Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 10

‫منج حتليل اخلطاب‬

‫مناهج حتليل اخلطاب‪:‬‬


‫يهدف حتليل اخلطاب إىل حتديد وجهة نظر اخلطاب‪ ،‬وتناقضاته وإبراز ما أمهله أو سكت عنه أو تسرت عليه‪،‬‬
‫واكتشاف الكالم من وراء الصمت‪ ،‬وإدراك املعىن من خالل السياق‪ ،‬ومتييز العناصر ابلرجوع إىل صميم البنية‬
‫نفسها‪ ،‬مبا ميكن من إدراك مكوانت اخلطاب وحتوالته والشروط االجتماعية والتارخيية الىت أثرت ىف إنتاجه أو‬
‫قراءته‪ ،‬عالوة على املعلن واملضمر ىف ثنااي اخلطاب وعالقته ابخلطاابت األخرى‪.‬‬
‫• اهتم عدد كبري من الباحثني بتحليل اخلطاب‪ ،‬وقد طبق فان ديك )‪ (Van Dijke‬منوذجه لتحليل اخلطاب‬
‫ىف جمال ا ألخبار والتقارير اإلخبارية بتقسيم النموذج إىل عدة أبعاد نصية وسياقية‪ ،‬عاملية وحملية ومفاهيم‬
‫ضيقة وواسعة وأخرى أكثر اتساعاً واهتم بتحليل املوضوعات والعناوين‪ ،‬والفاعليني األساسيني‬
‫واملوضوعات األصلية والفرعية للتغطية اإلخبارية حول املوضوعات املدروسة‪ ،‬أما فلور )‪ (Fowler‬فقد‬
‫اهتم بدور اللغة ىف خدمة األيديولوجية وإضفاء الشرعية على مؤسسات القوة ىف اجملتمع‪ ،‬وركز هودج‬
‫وكريس )‪ (Hodge & Kress‬على خدمة قواعد اللغة لأليديولوجيا بوصفها عمليات اختيارية ال تتسم‬
‫ابحلياد والبساطة‪.‬‬
‫• يتيح استخدام حتليل اخلطاب ىف جمال دراسة الوسائل اإلخبارية والنصوص اإلخبارية إمكانيات هائلة‬
‫لدراسة القصة اإلخبارية وعمليات إنتاج ومعاجلة اللغة والنص هبدف التأثري على الثقافة واألفكار‪ ،‬كما‬
‫اقرتح ‪ Bell‬أن حتليل اخلطاب لديه الكثري ليقدمه لدراسة اللغة اإلخبارية بتحليل البناء اإلخباري على‬
‫مستوايت واسعة ‪ Macro‬وضيقة ‪ Micro‬وعدم االقتصار على التساؤل مباذا وإمنا إضافة التساؤل‬
‫بكيف وربطهما ابإلطارات االجتماعية والثقافية هبدف دراسة الرسائل اإلخبارية ومعانيها الظاهرة‬
‫والكامنة‪.‬‬
‫• يركز حتليل اخلطاب الضوء على إدارة الصراع حيث تبىن دراسات الصراع على وصف األدوار االجتماعية‬
‫املشاركة ىف اخلطاب ورسم املشاركني وتصارع األدوار واأليديولوجيات خالل حديث الصراع سواء من‬
‫خالل املعاين اللفظية وغري اللفظية‪ ,‬وميكن إدراك النظام اإليديولوجي من خالل حتليل جمال اخلطاب‬
‫حيث تتخلل األيديولوجية اللغة ويتم نقشها خالهلا هبدف تشكيل اإلدراك واملعرفة حول قبول شخصيات‬
‫معينة وأدوارها ىف النظام القائم وتقوم الوسيلة بنقل األفكار األيديولوجية املسيطرة وترتيب وتصنيف‬
‫األخبار وإضفاء الشرعية داخل قواعد األيديولوجية والقوة املسيطرة‪.‬‬
‫• من الضروري حمللل اخلطاب اإلعالمي أن يضع ىف اعتباره معرفة السياق الذي ورد فيه النص؛ حيث قد‬
‫يلزم معرفة املتكلم‪ ،‬الذي يعين (منتج اخلطاب) وكذلك اجلمهور املتلقي للخطاب ذاته‪ ،‬جبانب الوقوف‬
‫على اإلطار الزمين واملكاين للقضية املطروحة عرب اخلطاب‪ ،‬ومن هنا فإن اخلطاب اإلعالمي أو اخلطاب‬
‫الصحفي ليس من أمناط اخلطاابت الىت أتخذ شكالً واحداً أو مستوى واحد عند إنتاجها‪ ،‬بل هو من‬
‫منط اخلطاابت الىت أتخذ أشكاالً ومستوايت عدة‪ ،‬كما أن الكلمات ومعاينها ودالالهتا داخل اللغة‬

‫‪1‬‬
‫منج حتليل اخلطاب‬

‫الواحدة تتغري من خطاب إىل أخر فالصحف – أحياانً – ما تستخدم بعض املفردات بدالالت حتجب‬
‫هبا املعاين احلقيقة للقضااي واألحداث‪ ،‬وذلك إلجياد نوع من اإلخفاء األيديولوجي الذي يؤدي ىف النهاية‬
‫إىل التسرت على حقيقة الواقع املعاش أو هتميش القضية املطروحة‪ ،‬كما تؤدي الصحافة خبطاابهتا املتعددة‬
‫دوراً ىف مسألة التطور ا لداليل الذي يرتكز على الوقوف على املفردات‪ ،‬ورمبا كان أكرب تطور عرفته اللغة‬
‫العربية ىف اترخيها كان وافداً إليها عرب كتاب الصحف‪ ،‬وابلتايل فإن اخلطاب اإلعالمي ال يتم إنتاجه ىف‬
‫العمل الصحفي من فراغ‪ ،‬أو يعمل ىف إطار مغلق وإمنا هو خطاب مفتوح ومتسع على عدة حماور جبانب‬
‫وجود خطاابت أخرى يؤدي بعضها دوراً مهما ىف عمليات التوجيه والتأثري ىف بنية ومقوالت احلضارة‬
‫هبدف احلصول على أعلى الدرجات من املصداقية ىف تناول ومعاجلة القضااي من انحية‪ ،‬والقبول من‬
‫جانب القراء من انحية أخرى ىف إطار من االنسجام مع األمناط االجتماعية واألنساق األيديولوجية‬
‫السياسية السائدة ىف اجملتمع‪.‬‬
‫يعد منهج حتليل اخلطاب من أهم املناهج اليت وجدت هلا صدى كبرياً يف الدراسات اإلعالمية‪ ،‬وعلى وجه‬
‫اخلصوص يف جمال حتليل النصوص اإلعالمية‪ ،‬ويستمد اخلطاب اإلعالمي أمهيته من كونه منتجاً إعالمياً أييت يف‬
‫إطار بنية اجتماعية حمددة‪ ،‬وهو شكل من أشكال التواصل الفعال يف اجملتمع‪ ،‬وله قدرة على التأثري يف املتلقي‪،‬‬
‫وإعادة تشكيل وعيه‪.‬‬
‫وحتليل اخلطاب يعاجل اللغة عامة و يرفض أن يكون يف اللغة نظام واحد فاخلطاابت تتعدد بتعدد موضوعاهتا‪,‬‬
‫وطريف االتصال واملعاين تتولد من تفاعل االختالف يف اجملتمع‪ ,‬واخلطاابت املتعددة تصنع أنظمة متعددة‪ ,‬وتنتجها‬
‫أنظمة خمتلفة‪.‬‬
‫ومن هنا فإن حتليل اخلطاب يكشف األهداف الكامنة للخطاب‪ ,‬املعاين اخلفية واإلبداع من خالل حتليل‬
‫األطروحات واألساليب اليت تعرضها املؤسسات اإلعالمية املسموعة واملرئية و املكتوبة يف خطاابهتا‪.‬‬
‫وميثل حتليل اخلطاب أحد املناهج اخلاصة ابلدراسات الكيفية والتفسريية‪ ،‬ويعتمد على مهارات الباحث يف البحث‬
‫واالستدالل من خالل البياانت اللغوية يف عالقتها ابلبياانت االجتماعية واملعرفية‪ ،‬ويكتسب كل يوم أرضاً جديدة‬
‫رغم عدم وضوح مفهوم اخلطاب وتضارب واختالف املفاهيم واألطر النظرية اخلاصة بتحليل اخلطاب اإلعالمي‪،‬‬
‫لكنه عموماً يعتمد على علوم ومناهج اجتماعية عدة‪،‬كما أنه يدمج بني املسامهات احلديثة والنقدية يف جمال‬
‫اللغوايت واللغوايت التطبيقية والنقد األديب‪ ،‬ويزاوج بني التحليل اللغوي والسيميولوجي‪ ،‬ويستفيد من االجتاهات‬
‫احلديثة يف التأويل‪ ،‬والتيارات النقدية يف علم االجتماع واالنثروبولوجيا والدراسات الثقافية‪ ،‬وعلم النفس‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫لذلك فإن البعض قد يتصور االستغناء متاماً عن الرصد الكمي‪ ،‬ولكن احلاجة قد تظهر إىل الرصد الكمي والعد‬
‫يف حاالت عديدة ألغراض املقارنة واالستدالل‪ ،‬مثل‪:‬عدد األدلة والرباهني يف سياق معني أو األطر املرجعية‪ ،‬أو‬

‫‪2‬‬
‫منج حتليل اخلطاب‬

‫التحليل الكمي خلصائص األسلوب للكاتب‪ ،‬ومنتجي النصوص الصحفية أو اإلذاعية‪ ،‬أو عدد الكلمات واجلمل‬
‫يف حاالت أخرى من حتليل السياق‪.‬‬
‫وميكن تصنيف اخلطاب من حيث النمط إىل‪:‬‬
‫‪ .1‬اخلطاب السردي‪ :‬النصوص اليت تسرد حتقيقات أو أحداث ورواايت اترخيية قصصية‪.‬‬
‫‪ .2‬اخلطاب الوصفي‪ :‬يغلب على النص الطابع الوصفي‪.‬‬
‫‪ .3‬اخلطاب التعبريي‪ :‬اخلطاب الذي يشمل جممل تعبريات شخصية كاألعمال األدبية والرسائل اخلاصة‪.‬‬
‫‪ .4‬خطاب األمر‪ :‬ويشمل الواثئق اإلدارية والتقارير وحماضر االجتماعات والتعليمات‪.‬‬
‫والبد من املخاطب استخدام منط خطايب مناسب ليسهل احلوار مع متلقيه‪ ،‬لذا يلزمه اختيار أحد منطني ذكرمها‬
‫معظم اللغويني ومها‪:‬‬
‫• اخلطاب املباشر ويتسم حبواريته اليت متكنه من االستغناء عن الكثري من التقنيات اجملازية المتالكه إحاالت‬
‫بسيطة أىل األشياء‪.‬‬
‫• اخلطاب الضمين أو ما يعرف ابخلطاب غري املباشر‪،‬إذ يتعارض مع املباشر ابمتالكه قدرة حدسية ابملرجعية‬
‫وقدرة على توليد مستوايت التأويل إىل ماال هناية‪.‬‬
‫يعد حتليل اخلطاب منهجاً متكامالً تندرج حتته العديد من األدوات املنهجية‪ ،‬ويعترب حتليل اخلطاب مدخالً منهجياً‬
‫لدراسة وحتليل الرسالة بصورها املختلفة‪ ،‬مثل ‪:‬النصوص املكتوبة‪ ،‬واملنطوقة‪ ،‬ويفرتض حتليل اخلطاب أن أي جزء‬
‫من أجزاء اخلطاب يسهم يف تقدمي جانب معني من صورة العامل أو الواقع‪ ،‬ويعكس أفكاراً معينة‪ ،‬أو يعرب عن‬
‫عالقة من نوع ما بني األطراف املشاركة يف اخلطاب‪.‬‬
‫يوظف الباحث األدوات البحثية اخلاصة ابلتحليل الكيفي للخطاب‪ ،‬علماً أن هذا التحليل يستند إىل كون اخلطاب‬
‫اإلعالمي رسالة اقناعية تستهدف بث قناعات حمددة لدى القراء‪ ،‬أو حىت تغيريها‪ ،‬أو تفنيد وجهة نظر مضادة‬
‫يف جمال حوار تفاعلي تنافسي بني خطاابت تستند إىل أطر مرجعية متباينة تتنازع فيما بينها بشأن قضية جدلية‬
‫يتم التعبري عن الرأي بشأهنا يف خطاابت إعالمية تتخذ من وسائل اإلعالم السائدة أو وسائط اإلعالم اجلديد‬
‫جماالً لطرح ونقاش وجدال حول حمتواها‪.‬‬
‫ميكن للباحث أن يستعني بواحدة أو أكثر من األدوات البحثية اليت تساعد على رصد وحتليل واستكشاف الركائز‬
‫املع رفية للخطاابت اإلعالمية املختلفة سواء على مستوى خطاابت الصحف‪ ،‬أو اخلطاابت اإلذاعية‪ ،‬أو التلفزيونية‪،‬‬
‫أو خطاابت اإلعالم اجلديد عرب اإلنرتنت ‪.‬‬
‫وتندرج حتت حتليل اخلطاب جمموعة من املداخل اليت تشكل أدوات حبثية منهجية تتيح إمكانية الوصف والتفسري‬
‫واستخالص املؤشرات والدالالت املختلفة للمادة أو الرسالة اليت يتم حتليلها حبيث ينفذ إىل عمق اخلطاب‪،‬‬
‫واإلحاطة الشاملة ابلبنية الفكرية واملوضوعات الواردة فيه‪ ،‬وتساعد معرفة الباحث ألدوات حتليل اخلطاب يف‬
‫امكانية الوصف والتفسري واستخالص املؤشرات والدالالت املختلفة للرسالة أو املادة اليت يتم حتليلها‪ ,‬وميكن‬

‫‪3‬‬
‫منج حتليل اخلطاب‬

‫للباحث استخدام أكثر من أداة حتليل تساعده يف الوصول اىل عمق وبنية اخلطاب الفكرية واملوضوعات الواردة‬
‫فيها‪ ،‬ومن أهم أدوات حتليل اخلطاب أو أساليبه ما أييت‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬حتليل السياق‪.‬‬
‫يستخدم مصطلح السياق يف الدراسات اإلعالمية ابملعىن اجملتمعي‪ ،‬فالسياق يف هذه الدراسات يعين الفرتة الزمنية‬
‫واجملال املكاين مبا فيه من ظروف جمتمعية أببعادها املختلفة مثل‪ :‬الواقع االجتماعي‪ ،‬والسياسي‪ ،‬واالقتصادي‪،‬‬
‫والصراعات واملصاحل املختلفة‪ ،‬والقوى االجتماعية‪ ،‬وأفكارها‪ ،‬وأهدافها‪ ،‬وأدوارها‪ ،‬وأدواهتا‪ ،‬فهذه العوامل وغريها‬
‫اليت تشكل بيئة اخلطاب تعرف ابلسياق‪ ،‬ويعرف هذا املدخل ابلتحليل الثقايف‪.‬‬
‫يركز حتليل السياق على الفهم الكامل للخطاب يف إطار الزمان واملكان الذي أنتج فيه لفهم واقع اجملتمع الذي‬
‫يقصده اخلطاب يف الفرتة الزمنية اليت عاصرها‪ ،‬فإن الباحث عليه أن يستجوب اخلطاب من حيث املوضوعات‬
‫واللغة واألسلوب‪،‬وعليه أيضاً أن يستوعب األحداث والظروف اجملتمعية ذات الصلة مبوضوعات اخلطاب الديين‬
‫خالل الفرتة الزمنية اليت مت أثنائها نشر اخلطاب‪.‬‬
‫مما سبق يتضح أن فهم اخلطاب إذا كان يعين استيعاب موضوعه وأساليبه ولغته‪،‬فإن فهم الزمان واملكان يعين فهم‬
‫واقع اجملتمع الذي يقصده اخلطاب يف أثناء الفرتة الزمنية اليت عاصرها هذا الواقع‪.‬‬
‫اثنياً‪:‬حتليل األطروحات‬
‫يعتمد أي نص على جمموعة من األطروحات والرباهني اليت ترتابط وتسعى لتحقيق هدف أو أهداف معلنة أو‬
‫مضمرة‪،‬وعادة ما تدور األطروحة حول فكرة ترتبط بسياق النص وأهدافه‪،‬أي أن شرط اعتبارها أطروحة أن يكون‬
‫هلا دور يف بناء املنطق الداخلي للنص وأن تكون متنامية ابجتاه حتقيق أهدافه‪.‬‬
‫األطروحة هي فكرة أو معىن معني يريد منتج اخلطاب توصيله للمتلقي حبيث يتم فهم اخلطاب على النحو الذي‬
‫يريده منتج اخلطاب‪،‬وهي مدخل مهم لتحليل اخلطاب؛ألن األطروحة تعد بنية موحدة يقدمها منتج اخلطاب‬
‫هبدف أو أهداف معينة‪.‬‬
‫واألطروحات الفكرية تشكل البنية الكربى لنص املوضوعات اليت يتم تناوهلا وذلك على املستوى الكلي للنص أو‬
‫اخلطاب أبكمله‪،‬وتتمثل البنية الكربى يف األفكار الفرعية اليت تعرب عن عناصر أو وحدات أصغر تسمى البىن‬
‫الصغرى عنها الفقرات‪.‬‬
‫ويستخدم حتليل األطروحات يف بعض األحيان مبعىن حتليل بنية املوضوع‪،‬ويقصد هبا البنية الفكرية وليست البنية‬
‫اللغوية‪،‬على أساس أن اخلطاب حيتوي على أفكار بناء استداليل يضفي املنطقية والربهنة على مقولة أو مقوالت‬
‫أساسية يريد مصدر اخلطاب أن يقنع هبا اآلخرين‪،‬وتشمل األطروحات الفكرية البنية الكربى للنص‪،‬اليت تعرب عن‬
‫املوضوعات اليت يتم تناوهلا وذلك على املستوى الكلي للنص أو اخلطاب أبكمله‪،‬وتتكون الوحدة الكربى من‬
‫عناصر أو وحدات أصغر تتمثل يف األفكار الفرعية اليت تعرب عنها الفقرات‪،‬واليت تشكل األطروحات املتضمنة يف‬

‫‪4‬‬
‫منج حتليل اخلطاب‬

‫اخلطاب أبكمله‪،‬ويتم رصد األطروحات املتضمنة يف اخلطاب من خالل حتديد املوضوعات األساسية‪،‬مث الفقرات‬
‫مبا حتويه من عبارات ومجل ابعتبار أن الفقرات هي مقوالت تعرب عن األطروحات اليت يتضمنها اخلطاب‪.‬‬
‫وقد نلجأ أثناء حتليل األطروحة إىل تقسيم السياق الزمين املذكور يف اخلطاب إىل فرتات (سنوات أو شهور)‪,‬وذلك‬
‫إن احتوى اخلطاب على تغري أو تناول أفكار أو موضوعات خالل سياق زمين حمدد‪،‬وهناك من يقتصر يف حتليل‬
‫اخلطاب على (الشرح الكيفي املتعمق) وذلك بشرح أكثر تفصيالً لكل قضية على حده‪,‬وقد يلجأ الباحثون إىل‬
‫(التوضيح الكمي املفصل) وذلك سعياً لزايدة الفهم والتوضيح للموضوعات الفرعية‪.‬‬
‫اثلثاً‪ :‬حتليل مسار الربهنة‬
‫تعرف الربهنة أبهنا فعل معقد غائي تتوافق غايته مع انضمام املستمع أو القارئ إىل أطروحة يعرضها املتكلم أو‬
‫الكاتب وتكون مبنية من الرباهني املختلفة واليت تربطها اسرتاتيجية شاملة‪ ،‬وعادة ما توجد الرباهني يف صورة تراتبية‬
‫أي أن برهاانً معيناً يساهم يف إرساء برهان آخر على مستوى أعلى‪.‬‬
‫يقدم مسار الربهنة يف حتليل اخلطاابت اإلعالمية دعماً وإثراءً للبحث العلمي‪ ،‬ويعاجل أحد جوانب القصور اخلاصة‬
‫بتحليل املضمون يف مساحة التفرقة بني التحليل الكمي والكيفي‪ ،‬حيث يقوم الباحث حبصر شامل ملختلف‬
‫األطروحات عرب طرق تقدميها املختلفة من قِبَل منتجها واملتعلقة ابملواقف والقضااي اليت يطرحها البحث داخل‬
‫حيز القضية ‪ ،‬ويسمح حتليل مسار الربهنة بتحليل األيديولوجية ونوع املنطق واحلجج الىت يعطيها املتكلم إلثبات‬
‫هذا العنصر‬
‫وحيصل الباحث على حصر لعدد من احلجج املرافقة لكل طرح وذلك ابلنسبة لكل خطاب إعالمي مما يوجد‬
‫جانباً كيفياً لدى الباحث يتمثل يف طبيعة هذه األطروحات ونوعية احلجج املستخدمة للتدليل عليها‪ ،‬وأمساء‬
‫املعلقني من منتجي األطروحات‪ ،‬ومدى انتمائهم املهين للوسيلة اإلعالمية‪ ،‬وهل هم من خارج سياقها املؤسسي‪،‬‬
‫وهل هم قيادات إعالمية يف الوسيلة أم مهنيني عاملني‪ ،‬وما مدى ارتباطهم بنوعية ما يقدمونه من أطروحات يف‬
‫توقيت حمدد ويف وسيلة إعالمية حمددة‪.‬‬
‫يتوفر لدى الباحث من احلجج واألطروحات ما ميكن ه من القياس املوضوعي للتباينات بني وسائل اإلعالم يف‬
‫الرتكيز على قضية‪ ،‬وذلك إبحصاء عدد األطروحات املقدمة خبصوص موقف ما أو إحدى الفعاليات احملددة‪،‬‬
‫وتفسري ذلك يف ضوء أهداف البحث‪ ،‬ويسهم ذلك يف التعرف على الشخصيات اإلعالمية األكثر إسهاماً‪ ،‬وربط‬
‫ذلك ابنتمائهم السياسي‪ ،‬وموقفهم املهين داخل حيز القيادات اإلعالمية والصحفية وداخل حيز املوقع السياسي‪.‬‬
‫ومن الطبيعي أن تكون احلجج والرباهني‬
‫‪ .1‬ختتلف يف قوهتا ومنطقيتها يف االثبات والنفي ملوضوع معني‪.‬‬
‫‪ .2‬معرفة مدى مالئمة احلجج والرباهني للسياق‪.‬‬
‫‪ .3‬معرفة مدى صحة هذه الرباهني‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫منج حتليل اخلطاب‬

‫جتدر اإلشارة أن هناك صعوبة وجهد كبري يستغرقه الباحث عندما يقوم بتطبيق أداة حتليل مسار الربهنة يف‬
‫الدراسات اإلعالمية وذلك ألهنا تتطلب جهداً ضخماً يف الرصد والتحليل‪ ،‬وذلك الرتباطه بكثافة املضمون‬
‫االعالمي الذي يكون متعدد ومتشعب األحداث واملواقف اجلارية‪.‬‬
‫يستدل مما سبق أن توظيف أداة مسار الربهنة تتيح إمكانية اجلمع بني التحليلني الكيفي والكمي‪،‬حيث يكون‬
‫احلصر شامالً وابلذات منط التقدمي اإلعالمي والصياغات اليت يقدمها منتجو اخلطاب‪ ،‬مما يتيح االستفادة من‬
‫اإلمكانيات اخلاصة للحكم يف حيز املقارنة وإثبات مسات وأجندة املواقف النسبية لكل وسيلة داخل الوسيلة ذاهتا‬
‫عرب املقارنة خالل فرتات زمنية اختلفت يف طريقة تناول األحداث‪ ،‬مما ميمَكن الباحث من القراءة املوضوعية للمواقف‬
‫واملعاجلات اليت تقوم على أساس موضوعي يف جمال املقارنة بني خمتلف خطاابت وسائل اإلعالم اخلاضعة للدراسة‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬حتليل القوى الفاعلة‬
‫يقصد ابلقوى الفاعلة األشخاص واملؤسسات واحلكومات والدول واملنظمات اليت تقوم أبعمال أو تتبىن سياسات‬
‫وتوجهات معينة‪ ،‬ويتم حتليل القوى الفاعلة من خالل رصد القوى الواردة يف اخلطاب‪ ،‬وتصنيفها إىل جمموعات‬
‫معينة حسب املعايري املناسبة للدراسة‪ ،‬وقد يكون التصنيف إىل قوى مؤيدة وقوى معارضة‪ ،‬أو إىل قوى رمسية وقوى‬
‫شعبية‪ ،‬مع إمكانية إحداث تصنيفات فرعية للقوى الفاعلة داخل كل تقسيم أساسي‪ ،‬مث يتم رصد موقف كل قوة‪،‬‬
‫وأساليبها‪ ،‬وأدواهتا‪ ،‬وردود أفعاهلا‪ ،‬واألدوار اليت تقوم هبا‪ ،‬وغري ذلك من اجلوانب املستهدف دراستها يف البحث‪،‬‬
‫وتصنيفها إىل أدوار إجيابية وسلبية (مساعدة وأخرى معاكسة) مبا يساعد ىف حتديد تصور اخلطاب للقوى املساعدة‬
‫واملناهضة والتعرف على مالمح األيديولوجية السياسية للخطاب‪.‬‬
‫يستخدم حتليل القوى الفاعلة يف حتليل اخلطاب ضمن البحوث اليت استهدفت تفسري التحوالت السياسية يف‬
‫اجملتمعات املختلفة بفعل قوى معينة‪ ،‬مبا يف ذلك شرح وتفسري ممارسات الصراع بني القوى املختلفة وذلك من‬
‫خالل منوذج يتضمن حمورين‪:‬‬
‫• احملور األول‪ :‬يتمثل يف موقع اجلماعة من السلطة فاجلماعة ضمن جناح اليمني تكون يف موقع السلطة‪،‬‬
‫وتعمل على احلفاظ عليها‪ ،‬أما اجلماعة يف موقع اليسار فتسعى إىل أن تكون يف موقع السلطة‪ ،‬بينما تكون‬
‫مجاعة الوسط متتلك بعض مواقع السلطة وتسعى إىل املزيد‪.‬‬
‫• احملور الثاين‪ :‬يتمثل يف أدوار اجلماعات موضع الدراسة‪،‬أي‪:‬ما يف هذه األدوار ابلتحديد‪ ،‬وطبيعة الدور من‬
‫منظور معني‪ ،‬وذلك بناءً على معيار واضح (خصومي‪ ،‬معادي‪ ،‬سليب‪ ،‬إجيايب‪ ،‬موايل‪ ،‬مصادق)‪.‬‬
‫تتميز أداة القوى الفاعلة أهنا حتتوي على اجلانبني الكمي والكيفي الكيفي‪ :‬يتعلق بطبيعة هذه األدوار والصفات‬
‫اليت تقدمها اخلطاابت املدروسة عن ابقي القوى الفاعلة األخرى‪ ،‬فيقوم الباحث برصد األدوار والصفات لتتبع‬
‫تقييم هذا الفاعل‪ ،‬مث تتبع مدى التطور يف تقييم ابقي الفاعلني يف سياق اخلطاب ومع تصاعد األحداث‪ ،‬وربطها‬
‫مجيعاً مبوقف احلدث أو القضية املدروسة‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫منج حتليل اخلطاب‬

‫الكمي‪:‬يدخل فيها نطاق اإلحصاء من خالل عدد األدوار والصفات املقدمة يف اخلطاابت املدروسة عن الفاعل‬
‫الواحد‪ ،‬ومقارنتها إذا تباينت األدوار والصفات داخل كل خطاب اعالمي تزامنياً أو تعاقبياً‪ ،‬وكذلك املقارنة‬
‫اإلمجالية بني التصور اخلاص بكل فاعل داخل كل خطاب اعالمي يعرب عن وسيلة اعالمية حمددة‪.‬‬
‫خامساً‪:‬حتليل حقول الداللة (املفاهيم)‬
‫يعد حتليل ح قول الداللة أحد أهم أدوات التحليل املتكامل للمفاهيم والتصورات‪ ،‬ويقوم حتليل حقول الداللة على‬
‫قاعدة بديهية هي‪ :‬أن املفهوم يكتسب معناه من خالل عالقاته ابملفردات أو الكلمات احمليطة به‪ ،‬وعليه فإن‬
‫دراسة مفاهيم معينة وردت يف خطاب تتمثل يف حصر املفاهيم املطلوب دراستها‪ ،‬مث استخراج شبكة عالقة كل‬
‫مفهوم‪ ،‬وترتيبها وتصنيفها حسب فئات داللية حمددة‪ ،‬وتتمثل هذه الشبكة يف األبعاد التالية‪:‬‬
‫▪ شبكة املشاركات‪ :‬يقصد هبا املفردات اليت تتجاوز املفهوم املدروس حبيث ترتبط املفردات ابملفهوم عالقة‬
‫إجيابية‪ ،‬أو على األقل ال تتناقض معه من انحية املعىن‪ ،‬ويدخل يف ذلك عدد الكلمات املعطوفة على املفهوم‬
‫املدروس‪ ،‬والكلمات اليت جتاوره مباشرة يف النص‪ ،‬بغض النظر عما إذا كانت هلا عالقة حنوية ظاهرة وملموسة‬
‫ابملفهوم املدروس‪.‬‬
‫▪ شبكة املناقضات‪:‬يقصد هبا املفردات اليت جتاور املفهوم املدروس حبيث تكون تلك املفردات ترتبط ابملفهوم‬
‫بعالقة سلبية‪ ،‬أو تتناقض معه من حيث املعىن مهما كان موقعها من اجلملة أو املقطع‪.‬‬
‫▪ شبكة املواصفات‪ :‬يقصد هبا كل ما يصف املدروس‪،‬سواء كان الوصف يف صورة كلمات أو مجل‪ ،‬مبا يف‬
‫ذلك‪:‬احلال‪ ،‬واجلمل املوصولة‪ ،‬واملضاف‪ ،‬واخلرب وغريها من الوظائف النحوية اليت تصف املفهوم املدروس بصفات‬
‫معينة‪.‬‬
‫▪ شبكة األفعال‪:‬تشمل األفعال اليت يقوم هبا املفهوم املدروس كما تشمل األفعال اليت متارس على هذا املفهوم‬
‫عندما يكون يف موقع املفعول به‪.‬‬
‫▪ شبكة املعادالت(بكسر الدال)‪:‬هي املفردات اليت هلا نفس عالقات املفهوم املدروس‪،‬مبعىن ‪:‬أن هلا نفس‬
‫املفردات املشاركة ونفس املفردات املناقضة‪.‬‬
‫يستلزم حتليل حقول الداللة حتليل العالقات الداخلية‪ ،‬وما تتطلبه من جهد ذهين يبذل يف كل نص‪ ،‬وهذا التحليل‬
‫يقود إىل نتائج تتصف بدرجة عالية من الدقة إذا مت تطبيقه بطريقة صحيحة‪،‬كما يتيح إمكانية املقارنة بني املفاهيم‬
‫يف سياقات زمنية ومكانية وموضوعية‪ ،‬وابلتايل رصد أوجه التشابه واالختالف ومظاهر التغري والثبات يف املفاهيم‬
‫املدروسة‪ ،‬األمر الذي حيقق فهماً أفضل هلذه املفاهيم‪.‬‬
‫يعمد السياسيون إىل شحن ألفاظهم السياسية بقدر كبري من الدالالت‪ ،‬فيفرضوهنا على مجاهريهم وحيملوهنا‬
‫دالالت مواربة يف أغلب األحيان من خالل الصاقها بظالل املعاين‪ ،‬فتؤدي إىل تفريق وجهات النظر بني اجلماهري‬
‫نفسها‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫منج حتليل اخلطاب‬

‫سادساً‪:‬حتليل األطر املرجعية‬


‫لألطر املرجعية خصوصية معينة كأداة ضمن أدوات حتليل اخلطاب‪ ،‬حيث يستخدم حتليل األطر عادة يف دراسة‬
‫املفاهيم والقضااي‪ ،‬ويقصد ابإلطار املرجعي احلقل املرجعي للمفهوم املدروس‪ ،‬ويتكون هذا احلقل من‬
‫كل"املراجع"املوجودة يف النص‪ ،‬واليت وردت يف سياق تناول هذا املفهوم ضمن اخلطاب‪ ،‬وتتمثل"املراجع"يف أمساء‬
‫أشخاص‪ ،‬أمساء مؤسسات‪ ،‬أمساء مدن ومناطق جغرافية‪ ،‬أمساء واثئق ومواد مكتوبة‪ ،‬أمساء اتفاقيات ومعاهدات‪،‬‬
‫أمساء حقب وفرتات زمنية بطريقة هلا داللة للمفهوم املدروس‪ ،‬ومن خالل حتليل األطر املرجعية ميكن رصد‬
‫اإلحاالت املرجعية اليت استند إليها اخلطاب يف عرضه للمفاهيم احملورية‪.‬‬
‫وجيب عدم اخللط بني "املراجع"الواردة يف النص وبني "القوى الفاعلة"‪ ،‬فاملراجع "سواء أكانت أشخاصاً أو‬
‫مؤسسات أو غريها"إمنا وردت يف اخلطاب على سبيل االستشهاد هبا من أجل التوضيح‪ ،‬فهي ال حترك األحداث‬
‫احلالية اليت يعرب عنها اخلطاب املدروس‪ ،‬أما "القوى الفاعلة"فهي تقوم هبذا الدور‪ ،‬مبعىن أهنا حترك األحداث احلالية‬
‫وتؤثر فيها‪.‬‬
‫كما جيب أيضاً عدم اخللط بني "حتليل األطر املرجعية"كأداة من أدوات حتليل اخلطاب‪ ،‬وبني حتليل األطر يف‬
‫سياق حتليل احملتوى‪ ،‬حيث جند هلذا املصطلح (حتليل األطر) أكثر من معىن غري الذي يستخدم به ضمن حتليل‬
‫اخلطاب‪ ،‬فاإلطار يستخدم اترة مبعىن الزاوية اليت مت تناول املوضوع من خالهلا‪ ،‬على سبيل املثال فإن اخلطاب‬
‫الصحفي الذي يتناول واقع اجملتمعات العشوائية‪ ،‬قد يتناوله من منظور سياسي (اإلطار السياسي) مبعىن السياسات‬
‫احلكومية جتاه هذه اجملتمعات ومسؤولية احلكومة والسلطة التشريعية‪ ،‬أو من منظور اقتصادي (اإلطار االقتصادي)‬
‫مبعىن مستوى الدخل‪ ،‬وحالة الفقر‪ ،‬والظروف االقتصادية يف اجملتمعات العشوائية‪ ،‬أو من منظور اجتماعي (اإلطار‬
‫االجتماعي) مبعىن واقع اجملتمعات العشوائية من حيث التفكك األسري‪ ،‬وطبيعة العالقات االجتماعية‪ ،‬واالحنرافات‬
‫األخالقية‪ ،‬واألمراض االجتماعية يف تلك اجملتمعات أو غري ذلك من األطر‪.‬‬
‫واترة أخرى يستخدم الباحثون حتليل األطر يف دراسة املادة اإلخبارية يف الصحافة واإلذاعة والتلفزيون ومواقع‬
‫اإلنرتنت‪ ،‬وذلك من خالل رصد الرؤى اليت مت من خالهلا تناول قضية أو قضااي معينة‪ ،‬كما أن حتليل اإلطار‬
‫يستخدم يف دراسة "الصورة" سواء كانت يف الصحافة أو التلفزيون وذلك من خالل األبعاد املرئية اليت مت إظهارها‬
‫أو إبرازها يف الصورة‪.‬‬
‫وتعتمد هذه املقاربة على وجود منطلقات فكرية متثل قاعدة النطالق اخلطاابت املختلفة وأطروحاهتا املتنوعة‪ ،‬وهي‬
‫مبثابة أسس تستند إليها اخلطاابت الصحفية يف صراعها األيدولوجي بشأن القضية أو احلدث الذي تتفاعل معه‪.‬‬

‫سابعاً‪:‬حتليل الصورة‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫منج حتليل اخلطاب‬

‫يقصد بتحليل الصورة الوصف الدقيق الشامل للمادة املرئية املتضمنة يف اخلطاب املراد حتليله‪ ،‬وما تعرب عنه من‬
‫معان صرحية ودالالت كامنة ميكن االستدالل عليها‪.‬وإذا كانت الصورة بذاهتا تشكل أحد العوامل ضمن اخلطاب‪،‬‬
‫فإن هناك عناصر مرتبطة هبا‪ ،‬مثل‪ :‬اللون‪ ،‬والضوء‪ ،‬واحلركة‪ ،‬وأسلوب توظيف الصورة يف اخلطاب‪ ،‬ودالالت‬
‫توظيفها‪ ،‬ودورها احملتمل يف التأثري على املتلقي‪.‬‬
‫للصورة أبعادها يف العمق والتفاعل بني مكوانهتا املختلفة‪ ،‬وكذلك التفاعل بني مكوانهتا املختلفة ومكوانت‬
‫املوضوع‪ ،‬ويف اجملال الصحفي ميتد نطاق حتليل الصورة ليشمل حتليل الرسومات التوضيحية‪ ،‬والكاريكاتري‪ ،‬والصور‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫وعند حتليل املادة املرئية فإن ذلك يعين وصف املادة من حيث احملتوى‪ ،‬وعالقتها ابملكوانت األخرى يف اخلطاب‪،‬‬
‫وداللتها للفكرة‪ ،‬مبعىن ماذا تضيف؟ وماذا تعين؟ وملاذا جاءت على هذا النحو؟ لقد مكن التطور التكنولوجي من‬
‫إنتاج الصورة وأساليب توظيفها خلدمة أهداف معينة‪ ،‬ومبوجب ذلك أصبح من السهل إنتاج الصورة مبواصفات‬
‫فائقة اجلودة وتطويعها لتعرب عن معاين معينة‪ ،‬بل إن هناك بعض الصور اليت أاثرت ضجة إعالمية كبريه على‬
‫املستوى العاملي مث تبني أن األمر هو جمرد (تالعب) قامت به بعض وسائل االعالم ‪..‬واألمثلة كثرية يف تالعب‬
‫الصور خاصة للشخصيات املشهورة واملرموقة‪.‬‬
‫اثمناً‪:‬حتليل املعىن الكامن‪.‬‬
‫خيتلف حتليل اخلطاب عن حتليل املضمون يف أن حتليل اخلطاب يعطي أمهية كبرية للمعاين الضمنية يف اخلطاابت‪،‬‬
‫إن اهتمام الباحث ابملعىن الكامن ضمن حتليل اخلطاب يقوم على فرضية خالصتها أن تشكيل مدركات اجلمهور‬
‫املستهدف ال يتم فقط من خالل املعلومات الظاهرة يف اخلطاب‪،‬وإمنا من خالل األفكار الكامنة واملعلومات‬
‫والعالقات الضمنية اليت يعكسها اخلطاب‪ ،‬ويف هذه احلالة فإنه يتم توجيه فهم املتلقي الوجهة اليت يريدها منتجو‬
‫اخلطاب‪ ،‬وهذا ما يعين أن املتلقي يضع هذه املعاين الضمنية نصب عينيه ملعرفة األجندة احلقيقية ملنتجي اخلطاب‪.‬‬
‫إن رصد املعىن الكامن وحتليله يكون من خالل طرح أسئلة تتطلب اإلجابة عليها أن يتضمن الباحث ثقافة واسعة‬
‫عن ظروف اخلطاب‪ ،‬مثلما ميلك معرفة عميقة ومنهجية عن موضوع اخلطاب‪.‬‬
‫فالباحث الذي ميتلك هذه املقومات يسهل عليه حتليل املعىن الكامن من خالل طرح تساؤالت من قبيل‪:‬‬
‫‪ -‬ما يعين أن هذا الكالم قد جاء على لسان هذا الشخص ابلذات؟أمل يكن من املتوقع أو من املفرتض أن‬
‫يقول به شخص آخر‪.‬‬
‫‪ -‬ملاذا جاء اخلطاب يف هذا التوقيت؟‬
‫‪ -‬هل هناك عالقة بني فكرة معينة يف اخلطاب وعوامل أو ظروف خارجية؟ما هي هذه العوامل؟وما هي‬
‫هذه العالقة ابلضبط؟‬
‫‪ -‬ملاذا استخدم اخلطاب مصطلحات معينة‪،‬أو مسميات معينة ومل يستخدم أخرى؟‬
‫اتسعاً‪:‬حتليل الناقص غري املتضمن‬

‫‪9‬‬
‫منج حتليل اخلطاب‬

‫يقصد به تفسري املوضوعات اليت مل يتضمنها اخلطاب وكان جيب أن يتضمنها‪ ،‬فمن األمهية مبكان الوقوف عند‬
‫ذلك؛ألن املوضوعات اليت مل ترد يف اخلطاب ميكن أن تغري معناه متاماً‪ ،‬وجيب االنتباه إىل أنه من األساليب‬
‫الدعائية املعروفة أسلوب التجاهل املتعمد‪ ،‬ومن خالل حتليل الناقص أو غري املتضمن ميكن تكوين رؤية نقدية‬
‫سليمة للخطاب‪،‬ومن مثَ اإلجابة على تساؤالت أساسية‪ ،‬حيث إن هناك ثالث مستوايت من املوضوعات يتم‬
‫الوقوف عليها عند حتليل اخلطاب‪:‬‬
‫▪ املستوى األول‪ :‬هو املوضوعات اليت وردت صراحة يف النص‪.‬‬
‫▪ املستوى الثاين‪ :‬هو املوضوعات اليت وردت يف اخلطاب بصورة ضمنية‪.‬‬
‫▪ املستوى الثالث‪ :‬يتعلق ابملوضوعات اليت مل ترد يف النص وكان يفرتض أن تكون موجودة‪.‬‬
‫يساعد هذا التحليل على فهم حقيقة الواقع االجتماعي ابعتبار هذا الواقع تشكله قوى متفاعلة ومتصارعة‪ ،‬ويف‬
‫سياق هذا الصراع فإن القوى املتصارعة تنتج اخلطاب الذي يتفق مع مصاحلها‪ ،‬وقد يكون اخلطاب يف صورة‬
‫مقاالت صحفية‪ ،‬أو تعليقات‪ ،‬أو حتليالت‪ ،‬أو خطب سياسية‪ ،‬أو أخبار‪.‬‬

‫‪10‬‬

You might also like