت ال
حيبوف أف يينزؿ عليكم من خَت من ربكم كساء كاف قرآنيان حيمل أظبى اآلداب كأعظم الشرائع كأىدل
سبل السعادة كالكماؿ ،أك كاف غَت ذلك من سائر أنواع اػبَتات ،كذلك حسدان منهم للمؤمنُت كما
أخربىم أنو تعاذل خيتص برضبتو من يشاء من عباده فحسد الكافرين لكم ال دينع فضل اهلل عليكم كرضبتو
بكم مىت أرادكم بذلك ،كيستفاد من اآليات:كجوب التأدب مع رسوؿ اهلل يف ـباطبتو بعدـ
). ( استعماؿ أم لفظة قد تفهم غَت ا ًإلجالؿ كا ًإلكبار لو
كمن التأدب مع رسوؿ اهلل عدـ رفع الصوت فوؽ صوتو كال عند حديثو قاؿ تعاذل:
) أيسر التفسَت أليب اعبزائرم 45/1ط /مكتبة العلوـ كاغبكم 2001ـ. (
الصوت يا ؿبمد كبأعلى األصوات إذا صاحبو استخفاؼ أك إىانة كعدـ مباالة صار كفران ؿببطان للعمل
قطعا ،كيثٍت اهلل تعاذل على أقواـ يغضوف أصواهتم أم خيفضوّنا عند رسوؿ اهلل أم يف حضرتو كبُت يديو
كأيب بكر كعمر رضي اهلل عنهما ىؤالء خيرب تعاذل أنو امتحن قلوهبم للتقول أم كسعها كشرحها لتحمل
تقول اهلل كالرسوؿ يقوؿ التقول ىا ىنا كيشَت إذل صدره ثالثا.
كمبا أف اهلل تعاذل قد قبض إليو نبيٌو كدل يبق بيننا رسوؿ اهلل نتكلم معو أك نناجيو فنخفض أصواتنا
عند ذلك فًإف علينا إذا ذكر رسوؿ اهلل بيننا أك ذكر حديثو أف نتأدب عند ذلكفال نضحك كال نرفع
الصوت ،كال نظهر أم استخفاؼ أك عدـ مباالة كإال خيشى علينا أف رببط أعمالنا ككبن ال نشعر،كعلى
الذم يغشوف مسجد رسوؿ اهلل أف ال يرفعوا أصواهتم فيو إال لضركرة درس أكخطبة أك أذاف أك
). إقامة"(
-1إجالؿ اسمو كتوقيره عند ذ ره ،كالصالة كالسالـ عليو ،كاستعظامو كتقدير شمائلو كف ائلو.
الصوت عند قبره ،كفي مسجده لمن أ رمو اهلل ب يارتو ،كشرفو بالوقوؼ على قبره. -2خف
اؼبقصود باحملبة :ؿببة اهلل سبحانو كتعاذل كؿببة رسولو ككل ما يدخل يف فلكها كيدكر مع ؿبورىا،
كىذه احملبة من أعظم كاجبات اإلدياف كأكرب أصولو ،بل كمن أكجب العبادات اؼبناطة بقلب اؼبؤمن،كىي
حق من حقوؽ النيب ذلك ألنو البد يف إدياف القلب من حب اهلل كرسولو ،كأف يكوف اهلل كرسولو إليو
) تفسَت القرطيب 308/16ط/دار الكتب اؼبصرية ،1964أيسر التفسَت أليب اعبزائرم 118/4 (
َّاس من يػتَّ ً يذ ًمن يد ً
كف اللَّ ًو أىنٍ ىدادان ي ًحبُّونىػهم ى ح ِّك ً َّ ً ً
آمنيوا ب اللَّو ىكالذ ى
ين ى ي يٍ ي ٍ فبا سوامها ،قاؿ تعاذل {:ىكم ىن الن ً ى ٍ ى
أى ىش ُّد يحبٌان لًلَّ ًو}(اؿبقرة)165:
فبُت سبحانو أف اؼبشركُت برهبم الذين يتخذكف من دكف اهلل أندادا ،كإف كانوا حيبوّنم كما حيبوف
اهلل ،فالذين آمنوا أشد حبا هلل منهم هلل كألكثاّنم ألف اؼبؤمنُت أعلم باهلل ،كاغبب يتبع العلم ،كألف
اؼبؤمنُت جعلوا صبيع حبهم هلل كحده ،كأكلئك جعلوا بعض حبهم لغَته كأشركوا بينو كبُت األنداد يف
سو ىف ىكىر يجالن ىسلىمانً ًً اغبب ،كمعلوـ أف ذلك أكمل قاؿ تعاذل { :ى ر ى َّ
ب اللوي ىمثىالن ىر يجالن فيو يش ىرى اءي يمتى ىشا ي ى
ف}(اؿزمر.)29: ٍح ٍم يد لًلَّ ًو بى ٍل أى ٍ ثىػ يريى ٍم ال يىػ ٍعلى يمو ى ً ً
ل ىر يج ول ىى ٍل يى ٍستى ًويىاف ىمثىالن ال ى
ككثَت من الناس يدعي ؿببة اهلل تعاذل من غَت ربقيق ؼبوجباهتا قاؿ بعض السلف :ادعى قوـ على
ً
عهد رسوؿ اهلل أّنم حيبوف اهلل فأنزؿ اهلل ىذه اآلية {قي ٍل إً ٍف ي ٍنتي ٍم تيحبُّو ىف اللَّوى فىاتَّبً يعونًي يي ٍحبًٍب يك يم اللَّوي
ىكيىػغٍ ًف ٍر لى يك ٍم ذينيوبى يك ٍم} (آؿ عمراف )31:كىذا ألف الرسوؿ ىو الذم يدعو إذل ما حيبو اهلل ،كليس شيء حيبو
اهلل إال كالرسوؿ يدعو إليو ،كليس شيء يدعو إليو الرسوؿ إال كاهلل حيبو ،فصار ؿببوب الرب كمدعو
الرسوؿ متالزمُت بل ىذا ىو ىذا يف ذاتو ،كإف تنوعت الصفات ،فكل من ادعى أنو حيب اهلل كدل يتبع
الرسوؿ فقد كذب
فمحبة اهلل كرسولو كعباده اؼبتقُت تقتضي فعل ؿببوباتو كترؾ مكركىاتو كالناس يتفاضلوف يف ىذا
،كمعلوـ أنو ال يتم اإلدياف تفاضال عظيما ،فمن كاف أعظم نصيبا من ذلك كاف أعظم درجة عند اهلل
). أمر( كاحملبة هلل إال بتصديق الرسوؿ فيما أخرب كطاعتو فيما
كثبات احملبة إَنا يكوف دبتابعة الرسوؿ يف أعمالو كأقوالو كأخالقو ،فبحسب ىذا االتباع يكوف
منشأ ىذه احملبة كثباهتا كقوهتا ،كحبسب نقصانو يكوف نقصاّنا.
) ؾبموع الفتاكل البن تيمية ( )366 /8ط /دار الوفاء 2005طبعة ثالثة. (
النبي . -تمني رؤيتو كالشوؽ إلى لقائو - .محبة من أحبهم
اهلل كرسولو. من أبغ -النصيحة هلل كلكتابو كلرسولو كألئمة المسلمين كعامتهم -.بغ
-ثواب محبتو :احملبة من أفضل أعماؿ العباد كأحبها إذل اهلل عز كجل ،فبها يذكؽ العبد حالكة
اإلدياف كما يف اغبديث " :ثالث من كن فيو كجد حالكة اإلدياف :أف يكوف اهلل كرسولو أحب إليو فبا
سوامها ،كأف حيب اؼبرء ال حيبو إال هلل ،كأف يكره أف يعود يف الكفر بعد أف أنقذه اهلل منو كما يكره أف
). النار"( يقذؼ يف
عن كىي من أفضل اإلدياف كما يف حديث معاذ بن جبل رضي اهلل عنو أنو سئل رسوؿ اهلل
). اهلل"( أفضل اإلدياف؟ قاؿ:أفضل اإلدياف أف ربب هلل كتبغض هلل يف اهلل كتعمل لسانك يف ذكر
،فقاؿ :يا رسوؿ اهلل مىت كعن أنس بن مالك رضي اهلل عنو قاؿ :جاء رجل إذل رسوؿ اهلل
الساعة؟ قاؿ" :كما أعددت للساعة؟ " قاؿ :حب اهلل كرسولو .قاؿ" :فإنك مع من أحببت".
قاؿ أنس :فما فرحنا بعد اإلسالـ فرحا أشد من قوؿ النيب " فإنك مع من أحببت " قاؿ أنس:
). بأعماؽبم( فأنا أحب اهلل كرسولو كأبا بكر كعمر فأرجو أف أكوف معهم كإف دل أعمل
فمن حق النيب على أمتو أف يهاب كيعظم كيوقر كجيل أكثر من كل كلد لوالده كمن كل عبد
) كىو ما أمر اهلل بو يف كتابو لسيده ،فهذا حق من حقوقو الواجبة لو فبا يزيد على لوازـ الرسالة(
سولً ًو ىكتيػ ىع ِّك يركهي ىكتيػ ىوقِّكػ يركهي}(الفتح)9: ً ً ً
العزيز قاؿ تعاذل{ :لتيػ ٍؤمنيوا بًاللَّو ىكىر ي
كتعظيم اعبوارح لو :فهو العمل بشريعتو ،كالتأسي بسنتو ،كاألخذ بأكامره ظاىرا كباطنا،
كالتمسك هبا كاغبرص عليها ،كربكيم ما جاء بو يف األمور كلها ،كالرضا حبكمو كالتسليم لو ،كالسعي يف
إظهار دينو ،كنصر ما جاء بو ،كتبليغ رسالتو للناس كدعوهتم لإلدياف بو كالذب عن سنتو كالدفاع عنها
كتعلمها كتعليمها كخدمتها ،كاؼبواالة كاؼبعاداة كاغبب كالبغض ألجلو ،كجهاد من خالفو ،كاالجتناب عما
ّني عنو كزجر ،كالبعد عن معصيتو كـبالفتو كاغبذر من ذلك ،كالتوبة كاالستغفار عما كقع فيو الزلل
كالتقصَت.
قاؿ شيخ اإلسالـ ابن تيمية رضبو اهلل" :كإَنا تعظيم الرسل بتصديقهم فيما أخربكا بو عن اهلل
) فاالتباع ىو احملك الذم دييز من خاللو كطاعتهم فيما أمركا بو كمتابعتهم كؿببتهم كمواالهتم"(
مدل صدؽ مدعي التعظيم يف دعواه تلك .إذ كيف يعقل أك يتخيل أف يدعي شخص تعظيم النيب
كتوقَته كىو ال يلتزـ دبا جاء بو من أمر أك ّني ،كال يقيم كزنا كال اعتبارا ؼبا جاء بو.
ككذلك من توقَت النيب توقَته يف آلو كأزكاجو أمهات اؼبؤمنُت ،كتوقَته يف أصحابو رضواف اهلل
عليهم ،كحفظ حرمة اؼبدينة النبوية.
كمن ؿببتو كثرة الصالة كالسالـ عليو ،ؼلقد أمرنا اهلل تبارؾ كتعاذل أف نصلي كنسلم على نبينا
ؿبمد ، كذلك تشريف منو عز كجل لنبيو كرسولو كإظهار لالحًتاـ كالتعظيم الذم شرعو يف حقو
صلُّوا ىعلىٍي ًو ىك ىسلِّك يموا
آمنيوا ى
َّ ً ً
صلُّو ىف ىعلىى النَّب ِّكي يىا أىيُّػ ىها الذ ى
ين ى
ً
فقد قاؿ تعاذل { :إً َّف اللَّوى ىكىمالئ ىكتىوي يي ى
تى ٍسلًيمان}(األحزاب )56فهذه اآلية فيها من تعظيم النيب كالتنويو بو ما ليس يف غَتىا ،كذلك بسبب
ما فيها من سبييز للنيب عند ذكره كال شك أف ذلك فيو رفع لقدره كإعالء ؼبكانتو يف حياتو كبعد
موتو.
) اؼبقصود ىنا :أنو جيوز أف يبعث اهلل رسوال كال يوجب لو ىذا اغبق خبالؼ اإلدياف كاالتباع فإّنما من لوازـ الرسالة. (
) كتاب الرد على األخنائي البن تيمية (ص )25 ،24ط /اؼبطبعة السلفية بالقاىرة. (
يفية الصالة على النبي :عن كعب بن عجرة رضي اهلل عنو قاؿ" :إف النيب خرج علينا
فقلنا :يا رسوؿ اهلل ،قد علمنا كيف نسلم عليك ،فكيف نصلي عليك؟ قاؿ" :قولوا اللهم صل على
ؿبمد كعلى آؿ ؿبمد كما صليت على آؿ إبراىيم إنك ضبيد ؾبيد ،اللهم بارؾ على ؿبمد كعلى آؿ
). عليو( ؿبمد كما باركت على آؿ إبراىيم إنك ضبيد ؾبيد" متفق
-مواطن الصالة عليو كتستحب الصالة على النيب يف آخر التشهد -آخر القنوت -يف صالة
اعبنازة بعد التكبَتة الثانية -خطبة اعبمعة كالعيدين ،كاالستسقاء ،كغَتىا -بعد إجابة اؼبؤذف كعند اإلقامة -
عند الدعاء -عند دخوؿ اؼبسجد كعند اػبركج منو -عند اجتماع القوـ قبل تفرقهم -عند ذكره -يوـ
اعبمعة.
-ف ل الصالة على النبي .عن عبد الرضبن بن عوؼ قاؿ :أتيت النيب كىو ساجد فأطاؿ
السجود قاؿ" :أتاين جربيل قاؿ :من صلى عليك صليت عليو ،كمن سلم عليك سلمت عليو،
). شكرا"( فسجدت هلل
كاؼبتأمل يف ىذه األحاديث يعرؼ عظم فضل الصالة على النيب .كقد ذكر ابن القيم رضبو اهلل
يف الباب الرابع من كتابو القيم جالء األفهاـ عددا من الفوائد كالثمرات اغباصلة بالصالة عليو منها
ما يلي:
-موافقتو سبحانو يف الصالة عليو ، كإف اختلفت الصالتاف ،فصالتنا عليو دعاء كسؤاؿ،
كصالة اهلل تعاذل عليو ثناء كتشريف - .حصوؿ عشر صلوات من اهلل على اؼبصلي مرة.
-أنو ديحي عنو عشر سيئات -.أّنا سبب لشفاعتو إذا قرّنا بسؤاؿ الوسيلة لو.
-أّنا سبب لغفراف الذنوب -.أّنا سبب لكفاية اهلل العبد ما أمهو.
-أّنا سبب لدكاـ ؿببتو للرسوؿ كزيادهتا كتضاعفها ،كذلك عقد من عقود اإلدياف الذم ال يتم
إال بو ،ألف العبد كلما أكثر من ذكر احملبوب ،كاستحضاره يف قلبو ،كاستحضار ؿباسنو كمعانيو اعبالبة غببو،
تضاعف حبو لو كتزايد شوقو إليو ،كاستوذل على صبيع قلبو،فقلب اؼبؤمن توحيد اهلل كذكر رسولو مكتوباف
فيو ال يتطرؽ إليهما ؿبو كال إزالة كدكاـ الذكر سبب لدكاـ احملبة ،فالذكر للقلب كاؼباء للزرع ،بل كاؼباء
للسمك ،ال حياة لو إال بو.
-أف الصالة عليو سبب حملبتو للعبد ،فإّنا إذا كانت سببا لزيادة ؿببة اؼبصلي عليو لو ،فكذلك
ىي سبب حملبتو ىو للمصلى عليو .
-أّنا سبب ؽبداية العبد كحياة قلبو ،فإنو كلما أكثر الصالة عليو كذكره ،استولت ؿببتو على قلبو،
حىت أللقى يف قلبو معارضة لشيء من أكامره كالشك يف شيء مم اجاء بو ،بل يصَت ما جاء بو مكتوبا
مسطورا يف قلبو ال يزاؿ يقرؤه على تعاقب أحوالو ،كيقتبس اؽبدل كالفالح كأنواع العلوـ منو ،ككلما ازداد
يف ذلك بصَتة كقوة كمعرفة ازدادت صالتو عليو .
-أّنا سبب لعرض اسم اؼبصلي عليو كذكره عنده ،كما تقدـ قولو " إف صالتكم معركضة
علي" ككفى بالعبد نبال أف يذكر اظبو بُت يدم رسوؿ اهلل .
-أف الصالة عليو ال أداء ألقل القليل من حقو ،كشكر لو على نعمتو اليت أنعم اهلل ال علينا ،مع
أف الذم يستحقو من ذلك ال حيصى علما كال قدرة كال إرادة ،كلكن اهلل سبحانو لكرمو رضي من عباده
باليسَت من شكره كأداء حقو ،كأّنا متضمنة لذكر اهلل كشكره ،كمعرفة إنعامو على عبده بإرسالو.
فعن أيب ىريرة رضي اهلل عنو قاؿ :قاؿ :رسوؿ اهلل " :رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل
علي ،كرغم أنف رجل دخل عليو رمضاف مث انسلخ قبل أف يغفر لو ،كرغم أنف رجل أدرؾ عنده أبواه
) كعن اغبسُت بن علي بن أيب طالب رضي اهلل عنهما قاؿ :قاؿ رسوؿ اهلل اعبنة" ( الكرب فلم يدخاله
). علي"( " البخيل من ذكرت عنده فلم يصل
لقد بذؿ الصحابة رضي اهلل عنهم أنفسهم كأىليهم كأمواؽبم فداء ؽبذا الدين كدفاعا عنو كعن رسوؿ اهلل
،كترددت ىذه العبارة :فداؾ أبي كأمي يا رسوؿ اهلل بصيغة اإلفراد كاعبمع من الرجاؿ كالنساء
كالصبياف؛ ألّنم علموا قدره ، كأدركوا ما كانوا فيو من جاىلية جهالء فأكرمهم اهلل هبذا الدين كهبذا
النيب ،كىذا حقو عليهم حياًّ ،كحق علينا كعلى كل افراد أمتو أف ندافع عنو كعن سنتو بعد فباتو،
ً فإف كاف اهلل سبحانو كتعاذل قد قاؿ {:إًنَّا ى ىفٍيػنى ى
ين }(اغبجر )95:كعصمو فبن أرادكا قتلو، اؾ ال يٍم ٍستىػ ٍه ًئ ى
كانتقم لو فبن نالوا منو ،فإف الصحابة قد قدموا ما يستطيعوف للدفاع عنو.
كمظٍ ًههر لً ًدينً ًو
كسبَّو ،ي
منتقم لرسولو فبن طعن عليو ى إف اهلل ه يقوؿ شيخ اإلسالـ ابن تيمية رضبو اهلل َّ " :
ب الكاذب إذا دل ديكن الناس أف يقيموا عليو اغبد ،كنظَت ىذا ما ىح َّدثػىنىاه ه
أعداد من اؼبسلمُت كلً ىك ًذ ً
ص ًر اغبصوف كاؼبدائن اليت بالسواحل الشامية، و و
عما جربوه مرات متعددة يف ىح ٍ الع يدكؿ ،أىل الفقو كاػبربةَّ ،
ي
ص ىن أك اؼبدينة الشهر أك أكثر ً
ص ير اغب ٍؼبا حصر اؼبسلموف فيها بٍت األصفر يف زماننا ،قالوا :كنا كبن ىٍكب ي
عرضوالوقيعة يف ً رسوؿ اهلل ك ً
ب ً فبتنع علينا حىت نكاد نيأس منو ،حىت إذا تعرض أىليوي لً ىس ِّ من الشهر كىو ه
تىػ ىع َّجلنا فتحو كتيى َّسر ،كدل يكد يتأخر إال يومان أك يومُت أك كبو ذلك،مث يفتح اؼبكاف عنوة ،كيكوف فيهم
) ،كقد مدح حساف بن ثابت رسوؿ اهللقائال: ملحمة"(
شك يف َّ
أف قضية الدفاع عن الرسوؿ ىي الشغل الشاغل لألمة يف ىذه األياـ بعد اؽبجمة كال َّ
الشرسة من الصحافة كاإلعالـ الغريب عليو ،كإف على كل مؤمن حيب اهلل تعاذل كرسولو كيغار
) سنن الًتمذم باب قوؿ الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم رغم أنف 550/5حديث .3545 (
) مسند أضبد بن حنبل باب :حديث اغبسُت بن علي رضي اهلل عنو 201/1حديث.1726: (
) الصارـ اؼبسلوؿ على شامت الرسوؿ البن تيمية 115/1ط /اغبرس الوطٍت السعودم 1421ق. (
) ديواف حساف بن ثابت باب :عفت ذات األصابع فاعبواء 1/1ط/دار الكتب العلمية 1994ـ. (
لدينو أف يسعى لنصرة نبيو ك حبيبو ؿبمد كل من موقعو كحسب قدرتو كاستطاعتو ،كنصرة النيب
تكوف دبا يلي:
وؿ فى ي يذكهي ىكىما
الر يس ي
-1اتباع سنتو ك تطبيقها كاالىتداء هبديو كطاعتو قاؿ تعاذل{:ىكىما آتىا ي يم َّ
اب }.كقاؿ تعاذل {:كاف تطيعوه تهتدكا} نىػ ىها ي ٍم ىعٍنوي فىانٍػتىػ يهوا ىكاتَّػ يقوا اللَّوى إً َّف اللَّوى ىش ًدي يد ال ًٍع ىق ً
-2تنشئة األطفاؿ كاألجياؿ منذ الصغر على ؿببة الرسوؿ كالدفاع عنو ك التأسي بسَتتو كاالقتداء بو.
-3قياـ العلماء كالدعاة كاػبطباء كاؼبربُت بدكرىم يف ذلك.
-4إعداد برامج للتعريف بالنيب ، سواء عرب كسائل اإلعالـ اؼبرئية كاؼبسموعة كاؼبقركءة.
-5كضع اؼبؤلفات اليت تبُت سَتة النيب كسنتو كىديو كمشائلو كرضبتو ،كجبميع اللغات.
-6إنشاء مواقع على الشبكة العنكبوتية لنصرة النيب .
-7استنكار ما حدث كلو بالقلب فقد قاؿ النيب : من رأل منكم منكرا فليغَته بيده فمن دل يستطع
فبلسانو فمن دل يستطع فبقلبو ك ذلك أضعف االدياف ،فالتغيَت باليد ك اللساف يكوف بػ:
-إرساؿ رسائل االستنكار ك التنديد ،كرفع الصوت باإلنكار ليسمع القاصي كالداين.
-االستمرار دبقاطعة بضائع كل دكلة تينشر فيها ىذه الرسوـ اؼبسيئة.
-مقاضاة الصحف -اليت تسيء إذل النيب أك إذل اإلسالـ -كالقائمُت عليها كالناشرين كاؼبؤلفُت ؽبذه
اإلساءات ليكونوا عربة ؼبن تسوؿ لو نفسو التطاكؿ على مقدساتنا اإلسالمية.
رسوؿ اهللىو عبد هلل كرسولو ،كىو أفضل األنبياء كاؼبرسلُت ،كىو سيد األكلُت كاآلخرين ،كىو
ؼ
صاحب اؼبقاـ احملمود ،كاغبوض اؼبوركد ،كلكنو مع ذلك بشر ال ديلك لنفسو كال لغَته ضران كال نفعان إال
اء اللَّوي ىكلى ٍو ي ي ً ً ً
نت أى ٍعلى يم ما شاء اهلل كما قاؿ تعاذل{ :قيل الَّ أ ٍىمل ي لنىػ ٍفسي نىػ ٍف نعا ىكالى ى ِّرا إًالَّ ىما ىش ى
السوءي إً ٍف أىنىاٍ إًالَّ نى ًذ هير ىكبى ًش هير لِّك ىق ٍووـ ييػ ٍؤًمنيو ىف} (األعراؼ،)188:
ت ًم ىن الٍ ى ٍي ًر ىكىما ىم َّسنً ىي ُّ
ب الى ٍستى ٍكثىػ ٍر ي
الٍغىٍي ى
كقاؿ ":ال تطركين كما أطرت النصارل عيسى بن مرًن"( ).
كالغلو يف الشرع:ىو ؾباكزة حدكد ما شرع اهلل سواء كاف ذلك التجاكزيف جانب االعتقاد أك القوؿ أك
العمل.
). قاؿ النوكم" :ىلك اؼبتنطعوف" :أم اؼبتعمقوف الغالوف اجملاكزكف اغبدكد يف أقواؽبم كأفعاؽبم(
) ،فهذا اغبديث موافق ؼبا كقاؿ أيضا" :اؼبتنطعوف :اؼبتعمقوف اؼبشددكف يف غَت موضع التشديد" (
جاء يف اغبديث السابق من اإلخبار هبالؾ أصحاب الغلو .كىناؾ أحاديث كثَتة ّني فيها النيب
أصحابو رضواف اهلل عليهم عن الغلو يف جوانب معينة من الدين نذكر اثنُت منها على سبيل اؼبثاؿ ال
على سبيل اغبصر.
يسألوف عن فعن أنس بن مالك رضي اهلل عنو قاؿ " :جاء ثالثة رىط إذل بيوت أزكاج النيب
عبادة النيب فلما أخربكا كأّنم تقالوىا .فقالوا :كأين كبن من النيب كقد غفر لو ما تقدـ من ذنبو
كما تأخر؟ قاؿ أحدىم :أما أنا فأنا أصلي الليل أبدا .كقاؿ آخر :أنا أصوـ الدىر كال أفطر .كقاؿ آخر:
أنا أعتزؿ النساء فال أتزكج أبدا .فجاء رسوؿ اهلل اؿ فقاؿ " :أنتم الذين قلتم كذا ككذا؟ أما كاهلل إين
ألخشاكم هلل كأتقاكم لو ،لكٍت أصوـ كأفطر ،كأصلي كأرقد ،كأتزكج النساء فمن رغب عن سنيت فليس
). مٍت "(
كّني النيب أف يصلى إذل القرب أك يتخذ مسجدا أك عيدا أك يوقد عليو سراج ،بل مدار دينو على
ىذا األصل-أم ذبريد التوحيد -الذم ىو قطب رحا النجاة ،كدل يقرر أحد ما قرره بقولو كفعلو كسد
). الذرائع اؼبنافية لو ،فتعظيمو دبوافقتو على ذلك ال مناقضتو فيو(
السلف من الصحابة كالتابعُت كتابعيهم بإحساف إذل يوـ الدين ساركا يف ىذا الشأف كفق نصوص
القرآف كالسنة الصحيحة شأّنم يف ذلك االتباع كترؾ االبتداع.
-2التأ يد على أف الرسل ال يملكوف شيئا من خصائص األؿ كىية كالربوبية :قاؿ تعاذل{:قي ٍل
ً ً ً ً
وؿ لى يك ٍم إًنِّكي ىملى ه إً ٍف أىتَّبً يع إًالَّ ىما يي ى
وحى وؿ لى يك ٍم ع ٍندم ىخ ىائ ين اللَّو ىكال أى ٍعلى يم الٍغىٍي ى
ب ىكال أىقي ي ال أىقي ي
إًلى َّي}(األنعاـ)50:
-3التنبيو على ما اف من حاؿ النصارل مع عيسى عليو السالـ كبياف فرىم في ذل :
-4بياف فر من رفعهم إلى درجة الربوبية ،قاؿ تعاذل { ىكال يىأ يٍم ىري ٍم أى ٍف تىػتَّ ً يذكا ال ىٍمالئً ىكةى
ين أ ٍىربىابان أىيىأ يٍم يري ٍم بًالٍ يك ٍف ًر بىػ ٍع ىد إً ٍذ أىنٍػتي ٍم يم ٍسلً يمو ىف}(آؿ عمراف.)80: ً
ىكالنَّبيِّك ى
ق:
-كمن الدفاع عن النبي بياف حكم التوسل كاالستغاثة كاالستشفاع ب
كالوسيلة اليت أمر اهلل أف تبتغى إليو كأخرب عن مالئكتو كأنبيائو أّنم يبتغوّنا إليو ىي ما يتقرب بو
إليو من الواجبات كاؼبستحبات ،كصباع الوسيلة اليت أمر اهلل اػبلق بابتغائها ىو التوسل إليو باتباع ما جاء
بو الرسوؿ.
ؿبمدا
كقولو ":من قاؿ حُت يسمع النداء اللهم رب ىذه الدعوة التامة كالصالة القائمة آت ن
ؿبمودا الذم كعدتو ،حلت لو شفاعيت يوـ القيامة"( ).
مقاما ن
الوسيلة كالفضيلة ،كبعثو ن
) أخرجو البخارم ،كتاب األذاف ،باب الدعاء عند األذاف حديث ،614كفتح البارم (.)94/2 (
كأما التوسل بالنيب كالتوجو بو يف كالـ الصحابة فَتيدكف بو التوسل بدعائو كشفاعتو ،كىذا كاف
يف حياتو كيكوف يوـ القيامة يتوسلوف بشفاعتو ،كالتوسل الشرعي ىو التقرب إذل اهلل بطاعتو كىذا النوع
يدخل فيو كل ما أمرنا اهلل بو كرسولو ،كىذه الوسيلة ال طريق لنا إليها إال باتباع النيب كطاعتو.
-2التوسل إلى اهلل بعبادتو كطاعتو -3.التوسل بدعاء األحياء الصالحين للغير.
كىكذا يتضح لنا جليا أف التوسل اؼبشركع الذم دلت عليو نصوص الكتاب كالسنة ،كجرل عليو
عمل السلف الصاحل كأصبع عليو اؼبسلموف ىو:
أ -التوسل باإلدياف باهلل كبرسولو كبكل ما أمر بو.ب -التوسل إذل اهلل بعبادتو كطاعتو.
كأما ما عدا تلك األنواع السابقة فهي توسالت غَت جائزة كغَت مشركعة ،كذلك كالتوسل بذكات
اؼبخلوقُت ،أك جاىهم فيما ال يقدر عليو إال اهلل،سواء كانوا أحياء أـ أمواتنا ،كسواء كانوا أنبياء أـ صاغبُت أـ
من عامة اؼبؤمنُت.
الشفاعة:لقد كاف الصحابة يستشفعوف بالنيب يف االستسقاء كيطلبوف منو الدعاء ،بل ككذلك
بعده استسقى عمر كاؼبسلموف بالعباس عمو ،كىذا من الشفاعة يف الدنيا ،كيف يوـ القيامة يطلب الناس
الشفاعة من األنبياء كؿبمد كىو سيد الشفعاء ،كلو شفاعات خيتص هبا.
كلكن البد يف ىذه الشفاعة من الشرطُت السابقُت أم إذف اهلل للشافع كرضاه عن اؼبشفوع لو.
فالداعي الشافع ليس لو أف يدعو كيشفع إال بإذف اهلل يف ذلك ،فال يشفع شفاعة ّني عنها:
آمنيوا أى ٍف يى ٍستىػ ٍغ ًف يركا ً ً َّ ً
ين ىكالشفاعة للمشركُت كالدعاء ؽبم باؼبغفرة قاؿ تعاذل { ىما ى ا ىف للنَّب ِّكي ىكالذ ى
ٍج ًح ً ً ً ً لًل ً
يم}(التوبة،)113: اب ال ىىص ىح ي ٍم ٍش ًر ى
ين ىكلى ٍو ى انيوا أيكلي قيػ ٍربىى م ٍن بىػ ٍعد ىما تىػبىػيَّ ىن لى يه ٍم أىنَّػ يه ٍم أ ٍ ي
كشرط الرضي غَت متحقق يف اؼبشفوع لو مع أف الشافع ىنا ىو خَت اػبلق كأعظمهم قدرا عند اهلل
تعاذل.
ككل داع شافع ،دعا اهلل سبحانو كشفع :فال يكوف دعاؤه كشفاعتو إال بقضاء اهلل كقدره كمشيئتو،
فهو الذم جييب الدعاء من صبلة األسباب اليت قدرىا اهلل سبحانو كتعاذل.
فالدعاء للغَت ،ينتفع بو الداعي ،كاؼبدعو لو ،كإف كاف الداعي دكف اؼبدعو يف الدرجة كاؼبنزلة.
فمن قاؿ لغَته أدع رل كقصد انتفاعهما صبيعا بذلك كاف ىو كأخوه متعاكنُت على الرب كالتقول ،
كقد ثبت عنو أنو قاؿ" :دعوة اؼبرء اؼبسلم ألخيو بظهر الغيب مستجابة ،عند رأسو ملك موكل كلما
دعا ألخيو قاؿ اؼبلك اؼبوكل بو آمُت كلك دبثل" ( ) ،كعند النظر يف نصوص الشرع الواردة يف شفاعة
النيب قبد أف ىناؾ شفاعة أخركية لو يف يوـ القيامة ،كشفاعة دنيوية يف حياتو.
يشفع للخلق يوـ القيامة بعد أف أما الشفاعة األخركية :فقد أصبع اؼبسلموف على أف النيب
يسألو الناس ذلك ،كبعد أف يأذف اهلل لو يف الشفاعة ،كأىل السنة كاعبماعة متفقوف على ما اتفق عليو
يشفع ألىل الكبائر من أمتو الصحابة رضواف اهلل عليهم أصبعُت ،كاستفاضت بو السنن من أنو
كيشفع لعموـ اػبلق.
فلو شفاعات خيتص هبا ال يشركو فيها أحد ،كشفاعات فيها كغَته من األنبياء كالصاغبُت
سواء ،فإنو أفضل اػبلق كأكرمهم على ربو عز كجل ،كلو من الفضائل اليت ميزه اهلل هبا على سائر
النبيُت كمن ذلك اؼبقاـ احملمود الذم يغبطو بو األكلوف كاآلخركف ،كأحاديث الشفاعة كثَتة متواترة منها
يف الصحيح أحاديث متعددة.
) أخرجو مسلم ،كتاب الذكر كالدعاء كالتوبة كاالستغفار ،باب فضل الدعاء للمسلمُت بظهر الغيب (.)86 /8 (
أما الشفاعة الدنيوية (اليت كانت يف حياتو) ،فقد أصبع أىل العلم على أنالصحابة كانوا يستشفعوف
بو كيتوسلوف بو يف حياتو حبضرتو .كما ثبت يف أحاديث االستسقاء ،كىذا االستشفاع ىو طلب للدعاء
منو ،فإنو كاف يدعو للمستشفع كالناس يدعوف معو ،كما جاء يف اغبديث الثابت يف االستسقاء أف
اؼبسلمُت ؼبا أجدبوا على عهد النيب دخل عليو أعرايب فقاؿ :يا رسوؿ اهلل ىلكت األمواؿ ،كانقطعت
السبل ،فادع اهلل يغيثنافرفع النيب يديو كقاؿ" :اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا"( ).
فهذا يبُت أف معٌت االستشفاع بالنيب ىو استشفاع بدعائو كشفاعتو .كىذا ما فهمو الصحابة
كعملوا بو بعد كفاة النيب فعمر بن اػبطاب استسقى بالعباس بن عبد اؼبطلب كقاؿ " ىكا ىف إً ىذا قى ىحطيوا
ً اس بٍ ًن ىعٍب ًد الٍمطَّلً ً
كك بًنىبًيِّػنىا فىػتى ٍسقينىا ىكإًنَّا نىػتىػ ىو َّس يل إًلىٍي ى
اؿ :اللَّ يه َّم إًنَّا يكنَّا نىػتىػ ىو َّس يل إًلىٍي ى
ب ،فىػ ىق ى ي استى ٍس ىقى بًالٍ ىعبَّ ً ٍ
) .ككذلك معاكية بن أيب سفياف -ؼبا أجدب الناس بالشاـ- اس ًقنىا قى ى
اؿ فىػيي ٍس ىق ٍو ىف"( بً ىع ِّم نىبًيِّػنىا فى ٍ
استسقى بيزيد بن األسود اعبرشي فقاؿ" :اللهم إنا نستشفع كنتوسل خبيارنا ،يا يزيد ارفع يديك "فرفع
). يديو كدعا ،كدعا الناس حىت سقوا"(
فهم دل يستسقوا كدل يتوسلوا كدل يستشفعوا يف ىذه اغباؿ بالنيب ال عند قربه كال غَت قربه ،بل
عدلوا إذل البدؿ كالعباس ككيزيد رضي اهلل عنهما ،فجعلوا ىذا بدال عن ذلك ؼبا تعذر أف يتوسلوا بو
على الوجو اؼبشركع.
كقد كاف من اؼبمكن أف يأتوا إذل قربه فيتوسلوا كيستشفعوا بو كيقولوا يف دعائهم يف الصحراء باعباه
ككبو ذلك من األلفاظ اليت تتضمن القسم باؼبخلوؽ على اهلل عز كجل أك السؤاؿ بو ،فيقولوف نسألك
أك نقسم عليك أك نستشفع عليك أك نستشفع بنبيك أك جاه نبيك ،ككبو ذلك فبا يفعلو بعض الناس ،
كىذا يؤكد كيربىن على أف التوسل بالذات يف حضور الشخص أك مغيبة أك بعد موتو أمر دل يشرعو ؽبم
الشارع كدل يكن معركفا عندىم.
أما عن االستغاثة بو كاعتقاد أنو يعلم الغيب أك ينفع كيضر كيعطي كدينع يف ال يقدر على فعلو
قد ذكر شيخ اإلسالـ يف كتاب تلخيص إال اهلل تعاذل فهي ؿبرمة يف حياتو كبعد فباتو ،ك
فجعل الدنيا كاآلخرة من جوده ،كجزـ بأنو يعلم ما يف اللوح احملفوظ( ).
( ) الرد على البكرم البن تيمية (ص )218ط/مكتبة الغرباء األثرية باؼبدينة اؼبنورة 1417ق.
( ) تيسَت العزيز اغبميد (.)273
انفصم انثاٍَ :حمىق أهم انثُد
وانصحاتح انكراو رضٍ اهلل ذعاىل
عُهى.
وفُه يثحثاٌ
كسنذكر يف ىذا اؼببحث حقوؽ أىل البيت ػرضي اهلل عنهم ػعلى األمة مقتصرين يف ذلك على ذكر
اغبقوؽ مع الدليل ككجو الداللة ،كقبل ذكر اغبقوؽ يستحسن أف نقف على تعريف أىل البيت ػرضي
اهلل عنهم ػلكي يكوف الطالب على در و
اية صحيحة دبن يستحق تلك اغبقوؽ .
الم لب األكؿ :التعريف بأىل بيت النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم الذين ذبب ؽبم اغبقوؽ اؼبقررة شرعا
المطلب الثاني :بياف اغبقوؽ الشرعية ألىل بيت النبوة كذكر النصوص الدالة على ذلك
أىل البيت أك آؿ البيت لغةن :دبعٌت كاحد إذ اآلؿ أصلها أىل فقلبت اؽباء مهزة،كآؿ الرجل أك أىلو ىم
أخص الناس بو ،كأىل البيت س ٌكانو ،كأىل اإلسالـ ىمن يدين بو ،كأىل األمر كالتو"
ٌ
"العقيدة الواسطية" لشيخ اإلسالـ ابن تيمية ص ()212اؼبطبوع مع توضيح العقيدة الواسطية
"للرباؾ
"فضل أىل البيت كعلو مكانتهم عند أىل السنة" للشيخ عبد احملسن العباد ص()2ط :دار ابن
االثَت
كآؿ الرجل أىل بيتو ألنو إليو م ؽبم كإليهم م لو"
أىل بيت رسوؿ اهلل صلى الو عليو كسلم زاد الشرع يف تعريفهم على اؼبعٌت اللغوم فهم (قرابة رسوؿ اهلل
صلى اهلل عليو كآلو كسلم فبن حرمت عليهم الصدقة من بٍت ىاشم كبٍت اؼبطلب كذريتهما كأزكاج النيب
صلى اهلل عليو كآلو كسلم)
ألىل البيت النبوم ػرضي اهلل عنهم ػحقوؽ على األمة اإلسالمية أكجبها اإلسالـ ،كجعلها مكملة
لإلدياف ،كىذه اغبقوؽ ثابتةه شرعا ؿبكمة دل تنسخ لكل من ثبت أنو من أىل البيت ػرضي اهلل عنهم ػ
نسبا ككاف مع ذلك مسلما مؤمنا متبعا ؽبدم النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم ،كىذه اغبقوؽ قبملها يف
اآليت :
جل كعال يف ؿبكم كتابو الكرًن فقاؿ سبحانو..(:قل ال أسألكم عليو أجرا إال
كىذا اغبق قد ذكره ربنا ٌ
المودة في القربى)..
قاؿ سعيد ابن يجبَت رضبو اهلل تعاذل :معٌت ذلك أف تودكين يف قرابيت أم ربسنوا إليهم كتربكىم.
بل جعل النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم من عالمة اإلدياف حب بعض أفراد أىل البيت فعن علي رضي اهلل عنو
إرل :أنو ال حيبٍُّت إال مؤمن كال يبغضٍت إال منافق "
النسمةى إنو لعهد النيب األمي ٌ
فلق اغببٌة كبرأ ى
قاؿ كالذم ى
انظر "الصحاح للجوىرم ()417/4ط :دار الكتب العلمية ك"معجم مقاييس اللغة" البن فارس
( )161/1ربقيق عبد السالـ ىاركف
"لساف العرب " البن منظور مادة (أىل) ()31/11
انظر "جالء االفهاـ يف الصالة كالسالـ على خَت األناـ" لإلماـ ابن القيم ص () 238،261ط:
اجملمع ،فقد ذكر خالؼ أىل العلم يف من ىم اآلؿ؟ كصبع بُت األقواؿ على خالصة ماذكرنا كاهلل أعلم
سورة الشورل آية رقم )23(:
أخرجو البخارم يف "صحيحو" رقم ( )4818ضمن حديث ابن عباس
قاؿ اغبافظ ابن كثَت رضبو اهلل تعاذل :كال ننكر الوصا ىة بأىل البيت ،كاألمر باإلحساف إليهم ،كاحًتامهم
فإّنم من ذرية طيبة طاىرة ،من أشرؼ و
بيت يكجد على كجو األرض فخران كحسبان كنسبا ،كالسيٌما إذا
كانوا متبعُت للسنة النبوية الصحيحة الواضحة اعبلية ،كما كاف عليو سلفهم كالعباس كبنيو ،كعلي كأىل
بيتو كذريتو رضي اهلل عنهم أصبعُت "
ككتب أىل السنة مملوءة بفضائل أىل بيت النبوة فبا يدؿ على حبهم ألىل البيت األطهار.
من حقوؽ أىل البيت ػرضي اهلل عنهم ػ أف ييصلٌى عليهم يف التشهد األخَت من كل صالة ،كأما يف غَت
التشهد فاألمر كاسع مع أف األكذل الصالة عليهم تبعا للصالة على النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم .
فعن أيب مسعود األنصارم ػ رضي اهلل عنو ػ قاؿ أتانا رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم ككبن يف ؾبلس
سعد بن عبادة ،فقاؿ لو بشَت بن سعد :أمرنا اهلل أف نصلي عليك يا رسوؿ اهلل فكيف نصلي عليك ؟
فسكت رسوؿ صلى اهلل عليو كآلو كسلم حىت سبنينا أنو دل يسألو ،مث قاؿ رسوؿ صلى اهلل عليو كآلو
صل على ؿبمد كعلى آؿ ؿبمد كما صليت على آؿ إبراىيم ،كبارؾ على ؿبمد
اللهم ِّ
كسلم :قولوا ٌ :
كعلى آؿ ؿبمد كما باركت على آؿ إبراىيم يف العاؼبُت إنك ضبيد ؾبيد ،كالسالـ كما قد علمتم.
فهذه منقبة خصهم اهلل تبارؾ كتعاذل هبا فبا تدؿ على شرفهم كفضلهم ػ رضي اهلل عنهم ػ
كجو التكرًن:
-3إ رامهم كاحترامهم كتجنب ظلمهم لقربهم من النبي صلى اهلل عليو كآلو كسلم
فعن زيد بن أرقم رضي اهلل عنو ػ ضمن حديث طويل أف النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم قاؿ :
أذيٌكركم اهلل يف أىل بييت أذ ٌكركم اهلل يف أىل بييت أذكركم اهلل يف أىل بييت"
معناه :أف ال نظلمهم بل كبًتمهم كقبلٌهم ،كلقد امتثل أصحاب رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم
ؽبذه الوصية فهذا أبو بكر الصديق ػ ػرضي اهلل عنو ػ يقوؿ :كالذم نفسي بيده لقرابة رسوؿ اهلل صلى اهلل
أحب إرل من أف أصل قرابيت"
عليو كآلو كسلم ُّ
امر للناس يعٍت :احفظوا ؿبمدا يف أىل بيتو فال تؤذكىم كال تسبوىم"
قاؿ اإلماـ العيٍت :ه
كمن ذلك أيضا عمل الفاركؽ عمر بن اػبطاب يف إيثاره ألىل بيت رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو
كآلو كسلم يف الديواف كيف العطاء من بيت اؼباؿ فكاف يبدأ هبم قبل كل الناس
من حقوؽ أىل البيت ػرضي اهلل عنهم ػ أف ييعطوا من الغنيمة كالفيء يطبس اػبمس كالفيء
ىو :ما يؤخذ من ماؿ الكفار بدكف قتاؿ بل يؤخذ صلحا
ففي ىذه اآلية أف لألىل البيت ػرضي اهلل عنهم ػمن اغبقوؽ ما جيب رعايتها فقد جعل اهلل ؽبم
حقا يف طبس اػبمس من الغنيمة
فسهم ذكم القر يصرؼ إذل قرابة رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم كىم أىل بيتو من بٍت
ىاشم كبٍت اؼبطلب كمنهم بناتو كأزكاجو ػرضي اهلل عنهم أصبعُت
كقاؿ تعاذل ( :ما أفاء اهلل على رسولو من أىل القرل فللو كللرسوؿ كلذم القربى
كاليتامىوالمسا ين كابن السبيل ي ال يكوف يدكلةن بين األغنياء منكم كماآتا م الرسوؿ ف ذكه كما
نها م عنو فانتهوا كاتقوا لله ٌف اهللى شدي يد العقاب )
ألىل البيت ػرضي اهلل عنهم ػ فضائل كثَتةكمناقب صبة كيف صحيحها ما يغٍت عن التحدث
خاص،
عاـ كمنها ما ىو ه
بالفضائل الضعيفة اليت دل يثبت صحتها كفضائل أىل البيت منها ما ىو ه
كسنقتصر على بعضها إذ سيطوؿ بنا الكالـ يف ىذا اؼبطلب
تبرج الجاىلية
تبرجن ٌ
يوتكن كال ٌ
كقرف في بي ٌ
فمن الفضائل العامة قولو سبحانو كتعاذل ٍ ..( :
أىل
الرجس ى
ى كأقمن الصالة كآتين ال اةكأطعن اهلل كرسولىو إنما يريد اهلل ليذىب عنكم
ى األكلى
كيطهر م تطهيرا)
ى البيت
كجاء عن عائشة رضي اهلل عنها أف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم أدخل عليا كفاطمة كحسنا
رحل فقرأ ىذه اآلية
كحسينا يف مرط يم ٌ
" كزبصيص النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم ؽبؤالء األربعة رضي اهلل عنهم ػ يف ىذا اغبديث ال يدؿ على
قصر أىل البيت عليهم دكف القرابات األخرل ،كإَنا يدؿ على أّنم من أخص أقاربو "
كأزكاجو أمهاتيهم)..
كمن األدلة العامة قولو تعاذل ..( :ي
ففي ىذه اآلية ثناء كمنقبة ألزكاج النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم أف كصفهن بأمهات اؼبؤمنُت فيا لو من
شرؼ !كأزكاجو من أىل بيتو رضي اهلل عنهن . شرؼ ال يدانيو أم و
أما الفضائل اػباصة بكل فرد من أفرادىم فكثَتة نقتصر على ذكر بعض فضائل أعالمهم كساداهتم
فعلي فعن زيد بن أرق وم يف حديث طويل أف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم قاؿ ( ىمن ي
كنت ماله ٌّ
مواله ) كاؼبوذل معناه :اؼبناصر كاحملب
كمنهم السيدة الطاىرة فاطمة بنت رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم ،فعن ٍ
اؼبسور بن
بضعة مٍت يريبها مايريبٍت كيؤذيها
ـبرمة أف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم قاؿ :فاطمة ى
مايؤذيٍت"
قصب و
فعن عائشة رضي اهلل عنها أف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم بشرىا ببيت يف اعبنٌة من ى
النصب فيو كالكصب"
فقد صح من حديث أيب موسى األشعرم قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم ىك يمل من الرجاؿ كثَت ،كدل
يكمل من النساء إال مرًن بنت عمراف ،كآسية امرأة فرعوف ،كفضل عائشة على النساء كفضل الثريد
. على سائر الطعاـ)) متفق عليو
كمنهم الحسن كالحسين ابنا علي رضي اهلل عنها فعن أيب سعيد اػبدرم رضي اهلل عنو أف
رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم قاؿ :اغبسن كاغبسُت سيدا شباب أىل اعبنة "
كمنهم جعفر بن أبي طالب رضي اهلل عنو فعن الرباء بن عازب رضي اهلل عنو قاؿ رسوؿ اهلل
كخليقي"
صلى اهلل عليو كآلو كسلم عبعفر :أشبهت ىخ ٍلقي ي
كمنهم العباس بن عبد المطلب فقد ركل أبو ىريرة رضي اهلل عنو أف رسوؿ اهلل صلى اهلل
يعٍت :مثل أبيو. عليو كآلو كسلم قاؿ :العباس عم رسوؿ اهلل كإف عم الرجل صنو أبيو"
فمن اغبقوؽ اليت ىي ألىل البيت يف صورة الواجب عليهم ربرًن الزكاة الواجبة عليهم كذلك
لشرؼ نسبهم،كنبالة أصلهم.
فعن أنس رضي اهلل عنو أف النيب اهلل صلى اهلل عليو كسلم مر بتمرة بالطريق فقاؿ :لوال أف
تكوف من الصدقة ألكلتها"
فهذا اغبديث يدؿ على ربرًن الزكاة كالصدقة على النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم ككذلك أىل
بيتو ىم تبع لو يف ىذا اغبكم .
فعن أيب ىريرة رضي اهلل عنو أف اغبسن بن علي أخذ سبرة من سبر الصدقة فجعلها يف فيو فقاؿ
رسوؿ اهلل :كخكخ ارـ هبا أما علمت أنا ال نأكل الصدقة "
كيعلل النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم سبب التحرًن دبا ركاه اؼبطلب بن ربيعة أف النيب صلى اهلل
عليو كآلو كسلم قاؿ :إف الصدقة ال تنبغي آلؿ و
ؿبمد إَنا ىي أكساخ الناس "
7ػ االعتراؼ كالتصديق بأف نسب رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم كذريتو أشرؼ النسب
قاطبةن
أشرؼ األنساب نسب نبينا ؿبمد صلى اهلل عليو كآلو كسلم،كأشرؼ انتساب ماكاف إليهصلى
اهلل عليو كآلو كسلم.
"فمن كاف من أىل ىذاالبيت كىو مؤمن فقد صبع اهلل لو بُت شرؼ اإلدياف كشرؼ النسب،
كمن ادعى ىذا النسب الشريف كىوليس من أىلو فقد ارتكب أمرا ؿبرما كىو يمتشبع دبا دل يع ىط"
بل قد جاء الوعيد كالتغليظ يف ٌإدعاء النسب إذل غَت أب الرجل أك قومو فعن أيب ذر رضي اهلل
ظبعت رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم:يقوؿ :ليس من رجل ادعى لغَت أبيو كىو يعلمو إال
عنو قاؿ ي
فليتبؤ مقعده من النار"
كفر باهلل ،كمن ادعى قوما ليس لو فيهم نسب ٌ
فهذه صبلة من اغبقوؽ اليت اختص هبا أىل البيت رضي اهلل عنهم ،كىم كثَته يف األمة ال يصح
أف يحيصركا يف مذىب أك جنس أك مصر أك طريقة أك مذىب فقهي أك عقدم،كىذه اغبقوؽ ىي من
كاجبات األمة كبوىم ،مع بقية حقوقهم اإلسالمية من حق اؼبسلم على أخيو اؼبسلم كمن حقوؽ األخوة
اإلديانية كاهلل أعلم .
كصلى اهلل كسلم كبارؾ على نبينا محمد كعلى آلو كأصحابو أجمعين.
رضٍ اهلل ذعاىل عُهى . املطهة انراتع :احللىق انشرعُح لنصحاتح
فالصاحب لغة :يقع على من صحب أقل ما يطلق عليو اسم صحبة ،فضالن عمن طالت صحبتو ،
ككثرت ؾبالستو( ).
كقاؿ أبو بكر بن الطيب" :ال خالؼ بُت أىل اللغة يف أف القوؿ (صحايب) مشتق من الصحبة ،كأنو
ليس دبشتق من قدر منها ـبصوص ،بل ىو جار على كل من صحب غَته قليالن كاف أك كثَتان ،كما أف القوؿ
(مكلِّم كـباطب كضارب) مشتق من اؼبكاؼبة كاؼبخاطبة كالضرب كجار على كل من كقع منو ذلك قليالن كاف أك
كثَتان… يقاؿ :صحبت فالنان حوالن كدىران كسنة كشهران كيومان كساعة ،فيوقع اسم اؼبصاحبة بقليل ما يقع منها
ككثَته ،كذلك يوجب يف حكم اللغة إجراء ىذا على من صحب النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم كلو ساعة من
ّنار"( ).
) الصحاح ( )161/1باختصار ،كانظر لساف العرب البن منظور ( )286/7كاؼبعجم الوسيط ( ،)507/1كانظر أيضان التعريفات
للجرجاين (.)173
من اؼبهم معرفة من يصح إطالؽ الصحبة عليو يف عرؼ الشرع اغبكيم؛ ؼبا يًتتب على ذلك من حقوؽ
شرعية ،كمقاصد مرعية ،كقد كرد يف بياف من ىو الصحايب شرعان أقواؿ مدارىا على طوؿ كقصر مدة الصحبة لو
صلى اهلل عليو كآلو كسلم.
الرأم األكؿ :كالذم يرل القائلوف بو أف طوؿ اؼبدة كقصرىا ال عالقة لو بإطالؽ اسم الصاحب ،كفعل
الصحبة ،بل ىو يف اإلطالؽ الشرعي كما ىو يف اإلطالؽ اللغوم فيقولوف " :الصحايب كل من صحبو سنة أك
شهران أك يومان أك ساعة ،أك رآه فهو من أصحابو ،لو من الصحبة على قدر ما صحبو ككانت سابقتو معو كظبع
)
منو كنظر إليو"
(
قاؿ اإلماـ الب ارم رحمو اهلل " :من صحب النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم أك رآه من اؼبسلمُت فهو من
أصحابو"( ).
كقاؿ علي بن المديني " :من صحب النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم أك رآه كلو ساعة من ّنار فهو من
أصحاب النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم"( ).
الرأم الثاني :كيرل القائلوف بو أف طوؿ اؼبدة كالصحبة ىو اؼبؤثر على إطالؽ اسم الصاحب ،ككصف
الصحبة ،فالصحايب عندىم من طالت صحبتو أك شهد مع النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم مشهدان عظيمان
كعزكة أك كبوىا.
قاؿ سعيد بن المسيب" :الصحابة ال نعدىم إال من أقاـ مع رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم سنة أك
سنتُت كغزا معو غزكة أك غزكتُت"( ).
كتعقبو الحافظ ابن حجر بقولو" :كالعمل على خالؼ ىذا القوؿ؛ ألّنم اتفقوا على عد صبع جم
من الصحابة دل جيتمعوا بالنيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم إال يف حجة الوداع"( ).
) انظر :الكفاية ( ، )69كفتح اؼبغيث بشرح ألفية اغبديث ( ، )77كمقدمة ابن الصالح ( )146ك اؼبنهل الركم يف ـبتصر علوـ
اغبديث النبوم ( )111اؼبؤلف :ؿبمد بن إبراىيم بن صباعة بدر الدين .
- 1لقيا النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم سواء يف ذلك من طالت ؾبالستو لو أك قصرت ،كمن ركل عنو
أك دل يرك ،كمن غزا معو أك دل يغز ،كمن رآه رؤية كلو دل جيالسو ،كمن دل يره لعارض كالعمى( ).
من لقيو كافران مث أسلم بعد ذلك كدل جيتمع بو مرة أخرل فليس بصحايب.
- 2اإلدياف بو حاؿ اللقاء ،ؼ
كآمن بو بعد البعثة دكف لقاء كمن لقيو مؤمنان بغَته كمن لقيو من مؤمٍت أىل الكتاب قبل البعثة،
فليس بصحايب.
كيدخل يف قولنا( :مؤمنان بو) كل مكلف من اعبن كاإلفس.
- 3اؼبوت على اإلسالـ ؼمن لقي النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم مؤمنان بو مث ارتد كمات على ردتو كالعياذ
باهلل فليس بصحايب قطعان ،كمن لقي النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم مث ارتد أك نافق مث تاب كعاد إذل
اإلسالـ قبل أف ديوت فهو صحايب ،سواء اجتمع بو صلى اهلل عليو كآلو كسلم مرة أخرل أـ ال كىذا
). (
ىو الصحيح اؼبعتمد
) انظر فتح البارم ( )3/7كقد اختاره النوكم كما يف شرحو على صحيح مسلم (. )85 /16
) اإلصابة (.)9-7/1
) انظر اإلصابة (.)9-7/1
املطهة انثاٍَ
لعظم شرؼ الصحبة لرسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم ،كما يترتب عليها من
متعد على ىذا المقاـ ك ي عمو لنفسو كىو ليس من أىلو ،كحتى الحقوؽ ،كحتى ال يتعدل و
يناؿ قادح ممن استحق ىذا الوصف كثبت لو شرعان؛ ألجل ذل ك ع العلماء لمعرفة
) بيانها فيما يلي: (
الصحابة واب
االستفاضة كالشهرة العامة بُت سائر اؼبسلمُت أف فالنان من الصحابة كينقل ذلك نقالن متواتران - 1
مقطوعان بو كاػبلفاء الراشدين األربعة أيب بكر كعمر كعثماف كعلي .
االستفاضة كالشهرة اػباصة بُت العلماء كطلبة العلم ،من أىل االختصاص بالشرع كمعرفة - 2
العشرة اؼببشرين باعبنة – عدا األربعة اػبلفاء – كمعرفة مشاىَت ككبار الصحابة من اؼبهاجرين
كاألنصار ،رضي اهلل تعاذل عنهم أصبعُت .كاليت قد ال يدركها كثَت من اؼبسلمُت.
ركاية عدد من الصحابة أك أحدىم أك كبار التابعُت أف فالنانكانت لو صحبة. - 3
عن نفسو إخبار الصحايب الذم ثبتت عدالتو كمعاصرتو للنيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم، - 4
)
بقولو:صحبت النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم ،أك كبو ذلك القوؿ اؼبشعر بالصحبة (.
) انظر :الكفاية للخطيب البغدادم ( )70كمقدمة ابن الصالح ( )146كالتقييد كاإليضاح (.)285
) كقد ذكر اغبافظ ابن حجر ضابطان يستفاد منو معرفة صبع كثَت يكتفى فيهم بوصف يدؿ على أّنم صحابة كىذا الضابط
مأخوذ من أمور ثالثة:
يؤمركف يف اؼبغازم إال الصحابة ،فمن تتبع األخبار الواردة يف حركب الردة كالفتوح كجد من ذلك الشيء الكثَت.
أحدىا :أّنم كانوا ال ٌ
الثاين :قاؿ عبد الرضبن بن عوؼ رضي اهلل عنو :كاف ال يولد ألحد مولود إال أتى بو النيب صلى اهلل عليو كسلم فدعا لو .كىذا أيضان
يؤخذ منو شيء كثَت.
الثالث :دل يبق دبكة كالطائف أحد يف سنة عشر إال أسلم كشهد حجة الوداع ،فمن كاف يف ذلك الوقت موجودان اندرج فيهم
غبصوؿ رؤيتو بالنيب صلى اهلل عليو كسلم كإف دل يرىم ىو صلى اهلل عليو كسلم .اإلصابة (.)10/1
ىل ىناؾ اتفاؽ على عدد الصحابة؟
قاؿ أبو زرعة الرازم " :قبض رسوؿ اهلل -صلى اهلل عليو كآلو كسلم -عن مائة ألف كأربعة
عشر ألفان من الصحابة فبن ركل عنو كظبع منو ،فقيل أين :كانوا ؟ كأين صبعوا ،قاؿ :أىل مكة
كاؼبدينة كمن بينهما األعراب كمن شهد معو حجة الوداع"( ).
كىذا الذم قالو الرازم قالو عن اجتهاد منو يبُت بو كثرة عددىم رضواف اهلل تعاذل عليهم ،كاغبصر
بالعدد فبا ال يعرؼ يقينان بل بالظن الغالب
قاؿ العراقي " :كيف ديكن االطالع على ربرير ذلك مع تفرؽ الصحابة يف البلداف كالبوادم
كالقرل"( ).
كاؼبعٌت أنو لكثرة عددىم يتعذر حدىم أك حصرىم ،كلو كانوا قلة ألمكن ذلك.
كيف قوؿ اإلمامُت اتفاؽ على الكثرة كإف دل حيصل االتفاؽ على العدد كاغبصر ،كفيو رد على ما زعم أىل
الضالؿ كالباطل أّنم رضي اهلل عنهم قد ارتدكا ،كدل يبق منهم على اإلسالـ إالٌ عدد يسَت؛ فهذه قالة سوء
كضالؿ فيها جرأة على خَت األمة بعد الرسل كاألنبياء صلوات اهلل كسالمو عليهم أصبعُت ،كفيها من الدعول
ماال يقوـ عليو دليل شرعي كال عقلي.
كعليو فمن تحققت فيو ال واب السابق ذ رىا فهو صحابي لو من الف ل كالحقوؽ ما لهم.
هم كاٌ انصحاتح عهً لذر واحذ يٍ انفضم وانعهى وانذَاَح؟
يستوم الصحابة يف أصل الصحبة كما يستوم اؼبؤمنوف يف أصل اإلدياف ،كلكنهم فيما زاد عن ذلك األصل
يتفاكتوف يف مراتب الفضل كالعلم كالديانة ،ككذلك يتفاكتوف يف درجة القرب كالصحبة لو صلى اهلل عليو كآلو
كسلم ،كإثبات التفاضل بينهم ال يضَت اؼبفضوؿ منهم ماداـ يف دائرة الفضل موضعو ؿبفوظ كمكانتو متقررة،
قاؿ تعاذلٌَ(:ب َّغْزٌَُِ ِِنىُُ َِّْٓ ؤَٔفَكَ ِِٓ لَجًِْ اٌْفَزْحِ ًَلَبرًََ ۚ ؤًٌََُٰئِهَ ؤَػْظَُُ دَسَجَخً َِِّٓ اٌَّزَِّٓ ؤَٔفَمٌُا ِِٓ ثَؼْذُ ًَلَبرٌٍَُا ۚ ًَوًٍُّب ًَػَذَ
عدـ االستواء يف الفضل كاؼبنزلة بُت السابق كالالحق منهم رضي اهلل عنهم أصبعُت. - 1
) انظر :مقدمة ابن الصالح ( ،)298/1إرشاد السارم للقسطالين ( ،)102/9السنة قبل التدكين (.)406/1
) انظر :دليل أرباب الفالح لتحقيق فن االصطالح -حكمي (ص.)100 :
) سورة اغبديد من اآلية رقم .10:
جعلت اآلية مرتبتُت للفضل األكذل ؼبن آمن كأنفق كجاىد من قبل الفتح ،كالثانية ؼبن آمن كأنفق - 2
كجاىد بعد الفتح.
أىل اؼبرتبتُت موعودكف باغبسٌت فضالن من اهلل ككرمان ،كرفعان ؼبنزلتهم كإعالءن ؼبكانتهم ،كذلك كعده - 3
) ،فمن رفعو اهلل ال يقدر (
تعاذل يف قولوَّ( :شْفَغِ اٌٍَّوُ اٌَّزَِّٓ آَِنٌُا ِِنىُُْ ًَاٌَّزَِّٓ ؤًُرٌُا اٌْؼٍَُِْ دَسَجَبدٍ (
كالفارؽ بُت قليل الصحبة ككثَت الصحبة أنو كلما طالت الصحبة تأكد الفضل كازداد اغبق؛ ألف الصحبة
كصف ،فكل ما قوم ىذا الوصف قويت اغبقوؽ اؼبرتبة على ىذا الوصف ،فمن صحب النيب صلى اهلل عليو
كآلو كسلم عمره يف دعوتو كػ أيب بكر رضي اهلل عنو ،كعمر بن اػبطاب ،كعثماف بن عفاف ،كعلي بن أيب
طالب ،كالسابقُت من اؼبهاجرين كاألنصار ،ؼحقو ـ أكرب من حق ذاؾ الصحايب الذم دل يشهده إال مرة
كاحدة ،مع أف اعبميع يشًتؾكف يف الصحبة ،كلكن خيتلفكف فيما يثبت ؽبم من اغبقوؽ بسبب ىذه الصحبة،
فمن كاف نصيبو من الصحبة أكرب كاف نصيبو كحظو من حقوقها أكفر.
كسالمة القلب كسالمة اللساف ؼبن طالت صحبتو لرسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم كؼبن قصرت
ككف الشر عنهم كاحد ،كإف تفاكت إثبات الفضل كاحملبة كالثناء كالفضيلة بتفاكت صحبتهم ك اختلف
اعبميع يشًتؾ يف حقكؽ الصحبة كأقلىا كاغبد
باختالؼ منزلتهم من رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم ،ؼ
األدىن منها الذم يشًتؾ فيو طويل الصحبة ك قصَتىا؛ ىو سالمة القلوب كاأللسنة ؽبم.
الصحبة مرتبة علية ،كرفعة جلية ،تبينها اآليات كاألحاديث اليت كردت يف فضائلهم ،كاعتقاد ذلك
ؽبم -رضي اهلل دين جيب على اؼبسلم اؼبصدؽ بكتاب اهلل كسنة رسولو صلى اهلل عليو كآلو كسلم أف يثبت
عنهم -من الفضل ما خصهم بو الرضبن الرحيم ،كنطق بو القرآف الكرًن ،كسنة النيب األمُت ،سواء كاف ىذا
الفضل على كجو العموـ أك على كجو اػبصوص.
كسأكتفي ىنا بذكر الفضائل العامة دكف اػباصة( ) ،لكثرة النصوص الواردة فيها كتواترىا كضيق
اؼبقاـ عن سردىا ،كنأخذ من كل نص داللتو على علو الفضل كرفعة اؼبنزلة.
ثٍاء اهلل عز وجم عمي انصحاتح مبجًىعهى يف آَاخ كثريج يُها :
-1ؽكلو تعاذلًَ{ :وَزٌَِٰهَ جَؼٍَْنَـَٰىُُْ ؤَُِّخً ًَعَطًب ٌّزَىٌٌُُٔاْ شُيَذَاء ػٍَََ ٱٌنَّبطِ ًَّىٌَُْ ٱٌشَّعٌُيُ
) كفضائل السابقُت األكلُت ،كآؿ بيتو الطاىرين ،كأزكاجو أمهات اؼبؤمنُت ،كالعشرة اؼببشرين ،كأىل بدر اؼبرضيُت ،كمن بايعوا ربت
الشجرة على اؼبوت يف سبيل الدين ،كسادة اؼبهاجرين ،كاألنصار اؼبؤثرين ،كمن كردت حبقهم نصوص زبصهم باعبنة كتبشرىم بالنعيم اؼبقيم.
) سورة البقرة اآلية.143:
) انظر تفسَت القرطيب (.)154-153/2
) أخرجو الًتمذم يف كتاب تفسَت القرآف برقم ( )2961ك صححو األلباين يف صحيح سنن الًتمذم برقم (.)2362
-2كقولو تعاذل { :وُنزُُْ خَْْشَ ؤَُِّخٍ ؤُخْشِجَذْ ٌٍِنَّبطِ رَإُِْشًَُْ ثِٱٌَّْؼْشًُفِ ًَرَنْيٌََْْ ػَِٓ ٱٌُّْنْىَشِ ًَرُؤِِْنٌَُْ
ثِٱٌٍَّوِ}( ).
كقاؿ ال جاج" :كأصل اػبطاب ألصحاب النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم كىو يعم سائر أمتو"( ).
كقاؿ السفاريني{" :وُنزُُْ خَْْشَ ؤَُِّخٍ ؤُخْشِجَذْ ٌٍِنَّبطِ} قيل :اتفق اؼبفسركف أف ذلك يف
). الصحابة ،لكن اػبالؼ يف التفاسَت مشهور كرجح كثَت عمومها يف أمة ؿبمد صلى اهلل عليو كآلو كسلم ("
فال يرية ثابتة للصحابة كلمن سار على ىديهم كاقتفى أثرىم بنص ىذه ااية.
-3كؽكؿق تعاذلًَ{:ٱٌغَّـَٰجِمٌَُْ ٱألًٌٌََُّْ َِِٓ ٱٌُّْيَـَٰجِشَِّٓ ًَٱألْٔصَـَٰشِ ًَٱٌَّزَِّٓ ٱرَّجَؼٌُىُُ ثِئِحْغَبٍْ سَّضََِ ٱٌٍَّوُ ػَنْيُُْ
ًَسَضٌُاْ ػَنْوُ ًَؤَػَذَّ ٌَيُُْ جَنَّـَٰذٍ رَجْشُِ رَحْزَيَب ٱألْٔيَـَٰشُ خَـٍَِٰذَِّٓ فِْيَب ؤَثَذاً رٌَِٰهَ ٱٌْفٌَْصُ ٱٌْؼَظُُِْ}( ).
ىذه اآلية نص على أف الصحابة من اؼبهاجرين كاألنصار ،كمن تبع ّنجهم كسار على ىديهم ،كأحيا
سنتهم كطريقتهم ،قد فازكا برضواف اهلل تعاذل عليهم ،كفوزىم برضوانو يقتضي تزكيتهم كعدؽبم كفضلهم؛ ألنو
سبحانو ال يرضى عن من يستحق السخط؛ بل رضوانو مكتوب ألكليائو الصاغبُت كعباده اؼبخلصُت.
كما دلت على عظيم تكرديو ؽبم يف اآلخرة دبا أعد ؽبم من النعيم األبدم اؼبقيم يف جنات النعيم،
كختمت اآلية بأف ىذا ىو الفوز العظيم ،كأم فوز أعظم من الفوز برضى اهلل سبحانو كتعاذل كجنتو.
كبعد ىذا الفضل كالعطاء أكسبهم اهلل تعاذل الرضا عنو سبحانو دبا أعد ؽبم كأكرمهم ،فيا كيل من
أبغضهم أك سبهم أك أبغض أك سب بعضهم كال سيما س ادهتم من أىل السابقة كاعبهاد كاؽبجرة كالنصرة
-4كقولو تعاذلٌَ {:مَذْ رَبةَ اهلل ػٍََََٰ ٱٌنَّجَِّ ًَٱٌُّْيَـَٰجِشَِّٓ ًَٱألٔصَـَٰشِ ٱٌَّزَِّٓ ٱرَّجَؼٌُهُ فَِ عَبػَخِ ٱٌْؼُغْشَحِ ِِٓ ثَؼْذِ َِب
وَبدَ َّضِّغُ لٌٍُُةُ فَشِّكٍ ِّنْيُُْ ثَُُّ رَبةَ ػٍََْْيُِْ إَِّٔوُ ثِيُِْ سَءًفٌ سَّحٌُِْ}( ).
قاؿ أبو بكر الجصاص" :كقولو تعاذلٌَ{:مَذْ رَبةَ اهلل ػٍََََٰ ٱٌنَّجَِّ ًَٱٌُّْيَـَٰجِشَِّٓ ًَٱألٔصَـَٰشِ ٱٌَّزَِّٓ ٱرَّجَؼٌُهُ فَِ عَبػَخِ
ٱٌْؼُغْشَحِ} فيو مدح ألصحاب النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم الذين غزكا معو من اؼبهاجرين كاألنصار ،كإخبار
بصحة بواطن ضمائرىم كطهارهتم؛ ألف اهلل تعاذل ال خيرب بأنو قد تاب عليهم إال كقد رضػي عنهم كرضي
أفعاؽبم ،كىذا نص يف رد قوؿ الطاعنُت عليهم كالناسبُت ؽبم إذل غَت ما نسبهم اهلل إليو من الطهارة ككصفهم بو
من صحة الضمائر كصالح السرائر رضي اهلل عنهم"( ).
كال يستطيع طاعن أف يطعن هبم ألّنم أذنبوا أك أخطئوا مث تابوا كتاب اهلل عليهم ،ألف اػبطاب الذم
ذكرىم ذكر سيد كلد آدـ معهم صلى اهلل عليو كآلو كسلم ،فالطعن فيهم – كىم غَت معصومُت -طعن فيو –
كىو اؼبعصوـ -كىذا كفر بال خالؼ ،كما صدر من الصحابة أك شجر بينهم عن اجتهاد بشرم منهم ككقعوا
يف قصور فيو ،أك أخطئوا الصواب فهو عفو مغفور ؽبم كؼبن جاء بعدىم ماداـ الباعث طلب الصواب كالوقوؼ
عليو؛ كال عمد كال قصد كال إصرار؛ ؽبذه اآلية كلقولو تعاذل{ :سَثَّنَب الَ رُؤَاخِزَْٔب إِْ َّٔغِْنَب ؤًَْ ؤَخْطَإَْٔب سَثَّنَب ًَالَ
رَحًِّْْ ػٍََْْنَب إِصْشاً وََّب حٍََّْزَوُ ػٍَََ اٌَّزَِّٓ ِِٓ لَجٍِْنَب سَثَّنَب ًَالَ رُحٍَِّّْنَب َِب الَ طَبلَخَ ٌَنَب ثِوِ ًَاػْفُ ػَنَّب ًَاغْفِشْ ٌَنَب
). (
ًَاسْحَّْنَب ؤَٔذَ ٌَِْالََٔب فَبٔصُشَْٔب ػٍَََ اٌْمٌََِْ اٌْىَبفِشَِّٓ }
-5كقولو تعاذل{:لًُِ ٱٌْحَّْذُ ٌٍَِّوِ ًَعٍََـٌَُٰ ػٍََََٰ ػِجَبدِهِ ٱٌَّزَِّٓ ٱصْطَفََ}( ).
قاؿ ابن جرير الطبرم" :الذين اصطفاىم ،يقوؿ :الذين اجتباىم لنبيو ؿبمد صلى اهلل عليو كآلو
كسلم فجعلهم أصحابو ككزراءه على الدين الذم بعثو بالدعاء إليو دكف اؼبشركُت بو اعباحدين بنبوة نبيٌو" ،مث
) كاػبوارج الذين كفركا عليان كمن خالفو كخرجوا على الصحابة بالسيف يقتلوّنم كيستبيحوف حرماهتم،
كالنواصب الذين ناصبوا آؿ بيت النيب صلى اهلل عليو كسلم العداكة الظاىرة كالباطنة ،كالرافضة الذين يطعنوف يف
سائر صحابة رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم عدا آؿ البيت عليهم رضواف اهلل تعاذل.
) سورة التوبة.117:
) أحكاـ القرآف للجصاص (.)371/4
) سورة البقرة من اآلية رقم (.)286
) سورة النمل.59:
ذكر بإسناده إذل ابن عباس يف قولوًَ{ :عٍََـٌَُٰ ػٍََََٰ ػِجَبدِهِ ٱٌَّزَِّٓ ٱصْطَفََ} قاؿ :أصحاب ؿبمد اصطفاىم
لنبيو"( ).
" قاؿ طائفة من السلف :ىم أصحاب ؿبمد صلى اهلل عليو كآلو كسلم ،كال ريب أّنم أفضل
اؼبصطفُت من ىذه األمة اليت قاؿ اهلل فيها{ :ثَُُّ ؤًَْسَثْنَب ٱٌْىِزَـَٰتَ ٱٌَّزَِّٓ ٱصْطَفَْْنَب ِِْٓ ػِجَبدَِٔب فَِّنْيُُْ ظَـٌٍَُِٰ
ٌّنَفْغِوِ ًَِِنْيُُْ ُِّمْزَصِذٌ ًَِِنْيُُْ عَبثِكٌ ثِٱٌْخَْْشَٰدِ ثِئِرُِْ ٱٌٍَّوِ رٌَِهَ ىٌَُ ٱٌْفَضًُْ ٱٌْىَجِريُ جَنَّـَٰذُ ػَذٍْْ َّذْخٌٍَُُٔيَب ُّحٌٍَََّْْ فِْيَب
ِِْٓ ؤَعَبًِسَ ِِٓ رَىَتٍ ًٌَُؤٌُْؤاً ًٌَِجَبعُيُُْ فِْيَب حَشِّشٌ ًَلَبٌٌُاْ ٱٌْحَّْذُ ٌٍَّوِ ٱٌَّزٍِ ؤَرْىَتَ ػَنَّب ٱٌْحَضََْ إَِّْ سَثَّنَب ٌَغَفٌُسٌ شَىٌُسٌ
ٱٌَّزٍِ ؤَحٍََّنَب دَاسَ ٱٌُّْمَبَِخِ ِِٓ فَضٍِْوِ الَ ََّّغُّنَب فِْيَب َٔصَتٌ ًَالَ ََّّغُّنَب فِْيَب ٌُغٌُةٌ}( )
فأمة ؿبمد صلى اهلل عليو كآلو كسلم الذين أكرثوا الكتاب بعد األمتُت قبلهم اليهود كالنصارل كقد
أخرب اهلل تعاذل أّنم الذين اصطفى كتواتر عن النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم أنو قاؿ( :خَت القركف القرف الذم
بعثت فيهم مث الذين يلوّنم مث الذين يلوّنم)( ).كؿبمد صلى اهلل عليو كآلو كسلم كأصحابو ىم اؼبصط ىفوف
من اؼبصط ىفُت من عباد اهلل"( ).
-6كؽكلو تعاذلُِّ {:حََّّذٌ سَّعٌُيُ ٱٌٍَّوِ ًَٱٌَّزَِّٓ َِؼَوُ ؤَشِذَّاء ػٍَََ ٱٌْىُفَّبسِ سُحََّبء ثَْْنَيُُْ رَشَاىُُْ سُوَّؼبً عُجَّذاً َّجْزَغٌَُْ
فَضْالً َِّٓ ٱٌٍَّوِ ًَسِضٌَْأبً عَِّْـَٰيُُْ فَِ ًُجٌُىِيُِْ ِّْٓ ؤَثَشِ ٱٌغُّجٌُدِ رٌَِهَ َِثٍَُيُُْ فَِ ٱٌزٌَّْسَاحِ ًََِثٍَُيُُْ فَِ ٱإلجنًِِْ وَضَسْعٍ ؤَخْشَجَ
شَطْإَهُ فَأصَسَهُ فَٱعْزَغٍَْظَ فَٱعْزٌٍَََٰ ػٍََََٰ عٌُلِوِ ُّؼْجِتُ ٱٌضُّسَّاعَ ٌَِْغِْظَ ثِيُُِ ٱٌْىُفَّبسَ ًَػَذَ ٱٌٍَّوُ ٱٌَّزَِّٓ ءاَِنٌُاْ ًَػٌٍَُِّاْ ٱٌصَّـٍَِٰحَـَٰذِ ِِنْيُُ
} )
َِّ غْفِشَحً ًَؤَجْشاً ػَظِّْبً (
قاؿ ابن ثير" :فالصحابة رضي اهلل عنهم خلصت نياهتم كحسنت أعماؽبم فكل من نظر إليهم
أعجبوه يف ظبتهم كىديهم ،كقاؿ مالك رضي اهلل عنو :بلغٍت أف النصارل كانوا إذا رأكا الصحابة رضي اهلل
عنهم الذين فتحوا الشاـ يقولوف :كاهلل ؽبؤالء خَت من اغبواريُت فيما بلغنا .كصدقوا يف ذلك فإف ىذه األمة
معظمة يف الكتب اؼبتقدمة كأعظمها أصحاب رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم"( ).
اٌَّزُِ اسْرَضَََٰ ٌَيُُْ ًٌَُْجَذٌَِّنَّيُُْ ِِْٓ ثَؼْذِ خٌَْفِيُِْ ؤَِْ ۚنًب َّؼْجُذًَُٔنِِ ٌَب ُّشْشِوٌَُْ ثِِ شَْْئ ًۚب ﴾ ( ).
﴾ًب( ).
كقولو ﴿ :اٌٌَََْْْ ؤَوٍَّْْذُ ٌَىُُْ دِّنَىُُْ ًَؤَرَّّْْذُ ػٍََْْىُُْ ِٔؼَّْزِِ ًَسَضِْذُ ٌَىُُُ اٌْئِعٍَْبََ دِّن
إف لم يكن الصحابة ىم من خوطبوا بهذه اايات فمن الذم خوطب بها؟
كإف دل يكن من مات صلى اهلل عليو كآلو كسلم كىم على ؿببة ككئاـ كاتفاؽ ،فلمن يكوف اػبطاب بعد إذ؟!
فقد خرج النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم كأصحابو من اؼبهاجرين فارين بدينهم من مكة إذل اؼبدينة،
كآكاىم األنصار فتكالب عليهم أىل الكفر يف اعبزيرة العربية قاطبة ك رـكىم بقوس الشرؾ كالوثنية :فكانوا ال
يبيتوف إال يف السالح ،كال يصبحوف إال فيو ،من شدة اػبوؼ ،فثبتوا كصدقوا حىت أظهر اهلل تعاذل دينو كأعز
جنده كنصر نبيو صلى اهلل عليو كآلو كسلم فبسط سلطة اإلسالـ على جزيرة العرب ،بعد أف عادكه كطردكه
كم ٌن
كىجركا من آمن معو ،كحاصركه يف مهاجره ،كقاتلوه كألبوا عليو األحزاب ،فرد اهلل الذين كفركا بغيظهم ،ى
ٌ
بالنصر اؼببُت على نبيو كصحابتو الكراـ فذلت العرب بكفرىا ككضعت سالحىا كآمنت باهلل الواحد الدياف رىبة
ك رغبة كصدقان ،مث قبض اهلل تعاذل نبيو ،فكاف الصحابة من بعده على ىديو كّنجو سائرين كعلى طريقتو
سالكُت ،كلدينو ناصرين كناشرين ،كباغبق على أعدائهم ظاىرين كقاىرين ،كال زالوا مؤمنُت آمنُت فبكنُت يف
خالفة للنبوة راشدة ،يف عهد أيب بكر ،كعمر ،كعثماف ،كعلي ،كشيئان من خالفة اغبسن بن علي رضي اهلل
تعاذل عنهم أصبعُت ،مث استمر األمر كاستقر زمن معاكية رضي اهلل تعاذل عنو بعد تنازؿ اغبسن بن علي باػبالفة
لو؛ كما كاف ذلك التنازؿ إالٌ ؼبصلحة بينة كاضحة ،كمقاصد شرعية راجحة راعاىا اغبسن بن علي رضي اهلل
تعاذل عنو ،من صبع الكلمة كتوحيد الصف كدل الشمل كحفظ كحقن الدماء ،كرد لكيد الكائدين ككبت لألعداء
اؼبًتبصُت اغباقدين ،فهل أصاب يف فعلو أك أخطأ؟
ال يتجرأ مسلم عاقل على زبطئتو فيما فعل خاصة كقد توسعت الدكلة اإلسالمية كانتشر الدين كظهر
يف عهد معاكية رضي اهلل تعاذل عنو ،كعمن تنازؿ لو ،كالطاعن يف فعل اغبسن بن علي يك ٍرىان ؼبعاكية إَنا يطعن
يف عدالة كديانة كتقول ككرع اغبسن بن علي رضي اهلل تعاذل عنو؛ إذ يلزـ من ذلك أنو بتنازلو ؼبعاكية -رضي
- 1ألّنم أصحاب الفضائل اليت سبق بياّنا كإيراد األدلة عليها ،كمن جحد فضلهم فقد جحد تلك
النصوص اليت زكتهم كبيٌنت مكانتهم.
- 2ألف خَت الناس بعد األنبياء ىم اغبواريوف من أصحاهبم ،كأنصارىم ،كأشياعهم ،ضبلوا رسالتهم،
كدافعوا عن ديانتهم ،كبذلوا يف سبيل ذلك أركاحهم رخيصة.
﴿ كقد أثٌت اهلل تعاذل يف القرآف على اؼبؤمنُت اؼبخلصُت من أصحاب موسى كعيسى عليهما السالـ ،فقاؿ:
ًَِِْٓ لٌََِْ ٌُِعََ ؤَُِّخٌ َّيْذًَُْ ثِبٌْحَكِّ ًَثِوِ َّؼْذٌٌَُِْ ﴾ ( ) كقاؿ ـباطبان اؼبسيح ﴿ َّب ػِْغََ إِِِّٔ ُِزٌََفِّْهَ ًَسَافِؼُهَ إٌََِِّ
ًَُِطَيِّشُنَ َِِٓ اٌَّزَِّٓ وَفَشًُاْ ًَجَبػًُِ اٌَّزَِّٓ ارَّجَؼٌُنَ فٌَْقَ اٌَّزَِّٓ وَفَشًُاْ إٌََِ ٌََِّْ اٌْمَِْبَِخِ ﴾( ) ،كقاؿ ﴿ إَِّْ اٌَّزَِّٓ آَِنٌُا
ًَاٌَّزَِّٓ ىَبدًُا ًَاٌنَّصَبسٍََٰ ًَاٌصَّبثِئِنيَ َِْٓ آََِٓ ثِبٌٍَّوِ ًَاٌٌََِْْْ اٌْأخِشِ ًَػًََِّ صَبٌِحًب فٍََيُُْ ؤَجْشُىُُْ ػِنذَ سَثِّيُِْ ًٌََب خٌَْفٌ ػٍََْْيُِْ
كسجل مواقفهم اؼبرضيٌة فقاؿ تعاذل ﴿:فٍَََّّب ؤَحَظَّ ػِْغََ ِِنْيُُُ اٌْىُفْشَ لَبيَ َِْٓ ؤَٔصَبسُِ إٌََِ اٌٍّوِ
)ٌ ، ًٌََب ىُُْ َّحْضٌََُْٔ﴾(
لَبيَ اٌْحٌََاسٌَُِّّْ َٔحُْٓ ؤَٔصَبسُ اٌٍّوِ آَِنَّب ثِبٌٍّوِ ًَاشْيَذْ ثِإََّٔب ُِغٌٍَُِّْْ )(52سَثَّنَب آَِنَّب ثَِّب ؤَٔضٌَْذَ ًَارَّجَؼْنَب اٌشَّعٌُيَ فَبوْزُجْنَب َِغَ اٌشَّبىِذِّ﴾َٓ( ).
فإذا كاف ىذا الثناء ك الفضل ؼبن سبقونا من خاصة أتباع موسى كعيسى عليهما السالـ ،فكيف
خباصة كصفوة اهلل اؼبختارة لصحبة كنصرة صفوة أنبيائو عليهم الصالة كالسالـ.
(خَت الناس) ،أم :خَت صبيع الناس من األكلُت كاآلخرين؛ القرف كقولو صلى اهلل عليو كآلو كسلم:
الذم بعث فيهم النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم ،يعٍت :من اؼبؤمنُت ،كىذه تزكية منو صلى اهلل عليو كآلو كسلم
ؼبن قد خالطهم كعاشرىم كعلم من ظاىر حاؽبم كباطنو ما جيعلهم يف ىذه اؼبنزلة الرفيعة كاؼبقاـ العارل.
- 3إف ؿبمدان صلى اهلل عليو كآلو كسلم ىو خامت األنبياء كإمامهم كمنتهى الفضل إليو ،كمن ىذه األفضلية
اكتسب أصحابو أفضلية على سائر الناس بعد األنبياء ،كدل يزؿ اؼبسلموف يقتدكف هبدم الصحابة
كيعرفوف ؽبم فضائلهم ألف اهلل تعاذل ىو الذم زكاىم كطهرىم ،كاختارىم لصحبة نبيو صلى اهلل عليو
كآلو كسلم ،فهم خَتة األمة كصفوهتا ،كىذه األمة خَت األمم كأزكاىا عند اهلل تعاذل ،لقولو تعاذل:
{ وُنزُُْ خَْْشَ ؤَُِّخٍ ؤُخْشِجَذْ ٌٍِنَّبطِ رَإُِْشًَُْ ثِٱٌَّْؼْشًُفِ ًَرَنْيٌََْْ ػَِٓ ٱٌُّْنْىَشِ ًَرُؤِِْنٌَُْ ثِٱٌٍَّوِ}( ).
- 4نعتقد ميزة ىؤالء الصحابة ،كفضلهم؛ ألّنم ضبلة الشريعة كضباة العقيدة ،كحفظة القرآف كالسنة،
اؼببلِّغوف ؼبن بعدىم اؼبخاطبوف بقوؿ النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم( :أال ليبلغ الشاىد منكم الغائب)
( ) ،كبقولو صلى اهلل عليو كآلو كسلم ( :بلغوا عٍت كلو آية)( ) .حفظ اهلل هبم اؼبلة ،كارتضى ما
اٌٌَََْْْ ؤَوٍَّْْذُ ٌَىُُْ دِّنَىُُْ ًَؤَرَّّْْذُ ىم عليو من الديانة ،فم ٌكن ؽبم كأمت نعمتو عليهم ،قاؿ تعاذل﴿ :
ًَػَذَ اٌٍَّوُ اٌَّزَِّٓ آَِنٌُا ِِنْىُُْ ًَػٌٍَُِّا ).كقاؿ تعالى﴿ : ﴾( ػٍََْْىُُْ ِٔؼَّْزِِ ًَسَضِْذُ ٌَىُُُ اٌْئِعٍَْبََ دِّنًب
َّؼْجُذًَُٔنِِ ٌَب ُّشْشِوٌَُْ ثِِ شَْْئ ًۚب ﴾ ( ). ثَؼْذِ خٌَْفِيُِْ ؤَِْنًب ۚ
كدين الصحابة الذم مكن اهلل لو يف األرض ىو الذم تلقوه من رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم،
كارتضاه اهلل تعاذل ؽبم بنص القرآف الكرًن.
الصحابة ر واف اهلل تعالى عنهم أجمعين ،لهم حقوؽ اإلسالـ العامة كحقوؽ اإليماف ال اصة،
يشتر وف فيها مع سائر المسلمين ،ك افة المؤمنين ،كلهم ذل حقوؽ ي تصوف بها دكف سواىم كال
يشار هم فيها غيرىم ،كىي حقوؽ الصحبة لرسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم .
كقد استنب العلماء الحقوؽ التي للصحابة الكراـ ر ي اهلل تعالى عنهم ،من الف ائل العامة ك
ال اصة التي ثبتت لهم بنصوص القرآف الكريم كالسنة النبوية ،كالحديث عن حقوقهم ر ي اهلل تعالى
عنهم؛ مقصود منو بياف ما اختصوا بو من حقوؽ زائدة على حقوؽ اإليماف كاإلسالـ العامة لألمة كالتي
يدخل فيها الصحابة دخوالن أكليان كاألمة تبع لهم في ال طاب بتل النصوص؛ ك اف الحديث ىنا عما
انفردكا بو من الف ائل كالحقوؽ بصورة موج ة تتل ص في التالي:
.1إثبات ما أثبت اهلل كرسولو ؽبم من الفضل العظيم كادلنزلة الرفيعة ،كاإلدياف بو كالتصديق قاؿ تعاذل :
ًَاٌَّزَِّٓ آَِنٌُا ًَىَبجَشًُا ًَجَبىَذًُا فِِ عَجًِِْ اٌٍَّوِ ًَاٌَّزَِّٓ آًًَا ًََّٔصَشًُا ؤًٌََُٰئِهَ ىُُُ اٌُّْؤِِْنٌَُْ ۚحٌََّميًّبُُ ﴿
.2الثناء عليهم دبا يستحقونو من الفضل كاؼبنزلة كما أثٌت اهلل كرسولو صلى اهلل عليو كآلو كسلم عليهم ،قاؿ
تعاذل يف اؼبهاجرين من الصحابةٌٍِْ ﴿ :فُمَشَاءِ اٌُّْيَبجِشَِّٓ اٌَّزَِّٓ ؤُخْشِجٌُا ِِْٓ دَِّبسِىُِْ ًَؤٌََِْاٌِيُِْ َّجْزَغٌَُْ فَضْال َِِٓ اٌٍَّوِ
األنصار رضي اهلل تعاذل عنهم ًَ ﴿ :اٌَّزَِّٓ رَجٌََّءًُا اٌذَّاسَ ًَاٌْئِميَبَْ ِِْٓ لَجٍِْيُِْ ُّحِجٌَُّْ َِْٓ ىَبجَشَ
ى كقاؿ في
إٌَِْْيُِْ ًٌََب َّجِذًَُْ فِِ صُذًُسِىُِْ حَبجَخً َِِّّب ؤًُرٌُا ًَُّؤْثِشًَُْ ػٍَََ ؤَْٔفُغِيُِْ ًٌٌَْ وَبَْ ثِيُِْ خَصَبصَخٌ ًََِْٓ ٌُّقَ شُحَّ
يقوؿ اهللًَ ﴿ :اٌغَّبثِمٌَُْ اٌْإًٌٌَََُّْ َِِٓ اٌُّْيَبجِشَِّٓ ًَاٌْإَٔصَبسِ ًَاٌَّزَِّٓ ارَّجَؼٌُىُُ ثِئِحْغَبٍْ سَّضَِِ اٌٍَّوُ ػَنْيُُْ
ًَسَضٌُا ػَنْوُ ًَؤَػَذَّ ٌَيُُْ جَنَّبدٍ رَجْشُِ رَحْزَيَب اٌْإَْٔيَبسُ خَبٌِذَِّٓ فِْيَب ؤَثَذًا ۚ رٌََِٰهَ اٌْفٌَْصُ اٌْؼَظُُِْ﴾ ( ).
شرار الناس على خيار كصفوة ىذه األمة إذا ر ي رب الناس كخالقهم ؟! فما قيمة س
.4موا الهتم كالرباءة فبن يعاديهم ،كاؼبواالة تقتضي كتستلزـ الدفاع عنهم كاحملبة ك النصرة ؽبم لقولو
كتابو العزي ًز ﴿ :إََِّّٔب ًٌَُِّْىُُْ اٌٍَّوُ ًَسَعٌٌُُوُ ًَاٌَّزَِّٓ آَِنٌُا اٌَّزَِّٓ ُّمٌَُِّْْ اٌصَّالَحَ ًَُّؤْرٌَُْ اٌضَّوَبحَ ًَىُُْ
تعاذل يف ً
سَاوِؼٌَُْ﴾ ( ).
كبعد أف علم اؼبسلم منا مكانة الصحابة ك قدرىم ،كعرؼ دكرىم كبذؽبم كعطا ءىم ؽبذا الدين،
ككقف على تضحياهتم كجهادىم ،كجب أف يشكر الفضل ألىلو ك يتقرب إذل اهلل تعاذل بتعظيمهم كتوقَتىم
كحبَّهم ،كما ذلك لشخوص دل يرىا اؼبسلم كدل يعاصرىا ،كإَنا لألثر الذم تركوه كاألعماؿ اعبليلة اليت قاموا هبا
كضبلهم لرسالة اإلسالـ كأدائهم ألمانة البالغ اؼببُت للدين اغبق الذم ارتضاه اهلل ؽبم ،كىداىم إليو كاختارىم
فحق ؼبن كانوا مع الدين كذلك أف نضعهم كشرفهم خبدمة دينو كنصرتو كتبليغو اآلفاؽ البعيدة يف ىذه اؼبعمورة ،ي
يف مقل عيوننا كنفديهم دبهج قلوبنا كننزؽبم اؼبنزلة اليت تليق هبم رضواف اهلل تعاذل عليهم.
َّمٌٌٌَُُْ سَثَّنَب اغْفِشْ ٌَنَب ًٌَِئِخٌَْأِنَب اٌَّزَِّٓ عَجَمٌَُٔب ثِبٌْئِميَبِْ ًٌََب رَجْؼًَْ فِِ لٌٍُُثِنَب غًٍِّب ٌٍَِّزَِّٓ آَِنٌُا سَثَّنَب إَِّٔهَ سَءًُفٌ سَحٌُِْ
﴾( ).
نف الث ً
َّالث مع بغضو ؼبن أحبهم اهلل كأكرمهم بالصحبة كاؽبجرة ديكن أ ٍف يكو ىف اإلنسا يف ًم ىن ِّ
الص ً
ؼ ي ال
كالنصرة لنبيو كلدينو.
قاؿ البغوم رضبو اهلل تعاذل" :فكل من كاف يف قلبو غل على أحد من الصحابة كدل يًتحم على
صبيعهم فإنو ليس فبن عناه اهلل هبذه اآلية ،ألف اهلل تعاذل ػ رتب اؼبؤمنُت على ثالثة منازؿ :اؼبهاجرين كاألنصار
كالتابعُت اؼبوصوفُت دبا ذكر ،فمن دل يكن من التابعُت هبذه الصفة كاف خارجان من أقساـ اؼبؤمنُت.
قاؿ ابن أبي ليلى :الناس على ثالثة منازؿ :الفقراء اؼبهاجرين ،كالذين تبوءكا الدار كاإلدياف ،كالذين
جاءكا من بعدىم فاجتهد أف ال تكوف خارجان من ىذه اؼبنازؿ"( ).
أخبارىم
.6التخلق بأخالقهم كالتأدب ب داهبم اليت كانت ؿبل ثناء اهلل كرسولو عليهم ،كدراسة ى
كسيىػىرىم رضي اهلل عنهم كأرضاىم ،كتعليم ذلك لألبناء كربطىهم هبذا ً
اعبيل الرباين الفريد ليكونوا قدكة ؽبم بعد ً
ى
رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم كعلى ىديو كسنتو كخطاه ،فيتشبَّهوا هبم يف حياهتم لَتتقوا أخالقيان كإديانيان.
كقد حثنا على ذلك النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم ،بل جعلو اؼبخرج لألمة من ضياع ؿبقق يلحقها،
وؿ اللًَّو
صلَّى بًنىا ىر يس ي
اض بن سارية قاؿ :ى
ً
كشتات يدركها ،كفرقة تناؿ من عصمتها كصبع كلمتها ،ؼقد ركل الٍع ٍربى ي
ال شك كال ريب أنو نصح لألمة كتركها على ؿبجة بيضاء نقية ال يتعامى عنها إالٌ جاىل ضاؿ أك
عادل غلبو ىواه فأغواه كيف البدعة أرداه.
نقوؿ إّنم بأفرادىم بشر ييصيبوف كخيطئوف ،كال ي عما ىش ىجىر بينهم ،فهم ه كف اللِّسا ىف َّ .7صوف أعراضهم ك ُّ
يقع اػبطأ منهم ،إما عن عمد كقصد أك ً ً ً
ص ىم ىة ألنبيائو كمالئكتو فحسب ،كغَتىم ي معصوموف ،فقد جعل اهلل الع ٍ
عن غَت عمد ك قصد ،دبحض اػبطأ أك االجتهاد كيف صبيع تلك األحواؿ ليس للواحد منا اليوـ ؿباسبتهم كال
ؿباكمتهم دكف أف يعلم منطلقهم يف فعلهم كباعثهم عليو ،كنكل ذلك كلو هلل تعاذل فهو العادل بسرائرىم
كمكنوف صدكرىم ،كؾبازيهم دبا فعلوا ،خاصة كقد كردت النصوص الشرعية القاضية بالنهي عن اإلساءة إليهم
يد اػبي ٍد ًر ِّ ًأك النيل منهم ،فعن أًىيب سعً و
م ىرض ىي اللَّوي ىعٍنوي ،قى ىاؿ :قى ىاؿ النً ُّ
َّيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم " :الى تى يسبُّوا ى ىٍ
ً ً
ىحدى ٍم ،ىكالى نىصي ىفوي"( ). ً و ً ىص ىح ًايب ،فىػلى ٍو أ َّ
يحد ىذ ىىبنا ىما بىػلى ىغ يم َّد أ ىىح ىد يك ٍم أىنٍػ ىف ىق مثٍ ىل أ ي
ىف أ ى أٍ
قولو" :ال تسبوا" ىذا ّني عن السب ،كالسب يصدؽ يف أم قوؿ مذموـ يف حقهم ،كيف أم قوؿ فيو
ذـ ؽبم ،فعيبهم أك تنقصهم أك احتقارىم سب ؽبم ،كلعن الصحابة من سبهم بل ىو من أعظم السب ؽبم
رضي اهلل عنهم.
كسبب ىذا اغبديث خالؼ كقع بُت عبد الرضبن بن عوؼ رضي اهلل عنو كبُت خالد بن الوليد رضي
اهلل عنو ،فناؿ خالد رضي اهلل عنو من عبد الرضبن بن عوؼ ،فبلغ ذلك النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم ،فقاؿ
كالناقد ؽبم فبن جاء بعدىم اػبائض يف مواقفهم كىو عنها غائب ،يشهد دبا دل يعلم ،كيقوؿ ما ال
يدرؾ ،ككأنو يستدرؾ على اهلل تعاذل كرسولو صلى اهلل عليو كآلو كسلم حكمهما ؽبؤالء النخبة باعبنة كالنجاة
كاإلبعاد من النار يف عدد من اآليات كاألحاديث منها قولو تعاذل﴿ :ال َّغْزٌَُِ ِِنْىُُْ َِْٓ ؤَْٔفَكَ ِِْٓ لَجًِْ اٌْفَزْحِ
ًَلَبرًََ ؤًٌَُْئِهَ ؤَػْظَُُ دَسَجَخً َِِٓ اٌَّزَِّٓ ؤَْٔفَمٌُا ِِْٓ ثَؼْذُ ًَلَبرٌٍَُا ًَوُال ًَػَذَ اٌٍَّوُ اٌْحُغْنََ﴾ ( ).
كقولو تعاذل﴿ :إَِّْ اٌَّزَِّٓ عَجَمَذْ ٌَيُُْ ِِنَّب اٌْحُغْنََ ؤًٌَُئِهَ ػَنْيَب ُِجْؼَذًَُْ﴾( ) ،أم :يمٍبػ ىع يدك ىف عن النَّار.
كقولو تعاذل﴿ :ال َّغْزٌَُِ اٌْمَبػِذًَُْ َِِٓ اٌُّْؤِِْنِنيَ غَْْشُ ؤًٌُِِ اٌضَّشَسِ ًَاٌُّْجَبىِذًَُْ فِِ عَجًِِْ اٌٍَّوِ ثِإٌََِْاٌِيُِْ ًَؤَْٔفُغِيُِْ
فَضًََّ اٌٍَّوُ اٌُّْجَبىِذَِّٓ ثِإٌََِْاٌِيُِْ ًَؤَْٔفُغِيُِْ ػٍَََ اٌْمَبػِذَِّٓ دَسَجَخً ًَوًٍُّب ًَػَذَ اٌٍَّوُ اٌْحُغْنََ ًَفَضًََّ اٌٍَّوُ اٌُّْجَبىِذَِّٓ
كقوؿ النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم( :خَت الناس قرين مث الذين يلوّنم مث الذين يلوّنم قاؿ عمراف:
فال أدرم أذكر بعد قرنو قرنُت أك ثالثة) اغبديث( ).
كقولو عليو الصالة كالسالـ( :ال يدخل النار أحد بايع ربت الشجرة)( ).
فأماـ ىذه النصوص القطعية ال عربة بركايات التاريخ اؼبشوبة باألىواء كالنزكات ،كاؼبليئة بالتناقضات
كاالختالفات ،كلنا يف ذلك قوؿ ـبتصر ؾبمل نتأسى فيو باإلماـ علي رضي اهلل تعاذل عنو كبأفعالو مع اؼبخالفُت
لو ،كال نعدكا ذلك فقد جعلو اهلل تعاذل سببان لنجاة األمة كعصمتها من االكبراؼ كالزيغ دبا سن ؽبا من فقو
التعامل مع اؼبخالف لو بتأكيل كاجتهاد كحفظو غبقوؽ األخوة اإلديانية ،كفقو التعامل مع الباغي عليو ،كاػبارج
لم يتجرأ على الطعن في صحابة رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم إالٌ من تعامي عن نصوص
الكتاب كالسنة ،كملء الحقد صدره ،كالغل قلبو ،فاجترأ عليهم بالسب أك التنقص أك التكفير ،كىو من
أعجب العجب؛ فإذا كاف الصحابة كفاران مرتدين -كما يقوؿ ىؤالء الزائغوف عن اؽبدل اؼبنغمسوف يف
الضالؿ -فكيف رضي اهلل عنهم كرضوا عنو؟
ككيف يصح قياـ اغبجة بفتحهم لألمصار ك تبليغهم لإلسالـ كالشرع كاألحكاـ؟
فمعٌت كالـ ىؤالء الطاعنُت يف أصحاب رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم -كالزـ قوؽبم -أف
مبدؿ ،كأف شريعتو غَت ؿبفوظة ،كأف اهلل سبحانو ما صدؽ يف قولو تعاذل:
مغَت ،كأف كالمو ٌ
دين اهلل تعاذل ٌ
{إَِّٔب َٔحُْٓ َٔضٌَّْنَب اٌزِّوْشَ ًَإَِّٔب ٌَوُ ٌَحَبفِظٌَُْ}( ) فلم حيفظ دينو ككتابو ،بل ككلو إذل كفرة فجرة -يف زعم
كىذا النيل من الصحابة رضي اهلل عنهم ليس قدحان يف ذكاهتم خاصة؛ بل ىو نيل من الشريعة ،كطعن
يف اإلسالـ ك القرآف ك السنة،ألف الطعن يف الناقل كالنيل من ديانتو كعدالتو طعن يف اؼبنقوؿ كنيل كتنقص منو.
أىل الضالؿ يف الصحابة الكراـ طعنان يف اهلل العظيم األجل ،كنبيو اجملتِّب اؼبرسل، بل قد يكوف طعن
كدينو اؼبرتضى ككتابو اؼبنزؿ.
شريعتو من الضياع {لًُْ فٍٍََِّوِ اٌْحُجَّخُ كذلك ألنو ال قياـ للحجة على خلق اهلل تعاذل مادل ربفظ
اٌْجَبٌِغَخُ}( ) فإف كالمو دل يتغَت منذ نزؿ كإذل أف تقوـ الساعة ،فى يح ًف ىظ ببالغ الرسوؿ األمُت ،كنقل الصحابة
) [اغبجر.]9:
) سورة األنعاـ.149:
اؼبنتجبُت ،لئال يتنصل متنصل أك يتمحل متمحل بقولو {:سَثَّنَب ٌٌَْال ؤَسْعٍَْذَ إٌَِْْنَب سَعًٌٌُب فَنَزَّجِغَ آَّبرِهَ ًَٔىٌَُْ
فينكر اهلل عليهم ذلك{:ؤَْْ رَمٌٌٌُُا َِب جَبءََٔب ِِْٓ ثَشِريٍ ًَال َٔزِّشٍ فَمَذْ جَبءَوُُْ ثَشِريٌ ًَٔزِّشٌ ًَاٌٍَّوُ ػٍَََ
فقد قامت عليهم اغبجة ببالغ مبُت من رسوؿ أمُت كصحابة راشدين مهديُت ،شرفهم اهلل بالسبق
يف اإلدياف كاؽبجرة إذل الرضبن ،كالنصرة بالنفس كاؼباؿ كالولداف ،أصبعت األمة على فضلهم ك تقدديهم على
تفاكت بينهم يف الفضل ،فأفضلهم اػبلفاء األربعة ،مث بقية العشرة اؼببشرين باعبنة ،كىكذا بقية الصحابة.
فهل يزكي اهلل كرسولو ؾبركحي العدالة ،ساقطي االعتبار ،رقيقي الديانة ،ىم ٍن ال عهد ؽبم كال ميثاؽ،
كال ذمة كال أمانة ،لو اعتقد أحد ذلك ىلك ،ألنو طعن يف اهلل كتكذيب صريح آلياتو ،كتكذيب لرسولو الذم
خاطبهم بالبالغ ألىليتهم لو.
فمن ارتضى اهلل ديانتو ،كقبل شهادتو ،ككفقو لصحبة نبيو ،صار ؿبالن إلناطة حكم البالغ بو ،فهو من
الفضل كالعدالة كالسيادة كالقدكة اغبسنة دبكاف ال يدانيو إالٌ من شاركو منزلة الصحبة.
كالطاعن فيهم يل مو من الموبقات المهلكات أمور لو الت مها لكاف خارجان عن ملة اإلسالـ كىي:
- 1الطعن يف اهلل تعاذل الذم اختارىم صحبة لنبيو كضبلة لدينو كنقلة لشريعتو.
كعدؽبم كشهد بالفضل ؽبم.
- 2الطعن يف القرآف الكرًن الذم زكاىم ٌ
- 3الطعن يف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم من كجهين:
األكؿ:أنو رباىم كعلٌمهم كزٌكاىم فهم تربيتو كصياغتو ،كالنيل منهم نيل فبن رباىم كأدهبم ،الزمو أنو دل ينجح
يف تربيتو ؽبم كحاشاه صلى اهلل عليو كآلو كسلم .
الوجو الثاني :أنو صلى اهلل عليو كآلو كسلم شهد ؽبم باعبنة كالرضواف كزكاىم كع ٌدؽبم ،كق ٌدمهم ألمتو سادة راشدين،
ػربىم كأطلعو اهلل على سرائرىم ،فقاؿ صلى اهلل عليو كآلو كسلم كما يف حديث ً
كقادة مهديُت ىادين ،بعد أف ىخ ى
العرباض بن سارية رضي اهلل عنو قاؿ :كعظنا رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كآلو كسلم موعظة كجلت منها القلوب ،كذرفت
- 4عدـ قياـ اغبجة على اػبالئق الذين بلٌغهم الصحابة دين اهلل تعاذل ،ألنو كصلهم خرب الدِّيانة فبن ال
يصح نقلو كركايتو كال تقوـ اغبجة دبثلو – على زعم ىؤالء الطاعنُت . -
كالة األمر ىم أصحاب السلطة اغباكمة ،حيث أنو ال يقوـ عماد أم ؾبتمع كال ينتظم أمر أم
دكلة إال بسلطة حاكمة تقوـ على رعاية شؤكنو كحفظ مصاغبو كتنظيم أموره ،كلذا كاف للوالية مكانتها
يف التشريع اإلسالمي فوالة األمور اؼبسلمُت يقوموف دبهمة عظيمة كعلى عواتقهم كاجبات جسيمة،
أساسها حراسة الدين كإقامة أركانو ككاجباتو كسياسة الدنيا يف ضوء مقاصد الشريعة كتعاليمها ،كما يتبع
ذلك من إقامة العدؿ كحفظ األمن كالضرب على يد اجملرمُت كإقامة اغبدكد كضباية الدكلة من األعداء
كاؼبًتبصُت كالكائدين ،كرعاية مصاحل اؼبواطنُت ،كتنظيم أمورىم ،كىم مسئولوف أماـ اهلل عز كجل عن
القياـ هبذه الواجبات.
قاؿ العالمة ابن تيمية -رحمو اهلل" :-فاؼبقصود الواجب بالواليات إصالح دين اػبلق الذم
مىت فاهتم خسركا خسرانا مبيننا كدل ينفعهم ما نعموا بو يف الدنيا ،كإصالح ما ال يقوـ الدين إال بو من
( )
أمر دنياىم"
كقاؿ النوكم -رحمو اهلل" :-البد لألمة من إماـ يقيم الدين كينصر السنة كينتصف
( )
للمظلومُت كيستويف اغبقوؽ كيضعها مواضعها"
كباؼبقابل ككما أّنم يتحملوف ىذه اؼبهاـ كالواجبات فإف الشريعة اإلسالمية قد أكجبت ؽبم
حقوقان على الرعية ،هبا تكتمل صورة اغبكم الرشيد الذم تنشده الشريعة اإلسالمية ،كتتمثل أىم تلك
اغبقوؽ يف اؼبطالب التالية :
املطهة األول :حك انسًع وانطاعح
يكرل ٍاأل ٍىم ًر ًمٍن يك ٍم فىًإ ٍف تىػنى ىاز ٍعتي ٍم ًيف ىش ٍي وء
وؿ ىكأ ً
الر يس ى ىطيعوا اللَّو كأ ً
ىط ييعوا َّ آمنيوا أ ي ى ى
ً
ين ى
َّ ً
قاؿ اهلل تعاذل{:يىا أىيُّػ ىها الذ ى
ً ً ً ً ً الرس ً ً ً
ىح ىس ين تىأٍ ًك نيال} وؿ إً ٍف يكٍنتي ٍم تيػ ٍؤمنيو ىف بًاللَّو ىكالٍيىػ ٍوـ ٍاآلخ ًر ىذل ى
ك ىخٍيػهر ىكأ ٍ فىػ يرُّدكهي إ ىذل اللَّو ىك َّ ي
[النساء.]59:
كقد تعددت األقواؿ يف معٌت {أكرل األمر} اؼبذكورين يف اآلية ،كأشهرىا القوالف التالياف:
1ػ ىم الفقهاء كالعلماء الذين يعلموف الناس دينهم ،قالو ابن عباس كؾباىد كعطاء.
). (
2ػ ىم األمراء كالوالة ،قالو أبو ىريرة رضي اهلل عنو
قاؿ الحافظ بن حجر -رحمقاهلل " :-كيف اغبديث :كجوب طاعة كالة األمور ،كىي مقيدة
بغَت األمر باؼبعصية كاغبكمة يف األمر بطاعتهم :احملافظة على اتفاؽ الكلمة ،ؼبا يف االفًتاؽ من
). (
الفساد
كعن العرباض بن سارية رضي اهلل عنو قاؿ كعظنا رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو ك سلم موعظة
كجلت منها القلوب كذرفت منها العيوف فقلنا :يا رسوؿ اهلل كأّنا موعظة مودع فأكصنا ،قاؿ" :أكصيكم
بتقول اهلل عز ك جل كالسمع كالطاعة كإف تأمر عليكم عبد فإنو من يعش منكم فسَتل اختالفا كثَتا
( ) سنن أيب داكد ؾ /السنة ب /ىف لزكـ السنة ( ،)329 / 4سنن الًتمذم ؾ/العلم ب/باب ما جاء يف األخذ بالسنة
كاجتناب البدع (.)44 / 5
( ) جامع العلوـ كاغبكم ص .262
( ) صحيح البخارم ؾ /األحكاـ ب /السمع كالطاعة لإلماـ ما دل تكن معصية (.)2612 / 6
( ) صحيح مسلم ؾ /اإلمارة ب /كجوب طاعة األمراء يف غَت معصية (.)1467 / 3
( ) أنظر :التمهيد .)278 / 23( -
( )شرح النوكم على مسلم .)224 / 12( -
فقد أخرج البخارم يف "صحيحو " كمسلم يف "صحيحو " عن عبد اهلل بن عمر ،عن النيب -
أحب كك ًرىه ما دل يي ى
ؤمر السمع كالطاعةي على اؼبرء اؼبسلم فيما َّ
صلى اهلل عليو كعلى آلو كسلم -أنو قاؿ " :ي
ظبع كال طاعة"( ). و و
دبعصية ،فإذا أيمر دبعصية فال ى
كجاء يف السنة الصحيحة ":ال طاعة يف معصية اهلل ،إَنا الطاعة يف اؼبعركؼ" أخرجو البخارم
). (
كمسلم
كليست طاعة كرل األمر مقصورة على العادؿ منهم فحسب ،بل حىت لو كاف فيو شيء من
اعبور كالظلم كخبس شيء من اغبقوؽ فتجب طاعتو أيضا يف غَت معصية اهلل تعاذل؛ ؼبا يف ذلك من
اؼبصلحة للمسلمُت؛ ففجوره كظلمو على نفسو كسيحاسبو اهلل تعاذل عليو ،كاألمة مسئولة عن الطاعة يف
اؼبعركؼ فيجب بذؽبا كذبب مناصحة اغباكم باليت ىي أحسن فيما خالف فيو اغبق.
مسعود عن النيب صلى اهلل عليو ك سلم قاؿ" :ستكوف أثرة كأمور تنكركّنا" قالوا :يا عن ابن
). (
رسوؿ اهلل فما تأمرنا؟ قاؿ":تؤدكف اغبق الذم عليكم كتسألوف اهلل الذم لكم"
قاؿ الحافظ ابن حجر :قولو :أدكا إليهم :أم :إذل األمراء ،حقهم :أم الذم كجب ؽبم
اؼبطالبة بو كقبضو سواء كاف خيتص هبم أك يعم .
كقولو :كسلوا اهلل حقكم :يف ركاية الثورم " كتسألوف اهلل الذم لكم " أم بأف يلهمهم
) (
إنصافكم أك يبدلكم خَتا منهم.
كعن علقمة بن كائل اغبضرمي عن أبيو قاؿ سأؿ سلمة بن يزيد اعبعفي رسوؿ اهلل -صلى اهلل
عليو كسلم -فقاؿ يا نيب اهلل أرأيت إف قامت علينا أمراء يسألونا حقهم كدينعونا حقنا فما تأمرنا فأعرض
عنو مث سألو فأعرض عنو مث سألو يف الثانية أك يف الثالثة فجذبو األشعث بن قيس :كقاؿ رسوؿ اهلل صلى
). (
اهلل عليو كسلم" :اظبعوا كأطيعوا فإَنا عليهم ما ضبلوا كعليكم ما ضبلتم"
( )2612 / 6ك صحيح مسلم ؾ/ ( ) صحيح البخارم ؾ /األحكاـ ب /السمع كالطاعة لإلماـ ما دل تكن معصية
اإلمارة ب /كجوب طاعة األمراء يف غَت معصية (.)1469 / 3
( ) اؼبرجع السابق فاألحاديث يف نفس األبواب.
( ) صحيح البخارم ؾ /اؼبناقب ب /عالمات النبوة يف اإلسالـ .1318 / 3
( ) فتح البارم البن حجر .)6 / 13( -
( ) صحيح مسلم ؾ /اإلمارة ب /يف طاعة األمراء كإف منعوا اغبقوؽ (.)1474 / 3
فهذه األحاديث كما يف معناىا تدؿ على كجوب الطاعة باؼبعركؼ لإلماـ كإف منع بعض اغبقوؽ،
كاستأثر ببعض األمواؿ ،فعلى اؼبؤمن القياـ دبا أكجبو اهلل عليو من الطاعة ،كأف حيتسب حقو عند اهلل عز
كجل.
كال دينع ذلك من اؼبناصحة باليت ىي أحسن ،كىذه كلو سدا لباب الفنت عن األمة.
فتشرع إعافة كالة األمر على ما ربملكا من أعباء مصاحل األمة ،كمساعدتوـ على ذلك بقدر اإلمكاف.
اإل ًٍمث ىكالٍ يع ٍد ىك ًاف} [اؼبائدة .]2 :
قاؿ تعاذل {:ىكتىػ ىع ىاكنيوا ىعلىى الًٍ ِّرب ىكالتَّػ ٍقول ىكىال تىػ ىع ىاكنيوا ىعلىى ًٍ
ى
كقد ذكر اؼباكردم رضبو اهلل أف اإلماـ إذا قاـ حبق األمة فقد أدل حق اهلل تعاذل فيما ؽبم عليو ،ككجب لو
). (
عليهم حقاف الطاعة كالنصرة ،ما دل يتغَت حالو
كيرل ابن تيمية رضبو اهلل أف من كاجب اؼبسلمُت أف ينصركا السلطاف إذا تصدل للمحاربُت كقطاع
). (
الطريق حىت يقدر عليهم
املطهة انراتع :حك انذعاء هلى
أف رل دعونة مستجابةن ما جعلتيها إالَّفالدعاء ؽبم من النصح ؽبم،يقوؿ الفضيل بن عياض رضبو اهلل :لو َّ
فس ٍر لنا ىذا ،قاؿ :إذا جعلتيها يف نفسي دل ٍتع يدًين ،كإذا جعلتيها يف
علي ! ِّ
يف السلطاف ،قيل لو :يا أبا ٌ
بالصالح ،كدل نؤمر أف ندعو عليهم، ندعو ؽبم َّالعباد كالبالد ،فأيمرنا أف ى
السلطاف صلح ،فصلح بصالحو ي
كصالحهم ألنفسهم كللمسلمُت( ). ى كجورىم على أنفسهم،
ظلمهم ى كإف ظلموا كإف جاركا؛ َّ
ألف ى
صحيح دبجموع
ه اغبديث
( ) ركاه أضبد ( )15333كاغباكم ( )290/3كابن أيب عاصم يف السنَّة ( 1096ػ ،)1098ك ي
طرقو.
( )األحكاـ السلطانية .27
( )السياسة الشرعية .113
( )شرح السنة للربهبارم .51
اػبركج عليهم بل يناصحوف كيصرب عليهم؛ ور فال جيوز ً
ي فسق أك ىج ه
فإذا حصل من يكالة األمر ه
كذلك ألنَّو يًتتَّب على اػبركج عليهم ًم ىن الفوضى كالفساد كإراقة الدماء أضعاؼ ما حيصل ًمن اعبور
) صحيح البخارم ؾ /الفنت باب /قوؿ النيب صلى اهلل عليو ك سلم ( سًتكف بعدم أمورا تنكركّنا ) ()2587 / 6 (
كمسلم ؾ /اإلمارة باب /كجوب طاعة األمراء يف غَت معصية (.)1469 / 3
( ) فتح البارم (.)8 / 13
( )صحيح مسلم ؾ/اإلمارة ب /خيار األئمة كشرارىم (.)1481 / 3
)صحيح مسلم ؾ/اإلمارة ب /كجوب اإلنكار على األمراء فيما خيالف الشرع كترؾ قتاؽبم ما صلوا ككبو ذلك (/ 3 (
.)1480
كركل البخارم كمسلم عن ابن عباس رضي اهلل عنهما عن النيب صلى اهلل عليو كآلو كسلم قاؿ:
شربا فمات إالَّ مات ًميتةن
يكرىو فليصرب عليو؛ فإنَّو ىمن فارؽ اعبماعةى ن
ً
" ىمن رأل من أمَته شيئان ي
( )
جاىليٌة"
حل عقد البيعة اليت
السعي يف ٌ
ي قاؿ الحافظ في شرحو :قاؿ ابن أيب صبرة :اؼبر ياد باؼبفارقة
فكٌت عنها دبقدار الشِّرب؛ َّ
ألف األخ ىذ يف ذلك يؤكؿ إذل سفك حصلت لذلك األمَت كلو بأدىن شيءَّ ،
ٍ
حق ،كاؼبراد باؼبيتة اعباىلية كىي بكسر اؼبيم :حالة اؼبوت كموت أىل اعباىلية على ضالؿ
الدماء بغَت ٍّ
كليس لو إماـ مطاع ،ألّنم كانوا ال يعرفوف ذلك ،كليس اؼبراد أنو ديوت كافرا بل ديوت عاصيا( ).
قتاؿ السلطاف كال اػبركج عليو و
ألحد ًمن حيل ي كقاؿ اإلماـ أضبد يف اعتقاده كما يف السنَّة لاللكائي :كال ُّ
ي
النَّاس ،فمن فعل ذلك فهو مبتدعه على غَت السنَّة كالطريق( ).
قاؿ ابن تيمية رحمو اهلل :كؽبذا كاف اؼبشهور من مذىب أىل السنة أّنم ال يركف اػبركج على
األئمة كقتاؽبم بالسيف كإف كاف فيهم ظلم كما دلت على ذلك األحاديث الصحيحة اؼبستفيضة عن
النيب صلى اهلل عليو ك سلم ألف الفساد يف القتاؿ كالفتنة أعظم من الفساد اغباصل بظلمهم بدكف قتاؿ
كال فتنة فال يدفع أعظم الفسادين بالتزاـ أدنامها كلعلو ال يكاد يعرؼ طائفة خرجت على ذم سلطاف
). (
إال ككاف يف خركجها من الفساد ما ىو أعظم من الفساد الذم أزالتو
كقاؿ ابن القيم رحمو اهلل :إف النيب صلى اهلل عليو كسلم شرع ألمتو إجياب إنكار اؼبنكر
ليحصل بإنكاره من اؼبعركؼ ما حيبو اهلل كرسولو فإذا كاف إنكار اؼبنكر يستلزـ ما ىو أنكر منو كأبغض
إذل اهلل كرسولو فإنو ال يسوغ إنكاره ،كاف كاف اهلل يبغضو كديقت أىلو.
كاإلنكار على اؼبلوؾ كالوالة باػبركج عليهم فإنو أساس كل شر كفتنة إذل آخر الدىر كقد كىذا
استأذف الصحابة رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم يف قتاؿ األمراء الذين يؤخركف الصالة عن كقتها كقالوا
أفال نقاتلهم فقاؿ" :ال ما أقاموا الصالة" كقاؿ" :من رأل من أمَته ما يكرىو فليصرب كال ينزعن يدا من
( )البخارم ؾ /األحكاـ ب /السمع كالطاعة لإلماـ ما دل تكن معصية ( ،)2612 / 6كمسلم ؾ /اإلمارة ب /كجوب
مالزمة صباعة اؼبسلمُت عند ظهور الفنت كيف كل حاؿ كربرًن اػبركج على الطاعة كمفارقة اعبماعة (.)1477 / 3
( ) فتح البارم (.)7/13
( )السنَّة لاللكائي (.)161/1
( )منهاج السنة النبوية .391 / 3 -
طاعتو" كمن تأمل ما جرل على اإلسالـ يف الفنت الكبار كالصغار رآىا من إضاعة ىذا األصل كعدـ
الصرب على منكر فطلب إزالتو فتولد منو ما ىو اكرب منو ،فقد كاف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم يرل
دبكة أكرب اؼبنكرات كال يستطيع تغيَتىا بل ؼبا فتح اهلل مكة كصارت دار إسالـ عزـ على تغيَت البيت
كرده على قواعد إبراىيم كمنعو من ذلك مع قدرتو عليو خشية كقوع ما ىو أعظم منو من عدـ احتماؿ
قريش لذلك لقرب عهدىم باإلسالـ ككوّنم حديثي عهد بكفر كؽبذا دل يأذف يف اإلنكار على األمراء
) .كاهلل أعلم (
باليد ؼبا يًتتب عليو من كقوع ما ىو أعظم منو كما كجد سواء
يى يم الٍ ىكافً يرك ىف ﴾ [المائدة].44 : ﴿ ىكىم ٍن لى ٍم يى ٍح يك ٍم بً ىما أىنٍػ ى ىؿ اللَّوي فىأيكلىئً ى
يى يم الظَّالً يمو ىف ﴾ [المائدة].45 :ك ذا آية ﴿:فىأيكلىئً ى يى يم ﴿ ىكىم ٍن لى ٍم يى ٍح يك ٍم بً ىما أىنٍػ ى ىؿ اللَّوي فىأيكلىئً ى
اس يقو ىف ﴾ [المائدة].47 : الٍ ىف ً
ثالثان -إقامة الحدكد الشرعية على الشركط المرعية ،صيانة حملارـ اهلل عن التجرؤ عليها،
كغبقوؽ العباد عن التخطي إليها ك يسول يف اغبدكد بُت القوم كالضعيف كالوضيع كالشريف .
ب عنها ،كبذؿ كل السبل ة
غبمام الرعية كالدفاع عنهم ،من رابعان :حماية بي ة اإلسالـ َّ
كالذ ُّ
ذلك إعداد العدة كذبهيز اعبيوش كربصُت الثغور ..فإف الدفاع عن الرعية كأمواؽبم كأعراضهم من
كاجبات اإلماـ؛ لقولو -صلى اهلل عليو كسلم (( :-لكم ر واع ،ك لكم مسؤكؿ عن رعيتو)).
انظر :ربرير األحكاـ يف تدبَت أىل اإلسالـ أليب عبد اهلل ؿبمد بن إبراىيم بن صباعة الكتاين الشافعي ت723 :ىػ( /1
)66
ربرير االحكاـ |(.) 65/1
ربرير االحكاـ |(.) 67/1
خامسان :إقامة العدؿ بين الرعية :
إف اهلل سبحانو كتعاذل أرسل رسلو ،كأنزؿ كتبو ليقوـ الناس بالقسط ،كىو العدؿ الذم قامت بو
األرض كالسماكات ،فيجب على الراعي العدؿ يف سلطانو كسلوؾ موارده يف صبيع شأنو ،كقد أمر اهلل
ات إًلىى أى ٍىلً ىها ىكإً ىذا ىح ىك ٍمتي ٍم بىػ ٍي ىن
بالعدؿ يف اغبكم؛ فقاؿ -تعالى ﴿-:إً َّف اللَّوى يأٍمري م أى ٍف تيػ ىؤدُّكا ٍاألىمانى ً
ى ى يي ٍ ي
َّاس أى ٍف تى ٍح يك يموا بًال ىٍع ٍد ًؿ ﴾ [النساء].58 :
الن ً
كفي حديث السبعة الذين يظلهم اهلل في ظلو يوـ ال ظل إال ظلو ،ذ ر النبي -صلى اهلل عليو
كسلم -في بدايتهم )) اإلماـ العادؿ((.
كمن العدؿ أخذ حق الضعيف من القوم:
يف خطبة أيب بكر الصديق رضي اهلل عنو ،قاؿ.." :كالضعيف فيكم قوم عندم حىت أريح
ؼ
عليو حقو إف شاء اهلل ،كالقوم فيكم ضعيف عندم حىت آخذ اغبق منو إف شاء اهلل)...
سادسان :عمارة البالد ،كتسهيل سبل العيش ،كنشر الرخاء كجباية األمواؿ على ما أكجبو
الشرع من غَت عنف ،كصرفها يف الوجوه اؼبشركعة كعلى اؼبستحقُت ،من غَت سرؼ كال تقتَت .
سابعان :الحلم كالرفق بالرعية :فعلى من كرل شيئا من أمور اؼبسلمُت أف يرفق برعيتو كال يشق
ٍب ىالنٍػ ىف ُّوا ًم ٍن ت فىظِّا غىلًي ى
ظ الٍ ىقل ً ت لى يه ٍم ىكلى ٍو ي ٍن ى عليهم قاؿ -تعالى ﴿-:فىبً ىما ىر ٍح ىم وة ًم ىن اللَّ ًو لًٍن ى
ت فىػتىػ ىوَّ ٍل ىعلىى اللَّ ًو إً َّف اللَّوى يي ًح ُّ
ب استىػ ٍغ ًف ٍر لى يه ٍم ىك ىشا ًكٍريى ٍم فًي ٍاأل ٍىم ًر فىً ىذا ىع ى ٍم ى ىح ٍولً ى فىا ٍع ي
ف ىع ٍنػ يه ٍم ىك ٍ
ال ً
ين ﴾ [آؿ عمراف.159 : ٍمتىػ ىوِّك ل ى
ي
فإذا كاف رسوؿ اهلل يوجهو ربو إذل الرفق كاللُت فإف من سواه أكذل بذلك التوجيو الرباين ،ال شك أّنم
اؼبثل األعلى يف الرفق؛ ككصفو أحوج إذل الرفق مع رعيتهم ،كقد ضرب النيب -عليو الصالة كالسالـ -ى
ً ً ً ربو بذلك فقاؿ -تعالى ﴿-:لى ىق ٍد جاء ي م رس ه ً
ُّم ىح ًر ه
يص ىعلىٍي يك ٍم وؿ م ٍن أىنٍػ يفس يك ٍم ىع ًي ه ىعلىٍيو ىما ىعنت ٍ ى ى ٍ ىي
يم ﴾ [التوبة]:،128 : بًالٍم ٍؤًمنًين ريؤ ه ً
كؼ ىرح ه ي ىى
كيف التحذير من اؼبشاقة ؽبم كالًتغيب يف الرفق هبم دعا النيب -صلى اهلل عليو كسلم(( :-اللهم من
فرفىق بهم ،فارفق ً ىكلًي من أمر أمتي شيئنا َّ
فشق عليهم ،فاش يقق عليو ،كمن ىكلي من أمر أمتي شيئنا ى
بو)
ركاه مسلم.1458/3
ثامنان:مشاكرة أىل الرأم من الرعية :
ٍب ىالنٍػ ىف ُّوا ًم ٍن ىح ٍولً ى ظ الٍ ىقل ًت فىظِّا غىلًي ى ت لى يه ٍم ىكلى ٍو ي ٍن ى قاؿ -تعالى ﴿-:فىبً ىما ىر ٍح ىم وة ًم ىن اللَّ ًو لًٍن ى
ت فىػتىػ ىوَّ ٍل ىعلىى اللَّ ًو إً َّف اللَّوى يي ًح ُّ
ب استىػغٍ ًف ٍر لى يه ٍم ىك ىشا ًكٍريى ٍم فًي ٍاأل ٍىم ًر فىً ذىا ىع ى ٍم ى
ف ىع ٍنػ يه ٍم ىك ٍ
فىا ٍع ي
ال ً
ين ﴾ [آؿ عمراف].159 : ٍمتىػ ىوِّك ل ى
ي
كإذا كاف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم كىو أكمل الناس عقال كأسدىم رأيا كمؤيد بالوحي
مامور دبشاكرة أتباعو فغَته من باب أكذل ىذا كقد جعل اهلل تعاذل الشورل صفة الزمة للمؤمنُت كالصالة
اى ٍم ً استى ىجابيوا لً ىربِّك ًه ٍم ىكأىقى ياموا َّ َّ ً
ورل بىػ ٍيػنىػ يه ٍم ىكم َّما ىرىزقػٍنى ي
الص ىالةى ىكأ ٍىم يريى ٍم يش ى ين ٍ
كالزكاة قاؿ -تعالى ﴿-:ىكالذ ى
ييػ ٍن ًف يقو ىف ﴾ [الشورل].38 :
تاسعان :تفقد أحوالهم كعدـ االحتجاب عنهم :
عن عمرك بن مرة -رضي اهلل عنو -قاؿ :قاؿ رسوؿ اهلل -صلى اهلل عليو كسلم(( :-ما من إماـ أك و
كاؿ
يغلق بابو دكف ذكم الحاجة كال لة كالمسكنة ،إال أغلق اهلل أبواب السماء دكف خلتو كحاجتو
كمسكنتو))
عاشران :النصح لهم :يف اخت
مار األشخاص األ ٍكفاء للعمل معو ،كأف يكافئ احملسن ،كيعاقب
اؼبسيء أف يكوف قدكة يف اػبَت للرعية ،كىذا عاـ يف كل من كرل شيئا من أمور اؼبسلمُت مهما قاؿ
رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم ( :ما من راع يلي أمر المسلمين ثم ال يجهد لهم كينصح إال لم
يدخل معهم الجنة )
املقدمة
الحمد هلل رب العالمٌن ،وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شرٌك له ولً المتقٌن.وأشهد أن سٌدنا ونبٌنا محمدًا خاتم
األنبٌاء وسٌد المرسلٌن ،اللهم صلِّ وسلم وبارك علٌه وعلى آله وصحبه والتابعٌن بإحسان إلى ٌوم الدٌن ،صالة
وسالمًا بعدد خلقك ،وسعة ملكك ،وزنة عرشك ،ورضا نفسك ،ومداد كلماتك ٌا كرٌم.وبعد :فهذا بحث موجز عن (
حقوق الوالدٌن ) قسمته إلى قسمٌن :قسم عن حقوق الوالدٌن فى حٌاتهما.وقسم عن حقوق الوالدٌن بعد وفاتهما .وهللا
الموفق والمستعان.
فؤمر هللا تبارك وتعالى باإلحسان إلى الوالدٌن بكل أنواع اإلحسان من األقوال واألفعال ،والبدن والمال .ثم أكد
على أهمٌة ذلك فً حال كبرهما ،ألنهما حٌنذاك أحوج إلى البر واإلحسان ،واللطف والرفق ،واالحترام والتوقٌر .ثم نهى
عن إساءة األدب معهما ،وإظهار التبرم والتؤفف لهما ،فضالً عن رفع الصوت علٌهما ،أو سبهما وشتمهما ،أو
احتقارهما والتعالً علٌهما ،فقال سبحانهَ { :فالَ َتقُل َّل ُهمَا أُفٍّ } أي :ال تإذهما أدنى أذٌة ،وال ٌصدر منك أدنى شًء ٌدل
على التضجر منهما أو االستثقال لهما ،ووطن نفسك على احتمال ما قد ٌصدر عنهما من جهل أو خطؤ .ثم قالَ { :والَ
َت ْنهَرْ ُهمَا} أي :ال ترفع صوتك علٌهما ،وال تكلمهما ض ِجرً ا صائحً ا فً وجهٌهما ،وال تنظر إلٌهما شزرً ا و ُتحدّ الطرف
إلٌهما ،وال تنفض ٌدك علٌهما زاجرً ا لهما ومعترضًا علٌهما.
) للم يد تراجع الكتب التي ستذ ر في ىوامش البحث .ما يراجع :بر الوالدين .د /سعيد بن على القحطاني- (
حق الوالدين على األبناء .للشيخ/األمين الحاج محمد أحمد -حق الوالدين على األبناء .للشيخ /يحيى بن موسى
ال ىراني -حقوؽ الوالدين في الشريعة اإلسالمية .أد/عبدالع ي بن فوزاف الفوزاف -عقوؽ الوالدين .لألستاذ /محمد بن
إبراىيم بن أحمد الحمد .
ولما نهى عن القول القبٌح والفعل القبٌح أمر بمعاملتهما بالحسنى قوالً وفعالً ،فقالَ { :وقُل َّل ُهمَا َق ْوالً َك ِرٌمًا} أي :لٌ ًنا
طٌبًا لطٌ ًفا ،بتؤدب واحترام وإكرام ،وذلك ٌختلف باختالف األحوال والعوائد واألزمان.
ً
رحمة بهما ،وتذلالً لهما ،وعرفا ًنا بفضلهما، اخفِضْ َل ُهمَا جَ َناحَ ال ُّذلِّ مِنَ الرَّ حْ َم ِة} أي :تواضع لهما بفعلك،
ثم قالَ { :و ْ
وعاملهما معاملة الخادم الذي ذل أمام سٌده ،فتطٌعهما فً المعروف ،وتجٌب دعوتهما ،وتخدمهما وتقضً حاجاتهما،
وٌسخطهما ).
(
وتغض الطرف عن أخطائهما ،وتحرص على كل ما ٌسعدهما وٌرٌحهما ،وتبتعد عن كل ما ٌإذٌهما
رأى أبوهرٌرة رجالً ٌمشً خلف رجل ،فقال" :من هذا؟ قال :أبً ،قال :ال تدعُه باسمه ،وال تجلس قبله ،وال تمش
أمامه"( ).
أما الكتاب ،فاآلٌات التً تؤمر ببر الوالدٌن وشكرهما واإلحسان إلٌهما .ومن أعظم برهما ،وأفضل شكرهما،
وأحسن اإلحسان إلٌهما :اإلنفاق علٌهما عند حاجتهما.
وأما السنة فقول النبً " : إن أطٌب ما أكل الرجل من كسبه ،وإن ولده من كسبه " وزاد فً رواٌة أبً
داود والحاكم" :فكلوا من أموالهم" وفً رواٌة للنسائً " :إن أوالدكم من أطٌب كسبكم ،فكلوا من كسب أوالدكم (" ).
قال الكاسانً " :والحدٌث حجة بؤوله وآخره ،أما بآخره فظاهر ،ألنه صلى هللا علٌه وسلم أطلق لألب األكل
من كسب ولده إذا احتاج إلٌه مطل ًقا عن شرط اإلذن والعوض ،فوجب القول به .وأما بؤوله ،فألن معنى قوله " :وإن
ولده من كسبه " أي :كسب ولده من كسبه ،ألنه جعل كسب الرجل أطٌب المؤكول ،والمؤكول كسبه ال نفسه ،وإذا كان
) (
كسب ولده كسبَه ،كانت نفقته فٌه "
وأما اإلجماع ،فقد قال ابن قدامة" :حكى ابن المنذر ،قال :أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدٌن الفقٌرٌن اللذٌن ال
كسب لهما وال مال ،واجبة فً مال الولد"( ).
). (
أصله وأما المعقول ،فألن اإلنسان بعض والده ،فكما ٌجب علٌه أن ٌنفق على نفسه وأهله ،فكذلك على
) انظر :تفسير القرطبي ،243 /10 :كتفسير ابن ثير ،35/3 :كتفسير الشو اني ،303 /3 :كتفسير السعدم ص: (
.407
،762 /2كالسيوطي في الدر ) ركاه الب ارم في األدب المفرد .44 :كذ ره ابن عبد البر في بهجة المجالس (
) سنن أبي داكد ،3529 :كسنن الترمذم ،1358 :كسنن النسائي ،4452 ،4450 :كسنن ابن ماجو،2137 : (
،2290كمستدرؾ الحا م ،2294 :كقاؿ :ىذا حديث صحيح على شرط الشي ين ،كلم ي رجاه .ككافقو الذىبي.
:16/4صححو أبو حاتم كأبو كقاؿ الترمذم :ىذا حديث حسن صحيح .كقاؿ ابن حجر في " التل يص الحبير"
زرعة.
) (
بدائع الصنائع .30/4كانظر نحوه في :معالم السنن لل طابي .165 /3
) (
المغني .257 /9كانظر :بدائع الصنائع .30/4
) (
انظر :المغني .257 /9
-3طاعة الوالدٌن:
فقد قال هللا تعالىَ { :فالَ َتقُل َّل ُهمَا أُفٍّ َوالَ َت ْنهَرْ ُهمَا َوقُل َّل ُهمَا َق ْوالً َك ِرٌمًا فال تقل لهما أف وال تنهرهما وقل
لهما قوالً كرٌمًا}[سورة اإلسراء ]23 :فنهى عن مجرد التؤفف معهما ،فما بالك بمعاندتهما وعصٌان أمرهما؟.
ش ُكرْ لًِ َول َِوالِدَ ٌْ َك إِ َلًَّ ا ْلمَصِ ٌ ُر }[سورة لقمان ]14 :وقال عز وجلَ {:واعْ ُبدُوا َّ َ
هللا وقال سبحانه تعالى { :أَ ِن ا ْ
ْن إِحْ سَ ا ًنا}[ سورة النساء ،]36 :ولٌس من شكرهما واإلحسان إلٌهما :معصٌتهما، ش ٌْ ًئا َو ِبا ْل َوالِدَ ٌ ِ
ش ِر ُكوا ِب ِه َ
َوال ُت ْ
ومخالفة رغبتهما.
وهذه اآلٌة الكرٌمة تدل على وجوب طاعة الوالدٌن بالمعروف من وجهٌن:
األول :أنه نهى عن طاعتهما فٌما ٌؤمران به ولدهما من معصٌة هللا تعالى واإلشراك به .فدل ذلك على أنهما
إذا أمراه بشًء ال معصٌة فٌه من مباح أو مشروع ،وجب علٌه طاعتهما.
الثانً :أنه أمر الولد بمصاحبة والدٌه بالمعروف ولو كانا ٌجاهدانه على الشرك ،ولٌس من المصاحبة
بالمعروف عصٌان أمرهما ،والخروج عن طاعتهما.
-4الدعاء للوالدٌن:
اخفِضْ َل ُهمَا جَ َناحَ
إن من شكر الوالدٌن أن ٌكثر من الدعاء لهما فً حٌاتهما وبعد موتهما كما قال تعالىَ { :و ْ
ال ُّذلِّ مِنَ الرَّ حْ َم ِة َوقُل رَّ بِّ ارْ حَ مْ ُهمَا َكمَا رَ َّبٌَانًِ صَ غٌِراً} [ سورة اإلسراء .]24قال ابن جرٌر " :ادع هللا لوالدٌك
بالرحمة ،وقل :رب ارحمهما وتعطف علٌهما بمغفرتك ورحمتك كما تعطفا علً فً صغري ،فرحمانً وربٌانً صغٌرً ا،
حتى استقللت بنفسً واستغنٌت عنهما "( ).
وكما دعا سٌدنا نوح -علٌه الصالة والسالم -لوالدٌه فقال { :ربِّ ْ
اغفِرْ لًِ َول َِوالِدَ يَّ َولِمَن دَ َخلَ َب ٌْتًَِ م ُْإ ِم ًنا
اغفِرْ ت}[سورة نوح .]28 :وحكى هللا تعالى عن سٌدنا إبراهٌم -علٌه الصالة والسالم -قوله{:ر َّب َنا ْ َولِ ْلم ُْإ ِمنٌِنَ َوا ْلم ُْإ ِم َنا ِ
ُ
لًِ َول َِوالِدَ يَّ َولِ ْلم ُْإ ِمنٌِنَ ٌ َْو َم ٌَقو ُم الحِسَ ابُ }[سورة إبراهٌم .]41 :فدعا لوالدٌه بالمغفرة بعد دعائه لنفسه مباشرة ،وكان
ْ
هذا قبل أن ٌتبرأ من أبٌه ،لما تبٌن له أنه عدو هلل عز وجل( ).
فعن أبً هرٌرة قال :جاء رجل إلى رسول هللا فقال ٌ :ا رسول هللا ،من أحق الناس بحسن صحابتً؟
قال":أمك" قال :ثم من؟ قال" :أمك" قال :ثم من؟ قال" :أمك"قال :ثم من؟ قال" :أبوك" .وفً رواٌة لمسلمٌ :ا رسول
هللا من أحق الناس بحسن الصحبة؟ قال " :أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك ثم أدناك أدناك "( ) ،فحق األم مضاعف على
حق األب بثالثة أضعاف .
وتوصل األم وتبر وتطاع وإن كانت غٌر مسلمة لحدٌث أسماء بنت أبً بكر الصدٌق -رضً هللا عنهما -قالت
:قدمتْ علًَّ أمً وهً مشركة فً عهد رسول هللا ، فاستفتٌت رسول هللا قلت :قدمت علًَّ أمً وهً راغبة (
طامعة عندي تسؤلنً شٌ ًئا) أفؤصل أمً؟ قال ":نعم صلً أمك"( ).
لقول هللا تعالى ذاكرً ا دعاء إبراهٌم{ :رَ بِّ اجْ عَ ْلنًِ ُمقٌِ َم الصَّ َال ِة َومِنْ – 1االستغفار والدعاء لهما:
اغفِرْ لًِ َول َِوالِدَ يَّ َولِ ْلم ُْإ ِمنٌِنَ ٌ َْو َم ٌَ ُقو ُم ا ْلحِسَ ابُ } [سورة إبراهٌم.]40،41 :
ُذرِّ ٌَّتًِ رَ َّب َنا َو َت َق َّب ْل دُعَ اءِ .ر َّب َنا ْ
اغفِرْ لًِ َول َِوالِدَ يَّ َولِمَن دَ َخلَ َب ٌْتًَِ م ُْإ ِم ًنا َولِ ْلم ُْإ ِمنٌِنَ َوا ْلم ُْإ ِم َنا ِ
ت}[سورة نوح.]28 : وقال تعالى ذاكرً ا دعاء نوح {:ربِّ ْ
ولحدٌث أبً هرٌرة قال :قال رسول هللا ": إن هللا لٌرفع الدرجة للعبد الصالح فً الجنة ،فٌقولٌ :ا رب
أنى لً هذه؟ فٌقول :باستغفار ولدك لك"( ) .وفً الحدٌث عن أبً هرٌرة أٌضًا أن رسول هللا قال" :إذا مات
اإلنسان انقطع عمله إال من ثالثة :إال من صدقة جارٌة ،أو علم ٌنتفع به ،أو ولد صالح ٌدعو له"( ).
لحدٌث أبً هرٌرة قال :قال رسول هللا ": نفس المإمن معلقة بدٌنه حتى -2قضاء الدٌن عنهما:
). (
ٌقضى عنه"
ومن ذلك :النذور كنذر الصٌام ،والحج أو عنهما: - 3قضاء الدٌون الواجبة هلل تعالى
العمرة ،أو غٌر ذلك مما تدخله النٌابة .وكذلك الكفارات عنهما :ككفارة الٌمٌن ،وكفارة قتل الخطؤ ،وغٌر ذلك؛ لدخول
هذه الواجبات فً حدٌث ابن عباس -رضً هللا عنهما :أن امرأة نذرت أن تصوم شهرً ا ،فلم تصم حتى ماتت ،فجاءت
قرابة لها إما أختها أو ابنتها إلى النبً فذكرت ذلك له ،فقال " :أرأٌتك لو كان علٌها دٌن كنت تقضٌنه؟" قالت :نعم،
قال" :فدٌن هللا أحق أن ٌقضى" ( ).
ومن ذلك أٌضًا قضاء صٌام الفرض من رمضان عنهما؛ لقول النبً فً حدٌث عائشة -رضً هللا عنها:
"من مات وعلٌه صٌام صام عنه ولٌه"( ).
إن كان لهما وصٌة ،الثلث فؤقل؛ وإنفاذ الوصٌة واجب ،واإلسراع بالتنفٌذ :إما واجب - 4تنفٌذ وصٌتهما :
أو مستحب ،فإن كانت فً واجب فلإلسراع فً إبراء الذمة ،وإن كانت فً تطوع؛ فلإلسراع فً األجر لهما ،وٌنبغً أن
تنفذ قبل الدفن.
) سنن النسائي ( ،)3104كمسند أحمد ( )15538كقاؿ الشيخ شعيب :إسناده حسن. (
)مسند أحمد ( ،)10610كسنن ابن ماجو( .)3660قاؿ اإلماـ ابن ثير رحمو اهلل تعالى في تفسيره ( :)403 /7 (
إسناده صحيح.
) صحيح مسلم ( ،)1631كسنن الترمذم ( ،)1376كسنن النسائي ( .)3651 (
)مسند أحمد ( ،)10599كسنن الترمذم ( ،)1079 ،1078كسنن ابن ماجو ( ،)2413كصححو األلباني في (
ففً حدٌث أبً أسٌد مالك بن ربٌعة قال :بٌنما نحن -5صلة الرحم التً ال توصل إال بهما :
عند النبً إذ جاءه رجل من بنً سلمة فقالٌ :ا رسول هللا ،أبقً من بر أبوي شًء أبرهما به من بعد موتهما؟ قال:
« نعم ،الصالة علٌهما ،واالستغفار لهما ،وإٌفاء بعهودهما من بعد موتهما ،وإكرام صدٌقهما ،وصلة الرحم التً ال
توصل إال بهما»( ).
للحدٌث السابق ،ولحدٌث أبً بردة قال :قدمت المدٌنة فؤتانً -6إكرام صدٌقهما من بعدهما :
عبد هللا بن عمر ،فقال :أتدري لم أتٌتك؟ قال :قلت :ال ،قال :سمعت رسول هللا ٌ قول " :من أحب أن ٌصل أباه فً
قبره فلٌصل إخوان أبٌه بعده" وإنه كان بٌن أبً عمر وبٌن أبٌك إخاء وود ،فؤحببت أن أصل ذاك ( ).
). (
وعن ابن عمر -رضً هللا عنهما -عن النبً أنه قال" :إن أبر البر صلة الولد أهل ود أبٌه"
لحدٌث سعد بن عبادة أن أمه توفٌت ،فقالٌ :ا رسول هللا! إن أمً توفٌت وأنا غائب -7الصدقة عنهما :
) ( ) (
. صدقة علٌها عنها أٌنفعها شًء إن تصدقت به عنها؟ قال":نعم" .قال :فإنً أشهدك أن حائطً المخراف
فعن أبً هرٌرة قال :زار النبً قبر أمه ،فبكى وأبكى من حوله وقال صلى هللا -8زٌارة قبرهما:
) (
. علٌه وسلم ( :استؤذنت ربً عز وجل أن أزور قبرها فؤذن لً ،واستؤذنته أن أستغفر لها فلم ٌؤذن لً)
كثٌرا،
ً وروى الحافظ ابن الجوزي بسنده عن الفضل بن موفق ،قال " :كنت آتً قبر أبً
فؤرٌته فً المنام ،فقالٌ :ا بنً لِ َم َل ْم تؤتنً ،قال :قلتٌ :ا أبه ،وإنك لتعلم بً؟ قال :إي
) (
سن كال عيف المقبوؿ إف شاء اهلل
الح ى
سنن أبي داكد ( ،)5142كسنن ابن ماجو ( .)3664كالحديث يدكر بين ى
،1244 /3كىامش جامع األصوؿ في أحاديث الرسوؿ تعالى( .كانظر :ت ريج أحاديث تاب إحياء علوـ الدين
.407 /1
) ابن حباف في صحيحو ( ،)432كأبو يعلى في مسنده ( ،)5669كقاؿ شعيب األرنؤكط في تحقيقو لصحيح ابن (
حباف ( :)175 /2إسناده صحيح على شرط الب ارم .كقاؿ األلباني في صحيح الترغيب كالترىيب ( :)332 /2
حسن.
)صحيح مسلم( .)2552 (
) الحائ :الجدار؛ ألنو يحوط ما فيو ،كالم راؼ :ىو الحائ من الن ل أك البستاف المثمر ،كالم راؼ :المثمرة، (
سماىا م رافنا؛ لما ي ترؼ منها .انظر :النهاية في غريب الحديث البن األثير (.)24 /2
) صحيح الب ارم( .)2756 (
) سنن أبي داكد( .)3234كسنن النسائي( .)2034كسنن ابن ماجو ( ،)1572كصححو األلباني. (
وهللا ،إنك لتؤتٌنً فما أزال أنظر إلٌك من حٌن تطلع من القنطرة ،حتى تقعد إلً وتقوم
من عندي ،فال أزال أنظر إلٌك مول ًٌا حتى تجوز القنطرة "( ).
ثم روى الحافظ ابن الجوزي بسنده عن عثمان بن سودة الطفاوي ،وكانت أمه من العابداتٌ ،قال لها راهبة،
قال ":لما احتضرت رفعت رأسها إلى السماء ،فقالتٌ :ا ذخري وذخٌرتً ،وٌا من علٌه اعتمادي فً حٌاتً وبعد موتً،
ال تخذلنً عند الموت ،وال توحشنً فً قبري ،قال :فماتت ،فكنت آتٌها فً كل جمعة ،فؤدعو لها ،وأستغفر لها وألهل
القبور ،قال :فرأٌتها ذات لٌلة فً منامً ،فقلتٌ :ا أماه ،كٌف أنت؟ قالت :أي بنً ،إن للموت لكربة شدٌدة ،وأنا بحمد
هللا لفً برزخ محمود ،نفترش فٌه الرٌحان ،ونتوسد فٌه السندس واإلستبرق إلى ٌوم النشور ،فقلت :ألك حاجة؟ قالت:
نعم ،ال تدع ما أنت علٌه من زٌارتنا والدعاء لنا ،فإنً ألبشر بمجٌئك ٌوم الجمعة إذا أقبلت من عند أهلكٌ ،قال لًٌ :ا
راهبة ،هذا ابنك قد أقبل من أهله زائرً ا لك ،فؤُسرُّ بذلك ،وٌسر بذلك من حولً من األموات (" ).
فبر الوالدٌن ٌكون فً حٌاتهما وبعد موتهما ،فمن فاته اإلحسان إلى والدٌه فً حٌاتهما فقد جعل هللا له ذلك
بعد موتهما ،سواء كان ذلك بالصدقة علٌهما ،أو االستغفار ،والدعاء ،وقضاء الدٌون ،والنذور ،والكفارات ،أو إنفاذ
عهدهما من بعدهما ،أو صلة الرحم التً ال توصل إال بهما ،أو صلة أهل ودهما ،أو غٌر ذلك من أنواع البر واإلحسان
إلٌهما.
وبعد:
فمن هذه الوقفة السرٌعة مع حقوق الوالدٌن ٌتجلى لنا مدى تعظٌم اإلسالم لحقهما ،واحترامه لهما ،ونسؤل
هللا تعالى بحق أسمائه الحسنى وصفاته العُلى أن ٌعٌننا على بر والدٌنا أحٌا ًء وأموا ًتا ،وأن ٌجعل ذلك فٌنا وفً أوالدنا
إلى ٌوم القٌامة ،وصلى هللا وسلم وبارك على نبٌنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعٌن ،وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب
العالمٌن.
) (
المرجع السابق.
املثحث انراتع :حك املعاهذٍَ
واملسرأيُني وانعًال واملسرخذيني
وفُه يطهثاٌ
كال شك أف ىؤالء الكفار ليسوا يف سلَّ وة كاحدةو ،كال يىم نوعه كاح هد ،كقد قاؿ اهلل تعاذل يف الكفار من
أىل الكتاب ":لىٍي يسوا ىس ىواءن [ " ..آؿ عمراف .. "]113 :
كنظر ..
ٍم ه لكل يحك ه
ك ٍّ
كالماؿ:
الكفار المعصوموا الدَّـ ى
كما يهمنا ىنا أنواعي الكفار الذين ىم معصوموا الدـ كاؼباؿ يف نظر اإلسالـ ..
اؼبسلم الذم دخل دار اغبرب بأماف).. يشًتؾ يف اسم اؼبستأمن ً
اؼبستأمنوف ( ي الثالث :
ي
؛ لتعذر العمل باألحكاـ اػباصة هبم يف زماننا ىذا بسبب كلن نتكلم يف مبحثنا ىذا عن أىل الذمة
ضعف اؼبسلمُت كسيطرة األفكار الدكلية على معظم الدكؿ اإلسالمية كالعربية ،مع أف فيها ماليُت من
أىل الذمة !! كنصارل مصر كالشاـ (كىم باؼباليُت) ،كاليهود الذين بىػ يقوا يف أرضهم كدل ينزحوا إذل بيت
اؼبقدس ،كيهود اليمن القاطنُت فيها اليوـ ..
-كألننا لن نتحدث عن أىل الذمة يف مبحثنا ىذا ،فال بد من التعريف هبم ىنا ؛ ليتبُت للقارئ الكرًن ي
الفرؽ بينهم
نوعي اؼبستأمنُت كاؼبعاىدين ..
كبُت ى
فعقدىم مع اؼبسلمُت مؤب هد ،كىم مستوطنوف يف بالد اؼبسلمُت ،كيدفع القادركف منهم على القتاؿ اعبزية يف مقابل إعفائهم من
فحسب ..
ي القتاؿ مع اؼبسلمُت ..كال يكوف أىل اعبزية إال من الثالث الطوائف :اليهود كالنصارل كاجملوس
انظر يف تعريفهم :اؼبوسوعة الفقهية الكويتية 167/37مصطلح "مستأمن " – األلفاظ ذات الصلة – بتصرؼ يسَت ..
-ىم باقوف يف بلدة " ريدة " مشاؿ صنعاء ..كعددىم ال يتجاكز الػ 500نفس ..
الم ٍستىأ ىٍمنيو ىف
أكالن :ي
ً
مستأمن بكسر اؼبيم الثانية كبفتحها .. ً
اؼبستأمنوف صبع
ً
اؼبستأمن بكسر اؼبيم ىو طالب األماف ..
اؼبستأمن بفتح اؼبيم ىو اؼبؤ ىامن دبعٌت أنو أعطي األماف ..
ك ى
فإف كيف االصطالح :ىوالكافر اغبريب الذم يدخل دار اؼبسلمُت بأماف من غَت استيطاف ..
ذميان عليو أف يدفع اعبزية كتسرم عليو أحكاـ أىل الذمة ..
استوطن صار ِّ
كلكن قد يطلق مصطلح اؼبستأمن على اؼبسلم الذم ذىب إذل بالد الكفار بأماف ،كؽبذا جاء تعريف
اؼبستأمن يف اؼبوسوعة الفقهية الكويتية شامالن للمستأمن الكافر اغبريب ،كللمستأمن اؼبسلم ،كقد ركد يف
اف سواءه كاف يم ٍسلً نما أ ٍىـ كافران ىح ٍربًيًّا .
تعريف اؼبوسوعة " :الٍمستىأٍ ًمن :من ي ٍدخل إً ٍقلًيم ىغ ًَتهً بًأىم و
ى ٍ ى ي ٍ ي ىٍ ى ي
ً
المستأمن : ماذا يترتب على إعطاء األماف للكافر
الغدر باؼبستأمنُت كنقض األماف الذم أعطي ؽبم إال أف ينبذ إليهم اإلماـ أك صاحب العهد كال جيوز ي
بأف خيربىم بأف األماف قد انتهى فيتنبهوا لذلك ..كما قاؿ اهلل تعاذل ":ىكإً َّما ىزبىافى َّن ًم ٍن قىػ ٍووـ ًخيىانىةن فىانٍبً ٍذ
اػبىائًنًُت" [األنفاؿ ]58 :
ب ٍ إًلىٍي ًه ٍم ىعلىى ىس ىو واء إً َّف اللَّوى ىال يًحي ُّ
تفسَت ؼبعناهي ،إال ما كاف من اسم الفاعل كاسم اؼبفعوؿ حبسب ً
-ىذا اؼبصطلح مصطلح فقهي ،كدل يرد يف كتب اللغة ه
قواعد النحو كالصرؼ ..
-أحكاـ أىل الذمة البن القيم .. 874/2
-اؼبوسوعة الكويتية 168/37مصطلح "مستأمن " بتصرؼ يسَت ..
-بدائع الصنائع ، 107 / 7كالشرح الصغَت ، 288 / 2كركضة الطالبُت ، 281 / 10ككشاؼ القناع . 104 / 3
-صحيح البخارم رقم 6755دار طوؽ النجاة ،كمسلم رقم 470ترقيم ؿبمد فؤاد عبدالباقي .
من ي ً
عطي األماف :ىٍ ي
كيرل صبهور الفقهاء كذلك أف األمَت ديكن دينح األماف ألىل بلدة موازية للبلدة اليت حيكمها ..
كيرل صبهور الفقهاء أف اؼبسلم الواحد يصح أف يعطي األماف لعدد ؿبصور كأىل قرية أك حصُت
صغَت ،أما تأمُت العدد الكبَت فهو من حق اإلماـ ..ألف تأمُت اؼبسلم الواحد للعدد الكبَت من
اؼبستأمنُت فيو ذباكز على حق اإلماـ ..
استى ىج ىارىؾ فىأ ًىج ٍرهي ىح َّىت ً بُت اهلل تعاذل اغبكمة من إعطاء األماف فقاؿ سبحانو" :كإً ٍف أ ً
ىح هد م ىن الٍ يم ٍش ًرك ى
ُت ٍ ى ى
يسمع ىك ىالـ اللَّ ًو يمثَّ أىبٍلً ٍغوي مأٍمنىوي ىذلً ى ً
ك بأىنػ ي
َّه ٍم قىػ ٍوهـ ىال يىػ ٍعلى يمو ىف " [التوبة ]6 : ىى ىٍىى ى
كإذا كقع األما يف من اإلماـ أك نائبو أك من غَته بشركطو كجب على اؼبسلمُت صبيعان الوفاء بو ،فال جيوز
قتل اؼبستأمنُت ،كال سبيهم ،كال أخذ شيء من أمواؽبم ،كال التعرض لعصمتهم ،كال أذيتهم بغَت كجو
شرعي ..
،كيسرم ىذا األماف إذل أىل اؼبستأمن كما معو من ماؿ إذا كانا معو يف بالد اإلسالـ ..إال أف يشًتط
.. صاحب األماف
-الشرح الصغَت ، 286 ، 285 / 2كركضة الطالبُت ، 278 / 10ككشاؼ القناع ، 105 / 3كفتح القدير 298 / 4
، 300 ، 299 ،كانظر اؼبوسوعة الفقهية الكويتية )169 / 37( -
ٍم ٍرأىة المسلمة أف تمنح األماف :
ىل يصح لل ى
يرل صبهور الفقهاء إذل أنو يصح للمرأة اؼبسلمة أف سبنح األماف لكاف ور مستدلُت بقولو صلى اهلل عليو
كسلم " :قد أىجرنىا من أىجر ً
ت يىا أ َّيـ ىىانئ " متفق عليو ىٍ ى
كثَته من الفقهاء يقولوف إف األماف ال ينبغي أف يكوف أكثر من سنة ،ىكحدَّهي بعضهم بشهرين ،
كبعضهم قاؿ :يشًتط أف ال يزيد على أربعة أشهر ،كقاؿ اغبنابلة ال بأس أف يصل إذل عشر سنُت
..
فإف أخل بو اؼبستأمنوف أنفسهم ؛ فإف اغبق لإلماـ كحده أك لنائبو أف يينهي ىذا األماف ،كأف ينبذ إليهم
بإخبارىم برغبتو بأف ال يتواجدكا يف أرضو كأف خيرجوا منها ..
.. كيف القاعدة الفقهية أف " اؼبعركؼ يعرفان كاؼبشركط شرطان "
-1إذا رأل إماـ اؼبسلمُت أنو ال مصلحة يف ىذا العقد ،فعليو أف خيرب ىمن أعطاىم األماف ،بأف ىذا
يد إّناءه ،كال جيوز التعرض للمستأمنُت قبل إخبارىم بوضوح ،كال يصح يف ديننا العقد ال يلزمو كأنو ير ي
اػبىائًنًُت" [األنفاؿ :
ب ٍ الغدر كال اػبيانة ؛ لقولو سبحانو كتعاذل ":فىانٍبً ٍذ إًلىٍي ًه ٍم ىعلىى ىس ىو واء إً َّف اللَّوى ىال يًحي ُّ
ي
.. ]58
أصبع علماءي اإلسالـ على أف اؼبستأمن إذا رغب يف نبذ عهد األماف كإلغائو ،كأخرب عن رغبتو بوضوح
كجب على اؼبسلمُت تبليغو اؼبأمن ،كال يتعرض ؼبا معو بشيء
ٍم ٍستىأ ًٍم ين ًم ىن الٍ ىك ٍن ً ىكال ىٍم ٍع ًد ًف( كالنف من المعدف ) : ً
ىما يى ٍستىح ُّقوي ال ي
إذا عمل اؼبستأمن يف استخراج اؼبعادف (كمنها النفط ) فإنو يستحق ما حصل االتفاؽ عليو مع اإلماـ ،
كيف اؼببسوط للسرخسي من اغبنفية ":يؤخذ منو اػبي يمس ،كما بقي فهو لو (أم أربعة أطباس )؛ ألف
.. اإلماـ شرط لو ذلك ؼبصلحة "
ً
للمستأمن فإنو جائز من باب أكذل .. فإذا اتفقوا على أقل من ذلك
نوع من أنواع اؼبعامالت اليوـ اليت ذبريها الدكؿ كاغبكومات اليوـ إلدخاؿ غَت مواطنيها يعترب
كأم و
عقد و
أماف يلزـ دبوجبو أف يكوف الداخل إذل ديارىم مستأمنان ال جيوز لو اإلخالؿ بعقد األماف الذم
أدخلوه بو ..
كمن معانيو يف اللغة :اليمُت ،كاألماف كاؼبوثق ،كالوصية ؛ ألنو فبا ينبغي االحتفاظ بو كاغبفاظ عليو.
كيف االصطالح :الصلح(اؽبدنة) على ترؾ القتاؿ ؼبدة معينة سواءه كاف ذلك بعوض أـ بغَت عوض.
"يًتتب على اؼبوادعة أك اؽبدنة إّناء اغبرب بُت اؼبتحاربُت ،كيأمن األعداء ػ كما يف عقد األماف ػ على
أنفسهم كأمواؽبم كنسائهم كأكالدىم؛ ألف اؼبوادعة عقد أماف أيضان ،كبناء عليو جيب كف أذانا أك أذل
. الذميُت عنهم حىت يتأتى ناقض للعهد منهم "
-سنن أيب داكد رقم – 3569ط دار إحياء الًتاث العريب – مع تعليقات األلباين ،كقاؿ صحيح ..
-مادة (عهد) يف :لساف العرب 3البن منظور ،312/كمعجم مقاييس اللغة البن فارس .. 137/4
-1أف اؽبدنة معاىدة بُت دكلتُت على إّناء القتاؿ كتوفَت السالـ يف صبيع أكباء الدكلة..
أما األماف العاـ فهو اتفاؽ الدكلة مع صباعة غَت ؿبصورة على اؼبساؼبة كمنح األماف يف بلد أك إقليم
معُت.
-2أف اؽبدنة طريق إلّناء اغبرب بُت اؼبسلمُت كغَتىم ،كأما األماف العاـ فهو لتأمُت صباعة كلو يف أثناء
اغبرب.
ً -3أف اإلجابة لطلب األماف كاجبة ،لقولو تعاذل :فقاؿ سبحانو" :كإً ٍف أ ً
استى ىج ىارىؾ ىح هد م ىن الٍ يم ٍش ًرك ى
ُت ٍ ى ى
فىأ ًىجرهي ح َّىت يسمع ىك ىالـ اللَّ ًو يمثَّ أىبٍلً ٍغوي مأٍمنىوي ىذلً ى ً
ك بأىنػ ي
َّه ٍم قىػ ٍوهـ ىال يىػ ٍعلى يمو ىف " [التوبة ]6 : ىى ٍ ى ىٍىى ى
أما اإلجابة لطلب اؽبدنة فمباحة جائزة غَت كاجبة بشرط مراعاة اؼبصلحة اإلسالمية.
-4إذا بطل أماف رجاؿ دل يبطل أماف نسائهم كالصبياف ،كإذا انتقضت اؽبدنة انتقض أماف صبيع
اؼبهادنُت.
يتفق الفقهاء أف شرط مشركعيتها أف يكوف اؼبسلموف يف حاؿ ضعف ،كالكفار أقوياء ..
-آثار اغبرب لألستاذ أيب األعلى اؼبودكدم ص ، 686 -682نقلو الزحيلي يف كتابو الفقو اإلسالمي كأدلتو - 29/8دار
الفكر -سوريَّة – دمشق – ط.. 4
-الزحيلي يف كتابو الفقو اإلسالمي كأدلتو - 29/8دار الفكر -سوريَّة – دمشق – ط.. 4
كاؼبصلحة من عقد اؽبدنة كما تتحقق حاؿ ضعفنا ،فإّنا تتحقق بأغراض أخرل :
كال بأس بأف يتم الصلح على عوض مارل يدفعو اؼبسلموف إذل الكفار عند االضطرار،أك يدفعو األعداء
للمسلمُت إذا كاف يف الدفع مصلحة للمسلمُت؛ ألف اهلل تعاذل أباح لنا الصلح مطلقان يف قولو :ىكإً ٍف
الس ًم ً ًً ىجنى يحوا لً َّ
يم ([ )61األنفاؿ ]61 : اجنى ٍح ىؽبىا ىكتىػ ىوَّك ٍل ىعلىى اللَّو إنَّوي يى ىو َّ ي
يع الٍ ىعل ي لس ٍل ًم فى ٍ
فيجوز دبقابل مارل أك بغَت مقابل ؛ كألف اؼبقصود من الصلح ىو دفع الشر كاػبطر ،فيجوز بأية كسيلة،
. كىذا باتفاؽ الفقهاء
على اإلماـ حماية المعاىدين ك ماف أموالهم إذا اعتدل رعاياه عليها:
قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل" :كإذا عقد اؽبدنة فعليو (أم على اإلماـ أك نائبو) ضبايتهم من اؼبسلمُت كأىل
الذمة ؛ ألنو آمنهم فبن ىو يف قبضتو كربت يده ،كما أمن من يف قبضتو منهم ،كمن أتلف من
اؼبسلمُت أك من أىل الذمة عليهم شيئا فعليو ضمانو"
اختلف الفقهاء يف نواقض اؽبدنة ،كلكن أىم النواقض اليت كردت يف كالمهم :
- 1اػبيانة ،كىي كل ما ناقض العهد كاألماف ،أك أخل بشرط من شركطو.
- 2تنتقض دبقاتلة اؼبعاىدين للمسلمُت أك دبناصرهتم لعدك آخر على اؼبسلمُت ،أك قتل اؼبسلمُت
،أك أخذ أمواؽبم بغَت حق ..
كال يصلح آلحاد اؼبسلمُت نقض اؽبدنة من تلقاء نفسو باجتهاده ..بل ذلك راجع إذل اإلماـ ،كللدكلة
كحدىا تقدير التصرؼ اؼبالئم ؼبصلحة اؼبسلمُت ..
الهدنة :
مدة ي
أكثر الفقهاء على أف عقد الصلح مع العدك ال بد من أف يكوف مقدران دبدة معينة ،فال تصح اؼبهادنة إذل
األبد من غَت تقدير دبدة ،كإَنا ىي عقد مؤقت..
كلكن إذا انتهت مدة اؽبدنة كاغباجة باقية فإف ذبديد عقد اؽبدنة جائز ..
أما الراجح – كاهلل أعلم -فإنو ليس للهدنة مدة معينة ،إَنا تقدير اؼبدة راجع إذل اجتهاد اإلماـ قدر
. اغباجة؛ ألف اؼبهادنة عقد جاز ؼبدة عشر سنُت،فتجوز الزيادة عليها كعقد اإلجارة
أىل الذمة ،كىم مواطنوف يف الدكلة اإلسالمية كربت ضبايتها بعقد مؤبد ،كيدفعوف اعبزية ،
قد أعطوا عهدان باألماف ..
كاؼبستأمنوف :كىم حربيوف أعطوا عهدان باألماف ؼبدة مؤقتة ،أك عهدان شبو دائم كلكن من غَت
قصد االستيطاف ،كالبعثات الدبلوماسية ،كالعاملُت يف الشركات ،كالزائرين لبالدنا ،كغَتىم
،قد أعطوا عهدان باألماف ..
سلطات الدكلة اإلسالمية مع دكلتهم ىدنةن كصلحان عامان
ي كاؼبعاىدكف :كىم حربيوف عقدت
لكف اغبرب ،قد أعطوا عهدان باألماف ..
- 1عن عبد اهلل بن عمرك رضي اهلل عنهما ،عن النيب صلى اهلل عليو كسلم قاؿ(( :من قتل معاىدا
"
دل يرح رائحة اعبنة ،كإف رحيها توجد من مسَتة أربعُت عاما
كاؼبقصود بػ" اؼبعاىد يف ىذا اغبديث الكافر الذم أعطاه اؼبسلموف أك إمامهم عهدان باألماف ،
كيشمل :أىل الذمة ،كاؼبستأمنُت ،كأىل الصلح كاؽبدنة ..
،كمرةن كؽبذا َّنوع البخارم تبويبو ؽبذا اغبديث ،فمرةن َّبوب لو ب" باب إمث من قتل معاىدان "...
" باب إمث من قتل ذميان بغَت حق " ..
وؿ اللَّ ًو -صلى اهلل عليو كسلم -ىع ٍن اب رس ً ىخبػرهي ًع َّدةه ًمن أىبٍػنى ًاء أ ٍ ً و
ىص ىح ى ي ٍ ص ٍف ىوا ىف بٍ ىن يسلىٍيم أنو أ ٍ ى ى
-2عن ى
صوي ،أ ٍىك ىكلَّ ىفوي فىػ ٍو ىؽ ً وؿ اللَّ ًو -صلى اهلل عليو كسلم -قى ى آبائً ًهم ىعن رس ً
اؿ " أىالى ىم ٍن ظىلى ىم يم ىعاى ندا ،أى ًك انٍػتىػ ىق ى ى ٍ ٍ ىي
يجوي يىػ ٍوىـ الٍ ًقيى ىام ًة ". ً يب نػى ٍف و
س ،فىأىنىا ىحج ي ىخ ىذ ًمٍنوي ىشٍيئنا بًغى ًٍَت ًط ً ًً
طىاقىتو ،أ ٍىك أ ى
اإلسالـ دين العدؿ كاغبق ،كفل لكل إنساف يف الوجود حقو ،كألزمو من الواجبات ،كمن طوائف اجملتمع
الذين اىتم دبا ؽبم من حقوؽ كما عليهم من كاجبات طائفة العماؿ كاؼبستخدمُت ،كسوؼ نبُت يف ىذه
الصفحات حقوؽ ىؤالء العماؿ كاؼبستخدمُت حىت يقوـ كل فرد من أفراد اجملتمع هبذه اغبقوؽ ،كحىت
نرل عظمة ديننا يف اىتمامو بكل طوائف اجملتمع.
أكال ػ ػ اىتماـ اإلسالـ بالعمل كالعماؿ:
كرمهم أحسن تكرًن ،كمن مظاىر ىذا االىتماـ
اىتم اإلسالـ بالعمل كالعماؿ اىتمامان بالغان ،ك ٌ
ما يأيت:
1ػ ػ ػ أنو خفف عن الرسوؿ كأصحابو يف قياـ الليل حىت ال يعوقهم ىذا القياـ عن العمل ،فقد كاف
ً
ص ىفوي ىكثيػليثىوي وـ أى ٍدنىى م ٍن ثيػليثى ًي اللٍَّي ًل ىكنً ٍ القياـ كاجبا على الرسوؿ قاؿ تعاذلإً َّف ىربَّ ى يىػ ٍعلى يم أىنَّ ى تىػ يق ي
ً ً ً َّ ً
ٍرءيكا ىما تىػيى َّس ىر اب ىعلىٍي يك ٍم فىاقػ ى صوهي فىػتى ى َّه ىار ىعل ىم أى ٍف لى ٍن تي ٍح ي ِّكر اللٍَّي ىل ىكالنػ ى
ين ىم ىع ى ىكاللَّوي ييػ ىقد ي
ىكطىائ ىفةه م ىن الذ ى
ر يىػ ٍبتىػغيو ىف ًم ٍن فى ٍ ًل اللَّ ًو آخ يرك ىف يى ٍ ًربيو ىف فًي ٍاأل ٍىر ً آف ىعلً ىم أى ٍف ىسيى يكو يف ًم ٍن يك ٍم ىم ٍر ىى ىك ى ًمن الٍ يقر ً
ى ٍ
الص ىالةى ىكآتيوا ال َّ ى اةى ،) ( ...فنجد يموا َّ ً ً آخرك ىف يػ ىقاتًليو ىف فًي سبً ً َّ ً
ٍرءيكا ىما تىػيى َّس ىر م ٍنوي ىكأىق ي يل اللو فىاقػ ى ى ىك ى ي ي
أف اهلل خفف عنهم يف قياـ الليل ألف منهم من يسعى يف النهار على عملو كردبا أعاقو قياـ الليل عن
القياـ بعملو فأمره اهلل أف يصلي بقدر ما تيسر لو.
2ػ ػ كمن اىتماـ اإلسالـ بالعمل كحثو عليو أنو أمرنا باؼبشي يف األرض كالعمل فيها لتحصيل الرزؽ ،قاؿ
ور) ( شي شوا فًي ىمنىا ًبً ىها ىكي ليوا ًم ٍن ًرٍزقً ًو ىكإًلىٍي ًو النُّ ي وال فى ٍام ي ر ذىلي ن ً
تعاذل يى ىو الَّذم ىج ىع ىل لى يك يم ٍاأل ٍىر ى
سخر لكم األرض كذلٌلها لكم ،كجعلها سهلة لينة قابلة لالستقرار عليها ،ال سبيد أم إف اهلل ىو الذم ٌ
كشق الطرؽ ،كىيٌأ اؼبنافع ،كأنبت فيها كفجر فيها الينابيعٌ ، كال تضطرب ،دبا جعل فيها من اعبباؿٌ ،
الزركع كأخرج الثمار ،فسَتكا يف جوانبها كأقطارىا كأرجائها حيث شئتم حبثا عن اؼبكاسب كالتجارات
كاألرزاؽ ،كال يغٍت السعي شيئا عن تيسَت اهلل ،لذا قاؿ تعاذل ىكي ليوا ًم ٍن ًرٍزقً ًو أم فبا رزقكم كخلقو
لكم يف األرض ،كم ٌكنكم من االنتفاع هبا ،كأعطاكم القدرات على ربصيل خَتاهتا ،مث اعلموا أنكم يف
النهاية صائركف إليو ،فإليو النشور ،أم البعث من قبوركم ،ال إذل غَته ،كإليو اؼبرجع يوـ القيامة ،فاحذركا
الكفر كاؼبعاصي يف السر كالعلن.
( ) أخرجو أضبد يف مسند ( ،)332/1كأخرجو الًتمذم يف سننو ( )573/4ح 2344كقاؿ :حديث حسن صحيح .
( ) التفسَت اؼبنَت للدكتور كىبة الزحيلي( )23 ،22/29نشر دار الفكر اؼبعاصر ،دمشق ،ط الثانية 1418 ،ىػ.
( ) سورة اعبمعة اآلية (.)10
( ) فتح القدير للشوكاين ( )1492ط دار اؼبعرفة ،بَتكت ،لبناف ط رابعة 1428ق ػ ػ 2007ـ .
ً ً ً ً ًً ً
ب ىعلىى ظى ٍه ًرهً ىخٍيػهر لىوي م ٍن أى ٍف يىأًٍيتى ىر يج نال فىػيى ٍسأىلىوي ىكالَّذم نىػ ٍفسي بيىده ىألى ٍف يىأٍ يخ ىذ أ ى
ىح يد يك ٍم ىحٍبػلىوي فىػيى ٍحتىط ى
أ ٍىعطىاهي أ ٍىك ىمنىػ ىعوي) (".
م أ َّىف نىاسا ًمن ٍاألىنٍصا ًر سأىليوا رس ى ً اػبي ٍد ًر ِّ كعن أًىيب سعً و
اى ٍم،اى ٍم ،يمثَّ ىسأىليوهي فىأ ٍىعطى ي وؿ اللَّو فىأ ٍىعطى ي ن ٍ ى ى ىي يد ٍ ىٍ ى
ف ييعًفَّوي اللَّوي ،ىكىم ٍن ً ً ىح َّىت نىًف ىد ىما ًعٍن ىدهي فىػ ىق ى
اؿ ىما يى يكو يف ًعٍندم ًم ٍن ىخ ٍوَت فىػلى ٍن أ َّىد ًخىرهي ىعٍن يك ٍم ،ىكىم ٍن يى ٍستىػ ٍعف ٍ
الص ًٍرب) (. ىح هد ىعطىاءن ىخٍيػنرا ىكأ ٍىك ىس ىع ًم ٍن َّ ً
صبِّػ ٍرهي اللَّوي ،ىكىما أ ٍيعط ىي أ ى
ًً
يى ٍستىػ ٍغ ًن يػي ٍغنو اللَّوي ،ىكىم ٍن يىػتى ى
صبَّػ ٍر يي ى
فالنيب يعلمهم أف االستعفاؼ عن اؼبسألة ،كاالعتماد على النفس خَت من سؤاؿ الناس؛ ألف السؤاؿ
ذؿ لإلنساف كإىدار لكرامتو ،كلن يكوف لألمة كرامة بُت األمم كرفعة إال إذا اعتمدت على صنع أيديها
كاكتفاءىا الذايت ،كلن يكوف ؽبا ذلك إال باىتمامها بالعمل كرفع مكانة العماؿ حىت يكوف قرارىا ذاتيا،
كما أصبل ىذه العبارة لفضيلة الشيخ ؿبمد متورل الشعراكم" ال يكوف كالمنا من رأسنا إال إذا كاف
طعامنا من فأسنا" لن يديلي علينا من الغرب أك من الشرؽ أم رأم إذا اعتمدنا على أنفسنا.
5ػ ػ ع ٌد اإلسالـ العمل نوعا من أنواع الجهاد في سبيل اهلل:
إف اإلسالـ ع ٌد العمل نوعان من أنواع اعبهاد ،بل كصل األمر بالرسوؿ أف يزجر أصحابو
غبيك وم أصدركه على رجل قوم اعبسم يسعى إذل عملو ،فعندما رأل الصحابة ػ ػ ػ ػ رضي اهلل عنهم ػ ػ ػ ػ شابان
قويان يسرع إذل عملو ،قالوا :لو كاف ىذا يف سبيل اهلل ،فقاؿ النيب ": ال تقولوا ،ىذا فإنو إف كاف
خرج يسعى على كلده صغاران فهو يف سبيل اهلل ،كإف كاف خرج يسعى على أبوين شيخُت كبَتين فهو يف
سبيل اهلل ،كإف كاف خرج يسعى على نفسو ييع ٌفها فهو يف سبيل اهلل ،كإف كاف خرج يسعى رياء كمفاخرة
فهو يف سبيل الشيطاف"( ).
ف ًه ىم الصحابةي أف اعبهاد قاصر على القتاؿ يف ميداف اؼبعركة ،كأف السعي لتحصيل الرزؽ ليس
كبُت ؽبم أف سعيو على طلب الرزؽ نوع من اعبهاد يف فصوب النيب ؽبم ىذا الفهمٌ ،ى
ٌ داخال فيو،
سبيل اهلل؛ ألنو يصبح هبذا العمل عنصرا فاعال يف اجملتمع كليس عالة على غَته.
6ػ ػ معرفة األنبياء لقيمة العمل كقيامهم بو:
كاف األنبياء كىم أشرؼ اػبلق على كجو األرض يعملوف؛ ألّنم يعلموف أف شرفهم كعزىم يف
العمل ،فهذا نيب اهلل داككد كاف يعمل حدادان يصنع الدركع كالسيوؼ ،تلك اؼبهنة اليت ردبا يعدىا
صنى يكم ًمن بأ ً
ً ً
ٍس يك ٍم وس لى يك ٍم لتي ٍح ٍ ٍ ى البعض اليوـ عيبان ،كيستحي أف يعملها قاؿ تعاذل ىك ىعلَّ ٍمنىاهي ى
ص ٍنػ ىعةى لىبي و
فىػ ىه ٍل أىنٍػتي ٍم ىشا ً يرك ىف) (حىت إف اهلل امنت عليو بإالنة اغبديد لو كما دؿ على ذلك قولو تعاذل ىكلى ىق ٍد
( ) صفة الصفوة البن اعبوزم( )257/1نشر دار اؼبعرفة ،بَتكت ،ط الثانية 1399 ،ى ػ ػ ػ 1979ـ ربقيق :ؿبمود فاخورم.
ر ىكابٍػىتػغيوا ًم ٍن الص ىالةي فىانٍػىت ًش يركا فًي ٍاأل ٍىر ً
ت َّ ( ) أخرجو البخارم ؾ :البيوع ،باب :ما جاء يف قوؿ اهلل تعاذل فىً ىذا قي ً ي ً
ى
ً ً
وؾ قىائً نما قي ٍل ىما عٍن ىد اللَّ ًو ىخٍيػ هر م ىنفى ٍ ًل اللَّ ًو ىكاذٍ ي يركا اللَّ ىو ى ًث نيرا ل ىىعلَّ يك ٍم تيػ ٍفلً يحو ىف .ىكإً ىذا ىرأ ٍىكا تً ىج ىارنة أ ٍىك ل ٍىه نوا انٍػ ىف ُّوا إًلىٍيػ ىها ىكتىػ ىري ى
الرا ًزقًين ح ( 1943صحيح البخارم.)722/2 ِّكج ىارًة ىكاللَّوي ىخٍيػ ير َّ ً
اللَّ ٍه ًو ىكم ىن الت ى
1ػ ػ إتقاف العمل:
من اؼبعركؼ أف كل حق يقابلو كاجب ،فاإلنساف قبل أف يطالب حبقوقو البد أف يقوـ بواجباتو
،كمن أكؿ الواجبات على العامل أف يتقن العمل الذم كلف بو ،كأف يقوـ بو على الوجو اؼبطلوب ،فقد
حيب إذا عمل أخرب الرسوؿ أف إتقاف العمل ينتج عنو ؿببة اهلل تعاذل للعبد ،حيث قاؿ ": إف اهلل ُّ
أحدكم عمالن أف يتقنو"( )
كقد حث القرآف على إتقاف العمل ،قاؿ تعاذل ىكأ ٍىكفيوا الٍ ىك ٍي ىل إًذىا ًلٍتي ٍم ىكًزنيوا بًال ًٍق ٍسطى ً
اس
يموا ال ىٍوٍز ىف بًال ًٍق ٍس ً ىكىال ً ً ً ً
ىح ىس ين تىأٍ ًكيال ،) (كقاؿأَّىال تىطٍغى ٍوا في الٍمي ىاف .ىكأىق ي
الٍمست ًق ً ً
يم ذىل ى ىخ ٍيػ هر ىكأ ٍ ي ٍى
تي ٍ ًس يركا ال ًٍمي ىا ىف ،) (فاآليات تشتمل على األمر بإيفاء الكيل ،كالقسط يف الوزف كىذا من إتقاف
العمل.
كما اىتمت األحاديث النبوية الشريفة بالتأكيد على ىذا اؼببدأ ،فعن عبد اهلل بن عمر أف
رسوؿ اهلل قاؿ " :أال كلكم ر واع ككلكم مسئوؿ عن رعيتو ،فاإلماـ الذم على الناس ر واع كىو
مسئوؿ عن رعيتو ،كالرجل ر واع على أىل بيتو ،كىو مسئوؿ عن رعيتو ،كاؼبرأة راعية على أىل زكجها،
كىي مسئولة عنهم ،كعبد الرجل ر واع على ماؿ سيده ،كىو مسئوؿ عنو ،أال فكلكم راع ككلكم مسئوؿ
عن رعيتو"( )
2ػ ػ ػ عدـ استغالؿ عملو ككظيفتو في تحصيل المنافع :
العمل من أككد األمانات ،كمن أعظم الواجبات على العماؿ عدـ استغالؿ نفوذه ـ يف إعطاء
أحد ما ليس حقو ،أك منع أحد حقو ؛ فقد قاؿ ": من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا ،فما أخذ
بعد ذلك فهو غلوؿ "( ) ،كلذلك شدد اإلسالـ على ضركرة التعفف من استغالؿ النفوذ ،كشدد
على رفض اؼبكاسب اؼبشبوىة من الرشاكل كاستغالؿ اؼبنصب يف العمل كاعتبار ذلك من اؽبدايا اعبائزة،
كما كرد يف قصة ابن اللتبية ،أخرج أبو داككد بسنده عن أيب ضبيد الساعدم :أف النيب استعمل رجال
من األزد يقاؿ لو ابن اللتبية ػ ػ قاؿ ابن السرح ابن األتبية ػ ػ على الصدقة ،فجاء فقاؿ ىذا لكم كىذا
( ) ذكره اؽبيثمي يف ؾبمع الزكائد كمنبع الفوائد كقاؿ ركاه أبو يعلى كفيو مصعب بن ثابت كثقو ابن حباف كضعفو صباعة .باب
:نصح األجَت كإتقاف العمل (ؾبمع الزكائد )115/4كأخرجو أبو يعلى يف مسنده ( )349/7من مسند عائشة قاؿ كيف إسناده
لُت.
( ) سورة اإلسراء اآلية (.)35
( ) سورة الرضبن اآليتاف ()9 ،8
( ) أخرجو البخارم يف صحيحو ؾ:اعبمعة ،باب :اعبمعة يف القرل كاؼبدف ح (893صحيح البخارم )5/2من حديث ابن
عمر.
( ) أخرجو أبو داككد يف سننو ؾ :اػبراج كالفيء كاإلمارة،باب :يف أرزاؽ العماؿ ح(2943سنن أيب داككد )149/2كقاؿ
الشيخ األلباين :صحيح.
أىدم رل ،فقاـ النيب على اؼبنرب فحمد اهلل كأثٌت عليو كقاؿ " :ما باؿ العامل نبعثو فيجيء فيقوؿ
ىذا لكم كىذا أىدم رل أال جلس يف بيت أمو أك أبيو فينظر أيهدل لو أـ ال ؟ ال يأيت أحد منكم
بشيء من ذلك إال جاء بو يوـ القيامة إف كاف بعَتا فلو رغاء ،أك بقرة فلها خوار ،أك شاة تبعر " ،مث
رفع يديو حىت رأينا عفرة إبطيو ،مث قاؿ " اللهم ىل بلغت ،اللهم ىل بلغت "( ) .كىكذا نرل النيب
يف ىذا األمر الذم يفتح بابا عظيما من الفساد يف اجملتمع اؼبسلم من استغالؿ النفوذ كاؼبنصب يف
ربصيل اؼبنافع الشخصية ،كاعتبار ذلك من قبيل اؽبدية ،كأف اإلسالـ ال حيرـ قبوؿ اؽبدية ،مع معرفة
العامل أف ىذه اؽبدية ما جاءتو إال بسبب عملو ،فيشدد النيب على ىذا األمر ،كيعترب ذلك من
الغلوؿ الذم حياسب عليو صاحبو يوـ القيامة .
3ػ ػ التحلي باألمانة:
من الواجبات الالزمة على العامل كاػبادـ أف يكوف أمينا ،كقد دؿ القرآف الكرًن على ىذا
اىما يا أىب ً
ت ت إً ٍح ىد ي ى ى ى
الواجب ،ففي حديثو عن سيدنا موسى مع الرجل الصاحل قاؿ تعاذلقىالى ٍ
ت الٍ ىق ًو ُّ ً استىأ ً
ين ) (فقد اعتمدت يف طلب استئجاره على أمانتو، م ٍاألىم ي ٍج ٍر ى ٍج ٍرهي إً َّف ىخ ٍيػ ىر ىم ًن ٍ
استىأ ى ٍ
كقد قيل يف أمانتو أنو دل يطلع على عورة ؽبا ،فأكصاىا أف سبشي خلفو كتعرفو الطريق حبصاة ،ال أف
ديشي معها أك خلفها فينظر إذل عوراهتا ،كىكذا ينبغي أف يكوف العماؿ كاػبدـ مع أصحاب األعماؿ
كاؼبخدكمُت ،فال يطلعوف على عورات البيوت اليت ال يصح االطالع عليها ،كمن أمانة العامل كاػبادـ
أال يأخذ شيئا من ماؿ اؼبخدكـ أك صاحب العمل إال بطيب نفس منو كبعد معرفتو ،ككذلك عدـ إفشاء
أسرار العمل ،فقد يًتتب على إفشاء أسرار العمل ،أك بيوت اؼبخدكمُت ضرر يلحق برب العمل أك
صاحب البيت.
ىذه بعض الواجبات اليت جيب على العماؿ أف يلتزموا هبا أكجبها عليهم اإلسالـ،كما كفل ؽبم
حقوقهم.
ثالثا ػ ػ ػ حقوؽ العماؿ كالمست دمين:
لقد كفل اإلسالـ للعماؿ حقوقهم كحث أصحاب األعماؿ على أدائها كمن ىذه اغبقوؽ ما
يأيت :
( ) أخرجو أبو داككد ؾ :اػبراج كالفيء كاإلمارة ،باب :يف ىدايا العماؿ ح (2946سنن أيب داككد )149/2كصححو
الشيخ األلباين.
( ) سورة القصص اآلية (.)26
1ػ ػ إعطاء العامل أجره بمجرد الفراغ من عملو:
من أكؿ حقوؽ العامل إعطاؤه أجره بعد الفراغ من عملو ،كقد دؿ على ىذا اغبق القرآف
وريى َّن ،) ( ...كقاؿ أيضا ىكإً ٍف يج ى كالسنة ،قاؿ تعاذل يف شأف الرضاع فىً ٍف أ ٍىر ى ٍع ىن لى يك ٍم فى تي ي
وى َّن أ ي
أىر ٍدتيم أى ٍف تىستػر ً عوا أىكىال ىد ي م فى ىال جناح علىي يكم إًذىا سلَّمتم ما آتىػيتم بًالٍمعر ً
كؼ ىكاتَّػ يقوا اللَّوى ىكا ٍعلى يمواي ى ى ى ٍ ٍ ى ٍ ي ٍ ى ٍي ٍ ى ٍ ي ٍىٍ ي ٍ ٍ ى ٍ
صير ،) )فهاتاف اآليتاف يف شأف الرضاع دلت األكذل منهما على كجوب ىف اللَّوى بًما تىػ ٍعمليو ىف ب ً
أ َّ
ى ى ى
إعطاء األـ أجر الرضاعة بعد الطالؽ ،حيث كرد بصيغة األمر (ف توىن) ،كدلت اآلية الثانية على أنو ال
حرج على الوالدين أف يسًتضعوا ألكالدىم غَت أمهاهتم إذا كاف ذلك عن تراض منهما كتشاكر بشرط أف
يسلموا ؼبن سًتضعو أجرىا باؼبعركؼ ،كما دلت السنة على كجوب إعطاء العامل أجره قاؿ النيب :
فليسم لو أجرتو"( ). " أعطوا األجَت أجره قبل أف جيف عرقو "( ) ،كقاؿ أيضا":من استأجر أجَتان ٌ
كىذا اغبق من أعظم اغبقوؽ كأككدىا ،كالذم يًتتب على اإلخالؿ بو كثَت من اؼبشكالت بُت العامل
كاػبادـ مع رب العمل كاؼبخدكمُت ،كينبغي أف يكوف ىذا األجر عادالن ليس فيو ظلم لألجَت ،كال
استغالؿ غباجتو إذل العمل ،كأف يؤدمق صاحب العمل إذل العامل بعد انتهائو من العمل بدكف فباطلة كال
تسويف؛ ألف من استخدـ عامالن بغَت أجرة فكأنو استعبده ،كيف اغبديث عن أيب ىريرة قاؿ :قاؿ
رسوؿ اهلل " :قاؿ اهلل عز كجل :ثالثة أنا خصمهم يوـ القيامة كمن كنت خصمو خصمتو :رجل
أعطى يب مث غدر ،كرجل باع حران كأكل شبنو ،كرجل استأجر أجَتان فاستوىف منو كدل يوفو أجره) (".
كاهلل تعاذل خياصم الظاؼبُت صبيعا يوـ القيامة ،كلكنو خص ىؤالء الثالثة إشارة إذل قبح فعلهم
كللتغليظ عليهم ،كمن ىؤالء الثالثة " رجل استأجر أجَتا فاستوىف منو كدل يوفو أجره" أم اتفق مع عامل
على عمل ما ،فقاـ العامل دبا اتفقا عليو ،كاستوجب أجرتو ،كلكن صاحب العمل دل يوؼ باالتفاؽ ،
فمنعو أجرتو أك أنقصها ،فهذا يكوف خصيمان هلل تعاذل يوـ القيامة ،كقصة الثالثة الذم دخلوا الغار
فانطبق عليهم صخرة فلم يستطيعوا اػبركج ،حىت توسلوا إذل اهلل بصاحل أعماؽبم ،فكاف منهم رجال
استثمر للعامل أجرتو حىت جاء يطلبها فأعطاىا لو دبنافعها ،كما كرد يف اغبديث ":كقاؿ الثالث :اللهم
استأجرت أجراء كأعطيتهم أجرىم غَت رجل كاحد ترؾ الذم لو كذىب ،فثمرت أجره حىت كثرت منو
إرل أجرم ،فقلت :كل ما ترل من أجرؾ من اإلبل ً
األمواؿ ،فجاءين بعد حُت فقاؿ :يا عبد اهلل أد ٌ
( ) سورة الطالؽ من اآلية (.)6
) سورة اا قرة ن اآلية (.)233 (
( ) أخرجو ابن ماجة يف سننو ؾ :الرىوف ،باب :أجر األجراءح(2537سنن ابن ماجة )398/7من حديث عبد اهلل بن
عمر .كقاؿ اؽبيثمي يف ؾبمع الزكائد :ركاه الطرباين يف األكسط كفيو شرقي بن قطامي كىو ضعيف(.ؾبمع الزكائد .)114/4
( ) قاؿ الزيلعي يف نصب الراية ألحاديث اؽبداية يف كتاب اإلجارات :ركاه عبد الرزاؽ يف " مصنفو يف البيوع (.نصب الراية
.)175/4
( ) أخرجو البخارم ؾ :اعبمعة ،باب :إمث من منع أجر األجَت ح(2270صحيح البخارم.)90/3
كالبقر كالغنم كالرقيق ،فقاؿ :يا عبد اهلل ال تستهزئ يب ،فقلت :ال أستهزئ بك ،فأخذه كلو فاستاقو فلم
يًتؾ منو شيئا ،اللهم إف كنت فعلت ذلك ابتغاء كجهك ،فافرج عنا ما كبن فيو ،فانفرجت الصخرة
فخرجوا ديشوف"( ).
فعلى رب العمل أف حيدد للعامل أجر عملو مسبقا ،كأف ال يبخسو حقو ،كأف يكوف األجر
على قدر العمل ،كما أف العامل جيب عليو أف يقتصر على أخذ حقو فحسب ،فال ينبغي لو أف يطالب
صاحب العمل بأكثر فبا يستحق.
2ػ ػ أف ال يكلفو من العمل فوؽ طاقتو:
على رب العمل أف ال يكلف العامل أك اػبادـ فوؽ طاقتو ،فهو من البشر ،كينبغي أف ينظر إذل
ىذه الطاقة فال يشق عليو ،كقد دؿ على ذلك القرآف الكرًن ،قاؿ تعاذل حكاية عن الرجل الصاحل مع
اء اللَّوي ًم ىن ً ً
نيب اهلل موسي يف قصة إجارتو ىكىما أي ًري يد أى ٍف أى يش َّق ىعلىٍي ى ىستىج يدني إً ٍف ىش ى
ين ،) (كما دلت السنة اؼبطهرة على ذلك فعن اؼبعمور ابن سويد قاؿ " :رأيت أبا ذر َّ ً ً
الصالح ى
الغفارم كعليو حلٌة كعلى غالمو حلٌة ،فسألناه عن ذلك فقاؿ :ساببت رجالن فشكاين إذل رسوؿ اللٌو
،فقاؿ رل النيب "أعَتتو بأمو ؟! مث قاؿ :إخوانكم خولكم جعلهم اللٌو ربت أيديكم ،فمن كاف
أخوه ربت يده فليطعمو فبا يأكل ،كليلبسو فبا يلبس ،كال تكلفوىم ما يغلبهم،فإف كلفتموىم ما يغلبهم
فأعينوىم"( )
كيف اغبديث تقدًن كتأخَت يف قولو " إخوانكم خولكم" إذ أصلها خولكم إخوانكم ،كاػبوؿ
دؿ اغبديث على كجوب معاملة العامل كاػبادـ اػبدـ ،كذلك لالىتماـ بإثبات األخوة ؽبم ،كما ٌ
معاملة حسنة تليق ب دميتو بإطعامو من نفس طعامك ،ال كما نرل يف بعض اجملتمعات بأف يأكل بقايا
الطعاـ بعد أكل صاحب العمل ،ككذلك يلبسو فبا يلبس ،كال يكلفو من العمل ما يزيد على طاقتو.
كم ترل من اغبب بُت العامل أك اػبادـ كبُت صاحب العمل لو أننا اتبعنا ىذا اؼبنهج،
كنرل اإلخالص يف العمل كالتفاين من أجل مصلحة العمل ،كحب اػبَت لصاحب العمل،حُت يرل
العامل أك اػبادـ رب العمل أك اؼبخدكـ يقوـ معو ببعض األعماؿ البسيطة مساعدة لو ،حينها ال
يدخر العامل جهدا يف إسباـ العمل على أكمل كجو.
( ) أخرجو مسلم ؾ :الرقاؽ ،باب :قصة أصحاب الغار الثالثة كالتوسل بصاحل األعماؿ ح(7125صحيح مسلم .)89/8
( ) سورة القصص من اآلية (.)27
ًً ً ً اىلًيَّ ًة كىال ي ىكفَّر ً
اصي ًمن أىم ًر ٍ ً ( ) أخرجو البخارم ؾ :اإلدياف ،باب :الٍمع ً
صاحبيػ ىها بً ٍارت ىكاهبىا إًَّال بًالشٍِّرؾ ل ىق ٍوًؿ النً ِّ
َّيب اعبى ى ي ي ى ٍ ٍ ىى
ك لً ىم ٍن يى ىشاءي ح(30صحيح البخارم ى
اذل إً َّف اللَّو ىال يػ ٍغ ًفر أى ٍف ي ٍشرىؾ بًًو كيػ ٍغ ًفر ما دك ىف ىذلً
ى ى ي ي ى ىى ي ى ي اىًليَّةه ىكقىػ ٍوًؿ اللَّ ًو تىػ ىع ى
إًنَّك امرهؤ ًفيك ج ً
ى ٍي ى ى
.)15/1
3ػ ػ معاملة ال ادـ كالعامل معاملة حسنة:
على رب العمل أف تكوف معاملتو للعامل باإلحساف كالرفق كاللُت ،كأف ييراعى اهلل فيهم ،فال
فرؽ مطل نقا بُت خادـ كـبدكـ أماـ اهلل تعاذل ،كلنا يف رسوؿ اهلل القدكة اغبسنة ،فعن أنس قاؿ
علي شيئنا ُّ
أعلمو قاؿ رل قىط :دل فعلت كذا أك كذا ،كال عاب ٌ خدمت رسوؿ اهلل تسع سنُت فما ي ي ":
قط "( ) ،كحيكي أنس موق نفا لو مع رسوؿ اهلل يقوؿ :كاف النيب من أحسن الناس خل نقا ،
خرجت حىت ي يوما غباجة ،فقلت " :كاهلل ال أذىب ،كيف نفسي أف أذىب لًما أمرين بو نيب اهلل " فأرسلٍت ن
فنظرت إليو كىو
ي أمر على صبياف كىم يلعبوف يف السوؽ ،فإذا الرسوؿ قد قبض ب ىق ىفام من كرائي، َّ
أذىبت حيث أمرتيك ؟ " قاؿ أنس :قلت :نعم أنا أذىب يا رسوؿ اهلل ى أنيس،
يضحك ،كقاؿ " :يا ٍ
"( ).
أعظم من ىذا اللُت كالرفق الذم يعلمو رسوؿ اهلل ألمتو تعليما عمليا ،كلتنظر و و
أم رفق كلُت ي ي
إذل اؼبداعبة للغالـ كىو يقوؿ لو :يا أنيس كىو تصغَت أنس فال يعنفو كال يزجره ،كإَنا يعاملو معاملة
جم كبوه.كحب انٌ
حسنة ،كىذه اؼبعاملة اغبسنة تًتؾ أثران عظيما يف قلب ىذا اػبادـ ذباه ـبدكمو ،ان
فسمعت خلفي صوتان :اعلم أبا ي كعن أيب مسعود األنصارم قاؿ ":كنت أضرب غالمان رل،
فالتفت ،فإذا رسوؿ اهلل ، فقلت :يا ي مسعود ،اعلم أبا مسعود أ ٌف اهلل أقدر عليك منك عليو "
حر لوجو اهلل ،فقاؿ " :أما لو دل تفعل ،للفحتك النار ،أك ؼبستك النار"( ). رسوؿ اهلل ىو ه
ففي اغبديث كعيد شديد على سوء معاملة ىؤالء اػبدـ يف قولو " للفحتك النار" ،فعلى
صاحب العمل حسن اؼبعاملة للخدـ كالرفق هبم ،كال عيب كال نقص يف أف يعُت اؼبخدكـ خادمو يف
بعض األمور؛ ألف ذلك يلُت القلب ،كيرقق النفس كيزرع اؼبودة .
4ػ ػ الشفقة بالعماؿ كالمست دمين:
ينبغي لرب العمل أف يشفق على العماؿ كيساعدىم إذا احتاجوا إذل مساعدة ،كىذا منهج
نبوم فليكن أكؿ صدقتو بعد من تلزمهم نفقتو ىو خادمو فعن أيب ىريرة قاؿ :أمر النيب بصدقة
( ) أخرجو مسلم يف صحيحو ؾ :الفضائل ،باب :كاف رسوؿ اهلل أحسن الناس خلقا ح(6156صحيح مسلم
.)75/7
( ) أخرجو مسلم يف صحيحو ؾ :الفضائل ،باب :كاف رسوؿ اهلل أحسن الناس خلقا ح (6155صحيح مسلم
.)74/7
( ) أخرجو مسلم يف صحيحو ؾ :األدياف ،باب :صحبة اؼبماليك ككفارة من لطم عبده.ح (4396صحيح مسلم .)91/5
فقاؿ رجل :عندم دينار ،قاؿ :أنفقو على نفسك ،قاؿ :عندم آخر ،قاؿ أنفقو على زكجتك ،قاؿ:
عندم آخر ،قاؿ :أنفقو على خادمك ،قاؿ :عندم آخر؟ قاؿ أنت أبصر الفضل يف ذلك ( ).
كعن اؼبقداـ بن معدم كرب أنو ظبع رسوؿ اهلل يقوؿ :ما أطعمت نفسك فهو لك صدقة ،كما
أطعمت كلدؾ فهو لك صدقة ،كما أطعمت زكجتك فهو لك صدقة ،كما أطعمت خادمك فهو لك
صدقة ( ).
فنجد يف ىذين اغبديثُت أف النيب جعل اػبادـ فبن ييتصدؽ عليهم ،كقدمو يف الصدقة بعد
النفس كاألىل ،كىذا يدؿ داللة كاضحة على عناية اإلسالـ هبؤالء اػبدـ.
5ػ ػ العفو عن العماؿ كالمست دمين:
من الطبيعي أف العامل أك اػبادـ قد خيطئ ،كقد ربدث منهم ـبالفات تستحق العقوبة ،لكن
اإلسالـ رغب يف العفو عنهم إذا أخطأكا ،كذلك حبكمة كليس على اإلطالؽ فكما يقولوف :من أمن
العقوبة أساء األدب ،فال يعاقب دبجرد صدكر اػبطأ منو من أكؿ مرة ،ككل إنساف أدرل بعمالو
كخدمو ،كلقد كاف النيب هبديو كفعلو يعلمنا ذلك ؼعن عبد اهلل بن عمر ػ ػ ػ رضي اهلل عنهما ػ ػ ػ قاؿ:
رسوؿ اهلل ، ص ىمت عنو ي جاء رجل إذل ً
رسوؿ اهلل ،كم ٍأعفو عن اػبادـ؟ فى ى
رسوؿ اهلل ، فقاؿ :يا ى
كل يوـ سبعُت مرة "( ) رسوؿ اهلل ،كم ٍأعفو عن اػبادـ ؟ فقاؿٍ :اعف عنو َّ
مث قاؿ :يا ى
فيجب على صاحب العمل الصرب كاغبلم عليهم ،كالعفو عنهم عند اػبطأ كالزلل ،كما يحيرـ
و
بصفات ليست هبم ،كعلينا مناداهتم بأحب األظباء إليهم. علينا شتمهم كقذفهم
6ػ ػ التوا ع مع العامل كال ادـ:
التواضع من الصفات اػبيلقية اليت ينبغي للمسلم أف يتحلى هبا يف معاملتو مع صبيع الناس ،كمن
اح ى لً ىم ًن ً
باب أكذل مع عمالو كخدمو ،كقد حث اهلل عليو قاؿ تعاذل ـباطبا نبيو ىكا ٍخف ٍ ىجنى ى
ؼ يىأٍتًيآمنيوا ىم ٍن يىػ ٍرتى َّد ًم ٍن يك ٍم ىع ٍن ًدينً ًو فى ىس ٍو ى
ين ى
َّ ً
ين ،) (كقاؿ أيضا يىا أىيُّػ ىها الذ ى
اتَّػبػع ى ًمن ال ً ً
ٍم ٍؤمن ى
ىى ى ي
يل اللَّ ًو ىكىال
اى يدك ىف فًي ىسبً ً ىع َّةو علىى الٍ ىكافً ًرين يج ً اللَّو بًىقووـ ي ًحبُّػهم كي ًحبُّونىو أ ًىذلَّ وة علىى الٍم ٍؤًمنً ً
ى يى ين أ ى ى ي ى ي ٍ ي ي ٍ ىي ي
ً ً ً ًً ً ً
يم ،) (كما حث النيب يى ى افيو ىف لى ٍوىمةى ىالئ وم ذىل ى فى ٍ يل اللَّو ييػ ٍؤتيو ىم ٍن يى ىشاءي ىكاللَّوي ىكاس هع ىعل ه
( )أخرجو ابن حباف يف صحيحو ؾ :الزكاة ،باب :صدقة التطوع ح (3337صحيح ابن حباف )126/8قاؿ شعيب
األرناؤكط :إسناده حسن.
( ) أخرجو النسائي يف سننو (.)376/5
( ) أخرجو الًتمذم ؾ :الرب كالصلة ،باب :العفو عن اػبادـ ح (1949سنن الًتمذم )336/4قاؿ أبو عيسى ىذا حديث
غريب كقاؿ الشيخ األلباين :صحيح .
( ) سورة الشعراء اآلية (.)215
( ) سورة اؼبائدة اآلية (.)54
على التواضع كرغب فيو ككاف سيد اؼبتواضعُت ،فعن عياض ابن ضبا ور قاؿ :قاؿ رسوؿ اهلل " :
أحد" ( ). أحد ،كال يبغي أح هد على و إف اهلل أكحى إرل أف تواضعوا حىت ال يفخر أح هد على و
ٌ
ماؿ ،كما زاد اهلل عبدان بعف وو كعن أيب ىريرة أف رسوؿ اهلل قاؿ ":ما نقصت صدقةه من و
إال عزان ،كما تواضع أح هد هلل إال رفعو اهلل ،) (".كغَت ذلك من األحاديث.
ر ش فًي ٍاأل ٍىر ً
ر ىم ىر نحا إًنَّ ى لى ٍن تى ٍ ًر ىؽ ٍاأل ٍىر ى كما ّنى اهلل عن الكرب كذـ اؼبتكربين ،قاؿ تعاذل ىكىال تى ٍم ً
ش فًي ٍاأل ٍىر ً
ر ىم ىر نحا إً َّف اللَّوى ىال َّؾ لًلن ً
َّاس ىكىال تى ٍم ً ص ِّكع ٍر ىخد ى
وال ،) (كقاؿ ىكىال تي ى اؿ طي ن كلىن تىػ ٍبػلي ىغ ال ً
ٍجبى ى ى ٍ
اؿ فى ي وور ،) (كمعٌت تصعر خدؾ للناس أم :سبيلو كتعرض بو عن الناس تكربان ب ي َّل يم ٍ تى و يي ًح ُّ
عليهم .كاؼبرح :التبخًت.
مسعود عن النيب قاؿ: و كما دلت األحاديث على ذـ الكرب كاؼبتكربين فعن عبد اهلل بن
رجل :إف الرجل حيب أف يكوف ثوبو حسنان، و و
"ال يدخل اعبنة من كاف يف قلبو مثقاؿ ذرة من كرب ،فقاؿ ه
صبيل حيب اعبماؿ؛ الكرب بطر اغبق كغمط الناس"( ) .كمعٌت بطر اغبق: كنعلو حسنةن ؟ قاؿ :إف اهلل ه
دفعو كرده على قائلو ،كغمط الناس :احتقارىم.
كل
كعن سلمة بن األكوع رضي اهلل عنو أف رجالن أكل عند رسوؿ اهلل بشمالو ،فقاؿٍ :
بيمينك ،قاؿ :ال أستطيع ،قاؿ :ال استطعت ما منعو إال الكرب ،قاؿ :فما رفعها إذل فيو ( ).
كىب قاؿ :ظبعت رسوؿ اهلل يقوؿ :أال أخربكم بأىل النار ؟ :كل كعن حارثة بن و
اظ مستك ورب"( ) عتل جو و و
يف اعبباركف و
كعن أيب سعيد اػبدرم عن النيب قاؿ :احتجت اعبنة كالنار ،فقالت النارٌ :
يف ضعفاء الناس كمساكينهم .فقضى اهلل بينهما :إنك اعبنة رضبيت ،أرحم بك كاؼبتكربكف ،كقالت اعبنةٌ :
علي ملؤىا" ( ). من أشاء ،كإنك النار عذايب ،أعذب بك من أشاء ،كلكليكما ٌ
( ) أخرجو مسلم يف صحيحو ؾ :اعبنة كصفة نعيمها ،باب :الصفات اليت يعرؼ هبا يف الدنيا أىل اعبنة كأىل
النار.ح (7389صحيح مسلم )160/8
( ) أخرجو مسلم يف صحيحو ؾ :الرب كالصلة كاألدب ،باب :استحباب العفو كالتواضع ح (6757صحيح مسلم
.)21/8
( ) سورة اإلسراء اآلية (.)37
( ) سورة لقماف اآلية (.)18
( ) أخرجو مسلم يف صحيحو ؾ :اإلدياف ،باب :ربرًن الكرب كبيانو ح(275صحيح مسلم .)65/1
( ) أخرجو مسلم يف صحيحو ؾ :األشربة ،باب :آداب الطعاـ كالشراب كأحكامهما ح(5387صحيح مسلم .)109/6
( ) أخرجو البخارم يف صحيحو ؾ :التفسَت ،تفسَت سورة القلم ح (4634صحيح البخارم )1870/4كمعٌت جواظ:
شديد الصوت يف الشر متكرب ـبتاؿ يف مشيتو.
كؼبا كاف للتواضع ىذه اؼبكانة اغبسنة ،كلنقيضو كىو الكرب ىذه الدرجة من الذـ ،حرص اإلسالـ على
التحلي بالتواضع يف معاملة الناس ،كأكذل الناس هبذا اغبق العامل كاػبادـ ،كاؼبؤمن حريص على ما يقربو
كرب ككأنو قد اشًتاه دبالو،
من ربو ،فال ييشعر ىذا اػبادـ أك العامل أنو عبد عنده كفبلوؾ لو كيتكلم معو ب
كإَنا يتواضع يف تعاملو معو بأف يأكل معو ،أك يشرب معو ،فهذا فبا يرفع الركح اؼبعنوية عند العامل ،
يضن دبجهوده يف العمل كالقياـ بو على أمت كجو ،كلذلك رغب فيو النيب فعن أيب ىريرة كجيعلو ال ي
قاؿ :قاؿ رسوؿ اهلل " ما استكرب من أكل معو خادمو "( ).
7ػ ػ تعليمهم أمور دينهم:
علي صاحب العمل أف يعلم العامل كاػبادـ أمور دينو كالصالة كالصياـ ،كيعلمو ؿباسن
األخالؽ ،كذلك ينهاه عن البدع كاؼبنكرات ،كقد يكوف العامل أك اػبادـ غَت مسلم فيدعوه صاحب
العمل إذل اإلسالـ ،كيعاملو معاملة إسالمية تكوف سببان يف إسالمو.
كمن األمور الدينية اليت ينبغي لرب العمل أف يعلمها العامل أك اػبادـ ،عدـ اػبلوة باػبادمة من
اؼبخدكـ أك النظر إليها ؛ فإّنا أجنبية عنو أجَتة عنده ،كىي أمانة يف عنقو ،فهي داخلة يف عموـ األمر
بغض البصر ،كالنهي عن اػبلوة باؼبرأة األجنبية ،كذلك ال زبلو اؼبرأة خبادمها كال تتكشف لو ،فهذه من
األمور الدينية اؼبهمة اليت جيب على صاحب العمل أف يعلمها للعامل أك اػبادـ ،كترؾ تعليمها كعدـ
االىتماـ هبا يكوف لو أثر عظيم يف فساد كثَت من البيوت ،كظهور فنت كثَتة نسأؿ اهلل أف حيفظ بيوت
اؼبسلمُت منها.
ىذه بعض حقوؽ العماؿ كاؼبستخدمُت يف اإلسالـ ،كعلى اؼبسلم أف يراقب اهلل يف ىؤالء
العماؿ كاؼبستخدمُت كأف حيرص جاىدا على إعطائهم حقوقهم بقدر ما يستطيع.
أصل اإلسالـ للعماؿ كاػبدـ من اغبقوؽ ،كشرع ؽبم من اآلداب ما يتناسب كىكذا نرل كيف َّ
مع إنسانيتهم كالرضبة هبم.
( ) أخرجو مسلم يف صحيحو ؾ :اعبنة كصفة نعيمها كأىلها ،باب :النار يدخلها اعبباركف كاعبنة يدخلها الضعفاء
ح(7355صحيح مسلم .)151/8
( ) أخرجو البخارم يف األدب اؼبفرد باب :الكرب ح ( 550األدب اؼبفرد )194/1كقاؿ الشيخ األلباين :حسن.