‫لغتنا العربية‪ :‬االنتما ُء وال َوحْ دة وال َجمال‬

‫*‬
‫د‪ .‬شاذيل عبد الغين إمساعيل‬
‫َ‬ ‫ُ ٌ‬
‫األكباد‬
‫ِ‬ ‫أسماعنا كان ْت لنا َب ْر ًدا على‬
‫ِ‬ ‫وقع ْت على‬
‫غة إذا َ‬ ‫ل‬
‫الرجاء لناطق َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬
‫بالض ِاد‬ ‫ٍ‬ ‫تؤلف بيننا فهي‬ ‫ستظل رابطة ِ‬
‫الشاعر حليم داموس‬

‫اللغة واالنتماء‪:‬‬
‫وو ْ ‪A‬ح دتها‪ ،‬ولقد‬ ‫إن ق ‪AA‬وة اللغة هي نت ‪AA‬اج لق ‪AA‬وة األمة ال ‪AA‬تي تتح ‪AA‬دثها‪ ،‬ورك ‪AA‬يزة قوية لبقائها َ‬
‫أدرك الكث ‪AA A‬يرون‪ A‬من املفك ‪AA A‬رين أن اللغة واح ‪AA A‬دة من الوس ‪AA A‬ائل ال ‪AA A‬تي تس ‪AA A‬هم في َوح ‪AA A‬دة األمم‬
‫وتعميق التواصل والتع‪AA‬ارف بينه‪AA‬ا؛ يق‪AA‬ول الفيلس‪AA‬وف األملاني (فيخت‪AA‬ه)‪" :‬اللغة تجعل من األمة‬
‫ص‪A A‬ا خاض‪Aً A A‬عا لق‪AA A‬وانين‪،‬إنها الرابطة الحقيقية بين ع‪AA A‬الم األجس‪AA A‬ام وع‪AA A‬الم‬ ‫الناطقة بها ُكاًّل مترا ًّ‬
‫ّ‬
‫يمثل خط ‪AA‬وة‬ ‫األذه ‪AA‬ان"‪،‬وال شك أن اس ‪AA‬تغالل وج ‪AA‬ود لغة واح ‪AA‬دة يجتمع تحت ظاللها الجميع ِ‬
‫ُأ‬
‫ك ‪AA A‬برى في طريق الوح ‪AA A‬دة إذا حسن اس ‪AA A‬تغاللها‪ ،‬فإنها تك ‪AA A‬ون ِمن أهم وس ‪AA A‬ائل الترابط ال ‪AA A‬ذي‬
‫نحن في أمس الحاجة إلي ‪AA A‬ه‪،‬وبض ‪AA A‬عفها نك ‪AA A‬ون قد فق ‪AA A‬دنا واح ‪AA A‬دة من أك ‪AA A‬بر الوس ‪AA A‬ائل للق ‪AA A‬وة‬
‫ُّ‬
‫والتوحد‪.‬‬
‫كما أن لغة أي أمة هي تخليد لحض‪AA A A‬ارتها‪ ،‬وبي‪AA A A‬ان أثرها في الت‪AA A A‬اريخ‪ ،‬وأس ‪AA A‬اس لق ‪AA A‬درتها‬
‫ُ‬
‫وبن‪AA‬اء مس‪AA‬تقبل أبنائه‪AA‬ا‪ ،‬وبها تتش‪AA‬كل إب‪AA‬داعات األمة الفكرية واألدبي‪AA‬ة‪ ،‬وبض‪AA‬عفها تض‪Aُ A‬عف ق‪AA‬وة‬
‫أي أمة على التن ‪AA A A‬افس وإثب ‪AA A A‬ات ال ‪AA A A‬ذات والثب ‪AA A A‬ات أم ‪AA A A‬ام التي ‪AA A A‬ارات املخالفة لتكوينها وفكرها‬
‫وثقافته‪AA A‬ا‪ ،‬ويك‪AA A‬ون نت‪AA A‬اج ه‪AA A‬ذا الض‪AA A‬عف هو االنه‪AA A‬زام والتقهقر والتخل‪AA A‬ف‪ ،‬ومن ثم رأينا األمم‬
‫دائما تس ‪AA A A‬عى إلى نشر لغاتها ال ‪AA A A‬تي هي الطريق لف ‪AA A A‬رض الهيمنة الثقافية وإذابة هوية‬ ‫القوية ً‬
‫اآلخر وأس‪AA A‬ره داخل إطارها الحض‪AA A‬اري بعد إض‪AA A‬عاف ج‪AA A‬ذوره الفكرية وخلخلة ِقيم االنتم‪AA A‬اء‬
‫لدي ‪AA A‬ه‪ ،‬وهي في نفس ال ‪AA A‬وقت تس ‪AA A‬عى إلى تش ‪AA A‬ويه وإض ‪AA A‬عاف كل ما يمكن أن ُيش‪ِ A A A‬عره بأص ‪AA A‬الة‬

‫* خترجت يف كلية الدراسات اإلسالمية والعربية جامعة األزهر بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف وعملت يف التدريس باألزهر يف نفس الوقت التحقت بالدراسات العليا‬
‫وحصلت على املاجستري والدكتوراه ‪ ،‬وبعثت من قبل األزهر الشريف إىل دولة تشاد للتدريس جبامعة امللك فيصل ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫حضارته‪ ،‬أو يظهر له م‪A‬واطن قوته‪A‬ا‪ ،‬ومن خالل ذلك يتم غ‪AA‬رس مش‪A‬اعر اإلحس‪A‬اس بالدونية‬
‫َّ‬
‫الحض‪AA‬ارية ال‪AA‬ذي هو نت‪AA‬اج للجهل اللغ‪AA‬وي والت‪AA‬اريخي؛يق‪AA‬ول مص‪AA‬طفى ص‪AA‬ادق ال‪AA‬رافعي‪" :‬ما ذلت‬
‫ُ‬
‫ذهابوإدب ‪Aٍ A A‬ار‪ ،‬ومن ه ‪AA A‬ذا يف ‪AA A‬رض األجن ‪AA A‬بي‬
‫ٍ‬ ‫في‬ ‫‪A‬ره‬ ‫‪A‬‬ ‫‪A‬‬ ‫م‬‫أ‬ ‫‪A‬ان‬‫‪A‬‬ ‫‪A‬‬ ‫ك‬ ‫إال‬ ‫انحطت‬ ‫وال‬ ‫ذل‪،‬‬ ‫إال‬ ‫‪A‬عب‬
‫ٍ‬ ‫‪A‬‬ ‫‪A‬‬ ‫ش‬ ‫‪A‬ة‬ ‫لغ ‪A A‬‬
‫ض‪A A A A‬ا على األمة املس‪AA A A A‬تعمرة‪ ،‬وي‪AA A A A‬ركبهم به‪AA A A A‬ا‪ُ ،‬ويش‪AA A A A‬عرهم عظمته فيه‪AA A A A‬ا‪،‬‬ ‫املس‪AA A A A‬تعمر لغته فر ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أحكاما ثالث ‪AA‬ة في عم ‪Aٍ A‬ل واح ‪Aٍ A‬د‪ :‬أما األول فحبس لغتهم‬ ‫ويس ‪AA‬تلحقهم من ناحيته ‪AA‬ا‪ ،‬فيحكم عليهم‬
‫‪A‬يانا‪ ،‬وأما الث ‪AA‬الث‬ ‫‪A‬جنا مؤب ‪Aً A‬دا‪ ،‬وأما الث ‪AA‬اني ف ‪AA‬الحكم على ماض ‪AA‬يهم بالقتل مح ‪Aً A‬وا ونس ‪ً A‬‬ ‫في لغته س ‪ً A‬‬
‫َ‬
‫فتقييد مس ‪AA A‬تقبلهم في األغالل ال ‪AA A‬تي يص ‪AA A‬نعها؛ ف ‪AA A‬أمرهم ِمن بع ‪AA A‬دها ألم ‪AA A‬ره ت َ ‪A‬ب ‪Aٌ A‬ع"‪ ،‬ولقد أدرك‬
‫َ‬
‫بعض رج‪AA A‬ال أمتنا ه‪AA A‬ذه الحقيقة فأض‪AA A‬افوا إلى أس‪AA A‬اليب مقاومة املحتل‪ A‬الحف‪AA A‬اظ على الهوية‬
‫‪A‬رب الع‪AA‬ربي‬ ‫ع‪AA‬بر التمسك بال‪AA‬دين واللغ‪AA‬ة‪ ،‬وقد بين الفرنسي (ج‪AA‬اك ب‪AA‬يرك) كيف اس‪AA‬تطاع املغ‪ُ A‬‬
‫اًل‬
‫الحف‪AA‬اظ على انتمائه ق‪AA‬ائ ‪" :‬إن أق‪AA‬وى الق‪AA‬وى ال‪AA‬تي ق‪AA‬اومت االس‪AA‬تعمار الفرنسي في املغ‪AA‬رب هي‬
‫َ‬
‫اللغة العربي‪AA‬ة‪ ،‬بل اللغة العربية الكالس‪AA‬يكية الفص‪AA‬حى بال‪AA‬ذات‪ ،‬فهي ال‪AA‬تي ح‪AA‬ال ْت دون ذوب‪AA‬ان‬
‫املغ ‪AA‬رب في فرنس ‪AA‬ا‪ ،‬إن الكالس ‪AA‬يكية‪ A‬العربية هي ال ‪AA‬تي بل ‪AA‬ورت األص ‪AA‬الة الجزائري ‪AA‬ة‪ ،‬وقد ك ‪AA‬انت‬
‫ًّ‬ ‫اًل‬
‫قويا في بقاء الشعوب العربية"‪.‬‬ ‫هذه الكالسيكية العربية عام‬

‫أهمية اللغة العربية‪:‬‬

‫ً‬ ‫َ‬
‫يكفي اللغ ‪AA‬ة العربية ش ‪AA‬رفا أنها اللغة ال ‪AA‬تي اختارها هللا عز وجل لكتابه الك ‪AA‬ريم‪ ،‬ال ‪AA‬ذي‬
‫عربا وغ ‪AA‬ير ع ‪AA‬رب ‪ -‬في حفظه وتالوت ‪AA‬ه‪ ،‬كما‬ ‫يتلى اآلن في رب ‪AA‬وع األرض‪ ،‬ويتب ‪AA‬ارى املس ‪AA‬لمون ‪ً -‬‬
‫يس‪AA‬عى الكث‪AA‬يرون إلى فهمه ودراس‪AA‬ته وبي‪AA‬ان أس‪AA‬راره ومعرفة أحكامه وفقه ش‪AA‬ريعته‪ ،‬وذلك ال‬
‫يتم إال بدراسة اللغة ال ‪AA A‬تي ن ‪AA A‬زل به ‪AA A‬ا‪ ،‬والتنقيب عما تحويه من مزايا جعلتها َّ‬
‫املؤهلة لتك ‪AA A‬ون‬
‫املعج‪ A‬ز‪ ،‬ذلك ال ‪AA A‬ذي جعل "اإلقب ‪AA A‬ال على تفهمها من الديان ‪AA A‬ة؛ إذ هي أداة العلم‪،‬‬ ‫لغة ال ‪AA A‬وحي ِ‪A A‬‬
‫ومفتاح التفقه في الدين‪ ،‬وسبب إصالح املعاش واملعاد" على حد تعبير أبي منصور الثعالبي‪،‬‬
‫َّ‬
‫ولقد ق‪AA A‬ال س‪AA A‬يدنا عمر بن الخط‪AA A‬اب من قب‪AA A‬ل‪" :‬تعلم‪AA A‬وا العربي‪AA A‬ة؛ فإنها من دينكم"‪ ،‬كما ق‪AA A‬ال‬
‫‪A‬رآن؛ فإنه‬‫رضي هللا عن ‪AA‬ه‪" A:‬أما بع ‪AA‬د‪ ،‬فتفقه ‪AA‬وا في الس ‪Aَّ A‬نة‪ ،‬وتفقه ‪AA‬وا في العربي ‪AA‬ة‪ ،‬وأعرب ‪AA‬وا الق ‪َ A‬‬
‫عربي"‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫أكثر ِمن ملي‪AA‬ار مس‪AA‬لم‪ ،‬ولقد‬ ‫واللغة العربية هي لغة ثالثمائة مليون شخص‪ ،‬ويتعبد بها ُ‬
‫‪A‬رفت الكث‪AA A‬يرين‪ A‬من املس‪AA A‬لمين غ‪AA A‬ير الع‪AA A‬رب ممن ي‪AA A‬رون إتق‪AA A‬ان العربية هو واح‪Aً A A‬دا ِمن أك‪AA A‬بر‬ ‫ع‪ُ A A‬‬
‫أم‪AA‬انيهم‪ ،‬في ال‪AA‬وقت ال‪AA‬ذين ال نعت‪AA‬ني بها نحن الع‪AA‬رب حق عنايته‪AA‬ا‪ ،‬وال نعطيها حقها في أن تك‪AA‬ون‬
‫الغنية بخصائص‪AA A A A‬ها‪ ،‬ال‪AA A A A‬تي تتف‪AA A A A‬وق على غيرها بروعة بيانها ودقة‬ ‫َّ‬ ‫لغة الحي‪AA A A A‬اة والعلم‪ ،‬وهي‬
‫أساليبها‪ ،‬وغزارة معجمها‪ ،‬وجمال معانيها‪ ،‬واللغة هي الوسيلة لتعارف ه‪AA‬ذه األمة وترابطه‪AA‬ا‪،‬‬
‫واالحتفاظ بتراثها الحضاري‪ ،‬وحفظ هويتها‪.‬‬
‫السلف واللغة‪:‬‬
‫ُع ِن َي س‪AA A A‬لفنا الص‪AA A A‬الح باللغة غاية العناي‪AA A A‬ة‪ ،‬وك‪AA A A‬ان مبعثهم على ذلك العناية بكت‪AA A A‬اب هللا‬
‫وس ‪Aَّ A A‬نة رس ‪AA A‬وله‪ ،‬إض ‪AA A‬افة إلى حبهم للغتهم ومع ‪AA A‬رفتهم ملا فيها من الجم ‪AA A‬ال والروع ‪AA A‬ة‪ ،‬وك ‪AA A‬انوا‬
‫ومن ذلك ما‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ينف ‪ A A‬رون من اللحن في الكالم ويرونه عيبا يس ‪AA A A‬تحق أن يع ‪AA A A‬اقب من يقع في ‪AA A A‬ه‪ِ ،‬‬ ‫ِ‪A‬‬
‫ً‬
‫ي‪AA A‬روى أن عمر رضي هللا عنه أمر بع‪AA A‬زل ك‪AA A‬اتب أبي موسى األش‪AA A‬عري وجل‪AA A‬ده س‪AA A‬وطا؛ لع‪AA A‬دم‬
‫ً‬
‫خطابا إلى عمر يق‪AA A A A A A A‬ول في مفتتح‪AA A A A A A A‬ه‪ِ :‬من أبو موسى‬ ‫تمكنه من قواعد العربي‪AA A A A A A A‬ة؛ إذ كتب‬
‫األش‪AA A‬عري إلى عمر بن الخط‪AA A‬اب‪ ،‬والص‪AA A‬واب‪ِ :‬من أبي موس ى‪،‬وعن عم‪AA A‬رو بن دين‪AA A‬ار‪" :‬أن ابن‬
‫أوالدهما على اللحن"‪ ،‬وك‪AA A A‬ان عب‪AA A A‬دامللك بن‬ ‫َ‬ ‫عمر وابن عب‪AA A A‬اس رضي هللا عنهما كانا يض‪AA A A‬ربان‬
‫‪A‬دري في الوج‪AA A‬ه"‪ ،‬وك‪AA A‬ان‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫م‪AA A‬روان يق‪AA A‬ول‪" :‬اللحن في الكالم أقبح ِمن التف‪AA A‬تيق في الث‪AA A‬وب‪ ،‬والج‪ِ A A‬‬
‫ُ َّ‬ ‫يقول‪َّ :‬‬
‫"شيبني طلوع املنابر وخوف الل ْحن"‪.‬‬
‫ُ‬
‫وض ‪AA‬عف اللغة العربية ي ‪AA‬ترتب عليه عجز عن إدراك عل ‪AA‬وم الش ‪AA‬رع ومعرفة متطلبات ‪AA‬ه‪،‬‬
‫بل الوقوع في تأويالت خاطئة تتنافى مع املقصود من النصوص الشرعية؛ ولهذا يق‪AA‬ول مالك‬
‫اًل‬ ‫ُ‬
‫جعلته نك‪AA A A A‬ا "‪ ،‬وجعل‬ ‫رحمه هللا‪":‬ال أوتى برجل غ‪AA A A A‬ير عاملبلغ‪AA A A A‬ةالعرب يفسر كت‪AA A A A‬اب هللا إال‬
‫ً‬
‫علماء أصول الفقه من ش‪A‬روط املجتهد أن يك‪A‬ون عاملا بالعربي‪A‬ة؛ ق‪A‬ال األنص‪A‬اري الحنفي‪"ِ :‬من‬
‫شروط املجتهد أنه ال بد من معرفة التصريف‪ A‬والنحو واللغة"‪ ،‬وهكذا في كل علوم الش‪AA‬رع‪،‬‬
‫بل ك‪AA A‬ان العلم‪AA A‬اء منهم يحب‪AA A‬ون لغتهم ويع‪AA A‬تزون بها للدرجة ال‪AA A‬تي جعلت أبا الريح‪AA A‬ان الب‪AA A‬يروني‬
‫إلي ِمن أن أمدح بالفارسية"‪.‬‬ ‫شت َم بالعربية ُّ‬
‫أحب َّ‬ ‫يقول‪" :‬ألن ُأ َ‬

‫‪3‬‬
‫ولقد أدرك الس‪AA A‬لف أن ق‪AA A‬وة أمتهم من ق‪AA A‬وة لغتهم‪ ،‬وأن غيابها أو ض‪AA A‬عفها س‪AA A‬يؤدي إلى‬
‫التشتت‪ ،‬وأن الحف‪A‬اظ عليها هو حف‪A‬اظ على الحض‪A‬ارة اإلس‪A‬المية ال‪A‬تي مهما ط‪A‬ال ض‪A‬عفها فإنه‬
‫يبقيها ويعيدها إلى ما كانت عليه من قوة اجتماعها حول محوري ّ‬
‫الدين واللغة‪.‬‬‫ِ‬

‫َشهادات غير العرب للغة العربية‪:‬‬

‫عرف‪AA‬وا العربية وأدرك‪AA‬وا روعتها وع‪AA‬اينوا ما‬ ‫لقد ش‪AA‬هد الكث‪AA‬يرون من غ‪AA‬ير الع‪AA‬رب ال‪AA‬ذين َ‬
‫وغ نى وتن ‪AA‬وع ودقة وفخامة في تراكيبها وروعة في أس ‪AA‬اليبها ‪ -‬ش ‪AA‬هادة‬ ‫فيها من موس ‪AA‬يقا وجم‪AA‬ال ِ ‪A‬‬
‫أجنبيا‪ ،‬ومن جهل فانص‪AA‬رف‬ ‫ًّ‬ ‫تجعلنا نرى الفرق بوضوح بين َمن ذاق فع‪AA‬رف وإن ك‪AA‬ان ً‬
‫غريبا‬
‫عربيا؛ يق ‪AA‬ول الع ‪AA‬الم الغ ‪AA‬ربي الكب ‪AA‬ير (ك ‪AA‬ارلو نلين ‪AA‬و)‪" A:‬اللغة العربية‬ ‫وإن ك ‪AA‬ان بالوراثة يس ‪AA‬مى ًّ‬
‫وغ‪ A‬نى‪ ،‬ويعجز اللس ‪AA‬ان عن وصف محاس ‪AA‬نها"‪ ،‬وتتش ‪AA‬ابه ش ‪AA‬هادات‬ ‫رونقا ِ‪A‬‬ ‫تف ‪AA‬وق س ‪AA‬ائر اللغ ‪AA‬ات ً‬
‫كث‪AA‬يرة مع ه‪AA‬ذه الش ‪AA‬هادة ال ‪AA‬تي تفضل اللغة العربية على كث ‪AA‬ير من اللغ‪AA‬ات‪ ،‬مثل ش‪AA‬هادة الع‪AA‬الم‬
‫األم‪AA‬ريكي (ف‪AA‬ان دي‪AA‬ك) واألملاني (فرنب‪AA‬اغ)‪ ،‬ومن أك‪AA‬ثر الش‪AA‬هادات ال‪AA‬تي تستش‪AA‬عر فيها عشق اللغة‬
‫العربية والت ‪AA A‬أثر بس ‪AA A‬حر بيانها ش ‪AA A‬هادة (ه ‪AA A‬يرين س ‪AA A‬يركا)‪ ،‬املرأة ال ‪AA A‬تي أس ‪AA A‬لمت وتس ‪AA A‬مت باسم‬
‫(فاطم ‪AA A A A A A A A A A‬ة)‪ ،‬حيث تق ‪AA A A A A A A A A A‬ول‪" :‬أرجو أن تفخ ‪AA A A A A A A A A A‬روا بلغتكم؛ فهي أعظم اللغ ‪AA A A A A A A A A A‬ات ً‬
‫بيانا‬
‫اًل‬
‫وجم ‪AA‬ا ‪،‬اس ‪AA‬تعملوها في س ‪AA‬ائر مج ‪AA‬االت حي ‪AA‬اتكم‪ ،‬وش ‪Aّ ِ A‬جعوا أطف ‪AA‬الكم على أن يفعل ‪AA‬وا ذل ‪AA‬ك‪ ،‬ال‬
‫َّ‬
‫تهملوا أدبكم الرفيع‪ ،‬إن هللا قد وهبكم هذه اللغة فال تتخل ْوا عنها‪ ،‬انشروها قدر إمكانكم"‪.‬‬

‫اآلخرون يدافعون عن لغاتهم‪:‬‬ ‫َ‬

‫ُ‬
‫في ال‪AA‬وقت ال‪AA‬ذي تتع‪AA‬رض فيها اللغ‪AA‬ة العربية لهجم‪AA‬ات شرسة من أبنائها ويس‪AA‬عى البعض‬
‫إلى إض ‪AA A‬عافها واس ‪AA A‬تبدال اللهج ‪AA A‬ات العامية به ‪AA A‬ا‪ ،‬بحجة ص ‪AA A‬عوبتها وك ‪AA A‬ثرة قواع ‪AA A‬دها‪ ،‬ويفضل‬
‫كث‪AA‬يرون‪ A‬اس‪AA‬تخدام لغ‪AA‬ات أخ‪AA‬رى بحجة أنها املتماش‪AA‬ية مع العص‪AA‬ر‪ ،‬ن‪AA‬رى ال‪AA‬دول األخ‪AA‬رى تخ‪AA‬دم‬
‫تح‪َّ A A‬د من اس‪AA A A‬تخدام اللهج‪AA A A‬ات املحلي‪AA A A‬ة؛‪A‬‬
‫لغاتها وتس‪AA A A‬عى إلى نش‪AA A A‬رها‪ ،‬وتح‪AA A A‬اول في داخلها أن ُ ‪A‬‬
‫ففرنسا فرضت منذ أع‪AA A A A‬وام غرامة ألفي فرنك فرنسي على كل من يس‪AA A A A‬تخدم كلمة أجنبية‪A‬‬
‫ض ‪A A A‬ا ومنذ زمن طويل وبالتحديد في ‪4‬‬ ‫واح ‪AA A A‬دة يوجد لها مقابل في الفرنس ‪AA A A‬ية‪ ،‬وفي فرنسا أي ً‬
‫يونيو ‪ 1794‬ق‪AA A‬ام الع‪AA A‬الم وال‪AA A‬زعيم الفرنسي القس غريغ‪AA A‬وار بتق‪AA A‬ديم تقرير تح‪Aَّ A A‬دث فيه عن‬
‫ض ‪AA A‬رورة القض ‪AA A‬اء املبرم على اللهج ‪AA A‬ات‪ ،‬وتعميم اس ‪AA A‬تعمال اللغة الفرنس ‪AA A‬ية‪ ،‬ي ‪AA A‬رفض فيه أن‬

‫‪4‬‬
‫تس‪AA A‬لم مف‪AA A‬اتيح‪ A‬اإلدارة في البالد إلى َمن ال يجي‪AA A‬دون الفرنس‪AA A‬ية الفص‪AA A‬يحة‪ A،‬ويط‪AA A‬الب من أجل‬
‫املساواة أن تعالج هذه املش‪AA‬كلة معالجة جدي‪AA‬ة؛ وذلك بمحاربة اللهج‪AA‬ات املحلي‪AA‬ة‪ ،‬ونشر اللغة‬
‫الفرنسية الفصيحة‪ A‬بين جميع املواطنين‪.‬‬
‫َ‬
‫وفي بريطانيا ت‪AA A‬راقب وزارة التربية والتعليم والثقاف‪Aِ A A‬ة اإلنجليزي‪AA A‬ة الفص‪AA A‬حى؛ خش‪AA A‬ية أن‬
‫ف أو تنح ‪AA A‬در‪ ،‬ويحكي أحد َّ‬ ‫ُ َ‬
‫الكتاب الع ‪AA A‬رب املغاربة من ال ‪AA A‬ذين عاش ‪AA A‬وا في بريطانيا أنه‬ ‫تض ‪AA A‬ع‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫تليفزيونيا ين‪A‬اقش خطر دخ‪A‬ول بعض املف‪A‬ردات والتع‪A‬ابير‪ ،‬وقد استض‪A‬اف ثل‪A‬ة‬ ‫برنامجا‬ ‫شاهد‬
‫من املتخصص ‪AA‬ين في علم النفس وعلم ‪AA‬اء االجتم ‪AA‬اع من أجل إيج ‪AA‬اد حل لتلك املس ‪AA‬ألة‪ ،‬فك ‪AA‬ان‬
‫‪A‬خرية من مس‪AA‬تعملي املف‪AA‬ردات‪ ،‬التعب‪AA‬يرات‪ A‬الدخيلة على‬ ‫االق‪AA‬تراح ال‪AA‬ذي وص‪AA‬ولوا إليه هو الس‪َّ A‬‬
‫اإلنجليزي ‪AA A A‬ة‪ ،‬واإليغ‪AA A A A‬ال في التهكم بكل َمن يجهر بمثل تلك التعب ‪AA A A‬يرات‪ A‬املتم‪AA A A A‬ردة على قواعد‬
‫‪A‬املتتبع لألفالم التهريجية‪ A‬والفكاهية البريطانية يالحظ أن‬ ‫ُ‬ ‫اإلنجليزي ‪AA‬ة!‪ A‬يق ‪AA‬ول الك ‪AA‬اتب‪" :‬ول ‪AA‬ذا ف ‪A‬‬
‫‪A‬خرية تنصب على من ال يتقن اإلنجليزي ‪AA‬ة‪ ،‬وليس على من يس ‪AA‬تعمل اللغة املعياري ‪AA‬ة‪ ،‬على‬ ‫الس ‪َّ A‬‬
‫عكس التوجه املفلس ألفالم الفكاهة التافهة في ال‪AA‬دول العربي‪AA‬ة‪ ،‬ال‪AA‬تي ان‪AA‬درج بعض‪AA‬ها في س‪AA‬لك‬
‫الس‪AA A A‬خرية من الفص‪AA A A‬حى دون أن ي‪AA A A‬درك بعض املمثلين لبالدتهم‪ ،‬ودنو مس‪AA A A‬توى تحص‪AA A A‬ينهم‬
‫عمى لدسائس أعداء أمتهم‪ ،‬وتراثهم وثقافتهم"؛ اهـ‪.‬‬ ‫الحضاري‪ ،‬أنهم بذلك يروجون بكل ً‬
‫‪A‬ذان نموذج‪AA A A‬ان لل‪AA A A‬دول ال‪AA A A‬تي تس‪AA A A‬عى إلى الحف‪AA A A‬اظ على هويتها الحض‪AA A A‬ارية ونموذجها‬
‫ه‪ِ A A A‬‬
‫الفك ‪AA‬ري وثقافته ‪AA‬ا‪ ،‬وتحافظ مع كل ذلك على َو ْ ‪A‬ح دة ش ‪AA‬عبها وترابط ‪AA‬ه‪ ،‬والح ‪AA‬ديث عن البل ‪AA‬دان‬
‫ال‪AA‬تي تب‪AA‬ذل غاية جه‪AA‬دها في الحف‪AA‬اظ على لغتها الفص‪AA‬يحة‪ A‬يحت‪AA‬اج إلى ص‪AA‬فحات طويل‪AA‬ة‪ ،‬وهن‪AA‬اك‬
‫َ‬
‫نم ‪AA A‬اذج عدي ‪AA A‬دة ل ‪AA A‬دول اعتنت أك ‪AA A‬بر العناية بلغتها الفص ‪AA A‬يحة ورفعت من ش ‪AA A‬أنها وجعل ْت لها‬
‫مكانة كب‪AA A‬يرة في حي‪AA A‬اة أبنائه‪AA A‬ا‪ ،‬مثل كوريا الجنوبية والص‪AA A‬ين وفيتن‪AA A‬ام والياب‪AA A‬ان‪ ،‬وال شك أن‬
‫تجاربها س‪AA‬تكون مفي‪AA‬دة للغاية إذا ك‪AA‬انت هن‪AA‬اك نية في إنه‪AA‬اء ما نعانيه من تض‪AA‬ييع للغة‬ ‫دراسة ِ‬
‫العربية ووضعها بين مطرقة اللهجات وسندان اللغات األجنبية‪.A‬‬

‫هل اللغة العربية صعبة حقًّا؟‬

‫اإلجابة عن ه ‪AA‬ذا الس ‪AA‬ؤال باإليج ‪AA‬اب تك ‪AA‬اد تك ‪AA‬ون رد الغالبية‪ A‬العظمى ممن يوجه إليهم‪،‬‬
‫ض ‪A‬ا أن بعض املح ‪AA‬بين للغتهم يفتخ ‪AA‬رون بتص ‪AA‬ويرهم لص ‪AA‬عوبة اللغة العربي ‪AA‬ة‪،‬‬ ‫وقد الحظت أي ً‬

‫‪5‬‬
‫مزية تس ‪AA A‬تحق التف ‪AA A‬اخر‪ ،‬ولعلهم اس ‪AA A‬تقوا منظ ‪AA A‬ورهم من ك ‪AA A‬ثرة‬ ‫وك ‪AA A‬أن ص ‪AA A‬عوبة لغة الق ‪AA A‬وم َّ‬
‫القواعد النحوية وتفريعاتها واختالف ‪AA A A‬ات العلم ‪AA A A‬اء فيه ‪AA A A‬ا‪ ،‬أو لعلهم رأوا في غناها ب ‪AA A A‬املفردات‬
‫نوعا من الص‪A‬عوبة‪ ،‬ف‪A‬أرادوا أن يريح‪A‬وا ض‪A‬مائرهم‪ ،‬وال يكلف‪A‬وا‬ ‫وتن‪A‬وع تراكيبها ودقة أس‪A‬اليبها ً‬
‫أنفس‪AA‬هم عن‪AA‬اء تعلمها والح‪AA‬ديث به‪AA‬ا‪ ،‬وإن ك‪AA‬ان في ذلك من املتعة وال‪AA‬رقي ما في‪AA‬ه‪ ،‬وفي ال‪AA‬رد على‬
‫تجربة هي في غاية‬ ‫ً‬
‫ه ‪AA A‬ذه الفك‪AA A A‬رة ال ‪AA A‬تي غرست غرس‪A A A‬ا في نف ‪AA A‬وس الكث ‪AA A‬يرين‪ ،‬س‪AA A A‬نتحدث عن ِ‬
‫‪A‬غارا يتح‪AA A A‬دثون العربية‬ ‫الروعة ألس‪AA A A‬تاذ عشق لغته واس‪AA A A‬تطاع ببراعة أن يجعل أطف‪AA A A‬ااًل ص‪ً A A A‬‬
‫الفص ‪AA A A‬حى بلباقة عجيبة دون أن يقع‪AA A A‬وا في األخط ‪AA A A‬اء ال ‪AA A A‬تي تش ‪AA A A‬وه جمالها وتك ‪AA A A‬در ص ‪AA A A‬فوها‬
‫ونقاءه ‪AA‬ا‪ ،‬إنه ال ‪AA‬دكتور عبدهللا ال ‪AA‬دنان ص ‪AA‬احب كت ‪AA‬اب‪" :‬نم ‪AA‬وذج ترب ‪AA‬وي متكامل لتعليم اللغة‬
‫العربية الفصحى لألطفال بالفطرة‪ :‬النظرية‪ ،‬والتطبيق"‪ ،‬هذه النظرية ال‪A‬تي طبقها على ول‪A‬ده‬
‫باس‪AA A‬ل‪ ،‬املول‪AA A‬ود ع‪AA A‬ام ‪1977‬م‪ ،‬وقد ب‪AA A‬دأ يتح‪AA A‬دث معه في س‪AA A‬نته األولى بالفص‪AA A‬حى‪ ،‬بينما ك‪AA A‬انت‬
‫َ‬
‫والدته تتح ‪AA A‬دث معه بالعامي ‪AA A‬ة‪ ،‬وعن ‪AA A‬دما بلغ باس ‪Aٌ A A‬ل الثالث ‪AA A‬ة ب ‪AA A‬دأ يتح ‪AA A‬دث مع أبيه الفص ‪AA A‬حى‬
‫ببراع ‪AA A‬ة‪ ،‬بينما ك ‪AA A‬ان يتح ‪AA A‬دث مع والدته بالعامي ‪AA A‬ة‪ ،‬ولباسل‪ A‬ووال ‪AA A‬ده وهما يتح ‪AA A‬دثان ش ‪AA A‬ريط‬
‫تس‪AA A A A‬جيل يث ‪AA A A A‬ير اإلعج ‪AA A A A‬اب والس‪AA A A A‬عادة لكل محب للعربية على موقع اليوتي‪AA A A A‬وب‪ ،‬وقد طبق‬
‫الدكتور الدنان نفس التجربة مع ابنته لونا ونجحت نفس النجاح‪ ،‬والجميل واملوقظ لألمل‬
‫تجربته ه‪AA A‬ذه لم تحبس بين ج‪AA A‬دران العائل‪AA A‬ة‪ ،‬بل ق‪AA A‬ررت دولة مثل عم‪AA A‬ان تطبيقها في كل‬ ‫أن ِ‬
‫مدارس العاصمة مسقط‪ ،‬كما أنها انتشرت في الكثير من املدارس في الدول العربية‪.‬‬
‫والحقيقة أن ه ‪AA A A A‬ذا األمر يؤكد لنا أن ص ‪AA A A A‬عوبة اللغة العربية تكمن في أننا لم نع ‪Aِ ّ A A A A‬و ْد‬
‫ألسنتنا عليه‪A‬ا‪ ،‬لم نعايش‪A‬ها كما يجب‪ ،‬ابتع‪A‬دنا عنها فابتع‪A‬دت عن‪A‬ا‪ ،‬وأن الكث‪A‬يرين‪ A‬منا يدرس‪A‬ون‬
‫القواعد وقد يحفظونه‪AA A‬ا‪ ،‬لكن دون تط‪AA A‬بيق‪ ،‬فتك‪AA A‬ون النتيجة مخيبة‪ A‬لآلم‪AA A‬ال‪ ،‬وي‪AA A‬أتي وص‪AA A‬فها‬
‫ً‬ ‫اًّل‬
‫بالصعوبة ليكون ظ من الوهم ن‪AA‬ركن إليه بعد أن قطعنا ش‪A‬وطا بعي‪Aً A‬دا في الطريق الخ‪AA‬اطئ‪،‬‬
‫إن الدراس‪AA A‬ات ال‪AA A‬تي أج‪AA A‬ريت في الص‪AA A‬ين أظه‪AA A‬رت أنمحو األمية الكاملة يتطلب معرفة من بين‬
‫ثالثة وأربعة آالف ح‪AA A‬رف‪ ،‬ورغم ذلك اس‪AA A‬تطاع الص‪AA A‬ينيون أن يجعل‪AA A‬وا من لغتهم لغة عاملية‬
‫غزت الكون‪ ،‬ويسعى العالم إلى تعلمها رغم صعوبتها الواقعية‪.‬‬

‫هل هناك أمل في نهضة لغوية؟‬

‫‪6‬‬
 ‫َ‬ ‫الق ‪AA A‬ارئ عن مح ‪AA A‬اوالت املستش ‪AA A‬رقين َ‬
‫ومن دار في فلكهم من أبن ‪AA A‬اء جل ‪AA A‬دتنا له ‪AA A‬دم اللغة‬
‫العربية وإحالل العامية محله‪AA A‬ا‪ ،‬أو الكتابة ب‪AA A‬الحروف الالتينية ‪ -‬س‪AA A‬يعلم أن العربية واجهت‬
‫ضرو ًس‪A A‬ا‪ ،‬لو أن لغة أخ ‪AA‬رى ليس لها ما للعربية من ق ‪AA‬وة ومن مكانة دينية في النف ‪AA‬وس‬ ‫حربا َ‬ ‫ً‬
‫‪A‬ات العامي ‪AA A A‬ة‪ ،‬أو ل ‪AA A A‬رفعت الراية البيض ‪AA A A‬اء‪ A‬للغة‬ ‫للقيت مص ‪AA A A‬رعها وتن ‪AA A A‬ازعت عر َش ‪A A A‬ها اللهج ‪ُ A A A‬‬
‫‪A‬دءا باملستش ‪AA A‬رق األملاني (ولهم‬ ‫املس ‪AA A‬تعمر لتحت ‪Aَّ A A‬ل ألس ‪AA A‬نة أبنائه ‪AA A‬ا‪ ،‬لقد ح ‪AA A‬اولوا وال يزال ‪AA A‬ون ب ‪ً A A‬‬
‫‪A‬رورا بمجموعة‬ ‫كتابا أس ‪AA‬ماه (قواعد اللغة العامية في مص ‪AA‬ر) م ‪ً A‬‬ ‫س ‪AA‬بيتا)‪ A‬ال ‪AA‬ذي ألف في ‪1881‬م ً‬
‫على رأس ‪AA‬ها املهن ‪AA‬دس اإلنجل ‪AA‬يزي‪ A‬وليم ولك ‪AA‬وكس ال ‪AA‬ذي اتسم بحماسة مش ‪AA‬تعلة في ص ‪AA‬راعه مع‬
‫َ‬ ‫العربي ‪AA‬ة‪ ،‬أما الظلم األشد م ‪AA‬رارة من وقع الحس ‪AA‬ام َّ‬
‫املهند فك ‪AA‬ان العق ‪AA‬وق ال ‪AA‬ذي سل خنج ‪AA‬ره‬
‫اًل‬
‫مجموعة من الع‪AA‬رب‪ ،‬مثل عيسى إس‪AA‬كندر املعل‪AA‬وف ال‪AA‬ذي كتب ق‪AA‬ائ ‪" :‬وما أح‪AA‬رى أهل بالدنا‬
‫أن ينشطوا من عقالهم ط‪A‬البين التح‪AA‬رر من رق لغ‪Aٍ A‬ة ص‪A‬عبة املراس قد اس‪A‬تنزفت‪ A‬أوق‪A‬اتهم‪..‬ولي‬
‫أمل أن أرى الجرائد العربية قد غ‪AA A‬يرت لغته‪AA A‬ا"‪..‬ومثل‪ A‬عب‪AA A‬دالعزيز فهمي باشا ال‪AA A‬ذي رفع راية‬
‫كتابا س‪A‬ماه‬‫الدعوة إلى الكتابة ب‪A‬الحروف الالتيني‪A‬ة‪ A،‬وليس آخر ه‪A‬ؤالء زكريا أزون ال‪A‬ذي ألف ً‬
‫"جناية سيبويه"‪.‬‬
‫لقد تح ‪AA A A A‬دى بعض ه ‪AA A A A‬ؤالء أن تبقى اللغة العربية وراهن ‪AA A A A‬وا على نهايته ‪AA A A A‬ا‪ ،‬لكنها بقيت‬
‫املخلصين‪.‬‬‫ودائما ما يسخر هللا لها ِ‬ ‫ً‬ ‫وستبقى‪،‬‬
‫وأق‪AA A A‬ول لل‪AA A A‬ذين انغمس‪AA A A‬وا في حالة من الي‪AA A A‬أس نتيجة إلحساس‪AA A A‬هم بما تعانيه اللغة من‬
‫تهميش من كث‪AA A‬يرين‪ A‬من أبنائها ال‪AA A‬ذين اتجه‪AA A‬وا للغ‪AA A‬ات األجنبية يت‪AA A‬داولونها‪ ،‬أو نتيجة النتش‪AA A‬ار‬
‫ض ‪A A‬ا على التح ‪AA A‬دث بلغة س ‪AA A‬ليمة‪ ،‬أق ‪AA A‬ول لهم‪ :‬اق ‪AA A‬رؤوا ذلك‬ ‫اللحن وع ‪AA A‬دم مق ‪AA A‬درة الكث ‪AA A‬يرين أي ً‬
‫مبينا الس‪AA A‬بب ال‪AA A‬ذي من أجله كتب ه‪AA A‬ذا‬ ‫الكالم ال‪AA A‬ذي اس‪AA A‬تهل به أحد علم‪AA A‬اء العربية كتاب‪AA A‬ه‪ً ،‬‬
‫الكت‪A‬اب‪ ،‬وخمن‪A‬وا م‪A‬تى كتب ه‪A‬ذا الكالم؟ يق‪A‬ول ذلك الع‪A‬الم‪" :‬وذلك ملا رأيته قد غلب‪ ،‬في ه‪A‬ذا‬
‫لحنا م ‪ً A‬‬
‫‪A‬ردودا‪،‬‬ ‫األوان‪ ،‬من اختالف األلس ‪AA‬نة واألل ‪AA‬وان‪ ،‬ح ‪AA‬تى لقد أص ‪AA‬بح اللحن في الكالم يعد ً‬
‫‪A‬دودا‪،‬وتن‪AA‬افس الن‪AA‬اس في تص‪AA‬انيف‪ A‬الترجمان‪AA‬ات في اللغة‬ ‫وص‪AA‬ار النطق بالعربية من املع‪AA‬ايب مع‪ً A‬‬
‫ُ‬
‫زمن أهله بغ ‪AA‬ير لغته‬ ‫األعجمي ‪AA‬ة‪ ،‬وتفاص ‪AA‬حوا في غ ‪AA‬ير اللغة العربي ‪AA‬ة‪ ،‬فجمعت ه ‪AA‬ذا الكت ‪AA‬اب في ٍ‬
‫الفلك وقومه منه يسخرون"‪.‬‬ ‫وصنعته‪ A‬كما صنع نوح ُ‬ ‫ُ‬ ‫يفخرون‪،‬‬

‫‪7‬‬
‫قد يخيل‪ A‬ملن ال يع ‪AA A‬رف أن ه ‪AA A‬ذا الكالم كتب في العقد األخ ‪AA A‬ير أو على أقصى تق ‪AA A‬دير ال‬
‫يتج ‪AA‬اوز زمن كتابته الق ‪AA‬رن العش ‪AA‬رين‪ ،‬لكن الحقيقة أن ك ‪AA‬اتب ه ‪AA‬ذا الكالم هو ابن منظ ‪AA‬ور (‬
‫‪1311 A:1233‬م) (‪630‬هـ‪711 :‬هـ) في مقدمة لس‪A‬ان الع‪AA‬رب‪ ،‬ولو أن ابن منظ‪A‬ور استس‪AA‬لم للي‪A‬أس‬
‫َ‬
‫ملا وصل إلينا مثل هذا املعجم الذي ال يستغني عنه طالب علم‪.‬‬
‫ودفنت‪ ،‬لكن أهلها بعثوها من‬ ‫ض‪A A‬ا له‪AA A‬ؤالء‪ :‬إن اللغة العبرية ك‪AA A‬انت قد م‪AA A‬اتت ُ‬ ‫وأق‪AA A‬ول أي ً‬
‫جديد لغة للحي‪AA A‬اة اليومي‪AA A‬ة‪ ،‬أما العربية ف‪AA A‬إن لها ميادينها في كل رب‪AA A‬وع األم‪AA A‬ة‪ ،‬وما نتمن‪AA A‬اه أن‬
‫تصبح كل ربوع األمة ميدانها دون ما عداها‪.‬‬
‫ص ‪A A‬ا كب ‪Aً A A‬يرا على تعلم اللغة العربية في العديد من ال ‪AA A‬دول اإلس ‪AA A‬المية‬ ‫كما أن هن ‪AA A‬اك حر ً‬
‫وغ ‪AA A A A‬ير اإلس ‪AA A A A‬المية‪ ،‬وقد بينت بعض الص ‪AA A A A‬حف أنه قد أش ‪AA A A A‬ارت دراسة للمجلس الثق ‪AA A A A‬افي‬
‫البريط ‪AA A‬اني إلى أن اللغة العربية هي ث ‪AA A‬اني أهم لغة في املس ‪AA A‬تقبل من اللغ ‪AA A‬ات ال ‪AA A‬تي ت ‪AA A‬درس في‬
‫املدارس؛وله ‪AA A A‬ذا ب ‪AA A A‬دأ املجلس مب ‪AA A A‬ادرة لل ‪AA A A‬ترويج لها في املدارس البريطاني ‪AA A A‬ة‪ ،‬ومنه ‪AA A A‬ا‪ :‬مدرسة‬
‫هورتون االبتدائية في برادفورد‪ ،‬حيث يتعلم فيها الطالب اللغة العربية منذ ثالث سنوات‪.‬‬
‫ك‪AA A‬ذلك نحن ال ن‪AA A‬زال نس‪AA A‬مع عن جه‪AA A‬ود وأفك‪AA A‬ار لتعليم اللغة العربية ونش‪AA A‬رها‪ ،‬ون‪AA A‬رى‬
‫مواق‪Aَ A A‬ع وقن‪AA A‬وات تهتم ب‪AA A‬ذلك وتح‪AA A‬رص علي‪AA A‬ه‪ ،‬وذلك نت‪AA A‬اج ل‪AA A‬ذكاء أص‪AA A‬حابها ال‪AA A‬ذين أرادوا أن‬
‫يص‪AA‬لوا إلى أعلى نسب للمش‪AA‬اهدة‪ ،‬وأدرك‪AA‬وا أن التقوق‪Aَ A‬ع في زاوية اللهج‪AA‬ات املحلية‪ A‬لن يمنحهم‬
‫‪A‬وات األطف‪AA‬ال‬ ‫تلك الفرصة فلج‪AA‬ؤوا إلى الفص‪AA‬حى ال‪AA‬تي لم تخ‪AA‬ذلهم في تحقيق غ‪AA‬ايتهم‪ ،‬ولعل قن‪ِ A‬‬
‫ال‪A‬تي تس‪A‬تخدم العربية الفص‪A‬حى وتج‪A‬ذب إليها ِفل‪A‬ذات أكبادنا في عاملنا الع‪A‬ربي على امت‪A‬داده هي‬
‫أكبر دليل يمكنه أن يخرس ألسنة املخلصين ألعداء أمتهم‪ ،‬ويدحض ادعاءاتهم املزيفة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫كافي‪AA‬ا‪ ،‬فإنها خط‪AA A‬وات تحت‪AA A‬اج إلى تك‪AA A‬اتف املؤسس‪AA A‬ات‪ ،‬وإلى‬ ‫وإن ك‪AA A‬ان كل ما س‪AA A‬بق ليس ً‪A‬‬
‫إص‪AA‬الح مس‪AA‬ار العديد منه‪AA‬ا؛ ح‪AA‬تى نصل إلى أن نجعل عربيتنا هي لغة التعامل والعلم‪ ،‬ونس‪AA‬عى‬
‫إلى نشرها في ربوع العالم‪.‬‬

‫رابط املوضوع‪:‬‬
‫‪/‬لغتنا‪-‬العربية‪-..‬االنتماء‪-‬والوحدة‪-‬والجمال ‪https://www.alukah.net/literature_language/0/112378/‬‬

‫‪8‬‬