أثر نظريتي التعلم السلوكية والبنائية في المقاربة بالأهداف والمقاربة بالكفاءات

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 19

‫جملة العلوم االجتماعية واإلنسانية‬

‫‪Available online at https://www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/65‬‬


‫اجمللـد‪ / 14 :‬العدد‪ / 02 :‬ديسمرب ‪2021‬‬ ‫ر ت م د‪1112-685x :‬‬
‫ص ص‪308 - 290 :‬‬ ‫ر ت م د إ‪2588-2236 :‬‬

‫أثر نظرييت التعلم السلوكية والبنائية يف املقاربة باألهداف‬


‫واملقاربة بالكفاءات‬
‫‪The effect of the behavioral and constructivist learning‬‬
‫‪theories on the approach to goals and the approach to‬‬
‫‪competencies.‬‬
‫األمــني مــالوي‬ ‫*‬
‫حممـــد راهــم‬
‫مخبر اللسانيات واللغة العربية‬ ‫مخبر اللسانيات واللغة العربية‬
‫جامعة محمد خيضر‬ ‫جامعة محمد خيضر‬
‫بسكرة‪ ،‬الجزائر‬ ‫بسك ــرة ‪ /‬الجزائـ ـ ـ ــر‬
‫‪Elamine.malaoui@univ-biskra.dz‬‬ ‫‪Mohammed.rahem@univ-biskra.dz‬‬

‫تاريخ النشر‪2021/12/31 :‬‬ ‫تاريخ القبول‪2021/11/28 :‬‬ ‫تاريخ االرسال‪2021/05/10 :‬‬

‫امللخص‪:‬‬
‫يهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على نظريتي التعلم البنائية والسلوكية على أنهما األساس الذي‬
‫انطلق منه علم النفس التربوي لدراسة التعلم‪ ،‬كما ركز هذا البحث على التطبيقات التربوية لهذين‬
‫النظريتين‪ ،‬من خالل الكشف على عن مضمون املقاربة باألهداف باعتبارها تطبيقا ملبادئ النظرية السلوكية‬
‫وكذا املقاربة بالكفاءات باعتبارها تفعيال لتصورات النظرية البنائية‪.‬‬
‫وتنطلق أهمية هاته الدراسة من كونها تسعى إلى إبراز دور نظريتي التعلم السلوكية والبنائية في إعطاء‬
‫قيمة حقيقية للعمل التدريس ي؛ وذلك بجعله عمال واعيا‪.‬‬
‫وقد توصلت هاته الدراسة إلى مجموعة من النتائج لعل أهمها هو إخضاع املدرسيين لدورات تكوينية‬
‫تمس جانب التأسيس املعرفي في نظريتي التعلم البنائية والسلوكية‪ ،‬إضافة إلى تكوين يمس جوانب العمل‬
‫اإلجرائي باملقاربة باألهداف‪ ،‬وكذا املقاربة بالكفاءات‪ ،‬ومما ينبغي التنبيه إليه كذلك إعداد صيغ لألسئلة‬
‫تمس نظريات التعلم واملقاربات الديداكتيكية أثناء إجراء مسابقة توظيف األساتذة واملعلمين لدى قطاع‬
‫التربية‪.‬‬

‫* املؤلف املرسل‪.‬‬

‫‪290‬‬
‫حممد راهـــم ‪ /‬األميـــن مــالوي‬

‫الكلمات املفتاحية‪ :‬نظريتي التعلم‪ ،‬السلوكية‪ ،‬البنائية‪ ،‬املقاربة باألهداف‪ ،‬املقاربة بالكفاءات‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪This research aims to shed light on the constructivist and behavioral‬‬
‫‪learning theories as the basis from which educational psychology started to‬‬
‫‪study learning, and this research focused on the educational applications of‬‬
‫‪these two theories, by revealing the content of the approach with the goals as‬‬
‫‪an application of the principles of behavioral theory and as well as the approach.‬‬
‫‪The competencies as an activation of perceptions of constructivism theory.‬‬
‫‪The importance of this study stems from the fact that it seeks to highlight‬‬
‫‪the role of the behavioral and constructivist learning theories in giving real‬‬
‫‪value to the teaching work. By making it a conscious action.‬‬
‫‪This study has reached a set of results, perhaps the most important of‬‬
‫‪which is subjecting teachers to training courses that affect the cognitive‬‬
‫‪foundation aspect of constructive and behavioral learning theories.‬‬
‫‪Keywords: Learning theories, Behavioral, Constructivism, approach to goals,‬‬
‫‪approach to competencies‬‬

‫مقدمـة‪:‬‬
‫مما ال ريب فيه أن الفعل التعليمي لم يعد ذلك الفعل العفوي العشوائي القائم على‬
‫التلقين والحفظ واالستظهار‪ ،‬بل أصبح ‪-‬ابتداء من العملية التحضيرية التمهيدية وصوال إلى‬
‫مرحلة اكتساب الخبرة‪ -‬ممارسة قائمة على دراسة التراكمات املستمرة التي يكتسب فيها الفرد‬
‫مهارات وسلوكات جديدة تساعده على التكيف مع البيئة املحيطة به‪.‬‬
‫جراء تفاعل كل من‬‫وملا أدرك علماء النفس التربويون أن تركيب الفعل التعلمي يحدث ّ‬
‫الفعل والحاجة والقصد أدى هذا إلى نضوج ثمرة جهد معرفي اصطلح عليه بنظريات التعلم‪،‬‬
‫وهي مجموعة من النماذج املعرفية التي حاولت تفسير ظاهرة التعلم لكونها من أكثر الظواهر‬
‫التربوية والنفسية استقطابا الهتمامات علماء النفس التربويين‪ .‬وبعد اإلنجازات التي حققتها‬
‫نظريات التعلم أثناء تحليلها للفعل التعلمي‪ ،‬حاول الباحثون في مجال الديداكتيك االستفادة‬
‫من نتائجها بغية ترقية األداء على مستوى املمارسة الصفية‪ ،‬ومن ثم خلق مقاربات‬
‫ديداكتيكية قادرة على تحقيق الهدف املنشود أال وهو تنمية الكفاية املعرفية لدى املتعلم‪.‬‬
‫وبالتالي أصبحت املمارسة الصفية ‪-‬بفعل مخرجات نظريات التعلم‪ -‬مجاال تتجاذبه مرجعيات‬
‫النظرية التأطرية «نظرية التعلم» وكذا مرجعية أخرى ذات طبيعة تطبيقية تنفيذية‬
‫«املقاربات الديداكتيكية»‪.‬‬

‫‪291‬‬
‫ص ص‪308 - 290 :‬‬ ‫أثر نظرييت التعلم السلوكية والبنائية يف املقاربة باألهداف واملقاربة بالكفاءات‬

‫وفي هذا اإلطار تسعى هاته الورقة البحثية إلى تسليط الضوء على نظريات التعلم‪ ،‬وما‬
‫انبثق عنها من تطبيقات تربوية أدت إلى ترقية الفعل التعلمي على مستوي املمارسة الصفية‪،‬‬
‫ونظرا ملا تعج به ساحة علم النفس التربوي من نظريات عديد درست الفعل التعلمي فقد‬
‫اكتفت هذه الورقة البحثية بالتركيز على نظريتين اثنتين وهما‪ :‬النظرية السلوكية والنظرية‬
‫البنائية‪ ،‬ثم عرجت على مقاربتين ديداكتيكيتين مثلتا بحق التطبيق التربوي لهاتين النظريتين‪،‬‬
‫أال وهما املقاربة باألهداف كامتداد للنظرية السلوكية‪ ،‬واملقاربة بالكفاءات كتجسيد ملبادئ‬
‫النظرية البنائية‪ .‬وتوخيا لدقة النتائج وضبط مجال يشتغل ضمنه املوضوع فقد تم تناول‬
‫هاته القضية من خالل حصرها في اإلشكال اآلتي‪ :‬ما هي األسس التي قامت عليها نظريتا التعلم‬
‫السلوكية والبنائية؟ وكيف أطر كل منهما الفعل التعلمي؟ وما طبيعة املقاربات الديداكتيكية‬
‫التي انبثقت عن هاتين النظريتين؟ وهل حقق هذا االمتزاج بين األطر املرجعية وكذا املمارسات‬
‫التطبيقية التنفيذية ارتقاء على مستوى مردودية الفعل التعليمي ضمن املمارسة الصفية؟‬
‫ولإلجابة عن هذه االشكالية تم اعتماد املنهج الوصفي‪ ,‬وذلك من خالل وصف املبادئ‬
‫واألسس والتطبيقات التربوية لكال النظريتين‪ ,‬ثم وصف املقاربة باألهداف واملقاربة بالكفاءات‬
‫من حيث اآلليات اإلجرائية التي تتيح العمل بهما‪.‬‬
‫وبما أن البحوث لها غايات وأهداف فإن هاته الورقة البحثية تتوخى تحقيق جملة من‬
‫األهداف لعل أهمها وضع األساتذة واملدرسين أمام حقائق علمية أدت إلى تطوير العمل‬
‫ّ‬
‫الديداكتيكي ثم أدت إلى ترقية األداء على مستوى املمارسة الصفية‪ ،‬فال يمكن في أي حال من‬
‫األحوال التدريس وفق مقاربة ديداكتيكية ما دون معرفة مجموعة من اإلجراءات التي تأطرها‬
‫وتضبط العمل بها‪.‬‬

‫أوال‪ /‬النظريتان السلوكية والبنائية (أسس ومفاهيم)‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ُت ّ‬
‫عرف نظريات التعلم بأنها‪« :‬مجموع النظريات التي ظهرت في بداية القرن العشرين‬
‫وبقي العمل على تطوريها وإغنائها حتى وقتنا الراهن وقد اهتمت بالتعلم باعتباره فعال يمكن‬
‫دراسته وتتبع أثره‪ ،‬لكن كل واحدة منها تناولته من زاوية معينة»(‪ ،)1‬وسنتناول في هذا الجانب‬
‫نظريتين علميتين أثرتا بشكل واضح على مستوى الـتأصيل في املقاربة باألهداف واملقاربة‬
‫بالكفاءات أال وهما نظرية التعلم السلوكية ونظرية التعلم البنائية‪.‬‬

‫‪292‬‬
‫حممد راهـــم ‪ /‬األميـــن مــالوي‬

‫‪ /1‬النظرية السلوكية‪:‬‬
‫يعتقد العديدون أن التعلم فعل عشوائي ال تؤطره ضوابط وشروط لكنه في حقيقة‬
‫األمر سيرورة معرفية في حدود الزمن يسعى الفرد من خاللها إلى اكتساب قدرات وكفايات‬
‫عديدة‪ .‬وقد توجت دراسات العلماء وأبحاثهم بوالدة مجموعة من املدارس والنظريات التي‬
‫تختلف في تحديدها ملفهوم التعلم‪ ،‬وسنتناول في هذا اإلطار النظرية السلوكية ومبادئ التعلم‬
‫لدى روادها وكذا تطبيقاتها التربوية ونختم بأهم االنتقادات التي تعرضت لها‪.‬‬
‫أ‪ /‬مفهوم النظرية السلوكية‪:‬‬
‫ُ‬
‫تعرف بأنها «مجموعة التصورات التي ظهرت في الواليات املتحدة األمريكية سنة‬
‫‪ ،1912‬وهي نظرية ترى بأن املعرفة الحقيقية تنبع من التجربة والتطبيق‪ ،‬وتسلم بأنه ال يمكن‬
‫حدوث أي استجابة وأي تعلم دون وجود املثير»(‪.)2‬‬
‫يركز رواد هاته النظرية على غرار بافلوف وثروندايك وواتسون وسكاينر في تعريفهم‬
‫للتعلم على السلوك الظاهر الذي يمكن مالحظته وقياسه والتحكم في متغيراته‪« ،‬فالتعلم‬
‫حسب هاته النظرية تغير أو تعديل مستمر في سلوك املتعلم بفعل تمرين مكثف ومثير صادر‬
‫عن املحيط‪ .‬إن السلوكيين ال يعيرون أي اهتمام للعمليات العقلية الداخلية‪ ،‬فهم يشبهون‬
‫البنيات العقلية بعلبة سوداء ال يمكن الولوج إليها وبالتالي يكون من األجدر االهتمام‬
‫باملدخ ـ ـالت واملخرجـ ـات وما يترتب عنها من سلوك ـ ـ ـات بـ ـ ـدال من السيرورات الذهني ـ ـة وما يرتبط‬
‫بها من انفع ـ ـاالت فهم يؤكـ ـدون على أن املحيط الطبيعي واالجتماعي واألسري باإلضافة إلى‬
‫التدرب املكثف كل هذا يشكل اإلطار والسياق املوضوعي املؤثر في سيرورة النمو والتعلم لدى‬
‫الطفل»(‪.)3‬‬
‫يمكن من خالل التأمل في هذين التعريفين أن ندرك أن النظرية السلوكية ظهرت في‬
‫سياق تاريخي ساد فيه املنهج التجريبي الذي أصبح مرجعية العلوم كلها كما يمكن أن نستنتج‬
‫أنها ربطت التعلم بمعطيين اثنين‪ ،‬أال وهما‪:‬‬
‫‪ -‬املثير واالستجابة وهما شرطان لتعديل وتغيير أي سلوك‪.‬‬
‫‪ -‬التمارين املكثفة ويقصد بها الدوام على ممارسة السلوك املتعلم حتى يصبح استجابة‬
‫بمثابة العادة تحدث آليا كلما توفر املثير‪.‬‬

‫‪293‬‬
‫ص ص‪308 - 290 :‬‬ ‫أثر نظرييت التعلم السلوكية والبنائية يف املقاربة باألهداف واملقاربة بالكفاءات‬

‫ب‪ /‬التطبيقات الرتبوية للنظرية السلوكية‪.‬‬


‫برزت النظرية السلوكية في أحضان علم النفس‪ ،‬إال أن روادها جعلوا مفاهيمها ذات‬
‫قطبت من قبل علوم عديدة على غرار علم التربية‪ ،‬فهي‬ ‫ُ‬
‫طابع حركي بمعنى أن هاته النظرية است ِ‬
‫انتقلت من ميدان التنظير إلى مجال التطبيقات التربوية على مستوى املمارسة الصفية ويمكن‬
‫حصر التطبيقات التربوية لهاته النظرية في املعطيات اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬أجرأة األهداف التعلمية(‪.)4‬‬
‫‪ -‬اإلشراط باعتباره عملية مقرونة باملثير واالستجابة(‪.)5‬‬
‫‪ -‬التعلم عن طريق املحاولة والخطأ(‪.)6‬‬
‫‪ -‬التعزيز اإليجابي أو السلبي تبعا للسلوك املالحظ(‪.)7‬‬
‫‪ /2‬النظريــة البنائيـــة‪:‬‬
‫تختلف نظرية التعلم البنائية عن الكثير من النظريات األخرى بما فيها النظرية‬
‫السلوكية التي تحدثنا عنها سابقا‪ ،‬فرغم أن النظرية البنائية شيدت مشروعا ضخما حول‬
‫بينيات وسيرورة النمو املعرفي في إطار عالقته بالنمو الذهني‪ ،‬فقد اهتمت بشكل كبير بقضايا‬
‫التربية وإقامة أسس علمية لسيكولوجيا تربوية يمكن أن تشكل مرجعا أساسيا في بناء‬
‫بيداغوجية منتجة وفعالة‪.‬‬
‫أ‪ /‬مفهوم النظرية البنائية‪:‬‬
‫ً‬
‫النظرية البنائية هي‪« :‬فلسفة تربوية يكون فيها املتعلم معارفه الخاصة التي يخزنها‬
‫بداخله‪ .‬فهو يبني معارفه بنفسه إما بشكل فردي أو مجتمعي بناء على معارفه وخبراته‬
‫السابقة‪ .‬حيث يقوم املتعلم بانتقاء وتحويل املعلومات وتكوين الفرضيات واتخاذ القرارات‬
‫معتمدا على البنية املفاهيمية التي تمكنه من القيام بذلك»(‪ ،)8‬و«تهتم النظرية البنائية‬
‫بالعمليات الداخلية للمتعلم أي ما يجري داخل عقله عندما يتعرض للمواقف التعليمية التي‬
‫تستدعي تفعيل معارفه السابقة‪ ،‬ومن ثم يتبين مدى تقبله للتعلم وتتبين حقيقة دافعيته‬
‫وقدرته على معالجة املعلومات وفي ظل هذا كله ‪ ،‬يكون دور املعلم تهيئة بيئة التعلم وجعل‬
‫املتعلم يبني معارفه بنفسه»(‪ ،)9‬وعليه فإن البنائية تفسير ذهني للمثيرات في البيئة عكس‬
‫السلوكية التي كانت تمثل استجابة تامة وتفاعال مطلقا مع هاته املثيرات‪.‬‬

‫‪294‬‬
‫حممد راهـــم ‪ /‬األميـــن مــالوي‬

‫ب‪ /‬االفرتاضات األساسية يف النظرية البنائية جلون بياجي‪:‬‬


‫أقام جون بياجي نظريته البنائية على مجموعة من االفتراضات التي تتحدد من خاللها‬
‫مالم ـ ـح عمليـ ـ ـة التعل ـ ـ ـم عند البنائي ـ ـ ـين‪ ،‬وتتج ـ ـلى هات ـ ـه االفتراض ـ ـات في جملة املعطيات اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬يولد اإلنسان ببعض االستعدادات التي تمثل البنيات األساسية لتمكنه من النمو‬
‫والتطور‪)10(.‬‬

‫‪ -‬التطور عملية زيادة الوعي بالعالقة بين من يعرف وما ُيعرف‪ ،‬والتعلم عملية نشطة‬
‫بمعنى أن يبذل املتعلم جهدا عقليا للوصول إلى اكتشاف املعرفة بنفسه‪ ،‬ويتم ذلك‬
‫عندما يواجه مشكلة ما فيقوم املتعلم في ضوء توقعاته باقتراح حلول لبناء املعرفة‬
‫بنفسه»(‪.)11‬‬
‫‪ -‬تفترض البنائية أن أي فرد يمكن أن يتعلم أي موضوع بشرط أن يناسب مرحلة النمو‬
‫العقلي للفرد‪ .‬وأي فرد يولد مزودا بقدر من االنعكاسات العضوية‪ ،‬والقدرات الكامنة في‬
‫صورة استراتيجيات؛ فهي بذلك تعد عنصرا هاما في البناء»(‪.)12‬‬
‫‪ -‬إن أفضل الظروف لحدوث عملية التعلم هو ذلك الظرف الذي يواجه فيه املتعلم مهاما‬
‫حقيقية‪ ،‬وفحوى هذا االفتراض هو التأكيد على أهمية التعلم القائم على حل املشكالت‪.‬‬
‫وهذا التعلم يعتمد على األنشطة الفاعلة التي يمارسها املتعلم»(‪)13‬‬

‫إن هاته املالمح التربوية تبرز مدى نظرة النظرية البنائية للفرد؛ فهو حسبها مزود‬
‫باستعدادات فطرية تنمو معه تبعا ملراحل نموه حتى يصل إلى مرحلة تشكيل الوعي‪ ،‬ومن ثم‬
‫يصبح قادرا على اقتراح حلول تبعا لطبيعة املهام التي كلف بها‪ .‬كل هذا يوضح نظرة البنائيين‬
‫لعملية التعلم‪.‬‬
‫ج‪ /‬املبادئ الرتبوية للنظرية البنائية‪:‬‬
‫تحدد املبادئ التربوية للنظرية البنائية في النقاط اآلتية‪)14(:‬‬
‫‪ -‬إن توفير املواد املحسوسة في غرفة الصف يعد أمرا أساسيا في تنظيم تعلم األطفال ُ‬
‫ملاله‬
‫من قيمة في تنمية خصائص املالحظة واالكتشاف لدى املتعلمين لينعكس كل هذا‬
‫باإليجاب على القدرة في التفكير‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة بناء مواقف تربوية تتسم بالتحدي املعقول لقدرات املتعلمين املعرفية بحيث ال‬
‫تصل إلى حد التعجيز‪.‬‬

‫‪295‬‬
‫ص ص‪308 - 290 :‬‬ ‫أثر نظرييت التعلم السلوكية والبنائية يف املقاربة باألهداف واملقاربة بالكفاءات‬

‫‪ -‬يجب أال يتم إقحام املتعلمين في وضعيات تعليمية تتطلب عمليات عقلية ال تتالءم‬
‫ونموهم املعرفي‪ ،‬كما يجب إتاحة الفرصة لهم ملمارسة أنشطة تتكيف فعال مع طبيعة‬
‫هذا النمو‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة االستفادة من أخطاء التالميذ في بناء مواقف تعليمية تتدرج بهم لتجاوز الضعف‬
‫في أدائهم‪.‬‬
‫‪ -‬إتاحة فرص للتفاعل بين املتعلم وبيئته الطبيعية واالجتماعية لتيسير التكيف‪ ،‬ومن ثم‬
‫التطور املعرفي‪.‬‬
‫مما سبق يبدو أن النظرية البنائية حاولت أن تجمع بين االبستومولوجيا‬
‫والسيكولوجية؛ فلمحاولتها التساؤل عن كيفية تكون املعرفة واألدوات املستعملة في بنائها‬
‫اعتـ ـ ـ ـبرت ابستيمولوجي ـ ـ ـ ـا‪ ،‬وفي جعلها التفكير وسيل ـ ـ ـة أساسيـ ـ ـة لتحقي ـ ـ ـق التكي ـ ـ ـف مع البيئة‬
‫اعتبرت سيكولوجيا‪ .‬ومن هنا يتضح اختالف النظريتين البنائية والسلوكية في األصول املعرفية‬
‫التي أدت إلى والدة كل منهما؛ فالسلوكية وليدة الفكر التجريبي‪ ،‬في حين أن البنائية وليدة‬
‫الفلسفة البراغماتية؛ واالختالف في األصول املعرفية يؤدي إلى اختالف في التصورات‬
‫واإلجراءات‪.‬‬

‫ثانيًا‪ /‬املقاربات الديداكتيكية‪:‬‬


‫أفرزت النظريتان السلوكية والبنائية مقاربتين بداغوجيتين تبنتهما املناهج الدراسية‬
‫في العقود األخيرة أال وهما املقاربة باألهداف واملقاربة بالكفاءات‪ ،‬واللتان تعدان ممارستين‬
‫تربويتين قامتا بتفعيل املبادئ التربوية لهاتين النظريتين على مستوى املمارسة الصفية‪.‬‬
‫‪ /1‬املقاربــة باألهـــداف‪:‬‬
‫أ‪ /‬اهلدف اصطالحا‪:‬‬
‫الهدف عند السلوكيين‪« :‬يعبر عن مجموع التغيرات والسلوكات واإلنجازات التي يراد‬
‫تحقيقها عند تعلم علم ما‪ ،‬أما السلوك فهو تفاعل بين الكائن الحي ومحيطه أي العالقة بين‬
‫املثيرات واالستجابات‪ ،‬أما املقاربة باألهداف حسب القاموس التعليمي الفرنس ي فهي‬
‫بيداغوجية تحث على ربط الهدف املسطر بالعملية اإلجرائية وإمكانية تحقيقه‪ ،‬ويوجد هناك‬
‫هدف عام مقسم إلى أهداف ثانوية‪ ،‬وتروم كلها إلى تحقيق الهدف العام‪ ،‬وهذه املقاربة تعمل‬

‫‪296‬‬
‫حممد راهـــم ‪ /‬األميـــن مــالوي‬

‫على تقسيم وقت املتعلم إلى كتل متتالية صغيرة الحجم من أجل تحقيق كل هدف علمي على‬
‫حدة»(‪.)15‬‬
‫ب‪ /‬املقاربة باألهداف ومراحل اإلعداد الرتبوي‪:‬‬
‫تقول الباحثة جدي مليكة‪« :‬وجدت املنظومة التربوية ‪-‬في أغلب دول العالم‪ -‬نفسها‬
‫أمام رهان يفرض عليها تبني اصالحات على املستوى املناهج الدراسية وتتمحور هذه‬
‫االصطالح ـ ـ ـات حـ ـ ـول التخ ـ ـلي عـ ـن بيداغوج ـ ـية التدري ـ ـس باملضامـ ـ ـين‪ ،‬وتبـ ـ ـني مدخ ـ ـل التدريس‬
‫باألهداف وذلك استجابة للثورة التي أفرزتها النظرية السلوكية في ميدان التطبيقات‬
‫التربوية»(‪.)16‬‬
‫ومن املعلوم أن البيداغوجيات التعليمية تستمد آلياتها اإلجرائية وذخيرتها‬
‫االصطالحية من خلفية فلسفية‪ ،‬وفي هذا السياق يعمل واضعو املناهج والبرامج على تسطير‬
‫محـ ـ ـاور مربوطة باألسس النفسية والفلسفية واالجتماعية للمجتمع الذي ينتمون إليه‪ ،‬وت ـ ـأتي‬
‫بعد ذلك مرحلة وضع األهداف املؤطرة ملختلف املراحل والعمليات الخاصة باكتس ـ ـاب املعارف‬
‫مراعين في ذلك بنية كل متعلم من جهة واملميزات الفردية للمتعلمين من جهة أخرى‪.‬‬
‫ج‪ /‬الشروط الواجب توفرها يف صياغة األهداف التعليمية‪:‬‬
‫إن األهداف التعليمية مهما تعددت مجاالتها فهي تعد قاعدة تعتمد عليها املمارسات‬
‫التربوية في تحقيق أنماط معينة من السلوكات؛ وحتى يتوافق الهدف التعليمي مع أشكال‬
‫السلوك املرغوبة البد أن يصاغ وفق الشروط اآلتية‪:‬‬
‫املحددة للهدف مقرونة بتحول يمكن مالحظته وقياسه»(‪،)17‬‬ ‫‪ -‬على رأسها «أن تكون العبارة ِ‬
‫وفي هذا تجاوز للتكهنات والتخمينات التي قد تؤثر على مسار الفعل التعلمي‪ ،‬فال يمكن‬
‫على سبيل املثال أن يصاغ الهدف السلوكي بعبارة‪ " :‬أن يفكر ألن التفكير فعل غير قابل‬
‫للقياس واملالحظة فنقول بدال من ذلك أن يعرف"‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون الهدف واضحا تماما للمعلم واملتعلم‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون الهدف محددا بمعنى أال يتداخل مع هدف آخر‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون الهدف مناسبا ملستوى التالميذ‪.‬‬
‫‪« -‬أن يتضمن الهدف في عبارته تحديد نواتج التعلم ال تحديد املعارف واملضامين»(‪.)18‬‬

‫‪297‬‬
‫ص ص‪308 - 290 :‬‬ ‫أثر نظرييت التعلم السلوكية والبنائية يف املقاربة باألهداف واملقاربة بالكفاءات‬

‫فالعبارة التالية‪" :‬أن يعرف الطالب املستقيم بأنه مجموعة من النقاط الالمنتهية" هي‬
‫عبارة خاطئة؛ ألنها وصفت املعلومة واملعلومة ال ينبغي ذكرها أثناء الصياغة‪ .‬بل ينبغي في‬
‫صياغة الهدف السلوكي تحديد نواتج التعلم‪ ،‬فنقول أن يعرف الطالب املستقيم‪.‬‬
‫تعد معرفة شروط صياغة األهداف السلوكية من األمور املهمة التي ينبغي على كل‬
‫معلم معرفتها‪ ،‬ألنها سنده الرئيس ي في اختيار أساليب التدريس املناسبة وانتقاء الوسائل‬
‫التعلمية املالئمة لتجسيد أهداف كل درس يقوم بتعليمه‪ ،‬كما أن معرفة هاته الشروط‬
‫يساعد في تقييم مدى تحقق األهداف التعليمية املسطرة؛ وذلك من خالل مراعاة مدى التالؤم‬
‫بين نتائجها وبين شروط الصياغة التي تطرقنا إليها سابقا‪.‬‬
‫والبد من اإلقرار ختاما أن الصياغة الصحيحة لألهداف التعليمية إنما هو عمل‬
‫يحتاج جهدا ذهنيا وبدنيا كبيرا من قبل األخصائيين في مجال الديداكتيك‪ ،‬وذلك بسبب‬
‫الطبيعة املتغييرة لألهداف التعليمية في ظل الفروق الفردية التي تشهدها غرف الصف والتي‬
‫تطلب في أحيان كثيرة صياغة أهداف تعليمية حسب االحتياجات الفردية لكل متعلم‪.‬‬
‫د‪ /‬اجيابيات وسلبيات املقاربة باألهداف‪:‬‬
‫إن أي مقاربة تبرز للوجود إنما تبرز بداية من خالل تعريفها‪ ،‬وكل تعريف يمثل على حد‬
‫رأي املناطقة حدا جامعا مانعا‪ ،‬وبعد التعريف يبرز الجهاز املفاهيمي الذي يمثل مجموعة‬
‫املصطلحات ومدلوالتها وهذان العامالن ال يتوجه لهما النقد عادة ألنهما مجرد إطار نظري‪،‬‬
‫إنما يتوجه النقد للمقاربة في جوانبها اإلجرائية أي فاعليتها على مستوى التطبيق واملمارسة‪،‬‬
‫وبما أن أي نقد يستحسن أن يبدأ بإيراد االيجابيات فسنتناول اإليجابيات التي حظيت بها هاته‬
‫املقاربة على حد رأي التربويين‪ ،‬ويمكن حصرها في املعطيات اآلتية‪:‬‬
‫‪« -‬اعتبار املتعلم للمرة األولى محورا للعملية التعلمية التعليمية»(‪.)19‬‬
‫‪« -‬االنتقال من املنهجية املبنية على املحتوى "ماذا نعلم" إلى منهجية "ماذا نعلم وكيف نعلم‬
‫حيث تم اعتبار طرائق التعليم جزءا من املنهاج"»(‪.)20‬‬
‫‪« -‬االنتقال من تقويم يستهدف التذكر والحفظ إلى تقويم يستهدف املجاالت املعرفية و‬
‫املهارية والسلوكية»(‪.)21‬‬
‫لم تكن املقاربة باألهداف بمنأى عن عمليات املراجعة والتشخيص‪ ،‬فتمحيصها من‬
‫قبل التربويين كشف عن جملة من املآخذ عليها‪ ،‬يمكن إجمالها في الجوانب اآلتية‪:‬‬

‫‪298‬‬
‫حممد راهـــم ‪ /‬األميـــن مــالوي‬

‫▪ تقسيم ذات املتعلم (حسب الصنافات) الى مستويات مستقلة وهي املستوى املعريفي و‬
‫الوجداني و الحس ي لحركي في حين انا ذات التعلم وحدة نفسية و عضوية مترابطة و‬
‫متكاملة(‪.)22‬‬
‫▪ هندسة املدرس لألهداف التعليمية بالعمل على تخطيطها في شكل سلوكات مجزأة‬
‫وقابلة للمالحظة والقياس بعيدا عن اهتمامات املتعلم‪ ،‬إضافة إلى كون نموذج التدريس‬
‫باألهداف يميز بين التعليم والتعلم حسب املجاالت املعرفية أو الحس حركية أو‬
‫الوجدانية مع االهتمام فقط باملجال املعرفي‪.‬‬
‫▪ حصول التعلم (حسب هذا املدخل) يكون عن طريق اإلثارة والتقليد وطرح نفس‬
‫النموذج "النسج على غرار"‪ ،‬ويتمحور حول تطور السلوك الظاهر‪.‬‬
‫▪ عدم قدرة املتعلم على توظيف القدرة املكتسبة بشكل منفصل وفق نظرية شمولية‬
‫ومنسجمة في سياق وضعيات تواصلية ومركبة‪.‬‬
‫▪ االهتمام بقياس حصول التعلم بناء على معايير ومؤشرات تم تخطيطها مسبقا واالعتماد‬
‫على تمارين ال تحتاج غالبا إال لقدرات بسيطة ومجزئة دون االهتمام بتحقيق النمو‬
‫الكامل لشخصية املتعلم "العقلية والوجدانية والحس حركية"‪.‬‬
‫▪ اختيار العدة البيداغوجية طرائق "تقنيات ‪ ،‬أدوات" وفق ما يراه املدرس مناسبا لتحقيق‬
‫األهداف املسطرة دون التفكير في عدة بيدغوجيات مفتوحة ومنسجمة تتيح للمتعلم‬
‫تنمية شخصيته بكل مكوناتها‪.‬‬
‫▪ بناء إجراءات قبلية توقعية لدعم نتائج التقويم وفق مبدأ التعزيز السلوكي « ترسيخ‬
‫التعلم ‪ ،‬تصحيحه بكل‪ ،‬الطرق تعديله ‪ ،‬إكمال النقص الذي يعتريه»(‪.)23‬‬
‫تعد املقاربة باألهداف منهجا تربويا قائما على العلم والعقالنية والتخطيط والقياس‬
‫وهذا ما تم التحقق منه أثناء دراسة األهداف التعليمية ومجاالتها وشروط صياغتها‪.‬‬
‫ومهما تعددت عيوب ومثالب هذه املقاربة إال أنه البد من اإلقرار بأنها كانت بديال‬
‫للمقاربة باملضامين التي كانت تعد فيها الدروس في غياب أهداف مسطرة‪ ،‬وكان التدريس فيها‬
‫قائما فقط على اإللقاء مما يؤدي إلى صعوبات جمة في التقويم واملعالجة‪ ،‬وقد تم تجاوزها إلى‬
‫حد كبير في ظل املقاربة باألهداف التي سعت إلى تنظيم العملية الديداكتيكية وعقلنتها‬
‫وعلمنتها تخطيطا وتنفيذا وتقويما‪ ،‬كما كانت هاته املقاربة أثناء مراحل العمل بها محكا‬

‫‪299‬‬
‫ص ص‪308 - 290 :‬‬ ‫أثر نظرييت التعلم السلوكية والبنائية يف املقاربة باألهداف واملقاربة بالكفاءات‬

‫موضوعيا أفحص مواطن جودة املنظومة التربوية على مستوى املردودية واإلنتاج‪ ،‬فضال عن‬
‫أنها أداة ناجعة لتبيان نقاط إخفاقها‪.‬‬
‫‪ /2‬املقاربــة بالكفـــاءات‪:‬‬
‫إن التفحص الدقيق في تاريخ النظريات يثبت أن النقائص املوجود في كل نظرية أدت‬
‫إلى نشوء أخرى‪ ،‬وهذا الطرح ينطبق تماما على املقاربة باألهداف‪ ،‬حيث استقرأ التربويون‬
‫هفواتها وتجاوزوها إلى املقاربة بالكفاءات‪ ،‬متأثرين بالفلسفة البنائية كنظرية حديثة‪ ،‬ومن هنا‬
‫مدخل األهداف الذي كان سائدا من قبل‪ ،‬ويعتبر هذا التوجه‬ ‫ِ‬ ‫أصبح مدخل الكفاءات بديل‬
‫اختيارا بيداغوجيا يرمي إلى االرتقاء باملتعلم إلى أسمى درجات التربية والتعليم؛ إذ أن املقاربة‬
‫بالكفاءات تستند إلى برنامج متكامل من املعارف واملهارات والسلوكات املنظمة‪ ،‬التي تتيح‬
‫للمتعلم في سياق وضعية مشكلة القيام باإلنجازات واألداءات التي تتطلبها تلك الوضعيات‪.‬‬
‫أ‪ /‬مفهوم املقاربة بالكفاءات‪:‬‬
‫سنتناول معنى املقاربة بالكفاءات من جانبها اللغوي املعجمي معزوال عن سياق‬
‫استعماله‪ ،‬وذلك بتفكيك املصطلح إلى حدين وتناول كل منهما على حدة‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ -‬معنى الكفاءة‪ :‬ورد في أدبيات اللغة العربية الكفء‪ :‬الش ئ النظير‪ ،‬ومنها الكفؤ والكفؤ‪،‬‬
‫ُ‬
‫واملصدر كفاءة‪ ،‬ويقال الرجل الكفؤ املماثل وال كفاءة له ال نظير له‪ ،‬ومنه الكفاءة هي‬
‫املماثلة في القوة والشرف أي ومنه الكفاية أي املنافسة»(‪ ،)24‬قال تعالى « ولم يكن له كفؤا‬
‫أحد»(‪.)25‬‬
‫«قرب وقارب واقترب منه‪ :‬بمعنى وصل إلى مستوى معين‬ ‫‪ -‬أما معنى املقاربة فهو من ُ‬
‫ومحدد‪ ،‬واملقاربة هي كل ما يقارب بين فكرتين أو قطبين»(‪ .)26‬من خالل تناول هذين‬
‫الحدين‪ ،‬يمكن القول إجماال أن املقاربة بالكفاءات في مدلولها اللغوي تعني القدرة على‬
‫إنجاز مهمة معينة‪.‬‬
‫‪ -‬املقاربة بالكفاءات في اصطالح التربويين‪ :‬سنتناول اآلن معنى املقاربة بالكفاءات حسب‬
‫ما يراه التربويون‪ ،‬وينبغي التأكيد أوال على أن تناول مفهوم ما في معناه اللغوي ثم السير‬
‫به في داللته االصطالحية هو رصد النتقاله من املعنى اللغوي الشائع إلى املعنى‬
‫االصطالحي املتخصص‪ .‬فـ«املقاربة بالكفاءات حسب (‪ )Louis Dino‬هي مجموعه‬
‫التصرفات االجتماعية والوجدانية والنفسية‪ ،‬ومن املهارات النفس والحس حركية؛‬
‫والتي تسمح بممارسة الئقة لدور ما‪ ،‬أو وظيفة ما‪ ،‬أو نشاط ما‪ .‬وحسب (‪)Piro Jili‬‬

‫‪300‬‬
‫حممد راهـــم ‪ /‬األميـــن مــالوي‬

‫فهي حسن التصرف والتكيف في وضعيات إشكالية‪ ،‬أو هي إيجادة الفعل التعليمي بكل‬
‫تفاصيله»(‪ .)27‬وأنواعه وهذا ما يستدعي مجموعة من املعارف واملهارات املدمجة في‬
‫وضعيات متجانسة تكون قابلة للمالحظة والقياس حسب مؤشرات محددة‪ ،‬يعرفها‬
‫الدريج بأنها‪« :‬نظام من املعارف املفاهيمية الذهنية املهارية العملية التي تنتظم في‬
‫ّ‬
‫تمكن في إطار فئة من الوضعيات من التعرف على املهام اإلشكالية‬ ‫خطاطات إجرائية ِ‬
‫وحلها بنشاط وفاعلية»(‪.)28‬‬
‫من خالل ما سقناه من تعاريف متنوعة للمقاربة بالكفاءات نستنتج أن املتعلمين‬
‫داخل هذه املقاربة يوضعون في وضعيات مشكلة مأخوذة من الواقع االجتماعي؛ وتجزأ‬
‫الوضعيات املشكل إلى مهام منفصلة قابلة للمالحظة والقياس‪ ،‬ثم يطلب من املتعلمين حشد‬
‫مواردهم‪ ،‬وتوظيف مداركهم لحل هذه الوضعية‪.‬‬
‫ب‪ /‬البيداغوجيات الوظيفية املؤطرة للتدريس وفق املقاربة بالكفاءات‪:‬‬
‫إذا سلمنا أن املقاربة بالكفاءات تبني تصوراتها للعملية التعليمية انطالقا من التمركز‬
‫حول املتعلم ملا له من قدرات وتوجهات ورغبات‪ .‬فإن تأطيرها يتم وفق العمل بمجموعه من‬
‫البيداغوجيات التي تضمن للمتعلم استقالله‪ ،‬وتجعله فاعال أساسيا في بناء تعلماته‪ ،‬كما‬
‫توفر فضاء للتعلم الذاتي ُيمكن املتعلم من توظيف جيد إلمكاناته وقدراته‪ ،‬وتحفزه على‬
‫التفاعل مع محيطه تفاعال ايجابيا‪ ،‬وهي في اآلن ذاته تراعي الفروق الفردية للمتعلمين؛ على‬
‫اعتبار أنهم مختلفون في القدرات واالهتمامات وامليول واإليقاع‪.‬‬
‫تختلف مراجع البحث التربوي من حيث طريقة تناولها لهذه البيداغوجيات الوظيفية‪.‬‬
‫واخترنا أن نبدأ بيداغوجيا التعاقد؛ ألن أي وضعية يتم إقحام املتعلم في صلبها ال بد أن تقوم‬
‫على اتفاق ينظم دور املعلم واملتعلم في العملية التعليمة‪.‬‬
‫▪ العقد في املجال التربوي‪:‬‬
‫يتمثل العقد في مختلف االتفاقيات التي تربط األطراف الفاعلة في العملية التعليمية‬
‫بشكل صريح أو ضمني من أجل تدبير جيد لهذه العملية‪ ،‬ومن هنا تعرف بيداغوجيا التعاقد‬
‫على أنها‪ :‬التزام يقبله كل من املتعلم واملعلم‪ ،‬يؤدي إلى تطوير مستوى التفاعل بينهما بغرض‬
‫تحقيق جودة التعلمات‪ ،‬كما يمكن اعتبار بيداغوجيا التعاقد‪ :‬تقنية بيداغوجية حديثة تنظم‬
‫وضعيات التعلم انطالقا من تعاقد متفاوض بشأنه بين املدرس واملتعلم؛ لتحقيق أهداف‬
‫معرفية أو منهجية أو سلوكية في وقت محدد»(‪.)29‬‬

‫‪301‬‬
‫ص ص‪308 - 290 :‬‬ ‫أثر نظرييت التعلم السلوكية والبنائية يف املقاربة باألهداف واملقاربة بالكفاءات‬

‫مما سبق ذكره من تعريفات نستنتج أن بيداغوجيا التعاقد هي إجراء تربوي يستهدف‬
‫التخطيط املسبق للتعلمات‪ ،‬وذلك بتنظيم التفاعالت بين املعلم باعتباره منشطا تربويا‬
‫للحصة‪ ،‬وبين املتعلم باعتباره شريكا فيها‪.‬كما ينبغي التأكيد في السياق نفسه أنه ال يمكن‬
‫تحقيق الكفاءات املستهدفة ما لم تتخذ العالقة بين أطراف العقد الديداكتيكية طابعا قانونيا‬
‫قوامه التعاقد الذي يضبط مسار العملية التعليمية‪ ،‬ويحدد أدوار الفاعلين التربويين‪.‬‬
‫▪ مبادئ بيداغوجيا التعاقد‪:‬‬
‫تقوم بيداغوجيا التعاقد على جملة من املبادئ وتتجلى فيما يلي‪)30(:‬‬

‫‪ -‬العقد التزام متبادل يتطلب توافقا جماعيا بين كل الشركاء التربويين‪ .‬مدرسين‪ ،‬متعلمين‪،‬‬
‫أولياء تالميذ‪ .‬فهو يندرج ضمن مقاربة سوسيو بنائية‪.‬‬
‫‪ -‬بيداغوجيا التعاقد بيداغوجيا تشاركية‪ .‬يعد املتعلم ضمنها طرفا أساسيا سواء في مرحلة‬
‫إعداد العقد‪ ،‬أو تنفيذه‪ .‬فقبول املتعلم كطرف ايجابي في العقد يشكل أحد املبادئ‬
‫األساسية لهذه البيداغوجيا‪.‬‬
‫‪ -‬التعاقد البيداغوجي ليس هدفا في حد ذاته‪ .‬بل وسيلة لتحقيق أهداف تعلمية‪ ،‬وتأمين‬
‫النجاح لجميع املتعلمين من خالل معالجة الصعوبات الناتجة عن عدم التحكم في‬
‫تعليمات معينة‪.‬‬
‫‪ -‬يشكل التقويم التكويني أحد العناصر الضرورية لتنفيذ التعاقد البيداغوجي‪ .‬فهو فرصة‬
‫للتأكد من مدى تحقق األهداف املشتركة املسطرة في العقد خاصة تلك املتعلقة بتطوير‬
‫التعليمات‪.‬‬
‫تعبر عن مدى أهمية بيداغوجيا التعاقد‪ ،‬وهي من هذا املنطلق تقنية‬ ‫إن هذه املبادئ ّ‬
‫تربوي ـ ـة تساه ـ ـم بق ـ ـ ـدر كبير في بنـ ـاء تفاعالت صفيه ناجحة‪ ،‬خاصة إذا كانت املهام التي يكلف‬
‫املتعلم بتنفيذها يلتزم بها بناء على قبوله لها بعد مراحل من التفاوض‪ ،‬وليس بعد ضغط‬
‫وإكراه‪ .‬ويمكن ضمن هذه البيداغوجيا االحتكام ملا تفرزه نتائج التقويم التربوي التكويني‪ .‬وبناء‬
‫على هذه النتائج يتخذ القرار إما بالعمل وفق مسار التعاقد ذاته‪ ،‬أو يتم تغيير املهام واألدوار‪.‬‬
‫ج‪ /‬البيداغوجيا الفارقية‪:‬‬
‫تعد البيداغوجيا الفارقية من أهم اآلليات العملية واإلجرائية للحد من ظاهرة الفشل‬
‫الدراس ي التي ينتج عنها ما يسمى بالتسرب الدراس ي‪ ،‬أو الهدر املدرس ي‪ ،‬أو االنقطاع عن‬
‫املؤسسات التربوية بصفة نهائية‪ .‬لينجم عن ذلك كثير من املشاكل السياسية واالجتماعية‬

‫‪302‬‬
‫حممد راهـــم ‪ /‬األميـــن مــالوي‬

‫واالقتصادية داخل املجتمع‪ .‬ونحن في هذا البحث نرى أن التفصيل في الحديث عن‬
‫البيداغوجية الفارقية يتم مباشره بعد بيداغوجيا التعاقد؛ وذلك ألن تنظيم أي وضعيات‬
‫تعليمية متفاوض بشأنها ومتفق فيها بين املعلم واملتعلم ‪-‬كفاعلين تربويين‪ -‬ينبغي أن يتم على‬
‫أساس مراعاة الفوارق الفردية بينهما‪ .‬وهذا الجانب هو محور التقاء بين البيداغوجيتين‪:‬‬
‫باألهداف وبالكفاءات‪ ،‬بل وأساس يحدد طبيعة العمل في جميع البيداغوجيات الوظيفية‬
‫الالحقة‪.‬‬
‫▪ مفهوم بيداغوجيا الفارقية‪:‬‬
‫يعرف (‪ )Lous Logrnd‬البيداغوجيا الفارقية على أنها‪« :‬تمش ي تربوي يستعمل‬
‫مجموعة من الوسائل التعليمية التعلمية قصد تمكين األطفال ‪-‬املختلفين في العمر والقدرات‬
‫والسلوكات املنتمين الى فصل واحد‪ -‬من الوصول بطرائق مختلفة إلى األهداف نفسها»(‪،)31‬‬
‫وتعرف أيضا بأنها‪« :‬وضع الطرائق واألساليب املالئمة للتفريق بين األفراد‪ ،‬والكفيلة بتمكين كل‬
‫فرد من تملك الكفايات املشتركة املستهدفة من قبل املنهاج فهي سعي متواصل لتكييف‬
‫أساليب التداخل البيداغوجي تبعا للحاجيات الحقيقية لألفراد املتعلمين هذا هو السبيل‬
‫الوحيد الكفيل بمنح كل فرد حظوظ التطور واالرتقاء املعرفي»(‪ .)32‬ومن جهة أخرى تعرف أنها‪:‬‬
‫«إجراءات وعمليات تهدف إلى جعل التلميذ متكيفا مع الفوارق الفردية بين املتعلمين قصد‬
‫جعلهم يتحكمون في األهداف املتوخاة»(‪.)33‬‬
‫بناء على التعريفات التي تم بسطها فإن البيداغوجيا الفارقية هي تلك البيداغوجيا‬
‫ُ‬
‫التعددية التي تقر بوجود مجموعة من الفوارق الفردية بين املتعلمين داخل القسم‪ .‬وفي هذا‬
‫اإلطار تسطر هذه البيداغوجيا أهدافا وكفايات تتالءم مع التمثالت الذهنية املتباينة‬
‫للمتعلمين حول املعارف املكتسبة من قبلهم‪ .‬وال يتم هذا التالؤم إال باتباع طرائق بيداغوجية‬
‫مناسبة‪ ،‬وتوفير وسائل ديداكتيكية من شأنها تجاوز تلك الفوارق املعرفية واملهارية‪ ،‬وتوظيف‬
‫أساليب التقويم والدعم واملعالجة املناسبة للحد من ظاهرة الفروق الفردية التي ينتج عنها‬
‫الفشل الدراس ي ومن ثمة التسرب املدرس ي‪.‬‬
‫▪ مبادئ البيداغوجيا الفارقية‪:‬‬
‫تبنى البيداغوجيا الفارقية على مجموعة من املبادئ واملرتكزات النظرية والتطبيقية‬
‫التي يمكن حصرها في ما يلي‪)34(:‬‬

‫‪303‬‬
‫ص ص‪308 - 290 :‬‬ ‫أثر نظرييت التعلم السلوكية والبنائية يف املقاربة باألهداف واملقاربة بالكفاءات‬

‫مبدأ االختالف‪ :‬مما سبق ذكره أن هناك فوارق فردية على املستوى الذكاء املعرفي‬ ‫‪-‬‬
‫والذهني والحالة النفسية‪ .‬هاته الفوارق توجب على املدرس «تجاوز املشاكل الناجمة عن‬
‫تدبير املقطع الدراس ي تخطيطا وانجازا وتقويما من خالل تسطير طرائق تدريس تبلغ‬
‫باملتعلمين األهداف املنشودة‪.‬‬
‫مبدأ دمقرطة التعليم‪ :‬إن هذا العمل وفقا هذا املبدأ يضمن التساوي في فرص‬ ‫‪-‬‬
‫التحصيل العلمي‪ .‬وبالتالي فإن تجاوز هذا الفرق بين املتعلمين يعطي مجتمعا ال طبقية‬
‫فيه‪ ،‬حيث يحصل فيه متعلموه على حظوظ متكافئة في التباري على املناصب‬
‫واالمتيازات‪.‬‬
‫مبدأ النجاح‪ :‬تهدف البيداغوجية الفارقية إلى تحقيق النجاح؛ وذلك بتنويع البرامج‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫واملناهج‪ ،‬واملقررات‪ ،‬واملحتويات‪ ،‬واألهداف‪ ،‬والكفايات‪ ،‬وتنويع الطرائق‪ ،‬والوسائل‬
‫الديداكتيكية‪ ،‬وتنويع مختلف آليات التقويم‪ ،‬والدعم‪ ،‬واملعالجة‪ ،‬والتصحيح‪ ،‬من أجل‬
‫بناء متعلم كفؤ قادر على مواجهة الوضعيات املعنية الصعبة داخل املجتمع؛ بمعنى أن‬
‫البيداغوجية الفارقية طريقة إجرائية ناجعة لتحقيق النجاح التربوي و االجتماعي مع‬
‫الحد من الفشل والهدر الدراسيين»(‪.)35‬‬
‫مبدأ الذكاءات املتعددة‪ :‬ينطلق هذا املبدأ من نظرية تقر بوجود ذكاءات متعددة‬ ‫‪-‬‬
‫ومتنوعة ومستقلة لدى املتعلم؛ يمكن صقلها وشحذوها بالتشجيع‪ ،‬والتحفيز‪،‬‬
‫والتعليم‪ ،‬والتدريب‪ ،‬وتنمية املواهب‪ ،‬والعبقريات‪ ،‬واملبادرات‪ .‬هذا املبدأ يؤمن بعبقرية‬
‫املتعلم وقدرته على العطاء‪ ،‬واإلنتاج‪ ،‬واالبتكار‪ ،‬واإلبداع‪ ،‬وحل املشكالت الصعبة‬
‫ومواجهة الوضعيات املعقدة‪.‬‬
‫مبدأ التعلم الذاتي‪ :‬تعمل البيداغوجية الفارقية على تعويد املتعلم على التعلم الذاتي‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ُ‬
‫وتمثل العمل الشخص ي‪ ،‬والتسلح بمختلف القدرات الكفائية الضرورية ملواجهة‬
‫وضعيات الصعبة واملعقدة؛ وذلك باملشاركة الجدية في األنشطة‪ ،‬وكذلك االعتماد على‬
‫النفس في املراجعة واالستذكار واالستكشاف‪.‬‬
‫مبدأ التنشيط‪ :‬للتنشيط أهمية كبرى في مجال التربية والتعليم لكونه يرفع من املردودية‬ ‫‪-‬‬
‫الثقافية والتحصيلية لدى املتمدرس‪ ،‬ويحد من عدوانيته‪،‬كما يقلل من هيمنة‬
‫بيداغوجيا اإللقاء والتلقين ويعمل على خلق روح اإلبداع وامليل نحو املشاركة الجماعية‬
‫واالشتغال في فريق تربوي‪.‬‬
‫‪304‬‬
‫حممد راهـــم ‪ /‬األميـــن مــالوي‬

‫‪ -‬مبدأ اإلنتاجية‪ :‬تهدف البيداغوجية الفارقية إلى تحقيق اإلنتاجية واإلبداعية واالبتكار‬
‫وتنمية القدرات والكفايات األساسية وتطوير الذكاءات املتعددة لدى املتعلم وصقلها‬
‫نظريا وتطبيقيا ووظيفيا؛ وهذا كله من أجل خلق مدرسة منتجة ومبدعة وفعالة تساهم‬
‫في بناء قدرات الوطن لكي يكون قادرا على التنافس والتقدم والنمو‪.‬‬

‫النتائج والتوصيات‪:‬‬
‫إن كل ما تم عرضه حول نظريتي التعلم السلوكية والبنائية يقودنا للقول بأن نظريات‬
‫التعلم تخصص بيني‪ .‬فهو ميدان يلتقي فبه علم النفس (من خالل التركيز على التعلم باعتباره‬
‫نشاطا سيكولوجيا يمثل فيه جانب الوعي قدرا كبيرا في إحداث التغيير على السلوك) جنبا إلى‬
‫جنب مع علم الديداكتيك باعتباره قائما على مقاربات بيداغوجية تأسست في جوهرها على‬
‫نظريات التعلم‪ .‬كما يمكننا القول بوجود عالقة قوامها التالزم بين النظريتين‪:‬السلوكية‬
‫والبنائية‪ ،‬واملقاربة باألهداف‪ ،‬وبيداغوجيا الكفاءات؛ فحينما كان التعلم عند السلوكيين‬
‫قائما على مثير يؤدي إلى حدوث استجابة تتحول بفعل عاملي الزمن والتكرار إلى عادة‪ ،‬كان‬
‫التدريس في ظل بيداغوجيا األهداف قائما على التلقين والحفظ واالستظهار والتكرار‪ ،‬وحينما‬
‫كرست النظرية البنائية اهتمامها باملتعلم من حيث جعله ينطلق من ذاته لبناء املعنى الخاص‬
‫به‪ ،‬أصبح التدريس في ظل بيداغوجيا الكفايات يضع اعتبار للمتعلم واختياراته وميوالته‪،‬‬
‫ويجعله يوظف تعلماته في سياق وضعيات مشكل تتطلب منه بناء ذهنيا من خالل إدماج ما‬
‫تلقاه من تعلمات‪.‬‬
‫وإذا كان املسعى من كل هذا الطرح هو تطوير األداء على مستوى املمارسة الصفية‬
‫فقد بات لزاما على هيئات التفتيش ضمن قطاع التربية والتعليم إخضاع املدرسين لدورات‬
‫تكوينية تمس نظريتي التعلم هاتين؛ من حيث كيفية االعتماد عليهما في تصميم خطاطات‬
‫التدريس‪ ،‬وتنفيذ انشطة املحتوى‪ ،‬وبناء شبكات للمعالجة والتقويم‪.‬‬
‫ومما ينبغي التأكيد عليه من توصيات‪ :‬ضرورة أن يخصص لنظريات التعلم وتطبيقاتها‬
‫التربوية شق من األسئلة التي تطرح على املتبارين ضمن مسابقات توظيف األساتذة؛ وذلك‬
‫بغية جعلهم يدركون أن العملية التعلمية ميدان معرفي وممنهج‪ ،‬بدءا من وضعية االنطالق‬
‫التي يوضع فيها املتعلم ضمن املوضوع التعلمي‪ ،‬وانتهاء بالوضعية التقويمية‪ ،‬التي يتم فيها‬
‫تقويم املتعلم والحكم عليه وتشخيص تعثراته ومعالجتها‪.‬‬

‫‪305‬‬
‫ص ص‪308 - 290 :‬‬ ‫أثر نظرييت التعلم السلوكية والبنائية يف املقاربة باألهداف واملقاربة بالكفاءات‬

‫وإذا كنا قد أكدنا أن املمارسة الصفية تمثل التطبيق التربوي لنظريات التعلم فإن‬
‫النظريتين‪« :‬السلوكية و البنائية» ال تتسمان بالجمود والنمطية‪ ،‬بل هما نظريتان مرنتان‬
‫تتيحان للمدرس اختيار االستراتيجية التدريسية التي يشاء؛ وذلك حسب ما يتطلبه املوقف‬
‫التعليمي؛ فإذا كان املوقف يستدعي التذكر فسيتم االستناد الى التطبيقات التربوية لنظرية‬
‫السلوكية‪ ،‬أما اذ كان هذا املوقف يستدعي مستويات معرفية أخرى كالتحليل والتطبيق‬
‫والتركيب فال مناص من االستناد الى التطبيقات التربوية لنظرية البنائية‪.‬‬
‫وختاما ينبغي التأكيد على قضية مهمة مفادها أنه مهما بلغ إملام املدرس بهاتين‬
‫النظريتين‪ ،‬و مهما بلغ حرصه على تجسيدهما في املمارسة الصفية فان النتائج تظل نسبية؛‬
‫وذلك لعدة اعتبارات‪ ،‬منها الفروق الفردية بين املتعلمين مما يستدعي تنويعا في استراتيجيات‬
‫التدريس والتقويم‪ ،‬فضال عن املدة الزمنية القصيرة؛ مما يعيق التنفيذ الكلي ألنشطة‬
‫املحتوى‪ ،‬إضافة الى غياب الوسائل التعليمة (السيما التكنولوجيا منها) مما يعيق إنجاز بعض‬
‫املشاريع وبلوغ بعض األهداف التعلمية املسطرة‪.‬‬

‫قائمة املصادر واملراجع‪:‬‬


‫أحمد اوزي‪ ،‬املعجم املوسوعي لعلوم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديد‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪.2010‬‬
‫آمال جمعة عبد الفتاح محمد‪ ،‬استراتيجيات التدريس والتعلم‪ ،‬نماذج وتطبيقات‪ ،‬دار الكتاب‬ ‫‪-‬‬
‫الجامعي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.2010 ،1‬‬
‫إيمان عباس الخفاف‪ ،‬نظريات التعليم والتعلم‪ ،‬دار املناهج‪ ،‬األردن‪.2014 ،‬‬ ‫‪-‬‬
‫جابر عبد الحميد جابر‪ ،‬سيكولوجيا التعلم‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬الكويت‪.1989 ،‬‬ ‫‪-‬‬
‫جميل الحمداوي‪ ،‬البيداغوجيا الفارقية ‪ ،‬دار الريف للطبع والنشر اإللكتروني‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط‪.2020 ،1‬‬ ‫‪-‬‬
‫حسن أبو رياش وزهرية عبد الحق‪ ،‬علم النفس التربوي‪ ،‬دار املسير للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ط‪.2017 ،1‬‬
‫شهاب ماني عبد الصبور‪ ،‬املدخل املنظومي لبعض مناهج التدريس القائم على الفكر البنائي‪ ،‬املؤتمر‬ ‫‪-‬‬
‫العربي الرابع‪ :‬املدخل التدريس ي املنظومي في التدريس والتعليم‪ ،‬مركز تطوير تدريس العلوم‪ ،‬جامعة‬
‫عين شمس‪.‬‬
‫عبد الرحمن تومي‪ ،‬الجامع في ديداكتيك اللغة العربية‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪.2018 ،‬‬ ‫‪-‬‬
‫عبد الكريم غريب‪ ،‬املنهل التربوي‪ ،‬ج‪ ،2‬منشورات عالم التربية‪ ،‬دار النجاح الجديد‪ ،‬الدار البيضاء‬ ‫‪-‬‬
‫املغرب‪ ،‬ط‪.2006 ،1‬‬

‫‪306‬‬
‫حممد راهـــم ‪ /‬األميـــن مــالوي‬

‫غراريا حرقاص وسيلة‪ ،‬تقييم مدى تحقيق املقاربة بالكفاءات ألهداف املناهج الجديدة في إطار‬ ‫‪-‬‬
‫اإلصالحات التربوية حسب معلمي ومفتش ي املرحلة االبتدائية‪ ،‬دراسة ميدانية باملقاطعة التربوية لوالية‬
‫قاملة‪ ،‬رسالة دكتوراه علوم في علم النفس التربوي‪ ،‬قسم علم النفس وعلوم التربية‪ ،‬جامعة منتوري‬
‫قسنطينة‪.2010/2009 ،‬‬
‫القاموس التعليمي الفرنس ي‪ ،‬نقال عن‪ :‬األستاذة جدي مليكة‪ ،‬املنظومة التربوية في الجزائر من املقاربة‬ ‫‪-‬‬
‫باألهداف إلى الكفاءات الشاملة‪ ،‬مجلة أفاق للعلوم‪ ،‬جامعة الجلفة‪ ،‬عدد‪.7‬‬
‫القرآن الكريم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫كمال عبد الحميد زيتون‪ ،‬التدريس نماذج ومهارات‪ ،‬عالم الكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.2005 ،2‬‬ ‫‪-‬‬
‫محمد الدريج‪ ،‬الكفاية في التعليم‪ ،‬سلسلة املعرفة للجميع‪ ،‬املغرب‪.2000 ،‬‬ ‫‪-‬‬
‫املنجد في اللغة واآلدب والعلوم‪ ،‬ط‪ ،18‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬مادة كفأ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫املواقع اإللكرتونية‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪https://youtu.be/2g3bnc9dpu‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪https://www.youtube.com/watch?v=2UjcgsAzpBg‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪https://www.youtube.com/watch?v=FrdyBRnRS28‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪https://www.alukah.net/social/ /60474/0‬‬

‫التهميش واالقتباس‪:‬‬

‫(‪ )1‬عبد الرحمن تومي‪ ،‬الجامع في ديداكتيك اللغة العربية‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،2018 ،‬ص‪.42‬‬
‫(‪ )2‬حميد حقي‪ ،‬النظرية السلوكية‪ ،‬سلسلة علوم التربية‪ ،‬املحاضرة رقم ‪ ،15‬على الرابط‪:‬‬
‫‪ ،https://youtu.be/2g3bnc9dpu‬تاريخ اإلطالع‪.2019/09/12 :‬‬
‫(‪ )3‬حميد حقي‪ ،‬نظريات التعلم‪ ،‬النظرية السلوكية‪ ،‬محاضرة رقم ‪ ،12‬على الرابط‪:‬‬
‫‪ ،https://www.youtube.com/watch?v=2UjcgsAzpBg‬تاريخ االطالع‪.2019/09/12 :‬‬
‫(‪ )4‬عبد الرحمن تومي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫(‪ )5‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫(‪ )6‬نفسه‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫(‪ )7‬نفسه‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫(‪ )8‬شهاب ماني عبد الصبور‪ ،‬املدخل املنظومي لبعض مناهج التدريس القائم على الفكر البنائي‪ ،‬املؤتمر العربي الرابع‪:‬‬
‫املدخل التدريس ي املنظومي في التدريس والتعليم‪ ،‬مركز تطوير تدريس العلوم‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫(‪ )9‬زيد سليمان العدوان وأحمد عيس ى داود‪ ،‬النظرية البنائية االجتماعية وتطبيقاتها في التدريس‪ ،‬املرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪.19‬‬
‫(‪ )10‬إيمان عباس الخفاف‪ ،‬نظريات التعليم والتعلم‪ ،‬دار املناهج‪ ،‬األردن‪ ،2014 ،‬ص‪.66‬‬

‫‪307‬‬
‫ص ص‪308 - 290 :‬‬ ‫أثر نظرييت التعلم السلوكية والبنائية يف املقاربة باألهداف واملقاربة بالكفاءات‬

‫(‪ )11‬آمال جمعة عبد الفتاح محمد‪ ،‬استراتيجيات التدريس والتعلم‪ ،‬نماذج وتطبيقات‪ ،‬دار الكتاب الجامعي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫ط‪ ،2010 ،1‬ص‪. 158‬‬
‫(‪ )12‬جابر عبد الحميد جابر‪ ،‬سيكولوجيا التعلم‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬الكويت‪ ،1989 ،‬ص‪.89‬‬
‫(‪ )13‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.89‬‬
‫(‪ )14‬حسن أبو رياش وزهرية عبد الحق‪ ،‬علم النفس التربوي‪ ،‬دار املسير للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪،2017 ،1‬‬
‫ص‪.135‬‬
‫(‪ )15‬القاموس التعليمي الفرنس ي‪ ،‬نقال عن‪ :‬األستاذة جدي مليكة‪ ،‬املنظومة التربوية في الجزائر من املقاربة باألهداف إلى‬
‫الكفاءات الشاملة‪ ،‬مجلة أفاق للعلوم‪ ،‬جامعة الجلفة‪ ،‬عدد‪ ،7‬ص ‪.12‬‬
‫(‪ )16‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.09‬‬
‫(‪ )17‬عبد الكافي عرابي النجار‪ ،‬شروط صياغة األهداف السلوكية بأسلوب مبسط‪ ،‬محاضرة على الرابط‪:‬‬
‫‪ ،https://www.youtube.com/watch?v=FrdyBRnRS28‬تاريخ اإلطالع‪.2018/02/23 :‬‬
‫(‪ )18‬املصدر نفسه‪.‬‬
‫(‪ )19‬عبد الرحمن تومي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫(‪ )20‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫(‪ )21‬نفسه‪ ،‬ص‪. 82‬‬
‫(‪ )22‬جميل حمداوي‪ ،‬مقاالت متعلقة ببداغوجيا األهداف‪ ،‬منشورة بتاريخ ‪24/0/2013‬‬
‫‪ /60474/0https://www.alukah.net/social/‬تاريخ االطالع ‪.2021/05/01‬‬
‫(‪ )23‬عبد الرحمن تومي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.83‬‬
‫(‪ )24‬املنجد في اللغة واآلدب والعلوم ‪ ،‬ط‪ ،18‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬مادة كفأ‪.‬‬
‫(‪ )25‬سورة اإلخالص‪ ،‬اآلية ‪.04‬‬
‫(‪ )26‬غراريا حرقاص وسيلة‪ ،‬تقييم مدى تحقيق املقاربة بالكفاءات ألهداف املناهج الجديدة في إطار اإلصالحات التربوية‬
‫حسب معلمي ومفتش ي املرحلة االبتدائية‪ ،‬دراسة ميدانية باملقاطعة التربوية لوالية قاملة‪ ،‬رسالة دكتوراه علوم في علم‬
‫النفس التربوي‪ ،‬قسم علم النفس وعلوم التربية‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪ ،2010/2009 ،‬ص‪.21‬‬
‫(‪ )27‬كمال عبد الحميد زيتون‪ ،‬التدريس نماذج ومهارات‪ ،‬عالم الكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،2005 ،2‬ص‪.50‬‬
‫(‪ )28‬محمد الدريج‪ ،‬الكفاية في التعليم‪ ،‬سلسلة املعرفة للجميع‪ ،‬املغرب‪ ،2000 ،‬ص‪.57‬‬
‫(‪ )29‬عبد الرحمن التومي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫(‪ )30‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.‬ص‪.56 -55‬‬
‫(‪ )31‬أحمد اوزي‪ ،‬املعجم املوسوعي لعلوم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديد‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط‪،2010 ،1‬‬
‫ص‪.‬ص‪.55-54‬‬
‫(‪ )32‬جميل الحمداوي‪ ،‬البيداغوجيا الفارقية ‪ ،‬دار الريف للطبع والنشر اإللكتروني‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط‪ ،2020 ،1‬ص ‪.08‬‬
‫(‪ )33‬عبد الكريم غريب‪ ،‬املنهل التربوي‪ ،‬ج‪ ،2‬منشورات عالم التربية‪ ،‬دار النجاح الجديد‪ ،‬الدار البيضاء املغرب‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ،2006‬ص ‪.72‬‬
‫(‪ )34‬ينظر‪ :‬جميل الحمداوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.‬ص‪.15 -12‬‬
‫(‪ )35‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.‬ص‪.15-12‬‬
‫‪308‬‬

You might also like