Professional Documents
Culture Documents
بناء الدولة الع ا رقية
بناء الدولة الع ا رقية
2010
المقدمة:
الدولة ظاهرة سياسية مهمة في المكان ،تتناولها علوم مختلفة ،بتحليل
ظواهرها ومواكبة تطورها منها الجغرافية السياسية التي لها نصيب وافراً فيها ،بل
هي ميدان دراستها ومحور تحليلها ،وما يطرأ عليها من تغير سياسي وعسكري
يؤثر على عواملها الجغرافية ضمن مفاهيم واسس الجغرافية السياسية وطرق البحث
فيها ،مثل منهاج النظام الذي يفي باغراض هذه الدراسة التي اخذت تسميتها من
واقع العراق في بناء الدولة .
ودراسة هذا الموضوع كما يبدو بالغ التعقيد لتشابك السياسات والمصالح
واالهداف في بناء الدول ،لكن الضرورة العلمية سمه اساسية ال غنى عنها للكشف
عن حقائق االمور وهي هدف هذه الدراسة .
عاش سكان العراق بصورة عامة معاناة صعبة وال سيما اثناء ما وقع من
حروب عام 0891وما بعدها انزلت بهم وببالدهم دماراً له اثره لعقود قادمة ،ومن
ثم حرب عام 3112مع قوات التحالف بقيادة الواليات المتحدة والتي اختلفت االراء
بشانها ومشروعيتها وهدفها ،لكن واقع االمر يتلخص باحتالل العراق القائم على
القوة العسكرية والذي جرى تنظيره بالتفصيل في مراحل سابقة وما يتصل بها من
معايير التفوق العسكري االمريكي الذي خلق حالة عدم استقرار واضحة كما عرف
وعاشها الناس ،ويمكن القول دون الدخول في التفاصيل ،انه البلد المدمر بمعنى
الكلمة وداللتها ،شامالً قواه البشرية والمادية وكل تنظيماته الحكومية والذي ادى الى
تفكيك الدولة العراقية بالكامل ليعاد بناؤها وفق ظواهر خاصة ال تفرضها حقائق
االمور ،وهذه مشكلة البلد التي يجب االشارة اليها .
وقد تعددت النماذج في اعادة بناء الدول عن طريق التدخل الخارجي وخاصة
من قبل الواليات المتحدة التي فشلت في اعادة البناء للعديد من هذه الحاالت مثل
كمبوديا ، 0892 -0891 :وافغانستان 3110 :وحتى االن ،والعراق 3112
وحتى االن ،رغم ما سمي بنقل السيادة في 3112 / 6 /39وانتخابات 3112
523
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
و ، 3116واالتفاقيات الثنائية بين العراق والواليات المتحدة لكن هذه المرحلة ولحد
االن في اعادة بناء الدولة تضمنت ظواهر سياسية واجتماعية واقتصادية وجغرافية
وغيرها يتناقل الناس اخبارها وتعكس الواقع السلبي في عملية اعادة البناء مثل
الفيدرالية وتوزيع الثروات وإثارت ابناء القوميات واالديان والمذاهب وغيرها مما
يؤثر سلبا على استقرار البلد .وفاعليته الدولية
ومن هنا ننطلق من فكر علمي منهجي غير منحاز يفصح عن مؤشرات
واضحة وايجابية ( فرضية البحث ) في اعادة بناء الدولة العراقية برؤية عراقية
تعتز ببلدها وتفتخر به وال تعرج على غنيمة وتكشف عن حقائق مهمة في بنائها
وهي الكثرة وان اختلفت مصادرها ،تساعد على اتخاذ قرار سليم في عملية اعادة
البناء .
وتتطلب مثل هذا التتبع العلمي وداللته تسلسل مفردات البحث على النحو االتي :
( )1ملحم قربان ،المنهجية والسياسة ،بيروت ،المؤسسةة الجامعيةة للدراسةات والنشةر والتوزيةع
، 0896،ص.21
( )2محمد محمود ابراهيم الديب ،الجغرافيةا السياسةية منظةور معاصةر ،القةاهرة ،مكتبةة ا نجلةو
المصرية ،3112،ص.091
524
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
تنجح الدولة في صد الغزو الخارجي والقضاء على التمرد الداخلي .فان هذا معناه
عدم قدرتها على فرض سيادتها على كل نطاقها االقليمي وبالتالي قد تزول ))(. )0
وهذا يبرز اهمية السيادة الفعلية ( هناك جدل في مفهوم السيادة ) التي ترتكز
على قدرة الدولة الفعلية على بسط نفوذها واحكام سيطرتها على كل مساحتها
الجغرافية فالدولة اما لديها سيادة تامة وغير منقوصة بنسبة %011رغم االشكال
التنظيمية للحكم او ال تكون ،فال يوجد تدرج في السلطة او اتفاقيات او تقاسم
الثروات او ترتيبات عسكرية ،فهذه تحمل في طياتها قدراً من التحديات بمقتضى
السياسة ومصالحها .
وعليه أي خلل يصيب هذه السيادة فان اموراً كثيرة تختل وظهور فاعلين جدد
يستولون اكثر واكثر على وظائف الدولة وزيادة مشاكلها مثل الحروب العرقية
والدينية االهلية التي تؤدي الى تدهور الدولة وبالتالي ظهور الدول المنهارة او
الفاشلة مثل ( الصومال ،افغانستان ) .
واذا تعرضنا الى عالقات الدولة المتبادلة .وهي عالقات تعبر عن نفسها
بطرق شتى ،فعلى العموم يجب ان تكون عالقات متوازنة مع الدول االخرى في
النظام العالمي الذي يقوم على ( االمن الجماعي ) و تفسيره ،أن أي اعتداء يقع على
أي دولة مهما تكن صغيرة يعد اعتداء على الجماعة الدولية ككل وبالتالي فأن مسؤلية
رد هذا العدوان او ردعه ال تقع على الدولة المعتدى عليها وحدها وانما هي مسؤلية
تضامنية تقع على عاتق الجماعة الدولية كلها وانطالقاً من هذه الرؤية ،وتأسيساً
عليها ،قرر المجتمع الدولي ول مرة في تاريخ البشرية إنشاء هيئة دولية تقيم نظاماً
لألمن الجماعي يتضمن :مبادئ وقواعد متفقا ُ عليها وواجبة االحترام من جانب كافة
الدول كبيرها وصغيرها ،واليات ووسائل لمعاونة هذه الدول على حل المنازعات
بينها بال طرق السلمية واجهزة مسؤولة ومزودة بكل ما يمكنها من ردع العدوان او
الرد الجماعي عليه وقمعه حال وقوعه ،وسميت هذه الهيئة (( عصبة االمم ))
غير ان اندالع حرب عالمية ثانية بعد اقل من عشرين عاما على قيام االولى لم
يكن له سوى معنى واحد هو ان عصبة االمم فشلت في تحقيق الهدف االساس الذي
قامت من اجله وبالتالي كان من الطبيعي ان تنهار مع اول طلقة في هذه الحرب التي
بلغ فيها حجم الدمار والخسائر البشرية والمادية اضعاف تلك التي نجمت عن الحرب
العالمية االولى .
ولحسن الحظ فـان اندالع حـرب عالمية جديدة لم يفقد قـادة ومفكري العالم
ثقتهم في اهمية وضرورة التنظيم الدولي او يضعف ايمانهم بجدوى نظرية االمن
الجماعي ولذلك خرج هؤالء القادة والمفكرون من الحرب العالمية الثانية اكثر
تصميما على اقامة هيئة دولية جديدة تتالفى عيوب عصبة االمم ،وتكون اكثر تأهي ً
ال
لتأسيس نظام لألمن الجماعي اكثر قدرة وكفاءة وفي هذا السياق ،تم تاسيس (( هيئة
االمم المتحدة ))
525
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
واذا كانت هذه الهيئة ال تزال قائمة حتى االن وبعد مضي اكثر من 61عاما
على انشائها ،فان الفضل في ذلك ال يعود الى كفاءتها وفاعلية نظام ا من الجماعي
الذي اسسته بقدر ما يعود الى موازين الرعب النووي التي حالت دون اندالع حرب
عالمية ثالثة .
كما ان سلوك الواليات المتحدة المشروع وغير المشروع حول االمم المتحدة
الى مجرد محلل لها يريده الطاغية االمريكي ليتوافق مع سياسته ومصالحه العالمية ،
فالواليات المتحدة ،تريدها منظمة على الطريقة االمريكية ،فهي اصبحت القطب
االوحد تنشر قواعدها في ارجاء العالم كيفما يتفق مع استراتيجية الهيمنة العالمية
الجديدة .فضالً عن اختراق حدود الدول وخصوصيتها باعذار عديدة عندها ،وتدمير
الدولة العراقية خير مثال على ذلك .
ً
لذلك تبرز اهمية االشارة الى معلومات مختصرة عن العراق وفقا لضرورات
البحث وكما ياتي:
-2العراق
تضمنت كتب تاريخ وجغرافية العراق وغيرها وبالتحليل العلمي تفاصيل
متغيرات سكانية ومكانية وفق اهمية زمانية عكست تاريخه العريق واصالة حضارتة
العربية ،اذ يقول الدكتور المرحوم احمد سوسة ( ان حضارة وادي الرافدين سامية
عربية منبعها البشري جزيرة للعرب )(.)0
ويذهب المرحوم طه باقر الى ( ان اقدم اشكال للحكم في العراق في مطلع
االلف الثالث ق.م )(.)3
اما اهل العراق فيقول عنهم ياقوت الحموي ( هم اهل العقول الصحيحة
وا راء الراجحة والشهوات المحمودة والشمايل الظريفة والبراعة في كل صناعة مع
اعتدال االعضاء واستواء االخالط وسمرة االلوان )(. )2
وهكذا اصبح للعراق حظ كبير في تضاعيف هذه الكتب وغيرها ،جامعة
الكثير من اخباره فالعراق كما يصفه ابن حوقل ( اعظم االقاليم منزله وأجلها صفة
واغزرها جباية واكثرها دخالً )(.)2
ولن نتناول خصائص بيئتة الجغرافية بالتفصيل ،وهو ما يمكن الرجوع اليه
في الكتب الجغرافية المتيسره ،وانما نشير الى بعض منها وكما ياتي :
( )1أحمد سوسة ،حضارة وادي الرافدين بين الساميين والسومريين ،بغداد ،دار الرشيد للنشر ،
،0891ص.099
( )2طه باقر ،مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ،الجزء االول ،بغداد ،دار الشؤون الثقافية
العامة ،0896 ،ص. 01
( )3الشيخ االمام شهاب الدين أبي عبد هللا ياقوت بن عبد هللا الحموي الرومي البغدادي ت
636هـ ،معجم البلدان ،المجلد الثالث ،س -ف ج ،6بيروت ،داراحياء الترات العربي ،
،0886ص. 216
( )4أبي القاسم بن حوقل النصيبي ،صورة االرض ،بيروت ،مكتبة الحياة ،سنة ــــ .301 ،
526
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
-في نهاية العصر ( الميوسين ) ظهرت ارض العراق كلها تقريباً وفي عصر
البليوسين اخر عصور الزمن الثالث ،كانت الحركات االلتوائية على اشدها .
واخذت جبال زاكروس ( جبال كردستان – وضمنها جبال العراق ) شكلها الحالي
ونشأت فيها مجموعة من االلتواءات البسيطة والمعقده ذات اتجاه شمالي غربي
وجنوبي شرقي .
وفي أوائل الزمن الرابع ( البليوستوسين ) استمرت الحركات االلتوائية التي
اكملت تكوين جبال العراق .
ونتيجة لهذه الحركات االرضية التي كونت جبال العراق هبطت االقسام الجنوبية
من العراق وهي منطقة السهل الرسوبي الحالي فغمرها البحر وتكونت فيها ترسبات
البحتيارى ،ثم ازداد الجرف الى هذه المنطقة الهابطة فتجمعت ترسبات االنهار
والسيول فيها مكونة سهل العراق الكبير ( السهل الرسوبي ) الذي يعود الى احدث
العصور الجيولوجية ،وهو ال يزال في دور التكوين(. )0
-اما عن االسم ((عراق )) فقد ذكر المرحوم طه باقر اختالف اراء الباحثين
فيه ،ونشير الى الرأي االول ( ان االسم عراق عربي االصل ......وسمي عراقا
النه (( الشاطئ )) أي شاطئ البحر او سيف البحر او مطلق الشاطئ )(. )3
-ابرز ظاهرة في تاريخ وادي الرافدين استمرار الهجرات البشرية اليه في
مختلف عصور التاريخ القديم والحديث من منطقتين فقيرتين نسبياً ا ولى تحده من
الغرب والجنوبي الغربي مناطق صحراوية ،نزحت منها الى ما بين النهرين وفي
مختلف عصور التاريخ االقوام السامية المختلفة ومنها القبائل العربية التي يرجع الى
اصولها القسم االعظم من سكان العراق االن .والثانية جبلية تحده من اطرافه
الشمالية والشمالية الشرقية ،وكانت من اقوام عديدة من بينها جماعات من اصول
االقوام الهندية – االوربية لتحدث عملية االنصهار الحضاري التي ميزت تاريخ هذا
البلد في صهر االقوام المختلفة في بودقة حضارة وادي الرافدين وجعلت له كيانا
تاريخياً وحضارياً متميزاً منذ اقدم العهود(. )2
-ويمكن ان نتبين معرفة علمية اوردتها االحصاءات السكانية في العراق ومنها
احصاء عام 0899جدول وشكل ( )0و ( )3والتي تكون وحدة نسيجه وحيويه فيه ،
وبعد سقوط الدولة العراقية يوم 3112-2-8دخل هذا التركيب ضمن التقسيم المدبر
للعراق .والذي نتناوله في متابعة الموضوع .
-رغم الحقائق الجغرافية الخاصة بانهار العراق ،كون مصادر مياهها تقع
خارج العراق با ستثناء نهر العظيم فان ازدهار العراق يرتبط بوجود الرافدين
العظيمين وروافدها .
-من االمور البارزة التي تسترعي نظر الباحث الجغرافي عن العراق اشتهاره
بثرواته المعدنية جدول ( ) 2
( )1جاسم محمد الخلف ،جغرافية العراق ،القاهره ،دار المعرفه ، 0862ص ص .32-33
( )2طه باقر ،مصر سابق ،ص.8
( )3المصدر نفسه ،ص ص.32-32
527
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
ويذهب بعض الباحثين المعاصرين الى ان االحتياطي المؤكد من النفط يصل الى
ما بين 061 -003مليار برميل وهو بذلك ثاني دول العالم بعد المملكة العربية
السعودية في االحتياطات ،والمتوقع ان يفوق االحتياطي في العراق نظيره السعودي
الن العراق ما زال ينتج نفطه من عصرين جيولوجين فقط وهما الثالثي
والطباشيري ،بينما هناك ترسبات
العربية
الكردية
الفيلية
التركمانية
السريانية
االرمينية
اخرى
غير مبين
528
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
المسلمون
النصارى
اليزيدية
الصائبة
اليهود
اخرى
529
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
المصدر /عمل الباحث باالعتماد على جدول ()3
530
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
صخور حقبة الحياه القديمة ،وهذه تحتوي على نفوط كل من المملكة العربية
السعودية وعمان والتي لم ينتج منها في العراق شيئ (.)0
فاصبح العراق رائد في احتياطيات النفط على مستوى العالم ومحور امن امدادات
النفط العالمي ،وما يجنيه من صادراتها في التخطيط السليم على مستوى الدولة ان
وجد .
ولن نذهب الى ذكر تفاصيل اخرى من واقع العراق فهي الكثرة تفصح عن غنى
عطائه واصالة فكر اهله ،توحي لهم بوطن يجمع بين سرمد الماضي وتطلعات
المستقبل ،ولكن ما حدث ويحدث له يقتضي ان نفرد له جانبا من مضامين البحث
وكما ياتي :
ثانيا :المتغير السياسي في الدولة العراقية
ان اقدم اشكال للحكم في العراق كان في مطلع ا لف الثالث ق.م مثلما ورد انفاً
اال ان العراق دولة في المفهوم السياسي الحديث كان في ، 0830 / 9 /32ولن
ندخل في النشوء التاريخي للدولة والقضايا التي أدت الى رسم حدوده ،فقد كان
للمؤرخين نصيب وافر فيها .
3
وقع على مساحة تصل الى 229209كم خريطة رقم ( ) 0بعدها الشمالي
تمثله تركيا ،والبعد ال شرقي تمثله ايران ،والبعد الغربي بالد الشام ،والبعد الجنوبي
تمثله منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية ،ولكن الضرورة تقضي االشارة اليها
رقميا وكما ياتي
جدول رقم ( ) 4
حدود العراق مع البلدان المجاورة
النسبة % الطول /كم الدولة ت
29،6 0211 ايران 0
32،2 903 السعودية 3
09،2 611 سوريا 2
01،8 299 تركيا 2
2،6 082 الكويت 2
2،0 099 االردن 6
المصدر :جمهورية العراق ،مجلس الوزراء ،هيئة التخطيط ،الجهاز المركز لالحصاء ،
المجموعة االحصائية السنوية ،0882بغداد ،0882 ،ص
( )1سيار الجميل ،الموقع الجغرافي للعراق وأهميتة االستراتيجية ،في كتاب العراق دراسات
في السياسة واالقتصاد ،ابو ظبي ،مركز االمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية ، 3116 ،
ص ص 21-39
531
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
532
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
533
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
في خصوصية كردستان العراق او بداية التقسيم المدبر للعراق ،فضال عن انقسام
كردستان العراق الى قسمين ،احتفظ الحزب الديمقراطي الكردستاني K DPبمجمل
محافظة دهوك مع معظم محافظة اربيل لذلك فان هذا الحزب يشغل القطاع الشمالي
الغربي من كردستان العراقية ويقيم حكومته في اربيل ،ويحتفظ حزب االتحاد
الوطني الكردستاني Pukبمجمل محافظة السليمانية مع جزء من محافظة كركوك ،
ويبقى الجهاز الحكومي لهذا الحزب في مدينة السليمانية ورغم االتحاد الموجود ،
هناك تنافس بين الحزبين ولنتذكر الحرب بينهما عام . 0882
-للعراق حدود دولية واضحة باتفاقيات نافذة المفعول وبما فرضه الواقع الدولي ،
ولن ندخل في التطور التاريخي والقانوني لها ،وكان المفروض ان ال ينشأ خالف
في شأنها ،اال ان مشاكل كثيرة نجمت عنها وظلت قائمة وخاصة مع ايران التي تمتد
حدودها مع العراق حوالي 0211كيلو متر ،ومن اوائل عهد العراق باالستقالل وال
سيما سنة 0823بل قبلها ومنذ تشكيل الحكومة العراقية عام 0830قامت بسلسة من
اعمال التجاوزات واعلنت عدم التزامها باتفاقيات الحدود بين البلدين وانكرت نفاذ
معاهدة ارضروم وبروتوكول سنة 0802ومحاضر جلسات لجنة ( قومسيون )
تحديد الحدود التركية الفارسية . )0(0802 -0802
واصاب العراق ما اصاب من عدوان الفرس وحقدهم ،على سبيل المثال اقليم
عربستان الذي يعتبر امتداداً جغرافيا شرقيا لسهل العراق الرسوبي الجنوبي
وينحصر بين جبال زاجروس في الشرق وشط العرب وساحل الخليج العربي في
الغرب ،اغتصب من العرب بشكل نهائي عام 0832بعد اعتقال الشيخ خزعل في
طهران ،ويعرف االن بمقاطعة ( خوستان ) ويخضع لسيطرة الدولة االيرانية ،
ويعتبر جزء مغتصب من العراق و الوطن العربي(. )3
وهكذا شط العرب ،فمن الناحية الرسمية نجد معاهدة 0829التي اكدت االلتزام
ببروتوكول القسطنطينية ،قد وضعت الحل النهائي للمشكلة في منطقة شط العرب ،
حيث جاء فيها ،بان خط الحدود يتبع شط العرب على طول ضفته اليسرى ( من
جهة ايران ) سائرا مع مستوى الماء الواطئ باستثناء تنازل العراق اليران عن
منطقة تمتد لمسافة 6كيلو مترا في شط العرب تقع مقابل عبادان ،للجانب االيراني
حيث تتماشى الحدود فيها مع خط التالوك تلبية لرغبة الجانب االيراني ،لكن في
الواقع نجد ايران تلجا الى اثارتها من وقت خر( . )2مثل اثارتها عند زيارة الملك
فيصل الى ايران برغبتها جعل خط الحدود بين البلدين في شط العرب على اساس
( )1الجمهوريةةة العراقيةةة ،وزارة الخارجيةةة ،الحةة دود العراقيةةة االيرانيةةة ،بغةةداد ،دار الحريةةة
للطباعة ،0891 ،ص.23
( )2عبةةد الةةرزاق عبةةاس حسةةين ،الجغرافيةةة السياسةةية مةةع التركيةةز علةةى المفةةاهيم الجيوبلتيكيةةة ،
بغداد ،مطبعة اسعد،0896،ص ص.306-303
( )3المصدر نفسه ،ص.022
534
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
خط التالوك ،اال انها جوبهت بالرفض من قبل ملك العراق( . )0واعالنها في 2 / 08
0868 /بنهاية معاهدة الحدود لسنة .)3(0829
ونشير الى اتفاق الجزائر في 0892 / 2 / 6بين العراق وايران الذي حدد
الحدود في شط العرب حسب خط التالوك والغائه من قبل العراق بتاريخ / 8 / 09
0891واالعتراف به في 0881 / 9 / 02
وهاتان الدولتان خاضتا حرباً استمرت 9اعوام من 0891الى 0899تاثرت بها
الدولتين سكاناً واقتصاداً وستظل تؤدي الى خلق مشاكل بينها .
اما حدود العراق مع السعودية فقد سويت قضية منطقة الحياد عام 0892ووقع
اتفاقية اخرى عام ، 0890اضيف لها ملحقان عام ، 0893ووقع اتفاقية للحدود مع
االردن عام . )2(0890
وال بد االن من االفصاح عنها وبيان تفاصيل ما حدد الن االخبار تنقل وتفسر التعديل
على حساب ارض العراق .
وتكشف مناقشة الحدود رغم ايجازها ،ان الكويت التي قيل ان للعراق حق
فيها ( .)2ودخلتها القوات العراقية في ، 0881 / 9 / 3وهي اليوم دولة وعضواً في
الجامعة العربية واالمم المتحدة ،امتدت على حساب ارض ومياه العراق بعمل لجنة
ترسيم الحدود التي تشكلت بموجب قرار مجلس االمن رقم 699الصادر في 2نيسان
.)2(0880
واصبح ملزماً على العراق تحريك خط الحدود لمصلحة الكويت مسافة 921متراً
تقريباً شمال صفوان وبامتداد 311كيلو مترا لتقتطع الكويت جزء كبير من ميناء ام
قصر المنفذ البحري الوحيد للعراق وضم ست ابار بترول تابعة لحقل الرميلة
العراقي للكويت (.)6
وتبقى هذه الحدود سبباً الثارة المشاكل بين البلدين ومن ثم تؤثر على تطور العالقة
بينهما .
( )1خالةد يحيةى العةزي ،مشةةكلة شةط العةرب فةي ظةةل المعاهةدات والقةانون ،بغةداد ،دار الرشةةيد
للنشر ، 0891 ،ص.22
( )2الجمهوريةةةة العراقيةةةةة ،وزارة الخارجيةةةةة ،الحةةةةدود العراقيةةةة االيرانيةةةةة ،مصةةةةدر سةةةةابق ،
ص.022
( )3كريسةةةةتين موسةةةةى هليةةةةز ،العةةةةراق :الجنةةةةاح الشةةةةرقي العربةةةةي ،ترجمةةةةة مركةةةةز البحةةةةوث
والمعلومات ،بغداد ،0892 ،ص.23
( )4الجمهوريةةةةةة العراقيةةةةةة ،وزارة الخارجيةةةةةة ،حقيقةةةةةة الكويةةةةةت ،بغةةةةةداد ،مطبعةةةةةة الرابطةةةةةة
،0860،ص.22
( )5خالد السرحاني ،ترسيم الحدود العراقية – الكويتية بعد أزمة الخليج الثانية ،القاهرة ،مجلة
السياسة الدولية العدد 000كانون الثاني ، 0882ص.320
( )6منال لطفي ،عامان على اندالع حرب الخليج ،القاهرة ،مجلة السياسة الدولية العدد 000
كانون الثاني ، 0882ص.019
535
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
وينقل احد الباحثين ،ان المياه االقليمية بين كل من العراق والكويت وايران ،لم
يتم االنفاق عليها بعد ( .)0ولن ندخل في تفاصيلها لكنه امر يتكرر في اثارة مشاكل
الحدود العراقية ،وفقا لعالقات هذه الدول وتباين ارائها في ابعاد المياه االقليمية ،
لعدم وجود اتفاق دولي على وجهة نظر موحدة .
-العراق السياسي تاريخيا هو وادي الرافدين ،مرتبط بوجودهما وروافدهما ،
وهما من انهار العالم الطويلة ،شاركت العراق بهما دول اخرى ،فكال النهرين
ينبعان من جبال شرق تركيا ثم يمران جنوبا وشرقا عبر سوريا قبل دخولها
العراق ،وال يلبثا ان يتحدا في نهاية المطاف مكونين شط العرب ،واصبحت
مصادر مياه انهار العراق باستثناء نهر العظيم تقع خارج العراق .مرتبطة
باحواض االنهار التي تقع في تركيا وسوريا وايران .
وفيما يخص تركيا التي تتحكم في عبور مياه نهري دجلة والفرات الى سوريا
والعراق من خالل مشروع الكاب ( ) GAPووفق متطلباتها ،وليس وفقا الحكام
القانون الدولي المنظمة للمياه الدولية وعالقات حسن الجوار ،الن تركيا تعتبر
النهرين ال يخضعان لمفهوم النهر الدولي وانهما يشكالن ثروة قومية تخص تركيا
وحدها ،لذلك اعلن الرئيس التركي السابق ديميريل انه (( ليس للعراق وسوريا أي
حق في المياه التي تنبع من تركيا ،كما اننا ليس لنا الحق في النفط الذي لديهم))(. )3
ان االجراءات االنفرادية التركية في ضخ المياه كيفما تريد ووقتما تريد وكأنها
الوحيدة التي تملك خطط للتنمية المائية والزراعية ،يزيد مشكالت االدارة والتوزيع
ويدفع سوريا الى تخفيف االضرار الالحقة بها بسبب انخفاض مستوى المياه الى
تنفيذ مشاريع على نهر الفرات خاصة النه يعد المورد الرئيسي للمياه في سوريا ،
مثل مشروع سد الفرات وسد البعث .
وهذا ال بد ان يترك اضرارا واضحة على مقدار حصة العراق وعلى مدى
السنوات تبعا لموقعه الجغرافي كدولة مصب .
واصبحت ايران فاعل بالمياه العراقية من خالل العديد من االنهر الحدودية مثل
نهر الزاب الكبير والصغير ونهر ديالى وهذه تصب في نهر دجلة ،ونهرالطيب
ودويريج والسويب( الكرخة ) فتصب في هور الحويزة ،والدجيل ( الكارون ) الذي
يصب في شط العرب .
ومنذ عام 0828وباالتفاق مع مؤسسة التنمية والموارد االمريكية خطط
القامة 02سد ،سبع منها على نهر الدجيل ،وثالثة على نهر السويب واثنان على
( )1جنان جميل سكر ،تحديد المجاالت البحرية للدول الساحلية في الخليح العربي ،جامعة بغداد
،0891 ،ص.262
( )2حسن بكةر احمةد ،العالقةات العربيةة – التركيةة بةين الحاضةر والمسةتقبل ،ابةو ظبةي ،مركةز
االمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية ،3111،ص.22
536
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
نهر دز وواحد على كل من نهر الجراحي وهنديان لتخزين حوالي 22مليار متر
مكعب من المياه سنويا وانتاج حوالي 6،6مليون كيلو واط من الكهرباء (.)0
وهناك غيرها من المشاريع المائية في احواض االنهار وعلى االنهار الحدودية
المشتركة مع العراق ،وما تنفرد به ايران دون استشارة العراق ،مما ينعكس سلباً
على الموارد المتناقصة لنهري دجلة والفرات وتغذية التوترات االقليمية بين البلدين
ولن نضع بين يدي القارئ شرحاً وافيا لظواهر دولية واضحة المعالم في احداث
تاريخ العراق ولعل التي ذكرت اهمها في ذلك ونذهب الى ما يتصل بالمتغيرات
ترتيباً واستكمال شرح جوانبها بما ياتي
ثالثا :انهيار الدولة العراقية
ربما يكون من الصعب الحديث عن انهيار الدولة العراقية من دون االشارة الى ما
جرى في العراق وال سيما الحرب العراقية االيرانية ، 0899 -0891وما عرف
عن 0881 / 9 / 3بدخول العراق الى الكويت وما بعدها .
وليس من اليسير معرفة تفاصيل ما حدث على وجه الدقة اال اننا نبدأ القول ،أن
الشعبين العراقي وااليراني ال رأي لهم وال مصلحة فيها ،وفيما يخص العراق ،
قلبت هذه الحرب المجتمع العراقي رأسا على عقب ،حيث اصبح العراق نتيجة لهذه
الحرب دولة مدينة وبمبالغ هائلة من الدوالرات وصلت الى 061مليار دوالر
وبعض المصادر ترفعها الى 311مليار دوالر بعد ان كان االقتصاد العراقي يعيش
حالة انتعاش لم يسبق لها مثيل ،وصل فيها الفائض النقدي في الميزانية العراقية الى
اكثر من 22مليار دوالر .ومن ناحية اخرى لم تسلم عائلة عراقية من اثارها حيث
كانت المحصله النهائية 321الف شهيد وحوالي 921الف معوق او جريح ،اما ما
خلفته على البنية التحتية للدولة والمجتمع واالقتصاد العراقيين ،فكانت وال تزال اكبر
من ان تحسب او تعاد الى حالتها الطبيعية(. )3
وبالرغم مما لحق بالعراق من اضرار اجتماعية واقتصادية وسياسية وعسكرية
اثره السلبي في قوة الدولة العراقية ،عبرت القوات العراقية الحدود العراقية –
الكويتية في 0881 / 9 / 3واحتلتها بالكامل في هذا اليوم وبعد ذلك اعلنت على انها
المحافظة التاسعة عشرة من العراق ،وما عرف بعد ذلك يغني عن اطالة وصف ما
حدث ،لكن مهما كانت االسباب المعلنة وغير المعلنة والتخمينات والتحليالت
والمقاييس التاريخية وغموض االحداث ،في دخول العراق الى الكويت واحتالله ،
فهو الذي جلب ما حدث ويحدث من مظالم على اهل العراق وغيرهم اليوم ،وادخل
البلد في مخطط لم ينتهي بتحرير الكويت في يوم 0880 / 3 / 39بعملية سميت
عاصفة الصحراء وبقوات سميت قوات التحالف وقيادة امريكية ،حيث كان هناك
عقوبات صدرت تحت اسم االمم المتحدة ( ) SCR 660في اب – 0880بلغت حد
( )1ابراهيم شريف ،الشخصية الجغرافية اليران ،بغداد ،مركز البحوث والمعلومات ،سنة ــــ
،ص ص .20 -28
( )2سعد ناجي جواد ،الوضع العراقي عشية الحرب ،في كتاب احتالل العراق وتداعياته عربيا ً
واقليميا ً ودوليا ً ،بيروت ،مركز دراسات الوحدة العربية ، 3112 ،ص ص .302 -302
537
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
الحضر العام على كل الواردات والصادرات العراقية وسمح باستيراد الغذاء واشياء
ذات احتياج مدني جوهري وتحميله جميع االضرار التي لحقت بالكويت وان يقبل
دون شروط تدمير او ازالة او ابطال التأثير المؤذي لكل عناصر برامج أسلحته
الكيميائية او البيولوجية تحت اشراف دولي ........الخ .
وينقل لنا الباحثين ،ان العراق لديه برنامج لهذه االسلحة خالل الفترة -0899
0881وانتج ا نثراكس وتوكسين البوتالين ،كما انتج ايضا مادة افالتوكسين ،
وتولى تسليح هذه العوامل في العام ، 0881غير انه لم يستخدمها قتالياً مطلقاً وتم
تدميرها بالكامل صيف العام 0880تدمير احادي الجانب ،ولم يعاود العراق البحث
في هذه المواد او تطويرها او انتاجها بعدئذ ابداً كما لم يتوصل المفتشون الى اكتشاف
أي خزين من هذه العوامل في العراق لسبب واضح هو عدم وجودها بتاتاً ،ولم يتم
العثور على أي برنامج بحثي او انتاجي في العراق لهذه االسلحة (.)0
اما البرنامج النووي العراقي الذي لم يةتمكن مةن انتةاج سةالح نةووي ،فلةم يكتةب لةه
االستمرار بسبب اشتعال حرب عاصةفة الصةحراء عةام 0880واصةابه الةدمار اثنةاء
الحرب ،فضال عن اوامر عراقية في تموز 0880بتدمير جميع االسلحة المحضورة
ومنظومات انتاجها(.)3
لذلك قال ديفيد كي رئيس فريق المسح االمريكي للبحث عن اسلحة الدمار الشامل
العراقية والذي عمل مع فريق من 0211خبير لفترة تتجاوز ثمانية أشهر منذ احتالل
العراق (( ان المعلومات أالستخبارية االمريكية عن قدرات العراق في هذا المجال
كانت جميعها خاطئة ))(. )2
ومن المهم جداُ ان نعرف ان سلوك قوات التحالف بقيادة الواليات المتحدة
وبريطانيا بعد تحرير الكويت في 0880 / 3 / 39ليس اخراج العراق من الكويت
فقط ،فتحرير الكويت هو غرض وليس غاية في حد ذاته ،باتباع الخداع
االستراتيجي بالتركيز على هدف ثانوي واعالنه ،واالندفاع بعد ذلك الى الهدف
الحقيقي او االهداف الحقيقية ،أي تظلل العالم وهي تعد لغزو العراق والسيطرة على
موارد الطاقة وغير ذ لك من االهداف مثل نزع االستقرار من سوريا وتهديد ايران
واحتواء الصين (.)2
من الصعب تحديد اثار ما وقع على العراق خالل االعوام الثالث عشر الماضية
، 3112 – 0881لما شهده من حرب وحصار ودفع تعويضات .وازالة ما ادعى
بأسلحة الدمار الشامل ومناطق حضر الطيران ،وما لحق به من اضرار اخرى ،فال
( )1جعفر ضياء جعفر ونعمان سعد الدين النعيمي ،أ سلحة الدمار الشامل :االتهامات والحقائق
،في كتاب احتالل العراق وتداعياته عربيا ً و اقلبمبا ً و دوليا ً ،مصدر سابق ،ص.06
( )2المصدر نفسه ،ص ص .098 – 099
( )3جعفر ضياء جعفر ونعمان سعد الدين ،مصدر سابق ،ص.093
( )4عمرو ثابت ،الواليات المتحدة االمريكية وسياستها تجاه العراق :الوسائل واالهداف ،في
كتاب العراق دراسات في السياسة واالقتصاد ،مصدر سابق .22 – 23 ،
538
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
بد ان تتاثر الدولة به وكانت نتائجها المأساوية باحتالل العراق في 3112 / 2 / 31
،ونقتصر البحث فيه على ما ياتي :
االحتالل االمريكي للعراق
يقول باحث ان فكرة االحتالل االمريكي للعراق تعود الى فترة بعيدة نسبيا أي
قبل احتالل العراق للكويت في اب 0881 /وكما ياتي (( موضوع وفكرة احتالل
العراق كانا سابقين على موضوع اسلحة الدمار الشامل ،وسابقين على حرب 0880
،بل سابقين حتى على غزو الكويت في اب /اغسطس . )0()) 0881
أي ان العراق كان مرتكزاً اساسيا في سياستها منذ عقود سابقة ،وكشفت العديد
من الدراسات التحليلية عن االهتمام االمريكي بالعراق يرتبط بالبترول ومنع العراق
من أن يتحول الى خطر على حلفائها االستراتيجيين مثل إسرائيل والسعودية وباقي
دول الخليج ،ومهما كانت التخمينات واالسباب التي دفعت امريكا لشن الحرب على
العراق ،فقد حدث االحتالل وهو ما سماه الرئيس االمريكي بوش ( تحرير
العراقيين) ليظفي عليه طابعا ايجابياً .
لقد دمرت الدولة بالحرب واعمال العنف التي رافقتها وتبعتها بتجاوزات خطيرة
على حقوق وممتلكات الشعب العراقي لسوء ادارة االحتالل التي تميز بها في العراق
،ثم كان اعادة بناء الدولة وفق استراتيجية امريكية مثل :مجلس الحكم وتدوين
الدستور ونظام االنتخابات العامة .واختيار وتدريب قوات ا من العراقية واسلوب
الوجود العسكرية االمريكي الثقيل وغيرها .
وكلها ذات اثر سلبي في ادارة البالد وبناء الدولة ويمكن ان نلتمس ذلك في مضامين
ما ياتي :
رابعا :اعادة بناء الدولة العراقية
لقد ازدادت الكتابات المعاصرة عن احداث العراق وبناء الدولة وتباينت تفاصيلها
،وفيها خلط عام يعكس علوما مختلفة ،فكان لزاماً علينا تقصي ظواهر وضعت او
ظهرت تسمياتها في بناء الدولة وفق علم الجغرافية السياسية وتكشف متابعة
الموضوع عن ذلك وكما ياتي :
-القومية العربية في الدولة العراقية ،هي االكثرية ونواة الدولة ،فضال عن اقليات
قومية اخرى مثل :القومية :الكردية ،التركمانية ،السريانية ،االرمنية وغيرها
تعمقت هذه االقليات في اعادة بناء الدولة العراقية بالعمل السياسي القائم على الهوية
القومية وليس الوطنية ،وتتركز نزاعاتها االن على قضايا مثل :توزيع السلطة
وطرق الوصول اليها وتامينها وتوزيع الموارد وتحديد االراضي الخاصة بها ،
وتستخدم شتى االساليب في التصارع حول ذلك .
ولعل ابرز هذه القوميات :الكردية في االقليم الكردي المستقل ( ارض وشعب
ولغة وتاريخ وعلم وقوات عسكرية وعالقات وتحالفات دولية وإقليمية ) كأمر واقع
في االرض العراقية ومطالبة القيادات الكردية بمدينة كركوك كجزء من كردستان .
( )1خير الدين حسيب ،المشاهد المستقبلية المحتملة في العراق ،في كتاب في كتاب احتالل
العراق وتداعياته عربيا ً واقليميا ً ودوليا ً ،مصدر سابق ،ص .863
539
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
( )1عصةةام سةةليمان ،الفدراليةةةة والمجتمعةةات التعدديةةةة ولبنةةان ،بيةةةروت ،دار العلةةم للماليةةةين ،
، 0880ص.02
540
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
-على الرغم مما يقال عن انسحاب القوات االمريكية من العراق في فترة ما ،وما
تؤول اليه االتفاقية المشتركة ،فان قواعد التحليل المنطقي ،تشير الى ان العراق
اصبح مرتكزاً لها ،وايجاد وضع جديد للقوات االمريكية لعقود قادمة ،وهذا ما
استدعى رسم استراتيجيات ،منها ،مالذات امنه وعازلة للقوات االمريكية ،اي
اقامة قواعد عسكرية دائمة في العراق مثل قاعدة الطليل الجوية ،بالقرب من
الناصرية ،وقاعدة اتشى 0في منطقة الرطبة وقاعدة باستور في الشمال واخرى
قرب بغداد ( .)0وغيرها ،وهو اوضح تعبير عن اتجاهات السياسية االمريكية بشأن
الوجود العسكري في العراق .
تضاف الى ذلك مشاكل الحدود واالنهار التي وردت انفاً
هذا تقريباً ما يهمنا التركيز عليه في هذه الدراسة ،وهناك جوانب اخرى جديرة
بالمالحظة ذات طبيعة سلبية في بناء الدولة العراقية وفقا الختصاص الباحث
يبقى ان نتسائل من منظور مكمل هل هناك خيارات ذات طبيعة ايجابية في بناء
الدولة العراقية جديرة بالذكر ؟
الجواب
في البداية هناك اتجاهات اساسية يجب ان تؤخذ بعين االعتبار في عمليات اعادة بناء
الدولة العراقية وهي :
-اعادة النظر في مفهوم الحكم االن ،أي ينظم على اساس حكومة مركزية وادارات
في المحافظات ،وكل امور السياسة العليا والدنيا في يد الحكومة المركزية التي
تصدر تعليمات لالدارات المحلية لتنفيذ ما تمليه االولى على الثانية والهدف هنا ايجاد
نظام قادر على االداره بالهيئات الحكومية ال تعلو سلطة قرار فوق سلطتها ويتساوى
الناس من الناحية القانونية
-ان اعمال العنف الشديدة في العراق خلقت حالة عدم استقرار واضحة ،ولكنها في
الوقت ذاته لم تفت في عضد الوحدة الوطنية بين الطوائف واالعراق ،أي لم تستطع
جر العراق الى حرب طائفية او عرقية ،وهذا مؤشر طيب حتى االن ،لذا يجب ان
تنتهي في اطار مفهوم بناء الدولة العراقية ،ويبقى الوالء للوطن هو االساس .
-ان غالبية سكان العراق ال تزال تعاني الفقر والمرض والبطالة المتفشية ودرجات
مختلفة من عدم العدالة االجتماعية ،وهي بحد ذاتها عوامل ومسببات ستؤول ( ان لم
تعالج بسرعة كافية ) الى تفريغ الجرائم المتنوعة ،كما يمكنها ان تدفع بالضرورة
الى االنتماء الى الجماعات االرهابية .
-ان الصدع الكائن بين القيادات الكردية والحكومة العراقية االتحادية ال بد ان يزداد
عمقا واتساعا خالل السنين القادمة مع ازدياد مطالب االكراد بحكم ذاتي تام ،او حتى
مطالبتهم باستقالل كامل في نهاية االمر ،من هنا وبناءاً على معطيات الوضع القائم
،تبدو فرص تهديد وحدة العراق كبيرة ،لذا على الدولة العراقية ابقائهم داخل الدولة
( )1التقرير االستراتيجي العربي ، 3112 – 3112االزمة العراقية ،القاهرة ،موسسة االهرام
، 3112 ،ص.89
541
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
بأي ثمن ،وعدم السماح بظهور أي قيادة كردية تطالب بحق تقرير المصير ،او باي
عملية تهدف الى بناء دولة كردية في العراق .
-ا ن الواليات المتحدة حلت وسرحت الجيش العراقي القديم مع ابطاء عملية بناء
جيش جديد وتقيده وجعله عاجزاً عن النهوض بمسؤليات االمن والدفاع عن االراضي
العراقية لكن ال بد من انشاء قوات مسلحة عراقية متكاملة غير مسيسة مبنية على
مبدأ االحتراف العسكري والوالء للوطن
-فيما يخص النفط العراقي ،للواليات المتحدة نوايا سلبية فيه رغم محاولتها اقناع
الشعب العراقي بغير ذلك ،ومع ذلك يجب ان يكون هناك تحرك عراقي يضع
العراقيين بقوة اكبر في مكان القيادة فيما يتعلق باتخاذ القرار حول صناعة النفط بما
فيها مستويات االنتاج والتصدير والتصرف في ريع الصادرات ،وخصخصة قطاع
النفط العراقي
-من الصعب اجراء فصل للعالقات الدولية االقليمية ( الدولة المجاوره ) نظراً الى
حيوية هذه العالقات ،ومن منظور تطبيقي .اشرنا الى خالفات الحدود والمياه بين
العراق ودول مجاورة عربية ومسلمه لذا ال بد من آليه وطنية عراقية تعيد رسم
الحدود والسياسات العادلة لتوزيع الثروة المائية ،على اساس عالقات سالم ومصالح
متبادلة .
-من الصعب تصور حكومة عراقية مستقلة تملك فعليا سياسة داخلية وخارجية
واضحة ومؤثرة ومستقلة في وجود قوات االحتالل االمريكي والبريطاني للعراق
وان اصبح و جودها تحت مسمى القوات المتعددة الجنسيات او على اسس اتفاقيات
ظاغطة على العراق في المرحلة المقبلة ،هذه هي المشكلة ،ولكن اين الحل ؟ .
ولسنا هنا بصدد الحديث عن ذلك ،ولكن نذكر قول هللا تعالى في محكم كتابه
العزيز ( يا ايها النبي حرض المؤمنين على القتال )( . )0بشتى الطرق والوسائل
وبكل ما من شانه ان يحرر العراق منهم .وهلل من وراء القصد
خاتمة البحث
يمكن ان نتبين من اعادة بناء الدولة في العراق ظواهر المشتق من تعابير
سياسية وخالفها في واقع العراق وامنه الوطني وهذا تقييم يتفق حوله االن الكثير من
العراقيين ،استناداً الى الحقائق السائدة والمرصودة ،ومنها :ان الواليات المتحدة ال
تزال قوة احتالل الجل غير محدد ،رغم خطط التحول االمريكي في العراق ،وما
تقوله لعدم وجود مصداقية لديها كما هو معروف وله دالئله ،ولن تكون الحكومة
العراقية قادرة على تشكيل قوة ذات كفاءة لبسط سيطرتها الكاملة على البالد ،وقد
تفقد سيطرتها على مناطق منها ببقاء االكراد في معاقلهم شمال العراق ،وصيغ
تقاسم ثروات العراق وموارده الطبيعية ،ومما يزيد من ذلك يستمد من اختالف
االحزاب وخالفاتها والذي من شأنه ان يؤدي الى عدم االستقرار وتدهور االمن في
البالد .
542
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
وهناك مسألة ذات اهمية بالغة ،وهي تغير عائدات النفط وتصورات عدة لبناء
عراق جديد ،سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ،وهذه تشمل على نفقات وتحديات متباينة
ودور المصالح االجنبية وفق مخططات مسبقة ،فمن الصعب التصور انها ستكون
كافية لتمويل ذلك ،مما يضاعف سوء االوضاع لسكان العراق .
ويبقى المحيط االقليمي للعراق جزء من المشكلة في اعادة بناء الدولة لعديد من
المسببات والظروف ودرجات مختلفة من التأثير تعتمد على تنوع طبيعة الظروف
االقليمية والمصالح الدولية وفقا لخصائصهم
ومع ذلك يبقى ا مل في ان يتغير هذا الى عراق جديد وطني في سماته االصلية
يتمتع شعبه بحقوق وحريات االنسان االساسية
المصادر
543
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
-2البغدادي ،الشيخ االمام شهاب الدين أبي عبد هللا ياقوت بن عبد هللا الحموي
الرومي ت 636هـ ،معجم البلدان ،المجلد الثالث ،س -ف ج ،6بيروت ،داراحياء
الترات العربي .0886 ،
-6التعداد ،العام للسكان في العراق عام .0899
-9التقرير ،االستراتيجي العربي ، 3112 – 3112االزمة العراقية ،القاهرة ،
موسسة االهرام . 3112 ،
-9ثابت ،عمرو ،الواليات المتحدة االمريكية وسياستها تجاه العراق :الوسائل
واالهداف ،في كتاب العراق دراسات في السياسة واالقتصاد ،ابو ظبي ،مركز
االمارات للبحوث والدراسات االستراتيجية . 3116 ،
-8جعفر ،ضياء ،جعفر ونعمان سعد الدين النعيمي ،أسلحة الدمار الشامل :
االتهامات والحقائق ،في كتاب احتالل العراق وتداعياته عربياً و اقلبمباً و دولياً ،
بيروت ،مركز دراسات الوحدة العربية . 3112 ،
– 01جمهورية ،العراق مجلس الوزراء ،هيئة التخطيط ،الجهاز المركزي
لالحصاء ،المجموعة االحصائية السنوية ، 0882بغداد 08824 ،
-00الجمهورية ،العراقية ،وزارة الخارجية ،الحدود العراقية االيرانية ،بغداد ،
دار الحرية للطباعة .0891 ،
-03الجميل ،سيار ،الموقع الجغرافي للعراق وأهميتة االستراتيجية ،في كتاب
العراق دراسات في السياسة واالقتصاد ،ابو ظبي ،مركز االمارات للدراسات
والبحوث االستراتيجية .3116 ،
-02جواد ،سعد ناجي ،الوضع العراقي عشية الحرب ،في كتاب احتالل العراق
وتداعياته عربياً واقليمياً ودولياً ،بيروت ،مركز دراسات الوحدة العربية .3112 ،
-02حسيب ،خير الدين ،المشاهد المستقبلية المحتملة في العراق ،في كتاب
احتالل العراق وتداعياته عربياً واقليمياً ودولياً ،بيروت ،مركز دراسات الوحدة
العربية .3112 ،
-02حسين ،عبد الرزاق ،الجغرافية السياسية مع التركيز على المفاهيم
الجيوبلتيكية ،بغداد ،مطبعة اسعد 08964،
-06الخلف ،جاسم محمد ،جغرافية العراق ،القاهره ،دار المعرفه .0862 ،
-09الديب ،محمد محمود ابراهيم ، ،الجغرافيا السياسية منظور معاصر ،القاهرة ،
مكتبة ا نجلو المصرية 31124،
-09السرحاني ،خالد ،ترسيم الحدود العراقية – الكويتية بعد أزمة الخليج الثانية ،
القاهرة ،مجلة السياسة الدولية العدد 000كانون الثاني .0882
-08سكر ،جنان جميل ،تحديد المجاالت البحرية للدول الساحلية في الخليح العربي
،جامعة بغداد 08914 ،
-31سليمان ،عصام ،الفدرالية والمجتمعات التعددية ولبنان ،بيروت ،دار العلم
للماليين . 0880 ،
544
مجلة ديالى / العدد الثالث و االربعون
2010
-30سوسه ،احمد ،حضارة وادي الرافدين بين الساميين والسومريين ،بغداد ،دار
الرشيد للنشر .0891 ،
-33شريف ،ابراهيم ،الشخصية الجغرافية اليران ،بغداد ،مركز البحوث
والمعلومات ،سنة ــــ .
-32عبد الجبار ،هشام وخلدون صبحي البصام ،التقرير التوضيحي لخارطة
العراق الجيولوجية االقتصادية ،بغداد ،مطبعة المديرية العامة للمسح الجيولوجي
والتحري المعدني08924 ،
.32العزي ،خالد يحيى ،مشكلة شط العرب في ظل المعاهدات والقانون ،بغداد ،
دار الرشيد للنشر .0891 ،
-32قربان ،ملحم ،المنهجية والسياسة ،بيروت ،المؤسسة الجامعية للدراسات
والنشر والتوزيع .0896،
.36لطفي ،منال ،عامان على اندالع حرب الخليج ،القاهرة ،مجلة السياسة
الدولية العدد 000كانون الثاني . 0882
-39هليز ،كريستين موسى ،العراق :الجناح الشرقي للعالم العربي ،ترجمة
مركز البحوث والمعلومات ،بغداد .0892 ،
OpEC Annual Statistical Bulletin ,1992 , The secretariat Organiztion
of The petroleum Exporting Gountries, Vienna, 1993.
545