Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 2

‫رهان‬

‫ٌ‬ ‫الصد َق ُة بُ‬


‫َّ‬
‫د‪ .‬محمود بن أحمد الدوسري‬

‫ج َد ل َُه َمالِئكَتَ ُه‪َ ،‬وَأ ْسكَن َ ُه ال َْجن ّ َ َة َد َار ال ْبَقَا ِء‪،‬‬‫اء‪َ ،‬وَأ ْس َ‬ ‫َأ‬ ‫ب الَْأ ْر ِض َو ّ َ‬
‫عل َّ َم ُه ال ْ ْس َم َ‬ ‫الس َما ِء‪َ ،‬خل ََق َ‬
‫آد َم َو َ‬ ‫ال َْح ْم ُد ِ‬
‫لله َر ِ ّ‬
‫َاء‪َ ،‬وَأ ْش َه ُد‬ ‫الله َو ْح َد ُه ل َيْ َس ل َُه َأن ْ َدادٌ َوال َأ ْشبَاهٌ َوال ُش َرك ُ‬ ‫ان َأل ِ َّد الَْأ ْ‬
‫ع َدا ِء‪َ ،‬وَأ ْش َه ُد َأ ْن ال ِإ ل ََه ِإ لَّا ُ‬ ‫الشيْ َط ِ‬‫َو َح ّ َذ َر ُه ِم َن ّ َ‬
‫عل َى آلِ ِه َو َسل َّ َم‬ ‫عل َيْ ِه َو َ‬ ‫ين َوالَْأتْ ِقيَا ِء‪َ ،‬صلَّى ُ‬
‫الله َ‬ ‫الر ُسل َِوالَْأنْبِيَا ِء‪َ ،‬وِإ َما َم ال ُْم َ‬
‫جا ِه ِد َ‬ ‫خاتَ َم ُّ‬ ‫ح ّ َم ًدا َ‬ ‫َأ ّ َن نَبِيَّنَا ُم َ‬
‫ين‬ ‫يرا ِإ ل َى يَ ْو ِم ِ ّ‬
‫الد ِ‬ ‫يما ك َ ِث ً‬
‫تَ ْسلِ ً‬
‫ام بعد ‪ .....‬أقوم أمامكم في هذا اليوم أللقي اليكم كلمة قصيرة تحت الموضوع اليد العليا خير من اليد‬
‫السفلى‬

‫‪ ..........‬أيها المستمعون الكرام ‪..........‬إسمعوا جيدا‬

‫حبِّه الشديد للمال‪         ,‬‬ ‫واإلنفاق في سبيل الله تعالى من أعظم التحديات التي تواجه اإلنسان؛ لِ ُ‬
‫ال ُحبًّا َج ّ ًما} [الفجر‪]20 :‬؛ وح ّ َذر النبي صلى الله عليه وسلم من فتنة المال‬ ‫ون ال َْم َ‬ ‫وحرصه عليه‪َ { :‬وتُ ِحبُّ َ‬ ‫ِ‬
‫ال» صحيح – رواه الترمذي‪ .‬وبعضهم أصبح عبدا ً للمال‪« :‬تَ ِع َس‬ ‫بقوله‪ِ« :‬إ ّ َن لِك ّ ُِل ُأ َّم ٍة ِفتْن َ ًة‪َ ,‬و ِفتْن َ ُة ُأ َّم ِتي ال َْم ُ‬
‫الد ْر َه ِم» رواه البخاري‬ ‫الدين َ ِار َو ِ ّ‬ ‫‪.‬عبْ ُد ِ ّ‬‫َ‬
‫ين ‪      ‬‬ ‫خل َ ِف َ‬ ‫أيها اإلخوة الكرام ‪ ..‬إن المال أمان ٌة عند العباد‪ ,‬وهم مستخلفون فيه‪َ { :‬وَأن ْ ِفقُوا ِم َّما َج َعلَك ُْم ُم ْستَ ْ‬
‫ِير} [الحديد‪ .]7 :‬فهؤالء هم الذين يُبارك الله لهم في أموالهم‪,‬‬ ‫آمنُوا ِمنْك ُْم َوَأنْفَقُوا ل َُه ْم َأ ْج ٌر كَب ٌ‬ ‫ين َ‬ ‫يه فَال ّ َ ِذ َ‬‫ِف ِ‬
‫ير ًة َوالل ّ َ ُه يَ ْقب ُِض‬ ‫َأ‬ ‫ويُضاعف لهم األجر في اآلخرة‪َ { :‬م ْن َذا ال ّ َ ِذي يُ ْق ِر ُض الل ّ َ َه ق َْر ًضا َح َسنًا فَيُ َض ِ‬
‫اع َف ُه ل َُه ْض َعافًا ك َ ِث َ‬
‫ون} [البقرة‪]245 :‬‬ ‫‪َ .‬ويَبْ ُس ُط َوِإ ل َيْ ِه تُ ْر َج ُع َ‬
‫الص َد َق ُـة ‪      ‬‬ ‫«و ّ َ‬ ‫ومن أهم المعايير التي يُقاس بها إيمان المرء الصدقة‪ ,‬قال النبي صلى الله عليه وسلم‪َ :‬‬
‫ان» رواه مسلم‪ .‬وهي تجارة عظيمة مع اللهـ تعالى‪ ,‬وجهاد في سبيل الله بالمال‪ ,‬وفيها نجاة للعباد‬ ‫بُ ْر َه ٌ‬
‫ون ِبالل ّ َ ِه‬
‫يم * تُْؤ ِمن ُ َ‬ ‫اب َألِ ٍ‬ ‫ع َذ ٍ‬ ‫ج َار ٍة تُنجِ يك ُْم ِم ْن َ‬ ‫ين َآ َمنُوا َه ْل َأ ُدلُّك ُْم َعل َى ِت َ‬ ‫من العذابـ األليم‪{ :‬يَا َأيُّ َها ال ّ َ ِذ َ‬
‫ون} [الصف‪]11 ,10 :‬‬ ‫ِيل الل ّ َ ِه ِبَأ ْم َوالِك ُْم َوَأنفُ ِسك ُْم َذلِك ُْم َخيْ ٌر لَك ُْم ِإ ْن ك ُنتُ ْم تَ ْعل َُم َ‬
‫ون ِفي َسب ِ‬ ‫جا ِه ُد َ‬ ‫‪َ .‬و َر ُسولِ ِه َوتُ َ‬
‫خلِ ُف ُه َو ُه َو َخيْ ُر ‪      ‬‬ ‫وم ْن أرادـ تنمية ماله فلينفق منه في سبيل الله تعالى‪َ { :‬و َما َأن َف ْقتُ ْم ِم ْن َش ْي ٍء ف َُه َو يُ ْ‬ ‫َ‬
‫عل َيْ َك» رواه البخاري‬ ‫ُأ‬ ‫َأ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َال الل ّ ُه َع ّ َز َو َج ّل‪ :‬ن ْ ِف ْق ن ْ ِف ْق َ‬
‫ين} [سبأ‪ ]39 :‬وفي الحديث القدسي‪« :‬ق َ‬ ‫الر ِاز ِق َ‬
‫‪َّ .‬‬
‫وما أنفقه العبد في سبيل اللهـ تعالى هو الذي يجده أمامه يوم القيامة‪ ,‬وما يُبقيه في األرصدة فهو ‪      ‬‬
‫ول الل ّ َ ِه!‬ ‫ال َو ِار ِث ِه َأ َح ُّ‬
‫ب ِإ ل َيْ ِه ِم ْن َمالِ ِه»‪ .‬قَال ُوا‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫ُمل ٌْك للورثة‪ ,‬قال النبي صلى الله عليه وسلم‪َ« :‬أيُّك ُْم َم ُ‬
‫ال َو ِار ِث ِه َما َأ ّخ ََر» رواه البخاري‬ ‫‪.‬ما ِمن َّا َأ َحدٌ ِإ ال َّ َمال ُُه َأ َح ُّ‬
‫ب ِإ ل َيْ ِه‪ .‬ق َ‬
‫َال‪َ « :‬فِإ ّ َن َمال َُه َما ق ّ ََد َم‪َ ،‬و َم ُ‬ ‫َ‬

‫أيها األصدقاء األحباء ‪      ‬‬


‫أهمها اإلخالص لله تعالى فيها‪ ,‬فعدم اإلخالص يُبطلها ويُحبط أجرها‪,‬‬‫للصدقة واإلنفاق فيها اآلداب‪ :‬فمن ِ ّ‬
‫‪.‬والبعض يتصدق قاصدا ً للرياء ُّ‬
‫والسمعة‪ ,‬والمباهاة والتفاخر‪ ,‬فهذا يُعاقب بأشد العقوبة يوم القيامة‬
‫تقديمها على الصدقة المستحبة‪ ,‬وعدم تأخيرها عن وقتها‪ ,‬فإذا وجبت عليه زكاةٌ في ماله‪ ,‬أو زرعه‪ ,‬أو‪ ‬‬
‫ُ‬
‫وأحب ما يتقرب به العبد إلى الله‬
‫ُّ‬ ‫‪,‬‬ ‫اإلسالم‬ ‫أركان‬ ‫من‬ ‫وهي‬ ‫‪,‬‬ ‫وقتها‬ ‫في‬ ‫خرجها‬‫ُ‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫عليه‬ ‫وجب‬ ‫تجارته؛‬
‫أداء الفرائض‪ ,‬فال يؤخرها لغير عذر؛ لكي ال يتعرض لسخط الله تعالى‬
‫‪.‬تعالى ُ‬
‫آمنُوا ال َ ُتبْ ِطل ُوا َص َدقَا ِتك ُْم ‪      ‬‬ ‫بالم ِّن واألذى‪ ,‬قال سبحانه‪{ :‬يَا َأيُّ َها ال ّ َ ِذ َ‬
‫ين َ‬ ‫ومن اآلداب‪ :‬عدم إبطال الصدقةـ َ‬
‫اء الن ّ َِاس َوال َ يُْؤ ِم ُن ِبالل ّ َ ِه َوال ْيَ ْو ِم ِ‬ ‫َأل‬
‫اآلخ ِر} [البقرة‪]264 :‬‬ ‫‪ِ .‬بال َْم ِّن َوا َذى ك َال ّ َ ِذي يُن ِف ُق َمال َُه ِرَئ َ‬
‫تصدق أن يُ ِس َّر بصدقته ما استطاع‪ ,‬إال َّ إذا كان في إعالنها مصلحة راجحة‪ ,‬قال الله تعالى‪       :‬‬ ‫الم ِ ّ‬ ‫وعلى ُ‬
‫اء ف َُه َو َخيْ ٌر لَك ُْم َويُك َ ِ ّف ُر َعنْك ُْم ِم ْن َسيَِّئا ِتك ُْم َوالل ّ َ ُه ِب َما‬
‫وها الْفُ َق َر َ‬
‫وها َوتُْؤ تُ َ‬ ‫َات َف ِن ِع َّما ِه َي َوِإ ْن تُ ْ‬
‫خفُ َ‬ ‫الص َدق ِ‬ ‫{ِإ ْن تُبْ ُدوا ّ َ‬
‫ِير} [البقرة‪271 :‬‬ ‫ُون َخب ٌ‬‫تَ ْع َمل َ‬
‫‪      ‬‬
‫قدم الرديء من الطعام‪ ,‬أو الخبيث من ‪      ‬‬ ‫قدم الجيد من المال في الصدقة‪ ,‬وال يُ ِ ّ‬ ‫ومن اآلداب‪ :‬أن يُ ِ ّ‬
‫ات َما ك ََسبْتُ ْم َو ِم َّما َأ ْخ َر ْجنَا لَك ُْم ِم ْن‬
‫آمنُوا َأن ِف ُقوا ِم ْن َطيِّبَ ِ‬ ‫ين َ‬ ‫المال في الصدقة‪ ,‬قال اللهـ تعالى‪{ :‬يَا َأيُّ َها ال ّ َ ِذ َ‬
‫يه} [البقرة‪ .]267 :‬وإن استطاع أن‬ ‫يه ِإ ال َّ َأ ْن ُت ْغ ِم ُضوا ِف ِ‬
‫آخ ِذ ِ‬
‫ون َول َْستُ ْم ِب ِ‬ ‫اَأل ْر ِض َوال َ تَيَ َّم ُموا ال َْخب َ‬
‫ِيث ِمن ْ ُه تُن ِفقُ َ‬
‫مال‪ ,‬وطعام‪ ,‬ولباس‪ ,‬ونحوه‪ ,‬فله أعظم األجر من اللهـ تعالى‪{ :‬ل َْن تَنَال ُوا الْب َِّر‬ ‫يتصدق بشيء مما يحبه؛ من ٍ‬
‫ون} [آل عمران‪92 :‬‬ ‫َحتّ َى ُتن ْ ِف ُقوا ِم َّما تُ ِحبُّ َ‬

‫‪ :‬أيها المستمعون الكرام‬


‫‪ .....‬وخالصة القول لهذا العمل‬
‫وجل‬
‫ّ‬ ‫ربّه ع ّ َز‬
‫المسلم إلى ِ‬
‫ُ‬ ‫ب بها‬
‫تقر ُ‬
‫األعمال التي ي َ ّ‬
‫ِ‬ ‫أفضل‬
‫ِ‬ ‫الصدق َة من‬
‫إن ّ‬‫‪ّ  ‬‬
‫الله عنه ‪،‬‬
‫الدنيا‪ ،‬نَفّ ََس ُ‬
‫ب ّ‬ ‫مؤمن ك ُرب ًة من ك َُر ِ‬
‫ٍ‬ ‫الله عليه وسلم‪َ :‬من نفّ ََس عن‬ ‫الله صلى ُ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ُ‬ ‫قال‬
‫َ‬
‫ستر‬
‫ومن َ‬ ‫الدنيا واآلخرة‪َ ،‬‬
‫الله عليه في ّ‬ ‫عسر ي َ ّس َر ُ‬
‫ومن يَ ّ َس َر على ُم ٍ‬
‫ب يو ِم القيامة‪َ ،‬‬‫ك ُرب ًة من ك َُر ِ‬
‫عون أخيه‬
‫ِ‬ ‫العبد في‬
‫ُ‬ ‫عون العب ِد ما َ‬
‫كان‬ ‫ِ‬ ‫والله في‬
‫ُ‬ ‫الدنيا واآلخرة‪،‬‬
‫الله في ّ‬ ‫ستره ُ‬‫‪.‬مسلما َ‬
‫ً‬
‫العظيم لي‬
‫َ‬ ‫الله‬
‫وأستغفر َ‬
‫ُ‬ ‫وبهدي سي ّ ِد المرسلين‪ُ ،‬‬
‫أقول قولي هذا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بالقرآن العظيم‪،‬‬
‫ِ‬ ‫بار َك ُ‬
‫الله لي ولكم‬
‫الغفور الرحيم‬
‫ُ‬ ‫ذنب فاستغفروه‪ ،‬إنّه هو‬
‫كل ٍ‬‫المسلمين ِمن ّ ِ‬
‫َ‬ ‫ولسائر‬
‫ِ‬ ‫ولكم‬

‫والسالم عليكم ورحمة الله وبركاته‬

You might also like