Download as txt, pdf, or txt
Download as txt, pdf, or txt
You are on page 1of 8

‫شرح المناجاة الضريرية‬

‫الدرس‪) 1 ( :‬‬

‫ِخل ٍْق َج ِدي ٍد * (‬ ‫يد * ِإ ن ي َ َشْأ يُذ ِْهبْك ُْم َويَْأ ِت ب َ‬ ‫َاس َأنتُ ُم ال ْ ُف َق َر ُ‬
‫اء ِإ ل َى الل َّ ِه ۖ َوالل ّ َ ُه ُه َو ال ْ َغ ِن ُّي ال َْح ِم ُ‬ ‫َأ‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم { يَا ي ُّ َها الن ّ ُ‬
‫يز }‬ ‫ز‬
‫ِ‬
‫َ ٍ‬ ‫ِع‬
‫ب‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫َى‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ذ‬
‫ٰ‬ ‫َ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫و‬
‫ََ‬ ‫)‬
‫بسم الله والحمد لله والصالة والسالم على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين‬
‫اليوم إن شاء الله سنبدأ شرح مناجاة سيدي عبد المالك الضرير و سيدي عبد المالك الضرير هو من العارفين بالله العلماء الذين‬
‫ساروا في طريق الله سبحانه وتعالى ‪،‬وهو من الناس الذين مشوا في التعرف على الله فتعرف على الله سبحانه وتعالى‪ ،‬فبعد أن‬
‫تعرف على الله سبحانه وتعالى خرجت من باطنه هذه المعارف التي سنشرحها إن شاء الله في هذه الدروس ‪،‬فهذه المعارف وهذه‬
‫الكلمات التي سنشرحها هي نتائج سنين من التعرف على الله ونتائج فتوحات من الله سبحانه وتعالى على قلب سيدي عبد‬
‫‪.‬المالك الضرير ؛ فناجي الله سبحانه وتعالى بها‬
‫ناجى أي تكلم مع الله سبحانه وتعالى يعني وكأنه بيقول لربنا أنا أعرف عنك هذه المعلومات التي أنت علمتني إياها ‪ ،‬والمناجاة‬
‫هي خطاب من العبد إلى الله سبحانه وتعالى‪ ،‬و دائما ً الخطابات تكون بين األحباب فهو خطاب األحبة‪ ،‬وهو خطاب سيدي عبد‬
‫المالك الضرير الذي أحب مواله سبحانه وتعالى فتكلم وتوجه إلى مواله سبحانه وتعالى ليبين ُحبه له وبسبب إخالص سيدي عبد‬
‫وع ِرفَت بين الناس واليوم نحن نشرحها إن شاء الله‬ ‫‪.‬المالك الضرير إستمرت المناجاة مع الزمان فتلقاها وأخذها الناس بالقبول ُ‬

‫َاس َأنتُ ُم الْفُقَ َر ُ‬


‫اء ِإ ل َى الل ّ َ ِه ۖ َوالل َّ ُه ُه َو ال ْ َغ ِن ُّي‬ ‫َأ‬
‫المالك الضريرْأ يبدأ المناجاة بقوله بسم الله الرحمن الرحيم { يَا يُّ َها الن ّ ُ‬ ‫وسيدي عبد‬
‫غني ال غنى عنك‬ ‫إنك‬ ‫اللهم‬ ‫"‬ ‫فيقول‬ ‫يتكلم‬ ‫بعدها‬ ‫ثم‬ ‫}‬ ‫يز‬ ‫ز‬ ‫ِع‬‫ب‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫َى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫و‬ ‫*‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫د‬ ‫ج‬ ‫ْق‬ ‫ل‬ ‫ِخ‬‫ب‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ُم‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫ْه‬‫ذ‬ ‫ي‬ ‫ْأ‬ ‫ش‬ ‫ال َْح ِم ُ‬
‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٰ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ ْ ََ‬ ‫َ‬ ‫يد * ِإ ن َ‬
‫ي‬
‫ومنان قبل الطلب‬ ‫ٌ‬ ‫ومفضال بال سبب‬ ‫ٌ‬ ‫"وولي ال عوض منك‬ ‫ٌ‬
‫فالقسم الثاني من الكالم هو كالم شخصي لكن القسم األول هو بدأ المناجاة بكالم الله سبحانه وتعالى وكأنها إشارة من سيدي عبد‬
‫المالك الضرير يقول فيها أنا أبدأ وأتبارك وأعتز بكالم موالي سبحانه وتعالى فأبدأ به ‪،‬فهي إشارة إلى أنه لم يأخذ العلم من نفسه‪،‬‬
‫بل هو تلقى العلم من الله سبحانه وتعالى عن طريق سيدنا رسول الله عن طريق ورثته‪ ،‬فهو بدأ بهذا قائال ً أنا أبدأ بكالم موالي‬
‫ثم أبني عليه باقي الكالم فهو أدب مع الله سبحانه وتعالى يقول بمعنى أنه يقول لله سبحانه وتعالى "أنا ال أعلم وعلمي منك‪،‬‬
‫‪".‬فأنا أبدأ الكالم بما خاطبتنا أنت به ؛ وهو كالمك ؛ وهو قرآن الكريم‬

‫فقال وبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم ‪،‬وبسم الله الرحمن الرحيم هي مفتاح كل الفهم التالي للفهوم التي نريد أن نفهم بها الكالم‪،‬‬
‫فبسم الله‪ ،‬باسم ‪ ( :‬باء ) ثم ( اسم ) باسم أي بمعنى بواسطة اسم ‪ ،‬اسم من؟ الله ؛ بواسطة اسم الله‪ ،‬طيب الله سبحانه‬
‫وتعالى عنده أسماء كثيرة جدا ً ‪،‬الله سبحانه وتعالى عنده أكثر من مئتين اسم فقط الي إحنا نعرفها‪ ،‬فبأي اسم من أسماء الله‬
‫سبحانه وتعالى سأبدأ؟ فقال بسم الله الرحمن الرحيم أي أنا سأبدأ بأسماء من أسماء الله سبحانه وتعالى الذي هو بدأنا بها في‬
‫قرآنه‪ ،‬فبسم الله الرحمن الرحيم في القرآن هي آية من آيات سورة الفاتحة في رواية من الروايات ‪،‬فهو يقول بإسم الله أي‬
‫بواسطة اسم الله أي اسم الرحمان الرحيم أي ؛ سأبدأ فهمي وسأبدأ تعليمي وسأبدأ شرحي وسأبدأ خطابي وسأبدأ حياتي وسأستمر‬
‫فيها بـ الرحمن الرحيم وليس بأي اسم ثاني ألن الله سبحانه وتعالى عنده أسماء جمال جميلة ‪ ،‬وأسماء جالل ‪ -‬أسماء فيها رهبة‬
‫‪ ، -‬وأسماء كمال ‪،‬فاسم الله الرحمن الرحيم هي معا ً من أسماء الجمال‪ ،‬فلماذا إختار الله سبحانه وتعالى اسمين من أسماء‬
‫الجمال يبدأ هو بها؟ فتَب َِعه عبد المالك أي عبد الله سيدي عبد المالك مناجاته بها وكأنه يقول بصورة واضحة أنا أسير على ما‬
‫يريد لي الله سبحانه وتعالى أن أسير به‪ ،‬فقال بسم الله الرحمن الرحيم أي من بدأني بالرحمة ثم تالها بالرحمة ‪،‬فأنا ال أحيد‬
‫عن منهج سيدنا رسول الله عليه الصالة والسالم الذي عندما ُسِئل أصحابه فقيل كيف كان رسول الله؟ قال ما خير بين شيئين‬
‫ين}‬‫إال اختار أيسرهما ‪ :‬رحمة ؛ ألنه { َو َما َأ ْر َسلْنَا َك ِإ لَّا َر ْح َم ًة لِل َْعال َِم َ‬
‫فهو بدأ بهذا ليقول أنا على منهج موالي سيدنا رسول الله عليه الصالة والسالم‪ ،‬وأنا على منهج الورثة المحمديين من أتباع النبي‬
‫‪.‬األمين عليه الصالة والسالم‬

‫عل َى الل َّ ِه‬ ‫ِخل ٍْق َج ِدي ٍد * َو َما َٰذ ِل َك َ‬‫يد * ِإ ن ي َ َشْأ يُذ ِْهبْك ُْم َويَْأ ِت ب َ‬
‫اء ِإ ل َى الل ّ َ ِه ۖ َوالل ّ َ ُه ُه َو ال ْ َغ ِن ُّي ال َْح ِم ُ‬‫َاس َأنتُ ُم ال ْ ُف َق َر ُ‬ ‫َأ‬
‫ثم قال { يَا يُّ َها الن ّ ُ‬
‫فهم في ظاهرها من غير التعلم عند العلماء أنها آية تهديد‬ ‫َ‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫اآلية‬ ‫وهذه‬ ‫}‬ ‫ٍ‬ ‫يز‬ ‫ز‬
‫ِ‬ ‫ِع‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫ْأ‬ ‫ْأ‬
‫اء {‬ ‫َاس َأنتُ ُم الْفُقَ َر ُ‬ ‫َأ‬
‫يد } ربنا مستغني عنكم { ِإ ن يَ َش يُذ ِْهبْك ُْم َويَ ِت } يَا يُّ َها الن ّ ُ‬ ‫أنتم محتاجين إلى الله { َوالل َّ ُه ُه َو ال ْ َغ ِن ُّي ال َْح ِم ُ‬
‫ِخل ٍْق َج ِدي ٍد } لو ربنا سبحانه وتعالى يريد أن يفنيكم وتذهبون فال يحصل وال يكون لكم وجود ‪ ،‬الله قادر على هذا { َو َما َٰذلِ َك‬ ‫ب َ‬
‫يز } أي هذا ليس بالصعب على الله أن يفعله سبحانه وتعالى‬ ‫عل َى الل ّ َ ِه ب َِع ِز ٍ‬‫َ‬
‫فاآلية في ظاهرها آية تهديد كما نفهم من بعض من لم يفهموا كالم الله سبحانه وتعالى الذي أنزله الله للكالم للقرآن ليخاطبنا‬
‫يعني الله سبحانه وتعالى ما مجبورية الله ومن الذي دفع الله حتى يخاطبنا ويكلمنا ويرسل إلينا؟ ال أحد فهو يقول { يَا َأيُّ َها‬
‫اء } إنما أنتم الفقراء أي بمعنى أنتم العدميون ‪ ،‬الفقر أي العدمية‪ ،‬نحن أصلنا عدمي يعني لو نرجع للبدايات‬ ‫َاس َأنتُ ُم الْفُقَ َر ُ‬
‫الن ّ ُ‬
‫أصل اإلنسان ومادته الخام األصلية التي ُص ِنع منها اإلنسان هو الال شيء‪ ،‬فاإلنسان لم يكن شيئا ً ‪ ،‬خلقنا ولم نكن شيء الله سبحانه‬
‫وتعالى فهو ي ُ َذ ِكر الله سبحانه وتعالى اإلنسان بأصله ويقول له يا إنسان أنت كنت عدمي‪ ،‬كنت فقير كنت لست موجود‬
‫يد {‬ ‫طيب أنا اآلن عندما أرى وجودي أرى شيء موجود فهذا الشيء الموجود الذي أراه إذا لم أتعلم عن } َوالل َّ ُه ُه َو ال ْ َغ ِن ُّي ال َْح ِم ُ‬
‫الله‪ ،‬سأعتقد أن هذا الشيء الموجود هو شيء قائم في ذاته يعني أنا موجود من غير تدخل الله والسبب ألني أرى لي وجود لكن‬
‫الله سبحانه وتعالى يقول يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله فأنتم أصلكم غير موجود إذا ً ما الذي يوجد هنا؟ من هو المخلوق الذي‬
‫يد } أي أنتم لستم موجودون ثم ترون أنفسكم موجودين هنا‪ ..‬من هو الموجود؟ الموجود هو‬ ‫يوجد هنا؟ { َوالل ّ َ ُه ُه َو ال ْ َغ ِن ُّي ال َْح ِم ُ‬
‫فصرتُم موجودين ولستم أنتم تخلقون أنفسكم بأنفسكم‪ ،‬فالله هو الغني ولستم أنتم الذين تُغنون أنفسكم بأنفسكم‬ ‫خلق الله فالله خلقكم ِ‬
‫ِخل ٍْق َج ِدي ٍد } فإن شاء الله سبحانه وتعالى أن يذهب بكم ويفنيكم عن الوجود وال يكون لكم وجود الله‬ ‫{ ِإ ن ي َ َشْأ يُذ ِْهبْك ُْم َويَْأ ِت ب َ‬
‫قادر على هذا‪ ،‬إن يشأ يذهبكم طيب ما أذهبناش الله! ما أفناناش الله سبحانه وتعالى لم يعدمنا! ‪ ،‬لم يرجعنا إلى العدم لماذا؟‬
‫ألنه يريدنا‪ ..‬ألنه لو أراد فنائنا لما أوجدنا! فلما ربنا سبحانه وتعالى مخلينا موجودين معناها دي إشارة من الله أنه ( أنا بحبكم‬
‫أنا عايزكم ‪ ،‬أنتم عزيزين عليا ‪ ،‬أنتم أقوام خلقتهم وأحبهم )‬
‫إذا ً المحبة عند الله سبحانه وتعالى مهمة ألنه الله قاهر يعني من الذي سيقهر الله } ف ََس ْو َف يَْأ ِتي الل َّ ُه ِبقَ ْو ٍم يُ ِحبُّ ُه ْم َويُ ِحبُّون َ ُه {‬
‫سبحانه وتعالى وأستغفر الله أن يخلقنا؟ ال أحد‪ .‬طيب الله خلقنا سبحانه وتعالى‪ ،‬إذا ً ما معنى أنه أوجدنا وهو غير مقهور يعني ال‬
‫أحد يجبر الله سبحانه وتعالى ؛ إذا ً الله يحبنا ‪ ،‬ألن اإلنسان أو أي شيء يعمل‪ ،‬يعمل ألجل واحد من سببين ؛ السبب األول‪:‬‬
‫يكون مدفوع وهو مقهور وواجب عليه أن يعمل الشيء فيعمل الشيء حتى العمل نذهب للعمل ألنه واجب علينا ألنه الزم أحصل‬
‫علي أن أشتغل فلذلك أنا مدفوع‪ ..‬طيب‪ ،‬الله سبحانه وتعالى ال‬ ‫َّ‬ ‫فلوس علشان أعين نفسي وأعيل أهلي فهذا واجب واجب‬
‫يحتاج ؛ الله هو القاهر والله هو القوي والله هو المتين فال أحد يدفع الله إذا ً هو للسبب الثاني‪ :‬أن الله سبحانه وتعالى يحبنا‬
‫وأن الله سبحانه وتعالى يريدنا وأن الله سبحانه وتعالى دعانا من العدم فأوجدنا فظهرنا ألن الله يقول إيه؟ إن يشأ يذهبكم طب هو‬
‫ما أذهبناش إذا ً لم يشأ الله أن يذهبنا إذا ً هو شاء أن يوجدنا إذا ً هو شاء أن نستمر ؛ يعني يحبنا‪ .‬ألنه مافيش الله مجبور ال‬
‫يوجد الله مقهور ‪ ،‬الله هو القاهر الله هو الذي يجبر العباد ال يوجد أحد يجبر الله سبحانه وتعالى ‪ ،‬فاآلية هي [ آية المحبة ]‬
‫يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله ‪،‬أنتم فقراء والله غني مش محتاج لكم ‪ ،‬والله هو الغني الحميد ؛ الله غير محتاج لكم فلماذا‬
‫أوجدكم وهو غير مجبور على إيجادكم؟ ألنه يحبكم فهي آية المحبة‬

‫فبدأ سيدي عبد المالك الضرير بهذه اآلية ليقول لنا من بداية المناجاة "يا عباد الله يا أحباب الله هذه مناجاة تغيير المفاهيم‬
‫وهذه مناجاة البصيرة التي ستبصرون بها محبة الله سبحانه وتعالى" ‪ ،‬فالله سبحانه وتعالى لم يخلقكم ولم يوجدكم ألنه مجبور على‬
‫السال ِم } الله سبحانه وتعالى في القرآن‬ ‫ذلك بل الله أوجدكم وخلقكم ألنه يحبكم وألنه يريدكم وهو يدعوكم { َوالل َّ ُه ي َ ْد ُ‬
‫عو ِإ ل َى َد ِار َّ‬
‫يقول والله يدعوا إلى دار السالم‬

‫فمن البداية سيدي عبد المالك الضرير بدأ تبركا ً بالله بكالم الله سبحانه وتعالى‪ ،‬ثم جاء لنا بآية تفهم من غير تفهيم الشيخ أنها‬
‫آية التهديد‪ ،‬وعندما نسمعها من الشيخ نعرف أنها آية المحبة‪ ،‬آية المحبة التي تقول لنا إطمئنوا فأنا القول ال يبدل لدي الله‬
‫سبحانه وتعالى يقول { َما يُبَ َّد ُل القول ل ََد َّي }‬
‫أحببتكم وقد أحببتك وال يبدل قولي فإن حبي لكم سرمدي أبدي دائم وعالمة أني أحبكم يا من توهمتم ويا من قالوا لكم أني ال [‬
‫أحبكم‪ ،‬عالمة حبي لكم هو وجودكم! فمن إفتقد العالمة في قلبه على حبي له فلينظر إلى وجوده سيرى أنني من خلقته أحبه‪،‬‬
‫] وأنني لم أخلق إال من أريده وأنكم محظوظون وأنكم مدعوون لي وأني لست مقهور‬
‫الله سبحانه وتعالى غير مقهور والله سبحانه وتعالى غير مجبور الله سبحانه وتعالى يفعل ما يريد والله سبحانه وتعالى يقول‬
‫ختَ ُار }‪ ،‬إذا ً نحن خلقنا يعني وجودنا هو بمشيئة الله يعني الله عاوزنا يعني الله سبحانه وتعالى يقول ايه‬ ‫اء َويَ ْ‬
‫خل ُُق َما ي َ َش ُ‬
‫{ يَ ْ‬
‫ار } ؛ مختارنا! المشيئة توجهت لنا ؛ بيحبنا ؛ عايزنا بيقول لنا على فكرة أنتم ماكنتوش‬ ‫ختَ ُ‬
‫اء َوي َ ْ‬
‫خل ُُق َما ي َ َش ُ‬‫أكثر من كدا { ي َ ْ‬
‫سعدكم ‪ ،‬فمن‬ ‫موجودين‪ ،‬وأنا بحبكم من قبل ما تكونوا موجودين ‪،‬أنا مش محتاج حبكم ‪،‬أنا غني عن حبكم‪ ،‬بس أنا سأوجدكم ُأل ِ‬
‫تعسه يحتاج أن يتعرف على الله بما نقول ألن الله سبحانه وتعالى أوجدنا وقال لنا { ُه َو ٱل َّ ِذى َخل ََق‬ ‫ظن في مواله أنه أوجده لي ُ ِ‬
‫يع ا } يعني ربنا خالق كل حاجة في األرض لينا خلق السماوات واألرض كلها علشاننا وبعد ما ينتهي الجنس‬ ‫لَك ُم َّما ِفى ٱلَْأ ْر ِض َج ِم ً‬
‫!البشري الله هيُفني الكون والكون كله هيهلك‬
‫آه اذا ً نحن الكون مخلوق لينا ثم عالمات قيام الساعة‪ ،‬فيأتي من ال يعرف الناس فيقول الله سبحانه وتعالى سيطبق السماء على‬
‫األرض‪ ،‬نعم عندما يقبض أرواح أحبابه‪..‬فال يعود للكون أي إحتياج! فيطبق السماء على األرض ‪ ،‬خالص الله سبحانه وتعالى خلق‬
‫الكون علشاننا طب إحنا مش موجودين فيه؟ إنتهت ُم ِهمة الكون‬
‫فالذي يفهم عن الله ُحب الله سبحانه وتعالى له‪ ،‬يفهم عن الله سبحانه وتعالى حتى عالمات قيام الساعة أنها عالمات المحبة‪،‬‬
‫!وأن الله سبحانه وتعالى يقول له هذه عالماتي لك أني ما خلقت الكون إال لك‬

‫ستأخذكم‬
‫ُ‬ ‫فبدأ سيدنا عبد المالك الضرير المناجاة بهذه اآلية ليقول لنا من البداية هذه مناجاة تغيير المفاهيم وهذه المناجاة هي التي‬
‫من أوهامكم إلى موالكم سبحانه وتعالى‬
‫فالمناجاة والمعاني التي نذكرها في هذه المناجاة هي عبارة عن معاني توحيدية عن الله سبحانه وتعالى لما تستقر في قلب العبد‬
‫يهدئ خاطر العبد‪ ،‬وعندما تستقر في داخل العبد وفي باطنه وفي قلبه وتتفتح داخله يرتاح‪ .‬وهي طريق العارفين بالله وهي طريق‬
‫األولياء وهي طريق من يريدون الراحة‪ ،‬فالي عنده مشاكل في حياته أو يريد أن يتعرف على الله سبحانه وتعالى بشكل صحيح بما‬
‫‪.‬يليق لنا نحن أن نتعرف به على الله ؛ يتعرف على الله بهذه الطريقة‬
‫فالكبير الله سبحانه وتعالى هو أول من يجب التعرف عليه‪ ،‬ثم بعدها نتعرف على دين الله ونتعرف على أحكام الله‪ ،‬لكن‬
‫بالبداية نتعرف على الكبير يعني أولويات نتعرف على الله ‪ ،‬نتعرف على سيدنا رسول الله ثم نتعرف على دين الله‪ .‬بركة إن‬
‫‪.‬شاء الله‬
‫شرح المناجاة الضريرية‬
‫الدرس‪) 2 ( :‬‬

‫غني ال غنى عنك (‬ ‫ٌ‬ ‫) اللهم إنك‬


‫بسم الله والحمد لله والصالة والسالم على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين‬
‫الدرس الماضي توقفنا وشرحنا بداية المناجاة وهي قول سيدنا عبدالمالك الضرير الذي إقتبسها من القرآن الكريم فقال بسم الله‬
‫ِخل ٍْق َج ِدي ٍد * َو َما َٰذلِ َك‬ ‫يد * ِإ ن ي َ َشْأ يُذ ِْهبْك ُْم َويَْأ ِت ب َ‬ ‫َاس َأنتُ ُم ال ْ ُف َق َر ُ‬
‫اء ِإ ل َى الل ّ َ ِه ۖ َوالل ّ َ ُه ُه َو ال ْ َغ ِن ُّي ال َْح ِم ُ‬ ‫َأ‬
‫الرحمن الرحيم { يَا ي ُّ َها الن ّ ُ‬
‫يز }‬ ‫َِ ٍ‬‫ز‬ ‫ِع‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫َى‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬
‫منان قبل‬ ‫ٌ‬ ‫مفضال بال سبب ‪ ،‬و‬ ‫ٌ‬ ‫وولي ال عوض منك ‪ ،‬و‬ ‫ٌ‬ ‫غني ال غنى عنك ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫واليوم إن شاء الله نكمل بقوله ( اللهم إنك‬
‫الطلب )‬
‫يكمل سيدي عبد الملك الضرير مناجاته مع الله سبحانه وتعالى بقوله ( اللهم ) واللهم تعني ( إلهي ) فهو خطاب لله ومناجاة‬
‫غني ال غنى عنك‬ ‫ٌ‬ ‫لله أى يقول سيدي عبد المالك الضرير بمعنى يا الله‪ ..‬اللهم إنك‬
‫والغنى هو وجود الشيء بكثرة فهو يقول اللهم إنك غني ال غنى عنك ‪ ..‬أي اللهم إنك إتصفت بصفات الغنى و غناك ال غنى لنا‬
‫عنه إذ ما رأينا غنى غيره في المخلوقات‬
‫فإذا تعاملنا مع الله سبحانه وتعالى وطلبنا غناه ثم طرقنا على األبواب وطلبنا غنى الخلق‪ ،‬ثم أخذنا من غنى الخلق فهذا الغنى‬
‫‪،‬الذي نأخذه من الخلق إنما هو غنى الله سبحانه وتعالى‬
‫ولذلك فنحن ال غنى لنا عن الله ألن الغنى الذي نأخذه من الخلق هو غنى الله سبحانه وتعالى‬
‫فيقول ( اللهم إنك غني ال غنى عنك ) أي أنا عندما أتعامل مع األسباب‪ ،‬وعندما أطرق األبواب إنما أنا أطرق بابك أنت يا‬
‫الله فأنت غني و صفتك الغني أي الله سبحانه وتعالى موجود عنده الكثير‬

‫ولكن إذا ً ما هو الغنى الموجود عند الخلق؟ لماذا نقول الله غني ونقول الخلق أغنياء؟ هم يسموها "المشاكلة" أي التشابه اللفظي‬
‫نحن أحياء بذاتنا ؛‬
‫ُ‬ ‫يعني كما نقول الله حي ونحن أحياء ‪ ،‬لكن حياتنا نحن هي من الله يعني هي َخلق الله يخلقه ؛ وليس‬
‫فحياة الله خالقة وحياتنا مخلوقة‬

‫وكذلك غنى الله فعندما نصف الله بالغني أي الله سبحانه وتعالى عنده الكثير الذي ال ينتهي الكثير األبدي الكثير األزلي‪ ،‬لكن‬
‫عندما نصف المخلوق بالغني فمعناها أن الله سبحانه وتعالى أعطاه ووضعه يعني وضع الغنى عنده و جعله في محل ( الخزينة )‬
‫يعني هذا الشخص الذي نقول عليه غني هو شخص الله سبحانه وتعالى وضع عنده الغنى‬
‫فهنا سيدي عبد الملك الضرير يقول ( اللهم إنك غني ) الله غني ( ال غنى عنك ) أي إذا توجهنا لألسباب وأخذنا منها‬
‫شيء فإننا عندها نعتقد أننا اآلن عندنا مثال ً أموال أو عندنا اآلن صحة أو عندنا اآلن قوة ؛ فهذه القوة وهذه الصحة وهذه األموال‬
‫إنما هي خلقك أنت يا الله‬
‫!وليس ألننى اآلن عندي مال وعندي صحة وعندي قوة فأعتقد أنني اآلن مكتفي عن الله سبحانه وتعالى‬
‫فإني غير مكتفي عن الله‪ ،‬فالذي يكتفي عن الله هو شخص أخذ من غير الله فغير الله ال زال يُعطيه‬
‫لكن الحقيقة أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعطي عن طريق الخلق والله سبحانه وتعالى هو الذي يغني عن طريق الخلق فكل‬
‫الخلق عيال الله والمخلوقات خلق الله‬‫ُ‬ ‫ما نأخذه من الخلق إن هو إال كما نقول خلق يعني نحن نقول‬
‫فما معنى خلق ( الله )؟ أي الله يخلقهم ؛ لذلك يحصل عند كثير من الناس َوحشة من الناس يعني يحصل عند الناس نفر من‬
‫الناس عند البعض‪ ،‬لماذا؟ ألنه يظن أنه يتعامل اآلن مع مخلوق وال عالقة له بالخالق وعندما يتعامل مع هذا المخلوق فيقول أنا ال‬
‫‪..‬أريد التعامل مع الخلق ‪،‬أنا أريد التعامل مع الخالق‪ ..‬أنا ال أريد التعامل مع العباد‬
‫طيب ولماذا تحصل عنده وحشة من الناس؟ ألنه يتعامل مع عبد ولم ينسبه إلى الله فيقول هؤالء عباد ‪،‬فنقول له هم عباد ( الله‬
‫الوحشة‬‫) ‪ ،‬لكن هذا المفهوم في البال عنده غائب ؛ فلذلك تحصل عنده َ‬
‫يقول أنا سأختلي بكهف وأنا سأذهب لمغارة وأنا سأجلس في غرفتي ألنني ال أريد أن أختلط مع الخلق ألني أريد الخالق‪، ..‬طيب‬
‫أنت عندما تركت الخلق أنت ال زلت مع الخلق ‪..‬فهذه الغرفة خلق ونفسك خلق و نفسك عبد! ‪ ،‬فإذا لم تر الله فظلَّت نفسك‬
‫عبد وبالضبط كما لم ترى الله سبحانه وتعالى في الخلق البقية ‪،‬في العباد البقية ‪ ،‬لكن عندما نتعامل مع الناس نتعامل مع عباد‬
‫الله ؛ نتعامل مع خالق الله في العباد ‪ ،‬فهم لم يخل ُقوا أنفسهم هم ليسوا عباد أنفسهم والخلق لم يخلقوا أنفسهم هم ليسوا خلق‬
‫ذواتهم ‪ ..‬الله خلقهم والعباد منسوبين إلى الله ؛ والله كرمنا ‪،‬فعندما نفصل بين العباد وبين الله سبحانه وتعالى ونقول العبد‬
‫موجود بذاته والله سبحانه وتعالى ليس هو الذي يغنيه ؛ إذا ً هنا النظرة تكون إذا أخذت من هذا العبد وإذا أخذت من هذا‬
‫المخلوق فإني آخذ من المخلوق ومن العبد ‪ ،‬لكن نحن نعرف أنه عبد الله ونحن نعرف أنه خلق الله‪ ...‬فإذا صار في الذهن‬
‫إقتران عبد‪-‬الله ‪ ،‬إذا ً فنحن نأخذ من الله ؛ ألننا عرفنا أن الموجود غير موجود إال بإيجاد الله‬

‫يعني لو تخيلنا أنفسنا أو تخيلنا المخلوقات عبارة عن خزنة فاضية خزنة فارغة خزنة ليس فيها شيء ‪،‬طيب إذا ً ما هي األشياء‬
‫الموجودة في الخزنة التي أراها من لحم ودم وعظم وتفكير وغنى و مال وصحة وكل األشياء؟ ‪ ..‬هي أن الله يخلق داخل هذه (‬
‫الخزنة ) التي نحن نسميها ( العدم ) ‪ ،‬يخلق ما يريد‬
‫فإذا تعاملنا مع الخلق بهذه الطريقة وأنهم خلق الله وأنهم عباد الله عندها سنقول كما قال سيدي عبد المالك الضرير "اللهم إنك‬
‫"غني ال غنى عنك‬
‫لماذا؟ ألني ال آخذ غنى من المخلوق ألنها من ذاتية المخلوق ولكن آخذ الغنى من المخلوق كونه مصدر لعطاء الله فالله يعطيني‬
‫عن طريق المخلوق‬
‫فنحن مخلوقات نأخذ عن طريق المخلوقات والله سبحانه وتعالى يقول { ِل ّیَتّ َِخ َذ بَع ُۡض ُه ࣰض م بَعۡضـ ࣰّی ُس اخ ِۡریّ ــــ اۗ } أي سخرناكم لبعض‬
‫خـٰلِ ُق ك ّ ُِل َشیۡءۖـــ ࣲۖء } ‪ ..‬كل شيء ؛ يعني الغنى‬ ‫أي أنتم مسخرون لبعض‪ ،‬ثم نقرأ في القرآن قول الله سبحانه وتعالى { ٱلل ّ َ ُه َ‬
‫مخلوق‪ ،‬نعم‪ ،‬الغنى من عباد الله سبحانه وتعالى فالله غني ويُغني العبد‪ ..‬طيب متى سأرى أن الله يغنيني إذا لم أرى أن ما‬
‫آخذه من الخلق هو من الله؟ إذا ً ف أين غنى الله؟ إذا ً ف أين عطاء الله؟ ال بل كل ما آخذه هو من الله لكن في صور‬
‫المخلوقات‬

‫وسيدنا النبي عليه الصالة والسالم يقول "أال كل شيء ما خال الله باطل" أي كل تصور نتصور فيه أن هذا الشيء خالي من‬
‫الله ‪،‬فهذا المخلوق يعطيني من ذاته ؛ هذا تصور باطل وهذا فهم باطل! وهذا يعني إعتقاد له عالقة بالشركيه ‪ ،‬إعتقاد له عالقة‬
‫!بأن هناك مخلوق هناك يعطي مع الله فهو ال يحتاج الله فهو يعطي من ذاته‬
‫فنعم جعلنا بعضكم لبعض سخريا أي سخرنا بعضكم لبعض أي جعلنا بعضكم مظهر لغنى الثاني ‪ ،‬فالرجل مثال يتزوج والمرأة غناه ‪،‬‬
‫والمرأة تتزوج والرجل غناها ‪ ،‬واألب غنى اإلبن واإلبن غنى األب ‪..‬وتفاعل في الكون لذلك الكون مخلوق على التفاعل‬

‫!الكون مخلوق على األخذ باألسباب ونحن نسميه ( األخذ باألسباب ) ألن اإلنسان يأخذ ما يخلقه الله وال يخلق من نفسه السبب‬
‫ولو كنا نخلق األسباب لما فعلنا كل ما نريد‪ ..‬لكن نرى العالمة الظاهرة أننا نريد شيء ثم نستطيع أن نفعله ‪ ،‬ثم نريد شيء‬
‫آخر ثم ال نقدر أن نفعله‪ ..‬لماذا؟ ألننا ال ( نخلق ) األسباب‪ ،‬نحن فقط ( نأخذ ) باألسباب التي يخلقها الله سبحانه وتعالى‬

‫غني ال غنى عنك" وهذا مبدأ إذا تعلملنا عليه أحدث لنا نظرة إلى الله سبحانه وتعالى في الباطن ؛ فتنفتح‬
‫ٌ‬ ‫فقال "اللهم إنك‬
‫بصائر القلب‬
‫فهو أن الله سبحانه وتعالى مثال ً أغنانى بشيء معين فأنا اآلن غني عندي أموال أو عندي صحة‪ ،‬فأقول أنا اآلن غني ال أحتاج‬
‫إلى الله إلى أن تنفذ أموالي أو تنفذ صحتي ثم أذهب إلى الله ؛ فهذا بسبب أن هذا اإلنسان لم يعرف أن الله هو الذي يخلق‬
‫!األشياء لحظة بلحظة‬
‫يعني اآلن الصحة موجودة فيا ؛ هي ليست موجودة في ذاتي وموجودة ال تحتاج إلى الله ‪ ،‬لو كانت ال تحتاج إلي الله إذا ً فهي‬
‫اآلن لها ذات بذاتها وال تحتاج إلى خلق الله لها و صارت موجودة مع الله ‪ ،،‬لكن ال شيء مع الله إنما كل شيء بالله أي‬
‫محتاج إلى الله ( بالله ) أي بواسطة الله‪ ،‬فالله يمدني بالصحة في كل لحظة والله يمدكم بالصحة في كل لحظة ‪ ،‬فإذا قطع عني إمداد الصحة‬
‫؛ ذهبت الصحة مني مباشر ًة ‪ ،‬إذا قطع عني امداد الحياة ؛ ذهبت عني الحياة مباشر ًة ‪ ،‬إذا قطع عني إمداد الخلق أي أنه يخلقنى ؛ ذهب عني‬
‫إلى العدم و الفهم واإلدراك ‪،‬ـ إذا الله سبحانه وتعالى قطع عني إمداد الفهم أى أنه يخلق الفهم فيا ؛ـ إلنقطع عنى الفهم وأصبحت ال أفهم شيء إطالقاً‬
‫فالله هو الذي يخلق كل شيء والله من أسمائه القيوم القيوم أي الذي يقوم على خلقه‪ ،‬فلو كان اإلنسان ال يحتاج إلى الله ‪،‬ـ إذاً‬
‫لصار اإلنسان قيوميا ً بذاته يعني لصار اإلنسان خالقا ً لنفسه ألنه ال يحتاج هو مخلوق موجود ؛ وهذه هي الفكرة الخاطئة التي تجعل‬
‫الناس عندما يتعاملون مع الناس ينفرون من الناس ‪ ،‬فلماذا تحصل النفره من الناس؟ ألن اإلنسان يظن بالظن الخطأ أن هذا اإلنسان‬
‫الذي أمامه أو هذا الشيء الذي أمامه موجود ومستمر الوجود من غير الله ؛ الله خلقه ثم تركه ‪ ،‬ولكن هذا خطأ! ‪ ،‬هذا خطأ في‬
‫العقيدة ‪ ..‬عندما نرجع إلى األزهر الشريف وعندما نرجع إلى النصوص كلها تقول أن الله سبحانه وتعالى يخلقنا خلقا ً بعد خلق ‪،‬‬
‫وأن الله سبحانه وتعالى قيوم على خلقنا ‪ ،‬فأنا غني بمال أو غني بقوة هو الذي ال زال يخلقها فيا! لذلك إذا قطع عني اإلمداد‬
‫فنيت فناء الذهاب لال شيء مرة ثانية ‪ ،‬نرجع إلى أصلنا‬
‫غني ال غنى عنك ) ألني ال أملك الشيء بل أنت الذي الزلت تملك‬ ‫ٌ‬ ‫فإذا ً الذي هو موجود هو غنى الله ‪ ..‬لذلك ( اللهم إنك‬
‫‪.‬الشيء‬
‫بعض الناس يقول أنا عملت إللى عليا والباقي عائد لله‪ ،‬ال! هو الله عمل فيك بك ما أراده وليس أنت عملت والباقي على الله‬
‫‪ ،‬هي ليست شركية مع الله؟ أبدا ً ‪،‬هو الله سبحانه وتعالى إستخدمك ثم وقف عنك األسباب ‪ ،‬فأنت اآلن ليس في ظاهرك أنك‬
‫‪ ،‬تعمل ؛ ألنك تأخذ باألسباب ال تخلق األسباب ‪ ،‬فاآلن أنت ليس هناك سبب وباب مفتوح لك فأنت اآلن توقفت كمظهر‬
‫وليس قبل عندما كنت تستطيع أن تعمل كان عندك قوة وكنت مع الله تعمل واآلن توقف عملك واآلن الله سيعمل أل! هو في‬
‫كل األمر من البداية للنهاية الله الذي يعمل ‪ ،‬الله هو الذي إستخدمك وفعل عن طريقك وبخاللك ‪ ،‬ذلك ما فعله ‪..‬ثم أوقفك‬
‫‪.‬كمظهر‪ ،‬واآلن هو يفعل بمظهر ثاني ؛ عن طريق مظهر ثاني‬

‫غني وال غنى لي عنك أني آخذ الشيء فأعتقد أن هذا الشيء عندي بل‬ ‫ٌ‬ ‫غني ال غنى عنك ) أي اللهم إنك‬ ‫ٌ‬ ‫ف ( اللهم إنك‬
‫هو من عندك‬
‫وبعض الناس يقولون ال تنظروا إلي ما في يديكم ولكن انظروا إلى ما في يدي الله‪ ..‬فيفهمها البعض ويقولون إذا ً نحن ما عندنا‬
‫يدي هو ما في يدي الله سبحانه وتعالى ) ؛ والحقيقة أن‬ ‫َّ‬ ‫في يدينا شيء وما في يدي الله شيء آخر‪ ،‬والحقيقة أن ؛ ( ما في‬
‫الله سبحانه وتعالى هو المالك الحقيقي ونحن نملك بالمظهر يعني الله يجعلنا مظهر لعطائه ومظهر لفعله وليس نحن حقيقة العطاء‬

‫لذلك من مبادئ التصوف ومن مبادئ التعرف على الله سبحانه وتعالى ومبادئ العقيدة هي جملة ( ال حول وال قوة إال‬
‫بالله ) ‪،‬وليس ال حول وال قوة إال بفالن ‪،‬وال حول وال قوة إال بي ‪،‬وال حول وال قوة إال بهذا الشيء ؛ فالله سبحانه وتعالى هو‬
‫الفاعل‬
‫طيب ‪ ،‬هو الفاعل المطلق وال هو فاعل وأنا فاعل ؟ ‪ ..‬ال هو الفاعل المطلق! { ٱلل َّ ُه َخـٰلِ ُق ك ّ ُِل َشیۡءۖـــ ࣲۖء } { َوٱلل َّ ُه َخل َ َقكُمۡ َو َما‬
‫الوحشة عن الخلق وذهبت فكرة أني سأذهب و أطرق باب الله ولن أطرق أبواب‬ ‫ُون } فإذا إستقرت هذه الفكرة ذهبت َ‬
‫تَع َۡمل َ‬
‫الوحشة‬ ‫َ‬ ‫تحصل‬ ‫فال‬ ‫)‬ ‫الله‬ ‫أبواب‬ ‫على‬ ‫أطرق‬ ‫أنا‬ ‫فإنما‬ ‫الخلق‬ ‫أبواب‬ ‫على‬ ‫أطرق‬ ‫عندما‬ ‫(‬ ‫أني‬ ‫سأعرف‬ ‫عندها‬ ‫بل‬ ‫‪،‬‬ ‫الخلق‬
‫وأستأنس بالله وأنا جالس مع الخلق ألن ( أال كل شيء ما خال الله باطل )‬
‫كل شيء ما خال الله باطل فعندما نتعامل مع الخلق فإنما نحن نتعامل مع الله سبحانه وتعالى فال تكون وحشة فالوحشة تأتي‬
‫من اإلنفصالية ‪ ..‬وال إنفصالية ‪ ،‬الخالق خالق و المخلوق مخلوق و هناك فرق بين المخلوق و الخالق ‪ ،‬لكن ال إنفصالية في أن‬
‫هناك إحتياج من المخلوق للخالق فإذا قلنا أن المخلوق قائم بذاته إذا ً صارت شركية ‪..‬لذلك عندما نرى أن المخلوق يستمد من‬
‫الخالق ؛ نستأنس بالمخلوق و نعرف أننا عندما نكون موجودين مع المخلوق فإننا لسنا منقطعين عن الخالق‬
‫وأن الله سبحانه وتعالى خلق اإلنس لُألنس ؛ فنأنس بهم ‪ ،‬فصارت في الطريقة الشاذلية أن ( خلوتنا فى جلوتنا ) أي نحن عندما‬
‫‪.‬نكون مع الخلق فإننا مع الخالق فال إنفصالية بين هذا وهذا من باب أن الله سبحانه وتعالى يؤنسنا به‬
‫‪.‬وصلى الله وسلم و بارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه وسلم أجمعين‪ .‬بركة إن شاء الله‬
‫المناجاة الضريرية‬
‫الدرس‪) 3 ( :‬‬

‫وولي ال عوض منك (‬ ‫ٌ‬ ‫)‬


‫بسم الله والحمد لله والصالة والسالم على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين‬
‫غني ال غنى عنك ) واليوم نكمل إن شاء الله في قول سيدي عبدالمالك الضرير‬ ‫ّ‬ ‫تكلمنا في الدرس اللي فات على ( اللهم إنك‬
‫غني ال غنى عنك ‪ ،‬وكأن فيها نفس‬ ‫ٌ‬ ‫وولي ال عوض منك هو وكأنه تكملة لقوله اللهم إنك‬
‫ٌ‬ ‫وولي ال عوض منك ) ‪ ،‬وقوله‬
‫ٌ‬ ‫(‬
‫ولي ال عوض منك ) الولي بمعنى ممكن أن يأتي القريب‪ ،‬والولي ممكن يأتي بمعنى الناصر‪ ،‬وكلها تأتي بمعنى‬ ‫ٌ‬ ‫(‬ ‫في‬ ‫المعنى‪،‬‬
‫الشيء القريب ‪ ،‬فممكن نتكلم عن إنسان يعني ُم ِحب لنا فنقول هو ولي ‪ ،‬وممكن نتكلم عن إنسان هو ناصر لنا فنقول هو ولي‪،‬‬
‫وبنفس المعنى هو اسم الله سبحانه وتعالى الولي أي الله الناصر والله سبحانه وتعالى القريب‬
‫غني ال غنى عنك‪ ،‬لكن هنا يتكلم عن الوالية أي‬ ‫ٌ‬ ‫وولي ال عوض منك ) ‪ ،‬وهو نفس معنى‬‫ٌ‬ ‫فيقول سيدي عبد المالك الضرير (‬
‫وولي ال عوض منك أي أنني عندما وجدت حولي من كانوا يحبونني ومن كنت أستأنس بهم فكان‬ ‫ٌ‬ ‫عن القرب وعن النصرة ‪ ،‬فيقول‬
‫هذا اُألنس الذي أجده فيمن حولي هو ُأنس ال يعوض عن اُألنس بك يا الله‬
‫فكما تعلمنا في الدرس السابق أن كل شيء من الله ‪ ،‬وأن الغنى هو غنى الله‪ ،‬وأن ما نأخذه هو من الله سبحانه وتعالى ‪ ،‬فهنا‬
‫ولي ال عوض منك أي [ أني عندما واليت فُأنست ‪ ،‬وعندما واليت فنُصرت فإنما هذا أنسك وإنما هذه نصرتك ]‬
‫ٌ‬ ‫يقول‬

‫وولي ال عوض منك أي يا الله ال عوض لي عنك إن أنا القيت في أحبابي اُألنس فهذا اُألنس ليس هو ُأنس مختلف عن اُألنس بك‬
‫ٌ‬
‫بل هو هذا عين اُألنس بك يا الله ؛ فأنت تؤنسنا بهم‪ ،‬وأنت تتقرب إلينا عن طريقهم وأنت خلقتهم لنراك فيهم‬

‫درجة اإلحسان أن تعبد الله كأنك تراه ‪،‬فأين سترى الله سبحانه وتعالى إذا لم ترى الله في الكون فيما حولك؟ وكيف سترى الله‬
‫سبحانه وتعالى إذا لم تراه في الكون؟ فكيف سترى الله سبحانه وتعالى ؛ أن تعبد الله كأنك تراه؟ فكيف سترى الله سبحانه‬
‫وتعالى وأين سترى الله إذا لم ترى الله سبحانه وتعالى في من حولك؟‬
‫أن تعبد الله كأنك تراه ‪ ..‬تراه في ماذا؟ تراه في كل شيء‪ ،‬تراه في كل الكون ‪ ..‬تنتبه إلى الله سبحانه وتعالى في كل‬
‫شيء ‪ ،‬تنتبه إلى جمال الله في كل شيء ؛ فكل جمال تراه عينك إن هو إال جمال الله‬
‫وتنتبه إلى جالل الله سبحانه وتعالى في كل شيء ؛ فكل شيء يعني جليل وقوي إنما هو من جالل الله سبحانه وتعالى‬
‫فالله سبحانه وتعالى له ذات وهذه الذات لها صفات أي هذه الذات لها مميزات ولها صفات تصفها ؛ فنقول الله القوي ونقول الله‬
‫اللطيف ونقول الله العليم فهذه الصفات تصف ذات الله سبحانه وتعالى‪ ،‬وهذه الصفات التي هي ذات الله تخلق ألن الله‬
‫خالق ‪ .. ،‬فالله عليم فإذا رأينا من هو عليم فهو أثر من صفة الله العليم وليس صفة الله ألن صفة الله هي ذات الله ‪ ،‬ولكن‬
‫هو أثر خلقه الله سبحانه وتعالى من هذه الصفة ؛ فإذا رأينا العليم قلنا هو أثر من صفة الله العليم‪ ،‬وإذا رأينا القوي قلنا هذا أثر‬
‫من صفة الله القوي ‪ ،‬وإذا رأينا اللطيف قلنا هذا أثر من صفة الله اللطيف ‪،‬وإذا رأينا الغنى قلنا هذا أثر من صفة الله الغني‬
‫سبحانه وتعالى‬

‫وولي ال عوض منك ) أي أني يا الله عندما أنظر إلى الخلق وعندما أنظر إلى المكونات وعندما أنظر إلى الناس‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫فهنا يقول (‬
‫فإني أراك يا ربي قد تجليت عليهم ؛ فأنا اآلن عندما أستأنس بهم فإنما أنا أستأنس بك‪ ،‬فهم في ذاتهم عدميون‪ ،‬ولكني اآلن مع‬
‫موجود ؛ فهذا الموجود هو أثر من صفاتك‪ ،‬فأنت يا ربي تجليت علينا حتى تؤنسنا وأنت يا رب تجليت علينا حتى تنصرنا وأنت‬
‫يا رب تجليت علينا حتى نشعر بحنانك‪ ،‬فأنت خالق ونحن مخلوقات ؛ فما نجده إن هو إال أثر منك ؛ فلذلك من أحب هذا‬
‫الكون فإنما هو يحب الله سبحانه وتعالى ألنك إذا أحببت األثر فإنما أنت أحببت أثر من جاء منه هذا األثر‬
‫فأنت عندما تحب اإلنسان فأنت ما أحببت إال خالق اإلنسان ‪،‬وأنت عندما أحببت الكون أنت ما أحببت إال ُمك َون الكون‬
‫وولي ) أي أنت يا الله قريب مني ( ال عوض منك ) أي أني عندما أرى نفسي مع‬ ‫ٌ‬ ‫فلذلك يقول سيدي عبد المالك الضرير (‬
‫شخص آخر وأقترب منه وأحبه هذا هو القرب منك وهذه هي العالقة معك‬
‫كل شيء‪ ،‬فإذا قتلتم فأحسنوا ال ِقتْل َة‪ ،‬وإذا ذبحتم‬
‫اإلح َسان على ّ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ولذلك قال سيدنا النبي عليه الصالة والسالم ‪َ ّ ":‬‬
‫إن الله كتب‬
‫"فأحسنوا ال َّذبح‬
‫حسن إلى ما سنقتله؟ سنحسن له ألن هذا الفعل هو عالقة مع الله سبحانه وتعالى ألننا‬ ‫حسن إلى ما سنذبحه وكيف سن ُ ِ‬ ‫فكيف سن ُ ِ‬
‫نرى الله في كل شيء ؛ أن تعبد الله كأنك تراه‪ ،‬فشرع لنا سيدنا الرسول عليه الصالة والسالم أن نتخيل يعني شيء في بالنا‬
‫يسهل علينا العالقة‪ ،‬لكن نتخيله من باب التواصل وليس من باب اإلعتقاد أن هذا الذي تخيلنا هو الله‪ ،‬فالله سبحانه وتعالى ليس‬
‫كمثله شيء والله سبحانه وتعالى كل ما جاء ببالك فالله بخالف ذلك‪ ،‬لكن هذا التخيل ي ُ َس ِهل علينا التواصل و يُ َس ِهل علينا العالقة‬
‫مع الله سبحانه وتعالى‪ ،‬فقال سيدنا النبي عليه الصالة والسالم "أن تعبد الله كأنك تراه" ولذلك يقول سيدي عبد المالك الضرير‬
‫وولي ال عوض منك ) أي أنني عندما أكون مع زوجي أو زوجتي أو مع صديقي أو مع حبيبي أو مع صاحب العمل أو مع‬ ‫ٌ‬ ‫(‬
‫األجير أو مع شيخي أو مع تلميذي فإني بذلك وعندما أقترب منهم جدا ً وأحبهم جداً‪ ،‬فأنا يا الله لم أعوضك فيهم يعني لم أتخذهم‬
‫بدال ً عنك‪ ،‬بل إتخاذي لهم هو إتخاذ لك ؛ فأنا عندما صاحبتهم ما صاحبت إال أنت يا الله ‪،‬فأنت المتجلي عليهم ‪،‬فهم أثرك فأنت‬
‫يا الله تصحبنا في خلقك وتصحبنا عن طريق من تتجلى به علينا‬
‫وولي ال عوض منك (‬ ‫ٌ‬ ‫فأنت الولي أي أنت القريب ‪ ،‬أنت القريب يا الله الذي عندما َأقترب من الخلق فإنما أنا أقترب منك )‬
‫‪ ،‬أنت القريب يا الله الذي قلت { َو ُه َو َم َعكُمۡ َأی َۡن َما ك ُنتُمۡۚ } ‪ ،‬فأنت يا الله معنا أينما كنا وكيفما كنا‬
‫فقال الله سبحانه وتعالى { َفَأیۡن َ َما تُ َولُّوا۟ َفث َّمَ َوج ُۡه ٱلل ّ َ ِهۚ } فكيف سنرى وجه الله سبحانه وتعالى ونحن أينما ولينا قلنا هذا الكون‬
‫‪ ..‬وحشة وهذا الكون غريب‪ ،‬وهذا الكون ُمن َف ِصل عن الله سبحانه وتعالى! ‪ ،،‬بل نرى الله سبحانه وتعالى في كل شيء‬

‫وولي ال عوض منك (‬ ‫ٌ‬ ‫غني ال غنى عنك‬‫ٌ‬ ‫غني ال غنى عنك ) ألنه يرى ) اللهم إنك‬ ‫ٌ‬ ‫وهنا في البيتين أو في المقطعين ( إنك‬
‫‪،‬الله سبحانه وتعالى في كل شيء فيريدنا أن نرى الله سبحانه وتعالى في كل شيء‬
‫وولي ال عوض منك (‬ ‫ٌ‬ ‫ألنه كلما رأى أنيسا ً له في الكون عرف أن هذا ُأنس الله له سبحانه وتعالى )‬
‫يتقرب الله سبحانه وتعالى منا في صور خلقه فيتجلى عليهم من حولنا ويتجلى عليهم فينا ‪ ،‬فمن يأنس بنفسه فهو ما أنس إال‬
‫بالله ومن أنس بغيره فهو ما أنس إال بالله وكما قال سيد الخلق عليه الصالة والسالم‪" :‬أال كل شيء ما خال الله باطل" ؛ فنحن إذا نظرنا للشي‬
‫عالقة له بالله إذا ً هذا باطل هذا معتقد باطل‪ ،‬هذه نظرة باطلة ؛ هذا التفكير ال يوصل إلى الله سبحانه وتعالى‪ ،‬بل الله سبحانه‬
‫وتعالى خلق كل شيء حتى نتواصل به مع الله‪ ،‬فالله سبحانه وتعالى هو الخالق وهؤالء خلقُه فهم َخلق الله وهم عباد الله وهم‬
‫عيال الله ‪،‬وسيدنا النبي عليه الصالة والسالم عندما كان ال يلوم ‪ ،،‬وعندما سألوا سيدنا أنس فقالوا كيف كان رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم؟ قال "لم يقل لشيء فعلته لما فعلته أو لشيء لم أفعله لما لم تفعله" ‪ ..‬ألنه كان يرى الله سبحانه وتعالى في كل‬
‫شيء ‪،‬فهو غير ُمنقطع عن الله‬

‫نحن ال نحتاج إلى الخلوة حتى نذهب ونجلس مع الله ؛ نحن مع الله سبحانه وتعالى في كل شيء‬
‫والر ُسل‪ ،‬ثم َو ّ َرثوا هذا‬
‫ُ‬ ‫من ينتبه لله سبحانه وتعالى هو سيد المنتبهين هو سيدنا النبي ثم السادة المنتبهون هم ساداتنا األنبياء‬
‫فيورثوه ألتباعهم وأصحابهم‬ ‫َ‬ ‫وو َّرث سيدنا النبي عليه الصالة والسالم هذا اإلنتباه إلى الصديقين واألولياء‬
‫اإلنتباه َ‬
‫ألن من يرى الله سبحانه وتعالى فاعال ً في كل شيء وظاهرا ً في كل شيء ‪-‬والله من أسمائه الظاهر‪ ) -‬فالخلوة في الجلوة (‬
‫فكيف سيذهب ويعتزل حتى يرى الله وحتى يجلس مع الله وحتى يختلي مع الله؟ بل هو اآلن مختلي مع الله سبحانه وتعالى‬
‫في كل شيء‪ ،‬فعندما تتغير المفاهيم نرى الله سبحانه وتعالى في كل شيء‬
‫( أن تعبد الله كأنك تراه ) فأين سأراه إذا لم يكن إال في الخلوة؟ وأين؟ وأينما تولوا فثم وجه الله‪ ..‬فأين ‪ ،‬فأين وجه الله‬
‫الذي تكلم عنه الله؟ إذا لم نراه إال في في مغارة أو في غرفة أو أغمضنا أعيننا ثم نراه هناك فقط ؛ إذا ً ليس أينما تولوا فثم‬
‫وجه الله إذا وجه الله أي وجود الله محدود وكلهم غير الله ؛ هذا مفهوم خطأ! ‪ ،،‬بل الله سبحانه وتعالى تجلى على كل‬
‫شيء ‪،‬فاألنبياء كانوا مع الله في تعاملهم مع الخلق‪ ،‬وكذلك ُو ّ َراث َهم يتعاملون مع الله سبحانه وتعالى في كل شيء‪ ،‬فمن أراد أن‬
‫بالله أنا" ؛ فليعلم أنه ما تعامل‬ ‫ِ‬ ‫أعلمكم‬
‫يقتدي باألنبياء‪ ،‬ومن أراد أن يقتدي بسيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله‪َ " :‬‬
‫إال مع الله‬
‫كذلك كان أهل الله وهم أقل درجة من األنبياء بالتأكيد أقل درجة‪ ،‬كانوا حتى الباب بعضهم ال يضرب الباب عندما يغلقه ألنه يقول‬
‫هذا مخلوق يسبح الله وهذا مخلوق قد تجلى الله سبحانه وتعالى عليه فأنا أتعامل مع الله ‪ ،‬إن الله قد كتب اإلحسان على كل‬
‫شيء ؛ فأنا عندما أتعامل مع الباب أتعامل مع الله وعندما أتعامل مع والدي ووالدتي وشيخي أتعامل مع الله‪ ،‬وعندما أتعامل مع‬
‫إبني و أجيري ومن هو أقل مني فأنا أتعامل مع الله‬
‫ولذلك هذا هو عالج التكبر‪ ..‬من أراد أن يعالج مرض الكبر عنده فال يحتاج إلى أن يذهب فينظف الحمامات أو يذهب فيرتب‬
‫األحذية‪ ،‬لكن هو يجب أن يذهب فيصحح المفاهيم ؛ فإذا رأى الله سبحانه وتعالى بكل شيء لم يتكبر على مواله سبحانه وتعالى‬
‫وخرج من مرض الكبر مباشر ًة عند إعتقاده بهذا اإلعتقاد فال يتسلل مرض الكبر مرة ثانية إلى قلبه أبدا ً ألنه اآلن يتعامل مع مواله‬
‫فكيف سيتواضع؟ أي كيف سينزل درجة للذي أمامه ‪-‬للمخلوق الذي أمامه‪ -‬وهو يرى الله سبحانه وتعالى به ‪ ،‬بل هو أعلى‬
‫منه ؛ ألنه يرى خلق الله سبحانه وتعالى فال يحتاج إلى أن يتواضع ألنه أصال ً يرى ( الكبير ) ‪ ،‬فهو ال يحتاج إلى أن ينزل ألنه‬
‫!أصال ً لم يصعد‬
‫!فهذا هو عالج مرض الكبر أن أرى الله و أتعامل مع الله سبحانه وتعالى في كل شيء‪ ..‬في كل شيء‬
‫{‬ ‫؛ إذا ً أنت تتفاعل مع الله في كل لحظة ألننا تعلمنا في الدرس السابق أن الله يجدد الخلق } ٱلل ّ َ ُه َخـٰلِ ُق ك ّ ُِل َشیۡءۖـــ ࣲۖء‬
‫لحظة بلحظة وليس الله خلق الشيء ثم هذا الشيء مستقر في وجوده بل هذا الشيء ممسوك بقبضة إيجاد الله سبحانه وتعالى له‬
‫!في كل لحظة‬
‫وصرنا نرى الله سبحانه‬ ‫فالله يوجد الخلق في كل لحظة ؛ فنحن نتعامل مع خلق الله دائما ً ‪ ،‬فاآلن إذا نظرنا تغير المفهوم ِ‬
‫وتعالى يخلق األشياء التي معنا والتي أمامنا والتي فينا لحظة بلحظة ؛ فنحن نتعامل مع الله سبحانه وتعالى‬
‫ضوء على الحائط فإنما يضرب هذا الحائط هو ضوء ‪ ،‬فإذا قطعت هذا الضوء وأغلقت‬ ‫ً‬ ‫كالضوء الذي تُ ِسلِطه على الحائط إذا سلطت‬
‫هذا الضوء فال يوجد ضوء هناك فهذا الضوء يمد هذا الحائط بالنور كل لحظة‬
‫وكذلك َخلقَنا‪ ،‬الله سبحانه وتعالى يخلقنا في كل لحظة‪ ،‬كمثل شاشة التلفاز أو كمثل شاشة التليفون أو كمثل شاشة الكمبيوتر‬
‫الحاسوب إذا كان هناك كهرباء وطاقة فأنت ترى وإذا لم يكن هناك طاقة في كل لحظة تأتي لهذه الشاشة فال يوجد هناك صورة‪،‬‬
‫نفس الشيء بالضبط َخلقَنا‬
‫فالذي يتعامل مع الخلق بهذه الصورة وهي صورة الوراثة المحمدية سيحترم كل شيء وسيتعامل مع الله سبحانه وتعالى بكل‬
‫شيء‬
‫وولي ال عوض منك ) فهو ال يقول أنا اآلن‬ ‫ٌ‬ ‫غني ال غنى عنك‬‫ٌ‬ ‫لذلك قال سيدي عبد المالك الضرير في المقطعين ( اللهم إنك‬
‫مع غير الله ويجب أن أرجع لله‪ ،‬وأنا اآلن معتمد على مافي يدي وسوف ال أعتمد عليه ثم أعتمد على ما في يد الله‪ ،‬بل هو‬
‫يعلم أن ما في يده هو نفسه ما في يد الله! ويعلم أن من أحبه قلبه هو نفسه حبه لله سبحانه وتعالى! فيصير يحب الخلق‬
‫أضعافا ً مضاعفة وال يخاف من إعتقاد أنه أحب غير الله ؛ بل أنت ما أحببت إال الله‬
‫" وكما قال شيخي سيدي محمد عوض المنقوش‪" :‬أحب من تشاء كيفما تشاء‪ ،‬فأنت والله ما أحببت إال الله‬
‫‪.‬بركة إن شاء الله‬

‫المناجاة الضريرية‬
‫الدرس‪) 4 ( :‬‬

‫فضال بال سبب (‬ ‫وم ٌ‬‫) ِ‬


‫فقال سيدي عبدالمالك الضرير وسيدي عبدالمالك الضرير عندما نقول قال هو من المعتمدين في اإلسالم ومن األشخاص المسندين‬
‫ومن األشخاص المأذونين ومعني اإلذن ومعني السند في اإلسالم‪ :‬كلمة ( سند ) وكأنه ( إستند ) يعني لي ظهر أي هناك شيخ‬
‫أخذت عنه وال آخذ عن شيخ ليس له سند فشيخي أيضا ً يجب أن يكون له سند وشيخه أيضا ً يجب أن يكون له سند ‪ ،‬فشيخي‬
‫جرة إلي سيدنا النبي محمد عليه الصالة والسالم‬ ‫ّ‬ ‫وهل ُّمَ‬
‫يجب أن يكون له شيخ وشيخه له شيخ َ‬
‫سيدنا النبي لما جلس وجلس صحابة سيدنا رسول الله حوله وأخذوا منه فهم أخذوا ِمن َمن؟ من معلمهم سيدنا النبي عليه الصالة‬
‫فلما‬
‫ّ‬ ‫والسالم ‪ ،‬فالجلوس إلي المعلم فيه نور وفيه إسناد أي أنني أس ِن ُد علمي الذي في داخلي إلي شيخي فهو سندي فيه ‪،‬‬
‫مصدر أصلي موثوق ثم عندما أخذوا من سيدنا‬ ‫ٍ‬ ‫أسيادنا الصحابة أخذوا العلم من سيدنا النبي هذا إسمه أخذوه بالسند أي أخذوه من‬
‫مصدر موثوق ثم تابع التابعين‬ ‫ٍ‬ ‫إلي‬ ‫)‬ ‫الصحابة‬ ‫أسيادنا‬ ‫مصدر موثوق إلنهم جلسوا (‬
‫ٍ‬ ‫النبي أخذ منهم التابعون فهم اآلن أخذوا من‬
‫جلسوا إلي التابعين وهذه إسمها السلسلة ؛ سلسلة النور أو السند فينساب النور والعلم من األعلي إلي األسفل ‪ ،‬فوصوال ً إلي سيدنا‬
‫الرسول عليه الصالة والسالم من مجلسنا هذا تقريبا ً هو الجيل السادس واألربعون أو السابع واألربعون وصوال ً إلي سيدنا الرسول عليه‬
‫الصالة والسالم‬
‫جرة إلي سيدنا النبي‬ ‫ّ‬ ‫فهذا السند أي أن يكون لي شيخ عنده شيخ عنده شيخ عنده شيخ َهل ُّمَ‬

‫وهناك اإلذن وهو أنه سيدنا النبي عليه الصالة والسالم لما جلسوا له الصحابة و أخذوا العلم هم أخذوه ألنفسهم ثم بعدها سيدنا‬
‫لبعض من الصحابة الذي ارتآهم مناسبين لنقل هذا العلم ونقل هذا الدين للذين بعدهم فَأ ِذ َن لهم بإعطاء هذا الشيء و‬ ‫ٍ‬ ‫النبي َأ ِذ َن‬
‫وإذن‬
‫ُ‬ ‫اعیًا ِإ ل َى ٱلل َّ ِه ِبِإذۡ ِن ِه } فالدعوة إلي الله ال تكون إال بإذن الله‬
‫اإلذن موجود في القرءان حيث يقول الله سبحانه وتعالي { َو َد ِ‬
‫عط ي لسيدنا النبي ثم سيدنا النبي يعطي هذا اإلذن لمن يرتئيهم مناسبين لهذه المهمة أي هم قد أخذوا وتشبعوا من هذه‬ ‫الله قد ُأ ِ‬
‫المعارف وأصبحت بين شحمهم ولحمهم وفي دمهم ثم هم عندما يتلفظون بها يعطوها لمن بعدهم بنور اإلذن وليس فقط كلمات ؛‬
‫فنور اإلذن يفعل في باطن اإلنسان وفي باطن المريد وفي باطن التلميذ ما الله به عليم‬
‫فسيدنا النبي عليه الصالة والسالم بعد أن جلسوا إليه أسيادنا الصحابة أ ِذن لبعضهم وسادتنا الصحابة كان عددهم مائة وأربعة وعشرين‬
‫‪ ،‬ألف صحابي‬
‫مأذون منهم أن ينقلوا هذا العلم؟ وكم كانوا فقط من العلماء؟ عشرين صحابي فقط‬ ‫ٌ‬ ‫كم‬
‫وغيرهم كلهم لم يتكلم في دين الله وإنما كان يقول فقط أنقل عن سيدنا النبي ما قاله يعني سيدنا النبي تكلم بشئ فقال أنا‬
‫سمعت النبي قال كذا لكن بقية العشرين شخص يعلمون الناس فهم في مقام التعليم كسيدنا مثال ً ابن عباس وسيدنا علي ابن أبي‬
‫طالب وغيرهم رضي الله عنهم و أرضاهم‬
‫جرة وأن يكون‬ ‫ّ‬ ‫؛ فيجب أن يكون في المعلم سند أي هو جلس إلي شيخ ُمسنَد أي شيخه أيضا ً جلس إلي شيخه المسند وهل ُّمَ‬
‫شيخه قد أذن له و أعطاه اإلذن بأن ي ُ َعلِم الناس وبأن يأخذ بأيدي الناس إلي الله سبحانه وتعالي بالعلم الذي كان يدرسه فيه‬
‫درس التصوف‬ ‫درس الطريق إلي الله وال يجوز له أن يُ ِ ّ‬ ‫فمثال ً الذي درس علوم العقليات وعلوم أصول الفقه ال يجوز له أن ي ُ ِ ّ‬
‫الم َربّي ال يجوز له أن يتكلم في أصول الفقه فكل شخص يتكلم فيما‬ ‫عرف الناس علي الله يسموه ُ‬ ‫درس أو ي ُ ِ ّ‬
‫الم َربّي الذي يُ ِ ّ‬
‫وكذلك ُ‬
‫ُأ ِذ َن له فيه وما لم يؤذن له فيه ال يتكلم‬
‫فسيدنا عبدالمالك الضرير عندما نأخذ منه كالما ً نحن نأخذ من شخص موثوق وشخص مأذون له فهو يختصر لنا في كالمه وفي‬
‫ألفاظه الشريفة القرآن والسنة وشرح القرآن والسنة‪ ،‬فنحن نشرح هذا ؛ فعندما نشرح هذه األلفاظ الكريمة الشريفة نحن نُبيِّن ما‬
‫المطلوب منّا أن نعتقده بالله سبحانه وتعالي وما الذي يجب أن يكون عندنا من البديهيات ؛ يعني أشياء في داخلنا ال جدال فيها‬
‫‪.‬ال نقاش فيها أشياء نعتقدها ونمضي فيها إلي الله سبحانه وتعالي‬

‫فضال بال سبب )‬ ‫‪ :‬فقال سيدي عبدالمالك الضرير ( و ِم ٌ‬


‫ٌ‬
‫متفضل عليك بهذا‬ ‫وكلمة ( ِمفضال ) الفضل أي العطاء وهو العطاء من غير إستحقاق فهو فضل ؛ أي شخص يعطيك شئ وهو‬
‫بعمل منك أو بجه ٍد منك أو بشي ٍء أنت فعلته فصار هناك ميزان فأنت‬ ‫ٍ‬ ‫الشئ فأنت عندما تأخذه ليس ألنك إستحققت هذا الشئ‬
‫مفضال بال سبب ) أي‬ ‫ٌ‬ ‫فعلت فيجب أن يوازن هذا العمل فيعطيك شيئا ً مقابل هذا العمل حتي يكون هناك مقابل‪ ..‬فالفضل( و‬
‫ليس هناك مقابلة ‪ ،‬ليس هنالك شئ يعطينا الله إياه ألننا فعلنا شيئا ً في المقابل‬

‫ألن‬ ‫فقال ( و ِم ٌ‬
‫فضال بال سبب ) أي الله يعطي سبحانه وتعالي من غير سبب منّا ‪ ،‬فالله سبحانه وتعالي عندما يعطي يعطي ّ‬
‫ألن الله يحيينا‬
‫أن صفته هو الحياة فالله حي ألنه حي ونحن أحياء ّ‬
‫صفته هو العطاء كما ّ‬
‫فعل منّا ومن غير أن نكون نحن مستحقين لهذا العطاء‬
‫ٍ‬ ‫فالله ( ِم ٌ‬
‫فضال بال سبب ) أي الله سبحانه وتعالي يعطي من غير‬

‫أن الله سبحانه وتعالي ( ِم ٌ‬


‫فضال‬ ‫فضال بال سبب ) وهذا المعني عن الله سبحانه وتعالي ّ‬ ‫فيقول سيدي عبدالمالك الضرير ( و ِم ٌ‬
‫بال سبب ) يريح باطن العبد ألن العبد في المعتقد الخاطئ يقول أنا إن لم أفعل و أنا إن لم أعمل فإنّي لست ُمستحقا ً للعطاء‬
‫ابتداء من أين أتي؟ ألم‬
‫ً‬ ‫فأنت ِف ُع َ‬
‫لك‬ ‫َ‬ ‫والله سبحانه وتعالي ال يعطي إال لمن فعل وهذا طبعا ً إعتقادٌ خاطٌئ بالله سبحانه وتعالي ؛‬
‫يخلقه الله سبحانه وتعالي فيك ففعلته!؟‬
‫ظهر‬
‫ألن الله [ لطيف ] ال ي ُ ِ‬ ‫فضال بال سبب ؛ هو الذي يعطيك ما أنت تفعله ويخلقه فيك فيظهر أنك أنت الذي تفعله ّ‬ ‫إذا ً فهو ِ‬
‫الم ُ‬
‫ظهر للعيان أنك أنت تتحرك و أنت تفعل شيئا ً من ذاتك‬ ‫أن الله يخلقه اآلن فيك لكن ي ُ ِ‬ ‫للعيان ولمن حولك ّ‬
‫ولذلك يأتي َوهم الذاتية أي أنني قائمٌ بذاتي وهذا خطأ فالله سبحانه وتعالي هو [ القيوم ]‪ ،‬الله سبحانه وتعالي هو الذي يخلق‬
‫ُون } فالله يخلقنا ويخلق أعمالنا ؛ فكل أعمالنا الله خلقها وكل‬ ‫والله سبحانه وتعالي قال في القرآن { َوٱلل ّ َ ُه َخل َ َقكُمۡ َو َما تَع َۡمل َ‬
‫وجودنا وكل حركاتنا وكل خواطرنا وكل إنبعاثاتنا وكل نياتنا ومراداتنا الله يخلقها سبحانه وتعالي ونحن ليس منّا شٌئ نقول لله فيه‬
‫أعطنا األجر ألجل أننا فعلنا كذا ‪ ،‬فالله هو الفاعل ولكن الله سبحانه وتعالي يعطينا العمل ويخلقه فينا ثم يقول سأؤجركم عليه‬
‫ألن الله سبحانه وتعالي [ كريم ] من ذاته والله سبحانه وتعالي يريد أن يعطينا قيمة فالله من أخالقه أن ّ ُه ي ُ َع ِ ّظم فهو [ عظيم ]‬
‫كرم غيره فالله سبحانه وتعالي عظيم وكريم‬ ‫فهو يحترم الخلق وهو ي ُ َع ِّظم الخلق فالعظيم يُ َع ِّظم غيره والكريم ي ُ ِ‬

‫فضال بال سبب ) أي يا من إعتقدت أن عطاء الله سبحانه وتعالي لك بسببك أنت أو‬ ‫ولذلك قول سيدنا عبدالمالك الضرير ( و ِم ٌ‬
‫بسبب فعلك أو أنك يجب أن تبدأ فيتبع عطاء الله فعلك هذا معتق ٌد باطل وهذا معتق ٌد خاطئ وهذا معتق ٌد فيه ِشركي ٌة مع الله أي‬
‫!أنني إن لم أفعل الله لن يفعل‬
‫أين اسم الله [ البادئ] ؟‬ ‫َ‬ ‫!إذا ً فأين اسم الله [ األول ] ؟ و‬
‫الله سبحانه وتعالي هو [ القهار ] فكيف سنقهر الله ونقول نحن عملنا العمل ويجب أن يعطينا الله‪ ، ..‬أو نقول الله ال يعطي‬
‫حتي نفعل نحن‪ ، ..‬إذا ً فأين القهار الذي يقهر الخلق بعطائه فيعطيهم العطاء قهرا ً عليهم؟‬
‫أليس الله سبحانه وتعالي هو الذي بدأنا فجذبنا و أخرجنا من العدم فقهرنا أال نكون عدما ً فنكون وجودا ً والقهار أيضا ً يبدئنا ويعطينا‬
‫!من غير أن نكون قد فعلنا شيء فما الذي فعلناه ونحن كنّا في العدم؟ ال شئ ‪ ..‬فالعدم ال ِفعل له‬
‫وما زلنا عدم فما نحن فينا وما نحن يخرج منّا إن هو إال خلق الله ليس خلقنا نحن ؛ { َوٱلل ّ َ ُه َخلَقَكُمۡ َو َما تَع َۡمل َ‬
‫ُون }‬

‫أنت الذي إن لم تفعل‬ ‫َ‬ ‫فضال بال سبب ) أي إهدأ وال تفك ّر أنك أنت الذي تفعل وال تفك ّر أنك‬ ‫إذا ً فعندما نتعلم أن الله ( ِم ٌ‬
‫!الشئ لن يأتيك من الله بعده شئ‪ ..‬فأنت ال تخلق عمل الله و أنت عبد‬
‫الله سبحانه وتعالي ال يحتاج إليك حتي يفعل بل هو يفعل من عنده وهو يتصرف من عنده‪ [ ،‬الواحد األحد ] الذي هو يفعل والذي هو يقوم ع‬
‫ال أو قد طلب طلباً‬ ‫والذي هو يبدئهم فيعطيهم ‪،‬ـ فالله سبحانه وتعالي من أسمائه [ الوهاب ] والوهاب يعطي من غير أن يكون من أمامه قد فعل فع ً‬
‫والله سبحانه وتعالي [ الجواد ] ‪ ،‬والجواد هو الذي يعطي من غير أن يكون الذي أمامه قد فعل فعال ً أو طلب طلبا ً ويكون‬
‫أيضا ً غير مستحق‬

‫الجواد‬
‫ّ‬ ‫الجواد؟ إذا ً نحن عطلنا اسم الله‬
‫ّ‬ ‫فإذا ً إذا قولنا الله ال يعطي إال إذا نحن فعلنا أو طلبنا أو دعينا الله فإذا ً أين اسم الله‬
‫فعل ومن غير أن يكون للعبد‬‫ٌ‬ ‫فضال بال سبب ؛ الله يعطي من غير أن يكون للعبد‬ ‫سبحانه وتعالي ‪ ،‬بل الله سبحانه وتعالي ِم ً‬
‫مشارك ٌة مع الله ؛ فال شريك لله‬
‫فأمر الله قد أتي ثم قال { َفل َا‬
‫ُ‬ ‫والله سبحانه وتعالي ال ينتظر فعلنا حتي يفعل بل الله سبحانه وتعالي قال { َأتَ ٰىۤ َأم ُۡر ٱلل ّ َ ِه }‬
‫ُوهۚ } ألنكم موجودون في الزمان والله غير موجود في الزمان وهذا يُطمئننا مع الله سبحانه وتعالي ألن من يكون مقهور‬ ‫تَسۡتَعۡجِ ل ُ‬
‫بالزمان يريد أن يفعل حتي يُل ِ َّح ق ويتدارك األمر لكن الله هو القاهر للزمان وهو الخالق للزمان فكان الله ولم يكن شئ معه ‪ ،‬ولم‬
‫ألن الله غير مستعجل أن يعطينا‬ ‫زمان معه فعندما نعلم هذا عن الله سبحانه وتعالي نعلم أن ذواتنا ووجودنا في أمان ّ‬ ‫ٌ‬ ‫يكن‬
‫فيعطينا كل شئ بوقته المناسب ويعطينا كل شئ حتى ننتفع به وليس هناك كرعوناتنا نحن‬
‫فالله سبحانه وتعالي [ حكيم ] والله سبحانه وتعالى [ خبير ] يعرف سبحانه وتعالى متى يعطي و كم يعطي و أين يعطي و‬
‫لمن يعطي العطاء حتي يكون كل شئ بمقدار‬

‫ٌ‬
‫مفضال بال سبب ) أي ال تعتقد أن عطاء الله محتاج لعطائك وأن الله سبحانه وتعالي ال‬ ‫فيقول سيدي عبدالمالك الضرير ( و‬
‫إحتياج لك‬
‫ٍ‬ ‫غير‬ ‫من‬ ‫ويعطي‬ ‫فعلت‬ ‫قد‬ ‫تكون‬ ‫أن‬ ‫غير‬ ‫من‬ ‫يعطي‬ ‫وتعالي‬ ‫سبحانه‬ ‫الله‬ ‫بل‬ ‫أنت‬ ‫فعلت‬ ‫يفعل إال إذا‬
‫سبب يسبق فعله سبحانه وتعالي ؛ بل هو الذي يخلق األسباب ويخلق بعدها النتائج ‪ ،‬وهو الذي يخلق األسباب‬ ‫ٍ‬ ‫ويعطي من غير‬
‫وقد ال يخلق بعدها النتائج ‪ ،‬وهو الذي يخلق النتائج وقد تكون بال سبب ‪ ،‬وقد يخلق أسبابا ً فيعطي نتائج بعكسها ؛ فال نحصر‬
‫ألن حصرنا لله بأن الله يعطي فقط بعد أن نفعل هذا معناه أن الله مقهور وأن الله سبحانه وتعالي غير قادر على العطاء إال‬‫الله‪ّ ،‬‬
‫!إذا نحن فعلنا فنحن صرنا قاهرين لله وحاشا لله‬

‫فضال بال سبب ) فعندما يعتقد الشخص أن ربه ِمفضاال ً بال سبب ال يحمل هم ال ِفعل ؛ هو‬ ‫فيقول سيدي عبدالمالك الضرير ( و ِم ٌ‬
‫يفعل لكن ليس ألن فعله فيه تأثير لكن هو يفعل عبودية لله سبحانه وتعالى ويقول في باطنه دائما ً الله سبحانه وتعالى سيعطي‬
‫إن فعلت و إن لم أفعل‬
‫فضال بال سبب ) ‪ ،‬فالله هو الحاكم والله هو القاهر والله هو المسيطر والله سبحانه وتعالى هو المهيمن‬ ‫الله سبحانه وتعالى ( ِم ٌ‬
‫وكما يقول سيدي محمد عوض المنقوش‪ :‬الله ‪-‬أستغفر الله‪ -‬ليس كتليفون العملة نضع المال و نضع النقود في التليفون فيعمل‬
‫التليفون و إذا لم نضع المال في التليفون ال يعمل التليفون ‪ ،‬فالله سبحانه وتعالى ليس كذلك بل الله هو البادئ‬
‫الله سبحانه وتعالى ‪-‬أستغفر الله‪ -‬ليس كالسيارة نضع فيها بنزين فإذا لم نضع فيها بنزين ال تشتغل وال تعمل وال تروح وال تجيء‬
‫وال لها وجود ‪ ،‬بل الله هـو الذي له الوجود وهو الذي له ال ِفعل ونحن أعمالنا ليست بنزين ووقود ‪-‬أستغفر الله‪ -‬لله حتى يعمل‬
‫جواد يهب الشيء من‬ ‫ّ‬ ‫بل الله سبحانه وتعالي صمد والله سبحانه وتعالى وهاب يهب الشئ من قبل السؤال‪ ،‬الله سبحانه وتعالى‬
‫وهاب الله‬ ‫رزاق الله ّ‬ ‫قبل أن نسأل ومن قبل أن نكون ُم ستحقين له فهو يعاملنا بصفاته لذلك علمنا صفاته فقال [ الله كريم الله ّ‬
‫جواد الله معطي ‪ ،‬فإذا ً أين األسماء؟ والله األول والله البادئ ] فإذا ً أين هذه األسماء كلها‪ ..‬هذه السبع أسماء إذا كان الله‬ ‫ّ‬
‫يحتاجنا حتي يفعل بل الله هو البادئ وهو الذي يفعل وهو ال يحتاج إلى فعلنا‪ ،‬فالله عندما يفعل يفعل هو و إذا كنّا فعلنا ثم‬
‫ألن الله أراد هذا وليس ألننا نحن أثّرنا على الله سبحانه بل الله سبحانه وتعالى يخلق ما فينا ويخلقنا‬ ‫ٌ‬
‫فعل فهذا ّ‬ ‫ظهر بعد فعلنا‬
‫ُون }‬‫نحن ويخلق أعمالنا { َوٱلل َّ ُه َخلَقَكُمۡ َو َما تَع َۡمل َ‬
‫فضال بال سبب )‬ ‫فإذا إعتقدنا بهذا ارتاح الباطن وقولنا الله ال يحتاجنا والله هو الذي يفعل ( والله ِم ً‬
‫‪.‬بركة إن شاء الله‬

You might also like