Professional Documents
Culture Documents
نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر
نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر
X
jX
X
XXc
¼µL
H]]]Ï?Ýc? J
8680093 :³¬IÆ_:
;¿c
:· É–¾:ÖÃBc:– 24
moc.liamtoh@koobada :³Å_:Ô³°Ã»Ç :
5002
º 6241
X
¿-
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []3
إهداء
إلى الباحثين المخلصين في تراث أمتنا
مكتبة اآلداب
5002
م - 6241
هـ -
حقوق إعادة الطبع محفوظة للمؤلف -
(علي حسن)
وما بكم من نعمة Iفمن هللا
الحمد هلل رب العالمين نحمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ باهلل من شرور
أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من يهد اهلل فال مضل له ،ومن يضلل فال هادي له،
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []4
وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له ،وأشهد أن محمدأ عبده ورسوله ..
وبعـــــــد ...
تُعد نونية ابن زيدون من القصائد الغزلية الشهيرة في األدب العربي ِل َما فيها
وعبر فيها
من قيم غزلية وفنية ،وقد نظمها ابن زيدون بعد خروجه من السجن َّ ،
عن حبه وحنينه وشوقه لرؤية محبوبته والدة بنت المستكفى التي ُش ِغ َ
ف بها.
و"أبو وقد نافس ابن زيدون في حب والدة "أبو عبد اهلل بن القالسي"
عامر بن عبدوس" ،وقد هجاهما بقصائد الذعة فانسحب ابن القالسي ولكن ابن
عبدوس غالى في التودد إليها ،وأرسل لها برسالة يستميلها إليه فلما علم ابن زيدون
كتب إليه رسالة على لسان والدة وهي المعروفة بالرسالة الهزلية التي سخر منه فيها
،وجعله أضحوكة على كل لسان ،وهو ما أثار حفيظته على ابن زيدون ،فصرف
جهده إلى تأليب األمير عليه حتى سجنه ،وأصبح الطريق خالياً أمام ابن عبدوس
ليسترد مودة والدة ،وفشلت توسالت ابن زيدون ورسائله في استعطاف األمير،
حتى تمكن من الفرار من سجنه إلى أشبيلية ،وكتب إلى والدة قصيدته النونية
الشهيرة التي مطلعها :
لقد كان سمو البناء الفني لنونية ابن زيدون –وبخاصة في موسيقاها-
باإلضافة إلى شهرة قصة الحب بينه وبين والدة من أبرز أسباب انتشار ذيوع هذه
القصيدة.
ومن ثََّم فقد ذاعت على األلسنة ،وفي مختارات الشعر ،وفي كتب األدب
بصفة عامة.
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []5
وقد أسهم ذلك في انتشار النونية على نطاق مكاني واسع ،وعلى مدى زمني
طويل ،ولذا فقد سرى تأثيرها منذ انطلقت من لسان صاحبها إلى آذان سامعيها
وقلوبهم إلى عصرنا الحديث.
وقد برز تأثير النونية بشكل واضح في عدد كبير من القصائد الشعرية التي
تلت قصيدة ابن زيدون حيث برزت كمركز لعدد من القصائد الغزلية ،وقد بلغ عدد
القصائد المختارة التي تأثرت بنونية ابن زيدون 75قصيدة لعدد 83شاعرا ،وهذا
يدل داللة واضحة على عمق تأثير هذه القصيدة .
وقد أوضحتُ من خالل هذه الدراسة كيفية تفاعل الشعراء مع نونية ابن
تنوع أشكاله ،وقد برز ذلك من خالل عدة صور سواء من ناحية
زيدون ومدى ُّ
المضمون ،أو من ناحية األلفاظ (ويدخل في إطار ذلك القافية) أو اإليقاع ،أو بعض
التراكيب .
وقد قمت بجمع عدد من النصوص النونية من العصر الجاهلي حتى العصر
شاعرا ،ثم
ً الحالي كنماذج إلظهار التأثير والتأثر وكان عددها ( )110نصًّا لـ()65
بينت من خالل الدراسة كيفية تفاعل الشعراء مع نونية ابن زيدون في ألفاظها
ومعانيها وبحرها ،وذلك من خالل اإلطار العام المتمثل في القافية والبحر الشعري،
أو القافية دون البحر ،أو أشكال الموسيقا كالتكرار بأنواعه ،أو الجناس أو الترصيع
ابن زيدون في ...ألخ .ثم بينت مقدرة بعض الشعراء الفنية في مجاراة
نونيته ،ومالءمتها.
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []6
وقد أوضحت مدى قدرة بعض الشعراء على االرتقاء بنصوصهم ليصلوا إلى
درجة عليا من البناء الفني لنونية ابن زيدون ،ومدى تقارب ذلك مع نصه ،كما
أسر أشرت أن عدم النضج الفني لبعض النصوص التالية له قد ُيوقعها في
نونيته.
وقد امتد تأثير نونية ابن زيدون في فني المخمسات والموشحات ،حيث
بعضا من أبيات النونية كاملة في مخمساتهم دون التزام
ضمن بعض الشعراء ً
َّ
ض َّمن الوشاحون فيها بعض أعجاز النونية دون
الترتيب على خالف الموشحات التي َ
صدرها ،ليتالءم وطبيعة بناء الموشحة في األقفال ،كما عمد شعراء المخمسات
التغيير في الموضوع واأللفاظ ليتالءم والمعنى الجديد ،على خالف شعراء
الموشحات فقد حافظوا على الموضوع واأللفاظ.
ابن ولم تغفل الدراسة إلى دراسة القصائد المؤثرة في تشكيل قصيدة
زيدون ،ومدى هذا التأثير وكيفيته.
ركزت الدراسة على رصد جانبي التأثير والتأثر فيما يتعلق بنونية ابن
ْ وقد
زيدون وإ براز أشكال العالقات المختلفة التي نجمت عن ذلك التأثير أو التأثر.
ولذا فقد عمدت إلى التخلص من أسر الخضوع لألطر التاريخية والسياسية
واالجتماعية والعلمية لحياة الشاعر وعصره ،وركزت أكثر على الجانب الفني
للنص موضوع البحث.
وهناك نقطة تجدر اإلشارة إليها وهي أن ما أوردته من قصائد أثرت في ابن
زيدون أو تأثرت به لم تكن على سبيل الحصر ،وإ نما كان ذلك ما أمكنني العثور
عليه ووجدته مالئما لطبيعة البحث.
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []7
وقد عمدتُ إلى استخدام المنهج التاريخي باإلضافة إلى التحليل الفني
للنصوص حيث يسهم ذلك في رصد التطور التاريخي للنونيات التي أثرت في نونية
ابن زيدون أو تأثرت بها.
المبحث الثاني :ابن زيدون وتناص ما قبل التناص :وقصدت به مدى تأثر
ابن زيدون بالشعراء السابقين عليه ،ولم يكن البحتري وحده مصدر إلهام ابن
العصر زيدون في نونيته -كما ارتأى بعض الباحثين -وإ نما امتد تأثره إلى
الجاهلي.
المبحث الثالث :ابن زيدون وتناص ما بعد التناص :وبينت فيه أثر
نونيته في الشعراء التاليين عليه ،كما بينت صلة بعض الشعراء ببعض النونيات
السابقة عليه ،ثم بينت تأثير نونية ابن زيدون في فني المخمسات والموشحات.
المبحث األول :بنى اإليقاع في نونية ابن زيدون :وأفردته لنونية ابن
زيدون دون غيرها من القصائد النونية المختارة لما فيها من بنى إيقاعية مكثفة
كثيرا من الشعراء ينسج على منوالها.
جعلت ً
المبحث الثاني :بنى اإليقاع في القصائد النونية المختارة :وعمدت في هذا
المبحث إلى عمل إحصائيات مختلفة لبحور الشعر المستخدمة ،في القصائد النونية
المختارة ومدى تقارب العالقة بين البحور المستخدمة في بعض التفعيالت في
الدوائر العروضية.
-4فهرست شعراء النصوص النونية المختارة التي أثرت في نونية ابن زيدون في
القافية والبحر.
-5فهرست شعراء النصوص النونية المختارة التي أثرت في نونية ابن زيدون في
القافية دون البحر.
-6فهرست شعراء النصوص النونية المختارة التي تأثرت بنونية ابن زيدون في
القافية والبحر.
-7فهرست شعراء النصوص النونية المختارة التي تأثرت بنونية ابن زيدون في
القافية دون البحر.
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []9
( )1
وقد ظهر هذا المصطلح ألول مرة على يد الباحثة البلغارية جوليا كريستيفا ()Julia Kristeva
سنة 1966/1967م في دراستها التي ُنشرت في مجلتي "تيل كيل" “ ”Tel Quelو "كرتيك" “
”Critiqueفي فرنسا وُأعيد نشرها في كتابيها "سيميوتيك" “ ”Semeiatikeو"نص الرواية" “Text
، ”du Ramanوفي مقدمتها لكتاب "شعرية ديستوفيسكي" الذي ألفه الشكالني الروسي ميخائيل
باختين .ويذهب بعض النقاد إلى أن باختين يعد أول القائلين بالتناص حيث أثار اهتمام الباحثين في
الغرب بحيوية اإلجراءات التي تقوم عليها الدراسات المقارنة والتي يمكن أن تمثل تحوالً منهجياً في
نظرية التأثيرات ،لكن عدم الدقة في تحديد المصطلح -في ذلك الوقت -أدى إلى تعدد المسالك في
فهمه وتطبيقه حيث تعددت التعريفات والمفاهيم حول هذا المصطلح في مصادره األولى واالختالف في
طبيعة الفهم عند أصحاب هذه النظرية .ينظر مفهوم التناص في الخطاب النقدي الجديد -مقال ضمن
كتاب في أصول الخطاب النقدي :مارك أنجينو ،ترجمة أحمد المديني ، 102 :دار الشئون العامة
بغداد ،ط1987 ، 1م.
)2 (
ينظر :المصطلحات األدبية الحديثة 187 :وما بعدها ،الشركة المصرية العالمية للنشر لونجمان
القاهرة .1997 ،
()3
المرجع السابق .99 :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []11
ويمكن أن نفهم من مقولة كريستيفا أن النص تتداخل فيه نصوص عديدة أي
يتضمن هو "الفاعلية المتبادلة بين النصوص" فهي ترى :أن كل نص البد وأن
مستويات نصوصاً مغايرة يتمثلها ويحولها بقدر ما يتحول ويتجدد بها على
متعددة"(.)2
إن النص األدبي "جهاز عبر لغوي يعيد توزيع نظام اللغـة ،بكشف العالقة
مشيرا إلى بيانات مباشرة تربطها بأنماط مختلفة من
بين الكلمات التواصليـة ً ،
األقوال السابقة والمتزامنة معاً ،والنص نتيجة لذلك إنما هو عملية إنتاجية مما يعني
أمرين :
-1عالقته باللغة التي يتموقع فيها تصبح من قبل إعادة التوزيع (عن طريق التفكيك
وإ عادة البناء) مما يجعله صالحاً ألن يعالج بمقوالت منطقية ورياضية أكثر من
صالحية المقوالت اللغوية الصرفة له حيث دعا إلى الحوارية.
-2يمثل النص عملي ــة استبدال نصــوص أخرى ،أي عمليــة "تناص" Inter
Textualiteففي فضاء النص تتقاطع أقوال عديدة مأخوذة من نصوص أخرى
،مما يجعل بعضها يقوم بتحييد البعض اآلخر ونقضه"(.)3
()1
الخطيئة والتكفير ،د .عبد اهلل الغذامي .322 :
()2
عصر البنيوية :إديت كريزويل :ترجمة ،د .جابر عصفور ، 392الهيئة العامة لقصور الثقافة ،
العدد ، 17القاهرة ،أغسطس 1996 ،م.
(
()3
ينظر المرجع السابق 229 :وما بعدها.
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []12
وال يعنينا في النص السابق (اآلن) مدى مالءمة معالجة النص بمقوالت
رياضية أو منطقية ،ألن ذلك الكالم يحتاج إلعادة نظر ،وإ نما المهم هو أن النص
األدبي ال ينشأ إال في وجود نصوص أدبية أخرى سابقة عليه ،ومن ثم تأخذ عالقات
النص الجديد النصوص السابقة صورا وأشكاال مختلفة.
وهناك من يربط بين التناص وفكرة إنتاجية النص إذ يرى أن "مشكلة التناص
وإ مكانيات التحويل التي يفتحها هذا المفهوم ال يمكن أن تنفصل عن فكرة اإلنتاجية
Productiviteاألدبية ،فالتناص يتصل بعمليات االمتصاص والتحويل الجذري أو
الجزئي لعديد من النصوص الممتدة بالقبول أو الرفض في نسيج النص األدبي
المحدد"(.)1
ابتداء من رؤية
ً ولعل عبارة "مارلو" التي يقول فيها "إن العمل الفني ال يتخلق
الفنان ،وإ نما من أعمال أخرى ،تسمح بإدراك أفضل لظاهرة التناص التي تعتمد في
الواقع على وجود نظم إشارية مستقلة ،لكنها تحمل في طياتها عمليات إعادة بناء
()2
تجري عليها". نماذج متضمنة بشكل أو بآخر ،مهما كانت التحوالت التي
وقد القى هذا المصطلح ذيوعاً وانتشاراً بين النقاد مثل " :تودوروف وجينيت ،
()3
وروالن بارت ،ويوري لوتمان".
وهذه األراء تدل داللة واضحة على االعتقاد بضرورة تداخل النصوص
بقصد أو بدون قصد وهذا ما رآه ليتش إذ يقول " :إن النص ليس ذاتاً مستقلة أو مادة
موحدة ولكنه سلسلة من العالقات مع نصوص أخرى ،ونظامه اللغوي مع قواعده
()1
بالغة الخطاب .240 :
()2
نقالً عن د .صالح فضل ،شفرات النص ، 164 :الهيئة العامة لقصور الثقافة 1999 ،م.
)3 (
ينظر :التناصية ،ليون سو مفيل :ترجمة د .وائل بركات 236 :وما بعدها ،مجلة عالمات ،
المجلد السادس ،الجزء ، 21عدد سبتمبر 1996م.
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []13
ومعجمه ،جميعها تسحب إليها كما من اآلثار والمقتطفات من التاريخ ،ولهذا فإن
النص يشبه في معطاه جيش خالص ثقافي بمجموعات ال تحصى من األفكار
والمعتقدات واإلرجاعات التي ال تتآلف ،إن شجرة نسب النص حتماً لشبكة غير
تامة من المقتطفات المستعارة شعورياً ،أو ال شعورياً ،والموروث يبرز في حالة
()1
،وهذا النص يفتح المجال واسعا لعالقة تهيج ،وكل نص حتما نص متداخل"
النص بما سبقه من نصوص .
فالنص تتداخل فيه عدة نصوص ُأخر يقوم خاللها باستيعابها وتمثلها
وتحويرها ومناقضتها أحيانا ،وكما يقول دريدا " :نسيج لقيمات أي تداخالت ،لعبة
منفتحة ومنغلقة في آن واحد ،مما يجعل من المستحيل لديه القيام "بجينا لوجيا" “
”Genealogieبسيطة لنص ما توضح مولده .فالنص ال يملك أباً واحداً وال جذراً
واحداً ،بل هو نسق من الجذور ،وهو ما يؤدي في نهاية األمر إلى محو مفهوم
النسق والجذر .إن االنتماء التاريخي لنص ما ال يكون أبداً بخط مستقيم فالنص دائماً
من هذا المنظور التفكيكي له –كما يقول دريداً– عدة أعمار"(.)2
وعلى هذا "فليس كل نص قديم يمكن أن يحيا في النص الجديد ،ومئات من
النصوص القديمة ال يبقى منها إال هذا القالب الذي ال يمكن أن يلتمس في نص بعينه
()3
وإ ن كان من المتوقع أن يكون متفرقاً في أعداد هائلة من النصوص".
()1
الخطيئة والتكفير .325 :
()2
بالغة الخطاب .238 :
()3
نظرية ابن خلدون في فاعلية النصوص :د .السيد فضل ، 21 :منشأة المعارف 1993 :م.
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []14
فيعرف د .محمد مفتاح التناص بأنه " تع**الق (ال**دخول في عالق**ة) نص**وص
مع نص ح**دث بكيفي**ات مختلف**ة"(.)1وه**ذا التعري**ف يحم**ل في داخل**ه تعري**ف ليتش
السابق ،واتفق الدكتور توفيق الزيدي مع الدكتور محمد مفتاح في تعريفه السابق
()2
للتناص.
أما الدكتور محمد بنيس فيقترح صياغة جديدة لمصطلح التناص حيث يس**ميه
( النص الغائب ) ويرى أن " النص الشعري هو بنية لغوي**ة متم**يزة ليس**ت منفص**لة
عن العالق**ات الخارجي**ة بالنص**وص األخ**رى ،وه**ذه النص**وص األخ**رى هي م**ا
يسميها بالنص الغائب … وي**رى أن النص كش**بكة تلتقي فيه*ا ع*دة نص**وص ،وهي
نصوص ال تقف عند حد النص الشعري بالضرورة ألنها حص**يلة نص**وص يص**عب
تحدي*دها ،إذ يختل*ط فيه*ا الح*ديث بالق*ديم ،والعلمي ب*األدبي ،والي*ومي بالخ*اص ،
()3
والذاتي بالموضوعي".
رماني مع رأي الدكتور محمد بنيس السابق
ويقترب رأي الدكتور إبراهيم َّ
عرفه بأنه " مجموعة النصوص المستترة التي
لتعريف مصطلح التناص حيث َّ
يحتويها النص الشعري في بنيته ،وتعمل بشكل باطني عضوي على تحقّق هذا
()4
النص وتشكل داللته".
ويعرف الدكتور عبد اهلل الغذامي العمل األدبي بأنه "يدخل في شجرة نسب
عريقة وممتدة تماماً مثل الكائن البشري فهو ال يأتي من فراغ ،كما أنه ال يفضي إلى
)1 (
تحليل الخطاب الشعري (استراتيجية التناص) د .محمد مفتاح ، 121 :المركز الثقافي العربي ،
الدار البيضاء ط .1995 1
)2 (
قضايا قراءة النص الشعري الحديث من خالل ممارسته عند النقاد العرب ، 17 :مجلة الموقف
األدبي . 1987
)3 (
ظاهرة الشعر المعاصر في المغرب -مقاربة بنيوية تكوينية ، 251دار العودة بيروت ط، 1
.1979
()4
رماني ،مجلة الوحدة العدد ( 1988 )48م.
النص الغائب في الشعر العربي الحديث ،د .إبراهيم َّ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []15
فراغ ،إنه نتاج أدبي لغوي لكل ما سبقه من موروث أدبي وهو بذرة خصبة تئول
()1
إلى نصوص تنتج عنه".
وهذا المفهوم العربي للتناص ال يختلف عن مفهوم النقاد الغربيين بل هو ٍ
تبن
لمفهوم التناص نفسه ثم يقول الدكتور الغذامي بعد ذلك "إن مفهوم تداخل النصوص
هو من المفهومات األساسية في طريقتي لقراءة األدب وتحليله مما يعني أنني أتعامل
مع النص على أنه بنية مفتوحة على الماضي مثلما أنه وجود حاضر ويتحرك نحو
()2
المستقبل وهذا يغاير ويناهض فكرة البنية المغلقة على اآلنية".
فهذا المنهج المقترح من وجهة نظر الدكتور الغذامي يستخدمه كآلية أساسية
لقراءته لألدب ألنه مالئم لطبيعة األدب العربي خاصة ،فالتناص عنده مصطلح
سيميولوجي تشريحي ويورد تعريفات(تبدو متقاربة) لكُتاب أوربيين مثل بارت
وشولز وكريستيفا وليتش وتودوروف وباختين وشلوفسكي وكولر ،بما يؤيد فكرته
()3
حول ضرورة التناص في النص األدبي.
()1
ثقافة األسئلة (مقاالت في النقد والنظرية) ، 111 :دار سعاد الصباح ،ط1993 ، 2م.
()2
السابق .113 :
()3
ينظر الخطيئة والتكفير 327 :وما بعدها.
()1
ثقافة األسئلة .119 :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []16
ويرى الدكتور محمد بنيس "أن النص كدليل لغوي معقد ،أو كلغة معزولة
شبكة فيها عدة نصوص ،فال نص يوجد خارج النصوص األخرى أو يمكن أن
ينفصل عن كوكبها ،وهذه النصوص األخرى هي ما سميته بالنص الغائب غير أن
()2
النصوص األخرى المستعادة في النص تتبع مسار التبدل والتحول".
ثم يقول :إن أي نص يستلزم وجود نصوص أخرى سابقة عليه أو متزامنة
()3
،وهو بهذا يفصل بين تداخل النصوص والسرقات الشعرية ،والمعارضات معه"
فالنص المتداخل معه يقصد به النص الغائب والنص صاحب التداخل النص الراهن
أو الحاضر.
()2
حداثة السؤال – 85 :المركز الثقافي العربي ،ط1988 : 2م.
()3
السابق .85 :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []17
وعلى هذا فإن "التناص هو الذي يهب النص قيمته ومعناه ،وليس ألنه يضع
النص ضمن سياق يمكننا من فض مغاليق نظامه اإلشاري ويهب إشاراته وخريطة
عالقاته معناها ،ولكن أيضا ألنه هو الذي يمكننا من طرح مجموعة من التوقعات
عندما ُنواجه نصًّا ما ،وما يلبث أن يشبع بعضها وأن يولد في الوقت نفسه مجموعة
()2
أخرى وهكذا … "
ومعنى هذا أن النصوص كلها القديمة والحديثة ترتبط بوشائج قربى حيث ال
يمكن إفالت النص الحالي من اتصاله بالنصوص السابقة.
وتعدد المصطلحات* العربية للمصطلح الغربي "التناص" يؤدي إلى االرتباك
لدى الباحثين ولكن يمكن االستقرار* على مصطلح (التناص) لكون**ه أك**ثر اتس**اعا ً من
التعريف**ات الس**ابقة حيث إن**ه ن**ال قس**طا ً من الش**هرة واالنتش**ار على مس**توى الع**الم
العربي والغربي.
وقد ِ
صيغ هذا المصطلح عدة صياغات وترجمات في النقد العربي الحديث
تناقلها الباحثون العرب وهي(: )1
أ -التناص أو التناصية.
ب -النصوصية.
)1 (
التناص وإ شاريات العمل األدبي :د .صبري حافظ ، 11 :مجلة البالغة المقارنة ألف العدد الرابع
1984م )2( .التناص وإ شارات العمل األدبي . 21:
)2 (
ينظر على سبيل المثال :التناص الظاهرة وإ شكالية المنهج ،قراءة في بعض الممارسات النقدية ،
مؤتمر النقد األدبي الثالث ،جامعة اليرموك ،إربد األردن ،الفترة من ، 26 - 24تموز ،
1989م.
)1 (
( للمزيد حول أسباب اختيار مصطلح التناص على ما عداه من مصطلحات مترجمة لمصطلح
)Inter textualityيمكن الرجوع إلى رسالة الماجستير للباحث /فرج عالم ،بعنوان :شعر ابن
منير الطرابلسي (دراسة نصية) ،جامعة بنها 1998 ،م ص 18وما بعدها.
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []18
والحقيقة أن نقادنا القدامى انتبهوا إلى ضرورة اتصال الشاعر بما سبقه ،
ولهم جهود طيبة في هذا المجال ،ولكن اإلشكال أن أغلبها وقع تحت مسمى
السرقات الشعرية محمودة أو مذمومة(.)2
وقد أدرك الناقد العربي القديم منذ القرن الثاني الهجري الدور الذي يلعبه
التراث في إثراء الطاقات المتجددة "وذلك ألن المعطيات التراثية تكتسب لوناً من
القداسة في نفوس األمة ونوعاً من اللصوق بواجداناتها ،لما للتراث من حضور حي
ودائم في وجدان األمة ،والشاعر حين يتوسل إلى الوصول إلى وجدان أمته عن
طريق توظيفه لبعض مقومات تراثها يكون قد توسل إليه بأقوى الوسائل تأثيراً عليه
()1
…".
وربما كانت إشارة الجرجاني واضحة في حثه الناقد على أهمية التسلح بالمعرفة
"ولست تُعد من جهابذة الكالم
َ الدقيقة حين تعامله مع النصوص الشعرية في قوله :
وال من نقاد الشعر حتى تميز بين أصنافه وأقسامه وتحيط علماً برتبه ومنازله ،
)2 (
للمزيد حول هذه النقطة يمكن العودة إلى كتاب (الوساطة) لعبد القاهر الجرجاني ، 93 :
والصناعتين ألبي هالل العسكري ، 294 :االستدراك لضياء الدين بن األثير ،تقديم وتحقيق د .حفني
وحلية محمد شرف ، 30 ،عيار الشعر :ابن طباطبا ،تحقيق د .محمد زغلول سالم ، 48 :
المحاضرة ج ، 2الفقرتان ، 796 ، 795 :التناص وإ شارات العمل األدبي .58 :
()1 (
استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر :د .علي عشري زايد ، 18 ،
منشورات الشركة العامة للنشر والتوزيع – طرابلس ،ط1987 ، 1م.
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []19
فتفصل بين السرقة والغضب ،وبين اإلغارة واالختالس ،وتعرف اإللمام من
المالحظة ،وتفرق بين المشترك الذي ال يجوز ّادعاء السرقة فيه والمبتذل الذي ليس
واحدا أحق به من اآلخر ،وبين المختص الذي حازه المبتدئ فملكه ،واجتباه السابق
فاقتطعه"(. )2
وكالم عبد القاهر يحيلنا إلى ضرورة التفرقة في التعامل مع المصطلحات التي
تتقارب أو تختلف مع التناص ،ومن أهم هذه المصطلحات مصطلح (السرقات)
فالسرقة تكون قصدية مع الشاعر ،أما التناص فهو عملية غير قصدية في كثير من
األحيان.
()2
الوساطة .93 :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []20
تتن وع اختي ارات الش اعر ألدواته الفنية حسب وظائفها ال تي ُيؤملها من
خاللها ،وتتكاثف في ذهته مشكلة بعض الظواهر الفنية والبنى النصية.
المحور الثاني :المحبـوبـة :وهي والدة بنت المستكفى التي أعرضت عن
الشاعر -المحب لها -وانقطعت الوسائل بينهما ،على الرغم من أن عالقاتها معه
كانت تتسم بالود والصفاء والتقارب.
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []21
المحور الثالث :الوشاة :وقد سعى هؤالء إلى إفساد العالقة في الماضي بين
الحبي بين إال أنهم لم يس تطيعوا بس بب االرتب اط الوثيق بينهما ،وك ان الزم ان لهما
موافقا ،وقد ت دخلت بعض العوامل في الحاضر س اعدت ه ؤالء الوش اة على إفس اد
تلك العالقة.
وت أثُُر ابن زيــدون بمن س بقه من ش عراء النوني ات واضح األثر في قص يدته
حيث تبرز هذه المحاور بشكل مكثف في نونيته.
وهذه المحاور الثالثة بدت لدى ابن زيدون -كما بددت لدى كثير من شعراء
الغزل السابقين عليه -وبخاصة في القصائد النونية ،على الرغم من اختالف طبيعة
الموضوع المهيمن على القصيدة أحيانا.
وإ ذا نظرنا إلي تلك المق دمات الغزلية ونونية ابن زيــدون نجد أنها تعتمد على
السهولة في كثير من ألفاظها ،والوضوح في معانيها ،والبعد عن التعقيد والغموض
،لذا تُ َع ُّد إشارات التناص في قوافي نونية ابن زيدون من أبرز أشكال التناص ألنها
أتت محكمة البن اء الص وتي حيث ال تزم في القافية ش كالً ثابت اً (ـــينا) ،ول ذا ظه رت
المداخلة بين كثير من هذه القوافي.
وربما س اعد على ذلك استحض ارها في ذهن الش اعر (ابن زيــدون) قبل ب دء
القص يدة ،وظهر التن اص في ( )29قص يدة ومقطع اً أثَُّروا في بن اء النونية بش كل
مباشر أو غير مباشر ،وكان لتداخل هذه النصوص أثر فعال في تكوين النونية حتى
أص بحت وكأنها ش بكة من النص وص الس ابقة حيث تتن اثر اإلش ارات الممت دة من
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []22
العصر الجاهلي ح تى عصر الشاعر ،وقد جاءت ه ذه القص ائد والمقطع ات الـ()29
على صورتين من حيث الوزن والقافية :
وقد تن اولتُ تلك القص ائد والمقطع ات ال تي ت أثر بها ابن زيــــدون مراعيا
لت ذلك الش كل من ال ترتيب ح تى يمكن ال ترتيب الت اريخي لتلك القص ائد ،وقد َّ
فض ُ
إدراك تطور القصائد النونية وصوال إلى ابن زيدون ،كما ُي ِّ
مك ُن ذلك من إدراك أوجه
التق ارب (التنـ ــاص) بين نونية ابن زيـ ــدون ومن قبله َ ،ق َّل ذلك أو ك ثر ،وضح أو
غمض.
وه ذا الش كل من التن اول قد ي ؤدي إلى تك رار بعض أبي ات نونية ابن زيـدون،
ألنها القص يدة ال تي يعتمد عليها التحليل مع تع دد النم اذج ال تي يتناولها البحث ،وقد
تن اولت التن اص في نونية ابن زي ــدون مع كل قص يدة على ح دة من خالل العناصر
التالية (الموسيقا والقافية).
وكانت أول هذه القصائد للمرقش األكبر (ت 75ق .م) ومطلعها :
س فَ ْ
اسIIIقِينَا كِرا َم النَّا ِ
ت َ سIIIقَ ْي ِ
وَِإنْ َ سْ IIIIIIIIIIIIIIIIIل َمى فَ َحيِّينَا ِإنَّا ُم َحيُّ ِ
وك يَا َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []23
إشارة التناص في هذه القصيدة تكمن في القافية ،والبحر وبعض األلفاظ ولعلنا نلتقط
اإلطار الخارجي للنص دون الجوهر ،وهذا ما نلمسه في اإليقاع الموسيقي المتمثل
في البحر (البسيط) والقافية (ـينا) .ويظهر التناص عند ابن زيدون في قوله :
من كان صرف الهوى والود يسقينا يا ساري البرق غاد القصر واسق به
فألفاظ القافية ( فاسقينا ـ يسقينا ) و ألف اظ حشو ال بيت ( سـقيت ــ واسق به )
التي تحمل مالمح التناص األولى.
ابن وقص يدة المرقش األكــبر ك ان موض وعها الفخر على خالف قص يدة
صرح باسم محبوبته (سلمى) على خالف
زيدون ،وهذا اختالف واضح ،والمرقش َّ
ابن زيدون.
ومثل هذا اإليقاع يظهر جليا في نونية ابن زيدون في قوله :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []24
()5/// ـفسنا / ـقودا بأنـ / كان معـ فانحل ما
ـدينـا 5//5/5 5//5 5//5/5/
5/5/ صولن بأيـ كان مو ونبتت ما
5//5/5/ 5//5/ //5/5/
5
فَ ِعلُن /فَ ْعلُن مستفعلن فاعلن مستفعلن
وتظهر معالم التناص في قصيدة تميم بن أبي مقبل (ت 37هـ) التي مطلعها
:
َ َودُونَ لَ ْيلَى ع
َIIIIIIIIوا ٍد لو تُ َعIIIIIIIIدِّينَا الخيIIIIIIIIا ُل بِنَا َر ْكبًا يَ َمانِينَا َ
طIIIIIIIIاَف َ
وهي قصيدة طويلة ( 55بيتاً) وتغزل فيها الشاعر بمحبوبته ليلى التى ُش غف
بها وص َّرح باسمها خمس م رات في مقدمة قص يدته في قوله :و(ودون ليلى)
و(تعت اد تك ذيب ليلى) و(لم تسر ليلى) و(يا دار ليلى) و(أرى من ازل ليلى) وكلها
دالالت وإ ش ارات إلى ش دة الق رب والوصل والش وق ،واالرتب اط النفسي والوج داني
ل دى الش اعر ،فـ(ليلى) هنا لم تكن رم زا كما فعل كث ير من الش عراء ،وإ نما هي
محبوبته.
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []25
وه ذا على خالف ابن زي ــدون ال ذي ض ّنت قص يدته ب ذكر محبوبته (والدة)
بس بب تلك الجف وة ال تي ك انت بينهما ،وتظهر فيها إش ارات التن اص جلية في القافية
حيث استقى منها ابن زيدون ( )11كلمة نصاً )6( ،اشتقاقاً .
والجدول التالي يوضح مدى تأثر ابن زيدون بقصيدة تميم بن مقبل في القافية :
رقم رقم
البيت اشارات القافية البيت اشارات القافية
عند ابن زيدون
عند تميم
47 بأيدينا 6 بأيدينا
كذلك أكثر تميم بن مقبل من تكرار حرف النون في قصيدته في حشو البيت
بجانب حرف الروي ،ففي مطلع القصيدة -على سبيل المثال -تكرر حرف النون
ما بين ساكن ومتحرك ( )7مرات ،ثم يتكاثف حرف النون في قوله :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []28
وهذا الحنين والشوق عند ابن زيدون جعله أكثر تأثراً بمن سبقه من الشعراء
،حيث ي رد ه ذا كث يرا في الش عر الع ربي ،وامتد ذهنه لقص يدة تميم فاس ترجع بعضا
من ألفاظها ومعانيها وموسيقاها.
فالتأثر واضح في األلفاظ التي سلكها ابن زيدون من مطلع القصيـدة في
(الليالي -الزمان -تضحكنا -يضحكنا -يبكينا -تبكينا) وكذلك األلفاظ (تسلينا
-يسلينا ،شينا -شينا ،دينا -دينا ) في بعض األبيات في القصيدتين
ح تى نصل إلى العصر العباسي لنجد قص يدة البحتري ش امخة أم ام ابن زيــدون ت ردد
في ذهنه تلك األلف اظ والمع اني ال تي ظه رت ب دايتها تتضح ش يئاً فش يئاً ح تى تناسى
األدباء القصائد السابقة على البحتري واتجهوا إلى قصيدته وعدوها المنبع األساسي
ال ذي اس تلهم منه ابن زيـــدون إط ار نونيته ،لكن أغلب الظن أن نونية تميم بن أبي
ابن زيـ ــدون قبل نونية مقبل في إطارها الع ام وألفاظها ك انت ماثلة أيضا في ذهن
IIIIIIIوم ال ُم ِحبِّينَا
ِ لجاج IIIIIIIكَ في لَ
ُ فَ َما ب يُ ْغ ِرينَا يَ َكIIIIIIIIIIIIIIا ُد عا ِذلُنَا في ُ
الح ِّ
وعند تتبعنا إلش ارات التن اص في القص يدتين نجد أن البح ـ ــتري في مقدمة
قصيدتـه تبرز لديه األنا وهذه ظاهرة واضحة في ُج ِّل مق دمات البحتري الغزلية حيث
إن كث يراً من غزله "ك ان غ زالً مقص وداً لذاته ،يرسم فيه عواطفه وإ حس اس نفسه ،
فك انت القص يدة في الواقع كأنها مركبة من قص يدتين :واح دة يف رغ فيها عواطفه في
الغ زل ،وأخ رى لغ رض الم دح أو غ يره من األغ راض ،فك أن البح تري ك ان يضم
()1
إحدى القصيدتين إلى األخرى من غير أن يعنى بالربط بينهما".
وهذه المقدمة الغزلية وإ ن كانت قصيرة إالَّ أنها حوت كثيرا من معاني الغزل
ال تي ض منها ابن زيــدون في قص يدته النونية ،وتظهر إش ارات التن اص ب وفرة عن ده
ح تى ذهب بعض الب احثين إلى أن ابن زي ــدون وضع نصب عينية قص يدة البح ــتري
الس ابقة وكتب نونيته ،وتظهر إش ارات التن اص متمثلة في ( )6أبي ات نص اً دون
ت رتيب في (المحبينا ،يعنينــا ،يحيينا ،فينا ،ليالينا ،لينــا) وه ذه اإلش ارات ت وحي
بحضور قصيدة البحتري على ذهن ابن زيدون.
ويظهر ذلك األثر في نونية ابن زيدون في البيت الثامن عشر في قوله :
()1
المعارضات الشعرية بين التقليد واإلبداع .250 :
()1
حياة البحتري وفنه :د .أحمد بدوي .215 :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []31
ــر النَّأ ُ
ي ال ُمحبينا إنْ طالمـا غيَّ َ ال تحسبــوا نأيكـم عنا يُغيـرنا
كما نلمح األثر اإليق اعي في قص يدة البحـ ـ ــتري متمثال في البحر البس يط،
والقافية .
وقد أغفل الدارسون نونية السري الرفاء (ت 326هـ) التي مطلعها :
اسIIقِينَا فَشَعشIIعيها بِ َمIIا ِء ال ُم ْ
IIز ِن َو ْ نَ ْط ِ
IIIوى اللَّيIIIالي ِع ْل ًما أن سIIIتطوينا
ونلمح فيها إشارات التناص أكثر وضوحا في ألفاظ القافية المتمثلة في ( )8أبيات هي
( )20 11، 7، 6 ، 5 ، 4 ، 3 ، 2في الكلمات ( أيدينا ،لينا ،نسرينا ،تُحيينا ،
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []32
يســلينا ،يحيينــا ،الرياحينا ،آمينا) ،وهي عند ابن زيــدون في األبي ات ( ،27 ، 6
ال تي ونصل إلى العصر األندلسي حيث قص يدة الص ــاحب بن عبَّاد (ت 385هـ)
ب أحزانIIIIIا ً أفانينا
َو َج IIIIIدْتُ في القل ِ سْ IIIIIIينَا
َIIIIIIراخى َمِ IIIIIIديحي آل يَ ِ
إذا ت َ
وع دد أبياتها ( )41بيتا ،وهي من البحر البســيط ،وتمثلت إش ارات التن اص
في ( )10أبي ات ،متمثلة في القافية (أفانينا -فينا -دينا -تكفينا -حينا -تحيينا
…) ال واردة بالقافية عند ابن زي ــدون ،ويكشف الخط اب الش عري في قص يدة ابن
عبــاد عن ح زن وألم الش اعر ولكن اختلف الغ رض الش عري فيها حيث جعله الش اعر
في وصف آل البيت وذكر ما تعرض له آل النبي من ٍ
مآس.
ومن خالل الع رض الس ابق نلمح أن تن اص ابن زيــدون مع قص ائد الس ابقين
في قوافيهم برز واضحا في الموسيقا ،وخاصة القافية.
وقد غلب على القص ائد الس ابقة ط ابع الح زن واأللم ،إثر الف راق ال ذي يح دث
بين األحب ة ،وقد ب رزت لفظة (البكـ ـ ــاء) مؤك دة ه ذا المع نى ،وش اركها لفظتا
(الليالي والزمان) وكالهما من العوامل التي تساعد على السعادة أو الحزن .
ُأ ْنسIIIIIIا ً بِقُ ْربِ ُهم قَْ IIIIIIد عَIIIIIIاد يُ ْبكينا ضِ IIح ُكنَا
الIIذي َمIIازَ ال يُ ْ
ِ َأنَّ الزمIIانَ
يق ول وقد ت رددت عند كث ير من الش عراء مع اختالف البنية الص رفية.
َمَ IIIع البُ َكIIIا ِة على َمنْ َمIIIاتَ يَ ْب ُكونَا وال تIIIIIراهم وإنْ جلَّتْ ُمصIIIIIيبت ُهم
فَكِدْنَ يُ ْب ِكيننِي َ
شIIIIIIIوقا ً َويَب ِكينَا عََّ IIIIIIIر ْجتُ فيها َأ َحيِّ ْيها َوَأ ْ
سIIIIIIIألها
عنه بقوله ( :يضحكنا) وقد أزاح الزمان هذا الماضي وأحل بدالً منه الحاضر األليم،
وأتى البك اء عند المــرقش األكــبر عن طريق الس لب فلم يكن بك اء ،وإ نما ك ان
امتناع اً عن البك اء ،في قوله ( :وال تــراهم يبكونــا) فالجملة االعتراض ية -وإ ْن جلَّ ْت
صيبتهم -أوحت إلى هول المصيبة التي نزلت بهم حتى أنستهم البكاء. ُ ُم
(فكـدن وتت درج لفظة (البكـاء) فيع بر عنها تميم بن أبي ُمقبل بقوله :
يبكينني) ثم أردفها بقوله ( :ويبكينا) وهذا يدل على شدة التحمل والتجلد.
في قوله ( :فكـ ــاد الـ ــدمع يبكينـ ــا) فكلها إش ارات إلى الح زن ،أما ق ول أبي الطفيل
الس ابق ،فقد ت أثر به ابن زيدون ،ويتجلى ذلك في اس تخدامهما للمفارقة إلب راز ح الين
متناقضين ،حال مليئة بالسعادة والسرور ،وحال أنية ممتلئة باألسى والحزن.
إن كال الش اعرين يجعل س طوة ال زمن على اإلنس ان واض حة جلي ة ،حيث يدفعه
بأحداثه الجسام إلى البكاء وأحيانا يتيح له ما َي ُس ُّره فيسعده ويضحكه .
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []35
والجدول التالي يوضح مدى تأثير ابن زيدون بألفاظ السابقين في القافية :
أما الكلم ات األخر فإنها وإ ن لم تكن ذات خصوص ية ل دى ش اعر معين ف إن
انتشارها بهذا الشكل في عدد من القصائد النونية موضع الدرس تعني أن هناك تأثيرا
من السابق في الالحق.
وتظهر المفارق ات بين القص ائد النونية الس ابقة على ابن زيدون على مس توى
الش كل حيث تعد قص يدة ابن زي ــدون لوحة غزلية كاملة ،أما القص ائد والمقاطع ات
اُألخر أتت بعض مق دماتها غزلية في أبي ات مع دودة منها مق دمات غزلية عاش ها
الش عراء مثل مقدمة البحــــــتري ،وقد عمد من خاللها إلى إظه ار األنا المتمثلة في
الشاعر ،واآلخر المتمثلة في الممدوح.
وه ذه المق دمات الغزلية ونونية ابن زي ــدون ص اغها الش عراء في ألف اظ تص ويرية
مع برة حيث أدى الموقف الغ زلي إلى الس هولة في األلف اظ ،وذلك من خالل المع اني
سIIIIIIIIIIIIIIلِينَا َولَ ْي َ
س البُ ْعَ IIIIIIIIIIIIIIد يُ ْ شIIIIIIIIIIIIIIفِي IIIIIIIIIIIIIIر ُُ
ب بِ َها يُ ْ ْ فَالَ قُ
IIIIIIIIIIIIIول يَ ْعنينَا
ِ َو َر ْجَ IIIIIIIIIIIIIع القَ َوقَْ IIIIIIIIIIIIIIIIد قَIIIIIIIIIIIIIIIIالَتْ لتربيها
السIIIIا ِمرينا ب ال َك َ
IIIIرى بِ َّ َصَ IIII
ِإذا ع َ سْ IIIIل َمى
ريIIIIق َ
ِ بَِأ ْط َ
يب ُمو ِهنIIIIا ً ِمنْ
سِ IIرينا
الIIورد نِ ْ
جIIني َ
ِّ َأ ْلقَيَتَ فIIو َ
ق ث َح ْمIIIIIIرا َء يَل ْقاَها المِزَ ُ
اج َكما ت َُح َّ
وتظهر المفارقة جلية بين ابن زيــدون ،ومن قبله من الش عراء حيث إنهم أك ثروا من
المع اني الغزلية على خالف ابن زيــدون ال ذي أودع قص يدته همومه ال تي يعيش ها في
كما نلمح أن كث ًيرا من ش عراء الغ زل في العص ور الس ابقة على عصر ابن زي ــدون
ذكروا أسماء محبوباتهم في شعرهم إال أن ابن زيدون خرج عن مثل هذه األطر ال تي
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []39
تعارف عليها الشعراء فلم يصرح باسم محبوبته (والدة) في نونيته وربما كان سبب
ينا
يد َ
وال ِب َأ ِ
ت ما كان َموصُ ً
َوانَْب َّ ان َمْعُقًودا ِبَأْنُفسَِنا
حَّل َما َك َ
ان َ
َف ْ
ينا
ضْعُفَنا ِإَّال ِب َأ ْيدِ َ
ن َ
ِإذْ َلم َيُك ْ حمًْدا ال َنَفاذَ له
هلل َ
الحمُْد ِ
َف َ
ويظهر التناص جليا في البيتين حيث يرى ابن زيدون أن الذي حدث لم يكن
ابن المقرب فإنه بحمد اهلل على أن الضعف الذي
أمرا محتوما ،وإ نما (بأيدينا) ،أما ُ
آلت إليه الدولة العيونية لم يكن من خارجها ،وإ نما كان من داخلها بسبب االختالف
والتفرق .
حا ِف ْي َنا
اش ً
سُّروا َك ِ
ن تُ ِ
ِبَنا َوَال َأ ْ حسٍَد
ن ذ ِي َ
عْي َ
حقُّنا أن ُتِقُّروا َ
مَا َ
سمََّها ِف ْي َنا
يعا َفُتْلِقي ُ
سِر ً
َتْأِتي َ عْقبِ دولتها ولة ِفي ُ
اذَرتْ دَ ٌ
ح َ -وَ َ
وم َما َبَلَغتْ
الر ِ
وك ُّ
ولت ُمُل ُ
إن َت ْ
َ -ف ْ
إخوانَنا ِف ْي َنا
ُ صَنَعتْ
ار مَا َ
ِمْعشَ َ
وعلى الرغم من أن هذا اللفظ ليس من الخصوصية إال أنه يدل على أن
الحضور هنا ليس لفرد وإ نما ألكثر من ذلك ،وهذا الجمع كان ينبغي أن يربط بينه
رباط المودة والمحبة لكن ذلك لم يحدث .
ينا
ه َقالِ َ
جْر ُ
عْنهُ َوَلْم َنْه ُ
ين َ
سالِ َ
َ وكُبُه
ت َك َ
ال َأْن ِ
ق َجمَ ٍ
ف ُأْف َ
ج ُ
َلْم َن ْ
ينا
انينَا َو َقالِ َ
شِ اوِيَل َ
ِفْيَنا َأَق ِ تمُعوا
واس َ
ْ عَلْيَنا َمعَ األََي ِ
ام َمالُوا َ
وقد بدا واضحا اختالف الشاعرين فيما يتعلق بدور الوشاة أو الحاسدين.
فابن زيدون لم يكن ليسلو جمال والدة ،وال أن يهجره قاليا له ،فهو ممن ال
يتزعزع حبهم ،وال تضطرب خواطرهم فيسلو ،أو يجفو.
أما ابن المقرب فإنه يشكو ما يعانيه ويقاسيه من أقاربه وإ خوانه ،حيث
ما كانوا عونا للزمن عليه حين استمعوا ألقوال الحاقدين والقالين فكان منهم
كان .ونلمح في قصيدته هذا اإلحساس المؤلم من خالل تلك األلفاظ التي ساقها
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []42
ابن المقرب مثل (نالنا – يا دهر – يكفينا – فينا – العدو – معادينا – أمرا يعاجلنا –
وحاذرت – سمها – قراحا … ).
والحاسد وعنصر األعداء عند ابن المقرب يماثله عنصر الحاقد والواشي
بدء القصيدة : عند ابن زيدون ،ونلمح ذلك األثر جليا في قول ابن المقرب من
يدا َفِيَنا
أودعها ً
ن ِبُبْقَيا َو ِ
َفامُْن ْ ينا
َبْعضُ الَّذي َنالََنا يا َدهُْر َيْكِف َ
العِدِّو ِبَنا
اء َض َك ِإْر َ ان شََأُن َ
إن َك َ
ْ
ادينَا
ضى مَُع ِ
ن َهذَا ِبِه َيْر َ
َفدُو َ
ابن المقرب
الحاضر
(البعد والجفاء)
ابن وت زداد إش ارات التن اص وتنمو ش يئا فش يئا ح تى نصل إلى نونية
المستوفي (ت 637هـ) في قوله :
ادْيَنا
عِه َأ َ
عَلى ُكْر ٍ
عدَْتَنا َ
َومَا َ النوى ِفْيَنا
ت َأْيدِي َّ
ابَنا َوَلَع ْ
حَب َ
َأ ْ
حيث نجد أنفسنا أمام تلك النونية التي تتقارب مع نونية ابن زيدون في األداء الف ني
والمعنى واألسلوب والموضوع واأللفاظ ،وكأن ابن المستوفي عمل على إزاحة نونية ابن
زيـــدون ،وأحل نونيته محلها ،إال أن ابن المســـتوفي اس تطاع أن َيص ُوغها ص ياغة فنية
متقنة كص ياغة ابن زي ـ ــدون لنونيته ،ونلمح إش ارات التن اص في القص يدة كلها ما بين
عروض األبيات وضربها وحشوها ،ومن ذلك قول ابن زيدون في البيت الرابع :
عادَ ُي ْب ِكينَا
ُأْنسًا ِبُقْرِبِهُم َقدْ َ ح ُك َنا
ض ِ
الزمَان الذي ما زال ُيْ II
ن ََّأ َّ
وتظهر إشارات التناص جلية عند ابن المستوفي في قوله في البيت الثالث:
ش ُي ْب ِكينَا
العْي ِ
ق َ ضْي ُ
ن َو ِ
حُ
وم َن ْ
الي َ
َف َ ح ُك َنا
ض ِ
ش ُي ْ
خْفضُ العَْي ِ
انا َو َ
شَنا َز َم ً
ع ْ
ِ
فالتأثر واضح في اختيار األلفاظ ،والمعاني ،ويتبدى ذلك في عدة أمور :
-4أن كال الشاعرين كانت لديه فسحة من الزمن عاش فيه هانئا آمنا مطمئنا سعيدا
(في الماضي) ،ويتجلى ذلك في (الزمان مازال يضحكنا /العيش يضحكنا).
-5أن هناك تحوال جذريا طرأ على هذه السعادة ،فتحولت إلى بكاء ،وقد كان ذلك
بسب الفراق الذي ألم بالمحبين لعبث الوشاة والحاسدين لدى ابن زيدون أما ابن
المستوفي فكان ألمه وحزنه ناجما عما أصابه من ضيق العيش.
وقد ألح ابن المستوفي على معانى الهجر والفراق والصد واللقاء ،كما هو
الحال لدى ابن زيدون وعند قراءة قصيدة ابن المستوفي نشعر وكأننا نقرأ نونية ابن
زيدون وذلك في قول ابن المستوفي :
واتْيَنا
حًّقا ال ُي ِ
ب َ
َوَأْقسََم القُْر ُ اب ُلْقيانَا
طَعتْ َبْيَنَنا َأسَْب ُ َتَق َّ
حكَُناش ُيضْ ِ العيْ ِض َ خْف ُ انا َو َ
عشَْنا َزَم ً ِ
كيَنا
يش ُيْب ِ
الع ِ
ق َضْي ُ
ن َِو َ
حُ
َفاليوم َن ْ ن تَزَ ِ
اورَنا ع ْ عدَْتَنا اللََّيالي َ
ئن َ لِ َْ
الليالي عن َتَمِّنْيَنا
عَدْتَنا َّ
َلَما َ طَنا
خ ُس ُِكَّنا َوال شَيء بعد البُْعِد ُي ْ
ش مُْقَتِبٌلالعْي َُكْم َقْد َنِعْمَنا ِبُكْم َو َ
ضْيَنا
رب ُيْر ِ
شيء بعد القُ ِ
َ واليوم َال
َ
افْيَنا
صِ أعمَى عن َت َ
س ْأخَر ٌ
َوالدَّهرُ ْ
عادَ ُيْبِكينَا
بهم َقدْ َ
َأْنسًا ِبُقْر ُ حُكَناض ِ
ان الذي مَا زال ُي ْ الزمَ َ
ن َّ َأ َّ
اقينَا الهوى فدعوا س ِن َت ً
غيظِ العِدَا ِم ْ
الدْهُر :آمينَا
ن َنَغصَّ َفقال َّ
ِبَا ْ ودا ِبَأْنُفسَِنا
حَّل ما كان َمْعُق ً ان َ
َف َْ
وصوال بأيدينا
ً تت مَا كان مَ
وانَب َّ
ْ
س َنا فَ َما ِل ْل َي ِ
ْأس ُي ْغ ِري َنا ِئ
َوقَ ْد َي ْ سلِينَا ع ََوا ِر َ
ضهُ ُكنَّا نَ َرى اليَْأ َ
س تُ ْ
وباإلضافة إلى كون نص ابن المستوفي ينهض بذاته ،فإنه يؤدي إلى
استحضار نص ابن زيدون مما يزيد من زخم المعاني التي تتولد عند قراءة نص ابن
المستوفي.
اتجاه الماضي
اتجاه الحاضر
فعل مضارع
الفراق
اللقاء
الواشي
الحاسد
فاالتجاه األول هو الماضي الذي بدأ يندثر ،ولم يبق منه سوى الذكريات
الحاضر الذي أزاح الماضي وسيطر على الواقع ،فالعالقة بينهما واالتجاه الثاني هو
فعل ماضي
عالقة اعتداء حيث حدث تصادم َبيِّن بينهما على امتداد القصيدة ،وهذا أدى إلى
انطالق مرحلة حياة جديدة مشوبة بالحزن واأللم ،وإ ذا نظرنا إلى صورة الواشي أو
الحاسد ،نجد أن أثرهما في الماضي كان ضئيال ،ولكن بعد التصادم المفاجيء -ما
بين الحاضر والماضي -بدأت صورتهما تظهر في تحول الزمن المتمثل في
السعادة إلى الزمن الحاضر الكئيب الممتليء بالحزن بفعل الحاسد أو الواشي ،
ويحدث تحول في الزمن المتمثل في السعادة إلى زمن حاضر كئيب ،ولكن سرعان
ابن المستوفي. ما ينتصر الحاضر على الماضي بفعل الحاسد أو الواشي عند
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []46
والأفعال التالية تبين ذلك األثر ،فعند ابن زيدون (أضحى – ناب ،حان –
دعوا ،قام /يبلى ،يضحك ،يبكي ،نغص) وتظهر تلك المقاربة العددية بين الفعل
الماضي والمضارع عند ابن المستوفى في قوله ( :ولعت ،نعمنا ،عدتنا ،تقطعت
،عشنا /أقسم ،ال يواتينا ،يضحك ،يبكي ،ال نتقي ،وال نخاف …).
حيث تظهر المفارقة النفسية عند الشاعرين ،فابن زيدون انقطع به األمل من
لقاء محبوبته ،وابن المستوفي تجدد عنده األمل مرة أخرى بعد االنقطاع والبعد
والسخط ،حيث حل القرب وتالزم معه الرضا.
التي وعلى هذا النمط تسير قصيدة شمس الدين الكوفي (ت 675هـ)
مطلعها :
()1
وهي تتكون من ( ، )21بيتا إالَّ أنها غلب عليها ما يسمى بجناس التذييل
الذي أعلى من كثافة الموسيقا في األبيات ،وكأننا أمام مقطوعة موسيقية عزفت
بإيقاعها الحزين.
إن الحاضر بهمومه وأحزانه جعل الشاعر يتناسى الماضي ،ويشعر نفسه بهذا
و(نفنيها الحزن ما بين حين وآخر ،في نهاية كل بيت مثل ( :نبليها وتبلينا)ـ
وتفنينا)ـ و (التكفينـ تكفينا)ـ و (فتحكيها وتحكينا)ـ وكأن شمس الدين الكوفي زاد القافية
قافية أخرى ،وهي ألفاظ معبرة عن الحزن واألسى الدائمين :
نبليها وتبلينا
التكفين تكفينا
وتفنيا نفنيها
القصيدة. ( )1جناس التذييل :وهو أن يأتي الشاعر بالجناس في نهاية كل بيت من أبيات
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []48
إال إن الشاعر -على الرغم من تكاثر الهموم -لم يفقد األمل ،ويظهر ذلك
في نهاية القصيدة في قوله :
وينا ؟
ير َسولٌ َيْروينا َو ْ
أتي َر ُ
َي ِ ارُكم َفمََتى
خَب ِ
اش إلى َأ ْ
ط ٌع َ
ِإَّنا ِ
ِجْئنَا إلى ِّ
عزكم َفْقٌر َوَمسْكََنٌة
ينا
شٌير ُيَغِّنْيَنا َفُيْغِن َ
َفَهْل َب ِ
حتى نصل إلى العصر المملوكي لنجد بعض القصائد النونية التي تأثرت
بنونية ابن زيدون ومنها قصيدة محمد بن عبد الكريم الموصلي (ت 748هـ) التي
مطلعها :
ن َتدَِانْيَنا
حْيًنا مِ ْ
ك ِ
حُ
ضََوَكانَ َي ْ ائينا
ن َتَن َ
عَلْيَنا ِم ْ
َبَكى الزََّمانُ َ
وعدد أبياتها ( )23بيتا وعندما نقرأ أبياتها نشعر بأبيات ابن زيدون خاصة
في إيقاعها الموسيقي المتجانس ،أما التناص اللفظي فتمثل في ( ، )16لفظة نصًّا و(
()1
،اشتقاقًا وتتعدد عالقات التناص بين القصيدتين في عدة نواح كاأللفاظ )8ألفاظ
()1
بعض األلفاظ تحمل الترادف واالشتقاق والتضاد.
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []49
والموسيقا ...ومن تلك األلفاظ لفظة (الزمان) الذي كان من األلفاظ المحورية لدى
ابن زيدون ،فالزمان ليس مجردا من الفاعلية أو التأثير بل هو عامل مؤثر وحاسم
في الماضي والحاضر ،كما هو واضح في قول ابن زيدون :
عادَ ُي ْب ِكينَا
ُأْنسًا ِبُقْرِبِهُم َقدْ َ ح ُك َنا
ض ِ
ان الذي ما زال ُي ْ
الزمَ َ
ن ََّأ َّ
فابن زيدون يرى أن الزمان الذي أسعده في الماضي هو الذي أبكاه في
الحاضر ،أما محمد الموصلي فإنه جعل الزمان شاهدا على أحداث حياته حلوها
- ومرها ،فالزمان هو الذي بكى على فراقهم وتنائيهم ،وهو الذي كان يضحك
حينا -بسبب التداني واللقاء.
ونلحظ أن محمدا الموصلي استخدم للماضي الفعل (بكى) وللحاضر
والمستقبل الفعل (يضحك) على خالف ابن زيدون الذي استخدم الفعل المضارع في
الزمنين (يضحك – يبكي) ،وإ ن كانت داللة الفعل ( يضحك ) تشير إلى الزمن
الماضي.
ويختلف دور الزمن لدى الشاعرين ،فالزمان لدى ابن زيدون ُيعد عنصرا مصاحبا
فيض حكهما
حين ا ،ومعاديا حينا ،حيث يجعل له الغلبة والهيمنة على حياته وحي اة من يحب ُ
حينا ،ويبكيهما أحيانا أخ رى .أما محمد الموصـ ـ ــلي فإنه يجعل الزم ان ش اهدا ومنفعال
ومت أثرا بما ي راه من أح وال الش اعر ومحبوبه ،فيف رح لفرحه ويأسى ألس اه .ومن التن اص
اللفظي في القافية قول ابن زيدون :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []50
ان ْي َنا
عْنُكْم َأ َم ِ
ت َ
صَرَف ْ
ِمْنُكْم َوَال ْان َ اؤَنا َبَدًال
ت َأهَْو ُ
طَلَب ْ
هللا مَا َ
َ -و ِ
وهذا التكثيف الموسيقي أمر ملحوظ في نونية ابن زيدون في قوله :
وال اتخذنا بديال منك يسلينــــا وال استفدنا خليال عنك يشغلنا
وقد اتح دت كل وح دة ترص يعية في الش طر األول مع ما يقابلها في الش طر الث اني
في تقطيعها ووزنها الصرفي بجانب الترصيع السجعي.
ويتكئ ابن زي ــدون في بيته على ال ترادف ،لتأكيد إخالصه لمن يحب والوف اء له ،
وع دم تحوله إلى أي إنس ان آخر ،ويظهر ذلك جليا في الش طر األول من ال بيت ،وأك ده
الشطر الثاني ،ويتضح ذلك إذا وضعنا الشطر الثاني أسفل األول هكذا :
منــك يســـلينا بديــال اتخــــذنا ال و
يشــغلنا عنــك خليــال اســـتفدنا ال و
حرف عطف +نافية (+فعل ماض+ـنا) ( +مفعول به) +حرف جر+كاف
الخطاب)( +فعل مضارع +الضمير ـنا)
وهذا اإليقاع الموسيقي نالحظه جليا عند محمد الموصلي كما في قوله :
حًقا لغائِظَنا بَُْعدًا ِلَو ِ
اشينَا سُْ اسدَِنا ُأفًّIا ِلَك ِ
ايدَنا ح ِ
َتَّبا ِل َ
حيث يتن اظر كل ت ركيب من ال تراكيب األربعة في ال بيت مع مثيله في ال بيت ذات ه،
شكال زخما موسيقيا عاليا ،تولَّد من عدة أمور كما يتضح من التقسيم التالي :
م ِّ
ُ
لكايــدنا أفــا لحاســـــدنا تبــــا
لواشينــا بعــدا لغائظنـــــــا سحــقا
حرف جر+اسم فاعل + اسم فعل مضارع / حرف جر+اسم فاعل+الضمير "ـنا" مفعول مطلق
الضمير "ـنا" مفعول مطلق
ويالحظ هذا الزخم الموسيقي رافقه تكرار على مستوى داللة األلفاظ ،حيث وردت
ألف اظ (تبا – أفا – ســحفا – بعــدا) ،وأيضا وردت ألف اظ (لحاســدنا – لكايــدنا – لغائظنا –
لواشينا) ،وترتكز داللة هذا البيت على الرفض التام لكل َم ْن يعادون المحب ،ويتبدى في
الدعاء عليهم.
وقد اتح دت كل وح دة ترص يعية في الش طر األول مع ما يقابلها في الش طر الث اني
في تقطيعها ووزنها الص رفي بج انب الترص يع الس جعي .ونلمح أثر التن اص جليا عند ابن
نباتة المصري (ت 768هـ) في قصيدته التي مطلعها :
وينا
وم البينِ َتْل َ
ن َي َ
حَّتى تَلََّو َ
َ حِّبينَا
الم ِ
غيرُكْم َدمُْع ُ
عَدى ِب ِ
َأ ْ
ن مَآقينا
َوَيسَْتِقي الدَّمعُ إالَّ مِ ْ ح َنا
ج َوانِ ِ
ن َ
جدُ إالَّ مِ ْ
س الوَ ْ
ال ُيْقَب ُ
وقد أثرت نونية ابن زيدون في ابن نباتة فتلبس بها أو تلبست به ،حتى إننا
نجده ُيضمن قصيدته بيتا كامال من قصيدة ابن زيدون ،وهو قوله :
ينا
ذاك ُي ْغ ِن َ
تلى عن ُ
الم ْع َ
ك ُ َو َق ْد ُر ِ ال ًال َو َت ْك ُرمةً
ج َ
يك ِإ ْ
سمِّ ِ
سنا ُن َ
َل َْ
ويش ير ابن نباتة إلى اسم ابن عب ــاد ،وابن زي ــدون في قص يدته تلك مادحا نونيته
ُمش يدا بها ،ولعل قوله ( :من مبلغ العـ ـ ــرب ُ )...ي ذكرنا بق ول ابن زيـ ـ ــدون (من مبلغ
الملبسينا) ،يقول ابن زيدون :
َّه ِر ال يبلى َو ُي ْبِلي َنا
ُح ْز ًنا َم َع الد ْ اح ِه ُم َمنْ ُم ْبلِ ُغ ال ُم ْلبِ ِ
سينَا فِي ا ْنتِزَ ِ
ومن شعراء العصر الحديث أمير الشعراء أحمد شوقي (ت 1351هـ) في قصيدته
التي مطلعها :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []53
ادينا
ك أم َنْأسى ِلَو ِ
ادْي َ
شجى ِلَو ِ
َن ْ ينا
اد َ
عَو ِ
شَباهٌ َ
ح َأ ْ
الطْل ِ
ح َّائ َ
َيا َن ِ
وتلتقي قصيدتا ابن زيدون ،وأحمد شوقي في عدد من النقاط المباشرة أو غير
المباشرة ،أبرزها :
ٍ
لمحبوبتة ارتضاها لنفسه وسعد بها وسعدت أن كال الشاعرين محب -1
به ،وقد عاشا هانئين حينا من الدهر.
حب فافترقا على غير رضا من أيهما، أن كليهما ِح َ
يل بينه وبين من ُي ُ -2
وكان للوشاة والحاسدين والحاقدين والمنتفعين دور في هذا الفراق .فقد ُس ِجن
ون ِفي أخرهما فجمعا إلى عذاب الفرقة صعوبة األلفة مرة أخرى.أولهما ُ
حب فلم يصدف عن هوى محبوبه أو
أن كليهما ظل على وفائه لمن ُي ُ -3
ينقم عليه ،أو ينتقم منه أو ينصرف إلى سواه.
حب تجلت في قصيدته. أن كليهما َّ
بث رسائل شوق وحنين إلى من ُي ُ -4
أن كال الشاعرين احتفظ لنفسه باسم محبوبته فلم ُيصرح به ،ربما -5
ألنه أشهر ِم ْن أن يذكر ،أو أنه ُأريد له أن ُيصان عن األلسن (كما عند ابن
زيدون).
أن حديث الشاعرين عن موقفيهما تجاه محبوبه كان وليد تجربة -6
واقعية صاغها كل منهما تجربة شعرية حية.
ومن معالم التناص اللفظي في القافية عند أحمد شوقي قوله :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []54
الد ْه ُر :آمينا
ال َّ
ِب َأن َن َغصَّ َف َق َ اقينَا الهوى فدعوا س ِ
ن َت َغيظ العِدا ِم ْ
ظَنا
اح ُ
أجَنتْ َلَو ِ
طالمَا ْ يا َروضًَة َ
سرينَا
ضا َوِن ْ
غ ًّ
الصَبا َ
اله َّ
جََوْر ًدا َ
وقوله :
والكوثر العذب زقوما وغسلينا يا جنة الخلـــد أبدلنا بسدرتهــا
ويظهر التناص في ألفاظ القافية في (آمينا ،بأيدينا ،دينا ،مآقينا ،تأسينا ،
لينا ،نسرينا ،أفانينا ، ليالينا ،شينا ،رياحينا ،أمانينا ،تسقينا ،تحينا ،طينا ،
غسلينا ،تلقينا ،دينا ،يثنينا) ولعل ألفاظ القافية في القصيدتين من أبرز محاور
التوافق والتآلف بينهما ،مؤكدة صالت القربى بينهما.
وقد التقت نونية أحمد شوقي بنونية ابن زيدون حيث المعاني واأللفاظ
المتناثرة بين القصيدتين ،فها هو أحمد شوقي يقول :
احينَا
اتنا فيها َرَي ِ
ف َأْوَق ُ
َتِر ُّ اء َزاهيةًغْيَن ُ
الزمانُ َبَنا َِإِذ َّ
ش َناغ ٌ
ية افيةٌُ ،والعَْي ُ
ص ِصُل َ الوَ ْ
اشينَا
اشية ،والدَّهر مَ ِ
ح ٌ َوالسَّْعدُ َ حسَبَُها يان َت ْ
العْق ِ
ال في ِ س ت ْخَت ُالشْم ُ
َو َّ
اليمانينَا
ِ س َتْرُفُل ِفي وشي
بْلَقْي َ احَتَفَل ْ
ت النيل ُيْقِبُل كالدُّنيا إذا ْ
َو ُ
ينا
للمصاف َ
ِ يها َو ٌ
فاء لو كانَ ِف َ
اشينَا
اشية ،والدَّهر مَ ِ
ح ٌ َوالسَّْعدُ َ ية افيةٌُ ،والعَْي ُ
ش َنا ِغ ٌ ص ِ صُل َ
الوَ ْ
ابن فقد رأى أحمد شوقي هذه الطبيعة متمثلة أمامه في األندلس وفي نونية
زيدون فاستقى منها ما أراد في قصيدته نصًّا في قوله :
بع َد اله ُد ِء ويهمي عن م ِ
آق َينا حنا
جَوانِ َ ن َع ْق َيْرمي َ ي البُْر ِ
ار َ
س ِ َيا َ
َ َْ ْ ُ
اء َدمًا
قرق في دَْمعِ السَّمَ ِ َلمَّا َتر َ
ضب ِ
اكي َنا اَألر َ َض ْب َنا ْ البكا فَ َخ َاج ُ َه َ ائَرةٍ
ح ِيل َالل ِ
اء َّ
سمَ َِكَزْفَرةٍ ِفي َ
ِّد ِف ِي ِه ِح ْي َن ُي ْ
ض ِوي َنا ِم َّما ُن َرد ُ
امي َناوح ِم ْن مر ِ طاب ُك ُّل طُُر ٍ فَ َ حًراس َت َ الوادي سََر ْ
ِ طرَةََوَيا مُ َع ِّ
ََ
الَلِتها
غ َخْلَنا ِ
لو ِذَِكية الذّيلِ َ
س ْب ُم َغ ِالي َناف لم ُن ْح َ وس َيص ُي ُ قَم َ
ِ
ت لَنَاالسَرى َحتَّى َأتَ ْي ِ وك ُّ
ش َ ت َ شمْ َِج َّ
اوي َنا الو ْر ِد ُكتْ ًبا َو ِب َّ
الريَّا َع َن ِ ِب َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []56
فصورة الطبيعة عند ابن زيدون موجزة ،أما عند أحمد شوقي فهي صورة
وعد َد فيها ،وربما كانت رغبة الشاعر المؤانسة في الوحدة التي
َّل َّ
مطنبة حيث فص َ
يعانيها ،فمصر هي المعادل لوالدة عند ابن زيدون.
وتستوقفنا قصيدة أحمد شوقي التي صاغها في ألفاظ معبرة ،وعبارات محكمة
بانسياب ألفاظها حيث تلك الجفوة التي القاها فكانت سببا مباشرا في تلك العاطفة
الملتهبة التي نالحظها من مطلع القصيدة حتى نهايتها ،لذا لعبت العناصر اإلبداعية
عنده دورا فعاال في بناء القصيدة واكتمالها.
ونالحظ تأثر أحمد شوقي المباشر بنونية ابن زيدون وغير المباشر بنونية
البحتري ،فنص البحتري ُي ُّ
عد النواة التي اتكأ عليها ابن زيدون ،ونص ابن زيدون
كالنواة التي اتكأعليها أحمد شوقي ،ويتناسى الشعراء النص األول الذي استقى منه
ابن زيدون مادتة الفنية ويطغى النص الزيدوني على النص البحتري في الشهرة
حتى حلق في اآلفاق نص أحمد شوقي فيحدث لنص ابن زيدون ما حدث لنص
البحتري ،فيظهر نص أحمد شوقي وكأنه األداة الجديدة المسيطرة على أرض
الواقع وهذا ما يمكن أن نسميه بالتوازي بين النصوص الثالثة.
وإ ذا نظرنا نظرة أخرى من حيث الكم العددي لألبيات نجد أن نص البحتري
لم يكن إال مقدمة لقصيدة المديح التي التزيد على ( )11بيتا بينما نص ابن زيدون
فكله في الغزل ( )52بيتا.
ونص أحمد شوقي ( )83بيتا أي أنه شغل حيزًا كبيرًا ،فهو يزيد على مقدمة
البحتري وقصيدة ابن زيدون 63= 52+ 11بيتا وكأننا أم مثلث مكون من ثالثة
أضالع غير متساوية حيث يمثل الضلع (أب) البحتري ،والضلع (ب جـ) ابن
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []57
زيدون ،و(جـ أ) أحمد شوقي ،فإذا كان (أب) = 11بيتا و(ب جـ) 52بيتا ،و(جـ
أ) 83بيتا ،ثم نتج عن المثلث مثلثات أخرى.
وكأن النونية نمت صغيرة ثم ترعرعت بعد ذلك حتى اكتمل نموها عند أحمد
شوقي ،كما في الرسم التالي :
تأثــر
المبدع الثالث (أحمد شوقي) ج ب إلى أضالع المثلث :
تشير السابق
زيدون) الرسم (ابن واألرقام في
المبدع الثاني
1531
هـ) حديث (ت الزمنية ما بين البحتري وابن 888
زيدون. 364هـ) اندلسي (ت
سنة الفترة 179 o
888 oسنة الفترة الزمنية ما بين ابن زيدون وأحمد شوقي.
1067 oسنة الفترة الزمنية ما بين البحتري وأحمد شوقي
فرأس المثلث المشار إليه –سابقا -أفرغ الثاني والثالث ،وربما تعدى
الثالث الثاني إلى األول ،واستقى منه ،ألن شعراء المدرسة الكالسيكية تأثروا
ُ
بشعراء العصر العباسي ،وطول الفترة الزمنية بين األول والثالث لم تكن حائال في
هذا التأثير.
القافية وهي قصيدة تتكون من ( )34بيتاً وتظهر فيها إشارات التناص في
في ( )19كلمة نصًّا ،و( )4كلمات اشتقاقا.
وهذه القصيدة بألفاظها وأنماطها ما هي إال صدى نونية ابن زيدون والقصائد
النونية السابقة ،حيث اشتملت على كثير من األلفاظ والمعاني النونية.
ونلمح أول مالمح التناص في القافية في مطلع القصيدة في قوله :
من م ِ ِ صدُودًا فَ َما أ ْبقَى ت ََجافِينَا
كفِّي ُ
آق ْي َنا م َّنا َوالَ الد ْ
َّمعُ َْأبقَى ْ َ
وتظهر مالمح التناص بين البيتين ،كما نلمح التناص عند الرافعي حشو
البيت في قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []59
وربما تداخلت نصوص أخرى تالية لنونية ابن زيدون في النصوص التي
الثقافة تلتها ولكن الملمح األساسي هو نونية ابن زيدون ،ألنه ُي ُّ
عد النص األم في
فإن العربية لما له من مكانة خاصة عند الشعراء مهما تباعد العامل الزمني
الزمان التفاعل بين هذا النص ،والنصوص األخرى لم ينقطع مهما اختلف
والمكان.
والجدول التالي يوضح مدى تأثر الشعراء بألفاظ نونية ابن زيدون في القافية :
عدد المرات الكلمة رقم البيت عدد المرات الكلمة رقم البيت
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []60
ومن خالل الجدول السابق نتبين ما يلي ..أن أعلى الكلماتـ ورودا هي :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []61
أما الكلم ات األخر فإنها وإ ن لم تكن ذات خصوص ية ل دى ش اعر معين ف إن
انتشارها بهذا الشكل في عدد من القصائد النونية موضع الدرس تعني أن هناك تأثيرا
من السابق في الالحق.
ويظهر تأثر الشعراء بنونية ابن زيدون في فني المخمسات والموشحات -
عرف
أكثر من الشعر -في العصر المملوكي خاصة ؛ وما تاله من عصور ،وقد َّ
ع الناظم ابن حجة الحموي هذا النوع من التأثر بـ( اإليداع ) فقال " :هو أن ُي ِ
ود َ
شعره بيتا من شعر غيره ،أو نصف بيت أو ربع بيت بعد أن يوطيء له توطئة
تناسبه بروابط متالئمة ،بحيث يظن السامع أن البيت بأجمعه له ،وأحسن اإليداع ما
صرف عن معنى غرض الناظم األول ،ويجوز عكس البيت المضمن بأن يجعل
عجزا ،وقد تحذف صدور قصيدة بكاملها وينظم لها
عجزه صدرا ،أو صدره ً
صدورا لغرض اختاره وبالعكس .)1("..
ً المودع
-1في المخمسات :
وهذا اإليداع ظهر بصورة جلية في المخمسات حيث عمد بعض الشعراء إلى
تخميس نونية ابن زيدون ،حيث يوطيء الشاعر لكل بيت مودع بثالثة أشطر من
عنده ،ثم يودع البيت الذي عمد إليه من النونية ،وإ ن كان هذا اإليداع على غير
ترتيب فتكون الصورة الهيكلية على النحو التالي :
ــــ ــــ
[ــــ ــــ
ـ ـ ـ ـ نـا]
ــــ ــــ
[ــــ ــــ
ـ ـ ـ ـ نـا]
وحول
حيث دخل صفي الدين الحلى (ت 750هـ) على نونية ابن زيدون َّ
عدل في صياغة بعض األشطر ليتناسب
موضوعها من الغزل إلى الرثاء ،إال أنه َّ
()1
خزانة األدب .2/311 :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []63
مع الموضوع الجديد –الرثاء– بجانب االتكاء على ذوقه الفني الخاص ومطلع
المخمسة.
ومن األبيات التي َع َّدل فيها صفي الدين الحلي قول ابن زيدون قي البيت الثالث :
حيث َّ
عدل صفي الدين الحلي في الشطر الثاني منه في قوله :
وقد حول الشاعر حسن حسني موضوع القصيدة من الغزل إلى الرثاء كما
قام سابقه صفي الدين الحلي ،إال أنه َع َّدل –هو اآلخر– في صياغة بعض األشطر
ليتناسب مع الموضوع الجديد –الرثاء– وهذا التعديل يتقارب مع ما َّ
عدله صفي
من الدين الحلي في األشطر التي أخذها من نونية ابن زيدون في كثير
المواضع ،ومن ذلك قول ابن زيدون في البيت السادس عشر :
َّ
فعدل صفي الدين الحلي في الشطر األول في قوله :
ومما انفرد به حسن حسني على صفي الدين الحلي قوله :
واعتََّز َم ْجلس َنا فَ َما ت ََجلَّتْ كما تَ ْد ِرين أ ْكُئ َُونَا
صفى عيشنا ْ
َوالَ َ
سنَا
س ُمْؤ ن ُ ستَفَا َد بِنَا فِي النَّا ِ
وال ا ْ
[ َوالَ ْابتَ َغي َنا َح ِب ْي ًبا عنك َي ْح ِب ُ
س َنا
والتغيير وقع في الشطرتين على خالف ما ورد عند ابن زيدون في البيت
الثامن واألربعين في قوله :
وهذا التناص مع أبيات القصيدة اتكأ فيه الشاعران على تناسب األبيات
المأخوذة من نونية ابن زيدون وتوظيفها مع المعنى الجديد.
َأسي َنا
اَألسى لَو الَ تَ ِّ ِ َغدَا ُمنَا ِدينَا ُم َح ِّك ًما فِينَا
َي ْقضي َعلَ ْي َنا َ
أسب َنا
اَألسى لَو الَ تَ ِّ ِ ض َماِئ ُرنَا نَ َكا ُد ِحيْنَ تُنَ ِ
اجي ُك ْم َ
َي ْقضي َعلَ ْي َنا َ
وقد جعل صدر الدين بن الوكيل البيت في الموشحة متمما وموضحاً لمعنى
()1
كقوله : القفل
()2
(يقضي علنا األسى لو ال تأسينا) ← ق صفر محكماً فينا غدا منادينا
من فيه جهالً عام بحر الهوى يفرق
ب1
من هََّم أو قد هام ونار تحرق
فتي عليه نام وربما ُيقلق
()1
وهذا ما يسمى باألطناب.
()2
ق :ترمز للقفل ،و (ب) ترمز للبيت ،و (د ) ترمز للدور.
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []69
(حينا فقام بنا للنعي ناعينا) ← ق1 خضنا على غره بحار مر
ألصبح المعنى تماماً إال أن ابن الوكيل في إضافته لألبيات أكسبت الموشح
الحكبة نسيجاً خاصاً اختلف عن نسيج نونية ابن زيدون وكأن األبيات تقوم بدور
قم واستمع مني) (يا صحب النجوى من مثل قوله :
وقد التزم صدر الدين بن الوكيل نفس الموضوع (الغزل) على خالف
المخمسات التي كان موضوعها (الرثاء) ،كما نلمح أن ابن الوكيل لم يعمد كثيرا
في تغيير بعض الألفاظ كما عمد الشعراء في المخمسات ،ولم يرد التغيير إال في
قُ ْفلين فقط ،القُفل األول في قوله :
للنع ِي َن ِ ض َنا على ِغَّرة
اعي َنا ام ِب َها َّ ْ
حي ًنا فَقَ َ ِب َحارةٌ ُمَّر ْة ُخ ْ
واحد كما نلمح أنه لم يعدل في األشطر المضمنة من النونية إال في قُ ْف ٍل
في قوله :
اف ِم ْن تَص ِ
افي َنا ومو ِر ُد اللَّه ِو ص ٍ ٍ
ضاف واف َو ِظلّه
ث اله َنا ٍ
َ ْ َ َ َْ َح ْي ُ َ
وهذا التعديل عند إبراهيم الطرابلسي هو نفسه عند صدر الدين بن الوكيل
وضمن إبراهيم الطرابلسي إعجاز األبيات (42 ، 31 ، 13 ، 15 ، 21 ، 12 ، 1
)14 ، 5 ، 51 ، 36 ، 35 ، 33 ، 47 ، 16 ، 35 ، 45 ،في أقفال الموضحة
على الترتيب السابق.
على وورد اإليداع لنونية ابن زيدون أو بعض الشعراء في الشعر بقلة
األمير خالف المخمسات والموشحات دون تعديل ،ومن ذلك قول
النصعاني (ت 1182هـ) :
اس ِ
فاسقي َنا سقَ ْي ِت ِك َرام َّ
الن ِ َّإنا ُم َحيُّوك يا سلمى ِّ
َ وإ ْن َ فحي َنا
ومن إيداع الشعراء لنونية ابن زيدون قول األمير الصنعاني :
حيث تم إيداع صدر مطلع نونية ابن زيدون في عجز بيت األمير الصنعاني
دون تعديل بعد أن مهد له.
ومن ذلك قول مصطفى التل ( ت 1366هـ ) :
وقال األمير الصنعاني مودعا عجز البيت الخامس عشرلنونية ابن زيدون:
اف من تَص ِ
افي َنا اللهوص ٍ َو َم ِ شئتَ منها غي ُر ُم ْمتَنِ ٌع فَ َو ْ
ص ُل َمنْ ِ
َ ور ُد ِّ َ
وتظهر المفارقات بين القصائد النونية المختارة السابقة على ابن زيدون على مستوى
الشكل حيث تصب كثير من األلفاظ في معاني الحزن واألسى والشقاء الذى القاه
المحب ،حيث الدموع والكآبة والعذاب والحرمان.
كما تُعد لغة القصائد النونية المختارة التي تأثرت بنونية ابن زيدون منظومة
فنية تتبلور ألفاظها داخل القصائد النونية المختارة ،وتعتبر لغة مستقلة حيث كونت
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []73
األخير :القصائد والمقاطع التي تأثرت بنونية ابن زيدون في القافية دون
البحر ( )29تمثلت في 26قصيدة ،ومقطعتين ونتفة واحدة.
ش ُي ْب ِكي َنا
الع ْي ِ ض ُِح َكنا
ش يُ ْ شنَا زَ َمانًا َو َخ ْف ُ
ض ال َع ْي ِ ِع ْ
ق َ ض ْي ُ
وم َن ْح ُن َو َ
الي َ
فَ َ
الماضـــي
ض ِح ُك َنا
ُي ْ الع ِ
يش ض ََخ ْف ُ
بكى من التنائي
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []75
الزمـــان
فالزمان عند ابن المستوفي يختلف عند الزمان عن ابن زيدون حيث إنه
عما حدث
شارك الشاعر على خالف األمر عند ابن زيدون حيث جعله هو المسئول َّ
،ولكن سرعان ما تختفي لفظة (البكاء) وتسيطر لفظة (الدمع) بمدلوالتها المختلفة
معان عدة. في النصوص وأخذت ٍ
البكاء يعقبه الدمع :
قال جعفر الحلي :
فََأل ْب ِكيَنَّ لِفَ ْق ِد ِه ُمتَ َمنِّيًا
ون ُجفُو َناَأن تَ ُك َ ُك َّل َ
الج َو ِار ِح ْ
َوَأل ْر ِويَنَّ َحشًا الثَّ َرى بِ َمدَا ِم ِعي
ِليقَ َ ِ
ون ُعيو َنا ال ِإ َّن م َن ُ
الع ُي ِ ُ
حيث اختلف عامل البكاء فهو هنا (الورق) على خالف ما سبق فكان
(الزمان) ولكن عامل البكاء –هناَّ -
عبر عنه الشاعر بالدمع مباشرة دون ذكره للفظة
(بكاء) فهو بمجرد سماع غناء الورق تنذرف الدموع ،فغناء الورق هنا تذكره
بالماضي فالموقف ال يستدعى البكاء ،ولكنه الحنين إلى الماضي :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []76
ولفظة (العيونا) بها تورية حيث عيون الماء ،ولكنه سرعان ما يخاطب
الورق ليشاركه أحزانه فيقول :
وهذه الدموع ال تجف وال تنقطع على تذكر المحب وأيامه ،كما يقول
مصطفى صادق الرافعي :
ِم َّنا والَ الدَّمع َْأبقَى ِم ْن م ِ
َآق ْي َنا صدُودًا فَ َما أ ْبقَى تَجافِ ْينَا َكفَى ُ
َ ُْ َ اك َخافِقَةً
علَى لَي ٍ ِ سي ِمنْ ِذ ْك َر ِ ت َِطي ُر نَ ْف ِ
س ِب ْي َنا
ال تُوافي َنا َوتُ ْ َ َ
ش ِقي َنا
الع ْه ُد ُي ْ الن ِعيم َ
َع ْه ِد َّ يَا نع َم َأ ْندلسيَّا َكانَ َجد ُِّك في
وهذا َ
وعي وَأع ِ
ْطينِي ُد ُمو َع أسى ُخ ِذي ُد ُم ِ
َأسينا
أجدى تَ ِّ طال التَّ ِّ
َأس َي َو َما َ
وهذا الدمع ليس للشاعر َد ْخ ٌل فيه وليس بيده َكفّه كما يقول حافظ إبراهيم :
ِإالَّ ب ِق َّي ُة َدم ٍع ِفي م ِ
آقي َنا لَ ْم يَ ُكنْ ش َْي ٌء ِمنَ ال ُّد ْنيَا
َ ْ َ
ولكن الشاعر لم يجد أمامه إال الطبيعة ليخاطبها بعد فراق األحبة فيقول
نجيب الحداد مخاطبا النجوم :
تَ ْج ِري م َد ِ
ام ُع َنا وال تجرينا نَ ْرعَى نُ ُجو َم اللَّ ْي ِل َو ِهي ثَوابِتٌ
َ
ولكثرة هذه الدموع شربها الشاعر كما يقول طالئع بن رزيك :
وهذه الدموع –لكثرتها -اختلطت بالدم فتلونت به كما يقول ابن نباتة :
ويستَ ِقي الدَّمع إالَّ ِم ْن م ِ
آقي َنا الو ْج ُد ِإالَّ ِمنْ َج َوانِ ِحنَا
س َ ال يُ ْقتَبَ ُ
َ ُْ ََ ْ
يض َن ِ ود م َذ ِ ص ْف ٌر َمنَ ِ
اظ ُرنا ُح ْم ٌر َمدا ِم ُعنَا ُ
واصي َنا اهب َنا ِب ٌ س ٌ َُ
وهذه الدموع قد تطفأ نار الهوى أحيانا كما يراها عبد الغفور الدانابوري :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []79
اعا الَ تَُب ِالي َنا وود ِ فَيَا لَ َها ت ََر َك ْتنِي هَاِئ ًما قَلِقًا
َّعتْني َو َد ً
َ َ
ولكن الشهاب الحجازي كان له نظرة أخرى في الدمع حيث جعله من شدة
فرط السرور وذلك في قوله :
ض َي ْب ِكي َناالمح ِ
ور ْ الس ُر ِ
ط ُّ لَ ِك َّن فَ ْر َ حزن
ٍ فَِإنْ بَ َك ْينَا فَلَ ْي َ
س ال َّد ْم ُع ِمنْ
الح ُّب ِه ْج َرانًا وال َملَالًالَيَ ْع ِرفُ ُ
ان َن ِادي َنا
الس َلو ُ
ف َُّو َن ْح ُن ال َي ْع ِر ُ
وما يمكن أن نالحظه من خالل استقراء لفظة الدمع في النصوص نجد أنها
دلت على تلك المعاناة النفسية التي عاشها الشاعر ،والحالة التي وصلوا إليها وقد
ابن زيدون اندثرت لفظة (البكاء) على خالف ما وجدناه في النصوص التي قبل
حيث سيطرت لفظة البكاء واندثرت لفظة (الدموع).
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []80
ما بعد ابن زيدون ما قبل ابن زيدون
(الدمــع) ابن زيدون (البـكاء)
كما نلمح الفعل (كان) مسيطرا بال منازع على ألفاظ الماضي .يقول شمس
الدين اللكوفي :
أشرك الشاعر (الدهر) في مأساته وقد زاد عليه (الحاسدون)ـ حيث جعل
الشاعر تلك السعادة بيد (الدهر) وقد عمت تلك السعادة الكائنات التي شاركت الشاعر
في تلك السعادة التي حفها األمن ،مع حيرة وعدم استقرار الحاسدين هذا هو حال
الشاعر في الماضي ،أما حاله في الحاضر فقد تبدل وتغير الماضي بالحاضر الذي
قرت فيه عيون الحاسدين ،ونال األعداء من الشاعر بما استطاعوا.
وقد يذكر الشاعر الماضي لنعيش معه حاضره ويتمثل في قول مصطفى
صادق الرافعي :
علي اليوم تَ ْب ِكي َنا اح َكةًض ِ َكانَتْ لَيَالي ال َهوى تَ ْفت َُّر َ
َع ْن ُه َف ِب َ
تن َّ
ارتِنَاض ََو َكان فِي ِه َجما ٌل ِمنْ نَ َ
وفي محيَّاهُ ص ْفو ِم ْن تَص ِ
افي َنا َ َ ٌ َ َُ َأيَا َم لم نَ ْد ِر َأنَّ البَد َْر َح ِ
اس ُدنَا
جر ِ ِ
أ
ظهر
فالفعل (كان) من األفعال التي آثرها الشعراء للحديث عن الماضي وتُ ْ
تلك األفعال تحسر الشاعر على حاله الذي وصل إليه في الحاضر ،والشاعر ال
يزال يحن لهذا الماضي ويتمنى عودته حيث يقول النصيب القرشي :
وهذه حالة المحبين حيث القرب والهناء ثم البين والجفاء ،حيث يقول صفي
الدين الحلي :
ش ِر ُك َنا ِبالقُر ِب ِم ْن ُكم و ِفي اللَّ َّذ ِ
ات ُي ْ ِإ َذا َذ َك ْرنَا زَ َمانًا َكانَ يُ ْد ِر ُكنَا
َ ْ
واألحزَ انُ تَملِ ُكنا
ْ الَ نَ ْملِ ُك ال َّد ْم َع
ض ِح ُك َناان ُي ْ
الذي قَ ْد َك َ ان ِ ِإ َّن َ
الز َم َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []82
ُأ ْن ً
سا بِقُ ْربِ ِه ُم قَ ْد عَا َد يُ ْب ِكينَا
ولكن محبوبة أبي الفضل بن الوليد كانت ذات شأن ومكانة ،فهي (األندلس)
حيث تذكر الشاعر عصورها الزاهية وأيامها الخالية حيث الماضي التليد في قوله :
آوي َنا ان الفَر ْنج إلى ال َغاب ِ
ات ِ َ َك َ َ ُ
صو ُر ال ُم ْل ِك عَالِيةًَأيَّا َم َكانَتْ قُ ُ
الخ َّز َأ ْر ِديةً َو ِحينَ ُكنَّا ُ
نج ُّر َ
ِ ِ
اَألس َواق َعاري َنا ِ ِ
ون في ْ ير ََكا ُنوا َيس ُ
َأع ِادي َنا ِ ِ ال َّد ْه ُر مازا َل في آثا ِر نِ ْع َمتِ َها
َي ْروي َحديثًا لَ ُه تُْبكي َ
ثم يتحسر الشاعر هذا الماضي التليد وما حل لألندلس في الحاضر فيقول:
ِ
المساكي َنا ؟! الم َم ِاليك ُكنَّا ال ُملُوكَ َو َكانَ ال َكونُ َم ْمل َكةً
صر َنا َ ف ْ كي َ
فَ ْ
الس ِ العدَا ا ْنفَلَّتْ َ
ص َوا ِر ُمنَا ب ِ َوفِي ِرقَا ِ
كاكي َنا واليوم َق ْد َن َز ُعوا ِم َّنا َّ
َ
وتمثل هذا المحور في الحديث عن األلفاظ التي تترد بكثرة في األدب العربي
والجفاء ،ومن ،وخاصة عند ذكرالشاعر لمواقف الغزل واللقاء والقرب والصد
ذلك قول شمس الدين الكوفي :
س ْحقًا ِل َغاِئ ِظ َنا بع ًدا ِلو ِ
اش ِي َنا حاسدنَا َأفًّا لِ َكاي ِدنَا
تَبًّا لِ ِ
ُْ َ ُ
ت الفِتَنَاشتِي ِ َما َكانَ َأ ْغنَاهُ عَنْ تَ ْ
الم ِح ِبي َنا ِ
اف م ْن ظُ ْلم ُ
تَرى أما َخ َ ِ
َ َ
ويرسم شمس الدين الكوفي صورة لحاله وموقف الحاسدين بعد فراق األحبة
حيث يقول :
َأع ِادي َنا ِ
شتَفَ ْت م َّنا َ
ِب َما َجرى َوا ْ فَاآلنَ قَ َّرتْ عُيونُ الحاِ ِ
سدينَ بِنا
وحاول الوشاة إثناء األحبة عن أحبائهم حيث يقول المكزون السنجاري :
َو َك ْم َرا َم ال ُوشَاةُ بِنَا الثَّنَا َء
َع ِن الظَّ ْب ِي اَأل َغ ِّن فَ َما ا ْنثَ ْ
ني َنا
َأعمى ع ْن تَص ِ
افي َنا س َْ َ َك ْم قَ ْد نَ ِع ْمنَا بِ ُك ْم وال َع ْي ُ
ش ُم ْقتَبِ ٌل
َ َأخ َر ٌ
َّه ُر ْ
والد ْ
ول و ِ ِ الَ نَتَّقِي نَظَ ًرا ِمنْ َع ْي ِن َح ِ
اس ِدنَا
اشي َنا اف أ ًذى م ْن قَ ِ َ
َوالَ َن َخ ُ
ولكن الشاعر كثيرا ما يسترق ويختلس الوقت ليلتقي بمن يحب حيث يقول
شهاب الدين الحجازي :
فالطائر حين يسجع فإن الشاعر يسعد لمشاركة اآلخرين له الحزن لكي
يتسلى على ما نزل به ،ولكن شرف الدين الحلي يرى أن الحمائم قد هيجت له شوقه
الدفين في قوله :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []85
والشاعر قد وصل إلى درجة عالية من الحزن بعد فراق األحبة حيث الشوق
إلى هؤالء األحبة كما يقول شمس الدين الكوفي :
يها َوتَ ْح ِك ْي َنا ِ ان نَاِئ َحةٌ
ض ِ ُّوح فِي األ ْغ َ
َح َماِئ ُم الد ِ
وح فَ َن ْحك َ
َك َما تَُن ُ
َوق لِ َمنْ فَقَدَتْ
ُب ِمنْ ش ٍ تَش ُْجو وتَ ْند ُ
ش ِج ْي َنا ت و ايه ِ
ج ش نف ا
َ َ ْ َ َ ْ َ ََ ْ َ َ َ ْن دقف ن م و
حتى يطل أحمد شوقي بقصيدته التي بدأها بمشاركة الطير معه في رصد
حاله التي أصبح عليها بعد فراقه لمحبوبته (مصر) فيقول :
أس َى ِل َو ِادي َنا ش َجى ِلو ِاد َ ٍ ح َأ ْ
شبَاهٌ ع ََوا ِدينَا يَا نَاِئ َح الطَّ ْل ِ
يك َْأم َن ْ َ َن ْ
ِ
ص عل ْينًا َغ ْير أنَّ يَدًا َما َذا نَقُ ُّ
اشي َنا
اح َك َجالَ ْت في َح َو ْ ص ْت َج َن َ قَ َّ سا ِم ِرنَا
غير َ َر َمى بنا البَيْنُ أي ًكا َ
ير َن ِادي َنا الغر ِ ِ ًّ َأخا ِ اق لَنَا
يش الفِ َر ِ ُك ُّل َر َم ْتهُ النَّ َوى ِر َ
يب وظال َغ َ َ
الب ْي ُن ِس ِّك ْي َنا
س َّل َع ْلي َك َ
س ْه ًما َو َُ
ومن التباين والمفارقات بين القصائد النونية التي تأثرت بنونية ابن زيدون
أن جميع القصائد اشتملت على نبرة الحزن واألسى وإ ن اختلف الموضوع فقصيدة
طالئع بن رزيك (ت 556هـ) في المديح إال أنها اشتملت على مقدمة غزلية اشتملت
على ( )14بيتا من ( )49بيتا ،وهي تتشابه مع القصائد السابقة على نونية ابن
زيدون حيث المقدمة الغزلية ،وإ ن كانت المقدمة الغزلية قريبة الشبه من مقدمة
البحتري في قصيدته التي مطلعها :
الم ِح ِّبي َنا اج َك ِفي لَ ِ ب يُ ْغ ِرينَا يَ َكا ُد عَا ِذلُنا في ُ
الح ِّ
وم ُ فما لُ َج ُ
وكذلك قصيدة ابن المقرب العيوني (ت 629هـ) التي كتبها في آخر أيامه
حيث صور فيها ما آل إليه حال قومه بعد زوال الدولة ،ونلمح هذا اإلحساس المؤلم
من خالل األلفاظ ،وهذا اإلحساس هو ما نجده عند ابن زيدون في حالته التي وصل
إليها ،وتلك الحرقة التي سيطرت عليه.
فإذا كان ابن زيدون استخدم ثنائية الماضي والحاضر للتعبير عن حاله فإن
ابن المقرب استخدمها للتعبير إلى ما آلت إليه أحوال الدولة العيونية ،وذلك في قوله
عن الماضي :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []87
الو َغى ِج ًّنا َم َج ِاني َنا ِ ِ َوإنَّنا نَ ِر ُد ال َه ْي َجا َء تحسبُنَا
م ْن َز ِْأر َنا في َ
شفِقنَا في عجاجتِها َوال نُبَالِي َ
ِ
شقَّت َه َو َ
ادي َنا هوادي القَوم أو َ
ف اللَّي ِالي م ْن يص ِ
افي َنا اخ ِتالَ ِعلى ْ الجا ِر َوالمولى َويََأ َمنُنَا نَ ْح ِمي َعلَى َ
َ َ ُ َ
آبَاُؤ نَا َخ ْي ُر آبا ٍء ِإ َذا ُذ ِك ُروا
والناس التَّس ِ
اخي َنا َ او َد َّ ُ شِ َكا ُنوا الم َ حجلَةً
أيَّا ُمنَا لم تَزَ ل ُغ ًّرا ُم َّ
َوالَ تَُباعُ ِب َأي ٍام ليالي َنا
ومن تلك المفارقات الواضحة خروج بعض القصائد عن النهج الذي ارتسمه
ابن زيدون في قصيدته حيث كتب صالح القيرواني (ت 1360هـ) قصيدته التي
للص بعد أن ضاع األمن واالستقرار في البالد ،
يبرز فيها حاله بعد أن تعرض بيته ٍّ
وضاعت الحقوق فقال :
ثم يستطرد صالح القيرواني ما آل إليه حاله حتى في العيد معرضا :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []88
فتلك المفارقة تسيطر على نونية صالح القيرواني الذي يشكو فيها حاله
وحال األدباء في عصره حيث الفقر وعدم االهتمام باألدباء كما يقول :
الع َر َب ُّ
الد ْن َيا َوالَ الدِّي َنا َو َما َوقَى َ ض َأ ْندلُ ِ
س ضاعَتْ َأ ْر ُ
الخالَفَ ِة َ
بَ ْع َد ِ
ومن المالحظ على النصوص النونية التالية لنونية ابن زيدون أدخل عليها
الشعراء بعض التعديالت التي تتالئم معهم ومع حالتهم النفسية ،وربما كانت هذه
التعديالت –في أغلبها -تختلف عن النص األصلي البن زيدون.
كانت نونية ابن زيدون بموسيقاها الكثيفة أحد أبرز أسباب تفاعل الشعراء
معها وأحيانا إحداث تداخل بين النص القديم والنص الجديد لذا كان تناول اإليقاع في
نونية ابن زيدون أحد مصادر الفهم لمعرفة أسباب تأثر الشعراء بها وكيفية هذا
التأثر.
وُي ُّ
عد اإليقاع عنصرا أساسيا من عناصر القصائد النونية المختارة متمثال في
اإليقاع الموسيقي ،واإليقاع اللفظي ويعتمد اإليقاع أساسا على التكرار الذي يعتبر
"القانون األول للفن اإلسالمي حيث تُستعاد الوحدة الجمالية مرات بال نهاية ،في ذاته
وبغض النظر عن صفات الوحدة المتكررة يثير في النفس إحساسا جماليا ال يتحقق
()1
. عند إدراكها منفصلة عن غيرها "
كما أنه ُي َع ُّد ذا طبيعة داللية في بنية الش عر حيث يك ون فيها كل "عنصر من
عناص ره ذا عالقة عض وية ببقية العناصر ،وبحيث أن ي رهص بها ن وع من
()2
ومن ه ذا المفه وم اس تطاع بعض الش عراء تك رار بعض األلف اظ اإلره اص"
والتراكيب إلعطاء داللة جديدة يقصدها كل شاعر على حدة.
كما اهتم البالغي ون والنق اد الع رب به ذه الظ اهرة وجعلوها من األدوات ال تي
تحقق للش اعر الج رس اللفظي في القص يدة ،والش اعر يلجأ إلي تك رار الكلم ات أو
العب ارات في بنية القص يدة لتك ون (حزمة ص وتية) يتوقف أم ام إيحائها الق اريء ،
وه ذا التكـرار ال يك ون عش وائيا وإ نما يحكم الش اعر اختي ار بنيتها ومك ان تكرارها
لتوحي بما أراد ،وتكرار الكلمات أو اشتقاقها يعد ظاهرة في نونية ابن زيدون ،لذا
()3
،وقد وظفه ابن زيدون توظيفاً فنياً في قصيدته وألح عليه ٌع َّد التكرار من اإلطناب
إلبراز مأساته.
ويرى ابن قتيبة أن التكرار يؤكد المعنى ،وهذا ما نلمحه عند ابن زيدون في
جل ظ واهر التك رار بأنواعه ما بين المج اورة والتباعد ،ثم العالقة الرابطة بين
مف ردات التك رار ،ألنه يعد عنص ًرا أساس ياً من عناصر الموس يقا يه دف إلى الت أثر
والربط بين مفردات البنية.
وهذه الوسائل أو العناصر التي يتحقق بها اتساق النص متعددة في نونية ابن
زيدون وينسبك بها النص ،وتقوم على مبدأ االعتماد النحوي في شبكة من العالقات
الهرمية والمتداخلة ويأتي في مستويات صوتية وصرفية وتركيبية ومعجمية وداللية.
كما يتخذ أش كاال من التك رار الخ الص والتك رار الج زئي وش به التك رار ،
وتوازي المباني ،وتوازي التعبير واإلسقاط واالستبدال ،وعالقات ال زمن ،وأدوات
()1
. الربط بأنواعها المختلفة "
وتحققت هذه العناصر أو الوسائل داخل نونية ابن زيدون بما يتالئم ويتناسب
مع المع نى ،والحالة النفس ية ال تي أص بح عليها بعد ف راق محبوبته والدة بنت
المسـ ــتكفى ح تى تن امت بنية القص يدة في ص ورتها الكلية ،وذلك من خالل بعض
عناصر التك رار ال ذي " هو ش كل من أش كال االتس اق المعجمي يتطلب إع ادة عنصر
معجمي ،أو ورود م رادف له ،أو ش به م رادف أو عنص را مطلقا له ،أو اس ما عاما
"(.)2
وليس المقص ود الترك يز على العنصر المعجمي فقط دون غ يره وإ نما على
عناصر التكرار المتنوع الذي ُيسهم في إنتاج القصيدة بما فيها من قيم إيقاعية متباينة
من حيث الداللة الكلية للنص ألن التك رار ُيعد من ص ميم النص الش عري ومن
)1 (
نحو اجرومية للنص الشعري ،د .سعد مصلوح 154 :ن مجلة فصول المجلد العاشر ،العددان
2 ، 1بوليو .1991
()2
لسانيات النص .24 :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []92
مكونات ه .ولم ي رد التك رار في نونية ابن زيــدون عش وائيا بل ك ان لزاما لمقتض يات
السياق في إطار الداللة الكلية التي نتج عنها النص ،وأصبح التكرار سمة بارزة في
نونية ابن زيدون على المستوي الصوتي أو الداللي أو المعجمي أو التركيبي.
أنماط التكرار في نونية ابن زيدون:
النمط األول :تكرار حروف القافية وحركاتها :
ويسهم التكرار في بناء النص النوني عند ابن زيدون على المستوى الشكلي
(ـيـ َنا) حيث تك ررت ()52
أو ال داللي في نهاية كل بيت من أبي ات القص يدة وذلك في ْ
م رة بص ورة ثابتة حيث إن ح رف (النون) المفتوحة روي اً ،وح رف (الياء) الس اكنة
ردف اً ،وح رف (األلــف) وص الً ،وال تزام ح رف (اليــاء) ردف اً ،مع التزامه حركة
(الكس ــر) ح ذواً ،وكأنه ال تزم م اال يل زم ،فالتزامه لح رفي لين (الي ــاء واألل ــف)
وتكرارهما بص ورة ثابتة س اعد على إث راء التنغيم في القص يدة حيث التص ويت
الموحد.
وهذه الكلمات لها ارتباط بنشاط المعنى بالنص ،فمنذ مطلع القصيدة يبهرنا
اس تخدام ابن زي ــدون لتلك األلف اظ الموحية ب الحزن لف راق محبوبته ،وب الطبع ف إن
كلم ات القافية تحمل أعلى درج ات الترك يز ال داللي بخالف التص ريع في القص يدة
الذي تكرر ( )16مرة.
أثر في تن وع اإليق اع الموس يقي .وه ذه التفعيالت ك انت بص ور مختلفة حيث اس تخدم
ابن زيدون صورة واحدة لـ(مستفعلن) وصورتين لـ(فاعلن) ،أما صورة (مستفعلن)
فتك ررت في القص يدة كلها 176/208بنس بة %85وص ورة (متفعلن) المخبونة
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []93
مخبونة في عروض البيت وحشوه. % 40 83 فَ ِعلُ ْن
مقطوعة في ضرب البيت وحشوه. % 25 53 فَ ْعلَ ُن
ويتضح من الج دول الس ابق أن تفعيلة الع روض (فَ ِعلُ ْن) أتت متفاوتة النس بة
معها في حشو ال بيت والس بب في ذلك ال تزام الش اعر بها في ع روض القص يدة كلها
ألنها علة الزمة ،أما تفعلية الضرب (فَ ْعلُ ْن) لم يكن لها تأثير يذكر في حشو البيت ،
وأتت بصورة متكررة في ضرب البيت.
وعلى ه ذا فالقص يدة من الن وع الث اني من البحر البس ــيط (عروضه مخبونة
وض ربه مقط وع) ،وحافظ ابن زيـــدون على نغمة ال بيت األساس ية للبحر بتفعيلتيه
(مسـ ــتفعلن وفـ ــاعلن) إلى حد كب ير فنس بة ( مسـ ــتفعلن ) % 85ونس بة (فـ ــاعلن)
، % 72وهذا التكرار والثبوت أثرى التنغيم اإليقاعي في قصيدته النونية.
وساعد تكرار ألفاظ القافية على المستوى الصوتي في إضافة دالالت تتابعية
في كل بيت من أبي ات القص يدة ( تجافينا -ناعينا -يبلينا -أعادينا -مآقينا -
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []95
ومثل ه ذه الكلم ات ت دل عل معان اة الش اعر ،فلم يعد الق ول ذا ج دوى ،وال
يفيد الكالم حيث أص بحت القافية داخل فض اء األبي ات ذا ط رفين :أح دهما س الب ال
خ ير فيه ،واآلخر م وجب ،وت برز المفارقة بينهما ،وربما ك انت النتيجة إزاء ه ذه
المواقف الس لبية عتابا ،والعت اب فعل من جنس الفعل ،والف راق في مقابل س كون
الحركة وسلبية الفعل ،وكلمات القافية تحمل أعلى درجات التركيز الداللي.
زد على ذلك أن كل بيت يحمل حزنا دفينا بالنس بة للش اعر ،ولكلم ات القافية
ص لة به ذا الح زن ال دفين ،تُبديه أو تُمعن في إخفائه ،أو تح اوره أو تقف منه موقفا
س البا ،ربما ك ان موجبا ،ولعل تك رار ت رادف الكلم تين (التنــائي) و(تجافينا) ك ان
هذا المطلب. هدفا وطلبا منشودا للخروج من تلك الحالـة ،وافتقاد
()1
الناشيء األكبر 29 :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []96
األول :النــون الممــدودة المفتوحة الــتي يليها حــرف األلف ،وتمثل ذلك
في 52بيت اً أي القص يدة كلها (ضــرب الــبيت) ،وه ذا ما يمثل عنصر الثب ات ،وأتى
أقل من في (ع روض ال بيت) في 16موض عاً متفرق اً من القص يدة ولكن بنس بة
األولى.
وأعطى ح رف (الن ــون) مع المد (األل ــف) ش عوراً ب الحزن واأللم والحس رة
خاصة عند ح ديث الش اعر عن ثنائية الماضي والحاضر المتمثلة ما بين الوصل
والفراق ،واللقاء والوداع وأتت المساحة الزمانية للماضي أكبر من مساحة الحاضر
حيث يقول : ألنه يدل على الحال الوقتية ،ويظهر ذلك جليا في مطلع القصيدة
ب لُ ْقيَانَا تَجافِ ْينَا
IIIIIIIIIIIIاب ِعنْ ِط ْي ِ
َ َونَ َأ ْ
ضَ IIIحى التَّنَIIIاِئي بَIIIد ْيالً ِمنْ تَIIIدَانِ ْينَا
وتتابع حرف النون المفتوح ومده في مطلع القصيدة يؤكد الهدف الذي من
ادرا ما يخلو بيت من ه ذا الح رف المم دود بل ش طر،ومثل أجله ُكتِ ْ
بت القص يدة ،ون ً
ذلك في قوله :
ن فَقَIIIIIIIIIIIIIIIIام بِنَا لِ ْل َح ْي ِن نَ ِ
اع ْينَا َح ْي ٌ صIIIبَّ َحنَا َأالَّ َوقَْ IIIد َح IIIانَ َ
صْ IIIب ُح البَ ْي ِن َ
وقوله :
قِطَافُها فَ َجنَ ْينَا منIIIIIIIIهَ ما ِ
شْ IIIIIIIIينَا َوِإ ْذ ه َ
َصْ IIIرنَا فُنُIIIونَ الواصل دانيIIIةً
األخير :النون الساكنة ،وتمثلت في سكون حرف أو تنوين حرف آخر نتج
عنه نون ساكنة ،ومن ذلك قوله :
ُح ْزنIIIIIIIIIIIا ً مع الَّد ْه ِر ال يَ ْبلى َويُ ْليِنَا َمنْ ُم ْبلُ IIIIIغ ال ُم ْلبِ ِ
سْ IIIIIينَا بIIIIIا ْنتِزَ ِ
اح ِه ُم
وقوله :
صَ IIIIIIIIرفَتْ َع ْن ُك ْم َأ َمانينَا
ِم ْن ُك ْم َوالَ ا ْن َ َوهللاِ َما طَلَبَتْ َأه َْواُؤنا بIIIIIIIIIIIIIIIIIدالً
فحرف النون تكرر بصورة ثابتة بين شطري البيت األخير بأنواعه الثالثة
(معقودا) و (موصوالً) وهذا ما نلمحه ثراء موسيقياً بجانب مدلول اللفظين َّ
ً وقد َمث َل ً
في التصور التالي :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []98
1-2-3-4-5 1-2-3-4-5
5 5
ن ن 5ن 5ن
بأيدينا كان
َ بأنفسنا كان
وهذا الثبوت ألنماط النون والتكاثف في البيت ساعد على زيادة اإليقاع ،ولو
تركت العنان للقلم لدون القصيدة كلها ،لوفرة التكاثف المستمر من بيت آلخر وهذا
ُ
ُيظهر ن برة الح زن الس ائدة واألثر النفسي عند ابن زي ــدون ما بين األثر الخفي ال ذي
نلمحه واألثر الظ اهر من خالل األلف اظ ويظهر ذلك في مطلع القص يدة وال بيت
السادس حيث تكرر حرف النون في البيت األول تسع مرات ،والبيت السادس تسع
مرات وهذه أعلى نسبة.
( )2التنـويـــــــن :
ويمثل إيقاع اً ص وتياً مك رراً ما بين تن وين (الضم ،والفتح ،والكســر) ويتك اثف في
القص يدة في مواضع معينة حسب الحالة النفس ية من الش اعر تج اه والدة بنت
المستكفى وتمثل ذلك في األسماء النكرات في قوله :
وا ْنبَتَّ َما كIIIIان موصIIIIوالً بأيIIIIدينا فَا ْن َحَّ IIIIل ما َكIIIIانَ معقIIIIوداً بَأ ْنفُ ِ
سIIIIنَا
ف البنى اإليقاعية المترابطة المتكاملة في ال بيت المف رد ،والقص يدة كلها ك ان
لها دور في هذا الثراء الموسيقي.
ول وال ال ردف في القص يدة لثبت اإليق اع في ع روض ال بيت وض ربه ،كما
نلمح أن التعب ير عن الماضي حمل في طياته األلم والح زن على ال رغم من س عادته
وهنائه فيه ،ألن الحاضر طغى على الماضي بتلك الن برة الحزينة ،وتمثل ذلك في
تك ثيف التن وين في حديثه عن الحاضر مع مقارنته بالماضي ،ويظهر ه ذا األثر
واضحاً من خالل تلك البنى اإليقاعية في قوله :
ضIIIIا لَيَالينَا
سIIIIودًا َو َكIIIIانَتْ بِ ُك ْم ْبيِ ً
ُ َح IIIIIIIالَتْ لِفَ ْقِ IIIIIIIد ُك ُم َأيَّا ُمنَا فَ َغIIIIIIIدَتْ
وألن تك اثف الح زن أص بح م ؤثراً على الش اعر في ال بيت الـ ( )14بخالف
البيت الـ ( )6حيث إن الشاعر كان يأمل في زوال هذه الجفوة لذا أتى التنوين متوازنا
بين الشطرين إال أن تعاظم الفراق وتكاثره سيطرعلى البيت الـ ( )14فتكاثف التنوين
وتق ارب في ش طر واحد َّ ،
وعبر عن الحاضر بـ (ســودا) قبل تعب يره عن الماضي بـ
(بيضا) هكذا :
فالبيت ان الس ابقان وصل فيهما الش اعر إلي ذروة األلم والح زن حيث ألح على
ذلك في موضوعين متشابهين متباعدين في الحفاظ على العهد والوفاء للود الذي كان
ارب األلف اظ بين الش طرين األولين في البي تين زاد في تك ثيف المع نى
في الماضي فتق ُ
في قوله
فاأللف اظ (خليالً – بـ ــديالً – خليالً – حبيب ـ ـاً) أتت منونة ذات إيق اع واحد (//
)5/5و(خليالً) و(حبيب ـ ـاً) بينهما ت رادف ،وتنك ير مثل تلك األلف اظ يعطي وقف ات
صوتية تتجلى في سمو شأن المحبوبة تجاه الشاعر.
وكأن التنوين كان له دور في ضبط إيقاع األبيات من خالل التفعيالت وتَ َمثَّ َل
ذلك في كثير من األبيات مثل البيت الـ(، 34 ، 30 ، 27 ، 25 ، 19 ، 11 ، 10
)50 ، 47 ، 45 ، 44زد على ذلك التن وين في حشو ال بيت في 41 ، 35
الشطرين.
وعلى هذا يك ون حرف الن ون (الساكن والمتحرك) تكرر في القص يدة كلها (
)332م رة حيث أخ ذت الن ون المتحركة النص يب األوفر ( )271م رة ،والن ون
الساكنة ( )61مرة متمثالً في النون الساكنة أو التنوين.
حيث تك رر المد ب األلف ( )8م رات ،والمد بالي اء ( )4م رات ولم ي رد المد
بالواو ،وقوله :
َأنْ طَالَ َما َغيَّ َر النَّْأ ُ
ي ال ُم ِحبِّ ْينَا سIIIIIIIIبُوا نَْIIIIIIIIأيكم عنَّا يُ َغيِّرنَا
الَ ت َْح َ
ونلمح أن التك رار أتى ملتفا ح ول ( الــذات ) حيث تمثل فيه الج انب اإليج ابي
رار الج انب الس لبي في الحاضر ،وذلك عن طريق
وعمق التك ُ
والس لبي للش اعر ّ ،
تك اثف التك رار الس لبي الط اغي على القص يدة إلخ راج ال ذات –الش اعر -من تلك
المعاناة النفسية ،وكأن الشاعر من خالل هذا التكرار يريد أن ُيحفِّ َز نفسه ضد القلق
والت وتر ال ذي س يطر على نفس يته ،ولكنه في النهاية يستس لم للج انب الس لبي لكثرته
وقوة عوامله.
( )4حروف العطف :
ك ان لح روف العطف دور في إنت اج الداللة النفس ية ال تي عاناها الش اعر
ويظهر ذلك من خالل تنوعه لح روف العطف ما بين الــواو والفــاء دون غيرهما من
حروف العطف وكان لحرف العطف (الواو) دور فعال بالقص يدة ،ويظهر ذلك من
مطلع القص يدة حيث يلح على الش اعر تس اؤل ما فتت ابع فيه ال واوات ،وفي موضع
آخر ينقطع التتابع وعندما تقع الواو بين شيئين فيفيدان شيئاً واحداً.
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []103
فالواو تفيد العطف والترتيب ،والفاء تفيد العطف والتعقيب ،والشاعر عبر
عن فكرة واح دة في األبيات السابقة لذا أتى بينها ترابط في المع نى ففي ال بيت األول
(فدعوا … فقــال الــدهر آمينــا) فب دأ بلفظة (دعــوا) ثم أعقبها بلفظة (قــال) ودلت الف اء
على الس رعة المرتقبة ال تي ك ان ينتظرها الع دى ثم عقب في ال بيت الت الي بـ(فانحــل)
ت عنصر الربط في حيث أف ادت الف ـ ــاء الس رعة المطلقة ،ثم ذكر ال واو ال تي َمثَّلَ ْ
الحديث فقال (وانبت) حيث فُِقد آخر أمل كان ينتظره ،ثم َح َّن إلى الماضي في ال بيت
(وقد … وما …) ثم أعقبه األخير مستخدما حرف العطف الواو في قوله :
بالفاء في قوله (فاليوم) ثم ختمه بالواو في قوله ( :وما) وتكرار حرف عطف الواو
المصاحب للنفي أوضح دور الثنائية التي أرادها الشاعر -ثنائية الماضي والحاضر-
وتلك المقابلة بين الش طرين أوض حها تك رار ح رف العطف وتنوعه ما بين الـ ــواو
والفاء ،وإ ن كان حرف الواو أغلب من حرف الفاء.
كما نالحظ أن حرف الواو ـ غالبا ـ يدل على الماضي ،والفاء تدل على
الحاضر وما فيه من ألم خاصة بعد ذكر الشاعر الماضي ،ونلمح سيطرة الواو على
الموقف الحاضر مصحوبة بالنفي وذلك في قوله :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []104
ســــــــِلي َنا ِ ِ ِ
َوال اتَّ َخــــــــ ْذ َنا َبــــــــد ْيالً م ْنــــــــك ُي ْ شــــــ ِغلُ َنا والَ اســــــتَفَ ْد َنا َخِليالً ع ْن ِ
ــــــك ُي ْ َ ْ َ
فبعد َأن ذكر الشاعر (واو القسم) كرر (واو العطف) ثالث مرات مصاحبة
ومن المالحظ أن ح رفي العطف (ال ـ ـ ــواو والف ـ ـ ــاء) قد دخال أكثرهما على
الجملة الفعلية المتمثلة عن طريق العطف ،وت دفق ه ذان الحرف ان ي دالن على القلق
النفسي ال ذي يعيشه الش اعر ،ودخ ول العطف على األفع ال تشي بال دراما
والرغب ات المتع ددة قس يما بين المس اءلة والطلب والتم ني ،لقد ك ان للــواو دورها في
وه ذان الحرفان أعانا الشاعر على التج ول ما بين الماضي والحاضر مما
زاد التك ثيف اللغ وي ،وربما جعل الحرف ان الش اعر يعيش أس يرا في ماض يه ال يريد
وأنه على الرغم من ذلك ِال زال وافيا على العهد كقوله :
الم ِح َب ِّي َنا ْأي طالَما َغي ََّر َّ سIIIIIبُوا نَْIIIIIأيَ ُك ْم َعنَّا يُ ِّغي ُرنَا
الَ ت َْح َ ـ
ُ الن ُ إن َ َْ
ضـــــــا تقا ِ
ضـــــــي َنا ِم ْن ُ
ـــــــه وإ ْن لَم َي ُك ْن َغ ًّ اعف ًة ِ
سـ َ
َّه َر َي ْقض ـي َنا ُم َ
ـ فهل َأرى الــد ْ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []106
وتكرار النفي أضفى لمسة حزينة على حال الشاعر ودل على إصرار
يسـ ْق ِي ُنا ف الَ َهــوى والـ ُّ ان ِ اس Iق ب ِ Iه يا ساري البرق َغا ِد القَ ْ
ص Iر َو ْ
ـود َ صـ ْر ُ َم ْن َك َ
م ْن لو علَى البع ِ
ــــــــد َحيًّا َكــــــــ اَن ُي ْحيي َنا صــــــــــــــــ ِبا َبلِّ ْغ تَ ِحيَّتََنا
َو َيا َن ِســــــــــــــــ ْي َم ال ِّ
ُْ َ َ
وبعد أن تبدلت تلك الحياة الجميلة تغير أسلوب النداء في معناه ألن الموقف
الحاضر -موقف ال بين والتن ائي -يحت اج إلى وس يط لكي ينقل أحاسيسة ولم يجد إال
ال برق لعله يك ون وس يطا بين الش اعر ومحبوبته ألنه يتبعه الحي اة ثم نلمح االس تفهام
الذي يمثل حرارة البحث عن الذات األخرى التي يتشوق إليها وتتمنع عليه ،فال يجد
س وى الش كوى يبثها من خالل بث لواعجه وأش واقه ورجاءاته ،ثم ك رر الش اعر
حرف النداء مرة أخرى مع اختالف المنادى لعله يقوم بدوراإلبالغ بسوء الحال وقلة
الرج اء وإ عالن اإلحب اط وتظل الش كوى المري رة والش عور باإلحب اط والي أس في
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []107
األبي ات هي المس يطرة ،وقد استرسل المع نى (ســاري الــبرق -نســيم -روضة -
حيـ ــاة -نعيما -جنة الخلـ ــد) ف البرق يتبعه الحي اة حيث المطر والنس يم الن ابع من
الروضة التي تبث الحياة في الكون ثم النعيم األبدي في جنة الخلد وكأن المنادى أنتج
تلك الداللة في األبيات ،مما تمثله تلكم األبيات.
نســيم الصــبا ســاري الــبرق
نعيما = جنة الخلد حياة روضته
وكل ه ذه األلف اظ تتعلق بالطبيعة ،ولعل الن داء أب رز جانب اً من تلك الس عادة
ال تي عاش ها في الماضي ويتمناها في الحاضر ،وأتى بعد الن داء أس لوب أمر خ رج
عن معناه الحقيقي إلى معنى مجازي آخر حيث أصبح الزمة من اللوازم ساعد على
إنتاج الداللة ليبرز سوء الحال وقلة الرجاء في الوصول إلى ما كان فيه في الماضي
،كما نلمح تقديم البرق على النسيم لما فيه من الحيوية واالنتشار للنسيم وإ رساله تلك
الرائحة الجميلة الزكية التي أحسها وانتشى بها في الماضي ،وأف اد قوله ( :ويا نسيم
الصبا) االستعطاف.
ثم يقول :
وضIIIIIIIIIIةً طَالَما َأ ْجنَتْ لَواحظُنَا
يَا َر ْ
ضــــــا َو ِن ْ
ســــــ ِري َنا صــــــبا َغ ًّ
َو ْرداً َجالَه ال ّ
ات ِ
َأفاني َنا ــــــــــــــــذ ٍ
َّ ضــــــــــــــــ ُروباً َولَ
ُم ًنى ُ َو َيا َح َيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــاهً تَ َملَّي َنا ِبَز ْه َر ِت َها
وتكرار حرف النداء (يـا) دون غيره يدل على إحساس الشاعر بتلك الوحدة
ال تي يعانيها في الحاضر ،والتحسر على ض ياع الحب ال ذي ك ان روضة ،وحي اة ،
ونعيما ،بل جنة خلد في الماض ي ،ولعله أراد إحالل الطبيعة ب دالً من محبوبت ه ،أو
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []108
ألنها ش اهدة على ماض يه وحاض ره ،فه ذه الروضة ح وت (ورداً جاله الصــبا غضا
ونســـــرينا) وكأنه يترسم تلك الص ورة في الحاضر ،وما الروضة إال وجه محبوبته
والدة ثم يق ول (ويـا حياة) فالروضة هي الباعث الوحيد للحياة ،وما الحياة إال والدة
فكانت (ضروباً ولذات أفانينا).
ونالحظ أن أس لوب الن داء أتى بص يغة واح دة متش ابهة (حــرف نــداء +اسم
نكرة) كما يلي :
غضا ونسرينـا وردا جاله الصبا طالما أجنت لواحظنا يا روضة
ولذات أفانيـنا منــى وضروبا تملينا بزهرتهـــا ويا حيـاة
سحبنا ذيله حينا في وشي نعمـى خطرنا من غضارته ويا نعيمـا
وت درج الن داء من روضة إلى حي ــاة إلى نعيم لي دل على تلك الس عادة ال تي
وص لت إلى ذروتها في قوله (ويا نعيم ــا) فه ذا النعيم ما هو إال الماضي الجميل (في
وشي نعمى ســحبنا ذيله حينــا) وما يلبث إال أن يختم تلك األنم اط في الن داء بقوله (يا
جنة الخلــد) ولكن س رعان ما تنكشف تلك الحقيقة الواقعية وكأنه في حلم اس تيقظ منه
وقد (أبدلنا بسـدرتها والكـوثر العــذب زقوما وغســلينا) وال يفعل ه ذا البن اء إال ش اعر
مثل ابن زيــــــدون … وك أن تلك الطبيعة األندلس ية الخالبة ما هي إال متنفس آلالم
الشاعر وأحزانه.
وربما أدى ت والي س ياقات الن داءات الس ابقة إلى أن الش اعر أراد أن "ي نزع
منزعا نفسيا واحدا هو اإلحساس باالندماج في األشياء واالقتراب منها ،وبث الروح
اإلنس انية فيها لتك ون ق ادرة على المش اركة واإلحساس ات بما يحسه الش اعر من
مشاعر مختلفة .الشاعر حريص على إحياء األشياء من حوله وتأسيسها ومخاطبتها
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []109
،وخلق اإلحس اس اإلنس اني فيها فتبكي ألوجاعه ،وتحن لحنينه ،وتس مع أق دس
()1
عواطف وأنبل اختالجاته"
وربما أراد ابن زيـدون من مثل تلك ال تراكيب إش غال تلك الوح دة ال تي ش عر
وأحس بها بعد فراق محبوبته .
( )7تكرار الضمائر :
احتلت الض مائر بأنواعها المختلفة مس احة واس عة في نونية ابن زيــــدون ،
حيث دلَّت على الحض ور الممتد داخل بنية النص ،كما أنها ق امت ب دور كب ير في
اتس اق النص حيث إن ه"إذا ُنظر إلى الض مائر من زاوية االتس اق ،أمكن التمي يز بين
أدوار الكالم (( Speak Rolesالتي تندرج تحتها جميع الضمائر الدالة على المتكلم
والمخاطب ،وهي إحالة لخارج النص بشكل نمطي ،وال تصبح إحالة داخل النص ،
أي اتساقية ،إال في الكالم المستشهد به ،أو في خطابات مكتوبة متنوعة من ضمنها
الخطاب السردي".
وك ان للض مير (ـ ــنا) الحظ األوفر لداللته على الف اعلين وإ نما اس تخدمه ابن
زيدون للداللة عن ال ذات ح تى أص بح مح وراً أساس ياً من محاور إيقاع نهاية األبيات
في القصيدة كلها ،فكأنه الشيء المنتظر في نهاية نسيج وارتبط ارتباطاً وثيق اً بحرف
النون وقبلها الياء ،فأصبحا يشكالن وحدة إيقاعية ثابتة.
وقد أتى تك رار الض مير (ـــنا) متتابعا ليمنح النص الق درة على إس ار الض مير
المتصل للش خص المتح دث عنه ليص بح مح ور الداللة والمح ور الفاعل والم ؤثر في
النص وأتى متصال باألسماء واألفعال بنسبة متقاربة .
()1
دالالت التراكيب ( دراسة لغوية ) :د محمد محمد أبو موسى .263 :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []110
و َنـــــــــــــــــــــــاب ع ْن ِط ْي ِب لُ ْقياََنا تَ ِ
جافي َنا َ َأ ْ
ضَ IIIحى التَّنَIIIاِئي بَIIIد ْيالً ِمنْ تَIIIدَانينا
َ
صــــــــوالً بأيــــــــدينا
بت َما كــــــــان َمو ُ
وا ْن َ فا ْن َحــــــ َّل ما َكــــــان َم ْعقــــــوداً بأ ْنفُ ِســــــنا
فـ ـ ـ ــاليوم َن ْح َن َو َما ُيـ ـ ـ ـ ْـر َجى تَالقي َنا... شـــــــــى تَفَرقنا
ـــــــــون َو َما ُي ْخ َ
ُ ـــــــــد َنك
َوقَ ْ
وقَ ْ ِئ
ســــــــــ َنا فَ َما لليــــــــــأس ُيغرينا
ــــــــــد َي ْ َ ضــــه ســــلَينا َع ِ
وار َ ُك َّنا َنــــرى الي َ
َّْأس تُ ْ
سـ ـ ـ ـ ْي َنا ي ْق ِ
ضـ ـ ـ ـي َعلَينا اآلسى لَ ـ ـ ــوال تََأ ِّ ضــــــــــمائرنا ــــــــــاد ِح ْي َن تَُن ِ
ــــــــــاجي ُكم َ َن َك ُ
َ
وقد س يطر الض مير (نـــا) على كث ير من ألف اظ النونية وخاصة عن دما جعله
ابن زيدون محوراً من محاور اإليقاع في نهاية األبيات في القصيدة وقد أتى الضمير
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []111
ذا داللة واض حة حيث ذك ره للداللة على ال ذات بنس بة % 60وذك ره للداللة عن
الثنائية بينه وبين محبوبته بنسبة ، %33وذكره للداللة على محبوبته بنسبة .%7
تحملها
وعن دما ذك ره للداللة على ال ذات أراد أن يوضح تلك المعان اة ال تي َّ
وح ده وعن دما ذكر الض مير للداللة عن الثنائية أراد المش اركة والتحمل مع اً ،وذلك
في مثل قوله (تس ــاقينا -يبكينا -بأنفس ــنا -بأي ــدينا -تفرقنا -تالقين ــا) فواضح
أثر ثنائية الض مير ،وما ي دل على معاناته وح دة في قوله (صــــــبحنا -ناعينا -
()1
نقد الشعر :قدامة بن جعفر ، 80 :وقد جعله من نعوت الوزن.
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []112
وال اتخذنا بديال منك يسلينا وال استفدنا خليالً عنك يشغلنا
5 4 3 2 1 5 4 3 2 1
الي اء في التفعليه الثانية ،وتت ابع ح رفي الش ين والس ين في التفعليه الثالثة وتالئم
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []113
ح رف الن ون المم دودة في التفعليه األخ يرة ،كما يظهر الترص يع التقطيعي
الكثافة التصريعية للبيت وهو ما ُيسمى (بالتصريع التصريفي)( )2حيث جاء التصريع
وقد تأتي الوحدات التصريعية واقعة على وحدات عروضية (تفعيالت) في
قوله :
فاليوم نحن وما ُيرجى تالقينا وقد نكون وما ُيخشى تفرقنـــا
رقنا تفر
يخشى ْ ن وما وقد نكو
)1 (
ويقوم على تكافؤ مجموعة المقاطع التي تتكون منها القرينتان ( أو القرائن )ُ .ينظر تحليل الخطاب
الشعري د /محمد العمري ،111،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،ط 1،1990م
()2
المرجع السابق .111 :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []115
وتظل القصيدة ممتدة على هذا النمط من تكثيف الموسيقا من خالل التصريع
،وت وازن الصيغ الصرفية من خالل تكرار حروف بعينها داخل ال بيت الواحد ،أو
مجمزعة األبي ات ،وأتى الترص يع من خالل جمل –معظمه ا -فعلية بس يطة تتماثل
يكس بها طابع اً خاصا ،ونلمح في نونية ابن زيــدون أن الجن اس أتى تام اً وناقص اً ،
واحتل الجناس الناقص المرتبة األولى حيث شغل حيزاً أكبر من الجناس التام.
تجاوز حدوده أسوار الجملة أو الشاهد أو المثال إذ ال ُيعتد به جناسا عند البالغيين إال
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []116
إذا وقع في ه ذه الح دود إلى النظ ير إليه في النص بما واحد من تجلي ات الس بك ال ذي
وه ذا ال رأي يمكن األخذ به في مج اوزة الس ياقات الجزئية إلى س ياقات أك ثر
رحابة انطالقا من الفهم النصي ،فضال عن كسر ح دة التس ميات المتع ددة ألن واع
الجناسات بعيدا عن المجال الوظيفي ،فاالتجاه نحو هذه القيم الصوتية هو األصـوب
وج انس ابن زيــدون بين (صــبح) و (صــبحنا) جناس اً ناقص اً وبين (حين)
و(للحين) جناس اً تام اً ،ونلمح تك اثف الجن اس في ال بيت ما بين ن اقص وت ام حيث
وتك اثف الجن اس لم ُيخل ب المعنى ،ألنه يظهر رغبة الش اعر في إظه ار
معاناته النفس ية حيث تح ولت تلك الس عادة إلى النقيض المباشر دون ت وان من
الحياة إلى الموت والهالك ،وكأن الجناس يرادف السعادة والوصال في الماضي
الجن اس في ال بيت يظهر إيق اع ح رف (الســين) الموس يقي المتك رر في ال بيت حيث
وبعد تكاثف الجناس بدأ يأخذ شكال ثنائيا كما في قوله :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []118
َأســـــي َنا
األســـــى لَـــــوالَ تَ َّ ِ ضَ IIIIIIماِئ ُرنَا
IIIIIIاجي ُك ْم َ
ِ نَ َكIIIIIIا ُد ِحيْنَ تُنَ
َي ْقضـــــي َعلَينا َ
وجم ال الجن اس هنا ك ائن في اإليق اع الص وتي ،وما له من أثر في إث راء
موس يقا القص يدة عموما ووقع الجن اس بين (األسى) و (تأســينا) حيث اجتمع الجن اس
اف ِم ْن تَصـــــ ِ
افي َنا ومريـــــع اللَّهو صـــــ ٍ
َ َْ َ ُ
ش طَ ْلُُ IIIII
ق ِمنْ تَآلُفِنَا ِ -إ ْذ جIIIIIانِ ُ
ب ال َع ْي ِ
َ َ
ري ِ
احي َنا ِإالَّ ِأل ر ِ
واح َنا ُك ْنتُم الســـ ُر ِ
ور فَ َما ـــد ُّ
ق َع ْهـ ـ ُـد ُكم َع ْه َ
س ــ َ ِ
ََ ْ -ل ُي ْ
ـــــــــــــــان ُي َح ّيينا
َ البعد َح ّيا ك
َمن لو َعلَى ُ صـــــــــــــبا َبلِّغ تَ ِحيتََّنا
ـــــــــــــيم ال َ
َ ويــا َنس
َ -
ونلمح من األبي ات الس ابقة ت أخر األبنية المتجانسة في الش طر الث اني من
األبي ات وربما أدى ذلك إلى التوافق الص وتي الح ركي بين المص ادر والمش تقات وقد
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []119
نى ،ويظهر ذلك بين (أرواحنــــــــــــــا) تطاع ابن زيــــــــــــــدون أن يلبسه المع اس
و(رياحين ــا) وج اء الجن اس ليؤكد مع النفي واالس تثناء ح رص الش اعر على الوف اء
حيث جعلها في ع روض ال بيت وض ربه بين (تحيتنا) و (يحيينا) بين االسم والفعل ،
ويصل الجن اس إلى ذروته في األبي ات التالية كما في ال بيت الت الي بين (أكف ــاءه) و
(ك ــاف) و (تكافين ــا) بين اسم الفاعل والمص در ،وقد لعب تك رار ح رف الك اف في
قوله (تكن -أكف ــاءه -ك ــاف -تكافين ــا) دوراً في إث راء التماثل اإليق اعي ،وه ذه
الظاهرة متمثلة بصورة جلية في القصيدة كلها ،وهذا يعبر عن تلك الثورة العاطفية
الجياشة الكامنة في ذات الشاعر التي سيطرت علية تلك العاطفة القوية.
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []120
ه ذا وعلى ه ذا النحو يمكننا كتابة ال بيت األخ ير من األبي ات الس ابقة على
النحو:
متصل وإ يح اءات متالحقة ،يتولد بعض ها من بعض ،والش اعر يحيا في األلف اظ
تحيط به من كل ج انب ،تتجاذب ه ،ويفضي بعض ها إلى بعض ،ويس لمه كل منها إلى
اآلخر ،وتصبح مهمته -باعتباره شاعرا -أن يتابع إيحاءات الكلمات وما يتولد عنها
،وأن يستغل القوة اإليحائية لجرس األلفاظ ،فيولد المعاني المختلفة التي تمكنه منها
()1
شعر أبي تمام بين النقد األدبي القديم ورؤية النقد الجديد :د سعيد السريحي .238 :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []121
عند الت وازي فن مستأصل في النقد البالغي عند الع رب ،ونلمح ذلك
-أي يح ــيي ابن حم ــزة العل ــوي في حديثه عن الس جع حيث يق ول عنه " :ويقع
السجع -في الكالم المنثور وهو في مقابلة التصريع في الكالم المنظوم الموزون في
الشعر …… .ومعناه في ألسنة علماء البيان ،اتفاق الفواصل في الكالم المنثور في
()1
. التوازي…" .
كما ُيعد الت وازي من قبيل التك رار بص فته أحد اب رز عناصر اإليق اع ال ذى
إطار زمنى"(.)2 اإليقاعية التى تعطينا اإلحساس بالجمال ،وهو يتشكل فى
()1
الداللة الصوتيه،د.كريم حسام الدين 121 :مكتبة األنجلو المصرية:ط1ـ1992م.
()2
بالغة الخطاب وعلم النص .215 :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []122
كما أنه يمنح النص موس يقا ذات كثافه عاليه حيث ينفعل الق اريء أو الس امع و
يتع اطف مع الشاعر أو يش اركه أفراحه أو آالمه وأحزانه "وكلما كان الت وازي عميقا
متصال بالبنية الداللية ك ان أحفل بالش عرية وأك ثر ارتباطا بالتش اكل المك ون للنس يج
وإ ذا كانت االوزان الشعريه هى مرتكز هذا التوازى على المستوى الصوتى
،فإن أنماط الجمل وأطوالها وعالقاتها ومواقع عناصرها هي التي تعد مظهر تحققه
وت ؤدي مالحظته على المس توى النح وي ،مما ي دخل فيما ُس مي بنحو الش عر
ورصده إلى تكوين أجرومية للصيغ الشعرية ،وكان التراث العربي فيما يبدو حافزا
والتوازي "مركب ثنائي التكوين ،أحد طرفيه ال يعرف إال من خالل اآلخر
،وه ذا اآلخر –ب دوره -يرتبط مع ه ذا الط رف اآلخر يحظى من المالمح العامة بما
رف األول ،وألنها في نهاية األمر طرفا معادلة وليسا يزه اإلدراك من الط يم
متط ابقين تماما فإننا نع ود ونك افيء بينهما على نحو ما ،بل ونح اكم أولهما بمنطق
أولهما :إنه عب ارة عن عالقة تماثل -تتم على مس توى أو مس تويات لس انية -بين
طرفين أو أكثر.
ثانيهما :إن العالقة القائمة بين ه ذين الط رفين تنب ني على مب دأين هما :التش ابه
()1
تحليل النص الشعري،بنية القصيدة ،ترجمة د /محمد فتوح أحمد.129 :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []124
ولعب اإليقــاع الــداخلي -عن طريق التــوازي -في القصــيدة دوراً بــارزاً في
إثــراء الــدالالت اللغوية ،ويظهر التشــابه بين هــذه اإليقاعــات ،وإ يقــاع الموشــحه ،
حيث التقســيمات المقطعية في األقفــال واألبيــات ،ويظهر ذلك واضــحاً في قــول ابن
زيدون :
فIIIIIIIاليوم نحن وما يIIIIIIIرجى تالقينا وقد نكIIIIIIIIIIIIIIون وما يُخشى تفرقنا
العطف +فعل مــاض مض عف على وزن "أفعـــل" +ما اسم موصــول فاعــل) وتش ابه
المقطعان (ب) في البن اء (كان +الخبر) ،وتش ابه المقطع ان (جـ) في هيئتهما (جــار
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []125
ومجرور بالباء مع اإلضافة لضمير الجمع "ـنا") ،وقد أخذ التوازي شكال من أشكال
النظام النحوي.
فIIIIIIIاليوم نحن وما يIIIIIIIرجى تالقينا وقد نكIIIIIIIIIIIIIIون وما يُخشى تفرقنا
وقوله :
فIIIIIIIIIIاليوم نحن وما يIIIIIIIIIIرجى تالقينا وقد نكIIIIIIIIIIIIIIون وما يُخشى تفرقنا
و
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []126
مضاف إليه
ومثل هذا التوازي اعتمد فيه ابن زيدون على تكرار الموقع اللساني النحوي
وقوله :
وال اســـــــــــــتفدنا حبيبـــــــــــــاً عنك يثنينا فما استعضIIIIنا خليالً منك يحبسIIIIنا
)1الصناعتين ، 463 :والتشطير " :هو أن يتوازن المصرعان والجزآن وتتعادل أقسامهما مع قيام (
وس اعد الت وازي على زي ادة اإليق اع الموس يقي ،زد على ذلك تك رار ح رف
الن ون بأنواعه مما أدى إلى تقس يم ال بيت إلى وح دات متماثله في الط ول والنغمة
هكذا
البيت الواحد.
ومن النماذج السابقة نلمح أن توازي المباني يعني بروز أمرين متعادلين ،
وقد يكون ان متق ابلين ،في أتي الت وازي لي برز م دى التس اوي في المخالفة والمقابلة ،
وه ذا ما ي أتي غالبا ،وقد يكون ان متق اربين دالليا لي برز جانبا ما يتم اإللح اح عليه من
ِقبل الشاعر.
وتظهر العالقة الداللية ال تي يق وم على أساس ها الت وازي وهي (التض اد) وهو
ما ُيسمى بإيراد النقيضين الذي ُيشكل نسقا مفارقا يقوم على الجمع بين األضداد في
صورة ثنائية ،وهذا يتناسب مع القصيدة حيث ثنائية (الماضي والحاضر) التي ُيلح
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []129
عليه الشاعر ،وهذه المفارقة تتبلور منذ مطلع القصيدة ،وهذا األثر نلمحه واضحا
فــــــــــــــــاليوم نحن وما يــــــــــــــــرجى تالقينا وقد نكـــــــــــــــــــــــــون وما ُيخشى تفرقنا
وهي ما تُس مى بالمفارقة ول ذا تُعد "ظ اهرة أساس ية في الطبيعة اإلنس انية بل
في الطبيعة غير اإلنسانية .تكاد تك ون سلسلة من التقابالت هي أبرز السالسل التي
تنظم الحي اة فال ك بر إال وله ص غر ،وال أول إال وله آخر ،وال حي اة إال معها
الموت"(.)2
)1 (
وعدها قدامة بن جعفر من نعوت المعاني .ينظر :نقد الشعر ، 141 :وأطلق عليها العلوي
التكافؤ والتضاد ينظر :دار الطراز ، 2/337 :وينظر كتاب الصناعتين 371 :
)2 (
ظواهر تعبرية في شعر الحداثة د .محمد العبد ، 68 :عالم الفكر ،المجلد الثامن العددان ، 4 ، 3
.1989
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []130
وت برز ق درة المقابلة أو التض اد في تفج ير الش عور وإ ثارته من خالل ذلك
التب اين بين المواقف أو األش ياء في وجه من الوج وه أو أك ثر " حيث تت آذر في ه ذه
اإلبانة مختلف وسائل التركيب اللغوي ،وعلى ذلك فال يكفي النظر إلى الطباق على
وأكثر ابن زيدون من استخدام ظاهرة المقابلة ليبرز تلك المفارقة بين الزمن
الماضي والحاضر على م دار القص يدة كله ا ،حيث ُيقابل بين ال زمن الماضي
المـرادف ل زمن (الت ــداني والق ــرب والوص ــال) ،وال زمن الحاضر الم رادف ل زمن
اللحظة الراهنة المع ادل (للتنــائي والتجــافي والفــراق) ويظهر ه ذا الملمح من مطلع
)3 (
فلسفة البالغة بين التقنية والتطوير ،د .جابر عيد ، 491 :منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،
1988م.
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []131
حيث قابل الش اعر بين ال زمن الماضي زمن الت داني والق رب والوص ال
وطيب اللق اء وال زمن الحاضر زمن اللحظة الراهنة المعادلة للتن ائي والتج افي ،
ونلمح إص رار الش اعر على حصر ال زمن الماضي بين الحاضر وكأنه –أى ال زمن
وأتى الطباق في مطلع القصيدة قاصراً على األسماء دون األفعال ،
ــــــــــــــــد ِ
هر ال َيبلى و َُيبلينا َ ــــــــــــــــع ال
ُحز ًنا َم نت ِ
زاح ِه ُم من م ِبلـــــــــــغُ المل ِبســـــــــــينا ب ِ
ـــــــــــا ِ
َ ُ َ ُ
ســـــــــــــــا ِبقُـــــــــــــــر ِب ِه ُم قد ع
ـــــــــــــــاد ُيبكينا ِ ــــــــــان الَّذي م
َ ــــــــــازال ُيضــــــــــح ُكنا أن ً
َ الزم َ أن َ
َّ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []132
الزمن الحاضر (المستقبل) دون الماضي ،وهو زمن اللحظة الراهنة ،وهو ما
يسمى بطباق السلب ،ولكن سرعان ما يعاود الحديث عن تلك الحالة الماضية
والحاضرة في البيت األخير (يضحكنا) و (يبكينا) حيث عبرت اللفظة األولى على
الماضي وإ ن استخدم الفعل الدال على الحاضر والمستقبل ،ومن المالحظ أن
الترابط وتواصل العالقات بين جنبات السياق بغض النظر عن طبيعة هذه العالقات
.
()1
ضدية أو مطَّردة "
ِّ
فالطب اق بين الفعلين ( ابتلت ) و ( جفّت ) كشف الحالة النفس ية والش عورية
ال تي يعيش ها الش اعر ،وما يعانيه من آالم الف راق ،وج اءت كل ص ورة تقابلية في
()1
البديع تأصيل وتجديد ،د /منير سلطان 116 :منشأة المعارف ،اإلسكندرية .1986،
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []134
الص ـ ـ ْب ِح ُي ْف ِش ـ ـي َنا
ان َّ
ســ ُ حـ ـ تى ي َكـ ـ َ ِ
ـاد ل َ َ َ
ِ َّ ِ ِســـــــــَّر ِ ِ
ان في َخـــــــــاط ِر الظ ْل َمـــــــــاء َي ْك ُ
تم َنا
فــابن زيــدون لم ي أت بالمقابلة لمج رد المقابلة ولكنه ُيظُ ِهر معان اة ال ذات من
الحرم ان في الحاضر في (يروينا فيظمين ــا) ويظهر ذلك داللة ح رف العطف ال دال
على التعقيب ،وك أن ال ِّري يزيد في الظم أ .ويزيد الت وازي التركي بي إلى إظه ار
حيث أدت الداللة إلى إظه ار تلك المعان اة النفس ية لل ذات ما بين ال زمن
الماضي والحاض ر .وه ذه الص ورة التركيبية الص وتية في مثل قوله لل بيت الس ابق
شــــــى تَفَُّرقــــَُنا
َو َما ُي ْخ َ ون
ـــــــــد َنكــــــُ ُ
َوقَ ْ
وما يـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرجى تَ ِ
القي َنا فَاليــــــــوم َنحــــــْ َن
ْ َ َ ُ
الـــورى ِط ْي َنا
َ ســـكاً َوقَـــد ََّر ِإ ْن َ
شـــاَء مْ
ِ شـــــــــــــَأهُ
ـــــــــــــَأن اهلل َأ ْن َ
َّ ر ِب ْيب م ْل ٍ
ـــــــــــــك َك َ ُ ُ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []136
حيث أصبحت الذات متعلقة بالزمن الماضي المشتمل على تلك السعادة
والطب اق عند ابن زيــدون في نونية يش به طب اق البحــتري إذ " ال تعقيد فيه ،
()1
وانتش ار المقابلة في نونية ابن زيـــدون يتناسب مع التجربة وال عن اء وال مش قة "
()1
الفن ومذاهبه ،د .شوقي ضيف .194:
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []137
تلعب القافية دورا بارزا في إثراء اإليقاع الصوتي في القصيدة حيث لها
وظيفة إيقاعية ثابتة من خالل تكرار عنصر صوتي معين يعمل على استدعاء
متشابهاته من بيت إلى آخر وذلك من خالل تلك الحروف التي تتكرر في مقطع
والقافية كما عرفها الخليل بن أحمد هي :آخر حرف في البيت إلى أول
ساكن يليه مع المتحرك الذي قبل الساكن ،وهذا التعريف على أساس حروف
()1
القافية وحركاتها.
()2
وإ ذا حدث خلل اختلت القافية كلها.
)1 (
د. ينظر :القافية تاج اإليقاع الشعري ،د .أحمد كشك ،والقافية في العروض واألدب ،
حسين نصار ،والقافية واألصوات اللغوية ،د .عوني عبد الرءوف … ،
()2
ينظر :كتاب القوافي ألبي الحسن اإلربلي ،تحقيق د .عبد المحسن فراج .78 :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []138
( أ ) الروي :وهو الحرف الذي تبنى عليه القصيدة وتنسب إليه ،وهو حرف
()4 ()3
أنفى مائع (متوسط) مجهور وهو حرف صامت أسناني لثوي والنون
()5
،وكثر شيوعة في الشعر العربي. صوت شديد الحساسية
القافية وضوحاً وذلك لثبوته في القصيدة كلها ويكون أحد حروف ثالثة
()3
ينظر :علم األصوات :برتيل مالميرج ، 123 :األصوات اللغوية :د .إبراهيم أنيس .66 :
()4
لثوي أسناني :ويكون بالتقاء طرف اللسان بأصول الثنايا العليا.
()5
مصطلح الشدة :يعني الحبس أو الوقف التيار الهواء الصادر من الرئتين.
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []139
(واي) ،وإ ذا أتى حرف المد (ألفاً) وجب التزامه والسبب في ذلك أنه أطول
()1
من الياء والواو من الناحية الصوتية.
تقاربهما في الطول الصوتي ،ويكون ذلك التبادل في القافية المطلقة أوقع منه في
()2
وعلى هذا فإن حرف الردف المستخدم في القصائد النونية هو القافية المقيدة.
الجدول التالي يبين مدى استخدام حرفي الردف ـ الياء والواو في القصائد النونية -:
()1
الزحاف والعلة رؤية في التجريد واألصوات واإليقاع ،د .أحمد كشك .389 :
()2
القافية تاج اإليقاع الشعري :د .أحمد كشك .68 :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []140
تابع -نسبة شيوع حرف الردف في نماذج القصائد والمقاطعات والنتف
النونية المختارة
الــــــــردف
عدد
مالحظــات الــواو البحـــــــر الشاعــــــــــــر م
األبيات
اليــــاء
ضمن النونية موشحة موشحة موشحة 49صدر الدين بن الوكيل
موشحة
7 8 الكامل 15 50إبراهيم الطويح ــن
1 32 البسيط 23 محمد بن عبد الكريم الموصلي 51
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []143
تابع -نسبة شيوع حرف الردف في نماذج القصائد والمقاطعات والنتف
النونية المختارة
الــــــــردف
عدد
مالحظــات الــواو البحـــــــر الشاعــــــــــــر م
األبيات
اليــــاء
تابع -نسبة شيوع حرف الردف في نماذج القصائد والمقاطعات والنتف
النونية المختارة
الــــــــردف
عدد
مالحظــات الــواو البحـــــــر الشاعــــــــــــر م
األبيات
اليــــاء
ومن هنا تحقق اإليقاع الموسيقي في القافية ،حيث أتى حرف الروى
ٍ
متغير وهو حرف متوسطاً ما بين لينين -كما هو واضح في قصائد النونيةٍ -
لين
الردف (ياء) أو (واو) ولين ثابت وهو الوصل (األلف) ،واألخير هو القفلة النهائية
()1
لنغم البيت في اإليقاع الشعري.
ثانيا :حركات القافية :
(أ) المجرى :وهو حركة حرف الروي المطلق ،والبد من ثبوته في القصيدة كلها ،
وأتى المجرى في القصائد والمقاطع والنتف النونية (مفتوحاً) ،وعلى هذا خلت
()1
ينظر :القافية تاج اإليقاع الشعري .64 :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []147
(ب) الحذو :وهو حركة الحرف الذي قبل الردف ،نحو كسرة ما قبل الياء ،أو
ضمة ما قبل الواو ،أو فتحة ما قبل األلف ،وسمي الحذو بذلك ألن الشاعر
يتبعها لتتوافق األرداف ،أي أن هذه األحرف تحذو حذو حركة ما قبلها ،
فالحركة إ َذا حذو.
وأتت حركة الحذو في القصائد النونية متمثلة ما بين الكسر والضم ،وإ ن
ياء في أكثر األبيات ،وخلت القصائد
كانت األولى أكثر شيوعاً لورود الردف ً
والمقاطع والنتف النونية من أي عيب في القافية (سناد الردف) ،أو (سناد الحذو).
)1(:
ثالثا :ألقــاب القافيــة
هكذا ( أ ) المتكاوس :وهي كل قافية توالت فيها أربعة متحركات بين ساكنين
( ، )5////5/والتكاوس تعني التزاحم وال يجتمع أكثر من أربعة أحرف
متحركة.
(ب) المتراكب :وهي كل قافية توالت فيها ثالثة متحركات بين ساكنين هكذا (///5/
.)5
()2
ينظر :موسيقا الشعر :د .أحمد محمد عطا . 219 :
()1
ينظر :موسيقا الشعر :د .أحمد محمد عطا . 213 :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []148
هكذا (/ (ج) المتدارك :وهي كل قافية توالى فيها حرفان متحركان بين ساكنين
.)5//5
( د) المتواتر :وهي كل قافية فيها حرف متحرك بين ساكنين هكذا (.)5/5/
وعلى هذا يكون نصيب القصائد والمقاطع والنتف النونية من المتواتر (/
ثنائية )5/5النصيب األكبر أي أتت القافية بها حرفاً متحركاً بين ساكنين وهي
المقطع.
وإ ذا حللنا القصائد والمقاطع والنتف النونية التي بين أيدينا نجد أنها كلها أتت
ثنائية المقطع على اختالف البحور الشعرية.
قافية البحر البسيط ( )5/5/( :ـ ْفعلن) وذلك لدخول الخبن.
قافية البحر الوافر ( )5/5/( :ـعولن) وذلك لدخول القطف.
(ـعولن) وذلك لدخول القطع. قافية البحر الرجز )5/5/( :
قافية البحر الكامل ( )5/5/( :ـفعلن) إذا أتى َّ
أحذا.
دخله صحيحا أو
ً قافية البحر الخفيف ( )5/5/( :ـالتن) إذا أتى الضرب
التشعيث.
صحيحا أو
ً قافية البحر الهزج ( )5/5/( :ـعيلن) إذا أتى الضرب
دخله الحذف.
قافية البحر الطويل ( )5/5/( :ـعيلن) إذا أتى الضرب صحيحاً أو
دخله الحذف.
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []149
قافية البحر السريع ( )5/5/( :فعلن) إذا دخل الضرب الصلم.
قافية البحر الرمل ( )5/5/( :التن) وذلك في الرمل المجزوء
صحيح الضرب.
صحيحا.
ً قافية البحر المتقارب ( )5/5/( :ـعولن) إذا أتى الضرب
وعلى هذا فالتشكيل اإليقاعي في القافية ( )5/5/أتي ثابتاً في جميع القصائد
والمقاطع والنتف النونية على اختالف بحورها الشعرية حيث تكرر على الصورة
السابقة والمتمثلة في عدد الصوامت والصوائب ،بجانب القافية المذكورة (ـينا) أو
(ـونا) متمثالً في الروي والوصل الثابتين والردف المتغير.
عدد القصائد والمقاطعات والنتف النونية المختارة
-1القصائد التي أثرت في نونية ابن زيدون :
وقد أثر ابن زيدون في الشعراء التاليين له أكثر من تأثره بالسابقين ،وهذا
يدل داللة واضحة على قدرة ابن زيدون الفنية.
بحـور الشعـر فـي نماذح القصائـد والمقاطـعات والنتـف النونيـة المختارة :
ونالحظ من الجدول رقم ( )3أن عدد البحور الشعرية التي تناولتها القصائد
النونية المختارة 11/16بحرا من مجموع بحور الشعر العربي بنسب متفاوتة كما
يوضحه ـ الجدول السابق ـ أكثرها البحر البسيط وأقلها البحر المنسرح.
ونالحظ من الجدول رقم ( ) 4أن البحر البسيط كنت نسبة شيوعة ،%61,46
وباقي البحور بنسبة %38,54
عدد القصائد والمقاطعات والنتف التي أثرت في نونية ابن زيدون فـي القافيـة
والبحـر
مالحظــــات النتــــــف المقاطــــــع القصائــــــد
-- -- 5 10
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []152
عدد القصائد والمقاطع والنتف التي تأثرت بنونية Iابن زيدون فـي القافيـة
دون البحـر
مالحظــــات النتــــــف المقاطــــــع القصائــــــد
-- 1 2 26
جدول رقم ( ) 8
أتت القصائد والمقاطع والنتف في ثمانية أبحر على الترتيب التالي ( :البسيط
– الوافر – الرجز – الكامل -الخفيف – المتقارب – الرمل -الهزج -الطويل –
على نمطين : السريع – المنسرح) ،ومن ثَ َّم كانت التأثرات الشعرية في النونية
ِّن أنه على ال رغم من تب اين البح ور في القص ائد والمق اطع
وأردت أن ُّأبي َ
والنتف النونية إال أنه ثَ َّمةَ عالقة وثيقة بين ه ذه البح ور ال تي دارت فيها القص ائد
والمقاطع والنتف النونية.
الدائرة األولى ( :دائرة المختلف) وتشتمل على البحر الطويل والمديد والبسيط :
الدائرة الثانية ( :دائرة المؤتلف) وتشتمل على البحر الوافر والكامل :
وعلى هذا تعد صلة البحر الطويل بالبسيط وثيقة في الدائرة والتفعيلة فالبحر
البسيط في تلك الدائرة يبدأ من المقطعين الثاني في (مفاعلين)…
ـلن مفا ـعيلن فعو ـلن مفا ـعيلن فعو
5//5/ 5//5/5/ 5//5/ 5//5/5/
فاعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن
الدائرة األولى
-2الدائرة الثانية :احتلت تلك الدائرة المرتبة الثانية واشتملت على 570بيتاً متمثالً
في بحرين هما البحر الوافر والكامل.
تفعيالت البحر الوافر -:
مرتين في البيت مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن
5///5// 5///5// 5///5//
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []158
الدائرة الثانية
-3الدائرة الثالثة :احتلت تلك الدائرة المرتبة الثالثة ،حيث اشتملت 382بيتاً متمثلة
في ثالثة أبحر :الهزج والرمل والرجز وثمة عالقة بين األبحر الثالثة بالدائرة
األولى.
تفعيالت البحر الهزج -:
مرتين في البيت مفاعللين مفاعيلن مفاعلين
5/5/5// 5/5/5// 5/5/5//
دة هي : ور تكمن في تفعيلة واح ذه البح والعالقة بين تفعيالت ه
(مف ــاعيلن )5/5/5// -ال تي تتك ون من وتد مجم ــوع وس ــببين خفيفين ،ومقلوبها
(مســتفعلن )5//5/5/ -وتتك ون من ســببين خفيفين ووتد مجمــوع ،وه ذه العالقة
تكمن واض حة في بحر الهــزج في تك رار تفعيلة (مفــاعلين) وبحر الهــزج في تك رار
تفعيلة (مســتفعلن) مقل وب التفعيلة الس ابقة ،وتكمن عالقة تش ابه واض حة بين تفعيلة
(مســـــــــتفعلن) وتفعيلة (فـــــــــاعالتن )5/5//5/ -حيث توسط الوتد المجمـــــــــوع بين
السببين الخفيفين في (فــاعالتن) وك ذلك في (مفــاعلين) حيث توسط الوتد المجمــوع
بين الســـــببين الخفيفين في (فـــــاعالتن) وك ذلك في (مفـــــاعلين) ال تي تب دأ بالوتد
المجموع.
والتفعيالت الثالثة الس ابقة تتك ون من سـ ـ ــببين خفيفين ووتد مجمـ ـ ــوع مع
اختالف ال ترتيب .ومقلوبها (ف ــاعلن) في البحر البس ــيط والعالقة واض حة بين ه ذه
الدائرة والدائرة األولى المشتملة على البحر البسيط.
الدائرة الثالثة
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []161
-4الدائرة الرابعة :احتلت تلك الدائرة المرتبة الرابعة حيث اشتملت على 127بيتاً
متمثلة في ثالثة أبحر :السريع والمنسرح والخفيف.
تفعيالت البحر السريع -:
مرتين في البيت مفعوالت مستفعلن مستفعلن
/5/5/5/ 5//5/5/ 5//5/5/
تفعيالت البحر المنسرح -:
مرتين في البيت مستفعلن مفعوالت
ُ مستفعلن
5//5/5/ 5/5/5/ 5//5/5/
والبحر السريع ال يستعمل إال مطوياً مكشوفاً في العروض والضرب في تفعيلة :
مفعوالت فتصبح بعد الطي مفعالت وتصبح بعد الكشف مفعال وتنقل إلى فاعلن
5//5/ 5//5/ /5//5/ /5/5/5/
وعلى هذا تكون تفعيالت البحر السريع :
مرتين في البيت فاعلن مستفعلن مستفعلن
5//5/ 5//5/5/ 5//5/5/
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []162
والبحر البسيط يشتمل على ثماني تفعيالت في البيت الشعري ،أما البحر
السريع فيشتمل على ست تفعيالت في البيت الشعري بحذف التفعيلة الثانية من كل
السريع شطر من البحر البسيط وهي (فاعلن) فأتت العالقة وثيقة بين البحر
والبسيط .
الدائرة الرابعة
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []163
5
-الدائرة الخامسة :احتلت تلك الدائرة المرتبة الخامسة حيث اشتملت على 146بيتاً
متمثلة في بحر واحد وهو البحر المتقارب .
تفعيالت البحر السريع -:
مرتين في البيت فعولن فعولن فعولن فعولن
5/5// 5/5// 5/5// 5/5//
والعالقة بين تفعيلة هذا البحر تكمن في تفعيلة واحدة هي (فعولن) التي
تتكون من وتد مجموع وسبب خفيف ،وهي التفعيلة الثابتة في البحر الطويل ،
ومقلوبها (فاعلن) في البحر البسيط والعالقة واضحة بين هذه الدائرة والدائرة
األولى المشتملة على البحر البسيط .
الدائرة الخامسة
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []164
من العرض السابق نالحظ تداخل البحور الشعرية السابقة ،وتشابهها في
تفعيلتي ( مستفعلن وفاعلن ) أنتج القصائد النونية السابقة .
الدائرة الثانية
الدائرة الخامسة
الدائرة األولى
الدائرة الثالثة
الدائرة الرابعة
متفاعلنـ (مضمرة) مفاعلتن (معصوبة) مفاعيلن (مقلوبة) مستفعلن
عدد أبيات القصيدة 12 : []1 قال المرقش األكبر (ت75ق هـ) :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []167
مــــــن البسيــــــــط
اسقينا
رام الناس َف ْ ِ ِ ِ
سقَيت ك َ َوإ ن َ فح ّيينا
س ْلمى َ إ ّنا ُم َح ّيوك يا َ
فادعينا رام الناس ِ َيوماً سراةَ ِك ِ كر َم ٍة ِ
َ َوإ ن َد َعوت إلى ُجلى َو َم ُ
صلّينا سوا ِب َ ِ كر َم ٍة ِ
الم َ
ق م ّنا َو ُ لق ال َّ
تَ َ غاي ٌة َيوماً ل َم ُ إن تُبتَ َدرْ َ
س ِّيداً فينا ِ ِ
إال افتَ ْلي َنا ُغالماً َ س ّيِ ٌد ََأب ًدا
ليس َي ْهلَ ُك م َنا َ
َو َ
َأغلينا
اَألمن ْ ِ
سام بها في ْ َولَو ُن ُ سناوع أنفُ َ الر ِ وم ّص َي َ إ ّنـا ل ُنرْخ ُ
ِ فارقُنا تَغلي م ِ
آثار أيدينا َنأسو ِبأموالنا َ راجلُنا َ بيض َم ِ ٌ
الناس نادينا و َخير ٍ ش ِ الم ِ
ُ ناد َرآهُ َ ُ آم َي ٌة ون إذا َهبَّت َ طع ُم َ ُ
قي ُل ال ُك ِ ِئ إ ّني ِل َمن َم ْع َ
المحامونا ؟ أين ُ ماة أال َ ش ٍر َأ ْف َنى أوا ُ
لهم
س َخالَ ُهم ّإياهُ َيعنونا َمن ِ ألف ِم ّنا ِ
كان في ِ
فار ٌ واح ٌد فَ َد َع ْوا لو َ
لناها ِبأيدينا
وص ُ ح ُّد ُّ ِ
الظباة َ َ صيب ُه ُم
إذا ال ُكماةُ تََن ّحو أن ُي َ
مع الب ِ
مات َيبكونا
كاة َعلى َمن َ ََ ُ ن َجلَّت ُم َ
صيبتُ ُهم راهم َوإ َْوال تَ ُ
أسياف تُ ِ
واتينا الحفاظُ َوع ّنا ِ ب ال ُكرهَ َأحياناً فَ َي ِ
فر ُج ُه
ٌ َ َو َنر َك ُ
بأي ٍ
بالء قوم تفخرينا خثعم خبرينا أال يا أخت
َ
ٍ
وليث نحوكم بالدار عينا الخيل من أكناف وج
َ جلبلنا
يقيتان الصباح ومعتدينا رأيناهن معلمة رواحا
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []168
ون ْليلَى َع َو ٍاد ْلو تُ َعدِّي َنا ود َُ الخ َيا ُل ِب َنا َر ْكب ًنا َيماني َنا اف َ ط َ َ
ب لَ ْيلَى َما تُ َم ِّني َنا تَعتَ ُ ِ ات ِ
الكتَ ِ وف آي ِ ِ
اد تَ ْكذ ُ ْ وقد
اب ْ م ْن ُه َّن َم ْع ُر ُ َ
اج ًة ِفي َنا ان إالَّ َح َ ِم ْن ْ
َأه ِل َر ْي َم َ اج ِت َها
بح َ ق َ ولم تَ ْط ُر ْس ِر لَ ْيلَى ْ لَ ْم تَ ْ
البي َنا
ذل َك ِ ََّأنى تَسد َّْي ِت و ْهناً ِ ال ِب ِه س ْر ِو ِحم َير ْأب َوا ُل ال ِب َغ ِ ِ
َ َ ْ َ م ْن َ
ِساو ِي َنا ب ِب َ ب ِبل ِْي َنةَ ْأو َر ْك ٌَر ْك ٌ س ْت بأذ ُْر ِع أ ْك َب ٍاد فَ ُح َّم لَ َهاَأم َ
ْ
ف الدِّينا الم َرا َنة َحتَّى تَ ْع ِر َ َّ َيا َد َار لَ ْيلَى َخالَ ًء الَ ُأ َكلِّفُ َها
إال َ
ته ِدي َناوج ال َك ْو ِر ْ و ِم ْن ثََن َايا فُُر ِ يف لَ َها المص ِ تُه ِدي َز َن ِانير َأرواح ِ
ُ َْ َ ْ
العثَ ِاني َنا ِ ِ
بالعشيَّات َ سو َن َها َ َي ْك ُ
ف َه ُدوج الضُّحى سهو م َن ِ
اك ُب َها َ َ ٌْ ُ َه ْي ٌ
الح ُّي تَ ْد ِمي َنا ال ِب ُه ًّن َ طَ س ْف ًعا أ َ ُ سو َن َها َم ْن ِزالً الَ َح ْت َم َع ِ
ارفُ ُه َي ْك ُ
يب ِكي َنا
ش ْوقاً َو ْ فك ْد َن ُي ْب ِكي َنني َ ِ وَأسَألُ َها
يها ْ يها ُأ َح ِّي َ
عَّر ْج ُ ِ
تف َ َ
ِ ف ُق ْل ُ ِ
َأرى َم َن ِ
از َل لَ ْيلَى الَ تُ َح ِّيي َنا يروا الَ َأبا ل ُك ُم قوِم :س ُ ت ل ْل ْ
فعر ْن ِي َناارِم ِعر ِني ًنا ِ ِئ طيِ ِب ِه و َ ٍِ
الم َخ ِ ْ َنا ي َ الم ّ آثار َ س ِ طاسم َد ْع ُ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []169
َّد َن ِل َّلن ْو ِح ْ
واجتَ ْب َن التََبا ِبي َنا َبج ْ ص َن َع ٍة ٍ
س َوانِ أ ْن َباط ِب َم ْ
أصو ُ ِ
ات ن ْ َْ
اس ِت ِه تُ ْه َدى َقَرا ِبي َنا
س َ
ِ
َكا َن ْت ل َ ط ِب ِه البال َ
َّاق َ
ط لي ُ ف ِلي َش ِر ٍ
في ُم ْ
ون َما ُي َغفِّي َنا ِ ِ النو ِاقيس ِف ِ
وج ٌ الجالذي ُ َْأيدي َ يه َما ُنفَِّرطُ ُه ت َّ َ ص ْو ُ
َ
ِ
الم َح ِ
اري َنا الم َحا ِبِض َي ْخل ْج َن َ ت َ ص ْو ُ
َ س َم ُع َها ث تَ ْ من َح ْي ُ أص َواتَ َها ْ أن ْ َك َّ
اف ُه ُجو َنا َأس َد َ ِ
لَ ْي َل التِّ َمام تَُرى ْ ت ِب ِه بالس َرى َحتَى تَْر َك ُ أت ُه ُّ َواطْ َ
صلِّي َنااآلل ُغ ْلفًا ْأو ُي َ ش ْع َن في ِ َي ْخ َ يد َه ِ
اج َم ٌه اله َدى وال ِب ُ ت ُ استَب ْن ُ
َحتَى ْ
اغ َز َها باللَّْي ِل َم ْج ُنو َنا تَ َخا ُل ب ِ الشو َ ِ ِ
َ س ُر ٌحس ُ ق م ِّني ع ْر ِم ٌ واستَ ْح َم َـل َّ ْ ْ
س ُرحٍ َخ ْل ٍط َأفَ ِاني َنا في ِم ْ ٍ ِ
ش َية ُ صى ُق َم ًزا الح َ اج ِب َح ْي َدار َ تَْر ِمي الف َج َ
ف الب َنان الحصى ب ْي َن الم َخ ِ
اسي َنا ُ َ َ َ قَ ْد َ َ اء َخاِئفَ ٌة وهي َكالحر َد ِ
تَْر ِمي ِبه ْ َ َ ْ
ِ
َاعي َنا اكب ي ْدفَع َن الم َذ ِ ِ انت تُ َد ِّو ُم ْإرقَاالً فَتَ ْج َم ُع ُهَك ْ
إلَى َم َن َ َ ْ َ
شيِ تَلو ِي َنا س َّو ٍة ِم ْن ِخ َي ِ اط ُع َهاشوح ٍط ص ٍّم مقَ ِ َو َع ِات ٍ
الو ْ
ار َ َم ْك ُ ق َْ َ ُ َ
ود َغ ْير معتَ ٍ
ين َي ْج ِري َنا ُون ِح َ تَ ِر ُّن ِم ْن ُه مُتُ ٌ لث ُْ ضتُ َها ِب َع ُن ٍ َع َار ْ
المفَ ِّد ِي َنا ِ ال آ ُخ ُذهُ الس ْر َب َت َع ْن َكفِّ َي ِّ س ْر ُ
فَ ْرداً ُي َجُّر على َْأيدي ُ َح َ
ات َم ْك ُنو َنا اج َب َقف َع ٍ َك ََّأن ُه َو ُ ْت ِب ِه َج ْدالَ َن ُم ْبتَ ِه ًجا
ص َرف ُثَُّم ا ْن َ
ور م َد ِ ٍ
ش َْأبكاراً وال ُعو َنا الع ْي َ
َأس َ لم تَ ْب ِ ْ ام ُع َها ُّمى ُح ٍ َ ومَأتَم َكالد َ َ
ش ِفي َنا اء ِبإذْن ِ ِم ْن ُك ِّل َد ٍ صر ٍة ِ
صي َن ْت ُم َن َّع َمةً
اهلل َي ْ ش ٍّم ُم َخ َّ َُ
ض َن َها ِحي َنا الج ْون قَ ْد قََر ْ ِِ
ِباِإل ثمد َ أع ُي َن ِغ ْزالَ ٍن ِإ َذا ا ْكتَ َح ْ
لت أن ْ َك َّ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []170
الن ِ ِ
يت ِكرام َّوإ ن سقَ ِ ِ
سقينا اس فا ْ َ َ َ فح ّيينا
سلمى َ َّإنا ُم َح ّيوك يا َ
اد ِعي َنا َيوما سراةَ ِك ِ
رام الناس فَ ْ ً ُ كر َم ٍة ِ
َوإ ن َد َع ْوت ِإلى ُجلّى َو َم ُ
الم ِح ّبينا
يل َُب ِّي ْت بعافَ ِي ٍة لَ َ ب َّإن َك ذو م ٍّن وم ِ
غف َر ٍة َ ََ يا َر ِّ
الم ِك ّبينا
الساقطين َعلي اَأليدي ُ
َ رين الهوى ِمن ب ِ
عدما َرقدوا َ
ِ
الذاك َ َ
قال آمينا
بدا َ
وي َر َح ُم اهللُ َع َ
َ ب ال تَسلُ َب ّني ُحبَّها ََأب ًدا
يا َر ُّ
علي َخ ٍ
وف تُ َح ِّيينا قامت َّ
َ أال َح ِّي التي َ
الدمعُ ُيبكينا
فكاد َ
َ برةٌ ِمنها
فاضت َع َ
فَ َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []174
الز َب ْي ِر َوالَ ْأولَى ِب ِه ِدي َناابن ُّ َيا َ فاعلَ ْم ُه ْأولَى ِم ْن ُه ُم َر ِح ًمالس َت ْ َو ْ
ِم ْن ُه ْم َونُْؤ ِذي ِه ُم ِفي َنا َوتُْؤ ِذي َنا يم تَ ْم َن َعهم َع َّنا َوتَ ْم َن ُع َنا ِ
فَف َ
األرض تَ ْم ِكي َنا ِ ِفي ّ ِ
الدين عزا َوالَ في ْ ض ِهم أخ َزى ِبب ْغ ِ
ُ لَ ْن ُيْؤ ِتيَ اهللُ َم ْن ْ
الخيل غادينا رى َ أصبحوا ِمن قَ ِّ َو َ الح ِّي َمرهونا ؤاد َك ِع َ
ند َ أمسى فُ ُ
إذ َحلَّت ِب ِه َبْيَنا
ب ِل َلبين ْ يا َح َّ قادتهم ِن َّي ٌة ِللبين ِ
شاط َن ٌة َ َ ُُ
ظاعيناف جيرا ًنا م ِ ص ّباً ُي َكلَّ ُ طَر ٍب كان َقلب َك ِل ِ
آلالف ذا َ
َ َ قَد َ ُ
العين تَ ْزِيينَا
زادها في َ أو ُز ِّي َنتْ َ ض ِعلَّتَها الل تَرْ َ إن تَلقَها في ِ
اعت ٍ
البوَاسينا طقْ َن َ ِمن ُر ِ
صع تَ ٍيم ُي َن ٍّ يستْ إذا ُجِل َيتْ مالَت َك َميْ ِل ال َنقَّا لَ َ
بر َيخديناجاج ال ُغ ِ رض ِ
الف ِ س ُع َ ِ ِ
َوالعِْي ُ المتَِنا
أس من َم َ العواذ َل َي ٌ َينهى َ
الريح َمشحونا
ُ نب ِر ّياً َز َه ُ
ته أو َز َ هاج ُه فََزعٌ
عاما َ تَخالُ ُه َّن َن ً
لقون ِبَّزتَ ُهمْ إالَّ التَّبابينا
ُي َ وج ذو َح َد ٍب الم ُُّه َو َ صرارِي ُُيلقِي َ
عصعُ ِبالسََّهبا َق ً باز يص ِ أضًّر ِبها أن ِ
طا جونا ٍ ُ َ حاد َيها لَ ّما َ َك َّ
مير ال َق ِ
لب َمكنونا ض ِ َأبدى ال َهَوى ِمن َ س ٍري َي َ ين َعلى َحطّ َابتَ ْ لَ ّما َأتَ َ
لب تَحزينا الح ِ
مام فَ ِزدْ َن ال َق َ ريش َ القوم أطالالً ِبأس َن َم ٍة
ُ َّه
َ شب ََو َ
الصََبا حينا بالقَ ْط ِر حي ًنا َوتَ ُ
محوها ّ دج َن ٍة
ِّدها تَهطا ُل م ِ
ُ دار ُي َجد ُ
ٌ
لق في م ِ
تنها َوصْ ًما َوال لينا لَم َي َ قنات َي ِمضَْر ًارا َع َ
شوْ َز َن ًة القى ِ
َ
ير تَبغوناالخ َ
فأيَ َ وان ّ اله َإالَ َ زيد ُك ُم
ميما لن تُ َ إن تَ ً يا تَ ْي ُم َّ
ِ فك ُكم َن ِمٌر
لَم تَش ُكروا َن ِم ًرا ِإذْ َّ
اليمانينا َوا ِبنا ُق َر ْيعٍ م َن َ
الح ِّي َ
ومِئ ٍذ فيهم َوال فينا يم َي َ َوالتَ ُ س َبٍإٍيم في قُرى َ يم َوتَ ٌدعوك تَ ٌ
َ تَ
عرفوا أنقاء َوهِبينا يم :لَم تَ ِ يل ِالخ ِ
يا تَ ُ ضاح َي ٌة ميم َو َكُّر َ لوال تَ ٌ
ق ِللتّ ِيم س ٍب لو ِس َ ِ
أحسابا َوال دينا
ً لَم تَ ْل َ رت تَبغي ثَرى قَ ْومٍ َذ ِوي َح َ
ضًّرا ج ِ
سونا ِ ُم َعدَّرا ِب ِع ِ
ذار اللُّْؤم َم ْر ُ حافلُ ُه تَلقى أخا التَّ ِيم ُم ْخ َ َ
َأمِلي َنا
المتَ ِّ
ظ َر ُ
الء َم ْن َ
َخ ً ِبال ِع ْلٍم ِب ِه ِإالَ اْف ِْتياقًا
العالَ ِمي َناوع َط ْم َح ِتها ُج ُم َ ِب َ لَها ِم ْنها َكتاِئب لَ ْو َر َم ْينا
ط ِحي َنا ْع ٍة ِم ْن ُه ْم َ
َألو ِل َوق َ
َّ غاد َرتْ ُه ُم
ط ْو ًعا َ معا ِ
والج ِّن َ ً
ض ّيا ِاهلل مر ِ رسو ُل ِ قام ِفي َنا مان ِّ ِ
َأمي َنا َْ َ ُ الش ْرك َحتَّى َ َز َ
صرفْنا حدَّها ِل ِ
لكافر ِي َنا ق ِفي َنا
الح َّ لما َعَّز ِد ُ
ََ َ ين َ َف ّ
س ُك ُنو َنا
ث كا ُنوا َي ْ
س َك َنا َح ْي ُ
َ وك ا ْلّر ِ
وم َحتَّى َوقَتَّ ْلنا ُملُ َ
ش ِ ِ
ركي َنا الم ْ
ور ُ ير الفُ ُخ ِ َمواخ َ َّم َنا َكتاَئ ِبها فَ َج َ
لس ْت َوقَد ْ
س ِقينا وما ي ْغ ِن َ ِ
ين م ْن َك َوإ ْن ُ ََ ُ َّو ِاف َع ِم ْن َح ِف ٍ
ير سقَى اهللُ الد َ َ
ض قَ ْوٍم َ
آخ ِري َنا أروب َة َْأر َِ س ِقى َوَأ ْن َت ِب َب ْط ٍن قَ ٍو ستَ َْأتَ ْ
وحاجات َب ِقي َنا
ٍ فَ َم ْن ِل َغ ٍد ٍ
حاجات َألَ َّم ْت ض ْينا اْ َلي ْو َم
َق َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []182
ضي َنا وي ْبرُأ داُؤ ُه َّن إذا قُ ِ اء حاجات النُّفُ ِ
َََ ون َد ً
وس تَ ُك ُ ُ َو
َولَ ْوال َكّرُ ُه َّن لقد فُِني َنا ضي حاج ًة َوتُِل ُم ْ
ُأخ َرى فَ َن ْق ِ
َي ِمي ًنا ثَُّم ُأتْ ِب ُع َها َي ِمي َنا اهلل ثَُّم ِ
اهلل َحقّا َأما و ِ
َ
ِتالَ ًعا ما ُأِب ْح َن َوما ُر ِعينا َأم ْي َم ُة ِم ْن فَُؤ ِادي
لَقَ ْد َنَزلَ ْت َ
آخ ِري َنا
َّة َ وآثَر بالمود ِ الخِليلَ إذ َجفانا لك َّن َ وِ
َ ََ َ
ض ِني َنا
اد ِب ِه َ كان الفَُؤ ُ وإ ْن َ ت تَ َكُّر ًما َع ْن ُه ِب َن ْف ِسيص َد ْد ُ
َ
ستَ ِكي َنا ِ
َوالَ َي ْخفَى الَّذي ِبي ُم ْ اس َبثي ظ ُّن َوما ُأب ُّ
ث َّ
الن َ َأ َ
ص ِدي َنا ش َو ِ
اج ُر قَ ْد َ
لَتَع ِ
ص ِيني َ ْ س َع ْن لَ ْيلَى َوإ َني
ود ال َن ْف َ
أ ُذ ُ
ور وما َر ِوي َنا وي ْك ِث ْر َن ُّ
الص ُد َ ُ شِ
ار ًبا َو ُي َد ْد َن َع ْنها َيَر ْي َن َم َ
سب َبي ِع َ
ند ابن طولونا َيزكو ِبها َ يصاء وتَقَ ِد َمه
ً أنت ِإ
أموجهي َِ
َدي ًنا علي ِ
ناص ِر اِإل ِ
سالم َمضمونا أع ُّد ِب ِه وم ِط ٌ ِ
َ لق من َخراجي ما ُ َُ
طاء ِم َ
نك َممنونا َوال َو َجدنا َع ً ألفيت ذا َب ٍ
خل َ سِئ َ
لت فَما َو َكم ُ
الم ِح ّبينا
جاج َك في لَ ْوِم ُ فَما ُل ُ ب ُيغرينا الح ِّ ي ُ ِ
كاد عاذلُنا في ُ َ
الح ُي َع ّنينا جد ُن ِ
عانيه أو ٍ َو ٌ جد ِمن ظُ ٍلم فَ َد َ
يد ُننا ُنلحى علي الو ِ
َ َ
ور ُيواقينا فَال َمحال َة ِمن َز ٍ صراِئ ُمها ِ
رود َد َنت م ّنا َ
إذا َز ُ
يح ِّيينا
مياء إالَ أن َظ َ َخيا ُل َ اللوى فَأبى ِبتنا ُجنوحا َعلي ُك ِ
ثب َّ
يس َيقضينا ِ ليس ُيم ِهلُنا
ريم لَ َ
تَقاض ًيا َو َغ ُ رود تَبيعٌ َ َوفي َز َ
هدها فينا وما َع ُ ُم َي ً
فيها َوال ذ َّ غر ِمناهد ُم َ َم ِ
ناز ٌل لَم ُي َذ َّمم َع ُ
عدودةًـ َو َخلت فيها ليالينا
َم َ امنا ِح َججًا تَ َجَّر َمت ِع َ
ندهُ ّأي ُ
اللب َمحزوناتَيَّمن َق ًلبا ُم َع ّنى ِّ زع ِمن َ
إضٍم الج ِإن ال َغواني َغداةَ ِ َّ
عم ٍة لينا ِ ِ
زداد أعطافُها من ن َ تَ ُ َأكبادها َج َعلت
ظة ُ ست ِغل َ
إذا قَ َ
ليس ُيرضينا ِ يلومنا في الهوي من لَيس ي ِ
فيه َو ُيسخطُنا َمن َ عذ ُرنا َ َ َ َ َ ُ
واتاة ِخ ٍّل ال ُيواتينا
إلى م ِ
ُ منزلُنا ظ ِ
مياء ِ نت َهوي َ
ظ َن ُ
َوما َ
وهوما َو َمظنونا
ً عه ُد َم
كان ُي َ
َو َ لموسا َو ُمد ََّر ًكا نه َم ً ُيلفي ال َندى ِم ُ
األشقّ ِ
على ِ العافين ُيزِلفُ ُهم َأنع ِم ِه ٍ
اء فيها َوالقَرابينا َ َ باد ِب ُ
حتكاما ِ أخذنا ا ِ ِشئنا َ ِ
فيه ماشينا ً دون إذا المجتَ َ َني ٌل ُي َح َّك ُم فيه ُ
ِ
اَألفعال الهينا ساهين َعن َك َرِم
َ فجُؤ ُهم األحساب َي َِ لقين ِم َن
َو ُم ِم َ
زر ِم ُ
نه َيكفينا كان ُغ ٌ تَ ُكفُّنا َ عارفَ ٍة زر ِ داهم َن ُ إن لَم َي ُكن في َج ُ
وم َمغبونا َرآهُ فيها َبخي ُل القَ ِ مر َغ َب ٍة
مدا ِب ْ شرى َح ً غابن إن َ َو ٍ
الميامينا الس ِ َك ِ لع ِت ِه ظفٌَّر لَم َنَزل َنلقي ب َ
ير َ طَعد َوال ّ واك َب َّ طَ ُم َ
بع َد الصينا ِ ِ ريبا ِم َن
بالصين في ُبعدها ما استَ َ األعداء لو َوقعوا ُيمسي قَ ً
تَشمير ي َ ِ
أعداءهُ ُذالًّ َوتَوهينا
َ زيد
تَ ُ قظان ما انفَ َّكت َع َ
زيمتُ ُه َ َ
الجيش بن طولونا
َعلي ُجيوش أبي َ نزلةً صر ُم َ يوش ال َن ِ أيت ُج َ إ ّني َر ُ
مسين ألفًا أو َيزيدونا
الروع َخ َ
في َّ الثن َّي ٌة إذ َيثني ب َكَّر ِت ِه يوم ِ
َ َ
مرها حينا ضر ُم ذاكي َج ِ حي ًنا َو َي َ راجلُها شعل ٌة تَغلي م ِ
َ رب ُم َ الح ُ َو َ
وراجينا ٍ ِ ِ ِ س َر ِادقِِه
صنفَين من ُمضمري َخوف َ الورى َو ُه ُم غاشو ُ َيغدو َ
ِ
الغايات وانينا رين ِم َنوفَ ِات َ بين ِب ِه سب ٍ
ق َي ُ ين أخي َ الناس َب ََو ُ
أعقاب اَألثانينا فِم َن التَ َخلُّ ِ الثاءات ِ
واطَئ ًة ِ أيت الثَ
َ َكما َر ُ
إعزازا َوتَمكينا اد َك اهللُوز َ عمر ُها ِ ِ
ً َ َع َّم َر َك اهللُ لل َعلياء تَ ُ
اء َواللينا
العّز َ جاو َرت ِع َ
ند َك َ ُمذ َ الروم ِمن َه ٍّم ُي َح ِّي ُرها ُ ما انفَ َّك ِت
بع ُد إن كانوا قَريبينا يدا َوتَ ُ َك ً شت ِ
طاط ُه ُم ند ِا ِ تَدنو إذا َب ُعدوا ِع َ
أخبار ِ
صقّّينا ِ الناس ِمن أثر خت ِب ِه
ُ ما َي ُ س َ كت لَ ُهم َيوما َن َ َحتّى تََر َ
فخيما َوتَزيينا
َوليس تَألوهُ تَ ً آالك ُمجتَ ِه ًدا
ين فما َ س ُ
الح َ
َأما ُ
ّ
ق اِإل ِ
قبال َميمونا مبار ًكا ِ
صاد َ دبر ُهم تَرضى ِب ِه َ
ُ َ رضيك ُم ُ َ حين ال ُي
أمين ال َغ ِ
يب َمأمونا تَلقاهُ إالَ َ آم َفما شِ َأدي اَألما َنة في ِ
مال ال َ ّ
طا ِمنها َوال دوناسًفَما تَرى َو َ
بة العليا م ِ
حاس ُن ُه الرتَ ُ َ
ِ
تَسمو إلي ُ
ِ
أحاديث المحبينا استماع
َ إال صحوت عن كل شيء كان يعجبني
وإ ن دعا قلت باإلخالص أمينا إذا شكا بعضهم َو ْج ًدا بكيت له
ت َما قَ ْد َك َاب ُدوا ِح ْي َنا
الَقُ ْوا َو َك َاب ْد ُ َألني قَ ْد لَ ِق ْي ُ
ت َك َما اك إالَّ ِّ
َما َذ َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []188
س ِع ٌد َم ْن َك َ
ان َم ْح ُزو َنا َو َها َأَنا ُم ْ اع ُد ِني
لَ ِك َّن ِني لَم ي ُك ْن ِلي م ْن يس ِ
َ ََ ْ َ
طه وي ِ
اسينا ِ ِ ص ِ أغ َنتهم عن ِ
مدائح اهلل في َ َ
ُ المادحين لهم فات ُُ َ
ش ِانينا أنف ِ
شانيهم و َ يهم َ ِ
َم ْدح ُ
أمدحهم إال ِ
ألرغ َم في ُ فلست
ُ
ظمآن آمينا
َ سين به
الح ُوي ُثَ َ يحان علي َج َد ٍث
ور ٌ وح َ
أقام َر ٌ
َ
الس ِ
كاكينا شى َّ
الج ْمرِ أو تُح َ أحشاءنا من ِذ ِ
طوى علي َ
ُت َ أبدا
كره ً َ كأن
َّ
ضوا في ِ
قتله الدِّنيا وإ نما َنقَ ُ قضوا أوتار ِ
والده َ مهالً فما َن ُ
عنا وي ِ
رضينا اإلله به َّ ُ رضى ُ َي َ س َب ًبا
وج ْدنا ُحبَّكم َالنبي َ
ِّ آل
وال ُن ِ
نادي ُك ُم إال َموالينا ِ
بسادتنا فما ُن ِ
خاط ُبكم إالَ َ
القلب تَ ِ
مكينا واد ِ زيدها في س ِ َي ُ فخار في مود ِ
َّتكم وكم ل َنا من ٍ
َ َ
واهللُ يرميه عنا وهو يرمينا ف عداوتَه عدو لكم م ْخ ٍ ومن ِ
ُ
اب َمساعيكم َميادينا ِ ِ
أضحت رح ُ َ الجواد فقد ي إن ِ
أجر في ُح ِّبكم َج ْر َ
زيد مستَحس َن األشعار تَ ِ
حسينا ِ
َ َ َي ُ ُ وذكر ُك ُم
وكيف َيعدو ُك ُم شعري ُ َ
أنصف ِم ّني في ِ
المح ِّبي َنا َ عيناك ش ْدتُ ِك اهللَ في ظُ ْلمي فما َق ْ
تلت َنا َ
ِسوى َه ِ
واك وإ ْن َعدَّيتني د ِي َنا ت لهش َر ْع ُ
يم فؤادي هل َ ِ
سلي صم َ َ
فعندي ما تريدي َنابما أريد ِ إن لم أفْز ِ
منك يا من حبُّها تَلفِي ْ
و ِمن قساو ِة ما ِ
أوليتني لي َنا عينك مرحم ًة فاستوهبي لي ِمن ِ
األلحاظ ِع ِّني َنا
ِ فاتك
وجدتُه َ وإ ن لَ َح ْو ِك فقولي إ ّنه رجل
الخَّر َد ِ
العي َنا ودون ْكم فاطلبوه ْ ال تطلبوا بدمي ِمن ِ
قات ٍل قَ َو ًدا
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []190
جدت في ال َق ِ
لب َأحزانا َأفانينا َو ُ آل يسينا
إذا تَراخى َمديحي َ
صيينا
للو ّ ِ ِ ِ فض ِب َم ِ
ناء َ
تَغض َو َجدِّد ثَ ً ين َوال
الطاهر َ ديح بع ْ
ط َ
يا َ
سن و ِ
الء الطَّال ِب ِّيينا ير ُمجتَ ِم ًعا
إال ِب ُح ِ َ الخ ِ
روح َ ب َ ست َأطلُ ُ َفلَ ُ
الميامينا َِ م حب ِ مد ِ
الساد ـة ال ُغ ِّر َ َّة ََ ديت إلى
هلل لَ ّما َأن ُه ُ الح َُ
َأساءت َر َأيها فينا َ الخطوب
ُ ِإذا عتمدي َأهل ِ
البيت ُم َ ب ال َن ِبيِّ َو ِ َ ُح ُّ
ساس الهاشمينا اَألنام َو َ ساد
َ َأفض ُل َمنسول اهلل َ َأيا ا ِبن َعِم ر ِ
َ َ
دح َمولى َيرى تَفضيلَ ُكم دينا ِل َم ِ قين ِ
َأص ْخ الي ِرد َ درهَ ِ
الدين يا فَ َ ِ
يا م َ
قمع براهينا االمام ومنظور ِ َأنت ِ
يرد ما ُقلتُ ُه ُي َ اُألنام فَمن ََُ ُ َ
الروح ختّام ال َن ِبيينا
ِ فديت ِب
َ الفراش َوقَد َهل ِمث ُل فعلك في يوم ِ
َ
ِِ اإلسالم إن َعرفوا ِ س ِب َ
قك في ِ
اء تَكفينا َوهذه ال ُخصلَ ُة ال َغّر ُ َهل مث ُل َ
حت تَهديناَأصب َ ديت َكما َ َوقَد ُه َ َهل ِمث ُل ِعلمك أن زلّوا َوإ ن َو َهنوا
جديعا َوتَوهينا
الحرب تَ ً دارت رحى ََ راب َوقد الض ِ فك في َيوم ِّ َهل ِمث ُل س ِي َ
سيلَها حينا الوغى َوَأساَلت َ
فس ََن ُ شت َهل ِمث ُل ِف ِعلك في َبدر َوقَد َح َم َ
اَألضلِّينا ِـ الل َولَمالض ِ َأعالم َ عك ِص ِر َ ِ
هامات َ تفلق
تَنف ّك ُ َهل مث ُل َ
الش ِ
رك تَغ ِي ْي ًرا َوتَعيينا ب ِّ ِئ
َعصا ُ َهل ِمث ُل َيو ِمك في َأحد َوقد ُغ ِرفَت
وت تَعجيالً َوتَحيينا أس َك َمع َعمرٍو َوقَد َجب ُنوا َهل ِمث ُل ب ِ
الم َ
َوحا َذروا َ َ
نه ُقلَّ ٌة ِم ْن َرمي رامينا َّأ
َك ُ فر تَح ُذفُ ُهَهل ِمث ُل َق ِلع َك باب ال ُك ِ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []191
َأسوقُ ُه ما تَال ِت ُ
شرين تشرينا َأمل مقاال في م ِ
ناق ِب ِهم َ َوما ُّ َ
ان روحي تَهوى ِذ َ
لك الطينا فَ َّ ِ
مشاه َد ُهم س ِهل ِزياراتييا رب َ
شري َم َع ُهم آمين آمينا
َو َمح َ ص ّير َحياتي في َم َحب َِّتهم
ب َيا َر ّ
ت ُم ِعينا الس ِ
هاد َومضا ََأر ْد ُ ِب َي ِد ُّ ت فيها ُك َّل َو ْج ٍد ِ
هاج ِع َْأيقَ ْظ ُ
ون ُح ُزونا فَتَخالُها َب ْي َن ا ْل ُح ُز ِ كاب ا ْل َب ْي ِن فيها ِبا ْل َجوى َو َج َر ْت ِر ُ
يق ِه َّن َرهينا طِل ِت َب ْي َن َ َما ُك ْن ُ عاذالً ِم ْن َع ِاذ ٍر
ف ِ َأع ِر ُ
ت ْ لَ ْو ُك ْن ُ
َما لَ ْم َي ُك ْن ِب ِفنائها ُي ْغ ِنينا ط َّل ِم ْن َد ْم ِعي َعلَى َأ ْطالَِل ِها الَ ُ
وى َو َن ْع ِق ُد ِلينا
ولي َن ً ِفيها َن ُح ُّ الر ِب ِ
يبات التَّي َّام َّاها َألي ِ َو ً
ين َب ِقينا َّاما َب ِق َ
أن َأي ًَفلَ َو َّ ص ْب َوتي ِبُأفُوِلها ب َ
ِ
َأ َفلَ ْت َكواك ُ
صونا ِ ِ ِ س َّه ْل َن َو ْع َر ا ْل َو ْج ِد في طُُر ِ
َوب َذ ْل َن م ْن َو ْجد ا ْل َعزاء َم ُ ق ا ْل َهوى َ
نه ِم ِّني َعلَ َّي َيمينا ِبيم ِي ِ
َ
كأن ا ْلب ْي َن ِفيها ِ
آخ ٌذ د َم ٌن َّ َ
ِ
ون َخ ِفينا تُ ْقرا ِبَأف ِ
ْواه ا ْل ُجفُ ِ َ َأح ُرفًا َكتََب ْت ِبَأ ْقالَِم التَّفَج ِ
ُّع ْ
اك َخِلينا" "يا ر ْبع َخولَ َة ِم ْن َهو ِ
َ َ َ ْ ب َق ْلبي ُم ْن ِش ٌد :
فَ َك ََّأنني َو َحب ِي ُ
ت ِس ِنينا] ش ْوقي ِإ ْلي ِك لَ َما َرقَ ْد ُ [َ يت في ِس َن ِة ا ْل َكرىاهلل لَ ْو ُأْن ِس ُ
تَ ِ
ير َد ِفينا
َّم ِين ِم َن الض ِ َع َّما ُي ِب ُ الحشى]
ان َ س َن ِ ِ
الع َبرات َو ْ
ِ
[و ُم َو ِّجه َ َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []193
فيه َي ِقينا
الش ُّك ِ ظ ُّل َّ َن ْيالً َي َ ون َوَأثْ َم َر ْت قَ ْد َْأو َرقَ ْت ِم ْن ُه الظُّ ُن ُ
فَ َوقَ ْف َن َّم ِما َق ْد َوقَ ْف َن َو ِجينا اه ُب ُه ُمنى طُالَّ ِبها طلَب ْت مو ِ
َ َ ََ
ضِ
ار ُب ُه ا ْل َغ َداةَ ُجفُونا َْأبلَ ْت َم َ اه ِت َز َاز ُم َه َّن ٍد
َي ْهتَُّز ْلِل َج ْدوى ْ
زاء ِف َ
يك قَ ِرينا ت ْلِلجو ِ
َو َغ َد ْو ُ َ ْ الر ْو ِع الَّذي تُثْ َنى ِإلَ ْي ِه ِ
َأع َّن ُة ًّ
ان َه ِجينااْألم ِ ي َدعُ ا ْلجو َ ِ الحتُ ِ
وف َولَ ْم ي ُك ْن يوف ِم َن ْ
الس َ
ط َب ُّ
َخ َ
اد م َن َ ََ َ
ض ِنينا
قاء َ ور ِه َّن علَى ا ْلب ِ
َ َ ِب ُم ُه ِ ط ْع ِن ِه
اف ا ْلقَنا ِم ْن َ اك َأ ْط َر ُ َو َك َذ َ
صوناور ُغ ُ الص ُخ ِق ُّ َألورا ِتََر َك ْت ْ شو َن ًة س ِام ُخ ُ والح َ
س ًنا ُ س ُح ْ كالش ْم ِ
َّ
اَألرا َك ِة ِلينا وا ْل ُم ْز ِن ُج ً ص َّح َة َم ِال ِه
ْل ِ س ِقما ِبا ْل َبذ ِ
يا ُم ْ ً
ودا َو َ
هاد َم ُه ِبما َي ْب ِنينا
ِفينا و ِ
َ الوغى ِل َب ِنىا ْل ِع َدا اجي َ َأسر ْج َت في َد ِ
َْ
ط ِعينا س ُر ًجا ِب َكفِّ َك في ُّ الن َز ِال ِب َم ْن ِز ٍل
ف ِّ شر ِ ِ
ور َ الن ُح ِ ُ [و َعلَ ْو َت م ْن َ َ َ
َج َع َل الثَُّريَّا في ثََراهُ َك ِمينا راك ا ْل َوغى ش ِ ْأس َك تَ ْح َت َأ ْ ات َب ُال َب َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []194
الح ِاد ِ
ثات َح ِزينا] ََأب ًدا ِل ُح ْز ِن ْ ق ا ْل ِغنىَْأي َن ْع َت ِلي في َن ْب َع ِتي َوَر َ
ين ظُ ُنوناَودفَ ْع َت َع ِّني ِبا ْل َي ِق ِ ور َعزاِئمي ظ ُه ََولَقَ ْد َرقَ ْت ِه َم ِمي ُ
ْخ ْر ِب ََّأن َك ُم ْذ ُكس ِي َت ُك ِسيناِاف َ ات تَقُو ُل ِلي : س ْوتَِني َوا ْل َم ْك ُر َم ُـ
َو َك َ
ف ِشْئ َت َو ِشينا كار َم َك ْي َف ا ْل َم ِ
صُ تَ ِ راز َّ
كأنها سافَ ِر ِة الطِّ ِ م ْن ُك ِّل َ
ِ
يونا ٍ لَو ُك َّن في َفلَ ٍك لَ ُك َّن َك ِ
َْأو ُك َّن في َو ْجه لَ ُك َّن ُع ُ واك ًبا ْ
ِفينا فَما َي ْطلُ ْب َن َغ ْي َر َك ِفينا اآلما ُل َع ْن َك تَفََّر َع ْت َّ
َوكَأنما َ
ِ ِ وس ِق َ ِ سِل ْم َت ِم َن َّ
سقينايت م ْن َماء ا ْل َحياة ُ َ ُ الردى اسلَ ْم َفِإ َّن َك َما ََف ْ
وسكم ما َرضينا
وقالت ُنفُ ُ و ُقلتُم َرضينا بما ُقلتَ ُه
ط ِي ِّب ِينا
وأثبت أمرا من ال َ
َ كان أولَى ِبها
فأيكم َ
ُ
كان في ُكم َأمينا
ومن َ كان َبعد َّ
الن ِب ِّي
صيا ََو ّ وأيكم َ
لمهج ِته طالبونا
َ وأنتُم رش ِه
وأيكم نام في فَ ِ
َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []197
بذاك لَه ِ
شاه ُدونا وأنتُم َ هر في طاِئ ٍر ُّ
شار َك الط َ
ومن َ
َ
فضلُّوا َ
ضالال ُم ِبينا ُمبينا َ شد ُكم
لَحا اهللُ قَوما َرأوا ُر َ
ِ
والنجوم كوانينا الج ِّو ِكناً
سوى َ
ليل كانو َنين لَم يد ِ
َّخ ْر لَ ُه ْ َ سرى َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []198
صوت ِ
داعينا َ يد َو َما ْأدنى لَ ُهِب ِع ٌ صار ِخ الوغى قريب َو َما أدناهُ من ِ ٌ
أحداقنا ِ
ومآقينا ِ َأناس َّي ِم ْن
ِ دم َك ُغَّرةُ َو ْج ِه ِه
تع ْ
شئت لَ ْم ْ
وإ ن َ
ومجراهُ في األنفاس ب ْي َن ِ
تراقينا ِ
صدور َنا ط
األرواح وس َ
ِ ومثواهُ ِفي
َ
ُي ِّ ِ حاج ُبها الَِّذي
الشمس ِ
وي ْخلُفُها فينا يها َ
شي ُعـنا ف َ ونعم كفي ُل َّ ْ
سلِّينا ِ ِ يطالعنا ِفي ِ
ويسمو لَ َنا في ش ْب ِه َها فَ ُي َ فيع ُّمنا
نورها ُ
النفوس تُ َم ِّنينا
ُ سحاب نداهُ ما
ُ صدقَ ْت َّق فينا ظ ّنهَا َّ
وصد َ
قبل َأيدينا ِ
أفواهنا َ تساقطُ ِفي َوقَ ْد أثْ َم َر ْت فينا يداهُ بأ ْن ُعٍم
وجمعُ المصلَّى وابتها ُل المصلِّينا والفطر َه ْد َي ُه
ُ الصوم
ُ
َّ
وذك َر منه
الم َح ِّيينا السالم ْ ِ ِ ير ِه
وس ِر ِ و ِم ْقع ُدهُ ِفي ِ ِ
وازد َحام ُ ليوم َّ تاجه َ َ
ِ
بالملك التَّليد تُ َحيَّو َنا تُ َحي ًّْو َن فملِّيتُ ُموها آل َي ْحيي تَ ِح َّي ًة
ُ
الم ِجبيونا ُّ الم َجلُّو َنا وتُرجو َن َّ ِ
فنعم ُ وتُ ْد َع ْو َن للنعمي َ للجلى فن ْع َم ُ ُ ْ َْ
َأسونا ِئ ِ ِ
وتَ ْج َر ُح أيدي النا بات فَتَ ُ البالد فتُْئْوونا آفاق
شِّر ُد ُ تُ َ
الحياة فتُْروونا ِ ون من َكأس وتسقُ َ شفَ ْوناريب الزمان فتَ ْ اوون من ِ تُ َد َ
ِ
اإلسالم َه ْيْ ُنون لَ ْي ُنونا ولك ْن َعلى ِ عظام ُع َد ِات ُك ْمِ المحز ِفي
ِّ ُحفاةُ
الق ُك ُم ساداتنا وموالينا بَأخ ِ ْ كين لك ْنتُ ُم فلو لم تَلُونا ِ
مال َ ْ ْ
عنا َك َما ِشينا لكنتُ ْم ل َنا ِفي َّ
الص ْف ِح َّ ف شئتُ ُم ؟ حمدكم َك ْي َ ِ ولو لَ ْم ن ُك ْن ِفي
اعينااهلل أعلى مس ِ وطاعتكم ِفي ِ اهلل أزكي فعالنا وح ُّب ُكم ِفي ِ
َ َ ُ ُ
األعي َن والقُرونا
ُ َمن عيَّف ضبها
وع ْ
ورها ُ
ال يتوقَى ُع َ
ٍ
بحاجر يقينا َّ
وظنها فأبصرت حقًا ُمناها في الحمى
ْ
المعينا
وتنه ُل َ
تبل َغه َ الخصيب قبل أن
َ ترعى
وأصبحت َ
ْ
علي الظَّما أن ِ
ترد اَألجونا رءوسها
َ ً
رافعة عازف ًة
تأكل من رزق ٍ
غد سمينا َ نرجو بترك رز ِقها ِ
الناحل أن
والعهونا ِ
األرسان ُ
َ الر َبى
على ُّ مراحها موائرًا تخلع من
صها ُجنونا ط ِحر ِ بسو ِقها
ب فر َ ْ تحس ُ
َ ش َناقَها ُ
خابط ًة أ ْ
َّة ِ
اآلل بها سفينا في لُج ِ عت
شَّر ْالرياح َ
ِ خرقاء كأن
َّ
َ
وخا َن ِني َم ْن لَ ْم يقل آمينا
َ وبلَّ ْ
غت فبلغت أدعو لها َ
ْ
أطيب ما ُغ ّنينا ِذ ْكر ِ
الح َمى وأنت إن كنتَ رفيقا ِ
فأع ْد َ
َ َ
طرب الحزينا ِ أع ْد فمن ِ
ِ
وذكرهم أن تُ َ آية س ّكان الحمى
باعها العيونا
بدَّدها اتَ ُ جم َع اهللُ قلوبا باللّوى
يا َ
فك ٍ
فاد عندهم رهينا ال َّ ف أقسموا ري ِ حياً ُّ
بالش ْ وسَّر َّ
منه ُم آمينا
مودعُ قلبي ُ
َ أم ُنتهم على الهوى فلم يكن
ت فيها للجفاء اللينا
وه ْب ُ
َ حبذا ِل ِّ
حي ِهم باد ِي ٌة يا ّ
وَأصال َدخينا َه ِ
اجرةً ُ طلِى
صََأن أ ْ بعد ِّ
الظل في ْ ب َ
وح َّ
َ
ظننت رام ًة دارينا
ُ حتى تربها ِر َياطُهم
مست َ
واألرض ّ
ُ
ف الغصونا
اله َي َ
يطارحون َ صباحها
َ شواجلُوا دجاها وم َ
أن أستميح اللَّ ْح َز الضنينا قو ُدو ِني و ِبَر ِ
ْأس َي َن ْخ َوةٌ هم َّ
َ
بالصد ال عدِّي له الخمسينا
ِّ الشيب في َمفَارقيَ وهم أذالوا
نه ُم ُمعينا ِ
أصاب م ُ
َ إال علي باألذى
الدهر َّ
ُ أجلب
َ ما
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []200
طعُ القرينا
أفتُ ُل َو ْه َو َي ْق َ اك ٍث
كل َن ِ
َأع َي ْت َيدي حبا ُل ِّ
ْ
زرعيًّا َعِل ْ
قت َمتينا ُم ّ الناس أو أعلقتُها
َ سبرت
ُ ولو
علي ُدونا
كل ٍّ رق يري َّ ِخ ٌ علي دونها
ن ٍّلقام مِ ْ
إذاً َ
زاده َم ْمنونا
يبيت ُ
أو أن َ جارهُ
ضيم َ
يأكل ٌ
غضبان أن َ
ُ
األلوف والمئينا
َ فحمل
َ المجد قام ناهضا
ُ إذا دعاه
ِ
أتعبت الساعينا ٍ
لغاية واشجة من ِعر ِقه
ٍ جرى على
من قبل أن يبلُ َغه ِسنينا وعالً
الكمال َنفسا ُ َ وبلغ
خد ِ
البدر والجبينا لوث َّ
تَ ُ ثم ُه ِ
مبار ٌك ع ّمتُه ولَ َُ
ويدا لَبونا
وجها ُمميها ً تحسب من حيائه ِ
ورفده
ً ُ
طيرها الميمونا السعود حيثما ِ
تزج ُر منها َ
ُ لقيتَه َ تلقي
الوكونا ِ ِ أوفى على م ٍ
النسور تطلُب ُ َمرقي عزمه رقبة من َ
صٍم طعينا تَ ْغ ِدر ك ّل َخ ِ وهب من ِلسانه بصع ٍ
دة ّ
َْ
إلي العال طريقَها المسنونا الحاجة ع ّني راكبا ِ َمنْ حام ُل
علي دُُن ِّو الدار هذا البينا طعُ ما بيني وبين َأر ِبي يق َ
يس قد َو ِنينا ج ْل َد الم َ ِ السرى نهاره ِ
طا والع ُ َ َ بليله َ يطوي َّ
الحازم المأمونا
ُ كان عليها وصي ًة
ّ ُحّراً إذا استودعتُ ُه
السامع األذينا سمعُ منه تُ ِ قل للعميد ُمبلغا وإ نما
ْ
َ
زاع والحني َنامن قل ِب َي ال ّن َ جهدهُ
الشوق إليك َ
ُ قد أخذ
فن بي ِعزينا صفات طُ َ
ٌ منك تبتاعني
َ قبل أن
ومل َكتْني َ
َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []201
أعطر ما يأتينا
َ أنفاسنا
ُ األنباء عنك فنشت
ُ وجاءت
األرض له قرينا
ُ تلد
ال ُ خبر أنك َمن
في ك ّل يوم ٌ
ٍ
شعف مكي َنا مكان
منك َ وأن للفضل ومن َم َّ
ت به َّ
صدقونا
الرواةَ عنك َي ُ
أن ُّّ آثارها شاهدةٌـ
محاسن ُ
ٌ
أهِلها مجنونا ُّ
وحظ ْ أعمى
َ المجد بها
ُ ونحن في ٍ
دار ُيرى
فيها وإ ما ِ
فاضالً مسكينا بشره
إما لئيما يرتقي ً
أحسن ما ي ِ
حس ُن أن يخونا غير ذي صنائع
ُ ُ صديق ُ
َ وال
س ِّمينا نز ِ
وات ك ِبدي
إلى ُعالك كلما ُ تسل عن َ
فال ْ
ش ْزرا وال مشفونا
إليك ال َ ماح مقلتي ٍ
لنظر وعن ِط ِ
الدهر بها الديونا
ُ ما طلني ضي ِم ْن قُربكم لُبا َن ًة
َفأقَتْ ِ
حن إليها حينا
مودةً َّ فهل لذا الخاطب أن تُ ِ
نك َحه
أولدها بمدحك البنينا
َ الصون فَِإ ْن َْأولَدها
َ ُيم ِه ُرها
أخا َخدينا
ما عاش في الدهر ً وغدا
اليوم صديقا ً
َ عجبك
ُي ُ
واأليام قد فنينا َيبقَ ْين مع ٍ
ارض وجاليا وصفَك في َ
ُ
ِ
تشري رخيصا ُب ْر َدها الثمينا شى َحو ُكها َّ
موشع ك ّل ُمو ّ ً
الخاسر المغبونا
َ كان سواك دت بالشباب في ثوابها
لو ُج َ
جاءتك تسترفد آخرينا يت ُع ُنقًا عن مثلها
وإ ن َلو َ
كنت بحاجات الندى ضمينا
َ نصرها ح ًقا بما
كان عليك ُ
وراء قوم ِ
غير عاطفينا َ تركتُها ساعي ًة بنفسها
قوم ُه ُم الماضينا
بحدِّها َ فضلوا
شت لهم منها سهاما َ
ِر ُ
ونبذوا حقوقَها ناسينا عرض الفال بذكرهم
َ فمألت
ْ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []202
عالينا
الحي تَ ْ
ـرة ِّ
َ الج نفـ
الي َن ُن َع ْ
تَ َع ْ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []203
عينا
ونودع نظرةً ْ
ْ َأدناه شكوى
نزود ُ
ِّ
البينا
نعطف ْ
ُ عسانا ونبكي من ِ
يد البين
تباكينا
لجاجا ما ْ َ فما زاد النوى إال
تباكينا
يس ْ ِ ِ
أم الع ُ قبان بهم طرن
أع ٌ
ط َّو ْينا
ـوجي حتى ت َ البعد يكتمن الـ
طوين َ
األينا
ُـم يا سائقها ْ إلي أين أما تألـ
بينا
بين ما ْ
طا َوس ً
ء ْ ست بالجرعا
عر َ
إذا َّ
وغير الرمل حي َّْينا َ فحَّيا اهللُ َيبر ِي َن
ِـد َّرد اهللُ لُب َّْينا س ِعـ
والم ْ
وما لي وأخي ُ
ـل من يمطُلُنا الد َّْينا وقفنا نقتضي الناِئـ
قلب ْينا
استقدح َ
َ إذا ِ
الصدر بارد
ونشكو َ
ش ْينا
ُر في دين ُك ُم َ ب أليس الغد
أيا ُع ْر ُ
بنفسينا
ْ من الفُرس تستقيدون
َ أحقًا
قبيلينا
دم بين ْ
ٌ سىكم الثأر أما ُي ْن َ
الحينا
القد ُر ْ
فساق َ حذرناها ولمياء ِ
ُ
إزارينا
ْ ُـم َني تحت يد الليل الـضم ْت ُ
فكم َّ
يسع ْينا ِ
بناهن َ
حس ّ الصْب ُح
در ُّ
إذا ما َب َ
عينا
علي شمس الضحى ْ الش ِ
هب أعين ُّ
َجعلنا َ
ـهوى يوسعني َم ْينا أال هلل صدقي والـ
تصافينا
ْ قلت
إذا ُ ش ٍ
وب وصبري وأخي َ
يتعاوينا
ْ ذئابا أولِّي َهجم ًة ُّ
السود
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []204
يرع ْينا
عيونا ليس َ وأرعى ساهرا منهم
َ
قينا
وغى ْ يِ
سيف ً ُ ص ْب ُ صح وفاء لم
ولو َّ
إذا ُع َّد ٌأخ ْ
زينا ابن أيُّوب ِ
وهلل ُ
تلو ْينا ِـر حي ٍ
َّات َّ نائبات الدهـ
ُ ودبَّت
توالينا
أعوام ْ ٌ ِب َّت بضروس الجد
وعض ْ
ـب ِمثال َّ
فتعن ْينا َ طلبنا ألبي طالـ
فما واهلل ثََّن ْينا العد
ووحَّدناه في ّ
تنافينا
ـسجايا أو ْ كريم ما تََوافقنا الـ
ق اللَّ ْينا
به وال ُخلُ َ الصعب
َ الجانب
َ رأيت
ُ
ب َم َّن ْيناالس ْح ُ
إذا ما ُّ ِ
المناجيز من القوم
فأجريناْ ِ
المجد َي ًه رأت أنفسهم ِ
قاصـ ُ
يتواص ْينا
َ ـمعالي نفوس بالـ
ٌ فلله
أصم ْينا
األحداث َ
ُ إذا ِ
الدهر تخطَّتك ُ
يد
َـر تبقي لي ويفَ ْنينا وطاولت الليالي العمـ
َ
َّينا
ضح ْوي َ ِ
ن عيدا ُ طراألعياد ما ُيف َ مدي
َّ
ماتمن ْينا ـحسان
ُ األماني الـ
َّ تَري فيك
إقبال ِه في َنا
أنفد من ِكيد ُ ال َ صبره ُم
ُ قالت عداتُُك لما ِع ْي َل
ْ
ِ
بالخيل تَغزو َنا وبالسع ِ
ادة ال بيمن َج ِّد َك ال بالجيش تهزمنا
َّ َ ُ
ِ
اَألرحام مأمو َنا دما علي ُ ِ بمضيع ٍة
وكنت ق ً َ أرحاما
ً أصبحت أرحم
ُ
ويرمي َنا ِ
أخا بفارس َنرميه َ ً مالما أو ُمعاتب ًة
بلغت ً
بل ْغ َ
ِّ
ب بالقُربى أداني َناوال ُنقَ َّر ُ ما بالُنا َّ
بالندى تُدني أباعدنا
فينا العداةُ مسا ًغا حين تَبغي َنا وجدت
ْ ولو تَ ِ
رافدت اَأليدي لما
وال ُنواخدَّ بالتقريض َح ِاني َنا وقيل لنا
َهلُ َّم ننسى الذي قلنا َ
الح ِّد منها في أعاد ِي َنا صم العوالي عن ِ ُّ
ونجع ُل َ مقاتلنا نكف َّ َ
ِ
بفعل أولنا كنا ميامي َنا آخرنا قتاس ُ أن ُي َ غير ْ لو لم يكن َ
قاضت نواعي َنا ْ الردىَي َو ُّد لو ِب َّ مسرورا بفُرقَ ِت َنا
ً ِ
بالغيب عنك
ع َ َد ْ
البيع إالَّ َ
كان َم ْغ ُبو َنا صفقة ِ َو َ وع إالَّ َ
كان ُم ْعتَزالً الر َش َه ِد َّ
لم َي ْ
وال ترى أحدا بالرمح مطعو َنا أبدا
رامحا ً ماك تراه الس ِ
مثل ِّ َ
ً
غير أيدي َنا ٍ أبيت فإنا من قواِئمها
في هضبة لم تَلها ُ وإ ن َ
صر مضمو َنا ِ
الكريهة كان َّ
الن ُ يوم
َ بيض الدار عين لها ض ُ تعر َ
إذا َّ
العدى في َنا دون ِ
غم ُدها َ نكاد ُن ِ
ُ فأنا من َم َحب َِّت َها ِ
السيوف َّ َو ْي َب
وخوفُها في ِ
قلوب الناس يكفي َنا حوائجناُ وما لها ال تواريها
العيو ِ
ق مقرو َنا س َهيال إلى َ
فَقُ ُْد ُ قسرا في ِخزامتنا كنت تطمعُ ً إن َ ْ
لياء َم ْج ُنو َنا
الع َب َ
لكان َم ْن يطلُ ُ
َ ص ٌة
العجز منقَ َ َ وأن
باء َّ
لوال اإل ُ
فالموت القي َنا
ُ نحن لم نلقهإ ْن ُ الموت ريثًا أو معالجة ِ سيروا إلي
وراعيا
َ َو َملَّ ِت َ
الخ ْي ُل طاهينا حالت مسالك ُبصرى عن َم َعارفها
ْ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []206
وجى وأينا ؟
فكيف شكا إليك ً م ِطيَّتُه طوال ِ
الليل جفني َ
وأص َبحنا َّ
كأنا ما التقينا ْ فأمسينا كأ ّنا ما افتََرقنا
تَّبلَّ َج في َّ
الظالم لما اهتدينا ي ش ِ
مو ًّ أزهر َّ
نور َولوال ُ
جرينا ُرهون ِس َّ
باقهن إذا َ عميد الدولة المعطى القوافي
بين بينا
المقصر َ
ِّ إذا نزل فتى بينى على ال ُغلَواء بيتا
ً
الهوي َنى
ترع ْى بأكناف َ
وال َ يقول إلبله ُموتى هزاال
تهلَّل عسجدا وهمى لُجينا َّت
سح ْ ِ
حب باألمواه َ
الس ُ
إذا ما ُّ
الد ِارعونا
الم ْع َر َك ّ
ش َه ُد َ
كما َي ْ العيونا
المحاسن إالّ ُ
َ ستَْر َن
َ
اليوم ماذا لقينا فال تَ ِ
سأل سل ْل َن سيوفا والقَ ْي َننا
َ
َ
الجفونا
سرنا ُ ِ ُ ِ
بح ْكم الغرام َك ْ الرضافون ولوال ِّالج َ
سر َن ُ َك ْ
ِن ُحورا مع القَ ْتل ِعيناُيعا ِي َ بَأن
رورا ْ س ً
وحسب َّ ِ
الشهيد ُ َ ُْ
س ُن حربا َزبونا
الح ْ
ب لنا ُ
ش ُّ
َي ُ رضهوى ُم ْع ٌ
ً أفي ُك ِّل َي ٍ
وم
ُأالقي ِ
َأعينا أعينا على ما ِ ِ
الخليط ني َب ْع َد ِز ِ
يال أع ْي َّ
َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []211
العيونا
اس َمدُّوا إليه ُ إذا ال ّن ُ وال َع ْي َب فيه سوى أنه
ذارا على َخ ّده ال ّناظرونا ِ ِ
خياالت أهدا ِبها
ع ً َيظُ ُن
ور للعاشقيناالص ِكن ْفختَي ُّ ميت وتُ ْح ِيي الفَتى َن ْظ َرتاهُ تُ ُ
َّل حتّى َيبينافَيفتُقُه الد ُّ الشقي ِ
ق أقاح َي ُه في َّ ي ُك ُّم ِ
َ
ـه لم َنر م ْن َخطَّ في ِ
الميم سينا ُ َ َ وقبل ثَناياهُ والثّ ْغ ِر ِم ْنـ
َح َكتْها بالب ُل تُأوي ال ُغصونا ِل َق ْلبي َبالب ُل تْأوي القُ َ
دود
الوكونا ِ
القلوب ُ طثيور
ُ َـن م ّنا صون قَ ِد اتَّخ َذ ْت فَ ْوقَ ُه ْنـ
ُغ ٌ
الحنينا
س ُه َّن َ َمطايا ُن ِ
دار ُ س َرح ْلنا لها وحاجة َن ْف ٍ
َ
وع ْفنا لها َ ِ ِ ِ ِ ِ
ش ِرقَات ُ
البرينا الب َرى
أل ْفنا لها َقلقات ُ
الوضينا ٍ وكل ٍ
أناة تُجي ُل ِ ُّ
لكل وآة تُجي ُل َ شاح
الو َ
من الغادرينا
ُأرجي َ
وماذا ّ راح رت المالح وج ْز ُ ِ
ت الم َ َ ُ َه ْج ُ
فمن أين ُي ِ
ورثُه للبنينا الوفاء الدهر قَطُّ
َ وما ملك ّ ُ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []212
ضنيناوأه َوى َ
وادا ْ ِ
ُأوالي َج ً نت ِق ْد ًما ُم َّعنى الفؤاد
وقد ُك ُ
وأقصر عن عذْلي ِ
العاذلونا َ صت َن ِج َّي ُ
العال فلما خلَ ُّ
َّ
فعز ْت فقال لي القائلونا للسحاب
حة َّ فت على مس ٍ حلَ ُ
َ ْ
اليمينا
تلك َ
فأبر ْر َت َ
سم ْو َت َ
َ ِ
الوزير مين
ثم َت َي َإذا ما لَ ْ
الد ِ ِ شر ِ
ِ
العيس َح ْرفًا أمونا من
ت ََأثر ُ
ْ ين ت ْر ِب ُ
العال ف ّ إلى َ َ
بده ٍر سواهُ ل ُك ْن ُ
ت ال َغبينا ْ عت ساع َة لُقيانهولو ِب ُ
ولكن صناُئعه ال ُغُّر فينا
ْ مدائحنا ال ُغُّر فيه
ُ كريم
ٌ
صفوناوخيال ُ َم ِطيًّا ُم ً
ناخا َ فاة بأبوابه تَرى للع ِ
ُ
ِ م ُ َّ
شاء عليه ُمعينا ُيع ُّد ِر ً فتى
عين الندى ما تَرى من ً َ
رده ُأ ْفقَ ُه والعرينا
تََرى ُب َ سه
وشمس غدا ُب ْر َج ُه َن ْف ُ
ٌ
ِبجو ٍن فَتُمطُر ِ
لآلملينا غيم إذا شاء أقالُمه
ْ ُ َْ تَ ُ
للخ ْل ِ
ق ُجونا الس ْح َب َ
عث ُّ
إذا َب َ أن قد حكاهُ البحر ْ
ُ َفيعتقد
سجونا ٍ
لقلوب ُ دور به
ص ٌ ُ العال
صدر ُ وهو َغد ْت ُم ْذ غدا ْ َ
الم ْلك ِحتّى تَصونا َ ِ
ُأذيل م َن ُ كلوء اللّيالي ِلما َ أال يا
بالعال َي ْقتَدوينا
بع َن ال َكرى ُ َي ْ الز ْه ُر ِفي ََّأن ُه َّن
األنجم ُّ
ُ بك
َ
س حتّى ح َكى منه نونا ومن َ ِ
قو َتَ َّ الهالل
َ أن
اسمك َّ ش َرف ْ
الضمينا
ضاء ّ َن بال ّ ِ منك َّ
شيء كان القَ ُ الزما ْأي َ
الر َ طالب َّ
َ إذا
المنونا ِ ِ
بالحصون َ الخوف أو من ُّروع
إذا ما الملو ُك اتّقَوا بالد َ
الحصونا ِ الس ِ
غير الجياد ُ ض َ ولم تَْر َ ُّروع
يوف الد ِ غير ُّض َ فلم تَْر َ
بالو َد َغ ْيثًا َهتونا أن مغيث ِ لَ ْي ِه َ
غدا لك ُ األنام نك ّ ُ
المكينا غيث أبو ِه ِ
وقبل الم ِ
المكان َ
َ ْأت منه
بو َتَ ّ ياث
الغ ُ َ ُ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []213
ورْأيا َمتينا
صحا ُمبي ًنا َ ن ُن ً الزما
ُأخرى ّ
ثه منك ْ
ور ُ
فَ ِّ
ِ
الكاشحينا ِت واحدةٌ تُ ِ
رغ ُم وأو ُل ِ
آثار َك الباهرا ّ
صفاء بقينا
ً ظ ٍن
إعادةُ َ والم ْل ِك منك ِ
َمنا ُل الخالفة ُ
أصلَ ْح َت تلك ُّ
الشئونا بّأنك ْ ِ
الحسود شأن ِ
وباألمس أق َْر ْح َت َ
أن يكونا
ف ْوكان الَّذي لم تَ َخ ْ داء العراق
أعضل َُ حين
على َ
فعادت ُأجونا ش ْر َت
أن أ َ
إلى ْ ِ
الحديد
ْ فسالَ ْت مياهُ أتَ ْوها َ
أباد القُرونا
ولوالك كان َ رون
أشاب القُ َ
َ وقد كان خ ْط ًبا
قوم فُتونا وبين اإلمام ومولَى ِ
الم ْل َك ٌ
َأن فَتَن ُ
ْ األنام َْ
ي خصاما ُمبينا الس ِ
امر ُّ بين َن ِب ِي ْي ُهدى ِ
ج َنى ّ فم ْن قب ُل َ
المْؤ منونا
عتقد ُ
كذلك َي ُ
َ العذ ُْر فيما َأتى ٌّ
وكل له ُ
كانت قُيونا
وارم ْ
الص َ
كأن ّ
ّ تي ِن
صدَأ الدَّولَ ْ
لت َ
حروب َج ْ
ٌ
العلَى ُمعينا
طلبت في ُ
ُ وال البينا
ت ّ ط ْع ُ
لوال َهوا ُك ْم ما قَ َ
والسمينا
ّ ث
ت ال َغ ّ
وال َه َج ْر ُ ط ٍ
ش مع ال من َع َ
الد َ
وال شربت ّ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []215
رق تَغنينا
اندفَ َعت ُو ٌ
ما َ األجفان َدمعي َمتى
ُ وتُ ِ
سل ُم َ
ظعن غادينا سِ
ير ال َ َغداةَ َ ٍ
حاجر حابي َعلى
صْي َ
يا ُأل َ
البين َيمشينا
ـفاني َغداةَ َ وق أجـ َك ََّأنما ُ
عيس ُهم فَ َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []218
هاروت َمسجونا
ُ لحظ ِه
في ِ باللّوى ِ
شاد ًنا ناش ٌد لي َِهل ِ
الحزن أفانينا ح ُ ِ الحسن فُنو ًنا ِبها َ ِ
زت م َن ُ ُ حاز م َن ُ
الج ّب ُار ِمسكينا
أمسى بها َ
ض ِ
عفها أجفانُُه المرضى على َ
ص َم الدينا ِ سن ِه َ يا ص َنما ِمن ح ِ
ـن فيه َع َ كاد ذو الديـ ُ َ ً
السراحينا ِ نه ِ غى تَنفُُر ِم ُ
سن َ أحس َ َكالشاء َ العدى ليث َو ً ُ
القرن َو َموضونا ـظوما ِمن ِ كان َمنـبسي ِف ِه َينثُُر ما َ
ً َ
ِ
التامور َمسنونا ٍر ِم َن جالء تَرمي ِتتَّيا الطاع ُن ال ّن ِ
ِ
مح َم ْط ُعونابالر ِ
َها ُّ َوَرا َء َ نت ِه ِ
ثان ًيا طع ِ ِ
َينظُُر من َ َ
طلَّ َع ِة َميمونا
بار َك ال َ
ُم َ حاالت ِه
ِ لَ ّما َغدا َعلى ُك ِّل
ِ ِ
ير هارونا ؟ َو َهل لموسى َغ ُ وب ِبه َ
أزرهُ ش َّد ُ
ابن ّأي َ َ
أمون مأمونا الم ُ ندها َ ما ِع َ يرةًسَ
ِِ
فسار في َدولته َ َ
أس َوقوانينا أثبتِ ٍّ َ عال َعلى ِب ِه منار السِّْلِم ٍ
َ ُ
فر ُأي ُه لم َي ُك َمَأفُو َنا
َ أه ِل النُّهى
آراء ْ
إن أف َنت ُ
وع تَْزيينا
األس ُب ِ
ومين في ْ
َي َ دل ِمن َع ْدِل ِه
الع ِ
دار َ
س ُ تَ ْل َب ُ
س ُنونا ِـل َع ّما َ َفلم ي ِجد في القَو ِل و ِ
فروضا َو َم ْ
ً كان َم الفعـ ْ َ َ
ِ ِ
ش ْه ِر َم ْق ُرو َنا ِبه س ُ
رار ال ّ قص َوال
ببدر الدين َن ٌ
ليس َِ
ِئ
صلّينا َوسا ُر ال ّناس ُم َ س ِب ُ
العالَ سا ِبقًا ما زاال في َك ْ
نت َمخموالً فَ َمدفونا
َو ُك ُ شني ِمن َز َم َني ُ
جودهُ ِانتا َ
ِ
حال َي تَحسي ًنا َوتَحصينا فص َّد َع ّني َز َمني إذ َكسى
َ
ِ
وج َد فينا
ائم كم ثََن ْي َن الَ ْ
َح َم ُ ط ِر ْب َن فَ ِه ْج َن لي ً
داء دفينا َ
رج ْع َن الحنينا
أصيب َغ َداةَ ّ صب
فجعن فؤاد ٍّ َ سجعن فكمَ
طَّر ْب َن اللُّحونا
لقلب حين َ فكم قََّر ْب َن ِم ْن َناِئي َغ َر ٍام
ِب َكاس ِ
ات التّ َذ ُّك ِر منتشينا ط َايا
الم َ فبتنا فوق َأ ْك ِ
َ وار َ
ش ُجونا بس ُمه ِل ِذي َ
ط ِر ٍب ُ تَ ّ َأه َدى
ضا َف ْوبرق الح ُم ْعتَ ِر ًٌ
ق َن ِ
ازلي َنا ِ
باألبير ِ َغ ِريبا س ْيف ِد ْجلَ َة ِإ ْذ َرآني ِ
عجبت ل َ
شطُو َنا
ى َ الو ِم َ
يض َن َو ً لَقَ ْد َْأد َنى َ اج ًرا ِب ِد َي ِ
ار َب ْك ٍر َأر ِاني َح ِ
َ
ُأرجم في َحقيقَ ِت ِه ُّ
الظنونا ِّ سناه ُغًّرا ت ولم َأكن ِب َ فَ ِب َّ
ضم ِ ِ
الديو َنا
وس ُره ّ وإ ن لم َي ْق ِ ُ وساكنيه العقيق
َ سقَى اهللُ
الدمى لَ ْو ًنا ولينا
كأمثال ّ غيد
يام هناك ٌ فكم ب ْي َن ِ
الخ ِ َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []220
موسدينا
على شعب الرجال َّ وس ُروا فباتوا ور ْك ِ
ب ُْأدل ُجوا َ
ََ ٌ
ض ِمرينا
شاها ُم ْ
فَ َباتُوا في َح َ أسرارهم ِف ْك َر الفَ َيافي
ُ ط َو ْت
َ
طمى ُمتالَ ِطما كانوا سفينا الدياجي آذي ّ
إذا تَّيار ِّ
ٍ
دهش َأَن ْخ َن بطور سينا على قبس فقالواأضاء لهم سنى ٍ َ
البلد األمينا
وافيتم َ
ُ فقد فقلت ِل َي ْه ِنكم َ
نيل األماني
بميا فَ ِ
ارقينا َّمتُ ْم ّ
َو َخي ْ إذا المل ُك المظفّر ِجْئ تموهُ
أضاء ُدجى كما جلَّى الد ُ
ُّجونا فدو َن ُكم ِش َهاباً مستنيراً
إليه َج ْلبتُم الدَُّّر الثَّ ِمي َنا أن َب ْح ًرا
فأعجب ما َر َْأي َنا ّ
أغر قَ ِد ْ
احتَوى ُد ْنيا ودينا شاذوي
ّ شيّ ِد
الم َ ص ِر ُففي القَ ْ
صو َنا
الم ُ ولكن َي ْم َنعُ ّ ِ
الدي َن َ ْ احتقارا
ً الد ْن َيا
فيبذل ّ
َ يجود
ُ
وإ ن َكا ْنت َر َذايا َق ْد ُب ِري َنا طايا الم َ
نصوا َ إلى إيوانه ُّ ّ
ُمالَ َع ٍب ًة ّ
أزمتُها البرينا ازي واتُْر ُكوها باسِم َغ ِ
تغ ّنوا ْ
الجبي َنا
قابلتُم َذاك َ
إذا ْ ص ِد ِم ْن ُكم ِ
فيا ِإق َْبا ُل َو ْجه القَ ْ
كن ُجونا الحوادث َّ
ُ تضيء إذا من النفر الذين لهم وجوه
ُأس ٍد عرينا اعتقلُوا إلى ْ أو ْ فكم حملوا جداول في ُب ٍ
حور
قربينا وم ّ
لمعتر حيا ٍُّ ِ
األرض َكانوا ون وإ ن َع ِر ْ
يت ُمتُ ُ
هاب ِته العيو َنافغضُّوا من َم َ اإلذن عنه
الحجاب َ
ُ إذا رفع
الم ُنونا
شى َ رجى ُم ًنى َي ْخ َكما ُي َ وب ٍ
ْأس له َي ْو َمان في َك َرٍم َ
يمد لها َيم ِينا
ُعراب ُة لم َّ آيات َم ْجد لَ ْو رآها
له ُ
ِ
الورى حمًأ وطينا وقد َكان َ وه ِر الشرف َ
المصفّى أصفوةُ ْج َ
ْألع َنِاق اَألعادي َكم ِ
وطي َنا كل َح ْر ٍب
ومن َأقْدام ِهم في ِّ
ْ
ِ
صفَوفا تبيت على َم َرا ِبطها ُ الجرد المذاكي
َ متى عودتُم
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []221
عدد أبيات القصيدة 6 : []36 قال ابن المقرب العيوني (ت
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []222
2
مــــــــن
البسيـــــط 629هـ):
الف الليالي من ي ِ
صافينا اخت ِعلى ِ أم ُننا ِ
َ ُ َ المولى َو َي َ الجار َو َ َنحمي َعلى
الت ِ
ساخينا الناس َّ الم ِ آباء إذا ُذ ِك ُرواآباُؤ نا َخير ٍ
شاوذَ َو ُ كا ُنوا َ ُ
بأي ٍام لَيالينا
َوال تُباعُ ّ امنا لَم تََزل ُغّراً ُم َحجَّل ًة
ّأي ُ
يه ُم َر ِّبيناحتّى استَوى ومر ِّب ِ ع المل ُك في ِ
أبياتنا َو َنشا
َ َُ َ عر َ ُ تََر َ
حتّى ِب ِه ِاجتيح دانينا و ِ
قاصينا كان لَنا
نب َ الذ ِ
أي ِّ يت ِشعري ُّ يا لَ َ
َ َ َ
سيس ِم َن َموالينا ِشقصاً ألدنى َخ ٍ أحس ِنها
أضحت َبساتي ُننا َنفدي ِب َ
ِ
َ
مر و ِ ِ
أمال ُكنا واَحتَ َمت أمال ُك عادينا وم َغ َدت الر ُع ِ الشاة َّ ِب ُجلَّة التَّ ِ َ
ماة ِ
القوم َيحمينا عان ح ِ ِ إ ّنا إلى ِ
َوال ط ُ ُ أرحامنا َنفَ َعت ُ اهلل ال
أمضت َمواضينا وما َ يا ِ ِ َهذا الجزاء ِلما س َّنت ِ
أس َّنتُنا
للرجال َ َ َ ُ
َكتاِئب َنحونا بالم ِ ِ
وت تُ ِ
ردينا َ ٌ َ جاءت ُم َغلِّ َ
س ًة العطيفَة إذ َ وم َ َي َ
َوال تَ ِ
جاو ُز في َع ٍّد ثالثينا ض َّم َن ًة تٌوفي ثَالثَ ًة ٍ
آالف ُم َ
ضياء البيض ي ِ و َكُّرنا و ِ
بدينا ُ ُ َ َ قع َيستُُرنا ظالمُ النَّ ِ ِر ُ
ماح ُهم َو َ
نز َل البحرين ي ِ ِمن ِ إبراهيم َو ِال ُدنا طع ًنا ِب ِه َ
وصينا قبل أن َي ِ َ َ ُ ُ كان َ
َغيظاً ِلما عاي ُنوهُ ِمن تَ ِ
حامينا وس ُه ُم
َ شت ُنفُ ُ َحتّى تَولَوا َوقَد جا َ
جد ي ِ
سامينا ٍ ِ َوقب ُل َردَّت ُر ُبوعُ القَ ِ
م ّنا فَمن ذا إلى َم ُ أرب َعةٌ
وم َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []224
مـــــــن
البسيـــــط قال ابن المستوفــــي (ت637هـ) :
وان ِب ِه َه َوينا
اله َ
إلى َدر َ المعالي ِ
َومن َد َر ِج الصُّعود إلى َ
ِ
عصينا وَأمر ِ
نه َ هي َذوي النُّهى َع ُ َو َن َ طعنا
رين به أ َ
اآلم َ َ ََ
ذم ِتنا َوفينا
ُمذ ِمتنا ِب َّ َوَألحبابٍ إن َغ َدروا َوأبدوا
ضينا
الرضى لَمَ ارتَ َدون ِّ َوال َ س َخطنا ِ ِ
ير السُّخط م ُنهم ما َ
َو َغ َ
صار َهينا ِ
ألفناهُ َعلينا َ لما
حبا َو ّ
ص ً الجوى َ
َوألفَينا َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []227
نبي يقينا
لم يكن مثله ٌّ فاحمدوا اهلل ِإ َّن ِني ٍّ
لنبي
حصل الغير فيه حزنا وهونا من عذاب الحجاب في دار بعد
خسارا مبينا ِ
وشمال إال ٍ
وغرب ق ِ
بأرض شر ِ ما مقامي
ً
لتكونوا لحكمه مسلمينا مطي األماني
فاعملوه نحوه ِّ
لتكنوا بذلكم آمينا عبيد دعاةٌ
إنما أنتم ٌ
فبتقوى إلهكم تعملونا واتقوا اهلل في الدعاء إليه
وضالل به يكون مصونا ق يكون ما بين هدى ُّ
كل َفر ِ
ِ
وألشبال ُأسده فعرينا من أذى باطل وعصمة حق
حازه من أتاه من طور سينا ٍ
بمقام يغز
من يكن هكذا ُ
وجزاء لسعيه ليبينا لم يكن قصده فكان امتنانا
انه لم يكن بذاك ضنينا عندنا جودة فنعلم حقا
الحريص الوضينا
ُ وإ ليه َّ
شد ولهذا الفقر يطمعُ فيه
لتكونوا لديه حينا فحينا والوجود جميعا
ُ الجود
ُ َي ْب ِتغي
ِب ِع ْي ٍد أضحى لديه مكينا ورب ِ
وفاء إنه ذو جدى ُّ
ومن أسمائه أراه كمينا فإذا ما ابتغاه جاء إليه
شافيا علة وداء وفينا فيه حتى تراه عينا بعين
لتقوموا بحقِّه أجمعينا إنه الداء والدواء جميعا
واسكنوا من أماكنيه عرينا حيث كنتم لديه
العدل ُ
َ واطلبوا
نور مصباحنا به لترينا ٍ
زيتونة تمد بدهن مثل
الحق منه حقًّا يقينا
ًّ نعلم لضرب ٍ
مثال ِ ما أتانا به
مــــــن
الرمــــــــل
شم ُل ِ
قاصينا ودانينا يا َمِل ًكا ما َ
َي ْ َ إنعام ُه
زال ُ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []230
مـــــــن
المنســـــرج وقــــال أيضا :
والع ْونا
اَألبكار ُ
َ تَ ْق َرعُ ِم ْنها المبارينا لَ َك العال ْ ِ
َأع َيت ُ ُ
عنا اَأل َذى وتَ ْكفينا ف َّ تَ ُك ُّ عزائم ُه
ُ يا َمِل ًكا لم تََز ْل
البرايا ِعًّزا وتَ ْمكي ًنا فاق َ َ ف َم ْن
ش َر ُ
صور َأ ْ
الم ْن ُالملي ُك َ َأ ْن َت َ
طاعو ًنا ِ ري الَّذي ِكنا َن ُ َّ
على ُجيوش الطُغاة ُ ته والش َّم ُّ
شحو ًنا باُألس ِد َم ْ
ْ ُيخا ُل ُف ْل ًكا ض َت َب ْح َر َو َغ ًى
جالوت ُخ ْ
َ بع ْي ِن
َ
باك أمينا
َي ْر َد ْوا فقالَ ْت ظُ َ عليهم آ ُل ال ّن ِبي ْ
بَأن ْ َد َعا
ب َكتْ َبعا فا ْنثََنوا ُمولينا ص َن ْع َت قَ ْبلَ ُه ُم
هم ما َ
َأ ْذ ْك َرتُ ْ
الصينا
قازان ُخ ْب ُرهُ ِّ
َ َأس َك َن
ْ وما َنجا م ْن ُه ُم ِسوى َخ َب ٍر
ماعونا ِ ِ ِِ ِ
ومانعٌ م ْن َنداهُ ُ سفَ ًها
يدك ب ّذا ُل سوى ع ْرضه َ َي ْف َ
الحباء َم ْفتونا ب ِ بح ِّ الي ْد ِ بل ُّ
ـعافي ُ س ُب ُه الـ
ين َي ْح َ س ْم ِح َ
كل َ ْ
صر الدِّنيا َأولى ب ٍ الد ِي ِن يا ُم َّ
حمد َم ْن َي ْن َُ ْ حم ُد ما ناصر ّ
َ يا
ود َك اَألفانيناواالك ِم ْن ُج ِ
َ تُ ْفنى اَألعادي َقتْالً وتُ ِس ُ
عف َم ْن
داك ِ
ماشينا كما لَنا ِم ْن َن َ ِ
مدائحنا تَ َه َّن ما ِشْئ َت ِم ْن
ٍ
كليل يقتضي صبحا مبينا كصبح يقتضي ليالً َب ِه ْيما
وذلك أن أكون وال يكونا إذا وارى فلي ٌل أو توارى
وذلك أن يكون وال أكونا وإ ن جلى فصبح أو تجلى
البرينا
ق ُ َو ُي َج ِاذ ْب َن ِم َن َّ
الش ْو ِ الح ِينا
يس ُي َر ِّج ْع َن َ
سار ِت ِ
الع ْ َ
وح ُزونا
َهوالً ُ طعُ ال ِب ُ
يد ُ َ تَ ْق َ أخفافُها يات ِم ْن َحقّي ْ
دام ٍ
ِ
الم ِعينا
والماء َ
َ ضَّر
الم ْخ َ
ش َب َها ُ
ُع ْ طواها َح ِر َم ْت َو َعلى طُ ِ
ول َ
الم ِ
آمنينا فاد ُخلُوها بس ٍ لكم ودعوا ْ ِ
َ ْ الدار ْ
أن ت ْل ُك ُم ُ ُُ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []235
والس ِفينا
َّ نوحا
َأغاث اهللُ ً
فَ َ وح َدعا في ُف ْل ِك ِه ِ
َوبه ُن ٌ
الب ْح ِر ُنونا ِ النون ِ اث اهللَ َذا ُّ
َب ْع َد ما أ ْغ َرى به في َ به َوَأ َغ َ
كان َح ِزينا
وب َوقد َ سَّر َي ْعقُ َ
َ ضٍّر كما ُّوب ِم ْن ُ
شفَى أي َ َو َ
يدوهُ فكانوا األخسرينا أن َي ِك ُْ وم ُه ِ
َوخلي ُل اهلل َهمَّ ْت قَ ُ
َْأوقَ ُدوه وتولّوا ُم ِد ْبرينا ونور المصطفى إطفاء ما
واج ًدا ما َي ِج ُدونا
فض ٍل ِ ِّ
كل ْ اهلل في جدتْ ُه أنبياء ِ َو َ
ُ
الصالحينا أن َيتََولَّى َّ ب ْ َع َج ٌ ق فال الر ْح َم ِة ِل ْل َخ ْل ِص َد ُر َّ
َم ْ
آد َم ِطينا يج ُب َل ِم ْن َ
أن ْ قب َل ْ
ْ ين ِ
به َختَم اهللُ َّ
الن ِب ِّي َ َ
ِئ خير ٍ ِئ ِ
البنينا
خير َ َو ْه َو في أبنا ِه ْم ُ أب هم ُ فه َو في آبا ْ ْ
الروح ِ
األمينا ِ سِم ُعال بالروح ِ
َر َج َع ْت م ْن دونها ُّ ُ والج ْ قد َعال ُّ
ور ِسينا
وسى ُدو َنه ِم ْن طُ ِ ُر َّد َم َ وس ْين الَّذي قاب قَ َ َوَرأى ِم ْن ِ
كان ِج ْب ِري ُل َم ِكيناِمثلَما قد َ وسى ِع ْن َدهُ كان ُم َ يها َ َو َو ِج ً
أج َم ِعينااهلل إلينا ْرس ِل ِ
ُ ُ ض ِل َعلى اهلل ذي الفَ ْ ات ِ ص َلو ُ َ
خير األ ْك َرمينا ِِ
َوأبو القاسم ُ س ُل لنا
الر ْ
أ ْك َر ُم ال ُخ ْلق ُه ُم ُّ
المهينا ال ِ ِم ْن َجم ٍ
الماء َ َ ع
ُأود َ َ ورتَ ُه
ص َ فَتَ َعالى َم ْن َبَرا ُ
ودينا أ ْن َبتَ ْت أفْنا ُنها ِعلما ِ طفَى َم ْح ِت َدهُ ِم ْن َد ْو َح ٍة
اص َ َو ْ
ً
وي ِمينا ق َّ ِ
الد ِّم شماالً َ طُُر َ س ُاب ُه ْمأح َ ِم ْن ٍ
أنس جا َن َب ْت ْ
َّعونا َغ ِ
ير ما تَأتُو َن ُه ْأو َيد ُ األخالق في ما َر َْأي َنا َك َر َم ْ
ض ُبوا ُه ُم َي ْغ ِف ُرونا
وإ ذا ما َغ ِ
َ ض ُبوا ت إذا ما َغ ِ الم ْو ُ
ب َ ضُ َي ْغ َ
صونا
الم ُ
السّر َ أح َم َد ِّ ود ُعوا ِم ْن ْ
ُي َ ألن
صا َن ُه ُم اهللُ ْ
شٌر َ َم ْع َ
َّعونا َفلهم ِم ْن َ ٍ
ش َرف ما َيد ُ ُْ أخالقَ ُهم
السْؤ ُد ُد ْ
َه ّذ َب ُّ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []236
س ْي َنا
يوما َن َ َّ
َو َما ُكنا له ً ش ُم َر َّغ ً
ضا َذكر َنا ُح ْل َو َع ْي ٍ
ُن َح ِّي ْي َنا شماالً أو يمينا ات المسَّر ِة َداِئر ٍ
ات اس ِـ
َ َ َو َك َ
ُنحاو ُل من َمقاصدنا ُم ِعي َنا الشبان لنا على ما
ُ َأض َحى َوقَ ْد ْ
تو ِ و ِب ِ
الف َرا ِ ًأع ِاد ْي َنا ت يوم َّ ِ
اش ْي َنا ش َم َّ َ ق لَقَ ْد َأ ْ َ الن َوى في َنا َ ش َم َّ َ َ َأ ْ
آمي َنا ؟! فَه ْل َنقُو ُل ِل ِح ْف ِظ الو ِّد ِ اع ِلفُْرقَ ِت َنا
س ٍ ِ
ُ َ الَ َب َار َك اهللُ في َ
الد ْن َيا َوالَ الدِّي َنا لَ ْم َي ْه َو لَ ْم َي ْد ِر َما ُّ الهوى لم َي ْح َيا فَِي ِه َو ِم ْن ِ
َم ْن لَ ْم َي ُم ْت في َ
اهلل و ِ
اهلل َما ُك َّنا َنقُو ُل َوالَ ِ
شتُ ُم ِف ْي َنا َأن تَْز َه ُدوا َما ِع ْ َنظُ ُّن ْ َو َ
ِ
ِد ْي ًنا َولَ ْم َنتَ َقلَّ ْد َغ ْي َرهُ ِد ْي َنا اء لَ ُك ْم لَ ْم َن ْعتَق ْد َب ْع َد ُك ْم ِإالّ َ
الوفَ َ
الم ِحبينا ِإ ْذ َ س ُبوا َن َْأي ُك ْم َع َّنا ُي َغ ِّي ُرنا
الَ تَ ْح َ
الب ْع َد ُ طالَ َما َغي ََّر ُ
وم ُع ْد َنا َو َما ُي ْر َجى تَالَ ِقي َنا الي ُ
َو َ
شى تَفَّرقُ َنا ُك ْنتُ ْم َو ُك َّنا َو َما ُي ْخ َ
شتَاتًا َك ْم تَُن ِاد ْي َنا َو َيا ُم َن ِادي َ الب ْي ِن َك ْم فَتَ ْن ِت ِم ْن َك َب ٍد
ص ْر َخ َة َ َيا َ
بالبين تَ ْن ِع ْي َنا ويا ُغ َر ًابا ِب ُب ْع ِد الد ِ
َّار ُي ْخ ِب ْر َنا
ْ فَقَ ْدت ِإلفَ َك ْ
كم َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []238
م ْن ِف ِ
يه َو ْج ًدا َعام َب ْح ُر ا ْل َهوى ُي ْغ ِر ْ
ق
َ
َم ْن َه َّم َْأو َق ْد َهام َو َن ُارهُ تُ ْح ِر ْ
ق
فَتًى علَ ِ
يه َنام قَو ُربَّما ُي ْقِل ْ
َ
اف ِم ْن تَص ِ
افي َنا ومو ِر ُد اللَّه ِو ص ٍ اَأله ِل َواِإل ْخ ْ
وان ِب ْ َج ِديد َما قَ ْد َك ْ
ان
َ ْ َ َ َْ
ِب َّ
الش ْف ِع َوا ْل َوتْر ازالً با ْل َب ِ
ان َيا َن ِ
س ِرواللَّْي ِل إ َذا َي ْ الن ْم ِل َوا ْلفُْر ِ
قان َو َّ
الن ْح ِل وا ْل ِح ْج ِر
َو َّ الر ْح َم ِن
ورةُ َّ
س ََو ُ
ان ُي ْح ِي ِنا
َم ْن لَ ْو َعلى ا ْل ُب ْع ِد َح ًيا َك َ َبلِّ ْغ تَ َحا ِيي َنا إن ِشْئ َت تُ ْح ِي ِي َنا
ْ
البسيـــــــط
أسينا
اَألسى لَ ْوالَ تَ ّ
َيقضي َعلينا َ
زيل ِحمى
ماة ِلل َن ِ
كان ربع ح ٍ
َو َ َ ُ َ غناهم لنا َحَرما
كان َم ُ سادةً َيا َ
هد ال َغ ِ
مام فَما ِل َيسق َع َ
هد ُك ُم َع ُ ظما
ب َ ِ
الجود َر ُّ سقَيتُم ِمياهَ
َكم قد َ
ُكنتُم ِأل ِ
رواحنا إال َرياحينا
ْأس ِ
راح ِه ُم الندى ِمن َك ِ راح َّف ِ شِ ِبر َ سكرو َنا ِمن سم ِ
اح ِه ُم َهل يعلَم الم ِ
ََ َ ُ ُ
من م ِبلغُ المل ِبسينا ِب ِان ِت ِ
زاح ِه ُم الت ِ
ماح ِه ُم عد ِ
أ ّنا ل ِبسنا الضَّنا َب َ
ُ َ ُ
أي ِ
الكرام َنعوا أي الم ِ
لوك إلى ِّ قوم لو َد َروا َو َوعوا
َّ ُ َّد ٌ
المَؤ ي َ
َنعى ُ
َغي َ ِ ِ
الهوى فَ َدعوا
ظ العدى من تَساقينا َ سعوا الو َّد َ
حين َ أظُ ُّن ُه إذ َ
سقانا ُ
َّه ُر آمينا
قال الد ْ بأن َن َغ َّ
ض فَ َ
جال ِسنا
أنس رأينا ِمن م ِ
َ ط ٍ ََو ِسب َ جال ِسنا
لَما رأوا ما قضينا ِمن م ِ
َ ّ َ
كان َمعقوداً بأنفُ ِسنا
فانح َّل ما َ
َ الدنيا بأنفُ ِسنا
َد َعوا ِلنفُ َجعُ في ُ
وصالً ِبأيدينا
كان َم ُ وا َن َّ
بت ما َ
الم ِح ّبينا
طال ما َغي ََّر النأي ٌ
إن َ
عد ُك ُم ِعلَالً
إلى ِاللقا َو َكسانا َب َ زادنا تَفريقُنا ُغلَالً
إ ّنا وإ ن َ
أرواحنا َب َدالً طلَ َبت و ِ
اهلل ما َ أمالً
ُ َ سؤالً َوال َ
ير ُك ُم ُ
لم َندعُ َغ َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []246
الورى ِطينا
إنشاء َ
َ ِمسكاً َوقَد ََّر
ِ ِمن ِذ ِ
كر ِه َوإ ِن َ داء ِل َمن َْأبقَى لنا َخلفاً َن ُ ِ
ازد ْد َنا ِبه َ
َأسفاً حن الف ُ
ش َرفاً
أكفاءهُ َ
َ ضَّر إن لم َن ُكن
ما َ دون أن ُي ْفدى بنا َأُنفاً
َوإ ن َن ُكن َ
ذاك ُيغنينا
المعتَلي َعن َ
در َك ُ
َوقَ ُ
أمِلها
البرايا في تَ ُّ
سُّر َُنجالً ُي َ آمِلها
لدنيا و ِ فت ب َ ِ
عد َك ل ُ َ َخلَّ َ َ
سِلها ِ ِ ِ
يا َج َّنة ال ُخلد ُأبدلنا ِبسل َ لمِلها
فس في تَ َم ُ
نك َن ٌ
فلم تَ ُقل َع َ
بح ُيفشينا
الص ِ كاد ِل ُ
سان ُ َحتى َي ُ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []248
كم َخ َبراً
بعد ُ
كان َعيناً فأمسى َ
قد َ قضينا ِمن ُك ُم َو َ
طراً ِ
هلل َكم قد َ
ورا ِ
س َوم ال َنوى ُ
إ ّنا قََرأنا األسى َي َ س َمراً
كر ُكم َ
عجبوا إن َج َعلنا ذ َ
ال تَ َ
أمِل ِه
إلى ِسواهُ فأغنى َعن تَ ُّ ُّل ِه
بيب ع َدلنا مع تَرحِ
َ َ
ِ
َكم من َح ٍ َ
نهِل ِه
بم َعدل َ
واك فلم ُي َ
أما َه َ
ّ بأسهِل ِه
َ عب ِو ٍ
رد َع َدلناهُ ص َِو َ
عد ِه َ
شقَ ِيت ب ال َنعيم الذي ِمن ب ِ
َ ِغ َّ بعض ما لَ ِق َي َت
فس َ ِ
تَشكو إلى اهلل َن ٌ
ليك ِمنّي سالم ِ س ِق َيت ِ
اهلل ما َبقَيت َ ُ َع َ سحاباً ِبه ُك ُّل َ
الورى ُ فيا َ
الرجا فينا
خاب َّ
البيض َهل َ ش ِه ِدي و ِ
استَ ْ الرماح العو ِالي عن م ِ
عالي َنا ِ
َ َ َ َ سلي َّ َ َ َ َ
يد ِ
اهلل أيدينا ض قَ ْب ِر عب ِ
في َْأر ِ فعلَ ْت ِئ
َُ اك ما َ
الع ْر َب َواألتَْر َ
َوسا لي ُ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []249
خابت َمساعينا وم وال َ َع ّما َن ُر ُ س َعينا فَما َرقّ ْت َعزاِئ ُمنالَ ّما َ
ِد ّنا األعادي َكما كانوا َيدينونا العراق َوقَد راء ِيا يوم وقع ِة َزو ِ
َ ََ َ َ
إالّ ِل َنغزو ِبها َمن َ
بات َيغزونا بض َّم ٍر ما َر َبطناها ُم َ
س َّو َم ًة ُ
ِلقَوِلنا أو َد َع ُ
وناهم أجابونا و ِفتَْي ٍة إن َن ُقل أص َغوا م ِ
سام َع ُهم َ َ
وما َوإ ن ُح ِّكموا كانوا َموازينا خصموا كانوا فَ ِ قَوم إذا ِاستُ ِ
َي ً راع َن ًة ٌ
الوغى ِخلتَ ُهم فيها َمجانينانار َ ُ لبابا فإن َح ِم َيت قل ِج ًالع َ
تَ َدَّرعوا َ
ام آمينا َوإ ن َد َعوا قالَ ِت ّ
اَألي ُ ص ِّدقَ ًة
جاءت الدُّنيا ُم َ
ِ
َّعوا َ إذا اد َ
إال َج َعلنا َمواضينا فَرامينا ين َنصو ُل ُبها أعو َزتْ َنا فَر ِ
ام ٌ َ ما ْ َ
صلّينا
س َّبقًا ُك ّنا ُم َ
إن لم َن ُكن ُ طلَقًا
العلى َ سبق ُ إذا َجَرينا غلي َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []250
نه تَ ِ
غاضينا َولم َي ُك ْن َع َج ًزا َع ُ ض َو ُنغضي َعن قَباِئ ِح ِه َوقَد َن ُغ ُّ
إن األمير ي ِ
كافيه فَ َيكفينا َّ لكن تََركناهُ إذ ِبتنا َعلي ِثقَ ٍة ِ
َ ُ
الب ْي ِن تَ ِ
لو ْي َنا َحتَّى تَلَ َّو َن َي ْو ُم َ الم ِح ِّبي َنا
َأع َدى ِب َغ ْي ِر ُكم َد ْمعُ ُ
ْ
ش ِج ْي َنا ب ْين الج ِ
وان ِح الَ َي ْنف ُك َي ْ ش َج ٍنرين ِبالَ َذ ْن ٍب ِسوى َ اج َ َيا َه ِ
َ َ
ِفي ُك ْم َو َما قَ ْد َج َرى ِم ْن َغ ْد ِر ُكم ِف ْي َنا ض َْأد ُم ِع َناَألوا َما َج َرى ِم ْن فَ ْي ِ س ُ الَ تَ ْ
سِ
ار ْي َنا ال َ
َآم َ غرت ُ َْد ِ
ور ُكم َ ّ اع ْيتُ ُموه لَقَ ْد
اء فَ َما َر َ
الر َج ُ
َأما َّ
َّ
ِإ ْذ ِخصم َنا في س ِب ِيل الح ْكِم قَ ِ
اض ْي َنا ص ِت َنااف ِق ًّالس ِبي ُل إلى ْإنص ِ ف َّ َك ْي َ
ُ َ َْ َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []251
الم ِج ُ
يدو َنا ِ َأغلى وَأ ْنفَ ِ ف ِم ْن اط ِحبرتها فيها زهراء المع ِ
س ما ُي ْهدي ُ ْ ُ ََ
ط ْل َعتُه
يها َو َ إذا َ ِ
البحر والنوناَ َأت ُم َقلتَاك
فَقَ ْد َر ْ رأيت قَ َواف َ
ْن َّ
الش َياطينا الر ْجِم ِ
يحرق َ س ْمع ِح ّدسها ظها في َ كأن ألفا َ
كواكب ّ
ُ
عدد أبيات القصيدة : []54 قال الشيخ شمس الدين بن الصائغ (ت
11 776هـ)
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []253
مـــــن
البسيـــــــط
اع ِن ْي َنا
ظ ِصِل َنا َ ِح ْي َن ْ
أض ُحوا َع ْن َو ْ
فَطَّروا ِب ِ ِ
الب َعاد م َّنا ُقلُ ً
وبا ُ ُ
لَ ْم َنحل َع ْنهم ولَ ْو قَطَّ ُعونا واهم
ش َه ُ َوصلُوا ِه ْج َر ًنا َو َع ْي ِ
َفاست َغثْ َنا ِبَأسر ِع الح ِ
اس ِب ْي َنا س ْر َع ِة َه ْج ٍر
َ َْ ْ سبوا ُب ْع َد َنا ِب َُح ُ
حاس ُبو َنا
الهوان لَ ْو َ ْبي َعنا ِب َ ستَ ِحقُّوا الهوى ِب ْ
َأن َي ْ
ِ
َولَ ُه ْم في َ
صِ ِ
شَّرفُو َنا
ال لَ ْو َ لَ ْيتَ ُه ْم ِب ُ
الو َ س ٍنسادات ُح ْ الج َما ُل َ ف َ شَّر َ
َ
شِ
افي ْنا ضنا َها َأ ْن َت َ َها َأ ْن َت ُم ْم ِر ُ شْأ ِف ِي َنا اح ُك ْم ِب َم ْه َما ِإ ْن تَ َ
َملَ ْك َت فَ ْ
َأم ِان ْي َنا
ْصى َ
ِ
َوقُْربْنا م ْن َك َيا َأق َ ضى ش ْيًئا ِم ْن َك َغ ْير ِر ً س َنا ُنَؤ ِّم ُل َ لَ ْ
الم ِح ِّي َنا
اد ُفما ِم َن ال ِبِّر ِإ ْب َع ُ
َ ال تُْب ِع ُد َنا
اك َيا َغ َاي َة اآلم ِ
َ ش َ َحا َ
اش فَ ُيْؤ ِذي َنا الف َدا ِ رو ِحي ِ
ب َوالَ َو ٍ َوالَ رقَ ِي ٌ لح َب ْي ٍب قَ ْد َد َنا َو َوفَا َْ
شتَ ِكي َما دام ُي ْروي َنا َوال الظَّ َمَأ تَ ْ ظ ْلٍم لَ ُه ََأب ًدا اح َم َع َ الر َ شتَ ِهي َّ الَ تَ ْ
َو ِبال ُخ ُد ِ
ود ُي َح ِّي َنا فَ ُي ْحيي َنا ش َماِئ ِل ِه ول ِم ْن َشم ٍ
س َعى لَ َنا ِب َ ُ َي ْ
ان تُ ْغ ِن ْي َنا
ش ْدو ُو ْرقَا َع ِن اَألْل َح ِ ِم ْن َ طَر ًباصا ُنها َ ص ْت َأ ْغ َ وضة َرقَ َ
ِفي ر َ ٍ
َ
ظوم ُي ْل ِه ْي َنا
الم ْن ُور َها َ س ُن َم ْنثُ ِ َو ُح ْ اس ِد َناظا َق ْلب ح ِ
ق َغ ْي ً َ َ ش َّش ِق ْيقُ َها ََ
َّهر ِ
آم ْي َنا ِب ْ سَّر ِب َع ْي ٍٍ
وم فَقَا ُل الد ْ ُ
َأن َي ُد َ صفا فَ َد َعا ش قَ ْد َ ب ُ َوال َق ْل ُ
اش ْي َنا َوالَ ِح ْي َناَّه ِر و ِ
وما م َن الد ْ َ
ي ِ
َ ً شتَفَى ََأب ًدا
الش ْم ُل ُم ْجتَ َمعٌ الَ ُي ْ َو َّ
ض َي ْب ِكي َنا الم ْح ِ ور َ الس ُر ِ
ط ُّ لَ ِك َّن فَ ْر َ َّمعُ ِم ْن َحَز ِن س الد ْ َفِإ ْن َب َك ْي َنا َفلَ ْي َ
ادي َنا
وان َن ْ
الس ْل ُ
ف َُّو َن ْح ُن الَ َي ْع ِر َ ب ِه ْج َرا ًنا َوالَ َملَالً
الح ُّ
رف ُ الَ َي ْع ُ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []256
اوي الحب ِ
قاضي َنا ص ُم َنا في َد َع ِ قد وافَى تَ ِ
َو َخ ْ قاصي َنا ؟ ف الَ َمفَُّر َو ْ َ
َك ْي َ
قاضي ُكم و ِ ان ما ب ْي َن ِ ِ ِ
قاضي َنا َْ شتَّ َ َ َ َ أسفًا
بالج َوى َ
َيقضى َع ْلي َنا ف َنقضي َ
ط ْو ًعا ِب ْأي ِدي َنا
اك تَ ْهلُ َك ٍة َ
شر ِ
أ َْ النفُوس إلَيضي ُّ اهلل َكم ُن ْف ِ
ْ
إ َّنا إلى ِ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []257
طوفان ِ
مآقي َنا ٍ يض ِبَك َما تَ ِف ُ ان َج َو ِان ُح َنا و َكم تشب ِ
بن َير ٍ َ َ ْ
ِّد َنا ِبا ْلب ْين ِ
واشي َنا َك َما ُي َهد ُ الحب ح ِ
اس ُد َنا َو َك ْم ُي َع ِّنفَُنا في
َ ّ َ
ُّ
المزكو َنا ون ْأم َن ْح ُنصلُّ َالم َ
َن ْح ُن ُ ش ْوق معلمة الح َب ْأو ِفي َ ٍ
في َك ْع َبة ُ
ِ
الم َجا َني َنا
ُّون ْأم َن ْح ُن َ الم ِحب ََن ْح ُن ُ َو ِفي لُ َي ّيالهُ ْأو ِفي َر ْب ِع َم ْع َه ِد ِه
الوجد إالَ من َم َع ِاني َنا ُ تَو َيثْ ُب ُ الصبر إالَ ِم ْن تَثَب ُِّت َنا
ُ الَ ُي ْعلَ ُم
افي َناوي ْظِلم اللَّْي ُل إالَ ِم ْن تَج ِ واصِل َنا والَ ي ِ
َ َُ ُ الصبح إالَ من تَ ُ ُ ضي َ ُ
سلِّي َنايأس إالَ من تَ َ طعُ ا ْل ُ َو ُي ْق َ ص َب َاب ِت َنا ِ
س ُي ْط َمعُ إالَ في َ َولَ ْي َ
اضي َنا بيض مو ِ ِ ص ْفر جو ِارح َنا حمر م َد ِ
ود َج َوان ُح َنا ٌ َ َ س ٌ ُ ام ُع َنا ُ ٌ َ َ ُ ُ ٌْ َ
آي الوجد تُْل ِقينا ي ْلقَى إلي َّ ِ
الص ْلد َ َ الص َب َاب ِة أن آي َّ ار ُبنا َاد قَ ِ َي َك ُ
َأسي َنا
األسى لَوالَ تَ ِّ ِ
وى َو َ
الج َ
آي َ
ُ س َنا
جد أن َي ْغتال أنفُ َ الو َُو َي ْقتَضي َ
عدد أبيات القصيدة : []60 قال عبد العزيز الفيشتالي (ت
20 1031هـ) :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []258
مـــــن الوافــــــر
الجفونا ِئ
ظري َب َه َر ُق َمن َ َوَرو َن ُ العيونا
س َح َر ُ
َجما ُل َبدا عي َ
يون ِ
الناظرينا سنى ُيعشي ُع َ طارت
َ س َنت ُنقوشي َواستَ َ َوقَد َح ُ
هر حينا ِ طلع ِ
الد َ
غور َثَواق َب ال تَ ُ جوما
كي اَألعلى ُن ً سم َ َوَأ َ َ َ
ُّجو َنا ِ َو َج ِّوي ِمن ُد ِ
خان َّ
َعلى َأرضي ال َغياه َب والد ُ الن ِّد َألقى
ِ ِل َ ِ
سكونا ذاك الد ِ
َّهر ما َألفت ُ وت َدوِاَئر اَألفالك َ
س ْب ًعا َعلَ ُ
َأساور و َ ِ ِ ِ َفص ُ ِ
البرينا
الخالخ َل َو ُ َِ َ الحنايا غت م َن اَألهلَّة َو َ ُ
واليمينا َأمامي و َّ ِئ ياض ماِئ ٌتَ َك َّنفَ ِني ِح ٌ
الش َما َل َ َ جات
السفينا
لك فيها َو َّ
َو ُيجري ال ُف َ ساحا يقَ ِِّي ُد حس ُنها الطَّ َ ِ
رف ا ْنف َ ُ ُ ْ
في َجرى َدفينا
حر َّ
الب ُ
تَالقى َ هرها َنحوي َفلَ َّما
تَدافَ َع َن ُ
الم ِ
آمنينا ُخلوها مع س ٍ المؤ ِم َ
نين ْاد
َ َ أمير ُ
لَ َك البشرى َ
ماشي َنا
ْ شى في طري ِ
ق المجد لما َم َ
َّ ُر ْمنا الفخار فَ ِن ْلنا ِم ْنه َما ش ِي َنا
أل أعادينااس ْ ُ ِ
تجهل مكارمنا فَ ْ
ْ فإن
وأبناء الكرام ْ ُ رام
نحن الك ُ
أنت الَفينا
الحقنا ما َو ُقل ِل ِ لسان المعالي ما تَال ِفينا َ واسأل
ْ
َو َهى فَ َم ْن ذا تَالَفَاهُ تَالَ ِفينا ب ٍ
مجد تَالَفَينا ِب َناهُ وقَ ْد فَُر َّ
ارت ِم ْن َمساعيناالشهب َغ ْ واَألنجم ُّ
ُ والبدر َْأد َنى ِمن َمراتبنا
ُ مس َّ
الش ُ
ساعيناشأوها َما َرام َ ونال ِم ْن ِ َ الع ْل َيا فَْأدركها ِ
س َعى إلى غاية َ َ
رائحنا فيها وغادينا سير ُ َي ُ طريق إلى العلياء واضح ٌة ٌ لَ َنا
ٍ
بنجوم من أيادينا فَ َيهتدي يسير في طريق العلياء ساِئرنا ُ
واهلل ال كان ال ِم َّنا وال فينا وكم بخيل تراه في األنام وال
َو َهل ُّ
يحل الندى إال بنادينا المجد إال في ِ
منازلنا ُ رف
َه ْل ُي ْع ُ
إال َو ُج ْد َنا بما تحويه أدينا ْل ِق ًرى ما إن سِئ ْلنا م َدى ِ
األيام َبذ َ ُ َ َ
ظن راجينا
ب فينا َّ
نخ ّي ُ
وال َ َّيف إن طالَ ْت إقَامتُه
نسأم الض َ
ال ُ
وهاتف َّ
النصر بالبشرى ُينادينا ُ قدماء
نمشي إلى الموت في يوم الوغى ً
روم فَما ِ
والص ِينا
ِّ ْأد َنى ُخراسان ِإ ْن ُرمناهُ زائم تُ ْدنى ما َن ُ
ل َنا َع ُ
سبيل المجد ُيثِْنينا النفوس والَ ستميل الهوى ِمنا ال َي ْ
البقَا عن َ
ب َ ُح ُّ َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []260
ودانينا اد قَ ِ
اصينا َ سَ ٍ ِ ِ
ضخم به َ س ٍب
ماذا يعيب العدا م َّنا سوى َح َ
صوت داعينا يلبي
طوعا ِّ قام
لَ َ نأمره
َ ً الد ْه َر ُ
وإ ننا لَ ْو َدعونا ّ
إال وكنا إذن َع ْن ُه المحامينا جارا لَنا في الدهر نائب ٌة
ناب ً ما َ
َّ
والمجد والدينا
َ َج ِهلت إال ُ
العلى رويدك ما
َ ساِئ ُل عن قومي يا َم ْن ُي َ
صر تالينا وعادوا آلي َّ
الن ِ إال غى ِ
ُ قَ ْومي اُأللى ما انتضوا أسيافَهم ل َو ً
أعداُؤ هم في ثياب النصر عارينا وب القتام َغ َد ْت قوم إذا لَ ِبسوا ثَ َ ٌ
شزرا وراميناأو طاعنين العدا ً بارا َج َها ِبذةً
أح ًق ْقهم تَ ْل َ
إن تَ ْل ْ
سلينا رك زقُّوما ِ
وغ ْ وجَّرعوا التُّ َ
َ قاموا مع القاسم المنصور واجتهدوا
بدرا وصفِّينا
أذكرت ً
ْ وقائعا
ً صوارمنا
ُ وِللمؤيد قد ْ
أذكت
سيوفنا وأجابتْ ُه عوالينا نصرت
ْ وقائم العصر إسماعيل قد
إ ْذ قام ِفينا بأمر ِ
اهلل يدعونا ث ِ
دعوته إذن في َب ِّ
جهدا ْ
لَ ْم نأ ُل ً
وفخر حاضرنا دوما وبادينا وحب آل رسول اهلل شيمتنا ُ
سنا بأرواحنا فيها مواسينا س ِل اَألِئ َّم َة عنا أي م ْل ٍ
لَ ْ حمة َ ّ َ َ
ونحن نمشي على ِ
آثار ماضينا ُ أس َرتْنا
أهل البيت ْب ْ ض ْت على ُح ِّ َم َ
ْأم من ُيطاولنا ْأم َم ْن يدانينا فمن ُيفا ُخر َنا ْأم َم ْن ُيساجلُنا
ْ
مــــــن البسيـــــط
مـــــن
البسيـــــــط
واليوم نحن وما يرجي تالقينا أيام نحن وما يخشي تفرقنا
بان نغض فقال الدهر آمينا غيظ العدا من تساقيناـ الهوىـ فدعوا
ِ
الكون تزيينا أبهى الوجو ِه وأولى طالعه
ضاءت شهاب الذي مذ الح ُ
ضاءت بوادينا
ْ ِ
السعود وقد سعد
ُ أعني األمير الذي مذ ح ّل حل به
آثارا وتبينا ِ
من فاق في المجد ً الجهب ُذ الشب ُل سر الليث والده
ِ
األعالء تمكينا أزادها اهلل في ٍ
منزلة خير
مولى له في المعالي ُ
ً
ار وفي ِم ْرآه يحيينا ِ
ثوب الفَ َخ ِ هلل هلل يوم عاد ير ُف ُل في
وطلعتُه ال َغّراء تُْبهينا
َ فيه األمان لَ ْنا
ُ طاب
األمين الذي َ
ُ هو
طاب ْت أمانينا
الصدور وقَ ْد َ
ُ ِم ّنا ش َر َح ْت
فالحمد هلل ربي حيث ما ا ْن َ
ُ
وافي البقا ومن اَأل ْك َد ِار ُ
مْأمونا أبدا
الم َدى ً ال َطَ
ال زال ال زال ما َ
الدهر آمينا
ُ وقال
بالنصر إالّ َ له
دعوت ُ
ُ فريد المزايا ما
ب ُ َندْ ٌ
مـــــن البسيـــــط
وعمنا الفضل قاصينا ودانينا هذا السنى الذي حزنا الثناء به
نشهد قتاال فَ ُي ْم َناه عيانينا به سمونا على هام السماك وإ ن
وسل
مر العوالي ْ ِ
سود الليالي وسل عنه الدواوينا
ُ س َسل المعالي وسل ُ
قوم كرام إلى العلياء مجدينا من آل أسعد مخطوب السعادةـ من
يوم الكفاح وسل عنه أعادينا الصفاح وسل
سل الرماح وسل بيض ِّ
َّ
بالنصر مقتفيا آيات ياسينا أيا عليا سما سامي العلى وأتى
لروض فضل قطفنا منه ما شينا خذها بعفو لقد وافقت على عجل
باب جودك من قبلي دواوينا كم أهل فضل بديع بالثنا نظموا
أضحى الهناء جميال في تالقينا لكنها بالهنا جاءت تقول لنا
سميناهُ تأبينا
فبالحق َّ ٍ
ميت وكان على
ظا َ عرك تقري ً َد َ ِ
ِّ عوت ش َ
تهذيبا وتزيينا
ً اليوم
َ أحييتُ ُه
َ ذاك وقد
قبل َ
كان ميتًا َ
فقال قد َ
َ
الحب ما فَاتَك
ِّ عن ُم ْغرم لو فني في ظ َك الفَ ِات ُك
السرب ُكفّي لَ ْح َ
يا ظبي َة ّ
المحبوب َيسقينا
في حانة األنس َو َ ظى برشفاتك كم نحسد الكاس إذ َيح َ
ضسنان بال َغ ّ
الو ُ طرفِها َ النهي َ
َيسبي ُّ ض
شمس َعلي بان القامة ال َغ ّ
َ
وفي ِ صدر شها الفُضى ِ
الفرع صيح الفَرق َيهدينا ِ دحى َ َنجمان ضاءا لنا من َ
الم َدى َخ ِالي ِمن ال َغ ِ الخال ما ال َقلب يا ر َبة ال ُخ ْل َخ ِ
ال َو َ
ال َ طَ رام َوإ ن َ َ
هاء َوالقَنا لينا ِ الحسن َعن َعٍم َو َعن ِ
خال في نسبة ُ
ُفقت الثُريا َب ً
ِل َ
شدو عودي َوِللمضني ال َ
شجي عودي ت إ ْذ َغ َنت َعلي العود ري ٌة ِ
ص ْح ُ قَ ْم َّ
الموت َيحيينا
عد َكاد َب ُ
ياهما َ
َر ُ العود
الورد َو ُ
في الخد والخال عطر َ \
ِ
عيدا ِبه َيدنو لك َ
السعد س ً َواقصد َ عد
س ُبالمطايا لنادي حمص يا َ
َعج َ
العالم ُمفتينا
الحسن َ
أعني أبا ُ السعد َنجل األتاسي ِمن َع ُ
نه َروى َ
يقضي علينا األسى لوال تآسينا فبعدها قد كاد مما لنا قد كاد
باللطف واإليناس خود وفت وعدي
بعطفها المياس وأسعدت جدي
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []268
بأن نغض وقال الدهر آمينا لذا دعوا جهرا بمهجة حرا
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []270
داء دفينا
ط ِّيه ً
أرى في َ وإ ني اآلن في خطب عظيم
أرادوا وصفنا للحاكمينا أتانا ُم ْخ ِبٌر عن قوم سوء
وقالوا بالوشاية قد رمينا ُّر أحبابي جميعا
وخاف الضَّ
وال تخبر صديقا أو خدينا فعجل بالرحيل بال توان
من األهوال ما يوهى البدينا فأدرك يا أبي نجال دهاه
نعم خفت انشراح الشامتينا فما خفت المنون وال األعادي
ِل ِخ ٍّل نحو منزله ُدعينا فسرت الليل يصحبني ثبات
ُ
يوافي حين كنا ظارهينا ورافقني خلي ٌل كان قبال
وكنا بالثياب منكرينا وأدركنا القطار بغير خوف
فلم ترنا عيون المبلسينا وألق اهلل سترا الحفظ فضال
بخيل أوصلتنا سالمينا وكان الخل منتظرا قدومي
الرحمن خير المنقذينا
َ يرى ونجَّى اهلل بعد اليأس عبدا
مـــــن
الكامــــــــل قال جعفر الحلي (ت1315هـ) :
(مخمســــــــة) []73
قال حسن حسني الطوايرني (ت
مـــــن البسيـــــط 1315هـ) :
ِإذ ُكنت باألنس محبوبا توالينا ما لليالي َوقَد َكانت توالينا
َأضحى التنائي بديالً من تدانينا لما اغتررنا بها واغتال غاوينا
بيض ليالينا
ودا وكانت بكم ٌ
س ًُ
أو ليلة قد مضت باألنس حالية هل تذكرون لنا في الدهر خالية
وإ ذا هصرنا ُغصون البان دانية الروح صافية
الراح أخت ُّ
إذا نستقي َّ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []276
ويبلينا
الدهر ال َيبلى َ
حزنا مع َ
الوجد يسلكنا
ونائه في مهاري َ ويا ًحبيبا بحكم ال َقلب يملكنا
كان يضحكنا
مان الذي قد َ
الز َ
َأن َ
َّ ولم َيزل هجره يبدو فينهكنا
عاد َيبكينا
أنسا بقربكم قد َ
يس يجتمع
شمل لَ َ
وقد تَفرق َ ليس يرتجع
هدا َ
فكيف أندب َع ً
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []277
الهوى فدعوا
غيظ العدا إذ تساقينا َ كَأننا بعد ما بنا َوال بدع
الدهر :آمينا
بأن نغص فقال ّ
وال َقلب ال َيتَّ ِقي عادي تقلبه فاعجب لدهر تغالى في تغلبه
يا ساري البرق غاد القَصر فاسق به ود َمعي في تصببه
وكم َأقول َ
لَ َع َّل ذلك ُي ْن ِس ِي َنا تشتتنا ويا زمان اللقا ارجع أحبتنا
ويا َنسيم الصبا بلغ تحيتنا
َ المنى أبلغ زيارتنا
ويا َرسول ُ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []279
كان يحينا
من لو َعلى البعد حي َ
إذا عين الدَّهر كانت ثم غافية اذكر ليال مضت فينا موالية
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []280
ذاك يغنينا
وقدرك المعتلي عن َ
او غصن بان وبدر بهجة وبها نقول ليلى وأسما أو ذكاومها
يا جنة ال ُخ ْل ِد أبدلنا بسلسها وحيث نذكركم نبكي لكم ولها
طرا
طيف اللّقاء َ
وكم نراع إذا َ كرا وإ ْن لم يدر من ذكرا ِ
نهيم ذ ً
إنا قرأنا اَألسى يوم َّ
النوى سورا ال تعذلوا معشر العشاق والشعرا
إن ننأى عمن بنقد الرثوح نرغبه َأليس َأمر َزماني فيك َأعجبه
َ
لم نجف أفق َجمال َأ ْن َت كوكبه اهلل يعلم يا من عزه مطلبه
فينا َّ
الشمول وغنانا مغنينا
لك الليالي وفي األعتاب خادمة يا ربة الخال ال زالت مسالمة
العهد ما ُدمنا محافظة
دومي على َ جار َّ
النوى فاعطفي للعود ثابتة
وال صفى عيشنا واعتز مجلسنا فما تجلت كما تدرين أكئوسنا
وال ابتغينا حبيبا عنك يحبسنا وال استفاد بنا في َّ
الناس مؤنسنا
صبينا
بدر الدُّجا لم َي ُكن حاشاك ُي ْ
فنلن بي ماشينا
حكمتهن َ تعطي الغواني ما أشاء وربما
ما كنت أحسب أنكم تسلونا يا جبرةً في الحي نذكر عهدكم
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []286
فينا وكم ِمتْ َنا بكم وحيينا كم قد شقينا فيكم ونعمتم
أم تذكرون من العهود يمينا ؟ هل تحفظون من المواثق موثقًا ؟
ص ُار َنا وتعاقدت َْأيدي َنا
ْأب َ مواقف انطلقت بها
َ أم تذكرون
والنسرينا
ِّ نقط تزين الورد وعلى جبينك والخدود من الحيا
ِسِّر الهوى وعلمت ما تبغينا برح الخفَا فعلمت ما أبغيه من
ِسِّر الِّلقَ ِ
اء وكان ما تدرينا وبدا الغرام فكان َما أدريه ِم ْن
بي َنا
َأن يفشو به َف َي ْ
َريَّاه ْ النسيم فكاد من
ُ سر تحمله
متيما مفتو َنا
فيعود منه ً
َ الخلي من الهوى
ُّ ويكاد ينشقه
فيظن فينا يا سعاد ظنونا ويكاد عاذلنا يشم أريجه
ت فيها وجنة وجبينا
قََّب ْل ُ ال تنكري تلك المواقف بعد ما
لبقين رسما في الجبين مبينا قب ُل لو انطبعت كما شاء الهوى
سر الهوى وظالمه يطوينا َّ والليل يسعدنا فَ ُن ْن ِشر تحته
ترنو إليك فَ ِك ْدت تستحيينا َّ
والشهب ساهرةٌ حسبت عيو َنهما
تحت الغصون وظلها يخفينا والبَّدر مطلع يحاول كشفنا
فتخال هينمة َّ
النسيم أنينا بالرياض عليلة
والريح تعبث ِّ
ِّ
طيبا وزاد بساطها تلوينا
ً واألرض َز َّي َنها الربيعُ فزادها
أغصا ُنه طربا وترقص لينا واألي ُك ُي ْط ِر ُب ُه الخرير فتنثني
فكأنهن الحظ يبكينا والروض قد زار الندى أزهاره
ُك َّنا فنينا يوم كن فنينا أيام ُأْن ٍ
س قد فنين وليتنا
شجونا
القلوب ُ ذكرى تزيد بها أثرا سوى َّ
ُ َول ْت وما تركت لنا ً
أ
باق فأنت اليوم ال تجدينا قد كنت تجدين الوصال إذا الهوى
فنزيد بالذكرى الهوى تمكينا السلُّو ونحن نذكر الهوى
نبغي ُّ
القلوب إذا هوين هوينا
َ أن هيهات يسلو القلب عهد غرامه
المختار َهادينا
فيه بسيدنا ُ سلنا لبارينا
صباح الخير تََو ُّ
وشمس أنواره قد أشرقت فينا س َحًرا مواطننا ِ
َع َّمت عناياتُه َ
ِ
بمعناه معانينا وصغنا لُذْنا ِب ْ
عنها ُ العليا بال حولأعتَابه ُ
إن تظمأ ِ
نواحي َنا ـمسكين والغي ْ وقد قصدناه وهو الغوث للَ ّدنف الـ
وقد علمناه كافينا ووافينا والخوف راع القلب طارقه
ُ ِجْئ َناهُ
ش ٍّك محمدنا المحمود حامينا
َ وقد لجأنا لعليا ِعِّزه وبال
ِ
باإلحسان نادينا منا فأ ْغرق مدت إليه أيادينا على وجل
من الوجود وإ ن تبعد أراضينا ها نحن جيرا ُنه في كل َز ٍ
اوية
قُ ْم َنا بذنب بغفران يكافينا ونحن ُخدامه في العالمين فإن
صعب بآمالنا والقصد يرضينا أمل ِ
الف ْكر عن ٍ
وإ ن تَ َكد ََّر منا ُ
بنظرة مع حسن الحال يحيينا وإ ن يمت قلبنا في طي حالتنا
بباه رحم ًة منه يحيينا وإ ن رددنا عن األبواب جملتها
أسبابه بالتفات منه يشفينا إن عم فينا والشفا عسرت
والداء ْ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []288
إ ْذ ال تَرى ِم َ
نك ِإال ما َيرقينا َأنت م ِ
وج ُده رور َ َ س ٍ فَ ُكلُّنا في ُ
العليا ِبوادينا ِ ِ
الح عُّزك َو َ
َو َ أياما نؤملها َجددتـ ل ْلفَضل ً
ون َوال زالت تُصافينا في ال َك َ عم َع َّمت فَضائلها َو َكم َب َدت َن ٌ
في ُك ِّل َوقت تَروينا َوتَروينا ودك في الدُّنيا لَ ُه ِم َن ٌنبحر ُج َِو ُ
ش ِريفك ِإال َعلى تَهانينا
َو َكم ِبتَ ْ ش َرفا
العليا َرقت َ َو َكم ِب َك َ
الدولة َ
آثر ال ُن ْح ِ
العليا تَوافينا ِبالعز َو َ
المجد َو َ ددا
صي لَها َع ً َو َكم َم ٍ
طلعتكم َأبهى َأمانينا
َو ُنور َ الغرا َمواسمنا و ُك ُّل ِ
َأيام َك َّ َ
ُك ُّل اَألنام َوقال َّ
السعد آمينا عز ِفي حماك َد َعت َو َكم ِإلَ َ
يك ِب ٍّ
َعلى الدَّوام َيحيينا َويحيينا ليك ِعٍّز َدولته
لت َخير م ِ
ال ِز َ َ َ
ِب َ
صفو فَضل َأدام اهلل َوالينا الملك قَد قَالت ُمؤرخة
َو َبهجة َ
َو َمقصدنا األسمى قُدوم َأفندينا ِبحسن ابتسام الثَّغر تَزهو تَهانينا
السعادة تَزيينا نال ِب ِ
رايات َّ َو َ فَهذا قُدوم صيَّر الثَّغر ِ
باس ًما ٌ َ َ َ
العليا برأيك تَمكينا
َكما َنالت َ َو ُك ُّل َأهالي القطر نالوا َم َّ
سرةً
نه عيد تَصافينا َبعود ركاب ِم ُ ٍ
تشريفة َز َهت جاءوا ِل
َو ُكلُّ ُهم ُ
َوفي َبهجة اِإل قبال َهلَّ ْت َأمانينا َوعودك َمصحوب ِب َخير َ
سالمة
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []290
ويصفينا
وللزمان يعادينا ُ ما للحوادث تٌنئينا وتُدنينا
سوادا من ليالينا
ً والفرع يحكي خود غدائرها طالت إلى قدم
ٌ
ش ِفي َنا
اللحظ من طرفك الممراض َي ْ تفديك شوقا تعالى واسمحي كرما
لقاء منك يحيينا ِ حتام نشكو ٍ
بقلب َن ِ
از ٍح قل ٍ
متَنا وإ َّن ً ق
بأي َذ ْنب َه َداك اهلل تقلينا الحب معصي ًة
ُّ ماذا جنينا وليس
صدتا فسلت لَنا سيفا وسكينا مالت إلينا فولت بعد ما ركنت
ملك الجمال وزادت فيه تمكينا رخيمة الدل كحالء الجفن حوت
إن َحيَّرت بمعانيها المحبينا
ْ عجب
ٌ ص ِفها فكري وال
يحار في َو ْ
معنى من الغنج يسبي ال ُخ ْرد العينا ت حورية أبدت لواحظها إن ُق ْل ُ
خلف السرار وبالنقصان مرهونا أو قلت بدر رأيت البدر ذا كلف
الدر مكنونا
ما زال يخجل عقد ّ أو قلت درة غواص فمبسمها
شجي وتستهوى الخليينا
تبلو ال ّ لكنها فتن ٌة للناس مرسل ٌة
على الهوى ال تزال الدهر مفتونا حتى متى يا فُؤادي َأ ْن َت ُم ْن َع ِك ٌ
ف
كم ذا تعنى وذاق الذل والهونا هو الغرام فسل عنه معانيه
وقيس ليلى َد َعاه َّ
الناس َم ْج ُنونا كثير َعَّزةَ َغال الحب عزته
ُ
المشيب يجلي فودي الجونا
ُ الح فخلّش عنك التَّصابي واتَِّئ ْد فلقد
مـــــــن
البسيـــــط قال أحمد شوقي(ت1351هـ) :
ِ
الكافور تَسقينا ين ِم َن ال ُخ ِلد ِب
َع ٌ أغضت علي ِم ٍ
قة صر َوإ ن َ َ
ِ ِ
لَك َّن م َ
حتى
حتى
مع في َمآقينا
قي ُة َد ٍ
إال َب َّ الدنيا ِبأيدنيا يء ِم َن ُ
ش ٌبق َ
لم َي َ
رياحينا هر ِ الد ِ الدةَ ِ
ُك ّنا ِق َ
العال ُكنا َ
َوفي َيمين ُ طت فا َنفََر َ جيد َ
مس إال في َمغانينا ال تُ ِ العِّز ِ نازلُنا في ِ
كا َنت َم ِ
ش ُ ق ال َ شر ُ شام َخ ًة
أقداح ساقينا
ُ ِمن ماِئ ِه ُم ِز َجت الم َجَّر ِة لَو
هر َ كان أقصى ُمنى َن َِو َ
كان َيبدو ِمن أعادينا
جم َمن َ ِلر ِ
َ هب لَو ََّأنها كا َنت ُم َ
س َّخ َرةً َوالشُّ ُ
خد ُعنا الدُّنيا َوتُلهينا
شزراً َوتَ َ رمقُنا روف َّ ِ
َ الدهر تَ ُ وص ُ َفلَم َن َزل ُ
ديق َوال ِخ ُّل ُيواسينا
ص ٌ َوال َ ب
شٌَحتّى َغ َدونا َوال جاهٌ َوال َن َ \
أنت تَقتَربينا
القوم َ
ُ َح ِس َب بارق ِمن َبعيد
ٌ الح
ُكلَ ّما َ
ذل َك األفق جونا كان لَواله ِ حسبوه س َن ِ
اك في األ ْف ِ
ق َيبدو ُ َ
سبينا ِ
لك تَروي مشاه ًدا تَ ْ بدع إذا شهدنا الدراري غير ِ
جلّ ُة القَ ْوِم فانبروا يجتلونا َنجلي
شاه َد السنا ي َ
فل َك ْم َ
ض ِنينا
كان َد ْهراً َ
ـر َكريماً َو َ َح ّبذا ليل ٌة بها أصبح الدهـ
عجبوناالم َ
صقّق ُ إذ تَ َجلّى َو َ حفلة أرقص القلوب سناها
األفضلينا سماُؤ ها ِ
َ إذ أقلت َ سناها حفلة فاضل ال ُنجوم َ
ِ
الحاضرينا ِـب قلب ي ِ
شاطر شاقها الغائبون عنها َو َكم ِلل َغيـ
ُ
فالليالي عون لمن يصغونا ص َغينا إلى عظات اللَيالي
إن َ
ِ
السامعينا شنف فالمعالي ت ّ أو أصخنا لما تقول المعالي
َ
ليس َيدري أقلها إال كثرونا الزمان كثر و ِ
لكن حسنات َ
َ َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []300
ِ
الشاكرينا جعلتنا لها من غب مثلها لليالي
كم َيد ّ
المحتَوفنا ِ
طالباً يحتَفي به ُ ما َو َجدنا لوال صروف اللَيالي
طالباً في جماهر الطالبينا المعالي
ما َو َجدنا لوال طالب َ
كأساً تلذ للشار ِبينا فعلى ذكر طالب نشرب الليلة
َ
العيونا
منه في مصر ما يقر ُ بالسنا العراقي َيبدو
َمرحباً َ
َه َكذا حق للعال أن تكونا رحباً بالعال َمتى تلك ُقلنا
َم َ
ِ
عارض المزن يستهل هتونا رحباً بالَّذي ْ
استَ َه َّل فاخزى َم َ
نشره دار في الحمى دارينا شذا َيضوع فَ َيطوي
رحباً بال َ
َم َ
أن قيل برز السابقونا المجد
رحباً بالسبوق في حلبات َ
َم َ
ِب َجليل الثناء َ
كان قيمنا رحباً بالَّذي إذا القوم أثنوا
َم َ
س الَّذي تَعلَمونا ه فَ ُه َو ِ ِ
الفار ُ ُ جهلو
اطلبوا طالباً َوال تَ َ
تول الَّذي ُي ِ
جرى القوانينا ولم ِّ لقد نشرت قوانينا موقتة
يخلق بها لينا
ْ َّ
كأنما اهللُ لم والة َأ ْن َت ُم ْر ِسلُهم
قست قلوب ِ
ُ
اس ِد تلقاهم شياطينا
وفي المفَ ِ
َ
ٍ
مصلحة أغبياء عند
ً تراه ُم
ُ
ِ ِ ِ
حتى غدا ماؤها في َكْأسه ط ْي َنا تكدرت بازدياد الجور عيشتنا
ِ
وراشينا مرشي ما بين ِإ ْغ ِ
ماض ظ ُّل به
ستَ َ وضاع ِفي ِ
ٍّ الم ْلك َعد ٌل ُي ْ
ُ
ُع َّمالُك المستبدون السكاكينا حد لهم الرعي َة أغنما َي ُّ
إن َّ
َّ
لكنهم جانبوا اإلنجاز الهينا كم عاهدوا أنهم يأتون معدلة
ٍ
بمحمود وإ ن زينا فالكذب ليس ٍ
بموعدة السوء ال تكذب
يا والي ُّ
هلل ما ِ
أنت يا نفسي تالقينا ِ في كل يوم تالقين احتفال ردي
ظا قلب والينا
فذاك يمأل غي ً شرقي َّ
بالنور أوجنا شمس ال تُ ْ
ُ يا
تهبي على َج ٍ
هر بوادينا فال ِّ ِ
راعيت جانبنا ريح إن
وأنت يا ُ
ٍ
بنفحة منه إن عاف الرياحينا الع ْدل مكتفيا
شم َماذا على من َي ُّ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []303
َي ْن ِعي لمصر وللشآم أمينا ناع بكى مأل البالد أنينا
ٍ
َذاقت ِب ِه بر البنوة حينا بأمة في ٍ
ابن لها قد أناخ ٍ
ثكلت فتى في المخلصين أمينا منذ الذي ثكلت ومن فجعت به
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []304
ِم ّنا وال الدمعُ ْأبقَى من مآقينا صدودا فما أبقي تجافينا
ً ُكفِّي
على ٍ
ليال توافينا وتسبينا ذاكراك خافق ًة
َ تطير نفسي من
ُ
ِ
الجوانب تسقيها أمانينا خضر مبتسم ِ
الوجه طليق
ُ الزمان
ُ إذ
َ ٌ
تهز من ُح ّبنا ِفيها َر َياحينا
ُّ العتب راقص ًة ِ نسمات
ُ كانت بها
ْ
بين أيدنيا
فما سوى الهم أمسى َ يدهُ بعد ِ
اليوم لي َ الدهر َ
ُ يمدد
ال ُ
الحب يجرينا
ُ يرضها
كن لم َ
ما َّ الحب جارية
ِّ وأدمعٍ في ِ
زمام
شمس فيها من أعادينا
ومطلعُ ال ّ عواذِلنا
صيرت هذي الدراري من ِ
َ
ليس يخطينا
زمان َ
تُخطى وهذا ٌ كانت فجاِئ ُ
عه الزمان الذي ْ
ُ مر
َّ
غرى بالمحبينا ِ
الدهر ُم ً فما لذا يجمعنا
ُ كان
الدهر شمالً َ
ُ وفرق
َ
الد َجى ينعاهُ ناعينا
بجنح ّ
ِ َّأنا يه قامت َن ِ
واد ُ ْ الفجر إذ َم ْن ُم ْبِلغُ
َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []306
اليوم يبكيينا
َ على
عنه فبتَ َن َّ
ُ تفتر ضاحك ًة
كانت ليالي الهوى ُّ
ْ
صفو من تصافينا وكان ِ
فيه جما ٌل من نضار ِتنا
وفي ُم َح ّياهُ ٌ َ
ِ
الفجر واشينا وضياء
ُ على الهوى حاسدنا
ُ البدر
ندر أن َ أيام لم ِ
َ
الخد حينا واللُّمى حينا ِ
وردة ِّ من ف مشعشة ص ْر ٌ ِ
تدور في َكْأس َنا َ
ُ
والحلي في ٍ
طرب مما ُيغنينا والنجم في نشو ٍة مما ينادمنا
ُ ُ
ترجع لوادينا
ْ وظبية القاع لم طلعت
ْ غابت بعدما
ْ يا طلعة الشمس
ليس يلهينا ِ
أنس َيلهيك ٌ
َ وبات
َ شاغلتك عواد ما تشاغلنا هل
فليس صعبا ِ
عليه أن يالقينا إن كان سهالً علي ِ
اهلل تفرقنا
ً َ
هل معشر السود إال من موالينا ما للعبيد بدت أنيابهم فينا
بل اشتروا معه حبال وسكينا ال تشتروا العبد يوما والعصا معه
عند العباد وعند اهلل ملعونا المجد يبغض عبدا بات محتقرا
وأنتن َّ
الناس أردانا وعثنونا هل كان إال أحط الناس مرتبة
وأكثر الخلق كل الخلق تلوينا يا أكفر القوم بالنعمى إذا غدقت
دروا متى كان قرد السوء ميمونا الترك سموك ميمونا وليتهم
وكان لطمهما بالنعل عربونا سل والديك فقد بيعا بال ثمن
لكان شاريهما بالشسع مغبونا لو قدرا في شراء يوم بيعهما
فكيف يضحى على األعراض مأمونا العبد ليس على شيء بمؤتمن
يوما مشافره تعيي الموازينا ضخم المشافر ِز ْن ِج ٌّي لو اتزنت
حتى كسوناكم التمدين والدينا إنا رفقنا بكم في جاهليتكم
أيام كنتم ِ
فإن أزيل الطوى كنتم سراحينا غب باع اللَّيل من َ
س ٍ ض َ
أقام لُْؤ ُمكم عنا البراهينا إذا افترضنا محاال طيب عنصركم
ِ
المشافر أو كنتم براذينا سود مرا ِ
لوال عواطفُ َنا كنتم ل َنا ُح ً
لو كنت إسكندرا أو كنت قارونا ال محاسن سوم الموت نذكرها
سِلي َنا
وما َو ِغ ْ
ُّ
تسقي ضريحك ُزق ً وال رواك الحيا إال بداجنة
كنت إال به باألمس مطعونا هل َ هون على ٍ
قلم ما زلت تعرفه
َّ
هز األمين ورب الجود هارونا لو كان في األعصر األولى التي غبرت
ور َو ِ
الثمر الن ِ ب ِمن َم ِ
زيج ّ ُم َر َك ٌ رت َخياالً ُك ُّل َج َ
وه ِره ش ََو َكم َن َ
ِ
األعشاب ُيحييها فيض َعلى
َعذباً َو ٌ نهلُ ُه ِ و َكوثر َ ِ
أنت ل َلبرسيم َي َ َ ٌ
ِ
الماء تَسقيها تُ ُمدُّها ِبَرحيق فاضت َرواِئ ُحها لمراعي الَّتي َ ِ
َول َ
ناح الطاِئ ِر الشادي
ِمن ِرقّ ٍة َك َج ِ قهر َنما في ِظلِّه َوَر ٌ ب َز ٍَو ُر َّ
هر َعلى الوادي
أنت يا َن ُ
أحييتَها َ
َ غاب ُمز ِه ٍر َأبداً
مح َو ٍ ب قَ َِو ُر َّ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []310
ِ
البساتين لس ٍل َ
راح َيجري في َ س َ من َ رت إلى الطُغيان تَم َن ُحها
َو َكم َب َك َ
شرايين سار ِم ُ
نه في ال َ ق َ قر ٍ ُم َر َ ميز ِمن َم َد ٍد
الج ِ
عثت إلى َ
َو َكم َب َ
الخ ِ
ميالت في َغ ِيثها َوهو َي ْهمي في َ وزاء تُ ِأنت َخصب على الج ِ
بص ُرهُ َ ٌ َ َو َ
وتَستَحي ُل ِمياهاً في الس ِ
ماوات صعداً ِ
َ َ تَعلو ُبخارا إلى آفاقها ُ
َفلم َي ِجد ِللقاء َمن ُينادينا ش َرف اللص ُعقبى اللَّيل نادينا قَد َ
أين راعينا ؟ راسنا أم َ جال جولة حزم ِ
فيه ُمنفَ ِرداً
فأين ُح ُ َ قد َ َ
الدهر َمأمونا تَخش ِعقاباً َو ُدم في َّ شرّفتنا أيُّها اللص ال َكريم فَال
َ
َوال َنوم َيسري َكلص في َمآقينا سقَعفواً فَقد ُزرتنا َوالليل في َغ َ
اهلل ُيرضينا ؟ جن األمير بجاه ِ س َ فهل
َحزت اإلمارة عن ُكل اللُصوص َ
َ
الهجر َيفنينافارجع ِإلينا فطول َ يا لص إن ُدمت في أمن َوفي ِسعة
فعلت َو َهذا القَ َدر َيكفينا ِ النوادي يأمن َغير ُمكتَرث َجل في َّ
مما َ
دامت األعياد تَأتينا لخلع ما َ ِل َ سيداً قد أتى العيد ال َكبير فَ ُدميا َ
العيد راضينايك يوم ِ ضل ُكم ِدلّنا َعن َنهج َمس َك َن ُكم
ِمن فَ ِ
َكيما َنه ّن َ َ َ
الرجا فينا
خاب َّ
َيلفى َنصيراً َوقَد َ اللص َيسطو َعلى َحق األديب فال فَ ّ
َّأل
الهوى حينا نني ِع ُ
شت في َحِّر َ ق ُكلِّ ِهم
العشا ِ
ضلَتني َعلَى َُّ
فَفَ َّ
قل َوالدِّينا
الع َ
ت َشتي فَ َنس ِي ُ
ُحشا َ ذابت ِل ُرَؤ َي ِتها
مع ًة َ َأرسلَت َد َ َو َ
ست اآلن َمفتونا َأجاب َدعني َفلَ َُ َأسرع َواستَ ِع َّد لَها لب ِ لت يا َق ُ َو ُق ُ
ِ ِ
الهوناض ُمذه ٌل ُذ ْق َنا ِبه ُ تَناقُ ٌ ربدةٌ
قدير َو َع َ سخطٌ َوتَ ٌ رضى َو ًُ
بقريينا
الع ِّ
نوز َترث ِل ُك ِ لَم تَ َك ِ ابن الفَ ِّن عا ِبثَ ٌة رضيك يا َ َ تُرى َأتُ
بقريينا
الع ِّ
نوز َترث ِل ُك ِ لَم تَ َك ِ ته
در ُرتََب ُ ظت ِل َلب ِ لَو َّأنها َح ِف َ
الم ِّ ِ
غني َنا هامتـ ِب ُ
غنى َو َ حماهُ َم ً الشعر ألتَّ َخ َذت ديع ِّ َأحبَّت َب َ َولَو َ
يس اُألباةُ ِل َمن ُّذلوا ُمساوينا لَ َ ش َدتـ ولَو تَسامت إلى ِ
َأفالكنا لَ َ َ َ
ِ ترجعا ِذكرى مود ِ
سلِّيناَحتَّى َأرى من ُهدانا ما ُي َ َّتنا ََ س ًِ ست ُم َ َفلَ ُ
ين َيشفينا العي َن ِ ِ باء لَ َّو َعت َك ِبدي
َمن يا تُرى من َأذى َ هر ٌالهوى َك َ َن ُار َ
النقا ردَّت م ِ
األوتار تُلهينا
ُ ياض َوال
الر ُ َوال ِّ باه َجنا َ صون َّ َ فَال ُغ ُ
عد ُن ِ ِ ِ
در ُيصبينا الهدى ال َب َ
ور ُ فَ َب َ َوال اتَّ َخذنا َبديالً َعن َهواك َه ً
وى
لكن َع َدتنا َعلَى َكر ٍه َعوادينا ِ بناك َعن َكثَ ٍب اخ ِتيارا تَج َّن ِ
َوال ْ ً َ
وما َو ِغسلينا ب ِإن َك َ ُّ رض ٍلت َأرجو َخير تَ ِ اآلن ما ِز ُ
ان َزق ً الح ُّ
فَ ُ ية َ َو َ
الهوى َو ْر ًدا َو ِنسرينا َي ِجد َب َ ِ
ديل َ رامتَ ُه
ال َخ َير فيه فَ َمن َيحفَظ َك َ
مال فُنوني ما يَؤ ِ
اسينا َو ِمن َج ِ بت لَ ُهشفيع ما استَج ِ لي ِمن َ
ُ َ شبابي َ ٌ
رسيًّا َوقانوناجد ُك ِ
في ِق َّم ِة الم ِ ق ِفكري ما ُيخلِّ ُد لي َو ِمن تََألُّ ِ
َ
فحت عَّما رَأيناهُ ِب ِ
ماضينا ص ُ دت لَنا صفوا وتَ ِ
سل َي ًة فَإن َأر ِ
َ َ َ ً َ َ
وح ما ُيبقي تَصافينا الر ِ ِ ِ سمان فَاتَّ ِخذي روحان ال ِج ِ ِ
من َدولَة ّ بالح ُّ
َو ُ
َّار في الدُّنيا ِبَأيدينا لود ِإذادار ال ُخ ِ ُأحب ِ
و َهل ِ
لَم َن ْبتَ ِن الد َ ُّك في ِ َ
َأرواح تُناجينافوح َك ِ زال َّ ِ
ٍ طرا َي ُ
ع ً كرهُ فَ َغدا َأما ذ ُ الربى َ هر ُّ َز ُ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []314
الربى يا ُأميم ال َق ِ
لب ُيحيينا هر ُّ ِ
َ َ َز ُ قاء لَها
سبيه ظالالً ال َب َال تَ ْح َ
ِ
اَألرض ُيفنينا ب
لود فَ ُح ُّ
ُيرضي ال ُخ َ اعملي َع َمالً ِ فَ ِ
شاركي خال ًدا َأو فَ َ
للمنابر ِإال َ
سادةٌ فينا ِ من ِ
للمواكب أو ِ
للكتائب أو َم ْن َم ْن
وم قد أخذوا َع َّنا قوافينا
والر ُ
ُّ قصائدنا
ُ جاءت من المأل األعلى
وال الفُروس َة ِإال من مجارينا ِ
مدارسنا لم يعرفوا العلم إال ِم ْن
وسرحت خيلَنا فيها سراحينا ِ
جحافلُنا ِ
الممالك داستها َأعلى
ْ
ّ
ض ْت شواهينا
برنات وا ْنقَ َ
َ جبال
َ ِ
بأبطال الوغى قطعت الجياد
ُ تلك
إيضاحا وتبيينا
ً َّهر
زادهُ الد ُ
قد َ َأثر
في أرض إفرنس َة القصوى لها ٌ
عبابا في مغازينا
َرمالً وخاضت ً حوافرها ثلجا كما وطئت
ُ داست
ِ
األوطار ساعينا ِإال رَأتنا إلى علو ِ
مطلعها َأشرقت من ِ مس ما َّ
ْ الش ُ
شاكينا
ق َ ِ
رزبان للبطري ِ للم شهما
فرت جيو ُ وقيصر قد َّ سرى ِ
ُ ُ كْ
يرموك حتى ِ
يوم حطينا َ من ِ
يوم ِ
بالتيجان مزري ٌة حيث العمام ُة
اس تأمينا قام الخليف ُة ُيعطي َّ
الن َ طواف بالسرير إذا
ٌ وللع ِ
روش َ
َ
وما وقى العرب الدنيا وال الدينا ٍ
أندلس أرض ِ
الخالفة ضاعت ُ بعد
َ
اوينا واستمسكوا بعرى اللَّ ِ
ذات َغ ِ أصبح َدعوى في طوائفهم المل ُك
َ
ِ
األسبان تحصينا لم ي ِ
لف من غارة ٍ
طائفة قد بايعت مل ًكا ُّ
وكل
ُ
القوم بالفوضى السالطينا
ُ أكثر
إن َ ْ السلطان هيبتَ ُه
ُ يفقد
وهكذا ُ
لكن إذا اختلفوا صاروا مجانينا ِ
الناس ما ائتلفوا عند
والبأس َ
ُ والرأي
ُ
ملك المستنيمينا َو َحطَّ َم َّ ٍ
أندلس تقلص الظِّ ُّل عن ِ
جنات
يف َ الس ُ َ
المساجد فيها للمصلينا
ُ وال بالباقين آهل ٌة
َ فما المناز ُل
فكيف نبكي وقد جفت مآقينا ٍ
قرطبة عهد
ترجعن لنا يا َ
َّ لن
َ
وِإ َّن ذكراك في البلوى تسلينا زهرا ومن َريَّاك نشوتُنا
َذَّب ْل َت ً
وكان أكثرها ِ
للعلم تلقينا ِ
للملك عاصم ًة أعظمها كان
ما َ
َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []317
وأطياف تباكينا
ٌ رسوم ِإال ملك ومن ٍ
خول يبق منها ومن ٍ لم َ
ٌ
له تبكي أعادينا
َي ْروي حديثًا ُ آثار ِ
نعمتها زال في ِ
َّهر ما َالد ُ
مسون غازينا؟
َ قاضين أو ُي
َ ضحون
َ ُي مروان ساستُها
َ أين الملو ُك بنو
َ
أواخر ٍ
نور في دياجينا؟ وهو وأين أبناء ٍ
عباد ورو َنقُهم َ
ُ ُ
األجراس تأذينا هال تُ ِّ
ذك ُر َك ٍ
بقرطبة المسجد العاني
ُ يا أيها
ُ
عفرينا
الليث يمضي في ِّ
ُ كأنه ٍـ
أعمدة بين
كان الخليف ُة يمشي َ
َ
العلياء آمينا
ُ قال قالت له
أو َ مال مالت بعه الغبراء واجف ًة
إن َ
مان والتينا
والر َ
والكرم ُّ
َ والتوت
َ والزيتون غادي ًة
َ النخل
َ ِ
وأمطر
ِ
غرس أيدينا ألنها كلُّها من ٍ
مقدسة ٍ
بأشجار خيرا
أوصيك ً
َ
المماليك المساكينا ؟!
َ فيكف صرنا
َ الكون مملك ًة
ُ الملوك وكان
َ كنا
السكاكينا
واليوم قد نزعوا منا َّ
َ صوارمنا
ُ رقاب العدى انفلَّ ْت
وفي ِ
ومن براق ِيلهم نلق طواحينا س ْت بسالتُنا في الحرب نافع ًة
لَ ْي َ
ِ
بمثلها وامتنعنا في صيانا فلو فطنا لقابلنا قذائفَهم
َّ
وارتد أسطُولنا يحمي شواطينا عسكرنا يحمي منازلنا
ُ َّ
واشتد
وما أتونا على ضعف شياطينا إ ًذا لكانوا على ٍ
بأس مالئك ًة
كالس ْج ِن والج ُ
َّالد والينا والدار ِّ أمل فنحن في ِ
أرضنا أسرى بال ٍ ُ
ُ
األرض نيرانا ليفنينا
َ ما يمأل مداف ِعهم
القالع وشدوا من ِ
َ شادوا
قالوا أما ًنا فكونوا مستكينينا وتدمير ومجزر ٍة
ٍ ٍ
اعتداء بعد
َ
ميزان ٍ
عدل ولم توفوا الموازينا َ ناصبون لكم
َ كم يقولون إنا
التهويل تهوينا
َ وصيَّروا ِبيننا مطامعهم
ُ شاءت َّ
تحكموا مثلما َ
جوس في نواحينا
ٌ ِ
وللفرنسيس سنا ِ
باآلمال أنفُ َ فال تَ ُغَّر َّن
يوما مبارينا
نصير لهم ً
َ بأن هل يسمحون ولو صرنا مالئك ًة
سالح به يخشى تقاضينا
ٌ وال ال يعرفون التراضي في هوادتنا
أما لنا عبرةٌ من ِ
جهل ماضينا ِ
حاضرنا إن لم تكن حكم ٌة من ِ
علم
األعالج تمدينا
ِ نريد من
وال ُ َّإنا نعيش ما عاشت أوائلُنا
سِلي َنا
وما َو ِغ ْ
نختر على ِّ ُّ
العز َزق ً ضرع
ٍ إن قدَّموا المن والسلوى على
الحجاب الذي فيه تُصانيناِ ذات مغربي ُة يا ذات الخفار ِة يا
ِّ يا
الحور والعينا
َ عمك يهوىمن ُو ِلد ِّ العلج واستبقي أخا ٍ
عرب ِ صدي عن
ّ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []319
الص ِ
هب العثانينا ش ِهدنا من ُّ وال َ فال رأينا من األحدا ِ
ق زرقتها
ِ
مستخفينا العلوج ثقاالً تأوى وا طول لهفي على ٍ
قوم منازلُهم
َ
ثم استكانوا على ٍ
ضيم مطيعينا دون حر ِمتها
قد كافحوا ما استطاعوا َ
الفرنسيس المالعينا
َ وينصرون
َ خصاص ِتهم
َ دفاعا في
يملكون ً
َ ال
مثل ٍ
أنعام مسوقينا فأصبحوا َ إربا
أعداؤهم قطعوا أوطانهم ً
ساهين الهينا
َ من النبي على غضب
ٌ هذا لعمري لسخطُ اهلل أو
ثبى
يصدق أن التائهين ً
شا ترى الدنيا ميادينا
كانوا جيو ً ُ من ذا
ِ
الصحراء حافينا واليوم يمشون في ٍ
ناضر زم ًنا مشوا على ٍ
ناعم أو
َ
وإ ن دعونا فال موسى يلبينا األعالج من ٍ
كثب َ طارق يطرق
ٌ ال
الوحل والطينا
َ ومنهما عوضونا بالقهر قد أخذوا مس ًكا وغالي ًة
وعافنا الحسن حتى ما يدانينا قد عقنا الحب حتى ما يهم بنا
إن خانني الدهر ما زالوا موالينا رمز الوفاء وأهل الصدق في ثقة
ألوقفوا القدر المكتوب في الحينا جهدا ولو قدروا
يرجون لي ما لهم ً
صدق المواساة من خير المواسينا يأس شعرهما لبي فال عجب
إن ُ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []323
نشوى َّ
الشباب ولم تُْب َل حواشينا أكدارا وما ذهبت
ِّل الصفو ً
قد ُبد َ
أنكى المصائب أردتنا مصابينا ق العمر شابت صفو بهجته
َو ُر ِّي ُ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []324
مـــــــن
الخفيــــف قال أحمد الكاشف (ت1367هـ ) :
لك ما ترتضيه دنيا ودينا ِ
الفضل المحامد فينا صاحب
ُ
ـج سعيداً مباركاً ميموناً غاية البر بالغ أنت بالحـ
يؤدي أمانة المسلمينا
ـت ّ ِ
األمين إلى البيـ ِ
المسلم رحل ُة
القرى طائفا مع الطائفينا ليتني كنت بين صحبك في أم
في الحمى أولياءه الصالحينا أذكر اهلل في حماه وأدعو
العمرتّ ْي ِن مجتمعينا طِ
ار في ّ ـَ وأحيي الموحدين من األقْـ
قيت منهم سرائر الغائبينا أحاديث َم ْن ال
ّ وأرى اليوم من
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []326
ِ
َع ْن ُه ْم َو ُه ْم بالّذي َأ ّغرى َي ِه ُ
يمو َنا أغرى البرية باستقاللهم ونأى
يرج من قَ َدٍم ّ
الدنيا ال ّنبيو َنا ِ أيبتَ ِغي رج ُل َ
لم ُ الجديدة َما الد ْنيا
مالئكا برة هذي الشياطينا ِ
األرض متّ َخ َذا غير
األرض َ ُ وتبد ُل
وس َهم وتعداها الخليونا
ُنفُ َ ستَ ْب ِش ُر َ
ون ِب َها الم ْ
هواجس مأل ُ
ٌ
بالب ِ
ْأس َم ْق ُرونا طلبا َ ِإ ْن لَ ْم ْ
يجد ً فاقد ُنداً والحق في ُك ِّل َع ْ
ص ٍر ُ ُّ
المغلوب مغبو َنا
ُ إذا ا ْنثََنى األعز ُل وب َج ِان ُبه
ْه ُ
المر ُ
الح ُه َو َ
الس ِ
فذو ّ
األرض تكوي ًنا وتلوي ًنا
ُ تغير
ّ َأخالَقًا ومتّ َج ًها
اس ْتَ َغ ّيّر ال َن ّ
صوت العواطف توفيقا وتأمينا اليو َم َي ْخلُفُها
ت القَ َنا والسيوف َ ص ْو ُ
َ
فتح المبادىء ال فتح المغيرينا ض َغاِئ ُنها وللش ِ
عوب َوقَ ْد َزالَ ْت َ ُّ
يغدو به ويروح البلشفيونا ارم َماالم َغ ِ ِئ
عقبى الهزا م َب ْل ُع ْق َبى َ
بعد المظالم أحراراً مغالينا طلقُوا لم واْ َن َ ِ
ش ُموا في البالد الظّ َ تَ َج ّ
إال قياصر فيها أو فراعينا ص ِر ِه ْم
ضوا أن َي ُكونوا بعد قَ ْي َ َو َما َر َ
إن أخطأ القوم أو كانوا مصيبينا ٍ
منقلب أعذار ُه ْم في ُك ِّل للقوم
ُ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []329
موفينا
للبلجيك ً
َ العهد
َ َرعيتُ ُم لمصر َكما
َ قَو َهل وفيتُ ُم بميثا ِ
كانوا ُموالين أو كانوا ُمعادينا األحرار ِعّزتهم
ِ َأعجبت ُكم منكم ْ
كما ذكرتُم وأكبرتُم َو ِشنطونا رضا
فهل َذكرتم وَأ ْكبرتم لنا َغ ً
الحدث األبطا ُل عالينا
َ وأنجب
َ األحداث عالي ًة
َ كم أنجب البط ُل
ؤدونا
أنتم ُم ّ ْت َ ِ ك ّنا أمان َة ٍ
األداء فَ َه ْل ْ َوق ُ دهر عند ُك ْم وأتَى
مقرونا ٍ
أنتم ّ فهل ْمصر ْ بحق َ ِّ منتصف لمصر َك ّل
َ أقر
وقد ّ
صرينا ِ ِ
أصب ْحتُ ْم ُم ّ
المآرب َ أي استقاللها َف َعلى أصرت على وقد ّ
َ ٍ ِ
آخذون ِبمقدار ُ
وم ْعطُونا أم طلَبت لمصر ُك ّل ما َ
َ أواه ُبون
سمونا ِ وإ ن رفعتم عن ِ ِ
اس ُم الحقها فيما تُ ّ فما ْ مايتَ ُك ُم
الوادي ح َ َ ْ
ساوينا وإ ن تروا بدالً منها مح ِ
الم َ
فَ ْم َن لَنا بضما َنات ُ الف ًة َ
تزيدونا
تس ُ ش ِ َّ ِ
وأنتم ْ
ُ ريك حق ال ّ الحليف وعن حق
لنعجز عن ِّ ُ إنا
شاهينا العصفور َ
ُ جاور
َ إال كما وما مجاورة األقوى وشركته
ِ
سالطينا ص َر ملوكاً أو ِ
والةَ م ْ ود ْعوا
ادعوا بني مصر أنداداً ل ُك ْم َ
الم ِشيرينا ِ روها ِأل ْكفَ ٍ
اء تَ َج ِ ِ
يه ُم َع ْن تكاليف ُ تُ ْغن ُ ار ُبهم وغاد َ
سلينا وإ ن جرى نيلُها م ْهالً ِ
وغ ْ مصر وإ ن شا َك ْت منابتُها
َ يفدون َ
الس ِّد َم ْخزونا
وراء َّ وإ ن َأقَام صرفًااء م ْن ِّق في َ ِ
َ البيد ُ وإ ن تدف َ
فَفَاديات كما َن ْرجو َوفَ ِادينا رائرها
َ مصر باريهم َح أحرار َ
ُ
المزكينا
يجارين ّ مز ّكيات صلّينا الم َ ِ
َ مصليات يجارين ُ ّ
ات الخرد ِ للنج َد ِ وهل ر ْ ِ
العينا ّ تثير َّ َ
ُ صر َق ْب َل ِ
اليوم َد ْع َوتَها َأت م ُ َ
والرياحينا ِ
الخطير وما ِ
الشأو السعير إلى خضن
َح َم ْل َن إال التّحايا ّ َ
ش ّد ًوا َوتَ ْل ِحينا
أحرن ما ارتاعها ّ رام ُمرعدةً اع ِت ْ
اَأله ُ وكلما َر َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []332
مــــــن
البسيــــــط قال علي الجارم (ت1368هـ) :
س ِق ْ
يت من ِّ
كف ساقينا َّ
كأنما ُ تكسرها
ش َوى في ُّ مر ْت مع الصبح َن ْ
َّ
ناف ٍ
أرخت غدائرها أخالط ِ
وأرسلت ذيلَها ورداً و ِن ْ
سرينا ْ جة َ ْ
سراها الرياحينا
أنفاس َم ْ
ُ تمج
ُّ كأنها روض ٌة في األفق سابح ٌة
ِ
واآلمال ما فينا فيها من الشوق َّت بنا من جنوب ِ
النيل ضاحك ًة هب ْ
األيام تُْنسينا ِ
الوداد وال عن يحولنا
بعد ِّ ِ
العهد ال ٌ إ ّنا على
ُ
ش الهوى لو ِ ِ ِ
كنت تدرينا و ِه ْجت ُع َّ َ نسمة السودان العج ًة
أثرت يا َ
ونشوة الشوق في نجوى المحبينا وسرت كالحلم في أجفان غانية
شوقاً حين تسرينا ٍ
محتبس َوْيحِي على خاف ٍ
ق في الصدر
يكاد يطفر ْ
تمرينا
الم َنى فتم ّنى لو ّ سنوات ما بها َأر ٌج مرت به
من ُ ٌ ّ
ِ
كوجه الب ْكر تلوينا من الرياض هت في مصر قُمريا ِبم ٍ
عشبة نب ِ
ّ
ُ َ ْ
شجيناالصوت قُ ْدسياً في ْ
َ يردد
ّ والعود في يده ُ فراح في َد ْو ِح ِه
الر ْوض تلحينا
حفيف غصون َّ ِ ومن صوت من اهلل تأليفاً وتهيئ ًة ٌ
والنجوى أفانينا الشدو يطير من فَ َن ٍن ٍ
ناء إلى فَ َن ٍن
َ ث ْويبع ُ
َ َ ُ
البعد ُي ْقصينا
فإن َ ِ
الحبيب َّ من يقربنا
وعد ُالد ْو ِح هل ٌ
شادي ّ
َ يا
رات من أمانينا
ط ٌ التقت َخ َ
ْ لما عات من طبائعنا تشابهت َن َز ٌ
شعرك َغ ْم َر الدمع محزونا فجاء شعري أ ّن ٍ
ات ُم َن َّغم ًة
وجاء ُ َ َ َ
بالص ِ
در إلهاماً وتلقينا وجاش َّ
َ ص َدحنا به طبعاً ومو ِه َب ًة شعر َ
ٌ
كل ٍ
كالم جاء موزونا َّ
ظنتْه َّ ِ
بالشعر شاعرةً تكن
إن لم ْ
فس ْ َّ
والن ُ
الم َعّزونا !
عز ُالعيش لو ّ
َ أضيق
َ ما فاأليام مقبل ٌة
ُ طير
تعز يا ُ ّ
ِ
بالخير مقرونا شر غدا
فرب ٍّ
ّ ٍ
وفلسفة ٍ
بإيمان ُخ ِذ الحياةَ
ِ
الغيب ما ُي ْعيي الموازينا في ص ْف ِ
حة أجدت موازن ٌة
ْ فكم َّ
وزنا فما
َ ْ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []334
طير تكوينا ؟
تريد له يا ُ
فهل ُ الرحمن من ِق َدٍم
ُ كونه
الكون َّ
الملحينا رت إال
هج ْ ِ
ّ كالغيد ما َ يهيم بها
الم َنى ال تُواتي من ُ
إن ْ
الهوىـ ِغينا
ضات َ
ورو ُ تبرا ْواألرض ً
ُ الزهر من َع َج ٍب
ُ يدي َك
وبين ْ
تبكي َ
ِ
ش ِب ُيحييها ُ
فيحيينا الع ْ
منابت ُ ِ
الغدير إلى ْالن
يسب ُح جذ َ
والماء َ
ُ
السح ِب مفتونا
ْ ُي ِط ُّل بين ثنايا ينظر مفتونا إلى قَ َب ٍ
س هر ُ َّ
والز ُ
تختار يجرينا
ُ ياح بما
الر ُ
لك ِّ َ ٍ
سليمان ودولتَه جز َت ُم ْل َك
قد ْ
ِ
الشيء باكينا س َن ِ
وكيف ُن ْبص ُر ُح ْ صح ْت بصائر ُنا؟ الكون لو ّ َ أجمل
َ ما
ونحن نملُؤ ها ُحزناً وتأبينا اهلل قد خلق الدنيا ِل ُيسعدنا
ِ
كصفاء الدًِّّر مكنونا َّ
مودةً فارع له إن ُج ْز َت يوماً إلى السودانـ ْ
وع ْروةٌ قد عقدناها بأيدينا
ُ بأع ُي ِننا
عهد له قد َر َع ْي َناهُ ْ ٌ
ِ ِ
ويروينا
س ُل النيل ُيرويهم ُ
وس ْل َ
َ معنا
يج ُالعروبة والقرآن َ ظ ُّل ُ
التاريخ ماضينا
ِ ظ ْل ِ
مة وضاء في ُ حاضرنا أشع في َغلَس األيام
ُ ّ
شئت آمونا
إن ََع ْمراً إذا ِشْئ َت أو ْ تشاء به
ُ فاسأل َمن
ْ مجد على الدهر ٌ
مراج ٌل بلهيب َّ
النار َي ْغلينا ص َر وفي قلبي وقاطرتي ُ ِ
تركت م ْ
ونار الشوق تُزجينا
إلى اللقاء ُ ِس ْرنا معا فَ ُب َخ ُار النار يدفَ ُعها
الح َّف َل الجونا
السحاب ُ
شق َّ كالبر ِ
ق َّ ِ
الرياض بنا شق جامح ًة ُغ ْل َب تَ ُّ
كأنها تتوقَّى َ
عين رائينا الدجى َح َذٌر
وللخما ل في ثوب َ
ِئ
ض َن إال حيث يمضينا
فما تَ َعَّر ْ كأنهن العذارى ِخ ْفن عاذلة ّ
فهل لها نبٌأ عند ابن سيرينا أرض من النوم واألحالم قد ُخِل ْ
قت ٌ
من قبل أن يخلُق األمواه والطينا الرحمن رقعتها
ُ كأنما بسط
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []336
ِ
بجالل اهلل تزيينا ِِّ
وزينت الن ْب ِت آنف ًة
تسلَّ َب ْت من ُحِل ِّي َّ
ماذا تكونين قولي ما تكونينا ؟ مدى
وبعد ًرهاب ُ ٌ وسحر وإ
ٌ ت
صم ٌ
ْ
السر واهدينا فافصحي عن ِ
مكان ِّ سر ِعَّزتنا صحراء ِ
فيك َخبيًئا ُّ ُ
الص ْل ِد أخالقًا أوالينا ِ
صخرك َّ من صحراء كم َنحتت
ُ الع ِ
رب يا إنا بنو ُ
لق والدينا ِ
األرض لما أعزوا ال ُخ َ في أخالق أمتِّهم
ُ عزوا َّ
وعزت بهم ّ
شبوها شياطينا
وجذ َْوة الحرب ّ
َ ِم َن َّ
صة الحكم زانوها مالئكة
وبعدها َمألوا اآلفاق تمدينا نهضتهم قبل ِ
كانوا ُرعاةَ ِجمال َ
المصلِّينا
سمعت في الغرب تهليل ُ
َ برت بأقاصي الصين ِمْئ َذن ٌة
إن َك ُ
طو ُل السفار وقد أ ْك َد ْت قوافينا طار فقد أوهى تصبُّرنا ِ
قف يا ق ُ
ِ
النور في سينا كما تجلَّى جال ُل شرق ًة
بدت صفح ًة ا ْل ُخ ْرطوم ُم ْ
وقد ْ
يكاد يقتُلُنا لوال تالقينا جئنا إليها وفي أكبادنا ظمٌأ
ومن ِ
منازل أهلينا ألهلينا جئنا إليها فمن دار إلى ٍ
وطن
الح ُم ِر تسقينا ِ
بالج َن َبات ُ
وأنت َ سلفت
ْ ش َوةً
جدد َن ْ
الحي ّ
ساقي ِّ
َ يا
وابن زيدونا
تشرق السمع شوقي ُ هتفت بها
ُ ٍ
بنونية لما واصد ْح
َ
ّ
وك يا سلمى فحيينا محي ِ
َّإنا ّ وغن لنا وأح ُكم اللَّ َ
حن يا ساقي ِّ ْ
شرى َق ِ
وافي َنا واستَ ْقب ْ ِ تألَّ َ
الب ْ َ
لت َم ْوك َب ُ َ فاهتز ْت َع َوالينا
ّ النص ُر
ق ْ
األيك إيقاعاً وت ْل ِحي َنا
عَّز ْت على ِ
َ ف في األعناق أغ ْنية
الس ْي ُ
َغ ّنى لَنا َّ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []337
أن َن ْن َعاهُ َماض ِي َنا ف ْ َحتَّى لَيَأَن ُ الم َدى ِفي َنا ِ
َّه ِر َج َاو ْزت َ َيا ِع ْب َرةَ الد ْ
يه َج َو ِاري َنا قد فُ ِق َد ْت ِف ِالب ْح ُر ْ يه مع ِ ِ ِ ِ
َو َ اقلُ َنا الس ْه ُل َق ْد ُدف َن ْت ف َ َ َف َّ
اد َب ِاني َناشَ َوا ْن َد َّك ِم ْن َم ْج ِد َنا َما َ ثل ِم ْن ِعِّز َنا َما َعَّز َم ْطلَ ُب ُه
َوا ْن َّ
ات ُي ْد ِني َنا
َو ُع َّد َرفْعا لَ َنا َما َب َ َو ُع َّد َذ ْن ًبا َعلَ ْي َنا َما ُي َ
شِّرفُ َنا
س ُي ْغ ِني َنا ِ
أعلَى َولك ْن لَ ْي َ ق ْ الح ُّ
َو َ ضاُؤ ِل َنا ي َع ْلي َنا ِفي تَ َ فَ َاز القَو ُّ
ثلما ِدي َنا يف م َ
ض ِع ٌ ِ ين َ أن َي ِد َ َب ْل ْ أن ي ْغِلب األقَوى م َن ِ
اضلَ ُهُ ال فَ ْخ َر ْ َ َ َ ُ
طاطاً ِم ْن َم َع ِالي َنا أد ْل َت ا ْن ِح َ
َحتَّى َ يبتََناش ِب ََيا َد ْه ُر ِإ ْن ُك ْن َت لَ ْم تُ ْم ِه ْل َ
ش ِقي َنا الح ْزِم ُي ْ أن تَْر َك َ َك َج ْهِل َنا َّ فأ ْن َت َخ ْي ُر َم َر ٍّب ِلألولَى َج ِهلُوا
ث تُْر ِدي َنا تَ ُك ْن َح َياةً ل َنا ِم ْن َح ْي ُ فز ْد َمصاِئ َب َنا َحتَّى تَُن ِّب َه َنا ِ
اضي َنا ات ِفي ص َدِأ األ ْغم ِاد م ِ َو َب َ سقوا ِب َدِم األ ْك َب ِاد َع ْز َم ُه ُم
َ َ َ ُه ُم َ
ض َنا ِم ْن َخ ْفض َو ِادي َنا يء َخ ْف َ َولَ ْم َي ِج ْ ام ِخ ِه ْمشو ِ
الهْم م ْن َ َ
فلم تَ ِج ْنهم ع ُ ِ
ُْ ُ ْ
األقطار م ِ الف ْع ُل ِفي
والقَو ُل و ِ بأج َم ِع َها
اشي َنا ِ َ َ ْ َ الد ْن َيا ْ َكا َن ْت َع َمالتََنا ُّ
َّت تَُبار ِي َنا فَتَيري َنا صد ْ وما تَ َ ُر َ ض َعتَا ِذْئ َب ٌة فَ َغ َد ْتإذا الَّ ِتي ْأر َ
اء ُي ْق ِنينا أس َج َ اء َو َب ٍ فَتَى َد َه ٍ اغ َي ٍة
ط ِ اهي الظُّ ْف ِر َ حتَّى رمتْ َنا ِب َد ِ
َ ََ
اطي َناَنار الو َغى فح َكوا ِفيها الشَّي ِ ومان قَ ْد ِألفُوا في ِفتْ َي ٍة ِم ْن َب ِني ُّ
َ َ ْ َ َ َ الر َ ِ
ين ب ِ
اغي َنا َهدُّوا م َناِئر َنا َ ِ أخلَوا َدس ِ أر َدوا ع ِ
طاغ َ َ َ َ اك َر َنا ساك َر َنا ْ ْ َ ْ ْ َ َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []339
مــــــن
الوافــــــــر قال أحمد محرم (ت1364هـ) :
وان ُمساومينا
اله َ
وساموها َ أضاعوا حقَها وجنوا عليها
تبصرينا
الم ِّ ِ َي ْف ُّ فيا ِ
ض مضاج َع ُ طا ورأياً
ط ًة شط ً
لك ُخ ّ
َأب ْينا أن َن ُع َّ
ق وأن َن ُخونا جزاء
ً قوق لهاالع َ إذا َج َعلُوا ُ
ب َو ْع َده حتّى َيح ِي َنا و َنرقُ ُ القه َار فيها
الواحد ّ َ نخاف
ُ
اع ِقي َنا
بذكر ِم ْن ب ِنيها ال ّن ِ
َ َ ٍ اها
ص َد َفعت َص َر ما َن ْ ِ
ذكرتم م ْ
ِ
ستبسلينا الم ُّ
تهز ُحماتَها ُ وه ْم
َأهلَ َها َوتَ َد َار ُك ُ
أغيثُوا ْ
عب الحزيناش َ إلى استقالَِل ِه ال ّ وردوا
يرتَ ُه ّ الن َ ِ
يل س َ يدوا ّ ِ
أع ُ
س ِجينا أسيراً في َ ِ ِ ِ شر ٍ
اَألداهم َْأو َ وه
الخالفة أن تََر ْ ف أمن َ َ
صر وشعبها ُذخراً ثمينا ِ هو ُّ
كم َ صيبوا
الثمين ولن تُ ُ ُ الذخر
اج ِع م ِ
شفقينا المض ِ
َ ِقياماً في األحداث بتْنا
ُ طَرقَتْ ُك ُم
إذا َ
ُ
ب ِه َّن زالز ٌل ما َي ْر َع ِوي َنا وتهفُو ِ ُنثّ ُ ِ
بت من جوانحنا ْ
الوعيد وال َخ ِشينا ُ نفع
فَ َما َ الموعدون بنا ُرويداً
أهاب ُ
مـــــن
الوافــــــــــر و قـــــال أيضــــــــــا :
فما يم ِس ْك َن حتّى ي ِ
رتمينا ين تَ ْغفَىق ِح َ الصو ِ
اع ِ
َ ُْ ق َّ َ لها ُخلُ ُ
تظن بها الظنوناُمولَّه ًة ُّ الم َن َايا
ضاجعها َ
بيت على م َ ِ
َ تَ ُ
والسكونا الهوادةَ ِ
ُّ ممال ُكها َ الدنيا وتَ َْأبى
تقر فتفزعُ ّ ُّ
الم ْعتَدينا ِ الو َغى فيسي ُل ِم ْن َها
الم ْوت َي ْطوي ُباب َ
ُع ُ وتبعثُُها َ
صونا والح ُ
المعاقل ُ
َ َوَي ْلتَ ِه ُم والسرايا
ّ ِ
بالكتائب طو ُح
ُي ِّ
أما َكا ُنوا الطُّغاة القَ ِ
اهر ِينا اليونان كيف ط َغى عليهم
َ سل
المتلقِّفينا
عزريل في ُ
َ َي ًدا إذا طلبوا ال ّنجاةَ تَلّقفَتْـ ُه ْم
ِ
مخالبه سفينا وي ِ
زجي من الموج إن فَ ِزعوا إليهم ُّ
يشق
ُ َ
واقعها أثيناوزالت عن م ِ أزمير منها لت طوب ُز ِ
لز ْ
َ ُ ُخ ٌ
المنونا
َرمى الغازي فساق له َ سطنطين جيشاً
ُ إذا ما ساق قُ
كبرينا
كر ال ُغزاةُ ُم ِّ
إذا َّ كر
سطنطين ُن ٌ
ُ ِ
بجنود قُ وما
عرضينا ون ِ
األع َّنة ُم ِ وي ْل ُو َ يوف بال ٍ
قتال الس َ
َ ُّون ّ
َيرد َ
روائع يزدهينا
َ وزقُّوهاَ سنوها
أح َ
الهزائم ْ
َ إذا َنظموا
مـــــن البسيــــــط
حسن ٍ
كامن فينا ٌ َّ
فزحت كل ذكرى جلوسك قامت في نواحينا
مصر تهليال وتلحينا
ورجعت ُ
َ وأصبحت عرصات النيل باسمة
تأييدا وتمكينا
َّدا لك ً
مرد ً وقر شعبك عينا وانتشى طربا
َّ
األعياد تبيينا
ُ نضارةً دونها عيد َّ
أطل على الوادي فَألسبه
الن ْب ِت ما أزهى البساتينا !
في دولة َّ كأنه ديم ٌة جادت فكان لها
لواعج ٍ
أقوام ميامينا َ هاجت
َ أو أنه نغمة حسناء ساحرةٌ
أحدى الحداة وأهدىالمستحثّينا أو أنه كوكب اإلسعاد َّ
هل فما
تجثو لعيدك في زي المصلينا وال غرابة فاألعياد قاطبة
جياد نهضتنا فيه الميادينا عهد تدفق فيه الخير وا ْنتَهبت
وُأشرب لعز دانينا وقاصينا وَأي َن َع ْت ثرمات العلم دانية
ْ
بحد عزم براه اهلل مسنونا وشدت للنيل ما يرجوه من ٍ
عظم
وأنه لم يزل بالمجد مأمونا الغرب أن َّ
الشرق فيه ُعالً ُ فأمن
محض الوالء ُه ُمو للعهد راعونا
َ عزيز مصر رعاياك األلى اعتنقوا
َ
من الجوانح يحكي طور سنينا مليك النيل في قُ ُد ٍ
س يقدسون َ
فاروق عهدك يبقى الدهر آمينا رعاك ربك يا خير الملوك كما
وظل يرفع يوم الفخر عرنينا يوم به عرش فرعون ازدهى وسما
كالطود في ساحة البطحاء تضمينا أحس بالمجد موفورا ومتَّ ً
ضحا َّ
(ح ِ
ريب) طعينا وانتعلناهُ في َ الردى بـ (ميدي) سليما
والتحفنا َّ
ريح (صنعا) طحيناوانتثرنا في ِ قمحا قلب ِ
وانز َر ْعنا في ِ
نوان) ً(س َ َ
ذراعا َكمينا ؟ دون ٍ
أيد تُخفي احمر تبدو
ً َ األظافر َ
َ هل لمحت
ِ
جفون أخينا ُّ
ينسل صار
َ العدو ندعو أخانا
كان يأتي ُّ
َ
و(معينا) ِ
اليوم (ح ْم َيرا) َ
َ يلبس
ُ حفيد (النجاشي)
ُأسكتوا إنما ُ
نبوءةَ الكاذبينا ؟ ِّ ِ
َم ْن ُيغذي َ ون ماذا ؟
ش َتنطقون ؟ تَخ َ
َ باسم َمن
بالموت ِ :دينا ؟
ِ الطالق
َ وتسن
ُّ ب تُرديبالح ِّ
(أزاد) ُ
ُ عادت
ْ كيف
َ
وجها رزينا
الجنون ً
ُ يستعير
ُ المضحي
ِّ صوت
َ المخبرون
َ سكن
َي ُ
قوف أنينا
الس ُباس ِمنا تطب ُخ ُّ
ْ تنوب الزوايا
ُ ُأسكتوا إنما
ِمن فَراغاتها فتُعلي الطَّنينا تسميات تُعاني
ٌ ما الذي َّ
جد ؟
اليمينا
سار تَشري َ الي َ
تستعير َ
ُ ولكن
ْ ساعد ْي ِن
َ أي
ما لَها ُّ
القرين ِم َّنا القَرينا
ُ بيد
وي ُُ
كل ٍ
عاد بيدنا ُّوبهذا ُي ُ
ونستخين األمي َنا
ُ وطنيًّا قال ندعو خئو ًنا ولكي ال ُي َ
العرينا وبأيدي ِ ٍ ٍ
شيد َ
العدا َن ُ مقطوعة نتصدَّى وبأيد
روه ِسنينا كر ُ
يعيدوا ما ّكي ُ ويخون المنظِّرون و َن ْنسى
ُ
البارد ْي ِن :صخرا وطينا
َ يحمل َّإننا ما نزا ُل طي ًنا ُم ّ
حمى
تحته ِسوى ما ُيرينا
ُ ال نرى ِ
بعض فوق
بعضه َ
ُ ال سوى الطين
ياسمينا
سود الحصى َ
س ِّمي َ
و ُن َ ماما
باع َح ً
الس َ
وعلينا َنرى ِّ
ستكينا كل خفق في ِ
القلب أن َي ْ َّ نستكين و ُنوصي
َ َأن
وعلينا ْ
الح ِنينا ؟ َّإنما َم ْن ُي ُ
ميت فينا َ كيف َأر ْدنا
نموت َ
َ َأن
ولنا ْ
أخطر اللُّغى كي تُبينا تنتقي ق ٍ
أيد أم للشو ِ
ال تخافي يا ُّ
َ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []348
البنينا ِ
أبر َ
حان أن تأكلي َّ
َ ظاما
ولكي تُنجبي البنين ع ً
مــــــن
البسيــــــط قال فـــاروق جويــــــدة :
ِ شو ِ
اطئنا لم تَ ْغ ِ
اي الحي تُشجينا
ما ُد ْم َت تَ ْحم ُل َن َ يوما عن َ َ شمس ً رب ال ّ
إيقاعا وتلحينا يشدو بها الكون الحرف عندك أوتار تُ ِ
داع ُبها
ً ٌ
وعاشق قد رأى في عشقه دينا
ٌ قداس ومئذن ٌة
عندك ٌَ الحرف
ُ
ِ
المجد تَحمينا قالع
وقلع ٌة من ِ رسان وساري ٌة
عندك ُف ٌ
َ الحرف
ُ
ظلم فيها وال زيفاً يم ّني َنا
ال َ أوطان ُم َحَّررةٌ
ٌ عندك
َ الحرف
ُ
الخ ِ
طب َي ْفدِي َنا َن ْفديه في الضي ِ
ق عند َ سلطان بال ٍ
سفه ٌ عندك
َ الحرف
ُ
حبينا
العشق في الدنيا ُم ّ ُ كم أهلَ َك عشق الَ دواء لهٌ عندك
َ الحرف
ُ
س ِقي َنا س ِ
وآخر من رياض الحق َي ْ ٌ كاذب َدن ٌ
وجه ُ الحرف وجهان ُ ُ
ق يهدينا من ِ
اهلل ْبي َن الخل ِ نور َ طهرةٌآيات ُم َّ ِ
األرض ٌ الحرف في
ٌ
ِ ِ
عطرها فينا س ِري ُ الشموخ فَ َي ْ
ِ تاج
ُ ُّنها
أقالم ُيَزي َ
العمر ٌ رحلة في
ِ اعت ِحمى أقالم ملوث ٌة ِ ِ
واغتالت أمانينا
ْ األرض َب ْ ب الزيف ٌ مواك ُ
األوحال تُ ِ
ِ ِ جالد وحاشي ٌةجن ٌ الس ِ ِ
لقي َنا القهر في وس ْطوةُ
َ في َعتمة ّ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []349
ِ
الوجه َي ْط ِوي َنا قبيح
ليل ِفي كل ٍ السود ما زالت تُ ِ
حاص ُر َنا ُ ضبا ُن ُه
قُ ْ
ضى ساع ًة في َع ْزمه لي َنا
وال ْارتَ َ زمن
هده ُ الس ِج َ
ين الذي ما ّ نت َّ
ُك َ
أرجاء ِ
وادينا ِ الموت في ويعبث هرنا ِ تسعٌ ِع َج ٌ
ُ ُ وسيف الظلم ي ْق ُ
ُ اف
اليأس تع ِوى في ليالينا
ِ ص ْرخ ٌة ِ نهر من ِ
َو َ مضاجعنا الدم يجري في ٌ
الليل ِت ّنينا
ش ٌة صارعت في ِ وري َ اب في ٍ
ألم حرف َذ َ
ٌ ِ
السجن ِ
محنة في
ِ
بالحب سكينا مهج ٌة عانقت الظلم أنفاس َّ ِ
ساحة ِ
ُو َ معذب ٌة ٌ في
خمراً ثم ُيلقينا
العمر ْ
َ يشرب
َ كي ص ُدنا
الد َي ْر ُ
والج ُ
الحب ّ
ُّ هل يشفعُ
والبعض ُيشقيناـ
ُـ طوىـ
البعض منها ا ْن َ
ُ أوراق مبعثرةٌ
ٌ ِ
العمر ِ
محنة في
سرها ِفي َق ْل ِبه حينا عت َّ
وأو َد ْ
َ
بالحب ع ِ
اشقَ َها ّ َ مصر التي عا َنقَ ْت
ُ
جديد سوف تأتينا فجر ٍ في ك ّل ٍ تبكيك ا ِب ًنا عزيزاً لن ُي ِ
فارقَها َ
بك ّل ُح ٍلم برىء الوجه تَ ْهدينا القدر ِ
تأتينا بال ٍ
ملل في ليلة ِ
الحب ي ْج ِري في ِ بيت ترى أماً ِ في ك ّل ٍ
مآقينا فيض من ِ َ
ٌ يعانقُها
َم ْهما نسيناهُ يبدو ساكناً فينا الموت كالطّيف أحياناً ي َد ِ
اع ُب َنا ُ
ُ
حام األسى َغاب ْت ِ
أغاني َنا وفي ِز ِ أيام المنى َع َب َر ْت ِ
َ عاشق الحرف َُ يا
اضينادل ر ِ ِ ِ ِ
الع َ َ
في َجنة ال ُخلد َن ْلقَى َ خلت
باإلنصاف قد َب ْ األرض
ُ إن كانت
عانت وتؤوينا وب التي ِ
ْ تُْؤ وى ال ُقلَ َ أبواب مجنح ٌة
ٌ رحمة اهلل في
اآلن في ِ
دار المحبي َنا فاهنْأ بها َ ِ
الرحمن َر ْح َمتَ ُه ترجو من
عشت ُ
َ قد
مــــــن
البسيــــــــط وقال أيضًــــا :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []350
***
الحقِّ َي ْه ِدي َنا؟ ِمن ِإ ِم ٍام َ
لد ْر ِب َ هل ْْ رح ُأمتَ ٍه؟ داوى ُج َ هل ِم ْن َ
ط ِب ٍ
يب ُي ِ ْ
وي ْبك ِي َنا ِ ِ الحنين ِإلي الم ِ
واليوم َن ْبكي َعلَى الماضي ُ َ ؤرقُنا اضى ُي َّ َ ُ ان
َك َ
يف م ِ
اضي َنا؟ بع ْم ِرى و ُن ْح ِيي َ بادلُِني َمن يرجع العمر من ُكم م ْن ي ِ
ط َ َ يوماً ُ َ ُ ُ ُ ُ َ
صمت يو ِ
اسي َنا ٍ ىءُ ِس َوى
َُ ش ُيبق َ
لم َ يبعثَُنا
ق َ بالح َّ
فم ْن َ موت ََّإنا َن ُ
ط ِويالً ِفي مآقي َنا
لي ٌل تخفَّى َ فز ُع َنااس ُي ِالن ِ ِصرنا َعرا َيا أمام َّ ْ
َ
طع َنا ِ
بأيدي َنا َأيادي َنا َّأنا ق َ ْ ش ِه َد ْت ِ
األرض قَ ْد َ ص ْرنا َعرا َيا ُّ
وكل ِ
نسأ ُل َع ْن ُح ْلٍم ُي ِ
واري َنا آلن ْواْ َ ام َخ ًةشِ الم ْج ِد َ
صور َ يوماً ب َن ْي َنا قُ َ
ودين
ُ كان ي ْل ِقي َنا
كالب ْر ِ
والح ْز ُن ُ فاليأس ُ
ُ يجمع َنا؟
ُ رسول اهلل
َ أين اِإل ُ
مام َ
اس ي ْغ ِني َنا
الن ِ
ورب ِّ
ط َه ِّ
َ جم َع َنا َيا ور َب ْي َن الخ ْل ِ
ق َّ دين م ْن ُّ
الن ِ ٌ َ
ونحن ِفي َنا المروءةُ أعيتْ َنا ِ
مآسي َنا هنت
ق قد َو ْ الح ِّ جامع َّ
الن ِ
ُ ُ حو َل َ اس ْ َ
ِ ار َن ِ
بحر منسقي َو ْحلَنا طينا ٌ الع ِ ْ في َ س َنا ا ْنتَ َح َر ْت
اتت قُ ْد ُ
الي ِّم َم ْ
يروت في َ
َب ُ
س ِقيناَ َه ْل ِم ْن َز ٍ ران يح ِ داد تَ ْب ِكي َو َ
مان بات اآلن َي ْ الدَِّم َ اص ُر َها ط ْه ٌ َ ب ْغ ُ
العد ِل َي ْح ِمي َنا؟
بنور ِْ َه ِذي ِد َما َنا َر َ
سول اهلل تُ ْغ ِرقُ َنا
الليل يوماً ِس َهام القَ ْه ِر تُ ِ في ِ لت
حم ْ ٌ ُّ َأي الد ِ
ردي َنا َ شهيد كلها َ ِّماء ُّ
صلِّي َنا بكي ِم ْن فَو ِ
ارس َها القيد تَ ِ
دس في ْ
اعوا
َب ُ للم َ َدمعُ الم َنا ِب ِر َي ْ
شكو ُ َ القُ ُ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []351
***
وذل القُ ِ
دس يكفي َنا وان ُّ
اله ُ
نحن َ تر َوى َع ُارنا َجل ٌل َم ْن
ُ سُ
الح َكايا َ
أي َ ُّ
للم َرِابي َنا
ارت َمزاداً ُ ص ْواألرض َ
ُ صمتُوا َه ْل ِم ْن هم َ ُّ
باعنا َخ ِّبروني كل َْ
الذي ولَّى فُيح ِيي َنا َّإنا موخ ِ ُيح ِيي ُّ
الش َ ضمائر َنا؟ يا ِ
ساق َي ِ نق ّيٍ ِفي
زمان ِ
ٍ
شرب َناه قَـهرا ما ِ
بأيدي َنا ِ إنني ثَ ِم ٌلالح ْز ِن َد ْعني ِ
ْ ً َ ُ
لم ِّ
سكينا الح ُ
وصار ُ
َ ذاب
مر َوالع ُ
ُ درب المِ َنى احتََرقَ ْت
شموعٌ َعلى ْ ُع ِ
مري ُ
ضنا َفَمَّزقْنَا َد ِ اش ُي ِ
غرقُنا ثقيل َع َ من ٍ
ظالم ٍ كم ْ
ياجي َنا حتَّى انتفَ ْ ْ
شيء ِّ
يعزي َنا اع وال
ض َوالحلُم َ
ُ َأودع َناه ِم ْن ٍ
زمن الحلم َ ِ
العمر في ُ
ُ
ٌ
يف ِ
تؤوي َنا؟ الز ِ
هوف َّارت ُك ُ
ص ْ هل ِم ْن ور ِفى ِ سيف ُّ
الز ِ
فكيف َ
َ يدنا ْ ُ ف
رج ُ
َي ُ
السيف ُي ِبقي َنا
غير َّ ِ شِ ٍ
شيء واهلل ُ
َ ال خالد
تعالً؟ يا َ يف م ْ
الس َ
عيد َّ
زمان ُي ُ
ثأر راضينا والقرآن ِ
َ المآذن
َ باعوا مني قُم ِم ْن ففي َز ِ يف ال تعج ْب ِ الس ِ
َّ
ٌ ُ َ
ار َي ْك ِوي َنا
الع ِ
لهيب َ
ُ طوي ٌل اص في َد ِم َنا قُم يا الع ِ
بن َ ترا ِب َك يا َ
في يعد ِفي َنا
هرا لَم ُ ُك ُّل الَِّذي َك َ
ان طُ ً عد ٌم َه ْل ِم ْن ص ْمتُنا َ ِّ
ِبال ُل وأذ ْن َ
وي ْح ِيي َنا ُ
ويطلعُ س يوماً فُيح ِي َ
يها ُ القُ ْد ِ يج َم ُع َنا؟ َه ْل ِم ْن
الحق ْ
ِّ يفالح ِبس ِ
ص ٍ َ َ
ال
يالي َنا ما َز ً الصبح ناراً ِم ْن لَ ِ أم ِت ِه؟ َه ْل ِم ْن
رح َّ يد ِ
َ اوي ُج َ الح َص ٍ َ
الجرح يشفيناَ و ْلتبتُُر َ ِ ِ َأمل ؟ َه ْل ِم ْن
وها ر َغم عناد ُ ش ْع ٍب هدَّهُ ٌ الح ل َ
ص ٍ َ
شلَّت أيادي َنا
فقد ُ
ْ يف في ِ
يد َنا؟ الس َ الح ُ
يعيد َّ ص ٍ َ
***
ان ي ِ يد وج ِ ِ
غني َنا بعد َك َم ْه َما َك َ ُ
شيء ََ الَ أنت يا َوطني رحي َ ُحز ِني َعن ٌ ُ
بكي َنا ِجْئ َنا وأنت اآلن ُت ِ ِ اجدةً ٍس ِ س ِفى َعي َن َ
تبكي َعلَ ْي َك َ أه يك َ ِّإنى َأرى القُ ْد َ
لم يد ِ ُن ِ اش ِفى ِ الع ِ ِ
الح ُ
ال ُ اوي َنا أن َداويه يَأبى ْ دم َنا ما مر ُجرحٌ َع َ م ْن ُ
وت
نم ُ تنسي َنا َو ْ األحزان ِ مات َوالَ يجم ُع َنا ال القد ِ الع ْي ِن ُ ِ
قد ُ ُ َ س َ طيف ْ زا َل فى َ
أمـان َوالَ
وال ُُ وتُ ْحيي َنا ِ أت ما
المنا َه َد ْ
أماني َنا أح ُعاد ْت وال ْ
دس َالقُ ُ
سيـف ِ لـم وال وطـن !
ليحمي َنـا ! ُُ العمر الَ ُح ٌ
أثق َل َ
مــــــن
البسيــــــــط وقال يحيي السماوي :
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []353
طاد الشواهينا !
ص ُ رازير تَ ْ
الز َ أن َّ
َّ أفد ُحها
هارون والمأساةُ َ
َ أخ َت
يا ْ
سبناها بساتينا
مشانقًا فَ َح ْ ٍ
داجية وأننا قد َرأينا دون
المقادير َ ..ن ْدعوها وتَ ْدعونا ! إلي ارون ألقَينا ِ
هواد َجنا أخ َت َه َ يا ْ
َ
أجيال مراسينا ! ٍ وأص َح َر ْت منذ
ْ مراكبنا
ُ قاع
فغاد َرتْنا إلي ٍ
َ
بمقلتي ،وال َغ ّنى ُم ِح ّبونا !
َّ حال ُع ْد َت" ال وطني "عيد ِ
بأية ٍ ٌ
الكون – كل الكون -آمينا! ُ جلج َل
فَ َ "الب ْعث" في وطني
بوأد َ
ت يوماً َ
َد َع ْو ُ
بعضا ِم ْن معاصينا !
صار ً
أن الهوى َ
َّ ارون أقصى ما نكا ِب ُدهُ أخ َت َه َ يا ْ
مات الهوى فينا !
نعيش إذا َ
ُ فما س ًغا
قد َح َملنا َحبَّنا َن َ
س ُبنا ْ
َو َح ْ
ِ
خازينا ! وعن مكار ِمنا َ
ناب ْت َم ِ أضحى التنائي بديالً عن تنادي ًنا
ت سكاكينا أض َح ُ
قد ْ
سكي َن ُة النفس ْ تََب ْغ َد َد القهر َيا ُوالَّدتي فإذا
َّت أمانينا ! ِ
سواك ،وما شد ْ إلي َّت ركاِئ ُبنا
شد ْقد ُ
أخ َت هارون ْ
يا ْ
وقد َغ َدو ْنا-من البلوى-مجانينا ! ٍ
وعافية َننأى عن الدار ..عن دف
والدة "تستبي" في ِ
الحب "زيدونا" فيا "سماوةُ"ـ إن العشق صي ََّر َنا
ِ
الصبابة في المنفى مآقينا ؟ يد
ُ أت
وقد فَقَ ْ
وما انتفاعي بمرآتي ْ
ِ
دق َي ْجفونا!
الص َ
الوفاء ،وليت ِّ على "والدتي" لَ ْيتَنا لم َنتَّخذ قَ َ
س ًما
ُيغري الرياح فنأتيكم محيينا ؟ ٍ
صارية والدتي أشراعٌ دون
يوما ،وال منكم األعراس تَأتينا ؟
ً األعياد تَ ْط ِرقُنا
ُ " ِب ْنتُم َو ِبنا" فال
قد َدخلنا إلي أخرى مساكينا !
َو ْ ض ٍ
ض قد تركنا على َم َ مساكن ْ
ٌ
وأن َي ُم َّن على األضياف بارينا ! ِ
بظالمنا أن ُي ْزري
الد ْه َر ْ
طف َستَ ْع ُ
ْ َن ْ
ِ
بستان شاطينا مع ِ
األحبَّة في يجمعنا "س َم َاوةُ"ـ ليت الكوخ
ُ ويا َ
لقاء عن تجافينا ؟
نوب ٌ
فه ْل َي ُ
َ ِ
عذاب الشو ِ
ق مذبح ٌة ك ّل به من
س ٍر مناضينا ؟ ِ
بأرضينا ،وعلى َق ْ
ْ قد َد َخلناها طواعي ًة
ائق ْ ِ
حر ٌ
ــــــــــــــــــــــــــــ نونية ابن زيدون بين التأثير والتأثر []355