Professional Documents
Culture Documents
منهج تحليل الخطاب
منهج تحليل الخطاب
1
منج حتليل اخلطاب
الواحدة تتغري من خطاب إىل أخر فالصحف – أحياانً – ما تستخدم بعض املفردات بدالالت حتجب
هبا املعاين احلقيقة للقضااي واألحداث ،وذلك إلجياد نوع من اإلخفاء األيديولوجي الذي يؤدي ىف النهاية
إىل التسرت على حقيقة الواقع املعاش أو هتميش القضية املطروحة ،كما تؤدي الصحافة خبطاابهتا املتعددة
دوراً ىف مسألة التطور ا لداليل الذي يرتكز على الوقوف على املفردات ،ورمبا كان أكرب تطور عرفته اللغة
العربية ىف اترخيها كان وافداً إليها عرب كتاب الصحف ،وابلتايل فإن اخلطاب اإلعالمي ال يتم إنتاجه ىف
العمل الصحفي من فراغ ،أو يعمل ىف إطار مغلق وإمنا هو خطاب مفتوح ومتسع على عدة حماور جبانب
وجود خطاابت أخرى يؤدي بعضها دوراً مهما ىف عمليات التوجيه والتأثري ىف بنية ومقوالت احلضارة
هبدف احلصول على أعلى الدرجات من املصداقية ىف تناول ومعاجلة القضااي من انحية ،والقبول من
جانب القراء من انحية أخرى ىف إطار من االنسجام مع األمناط االجتماعية واألنساق األيديولوجية
السياسية السائدة ىف اجملتمع.
يعد منهج حتليل اخلطاب من أهم املناهج اليت وجدت هلا صدى كبرياً يف الدراسات اإلعالمية ،وعلى وجه
اخلصوص يف جمال حتليل النصوص اإلعالمية ،ويستمد اخلطاب اإلعالمي أمهيته من كونه منتجاً إعالمياً أييت يف
إطار بنية اجتماعية حمددة ،وهو شكل من أشكال التواصل الفعال يف اجملتمع ،وله قدرة على التأثري يف املتلقي،
وإعادة تشكيل وعيه.
وحتليل اخلطاب يعاجل اللغة عامة و يرفض أن يكون يف اللغة نظام واحد فاخلطاابت تتعدد بتعدد موضوعاهتا,
وطريف االتصال واملعاين تتولد من تفاعل االختالف يف اجملتمع ,واخلطاابت املتعددة تصنع أنظمة متعددة ,وتنتجها
أنظمة خمتلفة.
ومن هنا فإن حتليل اخلطاب يكشف األهداف الكامنة للخطاب ,املعاين اخلفية واإلبداع من خالل حتليل
األطروحات واألساليب اليت تعرضها املؤسسات اإلعالمية املسموعة واملرئية و املكتوبة يف خطاابهتا.
وميثل حتليل اخلطاب أحد املناهج اخلاصة ابلدراسات الكيفية والتفسريية ،ويعتمد على مهارات الباحث يف البحث
واالستدالل من خالل البياانت اللغوية يف عالقتها ابلبياانت االجتماعية واملعرفية ،ويكتسب كل يوم أرضاً جديدة
رغم عدم وضوح مفهوم اخلطاب وتضارب واختالف املفاهيم واألطر النظرية اخلاصة بتحليل اخلطاب اإلعالمي،
لكنه عموماً يعتمد على علوم ومناهج اجتماعية عدة،كما أنه يدمج بني املسامهات احلديثة والنقدية يف جمال
اللغوايت واللغوايت التطبيقية والنقد األديب ،ويزاوج بني التحليل اللغوي والسيميولوجي ،ويستفيد من االجتاهات
احلديثة يف التأويل ،والتيارات النقدية يف علم االجتماع واالنثروبولوجيا والدراسات الثقافية ،وعلم النفس
االجتماعي.
لذلك فإن البعض قد يتصور االستغناء متاماً عن الرصد الكمي ،ولكن احلاجة قد تظهر إىل الرصد الكمي والعد
يف حاالت عديدة ألغراض املقارنة واالستدالل ،مثل:عدد األدلة والرباهني يف سياق معني أو األطر املرجعية ،أو
2
منج حتليل اخلطاب
التحليل الكمي خلصائص األسلوب للكاتب ،ومنتجي النصوص الصحفية أو اإلذاعية ،أو عدد الكلمات واجلمل
يف حاالت أخرى من حتليل السياق.
وميكن تصنيف اخلطاب من حيث النمط إىل:
.1اخلطاب السردي :النصوص اليت تسرد حتقيقات أو أحداث ورواايت اترخيية قصصية.
.2اخلطاب الوصفي :يغلب على النص الطابع الوصفي.
.3اخلطاب التعبريي :اخلطاب الذي يشمل جممل تعبريات شخصية كاألعمال األدبية والرسائل اخلاصة.
.4خطاب األمر :ويشمل الواثئق اإلدارية والتقارير وحماضر االجتماعات والتعليمات.
والبد من املخاطب استخدام منط خطايب مناسب ليسهل احلوار مع متلقيه ،لذا يلزمه اختيار أحد منطني ذكرمها
معظم اللغويني ومها:
• اخلطاب املباشر ويتسم حبواريته اليت متكنه من االستغناء عن الكثري من التقنيات اجملازية المتالكه إحاالت
بسيطة أىل األشياء.
• اخلطاب الضمين أو ما يعرف ابخلطاب غري املباشر،إذ يتعارض مع املباشر ابمتالكه قدرة حدسية ابملرجعية
وقدرة على توليد مستوايت التأويل إىل ماال هناية.
يعد حتليل اخلطاب منهجاً متكامالً تندرج حتته العديد من األدوات املنهجية ،ويعترب حتليل اخلطاب مدخالً منهجياً
لدراسة وحتليل الرسالة بصورها املختلفة ،مثل :النصوص املكتوبة ،واملنطوقة ،ويفرتض حتليل اخلطاب أن أي جزء
من أجزاء اخلطاب يسهم يف تقدمي جانب معني من صورة العامل أو الواقع ،ويعكس أفكاراً معينة ،أو يعرب عن
عالقة من نوع ما بني األطراف املشاركة يف اخلطاب.
يوظف الباحث األدوات البحثية اخلاصة ابلتحليل الكيفي للخطاب ،علماً أن هذا التحليل يستند إىل كون اخلطاب
اإلعالمي رسالة اقناعية تستهدف بث قناعات حمددة لدى القراء ،أو حىت تغيريها ،أو تفنيد وجهة نظر مضادة
يف جمال حوار تفاعلي تنافسي بني خطاابت تستند إىل أطر مرجعية متباينة تتنازع فيما بينها بشأن قضية جدلية
يتم التعبري عن الرأي بشأهنا يف خطاابت إعالمية تتخذ من وسائل اإلعالم السائدة أو وسائط اإلعالم اجلديد
جماالً لطرح ونقاش وجدال حول حمتواها.
ميكن للباحث أن يستعني بواحدة أو أكثر من األدوات البحثية اليت تساعد على رصد وحتليل واستكشاف الركائز
املع رفية للخطاابت اإلعالمية املختلفة سواء على مستوى خطاابت الصحف ،أو اخلطاابت اإلذاعية ،أو التلفزيونية،
أو خطاابت اإلعالم اجلديد عرب اإلنرتنت .
وتندرج حتت حتليل اخلطاب جمموعة من املداخل اليت تشكل أدوات حبثية منهجية تتيح إمكانية الوصف والتفسري
واستخالص املؤشرات والدالالت املختلفة للمادة أو الرسالة اليت يتم حتليلها حبيث ينفذ إىل عمق اخلطاب،
واإلحاطة الشاملة ابلبنية الفكرية واملوضوعات الواردة فيه ،وتساعد معرفة الباحث ألدوات حتليل اخلطاب يف
امكانية الوصف والتفسري واستخالص املؤشرات والدالالت املختلفة للرسالة أو املادة اليت يتم حتليلها ,وميكن
3
منج حتليل اخلطاب
للباحث استخدام أكثر من أداة حتليل تساعده يف الوصول اىل عمق وبنية اخلطاب الفكرية واملوضوعات الواردة
فيها ،ومن أهم أدوات حتليل اخلطاب أو أساليبه ما أييت:
أوالً :حتليل السياق.
يستخدم مصطلح السياق يف الدراسات اإلعالمية ابملعىن اجملتمعي ،فالسياق يف هذه الدراسات يعين الفرتة الزمنية
واجملال املكاين مبا فيه من ظروف جمتمعية أببعادها املختلفة مثل :الواقع االجتماعي ،والسياسي ،واالقتصادي،
والصراعات واملصاحل املختلفة ،والقوى االجتماعية ،وأفكارها ،وأهدافها ،وأدوارها ،وأدواهتا ،فهذه العوامل وغريها
اليت تشكل بيئة اخلطاب تعرف ابلسياق ،ويعرف هذا املدخل ابلتحليل الثقايف.
يركز حتليل السياق على الفهم الكامل للخطاب يف إطار الزمان واملكان الذي أنتج فيه لفهم واقع اجملتمع الذي
يقصده اخلطاب يف الفرتة الزمنية اليت عاصرها ،فإن الباحث عليه أن يستجوب اخلطاب من حيث املوضوعات
واللغة واألسلوب،وعليه أيضاً أن يستوعب األحداث والظروف اجملتمعية ذات الصلة مبوضوعات اخلطاب الديين
خالل الفرتة الزمنية اليت مت أثنائها نشر اخلطاب.
مما سبق يتضح أن فهم اخلطاب إذا كان يعين استيعاب موضوعه وأساليبه ولغته،فإن فهم الزمان واملكان يعين فهم
واقع اجملتمع الذي يقصده اخلطاب يف أثناء الفرتة الزمنية اليت عاصرها هذا الواقع.
اثنياً:حتليل األطروحات
يعتمد أي نص على جمموعة من األطروحات والرباهني اليت ترتابط وتسعى لتحقيق هدف أو أهداف معلنة أو
مضمرة،وعادة ما تدور األطروحة حول فكرة ترتبط بسياق النص وأهدافه،أي أن شرط اعتبارها أطروحة أن يكون
هلا دور يف بناء املنطق الداخلي للنص وأن تكون متنامية ابجتاه حتقيق أهدافه.
األطروحة هي فكرة أو معىن معني يريد منتج اخلطاب توصيله للمتلقي حبيث يتم فهم اخلطاب على النحو الذي
يريده منتج اخلطاب،وهي مدخل مهم لتحليل اخلطاب؛ألن األطروحة تعد بنية موحدة يقدمها منتج اخلطاب
هبدف أو أهداف معينة.
واألطروحات الفكرية تشكل البنية الكربى لنص املوضوعات اليت يتم تناوهلا وذلك على املستوى الكلي للنص أو
اخلطاب أبكمله،وتتمثل البنية الكربى يف األفكار الفرعية اليت تعرب عن عناصر أو وحدات أصغر تسمى البىن
الصغرى عنها الفقرات.
ويستخدم حتليل األطروحات يف بعض األحيان مبعىن حتليل بنية املوضوع،ويقصد هبا البنية الفكرية وليست البنية
اللغوية،على أساس أن اخلطاب حيتوي على أفكار بناء استداليل يضفي املنطقية والربهنة على مقولة أو مقوالت
أساسية يريد مصدر اخلطاب أن يقنع هبا اآلخرين،وتشمل األطروحات الفكرية البنية الكربى للنص،اليت تعرب عن
املوضوعات اليت يتم تناوهلا وذلك على املستوى الكلي للنص أو اخلطاب أبكمله،وتتكون الوحدة الكربى من
عناصر أو وحدات أصغر تتمثل يف األفكار الفرعية اليت تعرب عنها الفقرات،واليت تشكل األطروحات املتضمنة يف
4
منج حتليل اخلطاب
اخلطاب أبكمله،ويتم رصد األطروحات املتضمنة يف اخلطاب من خالل حتديد املوضوعات األساسية،مث الفقرات
مبا حتويه من عبارات ومجل ابعتبار أن الفقرات هي مقوالت تعرب عن األطروحات اليت يتضمنها اخلطاب.
وقد نلجأ أثناء حتليل األطروحة إىل تقسيم السياق الزمين املذكور يف اخلطاب إىل فرتات (سنوات أو شهور),وذلك
إن احتوى اخلطاب على تغري أو تناول أفكار أو موضوعات خالل سياق زمين حمدد،وهناك من يقتصر يف حتليل
اخلطاب على (الشرح الكيفي املتعمق) وذلك بشرح أكثر تفصيالً لكل قضية على حده,وقد يلجأ الباحثون إىل
(التوضيح الكمي املفصل) وذلك سعياً لزايدة الفهم والتوضيح للموضوعات الفرعية.
اثلثاً :حتليل مسار الربهنة
تعرف الربهنة أبهنا فعل معقد غائي تتوافق غايته مع انضمام املستمع أو القارئ إىل أطروحة يعرضها املتكلم أو
الكاتب وتكون مبنية من الرباهني املختلفة واليت تربطها اسرتاتيجية شاملة ،وعادة ما توجد الرباهني يف صورة تراتبية
أي أن برهاانً معيناً يساهم يف إرساء برهان آخر على مستوى أعلى.
يقدم مسار الربهنة يف حتليل اخلطاابت اإلعالمية دعماً وإثراءً للبحث العلمي ،ويعاجل أحد جوانب القصور اخلاصة
بتحليل املضمون يف مساحة التفرقة بني التحليل الكمي والكيفي ،حيث يقوم الباحث حبصر شامل ملختلف
األطروحات عرب طرق تقدميها املختلفة من قِبَل منتجها واملتعلقة ابملواقف والقضااي اليت يطرحها البحث داخل
حيز القضية ،ويسمح حتليل مسار الربهنة بتحليل األيديولوجية ونوع املنطق واحلجج الىت يعطيها املتكلم إلثبات
هذا العنصر
وحيصل الباحث على حصر لعدد من احلجج املرافقة لكل طرح وذلك ابلنسبة لكل خطاب إعالمي مما يوجد
جانباً كيفياً لدى الباحث يتمثل يف طبيعة هذه األطروحات ونوعية احلجج املستخدمة للتدليل عليها ،وأمساء
املعلقني من منتجي األطروحات ،ومدى انتمائهم املهين للوسيلة اإلعالمية ،وهل هم من خارج سياقها املؤسسي،
وهل هم قيادات إعالمية يف الوسيلة أم مهنيني عاملني ،وما مدى ارتباطهم بنوعية ما يقدمونه من أطروحات يف
توقيت حمدد ويف وسيلة إعالمية حمددة.
يتوفر لدى الباحث من احلجج واألطروحات ما ميكن ه من القياس املوضوعي للتباينات بني وسائل اإلعالم يف
الرتكيز على قضية ،وذلك إبحصاء عدد األطروحات املقدمة خبصوص موقف ما أو إحدى الفعاليات احملددة،
وتفسري ذلك يف ضوء أهداف البحث ،ويسهم ذلك يف التعرف على الشخصيات اإلعالمية األكثر إسهاماً ،وربط
ذلك ابنتمائهم السياسي ،وموقفهم املهين داخل حيز القيادات اإلعالمية والصحفية وداخل حيز املوقع السياسي.
ومن الطبيعي أن تكون احلجج والرباهني
.1ختتلف يف قوهتا ومنطقيتها يف االثبات والنفي ملوضوع معني.
.2معرفة مدى مالئمة احلجج والرباهني للسياق.
.3معرفة مدى صحة هذه الرباهني.
5
منج حتليل اخلطاب
جتدر اإلشارة أن هناك صعوبة وجهد كبري يستغرقه الباحث عندما يقوم بتطبيق أداة حتليل مسار الربهنة يف
الدراسات اإلعالمية وذلك ألهنا تتطلب جهداً ضخماً يف الرصد والتحليل ،وذلك الرتباطه بكثافة املضمون
االعالمي الذي يكون متعدد ومتشعب األحداث واملواقف اجلارية.
يستدل مما سبق أن توظيف أداة مسار الربهنة تتيح إمكانية اجلمع بني التحليلني الكيفي والكمي،حيث يكون
احلصر شامالً وابلذات منط التقدمي اإلعالمي والصياغات اليت يقدمها منتجو اخلطاب ،مما يتيح االستفادة من
اإلمكانيات اخلاصة للحكم يف حيز املقارنة وإثبات مسات وأجندة املواقف النسبية لكل وسيلة داخل الوسيلة ذاهتا
عرب املقارنة خالل فرتات زمنية اختلفت يف طريقة تناول األحداث ،مما ميمَكن الباحث من القراءة املوضوعية للمواقف
واملعاجلات اليت تقوم على أساس موضوعي يف جمال املقارنة بني خمتلف خطاابت وسائل اإلعالم اخلاضعة للدراسة.
رابعاً :حتليل القوى الفاعلة
يقصد ابلقوى الفاعلة األشخاص واملؤسسات واحلكومات والدول واملنظمات اليت تقوم أبعمال أو تتبىن سياسات
وتوجهات معينة ،ويتم حتليل القوى الفاعلة من خالل رصد القوى الواردة يف اخلطاب ،وتصنيفها إىل جمموعات
معينة حسب املعايري املناسبة للدراسة ،وقد يكون التصنيف إىل قوى مؤيدة وقوى معارضة ،أو إىل قوى رمسية وقوى
شعبية ،مع إمكانية إحداث تصنيفات فرعية للقوى الفاعلة داخل كل تقسيم أساسي ،مث يتم رصد موقف كل قوة،
وأساليبها ،وأدواهتا ،وردود أفعاهلا ،واألدوار اليت تقوم هبا ،وغري ذلك من اجلوانب املستهدف دراستها يف البحث،
وتصنيفها إىل أدوار إجيابية وسلبية (مساعدة وأخرى معاكسة) مبا يساعد ىف حتديد تصور اخلطاب للقوى املساعدة
واملناهضة والتعرف على مالمح األيديولوجية السياسية للخطاب.
يستخدم حتليل القوى الفاعلة يف حتليل اخلطاب ضمن البحوث اليت استهدفت تفسري التحوالت السياسية يف
اجملتمعات املختلفة بفعل قوى معينة ،مبا يف ذلك شرح وتفسري ممارسات الصراع بني القوى املختلفة وذلك من
خالل منوذج يتضمن حمورين:
• احملور األول :يتمثل يف موقع اجلماعة من السلطة فاجلماعة ضمن جناح اليمني تكون يف موقع السلطة،
وتعمل على احلفاظ عليها ،أما اجلماعة يف موقع اليسار فتسعى إىل أن تكون يف موقع السلطة ،بينما تكون
مجاعة الوسط متتلك بعض مواقع السلطة وتسعى إىل املزيد.
• احملور الثاين :يتمثل يف أدوار اجلماعات موضع الدراسة،أي:ما يف هذه األدوار ابلتحديد ،وطبيعة الدور من
منظور معني ،وذلك بناءً على معيار واضح (خصومي ،معادي ،سليب ،إجيايب ،موايل ،مصادق).
تتميز أداة القوى الفاعلة أهنا حتتوي على اجلانبني الكمي والكيفي الكيفي :يتعلق بطبيعة هذه األدوار والصفات
اليت تقدمها اخلطاابت املدروسة عن ابقي القوى الفاعلة األخرى ،فيقوم الباحث برصد األدوار والصفات لتتبع
تقييم هذا الفاعل ،مث تتبع مدى التطور يف تقييم ابقي الفاعلني يف سياق اخلطاب ومع تصاعد األحداث ،وربطها
مجيعاً مبوقف احلدث أو القضية املدروسة.
6
منج حتليل اخلطاب
الكمي:يدخل فيها نطاق اإلحصاء من خالل عدد األدوار والصفات املقدمة يف اخلطاابت املدروسة عن الفاعل
الواحد ،ومقارنتها إذا تباينت األدوار والصفات داخل كل خطاب اعالمي تزامنياً أو تعاقبياً ،وكذلك املقارنة
اإلمجالية بني التصور اخلاص بكل فاعل داخل كل خطاب اعالمي يعرب عن وسيلة اعالمية حمددة.
خامساً:حتليل حقول الداللة (املفاهيم)
يعد حتليل ح قول الداللة أحد أهم أدوات التحليل املتكامل للمفاهيم والتصورات ،ويقوم حتليل حقول الداللة على
قاعدة بديهية هي :أن املفهوم يكتسب معناه من خالل عالقاته ابملفردات أو الكلمات احمليطة به ،وعليه فإن
دراسة مفاهيم معينة وردت يف خطاب تتمثل يف حصر املفاهيم املطلوب دراستها ،مث استخراج شبكة عالقة كل
مفهوم ،وترتيبها وتصنيفها حسب فئات داللية حمددة ،وتتمثل هذه الشبكة يف األبعاد التالية:
▪ شبكة املشاركات :يقصد هبا املفردات اليت تتجاوز املفهوم املدروس حبيث ترتبط املفردات ابملفهوم عالقة
إجيابية ،أو على األقل ال تتناقض معه من انحية املعىن ،ويدخل يف ذلك عدد الكلمات املعطوفة على املفهوم
املدروس ،والكلمات اليت جتاوره مباشرة يف النص ،بغض النظر عما إذا كانت هلا عالقة حنوية ظاهرة وملموسة
ابملفهوم املدروس.
▪ شبكة املناقضات:يقصد هبا املفردات اليت جتاور املفهوم املدروس حبيث تكون تلك املفردات ترتبط ابملفهوم
بعالقة سلبية ،أو تتناقض معه من حيث املعىن مهما كان موقعها من اجلملة أو املقطع.
▪ شبكة املواصفات :يقصد هبا كل ما يصف املدروس،سواء كان الوصف يف صورة كلمات أو مجل ،مبا يف
ذلك:احلال ،واجلمل املوصولة ،واملضاف ،واخلرب وغريها من الوظائف النحوية اليت تصف املفهوم املدروس بصفات
معينة.
▪ شبكة األفعال:تشمل األفعال اليت يقوم هبا املفهوم املدروس كما تشمل األفعال اليت متارس على هذا املفهوم
عندما يكون يف موقع املفعول به.
▪ شبكة املعادالت(بكسر الدال):هي املفردات اليت هلا نفس عالقات املفهوم املدروس،مبعىن :أن هلا نفس
املفردات املشاركة ونفس املفردات املناقضة.
يستلزم حتليل حقول الداللة حتليل العالقات الداخلية ،وما تتطلبه من جهد ذهين يبذل يف كل نص ،وهذا التحليل
يقود إىل نتائج تتصف بدرجة عالية من الدقة إذا مت تطبيقه بطريقة صحيحة،كما يتيح إمكانية املقارنة بني املفاهيم
يف سياقات زمنية ومكانية وموضوعية ،وابلتايل رصد أوجه التشابه واالختالف ومظاهر التغري والثبات يف املفاهيم
املدروسة ،األمر الذي حيقق فهماً أفضل هلذه املفاهيم.
يعمد السياسيون إىل شحن ألفاظهم السياسية بقدر كبري من الدالالت ،فيفرضوهنا على مجاهريهم وحيملوهنا
دالالت مواربة يف أغلب األحيان من خالل الصاقها بظالل املعاين ،فتؤدي إىل تفريق وجهات النظر بني اجلماهري
نفسها.
7
منج حتليل اخلطاب
سابعاً:حتليل الصورة:
8
منج حتليل اخلطاب
يقصد بتحليل الصورة الوصف الدقيق الشامل للمادة املرئية املتضمنة يف اخلطاب املراد حتليله ،وما تعرب عنه من
معان صرحية ودالالت كامنة ميكن االستدالل عليها.وإذا كانت الصورة بذاهتا تشكل أحد العوامل ضمن اخلطاب،
فإن هناك عناصر مرتبطة هبا ،مثل :اللون ،والضوء ،واحلركة ،وأسلوب توظيف الصورة يف اخلطاب ،ودالالت
توظيفها ،ودورها احملتمل يف التأثري على املتلقي.
للصورة أبعادها يف العمق والتفاعل بني مكوانهتا املختلفة ،وكذلك التفاعل بني مكوانهتا املختلفة ومكوانت
املوضوع ،ويف اجملال الصحفي ميتد نطاق حتليل الصورة ليشمل حتليل الرسومات التوضيحية ،والكاريكاتري ،والصور
الشخصية.
وعند حتليل املادة املرئية فإن ذلك يعين وصف املادة من حيث احملتوى ،وعالقتها ابملكوانت األخرى يف اخلطاب،
وداللتها للفكرة ،مبعىن ماذا تضيف؟ وماذا تعين؟ وملاذا جاءت على هذا النحو؟ لقد مكن التطور التكنولوجي من
إنتاج الصورة وأساليب توظيفها خلدمة أهداف معينة ،ومبوجب ذلك أصبح من السهل إنتاج الصورة مبواصفات
فائقة اجلودة وتطويعها لتعرب عن معاين معينة ،بل إن هناك بعض الصور اليت أاثرت ضجة إعالمية كبريه على
املستوى العاملي مث تبني أن األمر هو جمرد (تالعب) قامت به بعض وسائل االعالم ..واألمثلة كثرية يف تالعب
الصور خاصة للشخصيات املشهورة واملرموقة.
اثمناً:حتليل املعىن الكامن.
خيتلف حتليل اخلطاب عن حتليل املضمون يف أن حتليل اخلطاب يعطي أمهية كبرية للمعاين الضمنية يف اخلطاابت،
إن اهتمام الباحث ابملعىن الكامن ضمن حتليل اخلطاب يقوم على فرضية خالصتها أن تشكيل مدركات اجلمهور
املستهدف ال يتم فقط من خالل املعلومات الظاهرة يف اخلطاب،وإمنا من خالل األفكار الكامنة واملعلومات
والعالقات الضمنية اليت يعكسها اخلطاب ،ويف هذه احلالة فإنه يتم توجيه فهم املتلقي الوجهة اليت يريدها منتجو
اخلطاب ،وهذا ما يعين أن املتلقي يضع هذه املعاين الضمنية نصب عينيه ملعرفة األجندة احلقيقية ملنتجي اخلطاب.
إن رصد املعىن الكامن وحتليله يكون من خالل طرح أسئلة تتطلب اإلجابة عليها أن يتضمن الباحث ثقافة واسعة
عن ظروف اخلطاب ،مثلما ميلك معرفة عميقة ومنهجية عن موضوع اخلطاب.
فالباحث الذي ميتلك هذه املقومات يسهل عليه حتليل املعىن الكامن من خالل طرح تساؤالت من قبيل:
-ما يعين أن هذا الكالم قد جاء على لسان هذا الشخص ابلذات؟أمل يكن من املتوقع أو من املفرتض أن
يقول به شخص آخر.
-ملاذا جاء اخلطاب يف هذا التوقيت؟
-هل هناك عالقة بني فكرة معينة يف اخلطاب وعوامل أو ظروف خارجية؟ما هي هذه العوامل؟وما هي
هذه العالقة ابلضبط؟
-ملاذا استخدم اخلطاب مصطلحات معينة،أو مسميات معينة ومل يستخدم أخرى؟
اتسعاً:حتليل الناقص غري املتضمن
9
منج حتليل اخلطاب
يقصد به تفسري املوضوعات اليت مل يتضمنها اخلطاب وكان جيب أن يتضمنها ،فمن األمهية مبكان الوقوف عند
ذلك؛ألن املوضوعات اليت مل ترد يف اخلطاب ميكن أن تغري معناه متاماً ،وجيب االنتباه إىل أنه من األساليب
الدعائية املعروفة أسلوب التجاهل املتعمد ،ومن خالل حتليل الناقص أو غري املتضمن ميكن تكوين رؤية نقدية
سليمة للخطاب،ومن مثَ اإلجابة على تساؤالت أساسية ،حيث إن هناك ثالث مستوايت من املوضوعات يتم
الوقوف عليها عند حتليل اخلطاب:
▪ املستوى األول :هو املوضوعات اليت وردت صراحة يف النص.
▪ املستوى الثاين :هو املوضوعات اليت وردت يف اخلطاب بصورة ضمنية.
▪ املستوى الثالث :يتعلق ابملوضوعات اليت مل ترد يف النص وكان يفرتض أن تكون موجودة.
يساعد هذا التحليل على فهم حقيقة الواقع االجتماعي ابعتبار هذا الواقع تشكله قوى متفاعلة ومتصارعة ،ويف
سياق هذا الصراع فإن القوى املتصارعة تنتج اخلطاب الذي يتفق مع مصاحلها ،وقد يكون اخلطاب يف صورة
مقاالت صحفية ،أو تعليقات ،أو حتليالت ،أو خطب سياسية ،أو أخبار.
10