Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 1

‫سب الدهر‬

‫الدّهْ ُر مصطلح إسالمي مستخدم في الكتاب والسنة‪ ،‬وهو م ّدةُ الحياة الدّنيا كلها‪ .‬والدّهْ ُر الزمانُ الطويلُ‪ ،‬والزمانُ ق ّل َأو كثر‪ .‬ويقال‪ :‬كان‬
‫‪.‬ذلك َدهْ َر النجم ‪ :‬حين خلق هللا النجوم ‪ :‬أو َل الزمان وفي القديم‬

‫ان ِحينٌ م َِن الدَّهْ ِر َل ْم َي ُكنْ َش ْيًئ ا َم ْذ ُكورً ا)‬


‫( َه ْل َأ َتى َعلَى اِإْل ْن َس ِ‬ ‫وفي القرآن‪:‬‬

‫اصطالحاً‪ :‬الدّهْ ُر هو الزمن والوقت والحياة مع تقلب الليل والنهار‪ ،‬قال الحافظ ابن كثير ‪ -‬عند قول هللا تعالى ( َو َقالُوا َما ه َ‬
‫ِي ِإاَّل َح َيا ُت َنا‬
‫ون ) وقال الشافعي وأبو عبيدة وغيرهما في تفسير قوله ﷺ ‪:‬‬ ‫ك مِنْ عِ ْلم ِإنْ ُه ْم ِإاَّل َي ُ‬
‫ظ ُّن َ‬ ‫ُوت َو َنحْ َيا َو َما ُي ْهلِ ُك َنا ِإاَّل الدَّهْ ُر َو َما َل ُه ْم ِب َذلِ َ‬
‫ال ُّد ْن َيا َنم ُ‬
‫ٍ‬
‫" ال تسبوا الدهر فإن هللا هو الدهر " كانت العرب في جاهليتها إذا أصابهم شدة أو بالء أو نكبة قالوا ‪ " :‬يا خيبة الدهر " فيسندون تلك‬
‫األفعال إلى الدهر ويسبونه وإنما فاعلها هو هللا تعالى فكأنهم‪ M‬إنما سبوا هللا عز وجل ألنه فاعل ذلك في الحقيقة فلهذا نهى عن سب الدهر‬
‫بهذا االعتبار ألن هللا تعالى هو الدهر الذي يصونه ويسندون إليه تلك األفعال‪ .‬وهذا أحسن ما قيل في تفسيره‬

‫‪.‬فقد ورد في الحديث القدسي ‪ :‬يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي األمر أقلب الليل والنهار‬

‫]رواه البخاري وأبو داود[‬

‫عن أبي هريرة رضي هللا تعالى عنه‪ ،‬قال الخطابي‪ :‬معناه أنا صاحب الدهر ومدبر األمور التي ينسبونها إلى الدهر فمن سب الدهر من‬
‫‪.‬أجل أنه فاعل هذه األمور عاد سبه إلى ربه الذي هو فاعلها‪ ،‬وإنما الدهر زمان جعل ظرفا لمواقع األمور‬

‫‪.‬وكانت عادتهم إذا أصابهم مكروه أضافوه إلى الدهر فقالوا ‪ :‬بؤسا ً للدهر‪ ،‬تبا ً للدهر‬

‫وال تعارض بين هذا الحديث القدسي وبين قوله تعالى (في يوم نحس مستمر) فنحوسة هذا اليوم بالنسبة لهم ال إلى ذات اليوم‪ ،‬فمن المعلوم‬
‫‪.‬أن ذلك اليوم لم يكن نحسا ً على الصالحين‪ ،‬بل على الكفار من قوم عاد‪ ،‬وكان يوم نصر وتأييد للمؤمنين الصادقين‬

‫قال الشافعي في تأويل هذا الحديث‪ :‬وهللا أعلم أن العرب كان من شأنهم أن تذم الدهر وتسبه عند المصائب التي تنزل بهم من موت أو‬
‫هرم أو تلف أو غير ذلك‪ ...‬ويقولون أصابتهم قوارع الدهر وابادهم الدهر فيجعلون الليل والنهار يفعالن األشياء فيذمون الدهر بأنه الذي‬
‫يفنيهم ويفعل بهم‪ ،‬فقال رسول هللا ﷺ‪ :‬ال تسبوا الدهر على أنه الذي يفنيكم والذي يفعل بكم هذه األشياء فإنكم إذا سببتم فاعل هذه األشياء‬
‫إنما تسبون هللا تبارك وتعالى‪ ،‬فإنه فاعل هذه األشياء‪ .‬والحديث صريح في النهي عن سب الدهر مطلقاً‪ ،‬سواء اعتقد أنه فاعل أو لم يعتقد‬
‫‪.‬ذلك‬

‫‪:‬وذكر ابن القيمأن سب الدهر فيه ثالث مفاسد‬

‫‪.‬األولى‪ :‬سبه ممن ليس أهالً للسب‪ ،‬فإن الدهر خلق مسخر من خلق هللا منقاد ألمره متذلل لتسخيره فسابه أولى بالذم والسب منه‬

‫‪.‬الثانية‪ :‬أن سبه متضمن للشرك‪ ،‬فإنه سبه لظنه أنه يضر وينفع‬

‫‪.‬الثالثة‪ :‬أن السب منهم وقع على من فعل هذه األفعال‬


‫وقوله في الحديث‪ :‬أنا الدهر قال الخطابي معناه‪ :‬أنا صاحب الدهر ومدبر األمور التي ينسبونها إلى الدهر‪ ،‬وإنما الدهر زمان جعل ظرفا ً‬
‫لمواقع األمور‪ ،‬ولهذا قال في الحديث‪ :‬وأنا الدهر بيدي األمر أقلب الليل والنهار‪ .‬والدهر ليس من أسماء‪ M‬هللا ولو كان كذلك لكان الذين‬
‫قالوا‪ :‬وما يهلكنا إال الدهر مصيبين‪ .‬فمن وقع في ذلك فعليه التوبة واالستغفا‬

You might also like