Professional Documents
Culture Documents
غايات الصراع الجيوبوليتيكي بين القوتين العالميتين
غايات الصراع الجيوبوليتيكي بين القوتين العالميتين
غايات الصراع الجيوبوليتيكي بين القوتين العالميتين
حتى لحظة تحقيق االنتصار النهائي للواليات المتحدة في الحرب الباردة كانت الثنائية الجيوبولتيكية ضمن
أطرها الغربية التي تطورت بموجبها منذ البداية – كان الحديث يدور حول اتخاذ كل من التاالسوكراتيا
والتيلوروكراتيا حجمها األقصى على أصعدة المدى واإلستراتيجية والقوة .ونظرا لتطوير الجانبين
لقدراتهما النووية بدت نهاية هذه العملية كارثية بالنسبة لبعض الجيوبولتيكيين – المتشائمين ،إذ كان على
القوتين العظيمتين ،وقد انتشرتا على سطح الكرة األرضية بطولها ،إما أن تنقال مواجهتهما إلى خارج
حدود األرض (نظرية حرب النجوم) وإما أن تفني إحداهما األخرى (الرعب النووي).
إذا كان طابع العملية الجيوبولتيكية األساسية للتاريخ – وهو التوسع األعظم للتاالسوكراتيا والتيلوروكراتيا
– واضحا بالنسبة لهذا العلم .فإن نهايته تبقى تحت التساؤل ،فليس ثمة أي نوع من الحتمية في هذا
الخصوص.
وعلى هذا فإن الغائية الجيوبولتيكية ،أي وعي غاية التاريخ ،التصل ،ضمن المصطلحات الجيوبولتيكية ،إال
إلى لحظة بلوغ الثنائية عالميتها وتتوقف عند هذه النقطة ،بيد أن بإمكاننا ،مع كل ذلك ،وعلى المستوى
النظري المحض ،أن نشتق عدة صيغ افتراضية لتطور األحداث بعد أن يكون بمقدورنا اإلقرار بانتصار
أحد هذين النظامين – التاالسوكراتيا.
االحتمال األول :انتصار التاالسوكراتيا يلغي بصفة نهائية حضارة التيلوروكراتيا .ويهيمن على الكرة
األرضية النظام الليبرالي – الديمقراطي المتجانس.وتضفي التاالسوكراتيا على طرازها األولي الخاص
صفة اإلطالق وتغدو النظام األوحد لتنظيم الحياة البشرية .ولهذا االحتمال ميزتان :فهو أوال :ال يناقض نفسه
منطقيا ،ألننا نرى فيه استكماال طبيعيا لتيار وحيد االتجاه (ككل) في التاريخ الجيوبولتيكي – من الهيمنة
الكاملة لليابسة (العالم التقليدي ،إلى الهيمنة الكاملة للبحر (العالم المعاصر) ،وثانيا :إن هذا بالذات ما يجري
في الواقع الحالي.
االحتمال الثاني :انتصار التاالسوكراتيا ينهي دورة المواجهة بين الحضارتين ،لكنه ال يبسط أنموذجه على
العالم بأسره ،بل يكمل ببساطة التاريخ الجيوبولتيكي ناسخا إشكاليته .ومثلما تبرهن نظريات المجتمع ما بعد
الصناعي على استبعاده التناقضات األساسية لالقتصاد السياسي الكالسيكي (والماركسية) في هذا
المجتمع ،ألن بعض النظريات العولمية تؤكد على أن المواجهة بين اليابسة والبحر سيتم استبعادها على
العموم في العالم المقبل .وهذا أيضا "نهاية التاريخ" إال أن التطور التالي لألحداث ال يستجيب لمثل هذا
التحليل الصارم كما في االحتمال األول.
هذان التحليالن كالهما ينظر إلى هزيمة التيلوروكراتيا على أنها حقيقة واقعة ال رجعة عنها .أما االحتماالن
اآلخران فينظران إلى الموضوع نظرة مغايرة.