Professional Documents
Culture Documents
اللامركزية
اللامركزية
لغة :تعني التفريق والتوزيع أو التشتيت ،ونقول شيئ غير مرتكز أي غير متوازن أو متع دد
المراكز اصطالحا :تختلف النظرة إلى مفهوم الالمركزية نظرا لتباين االستراتيجيات المتبع ة
من طرف الشركات ،إذ تعرف الالمركزية بأنها ":أي فعل تقوم الش ركة ع بره بنق ل الس لطة
والمسؤولية رسميا إلى فاعلين وأجهزة تابعة للشركة على مستوى أدنى" ،1ويعرفه ا ال دكتور
أحمد غنيم على أنها " توزيع السلطة بين أف راد الجه از اإلداري ومس توياته في الش ركة عن
2
طريق السماح بتفويض هذه السلطة إلى المستويات اإلدارية األدنى منها".
وتهدف الالمركزي ة اإلداري ة كأس لوب من أس اليب التنظيم اإلداري إلى توزي ع س لطة اتخ اذ
القرارات بين عدة أجه زة إداري ة إلى ج انب الس لطة المركزي ة ،وإن ه ذه الجه ات اإلداري ة
المستقلة األصل ال تتبع السلطة المركزية كسلطة رئاسية لها ،إال أنها تخضع لنوع من الرقابة
3
واإلشراف من قبلها ،وذلك من خالل ما يعرف بالوصاية اإلداري.
ولقد تعددت التعاريف التي تناولت مفهوم الالمركزية ،تبعا لوجه ة نظ ر الفقه اء والمفك رين،
والشك أن اختالف الجوانب التي يهتمون بها ،واألهداف التي يرمون إلى تحقيقها ،ت دعو إلى
التعرف على بعض هذه التعاريف ذات العالقة بمفهوم نظ ام الالمركزي ة في الش ركات وكم ا
تع رف بأنه ا" :أس لوب من أس اليب التنظيم اإلداري ،تق وم على فك رة توزي ع األنش طة
والواجبات بين األجه زة المركزي ة واألجه زة الفرعي ة أو ذات المس توى األدنى في الش ركة
وذلك بغرض أن تتفرغ األولى للتخطيط والسعي لتحقيق األهداف المسطرة للشركة وتحس ين
أدائها الوظيفي.كذلك الالمركزية تعني التشتيت الجغرافي ،بمعنی توزیع ف روع الش ركة على
أماكن متفرقة ،ومن ناحية درجة تفويض سلطة اتخ اذ الق رارات على المس تويات التنظيمي ة،
تميل المنظمة إلى األخذ بأسلوب الالمركزية بزي ادة درج ة تف ويض الس لطة .ويعرفه ا (عب د
الوه اب) الالمركزي ة فهي انتش ار ص الحية اتخ اذ الق رارات في أك ثر من جه ة أو إدارة أو
) 1عبد الوهاب ،على محمد۱۹۸۲( ،م) :مقدمة في اإلدارة ،معهد اإلدارة العامة ،الرياض.
) سلمان ولد حم دون ،الالمركزي ة اإلداري ة ومس اهمتها في التنمي ة المحلي ة ،دراس ة نش رت بت اريخ 6/ 8 /2007على 2
الموقعwww.edarb.com :
) 3د .أحمد محمد غنيم ،اإلدارة العامة ،كلية التجارة ،جامعة المنصورة ،الطبعة األولى ،2002ص .162
شخص ،وكلما كان هناك تفويض للسلطات للمستويات اإلدارية المختلفة ،فإن هذا يعني زيادة
1
الالمركزية.
ثانيا :أركان الالمركزية:
تع د الالمركزي ة اإلداري ة من أس اليب اإلدارة ال تي تتبعه ا الش ركات في مباش رة وظائفه ا
اإلداري ة ،تق وم على أس اس توزي ع الوظيف ة اإلداري ة بين اإلدارة المركزي ة أو العلي ا وبين
اإلدارة المتوس طة ال تي يمثله ا م ديري األجه زة واألقس ام ،واإلدارة التنفيذي ة ال تي يمثله ا
2
المشرفون والمراقبون في الشركة ،يقوم النظام الالمركزي في الشركات على ركنين هما:
-1 وجود هيئات وأجهزة مستقلة :
ويقصد بهذا الركن أن هذه الهيئات أو األجهزة إستقلت عن السلطة المركزية أو اإلدارة العلي ا
للشركة ،وهذا اإلستقالل يخولها حق إتخاذ القرار وتسيير ش ؤونها بي دها دون ت دخل الجه از
المرك زي ،وه ذا ال ركن يمنح اإلدارة المركزي ة فرص ة التف رغ إلدارة الش ؤون الداخلي ة
والخارجية للش ركة ،ويخ ول اإلس تقالل اإلداري له ذه الهيئ ات إص دار الق رارات اإلداري ة،
والبث النه ائي في العدي د من المس ائل دون الرج وع للس لطات المركزي ة ،كم ا يش مل ه ذا
االستقالل المالي ،إذ له أهمية كبيرة جدا ،فاستقالل الهيئات الالمركزية ماليا يمكنه ا من تنفي ذ
مشاريعها وقراراتها التنموية دون حاجة للرجوع الى اإلدارة العليا للشركة.
-2 خضوع األجهزة المس تقلة لوص اية اإلدارة العلي ا للش ركة :لعل ه اتض ح لن ا مم ا تق دم ان
الالمركزية نظام وسط فال يترتب عليها الخضوع والتبعية والعالقة الرئاسية بين اإلدارة العيا
للشركة والوحدة االداري ة المس تقلة ،الن اإلدارة العلي ا كم ا راين ا تش كل مظه را من مظ اهر
النظام المركزي و ال يترتب عليها االستقالل التام والمطل ق عن األجه زة والهيئ ات المس تقلة
في الشركة ،الن ال مفر من ربط الجهاز المس تقل بالجه از المرك زي و اداة الرب ط هي نظ ام
الوصاية ،إذ أن االستقالل ال يصل الى حد اإلنفصال المطلق والى اعدام ك ل عالق ة بين ه ذه
األجهزة المستقلة واإلدارة العليا للشركة ،بل تظل العالقة قائمة بينهما بموجب نظام يع رف بـ
(الوصاية االدارية).
ثالثا:مزايا وعيوب الالمركزية:
) 1محمد سليم العروي ،نظرات حول الديمقراطية ،ط( 1عمان :دار وائل للنشر والتوزيع ،)2000 ،ص 77 .
) 2عبد الوهاب علي محمد ،مقدمة في اإلدارة ،مرجع سابق.
-1مزايا الالمركزية:
إن الالمركزية اإلدارية في الشركات عدة مزايا نذكر منها:
تخفي ف الع بئ عن االدارة المركزي ة ،بنق ل وتحوي ل كث ير من المه ام الى الهيئ ات
الالمركزية لتتف رغ األولى للقض ايا ذات األهمي ة بالنس بة للش ركة ،أي إعف اء اإلدارة
العليا للشركة من الضغط الرائد عليها.
الس رعة والمرون ة في البث في األعم ال وح ل المش كالت وت رك األخط اء وس هولة
عملية االتصال وفاعليتها حيث يتم االتصال مباشرة دون تعقيدات.
تحسين الوظيفة اإلدارية حيث تس ير أقس ام الش ركة من ط رف أش خاص لهم مص الح
متميزة مباشرة وحقيقية ،مما ي دفعهم الى زي ادة االهتم ام لتلبي ة االحتياج ات الخاص ة
بقسمهم في أو اإلبداع وتحسين األداء في التسيير.
كما أن توفر المعلومات والمعطيات لدى أقسام الشركة والهيئات الالمركزية بها يجعل
القرارات على المستوى المركزي مبنية على معلومات متكاملة صحيحة.
تفرغ المديرين للقرارات الهامة ،وعدم انشغالهم بالمشكالت الفرعية.
اتخاذ قرارات أفضل ،ألن متخذ القرار إذا كان يعايش المش كلة فه و أق در من الم دير
الذي ال يعرف تفاصيلها.
تدريب المديرين والرؤساء على المستويات األقل.
تحق ق الالمركزي ة مب دأ هام ا من مب ادئ التنظيم وه و ت وازن جمي ع أقس ام الش ركة
والمستويات.
رف ع ال روح المعنوي ة للم ديرين والرؤس اء في المس تويات اإلداري ة المختلف ة نتيج ة
لشعورهم بالمشاركة اإليجابية.
زي ادة حم اس أعض اء المس تويات اإلداري ة المختلف ة ورغبتهم واهتم امهم بح ل
المشكالت التي تواجههم ،وبالتالي ظهور األفكار الجديدة والحلول المبتكرة.
مخاطر القرارات الضعيفة أو الخاطئة موزع ة ،فهي ت ؤثر على إدارة واح دة أو قس م
1
واحد بدال من التأثير على الشركة كلها أو عدد كبير من اإلدارات.
) 1عبد الوهاب ،علي محمد ( ،)1980الفعالية اإلدارية ،ندوة المدير ،معهد اإلدارة العامة ،الرياض ،ص.91
-2عيوب الالمركزية:
أم ا عن عي وب نظ ام الالمركزي ة فال تنش أ في الحقيق ة إال نتيج ة لس وء تطبيق ه ،ففي حال ة
ض عف أو انع دام رقاب ة الس لطة المركزي ة يخش ى أن تس يء الهيئ ات الالمركزي ة اس تخدام
سلطاتها ،أو تفضيل المصلحة الخاصة على المصلحة العامة ،و قد يؤدي ض عف اإلمكاني ات
الفنية أو المالية لألقسام الالمركزية إلى فشل هذه الس لطات ورداءة أعماله ا ،1ويمكن إجم ال
بعض العيوب ألسلوب الالمركزية اإلدارية في الشركات تتمثل في:
تناقض أو عدم اتساق القرارات المتخذة.
ازدواج الخدمات التي تستلزمها اإلدارات المختلفة وزيادة التكاليف.
قد يحس المديرون بعدم أهمية االستشارات التي يقدمها المتخصصون ،أو عدم الحاجة
إليها.
صعوبة الرقابة ،وضعف الروابط مع اإلدارة العليا.
أن نظ ام الالمرك زي ي ؤدي إلى تش ديد في الم ال الع ام وذل ك من خالل الزي ادة في
النفقات العمومية ،حيث أن االعتراف ألقس ام وهيئ ات الش ركة على اختالف أنواعه ا
باالستقالل المالي ي ؤدي بالض رورة إلى زي ادة في النفق ات ومن ه الزي ادة في ص رف
خزينة الشركة ألموال ضخمة
ي ؤدي تط بيق الالمركزي ة إلى نش وب التن افر والمنازع ات وق د ي ترتب على نظ ام
الالمركزي ة ،العم ل على خل ق التناب ذ والتن افر بين الهيئ ات الالمركزي ة والس لطات
المركزية في الشركة أو بين الهيئات الالمركزية ذاتها.
) 1ماجد راغب الحلو ،القانون اإلداري ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية-مصر ،1996 ،ص .101
من األسباب التقليدية إلتباع أسلوب المركزية رغبة الرئيس اإلداري أو المدير الع ام للش ركة
في مباشرة السلطة اإلدارية بنفسه نظرا لحبه له ا واس تئثاره به ا وع دم ثقت ه في مس اعديه أو
مديري الوحدات اإلدارية األدنى أيا كانت أسباب عدم الثقة الرغبة في توحيد أس اليب وأنم اط
النشاط والعمل اإلداري في مختلف أقسام الشركة وأجهزتها ،وهذه الرغب ة تتحق ق من ج راء
االعتماد على مصدر مركزي واحد في إص دار الق رارات ال تي تك ون ملزم ة لجمي ع أج زاء
الجهاز اإلداري .يتم اللج وء إلى األس لوب المرك زي نتيج ة العتب اره الوس يلة األمث ل لتنفي ذ
خطط التنمية الشاملة ،ذلك أن التغيرات االقتصادية التي تمر بها الشركة واقتص اد الدول ة في
مسيرة نموها وتطورها ،تس توجب ت وفر رؤي ة مس تقبلية ش املة ،وتتطلب نوع ا من التوجي ه
والسيطرة والرقابة المركزية على مختلف أجهزة وأقسام الشركة ،وهذا طبعا ال يمكن توف يره
1
إال من خالل إتباع درجة عالية من المركزية.
:2عوامل اتخاذ الالمركزية:
إن اتساع حجم التنظيمات اإلدارية يستدعي األخذ بأس لوب الالمركزي ة ،فعن دما تتن وع مه ام
الشركة وتتعدد أهدافها ووظائفها ،ويتسع نطاق ال دور ال ذي تق وم ب ه ،ويتض خم نتيج ة ل ذلك
جهازها اإلداري ،ويتعقد بناؤه ،فإن الالمركزية تفرض نفسها في كثير من األحي ان كأس لوب
اإلدارة وتسيير األجهزة واألقسام الضخمة في الشركة التي يقع عليها أداء هذه المهام ،والقيام
بهذا الدور ،فكلما توسع الجهاز اإلداري وتشعب وتعقد ،يصبح من الص عب تس ييره بأس لوب
المركزية ،وتصبح الالمركزية أحد عوامل رفع كفاءة هذا الجهاز وفعاليته من خالل تف ويض
المس تويات األدنى في ه لبعض الس لطات والص الحيات في اتخ اذ الق رار المناس ب ت ؤدي
الالمركزية إلى مواجهة مشاكل إدارة التنظيم بسرعة ،والتصدي لحسمىاألمور باتخاذ الق رار
المالئم لمواجهة المواقف المختلفة تؤدي الالمركزية إلى تدعيم التعاون بين األقس ام المختلف ة
في التنظيم اإلداري للشركة فيما يتعلق بأداء وظائفها وتحقي ق أه دافها ،كم ا تعم ل على رف ع
2
الروح المعنوية ،وخلق روح المبادرة ،والقضاء على الروتين ومقاومات تنفيذ البرامج.
) 1أحمد محيو ،محاضرات في المؤسسات اإلدارية ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،2006 ،ص .113
) حسين فريجه ،شرح القانون اإلداري ،دراسة مقارنة ،الطبعة الثاني ة ،دي وان المطبوع ات الجامعي ة ،الجزائ ر،2010. ، 2
ص 143و.144
لقد استقطب مفهومي المركزية والالمركزية اإلدارية المعاصرين اهتمامات الباحثين ،نظ را
لما تتمت ع ب ه ه ذين الظ اهرتين من مكان ة علمي ة في الفك ر الق انوني واإلداري والسياس ي،
بالنظر إلى كون هذين المفهومين عبارة عن إطار فكري له قدرة تحليلية وبنية منهجية تساعد
على تفكيك هذا الموضوع الى بحث مدروس عديد الجوانب ،والوقوف على مواطن الض عف
والقوة فيهما ،وله ذا أص بح مفه وم المركزي ة والالمركزي ة المعاص ر من أهم المف اهيم ال تي
ظهرت في الواقع اإلداري ،وسارعت الشركات والمؤسسات والمنظمات الدولية والحكوم ات
إلى االهتمام به ،باعتباره أساس إصالح األنظمة اإلدارية فيها ،وفي األخير نص ل إلى الق ول
أن التنظيم االداري فعال يعد من األجه زة الفعال ة في أي منظم ة أو ش ركة عام ة أو خاص ة،
نظ را الرتباط ه باألس لوب ال ذي تتخ ذه في كيفي ة تنظيم هيئاته ا اإلداري ة ،من أج ل التس يير
الحسن للهيئات اإلدارية واألقسام المختلفة ،أما بالنس بة للمركزي ة اإلداري ة كنظ ام إداري في
الشركات ،جس دت فعال تجمي ع النش اط اإلداري وحص ره في ي د س لطة إداري ة واح دة وهي
المدير العام للشركة أو رئيس مجلسها اإلداري ،بواسطة موظفين يمثلونها ويعمل ون لحس ابها
و يخضعون لسلطتها الرئاسية ،أما عن الالمركزية اإلدارية فق د أص بحت الي وم أساس ا متين ا
1
تقوم عليه الشركات الحديثة ونظاما إداريا لتسيير شؤونها.
) العكيلي ،عبد األمير عبد العظيم1992( ،م) :مباديء اإلدارة العامة ،مدخل بيئي وسياسي .الجامعة المفتوحة ،ليبي ا ،ص 1
.164