Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 4

‫األستاذ‪ :‬الهاشمي الشيخ‬ ‫الدرس ‪:‬‬ ‫جامعة المنستير‬

‫الدرس ‪:‬‬ ‫بسيكولوجيا النمو‬ ‫المعهد العالي للدراسية التطبيقيّة في‬


‫‪03/03/2021‬‬ ‫االنسانيات بالمهدية‬
‫‪Nom Groupe : Niveau 1 educens GO3 :G1/2G / 1 educens‬‬
‫‪GO5 :G1/2G‬‬
‫‪semestre 2‬‬

‫علم النفس اإلختباري كأساس لعلوم التربية ولفن البيداغوجيا‬


‫الذاكرة لتغيير تصوّ رنا عن المدرس‪%%‬ة وعن وظيفته‪%%‬ا في‬ ‫يُلزمنا وجودنا ال ّراهن بضرورة ال ّتح ّرر من أساليب ال ّتلقين وتأثيث ّ‬
‫االرتقاء بالفرد إلى مستوى المواطنة الفاعلة ‪ .‬فال ّتقليد وال ّنقل هما وجهان لعملة واحدة يقتضي من‪%%‬ا وجودن‪%%‬ا اس‪%%‬تبعادها للتأس‪%%‬يس‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تمثل منطل‪%%‬ق المعرف‪%%‬ة ومنتهاه‪%%‬ا ‪.‬‬ ‫بالذات التي ّ‬
‫لنمط تعلّم نزيه ومبدع نم ّر فيه من ال ّتركيز على مضمون المعارف إلى االهتمام ّ‬
‫ّ‬
‫الذاتيّ ويجعل منه شخص‪%‬ا ق‪%‬ادرا على تنمي‪%‬ة ذكائ‪%‬ه ‪.‬إنّ ه‪%‬ذا التح‪%‬وّ ل ه‪%‬و‬ ‫إنّ هذا ال ّتحوّ ل هو الذي يذكي رغبة المتعلّم في ال ّتعلّم ّ‬
‫والحس‪%‬يّ الح‪%‬ركيّ ؛ ذل‪%‬ك أنّ ّ‬
‫ال‪%‬ذكاء لم يع‪%%‬د‬ ‫ّ‬ ‫الذهني والع‪%‬اطفي‬ ‫الطفل ونموّ ه ّ‬‫الذي تشهد عليه كتابات "بياجي" بما هي تهت ّم بذكاء ّ‬
‫ّ‬
‫الطفل؛ وال كقوالب قبليّة معزول‪%%‬ة عن الواق‪%%‬ع والت‪%%‬اريخ ‪ .‬ذل‪%%‬ك أنّ اهتم‪%%‬ام البس‪%%‬يكولوجيا‬ ‫ينظر إليه كقدرة فطريّة ناجزة بعد لدى ّ‬
‫الطفل في أبعاد حيات‪%%‬ه ال ّنفس‪%‬يّة المختلف‪%%‬ة؛ ي‪%%‬وازي اهتم‪%%‬ام العلم ال‪%%‬بيولوجي والف‪%%‬يزيولوجي بأعض‪%%‬ائه وبنيت‪%%‬ه الجس‪%%‬مانيّة في‬ ‫بنموّ ّ‬
‫نموّ ها؛ وذلك لرصد ال ّتغيّرات ال‪%%‬تي تط‪%%‬رأ على الجس‪%%‬د ولتش‪%%‬خيص األع‪%%‬راض ال‪%%‬تي يمكن أن تطال‪%%‬ه ج‪ّ %‬راء خل‪%%‬ل أو انقط‪%‬اع أو‬
‫الطف‪%‬ل موض‪%‬وع دراس‪%‬ة‬ ‫انحسار في نموّ وظائفه؛ وإن كان ه‪%%‬ذان االهتمام‪%‬ان ال ينج‪%‬زان بنفس األس‪%‬اليب؛لكن أن يص‪%%‬بح ذك‪%‬اء ّ‬
‫علميّة؛ ترصد مراحل نموّ ه المختلفة؛ وتتولَي تفسيرالعالقات التي تصل بينها؛فذاك ما يجعل علم ال ّنفس يرتح‪%%‬ل بن‪%%‬ا من ال‪%ّ %‬ذكاء‬
‫الذكاء الصّوريّ المنطقيّ ‪ .‬إنّ هذا النموّ تح‪%‬دّده عوام‪%‬ل داخليّ‪%‬ة وخارجيّ‪%‬ة؛‬ ‫الذكاء ‪-‬العاطفيّ ومن ثمّة إلى ّ‬ ‫الحسّي‪ -‬الحركيّ إلى ّ‬
‫الحس‪%‬يّة‪ -‬الحرك ّي‪%%‬ة في ال ّتعام‪%%‬ل م‪%%‬ع األش‪%%‬ياء؛ إلى ال ّتفاع‪%‬ل م‪%‬ع البيئ‪%‬ة‬
‫ّ‬ ‫تنطلق من تناضج الجهاز العصبيّ ؛ إلى نم‪%‬وّ ق‪%‬درة الطف‪%‬ل‬
‫مؤثراتها؛ إلى نموّ ال ّتوازن ال ّداخليّ لبنيات العقل التي تصبح إجرائيّة وليّنة في اس‪%%‬تيعاب الواق‪%%‬ع ال‪%%‬ذي تتفاع‪%%‬ل مع‪%%‬ه ‪.‬‬ ‫الستيعاب ّ‬
‫الطفل مشروطا في نموّ ه بالفعل؛ أي بالممارسة التي ينبني عليها ال ّتنسيق بين األفعال والحرك‪%‬ات وتنظيم‬ ‫الذكاء لدى ّ‬ ‫هكذا يكون ّ‬
‫ّ‬
‫اإلجراءات العمليّة واستبطانها ذهنيّا والعودة للتفكير فيها شعوريّا ‪.‬‬
‫فالذكاء هو حصيلة ال ّنشاط الفرديّ المشروط اجتماعيّا؛ وك ّل عرقلة لهذا ال ّنشاط أو تعطيل لديناميّت‪%%‬ه ّ‬
‫الذات ّي‪%%‬ة أو توجيه‪%%‬ه وقولبت‪%%‬ه‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫قسريّا في قنوات تهدر طاقاته يعدم للفرد ذكاءه ويحمله لالستعاضة عنه بال ّنقل وال ّتقبّل واالكتفاء بم‪%%‬ا تختزن‪%%‬ه ال‪%%‬ذاكرة ‪ .‬إنّ ه‪%%‬ذه‬
‫ال ّنتائج السّلبيّة ال ّتي انتهت إليها المدرسة ال ّتقليديّة هي التي يعمل‪ %‬بياجي "على استبعادها في رسمه لمالمح المدرسة الجدي‪%%‬دة؛‬
‫الذاكرة ‪ .‬لهذا يحت ّل ال ّنشاط ال ّشخصيّ والحياة في المجتمع م‪%%‬ع االخ‪%%‬رين واس‪%%‬تبدال‬ ‫الذكاء ال تأثيث ّ‬
‫التي يمنحها شعارا هو تنمية ّ‬
‫الثالث لل ّتربية الجديدة التي تجد في الدّراسات ال ّنفسيّة‬ ‫الذاتيّ وبال ّتعلّم المشترك بين األطفال اإلحداثيات ّ‬
‫اإلكراه في ال ّتعلّم بال ّتعلّم ّ‬
‫سندا لها ‪.‬‬
‫يمثل مشكال يمكننا صياغته على ال ّنح‪%%‬و ال ّت‪%%‬الي ‪ :‬لم‪%%‬اذا‬ ‫إنّ ال ّتعقيد الذي يطبع الحياة االجتماعيّة والذي تع ّد ال ّتربية انعكاسا له؛ ّ‬
‫نملك طبّا علميّا يستند إلى مخرجات الكيمياء والفيزياء والفيزيولوجيا والبيولوجيا وال نملك علما في ال ّتربية يمكن أن يس‪%%‬تند إلى‬
‫مخرجات علم ال ّنفس وعلم االجتم‪%‬اع واللّس‪%‬انيّات؟ ‪ .‬م‪%‬ا ّ‬
‫الس‪%‬بب ال‪%‬ذي جع‪%‬ل ال ّتربي‪%‬ة ال تتق‪%‬دّم بالمقارن‪%‬ة م‪%‬ع ال ّتجدي‪%‬د العمي‪%‬ق في‬
‫سيكولوجيّا ّ‬
‫الطفل وعلم االجتماع ‪.‬؟‬
‫الط‪%%‬رف‬‫يقترج "بياجي" عناصر إجابة عن هذه األسئلة من خالل ال ّتمسّك بضرورة االنطالق من الوقائع العين ّي‪%%‬ة؛ وذل‪%%‬ك لغضّ ّ‬
‫على االعتبارات ال ّنظريّة ؛وهنالك ثالثة أنواع من المعطيات؛ هي الجهل بنتائج ال ّتقنيات ال ّتربويّة ومش‪%%‬كلة هي‪%%‬أة ال ّت‪%%‬دريس وقلّ‪%%‬ة‬
‫البحوث ال ّتربويّة وغياب معاهد البحث ال ّتربويّ ‪ .‬كيف ننشئ ف ّنا علميّا جديدا في ال ّتربية ؟ وكيف نحدّد لل ّتربية ه‪%‬دفها ؟ لق‪%‬د ب‪%‬دأ‬
‫اقتصاد ال ّتربية في ال ّنموّ في سياق علوم أخ‪%‬رى وذل‪%‬ك بدراس‪%‬ته ألش‪%‬كال انس‪%‬جام بين األنس‪%‬اق ال ّتربويّ‪%‬ة والحاج‪%‬ات اإلجتماعيّ‪%‬ة‬
‫واإلقتصاديّة ‪ .‬فال ّتخطيط للتعليم لوضع مشاريع تمت‪ّ %‬د على س‪%%‬نوات ه‪%%‬و موض‪%%‬وع سوس‪%%‬يولوجيا ال ّتربي‪%%‬ة وذل‪%%‬ك لبي‪%%‬ان أنّ ب‪%%‬رامج‬
‫ال ّتعليم المفروضة ومناهج ال ّتلقين الملزمة غير ذات مردوديّة وليست خالّفة و ال هي مبدعة في ال ّتكوين الع‪%%‬ا ّم لألف‪%%‬راد ‪ .‬وتق‪%%‬ييم‬
‫كهذا؛ يحتاج إلي دراسة منهجيّة؛ تتو ّفر لها ك ّل وسائل المراقبة؛ التي وضعتها اإلحص‪%%‬ائيّات المنبثق‪%%‬ة عن علم ال ّنفس وعن علم‬
‫االجتماع وعن مختلف أبحاثهما؛ وهو ما ش ّكل علما جديدا لل ّتربية ا ّتخذ منزعا اختباريّا؛ يُدمج في‪%%‬ه ك ‪ّ %‬ل نش‪%%‬اطات المد ّرس‪%%‬ين ‪.‬‬
‫للطفل و بذكائ‪%%‬ه؛ اهتمام‪%%‬ا‬ ‫الطفل؛ وهو ما جعل االهتمام بالسّمات العامّة والعفويّة ّ‬ ‫لهذا فإنّ هذا العلم شديد االرتباط بسيكولوجيا ّ‬
‫المجزئة أم بمنهج ير ّكز على الك‪ّ %‬ل ؛‬ ‫ّ‬ ‫تربويّا اختباريّا بامتياز؛ وذلك لتقرير األسلوب األفضل في تعلّم القراءة ّ‬
‫بالطريقة ال ّتحليليّة‬
‫إمّا البدء بالحروف ث ّم االنتقال إلى الكلم‪%‬ات وص‪%‬وال إلى الجم‪%‬ل؛ أو ا ّتب‪%‬اع التسلس‪%‬ل المع‪%%‬اكس ؛ إنّ ح‪ّ %‬ل ه‪%‬ذا المش‪%‬كل ال يس‪%‬تند‬
‫ّ‬
‫لالعتب‪%%‬ارات المس‪%%‬تنبطة من علم ال ّنفس االختب‪%%‬اريّ ح‪%%‬ول دور األش‪%%‬كال الكلّ ّي‪%%‬ة في اإلدراك وح‪%%‬ول ّ‬
‫الط‪%%‬ابع ال ّتزام‪%%‬نيّ أو الكلّي‬
‫بالطف‪%‬ل ‪ .‬وم‪%%‬ا دمن‪%%‬ا نقتص‪%%‬ر على عوام‪%%‬ل‬ ‫الخاص‪%‬ة ّ‬
‫ّ‬ ‫إلدراكات األطفال ‪ .‬فالمنهج الكلّي ال يخلو من مساوئ في مج‪%‬ال ال ّتعلّم‪%%‬ات‬
‫والذاكرة في ال ّتعلّم؛ فإ ّننا نلزم بربط الصّلة بين اإلدراك والعوامل الخارجيّة؛ وذلك ألنّ ال ّتعلّم مسألة مر ّكبة؛ ال تخ‪%%‬تزل‬ ‫اإلدراك ّ‬
‫في عوامل محدّدة؛ ومشكالت ال ّتربية هي مشكالت يمكن تقييمها استنادا إلى مقاييس موضوعيّة وأخرى ذاتيّة ؛ وه‪%%‬و م‪%%‬ا جع‪%%‬ل‬
‫الطف‪%%‬ل ‪ .‬ف‪%%‬إذا ك‪%%‬ان فنّ ال ّتربي‪%%‬ة يقتص‪%%‬ر على مج‪%%‬رّ د البحث عن الوق‪%%‬ائع‬ ‫الرّ بط ضروريّا بين فنّ ال ّتربية االختباريّ وس‪%%‬يكولوجيا ّ‬
‫والقوانين دون السّعي لتغيير ما يالحظه؛ فهو يكون بذلك في غنى عن أيّة صلة بعلم ال ّنفس ‪ .‬لكن إذا أراد أن يفهم ما يفعل ويُت ّم‬
‫الص‪%‬لة بعلم ال ّنفس ‪ .‬ومهم‪%%‬ا ك‪%%‬انت وجّه‪%%‬ات فنّ ال ّتربي‪%%‬ة‬
‫أي يُرفق مالحظاته بتأويالت سببيّة وبتفس‪%%‬يرات؛ فعلي‪%%‬ه بداه‪%%‬ة أن يعق‪%%‬د ّ‬
‫بالض‪%‬رورة مش‪%%‬اكل ترتب‪%%‬ط بس‪%%‬يكولوجيا ال ّنم‪%%‬وّ ؛‬
‫ّ‬ ‫االختباريّ في اختياره لبرامج ال ّتعليم؛ وفي تحلبل تطبيقاتها ونتائجها فإ ّن‪%%‬ه يث‪%%‬ير‬
‫للذكاء ‪ .‬ومن ث ّم فإنّ تقدّم فنّ ال ّتربي‪%‬ة االختب‪%%‬اريّ مرتب‪%%‬ط بأبح‪%‬اث بين‪ -‬علم ّي‪%%‬ة مش‪%%‬تركة‬ ‫وبسيكولوجيا ال ّتعلّم وبسيكولوجيا العامّة ّ‬
‫يفس‪%‬ر وال يكتفي بالوص‪%%‬ف فحس‪%%‬ب ‪.‬إنّ ه‪%%‬ذه الحقيق‪%%‬ة هي ال‪%%‬تي دفعت‬ ‫بين علوم متع‪%‬دّدة ‪ .‬إذا ك‪%%‬ان المقص‪%%‬ود ه‪%%‬و ال ّتأس‪%%‬يس لعلم ّ‬
‫بسيكولوجيا ّ‬
‫الطفل والمراهق نحو ال ّنمو‪.‬‬
‫نموّ ّ‬
‫الطفل والمراهق‬
‫تنصب على‬ ‫ّ‬ ‫الطفل؛ فكانت تحليالته‬ ‫لنمو البنيات الفكريّة لدى ّ‬ ‫ّ‬ ‫لقد أك ّد " بياجي "على الجوانب العفويّة والمستقل ّة نسبيّا‬
‫يلح على إدماج األطفال تدريحيّا في‬ ‫ّ‬ ‫كان‬ ‫الذي‬ ‫"‬ ‫فالون‬ ‫"‬ ‫قبل‬ ‫من‬ ‫إبراز الوجوه اإلجرائيّة؛ وهو االهتمام الذي جعله موضع نقد‬
‫الراشدون‪ .‬ذلك ما انتبه إليه "بياجي" في محاولة منه إليجاد نوع من التّكامل بين الموقفين‬ ‫ينظمها ّ‬ ‫الحياة االجتماعيّة كما ّ‬
‫الجدلي؛ الذي لقي من خالله "بياجي" استحسانا من قبل " فالون "‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وفيق‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫من‬ ‫نوع‬ ‫في‬ ‫"‬ ‫لفالون‬ ‫كان قد أنجزه كتحيّة "‬
‫رده؛ يتمثّل في األثر الذي يمكن أن يسبّبه‬ ‫ّ‬ ‫يمكن‬ ‫ال‬ ‫إختالفا‬ ‫اختالفا‬ ‫"‬ ‫فالون‬ ‫"‬ ‫و‬ ‫"‬ ‫بياجي‬ ‫"‬ ‫بين‬ ‫أن‬‫ّ‬ ‫يعتقد‬ ‫لكن "فيبر" كان‬ ‫ّ‬
‫مواد مضمونها من صنع‬ ‫ّ‬ ‫هنالك‬ ‫‪:‬‬ ‫عليم‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫بمناهج‬ ‫المطاف‬ ‫آخر‬ ‫في‬ ‫ّق‬ ‫ل‬ ‫يتع‬ ‫الذي‬ ‫هو‬ ‫المشكل‬ ‫وهذا‬ ‫‪.‬‬ ‫ربية‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫فن‬
‫ّ‬ ‫على‬ ‫الموقفان‬
‫اإلنساني في‬
‫ّ‬ ‫مواد تتعل ّق بالبحث واالكتشاف؛ هي التي يتجل ّى من خاللها ال ّذكاء‬ ‫ّ‬ ‫الراشد وال يطرح تلقينها مشكال؛ وهنالك‬ ‫ّ‬
‫فإن تلقينه ال يطرح‬ ‫المحددات الخارجيّة ‪ .‬فإذا ما تعل ّق األمر بالتّاريخ مثال؛ ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل‬ ‫ّ‬ ‫عن‬ ‫اتي‬
‫ّ‬ ‫ذ‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫استقالله‬ ‫وفي‬ ‫ة‬‫ّ‬ ‫الكوني‬ ‫سماته‬
‫كل‬ ‫عقالني؛ يمكن أن يكون في متناول ّ‬ ‫ّ‬ ‫فإن تلقينها يطرح مشكال؛ ألنّها ترتبط ببناء‬ ‫بالرياضيات ّ‬ ‫مشكال؛ وإذا تعل ّق األمر ّ‬
‫فإن مقاالتها مرتبطة بسلسلة االختبارات؛ التي تخضع لمنطق االستنباط واالستقراء؛ وهو‬ ‫ذكاء سليم ‪ .‬وإذا تعل ّق األمر بالفيزياء؛ ّ‬
‫الرياضيات والفيزياء تصبح المشكلة متمثّلة في‬ ‫ّ‬ ‫لحقائق‬ ‫بالنسبة‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫فإ‬ ‫وبالنتيجة‬ ‫‪.‬‬ ‫ليم‬ ‫الس‬
‫اإلنساني ّ‬
‫ّ‬ ‫منطق في متناول الذكاء‬
‫أن سبيل‬ ‫مواد التّاريخ والجغرافيا وغيرها؟ أم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ربوي على غرار‬ ‫السبيل األفضل الكتسابها؛ هل يكون بالتّلقين التّ ّ‬ ‫نقرر ّ‬ ‫أن ّ‬
‫اتي؟ ‪ .‬فإذا كان المراد تكوين‬ ‫ّ‬ ‫ذ‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫شاط‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫من‬ ‫كاف‬ ‫بقدر‬ ‫اكتشافها‬ ‫وإعادة‬ ‫بنائها‬ ‫إعادة‬ ‫تتم‬
‫ّ‬ ‫ما‬ ‫بقدر‬ ‫ّ‬ ‫إال‬ ‫ا‬‫ّ‬ ‫فعلي‬ ‫يتم‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫اكتسابها‬
‫فإن‬
‫المطردة ؛ ّ‬ ‫ّ‬ ‫لحاجاته‬ ‫تبعا‬ ‫م‬ ‫قد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫إلى‬ ‫بالمجتمع‬ ‫يدفع‬ ‫ما‬ ‫وهو‬ ‫واإلبداع؛‬ ‫الخلق‬ ‫وعلى‬ ‫االختراع‬ ‫على‬ ‫قادرين‬ ‫ليصبحوا‬ ‫األفراد‬
‫كل تربية تقتصر على ترويض األشخاص؛‬ ‫التّربية على االكتشاف النشيط للحقيقة ؛وعلى الخلق واإلبداع؛ هي أرقى من ّ‬
‫بجعل إرادتهم تمتثل إلرادات أخرى ؛ وتقوم على حصر عملهم في إطار الحقائق المقبولة؛ وحتّى وإن كان المقصود تكوين‬
‫عقول محافظة ومتوافقة مع الحقائق المكتسبة؛ فهل ننتهي إلى هذه الغاية بالتّلقين؟ أم ننتهي إليها باالعتماد على طرق‬
‫نحدد‬‫ّ‬ ‫مو جوابا مكتمال؛ يمكننا أن‬ ‫إن هذه المشكلة بال ّذات هي التي تعطي عنها بسيكولوجيا الن ّ ّ‬ ‫االستيعاب النّشيطة؟ ‪ّ .‬‬
‫الدور الذي تلعبه التّجربة في تكوين‬ ‫معالمه في ثالثة مستويات ‪ :‬مستوى يتعل ّق بطبيعة ال ّذكاء والمعرفة؛ ومستوى ّ‬
‫نمو ال ّذكاء‬ ‫ّ‬ ‫‪.‬‬ ‫فل‬ ‫الط‬
‫ّ‬ ‫مع‬ ‫خاللها‬ ‫من‬ ‫ليتواصل‬ ‫الراشد‬ ‫واأللسني التي يستخدمها ّ‬ ‫ّ‬ ‫االجتماعي‬
‫ّ‬ ‫المفاهيم؛ ومستوى آليّات التّبليغ‬
‫ّأ‬
‫ئيسي من التّعل ّم هو تنمية ال ّذكاء وتعل ّم كيفيّة تنميته؛ فهذا يفترض ّن‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫والطبيعة النّشيطة للمعارف ‪ .‬إذا كان الهدف ّ‬ ‫ّ‬
‫التّعل ّم ال يجب أن يقتصر على مرحلة الحياة المدرسيّة فقط؛ بل وجب أن يصبح عمال دؤوبا طيلة حياة الفرد ‪ .‬ذلك ما‬
‫الحس المشترك غير دقيقة‬ ‫ّ‬ ‫المستمدة من‬ ‫ّ‬ ‫ألن األفكار‬ ‫محددا؛ وذلك ّ‬ ‫ّ‬ ‫تصورا لل ّذكاء ونمنحه مضمونا‬ ‫نحدد بد ّقة ّ‬ ‫ّ‬ ‫يحملنا إلى أن‬
‫الطرق التّربويّة تباينا‬ ‫ّ‬ ‫بأكثر‬ ‫توحي‬ ‫يجعلها‬ ‫ما‬ ‫االختالف‬ ‫من‬ ‫هي‬ ‫ين‬ ‫ربوي‬
‫ّ ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫رين‬ ‫المنظ‬
‫ّ‬ ‫أفكار‬ ‫وألن‬
‫ّ‬ ‫دة؛‬ ‫موح‬‫ّ‬ ‫كونها‬ ‫بالرغم من‬ ‫ّ‬
‫الرجوع إلى الوقائع لمعرفة ما هو‬ ‫ّ‬ ‫ضرورة‬ ‫في‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ث‬ ‫تتم‬ ‫أولى؛‬ ‫ة‬‫ّ‬ ‫منهجي‬ ‫قاعدة‬ ‫خاذ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫إلى‬ ‫بياجي"‬ ‫"‬ ‫حمل‬ ‫ما‬ ‫ذلك‬ ‫لها؛‬ ‫ع‬ ‫وتشر‬
‫ّ‬
‫ونموه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫السؤال إال ّ إذا ما مك ّننا من أن نسم ال ّذكاء بنمط تكوينه‬ ‫ال ّذكاء ‪ .‬وال يمكن لالختبار البسيكولوجي أن يجيب عن هذا ّ‬
‫يؤسس بنياته من خالل نشاطاته‬ ‫أن ال ّذكاء ّ‬ ‫تتجسد في الفهم واإلبداع؛ فذاك يعني ّ‬ ‫ّ‬ ‫فإذا كانت الوظائف الجوهريّة لل ّذكاء‬
‫أن الفهم واإلبداع؛ يمثّالن وجهين لعملة‬ ‫المهيكلة للواقع ؛ وهي نشاطات ترتقي به إلى تمثّل معقول عنه ‪ .‬ويتّضح بجالء ّ‬
‫الصياغة‬ ‫ّ‬ ‫وإعادة‬ ‫؛‬ ‫إليه‬ ‫او‬ ‫إليها‬ ‫ت‬ ‫أد‬
‫ّ‬ ‫التي‬ ‫حوالت‬ ‫أن فهم ظاهرة أو حدث يقتضي إعادة صياغة التّ ّ‬ ‫واحدة ؛هي ال ّذكاء ؛ ذلك ّ‬
‫أسسنا من قبل بنية التّحويالت؛ وهذا يفترض شيئا من االختراع أو االختراع المعاد ‪ .‬غير أنّه‬ ‫أن نكون قد ّ‬ ‫هذه تفترض منّا ّ‬
‫رد واختزال المرك ّب إلى البسيط؛ وفق نمط ترجع فيه‬ ‫ّ‬ ‫في‬ ‫نطاقه‬ ‫وتحصر‬ ‫الفهم‬ ‫عنصر‬ ‫على‬ ‫ترتكز‬ ‫كاء‬ ‫ذ‬
‫ّ‬ ‫لل‬ ‫تصورات‬ ‫ثمة ّ‬ ‫كان ّ‬
‫كمجرد اكتشاف‬ ‫ّ‬ ‫أما االختراع فقد كان اعتباره‬ ‫والصورة والتّداعي ( النّظريّة التّجريبيّة التّرابطية ) ‪ّ .‬‬ ‫األدوار األولى لإلحساس ّ‬
‫أن فهم االختراع ال يكون إال ّ بالتّحقيق في الوقائع التي تجعل الفهم موقوفا على االختراع وتدرك‬ ‫لوقائع موجودة؛ في حين ّ‬
‫أن مشكل ال ّذكاء ومشكل طبيعة المعارف يمكن‬
‫المستمر للبنيات اإلجماليّة ‪ .‬هكذا يتّضح ّ‬
‫ّ‬ ‫االختراع بمثابة التّشييد‬
‫مجرد نسخ للوقائع واألحداث أم هي استيعاب لها في بنيات‬
‫ّ‬ ‫أن المعارف هي‬ ‫صياغتهما على النّحو التّالي ‪ :‬هل ّ‬
‫تحويليّة ؟‬
‫تنظر للمعرفة كعمليّة نسخ؛ ال تبدو قد انتهت؛ ألنّها ال تزال حيّة لدى الكثيرين؛ تلهمهم في بناء مناهجهم‬ ‫صورات التي ّ‬ ‫إن التّ ّ‬ ‫ّ‬
‫تقدميّا في‬
‫السمعيّة البصريّة دورا يعتبره البعض ّ‬ ‫ّ‬ ‫والعروض‬ ‫ورة‬ ‫الص‬
‫ّ‬ ‫فيها‬ ‫تلعب‬ ‫التي‬ ‫ة؛‬‫ّ‬ ‫الحدسي‬ ‫المناهج‬ ‫ذلك‬ ‫في‬ ‫بما‬ ‫ة؛‬ ‫ّ‬ ‫ربوي‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬
‫أن‬
‫وتكونه؛ يخضع لقوانين التّعل ّم؛ بما ّ‬ ‫ّ‬ ‫ه‬ ‫نمو‬
‫ّ‬ ‫؛‬ ‫كاء‬ ‫ذ‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫نشوء‬ ‫أن‬‫ّ‬ ‫يعتقد‬ ‫من‬ ‫ة‬ ‫ثم‬
‫ّ‬ ‫فل؛‬ ‫الط‬
‫ّ‬ ‫بسيكولوجيا‬ ‫مجال‬ ‫وفي‬ ‫‪.‬‬ ‫ّتربية‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫مجال‬
‫تم توطيدها بأشكال التّعزيز المختلفة ؛التي تمك ّن من تشكيل سالسة‬ ‫التّعل ّم ناتج عن تكرار استجابات لمثيرات خارجيّة ّ‬
‫يسمى "بأهرام العادات المتراتبة" التي تعطي نسخة وظيفيّة عن لقطات الوقائع واألحداث المنتظمة ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫التّرابطات أو ما‬
‫ستمد من الحركة؛ ال‬‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫المعارف‬ ‫أن‬‫ّ‬ ‫في‬ ‫ل‬ ‫ّ‬ ‫ث‬ ‫تتم‬ ‫كاء؛‬ ‫ذ‬‫ّ‬ ‫لل‬ ‫رنا‬‫تصو‬
‫ّ‬ ‫د‬ ‫تجد‬
‫ّ‬ ‫والتي‬ ‫الموقف؛‬ ‫هذا‬ ‫تناقض‬ ‫التي‬ ‫ة‬‫ّ‬ ‫األساسي‬ ‫غيرأن الواقعة‬ ‫ّ‬
‫والعامة‬
‫ّ‬ ‫ة‬ ‫روري‬
‫ّ ّ‬ ‫الض‬ ‫ات‬ ‫ّ‬ ‫نسيقي‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ضمن‬ ‫واألحداث‬ ‫الوقائع‬ ‫قولبة‬ ‫ها‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫أ‬ ‫بمعنى‬ ‫بل‬ ‫بسيطة؛‬ ‫ة‬‫ّ‬ ‫ترابطي‬ ‫استجابات‬ ‫د‬ ‫مجر‬
‫ّ‬ ‫ها‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫بمعنى‬
‫تتحدد بالقدرة على الفعل فيه قصد تغييره؛ وإدراك آليّات هذا التّغيير في‬ ‫ّ‬ ‫فإن معرفة موضوع ما؛‬ ‫للحركات أو األفعال‪ .‬وهكذا ّ‬
‫ارتباط وثيق مع األفعال التّحويليّة نفسها فالمعرفة هي إذن استيعاب الوقائع واألحداث في بنيات التّحويالت‪ .‬وهذه‬
‫هي التي ينشئها ال ّذكاء إنشاء؛ من حيث هو امتداد مباشر للفعل ‪.‬‬ ‫البنيات‬
‫أن ّطبيعة نشاط ال ّذكاء حتّى في أرقى مظاهره حيث ال يعود‬ ‫مشتق من الفعل؛ يقود إلى نتيجة مفادها؛ ّ‬ ‫ّ‬ ‫بأن ال ّذكاء‬ ‫أن القول ّ‬ ‫ّ‬
‫تتجسد في تنفيذ األفعال وتنسيقها ؛ لكن بصورة مستبطنة وانعكاسيّة ‪ .‬وهذه األفعال‬ ‫ّ‬ ‫؛‬ ‫ة‬‫ّ‬ ‫هني‬ ‫ذ‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫األدوات‬ ‫بوساطة‬ ‫ّ‬ ‫إال‬ ‫ك‬ ‫يتحر‬
‫ّ‬
‫لكل حكم أو‬ ‫المحركة ّ‬
‫ّ‬ ‫ة‬‫ّ‬ ‫حويلي‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫يرورات‬ ‫الص‬
‫ّ‬ ‫هي‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫؛‬ ‫ة‬‫ّ‬ ‫ياضي‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬ ‫ة‬‫ّ‬ ‫المنطقي‬ ‫اإلجراءات‬ ‫حديد‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫بال‬ ‫هي‬ ‫المستبطنة‬
‫محددة ؛ بل إنّها ؛ من حيث هي‬ ‫ّ‬ ‫مجرد أفعال مستبطنة غير‬ ‫ّ‬ ‫الرياضيّة ليست‬ ‫أن اإلجراءات المنطقيّة‪ّ -‬‬ ‫استدالل ‪ .‬بيد ّ‬
‫ألعم تنسيقات الحركة ؛ مطبوعة بسمة مزدوجة ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫انعكاس‬
‫الطرح والجمع أو إجراء مقابال ) وهي من جهة‬ ‫لكل إجراء ؛ إجراء معاكسا ؛ مثل ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫فهي من جهة قابلة لالعتكاس ( أي ّ‬
‫فإن ال ّذكاء هو استيعاب‬ ‫الصحيحة ) وبالنّتيجة ّ‬ ‫ثانية تتّسق تبعا لذلك في بنيات إجماليّة ( مثل التّصنيف وسلسلة األعداد ّ‬
‫األوليّة ؛ وانتهاء بالبنيات اإلجرائيّة العليا ‪ .‬ومحتوى هذه‬ ‫للمعطى ضمن بنيات التّحويالت انطالقا من بنيات األفعال ّ‬
‫مجرد نسخه( فالواقع لم يعد معطى بل أصبح مبنيّا ) ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الصيرورة البنائيّة هو تنظيم الواقع على مستوى الفعل والفكر ال‬ ‫ّ‬
‫الحسيّة‪ -‬الحركيّة‬ ‫ّ‬ ‫األفعال‬ ‫من‬ ‫ينطلق‬ ‫الذي‬ ‫المسترسل‬ ‫مو‬
‫ّ ّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ذاك‬ ‫هو‬ ‫لوصفه‬ ‫فل‬ ‫الط‬
‫ّ‬ ‫بسيكولوجيا‬ ‫سعت‬ ‫ما‬ ‫إن‬
‫ّ‬ ‫اإلجراءات‬ ‫نمو‬
‫ّ‬
‫النمو‬
‫ّ‬ ‫من‬ ‫األولى‬ ‫بالمرحلة‬ ‫ينشغل‬ ‫ة‬ ‫ّ‬ ‫هني‬ ‫ذ‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ات‬ ‫ّ‬ ‫العملي‬ ‫منطق‬ ‫في‬ ‫البحث‬ ‫كان‬ ‫لذلك‬ ‫‪.‬‬‫تجريدا‬ ‫األكثر‬ ‫ات‬ ‫ّ‬ ‫العملي‬ ‫إلى‬ ‫لينتهي‬ ‫‪.‬‬
‫يوظف كأدوات له سوى اإلدراكات‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫رف‬ ‫الص‬
‫ّ ّ‬ ‫العملي‬ ‫كاء‬ ‫ذ‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫فهذا‬ ‫‪.‬‬ ‫الحركي‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬ ‫ي‬ ‫الحس‬
‫ّ‬ ‫كاء‬ ‫ذ‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫بأفعال‬ ‫مطبوعة‬ ‫مرحلة‬ ‫بماهي‬
‫والطفل في هذه المرحلة لم يكتسب بعد مقدرة على التمثّل والتفكير؛ وال على النّطق ؛ لكنّه مع ذلك يبذل‬ ‫والحركات ؛ ّ‬
‫خطاطات‬ ‫ّ‬ ‫تأسيس‬ ‫إلى‬ ‫فل‬ ‫بالط‬
‫ّ‬ ‫ينتهي‬ ‫المحهود‬ ‫وهذا‬ ‫‪.‬‬ ‫األشياء‬ ‫ومع‬ ‫اآلخرين‬ ‫مع‬ ‫يعقد‬ ‫ككائن‬ ‫وضعه‬ ‫خالله‬ ‫من‬ ‫مجهودا يفهم‬
‫الخطاطات‬‫ّ‬ ‫أشكال‬ ‫وأولى‬ ‫‪.‬‬ ‫ة‬‫ّ‬ ‫والمفهومي‬ ‫ة‬ ‫ّ‬ ‫اإلجرائي‬ ‫البنيات‬ ‫الحقا‬ ‫عليها‬ ‫تتأسس‬ ‫ة؛‬ ‫ّ‬ ‫خلفي‬ ‫بنيات‬ ‫بعد‬ ‫ما‬ ‫في‬ ‫تصبح‬ ‫التي‬ ‫الحركة؛‬
‫المجسمة ؛ إذ ندرك نشأة هذه الخطاطة من خالل فعل‬ ‫ّ‬ ‫خطاطة ديمومة األشياء‬ ‫جراء الفعل؛ هي ّ‬ ‫الطفل من ّ‬ ‫يحصلها ّ‬‫ّ‬ ‫التي‬
‫الحسيّة‪-‬‬
‫ّ‬ ‫اطة‬ ‫الخط‬
‫ّ‬ ‫هذه‬ ‫ّد‬ ‫ك‬ ‫يؤ‬ ‫ا‬ ‫ومم‬
‫ّ‬ ‫‪.‬‬ ‫اإلدراكي‬
‫ّ‬ ‫حقله‬ ‫عن‬ ‫إخفاؤها‬ ‫تم‬
‫ّ‬ ‫أشياء‬ ‫عن‬ ‫اسع‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫شهره‬ ‫منذ‬ ‫فل‬ ‫الط‬
‫ّ‬ ‫يجريه‬ ‫الذي‬ ‫فتيش‬ ‫التّ‬
‫يقدر بثالث إلى‬ ‫الخطاطات لديهم تأ ّخرا ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن "المواليد العمي" يسبب ضعف‬ ‫الحركيّة بالنّسبة لنشوء اإلجراءات الالّحقة؛ هو ّ‬
‫يسجل‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ما؛‬ ‫ة‬ ‫بمد‬
‫ّ‬ ‫والدتهم‬ ‫بعد‬ ‫بالعمي‬ ‫يصابون‬ ‫الذين‬ ‫األطفال‬ ‫أن‬
‫ّ‬ ‫حين‬ ‫في‬ ‫أربع سنوات في تأسيس البنيات اإلجرائيّة ؛‬
‫الحجة)‬
‫َ‬ ‫كل هذا التّأ ّخر (‬
‫عندهم ّ‬
‫الدالليّة ‪.‬‬
‫الرمزيّة أو ّ‬
‫السنة الثّامنة؛ ويتميّز ظهورها بتكوين الوظيفة ّ‬ ‫تمتد إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطفل عامين؛ تبدأ مرحلة ثانية؛‬ ‫مع بلوغ ّ‬
‫الرمزي ‪ /‬التّقليد الغير مباشر ‪/‬‬‫ّ‬ ‫ّعب‬ ‫ل‬‫ال‬ ‫(‬ ‫والعالمات‬ ‫موز‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫بواسطة‬ ‫ّر‬ ‫ك‬ ‫التذ‬ ‫طريق‬ ‫عن‬ ‫األشياء‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ث‬ ‫بتم‬ ‫تسمح‬ ‫وهذه الوظيفة‬
‫مدد حتّى يصبح فكرا ؛ غير أنّه‬‫الحركي من التّ ّ‬
‫ّ‬ ‫الحسي‪-‬‬
‫ّ‬ ‫الرمزيّة تمك ّن ال ّذكاء‬‫الرصد ‪ /‬الكالم ) فالوظيفة ّ‬ ‫الصورة ال ّذهنيّة ‪ّ /‬‬
‫ّ‬
‫يسمي " بياجي " هذه المرحلة ما قبل إجرائيّة‪.‬‬‫ّ‬ ‫لذلك‬ ‫د؛‬ ‫المجر‬
‫ّ‬ ‫بالمعنى‬ ‫ة‬‫ّ‬ ‫هني‬ ‫ذ‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ات‬‫ّ‬ ‫العملي‬ ‫تكوين‬ ‫ران‬‫خ‬
‫ّ‬ ‫يؤ‬ ‫عامالن‬ ‫ة‬ ‫ثم‬
‫ّ‬
‫أن تضمين األفعال في الفكر يتطل ّب وقتا ( زمن التّفريخ ) آلن تمثّل تسلسل حركة ما ؛ و تمثلها‬ ‫ّأول هذين العاملين؛ هو ّ‬
‫تصور مواقع ضلوعها المختلفة‬
‫ّ‬ ‫مع‬ ‫عة‬ ‫ّ‬ ‫مرب‬ ‫لقطعة‬ ‫دورة‬ ‫بإجراء‬ ‫ا‬‫ّ‬ ‫ذهني‬ ‫القيام‬ ‫إن‬
‫ّ‬ ‫‪:‬‬ ‫مثال‬ ‫ي‬ ‫الماد‬
‫ّ‬ ‫تنفيذها‬ ‫مجرد‬
‫ّ‬ ‫ذهنيّا أصعب من‬
‫فإن‬
‫الدورة ‪ .‬وبالنّتيجة ّ‬
‫مجرد إدارة المربّع ماديّا ومالحظة آثار ّ‬ ‫ّ‬ ‫األلوان كل ّما دار المربّع بتسعين درجة ؛ عمليّة بعيدة عن‬
‫مما كان مطلوبا‬
‫ّ‬ ‫حزما‬ ‫أكثر‬ ‫بشكل‬ ‫تها‬ ‫ّ‬ ‫مركزي‬ ‫من‬ ‫"‬ ‫األنا‬‫"‬ ‫ر‬ ‫تحر‬
‫ّ‬ ‫يفترض‬ ‫استبطان األفعال يتطل ّب إعادة بنائها ذهنيّا وهو لهذا‬
‫كل‬‫يضطر للقيام بثورة ‪ :‬فبعدما كان يرجع ّ‬‫ّ‬ ‫نموه في المرحلة األولى؛‬ ‫فالطفل خالل ّ‬ ‫الحسيّة‪ -‬الحركيّة ‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫منها في المرحلة‬
‫تتحدد أشياؤه في ال ّزمان والمكان؛ وترتبط في ما بينها بعالقات سببيّة ؛‬ ‫ّ‬ ‫كون‬ ‫تشكيل‬ ‫إلى‬ ‫ينتهي‬ ‫هو‬ ‫جسمه؛‬ ‫شئ إلى‬
‫الطفل بتحديد موقعه من األشياء‬‫بحيث ال يعود جسمه شيئا آخر سوى حلقة متّصلة بأشياء أخرى مجاورة لها ‪ .‬لهذا يلزم ّ‬
‫واألشخاص؛ وهو ما يفرض عليه سلبا لمركزيّة ال ّذات لتحقيق نوعين من التّنسيقات؛ يجعالن ممكنا إجراءاته قابلة‬
‫الطفل إمكانيّة القيام بإجراءات‬
‫لالعتكاس من خالل إمكانيّة القيام بالمقابالت وإجراء العكوسات ‪ .‬فإذا انعدمت لدى ّ‬
‫تجسد شروط القابليّة لالستنباط‬
‫ّ‬ ‫يتوصل إلى تشكيل أبسط مفاهيم المحافظة؛ التي‬
‫ّ‬ ‫ذهنيّة؛ فذاك يعني أنّه ال يستطيع أن‬
‫المنطقي‬
‫ّ‬
‫حل بعض المشاكل وعلى التّنسيق و االستبطان‬ ‫الطفل قادرا على ّ‬ ‫السنة الثّامنة؛ يصبح ّ‬ ‫في المرحلة الثّالثة التي تبذأ من ّ‬
‫المجسد في قابليّة العمليّات لالعتكاس ( بتشكيل العمليّة المقابلة‬ ‫ّ‬ ‫وازن‬‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫إلى‬ ‫يؤدي به‬
‫حرر من مركزيّته ؛ ما ّ‬ ‫والتّ ّ‬
‫ضم الفئات وفصلها وعلى التّصنيف وعلى إدراك تسلسل العالقات‬ ‫ّ‬ ‫على‬ ‫قادرا‬ ‫فل‬ ‫الط‬
‫ّ‬ ‫يصبح‬ ‫المرحلة‬ ‫هذه‬ ‫في‬ ‫)‬ ‫لها‬ ‫والمعاكسة‬
‫كمصدر للتّرتيب وعلى إجراء التّطابقات وهو ما يتول ّد عنه العدد الذي يعطي القياس ‪.‬‬
‫المتعددة في هذه المرحلة تجرى على األشياء فقط؛ وليس على الفرضيّات المعبّر عنها لفظيّا في‬ ‫ّ‬ ‫غيرأن هذه العمليّات‬
‫ّ‬
‫للطفل؛ وتكون تعل ّماته باألشياء‬
‫ّ‬ ‫األولى‬ ‫ّم‬ ‫ل‬ ‫ع‬‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫مراحل‬ ‫في‬ ‫جدوى‬ ‫ذي‬ ‫غير‬ ‫ّفظي‬ ‫ل‬‫ال‬ ‫الخطاب‬ ‫يكون‬ ‫لهذا‬ ‫(‬ ‫قضايا‬ ‫صيغة‬
‫ملحة) ‪ .‬هكذا يكون تأسيس العمليّات تأسيسا بطيئا؛ على عكس العمليّات التي ينتهي إليها في‬ ‫ّ‬ ‫الملموسة ضرورة‬
‫مولي؛ وبإجراء التّناسب؛ وبفهم عالقات األشياء وإدراكها بحركيّة أكبر ‪ .‬هكذا تبقى‬ ‫ّ‬ ‫الش‬
‫بالربط ّ‬‫تتم ّ‬ ‫المرحلة الل ّاحقة؛ والتي ّ‬
‫الطفل في شكل‬ ‫ّ‬ ‫يجريها‬ ‫التي‬ ‫والمطابقة‬ ‫رتيب‬ ‫ت‬
‫ّ ّ‬‫وال‬ ‫الضم‬ ‫آلن‬
‫ّ‬ ‫منها؛‬ ‫ت‬ ‫ق‬
‫ّ‬ ‫اشت‬ ‫التي‬ ‫األفعال‬ ‫من‬ ‫العمليّات الملموسة قريبة‬
‫الحدين ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ماديّة تتّسم بهذين‬‫أفعال ّ‬
‫الطفل نوعا‬ ‫سن الثّانية عشرة مرحلة رابعة تبلغ توازنها في مستوى المراهقة‪ .‬في هذه المرحلة يكتسب ّ‬ ‫وأخيرا تظهر في ّ‬
‫الطفل نتائجها الل ّازمة دون‬
‫ّ‬ ‫يستخرج‬ ‫والقضايا‬ ‫ات‬‫ّ‬ ‫الفرضي‬ ‫على‬ ‫كذلك‬ ‫ما‬‫ّ‬ ‫ن‬‫وإ‬ ‫األشياء؛‬ ‫على‬ ‫فقط‬ ‫يجري‬ ‫ال‬ ‫جديدا من االستدالل؛‬
‫الطفل عمليّات جديدة تتّصل بالقضايا ‪ :‬الل ّزوم ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫لدى‬ ‫تنشأ‬ ‫وهنا‬ ‫؛‬ ‫كذبها‬ ‫أو‬ ‫بصدقها‬ ‫عليها‬ ‫الحكم‬ ‫على‬ ‫أن تكون له القدرة‬
‫مولي؛‬
‫ّ‬ ‫الش‬
‫الربط ّ‬‫كافؤ؛التضمن؛ التقابل و التّنافي ؛وهذه العمليّات تحتوي على ّ‬‫َ‬ ‫وإما والوصل؛ التّ‬
‫إما‪ّ .....‬‬
‫إذا‪ ....‬ف ؛ والفصل ّ‬
‫تخص القضايا لها ما يناظرها ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ة‬‫ّ‬ ‫عملي‬ ‫كل‬
‫ّ‬ ‫وتكون‬ ‫والقضايا؛‬ ‫األفكار‬ ‫وعلى‬ ‫األشياء‬ ‫الذي يجري على‬

You might also like