Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 11

‫تدخين‬

‫التدخين‪ ‬هو عملية يتم فيها حرق مادة والتي غالبا ً ما تكون التبغ وبعدها يتم تذوق الدخان أو استنشاقه‪ .‬وتتم هذه‬
‫العملية في المقام األول باعتبارها ممارسة للترويح عن النفس عن طريق استخدام المخدرات‪ ،‬حيث َيصدر عن‬
‫احتراق المادة الفعالة في المخدر‪ ،‬مثل‪ ‬النيكوتين‪ ‬مما يجعلها متاحة لالمتصاص من خالل‪ ‬الرئة‪ ‬وأحيانا تتم هذه‬
‫الممارسة كجزء من الطقوس الدينية لكي تحدث حالة من الغفوة والتنوير الروحي وهناك آالف من المواد الكيميائية‬
‫التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي وتعد السجائر هي أكثر الوسائل شيوعًا للتدخين في الوقت الراهن‪ ،‬سواء‬
‫كانت السيجارة منتجة صناعيا أو ملفوفة يدويًا من التبغ السائب وورق لف السجائر‪ .‬وهناك وسائل أخرى للتدخين‬
‫تتمثل في الغليون‪ ،‬السيجار‪ ،‬الشيشة‪ ،‬والبونج "غليون مائي"‪.‬‬
‫يعد التدخين من أكثر المظاهر شيوعا الستخدام المخدرات الترويحية‪ .‬وفي الوقت الحاضر‪ ،‬يعد تدخين التبغ من أكثر‬
‫أشكال التدخين شيوعًا حيث يمارسه أكثر من مليار شخص في معظم المجتمعات البشرية‪ .‬وهناك أشكال أقل شيوعا‬
‫للتدخين مثل تدخين الحشيش واألفيون‪ .‬وتعتبر معظم المخدرات التي ُتدخن إدمانية‪ .‬وتصنف بعض المواد على أنها‬
‫مخدرات صلبة مثل‪ :‬الهيروين والكوكايين الصلب‪ .‬وهي مواد ذات نسبة استخدام محدودة حيث أنها غير متوفرة‬
‫تجاريًا‪.‬‬
‫يرجع تاريخ التدخين إلى عام ‪ 5,000‬قبل الميالد‪ ،‬حيث وُ جد في العديد من الثقافات المختلفة حول العالم‪ .‬وقد الزم‬
‫التدخين قديما االحتفاالت الدينية؛ مثل تقديم القرابين لآللهة‪ ،‬طقوس التطهير‪ ،‬أو لتمكين الشامان والكهنة من تغيير‬
‫عقولهم ألغراض التكهن والتنوير الروحي‪ .‬جاء االستكشاف والغزو األوروبي لألمريكتين‪ ،‬لينتشر تدخين التبغ في‬
‫كل أنحاء العالم انتشاراً سريعاً‪ .‬وفي مناطق مثل الهند وجنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا‪ ،‬اندمج تدخين التبغ مع‬
‫عمليات التدخين الشائعة في هذه الدول والتي يعد الحشيش أكثرها شيوعاً‪ .‬أما في أوروبا فقد قدم التدخين نشاطا ً‬
‫اجتماعيا ً جديداً وشكالً من أشكال تعاطي المخدرات لم يكن معروفا ً من قبل‪.‬‬
‫اختلف طرق فهم التدخين عبر الزمن وتباينت من مكان ألخر‪ ،‬من حيث كونه مقدس أم فاحش‪ ،‬راقي أم مبتذل‪ ،‬دواء‬
‫عام ‪-‬ترياق‪ -‬أم خطر على الصحة‪ .‬ففي اآلونة األخيرة وبشكل أساسي في دول الغرب الصناعية‪ ،‬برز التدخين‬
‫باعتباره ممارسة سلبية بشكل حاسم‪ .‬في الوقت الحاضر‪ ،‬أثبتت الدراسات الطبية أن التدخين يعد من العوامل‬
‫الرئيسية المسببة للعديد من األمراض مثل‪ :‬سرطان الرئة‪ ،‬النوبات القلبية‪ ،‬ومن الممكن أن يتسبب أيضًا في حدوث‬
‫عيوب خلقية‪ .‬وقد أدت المخاطر الصحية المثبتة عن التدخين‪ ،‬إلى قيام الكثير من الدول بفرض ضرائب عالية على‬
‫منتجات التبغ‪ ،‬باإلضافة إلى القيام بحمالت سنوية ضد التدخين في محاولة للحد من تدخين التبغ‪ .‬ويجب على اإلنسان‬
‫أن يقي نفسه من الهالك بإتباع نصائح وإرشادات طبيب مختص‪.‬‬

‫التاريخ‬
‫التاريخ القديم‬
‫يرجع تاريخ التدخين إلى عام ‪ 5000‬قبل الميالد في الطقوس الشامانية‪ ]2[.‬وقد قامت الكثير من الحضارات مثل‬
‫الحضارة البابلية والهندية والصينية بحرق البخور كجزء من الطقوس الدينية‪ ،‬وكذلك قام بنو إسرائيل والحقا الكنائس‬
‫المسيحية الكاثوليكية واألرثوذوكسية بالفعل نفسه‪ .‬ويرجع ظهور التدخين في األمريكتين إلى االحتفاالت التي كان‬
‫يقيمها كهنة‪ ‬الشامان‪ ‬ويحرقون فيها البخور‪ ،‬ولكن فيما بعد تمت ممارسة هذه العادة من أجل المتعة أو كوسيلة‬
‫للتواصل االجتماعي‪ ]3[.‬كما كان يُستخدم تدخين التبغ وغيره من المخدرات المسببة للهلوسة من أجل إحداث حالة من‬
‫الغيبوبة أو للتواصل مع عالم األرواح‪.‬‬
‫ويرجع تاريخ استخدام مواد مثل الحشيش‪ ،‬الزبد المصفى (السمن)‪ ،‬أحشاء السمك‪ ،‬جلود الثعابين المجففة‪ ،‬وغيرها‬
‫من المعاجين التي ُتلف و ُتشكل حول أعواد البخور إلى ‪ 2000‬عام على األقل‪ .‬وقد كان يوصف التبخير (‪)dhupa‬‬
‫وقرابين النار (‪ )homa‬في طب‪ ‬أيورفيدا‪ ‬ألغراض طبية وتمت ممارسة هذه العادات لمدة ال تقل عن ‪ 3000‬سنة‪،‬‬
‫بينما التدخين‪(  )dhumrapana ( ‬ويعني حرفيًا "شرب الدخان") فتمت ممارسة لمدة ال تقل عن ‪ 2000‬سنة‪.‬‬
‫فقبل العصر الحديث‪ ،‬كانت ُتستهلك هذه المواد من خالل‪ ‬أنابيب‪ ،‬وقصبة مختلفة األطوال أو‪.chillums [4] ‬‬
‫وكان تدخين الحشيش رائجً ا في الشرق األوسط قبل وصول التبغ‪ ،‬وكان شائعًا قديما كنشاط اجتماعي َتمركز حول‬
‫تدخين نوع من أنابيب التدخين المائية الذي يطلق عليه "شيشة"‪ .‬وبعد دخول التبغ أصبح التدخين مكو ًنا أساسيًأ في‬
‫المجتمع والثقافة الشرقية‪ ،‬وأصبح مالزما لتقاليد هامة مثل األفراح والجنائز حيث تمثل ذلك في العمارة والمالبس‬
‫[‪]5‬‬
‫واألدب والشعر‪.‬‬
‫دخل تدخين الحشيش إلى جنوب‪ ‬الصحراء الكبرى‪ ‬في‪ ‬إفريقيا‪ ‬من خالل‪ ‬إثيوبيا‪ ‬وساحل إفريقيا الشرقي عن طريق‬
‫التجار الهنود والعرب في القرن الثالث عشر أو ربما قبل ذلك‪ .‬وقد انتشر على طرق التجارة نفسها التي كانت‬
‫تسلكها القوافل المحملة بالبن والتي ظهرت في مرتفعات‪ ‬أثيوبيا‪ ]6[.‬حيث تم تدخينه في أنابيب تدخين مائية تصنع من‬
‫اليقطين مع جزء مجوف مصنوع من الطين المحروق لوضع الحشيش‪ ،‬ويبدو جليًا أن هذا اختراع أثيوبي وتم نقله‬
‫فيما بعد إلى شرق وشمال ووسط إفريقيا‪.‬‬
‫وعند وصول أخبار من أول مستكشفين أوروبيين يصلوا إلى األمريكتين وردت أنباء عن الطقوس التي كان يقوم فيها‬
‫الكهنة المحليين بالتدخين حتى يصلون إلى مستويات عالية من النشوة ولذلك فمن غير المحتمل أن تكون تلك الطقوس‬
‫[‪]7‬‬
‫قاصرة على التبغ فقط‪.‬‬
‫الرواج‬
‫في عام ‪ ،1612‬بعد ست سنوات من إقامة مستوطنة جيمس تاون‪ ،‬أصبح جون رولف أول مستوطن ينجح في رفع‬
‫مكانة التبغ إلى محصول نقدي‪ .‬وفي وقت وجيز زاد الطلب على التبغ الذي وُ صف بـ"الذهب البني"‪ ،‬بعد أن تسبب‬
‫ً‬
‫وتلبية لطلب من العالم القديم‪،‬‬ ‫في ازدهار شركة ‪ Virginia join stock‬بعد فشل رحلتها في البحث عن الذهب‪ ]8[.‬‬
‫ً‬
‫حافزا لتوجه االستيطان نحو‬ ‫تمت زراعة التبغ بشكل متعاقب‪ ،‬مما تسبب في إنهاك األرض‪ .‬مما جعل هذا األمر‬
‫الغرب في القارة المجهولة‪ ،‬وبالمثل كان التوسع في إنتاج التبغ‪ ]9[.‬وقد كانت العبودية المرتبطة بعقد مؤقت هي الشكل‬
‫األساسي للقوى العاملة‪ ،‬واستمر هذا األمر حتى ثورة بيكون‪ ،‬والتي تحول بعدها التركيز نحو العبودية‪ .‬وتراجع هذا‬
‫االتجاه بعد الثورة األمريكية حيث اعتبر االسترقاق غير مربح‪ .‬بيد أن تدخين التبغ قد عاد وانتشر في عام ‪1794‬‬
‫مع اختراع محالج القطن‪.‬‬
‫وفي عام ‪ 1560‬قدم رجل فرنسي يدعى جان نيكوت (الذي ينسب إليه لفظ النيكوتين) التبغ إلى فرنسا‪ .‬وانتشر التبغ‬
‫من فرنسا إلى إنجلترا‪ .‬وفي عام ‪ 1556‬شوهد أول رجل إنجليزي يدخن التبغ‪ ،‬وهو بحارً ا شوهد وهو "ينفث الدخان‬
‫من فتحتي أنفه"‪ ]10[.‬كان التبغ واح ًدا من بين المواد المسكرة مثل الشاي والقهوة واألفيون التي كانت تستخدم في‬
‫األساس كشكل من أشكال الدواء‪ ]11[.‬قُدم التبغ في عام ‪ 1600‬من قبل التجار الفرنسيين إلى ما يعرف اليوم‬
‫ب‪ ‬غامبيا‪ ‬والسنغال‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬قدمت القوافل القادمة من المغرب التبغ إلى المناطق المحيطة بمدينة‬
‫تيمبوكتو‪ ،‬كما قدم البرتغالييون السلعة والنبات إلى جنوبي أفريقيا‪ ،‬ومنهاانتشر التبغ في كل أنحاء أفريقيا بحلول‬
‫منتصف القرن السابع عشر‪.‬‬
‫بعد فترة وجيزة من تقديم التبغ إلى العالم القديم‪ ،‬تعرض للنقد المتكرر من قبل الدولة وكبار رجال الدين‪ .‬حيث كان‬
‫السلطان مراد الرابع (‪ )1640-1623‬أحد سالطين اإلمبراطورية العثمانية‪ ،‬من أول الذين حاولوا منع التدخين‬
‫بدعوي أنه يمثل تهدي ًدا للصحة واألخالقيات العامة‪ .‬كما قام اإلمبراطور الصيني‪ ‬شونجزين‪ ‬بإصدار مرسوم يقضي‬
‫بمنع التدخين قبل وفاته بسنتين وقبل اإلطاحة بساللة مينج الحاكمة‪ .‬وفي وقت الحق‪ ،‬اعتبر المانشووي المنحدرين‬
‫ً‬
‫شناعة من‬ ‫من ساللة تشينج الذين كانوا في األصل قبيلة بدوية من المحاربين الفرسان‪ ،‬اعتبروا التدخين جريمة أكثر‬
‫إهمال الرماية‪ .‬وخالل‪ ‬عهد إيدو‪ ‬في اليابان‪ ،‬تعرضت بعض مزارع التبغ األولية إلى االزدراء الشديد من قبل قادة‬
‫القوات المسلحة اليابانية التي رأت أن هذا األمر يعد تهدي ًدا لالقتصاد العسكري‪ ،‬حيث إن ذلك األمر يمثل إهدارً ا‬
‫لألرض الزراعية القيمة في زراعة المخدرات بدالً من استخدامها في زراعة محاصيل غذائية‪.‬‬
‫لطالما كان رجال الدين من أبرز المعارضين للتدخين حيث رؤوا أن التدخين عمل غير أخالقي أو من أعمال الكفر‬
‫الصريح‪ .‬ففي عام ‪ ،1634‬قام بطريرك موسكو بحظر بيع التبغ وحكم على الرجال والنساء الذين يخالفون القرار‬
‫بأن تشق فتحات أنوفهم طوليًا وأن تجلد ظهورهم حتى ينسلخ عنها الجلد‪ .‬وبالمثل قام بابا الكنيسة الغربية إربان‬
‫السابع بإدانة التدخين في بيان رسمي باباوي في عام ‪ .1950‬وعلى الرغم من تضافر الجهود‪ ،‬فقد تم تجاهل القيود‬
‫وقرارات الحظر على مستوى العالم‪ .‬وعندما اعتلى العرش الملك اإلنجليزي جيمس األول‪ ،‬وكان معارضًا شرسًا‬
‫للتدخين قام بتأليف كتاب ضد التدخين تحت عنوان "إدانة التبغ"‪ ,‬وقد حاول تحجيم وحظر هذا االتجاه الجديد عن‬
‫طريق فرض زيادة باهظة على ضريبة تجارة التبغ وقدرت ب‪ 4000‬في المائة في عام ‪ .1604‬وعلى الرغم من‬
‫ذلك‪ ،‬فإن تلك التجربة باءت بالفشل‪ ،‬حيث كان في لندن حوالي ‪ 7000‬بائع للتبغ في مطلع القرن السابع عشر‪ .‬وبعد‬
‫ذلك‪ ،‬أدرك الحكام الذين يهتمون بدقة القرارات بعدم جدوى قرارات منع التدخين‪ ،‬وبدالً من ذلك‪ ،‬قاموا بتحويل‬
‫[‪]13‬‬
‫تجارة وزراعة التبغ إلى مشاريع حكومية احتكارية مربحة‪.‬‬
‫وبحلول منتصف القرن السابع عشر‪ ،‬تعرفت كافة الحضارات على تدخين التبغ‪ ،‬واعتبر تدخين التبغ في حاالت‬
‫كثيرة جزءًا من الثقافة المحلية على الرغم من محاوالت كثير من الحكام لمنع تدخين التبغ عن طريق فرض‬
‫العقوبات القاسية أو الغرامات‪ .‬وقد اتبع التبغ المُصنع والنبات طرق التجارة الرئيسية ودخل الموانئ واألسواق‬
‫الكبرى ووجد طريقه إلى األراضي النائية‪ .‬وقد تم اصطالح كلمة "التدخين ‪ " ‬في اإلنجليزية في أواخر القرن الثامن‬
‫[‪]10‬‬
‫عشر‪ ،‬وقبل ذلك كان يطلق على تلك العملية‪ ‬شرب الدخان ‪.‬‬
‫اُستخدم التبغ والحشيش في جنوب الصحراء الكبرى بإفريقيا مثلما اُستخدم في كل أرجاء العالم من أجل تأكيد أواصر‬
‫العالقات االجتماعية‪ ،‬ولكن هذا االستخدام قد أدى أيضًا إلى بناء عالقات جديدة‪ .‬وفيما يعرف اليوم بدولة‪ ‬الكنغو‪ ‬تم‬
‫التعرف على مجتمع يسمى "بينا ديمبا" (شعب الحشيش) في أواخر القرن التاسع عشر في منطقة تسمى "لوبوكو"‬
‫(أرض الصداقة)‪ .‬كما كان شعب "بينا ديمبا" يؤمنون بمذهب الجماعية والسالمية ويرفضون شرب الكحول وتعاطي‬
‫[‪]14‬‬
‫األدوية العشبية ويفضلون عليها الحشيش‪.‬‬
‫نموا مستقرً ا حتى نشوب الحرب األهلية األمريكية في ستينيات القرن التاسع عشر حيث تحول الشكل‬
‫وقد شهد التبغ ً‬
‫األساسي للقوى العاملة من العبودية إلى نظام‪ ‬المزارعة‪ .‬وصحب هذا األمر تغير في الطلب‪ ،‬مما أدى إلى تصنيع‬
‫التبغ في شكل سجائر‪ .‬وفي عام ‪ 1881‬قام أحد الحرفيين‪ ،‬جيمس بونساك‪ ،‬بإنتاج ماكينة لإلسراع من إنتاج‬
‫[‪]15‬‬
‫السجائر‪.‬‬
‫األفيون‬
‫أصبح تدخين األفيون منتشرا في القرن التاسع عشر‪ .‬ففي السابق كان يتم أكل األفيون فقط وحتى بعد ذلك كان‬
‫استخدامه من أجل خواصه الطبية‪ .‬ويمكن القول تقريبًا أن العجز في ميزان التجارة اإلنجليزية لصالح ساللة مينج في‬
‫الصين أدى إلى زيادة هائلة في تدخين األفيون في الصين‪ .‬وقد لجأ اإلنجليز لتصدير كميات كبيرة من األفيون الذي‬
‫يُزرع في المستعمرات الهندية إلى الصين كوسيلة لحل هذه المشكلة‪ .‬وقد أدت المشاكل االجتماعية والخسارة الصافية‬
‫الكبيرة في العملة‪ ،‬أدت للعديد من المحاوالت الصينية لوقف الواردات وانتهى األمر في نهاية المطاف إلى‬
‫[‪]16‬‬
‫حروب‪ ‬األفيون‪.‬‬
‫وفي وقت الحق‪ ،‬انتشر تدخين األفيون بين المهاجرين الصينيين وأدى إلى ظهور العديد من أوكار األفيون المشبوهة‬
‫في مدن الصين وحول جنوب وجنوب شرق آسيا وأوربا‪ .‬وفي النصف األخير من القرن التاسع عشر‪ ،‬أصبح تدخين‬
‫األفيون شائعًا في المجتمع الفني في أوروبا والسيما في أحياء الفنانين مثل "مونبارناس" و"مونمارت" التي أصبحت‬
‫عواصم األفيون‪ .‬بينما استمرت أوكار األفيون التي تستهدف في المقام األول المهاجرين الصينيين في المدن الصينية‬
‫في مختلف أنحاء العالم‪ ،‬فقد هدأ االتجاه السائد بين الفنانين األوروبيين إلى حد كبير بعد اندالع الحرب العالمية‬
‫األولى‪ ]16[.‬وتضاءل استهالك األفيون في الصين خالل‪ ‬الثورة الثقافية‪ ‬في الستينات والسبعينات‪.‬‬
‫االجتماعية[عدل]‬ ‫الوصمة‬
‫نتيجة التحديث الذي شهده إنتاج السجائر باإلضافة إلى زيادة متوسط عمر الفرد خالل العقد الثاني من القرن‬
‫العشرين‪ ،‬أصبحت اآلثار السلبية التي يمكن أن يخلفها التدخين على الصحة أكثر انتشارً ا‪ .‬ففي ألمانيا‪ ،‬قامت‬
‫الجماعات المعارضة للتدخين مع الجماعات المعارضة لشرب الكحول التي عاونتها في بعض األحيان‪ ]17[،‬ألول مرة‬
‫بنشر مقالة تعبر عن وجهة نظرهم الرافضة الستهالك التبغ‪ ،‬وقد ُنشرت تلك المقالة في جريدة "‪Der‬‬
‫‪( " Tabakgegner‬معارضو التدخين) في عامي ‪ 1912‬و‪ .1932‬وفي عام ‪ 1929‬قام فريتز لينكينت‬
‫دريسدين‪ ،‬ألمانيا‪ ،‬بنشر بحث يحتوي على إحصائيات رسمية تثبت أن هناك عالقة بين السرطان والتبغ‪ .‬وخالل‬
‫الكساد االقتصادي الكبير‪ ،‬أدان‪ ‬أدولف هتلر‪ ‬عادة التدخين التي أقلع عنها واص ًفا إياها بأنها مضيعة للمال‪ ،‬وقد أكد‬
‫على هذا الح ًقا بشكل أكثر قو ًة‪ ]18[.‬كما تم تعزيز هذا الموقف بالسياسة النازية اإلنجابية التي رأت أن النساء المدخنات‬
‫[‪]19‬‬
‫لسن أهالً ألن يكن زوجات وأمهات في األسرة األلمانية‪.‬‬
‫ووصلت هذه الحركة في ألمانيا النازية إلى حدود العدو خالل الحرب العالمية الثانية حيث فقدت الجماعات المناهضة‬
‫للتدخين التأييد الشعبي بشكل سريع‪ .‬وبنهاية الحرب العالمية الثانية‪ ،‬تمكن مصنعو السجائر األمريكية من دخول‬
‫السوق السوداء األلمانية بشكل سريع‪ .‬وأصبح التهريب غير المشروع للتبغ سائدا‪ ]20[،‬كما تم اغتيال قادة الحمالت‬
‫النازية المعادية للتدخين‪ ]21[.‬قامت الواليات المتحدة بشحن التبغ مجانا ً إلى ألمانيا كجزء من‪ ‬خطة مارشال؛ بكمية‬
‫‪ 24،000‬طن في عام ‪ 1948‬و ‪ 69،000‬طن في عام ‪ ]20[.1949‬وارتفع نصيب الفرد السنوي من استهالك‬
‫السجائر في‪ ‬ألمانيا ما بعد الحرب‪ ‬باطراد من ‪ 460‬في عام ‪ 1950‬إلى ‪ 1،523‬في عام ‪ ]22[.1963‬وبحلول نهاية‬
‫التسعينات‪ ،‬لم تتمكن حمالت مكافحة التدخين في ألمانيا تجاوز ذروة فعالية الحقبة النازية في السنوات ‪،41-1939‬‬
‫"سكنت"‪.‬‬ ‫حيث وصف‪ ‬روبرت بروكتر‪ ‬األبحاث الصحية األلمانية حول التبغ‪ ،‬بأنها َ‬
‫نشر‪ ‬ريتشارد دول‪ ‬في عام ‪ 1950‬بحوث في‪ ‬المجلة الطبية البريطانية‪ ‬تفيد وجود صلة وثيقة بين التدخين وسرطان‬
‫الرئة‪ ]23[.‬بعد ذلك بأربع سنوات‪ ،‬في‪ ‬دراسة األطباء البريطانيين‪ ،‬أكدت دراسة لنحو ‪ 40‬ألف طبيب بعمر أكثر من‬
‫‪ 20‬عاما‪ ،‬االقتراح ‪-‬استناداً إلى إصدار الحكومة‪ -‬الذي ينصح بأن معدالت التدخين ذات صلة بسرطان الرئة‪ ]24[.‬وفي‬
‫عام ‪َ 1964‬قدم‪ ‬الجراح العام‪ ‬األمريكي تقرير بشأن التدخين والصحة حيث أشار إلى العالقة بين التدخين‬
‫والسرطان‪ ،‬الذي تأكد بعد ‪ 20‬عاما ً في الثمانينات‪.‬‬
‫مع تزايد األدلة العلمية في ثمانينيات القرن العشرين‪ ،‬زعمت شركات التبغ أن هناك مسئولية تقصيرية مشتركة بينها‬
‫وبين مستهلك التبغ نظرً ا ألن األثار الضارة بالصحة لم تكن معروفة ساب ًقا أو أنها كانت تفتقر إلى المصداقية المادية‪.‬‬
‫وقد انحازت السلطات الصحية إلى تلك المزاعم حتى عام ‪ 1998‬وبعدها تغير موقفها‪ .‬حيث تم فرض الحظر على‬
‫بعض إعالنات التبغ بموجب‪ ‬اتفاق التسوية مع شركات التبغ األمريكية‪ ‬والذي تم توقعيه في األساس بين أكبر أربع‬
‫شركات تبغ أمريكية والنواب العموميين لستة وأربعين والية‪ ،‬كما طالب ذلك االتفاق بأن تقوم تلك الشركات بدفع‬
‫[‪]25‬‬
‫تعويضات صحية‪ ،‬وبعد ذلك أصبح هذا االتفاق أكبر اتفاق تسوية أهلية في تاريخ الواليات المتحدة‪.‬‬
‫من ‪ 1965‬إلى ‪ ،2006‬انخفضت معدالت التدخين في الواليات المتحدة من ‪ ٪ 42‬إلى ‪ ]26[.٪ 20.8‬وهناك غالبية‬
‫كبيرة من الذين أقلعوا من المحترفين مهنيا وميسوري الحال‪ .‬على الرغم من هذا االنخفاض في معدالت انتشار‬
‫االستهالك‪ ،‬فإن متوسط عدد السجائر المستهلكة لكل شخص يوميا ارتفع من ‪ 22‬في عام ‪ 1954‬إلى ‪ 30‬في عام‬
‫‪ .1978‬هذا الحدث المتناقض يؤكد أن الذين أقلعوا كانوا يدخنون بمعدل أقل‪ ،‬في حين أن أولئك الذين واصلوا‬
‫التدخين انتقل إلى تدخين السجائر األخف‪ ]27[.‬هذا االتجاه قد توازى في العديد من الدول الصناعية حيث كانت‬
‫المعدالت إما تنخفض أو تثبت‪ .‬أما في‪ ‬العالم النامي‪ ،‬فكان استهالك التبغ في ارتفاع مستمر ليصل ل ‪ ٪ 3.4‬في عام‬
‫‪ ]28[.2002‬يعتبر التدخين ممارسة حديثة في معظم المناطق بإفريقيا‪ ،‬حيث تجد العديد من اآلراء المناهضة للتدخين‬
‫التي تسود الغرب اهتماما أقل بكثير‪ ]29[.‬نجد اليوم أنروسيا‪ ‬تأتي في مقدمة مستهلكي التبغ‬
‫تليها‪ ‬اندونيسيا‪ ،‬الوس‪ ،‬أوكرانيا‪ ،‬روسيا البيضاء‪ ،‬اليونان‪ ،‬األردن‪ ،‬والصين‪ ]30[.‬ولقد بدأت منظمة الصحة العالمية في‬
‫تنفيذ برنامج يعرف باسم‪ ‬مبادرة التحرر من التبغ‪ ‬من أجل خفض معدالت االستهالك في العالم النامي‪.‬‬
‫أخرى[عدل]‬ ‫مواد‬
‫شهدت أوائل الثمانينات نموا في التهريب الدولي المنظم للمخدرات‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فمع زيادة اإلنتاج وتشديد التطبيق‬
‫القانوني للمنتجات غير المشروعة‪ ،‬فقد قرر تجار المخدرات تحويل مسحوق الكوكايين إلى "الكراك" وهو كوكايين‬
‫في هيئة صلبة قابلة للتدخين‪ ،‬والذي يمكن أن يباع بكميات صغيرة‪ ،‬إلى عدد أكبر من الناس‪ ]31[.‬وقد تراجع هذا‬
‫االتجاه في التسعينيات نظرً ا لنشاط إجراءات الشرطة وقوة االقتصاد الذي منع المدمنين المحتملين من التخلي عن‬
‫[‪]32‬‬
‫هذه العادة أو فشلوا في االعتياد عليها‪.‬‬
‫وتوضح السنوات األخيرة زيادة في استهالك‪ ‬الهيروين‪ ‬المبخر‪ ‬والميثامفيتامين‪ ‬والفينسيكليدين‪ .‬باإلضافة إلى عدد قليل‬
‫من المخدرات‪ ‬المسببة للهلوسة‪ ‬مثل‪ DMT ‬و‪ Meo-DMT-5‬و‪.Salvia divinorum‬‬

‫المواد واألدوات‬
‫يعد التبغ من أشهر المواد التي يتم تدخينها‪ .‬وهناك أنواع كثيرة من التبغ الذي يتم تحويله إلى خلطات وماركات‬
‫تجارية متعددة‪ .‬وغالبًا يباع التبغ منكهًا بروائح الفواكه المختلفة وهذا أمر شائعًا في االستخدام السيما مع غليونات‬
‫التدخين المائية مثل الشيشة‪ .‬أما ثاني أشهر مادة يتم تدخينها فهي‪ ‬الحشيش‪ ‬الذي يستخرج من زهور أو أوراق‪ ‬نبات‬
‫القنب ‪ .‬وتعتبر هذه المادة غير قانونية في معظم دول العالم‪ ،‬وفي البلدان التي تتسامح مع استهالك تلك المادة أمام‬
‫العيان‪ ،‬فيكون عاد ًة بصفة شرعية زائفة فقط‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فهناك نسبة كبيرة من السكان البالغين في كثير‬
‫من البلدان قد جربوا بالفعل استهالك تلك المادة‪ .‬وهناك أقليات أقل عد ًدا تقوم باستهالك تلك المادة بشكل منتظم‬
‫ومعتاد‪ .‬ونظرً ا ألن الحشيش يعد غير شرعي ويتم التسامح معه فقط في معظم التشريعات‪ ،‬فليس هناك إنتاجً ا جمليًا‬
‫للسجائر المصنعة وهذا يعني أن الشكل األكثر شيوعًا لالستهالك هو السجائر الملفوفة يدويا وغالبًا يطلق عليها‬
‫"جوينت" أو باستخدام الغليون‪ .‬وتستخدم غليونات التدخين المائية بشكل كبير‪ ،‬وعندما تستخدم في تدخين الحشيش‬
‫فإنها يطلق عليها "بونج"‪.‬‬
‫وهناك أقلية صغيرة تقوم بتدخين عدد قليل من المخدرات المُروحة‪.‬ومعظم هذه المواد خاضعة للرقابة وبعضها يعتبر‬
‫إلى حد كبير أكثر سمية من التبغ والحشيش‪ .‬وتشمل هذه المواد‪ ‬الكوكايين‬
‫الصلب‪ ‬والهيروينوالميثامفيتامين‪ ‬والفينيسيكليدين‪ .‬ويتم تدخين عد ًدا قليال من المخدرات المسببة للهلوسة‬
‫مثل‪ DMT ‬و‪ Meo-DMT-5‬ونبتة القنب‪.‬‬
‫إن أكثر أنواع التدخين بدائية تتطلبب أدوات من نوع ما ألداء المهمة‪ .‬وقد نتج عن هذا تنوع كبير في أدوات ومعدات‬
‫التدخين في كل أنحاء العالم‪ .‬فسواء كان تبغ‪ ،‬حشيش‪ ،‬أفيون‪ ،‬أو أعشاب فالبد من وجود إناء ومصدر نار إلشعال‬
‫الخليط‪ .‬وتعد‪ ‬السجائر‪ ‬هي األكثر شيوعًا إلى حد كبير في الوقت الراهن‪ ،‬فهي تتكون من أنبوب ورقي ملفوف‬
‫بإحكام‪ ،‬ويتم تصنيعها عاد ًة أو لفها من التبغ السائب وورق لف السجائر وتحتوي أحيانا على "فلتر" (مرشح)‪ .‬وهناك‬
‫أدوات تدخين أخرى شائعة مثل غليونات التدخين المختلفة والسيجار‪ .‬وهناك شكل آخر وإن كان أقل شيوعًا فإن‬
‫استخدامه يزداد في الوقت الراهن وهو استخدام‪ ‬المبخار‪ .‬ويتم هذا عن طريق الحمل الحراري واستنشاق المادة دون‬
‫احتراق مما يقلل المخاطر الصحية على الرئتين‪.‬‬

‫علم الوظائف العضوية‬


‫إن استنشاق المواد في صورة غاز مبخر إلى الرئتين يعد طريقة سريعة وفعالة لسريان المخدرات في مجرى الدم‬
‫ثوان من أول استنشاق‪ .‬وتتكون الرئتان من ماليين عديدة من الجذور البصلية التي‬
‫ٍ‬ ‫حيث تؤثر على المستخدم خالل‬
‫يطلق عليها‪ ‬حويصالت هوائية‪ ‬والتي تكون معًا مساحة تقدر بما يزيد عن ‪ 70‬متر مربع (أي تقريبًأ مساحة ملعب‬
‫التنس)‪ .‬ومن الممكن استخدام هذا المبخار في إعطاء أدوية طبية مفيدة وكذلك إعطاء مخدرات مُروحة مثل‬
‫اإليروسوالت التي تتكون من قطرات ضئيلة من األدوية أو كغاز ناتج عن حرق النبات بمواد منشطة أو بأشكال نقية‬
‫من المادة نفسها‪ .‬ليس كل أنواع المخدرات من الممكن تدخينها‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬مشتقات الكبريتات التي غالبًا ما‬
‫يتم استنشاقها من خالل األنف‪ ،‬فعلى الرغم من إمكانية تدخين القاعدة األساسية األكثر نقاءً‪ ،‬فإن األمر يستلزم حرفية‬
‫ومهارة عالية عند تعاطي المخدر بشكل صحيح‪ .‬كما أن الطريقة نفسها ليست مجدية حيث إن الدخان لن يتم استنشاقه‬
‫بالكامل‪ ]33[.‬و ُتحدث المواد المستنشقة تفاعالت كيميائية في النهايات العصبية في المخ نظرً ا لتشابهها مع المواد التي‬
‫ُتفرز طبيعيًا مثل اإلندورفين والدوبامين والتي ترتبط بأحاسيس السعادة‪ .‬وينتج عن ذلك حالة "عـُلو" تتراوح بين‬
‫المحفز المعتدل الذي يسببه النيكوتين وبين حالة الخفة والشعور بالنشاط التي يسببها الهيروين والكوكايين‬
‫والميثامفيتامين‪.‬‬
‫إن استنشاق الدخان إلى الرئتين بغض النظر عن المادة المستنشقة‪ ،‬له تأثيرات سلبي على صحة اإلنسان‪ .‬ويُصدر‬
‫عدم االحتراق الكامل الناتج عن حرق نبات مثل التبغ أو الحشيش أول أكسيد الكربون والذي يعيق بدوره قدرة الدم‬
‫على حمل األكسجين عند استنشاقه إلى الرئتين‪ .‬وهناك العديد من المركبات السامة في التبغ التي تسبب مخاطر‬
‫صحية خطيرة للمدخنين على المدى الطويل ويرجع هذا ألسباب كثيرة; مثل القصور في وظائف األوعية الدموية‬
‫مثل التضيق وسرطان الرئة والنوبة القلبية والسكتة الدماغية والعجز الجنسي وقلة وزن األطفال المولودين ألم‬
‫مدخنة‪ .‬وهناك نتيجة أخرى شائعة للتدخين تتمثل في مجموعة التغيرات التي تبدو على الوجه ويعرفها األطباء باسم‬
‫وجه المدخن‪.‬‬

‫علم النفس[عدل]‬
‫يبدأ معظم المدخنين التدخين خالل مرحلة المراهقة أو البلوغ المبكر‪ .‬حيث يروق التدخين للشباب لما يحمله من‬
‫عناصر المخاطرة والتمرد‪ .‬كما أن وجود نماذج مرموقة المكانة وأيضًا أقرانهم الذين يدخنون يشجعهم على التدخين‪.‬‬
‫ونظرً ا لتأثر المراهقين بأقرانهم أكثر من الكبار‪ ،‬فغالبًا ما تبوء بالفشل محاوالت اآلباء واألمهات والمدارس‬
‫[‪]34‬‬
‫والعاملين في المجال الصحي من األطباء وغيرهم في منع المراهقين من تجربة تدخين السجائر‪.‬‬
‫قام بعض علماء النفس أمثال "هانز إيزنك" بعمل وصف لشخصية المدخن التقليدي‪ .‬ويعد االنبساط هو السمة األكثر‬
‫ارتباطا بالتدخين حيث يميل المدخنون إلى أن يكونوا أشخاصًا اجتماعيين مندفعين يميلون للمخاطرة ويسعون إلى‬ ‫ً‬
‫المرح‪ .‬وعلى الرغم من أن الشخصية والعوامل االجتماعية من الممكن أن تجعل إقبال بعض األشخاص على‬
‫التدخين أمرً ا محتمالً‪ ،‬فإن العادة نفسها هي عامل اشتراط إجرائي‪ .‬فخالل المراحل األولى يعطي التدخين أحاسيس‬
‫نتيجة ألثره على نظام الدوبامين وبذلك يكون مصدر تعزيز إيجابي‪ .‬وبعد مرور عدة سنوات على عادة‬ ‫ً‬ ‫ممتعة‬
‫متمثلة في الخوف من أعراض االنسحاب والتعزيز‬ ‫ً‬ ‫التدخين‪ ،‬تتولد لدى المدخن دوافع أخرى الستمراره في التدخين‬
‫السلبي‪.‬‬
‫ً‬
‫نشاطا له أثار سلبية على الصحة‪ ،‬فإنهم يلجأوون إلى تبرير سلوكهم‪ .‬وهذا يعني أنهم‬ ‫ونظرً ا ألن المدخنين يمارسون‬
‫يضعون أسبابًا ليُقنعوا بها أنفسهم إذا لم يكن لديهم أسباب منطقية لممارسة التدخين‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬من الممكن أن‬
‫يبرر المدخن سلوكه بأن يصل إلى نتيجة أن الموت هو مصير كل حي وبالتالي فلن تغير السجائر شيءًا في هذه‬
‫الحقيقة الواقعة‪ .‬ومن الممكن أن يعتقد الشخص أن التدخين يريحه من الضغط وأنه لديه فوائد أخرى تبرر مخاطره‪.‬‬
‫هذه األنواع من المعتقدات تجسد بالمعنى السلبي المصطلح "تبرير" نظرا ألن التبغ ال ينتج عنه أي نشوة وال يؤثر‬
‫بقوة على مراكز المتعة مثل غيره من المخدرات وآثاره الضارة معروفة وموثقة جيدا‪.‬‬

‫اآلثار االجتماعية‬
‫[‬
‫التدخين ‪ -‬تدخين التبغ في المقام األول‪ -‬هو النشاط الذي يمارسه ‪ 1.1‬مليار نسمة‪ ،‬أي ‪ 1/3‬من السكان البالغين‪.‬‬
‫‪ ]35‬صورة المدخن يمكن أن تختلف اختالفا كبيرا‪ ،‬ولكن غالبا ما ترتبط‪ ،‬وال سيما في الخيال‪ ،‬بالفردانية واالنطواء‪.‬‬
‫ً‬
‫نشاطا اجتماعيًا هدفه تعزيز النظم‬ ‫وعلى النقيض من هذا‪ ،‬فإن تدخين التبغ والحشيش من الممكن أن يكون‬
‫االجتماعية أو كجزء من الطقوس الثقافية لكثير من الجماعات االجتماعية والعرقية المختلفة‪ .‬يبدأ الكثير ممارسة‬
‫التدخين في المجالس االجتماعية‪ ،‬حيث يعتبر عرض السجائر والمشاركة فيها طقسًا مهمًا أو ببساطة عذرً ا مقبوالً‬
‫لبدء محادثة مع الغرباء في كثير من المجالس مثل الحانات‪ ،‬المالهي الليلية‪ ،‬أماكن العمل‪ ،‬أو في الشارع‪ .‬باإلضافة‬
‫ً‬
‫طريقة فعالة لتجنب الظهور بمظهر التعطل أوالتسكع‪ .‬وبالنسبة للمراهقين‪،‬‬ ‫إلى ذلك فإن إشعال السيجارة يعد‬
‫ً‬
‫فالتدخين من الممكن أن يمثل لهم خطوة أولى في الطريق بعيدا عن الطفولة أو كفعل من أفعال التمرد على عالم‬
‫الكبار‪ .‬وباستثناء االستخدام الترفيهي للعقاقير‪ ،‬فمن الممكن استخدام التدخين في بناء الشخصية وخلق صورة ذاتية‬
‫عن طريق ربطها بخبرات شخصية متعلقة بالتدخين‪ .‬إن ظهور الحركة الحديثة المناهضة للتدخين في أواخر القرن‬
‫التاسع عشر قد أسفرت عن خلق وعي بمخاطر التدخين‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد استفزت ردود أفعال المدخنين فيما‬
‫ما زال يطلق عليه االعتداء على الحرية الشخصية‪ .‬كما تمخضت عن وسم شخصية بين المدخنين تصورهم بأنهم‬
‫متمردون ومنبوذون بعي ًدا عن غير المدخنين‪ :‬وقد عُرفت أهمية التبغ بالنسبة للجنود قديما واعتبر القادة هذا األمر‬
‫حقيقة ال يمكن إغفالها‪ .‬وبحلول القرن الثامن عشر أصبحت مخصصات التبغ جزءًا أساسيًا من اإلعاشات البحرية في‬
‫العديد من الدول‪ ،‬ومع نشوب الحرب العالمية األولى‪ ،‬تعاون مصنعو السجائر والحكومات لتوفير مخصصات التبغ‬
‫والسجائر للجنود في المعركة‪ .‬فقد كان يقال أن االستخدام المنتظم للتبغ أثناء التعرض للتهديد سوف يهدئ من روع‬
‫الجنود ويسمح لهم بأن يقاوموا أقصى الصعاب‪ ]37[.‬وحتى منتصف القرن العشرين‪ ،‬كان غالبية السكان البالغين من‬
‫المدخنين في العديد من الدول الصناعية‪ .‬كما كانت تجاب دعوات الناشطين في مجال مكافحة التدخين بالتشكك إن لم‬
‫يكن باالزدراء الكامل‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فالحركة اليوم لديها ثقل ودليل على مزاعمها‪ ،‬لكن ما زال جزء كبير‬
‫[‪]38‬‬
‫من السكان مصرين على التدخين‪.‬‬
‫العامة[عدل]‬ ‫الصحة‬
‫تتعلق المخاطر الصحية الرئيسية الناتجة عن طرق االستهالك المختلفة باإلصابة بأمراض القلب والجهاز التنفسي‬
‫والذي يتسبب فيها ناقل التدخين ومع مرور الوقت يسمح بترسب كميات هائلة من المواد المسرطنة في الفم والحنجرة‬
‫والرئتين‪.‬وتعتبر األمراض الناجمة عن التدخين من أكبر األسباب المؤدية للوفاة في العالم في الوقت الحاضر‪ ،‬كما‬
‫تعد من أكبر األسباب للوفاة المبكرة في الدول الصناعية‪ .‬وفي الواليات المتحدة ترجع حوالي ‪ 500.000‬حالة وفاة‬
‫[‪]39‬‬
‫سنويًا إلى أمراض متعلقة بالتدخين‪.‬‬
‫من بين األمراض واألوبئة التي يمكن أن يسببها التدخين هي‪ ‬تضييق األوعية الدموية‪ ،‬سرطان الرئة[‪ ،]40‬النوبات‬
‫القلبية[‪ ،]41‬ومرض االنسداد الرئوي المزمن‪ ]42[.‬مرض بورجر‬
‫و ُتحاول الكثير من الحكومات منع الناس من التدخين من خالل حمالت مناهضة للتدخين ُتنشر في وسائل اإلعالم‬
‫المختلفة والتي ُتلقي الضوء على التأثيرات الضارة للتدخين على المدى البعيد‪.‬ويعد التدخين السلبي أو التدخين‬
‫الفرعي ‪ -‬والذي يؤثر على الناس المتواجدين في المنطقة المحيطة بالمدخنين ‪ -‬السبب الرئيسي لفرض قوانين حظر‬
‫التدخين‪ .‬وتم فرض هذا القانون من أجل منع األفراد من التدخين في األماكن المغلقة العامة مثل الحانات والمطاعم‪.‬‬
‫والفكرة وراء هذا القانون هو التنفير من التدخين بجعله غير مناسب على نطاق أوسع‪ ،‬باإلضافة إلى وقف الدخان‬
‫الضار الذي ينفث في األماكن العامة المغلقة‪ .‬وهناك هدف مشترك بين المشرعين يتمثل في التنفير من التدخين بين‬
‫القُصر‪ ،‬وقد قامت العديد من الواليات بشن قوانين تجرم بيع منتجات التبغ للعمالء دون السن القانونية‪ .‬ولم تعتمد‬
‫كثير من البلدان النامية سياسات مكافحة التدخين‪ ،‬مما دعا البعض إلى الدعوة لحمالت مكافحة التدخين‪ ،‬ومواصلة‬
‫[بحاجة لمصدر]‬
‫التعليم لشرح اآلثار السلبية ل(دخان التبغ البيئي) في البلدان النامية‪.‬‬
‫وبالرغم من التحريمات العديدة‪ ،‬فكثير من الدول األوروبية ال تزال تحتجز ‪ 18‬من النقاط ال ‪ 20‬األوائل‪ ،‬وفقا ل‬
‫‪ ،ERC‬وهي شركة دراسات سوقية‪ ،‬فالمدخنين األكثر شراهة من اليونان‪ ،‬بمتوسط ‪ 3،000‬سيجارة للشخص‬
‫الواحد في عام ‪ ]43[.2007‬وقد استقرت معدالت التدخين أو انخفضت في العالم المتقدم ولكنها تستمر في االرتفاع في‬
‫البلدان النامية‪ .‬حيث انخفضت معدالت التدخين في الواليات المتحدة بمقدار النصف من عام ‪ 1965‬حتي ‪،2006‬‬
‫[‪]44‬‬
‫وانخفضت من ‪ ٪ 42‬إلى ‪ ٪ 20.8‬بين البالغين‪.‬‬
‫وتختلف آثار اإلدمان على المجتمع بشكل كبير بين المواد المختلفة التي يتم تدخينها وأيضًا المشاكل االجتماعية التي‬
‫تسببها‪ ،‬ويرجع ذلك إلى االختالفات التشريعية وتطبيق قوانين المخدرات حول العالم‪ .‬وعلى الرغم من أن النيكوتين‬
‫مادة تسبب اإلدمان بشكل كبير‪ ،‬فإن آثارها على الوعي ليست شديدة وملحوظة وموهنة مثل الحشيش والكوكايين‬
‫وأمفيتامين أو أي مستحضر‪ ‬أفيوني‪ ‬آخر‪.‬وألن التبغ ليس مخدرً ا غير قانوني‪ ،‬فليس هناك سوق سوداء تتسم بمخاطر‬
‫هائلة وأسعار مرتفعة بالنسبة للمستهلكين‪.‬‬

‫تأثير التدخين على صحة األسنان[عدل]‬


‫الفم[عدل]‬ ‫أمراض‬
‫يعرقل التدخين امتصاص‪ ‬الكالسيوم‪ ‬في الجسم ويمكنه أيضًا التسبب بأمراض مهددة للحياة مثل‪ ‬سرطان الفم‪ .‬تزداد‬
‫احتمالية االصابة بامراض اللثة (أمراض دواعم السن) لدى األشخاص المدخنين واحتمالية فقدان األسنان والعظم‬
‫المصاحبة لها‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ,‬فأن المدخن يمكن ان يعاني من امراض اللثة حتى وان لم يصاحب ذلك عالمات‬
‫نزيف‪.‬‬
‫مع كل الضجيج اإلعالمي في الوقت الحالي‪ ,‬فان الضغط على النساء كي يبدين أصغر يتزايد يومياً‪ .‬ولكن على‬
‫الرغم من أن التدخين هو واحد من أكبر عوامل اإلسهام في شيخوخة الفم‪( ,‬بغض النظر عن‪ ‬تصبغ األسنان)‪ ،‬فإن‬
‫أكثر من ‪ 22‬مليون امرأة في الواليات المتحدة األمريكية يدخنّ السجائر‪ ,‬بحسب مراكز السيطرة على األمراض‪[ .‬‬
‫‪]1‬‬

‫أضرار التدخين[عدل]‬

‫ مقالة مفصلة‪ :‬آثار التدخين على الصحة‬ ‫‪‬‬


‫بات التدخين مشكلة عالمية عامة تسبب آثاراً سلبية في شتى المجاالت‪ :‬الصحية والنفسية واإلقتصادية واإلجتماعية‬
‫والحضارية ‪ ..‬حيث يقضي هذا الوباء على أكثر من خمسة ماليين إنسان سنوياً‪ ،‬ومهما اختلفت أشكال التدخين أو‬
‫أعمار المدخنين‪ ،‬فإنه يؤثر على أجهزة الجسم المختلفة ويؤدي إلى اإلدمان‪.‬‬
‫يؤدي التدخين إلى اإلصابة بالعديد من األمراض واألزمات الصحية كالسكتة القلبية والجلطة الدماغية وأمراض‬
‫الجهاز التنفسي والسرطان (سرطان الرئة بشكل خاص) باإلضافة إلى مشاكل صحية أخرى وبالتالي الوفاة المبكرة‪.‬‬
‫وباإلضافة لذلك فإن األعراض التي تنتج عن اإلصابة بأحد األمراض الناتجة عن التدخين تؤدي إلى زيادة الضغط‬
‫العصبي والنفسي وبالتالي تؤثر سلبا ً على نوعية الحياة منذ سنً مبكرة‪.‬‬
‫التدخين الالإرادي هو عبارة عن استنشاق دخان التبغ من المدخنين‪ .‬إذا قررت مواصلة التدخين فإنك تعرض أفراد‬
‫عائلتك وأصدقائك لإلصابة بانواع متعددة من السرطانات باإلضافة ألمراض القلب والرئة‪ .‬ويؤثر التدخين أيضا ً‬
‫على األطفال ويعرضهم بشكل أكبر لإلصابة باألمراض مثل تشمع األذن والربو‪ .‬والجدير بالذكر هنا أن أطفال‬
‫المدخنين هم اكثر عرضة بـ ‪ 3‬مرات عن أطفال غير المدخنين إلدمان التدخين في المستقبل‪ .‬فيما يلي مضار‬
‫التدخين على المدخنين بمختلف فئاتهم العمرية ومن األضرار اإلجتماعية نفور الناس من المدخن تعليم األوالد على‬
‫التدخين‪.‬‬
‫والحوامل[عدل]‬ ‫أضرار التدخين على النساء واألمهات‬

‫يؤدي إلى زيادة احتمالية اإلصابة بأمراض القلب والسرطانات خصوصا سرطان الثدي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫يؤدي إلى زيادة احتمالية حدوث اإلجهاض وحاالت النزف وانزالق المشيمة والوالدة المبكرة وتسمم الحمل‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫يؤدي إلى تناقص وزن الجنين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫يحدث تغيراً في نبرة الصوت ويزيد تجاعيد الوجه ويؤثر على نضارة الوجه‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫انبعاث روائح كريهة من الفم والمالبس‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫يزيد من إمكانية حدوث هشاشة العظام‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تؤثر على انتظام الدورة الشهرية وعلى خصوبة المرأة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أثبتت دراسات ان التدخين للمرأة الحاملة يسبب تغيرات في الحمض النووي باالف المواضع مما يعني وجود‬ ‫‪‬‬
‫احتمالية كبيرة لحدوث تشوهات[‪.]45‬‬
‫السن[عدل]‬ ‫مضار التدخين على كبار‬
‫يسبب اإلدمان‪ .‬يؤدي إلى حدوث سرطانات الفم والرئة والمريء والمعدة‪ .‬يؤدي إلى اإلصابة بأمراض القلب‬
‫وتصلب الشرايين والسكتات القلبية‪ .‬يزيد من نسبة انتشار التدرن الرئوي عند مستخدمي الشيشة‪ .‬يؤدي إلى اإلصابة‬
‫بأمراض تنفسية كالتهابات القصبات المزمن والربو والسل وانسداد المجاري التنفسية‪ ،‬علما بأن ‪ %80 – 75‬من‬
‫المصابين بانتفاخ الرئة هم من المدخنين‪ .‬يورث القلق والتوتر والعصبية والشعور بالتعب واإلرهاق‪.‬‬

‫االقتصاد[عدل]‬
‫تزعم تقديرات حملة "أطفال بال تبغ" أن المدخنين يكلفون‪ ‬اقتصاد الواليات المتحدة‪ 97.6 ‬مليار دوالر سنويا ً في‬
‫اإلنتاجية المفقودة وأن هناك ‪ 96.7‬مليار إضافية تنفق على الرعاية الصحية العامة والخاصة معاً‪ ]46[.‬ويمثل هذا أكثر‬
‫من ‪ ٪ 1‬من‪ ‬الناتج المحلي اإلجمالي‪.‬فالرجل المدخن في الواليات المتحدة الذي يستهلك أكثر من علبة سجائر يوميًا‬
‫من الممكن أن يتوقع زيادة تقدر بـ ‪ 19.000‬دوالر في مصاريف الرعاية الطبية خالل عمره‪ .‬أما المدخنة األمريكية‬
‫التي تدخن أكثر من علبة يوميًا فمن الممكن أن تتوقع زيادة تقدر بـ‪ 25.800‬دوالر إضافية على مصاريف الرعاية‬
‫الصحية على مدار حياتها‪ ]47[.‬والبد أن ُتعوض هذه التكاليف بعوائد الضرائب المتزايدة التي يدرها التدخين‪.‬‬

‫اآلراء الدينية[عدل]‬
‫اإلسالم[عدل]‬
‫ذهب رأي علماء اإلسالم‪ ‬في البداية إلى اعتبار التدخين مكروها ألنه كان يستخدم بدون مادة الكوكاين والقطران أي‬
‫أن ما عرفه الفقهاء القدماء كان التبغ نفسه وليس المعروف حاليا ضرره مختلف عن الدخان الحديث‪[،‬بحاجة لمصدر]‪ ‬ثم‬
‫بعد ظهور الدخان الحالي وتطور األبحاث العلمية وثبوت تسبب التدخين بشكل مباشر في اإلصابة بالعديد من أنواع‬
‫السرطانات دفع‪ ‬بمجمع الفقه اإلسالمي الدولي‪ ‬المجتمع في‪ ‬جدة‪ ‬إلى تحريمه تحريما ً قاطعاً‪.‬‬

‫التدخين في الثقافة[عدل]‬
‫هضمت الثقافة التدخين ومثلته في العديد من أشكال الفن وتطور ليلقى معان مميزة وغالبًا ما تكون متصارعة‬
‫ومتناقضة اعتما ًدا على الزمان والمكان والممارسين للتدخين‪ .‬فحتى وقت قريب‪ ،‬كان تدخين الغليون من أكثر أشكال‬
‫ً‬
‫مرتبطا بالتأمل الرزين وكبر السن ويعتبر غالبًا شيء مغرق في القدم وعتيق‬ ‫التدخين شيوعًا‪ ،‬لكنه اليوم أصبح‬
‫الطراز وإن كان شكله جذابًا‪ .‬أما تدخين السجائر فلم يصبح رائجً ا إال في نهاية القرن التاسع عشر وارتبط بالحداثة‬
‫ً‬
‫مرتبطا‬ ‫ً‬
‫ورمزا‬ ‫ً‬
‫مرتبطا بالذكورة والقوة‬ ‫واإليقاع األكثر سرعة الذي يميز العالم الصناعي‪ .‬أما السيجار فكان وما زال‬
‫بالصورة التقليدية التي يُنظر بها إلى الرأسماليين‪ .‬وطالما كان التدخين على مرأى ومسمع من البشر أمرً ا قاصرً ا‬
‫على الرجال وعندما تفعله النساء فإنه يرتبط بتعدد العالقات الجنسية‪ .‬وفي اليابان‪ ،‬خالل عهد "إيدو" كانت العاهرات‬
‫وزبائنهن يتعرفوا على بعضهم البعض على هيئة عرض السجائر واألمر ينطبق كذلك على أوروبا في القرن‬
‫[‪]12‬‬
‫العشرين‪.‬‬
‫الفن‬
‫من الممكن أن توضح اآلنية الخزفية الكالسيكية لشعوب "مايا" أول تصوير للتدخين منذ حوالي القرن التاسع‪ .‬وكان‬
‫الفن ذو طابعا دينيًا في المقام األول حيث أظهر اآللهة أو الحكام وهم يدخنون أشكاالً بدائية من السجائر‪ ]48[.‬وبعد‬
‫تقديم التدخين خارج األمريكتين‪ ،‬بدأ في الظهور في الرسوم في أوروبا وأسيا‪ .‬وكان رسامو العصر الذهبي الهولندي‬
‫من أول من رسم لوحات ألشخاص وهم يدخنون ويظهر فيها الغليون والتبغ وهما مشتعالن‪ .‬وفي جنوب أوروبا‪،‬‬
‫وجد الرسامون في القرن السابع عشر أن الغليون مغرق في الحداثة بشكل يحول دون دمجه مع األفكار المفضلة‬
‫ً‬
‫مرتبطا‬ ‫ً‬
‫ممارسة متدنية وكان‬ ‫المستوحاة من الميثولوجيا اإلغريقية والرومانية القديمة‪ .‬في البداية‪ ،‬كان يعتبر التدخين‬
‫بالطبقات االجتماعية الدنيا السيما الفالحين‪ ]49[.‬وكان عدد كبير من الرسوم األولية تظهر مشاهد من الحانات وبيوت‬
‫ً‬
‫محققة القوة والثروة ذات القدر الهائل‪ ،‬أصبح التدخين‬ ‫الدعارة‪ .‬وفي وقت الحق بعد أن برز نجم الجمهورية الهولندية‬
‫شائعًا بين األثرياء وظهرت لوحات لنبالء أنيقين وهم يرفعون الغليون في أناقة‪ .‬فالتدخين يمثل المتعة في تلك الحياة‬
‫مرتبطا بتصوير حاستي‬ ‫ً‬ ‫الدنيا التي تتميز بأنها سريعة الزوال وقصيرة وتطير حرفيا كما يطير الدخان‪ .‬وكان التدخين‬
‫الشم والتذوق‪.‬‬
‫في القرن الثامن عشر أصبح تصوير التدخين في الرسومات ضئيالً نظرً ا لظهور عادة النشوق الراقية التي أصبحت‬
‫مرتبة متدنية ويظهر في اللوحات التي تمثل العوام من الطبقات الدنيا‬‫ً‬ ‫رائجة‪ .‬ومرة أخرى أصبح تدخين الغليون يمثل‬
‫والفالحين‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فإن االستنشاق المهذب لقطع التبغ الصغيرة والذي يتبع بالعطس‪ ،‬كان نادرً ا في‬
‫الفن‪ .‬وعندما ظهر التدخين كان يصور في الغالب في اللوحات الغريبة المتأثرة باالستشراق والتي تقدم صورة للتفوق‬
‫األوروبي على المستعمرات وتشكل وعيًا بالسيطرة الذكورية على الغرب المؤنث‪ .‬وقد تفاقم موضوع "اآلخر"‬
‫الدخيل والغريب في القرن التاسع عشر‪ ،‬وقد أثار هذه النزعة الشعبية التي اكتسبتها فكرة اإلثنية (علم األعراق‬
‫البشرية) خالل حركة التنوير الفلسفية‪.‬‬
‫ورمزأ لل"نبيل الهمجي" الذي يدخن‬‫ً‬ ‫ً‬
‫رمزا للمتع البسيطة‪،‬‬ ‫في القرن التاسع عشر أصبح التدخين شائعًا بوصفه‬
‫ً‬
‫الغليون‪ ،‬وأيضًا التأمل الرزين ألطالل الرومان الكالسيكية‪ ،‬فضال عن مشاهد الفنانين الذين يتوحدون مع الطبيعة‬
‫أثناء شرب الغليون ببطء‪ .‬وقد وجدت الطبقة الوسطى التي اكتسبت السلطة والقوة منذ عهد قريب بع ًدا جدي ًدا في‬
‫التدخين بوصفه متعة غير ضارة تمارس باستمتاع في صالونات التدخين والمكتبات‪ .‬وأصبح تدخين السجائر أو‬
‫مرتبطا بالشخص البوهيمي الذي نأى بنفسه عن قيم الطبقة الوسطى المحافظة ويظهر ازدرائه للمحافظة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫السيجار‬
‫ً‬
‫وعلى النقيض من ذلك‪ ،‬كان التدخين متعة ال بد وأن تكون قاصرة على عالم الرجال‪ ،‬وكان ينظر للنساء المدخنات‬
‫على أنهن عاهرات‪ ،‬وكان يعتقد أن التدخين نشاط ال ينبغي للنساء المحترمات إشراك أنفسهن فيه‪ ]51[.‬ومع مطلع‬
‫القرن العشرين ظهرت النساء المدخنات في الرسومات والصور بانطباع يوحي باألناقة والسحر الخالب‪ .‬وبدأ‬
‫االنطباعيون أمثال "فينسينت فان جوخ" الذي كان مدخ ًنا للغليون‪ ،‬بالربط بين التدخين وكآبة وجبرية نهاية القرن‬
‫التاسع عشر‪.‬‬
‫وفي الوقت الذي تعززت وتجمعت فيه رمزية السيجارة والغليون والسيجار على حد سواء في نهاية القرن التاسع‬
‫عشر‪ ،‬لم يبدأ الفنانون في استخدام هذه الرمزية بالكامل إال في مطلع القرن العشرين‪ .‬فكان الغليون يرمز للتأمل‬
‫والهدوء‪ ،‬بينما ترمز السيجارة إلى الحداثة والقوة والشباب وإن كانت ترمز أيضًا إلى القلق العصبي‪ ،‬أما السيجار‬
‫ً‬
‫رمزا للسلطة والقوة‪ .‬وفي العقود التي أعقبت الحرب العالمية الثانية خالل ذروة التدخين قبل أن يقع تحت نيران‬ ‫فكان‬
‫الحركة المناهضة للتدخين والتي كانت في ازدهار آنذاك‪ ،‬كان ينظر للسيجارة التي تدس بال مباالة بين الشفتين على‬
‫أنها رمز لتمرد الشباب‪ ،‬وكان هذا يتجسد في الممثلين أمثال "مارلون براندو" و"جيمس دين"‪ ،‬أو في العمود الفقري‬
‫للدعاية مثل "رجل مارلبورو"‪ .‬ومع سبعينيات القرن العشرين بدأت الخواص السلبية للتدخين في الظهور والتي‬
‫تمثلت في الشخص المعتل صحيًا الذي ينتمي للطبقة الوسطى‪ ،‬والرائحة الكريهة لدخان السجائر وانعدام الحافز‬
‫[‪]52‬‬
‫والدافع السيما في الفن‪ ،‬وكان كل هذا مستلهمًا ومنفذا من قبل الحمالت المناهضة للتدخين‪.‬‬
‫السينما[عدل]‬
‫منذ فترة‪ ‬األفالم الصامتة‪ ‬كان للتدخين دوراً أساسيا ً في رمزية األفالم‪ .‬وفي أفالم الجريمة التشويقية التي تتميز‬
‫بجفاف المشاعر والتي يطلق عليها "الفيلم األسود" نجد أن دخان السيجارة غالبًا يحيط الشخصيات ويستخدم‬
‫باستمرار إلضفاء هالة من الغموض والعدمية على الشخصيات‪ .‬وتظهر أولى مالمح تلك الرمزية من خالل فيلم أحد‬
‫رواد هذا المجال وهو‪ ‬فريتز النغ‪ ‬في فترة "فايمار" ويحمل الفيلم عنوان "‪ "Dr Mabuse, der Spieler‬ويعني‬
‫"دكتور مابيوز المقامر" وهو إنتاج عام ‪ .1922‬وفي هذا الفيلم يظهر الرجال وهم مفتتنون بلعب القمار ويدخنون‬
‫السجائر أثناء اللعب‪ .‬ومنذ البداية تم الربط بين النساء المدخنات وصورة اإلغراء وقد جسدت الممثلة األلمانية‬
‫"مارلينيه ديتريش" هذه الصورة بشكل واضح‪ .‬وبالمثل‪ ،‬فإن بعض الممثلين أمثال "هيمفري بوجارت" و"أودري‬
‫هيبورن" قد عُرفا بشخصياتهم التمثيلية المدخنة‪ ،‬كما اتسمت بعض أشهر صورهما وأدوارهما بسحابة كثيفة من‬
‫دخان السجائر‪ .‬وعززت "هيبورن" من هذا المظهر الساحر باستخدام مبسم السيجارة في فيلم "‪Breakfast at‬‬
‫‪( "Tiffany's‬الفطار عند تيفاني) على وجه الخصوص‪ .‬ومن الممكن استخدام التدخين كوسيلة لإلطاحة بما تفرضه‬
‫الرقابة حيث كان وضع سيجارتين مشتعلتين في منفضة السجائر دون أن يلمسهما أحد يرجح حدوث عالقة جنسية‪.‬‬
‫ومنذ الحرب العالمية الثانية‪ ،‬أصبح ظهور التدخين على الشاشة أقل تكرارً ا نظرً ا النتشار الوعي بالمخاطر الصحية‬
‫الواضحة للتدخين‪ .‬ومع اكتساب الحركة المناهضة للتدخين مزي ًدا من االحترام والتأثير‪ ،‬أصبح هناك محاوالت جادة‬
‫لمنع ظهور التدخين على الشاشة لتجنب التشجيع على التدخين أو ربطه بأشياء إيجابية السيما في أفالم األسرة‪.‬‬
‫واليوم‪ ،‬أصبح التدخين على الشاشات شائعًا بين الشخصيات المجسدة والتي تظهر في صورة األشخاص المعادية‬
‫[‪]53‬‬
‫للمجتمع أو حتى المجرمين‪.‬‬
‫األدب‬
‫بارزا‪ .‬وفي الغالب يصور المدخنون على أنهم‬‫ً‬ ‫ومثل باقي أعمال الخيال وجد التدخين طريقه إلى األدب واحتل مكا ًنا‬
‫شخصيات شديدة الفردية أو غريبي األطوار بشكل الفت‪ ،‬ولعل أبرز تجلي فعلي لهذا الوصف يكمن في الشخصية‬
‫األدبية األشهر في التاريخ وهي "شيرلوك هولمز"‪ .‬وبدالً من أن يكون جزءًا متكررً ا من قصص قصيرة وروايات‪،‬‬
‫أسفر التدخين عن مديح ال نهاية له يثني على صفاته ويؤكد على شخصية الكاتب كمدخن متفاني‪ .‬وفي نهاية القرن‬
‫التاسع عشر ومطلع القرن العشرين على وجه الخصوص‪ ،‬ظهر عدد كبير من الكتب التي تحمل عناوين مثل "‬
‫‪( "Tobacco: Its History and associations‬التبغ‪ ،‬تاريخه وما يتعلق به) الذي ُكتب في عام ‪ ،1876‬و"‬
‫‪( "Cigarettes in Fact and Fancy‬السجائر بين الواقع والخيال) الذي ُكتب في عام ‪ ،1906‬و"‪Pipe‬‬
‫‪( "and Pouch: The Smokers Own Book of Poetry‬الغليون والجيب‪ :‬ديوان شعر المدخنين) الذي‬
‫ُكتب عام ‪ ،1905‬و ُكتبت كل هذه الكتب في المملكة المتحدة والواليات المتحدة‪ .‬وقد َكتب بعض الرجال هذه العناوين‬
‫لرجال آخرين واحتوت على أخبار مسلية عامة وتأمالت شعرية عن حب التبغ وكل األشياء المتعلقة بذلك‪ ،‬وكانت‬
‫تمدح باستمرار حياة العزوبية الراقية‪ .‬وقد ُنشر كتاب "‪The Fragrant Weed: Some of the Good‬‬
‫‪ "Things Which Have been Said or Sung about Tobacco‬في عام ‪ 1907‬بين عدد كبير من‬
‫الكتب‪ ،‬وكانت السطور التالية من قصيدة "‪ "A Bachelor's Views‬التي كتبها "توم هول" ُتوضح الموقف‬
‫المعهود في كثير من الكتب‪:‬‬
‫‪So let us drink‬‬
‫‪To her, – but think‬‬
‫‪;Of him who has to keep her‬‬
‫‪And sans a wife‬‬
‫‪Let's spend our life‬‬
‫]‪In bachelordom, – it's cheaper.|||Eugene Umberger[54‬‬
‫وتم نشر كل هذه األعمال في فترة سبقت شيوع السجائر كالشكل البارز والمسيطر على كافة أشكال استهالك التبغ‪،‬‬
‫حيث كان الغليون والسيجار ومضغ التبغ ما زال عاديًا ومألو ًفا‪ .‬وكان يتم تغليف عدد كبير من هذه الكتب في شكل‬
‫أغلفة مبتكرة كي تروق لذوق المدخنين من النبالء‪ .‬فكان غالف كتاب "‪ "Pipe and Pouch‬عبارة عن حقيبة‬
‫جلدية شبيهة بكيس التبغ‪ ،‬أما غالف كتاب "‪ "Cigarettes in Fact and Fancy‬الذي ُنشر في عام ‪1901‬‬
‫فكان غالفه من الجلد ومغلف بشكل يحاكي صندوق السيجار الورقي‪ .‬وفي أواخر العشرينيات تراجع نشر مثل هذه‬
‫[‪]55‬‬
‫الكتب إلى حد كبير ولم ينتعش إال في نهاية القرن العشرين وإن كان يتم نشرها بشكل غير منتظم‪.‬‬
‫الموسيقى‪[,‬عدل]‬
‫هناك أمثلة قليلة على التدخين في الموسيقى في أوائل العصور الحديثة‪ ،‬وعلى الرغم من هذا توجد بعض اإلشارات‬
‫بين الحين واآلخر التي يتجلى فيها التأثر بالتبغ ويظهر هذا في بعض المقطوعات مثل مقطوعة "‪Edifying‬‬
‫‪ "Thoughts of a Tobacco-Smoker‬التي ألفها "يوهان سباستيان باخ"‪ ]56[.‬وخال ًفا لذلك‪ ،‬فمنذ مطلع القرن‬
‫ً‬
‫ارتباطا‬ ‫ً‬
‫ارتباطا وثي ًقا‪ .‬وارتبطت موسيقى "الجاز" منذ البداية‬ ‫العشرين وحتى اآلن ارتبط التدخين بالموسيقى الشعبية‬
‫وثي ًقا بالتدخين الذي كان يمارس في األماكن التي تعزف فيها الموسيقى مثل الحانات وصاالت الرقص ونوادي الجاز‬
‫وحتى بيوت الدعارة‪ .‬عالو ًة على ذلك‪ ،‬أدى سطوع نجم الجاز والذي تصادف مع التوسع في الصناعة الحديثة للتبغ‬
‫في الواليات المتحدة إلى انتشار‪ ‬الحشيش‪ .‬حيث تم تداوله تحت أسماء أخرى مثل "الشاي" و"‪ "muggles‬و"‬
‫‪ "reefer‬في مجتمعات الجاز‪ .‬وكان للتدخين أثرً ا بال ًغأ على الجاز في العشرينيات والثالثينيات لدرجة أنه وجد في‬
‫بعض األغاني التي تم تلحينها في ذلك الوقت مثل‪ Muggles ‬التي لحنها‪ ،Louis Armstrong ‬وكذلك‬
‫أغنية‪ Smoking Reefers ‬التي لحنها‪ ،Larry Adler ‬وكذلك أغنية‪ Chant of The Weed ‬التي‬
‫لحنها‪ .Don Redman ‬واستمرت شعبية الماريجوانا بين موسيقيي الجاز مرتفعة حتى األربيعينيات والخمسينيات‪،‬‬
‫[‪]57‬‬
‫عندما تم االستعاضة عنه جزئيا‪ ‬بالهيروين‪.‬‬
‫وهناك شكل آخر من الموسيقى الشعبية الحديثة التي ارتبطت كثيرً ا بتدخين الحشيش أال وهي موسيقى‪ ‬ريجي‪ ‬وهي‬
‫نوع من الموسيقى نشأ في‪ ‬جاميكا‪ ‬في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات‪ .‬ويعتقد أن من قدم الحشيش أو‪ ‬جانجا ‪ ‬إلى‬
‫ً‬
‫مرتبطا بصورة أساسية بالعمال الهنود حتى‪ ‬الحركة الراستفارية‪ ‬في‬ ‫جاميكا هم العمالة الهندية المهاجرة وكان‬
‫منتصف القرن العشرين‪ ]58[.‬ويعتبر تدخين الحشيش في الراستافارية وسيلة للتقرب من هللا‪ ،‬أو‪ ‬جاه‪ ،‬وهي الرابطة‬
‫التي تم نشرها بشكل أساسي بواسطة رموز موسيقى الريجي مثل‪ ‬بوب مارلي‪ ‬وبيتر توشاك‪ ‬في الستينيات‬
‫[‪]59‬‬
‫والسبعينيات‪.‬‬
‫التدخين هو عملية يتم فيها حرق مادة‪ ،‬غالبًا ما تكون هذه المادة هي التبغ‪ ،‬حيث يتم تذوق الدخان أو استنشاقه‪ .‬وتتم‬
‫هذه العملية في المقام األول باعتبارها ممارسة لتروح النفس عن طريق استخدام المخدر‪ ،‬حيث َيصدر عن االحتراق‬
‫المادة الفعالة في المخدر‪ ،‬مثل النيكوتين مما يجعلها متاحة لالمتصاص من خالل الرئة وأحيانا تتم هذه الممارسة‬
‫كجزء من الطقوس الدينية لكي تحدث حالة من الغفوة والتنوير الروحي‪ .‬وتعد السجائر هي أكثر الوسائل شيوعًا‬
‫للتدخين في الوقت الراهن‪ ،‬سواء كانت السيجارة منتجة صناعيا أو ملفوفة يدويًا من التبغ السائب وورق لف‬
‫السجائر‪ .‬وهناك وسائل أخرى للتدخين تتمثل في الغليون‪ ،‬السيجار‪ ،‬الشيشة‪ ،‬والبونج "غليون مائي"‪ .‬يعد التدخين من‬
‫أكثر المظاهر شيوعا الستخدام المخدرات الترويحي‪ .‬وفي الوقت الحاضر‪ ،‬يعد تدخين التبغ من أكثر أشكال التدخين‬
‫شيوعًا حيث يمارسه أكثر من مليار شخص في معظم المجتمعات البشرية‪.‬وهناك أشكال أقل شيوعا للتدخين مثل‬
‫تدخين الحشيش واألفيون‪ .‬وتعتبر معظم المخدرات التي ُتدخن إدمانية‪ .‬وتصنف بعض المواد على أنها مخدرات‬
‫صلبة مثل الهيروين والكوكايين الصلب‪ .‬وهي مواد ذات نسبة استخدام محدودة حيث أنها غير متوفرة تجاريًا‪ .‬يرجع‬
‫تاريخ التدخين إلى عام ‪ 5000‬قبل الميالد‪ ،‬حيث وُ جد في العديد من الثقافات المختلفة حول العالم‪ .‬وقد الزم التدخين‬
‫قديما االحتفاالت الدينية; مثل تقديم القرابين لآللهة‪ ،‬طقوس التطهير‪ ،‬أو لتمكين الشامان والكهنة من تغيير عقولهم‬
‫ألغراض التكهن والتنوير الروحي‪ .‬جاء االستكشاف والغزو األوروبي لألمريكتين‪ ،‬لينتشر تدخين التبع في كل أنحاء‬
‫العالم انتشارً ا سريعًا‪ .‬وفي مناطق مثل الهند وجنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا‪ ،‬اندمج تدخين التبغ مع عمليات‬
‫ً‬
‫نشاطا اجتماعيًا‬ ‫التدخين الشائعة في هذه الدول والتي يعد الحشيش أكثرها شيوعًا‪ .‬أما في أوروبا فقد قدم التدخين‬
‫جدي ًدا وشكالً من أشكال تعاطي المخدرات لم يكن معرو ًفا من قبل‪ .‬اختلف طرق فهم التدخين عبر الزمن وتباينت من‬
‫مكان إلى آخر‪ ،‬من حيث كونه مقدس أم فاحش‪ ،‬راقي أم مبتذل‪ ،‬دواء عام ‪-‬ترياق‪ -‬أم خطر على الصحة‪ .‬ففي اآلونة‬
‫األخيرة وبشكل أساسي في دول الغرب الصناعية‪ ،‬برز التدخين باعتباره ممارسة سلبية بشكل حاسم‪ .‬في الوقت‬
‫الحاضر‪ ،‬أثبتت الدراسات الطبية أن التدخين يعد من العوامل الرئيسية المسببة للعديد من األمراض مثل‪ :‬سرطان‬
‫الرئة‪ ،‬النوبات القلبية‪ ،‬ومن الممكن أن يتسبب أيضًا في حدوث عيوب خلقية‪ .‬وقد أدت المخاطر الصحية المثبتة عن‬
‫التدخين‪ ،‬إلى قيام الكثير من الدول بفرض ضرائب عالية على منتجات التبغ‪ ،‬باإلضافة إلى القيام بحمالت سنوية ضد‬
‫التدخين في محاولة للحد من تدخين التبغ‪.‬‬
‫يرجع تاريخ التدخين إلى عام ‪ 5000‬قبل الميالد في الطقوس الشامانية‪ ]2[.‬وقد قامت الكثير من الحضارات مثل‬
‫الحضارة البابلية والهندية والصينية بحرق البخور كجزء من الطقوس الدينية‪ ،‬وكذلك قام بنو إسرائيل والحقا الكنائس‬
‫المسيحية الكاثوليكية واألرثوذوكسية بالفعل نفسه‪ .‬ويرجع ظهور التدخين في األمريكتين إلى االحتفاالت التي كان‬
‫يقيمها كهنة الشامان ويحرقون فيها البخور‪ ،‬ولكن فيما بعد تمت ممارسة هذه العادة من أجل المتعة أو كوسيلة‬
‫للتواصل االجتماعي‪ ]3[.‬كما كان يُستخدم تدخين التبغ وغيره من المخدرات المسببة للهلوسة من أجل إحداث حالة‬
‫من الغيبوبة أو للتواصل مع عالم األرواح‪ .‬ويرجع تاريخ استخدام مواد مثل الحشيش‪ ،‬الزبد المصفى (السمن)‪،‬‬
‫أحشاء السمك‪ ،‬جلود الثعابين المجففة‪ ،‬وغيرها من المعاجين التي ُتلف و ُتشكل حول أعواد البخور إلى ‪ 2000‬عام‬
‫على األقل‪ .‬وقد كان يوصف التبخير (‪ )dhupa‬وقرابين النار (‪ )homa‬في طب أيورفيدا ألغراض طبية وتمت‬
‫ممارسة هذه العادات لمدة ال تقل عن ‪ 3000‬سنة‪ ،‬بينما التدخين (‪( )dhumrapana‬ويعني حرفيًا "شرب‬
‫الدخان") فتمت ممارسة لمدة ال تقل عن ‪ 2000‬سنة‪ .‬فقبل العصر الحديث‪ ،‬كانت ُتستهلك هذه المواد من خالل‬
‫أنابيب‪ ،‬وقصبة مختلفة األطوال‪.‬‬

You might also like