‫مالمح بروز إمبراطورية أوراسية جديدة‬

‫يمكن تحديد عدد من النتائج التي تتعلق بآفاق اإلمبراطورية القادمة على أنها الصيغة الوحيدة للوجود الالئق‬
‫والطبيعي للشعب الروسي وعلى أنها اإلمكانية الوحيدة للوصول برسالته التاريخية والحضارية إلى أبعد‬
‫مداها‪.‬‬

‫‪ _ 1‬اإلمبراطورية القادمة ال ينبغي أن تكون "دولة جهوية" (إعطاء صالحيات واسعة أو مايشبه حكم ذاتي‬
‫لألقاليم) وال "دولة‪ -‬أمة"‪:‬‬
‫وهذا أمر واضح‪ .‬فليس من الضروري‪ C‬التوكيد على أن مثل هذه اإلمبراطورية ال يمكن أن تكون في أي يوم‬
‫استمرار أو تطويرا لدولة جهوية أو "دولة ‪ -‬أمة" (هي منطقة جغرافية تتميز بإنها تستمد شرعيتها‬
‫السياسية من تمثيلها أمة أو قومية مستقلة وذات سيادة وهي كيان ثقافي وإثني) ألن مثل هذه المرحلة البيئية‬
‫تحمل ضررا ال يمكن إصالحه للتوجه اإلمبراطوري القومي المتعمق وتنتهي بالشعب الروسي إلى متاهة‬
‫التناقضات الجيوبوليتيكية واالجتماعية التي ال حل لها‪ ،‬وهذا بدوره ما يجعل البناء اإلمبراطوري المنطقي‪،‬‬
‫العقالني أمرا مستحيال‪.‬‬

‫‪ – 2‬اإلمبراطورية الجديدة يجب أن تقام دفعة واحدة كإمبراطورية‪ ،‬ويجب أن ترسي المبادئ اإلمبراطورية‬
‫الكاملة األهلية والمتطورة في أساس مشروعها منذ اآلن‪ .‬وال يجوز إرجاء هذه العملية إلى األفق البعيد أمال‬
‫بتوفر الظروف المالئمة في المستقبل‪ .‬فأمثال هذه الظروف إلقامة اإلمبراطورية الروسية الكبرى لن تتوفر‬
‫أبدا ما لم يبادر الشعب والقوى السياسية الطامحة إلى العمل باسمه منذ اآلن إلى توطيد توجهها‬
‫الجيوبوليتيكي والحكومي األساسي وبصورة واعية وواضحة‪ .‬‬
‫فاإلمبراطورية ليست مجرد دولة كبيرة جدا‪ .‬إنها أمر مختلف كل االختالف‪ .‬إنها حلف استراتيجي‬
‫جيوبوليتيكي يتجاوز المعامالت الخاصة بالدولة االعتيادية‪ ،‬إنها مافوق الدولة‪ .‬ومن الناحية العملية لم‬
‫تتطور أي دولة اعتيادية لتصبح إمبراطورية\‪ .‬أقيمت اإلمبراطوريات دفعة واحدة كتعبير عن إرادة‬
‫حضارية متميزة‪ ،‬كحافز هائل لبناء العالم‪ .‬‬
‫ولهذا فإن من الضروري القول منذ اآلن ال "الدولة الروسية" بل اإلمبراطورية الروسية‪ .‬ال طريق التطور‬
‫االجتماعي‪ ،‬بل طريق الثورة الجيوبوليتيكية‪.‬‬

‫‪ - 3‬المالمح الجيوبوليتيكية واإليديولوجية إلمبراطورية الروس الجديدة يجب أن تتحدد على أساس‬
‫التخلص من تلك اللحظات التي أدت من الناحية التاريخية إلى إفالس الصيغ اإلمبراطورية السابقة‪.‬‬
‫وبناء على ذلك يجب على االمبراطورية الجديدة‪:‬‬

‫_ أن تكون ال مادية‪ ،‬ال إلحادية‪ ،‬ذات اقتصاد ال مركزي‪.‬‬

‫_ أن تكون لها إما حدودها البحرية أو األحالف الصديقة على األراضي القارية المجاورة‪.‬‬
 ‫_ أن تتميز بالبنية العرقية‪-‬الدينية التعددية المرنة بالنسبة لبنائها السياسي‪ -‬اإلداري الداخلي وما إلى ذلك‪،‬‬
‫بمعنى أن تأخذ في الحسبان الخصائص المحلية العرقية‪ ،‬الدينية‪ ،‬الثقافية‪ ،‬األخالقية وما إلى ذلك بالنسبة‬
‫لكل منطقة وأن تضفي الصفة القانونية على هذه العناصر‪.‬‬
‫_ إضفاء المرونة على مشاركة الدولة في توجيه االقتصاد‪ ،‬فال تمس إال آفاقه االستراتيجية‪ ،‬وتقليص‬
‫الدورة االجتماعية بشدة‪ ،‬والعمل على الوصول إلى المشاركة العضوية للشعب في قضايا التوزيع‪.‬‬
‫(هذه البنود األربعة األولى تنطلق من تحليل أسباب إفالس اإلمبراطورية السوفياتية)‬
‫_ شحن المعادلة الدينية – القيصرية بالمضمون المقدس الصافي الذي ضاع تحت تأثير الغرب العلماني‬
‫على أسرة رومانوف‪ ،‬وتحقيق ثورة أرثوذوكسية "محافظة" من أجل العودة إلى منابع النظرة المسيحية‬
‫الحق‪.‬‬
‫_ تحويل مصطلح "الشعبية" من الشعار األوفاروفي إلى أفق مركزي للبناء االجتماعي – السياسي وجعل‬
‫الشعب المقولة المؤسسية السياسية والحقوقية األهم‪ ،‬ومعارضة التصور العضوي للشعب عن طريق‬
‫المعايير الكمية للقانونية الليبيرالية واالشتراكية وصياغة نظرية "حقوق الشعب"‪.‬‬
‫_ التوجه بدال من الجيوبوليتيكا السالفيانوفيلية إلى المشاريع االوراسية التي ترفض سياسة روسيا المعادية‬
‫لأللمان في الغرب وسياستها المعادية لليابانيين في الشرق والتخلص من التوجه األطلسي الثاوي تحت قناع‬
‫"القومية الروسية"‪.‬‬
‫_ الحيلولة دون عمليات الخصخصة والرسملة وأيضا دون لعبة البورصة والمضاربات المالية في‬
‫اإلمبراطورية‪ ،‬والتوجه نحو رقابة الشعب التعاونية‪ ،‬الجماعية والحكومية على الواقع االقتصادي‪ ،‬ونبذ‬
‫خرافة "الرأسمالية الوطنية" المثيرة للريبة‪ .‬‬
‫_ االنتقال من مبدأ المحافظات إلى إقامة العرقية – الدينية ذات المستوى األعلى من المستوى الذاتي‬
‫الثقافي‪ ،‬اللغوي‪ ،‬االقتصادي والحقوقي في استقاللية سياسية‪ ،‬استراتيجية‪ ،‬جيوبوليتيكية وإيديولوجية‬
‫واحدة‪.‬‬
‫(هذه البنود الخمسة تنطلق من نقد األنموذج القيصري)‬
‫وعلى بناة اإلمبراطورية الجديدة أن يقفوا بفعالية ضد توجهات "الشبان الروس" في القومية الروسية‪ ،‬من‬
‫يتطلعون إلى تثبيت وضعية "الدولة‪ -‬األمة" على روسيا‪ ،‬وضد جميع القوى السياسية الرومانسية التي‬
‫تضع في مخططاتها الجيوبوليتيكية الدعوة إلى تلك العناصر التي كانت قد انتهت باإلمبراطورية إلى‬
‫الكارثة‪.‬‬
‫ال معنى لوجود الشعب الروسي كجماعة تاريخية عضوية بدون إبداع قاري يقوم على بناء اإلمبراطورية‪.‬‬
‫ولن يغدو الروس شعبا إال في إطار االمبراطورية الجديدة‪ .‬وعلى هذه اإلمبراطورية‪ ،‬وفق المنطق‬
‫الجيوبوليتيكي أن تتفوق من الناحية االستراتيجية والمدى المكاني على الحالة السابقة (االتحاد السوفييتي)‬
‫وعلى هذا فإن األمبراطورية الجديدة ينبغي أن تكون أوراسية قارية كبرى وأن تكون في المستقبل عالمية‪.‬‬
‫فمعركة الروس من أجل السيادة على العالم لم تنته بعد‪.‬‬