غايات الصراع الجيوبوليتيكي بين القوتين العالميتين

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 1

‫غايات الصراع الجيوبوليتيكي بين القوتين العالميتين ‪ -‬ألكسندر دوغين‬

‫حتى لحظة تحقيق االنتصار النهائي للواليات المتحدة في الحرب الباردة كانت الثنائية الجيوبولتيكية ضمن‬
‫أطرها الغربية التي تطورت بموجبها منذ البداية – كان الحديث يدور حول اتخاذ كل من التاالسوكراتيا‬
‫والتيلوروكراتيا حجمها األقصى على أصعدة المدى واإلستراتيجية والقوة‪ .‬ونظرا لتطوير الجانبين‬
‫لقدراتهما النووية بدت نهاية هذه العملية كارثية بالنسبة لبعض الجيوبولتيكيين – المتشائمين‪ ،‬إذ كان على‬
‫القوتين العظيمتين‪ ،‬وقد انتشرتا على سطح الكرة األرضية بطولها‪ ،‬إما أن تنقال مواجهتهما إلى خارج‬
‫حدود األرض (نظرية حرب النجوم) وإما أن تفني إحداهما األخرى (الرعب النووي)‪.‬‬
‫إذا كان طابع العملية الجيوبولتيكية األساسية للتاريخ – وهو التوسع األعظم للتاالسوكراتيا والتيلوروكراتيا‬
‫– واضحا بالنسبة لهذا العلم‪ .‬فإن نهايته تبقى تحت التساؤل‪ ،‬فليس ثمة أي نوع من الحتمية في هذا‬
‫الخصوص‪.‬‬
‫وعلى هذا فإن الغائية الجيوبولتيكية‪ ،‬أي وعي غاية التاريخ‪ ،‬التصل‪ ،‬ضمن المصطلحات الجيوبولتيكية‪ ،‬إال‬
‫إلى لحظة بلوغ الثنائية عالميتها وتتوقف عند هذه النقطة‪ ،‬بيد أن بإمكاننا‪ ،‬مع كل ذلك‪ ،‬وعلى المستوى‬
‫النظري المحض‪ ،‬أن نشتق عدة صيغ افتراضية لتطور األحداث بعد أن يكون بمقدورنا اإلقرار بانتصار‬
‫أحد هذين النظامين – التاالسوكراتيا‪.‬‬
‫االحتمال األول‪ :‬انتصار التاالسوكراتيا يلغي بصفة نهائية حضارة التيلوروكراتيا‪ .‬ويهيمن على الكرة‬
‫األرضية النظام الليبرالي – الديمقراطي المتجانس‪.‬وتضفي التاالسوكراتيا على طرازها األولي الخاص‬
‫صفة اإلطالق وتغدو النظام األوحد لتنظيم الحياة البشرية‪ .‬ولهذا االحتمال ميزتان‪ :‬فهو أوال‪ :‬ال يناقض نفسه‬
‫منطقيا‪ ،‬ألننا نرى فيه استكماال طبيعيا لتيار وحيد االتجاه (ككل) في التاريخ الجيوبولتيكي – من الهيمنة‬
‫الكاملة لليابسة (العالم التقليدي‪ ،‬إلى الهيمنة الكاملة للبحر (العالم المعاصر)‪ ،‬وثانيا‪ :‬إن هذا بالذات ما يجري‬
‫في الواقع الحالي‪.‬‬
‫االحتمال الثاني‪ :‬انتصار التاالسوكراتيا ينهي دورة المواجهة بين الحضارتين‪ ،‬لكنه ال يبسط أنموذجه على‬
‫العالم بأسره‪ ،‬بل يكمل ببساطة التاريخ الجيوبولتيكي ناسخا إشكاليته‪ .‬ومثلما تبرهن نظريات المجتمع ما بعد‬
‫الصناعي على استبعاده التناقضات األساسية لالقتصاد السياسي الكالسيكي (والماركسية) في هذا‬
‫المجتمع‪ ،‬ألن بعض النظريات العولمية تؤكد على أن المواجهة بين اليابسة والبحر سيتم استبعادها على‬
‫العموم في العالم المقبل‪ .‬وهذا أيضا "نهاية التاريخ" إال أن التطور التالي لألحداث ال يستجيب لمثل هذا‬
‫التحليل الصارم كما في االحتمال األول‪.‬‬
‫هذان التحليالن كالهما ينظر إلى هزيمة التيلوروكراتيا على أنها حقيقة واقعة ال رجعة عنها‪ .‬أما االحتماالن‬
‫اآلخران فينظران إلى الموضوع نظرة مغايرة‪.‬‬

You might also like