Professional Documents
Culture Documents
اسم
اسم
اسم
علَ ْي ِه ْم ۚ َو َكفَى ِب َ ِ
اّلل َحسِيبًا ﴿ ٦النساء﴾ ...أَ ْم َوالَ ُه ْم فَأ َ ْ
ش ِهدُوا َ
اّلل َحسِيبًا ﴿ ٣٩األحزاب﴾ ّللا َوي َْخش َْونَهُ َو ََل ي َْخش َْونَ أَ َحدًا إِ ََل َ َ
ّللا ۗ َو َكفَى بِ َ ِ ت َِ س َ
اَل ِ الَ ِذينَ يُب َِلغُونَ ِر َ
ب ﴿ ٢٠٢البقرة﴾ س ِري ُع ا ْلحِ َ
سا ِ ّللا َ أُولَـئِكَ لَ ُه ْم نَ ِصيب ِم َما َك َ
سبُوا ۚ َو َ ُ
ْس ا ْلمِ هَا ُد ﴿ ٢٠٦البقرة﴾
سبُهُ َج َهنَ ُم ۚ َولَبِئ َ ّللا أَ َخذَتْهُ ا ْلع َِزةُ بِ ْ ِ
اإلثْ ِم ۚ فَ َح ْ َوإِذَا قِي َل لَهُ ات ِ
َق َ َ
س َخ ُرونَ مِ نَ الَ ِذينَ آ َمنُوا ۘ َوالَ ِذينَ اتَقَ ْوا فَ ْوقَ ُه ْم ي َْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة ۗ َو َ ُ
ّللا ي َْرزُ ُ
ق َمن يَشَا ُء زُ يِنَ ِللَ ِذينَ َكفَ ُروا ا ْل َحيَاةُ ال ُّد ْنيَا َويَ ْ
ساب ﴿ ٢١٢البقرة﴾ بِغَي ِْر حِ َ
سا ُء َوالض ََرا ُء َوزُ ْل ِزلُوا َحت َى يَقُو َل س ْبت ُ ْم أَن تَ ْد ُخلُوا ا ْل َجنَةَ َولَ َما يَأْتِكُم َمثَ ُل الَ ِذينَ َخلَ ْوا مِ ن قَ ْب ِلكُم ۖ َم َ
ستْ ُه ُم ا ْلبَأ ْ َ أَ ْم َح ِ
ّللا قَ ِريب ﴿ ٢١٤البقرة﴾ ّللا ۗ أَ ََل ِإنَ نَص َْر َ ِ
سو ُل َوالَ ِذينَ آ َمنُوا َمعَهُ َمتَى نَص ُْر َ ِ الر ُ
َ
ف تَع ِْرفُهُم س ُب ُه ُم ا ْلجَا ِه ُل أَ ْ
غ ِنيَا َء مِ نَ الت َ َعفُّ ِ ض يَحْ َستَطِ ي ُعونَ ض َْر ًبا فِي ْاأل َ ْر ِّللا ََل َي ْ ِل ْل ُف َق َراءِ ا َل ِذينَ أُحْ ِص ُروا فِي َ
س ِبي ِل َ ِ
علِيم ﴿ ٢٧٣البقرة﴾ ّللا ِب ِه َ سأَلُونَ النَ َ
اس إِ ْلحَافًا ۗ َو َما ت ُن ِفقُوا مِ ْن َخيْر فَ ِإنَ َ َ ِبسِي َماهُ ْم ََل يَ ْ
ّللا أَ ْم َوات ًا ۚ بَ ْل أَحْ يَاء عِن َد َر ِب ِه ْم يُ ْر َزقُونَ ﴿ ١٦٩آل عمران﴾ سبَنَ الَ ِذينَ قُتِلُوا فِي َ
س ِبي ِل َ ِ َو ََل تَحْ َ
ّللا َونِ ْع َم ا ْل َوكِي ُل ﴿ ١٧٣آل اخش َْوهُ ْم فَ َزا َدهُ ْم ِإي َمانًا َوقَالُوا َح ْ
سبُنَا َ ُ اس قَ ْد َج َمعُوا لَكُ ْم فَ ْ الَ ِذينَ قَا َل لَ ُه ُم النَ ُ
اس ِإنَ النَ َ
عمران﴾
عذَاب ُّم ِهين ﴿ ١٧٨آل سبَنَ الَ ِذينَ َكفَ ُروا أَنَ َما نُ ْملِي لَ ُه ْم َخيْر ِألَنفُ ِ
س ِه ْم ۚ إِنَ َما نُ ْملِي لَ ُه ْم ِلي َْزدَادُوا إِثْ ًما ۚ َولَ ُه ْم َ َو ََل يَحْ َ
عمران﴾
ط َوقُونَ َما بَخِ لُوا ِب ِه ي َْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة ۗ
سيُ َ ّللا مِ ن فَ ْ
ض ِل ِه ه َُو َخي ًْرا لَهُم ۖ بَ ْل ه َُو شَر لَ ُه ْم ۖ َ سبَنَ الَ ِذينَ يَ ْب َخلُونَ ِب َما آتَاهُ ُم َ ُ
َو ََل يَحْ َ
ّللا بِ َما تَ ْع َملُونَ َخبِير ﴿ ١٨٠آل عمران﴾ ض ۗ َو َ ُت َو ْاأل َ ْر ِ
اوا ِ س َم َ
اث ال َير ُّلل مِ َ
َو ِ َ ِ
ص ُّموا َكثِير ِم ْن ُه ْم ۚ َو َ ُ
ّللا ب َِصير ِب َما يَ ْع َملُونَ ﴿٧١ علَ ْي ِه ْم ث ُ َم َ
ع ُموا َو َ ّللا َ
اب َ ُ سبُوا أَ ََل تَكُونَ فِتْنَة فَعَ ُموا َو َ
ص ُّموا ث ُ َم تَ َ َو َح ِ
المائدة﴾
علَ ْي ِه آبَا َءنَا ۚ أَ َولَ ْو كَانَ آبَا ُؤهُ ْم ََل يَ ْعلَ ُمونَ الرسُو ِل قَالُوا َح ْ
سبُنَا َما َو َج ْدنَا َ ّللا َوإِلَى َ َوإِذَا قِي َل لَ ُه ْم تَعَالَ ْوا إِلَى َما أَ َ
نز َل َ ُ
ش ْيئ ًا َو ََل َي ْهتَدُونَ ﴿ ١٠٤المائدة﴾ َ
نه اسم هللا "الحسيب" ،الذي يدل على المحاسبة مِ ن جهة ،وعلى الكفاية من جهة أخرى.
ولقد ور َد الحسيب اس ًما هلل تعالى في القرآن الكريم في خمسة مواضع ،مقترنًا بأحكام دقيقةَ ،ل بد للمسلم مِ ن أن
يعيها ،وأن يكون على علم بها.
ي التصرف فيه ،وحفظه لصاحبه؛ قال تعالىَ ﴿ :و ََل تَ ْق َر ُبوا ً
سبيَل إلى الجنة ،إن أحسن الول ُّ فمال اليتيم إما أن يكون
يتق هللا فيه، س ُن َحت َى َي ْبلُ َغ أَشُ َد ُه ﴾ [األنعام ،]152 :وإما أن يكون قطعة من النار لمن لم ِ ي أَحْ ََما َل ا ْل َيت ِِيم ِإ ََل ِبالَتِي ِه َ
وجعله نهبة يتصرف فيها ذات اليمين وذات الشمال؛ يقول تعالىِ ﴿ :إنَ الَ ِذينَ يَأْكُلُونَ أَ ْم َوا َل ا ْليَتَا َمى ظُ ْل ًما ِإنَ َما يَأْكُلُونَ
السر في تذييل اآلية الكريمة السابقة بقوله تعالى: َ ِيرا ﴾ [النساء ،]10 :مِ ن هنا نفهم
سع ًصلَ ْونَ َسيَ ْ فِي بُطُونِ ِه ْم نَ ً
ارا َو َ
اّلل َحسِيبًا ﴾؛ أي :احذروا من أكل مال اليتيم ،وَل تعتقدوا أن اليتيم صغير َل ينتبه لماله ،فإن هللا حسيبه، ﴿ َو َكفَى بِ َ ِ
أي :كافيه ،وهو لحقِه ضامن ،وهو كذلك محاسبكم على تصرفكم في ماله ،و ُموقفكم يوم القيامة بين يديه؛ قال
الزمخشري" :أي :كافيًا في الشهادة عليكم بالدفع والقبض ،أو محاسبًا ،فعليكم بالتصادق ،وإياكم والتكاذب".
ومثل مال اليتيم ،كل مال ،أو مسؤولية ،أو وظيفة استؤمنَا عليها؛ فاهلل تعالى محاسبنا عليها ،ورقيب عليناَ ،ل يغيب
صغَ َر مِ ْن ذَ ِلكَ َو ََل أَ ْكب ََر س َماءِ َو ََل أَ ْ
ض َو ََل فِي ال َ ب ع َْن َر ِبكَ مِ ْن مِ ثْقَا ِل ذَ َرة فِي ْاأل َ ْر ِ عنه شيء؛ قال تعالىَ ﴿ :و َما يَ ْعزُ ُ
َق أَ ََل لَهُ ا ْل ُح ْك ُم إِ ََل فِي ِكتَاب ُمبِين ﴾ [يونس ،]61 :ولذلك قال تعالى في سورة األنعام ﴿ :ث ُ َم ُردُّوا إِلَى َ ِ
ّللا َم ْو ََلهُ ُم ا ْلح ِ
سبِينَ ﴾ [األنعام ،]62 :فاهلل تعالى سيحاسب المخلوقات كلها في وقت واحدَ ،ل يحتاج إلى من َوه َُو أَس َْرعُ ا ْلحَا ِ
يحسب له؛ ألنه الحسيب ،قال الحليمي" :الحسيب :المدرك لألجزاء والمقادير التي يعلم العباد أمثالها بالحساب من
مقرا بذنوبه؛ قال غير أن يحسب" ،بل إن هللا تعالى يجعل العبد يوم القيامة حسي ًبا على نفسه ،حاك ًما على أعمالهًّ ،
سكَُورا * ا ْق َرأْ ِكتَابَكَ َكفَى بِنَ ْف ِ ج لَهُ ي َْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة ِكتَابًا يَ ْلقَاهُ َم ْنش ً سان أَ ْل َز ْمنَاهُ َ
طائ َِرهُ فِي عُنُ ِق ِه َونُ ْخ ِر ُ تعالىَ ﴿ :وكُ َل إِ ْن َ
ج لَهُ ي َْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة ِكتَابًا ﴾؛ أي :يخرج علَيْكَ َحسِيبًا ﴾ [اإلسراء ،]14 ،13 :أي :محاسبًا ،وقرأ مجاهدَ ﴿ :وي َْخ ُر ُ ا ْلي َْو َم َ
له الطائر كتابًا ،فيقيم ربنا عز وجل علينا الحجة ،بأن يجعلنا نُحاسب أنفسنا بأنفسنا ،حتى الذي َل يعرف منا القراءة
ض ُع ا ْل َم َو ِازينَ والكتابة يقدره هللا على ذلك ،قال قتادة" :يقرأ يومئذ َمن لم يكن قارئ ًا في الدنيا"؛ قال تعالىَ ﴿ :ونَ َ
سبِينَ ﴾ [األنبياء.]47 : ش ْيئ ًا َوإِ ْن كَانَ مِ ثْقَا َل َحبَة مِ ْن َخ ْردَل أَتَ ْينَا بِهَا َو َكفَى بِنَا حَا ِ ط ِلي َْو ِم ا ْل ِقيَا َم ِة فَ ََل ت ُ ْظلَ ُم نَ ْفس َس َ
ا ْل ِق ْ
سا ِبيَ ْه ﴾ [الحاقة،19 : ظ َن ْنتُ أَنِي ُم ََلق حِ َ
ومِ ن شدة فرح المؤمن واستبشاره يقولَ ﴿ :ها ُؤ ُم ا ْق َرؤُوا ِكتَا ِبيَ ْه * ِإنِي َ
يسيرا؛ ﴿ لَ ُه ُم ا ْلبُش َْرى فِي ا ْل َحيَا ِة
ً ،]20يريد أن يظهر للناس مكانته عند هللا ،وأنه من الناجين؛ ألنه حُوسب حسابًا
ّللا ذَ ِلكَ ه َُو ا ْلفَ ْوزُ ا ْلعَظِ ي ُم ﴾ [يونس.]64 : ت َِال ُّد ْنيَا َوفِي ْاآلخِ َر ِة ََل تَ ْبدِي َل ِل َك ِل َما ِ
اضيَةَ ﴾ [الحاقة،]27 - 25 : ت ا ْلقَ ِ الكافر فيقول ﴿ :يَا َل ْيتَنِي َل ْم أُوتَ ِكتَابِيَ ْه * َولَ ْم أَد ِْر َما حِ َ
سابِيَ ْه * يَا لَ ْيتَهَا كَانَ ِ ُ وأ َما
ورا} [اَلنشقاق]11 :؛ أي :يدعو على نفسه بالهَلك ،قال قتادة" :تمنى ف يَ ْدعُو ثُبُ ًس ْو َ وفي اآلية األخرى{ :فَ َ
سبَتْ ََل ظُ ْل َم ا ْلي َْو َم إِنَ َ
ّللاَ الموت ،ولم يكن في الدنيا شيء أكره عنده مِ ن الموت" ﴿ ،ا ْلي َْو َم تُجْ َزى كُ ُّل نَ ْفس بِ َما َك َ
ب ﴾ [غافر.]17 : س ِري ُع ا ْلحِ َ
سا ِ َ
فالتخويف في الدنيا أمن في اآلخرة ،والنَصَب في الدنيا راحة في اآلخرة ،والعمل الصالح في الدنيا تيسير للحساب
في اآلخرة.
سبُهُ ﴾ [الطَلق ،]3 :قال السعدي رحمه هللا: ّللا فَه َُو َح ْ
علَى َ ِ
والتوكل على هللا كفاية في الدنيا واآلخرة؛ ﴿ َو َم ْن يَتَ َو َك ْل َ
"أي :كافيه أمور دينه ودنياه" ،هؤَلء َل يخشون أحدًا إَل هللا؛ ألنه وكيلُهم وحسي ُبهمَ ،ل يخافون حضارة أعدائهم،
ّللا َوي َْخش َْونَهُ َو ََل
ت َِ س َ
اَل ِ وَل تقنياتهم ،وَل أسلحتهم؛ ألن معهم القوي الجبار ،ولذلك قال تعالى ﴿ :الَ ِذينَ يُب َِلغُونَ ِر َ
اّلل َحسِيبًا ﴾ [األحزاب.]39 : ي َْخش َْونَ أَ َحدًا إِ ََل َ َ
ّللا َو َكفَى بِ َ ِ
المسرات ،فتورث َ وأما الغفلةُ في الدنيا ،والذهول عن العبادة وأعمال الخير ،واَلنشغال بالملذات ،واإلغراق في
اب فَتَ َرى
مناقشة الحساب يوم القيامة ،و(( َم ْن نُوقِش الحساب يهلك))؛ متفق عليه ،يقول تعالىَ ﴿ :و ُو ِض َع ا ْل ِكتَ ُ
يرةً ِإ ََل أَحْ صَا َها َو َو َجدُوا َما ِيرةً َو ََل َك ِب َ
صغ َ ش ِف ِقينَ مِ َما فِي ِه َو َيقُولُونَ يَا َو ْيلَتَنَا َما ِل َهذَا ا ْل ِكتَا ِ
ب ََل ُيغَاد ُِر َ ا ْل ُمجْ ِرمِ ينَ ُم ْ
اب ﴾ ؛ أي :كتاب األعمال َاض ًرا َو ََل يَ ْظ ِل ُم َربُّكَ أَ َحدًا ﴾ [الكهف ،]49 :قال ابن كثير رحمه هللاَ ﴿" :و ُو ِض َع ا ْل ِكتَ ُ عَمِ لُوا ح ِ
ش ِف ِقينَ ﴾ ،أي :من أعمالهم الذي فيه الجليل والحقير ،والفتيل والقطمير ،والصغير والكبير ﴿ ،فَتَ َرى ا ْل ُمجْ ِرمِ ينَ ُم ْ
يغادر صغيرة وَل كبيرة إَل أحصاها". ْ السيئة ،وأفعالهم القبيحة؛ ألنَ هذا الكتاب لم
ثبطين ،الذين أرادوا عهْد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بعداوة المشركين ،وشوكة ال ُم ِ ولقد ابتلي المسلمون في َ
الفَتَ في عضدهم ،فأشاعوا أن أبا سفيان خارج بجيش كبير في أعقاب معركة أُحُد ،عازم على القضاء على
المسلمين واستئصالهم ،فكان سَلحهم أن قالوا :حسبنا هللا ونعم الوكيل ،خالصين من قلوبهمُ ،مستيقنين بنصر هللا
اخش َْوهُ ْم فَ َزا َدهُ ْم ِإي َمانًا َوقَالُوا َح ْ
سبُنَا َ ُ
ّللا َونِ ْع َم اس قَ ْد َج َمعُوا لَكُ ْم فَ ْ لهم؛ فأنزل هللا تعالى ﴿ :الَ ِذينَ قَا َل لَ ُه ُم النَ ُ
اس ِإنَ النَ َ
ا ْل َوكِي ُل ﴾ [آل عمران]173 :؛ أي :كافينا هللا ،ونعم المولى لمن َو ِليَهُ وكفله ،فكانت النتيجة ﴿ :فَا ْنقَلَبُوا بِنِ ْع َمة مِ نَ َ ِ
ّللا
س ُه ْم سُوء ﴾ [آل عمران ]174 :ومِ ن ثم استحب أهل العلم أن يقال هذا الدعاء عند نزول المصائب س ْ َوفَ ْ
ضل لَ ْم يَ ْم َ
الصعاب.
سَلم حين ألقي في ال َنار، ّللا َونِ ْع َم ا ْل َوكِي ُل ﴾ ،قالها إبراهي ُم عليه ال َ سبُنَا َ ُ
عبَاس رضي هللا عنهما قالَ ﴿" :ح ْ عن ابن َ
اخش َْوهُ ْم فَ َزا َدهُ ْم إِي َمانًا َوقَالُوا َح ْ
سبُنَا َ ُ
ّللا اس قَ ْد َج َمعُوا لَكُ ْم فَ ْ
وقالها ُم َح َمد صلى هللا عليه وسلم حين قالوا ﴿ :إِنَ النَ َ
َو ِن ْع َم ا ْل َوكِي ُل ﴾"؛ البخاري.
فالمسلم َل يلتفت إلى أهل الخداع والمكر؛ ألن هللا كافيه شرهم ،وهو حسبُه من كيدهم؛ قال تعالىَ ﴿ :وإِ ْن يُ ِريدُوا أَ ْن
ّللاُ ه َُو الَذِي أَيَدَكَ بِنَص ِْر ِه َوبِا ْل ُمؤْ مِ نِينَ ﴾ [األنفال.]62 : ي َْخ َدعُوكَ فَ ِإنَ َح ْ
سبَكَ َ
كل أموره.
كل شؤونه ،ويعتمد عليه في ِ
هذا هو المؤمن ،يفزع إلى هللا في ِ
س َرةً
سر َم ْي َ هللا يُحْ د ُ
ِث بع َد ال ُع ِ ُ
انتهينا في المناسبة الماضية مِ ن القسم األول مِ ن شرح اسم هللا "الحسيب" -ضمن سلسلة شرح أسماء هللا
وعرفنا أنه اسم جليل يد ُّل على الكفاية من جهة ،وعلى المحاسبة مِ ن جهة
َ الحسنى في جزئها السابع والعشرين -
أخرى.
فالعامة تتعلق بكفاية هللا تعالى لجميع البشر؛ إيجادًا وإمدادًا وإعدادًا ،فهيَأ لهم سبحانه سُبُ َل عيشِهم ،وما تقوم به
حيات ُهم.
ي ،فكتبَتْ
ي كتا ًبا توصيني فيه ،وَل ت ُكثِري عل َ وكتب معاويةُ إلى عائشةَ ِأم المؤمنين رضي هللا عنهاِ :
أن اكت ُ ِبي إل َ
س َخط
إليه" :سَلم عليك ،أما بعد :فإني سمعتُ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقولَ (( :م ِن التَ َمس رضاء هللا ب َ
الناسَ ،كفَاه هللا ُمؤْ نَة الناس ،و َمن التَ َمس رضاء الناس ب َ
س َخط هللا ،و َكلَه هللا إلى الناس)) ،والسَلم عليك"؛ صحيح
سنن الترمذي.
حصي ك َل شيء مِ ن أقوالنا وأفعالنا ،وحركاتنا وسكناتناَ ،ل يغيب عنه من ذلك شيء ،قال -3اَلعتقاد بأن هللا يُ ِ
ع َددًا ﴾ [الجن ،]28 :وقال تعالىَ ﴿ :ما يَ ْل ِفظُ مِ ْن قَ ْول إِ ََل لَ َد ْي ِه َرقِيب
يء َ ط ِب َما لَ َد ْي ِه ْم َوأَحْ صَى كُ َل َ
ش ْ تعالىَ ﴿ :وأَحَا َ
عتِيد ﴾ [ق.]18 : َ
ق فيجري القوانين اَلنضباطية بين الناس ،ويُحاسِبهم على مخالفتهم لها ،وَل ح َ -4مِ ن فقه "الحسيب" أن الحاك َم يُ ِ
اَلعتراض عليها ما دامت ُموافِقةً لكتاب هللا وسُنَة رسوله صلى هللا عليه وسلم ،وما أج َمعَت عليه األ َمةُ ،قال عمر
سا كانوا يُؤ َخذون بالوحي في عهد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،وإن الوحي بن الخطاب رضي هللا عنه" :إن أُنا ً
وقربناه ،وليس إلينا من سريرته خيرا أَمِ نَاهُ َ
قد انقطع ،وإنما نأ ُخذُكم اآلن بما ظهَر لنا مِ ن أعمالكم ،ف َمن أظهر لنا ً
شيء ،هللا يحاسبه في سريرته ،و َمن أظهر لنا سو ًءا لم نَأ ْ َمنه ولم نُصدِقه ،وإن قال :إن سريرتَه حسنة"؛ البخاري.
قال اإلمام أحمد رحمه هللا" :إذا أحببتَ أن يدو َم هللا لك على ما تُحِ ب ،ف ُد ْم له على ما يحب".
الصنف األول :ما َر َوتْه ج َُويرية رضي هللا عنها ،أن النبي صلى هللا عليه وسلم خرج من عندها بكرةً حين فمن ِ
ت على الحال التي فارقت ُك صلَى الصبح وهي في مسجدِها ،ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة ،فقال(( :ما زل ِ
ثَلث مرات ،لو ُو ِزنَت بما قل ِ
ت َ عليها؟)) ،قالت :نعم ،قال النبي صلى هللا عليه وسلم(( :لقد قلتُ بعدَكِ أرب َع كلمات
ورضا نفسه ،وزنة عرشه ،ومدا َد كلماته))؛ مسلم. منذ اليوم لوزنَتْهنَ :سبحان هللا وبحمده ،عد َد خلقهِ ،
ومن الصنف الثاني :ما رواه سع ُد بن أبي وقاص أن خ َبا ًبا قال لعبدِهللا بن عمر رضي هللا عنهما :أَل تس َم ُع ما يقول
أبو هريرة؟ إنه سمِ ع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقولَ (( :من خرج مع جنازة مِ ن بيتها وصلى عليها ثم ت ِبعها
قيراطان مِ ن أجر ،ك ُّل قيراط مث ُل أُحُد ،و َمن صلى عليها ثم رجع ،كان له من األجر مثل أُحُد))،
ِ حتى ت ُدفَنَ ،كان له
عمر خبَابًا إلى عائشة يسألُها عن قول أبي هريرة ،ثم يرجع إليه فيخبره ما قالت ،وأخذ ابن عمر قبضةً
َ فأرسل اب ُن
ق أبو هريرة ،فضرب ابن عمر
قلبُها في يده حتى رجع إليه الرسولُ ،فقال :قالت عائشة :ص َد َ
مِ ن حصى المسجد يُ ِ
فرطنا في قراري َ
ط كثيرة!"؛ مسلم. بالحصى الذي كان في يده األرض ،ثم قال" :لقد َ
رجَل ذُكِر
ً -7عدم المبالغة في إصدار األحكام ،وإن كانت ثنا ًء ومد ًحا؛ دفعًا للغرور أو التغرير؛ فعن أبي بكرةَ أن
خيرا ،فقال النبي صلى هللا عليه وسلمَ (( :و ْي َحكَ ،قطعتَ عُنُ َ
ق عند النبي صلى هللا عليه وسلم ،فأثنى عليه رجل ً
أحسب كذا وكذا ،إن كان يرى أنه كذلك ،وحسي ُبه ُ مرارا -إن كان أحدُكم ماد ًحا َل محالة ،فليقل:
ً صاح ِبك -يقولُه
هللا ،وَل يزكِي على هللا أحدًا))؛ البخاري.
ح باأليام نق َ
طعُها إنَا َ
لنفر ُ
سكَ قب َل المو ِ
ت مجتهدًا فاع َم ْل لنف ِ
فإنَما الرب ُ
ح وال ُخسرا ُن في العَ َم ِل
ب
س َ -8ومِ ن أعظم ما يستوجبُه اإليمان باسم هللا "الحسيب" ،أن يُحاسِب المؤم ُن نف َ
سه عن أعماله قبل أن يُحا َ
جَل وَل يخطو ُخطوةً إَل على هُدًى مِ ن كتاب هللا ،أو تشريع مِ ن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم،
عليها ،فَل يُقدِم ِر ً
وبذلك يكفيه هللاُ ه َم الدنيا واآلخرة.
بسعر
ِ رجَل مؤمنًا أرسل طعا ًما إلى البصرة عن طريق وكيل ،وقالِ " :ب ِع الطعام
ً ومن قصص السلف في ذلك :أن
السعر،
ُ صحُوه أن يؤخر البيع أسبوعًا واحدًا ليرتفع
يومِ ه" ،فلما وصل هذا الوكيل إلى البصرة ،استدعى التجَار ،ون َ
ففعل ،ور ِبح أربا ًحا طائلة ،وبشَر موكله بهذه األرباح ،لكن المؤمن الذي يحتاط لدينه وماله قال له" :ادفَ ِع الثمن كلَه
لفقراء البصرة ،فقد دخل على مالي الشبهةُ" ،وهو يرى أن ذلك احتكار ،والنبي صلى هللا عليه وسلم يقولَ(( :ل
يحتك ُِر إَل خاطئ))؛ مسلم
ِ .2إ ْذ قَا َل ِأل َ ِبي ِه َوقَ ْومِ ِه َما َه ِذ ِه الت َ َماثِي ُل الَتِي أَنت ُ ْم لَهَا عَا ِكفُونَ
ط َرهُنَ َوأَنَا َ
علَى ذَ ِلكُم ِمنَ الشَا ِه ِدينَ ض الَذِي فَ َ
ت َواأل َ ْر ِ
اوا ِ
س َم َ .6قَا َل بَل َر ُّبكُ ْم َر ُّ
ب ال َ
قَالُوا سَمِ ْعنَا فَت ًى يَ ْذك ُُرهُ ْم ُيقَا ُل لَهُ ِإب َْراهِي ُم .10
اس لَعَلَ ُه ْم يَ ْ
ش َهدُونَ عيُ ِن النَ ِ قَالُوا فَأْت ُوا بِ ِه َ
علَى أَ ْ .11
قَالُوا أَأَنتَ فَعَ ْلتَ َهذَا بِآ ِل َهتِنَا يَا إِب َْراهِي ُم .12
قَالُوا ح َِرقُوهُ َوانص ُُروا آ ِل َهتَكُ ْم إِن كُنت ُ ْم فَا ِع ِلينَ .18
الزكَا ِة َوكَانُوا لَنَا َو َج َع ْلنَاهُ ْم أَ ِئ َمةً َي ْهدُونَ ِبأ َ ْم ِرنَا َوأَ ْو َح ْينَا ِإلَ ْي ِه ْم ِف ْع َل ا ْل َخي َْرا ِ
ت َو ِإقَا َم الصََل ِة َو ِإيتَاء َ .23
عَا ِب ِدينَ
س ْوء فَا ِ
س ِقينَ ِث ِإنَ ُه ْم كَانُوا قَ ْو َم َ
طا آتَ ْينَا ُه ُح ْك ًما َو ِع ْل ًما َونَ َج ْينَا ُه مِ نَ ا ْلقَ ْر َي ِة الَتِي كَانَت ت َ ْع َم ُل ا ْل َخبَائ َ
َولُو ً .24