Professional Documents
Culture Documents
أثر نظريتي التعلم السلوكية والبنائية في المقاربة بالأهداف والمقاربة بالكفاءات
أثر نظريتي التعلم السلوكية والبنائية في المقاربة بالأهداف والمقاربة بالكفاءات
أثر نظريتي التعلم السلوكية والبنائية في المقاربة بالأهداف والمقاربة بالكفاءات
امللخص:
يهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على نظريتي التعلم البنائية والسلوكية على أنهما األساس الذي
انطلق منه علم النفس التربوي لدراسة التعلم ،كما ركز هذا البحث على التطبيقات التربوية لهذين
النظريتين ،من خالل الكشف على عن مضمون املقاربة باألهداف باعتبارها تطبيقا ملبادئ النظرية السلوكية
وكذا املقاربة بالكفاءات باعتبارها تفعيال لتصورات النظرية البنائية.
وتنطلق أهمية هاته الدراسة من كونها تسعى إلى إبراز دور نظريتي التعلم السلوكية والبنائية في إعطاء
قيمة حقيقية للعمل التدريس ي؛ وذلك بجعله عمال واعيا.
وقد توصلت هاته الدراسة إلى مجموعة من النتائج لعل أهمها هو إخضاع املدرسيين لدورات تكوينية
تمس جانب التأسيس املعرفي في نظريتي التعلم البنائية والسلوكية ،إضافة إلى تكوين يمس جوانب العمل
اإلجرائي باملقاربة باألهداف ،وكذا املقاربة بالكفاءات ،ومما ينبغي التنبيه إليه كذلك إعداد صيغ لألسئلة
تمس نظريات التعلم واملقاربات الديداكتيكية أثناء إجراء مسابقة توظيف األساتذة واملعلمين لدى قطاع
التربية.
* املؤلف املرسل.
290
حممد راهـــم /األميـــن مــالوي
الكلمات املفتاحية :نظريتي التعلم ،السلوكية ،البنائية ،املقاربة باألهداف ،املقاربة بالكفاءات.
Abstract:
This research aims to shed light on the constructivist and behavioral
learning theories as the basis from which educational psychology started to
study learning, and this research focused on the educational applications of
these two theories, by revealing the content of the approach with the goals as
an application of the principles of behavioral theory and as well as the approach.
The competencies as an activation of perceptions of constructivism theory.
The importance of this study stems from the fact that it seeks to highlight
the role of the behavioral and constructivist learning theories in giving real
value to the teaching work. By making it a conscious action.
This study has reached a set of results, perhaps the most important of
which is subjecting teachers to training courses that affect the cognitive
foundation aspect of constructive and behavioral learning theories.
Keywords: Learning theories, Behavioral, Constructivism, approach to goals,
approach to competencies
مقدمـة:
مما ال ريب فيه أن الفعل التعليمي لم يعد ذلك الفعل العفوي العشوائي القائم على
التلقين والحفظ واالستظهار ،بل أصبح -ابتداء من العملية التحضيرية التمهيدية وصوال إلى
مرحلة اكتساب الخبرة -ممارسة قائمة على دراسة التراكمات املستمرة التي يكتسب فيها الفرد
مهارات وسلوكات جديدة تساعده على التكيف مع البيئة املحيطة به.
جراء تفاعل كل منوملا أدرك علماء النفس التربويون أن تركيب الفعل التعلمي يحدث ّ
الفعل والحاجة والقصد أدى هذا إلى نضوج ثمرة جهد معرفي اصطلح عليه بنظريات التعلم،
وهي مجموعة من النماذج املعرفية التي حاولت تفسير ظاهرة التعلم لكونها من أكثر الظواهر
التربوية والنفسية استقطابا الهتمامات علماء النفس التربويين .وبعد اإلنجازات التي حققتها
نظريات التعلم أثناء تحليلها للفعل التعلمي ،حاول الباحثون في مجال الديداكتيك االستفادة
من نتائجها بغية ترقية األداء على مستوى املمارسة الصفية ،ومن ثم خلق مقاربات
ديداكتيكية قادرة على تحقيق الهدف املنشود أال وهو تنمية الكفاية املعرفية لدى املتعلم.
وبالتالي أصبحت املمارسة الصفية -بفعل مخرجات نظريات التعلم -مجاال تتجاذبه مرجعيات
النظرية التأطرية «نظرية التعلم» وكذا مرجعية أخرى ذات طبيعة تطبيقية تنفيذية
«املقاربات الديداكتيكية».
291
ص ص308 - 290 : أثر نظرييت التعلم السلوكية والبنائية يف املقاربة باألهداف واملقاربة بالكفاءات
وفي هذا اإلطار تسعى هاته الورقة البحثية إلى تسليط الضوء على نظريات التعلم ،وما
انبثق عنها من تطبيقات تربوية أدت إلى ترقية الفعل التعلمي على مستوي املمارسة الصفية،
ونظرا ملا تعج به ساحة علم النفس التربوي من نظريات عديد درست الفعل التعلمي فقد
اكتفت هذه الورقة البحثية بالتركيز على نظريتين اثنتين وهما :النظرية السلوكية والنظرية
البنائية ،ثم عرجت على مقاربتين ديداكتيكيتين مثلتا بحق التطبيق التربوي لهاتين النظريتين،
أال وهما املقاربة باألهداف كامتداد للنظرية السلوكية ،واملقاربة بالكفاءات كتجسيد ملبادئ
النظرية البنائية .وتوخيا لدقة النتائج وضبط مجال يشتغل ضمنه املوضوع فقد تم تناول
هاته القضية من خالل حصرها في اإلشكال اآلتي :ما هي األسس التي قامت عليها نظريتا التعلم
السلوكية والبنائية؟ وكيف أطر كل منهما الفعل التعلمي؟ وما طبيعة املقاربات الديداكتيكية
التي انبثقت عن هاتين النظريتين؟ وهل حقق هذا االمتزاج بين األطر املرجعية وكذا املمارسات
التطبيقية التنفيذية ارتقاء على مستوى مردودية الفعل التعليمي ضمن املمارسة الصفية؟
ولإلجابة عن هذه االشكالية تم اعتماد املنهج الوصفي ,وذلك من خالل وصف املبادئ
واألسس والتطبيقات التربوية لكال النظريتين ,ثم وصف املقاربة باألهداف واملقاربة بالكفاءات
من حيث اآلليات اإلجرائية التي تتيح العمل بهما.
وبما أن البحوث لها غايات وأهداف فإن هاته الورقة البحثية تتوخى تحقيق جملة من
األهداف لعل أهمها وضع األساتذة واملدرسين أمام حقائق علمية أدت إلى تطوير العمل
ّ
الديداكتيكي ثم أدت إلى ترقية األداء على مستوى املمارسة الصفية ،فال يمكن في أي حال من
األحوال التدريس وفق مقاربة ديداكتيكية ما دون معرفة مجموعة من اإلجراءات التي تأطرها
وتضبط العمل بها.
292
حممد راهـــم /األميـــن مــالوي
/1النظرية السلوكية:
يعتقد العديدون أن التعلم فعل عشوائي ال تؤطره ضوابط وشروط لكنه في حقيقة
األمر سيرورة معرفية في حدود الزمن يسعى الفرد من خاللها إلى اكتساب قدرات وكفايات
عديدة .وقد توجت دراسات العلماء وأبحاثهم بوالدة مجموعة من املدارس والنظريات التي
تختلف في تحديدها ملفهوم التعلم ،وسنتناول في هذا اإلطار النظرية السلوكية ومبادئ التعلم
لدى روادها وكذا تطبيقاتها التربوية ونختم بأهم االنتقادات التي تعرضت لها.
أ /مفهوم النظرية السلوكية:
ُ
تعرف بأنها «مجموعة التصورات التي ظهرت في الواليات املتحدة األمريكية سنة
،1912وهي نظرية ترى بأن املعرفة الحقيقية تنبع من التجربة والتطبيق ،وتسلم بأنه ال يمكن
حدوث أي استجابة وأي تعلم دون وجود املثير»(.)2
يركز رواد هاته النظرية على غرار بافلوف وثروندايك وواتسون وسكاينر في تعريفهم
للتعلم على السلوك الظاهر الذي يمكن مالحظته وقياسه والتحكم في متغيراته« ،فالتعلم
حسب هاته النظرية تغير أو تعديل مستمر في سلوك املتعلم بفعل تمرين مكثف ومثير صادر
عن املحيط .إن السلوكيين ال يعيرون أي اهتمام للعمليات العقلية الداخلية ،فهم يشبهون
البنيات العقلية بعلبة سوداء ال يمكن الولوج إليها وبالتالي يكون من األجدر االهتمام
باملدخ ـ ـالت واملخرجـ ـات وما يترتب عنها من سلوك ـ ـ ـات بـ ـ ـدال من السيرورات الذهني ـ ـة وما يرتبط
بها من انفع ـ ـاالت فهم يؤكـ ـدون على أن املحيط الطبيعي واالجتماعي واألسري باإلضافة إلى
التدرب املكثف كل هذا يشكل اإلطار والسياق املوضوعي املؤثر في سيرورة النمو والتعلم لدى
الطفل»(.)3
يمكن من خالل التأمل في هذين التعريفين أن ندرك أن النظرية السلوكية ظهرت في
سياق تاريخي ساد فيه املنهج التجريبي الذي أصبح مرجعية العلوم كلها كما يمكن أن نستنتج
أنها ربطت التعلم بمعطيين اثنين ،أال وهما:
-املثير واالستجابة وهما شرطان لتعديل وتغيير أي سلوك.
-التمارين املكثفة ويقصد بها الدوام على ممارسة السلوك املتعلم حتى يصبح استجابة
بمثابة العادة تحدث آليا كلما توفر املثير.
293
ص ص308 - 290 : أثر نظرييت التعلم السلوكية والبنائية يف املقاربة باألهداف واملقاربة بالكفاءات
294
حممد راهـــم /األميـــن مــالوي
-التطور عملية زيادة الوعي بالعالقة بين من يعرف وما ُيعرف ،والتعلم عملية نشطة
بمعنى أن يبذل املتعلم جهدا عقليا للوصول إلى اكتشاف املعرفة بنفسه ،ويتم ذلك
عندما يواجه مشكلة ما فيقوم املتعلم في ضوء توقعاته باقتراح حلول لبناء املعرفة
بنفسه»(.)11
-تفترض البنائية أن أي فرد يمكن أن يتعلم أي موضوع بشرط أن يناسب مرحلة النمو
العقلي للفرد .وأي فرد يولد مزودا بقدر من االنعكاسات العضوية ،والقدرات الكامنة في
صورة استراتيجيات؛ فهي بذلك تعد عنصرا هاما في البناء»(.)12
-إن أفضل الظروف لحدوث عملية التعلم هو ذلك الظرف الذي يواجه فيه املتعلم مهاما
حقيقية ،وفحوى هذا االفتراض هو التأكيد على أهمية التعلم القائم على حل املشكالت.
وهذا التعلم يعتمد على األنشطة الفاعلة التي يمارسها املتعلم»()13
إن هاته املالمح التربوية تبرز مدى نظرة النظرية البنائية للفرد؛ فهو حسبها مزود
باستعدادات فطرية تنمو معه تبعا ملراحل نموه حتى يصل إلى مرحلة تشكيل الوعي ،ومن ثم
يصبح قادرا على اقتراح حلول تبعا لطبيعة املهام التي كلف بها .كل هذا يوضح نظرة البنائيين
لعملية التعلم.
ج /املبادئ الرتبوية للنظرية البنائية:
تحدد املبادئ التربوية للنظرية البنائية في النقاط اآلتية)14(:
-إن توفير املواد املحسوسة في غرفة الصف يعد أمرا أساسيا في تنظيم تعلم األطفال ُ
ملاله
من قيمة في تنمية خصائص املالحظة واالكتشاف لدى املتعلمين لينعكس كل هذا
باإليجاب على القدرة في التفكير.
-ضرورة بناء مواقف تربوية تتسم بالتحدي املعقول لقدرات املتعلمين املعرفية بحيث ال
تصل إلى حد التعجيز.
295
ص ص308 - 290 : أثر نظرييت التعلم السلوكية والبنائية يف املقاربة باألهداف واملقاربة بالكفاءات
-يجب أال يتم إقحام املتعلمين في وضعيات تعليمية تتطلب عمليات عقلية ال تتالءم
ونموهم املعرفي ،كما يجب إتاحة الفرصة لهم ملمارسة أنشطة تتكيف فعال مع طبيعة
هذا النمو.
-ضرورة االستفادة من أخطاء التالميذ في بناء مواقف تعليمية تتدرج بهم لتجاوز الضعف
في أدائهم.
-إتاحة فرص للتفاعل بين املتعلم وبيئته الطبيعية واالجتماعية لتيسير التكيف ،ومن ثم
التطور املعرفي.
مما سبق يبدو أن النظرية البنائية حاولت أن تجمع بين االبستومولوجيا
والسيكولوجية؛ فلمحاولتها التساؤل عن كيفية تكون املعرفة واألدوات املستعملة في بنائها
اعتـ ـ ـ ـبرت ابستيمولوجي ـ ـ ـ ـا ،وفي جعلها التفكير وسيل ـ ـ ـة أساسيـ ـ ـة لتحقي ـ ـ ـق التكي ـ ـ ـف مع البيئة
اعتبرت سيكولوجيا .ومن هنا يتضح اختالف النظريتين البنائية والسلوكية في األصول املعرفية
التي أدت إلى والدة كل منهما؛ فالسلوكية وليدة الفكر التجريبي ،في حين أن البنائية وليدة
الفلسفة البراغماتية؛ واالختالف في األصول املعرفية يؤدي إلى اختالف في التصورات
واإلجراءات.
296
حممد راهـــم /األميـــن مــالوي
على تقسيم وقت املتعلم إلى كتل متتالية صغيرة الحجم من أجل تحقيق كل هدف علمي على
حدة»(.)15
ب /املقاربة باألهداف ومراحل اإلعداد الرتبوي:
تقول الباحثة جدي مليكة« :وجدت املنظومة التربوية -في أغلب دول العالم -نفسها
أمام رهان يفرض عليها تبني اصالحات على املستوى املناهج الدراسية وتتمحور هذه
االصطالح ـ ـ ـات حـ ـ ـول التخ ـ ـلي عـ ـن بيداغوج ـ ـية التدري ـ ـس باملضامـ ـ ـين ،وتبـ ـ ـني مدخ ـ ـل التدريس
باألهداف وذلك استجابة للثورة التي أفرزتها النظرية السلوكية في ميدان التطبيقات
التربوية»(.)16
ومن املعلوم أن البيداغوجيات التعليمية تستمد آلياتها اإلجرائية وذخيرتها
االصطالحية من خلفية فلسفية ،وفي هذا السياق يعمل واضعو املناهج والبرامج على تسطير
محـ ـ ـاور مربوطة باألسس النفسية والفلسفية واالجتماعية للمجتمع الذي ينتمون إليه ،وت ـ ـأتي
بعد ذلك مرحلة وضع األهداف املؤطرة ملختلف املراحل والعمليات الخاصة باكتس ـ ـاب املعارف
مراعين في ذلك بنية كل متعلم من جهة واملميزات الفردية للمتعلمين من جهة أخرى.
ج /الشروط الواجب توفرها يف صياغة األهداف التعليمية:
إن األهداف التعليمية مهما تعددت مجاالتها فهي تعد قاعدة تعتمد عليها املمارسات
التربوية في تحقيق أنماط معينة من السلوكات؛ وحتى يتوافق الهدف التعليمي مع أشكال
السلوك املرغوبة البد أن يصاغ وفق الشروط اآلتية:
املحددة للهدف مقرونة بتحول يمكن مالحظته وقياسه»(،)17 -على رأسها «أن تكون العبارة ِ
وفي هذا تجاوز للتكهنات والتخمينات التي قد تؤثر على مسار الفعل التعلمي ،فال يمكن
على سبيل املثال أن يصاغ الهدف السلوكي بعبارة " :أن يفكر ألن التفكير فعل غير قابل
للقياس واملالحظة فنقول بدال من ذلك أن يعرف".
-أن يكون الهدف واضحا تماما للمعلم واملتعلم.
-أن يكون الهدف محددا بمعنى أال يتداخل مع هدف آخر.
-أن يكون الهدف مناسبا ملستوى التالميذ.
« -أن يتضمن الهدف في عبارته تحديد نواتج التعلم ال تحديد املعارف واملضامين»(.)18
297
ص ص308 - 290 : أثر نظرييت التعلم السلوكية والبنائية يف املقاربة باألهداف واملقاربة بالكفاءات
فالعبارة التالية" :أن يعرف الطالب املستقيم بأنه مجموعة من النقاط الالمنتهية" هي
عبارة خاطئة؛ ألنها وصفت املعلومة واملعلومة ال ينبغي ذكرها أثناء الصياغة .بل ينبغي في
صياغة الهدف السلوكي تحديد نواتج التعلم ،فنقول أن يعرف الطالب املستقيم.
تعد معرفة شروط صياغة األهداف السلوكية من األمور املهمة التي ينبغي على كل
معلم معرفتها ،ألنها سنده الرئيس ي في اختيار أساليب التدريس املناسبة وانتقاء الوسائل
التعلمية املالئمة لتجسيد أهداف كل درس يقوم بتعليمه ،كما أن معرفة هاته الشروط
يساعد في تقييم مدى تحقق األهداف التعليمية املسطرة؛ وذلك من خالل مراعاة مدى التالؤم
بين نتائجها وبين شروط الصياغة التي تطرقنا إليها سابقا.
والبد من اإلقرار ختاما أن الصياغة الصحيحة لألهداف التعليمية إنما هو عمل
يحتاج جهدا ذهنيا وبدنيا كبيرا من قبل األخصائيين في مجال الديداكتيك ،وذلك بسبب
الطبيعة املتغييرة لألهداف التعليمية في ظل الفروق الفردية التي تشهدها غرف الصف والتي
تطلب في أحيان كثيرة صياغة أهداف تعليمية حسب االحتياجات الفردية لكل متعلم.
د /اجيابيات وسلبيات املقاربة باألهداف:
إن أي مقاربة تبرز للوجود إنما تبرز بداية من خالل تعريفها ،وكل تعريف يمثل على حد
رأي املناطقة حدا جامعا مانعا ،وبعد التعريف يبرز الجهاز املفاهيمي الذي يمثل مجموعة
املصطلحات ومدلوالتها وهذان العامالن ال يتوجه لهما النقد عادة ألنهما مجرد إطار نظري،
إنما يتوجه النقد للمقاربة في جوانبها اإلجرائية أي فاعليتها على مستوى التطبيق واملمارسة،
وبما أن أي نقد يستحسن أن يبدأ بإيراد االيجابيات فسنتناول اإليجابيات التي حظيت بها هاته
املقاربة على حد رأي التربويين ،ويمكن حصرها في املعطيات اآلتية:
« -اعتبار املتعلم للمرة األولى محورا للعملية التعلمية التعليمية»(.)19
« -االنتقال من املنهجية املبنية على املحتوى "ماذا نعلم" إلى منهجية "ماذا نعلم وكيف نعلم
حيث تم اعتبار طرائق التعليم جزءا من املنهاج"»(.)20
« -االنتقال من تقويم يستهدف التذكر والحفظ إلى تقويم يستهدف املجاالت املعرفية و
املهارية والسلوكية»(.)21
لم تكن املقاربة باألهداف بمنأى عن عمليات املراجعة والتشخيص ،فتمحيصها من
قبل التربويين كشف عن جملة من املآخذ عليها ،يمكن إجمالها في الجوانب اآلتية:
298
حممد راهـــم /األميـــن مــالوي
▪ تقسيم ذات املتعلم (حسب الصنافات) الى مستويات مستقلة وهي املستوى املعريفي و
الوجداني و الحس ي لحركي في حين انا ذات التعلم وحدة نفسية و عضوية مترابطة و
متكاملة(.)22
▪ هندسة املدرس لألهداف التعليمية بالعمل على تخطيطها في شكل سلوكات مجزأة
وقابلة للمالحظة والقياس بعيدا عن اهتمامات املتعلم ،إضافة إلى كون نموذج التدريس
باألهداف يميز بين التعليم والتعلم حسب املجاالت املعرفية أو الحس حركية أو
الوجدانية مع االهتمام فقط باملجال املعرفي.
▪ حصول التعلم (حسب هذا املدخل) يكون عن طريق اإلثارة والتقليد وطرح نفس
النموذج "النسج على غرار" ،ويتمحور حول تطور السلوك الظاهر.
▪ عدم قدرة املتعلم على توظيف القدرة املكتسبة بشكل منفصل وفق نظرية شمولية
ومنسجمة في سياق وضعيات تواصلية ومركبة.
▪ االهتمام بقياس حصول التعلم بناء على معايير ومؤشرات تم تخطيطها مسبقا واالعتماد
على تمارين ال تحتاج غالبا إال لقدرات بسيطة ومجزئة دون االهتمام بتحقيق النمو
الكامل لشخصية املتعلم "العقلية والوجدانية والحس حركية".
▪ اختيار العدة البيداغوجية طرائق "تقنيات ،أدوات" وفق ما يراه املدرس مناسبا لتحقيق
األهداف املسطرة دون التفكير في عدة بيدغوجيات مفتوحة ومنسجمة تتيح للمتعلم
تنمية شخصيته بكل مكوناتها.
▪ بناء إجراءات قبلية توقعية لدعم نتائج التقويم وفق مبدأ التعزيز السلوكي « ترسيخ
التعلم ،تصحيحه بكل ،الطرق تعديله ،إكمال النقص الذي يعتريه»(.)23
تعد املقاربة باألهداف منهجا تربويا قائما على العلم والعقالنية والتخطيط والقياس
وهذا ما تم التحقق منه أثناء دراسة األهداف التعليمية ومجاالتها وشروط صياغتها.
ومهما تعددت عيوب ومثالب هذه املقاربة إال أنه البد من اإلقرار بأنها كانت بديال
للمقاربة باملضامين التي كانت تعد فيها الدروس في غياب أهداف مسطرة ،وكان التدريس فيها
قائما فقط على اإللقاء مما يؤدي إلى صعوبات جمة في التقويم واملعالجة ،وقد تم تجاوزها إلى
حد كبير في ظل املقاربة باألهداف التي سعت إلى تنظيم العملية الديداكتيكية وعقلنتها
وعلمنتها تخطيطا وتنفيذا وتقويما ،كما كانت هاته املقاربة أثناء مراحل العمل بها محكا
299
ص ص308 - 290 : أثر نظرييت التعلم السلوكية والبنائية يف املقاربة باألهداف واملقاربة بالكفاءات
موضوعيا أفحص مواطن جودة املنظومة التربوية على مستوى املردودية واإلنتاج ،فضال عن
أنها أداة ناجعة لتبيان نقاط إخفاقها.
/2املقاربــة بالكفـــاءات:
إن التفحص الدقيق في تاريخ النظريات يثبت أن النقائص املوجود في كل نظرية أدت
إلى نشوء أخرى ،وهذا الطرح ينطبق تماما على املقاربة باألهداف ،حيث استقرأ التربويون
هفواتها وتجاوزوها إلى املقاربة بالكفاءات ،متأثرين بالفلسفة البنائية كنظرية حديثة ،ومن هنا
مدخل األهداف الذي كان سائدا من قبل ،ويعتبر هذا التوجه ِ أصبح مدخل الكفاءات بديل
اختيارا بيداغوجيا يرمي إلى االرتقاء باملتعلم إلى أسمى درجات التربية والتعليم؛ إذ أن املقاربة
بالكفاءات تستند إلى برنامج متكامل من املعارف واملهارات والسلوكات املنظمة ،التي تتيح
للمتعلم في سياق وضعية مشكلة القيام باإلنجازات واألداءات التي تتطلبها تلك الوضعيات.
أ /مفهوم املقاربة بالكفاءات:
سنتناول معنى املقاربة بالكفاءات من جانبها اللغوي املعجمي معزوال عن سياق
استعماله ،وذلك بتفكيك املصطلح إلى حدين وتناول كل منهما على حدة.
ُ
-معنى الكفاءة :ورد في أدبيات اللغة العربية الكفء :الش ئ النظير ،ومنها الكفؤ والكفؤ،
ُ
واملصدر كفاءة ،ويقال الرجل الكفؤ املماثل وال كفاءة له ال نظير له ،ومنه الكفاءة هي
املماثلة في القوة والشرف أي ومنه الكفاية أي املنافسة»( ،)24قال تعالى « ولم يكن له كفؤا
أحد»(.)25
«قرب وقارب واقترب منه :بمعنى وصل إلى مستوى معين -أما معنى املقاربة فهو من ُ
ومحدد ،واملقاربة هي كل ما يقارب بين فكرتين أو قطبين»( .)26من خالل تناول هذين
الحدين ،يمكن القول إجماال أن املقاربة بالكفاءات في مدلولها اللغوي تعني القدرة على
إنجاز مهمة معينة.
-املقاربة بالكفاءات في اصطالح التربويين :سنتناول اآلن معنى املقاربة بالكفاءات حسب
ما يراه التربويون ،وينبغي التأكيد أوال على أن تناول مفهوم ما في معناه اللغوي ثم السير
به في داللته االصطالحية هو رصد النتقاله من املعنى اللغوي الشائع إلى املعنى
االصطالحي املتخصص .فـ«املقاربة بالكفاءات حسب ( )Louis Dinoهي مجموعه
التصرفات االجتماعية والوجدانية والنفسية ،ومن املهارات النفس والحس حركية؛
والتي تسمح بممارسة الئقة لدور ما ،أو وظيفة ما ،أو نشاط ما .وحسب ()Piro Jili
300
حممد راهـــم /األميـــن مــالوي
فهي حسن التصرف والتكيف في وضعيات إشكالية ،أو هي إيجادة الفعل التعليمي بكل
تفاصيله»( .)27وأنواعه وهذا ما يستدعي مجموعة من املعارف واملهارات املدمجة في
وضعيات متجانسة تكون قابلة للمالحظة والقياس حسب مؤشرات محددة ،يعرفها
الدريج بأنها« :نظام من املعارف املفاهيمية الذهنية املهارية العملية التي تنتظم في
ّ
تمكن في إطار فئة من الوضعيات من التعرف على املهام اإلشكالية خطاطات إجرائية ِ
وحلها بنشاط وفاعلية»(.)28
من خالل ما سقناه من تعاريف متنوعة للمقاربة بالكفاءات نستنتج أن املتعلمين
داخل هذه املقاربة يوضعون في وضعيات مشكلة مأخوذة من الواقع االجتماعي؛ وتجزأ
الوضعيات املشكل إلى مهام منفصلة قابلة للمالحظة والقياس ،ثم يطلب من املتعلمين حشد
مواردهم ،وتوظيف مداركهم لحل هذه الوضعية.
ب /البيداغوجيات الوظيفية املؤطرة للتدريس وفق املقاربة بالكفاءات:
إذا سلمنا أن املقاربة بالكفاءات تبني تصوراتها للعملية التعليمية انطالقا من التمركز
حول املتعلم ملا له من قدرات وتوجهات ورغبات .فإن تأطيرها يتم وفق العمل بمجموعه من
البيداغوجيات التي تضمن للمتعلم استقالله ،وتجعله فاعال أساسيا في بناء تعلماته ،كما
توفر فضاء للتعلم الذاتي ُيمكن املتعلم من توظيف جيد إلمكاناته وقدراته ،وتحفزه على
التفاعل مع محيطه تفاعال ايجابيا ،وهي في اآلن ذاته تراعي الفروق الفردية للمتعلمين؛ على
اعتبار أنهم مختلفون في القدرات واالهتمامات وامليول واإليقاع.
تختلف مراجع البحث التربوي من حيث طريقة تناولها لهذه البيداغوجيات الوظيفية.
واخترنا أن نبدأ بيداغوجيا التعاقد؛ ألن أي وضعية يتم إقحام املتعلم في صلبها ال بد أن تقوم
على اتفاق ينظم دور املعلم واملتعلم في العملية التعليمة.
▪ العقد في املجال التربوي:
يتمثل العقد في مختلف االتفاقيات التي تربط األطراف الفاعلة في العملية التعليمية
بشكل صريح أو ضمني من أجل تدبير جيد لهذه العملية ،ومن هنا تعرف بيداغوجيا التعاقد
على أنها :التزام يقبله كل من املتعلم واملعلم ،يؤدي إلى تطوير مستوى التفاعل بينهما بغرض
تحقيق جودة التعلمات ،كما يمكن اعتبار بيداغوجيا التعاقد :تقنية بيداغوجية حديثة تنظم
وضعيات التعلم انطالقا من تعاقد متفاوض بشأنه بين املدرس واملتعلم؛ لتحقيق أهداف
معرفية أو منهجية أو سلوكية في وقت محدد»(.)29
301
ص ص308 - 290 : أثر نظرييت التعلم السلوكية والبنائية يف املقاربة باألهداف واملقاربة بالكفاءات
مما سبق ذكره من تعريفات نستنتج أن بيداغوجيا التعاقد هي إجراء تربوي يستهدف
التخطيط املسبق للتعلمات ،وذلك بتنظيم التفاعالت بين املعلم باعتباره منشطا تربويا
للحصة ،وبين املتعلم باعتباره شريكا فيها.كما ينبغي التأكيد في السياق نفسه أنه ال يمكن
تحقيق الكفاءات املستهدفة ما لم تتخذ العالقة بين أطراف العقد الديداكتيكية طابعا قانونيا
قوامه التعاقد الذي يضبط مسار العملية التعليمية ،ويحدد أدوار الفاعلين التربويين.
▪ مبادئ بيداغوجيا التعاقد:
تقوم بيداغوجيا التعاقد على جملة من املبادئ وتتجلى فيما يلي)30(:
-العقد التزام متبادل يتطلب توافقا جماعيا بين كل الشركاء التربويين .مدرسين ،متعلمين،
أولياء تالميذ .فهو يندرج ضمن مقاربة سوسيو بنائية.
-بيداغوجيا التعاقد بيداغوجيا تشاركية .يعد املتعلم ضمنها طرفا أساسيا سواء في مرحلة
إعداد العقد ،أو تنفيذه .فقبول املتعلم كطرف ايجابي في العقد يشكل أحد املبادئ
األساسية لهذه البيداغوجيا.
-التعاقد البيداغوجي ليس هدفا في حد ذاته .بل وسيلة لتحقيق أهداف تعلمية ،وتأمين
النجاح لجميع املتعلمين من خالل معالجة الصعوبات الناتجة عن عدم التحكم في
تعليمات معينة.
-يشكل التقويم التكويني أحد العناصر الضرورية لتنفيذ التعاقد البيداغوجي .فهو فرصة
للتأكد من مدى تحقق األهداف املشتركة املسطرة في العقد خاصة تلك املتعلقة بتطوير
التعليمات.
تعبر عن مدى أهمية بيداغوجيا التعاقد ،وهي من هذا املنطلق تقنية إن هذه املبادئ ّ
تربوي ـ ـة تساه ـ ـم بق ـ ـ ـدر كبير في بنـ ـاء تفاعالت صفيه ناجحة ،خاصة إذا كانت املهام التي يكلف
املتعلم بتنفيذها يلتزم بها بناء على قبوله لها بعد مراحل من التفاوض ،وليس بعد ضغط
وإكراه .ويمكن ضمن هذه البيداغوجيا االحتكام ملا تفرزه نتائج التقويم التربوي التكويني .وبناء
على هذه النتائج يتخذ القرار إما بالعمل وفق مسار التعاقد ذاته ،أو يتم تغيير املهام واألدوار.
ج /البيداغوجيا الفارقية:
تعد البيداغوجيا الفارقية من أهم اآلليات العملية واإلجرائية للحد من ظاهرة الفشل
الدراس ي التي ينتج عنها ما يسمى بالتسرب الدراس ي ،أو الهدر املدرس ي ،أو االنقطاع عن
املؤسسات التربوية بصفة نهائية .لينجم عن ذلك كثير من املشاكل السياسية واالجتماعية
302
حممد راهـــم /األميـــن مــالوي
واالقتصادية داخل املجتمع .ونحن في هذا البحث نرى أن التفصيل في الحديث عن
البيداغوجية الفارقية يتم مباشره بعد بيداغوجيا التعاقد؛ وذلك ألن تنظيم أي وضعيات
تعليمية متفاوض بشأنها ومتفق فيها بين املعلم واملتعلم -كفاعلين تربويين -ينبغي أن يتم على
أساس مراعاة الفوارق الفردية بينهما .وهذا الجانب هو محور التقاء بين البيداغوجيتين:
باألهداف وبالكفاءات ،بل وأساس يحدد طبيعة العمل في جميع البيداغوجيات الوظيفية
الالحقة.
▪ مفهوم بيداغوجيا الفارقية:
يعرف ( )Lous Logrndالبيداغوجيا الفارقية على أنها« :تمش ي تربوي يستعمل
مجموعة من الوسائل التعليمية التعلمية قصد تمكين األطفال -املختلفين في العمر والقدرات
والسلوكات املنتمين الى فصل واحد -من الوصول بطرائق مختلفة إلى األهداف نفسها»(،)31
وتعرف أيضا بأنها« :وضع الطرائق واألساليب املالئمة للتفريق بين األفراد ،والكفيلة بتمكين كل
فرد من تملك الكفايات املشتركة املستهدفة من قبل املنهاج فهي سعي متواصل لتكييف
أساليب التداخل البيداغوجي تبعا للحاجيات الحقيقية لألفراد املتعلمين هذا هو السبيل
الوحيد الكفيل بمنح كل فرد حظوظ التطور واالرتقاء املعرفي»( .)32ومن جهة أخرى تعرف أنها:
«إجراءات وعمليات تهدف إلى جعل التلميذ متكيفا مع الفوارق الفردية بين املتعلمين قصد
جعلهم يتحكمون في األهداف املتوخاة»(.)33
بناء على التعريفات التي تم بسطها فإن البيداغوجيا الفارقية هي تلك البيداغوجيا
ُ
التعددية التي تقر بوجود مجموعة من الفوارق الفردية بين املتعلمين داخل القسم .وفي هذا
اإلطار تسطر هذه البيداغوجيا أهدافا وكفايات تتالءم مع التمثالت الذهنية املتباينة
للمتعلمين حول املعارف املكتسبة من قبلهم .وال يتم هذا التالؤم إال باتباع طرائق بيداغوجية
مناسبة ،وتوفير وسائل ديداكتيكية من شأنها تجاوز تلك الفوارق املعرفية واملهارية ،وتوظيف
أساليب التقويم والدعم واملعالجة املناسبة للحد من ظاهرة الفروق الفردية التي ينتج عنها
الفشل الدراس ي ومن ثمة التسرب املدرس ي.
▪ مبادئ البيداغوجيا الفارقية:
تبنى البيداغوجيا الفارقية على مجموعة من املبادئ واملرتكزات النظرية والتطبيقية
التي يمكن حصرها في ما يلي)34(:
303
ص ص308 - 290 : أثر نظرييت التعلم السلوكية والبنائية يف املقاربة باألهداف واملقاربة بالكفاءات
مبدأ االختالف :مما سبق ذكره أن هناك فوارق فردية على املستوى الذكاء املعرفي -
والذهني والحالة النفسية .هاته الفوارق توجب على املدرس «تجاوز املشاكل الناجمة عن
تدبير املقطع الدراس ي تخطيطا وانجازا وتقويما من خالل تسطير طرائق تدريس تبلغ
باملتعلمين األهداف املنشودة.
مبدأ دمقرطة التعليم :إن هذا العمل وفقا هذا املبدأ يضمن التساوي في فرص -
التحصيل العلمي .وبالتالي فإن تجاوز هذا الفرق بين املتعلمين يعطي مجتمعا ال طبقية
فيه ،حيث يحصل فيه متعلموه على حظوظ متكافئة في التباري على املناصب
واالمتيازات.
مبدأ النجاح :تهدف البيداغوجية الفارقية إلى تحقيق النجاح؛ وذلك بتنويع البرامج، -
واملناهج ،واملقررات ،واملحتويات ،واألهداف ،والكفايات ،وتنويع الطرائق ،والوسائل
الديداكتيكية ،وتنويع مختلف آليات التقويم ،والدعم ،واملعالجة ،والتصحيح ،من أجل
بناء متعلم كفؤ قادر على مواجهة الوضعيات املعنية الصعبة داخل املجتمع؛ بمعنى أن
البيداغوجية الفارقية طريقة إجرائية ناجعة لتحقيق النجاح التربوي و االجتماعي مع
الحد من الفشل والهدر الدراسيين»(.)35
مبدأ الذكاءات املتعددة :ينطلق هذا املبدأ من نظرية تقر بوجود ذكاءات متعددة -
ومتنوعة ومستقلة لدى املتعلم؛ يمكن صقلها وشحذوها بالتشجيع ،والتحفيز،
والتعليم ،والتدريب ،وتنمية املواهب ،والعبقريات ،واملبادرات .هذا املبدأ يؤمن بعبقرية
املتعلم وقدرته على العطاء ،واإلنتاج ،واالبتكار ،واإلبداع ،وحل املشكالت الصعبة
ومواجهة الوضعيات املعقدة.
مبدأ التعلم الذاتي :تعمل البيداغوجية الفارقية على تعويد املتعلم على التعلم الذاتي، -
ُ
وتمثل العمل الشخص ي ،والتسلح بمختلف القدرات الكفائية الضرورية ملواجهة
وضعيات الصعبة واملعقدة؛ وذلك باملشاركة الجدية في األنشطة ،وكذلك االعتماد على
النفس في املراجعة واالستذكار واالستكشاف.
مبدأ التنشيط :للتنشيط أهمية كبرى في مجال التربية والتعليم لكونه يرفع من املردودية -
الثقافية والتحصيلية لدى املتمدرس ،ويحد من عدوانيته،كما يقلل من هيمنة
بيداغوجيا اإللقاء والتلقين ويعمل على خلق روح اإلبداع وامليل نحو املشاركة الجماعية
واالشتغال في فريق تربوي.
304
حممد راهـــم /األميـــن مــالوي
-مبدأ اإلنتاجية :تهدف البيداغوجية الفارقية إلى تحقيق اإلنتاجية واإلبداعية واالبتكار
وتنمية القدرات والكفايات األساسية وتطوير الذكاءات املتعددة لدى املتعلم وصقلها
نظريا وتطبيقيا ووظيفيا؛ وهذا كله من أجل خلق مدرسة منتجة ومبدعة وفعالة تساهم
في بناء قدرات الوطن لكي يكون قادرا على التنافس والتقدم والنمو.
النتائج والتوصيات:
إن كل ما تم عرضه حول نظريتي التعلم السلوكية والبنائية يقودنا للقول بأن نظريات
التعلم تخصص بيني .فهو ميدان يلتقي فبه علم النفس (من خالل التركيز على التعلم باعتباره
نشاطا سيكولوجيا يمثل فيه جانب الوعي قدرا كبيرا في إحداث التغيير على السلوك) جنبا إلى
جنب مع علم الديداكتيك باعتباره قائما على مقاربات بيداغوجية تأسست في جوهرها على
نظريات التعلم .كما يمكننا القول بوجود عالقة قوامها التالزم بين النظريتين:السلوكية
والبنائية ،واملقاربة باألهداف ،وبيداغوجيا الكفاءات؛ فحينما كان التعلم عند السلوكيين
قائما على مثير يؤدي إلى حدوث استجابة تتحول بفعل عاملي الزمن والتكرار إلى عادة ،كان
التدريس في ظل بيداغوجيا األهداف قائما على التلقين والحفظ واالستظهار والتكرار ،وحينما
كرست النظرية البنائية اهتمامها باملتعلم من حيث جعله ينطلق من ذاته لبناء املعنى الخاص
به ،أصبح التدريس في ظل بيداغوجيا الكفايات يضع اعتبار للمتعلم واختياراته وميوالته،
ويجعله يوظف تعلماته في سياق وضعيات مشكل تتطلب منه بناء ذهنيا من خالل إدماج ما
تلقاه من تعلمات.
وإذا كان املسعى من كل هذا الطرح هو تطوير األداء على مستوى املمارسة الصفية
فقد بات لزاما على هيئات التفتيش ضمن قطاع التربية والتعليم إخضاع املدرسين لدورات
تكوينية تمس نظريتي التعلم هاتين؛ من حيث كيفية االعتماد عليهما في تصميم خطاطات
التدريس ،وتنفيذ انشطة املحتوى ،وبناء شبكات للمعالجة والتقويم.
ومما ينبغي التأكيد عليه من توصيات :ضرورة أن يخصص لنظريات التعلم وتطبيقاتها
التربوية شق من األسئلة التي تطرح على املتبارين ضمن مسابقات توظيف األساتذة؛ وذلك
بغية جعلهم يدركون أن العملية التعلمية ميدان معرفي وممنهج ،بدءا من وضعية االنطالق
التي يوضع فيها املتعلم ضمن املوضوع التعلمي ،وانتهاء بالوضعية التقويمية ،التي يتم فيها
تقويم املتعلم والحكم عليه وتشخيص تعثراته ومعالجتها.
305
ص ص308 - 290 : أثر نظرييت التعلم السلوكية والبنائية يف املقاربة باألهداف واملقاربة بالكفاءات
وإذا كنا قد أكدنا أن املمارسة الصفية تمثل التطبيق التربوي لنظريات التعلم فإن
النظريتين« :السلوكية و البنائية» ال تتسمان بالجمود والنمطية ،بل هما نظريتان مرنتان
تتيحان للمدرس اختيار االستراتيجية التدريسية التي يشاء؛ وذلك حسب ما يتطلبه املوقف
التعليمي؛ فإذا كان املوقف يستدعي التذكر فسيتم االستناد الى التطبيقات التربوية لنظرية
السلوكية ،أما اذ كان هذا املوقف يستدعي مستويات معرفية أخرى كالتحليل والتطبيق
والتركيب فال مناص من االستناد الى التطبيقات التربوية لنظرية البنائية.
وختاما ينبغي التأكيد على قضية مهمة مفادها أنه مهما بلغ إملام املدرس بهاتين
النظريتين ،و مهما بلغ حرصه على تجسيدهما في املمارسة الصفية فان النتائج تظل نسبية؛
وذلك لعدة اعتبارات ،منها الفروق الفردية بين املتعلمين مما يستدعي تنويعا في استراتيجيات
التدريس والتقويم ،فضال عن املدة الزمنية القصيرة؛ مما يعيق التنفيذ الكلي ألنشطة
املحتوى ،إضافة الى غياب الوسائل التعليمة (السيما التكنولوجيا منها) مما يعيق إنجاز بعض
املشاريع وبلوغ بعض األهداف التعلمية املسطرة.
306
حممد راهـــم /األميـــن مــالوي
غراريا حرقاص وسيلة ،تقييم مدى تحقيق املقاربة بالكفاءات ألهداف املناهج الجديدة في إطار -
اإلصالحات التربوية حسب معلمي ومفتش ي املرحلة االبتدائية ،دراسة ميدانية باملقاطعة التربوية لوالية
قاملة ،رسالة دكتوراه علوم في علم النفس التربوي ،قسم علم النفس وعلوم التربية ،جامعة منتوري
قسنطينة.2010/2009 ،
القاموس التعليمي الفرنس ي ،نقال عن :األستاذة جدي مليكة ،املنظومة التربوية في الجزائر من املقاربة -
باألهداف إلى الكفاءات الشاملة ،مجلة أفاق للعلوم ،جامعة الجلفة ،عدد.7
القرآن الكريم. -
كمال عبد الحميد زيتون ،التدريس نماذج ومهارات ،عالم الكتاب ،القاهرة ،ط.2005 ،2 -
محمد الدريج ،الكفاية في التعليم ،سلسلة املعرفة للجميع ،املغرب.2000 ، -
املنجد في اللغة واآلدب والعلوم ،ط ،18بيروت ،لبنان ،مادة كفأ. -
املواقع اإللكرتونية:
- https://youtu.be/2g3bnc9dpu
- https://www.youtube.com/watch?v=2UjcgsAzpBg
- https://www.youtube.com/watch?v=FrdyBRnRS28
- https://www.alukah.net/social/ /60474/0
التهميش واالقتباس:
( )1عبد الرحمن تومي ،الجامع في ديداكتيك اللغة العربية ،مطبعة األمنية ،الرباط ،2018 ،ص.42
( )2حميد حقي ،النظرية السلوكية ،سلسلة علوم التربية ،املحاضرة رقم ،15على الرابط:
،https://youtu.be/2g3bnc9dpuتاريخ اإلطالع.2019/09/12 :
( )3حميد حقي ،نظريات التعلم ،النظرية السلوكية ،محاضرة رقم ،12على الرابط:
،https://www.youtube.com/watch?v=2UjcgsAzpBgتاريخ االطالع.2019/09/12 :
( )4عبد الرحمن تومي ،املرجع السابق ،ص.45
( )5املرجع نفسه ،ص.45
( )6نفسه ،ص.45
( )7نفسه ،ص.45
( )8شهاب ماني عبد الصبور ،املدخل املنظومي لبعض مناهج التدريس القائم على الفكر البنائي ،املؤتمر العربي الرابع:
املدخل التدريس ي املنظومي في التدريس والتعليم ،مركز تطوير تدريس العلوم ،جامعة عين شمس ،ص.96
( )9زيد سليمان العدوان وأحمد عيس ى داود ،النظرية البنائية االجتماعية وتطبيقاتها في التدريس ،املرجع السابق،
ص.19
( )10إيمان عباس الخفاف ،نظريات التعليم والتعلم ،دار املناهج ،األردن ،2014 ،ص.66
307
ص ص308 - 290 : أثر نظرييت التعلم السلوكية والبنائية يف املقاربة باألهداف واملقاربة بالكفاءات
( )11آمال جمعة عبد الفتاح محمد ،استراتيجيات التدريس والتعلم ،نماذج وتطبيقات ،دار الكتاب الجامعي ،القاهرة،
ط ،2010 ،1ص. 158
( )12جابر عبد الحميد جابر ،سيكولوجيا التعلم ،دار الكتاب الحديث ،الكويت ،1989 ،ص.89
( )13املرجع نفسه ،ص.89
( )14حسن أبو رياش وزهرية عبد الحق ،علم النفس التربوي ،دار املسير للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن ،ط،2017 ،1
ص.135
( )15القاموس التعليمي الفرنس ي ،نقال عن :األستاذة جدي مليكة ،املنظومة التربوية في الجزائر من املقاربة باألهداف إلى
الكفاءات الشاملة ،مجلة أفاق للعلوم ،جامعة الجلفة ،عدد ،7ص .12
( )16املرجع نفسه ،ص.09
( )17عبد الكافي عرابي النجار ،شروط صياغة األهداف السلوكية بأسلوب مبسط ،محاضرة على الرابط:
،https://www.youtube.com/watch?v=FrdyBRnRS28تاريخ اإلطالع.2018/02/23 :
( )18املصدر نفسه.
( )19عبد الرحمن تومي ،املرجع السابق ،ص.42
( )20املرجع نفسه ،ص.82
( )21نفسه ،ص. 82
( )22جميل حمداوي ،مقاالت متعلقة ببداغوجيا األهداف ،منشورة بتاريخ 24/0/2013
/60474/0https://www.alukah.net/social/تاريخ االطالع .2021/05/01
( )23عبد الرحمن تومي ،املرجع السابق ،ص.83
( )24املنجد في اللغة واآلدب والعلوم ،ط ،18بيروت ،لبنان ،مادة كفأ.
( )25سورة اإلخالص ،اآلية .04
( )26غراريا حرقاص وسيلة ،تقييم مدى تحقيق املقاربة بالكفاءات ألهداف املناهج الجديدة في إطار اإلصالحات التربوية
حسب معلمي ومفتش ي املرحلة االبتدائية ،دراسة ميدانية باملقاطعة التربوية لوالية قاملة ،رسالة دكتوراه علوم في علم
النفس التربوي ،قسم علم النفس وعلوم التربية ،جامعة منتوري قسنطينة ،2010/2009 ،ص.21
( )27كمال عبد الحميد زيتون ،التدريس نماذج ومهارات ،عالم الكتاب ،القاهرة ،ط ،2005 ،2ص.50
( )28محمد الدريج ،الكفاية في التعليم ،سلسلة املعرفة للجميع ،املغرب ،2000 ،ص.57
( )29عبد الرحمن التومي ،املرجع السابق ،ص.55
( )30املرجع نفسه ،ص.ص.56 -55
( )31أحمد اوزي ،املعجم املوسوعي لعلوم التربية ،مطبعة النجاح الجديد ،الدار البيضاء ،املغرب ،ط،2010 ،1
ص.ص.55-54
( )32جميل الحمداوي ،البيداغوجيا الفارقية ،دار الريف للطبع والنشر اإللكتروني ،املغرب ،ط ،2020 ،1ص .08
( )33عبد الكريم غريب ،املنهل التربوي ،ج ،2منشورات عالم التربية ،دار النجاح الجديد ،الدار البيضاء املغرب ،ط،1
،2006ص .72
( )34ينظر :جميل الحمداوي ،املرجع السابق ،ص.ص.15 -12
( )35املرجع نفسه ،ص.ص.15-12
308