Professional Documents
Culture Documents
نماذج للاقتداء - عثمان بن عفان
نماذج للاقتداء - عثمان بن عفان
املدخل :القتداء
املوضوع :عثمان بن عفان رض ي هللا عنه وقوة الحياء والبذل
أهمية املوضوعّ :إن انحراف منهج التفكير وفساد العقيدة يؤدي إلى اختالل القيم .وإن من أهم هذه القيم التي
اختلت في سلوكنا اليوم ،قيمة الحياء .والناظر املتأمل في سير األنبياء عليهم السالم يجد الحياء قيمة مشتركة بينهم
جميعا .وقد قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم« :لكل دين خلقا ،وخلق اإلسالم الحياء» ،وهو ما يؤكد أهمية هذه
القيمة ومكانتها في اإلسالم ،وإن أعظم من تمثل هذا الخلق بعد رسول هللا الصحابي الجليل عثمان بن عفان رض ي
هللا عنه ،لذلك أهمية املوضوع تتمثل في حديثنا عن أهمية خلق الحياء وعن أهم مظاهره وتجلياته ،بالتركيز على
هذا النموذج في القتداء.
Iالسند:
ً
مضطجعا في بيتي، عن عائشة رض ي هللا عنها قالت« :كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
ثم استأذن َّ
فتحدثَّ ، كاشفا عن ساقيه ،فاستأذن أبو بكر فأذن له ،وهو على تلك الحال، ً
ثم استأذن عثمان ،فجلس رسول هللا صلى هللا عليه َّ
فتحدثَّ ، عمر ،فأذن له ،وهو كذلك،
فلما خرج ،قالت عائشة :دخل أبو بكر ،فلم تهتش له فتحدثَّ ، َّ وسلمَّ ،
وسوى ثيابه ،فدخل
وسويت ثيابك، ثم دخل عثمان فجلست َّ ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تبالهَّ ،ولم تبالهَّ ،
فقال« :أل أستحي من رجل تستحي منه املالئكة» ،رواه مسلم في صحيحه:
.1الشرح والفهم
−مضطجعا :مستلقيا على جنبه
−كاشفا عن ساقيه :يدل على هيئة اطمئنان للنبي صلى هللا عليه وسلم في بيته
−لم تهتش له :أي لم تتحرك ألجله ولم تغير من وضعك
.2املضمون
سلوك النبي صلى هللا عليه وسلم دليل على املنهج التربوي الذي كان ينتهجه في إعداد صحابته
لحمل الرسالة ،واستحياؤه من عثمان بن عفان دليل على قيمة هذا الخلق وعلى سمو مقامه رض ي
هللا تعالى عنه كنموذج للتأس ي والقتداء.
IIتحليل املضمون:
.1املنهج النبوي في تربية الصحابة وإعدادهم لتحمل املسؤولية:
يقول هللا تعالى في سورة يوسف مخاطبا نبيه الكريم﴿ :قل هذه سبيلي أدعو إلى هللا على بصيرة أنا ومن
اتبعني﴾ [اآلية ،]108 :فالرسول صلى هللا عليه و سلم لم يكن يشتغل بالدعوة إلى دين هللا وحده ،بل
1
كان الصحابة أيضا معنيون بهذا األمر ،و لذلك كان عليه الصالة و السالم يربيهم ّ
ويعدهم لتحمل
مشاق الدعوة ،فكلما أى منهم خلال ّ
سدده ،وكلما رأى ضعفا قواه ،وكلما رأى بذل وشجاعة وتضحية ر
وجهه ،حتى صاروا مثال يقتدى ويحتذى به ،فصاروا رضوان هللا عليهم صفوة الخلق بعد الرسول ّ
صلى هللا عليه وسلم ،اختارهم هللا تعالى لصحبة نبيه ليتعلموا منه دينهم وينشروه في أصقاع األرض،
ويكونوا حجة على الناس.
.2نماذج للتأس ي والقتداء :عثمان بن عفان رض ي هللا عنه و قوة الحياء والبذل:
ارتباطا بموضوع الحياء وفي عالقة بنبي هللا يوسف عليه السالم ونبي هللا محمد صلى هللا عليه وسلم ،اخترنا الحديث
عن عثمان بن عفان رض ي هللا عنه ألن الحياء صفة مشتركة بينهم ،وهو ما يؤكد أمرا بالغ األهمية وهو أن هذه القيم
ل تخص األنبياء والرسل لوحدهم وإنما خاطب هللا بها جميع الناس وما عثمان بن عفان الذي عرف بشدة حيائه إل
دليل وحجة ،وقبل التعريف بهذا الرجل الفذ ل بد أن نمر بمفهومي الحياء والبذل:
إن النظر في هذا التعريف يبين أن الحياء ليس باملفهوم الذي نتمثله حقيقة في حياتنا بل هو أشمل وأعمق من
ذلك بكثير فقولنا خلق بمعنى أنه صفة ثابتة في سلوك صاحبه ،وقولنا يبعث صاحبه أي يحثه ويحفزه ويشجعه
على اجتناب القبيح ،والقبيح كل ما حرمه هللا تعالى وأدركه العقل فهما ومعرفة وخبرة ،وأما قولنا يمنع من
التقصير في حق ذي حق فهو يظهر عظمة هذه القيمة ونتائجها في حياة وسلوك املسلم .فالحياء ليس ضعفا في
الشخصية ول خجال كما يتمثله البعض بل هو إيمان اإلنسان بأهمية ما يفعله ،ويقينه بالنتائج ،ومن هنا تتبين
أهمية هذا الخلق في عفة اإلنسان ومنعه من كل مظاهر الفاحشة والفساد وبعثه على الوفاء بالحقوق وتحمل
ً
معطاء ،يبذل ما في وسعه لتحقيق هذه الغاية. املسؤولية ،وتجعل منه فردا نافعا
ب .تعريف البذل:
العطاء وإنفاق الجهد واملال عن طيب نفس ابتغاء وجه هللا تعالى.
2
• هجرته :أول املهاجرين إلى الحبشة ،ثم هاجر الهجرة الثانية إلى املدينة املنورة (صاحب الهجرتين)
• وفاتهَّ :
تنبأ له النبي صلى هللا عليه وسلم بالشهادة ،فاستشهد يوم الجمعة 18ذي الحجة سنة 35هجرية.
ث .عثمان بن عفان وقوة الحياء والبذل:
كان عثمان بن عفان شديد الحياء من هللا يخاف أن يجده في غير طاعة؛ وشديد الحياء من الرسول صلى هللا عليه
وسلم يطيعه في كل الشؤون ول يتقدم عليه في أي أمر ،يخش ى أن يؤذيه أو يس ئ األدب معه؛ وفي خصاله كان ّ
ستيرا،
َ
خفيض الصوت ،لينا حليما ،وقورا .شهد له الرسول الكريم بالحياء ،فقال« :أرحم أمتي أبو بكر ،وأش ُّدها في دين هللا
ّ ْ
ولشدة حيائه كان صلى هللا عليه وسلم يخصه بوقار ومعاملة خاصتين ،حيث قال عمر ،وأصدقهم حياء ُعثمان».
عليه السالم في حديث عائشة رض ي هللا عنها« :أل أستحي من رجل تستحي منه املالئكة» وما نال هذه املكانة العظيمة
إل ألنه كان رض ي هللا عنه من كبار التجار ،لكن حياءه منعه من أن يتكبر على الناس ،بل كان كثير البذل والعطاء،
فكان يبذل ماله بغير حساب في سبيل هللا وطاعة رسوله وإعالء كلمة دينه ومن نماذج بذله:
.1إنفاقه في الجهاد في سبيل هللا :فقد جهز جيش العسرة في تبوك .ولم يترك غزوة من الغزوات إل
وتصدق بمال أو طعام؛
.2إنفاقه في سقي املاء :اشترى بئر رومة من رجل من بني غفار وجعلها وقفا للمسلمين في املدينة؛
.3إنفاقه في بناء املساجد :اشترى رقعة أرض مجاورة لتوسعة املسجد النبوي؛
.4إنفاقه في إعتاق رقاب املسلمين :كان رض ي هللا عنه يعتق كل جمعة رقبة في سبيل هللا منذ أسلم،
فجميع ما أعتقه 2400رقبة تقريبا.
ج .القتداء بعثمان بن عفان رض ي هللا عنه في الدعوة إلى هللا من خالل قيمة الحياء والبذل:
يستطيع املؤمن أن يرتقي بنفسه اقتداء بهذا الصحابي في بذله وحيائه وذلك بما تحققه هاتين القيمتين من:
3