Professional Documents
Culture Documents
نظرية التعلَم لدي بياجي وفي إرتباطها بنمو الطفل
نظرية التعلَم لدي بياجي وفي إرتباطها بنمو الطفل
ما هي القضايا الرئيسية في نظرية التعلَم لدي بياجي وفي إرتباطها بنمو الطفل ؟
أولى هذه القضايا تعريف التع َلم:
التعلَم هو تغير في السلوك ينجم عن التدريب المعزز .
التدرب وحده.
َ التعلَم هو تغير في السلوك يأتي بموجب
التروي؛ والتعزيز ليس عامال يأتينا من البيئة بل ينبع
َ التعلَم الحقيقي هو التعلَم الذي ينشا عن التأمل أو
من أفكار وقدرة المتعلَم ذاته.
إن هذه التعريفات الثالثة تحملنا إلى طرح المشكل التالي :
هل أن التع َلم هو هذا التغير في السلوك الذي ينجم عن التدريب المعزز (كما يذهب إلى ذلك سكينر)؟ أم ان التع َلم
هو تغيير في السلوك ينجم عن التدريب فحسب (كما يذهب إلى ذلك ادوين) ؟ أم أن التع َلم ال ينشأ إال بالتأمل
والتر َوي وهو ما يجعل من المتع َلم حجر الزاوية في عملية التع َلم (كما يذهب إلى ذلك جون بياجي)؟ .
تتمثل القضية الثانية في قياس التع َلم؛ إذ يعتبر سكينر أن التغير في معدَل سلوك المتعلَم أفضل وسيلة لقياس هذا
التعلَم .فإذا كان هذا المعدَل ال يتغير إال بحضور مثيرات معينة فمعنى هذا؛ أ َن الشخص المعني قد تعلَم شيئا
صا عن هذه المثيرات . خا َ
أ َما من يختلفون عن سكينر في صياغتهم لنظريات التعلَم؛ فهم يفضلون قياس شكل ونمط السلوك الذي جرى
تعلَمه .فألبارت باندوا قام بتفحص جيَد لشكل االستجابة العدائية التي يقوم بها الطفل؛ وذلك لكي يعاين ما إذا كان
لها نفس النمط الذي يظهره الكبار في استجاباتهم العدائية .وكال المقياسين يشيران الي حدوث التعلَم؛ ولكن ك َل
منهما يمثَل وجهة نظر تعلَمية مختلفة .إن المشكل الذي يطرح في سياق التع َلم هو هل أن التع َلم يحصل دفعة
واحدة؟ أم من خالل مراحل متد َرجة؟ (أي من خالل سياق تدرج) وهذا السؤال يتع َلق بسياق التع َلم أو بالشكل
الذي يتخذه منحاه .فإذا كان الوصول بالتعلم إلى درجة عالية من اإلتقان يقتضي تكرار المحاوالت؛ بحيث أن
سن ويتجود بمفعولها وآثارها؛ فإنَه يمكننا أن نستنتج؛ إما أن أحد االرتباطات قد زاد قوة كما يذهب التعلم يتح َ
َ
إلى ذلك تروندياك؛ و إما أنه قد قامت ارتباطات أخرى و أدَت دورا محدَدا في تجويد التعلم و إتقانه كما ذهب
إلى ذلك ويليم كي؛ أ َما إذا حدث تع َلم على مستوى عالي من اإلتقان بصورة مفاجأة؛ فإنَنا نستنتج؛ أن المتع َلم
أصبح قادرا على التع َلم بمقتضى قاعدة تختزل كل عناصر المهارة في وقت واحد .إالَ أ ّن التغير المفاجئ في
منحى التعلَم يحملنا إلى االعتقاد بأن التعلَم عملية تقوم على الوعي وتحكمها قواعد أكثر من كونها تزداد دقة
وتجودا بتكرارها واضطرادها .ولكن ماذا يجب تعلمه بالفعل؟ لكي يتعلم شخص ما وجب أن يكون قادرا على
تمييز اإلجابة التي ينبغي عليه القيام بها من بين إجابات أخرى أو أن نقول أن الشخص لكي يتعلَم وجب أن يدرك
المثيرات التي تحيل بدورها على مثيرات أخرى و هذا ما ذهب إليه تولمان .أ َما عن الموقف األول الذي ذهب
إليه هال فإ ّن المثيرات هي إشارات الي استجابات؛ و أ َما عن الموقف الثاني؛ فإ َن المثيرات هي إحاالت لمثيرات
أخرى؛ و في هذا السياق تكون نظرية بياجي أقرب الي نظرية تولمان منها إلى نظرية هال .فتعلَمات الطفل
تم اخفاؤها؛ وذلك من خالل القدرة على تخزين حسب بياجي تكون من خالل قدرته على الكشف عن أشياء َ
1
والتصرف فيها .إن األحدات حسب بياجي هي محدَدات
َ مواقعها في الذاكرة ومن خالل القدرة على استعمالها
تع َلم خارجية؛ وال تم َثل إ َال مصدرا وحيدا للمعرفة؛ لكنَ العناية بدماغ الطفل قصد اكسابه نضجا؛ قد تكشف ما
للطفل من قدرات ذاتية أصيلة أكثروأكبر م ّما يُمكن أن يأتيها الطفل في سياق تع َلمات يكون مصدرها متغييرات
العالم الخارجي .فالطفل يتعلَم أشياء وهو في طور َ
نموه ال يمكن تفسيرها عن طريق محدَدات مادَية واجتماعية؛
أوالتي تتعلَق بالنضج .ويطلق بياجي على محدَد التعلَم لذى الطفل تسمية عامل الموازنة؛ ويجعل من الموازنة
صنه منعملية موروثة .ذلك أنه من خالل هذه العملية؛ يستطيع الطفل أن يربط بين المعلومات بطريقة تح َ
الخطأ؛ ومن التناقض؛ على أن عامل الموازنة لم يفهم فهما جيَدا من قبل منظري التع َلم؛ لذلك أبدوا إزاءه نوعا
من التجاهل.
ت َمة مشكل أخرى لم يدرك إدراكا جيَدا؛ إذ أن عامال آخر يقف محدَدا لسياق التعلَم؛ وهو مشكل الشرح أو
التفسير؛ الذي لم توليه نظرية التعلَم عناية؛ والمشكل الذي يطرحه هذا العامل هو متى نحتاج إلى تفسير شيء
ما؟ فالسلوكيون بحثوا في األحداث التي تحكم السلوك والتي يمكن استخدامها للتنبؤ بحدوته المستقبلي و ذلك
للتحكم فيه؛ إال َ ا َن شيمة التفسير -للتنبؤ وللتحكم؛ ال تستوفي مطلوب بياجي؛ أل َنه يولي إهتماما بالشكل الذي
تكون عليه اإلجابة المعقدة ؛أكثر من إهتمامه بعدد م َرات ترديديها؛ وهو يهتم َ بمعرفة كيف يتع َلم جميع األطفال
تصحيح بعض األخطاء على هدي من تفكيرهم؟ .وعندما يكون البحث متعلقا بأشكال التفكير الشاملة؛ فمن غير
المناسب أن نعود إلى محاوالت التحكم في المثيرات وأشكال التعزيز؛ وعند بياجي تفسر إجابة الطفل عن سؤال
ما ؛بمالحظة بنية هذه العملية؛ ورصد تطورها عبر فترة زمنية؛ تمت َد عدَة سنوات؛ فبمج َرد وصف عملية
التغيّر؛ فان هذا الوصف؛ يشكَل في ح َد ذاته تفسيرا لهذه العملية.
يعترف بياجي بأن ما يعرفه ك َل متع َلم إنَما يكون ناجما ع َما يتع َلمه من بيئته؛ أي من عالم الناس واألشياء؛
وينضاف إلى ذلك فعل الموازنة؛ الذي يقود التع َلم؛ فعل يعني الكيفية التي يستطيع بها المتع َلم تنظيم المعلومات
المتناثرة في نظام معرفي غير متناقض .وهذه الكيفية ال تنجر ع َما يراه المتع َلم؛ بل هي تساعده على فهم ما
يراه .بموجب هذه المقدرة الموروثة لذى المتع َلم والتي يس َميها بياجي الموازنة؛ يستطيع المتع َلم أن ينتهي تدريجيا
إلى االستدالل على الكيفية التي ينبغي أن تكون عليها األشياء في هذا العالم .
التعرف على عدَة خطوات إجرائية؛ تحول دون وقوع المتعلَم فيَ إن فعل الموازنة وسياقه؛ يمكَن بياجي من
التناقض .وعملية الموازنة تبدأ بشيء من االضطراب؛ حينما يشعر المتع َلم بأنَ هناك شيء ما ليس على غاية
من التوافق مع التع َلمات السابقة .يضرب بياجي مثال على ذلك :الطفلة التي تتنبأ بأن الماء الذي يصب في كأس
قصير وعريض سيصل إلى نفس المستوى إذا ما صب في كأس آخر طويل وضيق؛ ولكنها تصاب باالنزعاج
حينما تالحظ أن مستوى الماء في الكاس الثاني؛ أعلى منه في الكأس األول بحيث يعد اضطراب الطفلة ناتج
عن الصراع بين ما تتوقعه وما تعاينه أمامها .إنَ هذه البداية المضطربة؛ تدفع الطفلة إلى بعض التنظيمات؛
للتخفيف من حدَة االضطراب .األمر الذي يحملها إلى تثبت جديد بإعادة التجربة مرارا وتكرارا حتى تدرك
السبب الذي يجعل مستوى الماء في الكأس الطويل الضيق أعلى منه في الكاس القصير المتَسع .والتكيَف بما
هو الهدف النهائي لعملية الموازنة؛ ينطوي على التفاعل بين عمليتين فرعيتين؛ هما؛ التمثل والمالءمة ؛وهاتان
العمليتان ليستا أكثر من شكلين آخرين من اشكال التنظيم .فالتمثل هوعملية تغيير الخبرات الجديدة إلى خبرات
شوه الخبرة الجديدة .فالطفلة التي ترى أن مستوى
مألوفة؛ والتمثل وحده أو التمثل بدون المالءمة؛ من شأنه ان ي َ
الماء قد هبط عند إعادة صبَه في الكأس العريض؛ قد تذهب إلى اإلعتقاد بأن بعض الماء قد تلف عند إعادة
تختص ك َلية بالتجربة الجديدة وبصورة مستقلة عن الخبرات السابقة.
َ صبَه .أما المالءمة فهي عملية االنتباه التي
والمالءمة بدون التمثل قد تؤدي إلى نتائج خاطئة؛ كأن تستنتج الطفلة؛ أن الماء يكون في مستوى منخفض
أحيانا وفي مستوى مرتفع أحيانا أخرى؛ وفي هذه الحالة؛ فإنَ الطفلة تالئم ما تعاينه أمامها؛ دون محاولة تمثل
ما هو مكتسب في الخبرة السابقة .ولهذا فإن التعادل أو المعادلة بين التمثل والمالئمة ضروري للطفل المتعلم
2
؛كي يستطيع الوصول إلى تفسير للحوادث الماثلة أمامه؛ ولكي يُصبح أكثر دقة في تع َلماته وأكثر تكيَفا مع
خبراته السابقة.
ام للمثيرات؛
يميز بياجي ما بين المعرفة الشكلية والمعرفة اإلجرائية ،فالمعرفة الشكلية تعتمد على الشكل الع َ
بحيث ال تنبع من المحاكمة العقلية ،أ َما المعرفة اإلجرائية؛ فهي التي تنطوي على التوصل إلى االستدالل.
وبصورة عا َمة؛ فالمعرفة اإلجرائية تهتم َ بالكيفية التي تتغير بموجبها األشياء من حالة سابقة إلى حالة حالية
ومن حالة حالية إلى حالة مستقبلية .أ َما المعرفة الشكلية؛ فتهتم َ باألشياء في حاالتها الساكنة؛ في لحظة زمنية
محددة وفي مكان محدَد.
التعود على
َ إنَ المعرفة اإلجرائية لذى الطفل؛ هي معرفة تكتسب بمقتضي الوقت؛ بحيث تزداد قدرة الطفل على
تعود عليها في بدايات تعلَماته .و حسب
المعرفة اإلجرائية باالنفصال تدريجيا عن جوانب المعرفة الشكلية التي َ
بياجي يمكننا ان نرد سياق تع َلمات الطفل إلى أربعة مراحل ؛تخضع فيها المعرفة إلى تح َوالت.
سية الحركية؛ التي يتع َلم
المرحلة األولى هي في السنتين األولى والثانية من عمر الطفل؛ وهي المرحلة الح َ
فيها األطفال فكرة استمرارية األشياء وانتظامها في البيئة وفي المحيط الذي نحيا فيه؛ وهي الفترة التي يعي فيها
الطفل حدود األشياء الصغيرة وأمكنتها .ومن خالل التنظيم الحسَي -الحركي؛ يكتشف األطفال بعض التغييرات
ويقفون عند بعض االختالفات.
أما المرحلة الثانية فهي المرحلة الماقبل -إجرائية وتمتد َ من سنَ الثانية إلى سنَ السابعة؛ في هذه السنَ يبدأ
األطفال في معرفة األشياء في صورتها الرمزية؛ وليس من خالل معرفتها القائمة على األفعال الواقعية كما هو
األمر في المرحلة الحسية الحركية و في هذه المرحلة يكتسب األطفال طالقة اكثر في التعبير الرمزي
واإليماءات الجسمية و األصوات والكلمات؛ م َما يجعل لهم قدرة على تجاوز المعرفة القائمة على وجود األشياء
في بعدها المكاني والزمني أي وجود األشياء هنا و اآلن؛ لكنَ هذه المرحلة التي هي ماقبل -إجرائية؛ ال يتم َكن
فيها الطفل من القيام باالستدالل االستنتاجي؛ أو التوصل إلى نتائج صحيحة؛ وفق مقتضيات منطقية .
أما المرحلة الثالثة؛ فهي الفترة اإلجرائية -المحسوسة؛ التي تمتد َ من السابعة إلى الثانية عشرة؛ فاألطفال في
يطورون قدرتهم على التفكير االستداللي؛ وذلك في نطاق ما يُشاهدونه ومايعاينونه؛ أي في إطار هذه الفترة َ
ارتباطهم بالمحسوس؛ وهذه الفترة تعكس نوعا من التفكير المج َرد الذي تكون مستويات االستدالالت فيه
مرتبطة باألشياء الفعلية وليس باألشياء المج َردة.
المرحلة األخيرة فهي مرحلة التفكير اإلجرائي -الصوري .والتي تبدأ في س َن الثالثة عشر تقريبا؛ إنَ هذه الفترة
صل إلى إجراء استدالالت عن طريق استدالالت أخرى .فإذا كان الطفل في الفترة يتمكَن فيها األطفال من التو َ
االجرائية -المحسوسة ال يستطيع القيام إالَ بعملية حسابية واحدة؛ وذلك ألنَه ال يحسن الربط بين عملية وأخرى
في ح َل المشكل؛ فإ َن الطفل في فترة اإلجرائية الصورية يكتسب قدرة على الربط بين العمليات الحسابية بناءا
على ما يتوصل إليه من نتائج عمليات حسابية أخرى .وهذا يعني أن تفكيرهم قد تسامى وتج َرد من استخدام
األشياء الملموسة كمحتوى وحيد للتفكير؛ بحيث يصبحون على قدرة في استخدام عمليات وإجراءات وتصورات
مجردة كمحتويات لتفكيرهم.
النصَ َ
تتجسّد الوظائف الجوهريّة لل ّذكاء في الفهم واإلبداع .وي ّتضح َبجالء ّ
َأن َهاتين َالوظيفتين َال َيمكن َعزلَ
ّ
ّتَإليهَ؛َوألنَإعادةَ
حوالتَالتيَأدإحداهماَعنَاألخرىَألنَفهمَظاهرةَأوَحدثَ ّماَيستوجبَإعادةَتشكيلَال ّت ّ
ّ
سسناَمنَقبلَبنيةَال ّتحويالتَ؛َوهذاَيفترضَقسطاَمنَاالختراعَأوَ ال ّتشكيلَهذهَتستوجبَم ّناَأنَنكونَقدَأ ّ
االختراعَالمعادي .غير أنّه َفيَال ّسابقَكانتَنظريّاتَالذّكاء) مثل التّجريبيّة التّرابطيّة ( تر ّكزَعلَعنصرَ
يَكانتَتُرج ُعَفيهَاألدوارَاألساسيّةَلإلحسا َ الفهمَوتحصرَنطاقهَفيَردَّالمر ّكبَإلىَالبسيطَوفقَنمطَدور ّ
3
ّاتَتعتبرهَكمجردَاكتشاف للوقائعَالموجودةَسلفا ؛َفي
ّ صورة والتّداعي .أ ّماَاالختراعَفكانتَتلكَالنّظريوال ّ
صدد والتي تخضع أكثر فأكثر للتّحقيق بوضعها على محكّ الواقع ؛ حين أنّ النّظريّات األحدث في هذا ال ّ
تجعل الفهم بالعكس وقفا أو موقوفا على االختراع ؛ وتعتبر هذا األخير بمثابة التّشييد المستم ّر للبنيات
اإلجماليّة َ .
هكذاَاتّضحَأ ّن َمشكل الذّكاء َ؛َومعهَالمشكل اإلبستمولوجي الجوهر ّ
ي َحولَطبيعةَالمعارف :أهيَن ْس ٌخَ
للواقعَأمَهيَبالعك َاستيعابَللواقعَفيَالبنياتَالتّحويليّةَ؟ََ َ
صوراتَالتيَتن ّظرَللمعرفةَكعملي ّةَنسخَقدَانتهتَ؛َنجدهاَبالعك َحيّةَعندَالكثيرينَ وبعيداَعنَأنَتكونَال ّت ّ
صورةَوالعروضَ ؛َوتُلهمَالعديدَمنَالمناهجَال ّتربويّةَ؛َبماَفيَذلكَأيضاَالمناهجَالحدسيّةَالتيَتلعبَفيهاَال ّ
ي .وفي ميدان سيكولوجيا سمعيّةَالبصريّةَدوراَ؛ يميلَالبعضَإلىَاعتبارهَكأرقىَمراحلَالتّقدّمَال ّتربو َّ ال ّ
ال ّطفل ؛ مازال العديد من الكتّاب يعتقدون أنّ نشوء الذّكاء يخضع لقوانين التّعلّم ...فنظريّةَهال َتصوغَلناَ
تصوراَعنَنشوءَال ّذكاءَينطلقَمنَتكرارَاستجاباتَالجسمَللمثيراتَالخارجيّة َ؛َثم ّ َتوطيدَهذهَالتكراراتَ ّ
بال ّتعزيزاتَالخارجيّةَ؛َثم َّتشكيلَسالسل ال ّترابطات أوَماَيس ّمىَبأهرامَالعادات المتراتبة التيَتعطيَنسخةَ
وظيفيّةَعنَلقطاتَالواقعَالمنتظمة ...غير أنّ الواقعة األساسيّة ؛ التي تناقض هذه البقايا من التّجريبيّة
تصوراتنا لل ّذكاء ؛ هي أنّ المعارف تستم ّد من الحركة (ومن النشاط ّ التّرابطيّة ؛ والتّي أدّى إثباتها إلى تجديد
أوالفعل) ؛ ال بكونها مج ّرد استجابات ترابطيّة بسيطة ؛ وإ ّنما من حيث هي ؛ بمعنى أعمق ؛ قولبة الواقع
ضمن التّنسيقات الضّروريّة والعا ّمة للحركة أو األفعال .فمعرفةَموضوعَ ّماَهيَالفعلَفيهَمنَأجل تغييرهَ؛
وإدراكَآليّاتَهذاَال ّتغييرَفيَارتباطهاَمعَاألفعالَنفسهاَالتيَتساهمَفيَفعلَالتّغييرَذاته .فالمعرفةَإذنَهيَ
ق من الفعل هو استيعابَالواقعَفيَبنياتَينشئهاَال ّذكاءَبماَهوَامتدادَمباشرَللفعل .والقول بأنّ الذّكاء مشت ّ
إنَطبيعةَنشاطَ تأويل مطابق لوجه البسيكولوجيا النّاطقة بالفرنسيّةَ؛َتأويلَيقودَبالتّاليَإلىَنتيجةَمفادها ّ :
سدَفيَتنفيذَاألفعالَىَفيَأرقىَمظاهرهَ؛َحيثَالَيعودَيتحركَإالَّبواسطةَاألدواتَالذّهنيّةَ؛َتتج ّ
ّ الذّكاءَ؛َحت ّ
وتنسيقهاَ؛َلكنَبصورةَمستبطنةَوانعكاسيّة .وهذهَاألفعالَالمستبطنةَ؛َهيَبالتّحديدَاإلجراءاتَالمنطقيّة /
ّةَالمحركةَلكلَّحكمَأوَاستدالل .بيد أ ّن اإلجراءات المنطقيّة
ّ صيرورات التّحويلي
الرياضيّةَ؛َمنَحيثَهي ال ّّ
الرياضيّة ليست مج ّرد أفعال مستبطنة غير محدّدةَ؛َبل إنّها ؛َمنَحيثَهيَانعكا َألع َّم تنسيقات الحركةَ ّ /
ّ
معاكساَ؛َمثلَالطرحَ ؛َمطبوعة بسمة مزدوجة :فهيَمنَجهةَ؛َقابلة لالعتكا أيَأ ّن َلك ّل َإجراء إجراء
والجمعَ؛َأوَإجراءَمقابال .وهيَمنَجهة ثانيةَ؛ تتّسقَتبعاَلذلكَفيَبنياتَإجماليّةَمثلَالتّصنيفَوسلسلةَ
صحيحة .وينتج عن ذلك أنّ ال ّذكاء في جميع المستويات هو استيعاب للمعطى ضمن بنيات األعداد َال ّ
صيرورة التّحويالت ؛ انطالقا من بنيات األفعال ّ
األوليّة ؛ وانتهاء بالبنيات اإلجرائيّة العليا .ومحتوى هذه ال ّ
البنائيّة أي تشكيل البنيات ؛ هو تنظيم الواقع على مستوى التّفكير أو الفعل ال مج ّرد نسخه .
جان بياجي /علم ال ّنفس وفنّ التّربية /من ال ّ
صفحة 31إلى 33بتص ّرف
4