Professional Documents
Culture Documents
Coordination of Islamic Colleges CIC
Coordination of Islamic Colleges CIC
تمهيد:
C
صلة الشعر باملوسيقى صلة قوية ،فكالهما فن سمعي يعبر عن الحياة عن طريق الوجدان
CI
والشعور ،إال أن مادة التعبير في املوسيقى أصوات غير محدودة ،ومادة التعبير في الشعر
أصوات تتحول إلى ألفاظ متميزة ،فالصلة بين الشعر واملوسيقى صلة قوية ،فجوهرهما
−
واحد ،ويعتمدان على األداء الصوتي ،ولذلك فإن املوسيقى عنصر هام في بناء الشعر
es
ويرتكز عليها في أدائه ،وال يكاد يوجد شعر بدون موسيقى ،بل قالوا" :الشعر هو موسيقى
eg
ذات أفكار".
ll
واملوسيقى التي يعتمد عليها الشعر نوعان :هما املوسيقى الظاهرة واملوسيقى الداخلية.
Co
ا
أول -املوسيقى الظاهرة:
غاية الشعر منذ القدم التعبير عن االنفعال .واإليقاع والتنغيم هما التعبير الطبيعي عنه،
c
mi
والوسيلة التي يصل بها الشعر إلى الوجدان والشعور .ولذلك فإن لغة الشعر ينبغي أن تقوم
la
عليه القصيدة ،وهو مجموعة التفعيالت التي تسمى "بحرا" ،ويراد باإليقاع وحدة هذا
of
التنغيم وهي "التفعيلة" ،وبناء على ذلك قال نقاد الشعر قديما" :الشعر هو الكالم املوزون
املقفى" ،ومع أن هذا التعريف يهمل جانب العاطفة والخيال ،إال أنه يشير إلى عنصر هام
n
- ۱الوزن :وهو أن تخضع القصيدة الشعرية في وزنها ملقياس خاص أساسه تكرار وحدة
di
خاصة وبعدد معين تسمى "بحرا" في "علم العروض" ،ثم تقابل حركات الكلمات وسكناتها
Co
في البيت بهذه التفعيالت ،وتستمر هذه املقابلة في كل بيت من أبيات القصيدة ،فإن تطابق
البيت املوزون مع الوزن كان سليما من الناحية املوسيقية ،وإال كان فيه نشاز واضطراب،
57
وسبب حدوث املوسيقى في القصيدة عن طريق الوزن ،أنه يحدث تموجات منتظمة
مسلسلة في النغم عن طريق التوازن الحاصل بين البيت والتفعيالت في الحركات
والسكنات ،وتمض ي هذه التموجات محتفظة بزينتها ونظامها املحكم حتى آخر القصيدة،
C
CI
فنحن إذا استمعنا إلى قصيدة سليمة الوزن ال نستمع إلى ألفاظ فقط ،وإنما نستمع إلى
موسيقى رتيبة متناسقة املوجات واالهتزازات الصوتية ،تألفها األذن وت َسر لها النفس.
−
أثر الوزن في جمال األلفاظ:
es
ليس الوزن صفة شكلية في الشعر ،ولكن له قدرة فائقة على أن يمنح ألفاظ الشعر من
eg
اإليحاء والتأثير ما ال يكون لها في النثر ،فالشاعر يختار ألفاظه اختيارا خاصا ويؤلف بين
ll
هذه األلفاظ بطريقة تبعث فيها روحا جديدة و تحفل باإليحاء والظالل.
Co
والشعر بإيقاعه املتتابع املنتظم يالئم إلى حد كبير طبيعة النظام في الكون واإلنسان،
فالكون يسير في حركة منتظمة موقعة ،وجسم اإلنسان يوجد فيه كثير من هذا اإليقاع
c
املنتظم في القلب وفي النفس وفي حركات السير ،فاستجابة اإلنسان للشعر وإيقاعه
mi
وموسيقاه استجابة مالئمة لطبعه وحياته ،بل هو يستغل هذا اإليقاع في غير الشعر أيضا،
la
يستغله في الرقص ،وفي حلقات الذكر ،وفي كل عمل يدوي مجهد ،لذلك فإن الوزن يكسب
Is
األلفاظ جماال وإيحاءا وموسيقى ،ويحدث طربا وتأثيرا ال يتوفر لها إذا وجدت في النثر.
- ۲القافية :القافية اشتراك بيتين أو أكثر في الجزء األخير (الذي يبدأ بمتحرك قبل آخر
of
ساكنين في البيت الشعري) ،مع مراعاة وحدة الحرف األخير (املسمى بحرف الروي) من بدء
n
هي كلمة (يهدمو) الياء املتحركة والهاء الساكنة ،والواو الساكنة الناتجة من إشباع امليم -
na
ويدخل فيها الحرفان املتحركان هنا بين الساكنين وهما الدال املكسورة وامليم املضمومة1
di
وحرف الروي هو امليم ،والتزام القافية املوحدة في الشعر يكسبه نغما مؤتلفا زائدا ووقعا
or
مؤثرا ،ويثبت إيقاع الوزن بضرباتها املنتظمة إلى آخر القصيدة ،كما يحقق للقارئ والسامع
Co
الشعور بمتعة اإليقاع من أثر تكرارها في توافق تام وجرس منتظم ،وتوافقات صوتية
C
CI
قدم الوزن والقافية في الشعر:
التزم الشعر العربي القديم نظام الوزن الواحد والقافية املوحدة في القصيدة من مبدئها
−
إلى نهايتها ،وذلك لعدة أسباب منها:
es
- 1كان معظم العرب أميين يعتمدون على الذاكرة في حفظ الشعر ،ووحدة الوزن والقافية
eg
تيسر لهم ذلك.
ll
- 2أن يحقق الشعر ما يحتاج إليه من املوسيقى التي تعتبر عنصرا أساسيا فيه.
- 3ساعدهم على ذلك لغتهم الخ ْ
Co
صبة املليئة بالكلمات التي تعينهم على التمسك بوحدة
القافية.
c
وقد مر الشعر خالل حياته الطويلة بأطوار عدة ،نوع فيها الشعراء في أوزانه وقوافيه،
mi
وخضع أللوان من التوزيع املوسيقي :من الرجز ،إلى املوشحات ،إلى الشعر الحر ،إلى الشعر
la
املرسل ،إلى غيرها من محاوالت التجديد املختلفة ،تلبية لداعي الغناء من جهة ،ورغبة في
Is
حاول بعض النقاد الربط بين موضوع القصيدة وبين الوزن الذي تنظم فيه ،وعقدوا تالزما
n
بين موقف الشاعر وعاطفته ،وبين النغم واإليقاع اللذين يختارهما للتعبير وقالوا :إن
io
البحور الكثيرة التفعيالت تناسبها ضخامة املوضوع كالفخر والحماسة ووصف الحروب،
t
والواقع أن هذه امللحوظات وإن وجدت في الشعر؛ إال أنها ال تؤدي إلى الربط أو التالزم ،فإن
di
الشاعر حين يقول شعرا في أي غرض ال يختار وزنا بعينه ،وإنما يصدر منه تلقائيا في أثناء
or
القيام بتجربته الشعرية ،فنحن اآلن نجد شعرا من بحور طويلة في موضوعات كلها جدية
Co
يقوم الفنانون بغنائها وتلحينها ،كما حاولوا الربط أيضا بين موضوعات الشعر وحروف
القافية ،فقالوا :إن القاف والضاد والغين تصلح للفخر والحماسة ووصف الحروب ،وأن
59
الباء والدال وامليم تصلح للغزل والرثاء .والواقع أنه الترابط بينهما ،فكل حروف الهجاء
صالحة لكل أغراض الشعر.
C
CI
−
es
eg
ll
Co
c
mi
la
Is
of
n
t io
na
di
or
Co
60
فكرة موجزة عن علم العروض
علم العروض هو العلم الذي يبحث في الشعر العربي من جهة ضبط وزنه وتحقيق قافيته،
C
وقد قام بوضع أصول هذا العلم الخليل بن أحمد البصري املتوفي سنة ٠٦١هـ ،حين رأى
CI
بعض الشعراء يجترئون على الشعر العربي القديم ويحدثون أوزانا جديدة لم تسمع عن
العرب ،أو يخرجون على األوزان العربية بالزيادة والنقص ،فشحذ همته ،واعتزل الناس في
−
حجرة خاصة قض ى فيها األيام يوقع بأصابعه ويحركها -وكان على دراية بعلم النغم واإليقاع
es
-ويطبقها على أوزان الشعر وقوافيه ،حتى استطاع أن يحصر أوزانه ويضبط قوافيه،
eg
ويخرج للناس علما تام األصول واملصطلحات ،لم يستطع املتأخرون أن يضيفوا إليه شيئا،
ll
إال بعض مسائل فرعية ،ال تمنع من القول :إن الخليل هو واضع هذا العلم بطريقة ال تدع
Co
مجاال ملستزيد .وقد حصر الخليل أوزان الشعر في خمسة عشر وزنا ،تضم عشرة ألفاظ
تسمى "التفعيالت" ،وهي :فعولن ،مفاعيلن ،مفاعلتن ،فاعلن ،فاعالتن ،متفاعلن،
c
mi
مستفعلن ،مفعوالت ،فاع التن ،مستفع لن .وسمي الوزن بحرا؛ ألن كل شاعر يغترف منه،
وقد اتفق النقاد على أن يوزن الشعر بهذه املوازين ،فتقابل حروفها بحروف الكلمات
la
املوزونة في بيت الشعر ،فما كان متحركا قوبل بمتحرك ،وما كان ساكنا قوبل بساكن،
Is
"هذه" ننطق فيها بعد الهاء بألف نحذفها في الكتابة ،ولكننا عند وزنها نقابلها بحرف
n
oالحرف الذي يكتب في املوزون وال ينطق به ،فإننا ال نقابله بحرف في امليزان ،فمثال
t
na
تركيب "هذا الذي" حذف فيه األلفان عند النسق اللتقاء الساكنين ،فعند إرادة وزنه؛
فإنه يقابل في امليزان بلفظ "مستفعلن" ،فالسين الساكنة في مقابلة األلف املحذوفة
di
بعد الهاء واأللف األخيرة في "هذا" وألف "الذي" ال يعتبران في امليزان ،ألننا ال ننطق
or
بهما.
Co
oالحرف املشدد يقابل بحرفين في امليزان وإن كتب حرفا واحدا كالالم في "الذي".
( )٠حركة الحرف األخير تشبع فينتج عنها حرف ساكن يظهر مقابله في التفعيلة.
61
oالتنوين في الكلمة املوزونة يعتبر حرفا ساكنا ،ألننا ننطق به ،وإن كنا ال نكتبه ،فكلمة
"عالم" توزن بلفظ "فاعلن" ،وكذلك الحرف املتولد من اإلشباع يعتبر حرفا في الوزن.
طريقة كتابة الشعر عند إرادة تقطيعه:
C
CI
للشعر عند إرادة وزنه رسم خاص ،يالحظ فيه ما ينطق مع ضم كل مجموعة من الحروف
تقابل لفظا من امليزان في صورة كلمة واحدة ،فمثال قول الشاعر:
−
ويـ ـأتـ ـي ـ ـك ب ـاألخ ـبـار من لم تزود س ـ ـتبدي لـ ـك األيـ ـام ما كنت جاهال
es
نكتبه هكذا:
ْ ْ
eg
ْ
ويأتي -كبألخبا -رمنلم -تزوودي لكألييا -مماكن – تجاهلن ستبدي ْ -
ْ
فعول ْن -مفاعيل ْن -فعول ْن -مفاعل ْن
ll
فعولن -مفاعيلن -فعولن -مفاعلن
Co
وبتقطيع البيت نالحظ أننا كتبنا التنوين نونا ساكنة ،وصورنا إشباع الكسرة ياء وفككنا
إدغام الحرف املشدد ،وحذفنا الحروف التي لم ينطق بها .وكونا البيت أجزاء قابلناها
c
بأجزاء امليزان غير مراعين فيها صورة الكلمات األصلية في البيت.
mi
األسباب واألوتاد:
la
بالتأمل في ألفاظ امليزان الشعري نجدها تتألف من مقاطيع مختلفة ،فقد يكون املقطع
Is
واللفظ (فاعالتن) مكون من ثالثة مقاطع (فا .عال .تن) واللفظ (فاع التن) مكون من ثالثة
n
مقاطع هكذا (فاع .ال .تن) ،وبذلك يكون تركيب (فاعالتن) غير تركيب (فاع التن) ،والسبب
io
في ذلك هو الداللة على كيفية تكون مقاطعها ،وبناء عليه فاملقطع املكون من حرفين يسمى
t
(سببا) .سواء أكان الحرف الثاني متحركا أم ساكنا ،مثل (مت .فا) ،واملقطع املكون من ثالثة
na
حروف يسمى (وتدا) سواء أكان الحرف الساكن بين الحرفين املتحركين أو بعدهما ،مثل
di
(فاع ،فعو).
or
Co
الزحاف والعلة:
62
قد نرى في الشعر تغييرات ،بحيث ال يطابق الوزن الشعري تماما ،وذلك كتسكين املتحرك
أو حذفه ،أو حذف الساكن أو زيادته ،أو حذف أكثر من حرف ،أو زيادته ،فإن تناول
التغيير ثواني األسباب بتسكين املتحرك أو حذفه أو حذف الساكن سمي "زحافا" ،وإذا وجد
C
CI
الزحاف في بيت ال يلزم تكراره في بقية األبيات.
وإن تناول التغيير غير ما ذكر بحذف السبب كله أو زيادة ساكن على الوتد مثال سمي "علة"،
−
وتقع العلل أصالة في العروض (آخر الشطر األول) والضرب (آخر الشطر الثاني) .وإذا
es
جاءت العلة في بيت ،فال يجوز للشاعر أن يتخلى عنها في بقية أبيات القصيدة.
eg
بحور الشعر
ll
بحور الشعر التي وضعها الخليل بن أحمد خمسة عشر بحرا ،زاد األخفش عليها بحر
Co
"املتدارك" .والقصيدة عدة أبيات كل بيت مكون من شطرين أو (مصراعين) ،الشطر األول
يسمى (الصدر) والشطر الثاني يسمى "العجز" .والشطر أجزاء يقطع إليها الشعر حسب
c
بحوره .وقد نظمها 1صفي الدين الحلي فيما يأتي:
mi
-1البحر الطويل:
la
َ َ
فـ ـعـ ـول ـ ـ ْن م ـفاعيل ْن فعول ْن مفاعل ْن طـ ـويـ ـ ـل له دون البحور فضائل
Is
-2البحر املديد:
َ َ َ َ َ
ف ـ ـ ـاع ـ ـ ـ ـالت ـ ـ ـ ْن ف ـ ـاع ـ ـلـ ـ ـ ْن ف ـ ـ ـاع ـ ـ ـالت ـ ـ ـ ْن لـمـ ـديـ ـد ال ـشـ ـع ـ ـر عندي صفات
of
-3البحر البسيط:
م ْستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن
n
-4البحر الوافر:
t
-5البحر الكامل:
di
-6بحر الهزج:
Co
1قد ترى بعض التغييرات اليسيرة عند مطابقة الوزن على املوزون ،وقد أردنا ذلك حتى نعطيك صورة أصلية لتفعيالت البحر.
63
-7بحر الرجز:
م ـ ْس ـ َت ْف ـعل ْن م ـ ْس ـ َت ْف ـعل ْن م ـ ْس ـ َت ْفعل ْن فـي أب ـح ـر األرج ـاز ب ـح ـر ي ـس ـه ـل
-8بحر الرمل:
C
َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ
CI
ف ـ ـاع ـ ـ ـالت ـ ـ ـن ف ـ ـاع ـ ـ ـالت ـ ـن ف ـ ـاع ـ ـ ـالت األب ـ ـح ـ ـر ت ـ ـ ْروي ـ ـ ـه ال ـ ـث ـ ـقات ر ْم ـل ْ
-9بحر السريع:
−
َ
م ـ ْس ـ ـ َت ْف ـ ـ ـعل ْن م ـ ـ ْس ـ ـ ـ َت ْف ـ ـ ـعل ْن ف ـاع ـل ْن ب ـح ـ ـر َس ـ ـري ـ ـ ـ ٌع م ـ ـا ل ـ ـه س ـ ـاح ـ ـ ـل
es
ْ
-11البحر املن َسرح:
َ
eg
م ـ ْس ـ ـت ـف ـ ـعلن م ـف ـ ـع ـ ـوالت م ـف ـت ـع ـلن م ـ ـن ـس ـرح ف ـي ـ ـه ي ـ ـض ـ ـرب الـمثل
ll
-11البحر الخفيف:
ْ َ َ
ف ـ ـاع ـ ـالت ـ ـن م ـ ـس ـت ـف ـع ل ـ ْن ف ـاعالتن
Co
ي ـا خ ـف ـي ـفا خ ـف ـت ب ـه ال ـح ـركات
-12بحر املضارع:
َ َ َ
c
َم ـف ـاع ـيل ْن فاع الت ْن ت ـ َع ـ ُّد الـم ـض ـار َع ـ ـات
mi
-13بحر املقتضب:
la
-14بحر املجثث:
َ
مسـتفع ل ْن فاعالت ْن اج ـت ـث ـ ـت ال ـ َح ـ َرك ـات ْ
of
-15بحر املتقارب:1
َ َ َ َ
فعول ـ ْن فعول ْن فعول ْن فعول ْن ع ـن الـمتق ـارب ق ـ َ
n
أما البحر السادس عشر وهو املتدارك ،فقد ضبطه بعضهم في قوله:
َفاع ـل ـ ْن َف ـاع ـل ْن َفاعل ْن َفاعلنْ َ
t
وفيما يأتي تقطيع بعض األبيات للسير على منوالها ،قال املتنبي ووزنه من الكامل:
di
ََ ْ َ ْ ْ ْ َ َ
وج َون َيزي -د َو َع ْب َرت ْن -تت َرق َرقو أ َرق ْن َعلى-أ َرق ْن َومث-ل َي َيأ َرقو
Co
1بحر املتقارب عروضه صحيحة لكن يجوز دخول تغييرين :األول :القبض ،فتصير فعولن فعول .الثاني :الحذف ،فتصير فعولن فعو.
64
-2وقال الشيباني ووزنه من "الخفيف":
ََ َ َ َ َ َ َ
َج ـل ب ـاري ـ َك فـي الورى وتعالـى ي ـا ه ـالال ي ـ ـ ْد َع ـ ـى أب ـ ـوه ه ـ ـ ـالال
َ َ َ ْ
َجل َل باري -كفل َو َرى -وت َعالـى
ْ
لنيـا ه َال َل ْن -ي ْد َعـى َأبو -هه َال ْ
C
َ َ َ َ َ َ َ
فاعالت ْن -م َت ْفع ل ْن -فعالت ْن فاعالت ْن-م ْس ـ َت ـ ْف ـع ل ْن-فعالت ْن
CI
-3وقال الحطيئة لعمر بن الخطاب :ووزنه من "املتقارب":
−
َ َ َ
ف ـ ـ ـإن ل ـ ـ ـك ـ ـ ـل َم ـ ـ ـق ـ ـ ـام َم ـ ـ ـق ـ ـ ـاال َتـ ـ َحـ ـنـ ـ ْن َع ـ ـ َل ـ ـي َه ـ ـ َ
داك الـ َم ـل ـيك
es
َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ
فإن َن -لكلل َ -مقامن َ -مقاال ت َح ْنن ْن َ -عل ْي َي َ -هدا كلَ -مليكو
َ َ َ َ َ َ َ َ
eg
فعول-فعول -فعول ْن -فعول ْن فعول ْن -فعول-فعول ْن-فعول ْن
ll
ا
Co
ثانيا :املوسيقى الداخلية:
للشعر روافد تمده باملوسيقى ،فتارة يستمد موسيقاه من الوزن والقافية ،وهذه هي التي
c
عبر عنها النقاد باملوسيقى الظاهرة أو الخارجية ،وتارة يستمد موسيقاه من ألفاظ ذات وقع
mi
خاص يختارها الشاعر ،أو تأليف تلك األلفاظ في صورة صوتية معينة ،يشعر القارئ معها
la
أن هناك نغما داخليا ينبعث من أعماقها ،وبوساطتها يحس بتفاوت النغم في أغراض الشعر
Is
املختلفة من الرثاء والحماسة والفخر ،كما يحس تفاوتا في تموجاته املوسيقية من االرتفاع
واالنخفاض أو الصخب واللين .وهذه املوسيقى أوسع دائرة وأقوى عاطفة وتأثيرا من
of
موسيقى الوزن والقافية .وقد عبر عنها النقاد باملوسيقى الداخلية ،وهي ضربان:
n
ْ َ َ
ص ادا
صال َوي ْبعد َ فا َوي ْدنو َو ْ إسعا َي ـ َت ـأتـ ـى َمـ ـ ْن ـعا ،وي ـ ْنعم
di
أو أن يكون بين الجمل في البيت ما يشبه القافية ،كما في قول أبي تمام:
or
َ َ
ّلل م ْرتقب فـي هللا م ْ َرتهب ت ْدبير م ْع َتصم ،باهلل م ْن َتقم
Co
-2خفية :وهي ال تد َرك في يسر ووضوح ،وإنما نحس أثرها بما تبعثه في النص الشعري من
جو خاص يالئم الحالة النفسية التي يعبر عنها الشاعر ،ويناسب التجربة الشعرية له،
65
وتنبع من براعة الشاعر في اختيار ألفاظه ،والتأليف بينها في نسق خاص ،ونغم يوافق ما
عليه الشاعر من بهجة ونشوة أو حزن أو غضب أو رضا وسخط ،ويعرفها القارئ أو السامع
بأثرها في نفسه ،وانعكاس عاطفة الشاعر عليه ،فيشعر بالحزن ولوعة النفس عند قراءته
C
CI
لشعر يعبر عن نفس مهمومة كئيبة ،كما في قصيدة "العودة" لناجي ،أو يشعر بالسرور
والنشوة عند قراءته لشعر ينس ي األلم ،ويصور ما في الطبيعة من جمال ،ويبعث فيها الحياة
−
كما في قصيدة "الصباح الجديد" للشابي ،أو يحس بجو مشحون بالحمية والغضب ،ملتهب
es
َ
بس ْورة 1الحقد على املستعمرين إذا قرأ قصيدة "سنثأر" ملفدى زكريا.
eg
واملوسيقى الخفية ليست لها قواعد وأصول ومعالم واضحة ،وإنما نعرفها بآثارها وتأثيرها
ll
في إحساساتنا ومشاعرنا ،وهي في تأثيرها وتعبيرها أشبه باملوسيقى التأثيرية التي تصاحب
Co
املواقف التمثيلية ،وتعبر عن أجوائها املناسبة .وتتحقق هذه املوسيقى نتيجة اجتماع
املقومات الفنية في الشعر ،من تجربة شعرية صادقة ،ووحدة عضوية متكاملة ،وصور
c
وأخيلة موحية ،وألفاظ وتعبيرات جيدة.
mi
وهي ذات قيمة كبيرة في ارتفاع مستوى الشعر ،ودليل على قدرة الشاعر وبراعته.
la
Is
of
n
t io
na
di
or
Co
َ 1س ْورة (ج) سورات ،سورة الغضب :شدة الغضب ،سورة البرد :شدته.
66
فنون الشعر
فنون الشعر ثالثة:
.3الشعر املسرحي .2الشعر امللحمي .1الشعر الغنائي
C
ا
CI
أول -الشعر الغنائي
الشاعر كائن حي يتميز بصدق اإلحساس وصفاء الوجدان ،ويعيش في الحياة ويتفاعل
−
معها ،ينعم بخيرها ويشقى بشرها ،ويرى صورا ورؤى كثيرة ،ويندمج مع من حوله وما حوله
es
من كائنات بحكم عالقاته باآلخرين .والشعر الذي يتحدث فيه الشاعر عن نفسيته وعن
eg
وقع األحداث عليه ،وعن نزعات قلبه ،وخالصة آرائه وأفكاره ،ومظاهر عواطفه ،وصفوة
ll
تصوراته وتخيالته في األحداث التي تعرض له ،والكائنات املحدقة به ،وينبع موضوعه من
Co
داخل النفس -ذلك الشعر هو الشعر الغنائي ،أو الشعر الوجداني ،ألنه يتغنى به أو يصلح
للغناء ،وألنه تعبير عن الوجدان واإلحساس ،وتتعدد أغراض هذا الشعر بتنوع انفعاالت
c
النفس.
mi
فاملدح تعبير عن الرضا واالرتياح والشعور بالجميل ملن يستحق التقدير من الناس.
la
والهجاء تعبير عن الغضب والسخط والشعور باإلساءة وتنفيس عن ثورة مكبوتة ضد
Is
خصم ،والغزل نفحة من نفحات اإلعجاب والحب ،والحماسة والفخر ترجمة عن الثقة
بالنفس واالعتزاز بالقوم ،واالعتذار تنفيس عن شعور بالخطأ واعتراف بالتقصير ،والرثاء
of
فجيعة في عزيز وتقدير لصنيع .وهكذا بقية األغراض تعبر عن نبضات القلوب ،وخلجات
n
النفوس.
io
وإن كان الشاعر ينفذ من خالل ذاته إلى حياة املجتمع معبرا عن موقفه من أوضاعه وقيمه
t
ومن سمات هذا الشعر أال تزيد القصيدة على مائة بيت غالبا ،فإن زادت على ذلك فمرده
di
إلى أمرين:
or
-1إما تعدد املوضوعات التي تتناولها القصيدة ،حيث يستطرد الشاعر من موضوع إلى
Co
67
حيث تجده خرج عن تجربته الشخصية وتحدث عن مجد مصر في عصورها املختلفة،
ومش ى مع التاريخ يروي أحداثه ،ويقف عند كل حدث وقفة قد تقصر أو تطول.
-2وإما أن تكون موهبة الشاعر خصبة ،بحيث يستطيع توليد املعاني بعضها من بعض،
C
CI
وبذلك تطول القصيدة ،وهذا أمر نادر ،وقد تكون األبيات قليلة ال تجاوز العشرة فتسمى
"مقطوعة" ،كما نجد ذلك في قول أبي نواس ،يصف زهر النرجس ،ويتخذه دليال على
−
وحدانية هللا فيقول:
َ ََ
es
ْ َ
ص ـ ـ َن ـ ـ َع الـ َم ـل ـيـ ـ ــك
إلـ ـى آث ـ ـار م ـ ـا َ تأم ـ ْل فـي ن ـ َـب ـات األ ْرض وانظ ـ ْر
ع ـي ـ ــو ٌن م ْن ل َج ْين شاخص ـ ـ ٌ
eg
بأبص ـار هـي الذه ـب الس ـبي ــك ـات
ب ـأن هللا ل ـ ـي ـ ـ ـ َ ٌ
ll
س ل ـ ـ ــه ش ـ ـ ـ ـري ـ ـ ـك شاهدات على قضب الزبرجد
Co
الفروق بين املقطوعة والقصيدة:
-1تتناول املقطوعة موضوعا واحدا ال يتعمق الشاعر فيه وال يعرض له بالتفصيل.
c
أما القصيدة فتتناول غالبا موضوعات متعددة ،أو موضوعا واحدا فيه الصور الكثيرة
mi
-2أسلوب املقطوعة فيه حدة العاطفة والتركيز ،وليس فيه احتفال كبير بالصور املجازية
Is
وضروب املحسنات ،ألن الهدف منه التعبير عن لحظة انفعال غير متعمقة.
أما أسلوب القصيدة ،ففيه احتفال بالصور األدبية وألوان التقديم والتأخير؛ ألن الشاعر
of
-3أبيات املقطوعة ال تجاوز عدد أصابع اليدين ،أما أبيات القصيدة فتصل إلى مئة بيت،
io
والشعر العربي قبل العصر الحديث في جملته شعر غنائي .أما في الحديث فقد تأثر الشعر
na
العربي باآلداب األجنبية ،وبمقاييس النقد الحديث ،فظهر فيه الشعر امللحمي الفصيح
di
والشعر املسرحي.
or
ا
ثانيا :الشعر امللحمي
Co
هو شعر قصص ي موضوعي ال يتحدث فيه الشاعر عن أحاسيسه ومشاعره ،وإنما يتناول
الوقائع الحربية واملناقب القومية واألبطال والجماعات ،بأسلوب أدبي تمتزج فيه الحقائق
68
باألساطير وتكثر فيه الخوارق واألعاجيب ،وعلى ذلك فموضوع امللحمة املعارك والبطوالت.
ويمثل امللحمة في األدب اليوناني :اإللياذة لهوميروس ،وتتناول بعض وقائع الحرب التي
دارت رحاها بين اإلغريق والطرواديين ومعهم حلفاؤهم ودامت عشر سنين(.)1
C
CI
ومن األدب الفارس ي "الشاهنامة" للفردوس ي ،وتتضمن خالصة ما روى الفرس من أساطير
وحقائق في تاريخ ملوكهم ،منذ أقدم العصور إلى الفتح اإلسالمي.
−
ومن األدب اإليطالي "الكوميديا اإللهية" للشاعر اإليطالي دانتي .ومن األدب اإلنجليزي
es
"الفردوس املفقود" للشاعر اإلنجليزي "ملتن".
eg
ويمثل امللحمة من األدب العربي الحديث "عيد الغدير" و "عيد الرياض" للشاعر بولس
ll
سالمة ،وكذلك "اإللياذة اإلسالمية" للشاعر أحمد محرم ،و"فتاة الجبل األسود" و"نيرون"
Co
للشاعر خليل مطران في رأي بعض النقاد.
وقد وجدت املالحم الشعبية في األدب العربي منذ القديم ،مثل قصة "أبو زيد الهاللي" و
c
"عنترة بن شداد" و"سيف بن ذي يزن" و"ذات الهمة" و"حمزة البهلوان" وغيرهما ،لكنها
mi
ولقد كان للعرب أيام ومعارك كثيرة عبر عصور الزمن تعتبر عونا كبيرا لوجود املالحم ،ولكن
Is
يبدو أن الصورة التي عرفت بها املالحم في القديم من كونها طويلة مسرفة في الطول ،تصل
إلى آالف األبيات من جانب ،واتخاذ هذه الصورة تقنينا يسير عليه الشعراء من جانب آخر،
of
واملحافظة على وحدة الوزن والقافية في الشعر العربي قبل العصر الحديث من جانب
n
ثالث ،كل ذلك شكل صعوبة على الشعراء في الوصول بقصائدهم الحماسية إلى هذه
io
اآلالف من األبيات بأسلوب فصيح ،والدليل على ذلك أنهم حينما تخلصوا من األسلوب
t
األدبي ومن وحدة الوزن والقافية ،استطاعوا أن ينشئوا املالحم الشعبية التي أشرنا إليها.
na
-1أنها طويلة مسرفة في الطول ،وبذلك خرجت القصائد العربية التي قيلت في املعارك
or
C
CI
-3أنها تصاغ في أسلوب أدبي رائع مسلسل األحداث مترابط الفكرة ،وليس فيها جفاف
الحقائق وتجريد املعلومات.
−
-4أنها ليست مصدرا من مصادر التاريخ ،وإنما تقرأ على أنها تعبير فني عن حياة اإلنسان
es
بما فيها من مفاجآت ،ألنها تعتمد على املبالغة ،فالحقائق فيها ممزوجة باألساطير.
ا
eg
ثالثا :الشعر املسرحي
ll
املسرحية الشعرية "قصة" قد يكون موضوعها "شخصية عصامية" ،استطاعت أن
Co
تتخطى صعاب الحياة ،وأن تصل إلى مثلها األعلى الذي وضعته لنفسها أمنية ،حتى تكون
مثال حيا للشباب وطموحهم.
c
وفيها يعرض املؤلف املشكالت التي اعترضت طريق هذه الشخصية ،والصراع الذي وقع
mi
بينها وبين املشكالت ،وكيف تغلبت عليها ،وقد يكون موضوعها "حدثا اجتماعيا" يشتد فيه
la
الصراع بين الفضيلة والرذيلة ،كما يحدث بين دعاة الحق وحماته ،وأتباع الباطل ومؤيديه،
Is
ألنه يتالءم مع هواهم وانحرافاتهم ،إلى آخر هذه املوضوعات التي نقرؤها ونشاهدها .وكلما
كان املوضوع له أهميته لدى الجماهير ،كلما كانوا أكثر إقباال عليه ،وأكثر تأثرا به.
of
واألحداث في املسرحية تعرض عن طريق الشخصيات ،والحوار فيها يشكل عنصرا هاما،
n
وكلما كان قصيرا موحيا ،كلما كان أنفذ إلى مشاعر الجماهير.
io
ولغة املسرحية هي الواسطة بين املؤلف والجمهور ،فال بد من أن تكون كاشفة معبرة ،في
t
وأخطر ما تتعرض له لغة املسرح أن تكون خطابية ،وذلك حين يشعر املرء أن الشخصية
di
ال تتوجه للشخصيات املسرحية األخرى ،بل إلى املتفرجين ،أو أن تكون العبارة غنائية
or
تصف املشاعر الذاتية ،فتشعرك أنك أمام قصيدة غنائية ال أمام حوار مسرحي.
Co
والشاعر في املسرحية ينطق كل شخصية بما يناسبها ،ألن لكل شخصية ثقافتها وبعدها
االجتماعي.
70
موازنة بين الشعر امللحمي والشعر املسرحي:
)1كل منهما شعر قصص ي.
)2كل منهما شعر موضوعي ال يتحدث فيه الشاعر عن عواطفه الخاصة بل يصور عواطف
C
CI
الشخصيات في القصة.
)3كل منهما حديث في األدب العربي.
−
ويختلفان فيما يأتي:
es
-1األحداث في املسرحية تعرض عن طريق الحوار الذي يجريه الشاعر على ألسنة
eg
شخصيات املسرحية .أما األحداث في امللحمة فيحكيها الشاعر بنفسه.
ll
-2لغة املسرحية ال تسير على نسق واحد ،وإنما تتالءم مع طبيعة الشخصية ومستواها
Co
الثقافي ،ولذلك فإن ما يعد أحيانا غير مناسب في الشعر الغنائي أو امللحمي ،قد يكون بليغا
في املسرحية إذا ناسب الشخصية التي جرى على لسانها ،أما لغة امللحمة فتكون في مستوى
c
رفيع من التعبير؛ ألن الشاعر هو الذي يحكي األحداث بأسلوبه.
mi
-3املبالغات في امللحمة مقبولة ،لكنها غير مقبولة في املسرحية ،فكلما كانت املسرحية
la
مرتبطة بالواقع كانت أجمل ،وال سيما إذا كانت تاريخية أو اجتماعية.
Is
ويعد شوقي رائد هذا الفن األدبي في الشعر العربي الحديث ،ألنه ارتفع بأسلوب املسرحية
الشعرية إلى منزلة األدب الرفيع ،في وقت كثرت فيه املسرحيات النثرية باللغة العامية ،وألنه
of
من القطع الغنائية ،متأثرا بماضيه وبجمهوره ،ويطيل الحوار أحيانا حتى يبلغ حد
t
القصيدة ،وبخاصة في مسرحيتيه األوليين ،ولكنه تخلص بعد ذلك من هذا املأخذ ،وجاء
na
بعد شوقي طائفة من الشعراء ترسموا خطاه ،ومن أبرزهم عزيز أباظة وعلي أحمد باكثير
di
71
أسلوب النثر
مفهومه ومقوماته الفنية
مفهومه :هو األسلوب الذي يعبر به األديب عن أفكاره وعواطفه ،وال يلتزم فيه وزنا وال
C
CI
قافية ،ويمتاز "بالتحرر والتنوع ،ووضوح املنهج( ،)1وداللة العبارة على املراد من أقرب
طريق ،واتساع املجال أمام الكاتب كي يعبر فيه عما يجيش في نفسه من الخواطر
−
واإلحساسات".
es
مقوماته( :عناصره) )۱( :املعاني ( )۲الخيال ( )۳التعبير.
eg
-1املعاني :هي األفكار التي يلم بها األديب في موضوعه الذي يعالجه ،وهي عنصر عظيم
ll
األهمية في النثر .وحظها فيه أقوى وأوضح من أي مقوم آخر ،ألن وظيفة النثر عالج
Co
املشكالت االجتماعية والتعبير عن العالقات اإلنسانية املختلفة ،ووصف مظاهر
الحضارة .وكلما سارت الحضارة في طريق التقدم عظم شأن األفكار .ففي العصر الحديث
c
عصر الذرة وغزو الفضاء والفعالية واالبتكار ،حيث تعددت املشكالت التي تحتاج إلى
mi
العالج ،نجد األفكار قوية غزيرة دقيقة واضحة ،تتناول شؤون الحياة من تعليم وسياسة
la
وفي عصور الضعف ،نجد األديب يركن إلى الزينة الشكلية ،ليغطي بها ضآلة أفكاره وضعف
معانيه.
of
-2الخيال :هو أثر النشاط الوجداني في نفس األديب ،وسبب استثارة االنفعال العاطفي في
n
نفس القارئ والسامع .وكلما قويت العاطفة التي تبعث على القول احتاج األديب إلى الصور
io
فالخيال وليد العاطفة ،وهو الذي يولد الصور التي تشيع الروعة في األسلوب .والنثر ال
na
يحفل بالخيال والصور كثيرا كما يحفل الشعر ،ألن اهتمامه األول باألفكار لعالج
di
املشكالت ،على أننا -قد نجد التصوير بارزا في بعض الفنون النثرية ،كالقصة واملسرحية
or
والرسائل األدبية التي تعتمد على تصوير املشاعر واألحاسيس ،ولكن أصالة الخيال في النثر
Co
C
CI
والتأخير والحذف والذكر واإليجاز واإلطناب ،وأن يراوح في أسلوبه بين الخبر واإلنشاء ،حتى
يتحقق األثر الذي ينشده .وينبغي أن يكون الكاتب على علم بما تحمله الكلمة من معان
−
حقيقية ،وما تتسع له من معان مجازية ،حتى يحسن وضع الكلمات مع ما يجاورها.
es
واللغة كائن حي تتلون بألوان البيئة والعصور والثقافات .فالكاتب الفذ هو الذي يقدر على
eg
انتشال الكلمات املألوفة التي ال تثير اهتمام القارئ ،ويستخدمها استخداما يكسبها جدة
ll
وطالوة ،ويبعث فيها الحيوية والنشاط ،والكتاب في العصر الحديث نوعان:
(أ) نوع يميل إلى استعمال الكلمات الغريبة ،حتى ل َنكاد نعده من العصور األولى كالسيد
Co
توفيق البكري ،والشيخ حمزة فتح هللا ،وعلي الجارم.
c
(ب) ونوع يميل إلى استعمال الكلمات املألوفة عند أكبر عدد ممكن من املثقفين ينتشلها
mi
من التيار العام إلى تيار آخر تصفو فيه من ابتذالها ،ويعود إليها نشاط لم تألفه من قبل.
la
ومما تقدم يتبين لنا أن التعبير الجيد هو الذي تتوافر فيه الشروط اآلتية:
-1استعمال الكلمات املألوفة عند أكثر املثقفين.
of
-2االبتعاد عن الكلمات املبتذلة والنابية والتي كثر دورانها على األلسنة وأصبح املثقفون
n
ولعل من املناسب بعد أن تكلمنا عن مقومات النثر أن نتحدث عن املوسيقى ودورها في
na
النثر الفني.
di
واملوسيقى في النثر هي الجو العاطفي الذي يشيع في النص األدبي ويحقق املتعة والتأثير في
or
نفس القارئ والسامع ،وليست املوسيقى رهينة بالسجع واالزدواج والترادف وغيرها من
Co
املحسنات فحسب ،وإنما هي رهينة بالعاطفة الصادقة التي تحمل الكاتب على أن يختار
األلفاظ املناسبة للموضوع ،ثم يضعها في نسق خاص تنشأ منه موسيقى تزيد املعنى قوة
73
وتأثيرا ،وتوحي بأفكار وعواطف أكثر مما توحي به وهي مفرقة .وكلما قوي حظ النثر من
العاطفة ،كان حظه من املوسيقى أوفر ،وكلما بعد عن العاطفة ابتعد بمقدار ذلك عن
املوسيقى .ومما تقدم نستطيع أن نقول:
C
CI
إن النثر الرائع هو الذي يحقق التأثير واملتعة النفسية العقلية معا ،ويكون مزاجا من الفكر
حساسا ،ووليد العقل الناضج الذي يأتي بالفكرة الخصبة ،والعاطفة الصادقة التي تنتج
−
الصور املوحية واملوسيقى املؤثرة ،كما يكون أسلوبه بعيدا عن الغرابة وااللتواء ،وهذا النثر
es
هو الذي يعجب نقاد األدب كنثر أحمد حسن الزيات.
eg
أما النثر الذي تغلب عليه املتعة الذهنية ،فال يعجب النقاد كثيرا ،وإنما يعجب العلماء
ll
والفالسفة الذين يميلون إلى عمق الفكرة كنثر عباس محمود العقاد ومصطفى صادف
Co
الرافعي.
أنواع النثر
c
النثر أنواع :رسائل ،ومقاالت ،وخطابة ،وقصة ،ومسرحية ،ولكل نوع منها أسلوبه الخاص
mi
به .وسنعرض كل نوع على حدة ،ليتبين مدى اختالف النثر في كل منها.
la
ا
أول :الرسائل
Is
الرسائل لون من ألوان الخطاب املكتوب ،يتناول فيه كاتبه ومنشئه غرضا من أغراض
الحياة العامة أو الخاصة ،وهذا الغرض قد يعبر عن مصلحة أو أمر من األمور العملية
of
املادية بعيدا عن العاطفة والخيال ،وقد يعبر عن موضوع خاص تكون العاطفة والخيال
n
والشعور فيه من أبرز مالمحه ،وهي باعتبار الغرض الذي ترمي إليه .ذات أنواع كثيرة ،منها:
io
.1الرسائل الرسمية
t
وتسمى أيضا الرسائل العامة أو الديوانية .وتتناول شؤون الدولة قاطبة في الداخل
na
والخارج ،كالرسائل التي تبعث به الدولة إلى دولة أخرى في شأن معاهدة أو تحديد عالقة
di
من العالقات ،وكاملكاتبات التي تصدر من إدارات الحكومة إلى الهيئات واألفراد ،ويعد منها
or
ا لتعميمات التي تصدر من الحكومة إلى مصالحها بالتعليمات التي تتبع في أي شأن من
Co
74
ولهذا النوع من الرسائل مكانة رفيعة ولذلك رأوا أن صاحب هذا املنصب يحتاج إلى ثقافة
واسعة تشمل الثقافة العربية والشرعية ،ومعرفة بعض اللغات األجنبية ،وقد سلكت هذه
الرسائل مسلكا خاصا في البدء والختام واالحتفاظ باأللقاب .وتناولت أغراضا تتعلق
C
CI
بالخالفة من بيعات وعهود ،وحث على الجهاد ،وتمسك بالدين ،وطلب للفيئ والخراج ...الخ.
فقد كان الكاتب يبدؤها برسم معروف في رسائل عصره من السالم والحمد هلل واالنتقال
−
إلى املوضوع املطلوب ثم الختام ،ومن هذه الرسائل رسالة عمر بن الخطاب -رض ي هللا عنه
es
-إلى عمرو بن العاص والي مصر ،وقد استبطأ ورود الخراج من قبله.
eg
من عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص:
ll
"سالم هللا عليك ،فإني أحمد إليك هللا الذي ال إله إال هو ،أما بعد فقد عجبت من كثرة
َ
Co
كتبي إليك في إبطائك بالخراج ،وكتابك إلى ببنيات 1الطرق ،وقد علمت أني لست أرض ى منك
إال بالحق البين ،ولم أقدمك إلى مصر لتجعلها طعمة لك ولقومك ،ولكني وجهتك ملا رجوت
c
من توفير الخراج وحسن سياستك ،فإذا أتاك كتابي هذا فاحمل الخراج ،فإنما هي فيئ
mi
َ َ
املسلمين ،وعندي من قد ت ْعلم قوم محصورون ،والسالم".
la
وبمرور الزمن تغيرت األحوال السياسية واالجتماعية ،وضعفت الثقافة اللغوية ،واتسعت
Is
دائرة املكاتبات الرسمية .وكثر االهتمام باملعنى ،فصار األسلوب يميل إلى البساطة في
القول ،واليسر في التعبير ،والبعد عن األناقة ،ويتجه إلى تقرير الحقائق في أسلوب واضح
of
ومثال ذلك تلك الرسائل التي تصدر من وزارة التربية والتعليم إلى أحد تكلفه فيها أمرا من
io
األمور.
t
الرقم ..........التاريخ.........................
or
السيد األستاذ.................................
Co
تحية طيبة:
1أباطيل
75
إشارة لألمر اإلداري رقم ۱٤۱۲۳/۲/۸بتاريخ ۱۳۷۱/۱۱/۲۱هـ .يسر الوزارة أن تسند إليكم مهمة
التأليف على النحو التالي:
اسم الكتاب ............................... :للصف ............................. :مراجع...................................:
C
CI
املشرف.................................. :
راجين مراعاة ما يلي عند التأليف:
−
-1ضرورة االطالع على املنهاج والدقة في االلتزام به.
es
-2ضرورة رسم خطة مع زمالئكم تشتركون معهم في التأليف بحيث يؤخذ بعين االعتبار توزيع
املادة على الكتاب ،واالنتهاء منه في الوقت املحدد.
eg
-3يراعى عند االنتهاء من الكتاب أن يكون واضحا فيه النقاط التالية:
ll
(أ) وضوح تقسيم الكتاب إلى أبواب مستقلة.
Co
(ب) ضرورة توحيد أسلوب مؤلفي الكتاب.
(ت) تشكيل اآليات القرآنية واألحاديث الشريفة تشكيال كامال مع مراعاة إسنادها في الهامش،
c
mi
-5يقدم الكتاب كامال مطبوعا على اآللة الكاتبة من ( )۳نسخ باإلضافة إلى النسخة األصلية
Is
املكتوبة بخط اليد ،أما الصور والخرائط والرسوم فتقدم على نسخة واحدة مرسومة بالحبر.
-6آخر موعد لتقديم الكتاب إلى الوزارة يوم ۱۳۱۱/۲/۲۲هـ .وللوزارة الحق في رفض تسلم
of
الكتاب إذا تأخر عن املوعد املحدد ،بما تعتبره ضارا بمشروع التأليف...الخ.
وشكرا.
n
io
مدير املعارف
t
na
فإذا قرأنا هذه الرسالة نجدها تضمنت غرضا خاصا بالدولة ،تطالب فيه بتأليف كتاب ما،
di
وتحدد للمؤلف املنهج الذي يسير عليه ،والوقت الذي يسلم الكتاب فيه ،واملكافأة التي
or
يستحقها ...إلى آخره .وتشير في صدر الكتاب إلى القانون الذي صدر بموجبه هذا التكليف
Co
ورقمه وتاريخه ،فالرسالة مادية عملية حكومية قررت ما تريد من حقائق وتفصيالت،
واشتملت على إحصاءات واصطالحات فنية ،ودقة في التعبير ،بحيث يصعب بعد ذلك
76
التأويل والتخريج ،مع خلوها من املبالغة ،وتجريدها من العواطف والخيال ،وال يراعى فيها
جمال الصياغة ورشاقة التعبير بقدر ما يراعى فيها "سالمة التعبير ،وأداء املعنى املراد"،
وبهذه االعتبارات يكون أسلوبها أشبه باألسلوب العلمي ،وال تدخل في منهج النقد األدبي وال
C
CI
تتصل به إال بالقدر الذي يتاح لها من التأنق وجمال الصياغة ،كما في رسالة عمر .ومما
تقدم نستطيع أن نوجز خصائص الرسائل الديوانية فيما يأتي:
−
-1تكتب الرسائل الديوانية لإلعالم والتوجيه في شؤون تتعلق بالدولة ونظمها وأعمالها من
es
الدولة إلى األفراد وبالعكس ،وإبالغ الحقائق واألخبار إلى من يهمه األمر.
eg
-2تتسم بالدقة في التعبير ووضوح املعنى املراد ،بعيدا عن التأويل واالحتماالت.
ll
-3البعد عن الخيال واملبالغة والتهويل.
Co
-4أسلوبها أسلوب تقريري يتقيد بالترتيب املنطقي واملصطلحات الفنية وتفصيل األحداث
الواقعية.
c
-5االعتماد على الحقائق والبيانات واإلحصاءات واألرقام إذا لزم األمر.
mi
-7األناقة ليست جوهرية في أسلوبها وال مقصودة لذاتها؛ وإن جاءت في بعض الرسائل،
Is
فألن كتابها من املثقفين الذين مرنوا على هذا النوع من الترسل ،فال حرج عليهم في اإلجادة.
-2الرسائل اإلخوانية:
of
اإلنسانية وتصور عواطف الناس في مواقف التهنئة والتعزية والشوق والشكر والعتاب...
io
الخ .وهدف هذا الطراز من الرسائل هو "التعبير عن الوجدان ،والتأثير في نفس من يكتب
t
إليهم ،وتحقيق املشاركة الوجدانية بين املتراسلين" ،وملا كان هدف هذه الرسائل يختلف
na
عن هدف الرسائل الرسمية ،فإن الكاتب يسلك في بيانها مسلكا يختلف عن النوع األول،
di
فهو يسير فيها بأسلوب هو أقرب إلى أسلوب القصة يتحدث فيه الكاتب إلى إخوانه
or
وأصفيائه حديثا شخصيا ،كما يتحدث إلى نفسه ،ويفصح لهم عما يكنه قلبه بدون تكلف
Co
أو صنعة أو استعمال منطق دقيق ،ويرسل نفسه على سجيتها خاليا من القيود التي يلتزمها
حينما يتحدث إلى غير صديق ،وهنا يبلغ أسلوبه أسمى مرتبة في اإلخالص والحرية
77
والسالسة واالنسياب والجمال ،ويكون أكثر انطباعا ولصوقا بشخصية صاحبه ،وأقل
خضوعا للقواعد التي تخضع لها املكاتبات الرسمية .لذلك احتفى به األدباء ،وبخاصة إذا
كتبوا ملن يتذوق األدب ،ويتأثر بروائعه ،وتتحقق له به املتعة واملشاركة ،فحققوا فيه كل
C
CI
مقوماته الفنية ،مما أدخله في دائرة العمل األدبي والنقد الفني" ،وبنظرة إلى ألوان الرسائل
اإلخوانية نرى أن هناك صلة بينها وبين الشعر الغنائي ،من حيث الغرض والباعث .ولذا
−
صح االستشهاد فيها بالشعر ،بل صح أن تكون كلها شعرا ،والكاتب إذا كان جيد القريحة
es
حسن التأتي فيها بلغ املراد" ،1ومن أبلغ الرسائل اإلخوانية ما كتبه رسول هللا -صلى هللا
eg
عليه وسلم -إلى معاذ بن جبل معزيا بابن له مات:
ll
من محمد رسول هللا إلى معاذ بن جبل.2
َ َ َ َ عل ْي َكَ ،فإني ْ َ َ
إلي َك هللا الذي ال إله إال هو ،أما بعد ،ف َعظ َم هللا ل َك األ ْج َر، أح َمد ْ َسالم هللا
Co
َ َْ ْ َوأ ْل َه َم َك الص ْب َر ،و َر َ َق َنا وإي َ
اك الشك َر .ثم إن أنف َس َنا وأ ْهلينا َوم َوال َينا من مواهب هللا ز
َ ْ ْ ْ َ
c
ضوع َوارفه 4امل ْست ْو َد َعة ،ن َمتع ب َها إلى أجل َم ْعدود ،وتق َبض ل َوقت َم ْعلوم ،ثم افت َر َ السنيةَ ،3
mi
وع َوارفه الش ْك َر إذا َأ ْع َطى ،والص ْب َر إ َذا ْاب َت َلى ،وكان ابن َك من مواهب هللا َ
الهنيةَ ، ُّ
علينا
la
ص ْب َرك، ص َل َت ْين :5أ ْن ي ْحبطَ 6ج َزعك َ واح َت َس ْب َت ،فال َت ْج َم َعن عليك يا معاذ َخ ْ ص َب ْر َت ْ ْإن َ
ْ
وده ،و َع َرف َت على َثواب مص َيبتك َأ َط ْع َت ربكَ ،وت َنج ْز َت َم ْوع َ ََْ َ َ ََ َ َ َ ََ ْ َ ْ َ َ
فتندم على ما فاتك ،فلو قدمت
of
َ ْ َ َ رت َع ْنهْ ، ص ْ أن املص َيب َة َق ْد َق َ
الج َز َاء، فأحس ْن َ ميتا ،وال َيدفع ح ْزناْ ، واعل ْم أن ال َج َزع ال ير ُّد ْ
َ ْ ْ َ َ َوت َنج ْز املَ ْوع َ
أسفك ما ه َو ناز ٌل ب َك".
n
ود ،وليذهب
io
وإن جمال هذه الرسالة ناش ئ عن صياغتها الطبيعية التي ال تكلف فيها ،وراجع إلى حسن
t
تقسيمها جمال قصيرة ،ثم إلى ترتيبها وحسن عرض أفكارها ،فقد بدأ الرسول -صلى هللا
na
عليه وسلم -الرسالة بتحية بالسالم والحمد هلل إليه ،ثم الدعاء له بأن يعظم هللا أجره
di
or
3السنية :الرفيعة.
4العوارف :جمع عارفة وهي العطية.
5املراد بهما فقد الثواب وفقد الولد.
6يحبط :يبطل.
78
ويرزقه الصبر ،بل وأن يمنحه نعمة الشكر ،ثم أشار إلى مرتبة أعلى من مرتبة الصبر وهي
مرتبة الشكر ،وبين أن اإلنسان الكامل هو الذي يقابل شدائد الحياة ،وما ينزل به من
البأساء؛ بالشكر هلل غير جزع وال مبتئس .وتحدث فيها عن األهل والنفس ووضح أنهما من
C
CI
مواهب هللا التي تقابل بالشكر إذا منحت لإلنسان ،وبالصبر إذا قبضت منه ،وهذه من
القضايا العامة التي يجب التسليم بها .ثم حذره الرسول -صلى هللا عليه وسلم -من أن
−
أجره فيندم والت ساعة مندم ،أما إذا أطاع فسيرى أن املصيبة أقل من يحبط جزعه َ
es
الجزاء املوعود ،ثم يترقى في الرسالة فيخبره بأن جزعه لن يفيده شيئا ،وعليه أن يتذكر بأنه
eg
هو عرضة للموت ،وقد اختار الرسول فيها من العبارات ما يوحي بالفكرة تمام اإليحاء،
ll
فاالبن من مواهب هللا السنية واألجر الكثير صالة من هللا ورحمة ،والجزع ال يرد ميتا،
َ
Co
وليذهب أسفك ما هو نازل بك -وال شك أن هذا الخيال الذي يصور املوت نازال به وأنه
سيدنيه من ابنه املفقود مما يخفف عنه األلم.
c
ومن الرسائل اإلخوانية في العصر الحديث ،تلك الرسالة التي بعث بها حافظ إبراهيم إلى
mi
الشيخ محمد عبده ،يهدي إليه الجزء األول من كتاب "البؤساء" الذي ترجمه لفكتور
la
هوجو ،فقال:
Is
"إنك موئل البائس ،ومرجع اليائس ،وهذا الكتاب -أيدك هللا -قد ألم بعيش البائسين،
وضعه صاحبه تذكرة لوالة األمور ،وسماه كتاب "البؤساء" وجعله بيتا لهذه الكلمة الجامعة
of
وقد عنيت بتعريبه ملا بين عيش ي وعيش أولئك البؤساء من صلة النسب ،وتصرفت فيه
io
بعض التصرف ،واختصرت بعض االختصار ،ورأيت أن أرفعه إلى مقامك األسنى ،ورأيك
t
األعلى ،ألجمع في ذلك بين خالل ثالث :أوالها التيمن باسمك ،والتشرف باالنتماء إليك.
na
وثانيتها :ارتياح النفس وسرور اليراع برفع ذلك الكتاب إلى الرجل الذي يعرف مهر الكالم،
di
ومقدار كد األفهام .وثالثتها :امتداد الصلة بين الحكمة الغربية والحكمة الشرقية ،بإهداء
or
ما وضعه حكيم الغرب إلى حكيم الشرق ،فليتقدم سيدي إلى فتاه بقبوله ،وهللا املسؤول
Co
أن يحفظه للدنيا وللدين ،وأن يساعدني على إتمام تعريبه للقارئين".
79
فالرسائل اإلخوانية أشبه بالشعر الغنائي املنثور الذي ال يقيده وزن وال قافية ،ونوجز
خصائصها فيما يأتي:
-1االستجابة للعواطف والتعبير عن النفس ومخاطبة الوجدان.
C
CI
-2قبولها للخيال والصور البيانية والصنعة البديعية من سجع واقتباس وتضمين.
-3التأنق في اختيار األلفاظ املوحية مع العناية بمتانة النسج وجمال األسلوب.
−
-4هي أقرب ما تكون إلى الحديث النفس ي ،ينطلق فيه الكاتب على طبيعته فيفصح عما
es
تكنه نفسه ،بال تكلف وال مالحظة منطق دقيق ،وبذلك تظهر شخصية الكاتب من خالل
eg
كتابته ،فأسلوبها أقرب إلى أسلوب القصة.
ll
-5يستطيع الكاتب أن يبلغ فيها أسمى مراتب الكتاب ،ألن مجالها أفسح من مجال الرسائل
Co
الرسمية.
-6ومن أركانها ،كما يقول ابن األثير" :أن تكون األلفاظ املوصوفة بصفات الحسن
c
والفصاحة جسما ملعنى رفيع ،وأن يكون خروج الكاتب من معنى إلى معنى برابطة تصلهما،
mi
" -7وأن يكون مطلع الرسائل جيدا رشيقا مبينا عن مقصد الرسالة ،وأن يكون الدعاء في
Is
صدرها مناسبا ومشتقا من املعنى الذي بنيت عليه الرسالة ،وأال يكثر منه الكاتب في كل
مناسبة".
of
-3الرسائل األدبية
n
هي رسائل أشبه بمقاالت في عصرنا الحاضر ،يتناول فيها األديب موضوعا فرديا أو اجتماعيا
io
تناوال أدبيا مبنيا على إثارة عواطف القارئ ومشاعره ،وسميت رسائل؛ ألنها تبدأ بالحديث
t
إلى املخاطب والدعاء له ،ثم تدخل في املوضوع الذي أنشئت من أجله ،وإذا حذف منها هذا
na
البدء كانت مقاال أدبيا -وهذا نموذج لها من رسالة الحسد للجاحظ التي بدأها بقوله:
di
80
ََْ َْ َ َ َْ َ َ
الصالحين أكث َر م ْنه في
ف َدب في َ الج َهالء؟ ول َم كث َر في األقرَباء ،وقل م ْنه في الب َع َداء؟ وكي
َ
الفاسقين؟"...
الكاتب هنا عالج املوضوع معالجة أدبية ،ووضع العناصر التي سوف يناقشها في رسالته.
C
CI
وبتناول هذه الرسالة يظهر من خصائصها ما يأتي:
-1جودة الصياغة التي ترمي إلى إثارة العاطفة.
−
-2تكرير بعض العناصر ،واحتياجها إلى حسن ترتيب وتنسيق وعرض.
es
-3ترمي الرسالة إلى غاية خلقية أو اجتماعية أو دينية ،وتتناول شؤون الفرد واملجتمع
eg
بالعالج ،لذلك فهي إلى املقاالت أقرب منها إلى الرسائل ،وإنما جئنا بها نوعا من أنواع
ll
الرسائل ،نظرا لتسميتها ومبدئها.
Co
-4رسائل اإلجازات العلمية
جرت العادة في القديم إذا صار بعض الطلبة أهال للفتيا والتدريس؛ أن يأذن له أستاذه في
c
االشتغال بهما ،أو يشهد له أنه يحفظ كتابا أو كتبا اختبره في حفظها ،أو يجيز له أن يروي
mi
عنه كتابا ألفه ذلك األستاذ ،فكتب له لذلك كتابا يراعي فيه أن يكون نثرا مسجوعا.
la
"واملألوف في هذه اإلجازات أن يبالغ الكاتب في التأنق فيها واإلطراء على من توجه إليه والثناء
Is
والفن ،ويراعى فيها خصب الفكرة ،وطول النفس ،وجمال األسلوب ،والعرض،
n
واالستقصاء ،واإلتيان بجديد من نظريات األدب واملعرفة تضاف إلى مجاالتهما املختلفة.
io
ا
ثانيا :املقال
t
يطلق املقال في العصر الحديث على املوضوع املكتوب الذي يتناول فيه الكاتب توضيح
na
فكرة عامة أو رأي خاص أو شرح مسألة علمية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية
di
يؤيدها بالبراهين واألمثلة .واملقالة بوجه عام ينبغي أن تقوم على عناصر أساسية هي املادة،
or
والخطة ،والتعبير.
Co
C
CI
وترتيبه وتواصل قضاياه ،لتكون كل قضية نتيجة ملا قبلها مقدمة ملا بعدها ،حتى تنتهي إلى
الغاية املقصودة ،وهذه الخطة تقوم على ثالثة أركان؛ هي :املقدمة ،والعرض ،والخاتمة.
−
فاملقدمة :تتألف من معارف مسلمة قصيرة متصلة باملوضوع الذي يعالجه الكاتب معينة
es
على تهيئة النفس له وفهمه.
eg
والعرض :هو الطريقة التي يسلكها الكاتب في عرض موضوعه ،حتى يؤدي إلى نتيجة واحدة
ll
أو عدة نتائج متصلة -وينبغي أن يكون العرض منطقيا مقدما األهم على املهم ،مؤيدا
Co
بالبراهين قليل الوصف واالقتباس ،متجها إلى الخاتمة.
والخاتمة :هي ثمرة املقالة وعندها يحسن السكوت ،وال بد أن تكون نتيجة طبيعية للمقدمة
c
والعرض وأن تكون واضحة صريحة ،حازمة تدل على اقتناع ويقين ،ملخصة للعناصر
mi
أما التعبير :فاملراد به العبارة اللفظية والصفة العامة الالزمة لها هي الوضوح الناش ىء عن
Is
دقة الكلمات ،وسهولة التراكيب ،واتصال الفقرات لفظيا ومعنويا .وقد تطور املقال في
العصر الحديث ،وجال في موضوعات مختلفة ،ومن أجل ذلك اختلفت أنواعه وصار لكل
of
لم يكن معروفا قبل العصر الحديث ،ألن الكتاب لم يكونوا يهتمون بقضايا الشعوب من
di
جهة وألنه لم تكن توجد صحافة حرة تعبر عن أفكارهم وآرائهم من جهة أخرى .فلما شاع
or
االستعمار في هذا العصر واستبد املستعمرون وضيقوا الخناق على الشعوب املستعمرة
Co
وسلبوها حقوقها الطبيعية ،ووجدت الصحافة الحرة ،اتخذها الكتاب واملفكرون منبرا
C
CI
ويخاطب الخاص والعام على السواء ،وقراؤها يبغونها لساعتها ،فال يوجد حينئذ مجال لكد
الذهن وإرهاق الفكر ،إذا ارتفع الكاتب بعباراته وتعمق في معانيه ،بل إن الكاتب ال يعتمد
−
في أفكاره على املنطق ،وإنما يؤثر األدلة الخطابية ،ألنها مناسبة لعقليات الجماهير ،وألن
es
االتجاهات السياسية كثيرا ما تعتمد على الفروض وامليول العاطفية أكثر مما تعتمد على
eg
الحقائق العلمية.
ll
خصائص املقال السياس ي فيما يأتي:
Co
-1يتناول الشؤون السياسة والوطنية الداخلية والخارجية ويتخذ الصحافة منبرا له.
-2يمتاز بالقصر غالبا وقد يطول إذا كان الغرض شرح فكرة تهم الرأي العام.
c
-3األسلوب فيه جذاب مشوق ،يعتمد على األدلة الخطابية ،ألنها أنفذ إلى وجدان
mi
-4األفكار فيه دقيقة مختارة واألسلوب سهل بعيد عن الحشو واملحسنات البديعية.
Is
إال عند قليل من األدباء الذين يكتبون املقاالت السياسة بلغة املقاالت األدبية.
n
املقال الجتماعي:
io
لم يكن املقال االجتماعي موجودا -كما نعهده اآلن -قبل وجود الصحافة ،فلما وجدت
t
الصحافة وأخذت تعالج األمور السياسية ،سار املقال االجتماعي جنبا إلى جنب مع املقال
na
السياس ي ،وأخذ يعالج املشكالت االجتماعية ،واآلفات األخالقية التي تمكنت في نفوس
di
الناس لطول عهدهم بها ،وصارت الصحافة هي امليدان الطبيعي له ،وأخذ الكتاب يصورون
or
ما تعانيه جمهرة الشعب من جهل وفقر ومرض ،ويصفون العالج للقضاء على هذه العلل،
Co
وكانوا في أول أمرهم ال يفرقون بين املقالة التي تنشر لجمهرة الناس واملقالة التي يقرؤها
خاصة املثقفين ،فملؤوا مقاالتهم بالسجع واملقدمات الطويلة التي تجهد القارئ .ولكن ما
83
لبثوا تحت ضغط الظروف واألحداث أن تخففوا من هذه األثقال وتحرروا من السجع
والزخرف وتخلصوا من املقدمات الطويلة ،وتميزت مقاالتهم االجتماعية ،بظهور الفكرة
ووضوحها ،وصحة العبارة ،مع صدق التشخيص واإلخالص في العالج ،وسالمة الحجج،
C
CI
وإيرادها موافقة لحكم املنطق السليم ،ألن الغرض معالجة مشكالت اجتماعية تحس بها
الجماهير.
−
خصائص املقال االجتماعي فيما يأتي:
es
-1صحة العبارة وعدم االحتفاء بالصنعة اللفظية حتى ال تطغى العبارة على املعنى
eg
املطلوب ،وإن كان هذا لم يحل دون استعمال بعض الكتاب األسلوب األدبي في املقال
ll
االجتماعي كالرافعي والزيات.
Co
-2إيراد البراهين واألدلة املسلمة الخاضعة لحكم املنطق الصحيح.
-3مراعاة الدقة في التفضيل ،ألن األمر يتعلق بوصف مشكلة وعالجها.
c
-4مالحظة الترتيب املنطقي في عرض املوضوع ،فربطت األسباب باملسببات واملقدمات
mi
بالنتائج.
la
-5وضوح املعنى والبعد عن املبالغة والتهويل إال في األحوال التي تقتض ي التحميس
Is
واستفزاز الجماهير.
املقال األدبي:
of
أما املقال األدبي وهو النوع الثالث من أنواع املقال؛ فيتميز "بأناقة تعبيره ،وقوة تأثيره،
n
وتدفق عاطفته" ،وهذا النوع قديم في اللغة العربية ،نشأ بعد قيام الدولة اإلسالمية في
io
"أدب الفصول" ،حيث تقرأ في كتب األدب القديمة فصال في األخالق إلى جانب فصل في
t
أخبار الشجعان إلى جانب فصل آخر في الدهاة والدهاء ،كما اقترن بالرسائل األدبية
na
للجاحظ (عند من يعتبرها من باب املقاالت األدبية) ،ثم ظهر بعد ذلك في "املقامة"؛ وهي
di
عبارة عن مقالة قصصية يالحظ فيها وجود اإلنشاء .وظل هذا النثر إلى مستهل القرن
or
َ
العشرين ،يتراوح بين التزام السجع والحلى اللفظية واملعنوية تارة ،وبين الترسل تارة أخرى،
Co
ثم اتسعت الثقافة ،وأنتجت عوامل التطور آثارها ،فتخلص األدباء من األسلوب املقيد
بالسجع والصنعة الزخرفية ،وأرادوا من املقال األدبي أن يكون غذاء للفكر والذوق ،محققا
84
للمتعة النفسية للقارئ ،وابتدأ املقال األدبي بصورته الجديدة في مقاالت املنفلوطي ،التي
كان ينشرها بجريدة (املؤيد) ،حيث امتازت بنبض العاطفة وقوة االنفعال وحالوة الصياغة.
وبظهور املنفلوطي ظهرت مدرستان في أدب املقالة :مدرسة املحافظين الذين رجح نصيبهم
C
CI
من الثقافة العربية األصيلة ،فاهتمت بجمال الصياغة مع االهتمام بالفكرة ،ومدرسة
املجددين الذين اتصلوا بالثقافة الغربية ،فاهتمت باألفكار الجديدة التي تحمل الثقافتين
−
العربية والغربية أكثر من اهتمامها بطالوة األسلوب.
es
خصائص املقال األدبي فيما يأتي:
eg
-1االستجابات العاطفية واالنفعاالت النفسية ضرورية لحيويته وازدهاره.
ll
-2القصد في التعبير واإليجاز غالبا ،وقد يطيل الكاتب طوعا لطبيعته.
-3دقة العبارة وجمالها وروعة التصوير وتحلية الكالم بش يء من الصور البيانية
Co
واملحسنات البديعية ،في غير تكلف وال إسراف ،والعناية بصقل األسلوب واختيار األلفاظ.
c
-4من أهم خصائصه الخيال ،فهو الذي يبرز العاطفة وينقلها إلى السامع والقارئ،
mi
وحتى يكون الكاتب كاتبا أدبيا ينبغي أن يكون عارفا بأسرار اللغة ،عنده محصول وافر من
Is
مفرداتها ،وخبرة بجيد الكالم ورديئه ،فضال عن موهبة صافية وحس مرهف وذوق
يستطيع به أن يتعرف إلى مواطن الجمال في الكالم.
of
املقال العلمي:
n
املقال العلمي ليس أثرا من آثار العصر الحديث ،بل سبق هذا العصر بقرون وظهر في
io
كتابات علماء الفلسفة والكالم ،وعلماء اللغة والنحو ،وعلماء الفقه والتشريع ،وعلماء
t
الكيمياء والتشريح ،وقد غنيت املكتبة العربية بكتب العلماء العرب في كل ميدان من
na
85
oكثيرا ما يلجأ فيه الكاتب إلى األرقام واإلحصاء واملشاهدة والتجريب والتقسيم
والتفصيل والقوانين واملصطلحات والتعريفات العلمية واألدلة والبراهين.
خصائص املقال الحديث بأنواعه:
C
CI
oتجنب املقدمات التي تستهلك جزءا من طاقة الكاتب.
oاالعتناء بالفكرة وترتيبها وترابطها حتى ال يكون املقال مجرد ثرثرة ال قيمة لها.
−
oأن يراعي في املقال وحدة املوضوع ،فتتالقى األفكار وتتالحم األجزاء في إطار واحد.
es
ا
ثالثا :الخطابة
eg
الخطابة فن مشافهة الجماهير وإقناعهم واستمالتهم ،فال بد فيها من خطيب مشافه،
ll
وجمهور مستمع ،وإقناع مبني على عرض الخطيب آلرائه املؤيدة بالبراهين ،ونقل اعتقاده
Co
بتلك اآلراء إلى الجماهير املستمعة ،ثم ال بد فيها من االستمالة ،وهي أن يهيج الخطيب نفوس
سامعيه أو يهدئها ،ويقبض على عواطفهم يتصرف بها كيف يشاء سارا أو محزنا ،ومما تقدم
c
يتبين لنا أن أسس الخطابة أربعة:
mi
والخطابة موهبة تخلق مع اإلنسان كالشاعرية في الشاعر ،وال يزيدها التعليم إال صقال،
Is
واملراد باملوهبة القدرة على االرتجال ،أما الخطباء الذين يعدون خطبهم مكتوبة ثم يلقونها
في أوراق ،فلم يعرفهم العرب ،ألن الخطبة املكتوبة تفقد بعض مقوماتها التي يعتمد عليها
of
في إثارة الشعور ،وألن الخطيب املوهوب هو الذي إذا رأى الجماهير انفعلت نفسه بما يحز
n
بهم ،وتحركت تلك املوهبة في نفسه ،فقال وملك ناصية القول ،ووجه السامعين كما يريد،
io
والخطابة ألهميتها قديمة في املجتمع اإلنساني ،فهي سالحه في سلمه وحربه ،وفي دعوته إلى
na
َ
املثل العليا التي ينبغي أن يؤمن بها ،لذلك كانت بالغ النبيين إلى أممهم "واحلل عقدة من
di
لساني يفقهوا قولي ،2والرسول العربي العظيم يقول" :أوتيت جوامع الكلم" ،وكانت الر َ
اح
or
الذي يسكبه القواد في نفوس الجنود قبل املعركة ،فيقدمون على قتال األعداء باسمين،
Co
C
CI
( )2العرض والتدليل ( )3الخاتمة ( )1املقدمة
-1املقدمة:
−
هي بدء الكالم وهي نظير املطلع للقصيدة ،واملدخل في املسرحية ،واالفتتاح في املوسيقى،
es
ويهدف بها الخطيب إلى التمهيد للموضوع ،وإعداد السامعين لإلصغاء ،حتى يتسنى لهم
eg
متابعة ما يعرض عليهم من أحداث وبراهين .ويجب أن تكون جيدة حتى يصغي السامعون
ll
إلى الخطيب ،ألنها أول ما يطرق األسماع ،وإال كانت نذيرا بإخفاقه وتفاهة أثره ،ويشترط
Co
لجودة املقدمة:
.1أن تكون متصلة باملوضوع لتمهد له.
c
.2أن تكون واضحة مناسبة لعقول السامعين.
mi
وتكون املقدمة ضرورية في الخطبة إذا كان الخطيب مجهوال لدى السامعين ،أو كان
Is
املوضوع الذي يخطب فيه مجهوال لهم أو ال يثير انتباههم ،ويحتاج إليها أكثر كلما كان
السامعون أقل منزلة في الفكر ،وتقل الحاجة إليها إذا كان السامعون على مكانة في الفهم،
of
أو إذا كان املوضوع موجزا ال يحتمل املقدمات ،فيكتفي بالدخول فيه مباشرة واالكتفاء
n
بعالجه.
io
وتختلف املقدمات باختالف نوع الخطبة أو اختالف موضوعها ،وقد تكون متعلقة باملتكلم
t
فاملقدمة املتعلقة باملتكلم أو الخصم يقصد منها أن ينفي عن نفسه مزعما أو يوجه إلى
di
خصمه تهمة مثال ،وأما املتعلقة بالسامعين فتهدف إلى توكيد نياتهم الطيبة أو إثارة
or
C
CI
إذا جاز للخطيب أن يستغني عن املقدمة أحيانا ،فليس بمستطيع أن يستغني عن عرض
املوضوع ،ألنه هو العنصر األساس ي في الخطبة ،وشروط جودته ما يأتي:
−
(أ) وحدة املوضوع :وذلك بأن تنبع مسائله كلها من ينبوع واحد وأن يحيط بها إطار واحد.
es
(ب) الترتيب والتسلسل :فيسلم كل جزء إلى ما بعده ،حتى تصل إلى النتيجة.
eg
(ت) الوضوح :فسهولة العبارة ووضوح املعنى طريق الفهم ،وهو أساس اإلقناع واالستمالة.
ll
(ث) قوة التدليل إلثبات رأي الخطيب وتنفيذ رأي اآلخرين ،والدليل إما أن يكون منطقيا؛
Co
وهو املبني على مقدمات يقينية ،وهذا يوصل إلى نتائج يقينية عقلية؛ وذلك كالتدليل على
أن مجموع زوايا املثلث قائمتان ،وإما أن يكون خطابيا ،وهو املبني على مقدمات ظنية أو
c
مستندة إلى العرف أو الحكم املشهورة ،وهذه األدلة توصل إلى نتائج شعورية يغلب فيها
mi
ترجيح الظن.
la
فإذا كانت الجماعة املستمعة من املثقفين اكتفى باألدلة "العقلية" ،وإذا كانت الجماعة
Is
سطحية التفكير واهية الربط بين األشياء ،كانت األدلة املناسبة لها هي األدلة "الخطابية"،
ألن مهمة الخطيب أن يقنع تلك الجماعة إقناعا شعوريا يوقظ عزائمهم ويدفعهم للعمل
of
عن طريق القلب ال العقل ،والغالب أن الخطابة الناجحة هي التي تتجه إلى مشاعر الناس
n
إلثارتها ال إلى العقول فتحاجها ،ألن املستمع كثيرا ما يعرف الخبر ويقتنع به ،ولكنه يحتاج
io
إلى العزيمة التي تدفعه للعمل لذلك فإن املناسب للخطابة هو "األدلة الخطابية" ،ولكنها
t
لن تؤدي الغرض منها إال إذا كان الخطيب نفسه متأثرا ،ألن تأثره يعدي السامعين( ،وما
na
خرج من القلب وصل إلى القلب) ،وكما قيل لبعض الشعراء "إذا أردت مني أن أبكي فعليك
di
مع العلم بأن الخطب القضائية وخطب املناظرات والجدل ،والخطب العلمية يناسبها
Co
التدليل العقلي.
أما خطب الحرب والسياسة والخطب الحفلية فيناسبها العزف على أوتار العاطفة.
88
وقد يعمد الخطيب في إبراز فكرته األساسية إلى الحجج والبراهين وقص الحكايات
القصيرة ،أو ضرب الحكم واألمثال ،أو إلى تكرار املعنى بعبارات مختلفة ،أو االزدواج في
العبارة أو تقسيمها وتقطيعها إلى جمل قصيرة ،حتى يكسب الكالم حسنا ونغمة ترتاح إليها
C
CI
النفوس.
-3الخاتمة:
−
وفيها يجمع الخطيب أطراف املوضوع ،ويترك في أذهان السامعين صورة واضحة موجزة
es
لكل ما تناوله في الخطبة من غير أن يعيد لفظا أو عبارة.
eg
ألوان الخطابة العربية
ll
كانت الخطابة العربية منذ ظهور اإلسالم مبنية على الدين ،تقتبس منه أحكامها ،وتبنى
Co
عليه أوامرها ونواهيها ،وكان الحكام يتناولون فيها ما يشغل الرأي العام من أحداث جسام،
وهي لهذا يستبين منها ثالثة ألوان:
c
(أ) الخطابة السياسية والبرملانية :وتشمل الخطب التي يلقيها الخلفاء في أول عهدهم
mi
بالخالفة أو الوالة حين التولية ،كما تشمل الخطب التي قيلت في املنازعات السياسية
la
(ب) الخطابة الجتماعية :وتتناول شؤون الفرد واملجتمع من ناحية هدايتهما وإصالحهما
والنهوض بهما ،ويعتمد الخطيب في هذا اللون على االتجاه الديني في تحسين ما يستحسن
of
وتقبيح ما يستقبح ،ويستشهد على رأيه بالقرآن الكريم فيما يدعو إليه من فضائل األخالق.
n
(ت) خطب املناسبات :وهي الخطب التي تلقى في مناسبة معينة ،كتلك التي تقال في الجهاد
io
أو النصر على األعداء ،أو في املآتم وعقود الزواج .ومنها خطب املدح التي تقال في دور
t
الحكام.
na
(ث) الخطابة القضائية :وهي التي تكون في مجالس القضاء من رجال النيابة أو املحاماة
di
(ج) الخطابة الدينية :وقد كانت في العصور الزاهرة ناهضة قوية يتوالها الخلفاء أو من
Co
ينوبون عنهم ،وكانت لذلك حية تعيش في املجتمع وتتأثر به ،فلما توالها أناس محترفون
أخذت معانيها تضيق وعباراتها تتحجر ،فوق ما فيها من اإلسجاع املمقوت ،وصارت معانيها
89
تقف عند حدود التحقير من شأن الدنيا والتخويف من املوت ،وبعدت عما يجري حولها في
حياة الناس وزاد من بعدها أن قامت طائفة من املؤلفين بوضع خطب تناسب كل أسبوع
من كل شهر في العام ،واقتصرت على خطبة الجمعة في املسجد ،تردد فيها معان ال تؤثر في
C
CI
الناس لكثرة ما ألفوها.
وظل الحال على ذلك حتى عصرنا الحديث ،فخرجت الخطابة الدينية من املسجد إلى
−
املجتمع وتناولت شؤونه املختلفة ،واتصلت بما يدور في الحياة ،وتخلص أسلوبها من
es
السجع ،وذلك بفضل املتخرجين في األزهر الذين درسوا فنون الخطابة ومقوماتها وتمرسوا
eg
عليها في املواقف املختلفة.
ll
الخطابة بين الرتجال واإلعداد:
Co
يقولون :إن بالغة اللسان أعسر من بالغة القلم ،وذلك ألن بليغ اللسان مطالب بأن يفعل
في الوقت القصير من ترتيب الكلم واختيار أعذب األلفاظ وما يكون بين الكالم وبين غيره
c
من مشاكلة ومزاوجة ما يحتاج إلى وقت طويل وتفكير عميق .ولصعوبة بالغة اللسان مجد
mi
العرب الخطابة املرتجلة وأدركوا مقامها ،وقالو 1:إنما يجترئ عليها غر جاهل بأهوالها ،أو
la
مطبوع حاذق واثق باقتداره ،وأعجبوا بالخطيب املرتجل ،ووضعوه في أعلى منزلة للخطباء
Is
إذا واتاه القول وانقاد له عص ي الكالم ،وأتى بالبديهة بما يأتي به غيره بعد الروية والتفكير.
وإذا كان للخطابة املرتجلة هذه املنزلة ،فللخطابة املعدة قدرها الذي ال ينكر ،وقد عرف
of
العرب ألوانا من اإلعداد ،كأن ييهئ الخطيب عناصر املوضوع في رأسه ويدبر بعض العبارات
املعبرة عن هذه العناصر ،فقد روي عن عثمان بن عفان ،أنه قال حين أ ْرت َج عليه" :إن أبا
n
io
بكر وعمر كانا يهيئان لهذا املقام مقاال" ،أو يعد الخطيب خطبة مكتوبة ويقوم بتعديلها
t
وتقويمها ثم يعرضها على خبير بالكالم ،ليرى مقدار تأثيرها في نفسه ،فإن بلغت فيه مبلغا
na
والعرب يفضلون أن يكون الخطيب محترسا ،وأن يتقي خيانة البديهة في أوقات االرتجال
or
وال يغره انقياد القول له في بعض األحوال ،ولذلك ينبغي من الخطيب أن يعد خطبته نوعا
Co
" 1أسس النقد األدبي" -للدكتور أحمد بدوي عن البيان والتبيين للجاحظ.
90
ما من اإلعداد ،وأن تكون معه مذكرة بها عناصر موضوع خطبته حتى يعود إليها إذا خانته
البديهة ،أما الذي يحفظ كالم غيره ويلقيه أو يعد كالمه في ورقة ويلقيها فليس بخطيب.
واالرتجال محمود حين ال يضعف من أفكار الخطبة وأساليبها وحين يحقق التأثير واالنفعال
C
CI
النفس ي ،وإال فينبغي التهيئة واإلعداد.
صفات الخطيب :ينبغي أن تتوافر في الخطيب املثالي الصفات اآلتية:
−
oأن يكون رابط الجأش ساكن النفس ،وعالمة ذلك هدوءه في كالمه وتمهله في منطقه،
es
وعدم تأثره إذا تعلقت عيون الناس به ،فإن تحير أو دهش شتت أفكاره وأصابه العي
َ
eg
واإل ْرتاج.
ll
oأن يكون ذكيا يدرك مواطن القول وموقعه من نفوس سامعيه ،فإن رأى منهم إقباال
Co
عليه زادهم ،وإن تبين منهم إعراضا وتثاقال خفف عنهم بذكائه ،يدرك عناصر املوضوع
ويرتبها ويعرف من يخاطبه ،فيحدثه بما يفهم.
c
oوأن يكون قادرا على التصرف إذا جد من األمور ما لم يكن في الحسبان ،كأن يسأله
mi
سائل أو يعترض عليه أو يسبقه خطباء آخرون تحدثوا في العناصر التي أعدها ،أو أن
la
يكون قد أعد الكالم لظرف خاص وتغير الظرف ،فإن لم يكن ذكيا رابط الجأش قادرا
Is
على التصرف والخروج من هذه املآزق ،تعذر عليه الكالم وأغلقت أمامه أبواب القول.
oأن يكون رقيقا في عرض أفكاره ،فقد يواجه الخطيب جمهورا ذا عقيدة معينة ،فإذا
of
أراد أن يصل إلى هدفه الذي يريده ،عليه أن يترفق بهم عمال بقوله تعالى" :ولو كنت
n
فظا غليظ القلب النفضوا من حولك" ،وقد يستدعي املوقف الشدة ،إذا كان الرفق
io
oأن يسلم لسانه من آفات النطق كاللجلجة والفأفأة واللثغة ،ألن عيوب النطق إذا لم
na
تصلح تكون مصدر استهانة السامعين وسخريتهم ،وتهجن الكالم وتذهب ببهائه.
di
oأن يكون مؤمنا بالدعوة التي يدعو إليها في خطبته مخلصا لها ،فاإليمان واإلخالص من
or
أكبر األسباب التي تجعل الخطيب يجيد التعبير وينقل إحساسه للسامع ،قال الحسن
Co
بن علي في متكلم يعظ :لم تقع موعظته بموضع من قلبه" :يا هذا ،إن بقلبك لشرا أو
بقلبي".
91
oجهارة الصوت من أجل أوصاف الخطباء ،يقول الشاعر واصفا بعض الخطباء:
َ ْ
واملوج َيل َتطم َ
والريح عاصفة خر م ْنحدرا
حسبت الص َ َ ص َ
اح َي ْوما إن َ
oأن يكون قادرا على امتالك زمام القول ،فيوجز أو يطيل إذا أراد ،مراعيا مقتض ى الحال،
C
CI
جاعال لكل مقام مقاال ،فيخاطب الناس على قدر عقولهم ومنازلهم ،وهذه الصفة هي
العنصر األساس ي في بالغة الخطيب ،فإذا فقدها فقد السمة األولى من سمات
−
الخطباء.
es
الوسائل التي تمكن الخطيب من النجاح:
eg
من أهم وسائل النجاح عند الخطيب ،أن يكون ذا طبع موهوب ،وأن يعتمد في ثقافته
ll
األدبية على حفظ املأثور الجيد ،فيتخير منه ما يوضح فكرته ،ويجمل عبارته ،ويدرس
Co
قواعد النحو واللغة ويعرف مواضع البسط واإليجاز ،وأماكن التصريح والتلميح ،وأن
يتدرب على الخطابة في موضوعات ومواقف مختلفة ،فإذا تعثر مرة فال يلبث أن ينهض،
c
ويبلغ الغاية املنشودة ،وال ينس ى الخطيب استخدام الوسائل الحسية واملعنوية من جودة
mi
اإللقاء ،وحسن األداء ،واالستعانة بإشارة اليدين وتحريك الرأس ،وتشكيل أسارير الوجه،
la
في حدود االعتدال ،وأن يالئم بين السامعين واألفكار وبينهم وبين األسلوب ،فلكل ضرب من
Is
وسنعرض بعض النماذج التي يمكن بعد مناقشتها أن نستنبط منها بعض خصائص
n
األسلوب الخطابي:
io
-1خطب رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -في مبدئ دعوته خطبة قصيرة تمثلت فيها كل
t
َ َ َ َ
اسبن بما ت ْع َملون ،ولت ْج َزونست ْيقظون ،ولت َح َ وهللا َلتموتن كما ت َنامون ،ولت ْب َعثن كما ت
لجنة أبدا أو َل ٌ
Co
C
CI
موضوعه وهو املراد من الخطبة ،فأقسم لهم بأنه بعث رسوال إليهم وإلى الناس جميعا،
ونالحظ أنه لم يهاجم بعد ذلك معتقداتهم ،بل أكد لهم فحسب أنهم سيبعثون ويحاسبون،
−
واإليمان بالبعث هو الركن األول في بناء األديان ،ثم ختم خطبته بأن هذا الجزاء سيترتب
es
عليه أمر رهيب ،إما الجنة وإما النار.
eg
فالخطبة على الرغم من قصرها رائدة حقا ،فقد استوفت عناصرها وخصائص أسلوبها
ll
الخطابي ،فقد عني فيها بمطلع الخطبة من ناحية اإليجاز ،ألن املوقف ال يحتمل إطالة
Co
املقدمات ،ومن ناحية التهيئة لالستماع أتى بقضية مسلمة من الخصم وهي "أن الرائد ال
يكذب أهله" ،ثم أكد كالمه بعدة مؤكدات ،ألن موفقهم موفق املنكرين ،كما عني فيها
c
باالنتقال من فكرة إلى فكرة حتى ترتبط أجزاء الخطبة ويصبح الغرض بذلك واضح املعالم
mi
في النفوس ،وقد أوجز عرض املوضوع ولم يطل حتى ال يفتح بابا للجدل الرخيص
la
واملهاترات ،واعتنى بخاتمة الخطبة حتى يبقى أثرها في النفس أمدا طويال ،فقد ذكرهم فيها
Is
بالبعث والجزاء والجنة والنار .كما أن الخطبة تناولت موضوعا واحدا وهو اإليمان
برسالته ،حتى يظل واضحا في أذهان السامعين ،كما تتميز الخطبة بالوضوح ،فاأللفاظ
of
دقيقة ليس فيها مستكره وال متكلف وال غريب ،وتتميز أيضا باالزدواج ،حتى تتحقق فيها
n
املوسيقى ،قال عبد القاهر الجرجاني" :1والخطب من شأنها أن يعتمد فيها األوزان" ،واملراد
io
به االزدواج" ،ألنها تروى وتتناقل تناقل األشعار" ،وهذا اللون من املحسنات -وهو االزدواج
t
كما تظهر عاطفة الرسول الدينية في الخطبة واضحة جلية ،فإيمانه بفكرته ودعوته جعله
di
يبرز هذه العاطفة في القسم باهلل الواحد بأنه رسول هللا حقا ،وأن البعث حق والجزاء حق
or
والجنة والنار حق ،وذلك ألن العاطفة عنصر مهم في جعل الخطبة قوية ملتهبة.
Co
1أسرار البالغة.
93
"ال ريب عندي في أنكم كلكم تودون مثلي أن تكون مصر بالدا حرة منتشرة في سائر أرجائها
-من اإلسكندرية إلى منابع النيل -أنوار العلوم واملعارف ،وتصبح كما كانت مهدا للفضائل
واآلداب ،مشرقا لشمس املدنية في كل بالد الشرق ،مسرحا للتنافس في الصناعة والتجارة،
C
CI
مجمعا آمنا لألجانب ذوي املصالح فيها ،طريقا سهال للرائدين.
وال ريب عندي في أنكم كلكم تحبون أن تنتسبوا إلى مصر ،إذ يكون هذا شأنها ،عندئذ
−
يفتخر كل منكم أن ينادي بأعلى صوته (أنا مصري) ،ولكن أال تحبون كذلك مصر وقد جثم
es
عليها الشقاء ،وحل بها البالء ،وسبقتها األمم ،وأصبحت تعد في صفوف الشعوب القاصرة،
eg
إنها تناديكم وأنتم حولها :أال فانصروني يا أعز البنين ،أال فارفعوا شأني بين األمم ،واجعلوا
ll
لي مكانا قيما بين الشعوب املتقدمة الحية.
Co
أجل أجل تحبونها ،يجب عليكم أن تحبوها وتحنوا عليها ،كما يحنو املرء على أمه الشفيقة
إذا اعتلت ،ويسعى في خدمتها ،ويبحث عن دوائها .وال يكن حبكم واقفا عند حد الحب،
c
وحنانكم عند حد الحنان ،بل ليتجاوز ذلك إلى العمل لخيرها ،وإعالء شأنها ،وثقوا أيها
mi
الوطنيون األعزاء ،بأن املستقبل لكم ولها ،فاعملوا لسيادته ،وتذكروا دائما قول القائل:
la
-1ساق مصطفى كامل هذه الخطبة السياسية في أسلوب توخى فيه السهولة في العبارة
والوضوح في املعاني ،ألنه يخاطب جمهور اإلسكندرية وفيهم العامة والخاصة ،فال مجال
of
-2اعتمد الخطيب في االستدالل على األدلة الخطابية املنتزعة من الظواهر العرفية مثل
io
(تحبون أن تنتسبوا إلى مصر)( .يجب عليكم أن تحبوها ،وتحنوا عليها كما يحنو املرء على
t
-3اشتملت الخطبة على كثير من مميزات األسلوب الخطابي ،ففيها( :أ) التكرير( .ال ريب
di
عندي في أنكم كلكم ،ال ريب عندي في أنكم كلكم)( .ب) التوكيد إنكم كلكم .إنها تناديكم.
or
إن املستقبل لكم( .جـ) املراوحة بين األساليب من إخبار (ال ريب عندي )...إلى إنشاء (ال يكن
Co
مسرحا، َ -لي َت َج َاو ْز) إلى نداء (يا أعز البنين)( .د) األلفاظ املوحية ،مثل (حرة ،مهدا ،مشرقاْ ،
جثم)( .هـ) تضمين الخطبة أقوال الحكماء (ليس املستقبل بمستعص على أحد).
94
ومن الخطبتين السابقتين نستطيع أن نستخلص األسلوب الخطابي الذي يجمع بين دفتيه
كل وسائل اإلقناع واالستمالة ،ويتجه إلى الفكر والوجدان معا لينفذ منهما إلى العزيمة
والعمل ،وتتلخص هذه الخصائص فيما يأتي:
C
CI
-1الوضوح :واملراد به سهولة العبارة ،ووضوح املعنى حتى يصل إلى القلوب ،قبل أن يصل
إلى اآلذان وليس املراد بالسهولة االبتذال ،وإنما املراد أن يكون الكالم سهال في قوة ،ساميا
−
في وضوح ،يفهمه أنصاف املتعلمين ولكنهم يعجزون عن اإلتيان بمثله ،والخطيب البارع من
es
خطب في العامة وأنصاف املتعلمين ،فرفعهم إليه ولم يهبط هو إليهم .ومثال الوضوح قول
eg
الحجاج" :أيها الناس من أعياه داؤه فعندي دواؤه ،ومن استطال أجله فعلي أن أعجله،
ll
ومن ثقل عليه رأسه وضعت عنه ثقله ،ومن استطال ماض ي عمره قصرت عليه باقيه ،إن
Co
للشيطان سيفا ،وللسلطان سيفا".
ومن وسائل الوضوح:
c
(أ) دراسة املوضوع وفهمه فهما جيدا ،ألن غموض املعنى يؤدي إلى غموض األسلوب.
mi
(ب) اختيار الكلمات املناسبة للموضوع والسامعين ،بحيث تدل على معانيها في يسر
la
وسهولة.
Is
ج) حسن عرض الجمل وتأليفها ،لتفصح عن املعنى املراد ،فيقدم ويؤخر أو يحذف
ويؤكد...الخ.
of
ه) ترتيب املوضوع ترتيبا منطقيا ،فتقدم األسباب على املسببات ،واملقدمات على النتائج،
io
-2اإلطناب :واإلطناب على حسب املقام ،فهو محمود في الخطابة السياسية والقضائية
di
والحفلية ،غير محمود في الخطابة الحربية ،ألنها كلمات تقال قبل املعركة للتحميس،
or
فاملوقف يقتض ي اإليجاز ،واإلطناب من سمة الخطابة بوجه عام على أن يكون في غير خطل
Co
أو إمالل.
من وسائل اإلطناب:
95
(أ) التكرار املعنوي ،ليتضح املعنى ويقوى تأثيره ،كما في عبارات الحجاج السابقة.
(ب) التفصيل والشرح وتوليد املعاني ،ليعمق أثر الخطبة في نفوس السامعين ،كما في
خطبة مصطفى كامل السابقة.
C
CI
-3إثارة الشعور :فقوة األسلوب تكفل االستمالة وتثير شعور السامعين وتوجههم إلى
الهدف الذي يقصده الخطيب ،وإن الذي يكتفي باإلقناع دون التحميس متكلم ال خطيب.
−
ومن وسائل إثارة املشاعر:
es
(أ) قوة عاطفة الخطيب وحماسته وانفعاله وحرارة شعوره حتى تصل عباراته إلى القلوب
eg
وتمتزج بنفوس السامعين وتدفعهم إلى الوجهة التي يريدها.
ll
(ب) الخيال في العبارة ،وذلك باختيار العبارات التي تثير في النفوس أخيلة وذكريات،
Co
وسبيل ذلك العبارات املجازية ،كاالستعارة والكناية والتمثيل والتخييل .وبذلك يسكب في
عبارته حرارة ،ألنها غنيت باملشاعر الحية والعواطف املشبوبة والصور الحية ،ومثل ذلك
c
قول محمد فريد في يوم انتخابه خلفا ملصطفى كامل:
mi
"إن الدموع التي سكبت من يوم وفاته إلى اليوم والتي روت جثته يوم دفنه لكافية إلرواء
la
هذا النبت وتغذيته ،مات رئيسنا في ساحة الوغى كالقائد يعالج سكرات املوت ،ويده تشير
Is
إلى جنده بالتقدم إلى األمام ،ولسان حاله يقول" :ال ينسينكم موتي مركزنا الصعب ،بل
سيروا بكل شجاعة وإقدام ،واحملوا على من يعترضكم في طريقكم حملة األسد يدافع عن
of
عرينه والوالدة عن فلذة كبدها" .وينبغي أال يكثر ذلك حتى ال يكون مدعاة للسأم.
n
(ج) حسن اختيار األلفاظ ،بأن تكون مالئمة للسامعين والعصر ،وأن تكون قوية أخاذة
io
مثيرة ،فاأللفاظ فضال عن معناها مشحونة بتيار زاخر باملشاعر والصور التي اكتسبتها في
t
حياتها الطويلة ،ولذلك ينبغي االبتعاد عن األلفاظ التي افتقر معناها بمرور الزمن أو التي
na
فمن الكلمات القوية األخاذة املثيرة ما ورد في خطبة أبي جعفر املنصور بعد قتل أبي مسلم:
or
"إن من نازعنا عروة هذا القميص أجزرناه خبيئ هذا الغمد" ،فكلمة أجزرناه أقوى من
Co
كلمة "قطعنا رأسه" ،وكلمة "خبيئ هذا الغمد" أقوى من كلمة "السيف".
96
د) الجمل القصار أنسب في سرعة التأثير من الجمل الطويلة ،ألنها سريعة األداء سريعة
َ َ َ َ َ َ
الفهم كقول الرسول" :وهللا َلتموتن ك َما ت َنامونَ ،ولت ْب َعثن كما ت ْست ْيقظون."..
ه) املراوحة بين الخبر واإلنشاء حتى ال يكون األسلوب على وتيرة واحدة فيمل ،وبذلك
C
CI
يتجدد نشاط السامعين ،كما ورد في خطبة مصطفى كامل السابقة.
4ـ ـ املوسيقى :بأن يكون األسلوب رنانا خفيفا على اللسان ،حسن الوقع في اآلذان ،ومما
−
يساعد على املوسيقى عدة أمور:
es
(أ) انسجام الحروف ،وائتالف الكلمات ،وتالئم الفقرات ،طوال وقصرا تبعا الختالف
eg
العواطف.
ll
(ب) وتحلية األسلوب بالسجع واالزدواج غير املتكلفين.
Co
الفرق بين أسلوب الخطابة وأسلوب املقال بوجه عام:
-1عنصر اإلمتاع في أسلوب الخطابة ضروري ،ولكنه في املقال غير ضروري فيما عدا املقال
c
األدبي.
mi
-2الغالب في األسلوب الخطابي استخدام الجمل القصيرة ،ألنها أقدر على إثارة السامعين
la
وتتبع املعاني بسهولة .أما أسلوب املقال فال يضيره استخدام الجمل الطويلة ،ألن القارئ
Is
يتسرب إلى نفوس السامعين ،وذلك بنكتة أو طرفة تجدد نشاطهم -أما أسلوب املقال
n
فليس في حاجة إلى ذلك ،ألن القارئ إذا سئم يستطيع أن يترك املقال ليستعيد نشاطه ،ثم
io
-4الغالب على أسلوب الخطابة اإلطالة والتكرار وكثرة الترادف ،ألن هدف الخطيب
na
اإليضاح وإثارة املشاعر ،أما أسلوب املقال فإنه يعتمد على اإليجاز ،ألن الحياة الحديثة
di
تقتض ي السرعة وتزاحم األعمال ،فليس هناك وقت يتسع للمقال الطويل.
or
-5الوضوح واجتناب األلفاظ الغريبة في أسلوب الخطابة أمر ضروري جدا حتى ال ينصرف
Co
السامعون عن الخطيب ،أما أسلوب املقال فال يلزم فيه ذلك ،ألن القارئ يستطيع معاودة
القراءة ليفهم.
97
ا
رابعا :القصة
القصة لون من ألوان النثر الفني يتناول فيه الكاتب تصوير الحياة واألشخاص وما يرتبط
بهما من صراع ومشكالت وأحداث وعواطف ،تصويرا يوصل إلى الغرض الذي يرمي إليه
C
CI
وعالج هذه املشكالت في واقع حياة اإلنسان النفسية واالجتماعية ،محاوال بهذا التصوير
نقل األثر الذي أحس به إلى أذهان القراء وقلوبهم ومشاعرهم.
−
واسع تعرض فيه على الناس جميع املشكالت التي تواجههم في املجتمع، ٌ
ميدان ٌ فالقصة إذا
es
مصورة في أشخاص تنعكس على مرآتهم صور هذه املشكالت.
eg
فن القصة في األدب العربي:
ll
القصة في اآلداب العربية قسمان :قسم دخيل مترجم ،وقسم عربي أصيل مؤلف .فمن
Co
النوع األول قصص "كليلة ودمنة" ثم "ألف ليلة وليلة" ويرجعان إلى أصل فارس ي ،وقد ناال
شهرة كبيرة وترجما من األصل العربي إلى لغات كثيرة ،ومن النوع الثاني :قصص عنترة وسيرة
c
بني هالل وغيرها ،ومعظمها لها أصل تاريخي ،وأشخاصها أبطال حقيقيون ،وحوادثها وقعت
mi
في التاريخ ،وإن تغيرت بمرور الزمن ،ومعظم هذه القصص مجهولة املؤلف ومختلفة
la
املوضوعات ،فمنها ما كان موضوعه الحب العذري بين الرجل واملرأة ،وأهم هذه القصص
Is
"مجنون ليلى" و"جميل بثينة" و"قيس ولبنى" وأبطالها مذكورون في التاريخ ،وقد اشتقت
هذه القصص من البادية ،وتعتبر أحد أركان الفن القصص ي العربي -ومنها ما كان موضوعه
of
اشتهرت بالبطولة في الحرب وتعتمد على حوادث التاريخ ،وقد أضاف لها الرواة كثيرا من
io
عندهم وأدخلوا فيها كثيرا من الخلط والتحريف ،ومنها القصص املوضوعة ،وهي القصص
t
"العلمية والفلسفية" ،والغرض منها عرض فكرة فلسفية أو نظرية علمية .ولذلك كانت
na
صياغتها الفنية في املرتبة الثانية ،وإن كانت قد ألفت بلغة سليمة فمؤلفوها علماء ،وكتبت
di
للخاصة من الناس وأشهرها "املقامات" لبديع الزمان الهمداني ،و"رسالة الغفران" ألبي
or
أنواع القصة:
أنواع القصة بحسب قالبها ومظهرها أربعة
98
-4األقصوصة -3القصة -2الرواية -1الحكاية
1ـ الحكاية:
هي حادثة أو حوادث حقيقية أو متخيلة ،ال تلتزم فيها القواعد الفنية للقصة ،بل يقصها
C
CI
اإلنسان كما يعن له ،وقد يتخيلها ويختلقها لغرض يريده ،والحكايات في الغالب منقولة من
أفواه الناس ،يتداولونها في حياتهم ،وتعتبر الحكاية العمود الفقري لكل قصة أو رواية.
−
- 2الرواية:
es
وفيها يعالج املؤلف موضوعا كامال أو أكثر زاخرا بحياة تامة أو أكثر ،فال يفرغ القارئ منها
eg
إال وقد ألم بحياة البطل أو األبطال في مراحلها املختلفة ،وترتبط كثيرا بالنزعة الرومانتيكية
ll
الخيالية .وميدان الرواية فسيح يستطيع فيه الكاتب أن يكشف الستار عن حياة األبطال
Co
ويجلو الحوادث مهما تستغرق من وقت .وهي أكبر األنواع القصصية من حيث الحجم.
- 3القصة :وتتوسط بين األقصوصة والرواية ،وفيها يعالج الكاتب جوانب أرحب مما يعالج
c
في األقصوصة ،وفيها قد يطول الزمن وتمتد الحوادث وتتطور في ش يء من التشابك،
mi
ويشرطون فيها أن تكون نثرية وتعرض صورة من الحياة الواقعية ،وال سيما خلجات النفس
la
اإلنسانية وعواطفها.
Is
-4األقصوصة
هي قصة قصيرة يعالج فيها الكاتب جانبا من الحياة ،يركز فيه فكره ،فال يستطرد وال يزيد
of
على املقصود ،فهو يقتصر على سرد حادثة أو بضع حوادث قصيرة يتألف منها موضوع
n
مستقل بشخصياته ومقوماته ،وينبغي أن يكون املوضوع تاما من ناحية التحليل واملعالجة،
io
oتتناول القصة القصيرة (األقصوصة) شخصية مفردة أو حادثة مفردة أو عاطفة مفردة
di
أو مجموعة من العواطف آثارها موقف مفرد ،بخالف القصة فإنها تتناول عدة شخصيات
or
99
oال بد في األقصوصة من وحدة الزمن ،بخالف القصة فإنها تنتقل في الشهور والسنين
كما تشاء.
oيبرز في األقصوصة عامل التركيز في املوضوع والسرد واللغة ،فال تستخدم لفظة واحدة
C
CI
يمكن االستغناء عنها ،أو يمكن أن يستبدل بها غيرها ،أما مجال التعبير واإلطالة فواسع في
القصة.
−
شروط القصة :اتفق النقاد على بعض الشروط التي يجب أن تخضع لها القصة ومن
es
أهمها:
eg
-۱أال تقل كلماتها عن خمسين ألف كلمة تقريبا ،وقد تصل في بعض األحيان إلى أربعة
ll
ماليين كلمة.
Co
-۲أن يكون لها عنوان واحد ،يستشف موضوع القصة منه و ينبئ عن ركن من أركانها( :إما
الشخصيات أو البيئة أو الحوار) والحوار في القصة وصفي ،وهو بهذا يختلف عن حوار
c
املسرحية.
mi
-۳أن تكون نثرا ،ألن النثر لغة الحياة تؤدي به جميع مطالبها ،والقصة مطلب أدبي من
la
مطالب الحياة ،لذلك كان طبيعيا أن تجد القصة في النثر سبيلها إلى التعبير عما تضمنته
Is
من تصوير الحياة ،فالكاتب يتناول جانبا من جوانب الحياة ،وبخاصة تلك األمور املألوفة
املرتبة املنسقة التي ال تظفر منه بالتفات كاف ،فيتخذ منها مادة لقصته ،ويبرزها ويضفي
of
عليها من أسلوبه وروعة فنه وإخراجه ،حتى ينبه األذهان إليها ،ويسلط عليها األضواء ،وهذا
n
أما هيكلها الداخلي فهو البيئة التي حدثت فيها حوادث القصة ،وما البس هذه البيئة من
t
الزمان واملكان والظروف ،وللبيئة أهمية خاصة في القصة ،فهي تبعث االهتمام في القارئ
na
وتحدد له الحوادث ،وتساعده على أن يستشف ما سيحدث ،وتبعث فيه اللذة ،وتحقق
di
زمان القصة :قد يكون سنة ،وقد يكون جيال ،تكتمل فيه حياة البطل بخالف األقصوصة،
Co
فهي تتناول ناحية من حياة الشخص وجزءا محدودا من عمره ،وعلى كل فزمنها أطول من
100
زمن املسرحية واألقصوصة وليس من الضروري تعيين األيام والليالي والفصول التي تقع
فيها الحوادث.
مكان القصة :القصة الخيالية ال تخضع لوحدة املكان ،فقد تتعدى األمكنة ،وييهئ الكاتب
C
CI
فيها أمكنة خيالية ال وجود لها في الواقع ،أما القصة الواقعية فتختار األمكنة ذات
املشكالت االجتماعية التي تعالجها كالدوحة والقاهرة مثال ،وكثيرا ما تعقد فيها املوازنات
−
بين حياة الريف وحياة املدينة أو حياة البدو وحياة الحضر ،أما األمكنة الصغيرة فتختلف
es
في الرواية عنها في القصة ،فالرواية نرى فيها قصور امللوك والحكام ،واألماكن املسكونة
eg
بالجان ،كما نراها تجوب الفيافي والقفار واملحيطات.
ll
أما القصة فنرى فيها أماكن االجتماع كاملنزل واملكتب واملعهد والحدائق والشوارع ،كما نرى
Co
فيها مظاهر املجتمع من أكل ونوم وزواج وتزاور ،وقد اتخذ كثير من الكتاب عناوين
قصصهم الواقعية من األمكنة التي حدثت بها.
c
ظروف القصة :تختلف باختالف القصة ،ففي القصة التاريخية تذكر أحوال املجتمع
mi
حينذاك ،من سياسة واقتصاد ودين ،وقد تتناول الظروف النفسية ألحد األشخاص ،وفي
la
القصة األدبية نرى لتغير الجو أو النسجامه مع الحوادث مكانة ممتازة ،والواقع أن ارتباط
Is
الحوادث بزمانها ومكانها له أثر كبير في حيوية القصة ،وفهم الحالة النفسية أو الشخصية
لها.
of
عناصر القصة:
n
- 1الحكاية أو (األحداث) :وهي مجموعة من األحداث املسلسلة املترابطة املرتبة ترتيبا زمنيا
io
طبيعيا واملنظمة على صورة خاصة تنتهي بها إلى نتيجة طبيعية ،ثم سرد هذا األحداث
t
بنقلها من صورتها الواقعية إلى صورة لغوية ،وينبغي أن تتحقق في األحداث التجربة
na
القصصية الصادقة وليس ضروريا أن يكون الكاتب قد عاناها بنفسه ،بل يكفي أن يلـحظها
di
ويدرسها في واقع الحياة ،حتى يتكشف له الكثير من جوانبها ،و يكون قادرا على تصويرها
or
تصويرا فنيا صادقا وال بد أن يستقي الكاتب حوادث قصته من الواقع وأن يتدخل في ترتيبها
Co
فنيا لتبرير وقوعها ،بحيث يقصد من ذلك عالج واقع في املجتمع ،وموضوع األحداث في
القصة يدور حول معرفة اإلنسان بنفسه وصلته بمجتمعه وأسرته ،فإذا كان القاص
101
يؤلف ملجتمع في فترة غير الفترة التي يعيشها ،فينبغي أن يكون على معرفة تامة بالحياة
االجتماعية والسياسية للفترة التي يؤلف لها ،بعيدا عن السرد واالفتعال والخلط ،وإال
خرجت الصورة زائفة -كما ينبغي أن تتحقق فيها الوحدة العضوية؛ من ترتيب األحداث
C
CI
ترتيبا تصير به ذات وحدة موضوعية ،ثم تبلغ األحداث قمة تأزمها ،ثم تصير إلى نهايتها في
الخاتمة ،وقد تتشعب األفكار في موضوع القصة ،وتتعدد فيها الشخصيات ،ولكنها مع ذلك
−
تدور حول مركز واحد ترتكز عليه في وحدتها.
es
ويختلف املؤلفون في تناول األحداث "الحكاية" عند التأليف ،فقد يبدأ مؤلف قصته من
eg
أول حوادثها ،فيصف نشأة األبطال ،وعالقة بعضهم ببعض ،ثم يعرض األحداث مرتبة
ll
ترتيبا زمنيا ،وقد يبدأ املؤلف آخر قصته من نهايتها ،فيبدأ من وقوع الجريمة مثال ،ثم
Co
يكشف الغامض فيها ،كما في القصص البوليسية ثم يختلفون أيضا في طريقة تقديم بطل
القصة ،فقد يتركونه يتحدث عن نفسه بضمير املتكلم ،وقد يتحدث املؤلف عنه بطريق
c
الوصف ،وقد يعرضون شخصيات القصة عن طريق الحوار ،بعضهم مع بعض ،أو أن
mi
يتحدث كل منهم عن نفسه .ومن العيب أن يتدخل املؤلف تدخال سافرا بالشرح والتعليل
la
مستقال في ذلك عن الحوار أو الحديث النفس ي ،وينبغي أن يكون تدخله مستورا وفي أضيق
Is
الحدود ،حتى يبذل قارئ القصة جهدا في الكشف عن هدف املؤلف من وراء األحداث
والشخصيات ،كما يظهر ذلك في قصص نجيب محفوظ ،ومما يحقق الفنية في القصة
of
حركة األحداث وتطور الشخصيات وتنوع األساليب واالعتماد على موسيقى الجمل ،مما
n
يحقق إيقاعا جميال أشبه (بسمفونية) رائعة في تآلف حركاتها وألحانها واتجاهها إلى هدف
io
معين.
t
- 2الشخصيات :واألشخاص في القصة لها املكان األول ،إذ ال يمكن لألفكار أن تكون
na
منفصلة عن محيطها الحيوي ،بل ال بد أن تكون ممثلة في األشخاص الذين يعيشون في
di
مجتمع ما ،وإال فقدت بذلك أثرها االجتماعي وقيمتها الفنية ،فال مفر إذا أن تحيى األفكار
or
في أشخاص أو تحيى بها األشخاص ،واألشخاص في القصة ينبغي أن يكونوا من صميم
Co
الواقع والحياة وليسوا دمى أبدعها خيال الكاتب ،و إن كانوا يختلفون عمن نألفهم عادة -
في معرض الفن القصص ي.
102
فالكاتب هو الذي أوجدهم وجعلهم يسيرون في منطق األحداث النفسية واالجتماعية
حسب فنه وخياله وأبعد عنهم تفصيالت الحياة اليومية ،ولهذا ال تكون هذه الشخصيات
صورة طبق األصل من الواقع ،وإنما أبعدها الفن والخيال عن الواقع قليال أو كثيرا ،وينبغي
C
CI
أن يبقى للشخصيات في القصة كيانها املستقل ،وأن تظل حية في حركاتها وسكناتها ،وأن
يحس القارئ فيها حرارة الحياة ،ويتعرف من أفعالها ما تتميز به من شمائل ،وال تتكلم إال
−
باألسلوب الطبيعي الذي يالئم نفسيتها ،وأن تفصح الحوادث عن حالها بصدق ،فإذا ظهرت
es
شخصية ملك مثال ،فيجب أال يصدر عنها ما يناقض حالتها .ويختلف عدد األشخاص تبعا
eg
لنوع القصة ،فالقصة االجتماعية تكثر فيها األشخاص نوعا ما في حين تقل األشخاص في
ll
القصة النفسية ،واألشخاص في القصة نوعان :نوع ذو مستوى واحد وهو الشخصية
Co
البسيطة في صراعها غير املعقد ،وتظل هذه الصفة سائدة من مبدئ القصة إلى نهايتها -
ونوع يسمى بالشخصيات النامية ،وهي التي تتطور وتنمو قليال قليال بصراعها مع األحداث
c
أو املجتمع .وفي كل قصة شخص أو أشخاص يقومون بدور رئيس ي فيها وهو دور البطل،
mi
وإلى جانب ذلك شخصيات أخرى ذات دور أو أدوار ثانوية ،وال بد أن يقوم بينهم جميعا
la
رباط يوحد اتجاه القصة ويسير بها إلى الحل والهدف املعين.
Is
- 3العقدة :ال بد في أية قصة كاملة البناء من عقدة ،ألن العقل يميل دائما إلى ربط الحوادث
بعضها ببعض ،ويحاول أن يجعل من التفصيالت املبعثرة مجموعة ذات مغزى واحد،
of
والعقد تتكون من خيط رئيس ي من الحوادث وبعض الخيوط الثانوية التي تجدل معه ،وكل
n
خيط من هذه الخيوط يتألف من عدة حوادث تمهد ملا بعدها وتكون سببا لها ،وقد يجد
io
من األمور ما يقطع الحوادث ،ولكنها في آخر األمر تصل إلى غايتها ،والعقدة هي موضوع
t
القصة وتتابع األحداث في سلسلة خاصة ،بحيث تشترك فيها كل الجزئيات وبحيث يكون
na
بعضها متسببا عن بعضها اآلخر ،ومترتبا عليه ترتب النتائج على املقدمات.
di
وهناك فرق جوهري بين الحكاية والتعقيد فكالهما مجموعة من الحوادث ولكن الحوادث
or
في التعقيد متصلة بروابط سببية ،وإن اشتركا في الترتيب الزمني ففي الحكاية نسأل ماذا
Co
حدث؟ وفي التعقيد نسأل ملاذا حدث؟ ،ولذلك نسمي العقدة أحيانا (الحبكة).
103
والقصة كلها بحوادثها وأشخاصها يجب أن تيهئ للعقدة ،بحيث تدفعها إلى األمام حتى تصل
بها إلى غايتها ،والعقدة املمتازة هي التي تجمع الخيوط كلها مع عقدها وتربطها بالخطة
العامة.
C
CI
-4الحل :لكل قصة حل حتى وإن كانت عقدتها واهية ،وبعض الكتاب ال يجعلون في
ا
قصصهم حال ويتركون القارئ يشعر بأن القصة التي قرأها تمثل فصال من فصول الحياة
−
دون أن تنتهي إلى الحل ،ألن قوانين الحياة مستمرة ،وكل حل ملشكلة يكون بداية ملشكلة
es
أخرى ،وهكذا.
eg
األسلوب
ll
القصة تؤلف لتقرأ 1واألسلوب هو القالب الذي تصب فيه فكرة القصة ،ولذلك تتوقف
Co
قيمة القصة على مقدار ما يبذله فيها الكاتب من الوسائل الفنية في الحوار والوصف
والحديث النفس ي ،واللغة الفصحى أقدر من غيرها في التعبير عن املعاني السامية واألفكار
c
العميقة ،والخواطر واملشاعر الدقيقة ،ولذلك ينبغي أال نراعي التيسير على عامة الجمهور
mi
ونهبط بلغة القصة إلى لغة الجمهور فضال عن أن تراكيب اللغة الفصيحة مرنة بسبب
la
وجود اإلعراب فيها وفي هذه املرونة كثير من الخصائص الجمالية والفنية التي ال تتوفر في
Is
غيرها.
فيجب على الكاتب 2أن يعنى بلغة قصته وال يبالغ في التحاسين البيانية وغيرها ،بل يجعل
of
األلفاظ مساوية للمعاني جهد املستطاع ،وأن يراعي املقام في كل موقف ،فاإلطناب في
n
موقفه واإليجاز في موقفه ،وأن يتجنب األسلوب املبتذل باستعمال األلفاظ الشائعة
io
والتراكيب الركيكة التي التظهر فيها قدرة اللغة على حسن األداء وجمال التعبير ،وأن يتخير
t
اللفظ الرشيق ،والتركيب الشريف ،فإن القصة أدب واألدب فن من الفنون الجميلة.
na
خصائص أسلوب القصة :من أهم الخصائص الفنية ألسلوب القصة ما يأتي:
di
- ۱أن يقوم على الوصف املحلل الدقيق والحوار في غير عظة وال خطابة ،وال سرد تاريخي.
or
- ۲التسلسل واالطراد والتتابع ،بحيث يشعر القارئ بأنه مسوق إلى غاية.
Co
C
CI
لغة النساء.
- ۲تخير األلفاظ املوسيقية الرشيقة وترك األلفاظ التي تفقد القصة رونقها.
−
- ٦اختيار األسلوب املالئم للقراء ،من حيث الثقافة والقدرة على الفهم ،فأسلوب األطفال
es
غير أسلوب الكبار ،ويحسن أن يحمل كل أسلوب بين ثناياه عنصر التشويق واملغزى من
eg
القصة.
ll
Co
c
mi
la
Is
of
n
t io
na
di
or
Co
105
ا
خامسا :املسرحية
- ۱معناها:
املسرحية فن مركب من الفن األدبي (املتمثل في القصة) ومن اإلخراج املسرحي ،واألداء
C
CI
التمثيلي الذي يعتمد على املالبس واملناظر واألشياء األخرى التي تساعد على العرض
التمثيلي ،وهي بهذا ليست عمال أدبيا خالصا ،وإن كان أدبنا العربي قد اعترف 1بها اآلن عمال
−
أدبيا ،بجانب املقالة والرسالة.
es
فوائد املسرحية حين تمثل :القصة األدبية حين تمثل على املسرح تمثيال متقنا بارعا تجلب
eg
عددا أكبر من النظارة لالستمتاع بمشاهدتها ،ويكون لها في نفوسهم أثر أكبر وأعمق من
ll
قراءتها أو االستماع إليها بدون تمثيل ،فضال عن أن التمثيل مدرسة سهلة لتثقيف أكبر
Co
عدد من الجمهور ونشر الوعي بينهم سواء أكانوا متعلمين أم أميين.
وليس الغرض من التمثيل االستمتاع باملشاهدة فحسب ،وإنما الغرض منه أيضا اإلصالح2
c
الخلقي واألدبي وعالج النظريات االجتماعية ،واملسائل املعقدة التي هي من شأن رجال
mi
موضوع املسرحية:
Is
وموضوع املسرحية إما أن يكون تاريخيا يمثل قطاعا حقيقيا من التاريخ ،ال يلتزم الكاتب
بسرده حرفيا ،وإنما يعرضه عرضا خاصا يرض ي مطالب التاريخ ومطالب الفن .أو يكون
of
ذهنيا يعتمد على األساطير والقصص الدينية ليصور لونا من ألوان الصراع بين الخير
n
والشر أو بين اإلنسان والحياة ،كما في مسرحية "أهل الكهف" لتوفيق الحكيم ،أو يكون
io
اجتماعيا مستمدا من واقع الحياة ،وليس ضروريا أن يعرض املؤلف واقع الحياة كما هو،
t
وإنما يعرض قطاعا منه ،مبديا رأيه فيه وما ينبغي أن يكون عليه .فاملسرحية إذا ال ينكعس
na
على مرآتها الصورة الواقعية للمجتمع ،وإنما تنعكس عليها الصورة التي رآها الكاتب بقلبه
di
وعقله فصورها كما رآها بعد أن أدخل عليها كثيرا من التهذيب والتشذيب.
or
Co
106
املسرحية الناجحة:
- ۱يتوقف نجاح املسرحية على اختيار املوضوع الجيد الذي يصلح للتمثيل ويفيض بين
يدي املؤلف باملواقف املتجددة واألفكار الطريفة والشخصيات املتنوعة .فاملوضوع
C
CI
الوصفي الذي تلعب فيه الجمادات والنباتات دورا أهم من دور اإلنسان ،يتعذر على
القصة التمثيلية أن تبرزه على املسرح األدبي.
−
- ۲ونجاح املسرحية يستلزم من املؤلف عناية كاملة بالصياغة ،وقدرة فنية على تكوين
es
الحوار فيها ،ومعرفة شاملة باملسرح ،ودراسة وافية لألشخاص وألبعاد املوضوع الذي تقوم
eg
عليه املسرحية ،ويستدعي منه أيضا أن يلتزم الحيدة التامة فيما يعرض من اآلراء ،فال
ll
تظهر فيها عواطفه وأهواءه وأن يعرض األشخاص عرضا مالئما لحقيقة حياتهم بحيث
Co
ينطق كل شخص بالعبارة التي تالئم موقفه ومركزه في الحياة ،ويتصرف كما ينبغي أن
يتصرف أمثاله ،حتى ال يحدث تناقض بين أشخاص املسرحية وأشخاص الحياة.
c
- ۳وأن ينأى املؤلف عن الوعظ املباشر أو الترويج لفكرة معينة بطريقة مكشوفة
mi
وصريحة ،وإنما يحسن أن يفهم ذلك منه تلميحا عن طريق الحوار وعرض الحوادث فقط
la
أنواع املسرحية:
- ۱املأساة التقليدية القديمة (التراجيدية):
of
وأول من عرفها قدماء املصريين في قصة "إيزيس" و"أزوريس" وابنهما "حورس" وعدوهم
n
"ست إله الظالم" قبل امليالد بثالثة آالف سنة ،وظلت تمثل حتى عهد (هيرودوت) املؤرخ
io
اليوناني قبل امليالد بخمسة قرون ،وكان يقوم بالتمثيل رجال الدين ،وقصد به بث اإليمان
t
في نفوس جمهرة الشعب املصري حتى يؤمن بالحياة الثانية والخلود ،وعلى الرغم من ذلك
na
فإن املسرح املصري القديم لم يترك آثارا نتدارسها ونعرف منها تاريخه وتطوره ،ألن
di
املسيحية قد عفت على آثاره ،وذلك ألنه كان يقوم على أمور دينية هي في غنى عنها .ثم
or
انتقلت املسرحية إلى اليونان ومنها إلى أوربا ثم بالد الشرق .وأول من وضع أسس املسرحية
Co
107
هي محاكاة 1فعل نبيل ،بلغة مزودة بألوان من اإليقاع واللحن تختلف وفقا الختالف الحوار
والنشيد ،وتتم هذه املحاكاة على يد أشخاص ال عن طريق الحكاية والقصص ،وإنما عن
طريق الفعل والحركة ،فتثير في النفس الرحمة والخوف .وكان عنصر القضاء والقدر في
C
CI
املأساة القديمة قويا جدا يبعث الرهبة في النفوس ،ولذلك لم يكن ثمة مجال فيها للمناظر
املرحة والفكاهة والضحك ،وكان عدد املمثلين فيها قليال جدا وبجانبهم (الجوقة) التي تقوم
−
باإلنشاد املوسيقي ،بعيدا عن املسرح ومتوارية عن األنظار وكان الجمهور يذهب إلى املسرح
es
ليرى كيف تنتهي حياة البطل بمأساة ،أو ليعرف األسباب التي أدت إلى املأساة .وأهم
eg
مسرحية تمثل هذا الجانب هي مسرحية "أوديب امللك" وفيها يتجلى عنصر القضاء والقدر،
ll
ثم خطت املأساة اليونانية خطوات إلى األمام فنوعت في املوضوع واختيار الشخصيات،
Co
وإدارة الحوار بطريقة تقرب من الواقع ،واتجهت إلى العواطف اإلنسانية ،بعد أن كانت
قاصرة على املوضوعات الدينية ،وصارت تنتهي نهاية سعيدة ،بعد أخطار جسيمة تتعرض
c
لها الشخصيات ،وذلك بعد أن كانت تنتهي دائما بمأساة مفجعة.
mi
وحين أصاب املأساة القديمة (التراجيديا) هذا التغيير العميق في أصولها بطول الزمن،
la
يراه األديب ببصيرته ،ونظرا التساع الحياة اليوم وتعدد مشكالتها ،واصطدام األهواء
n
والرغبات في الوقت الحاضر ،فقد اتسع مداها وتعدد موضوعاتها ،وتباينت العقد فيها.
io
وهي بهذا تمثل واقعية الحياة بالصورة التي ينبغي أن تكون عليها في نظر الكاتب ويمكن
t
oصار البطل في الدراما رجال من عامة الناس ،بعد أن كان عظيما أو من رجال الدين في
or
التراجيديا.
Co
C
CI
oكان موضوع املأساة القديمة مستمدا من األدب الالتيني أو اإلغريقي ،أما "الدراما"
الحديثة فقد لجأت إلى التاريخ الحديث من كل مكان.
−
oحافظت التراجيديا على وحدة الزمان واملكان في حين نرى عدم الحرص على هذه الوحدة
es
في "الدراما" الحديثة.
eg
oكثر في "الدراما" عدد املمثلين وكان قليال في "التراجيديا".
ll
oكانت األعمال العنيفة ممنوعة في "التراجيديا"" ،والدراما" تسمح بعرضها على
Co
املتفرجين.
oاهتمت "الدراما" بالدقة التاريخية ،فأعطت اللون املحلي في املالبس واملناظر والحوادث
c
وكانت "التراجيديا" ال تهتم بذلك.
mi
ثم ظهرت مدارس حديثة طورت وحورت في موضوع الدراما وفي أشخاصها وأهدافها
la
وطريقة معالجتها ،حتى وصلت إلى ما هي عليه اآلن من وجود دراما واقعية ودراما طبيعية
Is
ودراما رمزية...الخ
- ۳امللهاة "الكومدية":
of
هي محاكاة أراذل الناس في الجانب الهزلي الذي يثير الضحك من غير إيالم أو إضرار.
n
oموضوع املأساة فعل نبيل وموضوع امللهاة فعل هزلي يثير الضحك.
t
oاملأساة تنتهي بحل فاجع ،وفي امللهاة ينتهي الحل بما يبعث على السخرية.
di
oموضوع املأساة في الغالب يكون تاريخيا بخالف امللهاة فقد يكون املوضوع فيها تاريخيا
or
oامللهاة تعالج غير الطبيعي في األمور العادية ،واملأساة تعالج غير العادي في األمور
الطبيعية.
109
عناصر املسرحية:
املسرحية كيان مبني قائم بعضه فوق بعض ،ومكون من عدة عناصر في منطق ونظام.
والعناصر التي يتألف منها هذا البناء هي:
C
CI
-1العرض
ومهمته تقديم الشخصيات واألحداث التي تحكي موضوع املسرحية عن طريق التمثيل،
−
وينبغي أن تكون أحداث العرض واضحة املالمح بعيدة عن االستطرادات ،سائرة في طريق
es
التعقيد إلى الغاية التي تهدف بها ،كل حدث مرتبط بما قبله وبما بعده بعالقة السببية
eg
واملسببية ليكون ذلك أقوى في الحبكة الفنية .وطرق العرض كثيرة ،تختلف باختالف
ll
املؤلف والشخصيات واملوضوع ،ويأتي عرض الحوادث عادة بعد التعريف بالشخصيات
Co
والزمان ومكان املسرحية.
- ۲العقدة
c
وهي حادثة توشك أن تقع أو مشكلة اجتماعية أو عاطفية أو فكرية ،تتهيأ للظهور ويترتب
mi
على وقوعها أو تشابكها نتيجة أو نتائج -وقد ينفصل العرض عن العقدة ،فيسير العرض
la
أشواطا باألشخاص في حياتهم املألوفة ،نكاد نلمس فيها طبائعهم وأخالقهم ،ثم تأتي العقدة
Is
بعد ذلك نتيجة صراع األخالق والطباع واحتكاكها ،ثم تستمر وتتشكل حتى تنتهي إلى نتيجة
هي الحل ،وقد يسير العرض مع العقدة جنبا إلى جنب بطريقة مجدولة متشابكة في إتقان،
of
وهذا يتوقف على طبيعة املسرحية ،فإن كانت العقدة نابعة من طبائع األشخاص جاء
n
العرض أوال ثم تأتي العقدة .وإن كانت العقدة نابعة من الحدث اندمج العرض مع العقدة
io
وسارا معا ،وصارت العقدة هي العالقة بين الحوادث املتسلسلة .وقد تكون العقدة هي
t
الصراع الذي يكون داخل الشخص بين عاطفتين أو مبدأين أو رأيين كالصراع بين الخير
na
- ۳الحل
or
هو الوصول إلى خاتمة املسرحية وهو في املآس ي غالبا ما يكون موتا عقابا للبطل األثيم أو
Co
نهاية لحياة البطل املجيد ،وفي املهازل غالبا ما تكون النهاية السعيدة هي الختام .وينبغي أن
يكون الحل سائرا مع منطق األحداث ،ونتيجة متوقعة من مواقفها ،وأال يكون خاضعا
110
للمصادفة أو االفتعال ،ويكون الحل عادة في الفصل األخير أو في جزء منه .على أن بعض
املسرحيات في العصور الحديثة ال تجعل من النهاية حال وإنما تترك الحل في يد الجمهور
الذي يشاهد املسرحية ،ليكون ذلك أفعل في النفس أو سيرا مع طبيعة الحياة ،فكل حل
C
CI
ملشكلة فيها ابتداء ملشكلة أخرى وهكذا -واملسرحية ال بد فيها من مناظر واستراحة وحوار
وشخصيات.
−
لغة املسرحية:
es
لغة املسرحية هي املظهر املادي ملقومات املسرحية ،وبها تتحقق الصلة بين املسرح
eg
والجمهور ،وقد اختلف النقاد في لغة الحوار واملسرحية؛ أيكون الحوار بالفصحى أم
ll
بالعامية؟ ،وهذه املسألة آثارها البون الشاسع بين الفصحى والعامية في لغتنا ،والضعف
Co
الشديد في الفصحى عند الجمهور واختالف العامية باختالف األقاليم .والحق أنه ال صراع
بين الفصحى والعامية ،فلكل كاتب أن يختار الجمهور الذي يريد أن يكتب له ،وفي األمم
c
جميعا يعيش األدب الفصيح مع األدب الشعبي عيشة سالم ،كل يؤدي دوره في مجاله
mi
الطبيعي -واللهجات املحلية يكثر استخدامها في شؤون الحياة اليومية ،ولها داللتها الدقيقة
la
وحيويتها في التصوير .وفي كل منطقة ألفاظ حية اكتسبت بحكم ظروف املعيشة مدلوالت
Is
ال يتذوقها سوى أهلها ،واملوقف بين لغتنا العامية والفصحى له ما يناظره في األمم األخرى
العريقة في اآلداب والتي سبقتنا في كتابة املسرحيات ،فلم يدر بخلد واحد من نقادهم أن
of
يعرض اللهجة العامية اعتمادا على الواقعية في األداء بدال من الفصحى ،وإنما تركوا األدب
n
الشعبي "الفولكلور" يسير مع األدب الفصيحي جنبا إلى جنب .وينبغي أن نعارض بشدة
io
هؤالء الذين يحكمون على الفصحى بالعجز عن اإلسهام في مجال املسرحية ،تعلال بأن
t
ألفاظ العامية حية في االستعمال الشعبي ،وتحقق املتعة للجماهير ،وفيها مراعاة لواقع
na
الحال في حديث الشخصيات التي تتكلم العامية ،وذلك ألن املراد بالواقعية في املسرحية
di
إنما هي واقعية النفس وواقعية الحياة واملجتمع وليست واقعية اللغة ،والكاتب إنما
or
يستنطق لسان الحال وال يستنطق لسان املقال ،كما ينبغي أن نسلم بأن اللغة الفصحى
Co
أثرى وأعمق في دالالتها وأقدر على أداء املعاني العالية واألفكار والخواطر الدقيقة وأقوى
في تأدية رسالتها اإلنسانية واالجتماعية من اللغة العامية .واملسرحيات العاملية التي كتب
111
لها الخلود كتبت بلغة األدب ولم تكتب باللغة العامية ،ولغتنا ال تقل عن اللغات األخرى
إثراء وأداء وتعبيرا ،إن لم تزد عليها إفصاحا وإبانة ،وال يجوز أن نهبط بمستوى اللغة مراعاة
للتيسير على الجمهور ،بل يجب أن نرقى به إلى اللغة الفصيحة ،حتى نغذي فكره ونقوم
C
CI
لغته ،ويصبح أدبنا في املسرحيات موضوع دراسة ونقد .وليس الخطر في املسرحية أن يجري
الحوار على لسان الطفل والعامي باللغة العربية السهلة ،ولكن الخطر أن يجري على
−
لسانهما آراء فلسفية ،أو أفكار اجتماعية أو صور عميقة ،أو يصدر على أيديهما تصرفات
es
تخالف الواقع .على أنه ال غضاضة 1في أن تتخلل التراكيب الفصيحية في املسرحية بعض
eg
الكلمات العامية إذا اقتض ى األمر ،فاأللفاظ املستعارة من لهجة أو لغة إلى لغة أخرى ال
ll
تذهب بخصائصها وجمالها .فاللغات تتعاور األلفاظ ،وقد سبق أن أفادت لغتنا الفصحى
Co
من مفردات اللغة الفارسية قديما ،فصارت تلك األلفاظ معربة.
ويرى األستاذ توفيق الحكيم أن تكتب باللغة الوسطى وهي التي تتفق مفرداتها في العامية
c
والعربية ،فينطقها العامي بالعامية وينطقها املثقف بالعربية ،ولكن يترتب على هذا إغفال
mi
الخصائص الجمالية للتراكيب ،بسبب عدم وجود اإلعراب فيها ،وفي هذا إضعاف للعربية
la
ومجاملة للعامية ،مع أن هذه التجربة لم تؤد الغرض منها ،فقد كان الجميع يقرؤونها باللغة
Is
الوسيلة املالئمة التي يخاطب بها الجماهير .فاملسرحية إن ألفت للتمثيل ،فللكاتب أن
n
يخاطب جمهوره باللغة التي يفهمها وإن ألفت للقراءة كاملسرحيات التاريخية أو املترجمة،
io
فال بد أن تصاغ باللغة الفصحى ،حتى تضمن لنفسها النقد والدراسة والخلود.
t
oالقصة ال تحتاج إلى مسرح تستعين به في أدائها ،بخالف املسرحية ،فإنها تحتاج إليه
di
في األداء ،ولذلك يالحظ كاتب املسرحية املسرح ،بخالف كاتب القصة.
or
oاملسرحية تحتاج إلى جمهور يشاهد مجموعة من املمثلين تجري على ألسنتهم أحداث
Co
مسببة مترابطة لكل ممثل دور .بخالف القصة فكاتبها هو الذي يجري تلك األحداث
C
CI
املسرحية ،فال بد أن تكون في شكل واحد وفي قالب واحد وهو قالب "الحوار".
oالقصاص ليس مقيدا بش يء خارج عمله ،فله أن يطيل وله أن يقصر ،وليس مقيدا
−
بزمن ،بخالف كاتب املسرحية فهو مقيد بجمهور املشاهدين وطاقة املمثلين وزمن
es
العرض ،بحيث ال يزيد على ثالث ساعات ،ولذلك ينبغي أن تتخللها فترات استراحة
eg
يسدل فيها الستار .لهذا كان القصر أساس املسرحية ،بحيث ال تتجاوز مئة صفحة.
ll
oفي املسرحية تختار أدوار املمثلين بميزان ويجري فيها الحوار على ألسنتهم بدون زيادة
Co
أو نقصان وبدون تدخل من املؤلف بتعليق أو استطراد ،مع مراعاة أن تكون املسرحية
غنية باملواقف واملفاجآت والصراع العنيف بين قوى مضادة ،لتتفاوت معها حدة
c
انفعال في نفوس املشاهدين ،وتشدهم إلى املسرح ،بخالف القصة فإنها ال تتطلب كل
mi
ذلك.
la
oالوحدة العضوية في املسرحية مبنية على السرعة والتحفز والزمن املحدود بخالف
Is
الوحدة العضوية في القصة ،فهي مبنية على البطء واملرونة وتشعب األفكار وتعدد
الشخوص الذي ال يمكن أن ينهض بها املسرح ،لذلك يجوز للكاتب فيها أن يتدخل
of
oاملسرحية يكثر فيها التلميح واإليحاء واإلشارة واإليجاز ،وذلك إلثارة االنفعاالت،
io
بخالف القصة فتكثر فيها التفصيالت ،ويطنب الكاتب متى أراد؛ ألنه يقدم عمال لقارئ
t
oفن املسرحية أكثر دقة وصعوبة وتقيدا ،وفن القصة أكثر حرية وانطالقا وأطول
di
نفسا.
or
Co
113
أسئلة وتطبيقات
- ۱وضح سمات النقد األدبي عند العرب في كل من العصور اآلتية:
(ب) العصر العباس ي. (أ) العصر الجاهلي
C
CI
(ج) العصر الحديث
- ۲ما معنى األسلوب في عرف األدباء؟ وما أنواعه؟ اشرح ومثل.
−
- ۳األساليب املتفاوتة كآالت املوسيقى كل منها يعطي من األلحان ما ال يقوى عليه غيره،
es
بين عوامل اختالف األسلوب واستشهد ملا تقول.
eg
- ٤استخرج عناصر األسلوب األدبي من األبيات اآلتية ووضح العاطفة فيه:
ll
قال الشاعر:
Co
وانفض العجز فإن الجد قاما أيـ ـه ـا ال ـش ـ ـرق ـ ـي ش ـم ـر ال ت ـن ـ ـم
واج ـع ـل ال ـحك ـمة للعزم زماما وام ـت ـط ال ـع ـزم ج ـوادا ل ـل ـع ـل ـى
c
رب ذي ل ـب عن الحق تعامى ال ت ـض ـق ذرع ـا ب ـما قال العدا
mi
- ۲بين األسلوب األدبي واألسلوب العلمي فروق في الغاية املقصودة من كل منهما ،ووسيلة
التعبير عن األفكار فيهما ،وضح هذه الفروق.
of
- ۸الشعر والنثر كالهما مظهر لألسلوب األدبي ،ولكن بينهما فروقا من حيث الشكل
io
- ۷بين مفهوم الشعر في النقد القديم ،وفي النقد الحديث ،ووضح رأيك في وجتهي نظر النقد
na
- ۱تخضع القصيدة العربية الحديثة في رأي النقد الحديث ملقومات ال بد من توافرها حتى
or
- ۱۱ما معنى التجربة الشعرية؟ ومتى تكون صادقة؟ وما مقياس الجودة فيها؟
114
- ۱۱الشعر تعبير عن الحياة ،كما يدركها اإلنسان من خالل وجدانه .اشرح هذه العبارة
واستشهد ملا تقول.
- ۱۲جرى بعض النقاد على تسمية بعض األلفاظ بأنها ألفاظ شعرية ،وتسمية أخرى بأنها
C
CI
غير شعرية ،ناقش هذا الرأي مستدال على ما تقول.
- ۱۳بين مفهوم الوحدة العضوية ،ووضح أثرها في الشعر.
−
- ۱٤يرى بعض النقاد املحدثين أن الوحدة العضوية لم توجد في الشعر العربي القديم،
es
اعرض وجهة نظر هؤالء النقاد وناقشها ،وبين رأيك.
eg
- ۱۲وضح املفهوم األدبي للشعر الغنائي ،وبين خصائصه ومثل له.
ll
-۱٦ما معنى الشعر امللحمي؟ مثل له من اآلداب املختلفة ومن الشعر العربي.
Co
- ۱۸اذكر السمات الخاصة بالشعر امللحمي ،ووضح ملاذا لم توجد املالحم الفصيحة في
الشعر العربي القديم مع وجود املالحم الشعبية فيه؟.
c
- ۱۷ما الخصائص الفنية التي ال بد منها في الشعر املسرحي؟ وملاذا؟
mi
- ۱۱اشرح دور "شوقي" في نهضة الشعر املسرحي ،واذكر أسماء بعض مسرحياته وعلق
la
على موضوعاتها.
Is
- ۲۱يتفق الشعر امللحمي والشعر املسرحي في أمور ويفترقان في أمور أخرى ،بين وجوه
االتفاق ووجوه االختالف.
of
n
io
********
t
na
di
or
Co
115