Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 21

‫‪UNIVERSITE HASSAN II‬‬ ‫جامعة الحسن الثاتي‬

‫‪DE CASABLANCA‬‬ ‫بالدار البيضاء‬


‫*****‬ ‫*****‬
‫‪Faculté des Sciences Juridiques,‬‬ ‫كلية العلوم القانونية‪ ،‬االقتصادية واالجتماعية‬
‫‪Économiques et Sociales‬‬ ‫عين السبع‬
‫‪Ain sebâa‬‬ ‫*****‬
‫****‬

‫بحث حول موضوع‪:‬‬

‫الحكامة في األسواق العامة‬

‫من إنجاز‪:‬‬
‫أسماء مهل‬
‫سعد خيار‬
‫بدر الدين إيزاكي‬
‫هشام الخالدي‬

‫تحت إشراف‪:‬‬
‫األستاذ مصطفى الحشلوفي‬

‫العام األكاديمي‪2021/2022 :‬‬


‫الفهرس‬

‫مقدمة‬
‫المطلب االول‪ :‬الحكامة في األسواق‬
‫تعريف الحكامة‬
‫مفهوم الحكامة الرشيدة‬
‫بعض مؤشرات سوء اإلدارة في المشتريات العامة‬
‫بعض مؤشرات الحكم الرشيد في المشتريات العامة‪H‬‬
‫عوائق تطبيق الحكامة‪ H‬الجيدة‬
‫ممارسة الحكم الرشيد‬
‫الحكامة‪ H‬والتنمية البشرية‬
‫الحكامة‪ H‬والالمركزية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحكامة الترابية‬


‫مفهوم الحكامة الترابية‬
‫منطلقات الحكامة الترابية‬
‫مبادئ الحكامة‪ H‬الترابية‬
‫إكراهات الحكامة‪ H‬الترابية‬

‫آليات الحكامة الترابية‬


‫أسس الحكامة الترابية‬
‫مقاربات الحكامة الترابية‬

‫خاتمة‬
‫مقدمة‬

‫أمام التحوالت الكبرى االقتصادية والسياسية واالجتماعية التي م‪HH‬يزت الس‪HH‬نوات األخ‪HH‬يرة وأم‪HH‬ام حجم‬
‫التحديات والرهانات الجديدة التي يعرفها المغرب‪ ،‬وجدت الدولة نفسها مدعوة ليس فق‪HH‬ط لمتابع‪HH‬ة جهوده‪HH‬ا في‬
‫مجال التنمية وتطوير‪ H‬التجه‪HH‬يزات األساس‪HH‬ية ب‪HH‬ل أيض‪HH‬ا للقي‪HH‬ام بمه‪HH‬ام أخ‪HH‬رى ذات أهمي‪HH‬ة خاص‪HH‬ة وهي تش‪HH‬جيع‬
‫وتقوية اإلدارة المحلية بشقيها المعينة في إطار االل تمركز والمنتخبة في إط‪HH‬ار الالمركزي‪HH‬ة‪ ،‬فلتحقي‪HH‬ق التنمي‪HH‬ة‬
‫الشمولية المستدامة والمنشودة أصبحت المراهنة أكثر من أي وقت مضى على المستوى‪ H‬الترابي‪ ،‬أو ما يسمى‬
‫بالمقاربة الترابية في التنمية‪ ،‬بعد أن أثبتت المقاربة المركزية فشلها‪ H‬وعدم قدرتها‪ H‬على تحقيق متطلبات التنمية‬
‫الحقيقية‪ .‬وفي‪ H‬هذا السياق فإن الدولة المغربية مدعوة للقيام بمجموعة من الصالحات المحلي‪HH‬ة وس‪HH‬ن العدي‪HH‬د من‬
‫االستراتيجيات‪ H‬على جميع األصعدة والمستويات اإلدارية‪ ،‬االقتص‪HH‬ادية‪ ،‬السياس‪HH‬ية‪ ،‬االجتماعي‪HH‬ة والثقافي‪HH‬ة ذل‪HH‬ك‬
‫باعتبار سياسة عمومية محلية متماسكة وشاملة قوامها االل مركزية الحقيقي‪HH‬ة واالل تمرك‪HH‬ز الفع‪HH‬ال‪ ،‬وفي ه‪HH‬ذا‬
‫الصدد برز دستور ‪ 2011‬كمحطة حاسمة في إبراز أهمية الجماعات الترابية من خالل القوانين التنظيمية‪.‬‬
‫فمنذ ما يزي‪HH‬د عن عق‪HH‬د من الزم‪HH‬ان أص‪HH‬بحت الدول‪HH‬ة والمنظم‪HH‬ات والهيئ‪HH‬ات الوطني‪HH‬ة والدولي‪HH‬ة تت‪HH‬داول‬
‫بمناسبة تدبيرها‪ H‬ألنشطتها وتقديمها‪ H‬لخدماتها مصطلحا أو مقاربة جديدة لتدبير‪ H‬الشأن العام أو الخ‪HH‬اص ويتعل‪HH‬ق‬
‫األمر بالحكامة‪.‬‬
‫مفهوم الحكامة يندرج من جهة‪ ،‬ضمن شبكة مفاهيمية كونه يرتبط‪ H‬ارتباطا‪ H‬عميقا من المفاهيم من قبيل‬
‫مفهوم التنمية‪ ،‬مفهوم المجتمع المدني‪ ،‬مفهوم المواطنة‪ ،‬مفهوم دولة الحق والقانون ومن جهة ثانية‪ ،‬ف‪HH‬إن له‪HH‬ذا‬
‫المفهوم سيرورة تاريخية‪ ،‬حيث ارتبط بكيفية إدارة الدول‪ ،‬الحكومات للشأن العام‪.‬‬
‫لذلك أصبح لفظ "حكامة" يفيد مع‪HH‬نى الرقاب‪HH‬ة‪ ،‬التوص‪HH‬ية والت‪HH‬دبير وأص‪HH‬بح منظ‪HH‬رو‪ H‬الليبرالي‪HH‬ة الجدي‪HH‬دة‬
‫يلحون على أن المقصود بالحكامة ه‪HH‬و الجم‪HH‬ع بين الرقاب‪HH‬ة من األعلى‪ ،‬الدول‪HH‬ة والرقاب‪HH‬ة من األس‪HH‬فل‪ ،‬المجتم‪HH‬ع‬
‫المدني‪.‬‬
‫ويعرف الخبراء والمختصون‪ H‬هذا المفهوم بأنه تعبير عن ممارسة السلطة السياس‪HH‬ية وإدارته‪HH‬ا لش‪HH‬ؤون‬
‫المجتمع موارده المالية والمادية والبشرية‪ .‬ولكن تجدر اإلشارة في هذا الصدد إلى أن هذا التعريف‪ H‬ق‪HH‬ديم‪ ،‬ألن‪HH‬ه‬
‫يركز ويدل فقط على آليات ومؤسسات تشترك‪ H‬في صنع القرار‪ ،‬الشيء الذي جع‪HH‬ل ه‪HH‬ذا التعري‪HH‬ف يط‪HH‬رأ علي‪HH‬ه‬
‫تطور بحيث أصبح مفهوم الحكامة يعني حكم تقوم به قيادات سياس‪HH‬ية ومنتخب‪HH‬ة وأط‪HH‬ر إداري‪HH‬ة لتحس‪HH‬ين نوعي‪HH‬ة‬
‫حياة المواطنين وتحقيق رفاهيتهم‪ H،‬وذلك برضاهم وعبر مشاركتهم‪ H‬ودعمهم‪.‬‬
‫منهجية البحث‪:‬‬
‫في هذا البحث‪ ،‬ركزن‪H‬ا‪ H‬على المن‪HH‬اهج الوص‪HH‬فية والتحليلي‪HH‬ة‪ ،‬م‪HH‬ع األخ‪HH‬ذ في االعتب‪HH‬ار الحكام‪HH‬ة الترابي‪HH‬ة‬
‫كهيكل قابل للتغيير والتطوير‪.‬‬
‫مشكلة البحث‪:‬‬
‫ان مسألة الحكامة موضوع‪ H‬واسع‪ ،‬وسيتناول ه‪HH‬ذا البحث الموض‪HH‬وع من خالل اإلجاب‪HH‬ة على المش‪HH‬اكل‬
‫التي يطرحها‪ H‬والتي يمكن تلخيص‪HH‬ها‪ H‬إلى مش‪HH‬كلة اساس‪HH‬ية م‪TT‬ا هي مس‪TT‬تجدات الحكام‪TT‬ة في التنمي‪TT‬ة الترابي‪TT‬ة في‬
‫المغرب؟‬
‫تثير هذه اإلشكالية العديد من التساؤالت الفرعية‬
‫ماهي مكونات الحكامة الترابية؟‬
‫ماهي اإلكراهات والمنطلقات للحكامة الترابية‬
‫يتم ذلك الى تقسيم الموضوع‪ H‬إلى موضوعين رئيسيين‪ :‬المطلب األول يتجلى في الحكامة في األسواق‬
‫سوف نتطرق‪ H‬الى تعريف الحكامة المبادئ‪ H‬األساسية للحكومة الرشيدة مؤش‪HH‬رات س‪HH‬وء اإلدارة والحكم الرش‪HH‬يد‬
‫في المشتريات العامة عوائق تطبيق الحكامة الجيدة‪.‬‬
‫أما المحور الثاني حول الحكامة الترابية (مفهوم الحكامة الترابية منطلقات الحكامة الترابي‪HH‬ة اكراه‪HH‬ات‬
‫الحكامة الترابية اليات الحكامة الترابية واسسها)‪.‬‬
‫المطلب االول‪ :‬الحكامة في األسواق‬
‫تعريف الحكامة‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫يعكس مفهوم الحكامة اإلطار المرجعي الكلي أو مصدر‪ H‬ومرجع المسلمات المعرفية والفلسفية لسياسة‬
‫وتوجه ما‪ ،‬فهناك من يرى أن مصطلح الحكامة في اللغة العربية مشتق من كلمة حكم‪ ،‬بمعنى الفص‪HH‬ل في أم‪HH‬ر‬
‫أو نزاع بين طرفين‪ ،‬ومصدره الحكم‪ ،‬وه‪HH‬و المنط‪HH‬وق الص‪HH‬ادر عن ش‪HH‬خص أو هيئ‪HH‬ة حاكم‪HH‬ة‪ ،‬في حين ي‪HH‬ذهب‬
‫البعض اآلخر إلى أن المصطلح الحكامة مشتق من كلمة الحكمة‪ ،‬مم‪HH‬ا ي‪HH‬تيح المج‪HH‬ال العتباره‪H‬ا‪ H‬مب‪HH‬ادئ س‪HH‬امية‬
‫وهكذا تضم اشتقاقات مصطلح الحكامة كل المفردات نسق الحكم المعاصر تقريبا وتقييمه على دعائم نبيل‪H‬ة من‬
‫العلم‪ ،‬العدل‪ ،‬الحكمة‪ ،‬التمثيل والمساءلة‪ ،‬وتبقى هذه المفاهيم تشمل أسس وجوهر الحكم‪.‬‬
‫فالحكام‪HH‬ة اذن هي دع‪HH‬وة ص‪HH‬ريحة إلى تج‪HH‬اوز حال‪HH‬ة اللات‪HH‬وازن الن‪HH‬اتج عن أحادي‪HH‬ة ص‪HH‬نع الق‪HH‬رار دون‬
‫مراعاة المنطق العلمي المؤسس على عناصر المش‪HH‬اركة في مختل‪HH‬ف مراح‪H‬ل إع‪HH‬داد المش‪HH‬روع‪ H‬من التش‪HH‬خيص‬
‫الى البرمجة والتنفيذ ثم التقييم والمحاسبة في إطار سيرورة تمتاز بالشفافية والعقالنية‪.‬‬
‫مفهوم الحكامة الرشيدة‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫الحكامة الرشيدة هي ممارسة السلطة السياسية واالقتصادية واإلدارية إلدارة شؤون الدولة على جميع‬
‫المستويات‪ .‬ومن ثم فهي تشمل العمليات واآلليات والمؤسسات‪ H‬التي من خالله‪H‬ا يعبّ‪H‬ر المواطن‪HH‬ون والجماع‪HH‬ات‬
‫المتنوعة عن مصالحهم‪ ،‬ويمارسون حقوقهم‪ ،‬ويوافقون على السالم ومع الجميع‪ ،‬منازعاتهم وصراعاتهم‪.‬‬
‫المشتريات العامة هي مقياس مناسب لقياس درجة التزام الحكومة بالحكم الرشيد‪.‬‬
‫المبادئ األساسية للحكومة الرشيدة في المشتريات العامة‬
‫‪ -‬حرية الوصول إلى المشتريات‪ H‬العامة‪.‬‬
‫‪ -‬معاملة المرشحين على قدم المساواة‪.‬‬
‫‪ -‬شفافية االجراءات‪.‬‬
‫بعض مؤشرات سوء اإلدارة في المشتريات العامة‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫الفساد‪ :‬أي شخص يقدم أو يمنح أو يطلب أو يقبل‪ ،‬بشكل مباشر أو غير مباش‪HH‬ر‪ ،‬أي م‪HH‬يزة به‪HH‬دف الت‪HH‬أثير على‬
‫تصرفات موظف‪ H‬عمومي أثناء منح العقد أو تنفيذه‪.‬‬
‫التكتيكات االحتيالية‪ :‬أي شخص يشوه أو يحذف أو يحرف الحقائق من أجل التأثير على منح العقد أو تنفيذه‪.‬‬
‫ممارسات التواطؤ‪ H:‬نظام أو ترتيب بين اثنين أو أكثر من مقدمي العطاءات‪ ،‬سواء كان المقترض على علم ب‪HH‬ه‬
‫أم ال‪ ،‬ويهدف إلى تثبيت األسعار‪ H‬على مستويات‪ H‬مصطنعة وغير تنافسية‪.‬‬
‫الممارسات القسرية‪ :‬الضرر أو التهديد بإلحاق ضرر مباشر‪ H‬أو غير مباش‪HH‬ر باألش‪HH‬خاص أو ممتلك‪HH‬اتهم‪ H‬به‪HH‬دف‬
‫التأثير على مشاركتهم‪ H‬في عملية الشراء أو التأثير على أداء العقد‪.‬‬
‫بعض مؤشرات الحكم الرشيد في المشتريات العامة‪:‬‬ ‫‪.4‬‬
‫اخالق مهنية‪:‬‬
‫يجب احترام سلوك اإلنسان‪ .‬إن‪HH‬ه مج‪HH‬ال فلس‪HH‬في ينعكس على القيم المختلف‪HH‬ة مث‪HH‬ل الوج‪HH‬ود‪ H‬أو الظ‪HH‬روف‬
‫المعيشية أو مفاهيم الخير أو العادات أو األخالق‪.‬‬
‫في مجال المشتريات العامة‪ ،‬تضمن األخالقيات اإلنصاف‪ H‬وتضمن الش‪H‬فافية‪ .‬ومن هن‪H‬ا ت‪H‬أتي مص‪H‬لحة‬
‫مدونة األخالق‪.‬‬
‫الشفافية‪:‬‬
‫الش‪HH‬فافية في المش‪HH‬تريات العام‪HH‬ة تع‪HH‬ني التط‪HH‬بيق الع‪HH‬ادل والص‪HH‬ارم لإلج‪HH‬راءات المعروف‪HH‬ة ال‪HH‬تي تش‪HH‬كل‬
‫حصريًا األساس للقرارات المتعلقة بإرساء العقود وتنفيذها‪ .‬تعزز الشفافية مص‪HH‬داقية اإلدارة وتس‪HH‬اهم في تلبي‪HH‬ة‬
‫طلب السكان‪ ،‬بالنوعية والكمية الكافية‪ ،‬ال سيما من حيث المعدات الجماعية والبنية التحتية العامة‪.‬‬
‫محاربة الفساد‪:‬‬
‫الفساد هو تحريف أو اختالس عملية أو تفاعل مع شخص أو أكثر بهدف الحصول على مزاي‪HH‬ا أو س‪HH‬لطات‬
‫معينة بالنسبة للمفسد أو إلفساده‪ .‬يؤدي‪ H‬إلى إثراء الفاسدين أو إثراء المنظمة المفسد‪.‬‬

‫عوائق تطبيق الحكامة الجيدة‪:‬‬ ‫‪.5‬‬


‫الحكامة الرش‪H‬يدة هي نتيج‪H‬ة وترجم‪H‬ة مباش‪H‬رة لتب‪H‬ني سياس‪H‬ة الالمركزي‪H‬ة ووض‪H‬ع‪ H‬إط‪H‬ار ق‪H‬انوني يمنح‬
‫الفاعل السياسي‪ H‬واالقتصادي والمدني‪ H‬الشروط المناسبة لتحقيق المش‪HH‬اركة والعدال‪HH‬ة والش‪HH‬فافية واإلدم‪HH‬اج‪ ،‬وإذا‬
‫الدول قد تبنت إطارا قانونيا ومؤسساتيا‪ H‬متطورا‪ H‬نسبيا لتفعيل الالمركزية والالتركيز‪ ،‬فإنها تع‪HH‬رف‪ H‬ال‪HH‬وفرة في‬
‫المعيق‪HH‬ات ال‪HH‬تي تح‪HH‬ول دون التواص‪HH‬ل الفع‪HH‬ال بين القم‪HH‬ة واله‪HH‬رم‪ ،‬واالنتق‪HH‬ال من الديمقراطي‪HH‬ة التمثيلي‪HH‬ة إلى‬
‫الديمقراطية التشاركية‪ ،‬ومن بين العوائق‪ H‬نجد‪:‬‬

‫عوائق مؤسساتية‪ :‬أي ما يش‪HH‬وب المؤسس‪HH‬ات الوطني‪HH‬ة والجهوي‪HH‬ة والمحلي‪HH‬ة خاص‪HH‬ة‪ ،‬من غم‪HH‬وض بينه‪HH‬ا وبين‬
‫المؤسسات المدنية والمجتمعات‪ H‬المحلية‪.‬‬
‫عوائق اجتماعية وسياسية‪ :‬ممثلة في طريقة اختي‪HH‬ار الم‪HH‬وظفين السياس‪HH‬يين للجماع‪HH‬ات المحلي‪HH‬ة وال‪HH‬تي تعت‪HH‬بر‬
‫األحزاب السياسية المسئول األول عنها‪.‬‬
‫عوائق منهجية‪ :‬ممثلة في االنحرافات‪ H‬السياسية المسجلة لدى الهيئات التمثيلية‪ ،‬الض‪HH‬عيفة التك‪HH‬وين‪ .‬وم‪HH‬ا يزي‪HH‬د‬
‫من عرقلة آلية الحكامة ألداء دورها‪ ،‬يمكن تلخيصه في الجانب التقني الممث‪H‬ل في عملي‪H‬ات التقطي‪H‬ع ذات البع‪H‬د‬
‫األمني والتي أنتجت بهدف التمكن من المراقبة والتأطير‬
‫ممارسة الحكم الرشيد‪:‬‬ ‫‪.6‬‬
‫في االسواق العامة‪ ،‬تعتبر الرشوة ممارسة غير مشروعة يعاقب عليها القانون‪:‬‬
‫القانون رقم ‪ 20-2011‬المؤرخ ‪ 12‬أكتوبر ‪ 2011‬بشأن مكافحة الفساد والجرائم األخرى ذات الصلة‬
‫وجمهورية بنين‪.‬‬
‫القانون رقم ‪ 02-2009‬الم‪H‬ؤرخ ‪ 7‬أغس‪H‬طس ‪ 2009‬بش‪H‬أن ق‪H‬انون المش‪H‬تريات‪ H‬العام‪H‬ة ووف‪H‬ود‪ H‬الخدم‪H‬ة‬
‫العامة في جمهورية بنين‪.‬‬
‫إنشاء قنوات معلومات لمكافحة الغموض‪:‬‬
‫نظام المعلومات هو الدعامة األساسية للشفافية‪ .‬يجب أن تك‪HH‬ون المعلوم‪HH‬ات متاح‪HH‬ة بس‪HH‬هولة للش‪HH‬ركات‬
‫وأن تكون متاحة في الوقت المحدد‪ ،‬مما يتيح لها الوقت الكافي‪ H‬إلعداد وتقديم العط‪HH‬اءات في المواعي‪HH‬د النهائي‪HH‬ة‬
‫المحددة في وثائق العطاء‪.‬‬
‫يجب أن تحت‪HH‬وي وث‪HH‬ائق المناقص‪HH‬ة على معلوم‪HH‬ات كامل‪HH‬ة تتعل‪HH‬ق على وج‪HH‬ه الخص‪HH‬وص بقواع‪HH‬د لعب‪HH‬ة‬
‫المنافسة‪ ،‬ويجب أن تكون األخيرة موضوعية ومكتوبة ومفهومة من قبل الجميع‪.‬‬
‫إبعاد حواجز المنافسة‪:‬‬
‫يجب على السلطات المتعاقدة أن تحدد بشكل كامل وحيادي‪ H‬االحتياجات التي يجب تلبيتها‪.‬‬
‫يتم تحديد الحاجة بشكل كامل عندما يتم وصفها‪ H‬بدقة من خالل اإلشارة‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬إلى الخي‪H‬ارات‬
‫المرغوبة و ‪ /‬أو المتغيرات المقبولة‪ ،‬وكذلك الفصل إلى الكثير‪ ،‬إذا كانت ه‪HH‬ذه الص‪HH‬يغة ت‪HH‬وفر‪ H‬مزاي‪HH‬ا‪ ،‬ال س‪HH‬يما‬
‫من حيث الكفاءة واالقتصاد الوطني‪H.‬‬
‫ثقافة النزاهة‪:‬‬
‫لن يقوم الوكالء في اإلدارة والمؤسسات‪ H‬العامة والشركات العامة أبدًا باستبدال‪ H‬خدماتهم بأرب‪HH‬اح نقدي‪HH‬ة‬
‫أو عينية‪.‬‬
‫س ‪H‬يُطلب منهم اإلبالغ عن أي موق‪HH‬ف من ش‪HH‬أنه أن يض‪HH‬عهم في موق ‪H‬ف‪ H‬تض‪HH‬ارب المص‪HH‬الح وإخط‪HH‬ار‬
‫انسحابهم رسميًا‪H.‬‬
‫س‪HH‬وف‪ H‬يقص‪HH‬رون العق‪HH‬ود خ‪HH‬ارج البورص‪HH‬ة ودع‪HH‬وات المناقص‪HH‬ات بم‪HH‬وجب إج‪HH‬راءات الط‪HH‬وارئ على‬
‫الحاالت المنصوص عليها في اللوائح‪.‬‬

‫حق االستئناف‪:‬‬
‫يجب على مقدمي العطاءات‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون لهم قنوات للطعن في حالة عدم االمتثال لإلجراءات المعمول بها إلصالح أي ضرر‪ H‬يلحق بهم‪.‬‬
‫‪ -‬التأكد من التسوية الودية للنزاعات‪ ،‬وعند الضرورة‪ ،‬اللجوء إلى التحكيم‪.‬‬
‫‪ -‬االمتناع عن تقديم طعون تافهة أو بسوء نية تهدف فقط إلى عرقلة اإلجراءات‪.‬‬
‫رقابة فعالة على منح العقود العامة وتنفيذها‪:‬‬
‫تتمث‪HH‬ل مراقب‪HH‬ة العق‪HH‬ود العام‪HH‬ة في التحق‪HH‬ق من مطابق‪HH‬ة أو تواف ‪H‬ق‪ H‬األعم‪HH‬ال أو العملي‪HH‬ات المنف‪HH‬ذة م‪HH‬ع المع‪HH‬ايير‬
‫المنصوص عليها في اللوائح‪.‬‬
‫يجب على السلطات المتعاقدة‪:‬‬
‫‪ -‬ضمان التشغيل المنتظم لخدمات الرقابة الداخلية‪.‬‬
‫‪ -‬اتخاذ جميع اإلجراءات المفيدة الستفزاز تدخل أجهزة الرقابة الخارجية‪ ،‬إذا لزم األم‪HH‬ر‪ ،‬س‪HH‬واء بش‪HH‬كل إداري‬
‫أو قضائي‪ H،‬مع الحرص على الحفاظ على التوازن بين متطلبات الرقاب‪HH‬ة ومتطلب‪HH‬ات الكف‪HH‬اءة‪ .‬تطب‪H‬ق‪ H‬العقوب‪HH‬ات‬
‫المنصوص عليها في اللوائح على مرتكبي األخطاء في منح العقود العامة أو تنفيذها‪.‬‬
‫فاعلية إجراءات ترسية العقود العامة وتنفيذها‪:‬‬
‫السلطة المتعاقدة‪:‬‬

‫‪ -‬اتخاذ إجراءات بسيطة من المحتمل أن تؤدي إلى وقت قصير‪H.‬‬


‫‪ -‬إسناد إدارة النظام‪ H‬إلى وكالء محترفين‪H.‬‬
‫‪ -‬تصميم‪ H‬وتعميم الوثائق‪ H‬والملفات اإلجرائية القياسية‪.‬‬
‫‪ -‬ضمان المعالجة الجادة والسداد الفوري للفواتير والكشوف من أصحاب العقود‪.‬‬
‫الطرف المقابل‪:‬‬
‫‪ -‬االحترام‪ H‬الصارم لاللتزامات التي تم التعهد بها من حيث التخطيط والتنظيم‪.‬‬
‫‪ -‬اإلبالغ دون تأخير عن أي حادث أو حدث غير متوقع‪ H‬يحتمل أن يؤدي إلى تمديد الموعد النهائي‪.‬‬
‫‪ -‬ضمان جودة الخدمات‪.‬‬
‫الحكامة والتنمية البشرية‪:‬‬ ‫‪.7‬‬
‫ال شك أن مبادرة التنمية البشرية التي جاءت لتضع هذا المفهوم في سياقاته السياسية الجديدة منذ أن‬
‫نادت به األمم المتحدة منذ ما يربو على أكثر من ‪ 15‬س‪//‬نة‪ ٬‬وض‪//‬عت من خالله‪//‬ا المنظوم‪//‬ة الدولية‪ ٬‬األس‪//‬س‬
‫والمرتكزات لتأهيل انسان األلفية الثالثة‪ ٬‬باعتبار أن هذا األخ‪//‬ير يبقى ه‪//‬و ال‪//‬ثروة الحقيقي‪//‬ة ألي بلد‪ ٬‬فق‪//‬درات‬
‫البلدان تقاس اليوم على أساس ثروتها البشرية وما تمتلكه حقيق‪/‬ة من طاق‪//‬ات بش‪/‬رية مؤهل‪/‬ة ومدرب‪//‬ة وكف‪/‬ؤة‪٬‬‬
‫قادرة على الخلق والتفاعل مع كافة األوضاع‪ /‬بفعالي‪//‬ة ونجاع‪//‬ة‪ .‬لق‪//‬د آمنت البل‪//‬دان المتقدم‪//‬ة من‪//‬ذ زمن بأهمي‪//‬ة‬
‫االنسان وقدراته غير المحدودة في الخلق واالبداع‪ ٬/‬فتبنت أسس الديموقراطي‪//‬ة وأرس‪//‬ت قيم الحري‪//‬ة والعدال‪//‬ة‬
‫االجتماعية‪ ٬‬وأعلت من قيمة الفرد وأهميته في صنع الغد‪.‬‬
‫«البشر هم الثروة الحقيقية لألمم‪ ٬‬وما التنمية البشرية سوى توسيع خيارات البشر» ظل هذا الشعار‪/‬‬
‫الذي رفعته األمم المتحدة أحد أهم المرتكزات التي قامت عليها فلسفة مقاربة المشروع االنساني‪ /‬كذات منتجة‬
‫وفاعلة في شتى المجاالت‪ ٬‬فلم يقتصر مفهوم التنمية البشرية على تأهيل القدرات البشرية في جوانب مح‪//‬ددة‬
‫كتحسين الخ‪//‬دمات االجتماعي‪//‬ة والمعرفي‪//‬ة وتحقي‪/‬ق مس‪//‬توى معين من العيش الك‪//‬ريم‪ ٬‬ب‪//‬ل أص‪/‬بحت تمت‪/‬د الى‬
‫االس‪//‬تفادة من مه‪//‬ارات وق‪//‬درات االنس‪//‬ان في مج‪//‬االت العم‪//‬ل من خالل توف‪//‬ير‪ /‬ف‪//‬رص االب‪//‬داع االنس‪//‬اني‬
‫والمساهمة الفاعلة في النشاطات االقتصادية والسياسية واالجتماعية في اطار مقاربة شمولية للتنمية‪.‬‬
‫فمفهوم التنمية البشرية اذن يشمل مناحي مختلفة من حياة األفراد تتفاعل فيه سياقات وأبع‪//‬اد مختلف‪//‬ة‬
‫تجاوز ما هو ذاتي نفعي محض الى ما هو مجتمعي مركب‪ ٬‬انها ترسيخ للقيم المحف‪//‬زة على العم‪//‬ل والداعي‪//‬ة‬
‫الى ضرورة تحقيق التق‪//‬دم في ش‪//‬تى المي‪//‬ادين‪ .‬ومن الواض‪//‬ح أن مفه‪//‬وم الحكام‪//‬ة تط‪//‬ور‪ /‬م‪//‬وازاة م‪//‬ع تط‪//‬ور‪/‬‬
‫مفهوم التنمية‪ .‬السيما لما انتقل محور االهتمام من الرأسمال البشري‪ /‬الى الرأسمال االجتماعي ثم الى التنمي‪//‬ة‬
‫االنسانية‪ .‬وظهر‪ /‬بجالء عندما أضحت التنمية مرتبطة بالتكامل بين النشاط االجتماعي ‪ ٬‬االقتصادي‪ ٬‬السياسي‬
‫‪ ٬‬الثقافي والبيئي ومستندة على العدالة في التوزيع والمشاركة‪.‬‬
‫وتعتبر التنمية البشرية ركيزة أساسية للتنمية الشاملة وقيمة مضافة لبناء صرح مجتمع ديم‪//‬وقراطي‬
‫حداثي وشرط ضروري لتجذير المواطنة وتفعيل حقوق اإلنسان ولتكريس دولة الحق والق‪//‬انون‪ .‬إن مركزي‪//‬ة‬
‫مفهوم التنمية البشرية وتعقد ارتباطاته بالحكامة الديموقراطية والتنمي‪//‬ة الش‪//‬املة تط‪//‬رح إش‪//‬كالية تقاطعاتهم‪//‬ا‪،‬‬
‫خاصة في الدول الصاعدة مثل المغرب‪ ،‬التي راهنت على الليبرالية االقتصادية والتعددية السياسية واالنتقال‬
‫الديموقراطي‪ ،‬ولكنها الزالت تعاني من مش‪//‬اكل في تنميته‪//‬ا البش‪//‬رية‪ ،‬حيث احت‪//‬ل المغ‪//‬رب الرتب‪//‬ة ‪ 123‬من‬
‫أصل ‪ 177‬دولة خالل سنة ‪ 2004‬حسب التقرير الدولي للتنمية البشرية ‪ 2006‬الصادر‪ /‬عن برن‪//‬امج األمم‬
‫المتح‪///‬دة للتنمية‪ ٬‬كم‪///‬ا أن‪///‬ه يع‪///‬اني من ‪ %55‬من األمي‪///‬ة و‪ %15‬من س‪///‬كانه النش‪///‬يطين‪ .‬فعلى ال‪///‬رغم من‬
‫االنجازات المحققة‪ ،‬مازالت بالدنا تعاني من العج‪//‬وزات االجتماعي‪//‬ة والعج‪//‬وزات الديموقراطي‪//‬ة والمرتبط‪//‬ة‬
‫بالنوع االجتماعي وك‪//‬ذا من ض‪//‬عف االن‪//‬دماج ال‪//‬داخلي والخ‪//‬ارجي‪ /‬لهياكل‪//‬ه االقتص‪//‬ادية‪ .‬وه‪//‬ذه مجموع‪//‬ة من‬
‫العوامل التي تهدد تماسكه االجتم‪//‬اعي واس‪//‬تقراره ال‪//‬داخلي‪ ،‬وتعي‪//‬ق إقالع‪//‬ه االقتص‪//‬ادي وتس‪//‬اهم في تعطي‪//‬ل‬
‫انتقاله الديموقراطي‪.‬‬
‫الحكامة والالمركزية‪:‬‬ ‫‪.8‬‬
‫يمكن حصر مفه‪//‬وم الالمركزي‪//‬ة في تف‪//‬ويت ج‪//‬زء مهم من س‪//‬لطة اتخ‪//‬اذ وتنفي‪//‬ذ الق‪//‬رارات اإلداري‪//‬ة‬
‫بإمكانيات وموارد‪ /‬محلية لفائدة الجماعات والجهات‪ ،‬لضمان اتخاذ قرارات فعالة ومجدية ت‪//‬راعي المتطلب‪//‬ات‬
‫المحلية وتأخذ بعين االعتبار معطيات الواقع المتخذة لفائدته‪.‬‬
‫أما االترك‪/‬يز‪ ،‬فه‪/‬و تف‪//‬ويت ج‪/‬زء مهم من س‪/‬لطة ص‪/‬نع الق‪//‬رار إلى جه‪/‬ات محلي‪/‬ة خاض‪//‬عة للس‪//‬لطة‬
‫المركزي‪//‬ة ال‪//‬تي تظ‪//‬ل هي المتحكم‪//‬ة في س‪//‬لطة التوجي‪//‬ه واإللغ‪//‬اء‪ ،‬وبعب‪//‬ارة أخ‪//‬رى يقص‪//‬د ب‪//‬االتركيز‪ /‬نق‪//‬ل‬
‫اختصاصات ال‪//‬وزراء إلى بعض م‪/‬وظفي‪ /‬المص‪/‬الح الخارجي‪//‬ة أو إلى العم‪//‬ال‪ ،‬أو إلى بعض م‪//‬وظفي اإلدارة‬
‫المرك‪//‬زي‪ .‬إال أن المالح‪//‬ظ ه‪//‬و أن اإلدارة الجهوي‪//‬ة ال ت‪//‬زال تع‪//‬رف تع‪//‬ثرا كب‪//‬يرا في تط‪//‬بيق الالمركزي‪//‬ة‬
‫واالتركيز‪ ،‬نظرا للهيمنة التي الزال يحض بها النظ‪//‬ام المرك‪//‬زي في تس‪//‬يير ش‪//‬ؤون البالد‪ ،‬وبالت‪//‬الي فتط‪//‬بيق‬
‫نظام االتركيز والالمركزية يتطلب مجموعة من المبادرات من أهمها‪ :‬توزي‪//‬ع الس‪//‬لطة والوس‪//‬ائل بين اإلدارة‬
‫المركزية والمصالح الخارجية وبين الدول‪/‬ة والجماع‪/‬ات المحلي‪/‬ة‪ .‬القي‪/‬ام بإص‪/‬الح إداري يس‪/‬تجيب لمتطلب‪/‬ات‬
‫االتركيز ويلبي حاجيات المواطنين‪ .‬وض‪/‬ع االترك‪/‬يز في مقدم‪/‬ة األولي‪/‬ات ض‪/‬من ب‪/‬رامج التنمي‪/‬ة االجتماعي‪/‬ة‬
‫واالقتصادية‪.‬‬
‫توسيع مبدأ تقريب اإلدارة من المواطنين ليشمل الوقوف‪ /‬عند مشاكلهم‪ ،‬ويتعلق األمر بإعداد التراب‬
‫الوطني وفك العزلة عن العالم القروي‪ .‬ان خيار الالمركزية والفضاء المحلي كمشروع‪ /‬مجتمعي مستقل ق‪//‬ائم‬
‫على المشاركة الشعبية يتطلب جملة من السياس‪//‬ات والمقوم‪//‬ات السياس‪//‬ية والتمويلي‪//‬ة واالداري‪//‬ة‪ .‬ولع‪//‬ل البع‪//‬د‬
‫األكثر أهمية الرتباط‪ /‬الالمركزية بالنهوض بالتنمية البشرية يأتي من خالل الكفاءة االنتاجية بمعناه‪//‬ا الواس‪//‬ع‬
‫ومن التمكن من وضع أليات المساءلة والمحاس‪//‬بة والح‪/‬د من ال‪/‬روتين وتط‪//‬بيق مب‪//‬دأ الش‪//‬فافية في المع‪/‬امالت‬
‫والحد من مظاهر الفساد االداري والمالي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحكامة الترابية‬

‫مفهوم الحكامة الترابية‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫من‪H‬ذ م‪H‬ا يزي‪H‬د عن عق‪H‬د من ال‪HH‬زمن‪ ،‬أص‪H‬بحت ال‪H‬دول والمنظم‪H‬ات‪ H‬والهيئ‪H‬ات الوطني‪HH‬ة والدولي‪H‬ة تت‪H‬داول‬
‫بمناسبة ت‪HH‬دبيرها ألنش‪HH‬طتها وتق‪HH‬ديمها لخ‪HH‬دماتها‪ ،‬مص‪H‬طلحا‪ H‬أو مقارب‪H‬ة جدي‪H‬دة لت‪H‬دبير الش‪HH‬أن الع‪H‬ام أو الخ‪HH‬اص‪،‬‬
‫ويتعلق األمر بالحكامة الجيدة‪ .‬ويقصد بالحكامة الجيدة‪ ،‬التدبير األمثل والعقالني والموضوعي‪ H‬لش‪HH‬ؤون الدول‪HH‬ة‬
‫والجماعات الترابية‪ ،‬وكذا للمؤسس‪HH‬ات والهيئ‪HH‬ات الخاض‪HH‬عة للنظ‪HH‬ام الخ‪HH‬اص‪.‬وق‪H‬د‪ H‬تم اللج‪HH‬وء إلى ه‪HH‬ذه المقارب‪HH‬ة‬
‫التدبيرية أواخر القرن الماضي‪ H‬وبداية األلفية الثالثة‪ ،‬بع‪HH‬دما ظه‪HH‬ر عج‪HH‬ز األس‪HH‬اليب القديم‪HH‬ة في ت‪HH‬دبير األم‪HH‬ور‪،‬‬
‫فكانت النتيجة ظهور اختالالت وتفاوتات عميقة على المستوى المجالي‪ ،‬وفقدان االنسجام والتآزر بين مختلف‬
‫الفئات االجتماعية للبلد الواحد‪.‬‬
‫يعت‪HH‬بر موض‪HH‬وع‪ H‬الحكام‪HH‬ة الترابي‪HH‬ة من أهم المواض‪HH‬يع‪ H‬ال‪HH‬تي اس‪HH‬تأثرت باهتم‪HH‬ام المجتمع‪HH‬ات الحديث‪HH‬ة‪،‬‬
‫باعتبارها اإلط‪H‬ار األمث‪H‬ل لبل‪H‬ورة اس‪H‬تراتيجية جدي‪H‬دة ق‪H‬ادرة على بن‪H‬اء ص‪H‬رح التنمي‪H‬ة المجتمعي‪H‬ة ال‪H‬تي قوامه‪H‬ا‪H‬‬
‫الحكامة واالستدامة‪ .‬والحديث عن الحكامة الترابي‪HH‬ة كمفه‪HH‬وم يقتض‪H‬ي األم‪HH‬ر ض‪HH‬رورة اعتم‪H‬اد مقارب‪HH‬ة تفكيكي‪H‬ة‬
‫أجزائه وتناول كل جزء على حدة بالدراسة والتحليل‪ .‬فالحكامة الترابية إذن مركبة من مصطلحين "الحكام‪HH‬ة"‬
‫و"الترابية" لذلك سنحاول‪ H‬تناول كل مصطلح على ح‪HH‬دة من أج‪HH‬ل تحدي‪HH‬د تعري‪HH‬ف أك‪HH‬ثر ت‪HH‬دقيقا للمفه‪HH‬ومين مع‪HH‬ا‬
‫"الحكامة الترابية"‬
‫منطلقات الحكامة الترابية‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫تعتبر الحكامة الترابية في المغ‪HH‬رب كه‪HH‬دف مبتغى من جمي‪HH‬ع السياس‪HH‬ات العمومي‪HH‬ة والمحلي‪HH‬ة لمس‪HH‬تقبل‬
‫واعد تنتظره جميع المكونات الكونية من سياسيين وأكاديميين‪ ،‬بل جميع المواطنين‪ ،‬إح‪HH‬دى النت‪HH‬ائج المس‪HH‬تهدفة‬
‫من الجهوية المتقدمة واال تمركز الواسع‪ .‬إال أن هذا المبتغى ال يمكن تحقيقه إال بدعم الجماع‪HH‬ات الترابي‪HH‬ة ب‪HH‬رد‬
‫االعتبار ألسلوب التركيز‪ H‬اإلداري‪.‬‬
‫إن الت‪HH‬دابير‪ H‬المطلوب‪HH‬ة لتفعي‪HH‬ل مس‪HH‬اهمة اال تمرك‪HH‬ز اإلداري ب‪HH‬المغرب في التنمي‪HH‬ة الترابي‪HH‬ة ليس‪HH‬ت تل‪HH‬ك‬
‫اإلجراءات أو ردود األفعال الروتينية التي كانت مألوفة دائما في هذا المج‪HH‬ال ب‪HH‬ل الب‪HH‬د من إص‪HH‬الحات حقيقي‪HH‬ة‬
‫وجوهرية ولعل أبرز تلك االصالحات ه‪HH‬و تأهي‪HH‬ل المص‪HH‬الح اال مركزي‪HH‬ة لتك‪HH‬ون مح‪HH‬ورا فعلي‪HH‬ا لك‪HH‬ل الوظ‪HH‬ائف‬
‫التنفيذية والمحلية داخل النطاق الترابي الذي تزاول في‪H‬ه نش‪HH‬اطها‪ .‬ل‪HH‬ذا يجب العم‪HH‬ل على تنمي‪H‬ة اإلدارة الترابي‪H‬ة‬
‫للدولة أوال بمنحها الوسائل المالية والبشرية الضرورية للقيام بمهامها‪.‬‬
‫ولع‪HH‬ل من ش‪HH‬أن إج‪HH‬راء ن‪HH‬وع من الحركي‪HH‬ة وإع‪HH‬ادة االنتش‪HH‬ار بين م‪HH‬وظفي اإلدارة المركزي‪HH‬ة وم‪HH‬وظفي‪H‬‬
‫المصالح المركزية أن يمكن اإلدارة الترابية للدولة من كفاءات عليا وطاق‪HH‬ات‪ H‬حيوي‪HH‬ة فهي في نفس ال‪HH‬وقت أداة‬
‫تؤدي إلى التجديد والتخفيف‪ H‬من التباطؤ‪ H‬الذي كثيرا ما تؤاخذ عليه اإلدارة الترابية للدولة‪.‬‬
‫إن تحقيق التنمي‪HH‬ة الترابي‪H‬ة ال يمكن اختزاله‪H‬ا في مج‪HH‬رد إص‪H‬دار نص‪HH‬وص قانوني‪HH‬ة جدي‪H‬دة تض‪HH‬اف إلى‬
‫النصوص الموجودة‪ ،‬وال في تفريغ هياكل إدارية إلى ج‪H‬انب المت‪HH‬وفرة‪ .‬ب‪HH‬ل ال ب‪H‬د من رؤي‪H‬ة ش‪H‬مولية ومنهجي‪H‬ة‬
‫علمية دقيقة ذات أهداف مدروسة ومسطرة‪ .‬وبناء عليه ومن أجل النهوض بالمقارب‪HH‬ة الترابي‪HH‬ة للتنمي‪HH‬ة وجعله‪HH‬ا‬
‫فعالة أصبح من الضروري اعتماد منهجية علمية وتنظيمية في اإلدارة المحلية المتعلقة بال تمركز‪.‬‬
‫مبادئ الحكامة الترابية‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫يمكن تلخيص مب‪HH‬ادئ الحكام‪HH‬ة الترابي‪HH‬ة أساس‪HH‬ا في القواع‪HH‬د اآلتي‪HH‬ة‪ :‬مب‪HH‬دأ المقارب‪HH‬ة الترابي‪HH‬ة‪ ،‬مب‪HH‬دأ الثانوي‪HH‬ة‬
‫الفاعلة‪ ،‬تنظيم‪ H‬التعاون والتعاضد بين الفاعلين المحلين‪ ،‬تطبيق الش‪HH‬رعية والمش‪HH‬روعية‪ ،‬المب‪HH‬دأ الع‪HH‬ام والش‪HH‬امل‬
‫للمسؤولية‪:‬‬
‫مبدأ المقاربة الترابية‪ :‬ينطلق هذا المبدأ من األهمية التي أص‪H‬بح يحوزه‪H‬ا‪ H‬ال‪H‬تراب المحلي‪ ،‬ه‪H‬ذا التح‪H‬ول‬
‫في االنتقال من سياسة المركزية إلى سياسة الالمركزية‪ ،‬يج‪H‬د ل‪H‬ه بعض‪H‬ا من مبررات‪H‬ه في ثالث عناص‪H‬ر‬
‫مرجعية‬
‫‪ -‬إن التراب المحلي‪ ،‬يشكل الفضاء األكثر اندماجية للمس‪HH‬تويات الموض‪HH‬وعية واإلنس‪HH‬انية واالجتماعي‪HH‬ة‬
‫أي أن‪HH‬ه المس‪HH‬توى ال‪HH‬ذي يمكنن‪HH‬ا من تق‪HH‬دير وتق‪HH‬ييم التب‪HH‬ادالت بين الم‪HH‬ادة والمعلوم‪HH‬ة وبين المجتمع‪HH‬ات‬
‫ومحيطها‪H.‬‬
‫‪ -‬إن التراب المحلي‪ ،‬يش‪HH‬كل اإلط‪HH‬ار األك‪HH‬ثر إجرائي‪HH‬ة لتنفي‪HH‬ذ السياس‪HH‬ات العمومي‪HH‬ة ومتابعته‪HH‬ا‪ ،‬إذ أن ك‪HH‬ل‬
‫العناصر التي تبدو نظرية ومجردة على المستوى‪ H‬المرك‪HH‬زي مث‪HH‬ل الش‪HH‬راكة‪ ،‬المس‪HH‬ؤولية‪ ،‬العالق‪HH‬ة بين‬
‫االقتصادي‪ H‬واالجتماعي تصبح على المستوى‪ H‬المحلي أشياء محسوسة وملموسة وقابلة للجس‪.‬‬
‫‪ -‬إن التراب المحلي‪ ،‬يمث‪HH‬ل المرجعي‪HH‬ة األك‪HH‬ثر تجديدي‪HH‬ة لتط‪HH‬وير‪ H‬منظوم‪HH‬ة الحكام‪HH‬ة نفس‪HH‬ها في ارتباطه‪HH‬ا‬
‫بالخصوصيات المجتمعية المحلية‪ ،‬ويجعلها ترتكز‪ H‬أكثر على مفهوم تدبير‪ H‬الشأن ال‪HH‬ترابي‪ ،‬هك‪HH‬ذا ف‪HH‬إن‬
‫التراب يمثل الوعاء المالئم لتحديد فلسفة عامة للحكامة وتقويته‪HH‬ا في الح‪HH‬دود‪ H‬الخاص‪HH‬ة بك‪HH‬ل تقلي‪HH‬د من‬
‫التقاليد المجتمعية‪.‬‬

‫وبناء على هذا التوجه فإن المقاربة تفرض نفسها من خالل كون الترابي شكل المس‪HH‬توى‪ H‬ال‪HH‬ذي يمكنن‪HH‬ا‬
‫من تق‪HH‬دير وتق‪HH‬ييم التنمي‪HH‬ة االقتص‪HH‬ادية واالجتماعي‪HH‬ة وفي عالقته‪HH‬ا بالمحي‪HH‬ط والمجتمع‪HH‬ات‪ H‬األخ‪HH‬رى انطالق‪HH‬ا من‬
‫الشراكة والمسؤولية على المستوى‪ H‬الترابي وبشكل واقعي ما تم القيام به‪.‬‬
‫هكذا أض‪H‬حت مس‪H‬ألة ال‪HH‬تراب مس‪HH‬ألة مح‪H‬ددة لمع‪H‬ايير‪ H‬التنمي‪H‬ة المطلوب‪HH‬ة محلي‪HH‬ا والمعب‪H‬أة لك‪H‬ل الطاق‪HH‬ات‬
‫واإلمكانيات‪ H‬والمتوخية توفير‪ H‬سبل العيش الكريم‪ H‬للمواطن في ارتباطاته بأبعاد المحلية للتنمية المحلية‪.‬‬

‫مبدأ الثانوية الفاعلة‪ :‬يهدف هدا المبدأ إلى ضرورة تجاوز‪ H‬التع‪HH‬ارض التقلي‪HH‬دي بين الت‪HH‬داخل في االختص‪HH‬اص‬
‫الذي يحد من فعالية ونجاعة التدخالت العمومية‪ ،‬أي أن ذات المب‪HH‬دأ يقض ي بض‪HH‬رورة توض‪HH‬يح االختص‪HH‬اص‬
‫بين مستويات الحكامة وتعبئة العالقة بينها‪ ،‬كما أن التع‪HH‬اون بين ه‪HH‬ذه المس‪HH‬تويات يص‪HH‬بح أساس‪HH‬يا ومركزي‪H‬ا‪ H‬في‬
‫تشكيل هندسة الحكامة‪ ،‬ويمزج مبدأ الثانوية الفاعلة بين ثالث أفكار أساسية‪.‬‬
‫تتقاس‪H‬م مختل‪HH‬ف مس‪H‬تويات الحكام‪HH‬ة مس‪HH‬ؤولية مش‪H‬تركة‪ ،‬فاألس‪H‬اس‪ H‬ال يكمن في معرف‪H‬ة الطريق‪H‬ة ال‪H‬تي‬ ‫‪-‬‬
‫سيدبر بها كل واحد مشاكل اختصاص‪HH‬ه بمع‪HH‬زل عن اآلخ‪HH‬رين ولكن المهم ه‪HH‬و معرف‪HH‬ة الطريق‪HH‬ة ال‪HH‬تي‬
‫ستساعد مختلف مستويات الحكامة على التع‪HH‬اون ك‪HH‬ل واح‪HH‬د بوس‪HH‬ائله في تس‪HH‬يير التح‪HH‬ديات المش‪HH‬تركة‬
‫انطالقا من المحلي إلى الوطني‪.‬‬
‫يجب على كل تراب أن يبتكر األجوبة النوعية والمحددة والمالئمة لمب‪HH‬ادئ رئيس‪HH‬ية تح‪HH‬دد باإلجم‪HH‬اع‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫وهذه الفكرة تؤكدها عدة أمثلة والتي تؤكد عل أن المجتمعات لها تحديات مش‪HH‬تركة تجس‪HH‬د الوح‪HH‬دة في‬
‫حين أن الحلول المطابقة والمالئم‪HH‬ة تتم‪HH‬يز في ك‪HH‬ل حال‪H‬ة بالخصوص‪HH‬ية والنوعي‪HH‬ة مم‪HH‬ا ي‪HH‬ترجم التن‪HH‬وع‬
‫واالختالف‪.‬‬

‫مب‪TT‬دأ التع‪TT‬اون والتعاض‪TT‬د بين الف‪TT‬اعلين المحل‪TT‬يين‪ :‬إن الحكام‪HH‬ة الترابي‪HH‬ة تقتض ي من الس‪HH‬لطات العمومي‪HH‬ة أن‬
‫تعرف كيف تدخل في حوار وشراكة مع الفاعلين اآلخرين‪ ،‬فهي تسمح بإعطاء الص‪HH‬بغة الجماعي‪HH‬ة للمجموع‪HH‬ة‬
‫البشرية‪ ،‬والسلطات العمومية مؤهلة إليجاد وبلورة الحوار والشراكة بين كل محفز للعمل الجماعي‪.‬‬

‫ويأتي هذا التنظيم‪ H‬التعاوني في إطار نهج المقاربة التشاركية كآلية لتدبير الشأن العام المحلي باعتباره ‪H‬ا‪ H‬إح‪HH‬دى‬
‫منهجيات العمل المرتبطة بتدبير الشأن الع‪H‬ام المحلي والوط‪HH‬ني‪ ،‬فهي عم‪H‬ل تش‪H‬اركي يتض‪H‬من عنص‪H‬ر الح‪H‬وار‬
‫وااللتزام كنتيج‪HH‬ة للتواص‪HH‬ل‪ ،‬وعنص‪H‬ر‪ H‬االعتم‪HH‬اد على المعن‪HH‬يين المباش‪HH‬رين في تحدي‪HH‬د االحتياج‪HH‬ات واأله‪HH‬داف‪،‬‬
‫إضافة إلى عنصر وضوح‪ H‬القرارات ودقتها‪H‬‬

‫مبدأ تطبيق الش‪TT‬رعية والمش‪TT‬روعية‪ :‬إن الحكامة الش‪HH‬رعية تتجس‪HH‬د في ممارس‪HH‬ة س‪HH‬لطة تنظمه‪HH‬ا مجموع‪HH‬ة من‬
‫القواعد والمبادئ النابغة من التقليد أو المسجلة في الدستور‪ H‬والقوانين المكتوب‪HH‬ة‪ .‬أم‪HH‬ا الحكام‪HH‬ة المش‪HH‬روعية فهي‬
‫مفهوم يتسم بالذاتية ألنها تحيل إلى شعور وإحساس السكان بأن السلطة السياسية واإلدارية تمارس من ط‪HH‬رف‪H‬‬
‫أش‪HH‬خاص ص‪HH‬لحاء ينطب‪H‬ق‪ H‬عليهم مب‪HH‬دأ "الرج‪HH‬ل المناس‪HH‬ب في المك‪HH‬ان المناس‪HH‬ب" وحس‪HH‬ب ع‪HH‬ادات إيجابي‪HH‬ة وفي‬
‫المصلحة المشتركة‪.‬‬

‫يشكل القبول واالنخراط‪ H‬العميق للساكنة والمجتمع بأكمله في الطريقة ال‪HH‬تي ت‪HH‬دبر به‪HH‬ا الش‪HH‬ؤون العام‪HH‬ة‬
‫بعدا جوهريا‪ H‬للحكامة حيث إن هذه األخيرة ال يمكن أن تستمر ع‪HH‬بر ف‪HH‬رض نفس‪HH‬ها ب‪HH‬القوة واالك‪HH‬راه والض‪HH‬غط‪،‬‬
‫فالحكامة تستلزم تجاوبا من المجتمع عبر حد أدنى من الصدى والموافقة‪.‬‬

‫يعتبر هذا المبدأ حيويا بل "استراتيجيا" في مجال الحكامة‪ ،‬إذ بدون تفعيله لن تكون هن‪HH‬اك حكام‪HH‬ة وال‬
‫حس‪HH‬ن ت‪HH‬دبير‪ ،‬وبالت‪HH‬الي‪ H‬ال تس‪HH‬تطيع‪ H‬الوص‪HH‬ول‪ H‬إلى األه‪HH‬داف والغاي‪HH‬ات واآلف‪HH‬اق‪ H‬ال‪HH‬تي ي‪HH‬رغب فيه‪HH‬ا الجمي‪HH‬ع‬
‫وينتظرونه‪HH‬ا‪ ،‬ذل‪HH‬ك أن ه‪HH‬ذا المب‪HH‬دأ ينب‪HH‬ني أساس‪HH‬ا على ق‪HH‬درة الم‪HH‬دبرين المحل‪HH‬يين على تحم‪HH‬ل مس‪HH‬ؤولياتهم‪ H‬وف‪HH‬ق‬
‫الق‪HH‬انون‪ ،‬فالمس‪HH‬ؤولية وف‪HH‬ق ه‪HH‬ذا المب‪HH‬دأ مرتبط‪HH‬ة بدرج‪HH‬ة الق‪HH‬درة واالس‪HH‬تطاعة والمعرف‪HH‬ة ومن ثم ت‪HH‬تيح تج‪HH‬اوز‬
‫االختالفات الكبرى التي يقوم عليها األفراد‪ H‬أو بعض المؤسسات‪ H‬أو الهيئات في ظل فساد يستشري‪ H‬في مختل‪HH‬ف‬
‫مؤسسات الدول النامية ويحول دون تقدمها وتغيرها‪ ،‬ويهم‪ H‬مبدأ المسؤولية جميع ميادين الحكامة الترابية وذلك‬
‫لقيامها على بعد أخالقي وبعد قانوني‪H.‬‬
‫إكراهات الحكامة الترابية‪:‬‬ ‫‪.4‬‬
‫اإلكراهات الموضوعية‪:‬‬
‫تكمن في ضعف شفافية التدبير المحلي الناتج عن عدة عوام‪H‬ل أبرزه‪H‬ا طغي‪H‬ان التنظيم‪ H‬الب‪H‬يروقراطي‪،‬‬
‫انغالق التدبير وشخصانية السلطة‪ ،‬تضخم المنظومة الهيكلية للجماعات والقواعد القانوني‪HH‬ة وتك‪HH‬اثر المس‪HH‬اطر‬
‫اإلدارية والوث‪HH‬ائق واإلف‪HH‬راط في اللج‪HH‬وء إلى الس‪HH‬لطة التقديري‪HH‬ة للمس‪HH‬ؤولين على المص‪HH‬الح‪ ،‬بطئ س‪HH‬ير اإلدارة‬
‫وتعقد المساطر وضعف‪ H‬اإلنتاجية وانتشار‪ H‬اال مباالة واتس‪HH‬اع سياس‪HH‬ة الكم على حس‪HH‬اب الج‪HH‬ودة‪ ،‬بس‪HH‬بب غي‪HH‬اب‬
‫تنظيم عقالني في عملية التوظيف‪ H‬القائم على المحسوبية وكذا وجود عدة نقائص على مستوى‪ H‬الموارد‪ H‬البشرية‬
‫والمتمثل في سوء توزيع‪ H‬الكفاءات واألطر‪ H‬إداريا وجغرافيا‪ H‬وعدم احترام‪ H‬مبادئ تك‪H‬افئ الف‪H‬رص وع‪H‬دم تط‪H‬بيق‬
‫الحد األدنى لألجور وغياب اشتراط المستوى التعليمي لتولي مهام رئاسة الجهة‪ ،‬عنص‪HH‬ر الكف‪HH‬اءة في عض‪HH‬وية‬
‫المجلس الجهوي الشيء الذي يجعلنا أمام ضعف المخططات وهزالة االستراتيجيات التنموية ناهيك عن غياب‬
‫التنسيق والتعاون فيما بين المصالح الخارجية وكذا مركزية القرار اإلداري‪H.‬‬
‫اإلكراهات القانونية‪:‬‬
‫جاءت القوانين التنظيمية للجماع‪HH‬ات المحلي‪HH‬ة الترابي‪HH‬ة بع‪HH‬دة مس‪HH‬تجدات على مس‪HH‬توى‪ H‬الت‪HH‬دبير اإلداري‬
‫تصب في اتجاه خلق حكامة ترابية جيدة على مس‪HH‬توى ت‪HH‬دبير ش‪HH‬ؤونها وممارس‪HH‬ة اختصاص‪HH‬اتها‪ ،‬حيث يالح‪HH‬ظ‬
‫على أن االختصاصات الحالية للجماعات الترابية هي نفسها التي كانت في القوانين الس‪HH‬ابقة باس‪HH‬تثناء المس‪HH‬تجد‬
‫المتعل‪HH‬ق باالختصاص‪HH‬ات‪ H‬المش‪HH‬تركة م‪HH‬ع الدول‪HH‬ة وب‪HH‬اقي‪ H‬األش‪HH‬خاص العام‪HH‬ة وهن‪HH‬اك تش‪HH‬ابه وتك‪HH‬رار لنفس‬
‫االختصاصات مع إشراك المج‪HH‬ال م‪HH‬ع أص‪HH‬ناف الجماع‪HH‬ات الترابي‪HH‬ة األخ‪HH‬رى‪ ،‬كم‪HH‬ا أن‪HH‬ه تم التمي‪HH‬يز بين مفه‪HH‬وم‬
‫االختصاصات – مفهوم الصالحيات ضمن القوانين التنظيمية للجماعات الترابي‪HH‬ة بتخص‪HH‬يص ك‪HH‬ل واح‪HH‬د منه‪HH‬ا‬
‫قسما خاصا‪ ،‬بالرغم من تشابه هذين المصطلحين أما فيما يتعلق بنظام المراقبة اإلدارية‪ ،‬فلق‪HH‬د حاف ‪H‬ظ‪ H‬المش‪HH‬رع‬
‫المغ‪HH‬ربي على المراقب‪HH‬ة القبلي‪HH‬ة ع‪HH‬بر التأش‪HH‬ير‪ H‬على ق‪HH‬رارات المجلس وال‪HH‬رئيس‪ ،‬حيث تمت تقوي‪HH‬ة دور‪ H‬ال‪HH‬والي‬
‫والسلطات المكلف‪HH‬ة بالداخلي‪HH‬ة في مج‪HH‬ال المراقب‪HH‬ة ومنح ال‪HH‬والة ص‪HH‬الحيات واس‪HH‬عة وأك‪HH‬بر من س‪HH‬لطات رؤس‪HH‬اء‬
‫الجهات كحق التعيين في الوظائف‪ H‬بالجهة وحق الرقاب‪HH‬ة اإلداري‪HH‬ة القبلي‪HH‬ة وك‪HH‬ذلك الفص‪HH‬ل ال‪HH‬ذي يمنح الجه‪HH‬ات‬
‫والجماعات حق تدبير شؤونها‪ H‬بكيفية ديمقراطية وتشير أيض‪HH‬ا الق‪HH‬راءة المتأني‪H‬ة لمقتض‪HH‬يات الق‪HH‬وانين التنظيمي‪HH‬ة‬
‫المتعلق‪HH‬ة بالجماع‪HH‬ات الترابي‪HH‬ة إلى رص‪HH‬د مجموع‪HH‬ة من المالحظ‪HH‬ات المتمثل‪HH‬ة أساس‪HH‬ا في إح‪HH‬داث ثالث ق‪HH‬وانين‬
‫تنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬بالرغم من عدم تنصيص الدستور‪ H‬على ذلك‪.‬‬
‫اإلكراهات البنيوية‪:‬‬
‫لقد اصطدمت الحكامة الترابية بمجموعة من العراقي‪HH‬ل نتيج‪HH‬ة تب‪HH‬اين وتف‪HH‬اوت بين الجماع‪HH‬ات الترابي‪HH‬ة‬
‫واختالف القدرات االقتصادية لكل منها‪ ،‬ناهيك عن التفاوت بين الجماعات على المستوى‪ H‬االجتم‪HH‬اعي خاص‪HH‬ة‬
‫الفقيرة منها‪ ،‬فعلى الرغم من وجود كل المقومات التي تتطلبه‪HH‬ا تنمي‪HH‬ة الجماع‪HH‬ات الترابي‪HH‬ة وتطوره‪HH‬ا‪ ،‬إال أنه‪HH‬ا‬
‫تعرف ضعفا ملحوظا في عدة مستويات‪ ،‬ويرتبط‪ H‬هذا الضعف أساس‪HH‬ا في التفاوت‪HH‬ات المجالي‪HH‬ة‪ ،‬ال‪HH‬تي تتجلى في‬
‫انعدام المساواة بين الجهات في توزيع‪ H‬المجالي االستثمارات المؤسسات والمقاوالت العمومية‪.‬‬

‫آليات الحكامة الترابية‪:‬‬ ‫‪.5‬‬

‫موض‪HH‬وع‪ H‬الحكام‪HH‬ة الترابي‪HH‬ة ال‪HH‬ذي يش‪HH‬كل أح‪HH‬د المرتك‪HH‬زات األساس‪HH‬ية للسياس‪HH‬ات العمومي‪HH‬ة وال‪HH‬برامج‬
‫الحكومية‪ ،‬اعتبار للدور ال‪HH‬ذي تلعب‪HH‬ه الجماع‪HH‬ات الترابي‪HH‬ة كفاع‪HH‬ل أساس‪H‬ي‪ H‬وش‪HH‬ريك حقيقي في ت‪HH‬دبير المج‪HH‬االت‬
‫الترابية وتحقيق التنمية بمختلف أبعاده‪HH‬ا ب‪HH‬النظر أيض‪HH‬ا إلى أهمي‪HH‬ة ت‪HH‬دبير‪ H‬المراف‪H‬ق‪ H‬الترابي‪HH‬ة وارتباطه‪HH‬ا الوثي‪HH‬ق‬
‫بالمعيش اليومي للمواطن‪ ،‬تهدف باألساس إلى االستعانة باألليات المتاحة لتعزيز الحكامة الترابية منها‪.‬‬
‫اوال‪ :‬تعزيز الال تمركز اإلداري‪:‬‬
‫ميثاق االتمركز اإلداري‪ H‬يشكل رافعة أساسية في دعم الحكامة الترابية من خالل ضمان نجاعة أك‪HH‬ثر‬
‫في تدبير الشأن المحلي وتحقيق االتقائية في السياسات العمومية وفي برمجة مختلف المشاريع القطاعية وذلك‬
‫في انسجام تام مع برامج التنموية للجماعات الترابية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬دعم برامج التنمية الجهوية‪:‬‬
‫يع‪HH‬د برن‪HH‬امج التنمي‪HH‬ة الجهوي‪HH‬ة أهم آلي‪HH‬ات الحكام‪HH‬ة على المس‪HH‬توى ال‪HH‬ترابي‪ ،‬باعتب‪HH‬اره منطلق‪HH‬ا لتحقي‪HH‬ق‬
‫االندماج واالتقائية بين التوجهات االستراتيجية لسياسة الدولة والحاجيات التنموية على المس‪HH‬توى الجه‪HH‬وي من‬
‫خالل تنسيق األعمال التنموية المقرر برمجتها أو إنجازها بتراب الجهة لتحقيق التنمية المستدامة ووف‪HH‬ق منهج‬
‫تشاركي‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬دعم ومواكبة إعداد التصاميم الجهوية إلعداد التراب‪:‬‬
‫من المعلوم أن التصميم‪ H‬الجهوي إلعداد التراب باعتبارها الوثيقة المرجعي‪HH‬ة لتهيئ‪HH‬ة المج‪HH‬ال لمجم‪HH‬وع‬
‫التراب الجهوي يهدف على وجه الخصوص لتحقي‪HH‬ق التواف‪H‬ق‪ H‬بين الدول‪HH‬ة والجه‪HH‬ة ح‪HH‬ول ت‪HH‬دابير تهيئ‪HH‬ة المج‪HH‬ال‬
‫وتأهيله وفق‪ H‬رؤية استراتيجية استشرافية‪ ،‬بما يسمح بتحدي‪HH‬د توجه‪HH‬ات واختي‪HH‬ارات التنمي‪HH‬ة الجهوي‪HH‬ة وذل‪HH‬ك من‬
‫خالل‬
‫‪ -‬وضع اإلطار‪ H‬العام للتنمية الجهوية المستدامة بالمجاالت الحضرية والقروية‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد االختيارات المتعلقة بالتجهيزات والمرافق العمومية الكبرى المهيكلة على مستوى‪ H‬الجهة‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد مجاالت المشاريع الجهوية وبرمجة إجراءات تثمينها وكذا مشاريعها‪ H‬المهيكلة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬دعم القدرات التدبيرية للجماعات الترابية‪.‬‬
‫أ‪-‬تعزيز الهياكل التنظيمية وتطوير أساليب التدبير اإلداري‪:‬‬
‫دعم ومواكب‪HH‬ة إرس‪HH‬اء إدارة الجماع‪HH‬ات الترابي‪HH‬ة وهياكله ‪H‬ا‪ H‬حيث عملت وزارة الداخلي‪HH‬ة على توجي‪HH‬ه‬
‫الدوريات والدالئل التوضيحية دات صلة للجماعات الترابية والتي شملت إدارة الجهة وإدارة العمالة أو اإلقليم‪H‬‬
‫مرفقة بنماذج للهياكل التنظيمية للهيئات‪.‬‬
‫ب‪-‬الموارد البشرية‪:‬‬
‫تمكين الجماعات الترابية من الموارد‪ H‬البشرية المؤهلة للنهوض بأعباء اإلدارة على المستوى‪ H‬ال‪HH‬ترابي‬
‫من خالل تفعيل آليات انتش‪HH‬ار الم‪HH‬وظفين‪ ،‬فض‪HH‬ال عن تفك‪HH‬ير في اعتم‪HH‬اد آلي‪HH‬ة التش‪HH‬غيل بم‪HH‬وجب العق‪HH‬ود به‪HH‬دف‬
‫استقطاب الكفاءات والخبرات وسد الخصاص الملحوظ على المستوى‪ H‬الموارد البشرية المؤهلة والمتخصص‪HH‬ة‬
‫على مستوى الجماعات الترابية‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬تدبير ممتلكات الجماعات الترابية‪:‬‬
‫تدبير ممتلكات الجماعات الترابية والمحافظة عليها كان دائما مثار جملة من الصعوبات واإلكراه‪HH‬ات‬
‫بسبب تعدد القوانين المنظمة لهذه الممتلكات‪ .‬ومن أج‪HH‬ل تج‪HH‬اوز ه‪HH‬ذه الص‪HH‬عوبات فق‪HH‬د انكبت ال‪HH‬وزارة الوص‪HH‬ية‬
‫على إعداد مشروع قانون موحد يهدف باألساس إلى إقرار قواعد تت‪H‬واخى‪ H‬تح‪H‬ديث أس‪H‬اليب ومس‪H‬اطر وتعزي‪H‬ز‪H‬‬
‫االمالك العقارية للجماعات الترابية والمحافظة عليها وتنميته‪H‬ا‪ H‬وتحس‪HH‬ين م‪HH‬داخيلها‪ ،‬بش‪HH‬كل يتالءم ومقتض‪HH‬يات‪H‬‬
‫الدستور الجديد والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية ويستجيب‪ H‬لمتطلبات التنمية المحلية‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬برامج التأهيل الحضاري وبرامج التنمية االقتصادية واالجتماعية‪:‬‬
‫نموذج للمشاريع التي يتم تنفيذها وفق حكامة ترابي‪HH‬ة جي‪HH‬دة‪ ،‬في إط‪HH‬ار مواكبته‪H‬ا‪ H‬للجماع‪HH‬ات الترابي‪HH‬ة‪،‬‬
‫تعمل الحكومة على دعم ومتابعة برامج التأهيل الحضري‪ H‬والتنمية االقتصادية واالجتماعية التي تش‪HH‬كل ج‪HH‬زءا‬
‫من األوراش الك‪HH‬برى ال‪HH‬تي تت‪HH‬وخى‪ H‬تحس‪HH‬ين المش‪HH‬هد الحض‪HH‬ري‪ ،‬وجاذبي‪HH‬ة الم‪HH‬دن من خالل النه‪HH‬وض بالبني‪HH‬ات‬
‫التحتية وتأهيل المرافق وإعادة هيكلة األحياء الناقصة التجهيز‪ H‬إلى جانب معالجة المباني للسقوط‪.‬‬
‫أسس الحكامة الترابية‪:‬‬ ‫‪.6‬‬
‫فيما يخص االلتزام بأسس الحكامة‪ ،‬فقد تضمنت الق‪HH‬وانين المتعلق‪HH‬ة بالجماع‪HH‬ات الترابي‪HH‬ة مجموع‪HH‬ة من‬
‫القواعد المتعلقة بحسن التطبيق مبدأ التدبير الح‪HH‬ر من خالل اح‪HH‬ترام‪ H‬العدي‪HH‬د من القواع‪HH‬د المجس‪HH‬دة في المس‪HH‬اواة‬
‫بين المواطنين في الولوج المرافق‪ H‬العمومية التابعة للجماع‪H‬ات الترابي‪H‬ة‪ ،‬وك‪H‬ذا االس‪H‬تمرارية في أداء الخ‪H‬دمات‬
‫وضمان جودتها وتكريس‪ H‬قيم الديمقراطية والشفافية والمحاسبة والمسؤولية وترسيخ سيادة الق‪HH‬انون والتش‪HH‬ارك‬
‫والفعالية والنزاهة‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ المساواة بين المواطنين في ولوج المرافق‪ H‬العمومية والتابعة للجماعة الترابية‪.‬‬
‫مبدأ االستمرارية في أداء الخدمات من قبل الجهة وضمان جودتها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬تكريس قيم الديمقراطية والشفافية والمحاسبة والمسؤولية وترسيخ سيادة القانون‪.‬‬
‫الديمقراطي‪HH‬ة هي تل‪HH‬ك العملي‪HH‬ة الس‪HH‬ليمة لت‪HH‬داول الس‪HH‬لطة بين األف‪HH‬راد‪ ،‬أم‪HH‬ا الش‪HH‬فافية فهي ممارس‪HH‬ة ح‪HH‬ق‬
‫الحصول على المعلومة واألخبار‪ H‬تهم مواطن‪HH‬ا بعين‪HH‬ه‪ ،‬في حين تع‪HH‬ني المحاس‪HH‬بة نوع‪HH‬ا من الت‪HH‬دقيق‪ H‬واالح‪HH‬تراس‬
‫الذي يهم باألساس الشؤون المالية‪ ،‬أما المسؤولية فتفيد بأن المسؤولين يتحملونها‪ H‬من جراء تدبيره للش‪H‬أن الع‪HH‬ام‬
‫انطالقا من دعامتين‪ :‬الشفافية والمحاسبة‪.‬‬

‫مقاربات الحكامة الترابية‪:‬‬ ‫‪.7‬‬


‫الحكامة الترابية إذن‪ ،‬هي نمط من التسيير التشاركي‪ H‬والتدبير الديمقراطي‪ H‬للشأن الع‪HH‬ام المحلي‪ ،‬ال‪HH‬ذي‬
‫يتوخى تحقيق تنمية مستدامة ذات ط‪HH‬ابع ش‪HH‬مولي‪ ،‬من خالل الترك‪HH‬يز‪ H‬على أبع‪HH‬اد خاص‪HH‬ة تتعل‪HH‬ق أساس‪HH‬ا ب‪HH‬إبراز‬
‫أهمية التنظيم والجهود المبذولة على مستويات ترابية معينة بغية تعزيز ق‪HH‬دراتها التنافس‪HH‬ية وتحس‪H‬ين جاذبيته‪HH‬ا‪،‬‬
‫بهدف رفع مختلف التحديات المطروحة‪" .‬إلى جانب ذلك الحكامة الترابية هي نظام محلي يشارك‪ H‬فيه القط‪HH‬اع‬
‫الخاص والمنظمات غير الحكومية عبر نسق يعتمد على مجموعة من المداخالت السياسية واإلداري‪HH‬ة والمالي‪HH‬ة‬
‫والبشرة تتفاعل إيجابا في إطار منهجي بواسطة العدي‪HH‬د من العملي‪HH‬ات لتحص‪HH‬ل على مجموع‪HH‬ة من المخرج‪HH‬ات‬
‫تس‪HH‬تطيع‪ H‬اس‪HH‬تخدام الس‪HH‬لطة‪ ،‬وممارس‪HH‬ة الرقاب‪HH‬ة على المجتم‪HH‬ع المحلي من أج‪HH‬ل تحقي‪HH‬ق التنمي‪HH‬ة االقتص‪HH‬ادية‬
‫واالجتماعية وهذا يعني أن هناك توافق‪ H‬بين الحكامة الترابية ومبدأ الالمركزية حول تحقيق التنمية البشرية من‬
‫خالل تفعيل دور السلطات المحلية المنتخبة والمعين‪HH‬ة‪ ،‬وذل‪HH‬ك بإس‪HH‬ناد المه‪HH‬ام اإلداري‪HH‬ة والتنموي‪HH‬ة له‪HH‬ا لتزي‪HH‬د من‬
‫فعاليتها‪ ،‬وتعزز‪ H‬دورها فيتحمل مسؤولياتها وص‪HH‬الحياتها‪ H‬بالش‪HH‬كل ال‪HH‬ذي يعم‪HH‬ل على دمج الس‪HH‬كان المحل‪HH‬يين في‬
‫عملية التنمية المنشودة‪.‬‬
‫تقتضي المقارب‪HH‬ة المف‪HH‬اهيم للحكام‪HH‬ة الترابي‪HH‬ة النظ‪HH‬ر إليه‪HH‬ا من مختل‪HH‬ف الزواي‪HH‬ا المجالي‪HH‬ة‪ ،‬االجتماعي‪HH‬ة‪،‬‬
‫المالي‪HH‬ة‪ ،‬القانوني‪HH‬ة‪ ،‬السياس‪HH‬ية واإلداري‪HH‬ة‪ ،‬ال‪HH‬تي تش‪HH‬كل مج‪HH‬ال اهتمامه‪HH‬ا واش‪HH‬تغالها‪ ،‬ل‪HH‬ذلك ف‪HH‬إن محاول‪HH‬ة تحدي‪HH‬دنا‬
‫لمضمونها‪ H‬يستند على تلك المقاربات التي يتشكل السياق المرجعي لهذا المفهوم‪.‬‬
‫المقاربة المجالية‪:‬‬
‫تجعل من الحكامة الترابية المجال واألساس الجغرافي‪ H‬الذي تتضمنه الدولة في مستوياته المتع‪HH‬ددة من‬
‫الجهوية إلى الجماعية‪ ،‬تمثل حسب اختصاصها‪ H‬مجال تنمويا من الناحية المبدئية له موارده وتكاليفه‪ ،‬وبالت‪HH‬الي‬
‫فإن وجود وحدات تنموية محلية مجالية يقتضي وجودها‪ H‬كوحدات إدارية ذات حدود جغرافية معلومة ومح‪HH‬ددة‬
‫وتمارس اختصاصات‪ H‬قانونية واقعية‪.‬‬
‫المقاربة االجتماعية‪:‬‬
‫تسعى الحكام‪HH‬ة الترابي‪HH‬ة من خالله‪HH‬ا إلى جع‪HH‬ل األجه‪HH‬زة المحلي‪HH‬ة في خدم‪HH‬ة جمي‪HH‬ع األط‪HH‬راف المعني‪HH‬ة‬
‫واالستجابة لمطالبها‪ ،‬خاصة الفقراء والمهمشين بتوفير‪ H‬مختلف الخدمات والتجه‪HH‬يزات االجتماعي‪HH‬ة األساس‪HH‬ية‪،‬‬
‫وترتبط‪ H‬هذه االستجابة بدرجة المس‪HH‬اءلة ال‪HH‬تي تس‪HH‬تند ب‪HH‬دورها‪ H‬على درج‪HH‬ة الش‪HH‬فافية وت‪HH‬وافر الثق‪HH‬ة بين األجه‪HH‬زة‬
‫المحلية والمواطن المحلي‪ ،‬بالعمل جنبا إلى جنب في سبيل تنمية اإلنسان والمجال المحليين‪.‬‬
‫المقاربة المالية‪T:‬‬
‫تنظر إلى الحكامة الترابية كأداة لتنمية الم‪HH‬وارد الذاتي‪HH‬ة وتوظيفه‪HH‬ا بش‪HH‬كل عقالني وترش‪HH‬يد‪ H‬اس‪HH‬تغاللها‪،‬‬
‫األمر الذي يخول للجماعات الترابي‪H‬ة الق‪H‬درة المادي‪H‬ة والتدبيري‪H‬ة لتحقي‪H‬ق درج‪H‬ة أك‪H‬ثر فعالي‪H‬ة ومالءم‪H‬ة للتنمي‪H‬ة‬
‫المحلية‪ ،‬وبالتالي‪ H‬تخويلها اإلمكانيات المالية للتخطيط‪ H‬لتدخالتها االقتصادية المباشرة وغير المباشرة‪.‬‬
‫المقاربة اإلدارية‪:‬‬
‫تجعل من الحكامة الترابية نسق متكامل يمنح القدرة لألجهزة المحلية على تحويل الم‪HH‬وارد إلى ب‪HH‬رامج‬
‫وخطط ومشاريع تلبي احتياجات المواطنين المحل‪HH‬يين وتع‪HH‬بر عن أولوي‪HH‬اتهم‪ ،‬م‪HH‬ع تحقي‪HH‬ق نت‪HH‬ائج أفض‪HH‬ل وتنظيم‪H‬‬
‫االستفادة من الموارد المتاحة‪ ،‬بإتاحة الفرصة لتدفق المعلومات وسهولة الحصول عليها لجمي‪HH‬ع األط‪HH‬راف في‬
‫المجتمع المحلي‪ ،‬ومن شأن ذلك توفير الفرصة للحكم على مدى فعالية األجهزة المحلية‪.‬‬
‫المقاربة السياسية‪T:‬‬
‫تسمح الحكامة الترابية بتهيئة السبل واآللي‪HH‬ات المناس‪HH‬بة للمواط‪HH‬نين المحل‪HH‬يين ك‪HH‬أفراد وجماع‪HH‬ات‪ ،‬من‬
‫أجل المساهمة في عمليات صنع القرارات المحلية‪ ،‬إم‪HH‬ا بطريق‪HH‬ة مباش‪HH‬رة أو من خالل مج‪HH‬الس محلي‪HH‬ة منتخب‪HH‬ة‬
‫تعبر عن مص‪HH‬الحهم بتس‪HH‬هيل التحدي‪HH‬د المحلي للقض‪HH‬ايا والمش‪HH‬كالت ال‪HH‬تي تعترض‪HH‬ها‪ ،‬وبالت‪HH‬الي اق‪HH‬تراح الحل‪HH‬ول‬
‫المناسبة لها بالمشاركة الفعلية للمواطنين في االنتخابات الحرة والنزيهة واختيار ممثليهم في مختلف مستويات‬
‫تدبير الشأن الترابي جماعيا‪ ،‬إقليميا‪ ،‬وجهويا‪ ،‬وه‪HH‬و م‪HH‬ا يمنح المزي‪HH‬د من الثق‪HH‬ة وقب‪HH‬ول الق‪HH‬رارات السياس‪HH‬ية من‬
‫جانب المواطنين‪.‬‬
‫المقاربة القانونية‪T:‬‬
‫تجعل من الجميع خاضعا‪ H‬لنظ‪H‬ام الحكام‪H‬ة الترابي‪H‬ة‪ ،‬حيث يخض‪H‬ع ص‪H‬انع الق‪H‬رار في األجه‪H‬زة المحلي‪H‬ة‬
‫لمساءلة المواطنين واألطراف‪ H‬األخ‪H‬رى ذات العالق‪H‬ة من جه‪H‬ة‪ ،‬وقب‪H‬ول الم‪H‬واطن المحلي لس‪H‬لطة ه‪H‬ؤالء ال‪H‬ذين‬
‫يحوزون القوة داخ‪H‬ل المجتم‪H‬ع ويمارس‪HH‬ونها‪ H‬في إط‪H‬ار قواع‪H‬د وعملي‪H‬ات وإج‪H‬راءات مقبول‪H‬ة المس‪H‬تندة إلى حكم‬
‫القانون والعدالة في االستفادة من الخدمات المحلية بشكل متساو‪ H‬من جهة ثانية‪.‬‬
‫فإن استجماع مختلف هذه المقاربات يحيل في توجهه العام على مقاربة أكثر شمولية في تحديد مفه‪HH‬وم‬
‫الحكام‪HH‬ة الترابي‪HH‬ة‪ ،‬أال وهي المقارب‪HH‬ة التدبيري‪HH‬ة‪ ،‬ال‪HH‬تي تحي‪HH‬ل مفه‪HH‬وم الحكام‪HH‬ة الترابي‪HH‬ة على مجم‪HH‬وع التقني‪HH‬ات‬
‫واألدوات التدبيرية التي تسعى إلى ترشيد النظام المحلي في مستوياته المختلف‪HH‬ة‪ :‬اقتص‪HH‬اديا‪ ،‬اجتماعي‪HH‬ا وإداري‪HH‬ا‬
‫بهدف تحقيق أقصى‪ H‬النتائج خاصة على مستوى‪ H‬التنمية البشرية‪.‬‬
‫خاتمة‬

‫يعت‪HH‬بر مفه‪HH‬وم الحكام‪HH‬ة الترابي‪HH‬ة من أك‪HH‬ثر المف‪HH‬اهيم ش‪HH‬يوعا وذيوع‪HH‬ا في مج‪HH‬ال العل‪HH‬وم االجتماعي‪HH‬ة‬
‫والسياسات العام‪H‬ة‪ ،‬بي‪H‬د أن‪H‬ه ب‪H‬الرغم من ش‪H‬يوع اس‪H‬تخدام ه‪H‬ذا المفه‪H‬وم إال أن‪H‬ه ال يحق‪H‬ق إجماع‪H‬ا ح‪H‬ول المع‪H‬نى‬
‫المقصود ب‪HH‬ه فهن‪HH‬اك من جه‪HH‬ة تص‪HH‬ور‪ H‬البن‪HH‬ك ال‪HH‬دولي‪ H‬للحكام‪HH‬ة الترابي‪HH‬ة‪ ،‬على ض‪HH‬وئه يتب‪HH‬نى الج‪HH‬وانب اإلداري‪HH‬ة‬
‫واالقتصادية فيم‪HH‬ا التص‪HH‬ور الث‪HH‬اني ي‪HH‬دمج البع‪HH‬د الس‪HH‬ياس ي‪ ،‬مطالب‪HH‬ا تب‪HH‬ني النهج ال‪HH‬ديمقراطي‪ H،‬والواق‪HH‬ع أن ه‪HH‬ذا‬
‫المفهوم يعد من المفاهيم القديمة‪ ،‬لكنه اكتسب صلة جديدة‪ ،‬فهو بمثابة منتج قديم وضع في عبوة جديدة ‪ .‬كما أن‬
‫اعتماد الحكام‪HH‬ة الترابي‪HH‬ة كأس‪HH‬لوب فع‪HH‬ال لت‪HH‬دبير للش‪HH‬أن ال‪HH‬ترابي يتوق‪H‬ف‪ H‬على مجموع‪HH‬ة من الوس‪HH‬ائل واآللي‪HH‬ات‬
‫والمقاربات‪ ،‬التيمن شأنها أن تساعد على إضفاء طابع الفعالية والدينامي‪HH‬ة‪ ،‬ال‪HH‬تي من خالله‪HH‬ا يمكن قي‪HH‬اس م‪HH‬دى‬
‫نجاعة هذه الحكامة‪ ،‬إذ أن هذه المقاربات والوسائل‪ H‬واآلليات‪ ،‬تشكل األدوات التي تعتمد عليها الحكام‪HH‬ة وال‪HH‬تي‬
‫من شأنها أن تساعد على الوقوف على طبيعتها‪ H‬وخصوصيتها‪ H.‬إذ ال يمكن الحديث عن حكامة ترابي‪HH‬ة من دون‬
‫بلورة مختلف المبادئ واألسس التي ترتكز عليه‪.‬‬
‫ان قراءة موضوعية للتجربة المغربية في ميدان المقاربة الترابية للت‪HH‬دبير العم‪HH‬ومي‪ H‬لم‪HH‬ا يزي‪HH‬د عن ‪50‬‬
‫سنة بعد حصول المغرب على استقالل‪ ،‬تظهر على أن هناك تطورا‪ H‬في هذا المجال من خالل سعي الدولة إلى‬
‫إرساء أسس نظام التدبير ال‪HH‬ترابي للش‪HH‬ؤون العمومي‪HH‬ة غ‪HH‬ير أن البحث في إش‪HH‬كاليات ال‪HH‬تي يطرحه‪H‬ا‪ H‬الموض‪HH‬وع‬
‫متطلبات الحكامة الترابية بالمغرب كجزء من هذا النظام‪ ،‬وكيفية مقاربته من قبل السلطات العمومية في إطار‬
‫المشاريع التنموية واإلصالحية‪ ،‬تؤدي‪ H‬بالباحث إلى الخروج بخالصة جوهرية مضمونها‪ H‬أن المغرب لم يعرف‬
‫سياسة عمومية متكاملة وشاملة في مجال التنمية الترابي‪HH‬ة‪ ،‬وإنم‪HH‬ا يعم‪HH‬ل على إح‪HH‬داث أدواته‪HH‬ا حس‪HH‬ب متطلب‪HH‬ات‬
‫الظرفية‪.‬‬
‫ووفق‪ H‬النظرة التي يطغى عليها التصور المركزي‪ H‬والتخصص القطاعي والص‪HH‬بغة العمودي‪HH‬ة والرؤي‪HH‬ة‬
‫االنفرادية للقطاعات الوزارية المختلفة ولعل من أبرز األدل‪HH‬ة على ذل‪HH‬ك تل‪HH‬ك الفج‪HH‬وة الص‪HH‬ارخة ال‪HH‬تي تكرس‪HH‬ت‬
‫عبر تاريخ الدول‪HH‬ة المغربي‪HH‬ة الحديث‪HH‬ة‪ ،‬متمثل‪HH‬ة في مفارق‪HH‬ة بنيوي‪HH‬ة عميق‪HH‬ة ذات وجهين بمالمح عمودي‪HH‬ة وأفقي‪HH‬ة‪،‬‬
‫وأولها ما تم رص‪H‬ده على ال‪H‬دوام من تن‪H‬اقض وتض‪H‬اد‪ H‬ومعاكس‪H‬ة بين م‪H‬ا يق‪H‬ال على مس‪H‬توى الخط‪H‬اب السياس‪H‬ي‬
‫المقاربة الترابي‪HH‬ة ‪ ،‬وبين م‪HH‬ا ه‪HH‬و موج‪HH‬ود‪ H‬ومك‪HH‬رس‪ H‬على مس‪HH‬توى‪ H‬الممارس‪HH‬ة والواق‪H‬ع‪ H‬العملي حيث توج‪HH‬د إدارة‬
‫ترابية همها األساس‪H‬ي الحف‪H‬اظ على النظ‪H‬ام‪ H‬واألمن وإدارة محلي‪H‬ة منتخب‪H‬ة ع‪H‬اجزة وغ‪H‬ير ق‪H‬ادرة بنخب سياس‪H‬ية‬
‫معظمها فاشلة ينخرها الفساد السياسي‪.‬‬

‫الئحة المراجع‬

‫‪ -‬عبد الرحمان جمجامة‪ ،‬اإلدارة الالمركزية مع االل تمرك‪//‬ز‪ ،‬وسياس‪//‬ية الق‪//‬رب في خط‪//‬اب الملكي والنش‪//‬اط‬
‫الملكي من محمد الخامس إلى محمد السادس دار السالم للطباع‪//‬ة والنش‪//‬ر والتوزي‪//‬ع‪ ،‬الرب‪//‬اط‪ /‬الطبع‪//‬ة األولى‪،‬‬
‫‪ ،2004‬ص ‪10‬‬
‫‪ -‬عبد العزيز أشرقي‪ :2014‬الحكامة الترابية وتدبير‪ /‬المرافق‪ /‬العمومية المحلية على ضوء مشروع‪ /‬الجهوية‬
‫المتقدمة الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪-‬الدار البيضاء‬
‫‪ -- -‬عبد العزي‪//‬ز غ‪//‬وردو‪ :2015/‬الحكام‪//‬ة الجي‪//‬دة في النظ‪//‬ام‪ /‬الدس‪//‬توري‪ /‬المغ‪//‬ربي‪ /.‬الطبع‪//‬ة األولى‪ ،‬مطبع‪//‬ة‬
‫‪kutub-E‬‬
‫‪https://comment.ma/ar/%D8%A7%D9%84%D8%AD‬‬
‫‪%D9%83%D8%A7%D9%85%D8‬‬

You might also like