‫‪ISSN: 1112-9336‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ‬

‫ص ‪597 - 578‬‬ ‫اﻟﻣﺟﻠد‪ 12 :‬اﻟﻌدد‪ 04 :‬اﻟﺳﻧﺔ ‪2020‬‬

‫ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻘﺑول‪2020/08/28 :‬‬ ‫ﺗﺎرﯾﺦ اﻹرﺳﺎل‪2020/01/18 :‬‬

‫ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻧﺷر‪2020/09/20 :‬‬

‫اﻷﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ‪ :‬ﻣﻔﻬوﻣﻪ وﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﻘطﺎﻋﺎت اﻷﻣﻧﯾﺔ اﻷﺧرى‪.‬‬

‫‪Societal Security :its concept and its relationship‬‬
‫‪with other security sectors‬‬

‫ﻣﻧﯾر اﻟﻌﻣري‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر‪) 03‬اﻟﺟزاﺋر(‪Lomrimounir2@gmail.com،‬‬

‫اﻟﻣﻠﺧص‪:‬‬
‫ﻧﺗﻧﺎول ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﻘﺎل ﻣوﺿوع اﻷﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ‪ ،‬وﻫو ﻣﺟﺎل ﺟدﯾد ﻓﻲ ﺣﻘل‬
‫اﻟدراﺳﺎت اﻷﻣﻧﯾﺔ أﻓرزﺗﻪ إﺳﻬﺎﻣﺎت ﻣدرﺳﺔ ﻛوﺑﻧﻬﺎﺟن‪ ،‬ﯾﻬﺗم ﺑﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻬوﯾﺔ وﻣﺎ ﯾﻬدد‬
‫ﺗﻣﺎﺳك اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ووﺣدة اﻟدوﻟﺔ‪.‬‬
‫اﻷﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ﻻ ﯾﻧﻔﺻل ﻋن اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻷﺧرى‪ ،‬اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔـ‬
‫واﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ‪ ،‬واﻟﺑﯾﺋﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣﻌﺿﻼت اﻷﻣﻧﯾﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ ﺗﻣﺗد ﻟﺗﺷﻣل ﻫذﻩ اﻷﺑﻌﺎد‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن‬
‫اﻟﻣﻌﺿﻼت اﻟﺗﻲ ﺗﻌرﻓﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟﻣﺟﺎﻻت ﻗد ﺗﺗﺣول إﻟﻰ ﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ‪ .‬ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن دراﺳﺗﻧﺎ‬
‫ﺗﺗطرق إﻟﻰ ﻣﺿﻣون اﻷﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ وﻋﻼﻗﺗﻪ اﻟوﺛﯾﻘﺔ ﺑﺎﻷﺑﻌﺎد اﻟﻣذﻛورة‪.‬‬
‫اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﻣﻔﺗﺎﺣﯾﺔ‪ :‬اﻷﻣن؛ اﻷﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ؛ اﻟﻣﻌﺿﻠﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ؛ اﻟﻘطﺎﻋﺎت‬
‫اﻷﻣﻧﯾﺔ؛ اﻟدراﺳﺎت اﻷﻣﻧﯾﺔ ‪.‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪We talk in this paper about Societal Security. It is a new‬‬
‫‪field in Security Studies thanks to the contrebutions of‬‬
‫‪Copenhagen school. It focuses mainly on identity and other‬‬
‫‪subjects, political, economic, military or ecologic. Because‬‬
‫‪Societal security dilemmas can extent and cover all these‬‬
‫‪subjects. And the dilemmas that we know could be transformed‬‬
‫‪to Societal security dilemmas. Like so, we tried on our paper to‬‬

‫‪578‬‬
‫‪ISSN: 1112-9336‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ‬
‫ص ‪597 - 578‬‬ ‫اﻟﻣﺟﻠد‪ 12 :‬اﻟﻌدد‪ 04 :‬اﻟﺳﻧﺔ ‪2020‬‬

‫‪discuss the content of Societal security and its relations with‬‬

‫‪those subjects.‬‬
‫‪Keywords: Security ; Societal Security; Societal security‬‬
‫‪dilemmas ; Security sectors ; Security Studies .‬‬

‫ـــــــــــــ ــــــــــــــ ــــ‬

‫اﻟﻣؤﻟف اﻟﻣرﺳل‪ :‬ﻣﻧﯾر اﻟﻌﻣري ‪ ،‬اﻹﯾﻣﯾل‪LOMRIMOUNIR2@GMAIL.COM :‬‬

‫‪.1‬ﻣﻘدﻣﺔ‪:‬‬
‫ﻟﻘــد ﻛﺎﻧــت ﻟﻧﻬﺎﯾــﺔ اﻟﺣــرب اﻟﺑــﺎردة اﻧﻌﻛﺎﺳــﺎت ﻋﻠــﻰ اﻟﺣﻘــل اﻷﻛــﺎدﯾﻣﻲ ﻟد ارﺳــﺎت‬
‫اﻷﻣﻧﯾﺔ‪ ،‬ﺣﯾث اﻧﺗﻘﻠت اﻟدراﺳﺎت اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻣن اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻘطﺎﻋـﺎت اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾـﺔ ﻟﻸﻣـن واﻟﺗـﻲ‬
‫ﺗرى ﻣن اﻟدوﻟﺔ وﺣدة ﺗﺣﻠﯾل اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ﻓـﻲ اﻟد ارﺳـﺎت اﻷﻣﻧﯾـﺔ وﻣـن اﻟﺗﻬدﯾـدات اﻟﻌﺳـﻛرﯾﺔ‬
‫ـددا ﻟــدول إﻟــﻰ اﻟد ارﺳــﺎت اﻷﻣﻧﯾــﺔ اﻟﻧﻘدﯾــﺔ‪ ،‬اﻟﺗــﻲ ﻛﺎﻧــت ﻧﺗــﺎج اﻟظــروف اﻟﺗــﻲ‬
‫ـدر ﻣﻬـ ً‬
‫ﻣﺻـ ًا‬
‫واﻛﺑت ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺣرب اﻟﺑﺎردة‪ ،‬واﻟﻌﺟز اﻟذي ﺳﺟﻠﺗﻪ اﻟدراﺳﺎت اﻷﻣﻧﯾﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾر‬
‫ﺣــﺎﻻت ﻣــن اﻟﻣﻌﺿــﻼت اﻷﻣﻧﯾــﺔ ﺧﺻوﺻــﺎ ﻓــﻲ دول ﺷــرق أوروﺑــﺎ ٕواﻓرﯾﻘﯾــﺎ‪ ،‬واﻟﺗــﻲ ﻧﺟــم‬
‫ﻋﻧﻬﺎ ﺻراﻋﺎت إﺛﻧﯾﺔ أدت اﻟﻰ وﻗوع ﻣﺟﺎزر وﻣوﺟﺎت ﻣن اﻟﺗطﻬﯾر اﻟﻌرﻗﻲ‪.‬‬
‫ﻓﻲ ﺧﺿم ﻫذﻩ اﻟﺗﺣـوﻻت واﻹﺣـداث ظﻬـرت اﻟد ارﺳـﺎت اﻷﻣﻧﯾـﺔ اﻟﻧﻘدﯾـﺔ‪ ،‬وﻣـﺎ‬
‫ﺗﺣﻣﻠــﻪ ﻣــن ﺗوﺟﻬ ــﺎت ﺗﻣﺛﻠــت ﻓــﻲ ﺛ ــﻼث ﻣ ــدارس ُﻣﻬﻣــﺔ ﺷــﻛﻠت أﻫــم ﻣﺣ ــﺎور اﻟد ارﺳ ــﺎت‬
‫اﻷﻣﻧﯾ ــﺔ اﻟﻧﻘدﯾ ــﺔ‪ :‬ﻣدرﺳ ــﺔ وﯾﻠ ــز اﻟﺗ ــﻲ ﺗﻌـ ـد ذات أﻓﻛ ــﺎر ﻣﺳ ــﺗوﺣﺎة ﻣ ــن اﻟﻧظرﯾ ــﺔ ﻣ ــﺎ ﺑﻌ ــد‬
‫اﻟﺣداﺛﯾﺔ‪ ،‬وﻣدرﺳـﺔ ﺑـﺎرﯾس اﻟﺗـﻲ ﺗـﺄﺛرت ﺑﺎﻷﻓﻛـﺎر اﻟﺗـﻲ طرﺣﺗﻬـﺎ اﻟﻧظرﯾـﺔ اﻟﻧﻘدﯾـﺔ اﻟدوﻟﯾـﺔ‪،‬‬
‫وﻣدرﺳـ ــﺔ ﻛوﺑﻧﻬـ ــﺎﺟن اﻟﺗـ ــﻲ ﻟﻬـ ــﺎ اﻣﺗـ ــداد ﻓﻛـ ــري ﻣﺳـ ــﺗﻣد ﻣـ ــن اﻟﻧظرﯾـ ــﺔ اﻟﺑﻧﺎﺋﯾـ ــﺔ‪ ،‬ورﻏـ ــم‬
‫اﻻﺧــﺗﻼف ﻓــﻲ اﻟﻣﺷــﺎرب اﻟﻧظرﯾــﺔ واﻟﻔﻛرﯾــﺔ‪ ،‬إﻻ أﻧﻬــﺎ ﺗﺗﻔــق ﻛﻠﻬــﺎ ﻋﻠــﻰ ﺿــرورة اﻻﻫﺗﻣــﺎم‬
‫ﺑﺎﻟﻔرد ﻛوﺣدة ﺗﺣﻠﯾل ﻓﻲ اﻟدراﺳﺎت اﻷﻣﻧﯾﺔ؛ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ وﺟود ﻗطﺎﻋـﺎت أﺧـرى ﻗـد ﺗﻛـون‬
‫ﻣﺻد ار ﯾﻬدد اﻷﻣن‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ اﻟﻘطﺎع اﻟﻌﺳﻛري‪ ،‬وﻫـذا ﻧظـ ار ﻟظﻬـور ظـواﻫر أﻣﻧﯾـﺔ‬
‫ﻣﻬـ ــددة ﻟﻸﻣـ ــن اﻟﻔـ ــرد واﻟﺟﻣﺎﻋـ ــﺔ واﻟدوﻟـ ــﺔ‪ ،‬وﻣـ ــن ﺑـ ــﯾن ﻫـ ــذﻩ اﻟﻘطﺎﻋـ ــﺎت اﻟﺗـ ــﻲ أﻧﺗﺟﺗﻬـ ــﺎ‬
‫‪579‬‬
‫‪ISSN: 1112-9336‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ‬
‫ص ‪597 - 578‬‬ ‫اﻟﻣﺟﻠد‪ 12 :‬اﻟﻌدد‪ 04 :‬اﻟﺳﻧﺔ ‪2020‬‬

‫اﻟد ارﺳــﺎت اﻟﻧﻘدﯾــﺔ ﻗطــﺎع اﻷﻣــن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﻲ‪ ،‬اﻟــذي طُــرح ﻓــﻲ إطــﺎر ﻣدرﺳــﺔ ﻛوﺑﻧﻬــﺎﺟن‪،‬‬
‫اﻟﺗــﻲ ﺣﺎوﻟــت ﻣــن ﺧﻼﻟــﻪ ﻣﻌﺎﻟﺟــﺔ اﻟﻘﺻــور ﻓــﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾــل اﻷﻣﻧــﻲ ﻟﺻـراﻋﺎت اﻹﺛﻧﯾــﺔ اﻟﺗــﻲ‬
‫ﺷﻬدﻫﺎ اﻟﻌـﺎﻟم ﻣطﻠـﻊ اﻟﺗﺳـﻌﯾﻧﺎت‪ ،‬وﻫـذا ﯾـدﻓﻌﻧﺎ إﻟـﻰ اﻟﺗﺳـﺎؤل‪ :‬ﻛﯾـف ﯾﻣﻛـن ﺗﻔﺳـﯾر طﺑﯾﻌـﺔ‬
‫اﻟﻌﻼﻗــﺔ ﺑ ــﯾن اﻷﻣ ــن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﻲ واﻟﻘطﺎﻋ ــﺎت اﻷﻣﻧﯾ ــﺔ اﻷﺧ ــرى اﻟﺗ ــﻲ طُرﺣ ــت ﻓ ــﻲ إط ــﺎر‬
‫إﺳﻬﺎﻣﺎت ﻣدرﺳﺔ ﻛوﺑﻧﻬﺎﺟن ﻟﻠدراﺳﺎت اﻷﻣﻧﯾﺔ ؟‬
‫وﻋﻠﯾﻪ ﻧطرح اﻟﻔرﺿﯾﺎت اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬
‫‪ -‬إن اﻷﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ﯾﺗﺄﺛر ﺑﺻﻔﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﺎﻟﻘطﺎﻋﺎت اﻷﻣﻧﯾﺔ اﻷﺧرى‪.‬‬
‫‪ -‬إن اﻷﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ﯾؤﺛر ﺑﺷﻛل ﻣﺑﺎﺷر ﻋﻠﻰ اﻟﻘطﺎﻋﺎت اﻷﻣﻧﯾﺔ اﻷﺧرى‪.‬‬
‫‪ .2‬ﺗطور ﻣﻔﻬوم اﻷﻣن‪:‬‬
‫إن ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺿﺑط ﻣﻔﻬوم ﺷﺎﻣل ﻟﻸﻣن ُﯾﻌد ﻣن اﻟﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺗﻲ ﻓﯾﻬﺎ ﻣن‬
‫ﺻﻌوﺑﺔ إﻟﻰ درﺟﺔ ﻋدم اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﺿﺑطﻪ ﺑﺷﻛل ﺗﺎم‪ ،‬ﻧظ ار ﻟﻣﺎ ﯾﺗﻣﯾز ﺑﻪ اﻷﻣن ﻣن‬
‫اﺗﺳﺎع وﺗﻐﯾر ﻓﻲ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺗﻬدﯾدات واﻟﻣﺟﺎﻻت‪ ،‬وﯾﺗم وﺻف ﻣﻔﻬوم اﻷﻣن أﻧﻪ ''ُﯾﺻﻧف‬
‫ﻣن أﺻﻌب اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺎوﻟﻬﺎ ﻣﺗﺧﻠف اﻟدراﺳﺎت اﻷﻛﺎدﯾﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻷﻧﻪ ُﯾﻌﺗﺑر ]ﻣﻔﻬوﻣﺎ‬
‫وﻣرﻛﺑﺔ وأﺑﻌﺎد ﻋدة وﻣﺳﺗوﯾﺎت ﻣﺗﻧوﻋﺔ''‪ .1‬وﺗﺧﺗﻠف اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم‬
‫ﻧﺳﺑﯾﺎ ذا طﺑﯾﻌﺔ[ ُﻣﺗﻐﯾرة ُ‬
‫اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﻣن ﺑﯾن اﻟﻣﻧظرﯾن وﻋﺑر ﻣﺧﺗﻠف اﻷزﻣﻧﺔ‪ ،‬وﻫذا اﻻﺧﺗﻼف ﯾﻌود ﺑﺎﻷﺳﺎس‬
‫إﻟﻰ اﺧﺗﻼف اﻷﺳس اﻟﺗﻲ ﯾﻧطﻠق ﻣﻧﻬﺎ ﻛل ﺑﺎﺣث واﻟوﺳﺎﺋل واﻷطراف اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ ﺑﻪ؛‬
‫ﻓﻬﻧﺎك ﻣن ﯾرﺑط اﻷﻣن ﺑﺎﻟدوﻟﺔ ﻓﻘط‪ ،‬وﻫﻧﺎك ﻣن ﯾرﺑطﻪ ﺑﺎﻟﻔرد واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‪ ،‬وﺑﺣﻛم ﻣﺎ‬
‫ﺗﺷﻬدﻩ اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻣن ﺗﻐﯾرات ﺟذرﯾﺔ ﺑﻌد ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺣرب اﻟﺑﺎردة‪ ،‬ﻛﺎن ﺿرورًﯾﺎ أن‬
‫ﯾﻛون ﻫﻧﺎك ﺗﻔﺳﯾرات ﺟدﯾدة ﻟﻣﻔﻬوم اﻷﻣن‪.2‬‬
‫ارﺗﺑط ﻣﻔﻬوم اﻷﻣن ﻓﻲ اﻟﺣرب اﻟﺑﺎردة ﻓﻲ اﻟﻔﺗرة اﻟﻣﻣﺗدة ‪1989-1945‬‬
‫ﺑﻣرﺣﻠﺔ ﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟدراﺳﺎت اﻷﻣﻧﯾﺔ‪ ،‬وﺗﻣﯾزت ﺑﻬﯾﻣﻧﺔ ﻧﻣوذج ﻣرﻛزﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ‬
‫ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺷؤون اﻷﻣﻧﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ اﺗﺳﻣت ﺑﺗرﻛﯾز اﻻﻫﺗﻣﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻬدﯾدات ذات اﻟطﺎﺑﻊ‬

‫‪580‬‬
‫‪ISSN: 1112-9336‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ‬
‫ص ‪597 - 578‬‬ ‫اﻟﻣﺟﻠد‪ 12 :‬اﻟﻌدد‪ 04 :‬اﻟﺳﻧﺔ ‪2020‬‬

‫ﻗﯾﻣﺎ ﺣﯾوﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ أي اﻟﺑﻘــﺎء واﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟوطﻧﯾﯾن؛ ﺣﯾث‬

‫اﻟﻌﺳﻛري اﻟﻣوﺟﻪ ﻟﻣﺎ ا ُﻋﺗﺑر َ‬
‫ﺟﺎء رﺑط اﻷﻣن أو اﻟﺗﻬدﯾد ﺑﻣؤﺳﺳﺔ اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬ﻫذا ﻣﺎ ﻗﺎد ﻋدة ﺑﺎﺣﺛﯾن إﻟﻰ ﺗﺄطﯾرﻩ ﻣن‬
‫ﻣﻧظور دوﻟﺗﻲ‪ ،‬وﺗﺑﻧﺎﻩ اﻟﻣﻣﺎرﺳون ﺗﺣت ﻣﺳﻣﻰ اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ‪ ،3‬أي اﻟﻣﻧظور اﻟﺗﻘﻠﯾدي‬
‫ﻟﻸﻣن اﻋﺗﻣد ﻓﻲ ﺗﺣدﯾدﻩ ﻟﻣﻔﻬوم اﻷﻣن ﻋﻠﻰ ﺛﻧﺎﺋﯾﺔ‪ :‬اﻟدوﻟﺔ ﻛوﺣدة ﺗﺣﻠﯾل رﺋﯾﺳﯾﺔ وﻋﻠﻰ‬
‫ﺳﺎﺋدا اﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ‬
‫ً‬ ‫اﻟﻌواﻣل اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﻛﻣﺻدر ﻟﺗﻬدﯾد أﻣن اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬وظل ﻫذا اﻹطﺎر‬
‫ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺣرب اﻟﺑﺎردة‪ ،‬وﻣﺎ واﻛﺑﺗﻬﺎ ﻣن أﺣداث ﺧﺻوﺻﺎ ﻓﻲ ﺷرق أورﺑﺎ ٕواﻓرﯾﻘﯾﺎ‪ ،‬واﻟﺗﻲ‬
‫ظﻬرت ﻓﯾﻬﺎ ﻣوﺟﺎت ﻣن اﻟﻌﻧف اﻹﺛﻧﻲ أﻓﺿﻰ إﻟﻰ ﻣﺟﺎزر ﺟﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﺷﻬدت‬
‫روﻧدا ﻣﺎ ﺑﯾن ﺷﻬر أﻓرﯾل وﺟوﯾﻠﯾﺔ ﻣن ﻋﺎم ‪ 1994‬ﻣﻘﺗل ﻣﻠﯾون ﻣواطن ﻣن أﻗﻠﯾﺔ‬
‫اﻟﺗوﺗﺳﻲ ﻣن طرف اﻟﻬوﺗو‪.4‬‬
‫ﻫ ــذﻩ اﻟﻧ ازﻋ ــﺎت اﻹﺛﻧﯾ ــﺔ ﻛﺎﻧ ــت ﻣ ــن ﺑ ــﯾن اﻟﻌواﻣ ــل اﻟﺗ ــﻲ أﺳ ــﻬﻣت ﻓ ــﻲ إط ــﻼق‬
‫ﻣﺣ ــﺎوﻻت ﺟدﯾ ــدة ﻣ ــن أﺟ ــل ﺗوﺳ ــﯾﻊ ﻣﻔﻬ ــوم اﻷﻣ ــن‪ ،‬ﻓﻣ ــن ﺧ ــﻼل ﻫ ــذﻩ اﻹﺣ ــداث دﺧﻠ ــت‬
‫ﻋﻣودﯾـﺎ‬
‫ً‬ ‫اﻟدراﺳﺎت اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗوﺳﯾﻊ‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﺗﻣﯾزت ﺑﺗوﺳﯾﻊ ﻣﻔﻬوم اﻷﻣن‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾ ــﺔ‬
‫ﻧﺣ ــو اﻟﺟﻣﺎﻋ ــﺎت واﻷﻓـ ـراد‪ ،‬وأﻓﻘﯾ ــﺎ ﻧﺣ ــو اﻟﻘطﺎﻋ ــﺎت اﻻﻗﺗﺻ ــﺎدﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳ ــﯾﺔ و ُ‬
‫واﻟﺑﯾﺋﯾﺔ‪ .5‬وﻋﻠﻰ ﺧطوط ُﻣﻣﺎﺛﻠـﺔ اﻟﺗـﻲ ﺗﺗﻧـﺎول اﻟﻣﺳـﺗوﯾﺎت اﻟﺿـرورﯾﺔ ﻟﻔﻬـم اﻷﻣـن ﯾﺗطـرق‬
‫ﺑﺎري ﺑوزان إﻟﻰ ﻣﺧﺗﻠف ﻗطﺎﻋﺎت اﻷﻣن اﻟﺟدﯾدة ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻟﺗﻪ ‪-‬أﻧﻣﺎط ﺟدﯾـدة ﻣـن اﻷﻣـن‬
‫اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺣﺎدي واﻟﻌﺷرﯾن‪ -‬ﺑﺎري ﺑوزان "ﯾﺣﻠل ﻛﯾف ﻟﺧﻣﺳﺔ ﻗطﺎﻋﺎت اﻷﻣـن‬
‫وﻫــﻲ‪) :‬اﻟﺳﯾﺎﺳــﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻌﺳــﻛرﯾﺔ‪ ،‬اﻻﻗﺗﺻــﺎدﯾﺔ واﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾــﺔ‪ ،‬واﻟﺑﯾﺋــﺔ( ﻗــد ﺗُــؤﺛر ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﺣــﯾط‬
‫ﻋﻠـﻰ أﺳـﺎس اﻟﺗﻐﯾـرات ﻓـﻲ اﻟﻣرﻛـز‪ ،‬وﻣــن ﺧـﻼل ﻫـذﻩ اﻟﻘطﺎﻋـﺎت اﻟﺧﻣﺳـﺔ ﻟﻸﻣـن"‪ 6‬ﺗﻣــت‬
‫اﻟﻌﻣﻠﯾــﺔ اﻟﺗوﺳــﻌﯾﺔ ﻓــﻲ ﺿــﺑط ﻣﻔ ــﺎﻫﯾم ﻣﻌﺎﺻ ـرة ﻟﻸﻣــن ﻣــن ﺧــﻼل اﻻﺗﺟــﺎﻩ اﻟﻧﻘــدي ﻓــﻲ‬
‫د ارﺳــﺎت اﻷﻣﻧﯾــﺔ‪ ،‬واﻟﺗــﻲ ﺗــذﻫب اﻟــﻰ اﻋﺗﺑــﺎر اﻟﻔــرد ﻫــو وﺣــدة اﻟﺗﺣﻠﯾــل اﻷﺳﺎﺳــﯾﺔ ﻟﻸﻣــن‪،‬‬
‫ﻓﻔ ــﻲ ﻗﻠ ــب اﻟد ارﺳ ــﺎت اﻷﻣﻧﯾ ــﺔ اﻟﻧﻘدﯾ ــﺔ دﻋ ــوة إﻟـ ـﻰ أن ﯾـ ـرﺗﺑط اﻟﻣوﺿ ــوع اﻷﻣ ــن ﻛﻣرﺟ ــﻊ‬
‫ﺑﺎﻟﺟواﻧــب اﻟﻔردﯾــﺔ‪ ،‬ﻋــﻼوة ﻋﻠــﻰ ذﻟــك ﺗــدﻋوا إﻟــﻰ ﺿــرورة أن ﺗﻬــﺗم اﻟد ارﺳــﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳــﯾﺔ‬

‫‪581‬‬
‫‪ISSN: 1112-9336‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ‬
‫ص ‪597 - 578‬‬ ‫اﻟﻣﺟﻠد‪ 12 :‬اﻟﻌدد‪ 04 :‬اﻟﺳﻧﺔ ‪2020‬‬

‫ﺑﺗﻘﯾــﯾم ﺗﻬدﯾــدات واﻟﺣــرب ﺑــﯾن اﻟــدول ﺑﻘــدر أﻗــل واﻟﺣﻘﯾﻘــﻲ ﻣــن ﻧظﯾرﺗﻬــﺎ ﻣــن اﻟﺗﻬدﯾــدات‬
‫اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺟواﻧب اﻟﺑﯾﺋﺔ ﻟﻸﻣن‪ ،‬واﻷﻣن اﻟﻐذاﺋﻲ‪ ،‬واﻷﻣن اﻻﻗﺗﺻﺎدي‪ٕ ،‬واﻟﻰ وﺟﻬﺔ ﻧظر‬
‫ﺗـرى أن اﻟﻐﺎﻟﺑﯾـﺔ اﻟﻌظﻣــﻰ ﻣـن اﻟـدول ﺗﺗﺟــﻪ إﻟـﻰ ﺗوﻟﯾــد اﻧﻌـدام اﻷﻣـن ﺑــدﻻ ﻣـن اﻻﺳــﺗﻘرار‬
‫واﻻزدﻫﺎر‪.7‬‬
‫أﻧﺗﺟــت ﻫــذﻩ اﻟﻔﺗـ ـرة ﻣﺟﻣوﻋــﺔ ﻣــن اﻟد ارﺳــﺎت اﻷﻣﻧﯾــﺔ اﻟﺗــﻲ ﺗ ــم ﺑﻠورﺗﻬ ــﺎ ﺑواﺳــطﺔ‬
‫ﻣﺟﻣوﻋــﺔ ﻣــن اﻟﻣــدارس ﻛﻣدرﺳــﺔ ‪-‬وﯾﻠــز‪ -‬اﻟﺗــﻲ َﺳــﻌﻰ ُﻣﻧظرﯾﻬــﺎ اﻟــﻰ ﺻــﯾﺎﻏﺔ ﻣﻔﻬــوم –‬
‫ﺑﻌﯾدا ﻋن اﻟﺑﻧـﺎءات اﻹﻧﺷـﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺗداوﻟـﺔ ﻓـﻲ اﻻﺳـﺗﻌﻣﺎﻻت اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾـﺔ واﻟﺛورﯾـﺔ‬
‫ً‬ ‫اﻻﻧﻌﺗﺎق‪-‬‬
‫ﻟﻠﻣﻔﻬــوم ﻓــﻲ ﻛــل اﻟﻣﺎرﻛﺳــﯾﺔ واﻟﻠﯾﺑراﻟﯾــﺔ وﺑﻌــد اﻟﺣداﺛﯾــﺔ؛ ﻫــذا اﻟﺳــﻌﻲ أوﺻــﻠﻬم اﻟــﻰ وﺿــﻊ‬
‫ﻣﻔﻬــوﻣﻬم ﺧ ــﺎص ﻣ ــن ﺧ ــﻼل ﻣﻘ ــﺎل ﻧﺷـ ـرﻩ ﻛــﯾن ﺑ ــوث ﻣ ــﻊ ﺑداﯾـ ـﺔ اﻟﺗﺳ ــﻌﯾﻧﯾﺎت ﺑﻌﻧـ ـوان ‪-‬‬
‫اﻻﻧﻌﺗ ـ ــﺎق واﻷﻣ ـ ــن‪ -‬ﻛﺗ ـ ــب ﺑ ـ ــوث ﻓ ـ ــﻲ ﺗﻌرﯾﻔ ـ ــﻪ "اﻻﻧﻌﺗ ـ ــﺎق‪ :‬ﻫ ـ ــو ﺗﺣرﯾ ـ ــر اﻟﻧ ـ ــﺎس )أﻓـ ـ ـراد‬
‫وﺟﻣﺎﻋ ــﺎت( ﻣ ــن اﻟﻘﯾ ــود اﻟﻣﺎدﯾ ــﺔ واﻹﻧﺳ ــﺎﻧﯾﺔ‪ :‬اﻟﻔﻘ ــر‪ ،‬ﺳ ــوء اﻟﺗﻌﻠ ــﯾم‪ ،‬اﻟﻘﻣ ــﻊ اﻟﺳﯾﺎﺳ ــﻲ‪.‬‬
‫ﻓ ــﺎﻟﺗﺣرر واﻻﻧﻌﺗـ ـﺎق ﻫﻣ ــﺎ وﺟﻬـ ــﺎن ﻟﻌﻣﻠ ــﺔ واﺣـ ــدة‪ ،‬وﻟ ــﯾس اﻟﺳـ ــﻠطﺔ اﻟﻧظـ ــﺎم ﯾﻧ ــﺗﺞ اﻷﻣ ــن‬
‫اﻟﺣﻘﯾﻘــﻲ‪ ،‬اﻻﻧﻌﺗــﺎق ﻧظرًﯾــﺎ ﻫــو اﻷﻣــن‪ .8‬إن ﻣدرﺳــﺔ ‪-‬وﯾﻠــز‪ -‬ﻟﻠد ارﺳــﺎت اﻷﻣﻧﯾــﺔ ﻣﻧﺣــت‬
‫ﻣﻔﻬوﻣﺎ آﺧر ﻟﺗوﺳﯾﻊ اﻷﻣـن ﯾﺗﻌﻠـق ﺑـﺎﻟﻔرد ﻛوﺣـدة ﺗﺣﻠﯾـل اﻟـذي ﯾﻛـون ُﻣﻬـدد ﻣـن ﻣﺻـﺎدر‬
‫ﻏﯾـر ﻋﺳـﻛرﯾﺔ اﻟﺗــﻲ ﻗـد ﺗﺗﻛــون ﻓـﻲ ﻣﺟـﺎﻻت أﺧــرى ﺗﺗﻌﻠـق ﺑــﺄﻣن اﻹﻧﺳـﺎﻧﻲ واﻟﺳﯾﺎﺳــﻲ‬
‫واﻷﻣن اﻟﻐذاﺋﻲ وﻏﯾرﻩ ‪.‬‬
‫أﻣــﺎ ﻣدرﺳــﺔ‪ -‬ﺑــﺎرﯾس‪ -‬ﻓﻛﺎﻧــت ﻧظرﺗﻬــﺎ ﻟﻸﻣــن ﺗﻧطﻠــق ﻣــن ﺿــرورة ﻋــدم اﻟﻔﺻــل‬
‫ﺑــﯾن اﻷﻣــن ﻓــﻲ ﺟﺎﻧﺑــﻪ اﻟــداﺧﻠﻲ واﻷﻣــن ﻓــﻲ ﺟﺎﻧﺑــﻪ اﻟﺧــﺎرﺟﻲ ﺣﯾــث ﯾــرى اﻟﻣﻧظــر ﺑﯾﻐــو‬
‫)وأﺗﺑﺎع اﻟﻣدرﺳﺔ ﻓﻲ ﺑﺎرﯾس( اﻟﺗﻲ ﺗﻧطﻠق أﻋﻣﺎﻟﻬم ﻣـن اﻻﻓﺗـراض اﻟرﺋﯾﺳـﻲ ﻧﻔﺳـﻪ اﻟـذي‬
‫ﯾؤﻣن أن ﻫﻧﺎك دﻣﺞ ﺑﯾن اﻟﻌواﻣـل اﻟداﺧﻠﯾـﺔ واﻟﺧﺎرﺟﯾـﺔ ﻟﻸﻣـن‪ .‬وأن اﻟﻔﺻـل ﺑـﯾن اﻻﺛﻧـﯾن‬
‫ﺗــم إﻟﻐــﺎؤﻩ ﻓــﻲ اﻟواﻗــﻊ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺣــدود ﺑــﯾن اﻟﻌواﻣــل اﻟداﺧﻠﯾــﺔ واﻟﺧﺎرﺟﯾــﺔ ﻫــﻲ ﺑﻣﺛﺎﺑــﺔ ﺣــدود ﺑــﯾن‬
‫اﻟـ ــدول اﻟﻘوﻣﯾـ ــﺔ ذات اﻟﺳـ ــﯾﺎدة وﻓﻘـ ــﺎ ﻟﺑﯾﻐـ ــو‪ ،‬ﻓﻧﻬﺎﯾـ ــﺔ اﻟﺛﻧﺎﺋﯾـ ــﺔ اﻟﻘطﺑﯾـ ــﺔ وﻧﺟـ ــﺎح اﻻﺗﺣـ ــﺎد‬

‫‪582‬‬
‫‪ISSN: 1112-9336‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ‬
‫ص ‪597 - 578‬‬ ‫اﻟﻣﺟﻠد‪ 12 :‬اﻟﻌدد‪ 04 :‬اﻟﺳﻧﺔ ‪2020‬‬

‫اﻷوروﺑــﻲ ﻓــﻲ اﻟﺗﺟرﺑــﺔ اﻟﺗﻛﺎﻣﻠﯾــﺔ‪ ،‬وﻗــد ﺳــﺎﻫم ﻓــﻲ اﻟﺗ ارﺟــﻊ اﻟﺗﻣﯾﯾــز ﺑــﯾن اﻷﻣــن ﻓــﻲ ﺷــﻘﻪ‬
‫‪9‬‬
‫اﻟداﺧﻠﻲ واﻟﺧﺎرﺟﻲ‪.‬‬
‫ﻣــن أﻫــم اﻟﻣــدارس اﻟﺗــﻲ وﺳــﻌت ﻣﻔﻬــوم اﻷﻣــن إﺿــﺎﻓﺔ ﻟﻣدرﺳــﺔ وﯾﻠــز وﻣدرﺳــﺔ‬
‫ﺑﺎرﯾس‪ ،‬ﻧﺟد ﻣدرﺳﺔ‪ -‬ﻛوﺑﻧﻬﺎﺟن‪ -‬اﻟﺗﻲ ﻟ ــم ﺗﺣﺻـر ﻣﻔﻬوم اﻷﻣن ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻣﺗﻌﻠـق‬
‫ﺑﺎﻟدوﻟﺔ ﻛﻔﺎﻋل وﺣﯾد ورﺋﯾﺳﻲ‪ ،‬وأن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺗﻬدﯾدات ﻫﻲ ﻋﺳﻛرﯾﺔ ﻓﻘط‪ ،‬ﺑل وﺳﻌت ﻣن‬
‫داﺋرة ﻫذﻩ اﻟﺗﻬدﯾدات اﻟﺗﻲ ﺗُﻬدد اﻟﻌـﺎﻟم واﻟدوﻟـﺔ واﻟﻔـرد‪ ،‬ﻟـذﻟك ﺷـﻣل اﻷﻣـن ﻓـﻲ ﻧظـر رواد‬
‫ﻣدرﺳـ ـ ــﺔ ﻛوﺑﻧﻬـ ـ ــﺎﻏن ﻣﻔـ ـ ــﺎﻫﯾم اﻷﻣـ ـ ــن‪ :‬اﻟﺳﯾﺎﺳـ ـ ــﻲ‪ ،‬اﻟﻌﺳـ ـ ــﻛري‪ ،‬اﻻﻗﺗﺻـ ـ ــﺎدي‪ ،‬اﻟﺑﯾﺋـ ـ ــﻲ‪،‬‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﻲ‪" ،‬وﻣــن ﺧــﻼل اﻷﻣــن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﻲ ﺗﺳــﻌﻰ اﻟــﻰ ﺿــرورة اﻟﺗﺄﻛﯾــد ﻋﻠــﻰ اﻟﺟﻣــﻊ‬
‫ُ‬
‫ﺑــﯾن اﻷﻣ ــن اﻟﻘــوﻣﻲ واﻟﻬوﯾ ــﺔ اﻟوطﻧﯾــﺔ‪ٕ ...‬واﻟ ــﻰ رﺑــط أﻣ ــن اﻟدوﻟــﺔ ﺑ ــﺄﻣن اﻷﻣــﺔ ﻛﺈط ــﺎر‬
‫ﺿــﺎﻣن ﻟﻣﺣﺗــوى اﻟﻬوﯾــﺔ" ‪ .10‬وﻋﻠﯾــﻪ ﻓــﺈن ﻣﻔﻬــوم اﻷﻣــن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﻲ ﺗــم ﺻــﯾﺎﻏﺗﻪ ﻓــﻲ ظــل‬
‫اﻟﻣﻧظر ﺑﺎري ﺑوزان ووﯾﻔر اﻟﻔر‪.‬‬
‫ﻫذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ ﻣن طرف ُ‬
‫‪ .3‬ﻣﻔﻬوم اﻻﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ‪:‬‬
‫إن اﻷﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ﻛﻧﻣوذج ﺗـم وﺿـﻌﻪ ﻟﻣﻌﺎﻟﺟـﺔ ﻗﺻـور اﻷدوات اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﯾـﺔ‬
‫اﻟﻣوﺟودة ﻟﻠﺗﺣﻠﯾل ﻓﻲ ظل اﻟﺗطورات اﻟﻣﻌﺎﺻرة‪ ،‬ﺣﯾث ظﻬـر اﻷﻣـن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌـﻲ ﻛﻧﻣـوذج‬
‫ﻣﻌرﻓﻲ ﻣن ﺧـﻼل اﻟﻧﻘﺎﺷـﺎت ﺣـول ﻣوﺿـوع اﻷﻣـن ﻓـﻲ أوروﺑـﺎ ‪،‬ﻓـﻲ ﻓﺗـرة ﻣـﺎ ﺑﻌـد اﻟﺣـرب‬
‫اﻟﺑـﺎردة‪ ،‬ﺗـم ﺗطـوﯾرﻩ ﻛﻣﻘﺎرﺑـﺔ ﻣﻌرﻓﯾـﺔ ﺑﻔﺿـل ﻣﺟﻣوﻋـﺔ ﻣـن اﻟﺑـﺎﺣﺛﯾن ﺑﻣدرﺳـﺔ ﻛوﺑﻧﻬـﺎﻏن‪،‬‬
‫وﻗد ﺟﺎءت ﺗﻠك اﻟدراﺳﺎت ﻣﺗزاﻣﻧﺔ ﻣـﻊ ﻣـﺎ أﻧﺗﺟﺗـﻪ ﻓﺗـرة ﺗﻠـك ﻣـن ﻣﻌطﯾـﺎت ُﻣﺗﻌﻠﻘـﺔ ﺑﺗﻔﻛـك‬
‫اﻻﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾﺎﺗﻲ ‪.‬‬
‫ﻓﻛﺎن اﻟﻘﻠق ﻗﺎﺋﻣﺎً ﺣول اﻻﺧﺗﻼف اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﺑـﯾن ﻣﺻـطﻠﺢ اﻷﻣـﺔ واﻟدوﻟـﺔ ﻓـﻲ‬
‫أﻏﻠــب دول اﻟﻌــﺎﻟم آﻧــذاك‪ ،‬وأن ﻣﻔﻬــوم "اﻷﻣــن اﻟﻘــوﻣﻲ" ﻛﺈطــﺎر ﺗﺣﻠﯾــل ﺑــدأت ﺗﺗﺿــﺎءل‬
‫أﻫﻣﯾﺗﻪ ﺷﯾﺋﺎً ﻓﺷـﯾﺋﺎً ﻓـﻲ د ارﺳـﺔ ﻋـﺎﻟم ﻣـﺎ ﺑﻌـد اﻟﺣـرب اﻟﺑـﺎردة ﻓـﻲ أوروﺑـﺎ‪ .‬وﺑـدﻻً ﻋـن ذﻟـك‬
‫ﻗــﺎﻣوا )ﺑﻣدرﺳــﺔ ﻛوﺑﻧﻬــﺎﻏن( ﺑــﺎﻗﺗراح ﻣﺻــطﻠﺢ "اﻷﻣــن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﻲ" ﻣــن ﺧــﻼل اﻟﺗرﻛﯾــز‬

‫‪583‬‬
‫‪ISSN: 1112-9336‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ‬
‫ص ‪597 - 578‬‬ ‫اﻟﻣﺟﻠد‪ 12 :‬اﻟﻌدد‪ 04 :‬اﻟﺳﻧﺔ ‪2020‬‬

‫ﻋﻠ ــﻰ اﻷﺧط ــﺎر اﻟﺗ ــﻲ ﺗﻬ ــدد اﻟﻣﺟﺗﻣﻌ ــﺎت واﻋﺗﺑﺎرﻫ ــﺎ أﺧط ــﺎ اًر ﻗوﻣﯾ ــﺔ‪ :‬اﻟﻬوﯾﺎﺗﯾ ــﺔ‪ ،‬اﻹﺛﻧﯾ ــﺔ‬
‫واﻟدﯾﻧﯾﺔ‪ .11‬أي إن اﻹطﺎر اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﻲ ﺑدأ ﯾﻬﺗم ﺑﺎﻷﻣﺔ ﻛوﺣدة ﺗﺣﻠﯾل‪ ،‬وﻣـﺎ ﺗﺣﻣﻠـﻪ ﻣـن ﻗـﯾم‬
‫أﺳﺎﺳﺎ ﺑﺎﻟﻬوﯾﺔ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ﻣﺗﻌﻠﻘﺔ‬
‫ﯾ ــذﻫب ﺑ ــﺎري ﺑ ــوزان إﻟ ــﻰ ﺣ ــد اﻟﻘ ــول أن ﻫﻧ ــﺎك أﻫﻣﯾ ــﺔ ﻣ ــن إدﺧ ــﺎل اﻟﻣﻔ ــﺎﻫﯾم‬
‫اﻟﻣﺗﻌﻠﻘــﺔ ﺑﺎﻟﻣﻌﺿــﻼت اﻷﻣﻧﯾــﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾــﺔ ﻣــن ﺣﯾــث اﻟﻌــرق‪ ،‬اﻟﻘوﻣﯾــﺔ واﻟﻬوﯾــﺎت اﻟدﯾﻧﯾــﺔ‪،‬‬
‫وﻫــو ﻣــﺎ ُﯾﻔﺳــر أﯾﺿــﺎ أن اﻟﻣﺧــﺎطر اﻟﻧﺎﺗﺟــﺔ ﻋــن اﻧﻌــدام اﻷﻣــن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﻲ ﺗﺟﻌــل ﻣــن‬
‫اﺳﺗﻘرار اﻟدوﻟﺔ أﻛﺛر ﺧطورة ﻣـن اﻟﺗﻬدﯾـدات اﻟﺧﺎرﺟﯾـﺔ‪ ،‬وﯾﻘـول أن اﻷﻣـن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌـﻲ ﻫـو‬
‫وﯾﺿــﯾف أﯾﺿــﺎ أن‬
‫واﺣـد ﻣــن ﺧﻣﺳـﺔ أﺑﻌــﺎد اﻟﺗــﻲ ﯾﻣﻛـن أن ﺗُﺣــدث اﻟﻣﻌﺿــﻼت اﻷﻣﻧﯾـﺔ‪ُ ،‬‬
‫اﻧﻌدام اﻷﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ﻫو أﺣد اﻟﺗﻬدﯾدات اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟـﻰ ﺟﺎﻧـب اﻷﺑﻌـﺎد اﻷﺧـرى‬
‫‪12‬‬
‫ﻟﻸﻣن اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ‪ :‬اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬واﻟﺑﯾﺋﯾﺔ‪.‬‬
‫ﺑرز أن اﻷﻣـن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌـﻲ ُﯾﻌﺗﺑـر ﻣـن اﻷﻓﻛـﺎر اﻷﻛﺛـر ﺗـﺄﺛﯾ اًر ﻣـن ﺑـﺎﻗﻲ اﻷﻓﻛـﺎر‬
‫اﻟﺣدﯾﺛــﺔ اﻟﺗــﻲ دﺧﻠــت ﻋﻠــﻰ ﺣﻘــل اﻟد ارﺳــﺎت اﻷﻣﻧﯾــﺔ ﻓــﻲ اﻟﺗﺳــﻌﯾﻧﺎت ﻣــن طــرف ﻣدرﺳــﺔ‬
‫وﯾرﺗﻛز اﻟﻣﻔﻬـوم ﺑﺷـﻛل أﺳـﺎس ﻋﻠـﻰ اﻟﺗﻌﺎﻣـل‬
‫ﻛوﺑﻧﻬﺎﻏن ﺗﺣت ﻣﺳﻣﻰ اﻷﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ‪ُ .‬‬
‫ﻣــﻊ اﻟﺗﻬدﯾـدات ﻏﯾــر اﻟﻌﺳــﻛرﯾﺔ ﺑﺣﻠــول ﻏﯾــر ﻋﺳــﻛرﯾﺔ‪ ،‬ﺣﯾــث أن ﻣوﺿــوﻋﻪ ﻟــﯾس اﻟدوﻟــﺔ‬
‫)اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ( ﻓﻘط‪ ،‬وﻻ اﻟﻔرد )اﻷﻣن اﻹﻧﺳـﺎﻧﻲ( ﻓﻘـط‪ ،‬ﻟﻛﻧـﻪ ﯾرﻛـز ﺑﺷـﻛل أﺳـﺎس ﻋﻠـﻰ‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣــﻊ ﻛرﻛﯾ ـزة ﻟــﻪ‪ ،‬ﺣﯾــث ﻗــدﻣت ﻣدرﺳــﺔ ﻛوﺑﻧﻬــﺎﻏن ﺧدﻣــﺔ أﻛﺎدﯾﻣﯾــﺔ ﻛﺑﯾ ـرة ﺑﺗطوﯾرﻫــﺎ‬
‫ﻟﻬذا اﻟﺣﻘل وﺗﺣرﯾـرﻩ ﻣـن اﻟد ارﺳـﺎت اﻷﻣﻧﯾـﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾـﺔ واﻟد ارﺳـﺎت اﻹﺳـﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ واﻟﻌﻼﻗـﺎت‬
‫اﻟدوﻟﯾــﺔ وﺗﺣﻠﯾــل اﻟﻧ ازﻋــﺎت وﻏﯾرﻫــﺎ ﻣــن اﻟﻣﺟــﺎﻻت اﻟﺗــﻲ ﺗُرﻛــز ﻣﻧظوراﺗﻬــﺎ ﺣــول ﻣرﻛزﯾــﺔ‬
‫اﻟدوﻟ ــﺔ ﺑطرﯾﻘ ــﺔ أو ﺑ ــﺄﺧرى‪ ،‬ﯾﻣﻛ ــن ﻟﻬ ــذا اﻟﺣﻘ ــل أن ﯾﺗﻧ ــﺎول ﻣوﺿ ــوع ﻗﺿ ــﺎء ﺟ ــزء ﻣ ــن‬
‫وﯾﻔﺳـ ـ ــر ﻛـ ـ ــذﻟك ﻣﺳـ ـ ــﺄﻟﺔ اﻟﺑﻧـ ـ ــﺎء‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣـ ـ ــﻊ ﻋﻠـ ـ ــﻰ اﻟﺟـ ـ ــزء اﻵﺧـ ـ ــر )اﻟﺗطﻬﯾـ ـ ــر اﻟﻌرﻗـ ـ ــﻲ( ّ‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ‪.13‬‬

‫‪584‬‬
‫‪ISSN: 1112-9336‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ‬
‫ص ‪597 - 578‬‬ ‫اﻟﻣﺟﻠد‪ 12 :‬اﻟﻌدد‪ 04 :‬اﻟﺳﻧﺔ ‪2020‬‬

‫ﯾﻌد ‪-‬وﯾﻔر‪" -‬أن اﻟﻣﺧﺎوف اﻷﻣﻧﯾـﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻـرة ﻫـﻲ اﻟﺗـﻲ ﺗﺗﻧـﺎول اﻟﺣﻔـﺎظ ﻋﻠـﻰ‬
‫اﻟﻬوﯾــﺔ واﻟــدﻓﺎع ﻋــن اﻟﺛﻘﺎﻓــﺔ‪ ،‬ﻣــن ﺧــﻼل اﻋﺗﻣــﺎد ﻣﻔﻬــوم اﻷﻣــن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﻲ‪ ،‬اﻟــذي ﯾﻣﻛــن‬
‫ﺑواﺳطﺗﻪ ﺗﺣوﯾل ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻬوﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻰ ﻗﺿﯾﺔ أﻣﻧﯾﺔ ﯾـﺗم ﻋرﺿـﻬﺎ ﻋﻠـﻰ أﻧﻬـﺎ ﻣﺳـﺄﻟﺔ‬
‫‪14‬‬
‫ﺣﯾﺎة أو ﻣوت‪ ،‬وﻛذا اﻟدﻓﺎع ﺿد اﻟﺧطر واﻟﺗﻬدﯾد"‬
‫إن ﻫـ ــذﻩ اﻟظـ ــروف اﻟدوﻟﯾـ ــﺔ وﺣـ ــﺎﻻت اﻟﺗـ ــﻲ ﻋرﻓـ ــت اﻧﻔـ ــﻼت ﻓـ ــﻲ اﻟﺻ ـ ـراﻋﺎت‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ ﻛﺎﻧت أﺣد اﻟﻌواﻣل اﻟﺗﻲ دﻓﻌت أﻫم ُﻣﻧظري ﻣدرﺳﺔ ﻛوﺑﻧﻬـﺎﺟن ﻟﺗﻘـدﯾم إطـﺎر‬
‫ﻣﻔـﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻸﻣـن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌـﻲ‪ .‬ﯾﻌـد ﺑـﺎري ﺑـوزن أول ﻣـن طـرح ﻣﻔﻬـوم اﻷﻣـن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﻲ‬
‫ﻓ ــﻲ ﻛﺗﺎﺑ ــﻪ ‪ -‬اﻟﻧ ــﺎس واﻟﺧـ ـوف واﻟ ــدول‪ -‬إذ ﺗ ــم اﻟﺗط ــرق ﻟﻸﻣ ــن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌ ــﻲ ﻛواﺣ ــد ﻣ ــن‬
‫اﻟﻘطﺎﻋﺎت اﻟﺧﻣﺳﺔ وﻫـﻲ‪ :‬اﻟﻌﺳـﻛرﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳـﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻـﺎدﯾﺔ واﻟﺑﯾﺋﯾـﺔ‪ ،‬ﻓـﻲ ﻫـذا اﻟﺳـﯾﺎق‪،‬‬
‫أﺷ ــﺎر اﻟ ــﻰ اﻷﻣ ــن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌ ــﻲ ﻛﺎﺳ ــﺗداﻣﺔ ﻓ ــﻲ اﻷﻧﻣ ــﺎط اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾ ــﺔ ﻟﻠﻐ ــﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓ ــﺔ واﻟ ــدﯾن‬
‫واﻟﻬوﯾﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ‪ ،‬وﻋﺎدات اﻟدول‪.15‬‬
‫ﻗدم ﺑﺎري ﺑوزان ﺗﻌرﯾﻔَﺎ ﻟﻸﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ﯾﻘول ﻓﯾﻪ ‪:‬‬
‫"‪sustainability within acceptable conditions for evolution,‬‬
‫‪of traditional patterns of language, culture and religious and‬‬
‫‪16‬‬
‫‪"national identity and customs‬‬
‫وﯾﻌﻧﻲ ﺑﻪ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻣ اررﯾﺔ واﻻﺳﺗداﻣﺔ ﺿﻣن ﺗطـورات ﻣﻘﺑوﻟـﺔ ﻟﻸﻧﻣـﺎط‬
‫اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾـﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘـﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐـﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓــﺔ واﻟـدﯾن واﻟﻌـﺎدات‪ .‬وأن اﻟﺧطــر ﻋﻠـﻰ اﻷﻣـن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﻲ‬
‫ﯾﻧﺷـ ــﺄ ﻋﻧـ ــدﻣﺎ ﺗﺷـ ــﻌر ﻣﺟﻣوﻋـ ــﺔ ‪ -‬ﻣ ـ ـ ــﺎ‪ -‬أﻧﻬـ ــﺎ ﻏﯾـ ــر آﻣﻧـ ــﺔ إزاء اﻟﺳـ ــﻠطﺔ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾـ ــﺔ‪ ،‬أو‬
‫اﻟﻣﺟﻣوﻋــﺎت اﻟﺗــﻲ ﺗﺷــﺎرﻛﻬﺎ اﻹﻗﻠــﯾم ﻧﻔﺳــﻪ‪ ،‬ذﻟــك ﯾــؤدي إﻟــﻰ ﻣــﺎ ﯾﺳــﻣﯾﻪ ﺑــﺎري ﺑــوزان –‬
‫"ﺑﺎﻟﻣﻌﺿـ ــﻠﺔ اﻷﻣﻧﯾـ ــﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾـ ــﺔ‪ -‬واﻟﺗـ ــﻲ ﻗـ ــد ﺗـ ــﻧﻌﻛس ﻋﻠـ ــﻰ ﻣﺳـ ــﺗوى اﻟﺗﻬدﯾـ ــدات اﻟﺗـ ــﻲ‬
‫ﺗﺳﺗﺷﻔﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﺗﺟﺎﻩ ﺗطورﻫﺎ ﻓـﻲ ظـروف ﻣﻘﺑوﻟـﺔ دون ﻣﺳـﺎس ﺑﻠﻐﺗﻬـﺎ‪ ،‬ﺛﻘﺎﻓﺗﻬـﺎ‪،‬‬
‫‪17‬‬
‫ﻓﻘﯾﺎﺳ ــﺎ ﺑﺎﻟﻣﻌﺿــﻠﺔ اﻷﻣﻧﯾــﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾــﺔ ﺗظﻬــر‬
‫ً‬ ‫دﯾﻧﻬــﺎ‪ ،‬ﻋﺎداﺗﻬ ــﺎ‪ ،‬وﻫوﯾﺗﻬــﺎ ﺑﺷــﻛل ﻋــﺎم"‬
‫اﻟﻣﻌﺿــﻠﺔ اﻷﻣﻧﯾــﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾــﺔ ﺣﺳــب رؤﯾــﺔ وﯾﻔــر وﺑــﺎري ﺑــوزان ﻧﺗﯾﺟــﺔ ﻟﻌﻣﻠﯾــﺎت اﻟﺗطــور‪،‬‬

‫‪585‬‬
‫‪ISSN: 1112-9336‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ‬
‫ص ‪597 - 578‬‬ ‫اﻟﻣﺟﻠد‪ 12 :‬اﻟﻌدد‪ 04 :‬اﻟﺳﻧﺔ ‪2020‬‬

‫ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﯾﺗم ﺑﻧﺎء ﺗﺻورات اﻵﺧرﯾن )اﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ( ﺑﻣﺷﻛل ُﻣﺗﺑـﺎدل ﻣﻌـززةً‬
‫ﺻـور اﻟﻌــدو‪ ،‬ﻫـذا ﯾــؤدي اﻟـﻰ ﻧﻔــس اﻟﺟـدال واﻟﻣﻌﺿــﻠﺔ اﻟﺗـﻲ ﺗﺣــث ﺑـﯾن اﻟــدول ﻟﻛـن ﻓــﻲ‬
‫ﻧطﺎق ﻣﺟﺗﻣﻌﻲ أي ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﺗﺟﺎﻩ ﻣﺟﻣوﻋﺔ أﺧرى‪.‬‬
‫أي أن اﻟﻣﻌﺿ ــﻠﺔ اﻷﻣﻧﯾ ــﺔ ﺗﺣ ــدث ﺣ ــﯾن ﺗﺷ ــﻌر ﻣﺟﻣوﻋ ــﺔ ﻣﺟﺗﻣﻌﯾ ــﺔ أن ﻗﯾﻣﻬ ــﺎ‬
‫اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ أﺻﺑﺣت ﻣﻬددة ﻣن طرف ﻣﺟﻣوﻋـﺔ ﻣﺟﺗﻣﻌﯾـﺔ أﺧـرى أو ﻣـن ﻣؤﺳﺳـﺔ اﻟدوﻟـﺔ‬
‫اﻟﺗﺎﺑﻌ ــﺔ ﻟﻬ ــﺎ ﻓ ــﻲ ﺣ ــد ذاﺗﻬ ــﺎ‪ ،‬ﺑﺣﯾ ــث إذا ﺣ ــﺎول ﻣﺟﺗﻣ ــﻊ ﻣ ــﺎ اﻟﺗوﺟ ــﻪ إﻟ ــﻰ ﺗﻌزﯾ ــز اﻷﻣ ــن‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﻪ‪ ،‬ﻓﺄن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ أو اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻷﺧـرى ﺗﻛـون ﻟﻬـﺎ ردة ﻓﻌـل‪ ،‬ﻣـن‬
‫ﺧــﻼل اﺳــﺗدﻋﺎء وﻧﺷــوء ﻣﻌﺿــﻠﺔ أﻣﻧﯾــﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾــﺔ‪ ،‬وﯾﻘــول‪ :‬ﺟﯾ ـرﻓﯾس"‪...‬أن اﻟﻌدﯾ ـد ﻣــن‬
‫اﻟوﺳــﺎﺋل اﻟﺗــﻲ ﺗﺣــﺎول اﻟدوﻟــﺔ ﻣــن ﺧﻼﻟﻬــﺎ زﯾــﺎدة ﻗــدرﺗﻬﺎ ﻟﻸﻣــن ﯾﻘﻠــل ﻣــن أﻣــن اﻵﺧ ـرﯾن‪،‬‬
‫ﻫـذا ﯾـدل أن اﻟﻣﻌﺿـﻠﺔ اﻷﻣﻧﯾــﺔ اﻟدوﻻﺗﯾـﺔ ﻗـد ﺗُﺣـدث ﺻــﻌوﺑﺎت ﻓـﻲ اﻟﺗﻣﯾﯾـز ﺑـﯾن اﻟﻣواﻗــف‬
‫اﻟدﻓﺎﻋﯾــﺔ واﻟﻬﺟوﻣﯾــﺔ‪ ،‬ﻫــذﻩ اﻟﻣﻌﺿــﻠﺔ ﺗَﺣــدث أﯾﺿــﺎ ﺑــﯾن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾــﺔ‪ ،‬واﻟﻔــرق‬
‫ﻫﻧــﺎ ﻫــو أن اﻟﺗﻬدﯾــدات ﻫﻧــﺎ ﺗﺳــﺗﻬدف اﻟﻬوﯾــﺔ ﺑــدﻻ ﻣــن اﻟدوﻟــﺔ وﻻن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﺎت‪ ،‬ﻣﺛــل‬
‫اﻟـدول ﻓﺄﻧﻬــﺎ ﻗ ــد ﺗﺳــﺗﺧدم اﻷﺳــﻠﺣﺔ ﻟﻠـدﻓﺎع ﻋــن ﻫوﯾﺗﻬـﺎ اﻟﺧﺎﺻــﺔ ﺑﻬــﺎ‪ ،‬وﺑـذﻟك ﻧﻛــون أﻣــﺎم‬
‫ﻣﻌﺿﻠﺔ أﻣﻧﯾﺔ ﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ ذات ﺻراع ﻣﺳﻠﺢ وﻋﻧﯾف‪.18...‬‬
‫ﻋﻠ ــﻰ أﺳ ــﺎس اﻟﻣﺳ ــﺗوى اﻟﺗﺣﻠﯾﻠ ــﻲ اﻟﺗ ــﻲ ﺗﺗﻔﺎﻋ ــل ﻓﯾ ــﻪ‪ ،‬وﻓ ــﻲ ﻫ ــذا اﻟﺻ ــدد ﺗ ــم‬
‫ﺗﺻﻧﯾف اﻟﻣﻌﺿﻼت اﻷﻣﻧﯾﺔ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺳﺗوﯾﺎت ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ‪:‬‬
‫‪ -‬ﺑ ـ ــﯾن اﻟ ـ ــدول –دوﻻﺗ ـ ــﻲ‪ :-‬اﻟﻣﻌﺿ ـ ــﻠﺔ اﻷﻣﻧﯾ ـ ــﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾ ـ ــﺔ ﺗﻛ ـ ــون ﺑ ـ ــﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋ ـ ــﺎت‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ ﺑﯾن اﻟدول أو دوﻟﺔ ودوﻟﺔ‪.‬‬
‫‪-‬ﻋﺎﺑر ﻟدول ‪-‬ﻋﺑر‪-‬دوﻻﺗﻲ‪ :-‬أي اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ ﺗﻛون ﻣﻧﺗﺷرة ﺑﯾن اﻟدول‪.‬‬
‫‪ -‬داﺧــل اﻟــدول –داﺧﻠــﻲ‪ :-‬اﻟﻣﻌﺿــﻠﺔ اﻷﻣﻧﯾــﺔ ﺗﻛــون ﺑــﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋــﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾــﺔ داﺧــل‬
‫اﻟدوﻟـ ــﺔ أو ﺑـ ــﯾن اﻟﻣﺟﻣوﻋـ ــﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾـ ــﺔ ﺗﺟـ ــﺎﻩ اﻟدوﻟـ ــﺔ وﻫـ ــو اﻷﻛﺛـ ــر ﺻـ ــور اﻟﻣﻌﺿـ ــﻠﺔ‬
‫اﻧﺗﺷﺎر‪.‬‬
‫ًا‬ ‫اﻷﻣﻧﯾﺔ‬

‫‪586‬‬
‫‪ISSN: 1112-9336‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ‬
‫ص ‪597 - 578‬‬ ‫اﻟﻣﺟﻠد‪ 12 :‬اﻟﻌدد‪ 04 :‬اﻟﺳﻧﺔ ‪2020‬‬

‫ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻷﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ﺑﯾن اﻟدول وداﺧـل اﻟـدول واﺿـﺢ إﻻ‬
‫أﻧﻪ ﯾﺻﻌب وﺿﻊ ﺣد ﻓﺎﺻل ﺑﻧﻔس اﻟوﺿوح ﺑﯾن ﻣﻌﺿﻼت اﻷﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌـﻲ اﻟدوﻻﺗﯾـﺔ‬
‫وﻣﻌﺿـ ـ ـ ــﻼت اﻷﻣـ ـ ـ ــن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌـ ـ ـ ــﻲ اﻟﻌـ ـ ـ ــﺎﺑرة ﻟﻠـ ـ ـ ــدول أﯾـ ـ ـ ــن ﺗﻛـ ـ ـ ــون ‪-‬أرض اﻟـ ـ ـ ــوطن ‪-‬‬
‫)‪ (homeland‬ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺑﻌض اﻷﻗﻠﯾﺎت ﻋﺎﺑرة ﻟﺣدود اﻟدوﻟﺔ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ )ﻣﺛل اﻟﻘوﻣﯾﺎت‬
‫‪19‬‬
‫اﻟروﺳﯾﺔ ﻓﻲ دول اﻟﺑﻠطﯾق‪ ،‬واﻟﻣﺟر ﺑﯾن ﺳﻠوﻓﺎﻛﯾﺎ‪ ،‬أﻛراﻧﯾﺎ وروﻣﺎﻧﯾﺎ ‪.(..‬‬
‫إذن ﻓﺈن اﻻطﺎر اﻟﻌﺎم ﻟﻔﻬم اﻻﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ﯾﻛون ﻋﺑر اﻟﻧﻘﺎط اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬
‫‪ -‬ﻣﻔﻬــوم اﻷﻣــن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﻲ ﻫــو ﻧﺗــﺎج ﻣرﺣﻠــﺔ اﻟد ارﺳــﺎت اﻷﻣﻧﯾــﺔ اﻟﻧﻘدﯾــﺔ اﻟﺗــﻲ‬
‫ﺟﺎءت ﻛرد ﻋﻠﻰ ﺿﻌف اﻷدوات اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ ﻓﻲ ﻓﺗرة ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺣرب اﻟﺑﺎردة‪.‬‬
‫‪ -‬ﺟـ ــوﻫر ﻣﻔﻬـ ــوم اﻷﻣـ ــن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌـ ــﻲ ُﯾﻌﺑـ ــر ﻋـ ــن ﻗـ ــدرة اﻟﻣﺟﺗﻣـ ــﻊ ﻓـ ــﻲ اﻟﺣﻔـ ــﺎظ‬
‫واﻻﺳﺗﻣرار وﻓق أﻧﻣﺎطﻪ اﻹﺛﻧﯾﺔ واﻟﻠﻐوﯾﺔ واﻟدﯾﻧﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟﻣﻌﺿـﻠﺔ اﻷﻣﻧﯾـﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾـﺔ ﺗـﺄﺗﻲ ﻧﺗﯾﺟـﺔ اﻧﻌـدام اﻟﺛﻘـﺔ ﺑـﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋـﺎت واﻟﺗــﻲ‬
‫ﻗد ﺗؤدي إﻟﻰ ﺻدﻣﺎت ﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ ذات أﺷﻛﺎل ﻏﯾر ﻋﻧﯾﻔﺔ أو أﺷﻛﺎل ﻋﻧﯾﻔﺔ ﻣﺳﻠﺣﺔ‪.‬‬
‫‪- 4‬ﻋﻼﻗﺔ اﻻﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ﺑﺎﻷﺑﻌﺎد اﻻﻣﻧﯾﺔ اﻻﺧرى‪:‬‬
‫ان ﻣﻔﻬــوم اﻻﻣــن اﻟﻣوﺳــﻊ ﯾرﻛــز ﻓــﻲ اﺣــد ﻋﻧﺎﺻ ـرﻩ ﻋﻠــﻰ اﻟﺗــداﺧل و اﻟﺗ ـراﺑط ﺑــﯾن‬
‫اﻟﻘطﺎﻋــﺎت اﻻﻣﻧﯾــﺔ اﻟﻣﺗﻧوﻋــﺔ و ﻣــن ﺑﯾــﻧﻬم اﻻﻣــن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﻲ‪ ،‬و وﻓــق ﻣﻧظــور ﺑــﺎري‬
‫ﺑــوزان ﻫــذﻩ اﻟﻣﺟــﺎﻻت ﻟﯾﺳــت ﺑﺎﻟﺿــرورة ﻣﻧﻔﺻــﻠﺔ ﻋــن ﺑﻌﺿــﻬﺎ اﻟــﺑﻌض‪ ،‬ﻓﺄﺣﯾﺎﻧ ـﺎً ﯾﺷــﻣل‬
‫اﻟﻠﻔظ )اﻷﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ( ﺑﻌـض أو ﺟﻣﯾـﻊ اﻟﻣﺟـﺎﻻت ﻣﻌـﺎً ﻓـﻲ ﺑﻌـض اﻟﺣـﺎﻻت ﻻ ﺗوﺟـد‬
‫وﺣــدات داﺧــل اﻟﻣﺟــﺎﻻت اﻷﻣﻧﯾــﺔ اﻟﺧﻣﺳــﺔ )ﻛﻣﺟﻣوﻋــﺔ دول ﺗ ـرﺗﺑط ﺑﻣﺟــﺎل أﻣﻧــﻲ واﺣــد(‬
‫إﻧﻣــﺎ ﺗوﺟــد اﻟﻣﺟــﺎﻻت داﺧــل ﻛــل وﺣــدة ﻛﺄﻧﻣــﺎط ﻣﺧﺗﻠﻔــﺔ ﻣــن اﻷﻣــن )ﻋﺳــﻛري‪ ،‬ﺳﯾﺎﺳــﻲ‪،‬‬
‫اﻗﺗﺻ ــﺎدي‪ ،‬ﻣﺟﺗﻣﻌ ــﻲ وﺑﯾﺋـ ــﻲ(‪20‬ﻟ ــذﻟك ﻧﺣـ ــﺎول ﺗﺣدﯾ ــد طﺑﯾﻌ ــﺔ اﻟﻌﻼﻗ ــﺔ ﺑ ــﯾن اﻻﻣ ــن‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ﻣﻊ اﻻﺑﻌﺎد اﻻﻣﻧﯾﺔ اﻻﺧرى ‪.‬‬
‫‪-1-4‬ﻋﻼﻗﺔ اﻻﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ﺑﺎﻷﻣن اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ‪:‬‬

‫‪587‬‬
‫‪ISSN: 1112-9336‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ‬
‫ص ‪597 - 578‬‬ ‫اﻟﻣﺟﻠد‪ 12 :‬اﻟﻌدد‪ 04 :‬اﻟﺳﻧﺔ ‪2020‬‬

‫إن اﻻﻣـن اﻟﺳﯾﺎﺳـﻲ ﯾـدل ﻓــﻲ ﻣﺿـﻣوﻧﻪ ﻋﻠـﻰ ﻣـﺎ ﯾﻌﻧﯾــﻪ ﻣـن وﺟـود ﻧظـﺎم ﺳﯾﺎﺳــﻲ‬
‫ﻗﺎﺋم ﻋﻠﻰ ﺑﻧﺎء دﯾﻣﻘراطﻲ ‪ُ ،‬ﻣﻠﻐﻲ ﻟﻛﺎﻓﺔ ﺷـروط اﻟﺗﻌﺳـف‪ ،‬اﻟﻘﻬـر ‪ ،‬اﻟﺗﺳـﻠط‪ ،‬ﺑﻣـﺎ ﯾﺿـﻣن‬
‫اﻻﺣﺗ ـرام اﻟ ُﻛﻠــﻲ ﻟﺣﺎﺟــﺔ اﻟﻣ ـواطﻧﯾن ﻟﺗﻣﻛﯾــﻧﻬم ﻣــن ﺟﻣﯾــﻊ ﺣﻘــوﻗﻬم اﻹﻧﺳــﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬ﻫــو ﻣ ـرﺗﺑط‬
‫أﺳﺎﺳ ــﺎ ﺑ ــﺄداء ﻫﯾﺎﻛ ــل اﻟدوﻟ ــﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳ ــﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ــﻪ ُﯾﺷ ــﻛل ﺑﺣ ــق اﻟﻣ ــدﺧل اﻷﺳﺎﺳ ــﻲ ﻟﻠﺗ ــﺄﺛﯾر‬
‫اﻹﯾﺟ ـ ــﺎﺑﻲ أو اﻟﺳ ـ ــﻠﺑﻲ ﻋﻠ ـ ــﻰ ﺑ ـ ــﺎﻗﻲ اﻷﺑﻌ ـ ــﺎد اﻷﺧ ـ ــرى ﻟﻸﻣ ـ ــن ‪ ،‬وﻓ ـ ــﻲ ﻣﻘ ـ ــدﻣﺗﻬﺎ اﻷﻣ ـ ــن‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻟدوﻟــﺔ ﻣ ـن ﺧــﻼل ﺗﺣﻛﻣﻬــﺎ ﻓــﻲ أداء ﻫﯾﺎﻛﻠﻬــﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳــﯾﺔ‪ ،‬ﯾﻣﻛﻧﻬــﺎ أن ﺗــؤﺛر‬
‫ﺑﺳــﻬوﻟﺔ ﻋﻠــﻰ أداء وﻋﻣــل ﺑــﺎﻗﻲ ﻫﯾﺎﻛﻠﻬــﺎ اﻷﺧــرى‪21‬ﻓﻣﺗطﻠﺑــﺎت اﻻﻣــن اﻟﺳﯾﺎﺳــﻲ ﯾﺳــﺗوﺟب‬
‫أﺳﺎﺳــﺎ ﺑﻘــدرة اﻟﻧظــﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳــﻲ ﻋﻠــﻰ اﻟﺗوﺟــﻪ‬
‫ً‬ ‫ﺗــوﻓر ﻣﺟﻣوﻋــﺔ ﻣــن اﻟﻌواﻣــل اﻟﺗــﻲ ﺗـرﺗﺑط‬
‫اﻟــﻰ ﻣزﯾــد ﻣــن اﻻﺳــس اﻟدﯾﻣﻘراطﯾــﺔ واﻟﺣﻛــم اﻟ ارﺷــد واﻟﻣﺳــﺎواة ﺑــﯾن اﻟﻣـواطﻧﯾن‪ ،‬ﺧﺎﺻــﺔ‬
‫إذا ﻛﺎﻧت اﻟدوﻟﺔ ﺗوﺟد ﺑﯾﻬﺎ أﻛﺛر ﻣن ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ ‪ ،‬ﻫذا ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻟداﺧﻠﻲ أﻣﺎ‬
‫ﺧﺎرﺟﯾﺎ ﻓﯾﺷر اﻟﻰ ﺳﻠوك اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﻟدوﻟﺔ وﻓق ﻣـ ــﺎ ﯾﺧدم ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟدوﻟﺔ و اﻟﻣواطن‪.‬‬
‫ﻛﻣـﺎ ان أي اﻧﺗﻬــﺎك ﯾﻣــس اﻟﺟﺎﻧــب اﻟﺳﯾﺎﺳــﻲ ﻟﻸﻣــن ﻗـد ﯾﻛــون ﻟــﻪ أﺛــﺎر ﻣﺑﺎﺷـرة ﻋﻠــﻰ‬
‫ﺗﻧوﻋــﺎ اﺛﻧﯾــﺎ و ﻟﻐوﯾــﺎ و دﯾﻧﯾــﺎ ﻗــد ﯾﻛــون ﻣــن‬
‫اﻻﻣــن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﻲ ﻓﻔــﻲ اﻟــدول اﻟﺗــﻲ ﺗﺷــﻬد ً‬
‫أﺳﺑﺎب ﻧﺷوء ﻣﻌﺿﻼت أﻣﻧﯾـﺔ ﺗﺻـل اﻟـﻰ ﺣـد اﻟﻣطﺎﻟﺑـﺔ ﺑﺎﻻﻧﻔﺻـﺎل ﻧﺗﯾﺟـﺔ ﺣرﻣـﺎن ﻫـذﻩ‬
‫اﻻﻗﻠﯾﺔ ﻣن ﺣﻘوق ﺗدﺧل ﺿﻣن اﻻﻣن اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻧذﻛر ﻣﻧﻬﺎ ‪:‬‬
‫‪-‬ﻧﺳ ــﺑﺔ اﻟﺗﻣﺛﯾ ــل اﻟﺳﯾﺎﺳ ــﻲ ﻓ ــﻲ اﻟﻣﻧﺎﺻ ــب اﻟﻌﻠﯾ ــﺎ ﻟدوﻟ ــﺔ ﻗﯾﺎﺳ ــﺎ ﺑﻧﺳ ــﺑﺔ اﻻﻗﻠﯾ ــﺔ ﻓ ــﻲ‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣ ــﻊ أي ﻣ ــدى ﺣﺿ ــور اﻓـ ـراد اﻷﻗﻠﯾ ــﺎت ﻓ ــﻲ اﻟﻣﻧﺎﺻ ــب اﻟﻌﻠﯾ ــﺎ ﺑﻘ ــدر ﯾﺗـ ـوازى ﻣ ــﻊ‬
‫اﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﺳﻛﺎﻧﯾﺔ ﻟﻸﻗﻠﯾﺔ ‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟﺳﻣﺎح ﺑﺄﻧﺷﺎء اﺣزاب ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و ﻫﯾﺋﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣدﻧﻲ ﺗﻌﺑر ﻋﻧﻬﺎ‪.‬‬
‫‪-‬اﻟـ ــﻧص اﻟدﺳـ ــﺗوري ﻋﻠـ ــﻰ ﺣﻘـ ــوق اﻻﻗﻠﯾـ ــﺎت أو اﻟﻣﺟﻣوﻋـ ــﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾـ ــﺔ ‪:‬أي ﻣـ ــدى‬
‫ﺻراﺣﺔ اﻟدﺳﺗور ﻓﻲ ﺣق اﻻﻗﻠﯾﺎت ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﺣﯾﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﺟﺎﻻت‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫‪ -‬اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺗرﺷﺢ ﻷي ﻣﻧﺻب ﺳﯾﺎﺳﻲ دون ﺗﻣﯾز واﻟﺣق ﻓﻲ اﻻﻧﺗﺧﺎب‪.‬‬

‫‪588‬‬
‫‪ISSN: 1112-9336‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ‬
‫ص ‪597 - 578‬‬ ‫اﻟﻣﺟﻠد‪ 12 :‬اﻟﻌدد‪ 04 :‬اﻟﺳﻧﺔ ‪2020‬‬

‫ﻓﻬـذﻩ اﻟﺣﻘـوق اﻟﺳﯾﺎﺳـﯾﺔ ﻫـﻲ ﺻـﻣﺎم أﻣـﺎن ﻟﻸﻣـن اﻟﺳﯾﺎﺳـﻲ‪ ،‬اﻟـذي ﯾـؤدي ﺑـدورﻩ اﻟـﻰ‬
‫ﺿﻣﺎن ﻣﺳﺗوى ﻣن اﻻﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ‪.‬‬
‫‪ - 2-4‬ﻋﻼﻗﺔ اﻻﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ﺑﺎﻷﻣن اﻻﻗﺗﺻﺎدي‪:‬‬
‫إن اﻻﻣ ــن اﻻﻗﺗﺻـ ــﺎدي ﻣ ـ ـرﺗﺑط ﺑﻘ ــدرة اﻟدوﻟـ ــﺔ أو اﻟـ ــدول ﻋﻠ ــﻰ ﺗـ ــوﻓﯾر ﻣﺧﺗﻠـ ــف‬
‫اﻟﺣﺎﺟﯾ ـ ــﺎت ﻟﻸﻓـ ـ ـراد و اﻟﺟﻣﺎﻋ ـ ــﺎت و اﻟﺣﻔ ـ ــﺎظ ﻋﻠـ ـ ــﻰ اﻟدوﻟ ـ ــﺔ ‪ ،‬ﺣﯾ ـ ــث ﯾﻌﺗﺑ ـ ــر اﻷﻣ ـ ــن‬
‫اﻻﻗﺗﺻـﺎدي ﻫــو ﺟــزء ﻣـن ﻣﻧظوﻣــﺔ أﻣﻧﯾــﺔ ﻣﺗﻛﺎﻣﻠـﺔ اﻟــذي ﯾﻘﺻــد ﯾـﻪ اﻟﺗﺣــرر ﻣــن اﻟﺧــوف‬
‫واﻟﺣﺎﺟــﺔ‪ ،‬أو ﺑﻣﻌﻧ ــﻰ آﺧ ــر ﺗ ــﺄﻣﯾن ﺣﯾــﺎة اﻟﻣﺟﺗﻣ ــﻊ ﻣــن اﻟﻔﻘ ــر واﻟﺟــوع واﻟﻣ ــرض وﺗ ــوﻓﯾر‬
‫ﺣﺎﺟــﺎت اﻟﻧــﺎس وﻣﺳــﺎﻋدﺗﻬم ﻋﻠــﻰ ﺣﻣﺎﯾــﺔ أﻧﻔﺳــﻬم ﻣــن اﻷﺧطــﺎر اﻟﺗــﻲ ﻗــد ﺗـواﺟﻬﻬم‪ .‬ﻟﻘــد‬
‫اﻧﺣﺻــر اﻟﻣﻔﻬــوم ﻓــﻲ اﻟﻣﺟــﺎل اﻻﻗﺗﺻــﺎدي ﻣــن ﺧــﻼل اﺳــﺗﯾﻌﺎب اﻟﻣطﺎﻟــب اﻻﻗﺗﺻــﺎدﯾﺔ‬
‫ﻟﻠﻣﺟﺗﻣــﻊ ورﻓﺎﻫﯾﺗــﻪ‪ ،‬ﺑــﺎﻷﺧص اﻟﻘﺿــﺎﯾﺎ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘــﺔ ﺑﺎﻟﺗﻧﻣﯾــﺔ اﻟﺑﺷ ـرﯾﺔ اﻟﺗــﻲ ﺗﺳــﺗﻬدف ﺑﻧــﺎء‬
‫اﻹﻧﺳﺎن وﻛراﻣﺗﻪ وﺣﻔظ ﺣﻘوﻗﻪ وواﺟﺑﺎﺗﻪ‪ .‬ﻛﻣﺎ ﻻ ﺑد ﻣن اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻣﯾن ُﺳـﺑل اﻟوﻗﺎﯾـﺔ‬
‫اﻟﻣﺑﻛرة ﻟﺣﻔظ اﻟﻣﻧﺟزات اﻻﻗﺗﺻـﺎدﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣـﺔ واﻟﻣﺳـﺗﻬدﻓﺔ‪ ،‬وﺧﺎﺻـﺔ ﺗـوﻓﯾر أﺳـﺑﺎب اﻟﺣﯾـﺎة‬
‫اﻟﻛرﯾﻣ ــﺔ ﻟﻸﺟﯾ ــﺎل اﻟﻘﺎدﻣ ــﺔ وﺑ ــﺎﻷﺧص ﻣﺳ ــﺎﻋدﺗﻬم ﻋﻠ ــﻰ ﺗ ــوﻓﯾر اﻟﺳ ــﻛن اﻟﻣﻼﺋ ــم واﻟﻌﻣ ــل‬
‫‪23‬‬
‫اﻟﻣﻧﺎﺳب واﻟﺗﻌﻠﯾم واﻟﺻﺣﺔ اﻟﺟﯾدة‬
‫ﻧظـ ار ﻻن اﻻﻓ ـراد و اﻟﺟﻣﺎﻋــﺎت ﺗﺗــﺄﺛر ﻣﺑﺎﺷـرة ﺑﺎﻟﺳﯾﺎﺳــﺔ اﻟﻌﺎﻣــﺔ اﻻﻗﺗﺻــﺎدﯾﺔ ﻟدوﻟــﺔ‬
‫أو اﻟظــروف اﻻﻗﺗﺻــﺎدﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾــﺔ أو اﻻﻗﻠﯾﻣﯾــﺔ أو اﻟﻣﺣﻠﯾــﺔ ‪ ،‬ﻓــﺄن ﻫــذا اﻟﺗــﺄﺛﯾر ﯾﺟﻌﻠﻧــﺎ‬
‫ﻧ ـرﺑط ﺑــﯾن اﻻﻗﺗﺻــﺎد واﻻﻣــن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﻲ أو اﻟﻌﻛــس‪ ،‬وﻓــﻲ ﻫــذا اﻟﺷــﺄن ﯾــذﻫب ﺑــﺎري‬
‫ﺑوزان اﻟﻰ اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻌﺎﻣل اﻻﻗﺗﺻﺎدي و اﻻﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌـﻲ ‪ ،‬وﯾوﺿـﺢ‬
‫ان اﻟﻘ ـ اررات اﻻﻗﺗﺻــﺎدﯾﺔ ﻓــﻲ اﻟواﻗــﻊ ﯾﻣﻛــن أن ﯾﻛــون ﻟﻬــﺎ ﺗــﺄﺛﯾر واﺿــﺢ ﻋﻠــﻰ اﻟﺟﻣﺎﻋــﺔ‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ ‪،‬ﻋﻠـﻰ و ﺳـﺑﯾل اﻟﻣﺛـﺎل‪ ،‬اﻟﻧﻘـﺎش اﻟـذي ﯾـدور ﺣـول دﻋـم ﻗطﺎﻋـﺎت اﻗﺗﺻـﺎدﯾﺔ‬
‫ُﻣﻌﯾﻧـﺔ أو ﻣﻧــﺎطق ﻣﻌﻧﯾــﺔ ﻣــن ﻗﺑـل اﻟﺣﻛوﻣــﺔ ﻓــﻲ ﺣﺎﻟــﺔ وﻗـوع اﻷزﻣــﺔ اﻻﻗﺗﺻــﺎدﯾﺔ‪ ،‬وذﻟــك‬
‫ﺣﺳــب ﺗواﺟــد اﻟﺟﻣﺎﻋــﺎت ﻓــﻲ ﻣﺟــﺎﻻت اﻻﻗﺗﺻــﺎدﯾﺔ ‪ ،‬ﺣﯾــث ﯾﻘــدم ﻣﺛــﺎﻻ ﻋــن اﻻﻗﻠﯾــﺎت‬

‫‪589‬‬
‫‪ISSN: 1112-9336‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ‬
‫ص ‪597 - 578‬‬ ‫اﻟﻣﺟﻠد‪ 12 :‬اﻟﻌدد‪ 04 :‬اﻟﺳﻧﺔ ‪2020‬‬

‫اﻟروﺳﯾﺔ ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻻﺗﻔﯾﺎ‪ ،‬ﻓﯾرى أﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أن اﻟﻬﯾﻛل اﻟﻌﺎم ﻟﻼﻗﺗﺻﺎد ﻟدوﻟﺔ‬
‫وﻣﻌظ ــم اﻟﺗﺷ ــوﻫﺎت اﻻﻗﺗﺻـ ــﺎدﯾﺔ ﻛﺎﻧ ــت ﻣﺗﺻـ ــﻠﺔ أﺳﺎﺳ ــﺎ ﺑـ ــﺎﻟﻔﺗرة‬
‫ﻻﺗﻔﯾ ــﺎ ﻗ ــد ﺗﻐﯾ ــر ‪ ،‬وان ُ‬
‫اﻟﺳــوﻓﯾﺎﺗﺔ ‪ ،‬ﻗــد اﺧﺗﻔــت‪ ،‬اﻻ ان اﻟﻌدﯾــد ﻣــن ﺧﺑ ـراء ﯾؤﻛ ــدون أن اﻟﻌدﯾــد ﻣــن اﻟﺗﻬدﯾ ــدات‬
‫اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘـﺔ ﺑـﺄﻣن اﻷﻗﻠﯾـﺔ اﻟﻧﺎطﻘـﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐـﺔ اﻟروﺳـﯾﺔ ‪،‬ﻻ ﺗـزال ﻣوﺟـودة‬
‫ﺑﺷﻛل ﺟزﺋﻲ‪ ،‬و ﯾﻌود ﺳﺑب ذﻟك إﻟﻰ ﺣﻘﯾﻘﺔ وﺟود ﺟﻣﺎﻋﺎت ﻧﺎطﻘﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟروﺳﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫‪24‬‬
‫إذ أن ﺗواﺟــد‬ ‫ﻋــدة ﻣﺟــﺎﻻت ﻣــن اﻻﻗﺗﺻــﺎد ﺑﻧﺳــب ﻣرﺗﻔﻌــﺔ و ﺑﺷــﻛل ﻏﯾــر ﻣﺗﻧﺎﺳــب ‪،‬‬
‫اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘطﺎﻋﺎت اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣﻧﻬﺎ ﺑﺷﻛل ﯾﻛـون ﻣرﺗﻔـﻊ‬
‫ﻋــن اﻟﺣ ــﺎﻻت اﻟطﺑﯾﻌــﺔ ﻋــن ﺑ ــﺎﻗﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋ ــﺎت اﻻﺧ ــرى ‪ ،‬ﻧﺎﻫﯾــك ﻋــن اﺳــﺗﻔﺎدة ﻣﻧ ــﺎطق‬
‫ﺟﻐراﻓﯾ ــﺔ ﺗﺎﺑﻌ ــﺔ ﻟﺟﻣﺎﻋ ــﺔ ﻣﺟﺗﻣﻌﯾ ــﺔ ﻣ ــن ﻣﺷ ــﺎرﯾﻊ اﻗﺗﺻـ ــﺎدﯾﺔ ﻋﻠـ ــﻰ ﺣﺳـ ــﺎب ﻣﻧـ ــﺎطق‬
‫ـر ﻋ ــن ﺗﻬدﯾ ــدات ﻣوﺟ ــﻪ ﻟﻸﻣ ــن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌ ــﻲ ﺑط ــﺎﺑﻊ‬
‫ﺟﻐراﻓﯾ ــﺔ اﺧ ــرى ﻗ ــد ﯾﻛ ــون ﻣؤﺷ ـ ا‬
‫اﻗﺗﺻﺎدي ‪.‬‬
‫ﻛﻣ ــﺎ ان اﻟﺟﺎﻧ ــب اﻻﻗﺗﺻ ــﺎدي ﻓ ــﻲ ﺷ ــﻘﻪ اﻟﻣﺗﻌﻠ ــق ﺑﻣؤﺷـ ـرات اﻟﻔﻘ ــر و اﻟﺑطﺎﻟ ــﺔ و‬
‫ﻣﺳــﺗوى اﻟﻣﻌﯾﺷــﺔ‪ ،‬و ﻏﯾرﻫــﺎ ﻣــن اﻟﻣؤﺷ ـرات اﻟﺗــﻲ ﺗ ـرﺗﺑط ﺑﺎﻟﺣﯾــﺎة اﻟﻛرﯾﻣــﺔ ﻟﻠﺟﻣﺎﻋــﺎت‬
‫ﻟﻬﺎ ﺗـﺄﺛﯾر ﻓـﻲ ﻋـدم ﺿـﻣﺎن أو ﺿـﻣﺎن اﻻﻣـن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌـﻲ ‪ ،‬ﻓﺣـﺎﻻت اﻟﻔﻘـر اﻟﺗـﻲ ﺗﻛـون‬
‫ﺑﻧﺳ ــب ﻣرﺗﻔﻌ ــﺔ ﺧﺎﺻ ــﺔ اذا ﻣﺳ ــت اﺛﻧﯾ ــﺔ ﻣﻌﯾﻧ ــﺔ داﺧ ــل اﻟﻣﺟﺗﻣ ــﻊ أو ﻧﺳ ــب اﻟﺑطﺎﻟ ــﺔ‬
‫اﻟﻣرﺗﻔﻌــﺔ واﻟﻣﺳــﺗوى اﻟﻣﻌﯾﺷــﻲ اﻟــذي ﺗﻧﻌــدم ﻓﯾــﻪ ﺷــروط اﻟﺣﯾــﺎة ﻣــن اﻟرﻋﺎﯾــﺔ اﻟﺻــﺣﯾﺔ و‬
‫ﺗـ ــوﻓر اﻟﻐـ ــذاء ﻛـ ــل ﻫـ ــذﻩ ﺗﻌﺗﺑـ ــر ﻣؤﺷ ـ ـرات اﻗﺗﺻـ ــﺎدﯾﺔ ﺗﻬـ ــدد اﻟﻣﺟﺗﻣﻌـ ــﺎت ‪ ،‬و ﺗﻬـ ــدد‬
‫ﺗﻣﺎﺳﻛﻬﺎ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺛــﺎل ﻋﻠــﻰ ذﻟــك اﻷزﻣــﺔ اﻟﻐذاﺋﯾــﺔ اﻟﺗــﻲ ﺿ ـرﺑت إﻓرﯾﻘﯾــﺎ ﻋــﺎم ‪ ، 2008‬اﻟﺗــﻲ ﻛــﺎن ﻟﻬــﺎ‬
‫ﺗﺄﺛﯾر ﻛﺑﯾر ﻋﻠﻰ ﻓﺋﺎت اﻟﺳﻛﺎن اﻟﺿﻌﯾﻔﺔ واﻟﻣﺳﺗﺿﻌﻔﺔ‪ ،‬ﺣﯾث اﺟﺗﺎﺣت ﻣظﺎﻫرات اﻟﻌدﯾد‬
‫ﻣن دول اﻟﻘﺎرة‪ ،‬ﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ‪ :‬ﺑﻧﯾن‪ ،‬ﺑورﻛﯾﻧﺎﻓﺎﺳو‪ ،‬اﻟﻛﺎﻣﯾرون‪ ،‬ﺳﺎﺣل اﻟﻌﺎج‪.‬‬

‫‪590‬‬
‫‪ISSN: 1112-9336‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ‬
‫ص ‪597 - 578‬‬ ‫اﻟﻣﺟﻠد‪ 12 :‬اﻟﻌدد‪ 04 :‬اﻟﺳﻧﺔ ‪2020‬‬

‫ﺗدﻓﻊ ﻫذﻩ اﻟﻌواﻣل اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺻﻌﺑﺔ ﺑﺎﻟﻣﺣﺗﺎﺟﯾن اﻟﻣﺗﻧﺻـﻠﯾن ﻣـن ﻗـﯾﻣﻬم اﻷﺧﻼﻗﯾـﺔ‬
‫واﻟدﯾﻧﯾ ـ ــﺔ‪ ،‬واﻟﻣﻔﺗﻘـ ـ ـرﯾن ﻟﻠﺗﻧﺷ ـ ــﺋﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ـ ــﺔ اﻟﺣﺻ ـ ــﯾﻧﺔ‪ ،‬إﻟ ـ ــﻰ ارﺗﻛ ـ ــﺎب أﻋﻣ ـ ــﺎل اﻟﻌﻧ ـ ــف‬
‫واﻟﻣﻣﺎرﺳــﺎت اﻹرﻫﺎﺑﯾــﺔ‪ ،‬واﺛــﺎرة اﻟﺣــروب اﻟﻧ ازﻋــﺎت اﻟداﺧﻠﯾــﺔ‪ ،‬ﺗﻧﻔﯾﺳــﺎ ﻣــﻧﻬم ﻋــن ﻏﺿــﺑﻬم‬
‫وﺳــﺧطﻬم ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣــﻊ اﻟــذي ﯾــرون ﻓﯾــﻪ اﻟﻣﺳــؤول اﻷول ﻋــن ﻣﻌﺎﻧــﺎﺗﻬم‪ ،‬اﻷﻣــر اﻟــذي‬
‫ﯾﺷﻛل ﺧط ار ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣـﻊ واﻟدوﻟـﺔ ﻣﻌـﺎ‪ .‬وﻛـذﻟك أﻣـﻧﻬم اﻟﻣﺟﺗﻣﻌـﻲ‪25.‬ﻓﺄﻋﻣـﺎل اﻟﻌﻧـف و‬
‫اﻟﻬﺟ ـرة اﻟﺗــﻲ ﻗــد ﺗﺣــدث ﻧﺗﯾﺟــﺔ اﻟﻔﻘــر و ﺿــﻌف اﻻداء اﻻﻗﺗﺻــﺎدي ﻟدوﻟــﺔ وﻏﯾــﺎب‬
‫أي رﻋﺎﯾﺔ ﻗد ﯾؤدي ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت اﻟﻲ ﺣـدوث ﻋﻧـف وﺻـراع ﺑـﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋـﺎت‬
‫اﻻﺛﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺳﺑﯾل اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻣوارد اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ او ﻣﻌﯾﺷﯾﺔ ‪.‬‬
‫أن ﺿــﻌف اﻻﻗﺗﺻــﺎدي اﻟــذي ُﯾﺻــﯾب اﻟدوﻟــﺔ ﯾﺟﻌــل ﻣﻧﻬــﺎ ﺗُﺻــﻧف ﻓــﻲ ﻣﺻــﺎف اﻟدوﻟــﺔ‬
‫اﻟﻬﺷﺔ اﻟﺗﻲ ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﺗﻛون ﻣﻬددة ﺑﻧﻣوذج اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔﺎﺷﻠﺔ‪ ،‬ﻻن اﻟﻌﺎﻣل اﻻﻗﺗﺻﺎدي ﯾؤﺛر‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟدوﻟﺔ ‪،‬وﻋﻠﻰ ﻋدة ﻣﺳﺗوﯾﺎت ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وﻋﺳﻛرﯾﺔ و اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺿﻌف اﻟذي ﯾﻣس‬
‫اﻟدوﻟـ ــﺔ ﻋﺑـ ــر ﻫـ ــذﻩ اﻟﻣﺳـ ــﺗوﯾﺎت‪ ،‬ﺟﻌـ ــل ﻣﻧﻬـ ــﺎ دوﻟـ ــﺔ ﻣﻌرﺿـ ــﺔ اﻟـ ــﻰ ﻣﻌﺿـ ــﻼت أﻣﻧﯾـ ــﺔ‬
‫ﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ أﻛﺛر ﻣن اي دوﻟﺔ أﺧرى ‪،‬ﺧﺎﺻﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺗﻌددة اﻟﻬوﯾﺎت‪.‬‬
‫‪ -3-4‬ﻋﻼﻗﺔ اﻻﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ﺑﺎﻷﻣن اﻟﻌﺳﻛري ‪:‬‬
‫ُﯾﻌﺗﺑر ﻫذا اﻟﻘطﺎع ﻣن أﻛﺛر أﺑﻌـﺎد اﻷﻣـن اﻟﻘـوﻣﻲ ﻓﺎﻋﻠﯾـﺔ ووﺿـوﺣﺎً‪ ،‬ﻛﻣـﺎ أﻧـﻪ اﻟﺑﻌـد‬
‫اﻟـ ــذي ﻻ ُﯾﺳـ ــﻣﺢ ﺑﺿـ ــﻌﻔﻪ أﺑـ ــداً؛ ﻷﻧـ ــﻪ ﯾـ ــؤدي إﻟـ ــﻰ اﻧﻬﯾـ ــﺎر اﻟدوﻟـ ــﺔ وﺗﻌرﺿـ ــﻬﺎ ﻷﺧطـ ـ ٍ‬
‫ـﺎر‬

‫وﺗﻬدﯾدات ﻋﻧﯾﻔﺔ ﻗـد ﺗﺻـل إﻟـﻰ ﺣـد وﻗوﻋﻬـﺎ ﺗﺣـت اﻻﺣـﺗﻼل اﻷﺟﻧﺑـﻲ‪ ،‬أو إﻟﻐﺎﺋﻬـﺎ ﺗﻣﺎﻣـﺎً‬
‫وﺿﻣﻬﺎ إﻟﻰ دوﻟﺔ أﺧرى‪ ،‬أو ﺗﻘﺳـﯾﻣﻬﺎ إﻟـﻰ دوﯾـﻼت ﺻـﻐﯾرة‪ ،‬أو اﻗﺗﺳـﺎﻣﻬﺎ ﻣـﻊ اﻵﺧـرﯾن‪،‬‬
‫وﯾرﺗﺑط ﻫذا اﻟﺑﻌد ﺑﺑﺎﻗﻲ أﺑﻌﺎد اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ ارﺗﺑﺎطﺎً وﺛﯾﻘﺎً؛ ﻷن ﺿـﻌف أي ﻣـن اﻷﺑﻌـﺎد‬
‫اﻷﺧ ــرى ﯾ ــؤﺛر ﻓ ــﻲ اﻟﻘ ــوة اﻟﻌﺳ ــﻛرﯾﺔ وﯾﺿ ــﻌﻔﻬﺎ‪ ،‬ﺑﯾﻧﻣ ــﺎ ﻗ ــوة ﻫ ــذﻩ اﻷﺑﻌ ــﺎد ﺗزﯾ ــد ﻣ ــن اﻟﻘ ــوة‬
‫اﻟﻌﺳــﻛرﯾﺔ ﻟﻠدوﻟــﺔ اﻟﺗــﻲ ﻫــﻲ ﺟــوﻫر أﻣﻧﻬــﺎ اﻟــوطﻧﻲ‪ ،‬وﻣــن ﻧﺎﺣﯾــﺔ أﺧــرى ﯾﺗﺻــف اﻟﻣﯾ ـزان‬
‫اﻟﻌﺳﻛري ﻷي دوﻟﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﯾﺔ‪.‬‬

‫‪591‬‬
‫‪ISSN: 1112-9336‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ‬
‫ص ‪597 - 578‬‬ ‫اﻟﻣﺟﻠد‪ 12 :‬اﻟﻌدد‪ 04 :‬اﻟﺳﻧﺔ ‪2020‬‬

‫ﻓﻣﻛﺎﻧ ــﺔ أي دوﻟ ــﺔ وﻧﻔوذﻫ ــﺎ ﯾﺗﻐﯾـ ـران ﺗﺑﻌـ ـﺎً ﻟﺗﻐﯾ ــر ﻣوﻗﻌﻬ ــﺎ ﻓ ــﻲ ذﻟ ــك اﻟﻣﯾـ ـزان واﻟﻣؤﺳﺳ ــﺔ‬
‫اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻠك اﻟﻘدرة واﻟﻘوة اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺗد ﺑﻬﺎ‪26‬ﻓﺿﻌﻔﻬﺎ ﻗد ﯾؤدي ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺣـﺎﻻت‬
‫ﻗﯾﻣــﺎ ﻣﺟﺗﻣﻌﯾــﺔ ﺗﺧﺗﻠــف ﻋــن اﻟﻘــﯾم‬
‫ﻓــﻲ ﻗوﻋﻬــﺎ ﺗﺣــت اﻟﺳــﯾطرة اﻻﺟﻧﺑﯾــﺔ اﻟﺗــﻲ ﺗﺣﻣــل ً‬
‫اﻻﺻ ــﻠﯾﺔ ﻓ ــﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣــﻊ ‪.‬ﺗﺳ ــﻌﻰ اﻟــﻰ ﺗرﺳ ــﯾﺦ اﻟﻘ ــﯾم اﻟﺟدﯾ ــدة اﻟﺗ ــﻲ ﺗــدﻗﻘت ﻣ ــﻊ ﻋﻣﻠﯾ ــﺔ‬
‫اﻻﺣﺗﻼل ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب اﻟﻘﯾم اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ اﻻﺻﻠﯾﺔ وﻫو ُﯾﻌد ﺗﻬدﯾدا ﻣﺑﺎﺷ ار ﻟﻘدرة اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‬
‫ﻻﺳﺗﻣرار ﺑﻘﯾﻣﻪ اﻻﺻﻠﯾﺔ وﻫو ﺟوﻫر اﻻﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ‪.‬‬
‫ﻓﻔــﻲ ﺗﺣدﯾــد أﺧــر ﻟﻣﻔﻬــوم‪ :‬ان اﻻﻣــن اﻟﻌﺳــﻛري ﯾــﺗم رﺑطــﻪ ﺑﻣــدى ﺟﺎﻫزﯾــﺔ اﻟﻣؤﺳﺳــﺔ‬
‫اﻟﻌﺳـﻛرﯾﺔ ﻓــﻲ اﻟدوﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﺗﺻـدي ﻟﻼﻋﺗــداءات اﻟﺧﺎرﺟﯾــﺔ و اﻟﻣﺣﺗﻣﻠــﺔ و ﺣﻣﺎﯾﺗﻬــﺎ‬
‫ﻣن اﻟﺗﻬدﯾـدات اﻻﻗﻠﯾﻣﯾـﺔ و اﻟﻌﺎﻟﻣﯾـﺔ اﻟﺗـﻲ ﺗواﺟـﻪ ﻛﯾـﺎن اﻟدوﻟـﺔ و ﺳـﯾﺎدﺗﻬﺎ و ﺣـدوﻫﺎ ‪،‬‬
‫ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ اﻟﻲ ﺑﻧﺎء ﻧظﺎم ردع ﯾﻛون ﺑﻣﻧزﻟﺔ ﺟﻬﺎز ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻓﻌﺎل وﻗﺎﺋم ﻋﻠـﻰ اﻟﺗـدرﯾب و‬
‫اﻟﺗطوﯾر و اﻟﺗﻛﯾف ﻣﻊ ﺑﯾﺋﯾﺔ اﻻﺧطﺎر ‪27‬ﻓﻐﯾﺎب اﻻﻣن اﻟﻌﺳﻛري ﯾﻌﻧﻲ ﻏﯾﺎب اﻣـن‬
‫ﻣﻌﺎ ‪.‬‬
‫اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻬﺎ و ﺗﻬدﯾد ﻣﺑﺎﺷر ﻟدوﻟﺔ و اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ً‬
‫‪- 4-4‬ﻋﻼﻗﺔ اﻻﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ﺑﺎﻷﻣن اﻟﺑﯾﺋﻲ‪:‬‬
‫ﻟﻘد أُدﺧل اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺑﯾﺋﻲ ﻓﻲ ﻣﻧظور ﻣﺗﻌدد اﻟﺗﺧﺻﺻﺎت ﻓﻲ اﻟدراﺳﺎت اﻷﻣﻧﯾﺔ‬
‫ﯾﺷــﻣل اﻷﻣــن اﻟﺑﯾﺋــﻲ ﻛدﯾﻧﺎﻣﯾﻛﯾــﺔ ﺗﻔﺎﻋﻠﯾــﺔ ﻣــن اﻟﺷــﺑﻛﺎت اﻻﻧﺳــﺎﻧﯾﺔ واﻟطﺑﯾﻌﯾــﺔ اﻟﻣﺗﻧوﻋــﺔ‬
‫وﻋــﻼوة ﻋﻠــﻰ ذﻟــك‪ ،‬ﺗﻌﺗﺑــر واﻟﺑﯾﺋــﺔ ﻛﻣــورد ﻟﻬــﺎ أﻫﻣﯾــﺔ اﺳــﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻟﻠــدول اﻟﻘوﻣﯾــﺔ اﻟــذﯾن‬
‫ﯾﺑﻧون اﻟﺳﻠطﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣوارد اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻣﺛـل اﻟﻣﯾـﺎﻩ واﻟـﻧﻔط واﻟﻐـﺎز واﻟﻣﻌـﺎدن اﻟﻣﺧﺗﻠﻔـﺔ‬
‫اﻷﺧــرى ﻓزﯾــﺎدة ﺳــﯾطرة واﻋﺗﻣــﺎد اﻟدوﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﻣ ـوارد اﻟﺑﯾﺋﯾــﺔ واﻟطﺑﯾﻌﯾــﺔ ﻟﻬــﺎ آﺛــﺎر ﻏﯾــر‬
‫‪28‬‬
‫ﻣﺑﺎﺷرة ﻣﺛل اﻟﺗدﻫور اﻟﺑﯾﺋﻲ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ ﻛوراث ﻻ ﻣﺑرر ﻟﻬﺎ‪.‬‬
‫ﯾﺗم ﺗﻌرﯾف اﻻﻣن اﻟﺑﯾﺋﻲ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ "ﻣﺟﻣوﻋﺔ أو ﺟﻣﻠﺔ ﻣـن اﻟﺳـﻠوﻛﯾﺎت اﻹﯾﺟﺎﺑﯾـﺔ‪ ،‬اﻟﺗـﻲ‬
‫ﺗؤدي إﻟـﻰ اﻟﺣـد واﻟﻣﻧـﻊ ﻣـن ﺣـدوث ﺗـﺄﺛﯾرات ﺳـﻠﺑﯾﺔ ﻓـﻲ اﻟﺑﯾﺋـﺔ‪ ،‬ﯾﻣﻛـن أن ﺗﺳـﺑب ﺗﻠوﺛﻬـﺎ‪،‬‬
‫أو ﺗــدﻫورﻫﺎ أو ﺗﺧرﯾــب ﺑﻌــض ﻣﻛوﻧﺎﺗﻬــﺎ‪ ،‬ﻣﻣــﺎ ﯾــؤدي ﺑﺎﻟﻧﺗﯾﺟــﺔ إﻟــﻰ اﺧــﺗﻼل ﻓــﻲ اﻟﻧظــﺎم‬

‫‪592‬‬
‫‪ISSN: 1112-9336‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ‬
‫ص ‪597 - 578‬‬ ‫اﻟﻣﺟﻠد‪ 12 :‬اﻟﻌدد‪ 04 :‬اﻟﺳﻧﺔ ‪2020‬‬

‫اﻟﺑﯾﺋــﻲ اﻟﻣﺣﻠــﻲ أو اﻹﻗﻠﯾﻣــﻲ أو اﻟﻌــﺎﻟﻣﻲ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗــﺎﻟﻲ ﺗﻬدﯾــد اﻷﻣــن اﻟﺑﯾﺋــﻲ ﻓــﻲ أﺣــد أو ﻛــل‬
‫ﻫذﻩ اﻷﻣﺎﻛن‪ ،‬أو اﻧﻌﻛﺎﺳﻪ اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻋﻠﯾﻪ"‪.29‬‬
‫ٕواﺟﻣﺎﻻ ﯾﺷﯾر ﻣﺻطﻠﺢ اﻷﻣن اﻟﺑﯾﺋﻲ إﻟﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﺧﺎوف اﻟﺗﻲ ﺗﻧدرج‬
‫ﺗﺣت ﺛﻼث ﻓﺋﺎت ﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬اﻷوﻟـﻰ ‪:‬ﻣﺧـﺎوف ﻣـن اﻵﺛـﺎر اﻟﺿـﺎرة ﻟﻸﻧﺷـطﺔ اﻟﺑﺷـرﯾﺔ ﻋﻠـﻰ‬
‫اﻟﺑﯾﺋـﺔ‪ ،‬واﻟﺛﺎﻧﯾـﺔ ﻣﺧـﺎوف ﻣـن اﻵﺛـﺎر اﻟﻣﺑﺎﺷـرة وﻏﯾـر اﻟﻣﺑﺎﺷـرة ﻣـن ﻣﺧﺗﻠـف أﺷـﻛﺎل‬
‫اﻟﺗﻐﯾرات اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ‪ ،‬أﻣﺎ ﻣﺧﺎوف اﻟﻔﺋﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ‪ ،‬ﻓﻣن اﻧﻌدام اﻷﻣن ﻟﻸﻓراد واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﺳـﺗوى أﺻـﻐر اﻟﺗﺟﻣﻌـﺎت اﻟﺑﺷـرﯾﺔ ﺑﺳـﺑب اﻟﺗﻐﯾـرات اﻟﺑﯾﺋﯾـﺔ‪ ،‬ﻧـدرة اﻟﻣﯾـﺎﻩ وﺗﻠـوث اﻟﻬـواء‬
‫‪30‬‬
‫وارﺗﻔﺎع درﺟﺔ ﺣ اررة ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻷﺧطــﺎر واﻟﻛ ـوارث اﻟﻣﺗﻌﻠﻘــﺔ ﺑﺎﻟﺟﺎﻧــب اﻟﺑﯾﺋــﻲ ﻗــد ﺗﻛــون ﻟﻬــﺎ ﺗﻬدﯾــدات أﻣﻧﯾــﺔ‬
‫ﻋﻣﯾﻘــﺔ ﺗﻣــس اﻟدوﻟــﺔ واﻹﻓ ـراد ﻓﻣــﺛﻼ اﻹﺟﻬــﺎد اﻟﺑﯾﺋــﻲ ﯾﺳــﺎﻫم ﻓﻌــﻼ ﻓــﻲ ﺣــدوث أو ﺗﻔــﺎﻗم‬
‫اﻟﺻراع ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻣوﺟودة ﺑﯾن ﻋواﻗب اﻹﺟﻬﺎد اﻟﺑﯾﺋﻲ وﻋﻠـﻰ ﻋـدد ﻣـن اﻟﻌواﻣـل‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وﻏﯾرﻫﺎ‪ .‬ﻓﺎﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻟﻬـﺎ ﺗـﺄﺛﯾر‬
‫ﺳﻠﺑﻲ داﺋم وﺧطﯾرة وطوﯾـل اﻷﻣـد ﻋﻠـﻰ اﻟظـروف اﻟﻣﻌﯾﺷـﯾﺔ ﻟﻠﺷـﻌوب‪ ،‬وﯾﻣﻛـن أن ﺗـؤدي‬
‫إﻟــﻰ ﻣﺷــﺎﻛل اﻗﺗﺻــﺎدﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾــﺔ ﻣﺛــل اﻟﻔﻘــر اﻧﻌــدام اﻷﻣــن اﻟﻐــذاﺋﻲ وﺗــردي اﻷوﺿــﺎع‬
‫‪31‬‬
‫وﻓﻘـﺎ ﻟـدوﺑوﻧت" اﻟﺗﻔﺎﻋـل ﻣـﻊ اﻟﻣزﯾـد ﻣـن اﻷﺳـﺑﺎب اﻟﻣﺑﺎﺷـرة ﻟﻠﺻـراع‬ ‫اﻟﺻﺣﯾﺔ واﻟﻬﺟرة‪.‬‬
‫إﻟــﻰ إطﺎﻟــﺔ أو ﺗﻌﻘﯾــد اﻟﻧ ازﻋــﺎت اﻟﻘﺎﺋﻣــﺔ وﻋﻠــﻰ ﺳ ـﺑﯾل اﻟﻣﺛــﺎل‪ ،‬ﯾﻣﻛــن أن اﻟﺗــدﻫور اﻟﺑﯾﺋــﻲ‬
‫ﺧﻠــق أزﻣــﺔ ﻻﺟﺋــﯾن ﺑــﯾن اﻟﺑﻠــدﯾن اﻟﺟــﺎرﯾن‪ ،‬ورﻏــم ﻫــذا ﻓﻘﺿــﺎﯾﺎ اﻟﻼﺟﺋــﯾن ﺗﻔــﺎﻗم اﻟﻧ ازﻋــﺎت‬
‫ﺑــﯾن اﻟﺟﯾ ـران –ﻟﻛــن ﻟــﯾس ﻓــﻲ أﻏﻠــب اﻟﺣــﺎﻻت ‪ -‬ﻓﺎﻟﺑﯾﺋــﺔ ﻟﯾﺳــت اﻟﺳــﺑب اﻟﻣﺑﺎﺷــر ﻓــﻲ‬
‫‪32‬‬
‫وﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﯾﺎن‪.‬‬ ‫اﻟﺻراع"‬
‫اﻟﺧﺎﺗﻣﺔ ‪:‬‬
‫إن اﻻﻣــن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﻲ ﻛﺑﻌــد أُﺳــﺗﺣدث ﺿ ـﻣن اﻟد ارﺳــﺎت اﻟﺗــﻲ ﻗﺎﻣــت ﺑﻬــﺎ ﻣدرﺳــﺔ‬
‫ﻛوﺑﻧﻬﺎﺟن ﻓﻲ اطـﺎر ﺗوﺳـﯾﻊ ﻣﻔﻬـوم اﻻﻣـن ‪ ،‬وﻓـق ﻣـﺎ ﻓرﺿـﺗﻪ ﻣرﺣﻠـﺔ ﻣـﺎ ﺑﻌـد اﻟﺣـرب‬

‫‪593‬‬
‫‪ISSN: 1112-9336‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ‬
‫ص ‪597 - 578‬‬ ‫اﻟﻣﺟﻠد‪ 12 :‬اﻟﻌدد‪ 04 :‬اﻟﺳﻧﺔ ‪2020‬‬

‫اﻟﺑﺎردة ﺧﺻوﺻﺎ ﻣﻊ اﻟﻌﺟز اﻟذي أظﻬرﺗﻪ اﻷطر اﻟﻧظرﯾـﺔ اﻷﻣﻧﯾـﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾـﺔ ﻓـﻲ ﺗﻔﺳـﯾر‬
‫ﻣﻌﺿﻼت اﻷﻣﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺻﺎﺣﺑت ﺗﻠك اﻟﻔﺗرة‪.‬‬
‫ﻓﻛﺎن اﻟـرد ﻓـﻲ طـرح أﺑﻌـﺎد ﺟدﯾـدة ﻟﻸﻣـن ﻛـﺎن ﻣـن ﺿـﻣﻧﻬﺎ اﻷﻣـن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌـﻲ‬
‫اﻟــذي ﺟــﺎء ﻟﺗﻔﺳــﯾر طﺑﯾﻌــﺔ اﻟﻣﻌﺿــﻼت اﻟﺗــﻲ ﻛﺎﻧــت ﺗُﻌﺑــر ﻋﻠــﻰ ﺗﺻــﺎدم ﻣﺟﺗﻣﻌــﻲ ﺑــﯾن‬
‫اﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ أو ﺗﺟـﺎﻩ اﻟدوﻟـﺔ‪ ،‬واﻟﺗـﻲ ﺗﻌـود إﻟـﻰ ﺣـرص أي ﺟﻣﺎﻋـﺔ‬
‫ﻣﺟﺗﻣﻌﺔ ﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﺳﺗﻣ اررﯾﺔ أﻧﻣﺎطﻬﺎ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ وﻟﻠﻐوﯾﺔ واﻟدﯾﻧﯾﺔ واﻟﻌرﻗﯾﺔ‪ .‬ﻛﻣﺎ ﯾظﻬـر أن‬
‫ﻟﻸﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺗﺄﺛﯾر وﺗﺄﺛٌر ﺑـﯾن ﻣﺧﺗﻠـف اﻟﻘطﺎﻋـﺎت اﻷﻣﻧﯾـﺔ اﻷﺧـرى اﻟﺳﯾﺎﺳـﯾﺔ‬
‫واﻻﻗﺗﺻـﺎدﯾﺔ واﻟﻌﺳــﻛرﯾﺔ واﻟﺑﯾﺋﯾـﺔ‪ ،‬ﻓــﺄي ﻣﻌﺿـﻠﺔ أﻣﻧﯾــﺔ ﻓــﻲ ﻫـذﻩ اﻟﻘطﺎﻋــﺎت ﻗـد ﺗﻛــون ﻟﻬــﺎ‬
‫اﻧﻌﻛﺎﺳــﺎت ﻋﻠــﻰ اﻷﻣــن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﻲ‪ .‬وﺑﻣﻘﺎﺑــل ﻓ ــﺄن اﻟﻣﻌﺿــﻠﺔ اﻷﻣﻧﯾــﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾــﺔ ﻫــﻲ‬
‫اﻷﺧـرى ﻗـد ﺗـؤﺛر أﯾﺿــﺎ ﻋﻠـﻰ ﺑـﺎﻗﻲ ﻫــذﻩ اﻟﻘطﺎﻋـﺎت‪ ،‬وﻫـو ﻣــﺎ ﯾﻔـرض ﺿـرورة اﻻﻫﺗﻣــﺎم‬
‫ـر ﻟﺧطــورة اﻵﺛــﺎر اﻟﺗــﻲ ﺗﻔرزﻫــﺎ اﻟﻣﻌﺿــﻼت اﻷﻣﻧﯾــﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾــﺔ ﻋﻠــﻰ‬
‫ﺑﻬــذا اﻟﺟﺎﻧــب ﻧظـ ًا‬
‫اﻟﻔرد واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ واﻟدوﻟﺔ‪.‬‬
‫اﻟﺗوﺻﯾﺎت ‪:‬‬
‫‪-‬ﺿرورة ﺗطﺑﯾق اﻟﺳﻠطﺎت‪ ،‬اﻵﻟﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻣن اﻟﺗﻣﺎﺳك اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺿـ ــرورة ﺗوﻋﯾـ ــﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌـ ــﺎت واﻟﺷـ ــﻌوب اﻟﺗـ ــﻲ ﺗﺷـ ــﻬدا ﺗﻧوﻋ ـ ـﺎ إﺛﻧﯾـ ــﺎ ﻓـ ــﻲ دوﻟﻬـ ــﺎ ﻣـ ــن‬
‫اﻷﺧطﺎر اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﺞ ﻋن اﻟﺻراع ﺣول اﻟﻬوﯾﺔ‪.‬‬
‫‪-‬اﻟﺳــﻌﻲ ﻟﻼﻫﺗﻣــﺎم ﺑﺎﻟﻘطﺎﻋــﺎت اﻷﻣﻧﯾــﺔ اﻷﺧــرى ﺣﺗــﻰ ﻧﺿــﻣن اﻷﻣــن اﻣﺟﺗﻣﻌــﻲ ﻟﻠــدول‬
‫واﻟﺷﻌوب ‪.‬‬
‫ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟﻊ‪:‬‬

‫‪1‬ﺳﻠﯾﻣﺎن اﻟﺣرﺑﻲ‪ "،‬ﻣﻔﻬوم اﻷﻣن ‪:‬ﻣﺳﺗوﯾﺎﺗﻪ و ﺻـﯾﻐﻪ و ﺗﻬدﯾداﺗـﻪ" ‪،‬اﻟﻣﺟﻠـﺔ اﻟﻌرﺑﯾـﺔ ﻟﻠﻌﻠـوم‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻌدد ‪، 19‬ﺻﯾف ‪، 2008‬ص‪.09‬‬

‫‪594‬‬
ISSN: 1112-9336 ‫ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ‬
597 - 578 ‫ص‬ 2020 ‫ اﻟﺳﻧﺔ‬04 :‫ اﻟﻌدد‬12 :‫اﻟﻣﺟﻠد‬

‫ دﻛﺗــوراﻩ ﻏﯾــر ﻣﻧﺷــورة‬، ‫ﻗﺻــور ﻓــﻲ ﻣﺗطﻠﺑــﺎت ﺑﻧــﺎء اﻟدوﻟــﺔ ﻓــﻲ اﻓرﯾﻘﯾــﺎ‬، ‫ﻣــدوﻧﻲ ﻋﻠــﻰ‬2
.57 .‫ص‬،(2014 ، ‫ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‬: ‫)ﺑﺳﻛرة‬
‫ اﻟﻣرﻛــز اﻟﻌــﺎﻟﻣﻲ ﻟﻠد ارﺳــﺎت‬: ‫)ﻋﻣــﺎن‬، ‫ اﻟدراﺳــﺎت اﻻﻣﻧﯾــﺔ اﻟﻧﻘدﯾــﺔ‬، ‫ﺳــﯾد أﺣﻣــد ﻗــوﺟﯾﻠﻲ‬3
.09 .‫( ص‬2014 ،1‫ط‬، ‫اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‬
4
Tirthankar Chanda Rwanda: aux origines du génocide."
http://www.rfi.fr/afrique/20140406-rwanda-origines-genocide-
habyarimana-kagame-tutsis-hutus-france. 28/11/2017.
‫"ﺗطـور اﻟد ارﺳـﺎت اﻻﻣﻧﯾـﺔ وﻣﻌﺿـﻠﺔ اﻟﺗطﺑﯾـق ﻓـﻲ اﻟﻌـﺎﻟم اﻟﻌرﺑـﻲ" ﻣرﻛـز‬، ‫ﺳﯾد أﺣﻣـد ﻗـوﺟﯾﻠﻲ‬5
.9‫ ص‬،169: ‫اﻟﻌدد‬، ‫اﻻﻣﺎ ارت ﻟﻠدراﺳﺎت و اﻟﺑﺣوث اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ‬
6
Marianne Stone ،"Security According to Buzan: A Comprehensive
Security Analysis" ،Groupe d’Etudes et d’Expertise Sécurité et
Technologies ،2009Spring . p.04.

7
Barry Buzan Lene Hansen ،"THE EVOLUTION OF
INTERNATIONAL SECURITY STUDIES " Published in the United
States of America by Cambridge University Press, New York،
2009، p206.
.38.39‫ص‬، ‫ اﻟدراﺳﺎت اﻻﻣﻧﯾﺔ اﻟﻧﻘدﯾﺔ‬، ‫ﺳﯾد أﺣﻣد ﻗوﺟﯾﻠﻲ‬8
9
Rita Floyd، "When Foucault met security studies: A critique of the
‘Paris school’ of security studies" the University of Cork, Ireland
Paper presented at the 2006 BISA annual conference 18-20
December.،2006 ،P.11.

‫دار ﺟﺎﻣﻌـﺔ‬: ‫)اﻟرﯾـﺎض‬، ‫ اﻻﻣن اﻟﻘـوﻣﻲ اﻟﻌرﺑـﻲ وﺗﺣدﯾﺎﺗـﻪ اﻟﻣﺳـﺗﻘﺑﻠﯾﺔ‬، ‫ﻣﯾﻠود ﻋﺎﻣر ﺣـﺎج‬10
.162 .‫ص‬، (2016،‫ﻧﺎﯾف ﻟﻧﺷر‬
11
Pinar Bilgin ،" Individual and Societal Dimensions of Security "
International Studies Review ،2003، 5.p.211 .

595
ISSN: 1112-9336 ‫ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ‬
597 - 578 ‫ص‬ 2020 ‫ اﻟﺳﻧﺔ‬04 :‫ اﻟﻌدد‬12 :‫اﻟﻣﺟﻠد‬

12
Alam Saleh ،"Broadening the Concept of Security: Identity and
Societal Security Identity and Societal Security" Geopolitics
Quarterly, V6, N 4, Winter 2010،p. 233.

13
Iulian Chifu Oazu Nantoi "SOCIETAL SECURITY IN THE
TRILATERAL REGION OF ROMANIA-UKRAINE-REPUBLIC OF
MOLDOVA Curtea Veche Publishing House, Bucureti،2008،
p.09.09
14
Ayse Ceyhan " Analyser la sécurité" : Dillon, Waever, Williams et
les autres Centre d'études sur les conflits lilberté et sécurité,
L’Harmattan 31-32 | 1998. pp. 5.6.7.

15
Poul roe Ethnic ،Violence and the Societal Security Dilemma (
Taylor & Francis، 2004). p،42.
16
Alam Saleh ، op.cit p233.
‫ﺧطــﺎب اﻻﻣﻧﯾــﺔ و اﻟﺳﯾﺎﺳــﺔ اﻟﻌﺎﻣــﺔ" ﺟﺎﻣﻌــﺔ‬: ‫"اﻟﻣﻌﺿــﻠﺔ اﻻﻣﻧﯾــﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾــﺔ‬، ‫ﻋــﺎدل زﻗــﺎع‬17
.107 .‫ص‬،5‫اﻟﻌدد‬، 2011‫ﻣﺟﻠﺔ دﻓﺎﺗر ﺳﯾﺎﺳﺔ و اﻟﻘﺎﻧون‬، ‫ورﻗﻠﺔ‬
18
Alam Saleh ، op.cit .pp233.234 .
19
Poul roe ،op.cit. pp56.57.
20
Poul roe. op.cit. p57.
) ‫ ﻣﺎﺟﺳــﺗر ﻏﯾــر ﻣﻧﺷــورة‬، ‫اﻟﺗﻧــوع اﻟﺛﻘــﺎﻓﻲ ﻣــن ﻣﻧظــور اﻻﻣــن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﻲ‬، ‫ﺳــﻧﺎء ﻣﻧﻐــر‬21
.32.‫ص‬،(2013، ‫ ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳطﯾف اﻟﺟزاﺋر‬: ‫ﺳطﯾف‬
‫ﺟدﻟﯾﺎت اﻻﻧدﻣﺎج‬، "‫"ﻗﯾﺎس اﻟﻧزﻋﺔ اﻻﻧﻔﺻﺎﻟﯾﺔ ﻟﻸﻗﻠﯾﺎت ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ‬، ‫وﻟﯾد ﻋﺑد اﻟﺣﻲ‬22
.104.105‫(ص‬2014 ‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ)ﻣرﻛز اﻟﻌرﺑﻲ ﻟﻸﺑﺣﺎث واﻟدراﺳﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‬

596
‫‪ISSN: 1112-9336‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ‬
‫ص ‪597 - 578‬‬ ‫اﻟﻣﺟﻠد‪ 12 :‬اﻟﻌدد‪ 04 :‬اﻟﺳﻧﺔ ‪2020‬‬

‫‪23‬ﺳ ــﻠﯾﻣﺎن اﻟطﻔﯾـ ـل‪" ،‬اﻟﻣﻌرﻛ ــﺔ اﻻﻗﺗﺻ ــﺎدﯾﺔ اﻟﻘﺎدﻣ ــﺔ وﺿ ــرورة اﻷﻣ ــن اﻻﻗﺗﺻ ــﺎدي"‪ ،‬ﺟرﯾ ــدة‬
‫اﻟرﯾ ـ ـ ــﺎض اﻟﺳ ـ ـ ــﻌودﯾﺔ ﻋﻠ ـ ـ ــﻰ اﻟـ ـ ـ ـراﺑط‪ :‬ﻧﺷ ـ ـ ــر ﻓ ـ ـ ــﻲ ‪ 2001/5/23‬واطﻠ ـ ـ ــﻊ ﻓ ـ ـ ــﻲ ‪11‬دﯾﺳ ـ ـ ــﻣﺑر‬
‫‪http://www.alriyadh.com/32865 2017‬‬
‫‪24‬‬
‫‪Zaneta Ozoliņa، Societal Security: Conceptual Framework‬‬
‫‪Societal . the Konrad Adenauer Foundation and the Latvian Political‬‬
‫‪Science Association.pp. 74.77.‬‬
‫‪25‬ﺳﻧﺎء ﻣﻧﻐر ‪،‬ﻧﻔس اﻟﻣرﺟﻊ ‪ ،‬ص‪.4.‬‬
‫‪26‬ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣرﯾر ‪" ،‬اﻻﻣن اﻟوطﻧﻲ اﻟﻣﻔﻬوم واﻻﺑﻌﺎد واﻟﻣرﺗﻛزات "‪،‬ﻣﺟﻠﺔ درع اﻟوطن‬
‫اﻻﻣﺎرت ‪ ،‬ﻧوﻓﻣﺑر ‪ ، 2013‬اﻟﻌدد‪، 502 :‬ص ‪.86‬‬
‫ا‬ ‫‪:‬‬
‫‪27‬ﺳﺣر اﻟﺑﺎﻗر اﻟﻌﻠـﻲ ‪،‬أﺛر اﻟﺗﻐﯾر اﻟﻣﻧﺎﺧﻲ ﻋﻠﻰ اﻻﻣـن اﻟـوطﻧﻲ اﻟﻛـوﯾﺗﻲ ﻣـن ﺧـﻼل اﻟﺑﻌـد‬
‫اﻻﻗﺗﺻﺎدي ‪،‬ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر )اﻟﻛوﯾت‪ :‬ﻣرﻛز دراﺳﺎت اﻟﺧﻠﯾﺞ واﻟﺟزﯾرة اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪ ،(2013 ،‬ص‪.30 .‬‬
‫‪28‬‬
‫‪Niloy Ranjan Biswas‬‬ ‫‪IS THE ENVIRONMENT A SECURITY‬‬
‫?‪THREAT‬‬ ‫‪Environmental Security‬‬ ‫‪beyond‬‬ ‫‪Securitization‬‬ ‫‪،‬‬
‫‪INTERNATIONAL AFFAIRS REVIEW Vol. XX, No. 1: Winter 2011 ،‬‬
‫‪p5.6‬‬
‫‪29‬ﻋﻠﻰ ﺣﺳﯾن اﻟﻘﺣطﺎﻧﻲ ‪"،‬اﻻﻣن اﻟﺑﯾﺋﻲ ﺿرورة ﻗﺻو ى ﻓﻲ ﺗﺣﺿر اﻻﻣـم" ‪:‬ﺟرﯾـدة اﻟﯾـوم‬
‫اﻟﺳﻌودﯾﺔ اﻟدﻣﺎم اﻟﻌدد ‪ 14946‬ﻧﺷر ﯾوم ‪ 17‬ﻣـﺎي ‪ 2014‬و اطﻠـﻊ ﯾـوم ‪ 14‬دﯾﺳـﻣﺑر ‪2016‬‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟراﺑط ‪http://www.alyaum.com/article/3139832‬‬
‫‪30‬راﻧﯾﺎ ﻋﺑد اﻟﻧﻌﯾم وﻣﺟد اﻟـدﯾن ﺧﻣـش ‪"،‬اﻟوظـﺎﺋف اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾـﺔ ﻟﺟﻬـﺎز اﻷﻣـن اﻻردﻧـﻲ"‪ .‬ﻣﺟﻠـﺔ‬
‫دراﺳﺎت‪،‬اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ‪:‬اﻷردن م ‪ 43‬ﻣﻠﺣق‪ 2016 ،5‬ص ‪.2205‬‬
‫‪31‬‬
‫‪Kurt M. Lietzmann ، Environment and Security in an International‬‬
‫‪Context : NATO/Committee on The Challenges of Modern Society‬‬
‫‪Pilot Study . ENVIRONMENTAL CHANGE & SECURITY PROJECT‬‬
‫‪REPORT , ISSUE: 5، SUMMER، 1999 p.35-36.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪Niloy Ranjan Biswas، op.cit. p7.‬‬

‫‪597‬‬