Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 4

‫األستاذ ‪:‬الهاشمي الشيخ‬ ‫الدرس‪:‬‬ ‫جامعة المنستير‬

‫الدرس الثالث ‪ /‬تتمة‬ ‫المعهد العالي للدراسية التطبيقيّة‬


‫‪10/02/2021‬‬
‫بسيكولوجيا النمو‬‫في االنسانيات بالمهدية‬
‫‪Nom Groupe : Niveau 1 educens GO3 :G1/2G / 1 educens GO5 :G1/2G‬‬
‫‪2 semestre‬‬

‫ما هي القضايا الرئيسية في نظرية التعلَم لدي بياجي وفي إرتباطها بنمو الطفل ؟‬
‫أولى هذه القضايا تعريف التع َلم‪:‬‬
‫‪ ‬التعلَم هو تغير في السلوك ينجم عن التدريب المعزز ‪.‬‬
‫التدرب وحده‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪‬التعلَم هو تغير في السلوك يأتي بموجب‬
‫التروي؛ والتعزيز ليس عامال يأتينا من البيئة بل ينبع‬
‫َ‬ ‫‪‬التعلَم الحقيقي هو التعلَم الذي ينشا عن التأمل أو‬
‫من أفكار وقدرة المتعلَم ذاته‪.‬‬
‫إن هذه التعريفات الثالثة تحملنا إلى طرح المشكل التالي ‪:‬‬
‫هل أن التع َلم هو هذا التغير في السلوك الذي ينجم عن التدريب المعزز (كما يذهب إلى ذلك سكينر)؟ أم ان التع َلم‬
‫هو تغيير في السلوك ينجم عن التدريب فحسب (كما يذهب إلى ذلك ادوين) ؟ أم أن التع َلم ال ينشأ إال بالتأمل‬
‫والتر َوي وهو ما يجعل من المتع َلم حجر الزاوية في عملية التع َلم (كما يذهب إلى ذلك جون بياجي)؟ ‪.‬‬
‫تتمثل القضية الثانية في قياس التع َلم؛ إذ يعتبر سكينر أن التغير في معدَل سلوك المتعلَم أفضل وسيلة لقياس هذا‬
‫التعلَم ‪ .‬فإذا كان هذا المعدَل ال يتغير إال بحضور مثيرات معينة فمعنى هذا؛ أ َن الشخص المعني قد تعلَم شيئا‬
‫صا عن هذه المثيرات ‪.‬‬ ‫خا َ‬
‫أ َما من يختلفون عن سكينر في صياغتهم لنظريات التعلَم؛ فهم يفضلون قياس شكل ونمط السلوك الذي جرى‬
‫تعلَمه‪ .‬فألبارت باندوا قام بتفحص جيَد لشكل االستجابة العدائية التي يقوم بها الطفل؛ وذلك لكي يعاين ما إذا كان‬
‫لها نفس النمط الذي يظهره الكبار في استجاباتهم العدائية‪ .‬وكال المقياسين يشيران الي حدوث التعلَم؛ ولكن ك َل‬
‫منهما يمثَل وجهة نظر تعلَمية مختلفة‪ .‬إن المشكل الذي يطرح في سياق التع َلم هو هل أن التع َلم يحصل دفعة‬
‫واحدة؟ أم من خالل مراحل متد َرجة؟ (أي من خالل سياق تدرج) وهذا السؤال يتع َلق بسياق التع َلم أو بالشكل‬
‫الذي يتخذه منحاه‪ .‬فإذا كان الوصول بالتعلم إلى درجة عالية من اإلتقان يقتضي تكرار المحاوالت؛ بحيث أن‬
‫سن ويتجود بمفعولها وآثارها؛ فإنَه يمكننا أن نستنتج؛ إما أن أحد االرتباطات قد زاد قوة كما يذهب‬ ‫التعلم يتح َ‬
‫َ‬
‫إلى ذلك تروندياك؛ و إما أنه قد قامت ارتباطات أخرى و أدَت دورا محدَدا في تجويد التعلم و إتقانه كما ذهب‬
‫إلى ذلك ويليم كي؛ أ َما إذا حدث تع َلم على مستوى عالي من اإلتقان بصورة مفاجأة؛ فإنَنا نستنتج؛ أن المتع َلم‬
‫أصبح قادرا على التع َلم بمقتضى قاعدة تختزل كل عناصر المهارة في وقت واحد‪ .‬إالَ أ ّن التغير المفاجئ في‬
‫منحى التعلَم يحملنا إلى االعتقاد بأن التعلَم عملية تقوم على الوعي وتحكمها قواعد أكثر من كونها تزداد دقة‬
‫وتجودا بتكرارها واضطرادها‪ .‬ولكن ماذا يجب تعلمه بالفعل؟ لكي يتعلم شخص ما وجب أن يكون قادرا على‬
‫تمييز اإلجابة التي ينبغي عليه القيام بها من بين إجابات أخرى أو أن نقول أن الشخص لكي يتعلَم وجب أن يدرك‬
‫المثيرات التي تحيل بدورها على مثيرات أخرى و هذا ما ذهب إليه تولمان‪ .‬أ َما عن الموقف األول الذي ذهب‬
‫إليه هال فإ ّن المثيرات هي إشارات الي استجابات؛ و أ َما عن الموقف الثاني؛ فإ َن المثيرات هي إحاالت لمثيرات‬
‫أخرى؛ و في هذا السياق تكون نظرية بياجي أقرب الي نظرية تولمان منها إلى نظرية هال ‪ .‬فتعلَمات الطفل‬
‫تم اخفاؤها؛ وذلك من خالل القدرة على تخزين‬ ‫حسب بياجي تكون من خالل قدرته على الكشف عن أشياء َ‬
‫‪1‬‬
‫والتصرف فيها‪ .‬إن األحدات حسب بياجي هي محدَدات‬
‫َ‬ ‫مواقعها في الذاكرة ومن خالل القدرة على استعمالها‬
‫تع َلم خارجية؛ وال تم َثل إ َال مصدرا وحيدا للمعرفة؛ لكنَ العناية بدماغ الطفل قصد اكسابه نضجا؛ قد تكشف ما‬
‫للطفل من قدرات ذاتية أصيلة أكثروأكبر م ّما يُمكن أن يأتيها الطفل في سياق تع َلمات يكون مصدرها متغييرات‬
‫العالم الخارجي‪ .‬فالطفل يتعلَم أشياء وهو في طور َ‬
‫نموه ال يمكن تفسيرها عن طريق محدَدات مادَية واجتماعية؛‬
‫أوالتي تتعلَق بالنضج‪ .‬ويطلق بياجي على محدَد التعلَم لذى الطفل تسمية عامل الموازنة؛ ويجعل من الموازنة‬
‫صنه من‬‫عملية موروثة‪ .‬ذلك أنه من خالل هذه العملية؛ يستطيع الطفل أن يربط بين المعلومات بطريقة تح َ‬
‫الخطأ؛ ومن التناقض؛ على أن عامل الموازنة لم يفهم فهما جيَدا من قبل منظري التع َلم؛ لذلك أبدوا إزاءه نوعا‬
‫من التجاهل‪.‬‬
‫ت َمة مشكل أخرى لم يدرك إدراكا جيَدا؛ إذ أن عامال آخر يقف محدَدا لسياق التعلَم؛ وهو مشكل الشرح أو‬
‫التفسير؛ الذي لم توليه نظرية التعلَم عناية؛ والمشكل الذي يطرحه هذا العامل هو متى نحتاج إلى تفسير شيء‬
‫ما؟ فالسلوكيون بحثوا في األحداث التي تحكم السلوك والتي يمكن استخدامها للتنبؤ بحدوته المستقبلي و ذلك‬
‫للتحكم فيه؛ إال َ ا َن شيمة التفسير‪ -‬للتنبؤ وللتحكم؛ ال تستوفي مطلوب بياجي؛ أل َنه يولي إهتماما بالشكل الذي‬
‫تكون عليه اإلجابة المعقدة ؛أكثر من إهتمامه بعدد م َرات ترديديها؛ وهو يهتم َ بمعرفة كيف يتع َلم جميع األطفال‬
‫تصحيح بعض األخطاء على هدي من تفكيرهم؟‪ .‬وعندما يكون البحث متعلقا بأشكال التفكير الشاملة؛ فمن غير‬
‫المناسب أن نعود إلى محاوالت التحكم في المثيرات وأشكال التعزيز؛ وعند بياجي تفسر إجابة الطفل عن سؤال‬
‫ما ؛بمالحظة بنية هذه العملية؛ ورصد تطورها عبر فترة زمنية؛ تمت َد عدَة سنوات؛ فبمج َرد وصف عملية‬
‫التغيّر؛ فان هذا الوصف؛ يشكَل في ح َد ذاته تفسيرا لهذه العملية‪.‬‬
‫يعترف بياجي بأن ما يعرفه ك َل متع َلم إنَما يكون ناجما ع َما يتع َلمه من بيئته؛ أي من عالم الناس واألشياء؛‬
‫وينضاف إلى ذلك فعل الموازنة؛ الذي يقود التع َلم؛ فعل يعني الكيفية التي يستطيع بها المتع َلم تنظيم المعلومات‬
‫المتناثرة في نظام معرفي غير متناقض‪ .‬وهذه الكيفية ال تنجر ع َما يراه المتع َلم؛ بل هي تساعده على فهم ما‬
‫يراه‪ .‬بموجب هذه المقدرة الموروثة لذى المتع َلم والتي يس َميها بياجي الموازنة؛ يستطيع المتع َلم أن ينتهي تدريجيا‬
‫إلى االستدالل على الكيفية التي ينبغي أن تكون عليها األشياء في هذا العالم ‪.‬‬
‫التعرف على عدَة خطوات إجرائية؛ تحول دون وقوع المتعلَم في‬‫َ‬ ‫إن فعل الموازنة وسياقه؛ يمكَن بياجي من‬
‫التناقض‪ .‬وعملية الموازنة تبدأ بشيء من االضطراب؛ حينما يشعر المتع َلم بأنَ هناك شيء ما ليس على غاية‬
‫من التوافق مع التع َلمات السابقة‪ .‬يضرب بياجي مثال على ذلك‪ :‬الطفلة التي تتنبأ بأن الماء الذي يصب في كأس‬
‫قصير وعريض سيصل إلى نفس المستوى إذا ما صب في كأس آخر طويل وضيق؛ ولكنها تصاب باالنزعاج‬
‫حينما تالحظ أن مستوى الماء في الكاس الثاني؛ أعلى منه في الكأس األول بحيث يعد اضطراب الطفلة ناتج‬
‫عن الصراع بين ما تتوقعه وما تعاينه أمامها‪ .‬إنَ هذه البداية المضطربة؛ تدفع الطفلة إلى بعض التنظيمات؛‬
‫للتخفيف من حدَة االضطراب‪ .‬األمر الذي يحملها إلى تثبت جديد بإعادة التجربة مرارا وتكرارا حتى تدرك‬
‫السبب الذي يجعل مستوى الماء في الكأس الطويل الضيق أعلى منه في الكاس القصير المتَسع‪ .‬والتكيَف بما‬
‫هو الهدف النهائي لعملية الموازنة؛ ينطوي على التفاعل بين عمليتين فرعيتين؛ هما؛ التمثل والمالءمة ؛وهاتان‬
‫العمليتان ليستا أكثر من شكلين آخرين من اشكال التنظيم‪ .‬فالتمثل هوعملية تغيير الخبرات الجديدة إلى خبرات‬
‫شوه الخبرة الجديدة‪ .‬فالطفلة التي ترى أن مستوى‬
‫مألوفة؛ والتمثل وحده أو التمثل بدون المالءمة؛ من شأنه ان ي َ‬
‫الماء قد هبط عند إعادة صبَه في الكأس العريض؛ قد تذهب إلى اإلعتقاد بأن بعض الماء قد تلف عند إعادة‬
‫تختص ك َلية بالتجربة الجديدة وبصورة مستقلة عن الخبرات السابقة‪.‬‬
‫َ‬ ‫صبَه‪ .‬أما المالءمة فهي عملية االنتباه التي‬
‫والمالءمة بدون التمثل قد تؤدي إلى نتائج خاطئة؛ كأن تستنتج الطفلة؛ أن الماء يكون في مستوى منخفض‬
‫أحيانا وفي مستوى مرتفع أحيانا أخرى؛ وفي هذه الحالة؛ فإنَ الطفلة تالئم ما تعاينه أمامها؛ دون محاولة تمثل‬
‫ما هو مكتسب في الخبرة السابقة‪ .‬ولهذا فإن التعادل أو المعادلة بين التمثل والمالئمة ضروري للطفل المتعلم‬

‫‪2‬‬
‫؛كي يستطيع الوصول إلى تفسير للحوادث الماثلة أمامه؛ ولكي يُصبح أكثر دقة في تع َلماته وأكثر تكيَفا مع‬
‫خبراته السابقة‪.‬‬
‫ام للمثيرات؛‬
‫يميز بياجي ما بين المعرفة الشكلية والمعرفة اإلجرائية‪ ،‬فالمعرفة الشكلية تعتمد على الشكل الع َ‬
‫بحيث ال تنبع من المحاكمة العقلية‪ ،‬أ َما المعرفة اإلجرائية؛ فهي التي تنطوي على التوصل إلى االستدالل‪.‬‬
‫وبصورة عا َمة؛ فالمعرفة اإلجرائية تهتم َ بالكيفية التي تتغير بموجبها األشياء من حالة سابقة إلى حالة حالية‬
‫ومن حالة حالية إلى حالة مستقبلية‪ .‬أ َما المعرفة الشكلية؛ فتهتم َ باألشياء في حاالتها الساكنة؛ في لحظة زمنية‬
‫محددة وفي مكان محدَد‪.‬‬
‫التعود على‬
‫َ‬ ‫إنَ المعرفة اإلجرائية لذى الطفل؛ هي معرفة تكتسب بمقتضي الوقت؛ بحيث تزداد قدرة الطفل على‬
‫تعود عليها في بدايات تعلَماته‪ .‬و حسب‬
‫المعرفة اإلجرائية باالنفصال تدريجيا عن جوانب المعرفة الشكلية التي َ‬
‫بياجي يمكننا ان نرد سياق تع َلمات الطفل إلى أربعة مراحل ؛تخضع فيها المعرفة إلى تح َوالت‪.‬‬
‫سية الحركية؛ التي يتع َلم‬
‫المرحلة األولى هي في السنتين األولى والثانية من عمر الطفل؛ وهي المرحلة الح َ‬
‫فيها األطفال فكرة استمرارية األشياء وانتظامها في البيئة وفي المحيط الذي نحيا فيه؛ وهي الفترة التي يعي فيها‬
‫الطفل حدود األشياء الصغيرة وأمكنتها‪ .‬ومن خالل التنظيم الحسَي‪ -‬الحركي؛ يكتشف األطفال بعض التغييرات‬
‫ويقفون عند بعض االختالفات‪.‬‬
‫أما المرحلة الثانية فهي المرحلة الماقبل‪ -‬إجرائية وتمتد َ من سنَ الثانية إلى سنَ السابعة؛ في هذه السنَ يبدأ‬
‫األطفال في معرفة األشياء في صورتها الرمزية؛ وليس من خالل معرفتها القائمة على األفعال الواقعية كما هو‬
‫األمر في المرحلة الحسية الحركية و في هذه المرحلة يكتسب األطفال طالقة اكثر في التعبير الرمزي‬
‫واإليماءات الجسمية و األصوات والكلمات؛ م َما يجعل لهم قدرة على تجاوز المعرفة القائمة على وجود األشياء‬
‫في بعدها المكاني والزمني أي وجود األشياء هنا و اآلن؛ لكنَ هذه المرحلة التي هي ماقبل‪ -‬إجرائية؛ ال يتم َكن‬
‫فيها الطفل من القيام باالستدالل االستنتاجي؛ أو التوصل إلى نتائج صحيحة؛ وفق مقتضيات منطقية ‪.‬‬
‫أما المرحلة الثالثة؛ فهي الفترة اإلجرائية‪ -‬المحسوسة؛ التي تمتد َ من السابعة إلى الثانية عشرة؛ فاألطفال في‬
‫يطورون قدرتهم على التفكير االستداللي؛ وذلك في نطاق ما يُشاهدونه ومايعاينونه؛ أي في إطار‬ ‫هذه الفترة َ‬
‫ارتباطهم بالمحسوس؛ وهذه الفترة تعكس نوعا من التفكير المج َرد الذي تكون مستويات االستدالالت فيه‬
‫مرتبطة باألشياء الفعلية وليس باألشياء المج َردة‪.‬‬
‫المرحلة األخيرة فهي مرحلة التفكير اإلجرائي‪ -‬الصوري‪ .‬والتي تبدأ في س َن الثالثة عشر تقريبا؛ إنَ هذه الفترة‬
‫صل إلى إجراء استدالالت عن طريق استدالالت أخرى‪ .‬فإذا كان الطفل في الفترة‬ ‫يتمكَن فيها األطفال من التو َ‬
‫االجرائية‪ -‬المحسوسة ال يستطيع القيام إالَ بعملية حسابية واحدة؛ وذلك ألنَه ال يحسن الربط بين عملية وأخرى‬
‫في ح َل المشكل؛ فإ َن الطفل في فترة اإلجرائية الصورية يكتسب قدرة على الربط بين العمليات الحسابية بناءا‬
‫على ما يتوصل إليه من نتائج عمليات حسابية أخرى‪ .‬وهذا يعني أن تفكيرهم قد تسامى وتج َرد من استخدام‬
‫األشياء الملموسة كمحتوى وحيد للتفكير؛ بحيث يصبحون على قدرة في استخدام عمليات وإجراءات وتصورات‬
‫مجردة كمحتويات لتفكيرهم‪.‬‬
‫النصَ َ‬
‫تتجسّد الوظائف الجوهريّة لل ّذكاء في الفهم واإلبداع‪ .‬وي ّتضح َبجالء ّ‬
‫َأن َهاتين َالوظيفتين َال َيمكن َعزلَ‬
‫ّ‬
‫ّتَإليهَ؛َوألنَإعادةَ‬
‫حوالتَالتيَأد‬‫إحداهماَعنَاألخرىَألنَفهمَظاهرةَأوَحدثَ ّماَيستوجبَإعادةَتشكيلَال ّت ّ‬
‫ّ‬
‫سسناَمنَقبلَبنيةَال ّتحويالتَ؛َوهذاَيفترضَقسطاَمنَاالختراعَأوَ‬ ‫ال ّتشكيلَهذهَتستوجبَم ّناَأنَنكونَقدَأ ّ‬
‫االختراعَالمعادي ‪ .‬غير أنّه َفيَال ّسابقَكانتَنظريّاتَالذّكاء) مثل التّجريبيّة التّرابطيّة ( تر ّكزَعلَعنصرَ‬
‫يَكانتَتُرج ُعَفيهَاألدوارَاألساسيّةَلإلحسا َ‬ ‫الفهمَوتحصرَنطاقهَفيَردَّالمر ّكبَإلىَالبسيطَوفقَنمطَدور ّ‬
‫‪3‬‬
‫ّاتَتعتبرهَكمجردَاكتشاف للوقائعَالموجودةَسلفا ؛َفي‬
‫ّ‬ ‫صورة والتّداعي ‪ .‬أ ّماَاالختراعَفكانتَتلكَالنّظري‬‫وال ّ‬
‫صدد والتي تخضع أكثر فأكثر للتّحقيق بوضعها على محكّ الواقع ؛‬ ‫حين أنّ النّظريّات األحدث في هذا ال ّ‬
‫تجعل الفهم بالعكس وقفا أو موقوفا على االختراع ؛ وتعتبر هذا األخير بمثابة التّشييد المستم ّر للبنيات‬
‫اإلجماليّة ‪َ .‬‬
‫هكذاَاتّضحَأ ّن َمشكل الذّكاء َ؛َومعهَالمشكل اإلبستمولوجي الجوهر ّ‬
‫ي َحولَطبيعةَالمعارف ‪ :‬أهيَن ْس ٌخَ‬
‫للواقعَأمَهيَبالعك َاستيعابَللواقعَفيَالبنياتَالتّحويليّةَ؟ََ َ‬
‫صوراتَالتيَتن ّظرَللمعرفةَكعملي ّةَنسخَقدَانتهتَ؛َنجدهاَبالعك َحيّةَعندَالكثيرينَ‬ ‫وبعيداَعنَأنَتكونَال ّت ّ‬
‫صورةَوالعروضَ‬ ‫؛َوتُلهمَالعديدَمنَالمناهجَال ّتربويّةَ؛َبماَفيَذلكَأيضاَالمناهجَالحدسيّةَالتيَتلعبَفيهاَال ّ‬
‫ي ‪ .‬وفي ميدان سيكولوجيا‬ ‫سمعيّةَالبصريّةَدوراَ؛ يميلَالبعضَإلىَاعتبارهَكأرقىَمراحلَالتّقدّمَال ّتربو َّ‬ ‫ال ّ‬
‫ال ّطفل ؛ مازال العديد من الكتّاب يعتقدون أنّ نشوء الذّكاء يخضع لقوانين التّعلّم ‪ ...‬فنظريّةَهال َتصوغَلناَ‬
‫تصوراَعنَنشوءَال ّذكاءَينطلقَمنَتكرارَاستجاباتَالجسمَللمثيراتَالخارجيّة َ؛َثم ّ َتوطيدَهذهَالتكراراتَ‬ ‫ّ‬
‫بال ّتعزيزاتَالخارجيّةَ؛َثم َّتشكيلَسالسل ال ّترابطات أوَماَيس ّمىَبأهرامَالعادات المتراتبة التيَتعطيَنسخةَ‬
‫وظيفيّةَعنَلقطاتَالواقعَالمنتظمة‪ ...‬غير أنّ الواقعة األساسيّة ؛ التي تناقض هذه البقايا من التّجريبيّة‬
‫تصوراتنا لل ّذكاء ؛ هي أنّ المعارف تستم ّد من الحركة (ومن النشاط‬ ‫ّ‬ ‫التّرابطيّة ؛ والتّي أدّى إثباتها إلى تجديد‬
‫أوالفعل) ؛ ال بكونها مج ّرد استجابات ترابطيّة بسيطة ؛ وإ ّنما من حيث هي ؛ بمعنى أعمق ؛ قولبة الواقع‬
‫ضمن التّنسيقات الضّروريّة والعا ّمة للحركة أو األفعال ‪ .‬فمعرفةَموضوعَ ّماَهيَالفعلَفيهَمنَأجل تغييرهَ؛‬
‫وإدراكَآليّاتَهذاَال ّتغييرَفيَارتباطهاَمعَاألفعالَنفسهاَالتيَتساهمَفيَفعلَالتّغييرَذاته ‪ .‬فالمعرفةَإذنَهيَ‬
‫ق من الفعل هو‬ ‫استيعابَالواقعَفيَبنياتَينشئهاَال ّذكاءَبماَهوَامتدادَمباشرَللفعل ‪ .‬والقول بأنّ الذّكاء مشت ّ‬
‫إنَطبيعةَنشاطَ‬ ‫تأويل مطابق لوجه البسيكولوجيا النّاطقة بالفرنسيّةَ؛َتأويلَيقودَبالتّاليَإلىَنتيجةَمفادها ‪ّ :‬‬
‫سدَفيَتنفيذَاألفعالَ‬‫ىَفيَأرقىَمظاهرهَ؛َحيثَالَيعودَيتحركَإالَّبواسطةَاألدواتَالذّهنيّةَ؛َتتج ّ‬
‫ّ‬ ‫الذّكاءَ؛َحت ّ‬
‫وتنسيقهاَ؛َلكنَبصورةَمستبطنةَوانعكاسيّة ‪ .‬وهذهَاألفعالَالمستبطنةَ؛َهيَبالتّحديدَاإلجراءاتَالمنطقيّة ‪/‬‬
‫ّةَالمحركةَلكلَّحكمَأوَاستدالل ‪ .‬بيد أ ّن اإلجراءات المنطقيّة‬
‫ّ‬ ‫صيرورات التّحويلي‬
‫الرياضيّةَ؛َمنَحيثَهي ال ّ‬‫ّ‬
‫الرياضيّة ليست مج ّرد أفعال مستبطنة غير محدّدةَ؛َبل إنّها ؛َمنَحيثَهيَانعكا َألع َّم تنسيقات الحركةَ‬ ‫‪ّ /‬‬
‫ّ‬
‫معاكساَ؛َمثلَالطرحَ‬ ‫؛َمطبوعة بسمة مزدوجة ‪ :‬فهيَمنَجهةَ؛َقابلة لالعتكا أيَأ ّن َلك ّل َإجراء إجراء‬
‫والجمعَ؛َأوَإجراءَمقابال ‪ .‬وهيَمنَجهة ثانيةَ؛ تتّسقَتبعاَلذلكَفيَبنياتَإجماليّةَمثلَالتّصنيفَوسلسلةَ‬
‫صحيحة ‪ .‬وينتج عن ذلك أنّ ال ّذكاء في جميع المستويات هو استيعاب للمعطى ضمن بنيات‬ ‫األعداد َال ّ‬
‫صيرورة‬ ‫التّحويالت ؛ انطالقا من بنيات األفعال ّ‬
‫األوليّة ؛ وانتهاء بالبنيات اإلجرائيّة العليا ‪ .‬ومحتوى هذه ال ّ‬
‫البنائيّة أي تشكيل البنيات ؛ هو تنظيم الواقع على مستوى التّفكير أو الفعل ال مج ّرد نسخه ‪.‬‬
‫جان بياجي ‪ /‬علم ال ّنفس وفنّ التّربية ‪ /‬من ال ّ‬
‫صفحة ‪ 31‬إلى ‪ 33‬بتص ّرف‬

‫‪4‬‬

You might also like