Ù Ø Ø Ø© Ø Ù Ø Ø Ù Ù Ø Ù Ù Ø Ù Ù Ù Ø Ù Ù Ù Ù Ø Ù Ù Ù Ù Ø Ø Ù Ø Ø Ù Ù 3

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 19

‫محبة الرسول صلى اهلل عليه وسلم وما تقتضيه ‪:‬‬

‫د ‪ .‬محمد يماني‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره ونع وذ باهلل من ش رور أنفس نا ومن س يئات أعمالن ا ‪,‬‬
‫من يهده هللا فال مضل له ومن يضلل فال هادي له وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال ش ريك ل ه ‪ ,‬وأش هد‬
‫أن محمدا عبده ورسوله‪.‬‬

‫أما بعد‬

‫فإن أصدق الحديث كتاب هللا تعالى و خير الهدي هدي سيدنا محمد صلى هللا عليه و آله‬
‫وسلم وشر‪ #‬األمور‪ #‬محدثاتها‪ #‬وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضاللة وكل ضاللة في النار ‪.‬‬

‫قال هللا تعالى ‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫] يا أيها الذين آمنوا اتقوا هللا حق تقاته وال تموتن إال وأنتم مسلمون[‬

‫] يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها‪ #‬وبث منهما رجاال‬
‫كثيرا ونساء ‪ ,‬واتقوا هللا الذي تساءلون به واألرحام‪ , #‬إن هللا كان عليكم رقيبا‪[ 2 #‬‬

‫] يا أيها الذين آمنوا اتقوا هللا وقولوا‪ #‬قوال سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن‬
‫‪3‬‬
‫يطع هللا ورسوله فقد فاز فوزا عظيما [‬

‫وجوب محبة الرسول صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬

‫محبة الرسول صلى هللا عليه وسلم واجبة ألنها من صميم اإليمان ‪ ,‬بل يجب أن تقدم على األهل و‬
‫المال وحتى على النفس لما ورد أن عمر بن الخطاب رضي هللا عنه ‪ ,‬قال ‪ :‬يا رسول هللا ألنت أحب‬
‫إلي من كل شيء إال من نفسي ‪ .‬فقال النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬ال والذي نفسي بيده حتى أكون أحب‬
‫إليك من نفسك ‪ .‬فقال له عمر‪ :‬فإنه اآلن وهللا ألنت أحب إلي من نفسي ‪ .‬فقال النبي صلى هللا عليه‬
‫‪4‬‬
‫وسلم ‪ ":‬اآلن يا عمر "‬

‫وتوعد هللا تعالى وعيدا شديدا الذين يحبون األهل والمال والحياة الدنيا أكثر من حبهم هلل تعالى‬
‫ان آ َباُؤ ُك ْم َوَأ ْب َناُؤ ُك ْ‪#‬م َوِإ ْخ َوا ُن ُك ْم‬
‫ورسوله صلى هللا عليه وسلم ونعتهم‪ #‬بالفسق ‪ .‬فقال تعالى ( قُ ْل ِإنْ َك َ‬
‫ض ْو َن َها َأ َحبَّ ِإلَ ْي ُك ْم م َِن‬ ‫ارةٌ َت ْخ َش ْو َن َك َسا َد َها َو َم َساكِنُ َترْ َ‬ ‫ير ُت ُك ْ‪#‬م َوَأ َ‬
‫مْوا ٌل ا ْق َت َر ْف ُتمُو َها َوت َِج َ‬ ‫َوَأ ْز َوا ُج ُك ْ‪#‬م َوعَشِ َ‬
‫ِين) [التوبة ‪]24 :‬‬ ‫هَّللا ِ َو َرسُولِ ِه َو ِج َها ٍ‪#‬د فِي َس ِبيلِ ِه َف َت َر َّبصُوا‪َ #‬ح َّتى َيْأت َِي هَّللا ُ ِبَأم ِْر ِه َوهَّللا ُ اَل َي ْهدِي ْال َق ْو َم ْال َفاسِ ق َ‬

‫يقول القاضي عياض مستدال بهذه اآلية ‪:‬‬


‫‪ _ 1‬سورة آل عمران آية ‪. 102‬‬
‫‪ _ 2‬سورة النساء آية ‪. 1‬‬
‫‪ _ 3‬سورة األحزاب آية ‪. 9‬‬
‫‪ - 4‬البخاري ‪6142‬‬
‫" فكفى بهذا حضا وتنبيها وداللة وحجة على إلزام محبته ‪ ،‬ووجوب‪ #‬فرضها وعظم خطرها‬
‫واستحقاقه لها صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬إذ قرّع هللا من كان ماله وأهله وولده أحب إليه من هللا ورسوله ‪،‬‬
‫َأ‬ ‫ْأ‬
‫وتوعدهم بقوله تعالى ‪َ { :‬ف َت َر َّبصُوا‪َ #‬ح َّتى َي ت َِي هَّللا ُ ِب ِ‬
‫مْر ِه } ثم فسّقهم بتمام اآلية وأعلمهم أنهم ممن ضل‬
‫ولم يهده هللا " ‪.5‬‬

‫ومحبة هللا ورسوله تزيد اإليمان حالوة ‪ .‬فقد قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬ثالث من كن فيه‬
‫وجد بهن حالوة اإليمان‪ :‬أن يكون هللا ورسوله أحب إليه مما سواهما‪ ،‬وأن يكره العبد أن يرجع عن‬
‫‪6‬‬
‫اإلسالم كما يكره أن يقذف في النار‪ ،‬وأن يحب العبد ال يحبه إال هلل "‪.‬‬

‫ومحبة هللا تعالى تقتضي طاعته وتنفيذ أوامره دون تردد ألن المحب لمن يحب مطيع وصدق‪ #‬من قال ‪:‬‬

‫هذا لعمرك في القياس بديع‬ ‫تعصي اإلله و أنت تظهر حبه‬

‫إن المحب لمن يحب مطيع‬ ‫لو كان حبك صادقا‪ #‬ألطعته‬

‫وقال البيضاوي ‪ " :‬المحبة مي ُل النفس إلى الشيء إلدراك كمال فيه ‪ ،‬بحيث يحملها ‪ -‬أي الميل ‪ -‬إلى‬
‫ما يقربها إليه ‪ ،‬والعبد إذا علم أن الكمال الحقيقي ليس إال هلل ‪ ،‬وأن ما يراه كماالً من نفسه أو غيره فهو‬
‫من هللا وباهلل وإلى هللا ‪ ،‬لم يكن حبه إال هلل وفي هللا ‪ ،‬وذلك يقتضي إرادة طاعته ‪ ،‬فلذلك فُسرت المحبة‬
‫‪7‬‬
‫بإرادة الطاعة ‪ ،‬وجعلت مستلزمة التباع الرسول في عبادته ‪ ،‬والحرص على مطاوعته "‪.‬‬

‫وطاعة هللا تقتضي اتباع ما جاء به الرسول صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬

‫قال تعالى ( قل إن كنتم تحبون هللا فاتبعوني‪ #‬يحببكم هللا و يغفر لكم ذنوبكم‪ 31 [) #‬آل عمران ]‬

‫ومحبة هللا ورسوله صلى هللا عليه وسلم تقتضي منا أن نبحث عما يحبه هللا تعالى ونطبقه ونبحث عما‬
‫يبغضه هللا تعالى ونجتنبه ‪ ,‬ولهذا كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يدعو ويق‪##‬ول ‪ ":‬اللهم إني أس‪##‬ألك‬
‫حبك وحب من يحبك والعمل الذي يبلغني حبك‪ ,‬اللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي وأهلي ومن الم‪##‬اء‬
‫‪8‬‬
‫البارد "‬

‫وكان الصحابة يتأسون برسول‪ #‬هللا صلى هللا عليه وآله وسلم ‪ ,‬يبحثون عما يحبه هللا تعالى ورسوله‬
‫فيفعلونه ‪ ,‬وما يكرهه هللا ورسوله فيجتنبونه ‪:‬‬

‫‪ - 5‬الشفا ‪. 18 / 2 ،‬‬

‫‪ - 6‬أحمد ‪ 12783‬ومسلم (‪ )43‬و (‪ )68‬من حديث أنس ‪.‬‬


‫‪ - 7‬نقال من البحر المديد ‪ )269 / 1( -‬البن عجيبة ‪.‬‬

‫‪ - 8‬رواه الترمذي ‪ 3412‬وصححه الحاكم ‪ 3580‬وضعفه األلباني وله شاهد صحيح من حديث معاذ عند الترمذي ‪ " 3159‬اللهم إني أس‪##‬ألك‬
‫فعل الخيرات ‪ ،‬وترك المنكرات ‪ ،‬وحب المساكين ‪ ،‬وأن تغفر لي ‪ ،‬وترحمني‪ ، #‬وإذا أردت فتنة قوم فتوفني غير مفت‪##‬ون ‪ ،‬وأس‪##‬ألك حبك ‪ ،‬وحب‬
‫من يحبك ‪ ،‬وحب عمل يقربني‪ #‬إلى حبك‪ . "...‬قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب ‪.‬وصححه األلباني في صحيح الظالل ‪.388‬‬
‫فقد أخرج مالك في تفسيره عن زيد بن أسلم قال ‪ :‬نزلت هذه اآلية ‪ِ ( -‬إنَّ هَّللا َ ُيحِبُّ الَّذ َ‬
‫ِين ُي َقا ِتلُ َ‬
‫ون فِي‬
‫ص ًّفا َكَأ َّن ُه ْم ُب ْن َيانٌ َمرْ صُوصٌ ) [الصف ‪ - ]4 :‬في نفر من األنصار فيهم عبد هللا بن رواحة ‪,‬‬ ‫َس ِبيلِ ِه َ‬
‫قالوا في مجلس ‪ :‬لو نعلم أي األعمال أحب إلى هللا لعملنا به حتى نموت ‪ ،‬فأنزل هللا هذه اآلية فيهم ‪،‬‬
‫فقال ابن رواحة ‪ :‬ال أبرح حبيسا ً في سبيل هللا حتى أموت شهيداً‪ .‬وهو قول ابن عباس وأبي هريرة‬
‫‪9‬‬
‫وأبي صالح ومقاتل ومجاهد‪.‬‬

‫وأخرج البخاري‪ #‬في األدب المفرد ‪ 10‬وغيره عن عبد الرحمن بن أبي بكرة‪ ،‬أنه قال ألبيه‪ :‬يا أبت! إني‬
‫أسمعك تدعو كل غداة‪" :‬اللهم عافني في بدني‪ ،‬اللهم عافني في سمعي‪ ،‬اللهم عافني في بصري‪ ،‬ال إله‬
‫إال أنت"‪ ،‬تعيدها ثالثا حين تمسي‪ ،‬وحين تصبح ثالثا‪ ،‬وتقول‪" :‬اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر‪،‬‬
‫اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر‪ ،‬ال إله إال أنت"‪ .‬تعيدها ثالثا حين تمسي‪ ،‬وحين تصبح ثالثا؟ فقال‪:‬‬
‫نعم؛ يا بني! سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول بهن‪ .‬وأنا أحب أن أستن بسنته‪ .‬قال‪ :‬وقال‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬دعوات المكروب‪ :‬اللهم رحمتك أرجو‪ ،‬وال تكلني إلى نفسي طرفة‬
‫"‪.‬‬

‫هللا يحب الذين يتبعون النبي صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬

‫قال تعالى ‪:‬‬

‫ُّون هَّللا َ َفا َّت ِبعُونِي يُحْ ِب ْب ُك ُم هَّللا ُ َو َي ْغفِرْ لَ ُك ْم ُذ ُنو َب ُك ْ‪#‬م َوهَّللا ُ َغفُو ٌر َرحِي ٌم )[ آل عمران ‪]31:‬‬
‫_ ( قُ ْل ِإنْ ُك ْن ُت ْم ُت ِحب َ‬

‫{ قل يا محمد إن كنتم تحبون هللا } فيما تزعمون فاتبعوني يحببكم هللا ألنه قد ثبتت نبوة محمد صلى هللا‬
‫عليه وسلم بالدالئل الظاهرة والمعجزات الباهرة فوجب على كافة الخلق متابعته ‪ .‬والمعنى قل ‪ :‬إن‬
‫كنتم صادقين في ادعاء محبة هللا فكونوا‪ #‬منقادين ألوامره مطيعين له فاتبعوني‪ ، #‬فإن اتباعي من محبة‬
‫هللا تعالى وطاعته ‪ .‬وقال العلماء ‪ :‬إن محبة العبد هلل عبارة عن إعظامه وإجالله وإيثار‪ #‬طاعته واتباع‬
‫أمره ومجانبة نهيه ‪ ،‬ومحبة هللا للعبد ثناؤه عليه ورضاه عنه وثوابه له وعفوه عنه فذلك قوله تعالى ‪{ :‬‬
‫ويغفر لكم ذنوبكم‪ } #‬يعني أن من غفر له فقد أزال عنه العذاب { وهللا غفور رحيم } يعني أنه تعالى‬
‫‪11‬‬
‫يغفر ذنوب من أحبه ويرحمه بفضله وكرمه‪.‬‬

‫وقال ابن كثير في تفسيره ‪:‬‬

‫" هذه اآلية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة هللا‪ ،‬وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب‬
‫في دعواه في نفس األمر‪ ،‬حتى يتبع الشرع المحمدي ‪ ,‬والدين النبوي في جميع أقواله وأحواله‪ ،‬كما‬

‫‪ - 9‬انظر الدر المنثور‪.)495 / 9 #‬‬

‫‪ 542/701 - 10‬وأخرجه أبو داود في "األدب" ‪ 5090‬و النسائي في "عمل اليوم والليلة" رقم ‪ 572 22‬وعنه ابن السني رقم ‪ 67‬وأحمد ‪5‬‬
‫‪ 42 /‬وإسناده حسن ( انظر صحيح األدب المفرد‪) 542/701‬‬

‫‪ - 11‬تفسير الخازن ‪)360 / 1( -‬‬


‫ثبت في الصحيح عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪َ " :‬منْ َع ِم َل َع َمال لَي َ‬
‫ْس عليه أمْ ُر َنا َفه َُو َر ُّد"‬
‫ُّون هَّللا َ َفا َّت ِبعُونِي يُحْ ِب ْب ُك ُم هَّللا ُ } أي‪ :‬يحصل لكم فوق‪ #‬ما طلبتم من محبتكم‬
‫‪12‬ولهذا قال‪ { :‬قُ ْل ِإنْ ُك ْن ُت ْم ُت ِحب َ‬
‫إياه‪ ،‬وهو محبته إياكم‪ ،‬وهو أعظم من األول‪ ،‬كما قال بعض الحكماء العلماء‪:‬‬

‫" ليس الشأن أن ُتحِبّ ‪ ،‬إنما الشأن أن ُت َحبّ "‪.‬‬

‫وقال الحسن البصري‪ #‬وغيره من السلف‪ :‬زعم قوم‪ #‬أنهم يحبون هللا فابتالهم هللا بهذه اآلية‪ ،‬فقال‪ { :‬قُ ْل‬
‫‪13‬‬
‫ُّون هَّللا َ َفا َّت ِبعُو ِني‪ #‬يُحْ ِب ْب ُك ُم هَّللا ُ } "‪.‬‬
‫ِإنْ ُك ْن ُت ْم ُت ِحب َ‬

‫فتبين من هذا أن االتباع هو أعظم شاهد على صدق المحبة‪ ،‬بل هو من أجل ثمارها‪.‬‬

‫فالصادق‪ #‬في حب النبي صلى هللا عليه وسلم هو من أطاعه واقتدى به وآثر ما يحبه هللا ورسوله على‬
‫‪14‬‬
‫هوى نفسه‪ ،‬وظهرت‪ #‬أثار ذلك عليه من موافقته في حب ما يحبه وبغض ما يبغضه‪.‬‬

‫" وهذه اآلية تسمى عند السلف آية االمتحان‪ ،‬يمتحن بها من ادعى محبة هللا فينظر إذا كان يتبع‬
‫الرسول عليه الصالة والسالم؛ فهذا دليل على صدق دعواه‪.‬‬

‫وإذا أحب هللا؛ أحبه هللا عز وجل‪ ،‬ولهذا قال‪َ ( :‬فا َّت ِبعُو ِني‪ #‬يُحْ ِب ْب ُك ُم هَّللا ُ) وهذه ثمرة جليلة؛ أن هللا تعالى‬
‫يحبك؛ ألن هللا تعالى إذا أحبك؛ نلت بذلك سعادة الدنيا واآلخرة " ‪.15‬‬

‫وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية والحاكم‪ #‬عن عائشة قالت‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ « :‬الشرك أخفى من دبيب الذر على الصفا في الليلة الظلماء ‪ ،‬وأدناه أن يحب على شيء من‬
‫الجور ‪ ،‬ويبغض على شيء من العدل ‪ .‬وهل الدين إال الحب والبغض في هللا » ؟‪ 16‬قال هللا تعالى {‬
‫قل إن كنتم تحبون هللا فاتبعوني‪ #‬يحببكم هللا } ‪.‬‬
‫‪ - 12‬مسلم ‪. 1344‬‬
‫‪ - 13‬تفسير ابن كثير (‪)32 / 2‬‬
‫‪ - 14‬محبة الرسول بين االتباع‪ #‬واالبتداع (ص‪)66 :‬‬

‫‪ - 15‬شرح رياض الصالحين (‪ )269 /3‬لمحمد بن صالح العثيمين ‪.‬‬

‫‪ - 16‬الحاكم ‪ 3104‬وأبو نعيم في الحلية ‪ 171 /4, 30 /4‬والبزار كما في المجمع للهيثمي الذي قال ‪":‬رواه البزار وفيه عبد األعلى بن أعين‬
‫وهو ضعيف" وله عدة شواهد منها ‪:‬‬
‫‪ -‬عن أبي علي رجل من بني كاهل قال خطبنا أبو موسى األشعري فقال يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل فقام إليه عبد‬
‫هللا بن حزن وقيس بن المضارب فقاال وهللا لتخرجن مما قلت أو لنأتين عمر مأذونا ً لنا أو غير مأذون فقال بل أخرج مما قلت خطبنا رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم ذات يوم فقال يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل فقال له من شاء هللا أن يقول وكيف نتقيه وهو أخفى‬
‫من دبيب النمل يا رسول هللا ؟ قال ‪ :‬قولوا اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك شيئا ً نعلمه ونستغفرك لما ال نعلمه "‪ .‬رواه أحمد والطبراني في الكبير‬
‫واألوسط ورجال أحمد رجال الصحيح غير أبي علي ووثقه ابن حبان‪.‬‬
‫‪ -‬وعن حذيفة عن أبي بكر إما حضر حذيفة ذلك من النبي صلى هللا عليه وسلم وإما أخبره أبو بكر أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال ‪ :‬الشرك‬
‫فيكم أخفى من دبيب النمل ‪ .‬قال ‪ :‬قلنا يا رسول هللا وهل الشرك إال ما عبد من دون هللا أو ما دعي مع هللا ‪ -‬شك عبد الملك ‪ -‬؟ قال ‪ :‬ثكلتك أمك‬
‫يا صديق ‪ ,‬الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل أال أخبرك بقول يذهب صغاره وكباره ‪ -‬أو صغيره وكبيره ‪-‬؟ قلت بلى يا رسول هللا ‪ .‬قال ‪ :‬تقول‬
‫كل يوم ثالث مرات اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئا ً وأنا أعلمه وأستغفرك لما ال أعلم ‪ .‬والشرك أن تقول أعطاني هللا وفالن والند أن يقول‬
‫اإلنسان لوال فالن قتلني فالن‪ .‬رواه أبو يعلى من رواية ليث بن أبي سليم عن أبي محمد عن حذيفة وليث مدلس وأبو محمد إن كان هو الذي‬
‫روى عن ابن مسعود أو الذي روى عن عثمان بن عفان فقد وثقه ابن حبان وإن كان غيرهما فلم أعرفه‪ ،‬وبقية رجاله رجال الصحيح‪ ( .‬مجمع‬
‫الزوائد ومنبع الفوائد ‪)457 / 4( -‬‬
‫وأخرج ابن أبي حاتم من طريق حوشب عن الحسن في قوله { فاتبعوني يحببكم هللا } قال ‪ :‬فكان‬
‫‪17‬‬
‫عالمة حبهم إياه اتباع سنة رسوله ‪.‬‬

‫ويؤكد‪ #‬القاضي عياض على ارتباط‪ #‬هذه المحبة بالموافقة واالتباع فيقول‪( :‬اعلم أن من أحب شيئا آثره‬
‫وآثر موافقته‪ ،‬وإال لم يكن صادقا في حبه وكان مدعيا‪ ،‬فالصادق في حب النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫من تظهر عالمة ذلك عليه‪ ،‬وأولها‪: #‬‬

‫االقتداء به واستعمال‪ #‬سنته‪ ،‬واتباع أقواله وأفعاله‪ ،‬وامتثال أوامره واجتناب نواهيه‪ ،‬والتأدب بآدابه في‬
‫ُّون هَّللا َ َفا َّت ِبعُو ِني‪ #‬يُحْ ِب ْب ُك ُم هَّللا ُ}‬
‫عسره ويسره ومنشطه ومكرهه‪ ،‬وشاهد‪ #‬هذا قوله تعالى‪{ :‬قُ ْل ِإنْ ُك ْن ُت ْم ُت ِحب َ‬
‫ون فِي‬ ‫[آل عمران‪ ]31 :‬وإيثار ما شرعه على هوى نفسه وموافقة شهواته‪ ،‬قال هللا تعالى { َواَل َي ِج ُد َ‬
‫‪18‬‬
‫اص ٌة} [الحشر‪]9 :‬‬ ‫ص َ‬ ‫ان ِب ِه ْم َخ َ‬ ‫اج ًة ِممَّا ُأو ُتوا َويُْؤ ِثر َ‬
‫ُون َعلَى َأ ْنفُسِ ِه ْم َولَ ْو َك َ‬ ‫ص ُد ِ‬
‫ور ِه ْ‪#‬م َح َ‬ ‫ُ‬

‫وقد استفاضت نصوص الكتاب والسنة في تعظيم‪ #‬شأن االتباع وبيان أهميته‪ ،‬وأن سعادة المسلم في‬
‫الدارين موقوفة على متابعة النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وأن شقاء من شقي وهالك من هلك إنما كان‬
‫بسبب مخالفته لما جاء به الرسول صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬منها ‪:‬‬

‫ير ُت ُك ْ‪#‬م َوَأ َ‬


‫مْوا ٌل‬ ‫ان آ َباُؤ ُك ْم َوَأ ْب َناُؤ ُك ْ‪#‬م َوِإ ْخ َوا ُن ُك ْم َوَأ ْز َوا ُج ُك ْ‪#‬م َوعَشِ َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬قُ ْل ِإنْ َك َ‬ ‫(‪) 1‬‬
‫ض ْو َن َها َأ َحبَّ ِإلَ ْي ُك ْم م َِن هَّللا ِ َو َرسُولِ ِه َو ِج َها ٍ‪#‬د‬ ‫ارةٌ َت ْخ َش ْو َن َك َسا َد َها َو َم َساكِنُ َترْ َ‬ ‫ا ْق َت َر ْف ُتمُو َها َوت َِج َ‬
‫ِين} [التوبة‪]24 :‬‬ ‫فِي َس ِبيلِ ِه َف َت َر َّبصُوا َح َّتى َيْأت َِي هَّللا ُ ِبَأم ِْر ِه َوهَّللا ُ اَل َي ْهدِي ْال َق ْو َم ْال َفاسِ ق َ‬
‫ب } [الحشر‪:‬‬ ‫{ َو َما آ َتا ُك ُم الرَّ سُو ُل َف ُخ ُذوهُ َو َما َن َها ُك ْم َع ْن ُه َفا ْن َتهُوا‪َ #‬وا َّتقُوا هَّللا َ ِإنَّ هَّللا َ َشدِي ُد ْال ِع َقا ِ‬ ‫(‪) 2‬‬
‫‪]7‬‬
‫ون ِم ْن ُك ْم ل َِو ًاذا‬ ‫ِين َي َت َسلَّلُ َ‬‫ُول َب ْي َن ُك ْم َك ُد َعا ِء َبعْ ضِ ُك ْ‪#‬م َبعْ ضًا َق ْد َيعْ لَ ُم هَّللا ُ الَّذ َ‬
‫{ اَل َتجْ َعلُوا ُد َعا َء الرَّ س ِ‬ ‫(‪) 3‬‬
‫ون َعنْ َأم ِْر ِه َأنْ ُتصِ ي َب ُه ْ‪#‬م فِ ْت َن ٌة َأ ْو يُصِ ي َب ُه ْ‪#‬م َع َذابٌ َألِي ٌم } [النور‪]63 :‬‬ ‫َف ْل َيحْ َذ ِر الَّذ َ‬
‫ِين ي َُخالِفُ َ‬

‫نخلص من هذا إلى أن أقوى مظهر وأوضح شاهد على صدق المحبة لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫هو االتباع وبدونه تصبح المحبة دعوى مجردة عن الدليل وقوال ال يصدقه عمل‪.‬‬

‫مظاهر االتباع ‪:‬‬

‫وهذا االتباع محدد أيضا بشواهد وعالمات تؤكده‪...‬‬

‫اتباع الرسول صلى هللا عليه وسلم أمر واجب وفرض عين على األمة كلها في عسرها ويسرها‬
‫ومنشطها‪ #‬ومكرهها‪ .#‬وال يصير المسلم مسلما حتى يتبع الرسول صلى هللا عليه وسلم في جميع أقواله‬
‫وأفعاله حسب علمه واستطاعته‪ ،‬واتباع الرسول صلى هللا عليه وسلم مثل محبته من حيث كونه مقترنا‬
‫بشواهد تؤكده ومظاهر عملية تحدده وبدونها‪ #‬يصير‪ #‬االتباع دعوى مجردة عن الدليل‪.‬‬

‫‪ - 17‬الدر المنثور ‪)309 / 2( -‬‬


‫‪ - 18‬الشفا‪.24 / 2 ،‬‬
‫وأود في هذا المبحث أن أبين بعض مظاهر االتباع التي إذا تحققت تحقق االتباع وصدقت المحبة‬
‫لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فمن هذه المظاهر‪:‬‬
‫ُول هَّللا ِ ُأسْ َوةٌ‬
‫ان لَ ُك ْم فِي َرس ِ‬
‫أوال ‪ :‬االقتداء بالنبي صلى هللا عليه وسلم والتأسي‪ #‬به‪ :‬قال تعالى‪{ :‬لَ َق ْد َك َ‬
‫ان َيرْ ُجو‪ #‬هَّللا َ َو ْال َي ْو َم اآْل خ َِر َو َذ َك َ‪#‬ر هَّللا َ َك ِثيرً ا} [األحزاب‪ ]21 :‬قال ابن كثير في تفسير هذه‬
‫َح َس َن ٌة لِ َمنْ َك َ‬
‫اآلية‪:‬‬

‫" هذه اآلية أصل كبير في التأسي برسول هللا صلى هللا عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله ولهذا أمر‬
‫تبارك وتعالى‪ #‬الناس بالتأسي‪ #‬بالنبي صلى هللا عليه وسلم يوم األحزاب في صبره ومصابرته ومرابطته‬
‫ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه عز وجل صلوات هللا وسالمه عليه دائما إلى يوم الدين‪.‬‬

‫والتأسي‪ #‬بالنبي صلى هللا عليه وسلم هو ‪ :‬أن نفعل مثلما فعل على الوجه الذي فعله‪ ،‬من وجوب أو‬
‫ندب‪ ،‬وأن نترك ما تركه ‪ ،‬أو نهى عنه من محرم أو مكروه ‪ ،‬كما يشمل التأسي به التأدب بآدابه‬
‫والتخلق بأخالقه صلى هللا عليه وسلم وعلى ذلك فالتأسي‪ #‬واالقتداء‪ #‬شامل لكافة أمور الدين‪.‬‬

‫فإذا قال الرسول صلى هللا عليه وسلم قوال قلنا مثل قوله‪ ،‬وإذا فعل فعال فعلنا مثله ‪ ،‬وإذا ترك شيئا‬
‫تركناه فيما لم يكن خاصا به‪ ،‬وإذا عظم شيئا عظمناه ‪ ،‬وإذا حقر شيئا حقرناه ‪ ،‬وإذا رضي لنا أمرا‬
‫رضينا به‪ ،‬وإذا وقف‪ #‬بنا عند حد وقفنا عنده ولم يكن لنا أن نتقدم عليه أو نتأخر عنه‪.‬‬

‫وبالجملة فإن االقتداء بالرسول‪ #‬صلى هللا عليه وسلم هو تجريد متابعته والتلقي عنه وحده فكما أن الرب‬
‫سبحانه واحد فالرسول الذي أمرنا باتباعه واحد فهما توحيدان‪ :‬توحيد المرسل وهو هللا سبحانه‬
‫وتعالى‪ ،‬وتوحيد متابعة الرسول صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫وهذا معنى شهادة أن ال إله إال هللا وأن محمدا رسول هللا‪ .‬وبدون هذا ال يصير المسلم مسلما‪ .‬ذلك هو‬
‫االقتداء بالرسول‪ #‬صلى هللا عليه وسلم وهو المعيار الذي ينبغي أن توزن به أفعال الناس وأقوالهم‪#‬‬
‫وعقائدهم وسائر‪ #‬أمورهم‪ .#‬وطريق‪ #‬التأسي به مبْنِي على العلم بهديه صلى هللا عليه وسلم في كافة أمور‬
‫الدين والعمل به‪.‬‬

‫والسبيل العملي للتأسي بالرسول صلى هللا عليه وسلم هو تطبيق‪ #‬السنة في حياة الفرد والجماعة‪ .‬وهذا‬
‫التطبيق يشمل كافه جوانب الدين من اعتقادات وعبادات ومعامالت وأخالق وآداب ونظم‪ #‬اجتماعية‬
‫وإدارية وسياسية شرعية‪.‬‬

‫ومما يعين على تطبيق السنة ‪ ،‬إحياؤها بنشر العلم الشرعي الموروث‪ #‬عن رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم وهذا واجب على كل من علم من الدين شيئا أن يبلغه ‪ ،‬ويتعين هذا ويتأكد‪ #‬وجوبه في حق أهل‬
‫ِين ُأو ُتوا ْال ِك َت َ‬
‫اب لَ ُت َب ِّي ُن َّن ُه لِل َّن ِ‬
‫اس َواَل‬ ‫العلم وحملة الشريعة‪ ،‬أخذا من قوله تعالى‪َ { :‬وِإ ْذ َأ َخ َذ هَّللا ُ مِي َث َ‬
‫اق الَّذ َ‬
‫س َما َي ْش َتر َ‬ ‫ُور ِه ْم َوا ْش َت َر ْوا‪ِ #‬ب ِه َث َم ًنا َقلِياًل َف ِبْئ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُون} [آل عمران‪ ]187 :‬فهذه اآلية‬ ‫َت ْك ُتمُو َن ُه َف َن َبذوهُ َو َرا َء ظه ِ‬
‫وإن نزلت في حق أهل الكتاب توبيخا‪ #‬لهم لكتمانهم‪ #‬أمر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ولم يؤمنوا‪ #‬به‬
‫مع علمهم بأنه هو النبي الخاتم والمبشر‪ #‬به من قبل أنبيائهم‪ ،‬إال أن فيها تحذيرا لعلماء هذه األمة من أن‬
‫يسلكوا مسلك أهل الكتاب في كتمان العلم فيصيبهم ما أصابهم‪ .‬فعلى العلماء أن يبذلوا ما بأيديهم‪ #‬من‬
‫العلم النافع الدال على العمل الصالح وال يكتموا منه شيئا‪. 19‬‬

‫كما ورد في السنة الحث على تبليغ العلم في أحاديث كثيرة منها ما أخرجه البخاري بسنده عن عبد هللا‬
‫بن عمرو بن العاص رضي‪ #‬هللا عنهما أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪« :‬بلغوا عني ولو آية‪ ،‬وحدثوا‬
‫‪20‬‬
‫عن بني إسرائيل وال حرج‪ ،‬ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ‪ #‬مقعده من النار»‬

‫قوله " حدثوا عن بني إسرائيل وال حرج " فيه أقوال كثيرة ذكرها ابن حجر‪ 21‬أقربها‪ #‬للصواب ما قاله‬
‫مالك ‪ " :‬المراد جواز التحدث عنهم بما كان من أمر حسن أما ما علم كذبه فال "‪.‬‬

‫وقال الشافعي‪ #‬من المعلوم أن النبي صلى هللا عليه وسلم ال يجيز التحدث بالكذب فالمعنى حدثوا عن‬
‫بني إسرائيل بما ال تعلمون كذبه وأما ما تجوزونه فال حرج عليكم في التحدث به عنهم وهو نظير قوله‬
‫إذا حدثكم أهل الكتاب فال تصدقوهم وال تكذبوهم ‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫وقيل المعنى حدثوا عنهم بمثل ما ورد في القرآن والحديث الصحيح ‪.‬‬

‫وأخرج الترمذي‪ #‬بسنده عن ابن مسعود‪ #‬قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم «نضر هللا امرأ سمع‬
‫‪23‬‬
‫منا شيئا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع»‬
‫‪ - 19‬انظر‪ ،‬تفسير ابن كثير‪.437 / 1 ،‬‬

‫‪ - 20‬البخاري‪ .‬كتاب أحاديث األنبياء‪ .#‬باب ما ذكر عن بني إسرائيل ‪.207 / 4‬‬

‫‪ - 21‬فتح الباري البن حجر (‪)498 /6‬‬

‫‪ - 22‬نفس المصدر (‪)499 /6‬‬

‫‪ - 23‬سنن الترمذي‪ .‬كتاب الحلم‪ ،‬باب في الحث على تبليغ السماع ‪ ،142 / 4‬وأخرجه أحمد في مسنده ‪ ،437 / 1‬وابن ماجه في المقدمة‪،‬‬
‫باب من بلغ علما ‪.85 / 1‬‬

‫وفي الباب عن زيد بن ثابت قال سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول ‪ ":‬نضر هللا امرأ سمع منا حديثا فبلغه غيره فرب حامل فقه إلى‬
‫من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه ‪ ,‬ثالث ال يغل عليهن قلب مسلم ‪ :‬إخالص العمل هلل ومناصحة والة األمر ولزوم الجماعة فإن‬
‫دعوتهم تحيط من وراءهم ‪ ,‬ومن كانت الدنيا نيته فرق هللا عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إال ما كتب له ومن كانت اآلخرة‬
‫نيته جمع هللا أمره وجعل غناه في قلبه ‪ ,‬وأتته الدنيا وهي راغمة " ‪.‬‬

‫رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي‪ #‬بتقديم وتأخير وروى " صدره إلى قوله ليس بفقيه " أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه‬
‫بزيادة عليهما [صحيح الترغيب والترهيب (‪] )21 /1‬‬

‫اق ِإ َذا َأ ْخلَصَ ْالعَ َم َل هَّلِل ِ‬ ‫ِن َف َمعْ َناهُ اَل َي ُكونُ ْال َق ْلبُ عَ لَي ِْهنَّ َومَعَ هُنَّ غَ لِياًل َأب ًَدا َيعْ نِي اَل َي ْق َوى فِي ِه مَرَ ضٌ َواَل ِن َف ٌ‬ ‫َفَأمَّا َق ْول ُ ُه ثَاَل ٌ‬
‫ث اَل َي ِغ ُّل عَ لَي ِْهنَّ َق ْلبُ مُْؤ م ٍ‬
‫ْ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َأ‬ ‫ٌ‬ ‫َأ‬ ‫ُ‬ ‫َأ‬ ‫َأْل‬ ‫ُأ‬
‫ْ‬
‫اِئه ْم ُمحِيطة َف َمعْ َناهُ عِ ندَ هْ ِل العِل ِم نَّ هْ َل الجَ مَاعَ ِة فِي‬ ‫َ‬ ‫اِئه ْم ْو هِيَ مِنْ َورَ ِ‬‫َولَ ِز َم ْالجَ مَاعَ َة َو َناصَ حَ ولِي ا مْ ِر َو مَّا َق ْول ُه َفِإنَّ دَ عْ َو َت ُه ْم ُتحِيط مِنْ َورَ ِ‬
‫ُ‬
‫َام َوم َْوضِ ُع ُه ِإمَامًا َأِل ْنفُسِ ِه ْم اجْ َت َمعُوا‪#‬‬ ‫ْ‬ ‫َأ َأ‬
‫ار المُسْ لِمِينَ إذا مات ِإمَا ُم ُه ْم َولَ ْم َي ُكنْ َل ُه ْم ِإمَا ٌم َف َقا َم هْ ُل َذلِكَ المِصْ رِّ الَّذِي ه َُو حَ ضْ رَ ةُ اِإْلم ِ‬
‫مِصْ ٍر مِنْ َأمْ صَ ِ ْ‬
‫َام ِإ َذا َل ْم َي ُكنْ مُعْ لِ ًنا ِب ْالفِسْ ِق َو ْال َفسَ ا ِد َمعْ رُوفاً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫آْل‬ ‫ْ‬ ‫َأ‬ ‫ْ‬
‫اق يَل َز ُم ُه ُم ال ُّد ُخو ُل فِي طاعَ ِة ذلِكَ اِإْلم ِ‬ ‫عَ لَ ْي ِه َورَ ضُوهُ َفِإنَّ ُك َّل َمنْ َخل َف ُه ْم َو مَا َم ُه ْم مِنَ المُسْ لِمِينَ فِي ا َف ِ‬
‫ْن "‪ .‬التمهيد لما في‬ ‫َ ِ‬‫ي‬ ‫ب‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫ذ‬‫َ‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ف‬
‫َ َ سَ‬‫و‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫فِ‬ ‫اَل‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫اخ‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ْن‬
‫ي‬ ‫م‬‫َا‬
‫ِإ َ ِإ َ ِ ِ‬‫م‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ِي‬ ‫ف‬ ‫َا‬
‫م‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫َا‬
‫ه‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫ِب َذلِكَ َأِل َّنهَا دَعْ َوةٌ ُمح َ‬
‫ِيط ٌة ِب ِه ْم َي ِجبُ ِإجَ ا َب ُت َها‪َ #‬واَل يَسَ ُع َأحَ ًدا ال َّت َخلُّفُ عَ‬
‫الموطأ من المعاني واألسانيد (‪)278 - 277 /21‬‬
‫وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم ‪ " 24‬انظر ما كان من حديث رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫خفت دروس العلم وذهاب العلماء‪ ،‬وال تقبل إال حديث النبي صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬‫ُ‬ ‫وسلم فاكتبه‪ ،‬فإني‬
‫‪25‬‬
‫ولتفشوا العلم‪ ،‬ولتجلسوا‪ #‬حتى يعلم من ال يعلم فإن العلم ال يهلك حتى يكون سرا"‬

‫واألحاديث‪ #‬واآلثار‪ #‬في هذا الباب كثيرة وكلها تؤكد وجوب تبليغ السنة ونشرها‪ #‬في كل عصر ومصر‪.#‬‬
‫ويتحتم هذا األمر في حالة الجهل بالسنة أو اإلعراض عنها وهجرانها‪ #‬كما هو الحال في هذا الزمان‬
‫الذي عم فيه الهجران للسنة وتعاليم‪ #‬الدين كافة بالد المسلمين إال قليال ممن هداهم هللا ووفقهم‪ #‬للتمسك‬
‫بالسنة والصبر عليها‪.‬‬

‫والسبب في ذلك قلة االهتمام بالعلم الشرعي‪ ،‬وتقصير‪ #‬أهل العلم في القيام بواجبهم‪ #‬في تبليغ هذا الدين‬
‫على الوجه المطلوب‪ ،‬هذا مع غلبة التعصب المذهبي والتقليد األعمى على أكثر الناس‪ ،‬مما جعل بين‬
‫المسلمين وبين هدى نبيهم جفاء وبعدا‪ -‬إال من رحم هللا‪ .‬فيجب على كل مسلم يحب هللا ورسوله أن‬
‫يقوم بواجبه في تبليغ هذا الدين حسب علمه واستطاعته‪ ،‬صابرا‪ #‬في سبيل ذلك على ما يالقي في جنب‬
‫هللا من أذى‪ .‬متأسيا في ذلك برسول‪ #‬هللا صلى هللا عليه وسلم وصحابته الذين وقفوا‪ #‬حياتهم لتبليغ هذا‬
‫الدين‪ ،‬باذلين في سبيل ذلك النفس والنفيس‪ .‬فرضي هللا عنهم وعمن سار على نهجهم إلى يوم الدين‪.‬‬
‫وهذا هو مظهر االتباع والحب الحقيقي لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫قال البيهقي‪:‬‬

‫" وإذا لزم اتباع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فيما سن‪ ،‬وكان لزوم‪ #‬فرضا‪ #‬باقيا‪ ،‬وال سبيل إلى اتباع‬
‫سنته إال بعد معرفتها‪ ،‬وال سبيل لنا إلى معرفتها‪ #‬إال بقبول خبر الصادق‪ #‬عنه لزم قبوله صلى هللا عليه‬
‫‪26‬‬
‫وسلم متابعته‪ ،‬ولذلك أمر بتعليمها والدعاء إليها‪ ،‬وباهلل التوفيق‪" #‬‬

‫ثانيا‪ :‬تحكيم السنة والتحاكم إليها‪ :‬إن مما يؤكد صدق االتباع لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم تحكيم‬
‫سنته والتحاكم‪ #‬إليها وجعلها الميزان الذي توزن به األقوال واألفعال‪ #‬واألحكام‪ #‬فما وافقها قبل وما خالفها‬
‫رد وإن قاله من قاله‪ .‬وقد‪ #‬وردت آيات كثيرة تؤكد هذا األمر منها قوله تعالى‪:‬‬
‫ِين آ َم ُنوا َأطِ يعُوا هَّللا َ َوَأطِ يعُوا الرَّ سُو َل َوُأولِي‪ #‬اَأْلم ِْر ِم ْن ُك ْم َفِإنْ َت َن َ‬
‫ازعْ ُت ْم فِي َشيْ ٍء َف ُر ُّدوهُ ِإلَى هَّللا ِ‬ ‫{ َيا َأ ُّي َها الَّذ َ‬
‫ك َخ ْي ٌر َوَأحْ َسنُ َتْأ ِوياًل } [النساء‪. ]59 :‬‬ ‫ون ِباهَّلل ِ َو ْال َي ْو ِم اآْل خ ِِر َذلِ َ‬
‫ُول ِإنْ ُك ْن ُت ْم ُتْؤ ِم ُن َ‬
‫َوالرَّ س ِ‬
‫ُوك فِي َما َش َج َر َب ْي َن ُه ْم ُث َّم اَل َي ِج ُدوا فِي َأ ْنفُسِ ِه ْم َح َرجً ا ِممَّا‬
‫ون َح َّتى ي َُح ِّكم َ‬
‫ك اَل يُْؤ ِم ُن َ‬
‫وقوله تعالى‪َ { :‬فاَل َو َر ِّب َ‬
‫ْت َو ُي َسلِّمُوا‪َ #‬تسْ لِيمًا} [النساء‪. ]65 :‬‬ ‫َق َ‬
‫ضي َ‬
‫‪ - 24‬هو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم‪ .‬تابعي فقيه‪ ،‬استعمله عمر بن عبد العزيز على إمرة المدينة وقضائها‪ ،‬ولهذا كتب إليه‪ ( .‬انظر‬
‫فتح الباري‪).194 / 1 ،‬‬

‫‪ - 25‬أورده البخاري في كتاب العلم‪ ،‬باب كيف يقبض العلم‪.35 / 1 ،‬‬

‫‪ - 26‬االعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد لإلمام أبي بكر البيهقي‪ ،‬تصحيح كمال يوسف الحوت‪ ،‬ط ‪ ،1‬عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪ 1403 ،‬هـ‪ ،‬ص‬
‫‪.154‬‬
‫وتحكيم السنة والتحاكم‪ #‬إليها هو الفارق بين المسلم الحريص على اتباع السنة وبين من يتبع هواه بغير‬
‫هدى من هللا‪ .‬فمن تحاكم إلى غير الوحي فقد تحاكم إلى الطاغوت‪ ،‬وذلك كحال من يتحاكم إلى أدلة‬
‫العقول المبنية على المنطق اليوناني‪ #‬وهذا هو شأن الفالسفة وأهل الكالم‪ ،‬ومثل ذلك من يتحاكم إلى‬
‫الذوق والوجد‪ #‬أو مشايخ الطريق‪ #‬وهذا هو حال الصوفية‪.‬‬

‫أو كالشيعة الذين يتحاكمون إلى األئمة المعصومين‪ #‬بزعمهم‪ ،‬ويلتحق‪ #‬بأولئك من يتحاكمون إلى‬
‫القوانين الوضعية‪ ،‬أو أي مبدأ من المبادئ الهدامة أو عرف من األعراف البشرية السائدة أو غير ذلك‬
‫مما تحتكم إليه الجاهلية قديما وحديثا معرضين بذلك عن الحكم بكتاب هللا وسنة رسوله والتحاكم إليهما‬
‫‪27‬‬
‫‪.‬‬

‫وهذا اإلعراض والصدود‪ #‬هو حال المنافقين في كل زمان ومكان وإن زعموا أنهم يريدون بذلك إحسانا‬
‫وتوفيقا‪ ،‬أو أنهم يعملون لمصلحة األمة وقد‪ #‬نبه هللا على صنيعهم وأبان عن سوء حالهم فقال تعالى‪:‬‬
‫ون َأنْ َي َت َحا َكمُوا ِإلَى‬ ‫ك َو َما ُأ ْن ِز َل مِنْ َق ْبل َِك ي ُِري ُد َ‬‫ُون َأ َّن ُه ْم آ َم ُنوا ِب َما ُأ ْن ِز َل ِإلَ ْي َ‬
‫ِين َي ْز ُعم َ‬ ‫{َألَ ْم َت َر ِإلَى الَّذ َ‬
‫ِيدا ‪َ -‬وِإ َذا قِي َل لَ ُه ْم َت َعالَ ْوا ِإلَى َما‬ ‫ضاَل اًل َبع ً‬ ‫ت َو َق ْد ُأ ِمرُوا َأنْ َي ْكفُرُوا ِب ِه َوي ُِري ُد ال َّش ْي َطانُ َأنْ يُضِ لَّ ُه ْم َ‬ ‫الطا ُغو ِ‬ ‫َّ‬
‫ت‬ ‫ْف ِإ َذا َأ َ‬
‫صا َب ْت ُه ْم مُصِ ي َب ٌة ِب َما َق َّد َم ْ‬ ‫ودا‪َ - #‬ف َكي َ‬‫ص ُد ً‬ ‫ك ُ‬ ‫ون َع ْن َ‬ ‫ص ُّد َ‬ ‫ِين َي ُ‬ ‫ْت ْال ُم َنافِق َ‬ ‫ُول َرَأي َ‬
‫َأ ْن َز َل هَّللا ُ َوِإلَى الرَّ س ِ‬
‫وب ِه ْم َفَأعْ ِرضْ‬ ‫ِين َيعْ لَ ُم هَّللا ُ َما فِي قُلُ ِ‬
‫ِئك الَّذ َ‬ ‫ون ِباهَّلل ِ ِإنْ َأ َر ْد َنا ِإاَّل ِإحْ َسا ًنا َو َت ْوفِي ًقا‪ُ - #‬أولَ َ‬ ‫َأ ْيد ِ‬
‫ِيه ْم ُث َّم َجاءُو َ‬
‫ك َيحْ لِفُ َ‬
‫‪28‬‬
‫َع ْن ُه ْم َوعِ ْظ ُه ْم َوقُ ْل لَ ُه ْم فِي َأ ْنفُسِ ِه ْم َق ْواًل َبلِي ًغا} [النساء‪]63 - 60 :‬‬

‫نماذج من تطبيق السنة على عهد الصحابة رضوان هللا تعالى عنهم والسلف الصالح واإلعراض‬
‫عمن خالفها ‪:‬‬

‫كان الصحابة رضوان هللا تعالى عنهم إذا أمرهم الرسول صلى هللا عليه وسلم بشيء قالوا سمعنا‬
‫وأطعنا وطبقوه دون تردد ‪ ,‬وإذا نهاهم عن شيء انتهوا عنه ‪ ,‬وذلك تطبيقا لما رباهم عليه القرآن‬
‫الكريم والسنة المطهرة ‪:‬‬

‫قال تعالى ‪:‬‬

‫ون ُك ٌّل آ َم َن ِباهَّلل ِ َو َماَل ِئ َك ِت ِه َو ُك ُت ِب ِه َو ُر ُسلِ ِه اَل ُن َفرِّ ُق َبي َْن َأ َح ٍد‬‫( آ َم َن الرَّ سُو ُل ِب َما ُأ ْن ِز َل ِإلَ ْي ِه مِنْ َر ِّب ِه َو ْالمُْؤ ِم ُن َ‬
‫ْك ْالمَصِ ي ُ‪#‬ر )[ البقرة ‪]285:‬‬ ‫مِنْ ُر ُسلِ ِه َو َقالُوا‪َ #‬سمِعْ َنا َوَأ َطعْ َنا ُغ ْف َرا َن َ‬
‫ك َر َّب َنا َوِإلَي َ‬

‫‪ - 27‬والدليل على ذلك حديث عدي بن حاتم [الطائي]‪ -‬رضي هللا عنه ‪ " :-‬قال‪ :‬أتيت النبي صلى هللا عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب‪،‬‬
‫فقال‪ :‬يا عدي‪ ،‬اطرح عنك هذا الوثن‪ ،‬وسمعته يقرأ {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون هللا} [التوبة‪ ]31 :‬قال‪ :‬إنهم لم يكونوا يعبدونهم‪،‬‬
‫ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه‪ ،‬وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه "‪ .‬أخرجه الترمذي ‪. 3095‬‬

‫في التفسير‪ ،‬باب ومن سورة براءة‪ ،‬وحسنه الشيخ األلباني في صحيح سنن الترمذي‪ .‬وفي الصحيحة (‪)865 /7‬رقم ‪3293‬وذكر له حديثا‬
‫مرسال صحيحا وهو ‪":‬سئل حذيفة‪ -‬رضي هللا عنه‪ -‬عن هذه اآلية (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا ً من دون هللا) ؛ أكانوا يصلون لهم؟ قال‪ :‬ال‪،‬‬
‫ولكنهم كانوا يحلون لهم ما حرم هللا عليهم فيستحلونه‪ ،‬ويحرمون عليهم ما أحل هللا لهم فيحرمونه‪ ،‬فصاروا بذلك (أربابا ً) "‪.‬‬

‫‪ _?) 28‬محبة الرسول بين االتباع‪ #‬واالبتداع (ص‪ )130 - 125 :‬لعبد الرؤوف محمد عثمان ‪.‬‬
‫قال القرطبيُّ ‪ :‬سبب نزول هذه اآلية‪ :‬اآلي ُة الَّتِي قبلها‪ ،‬وهو قوله‪َ { :‬وِإن ُت ْب ُدو ْا َما في َأ ْنفُسِ ُك ْم َأ ْو ُت ْخفُوهُ‬
‫ي َُحاسِ ْب ُك ْم ِب ِه هللا} [البقرة‪ ]284 :‬فإنه لمَّا نزل هذا على ال َّنبيِّ صلى هللا عليه وسلم اشت َّد ذلك على‬
‫صلَّى هَّللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّم ثم َب َر ُكوا‪ #‬على‬ ‫هللا َ‬ ‫صلَّى هَّللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّم َفَأ َتوا‪َ #‬رسُو َل ِ‬ ‫ُول هللا َ‬ ‫ب رس ِ‬ ‫أصحا ِ‬
‫عمال ما ُنطِ يق؛ الصَّالة والصِّيام‬ ‫ِ‬ ‫صلَّى هَّللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّم ‪ْ -‬إذ ُكلِّ ْف َنا من اَأل‬
‫هللا ‪َ -‬‬ ‫الرُّ كب‪ ،‬فقالوا‪ :‬أي رسو َل ِ‬
‫صلَّى هَّللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّم ‪َ« :-‬أ ُت ِري ُد َ‬ ‫ي وال ُنطِ يقُ َها‪ ،‬فقال رسُول هللا ‪َ -‬‬ ‫ُأ‬
‫ون‬ ‫ك هذه اآل ُ‬ ‫نزل علي َ‬ ‫وال ِج َها ُد‪ ،‬وقد‪ِ #‬‬
‫ك َر َّب َنا‬‫ص ْي َنا‪ ،‬بل قولُوا‪َ :#‬سمِعْ َنا وَأ َطعْ َنا‪ُ #‬غ ْف َرا َن َ‬ ‫وع َ‬‫ْن من َق ْبلِ ُك ْم ‪َ :‬سمِع َنا َ‬ ‫َأنْ َتقُولُوا َك َما َقا َل َأهْ ُل ال ِك َتا َبي ِ‬
‫نزل هللاُ في ِإثرها {آ َم َن الرسول ِب َمآ ُأ ْن ِز َل ِإلَ ْي ِه مِن‬ ‫ك المَصِ يرُ» فلما َق َرَأها القو ُم و َذلَّت بها أ ْنفُ ُسهْم‪َ ،‬أ َ‬ ‫َوِإلَ ْي َ‬
‫نسخها هللاُ‪ ،‬فأنز َل هللاُ ‪{ :‬الَ ُي َكلِّفُ هللا‬ ‫ك المصير} فلما فعلُوا ذلك‪َ ،‬‬ ‫ك َر َّب َنا َوِإلَ ْي َ‬ ‫رَّ ِّب ِه} إلى قوله‪ُ { :‬غ ْف َرا َن َ‬
‫ت َو َعلَ ْي َها َما اكتسبت} [البقرة‪ ]286 :‬قال‪ :‬نعم‪َ { ،‬ر َّب َنا َوالَ َتحْ ِم ْل َعلَ ْي َنآ‬ ‫َن ْفسا ً ِإالَّ وُ سْ َع َها لَ َها َما َك َس َب ْ‬
‫ِإصْ راً َك َما َح َم ْل َت ُه َعلَى الذين مِن َق ْبلِ َنا} قال‪ :‬نعم { َر َّب َنا َوالَ ُت َحم ِّْل َنا َما الَ َطا َق َة لَ َنا ِب ِه} قال‪ :‬نعم {واعف‬
‫‪29‬‬
‫نت َم ْوالَ َنا فانصرنا َعلَى القوم الكافرين} قال‪ :‬نعم ‪.‬‬ ‫َع َّنا واغفر لَ َنا وارحمنآ‪َ #‬أ َ‬

‫_ قصة حذيفة بن اليمان في غزوة الخندق ‪:‬‬

‫كان حذيفة بن اليمان يقول‪ :‬لقد رأيتنا في الخندق مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في ليلة شديدة‬
‫البرد‪ ،‬قد اجتمع علينا البرد والجوع‪ #‬والخوف‪. #‬‬

‫فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬من رجل ينظر لنا ما فعل القوم جعله هللا رفيقي في الجنة‪ .‬فقال‬
‫حذيفة‪ :‬يشرط له رسول هللا صلى هللا عليه وسلم الجنة والرجوع‪ ،‬فما قام منا رجل! ثم عاد يقول ذلك‬
‫ثالث مرات‪ ،‬وما قام رجل واحد من شدة الجوع والقر والخوف‪ .‬فلما رأى رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم ذلك ال يقوم أحد‪ ،‬دعاني فقال‪ :‬يا حذيفة ! قال‪ :‬فلم أجد بدا من القيام حين فوه باسمي‪ ،‬فجئته‬
‫بان في صدري‪ ،‬فقال‪ :‬تسمع كالمي منذ الليلة وال تقوم؟ فقلت‪ :‬ال‪ ،‬والذي بعثك بالحق‪ ،‬إن‬ ‫ج ٌ‬ ‫ولقلبي َو َ‬
‫قدرت على ما بي من الجوع والبرد‪ .‬فقال‪ :‬اذهب فانظر‪ #‬ما فعل القوم‪ ،‬وال ترمين بسهم وال بحجر‪ ،‬وال‬
‫تطعن برمح‪ ،‬وال تضربن بسيف حتى ترجع إلي‪ .‬فقلت‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬ما بي يقتلوني ولكني أخاف أن‬
‫يمثلوا بي‪ .‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬ليس عليك بأس! فعرفت‪ #‬أنه ال بأس علي مع كالم‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم األول‪ .‬ثم قال‪ :‬اذهب فادخل في القوم فانظر ماذا يقولون‪ .‬فلما ولى‬
‫حذيفة قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬اللهم‪ ،‬احفظه من بين يديه ومن خلفه‪ ،‬وعن يمينه وعن‬
‫شماله‪ ،‬ومن فوقه ومن تحته!‬

‫فدخل عسكرهم فإذا هم يصطلون على نيرانهم‪ ،‬وإن الريح تفعل بهم ما تفعل‪ ،‬ال تقر لهم قرارا وال‬
‫بناء‪ .‬فأقبلت فجلست على نار مع قوم‪ ،‬فقام أبو سفيان فقال‪ :‬احذروا الجواسيس والعيون‪ ،‬ولينظر‪ #‬كل‬
‫رجل جليسه‪ .‬قال‪ ،‬فالتفت إلى عمرو بن العاص فقلت‪ :‬من أنت؟‬

‫‪ - 29‬أخرج ُه مسل ٌم‪ ،‬عن أبي هُرَ يرة ‪ -‬رَ ضِ يَ هَّللا ُ عَ ْنه – انظر تفسير اللباب في علوم الكتاب (‪)523 /4‬‬
‫وهو عن يميني‪ .‬فقال‪ :‬عمرو بن العاص‪ .‬والتفت إلى معاوية بن أبي سفيان فقلت‪ :‬من أنت؟ فقال‪:‬‬
‫معاوية بن أبي سفيان‪ .‬ثم قال أبو سفيان‪:‬‬

‫إنكم وهللا لستم بدار مقام‪ ،‬لقد هلك الخف والكراع‪ ،‬وأجدب الجناب‪ ،‬وأخلفتنا بنو قريظة‪ ،‬وبلغنا عنهم‬
‫الذي نكره‪ ،‬وقد‪ #‬لقينا من الريح ما ترون! وهللا‪ ،‬ما يثبت لنا بناء وال تطمئن لنا قدر‪ ،‬فارتحلوا‪ #‬فإني‬
‫مرتحل ‪.30‬‬

‫وعن عبد العزيز ابن أخي حذيفة‪ ،‬قال‪ :‬ذكر حذيفة مشاهدهم مع النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فقال‬
‫جلساؤه‪ :‬أما وهللا لو كنا شهدنا لفعلنا ولفعلنا‪ ،‬فقال حذيفة‪ :‬ال تمنوا ذلك‪ ،‬فلقد رأيتنا ليلة األحزاب ونحن‬
‫صافون قعودا ‪ .‬أبو سفيان ومن معه من األحزاب فوقنا وقريظة اليهود أسفل منا نخافهم على ذرارينا‪#،‬‬
‫وما أتت علينا ليلة أشد ظلمة‪ ،‬وال أشد ريحا منها في أصوات ريحها أمثال الصواعق‪ ،‬وهي مظلمة ما‬
‫يرى أحدنا إصبعه‪ ،‬وجعل المنافقون يستأذنون رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ويقولون‪ :‬بيوتنا عورة‪،‬‬
‫وما هي بعورة‪ ،‬فما يستأذنه أحد منهم إال أذن له فيأذن لهم فينسلون‪ ،‬ونحن ثالثمائة أو نحو ذلك إذ‬
‫استقبلنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم رجال رجال‪ ،‬فقال‪« :‬من يأتينا بخبر القوم الليلة جعله هللا رفيقا‬
‫لمحمد يوم القيامة» ‪ ،‬قال‪ :‬فما منهم رجل يقوم‪ ،‬قال‪ :‬فما زال يستقبلهم رجال رجال حتى مر علي‪ ،‬وما‬
‫علي جنة من العدو‪ ،‬وال من البرد إال مرط ال يجاوز ركبتي‪ ،‬قال‪ :‬فأتاني وأنا جاثي على ركبتي‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫«من هذا؟» ‪ ،‬فقال حذيفة‪ :‬قال‪« :‬حذيفة؟» فتقاصرت باألرض‪ ،‬فقلت‪ :‬بلى يا رسول هللا كراهية أن‬
‫أقوم‪ ،‬فقال‪« :‬قم» ‪ ،‬فقمت‪ ،‬فقال‪« :‬إنه كائن في القوم خبر فأتني بخبر القوم» ‪ ،‬قال‪ :‬وأنا من أشد‬
‫الرجال فزعا وأشدهم قرا‪ ،‬فخرجت‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬اللهم احفظه من بين يديه‬
‫ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته» ‪ ،‬قال‪ :‬فوهللا ما خلق هللا عز وجل فزعا وال‬
‫قرا أجده في جوفي‪ #‬إال خرج من جوفي‪ #‬حتى إذا دنوت من عسكر القوم نظرت في ضوء نار لهم توقد‪،‬‬
‫وإذا رجل ضخم آدم يقول بيديه على النار ويسخن خاصرته‪ ،‬ويقول‪ :‬الرحيل‪ ،‬ولم أكن أعرف أبا‬
‫سفيان قبل ذلك فانتزعت سهما من كنانتي أبيض الريش فأضعه على كبد قوسي ألرمي به في ضوء‬
‫النار‪ ،‬فذكرت قول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬ال تحدثن شيئا حتى تأتي» ‪ ،‬فأمسكت ورددت‪#‬‬
‫سهمي ثم إني شجعت نفسي حتى دخلت العسكر فإذا أدنى الناس بني عامر‪ ،‬ويقولون‪ :‬يا آل عامر‬
‫الرحيل‪ ،‬ال مقام لكم‪ ،‬وإن الريح في عسكرهم ما تجاوز عسكرهم شبرا‪ ،‬قد دفنت رحالهم‪ #‬وطنافسهم‪#،‬‬
‫يستترون بها من التراب‪ ،‬فجلست بين اثنين‪ ،‬فلما استويت بينهما قال ذلك الرجل‪ :‬الليلة ليلة طالئع‪،‬‬
‫فليسأل كل رجل جليسه‪ ،‬فوهللا إني ألسمع صوت الحجارة في رحالهم وفرشهم‪ ،‬الريح تضربهم‪ #‬بها‬
‫فقلت للذي عن يميني‪ :‬من أنت؟‪ ،‬وقلت للذي عن شمالي من أنت؟‪ ،‬ثم خرجت نحو النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم فلما انتصف بي الطريق أو نحو ذلك إذا أنا بنحو من عشرين فارسا معتمين‪ ،‬فقالوا لي‪ :‬أخبر‬
‫صاحبك أن هللا قد كفاه القوم‪ ،‬فرجعت إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وهو مشتمل بشملة يصلي‪،‬‬
‫فوهللا ما عدا أن رجعت رجع إلي القر رجعت أقرقف فأومأ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إلي بيده‪،‬‬
‫وهو يصلي فدنوت منه فأسبل علي شملته‪ ،‬وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى‬
‫‪ - 30‬مغازي الواقدي (‪)490 - 488 /2‬‬
‫فأخبر خبر القوم‪ ،‬وأخبر‪ #‬أنهم يترحلون فأنزل هللا عز وجل ‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت هللا‬
‫عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا‪ }#‬إلى آخر اآلية " ‪.31‬‬

‫_ قصة الصحابي الذي طلب منه الرسول صلى هللا عليه وسلم أن ينزع خاتم الذهب‪.‬‬

‫‪ -‬عن ابن عباس‪ « :‬أن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬رأى خاتمًا من ذهب في يد رجل فنزعه‬
‫وطرحه وقال‪ :‬يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيطرحها في يده‪ .‬فقيل للرجل بعدما ذهب رسول هللا ‪-‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪ :-‬خذ خاتمك انتفع به؟ قال‪ :‬ال وهللا ال آخذه ً‬
‫أبدا وقد طرحه رسول هللا ‪ -‬صلى هللا‬
‫‪32‬‬
‫عليه وسلم ‪»-‬‬

‫‪-‬وعن ثوبان رضي‪ #‬هللا عنه قال‪:‬‬

‫جاءت بنت هبيرة إلى النبي صلى هللا عليه وسلم وفي‪ #‬يدها فتخ [من ذهب] [أي خواتيم كبار] فجعل‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم يضرب يدها [ِبُعصََّية معه يقول لها‪" :‬أيسرك أن يجعل هللا في يدك خواتيم‪#‬‬
‫من نار؟! "] فأتت فاطمة تشكو إليها ‪ ,‬قال ثوبان‪ :‬فدخل النبي صلى هللا عليه وسلم على فاطمة وأنا‬
‫معه وقد‪ #‬أخذت من عنقها سلسلة من ذهب ‪ .‬فقالت‪ :‬هذا أهدى لي أبو حسن تعني زوجها‪ #‬عليا رضي هللا‬
‫عنه ‪ -‬وفي‪ #‬يدها السلسلة ‪ -‬فقال النبي صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬يا فاطمة ! أيسرك أن يقول الناس‪ :‬فاطمة‬
‫بنت محمد في يدها سلسلة من نار؟ " ثم عذمها عذما شديدا فخرج ولم يقعد فعمدت فاطمة إلى السلسلة‬
‫سمةً فأعتقتها ‪ ,‬فبلغ ذلك النبي صلى هللا عليه وسلم فقال‪" :‬الحمد هلل الذي نجى‬
‫فباعتها فاشترت‪ #‬بها َن َ‬
‫‪33‬‬
‫فاطمة من النار"‬

‫‪ -‬وعن أنس رضي هللا عنهـ أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خرج يوما ونحن معه فرأى‪ #‬قبة‬
‫مشرفة فقال ما هذه ؟‬

‫قال أصحابه هذه لفالن رجل من األنصار ‪ ,‬فسكت وحملها في نفسه حتى إذا جاء صاحبها‪ #‬رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم وسلم عليه في الناس فأعرض عنه صنع ذلك مرارا حتى عرف الرجل الغضب‬
‫فيه واإلعراض عنه فشكا ذلك إلى أصحابه فقال وهللا إني ألنكر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قالوا‬
‫خرج فرأى قبتك فرجع إلى قبته فهدمها حتى سواها باألرض فخرج رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫ذات يوم فلم يرها‬

‫‪ - 31‬مستخرج أبي عوانة (‪)320 /4‬‬

‫‪ - 32‬أخرجه مسلم (‪. )3/1655‬‬


‫‪ - 33‬أخرجه النسائي ‪ 2/284‬و ‪ 285 - 284‬والطيالسي ‪ 1/354‬ومن طريقه الحاكم ‪ 153 - 3/152‬والطبراني في "الكبير" رقم ‪1448‬‬
‫وابن راهويه في مسنده ‪ 2 - 4/237/1‬وكذا أحمد ‪ 5/278‬وإسناده صحيح موصول وكذلك صححه ابن حزم ‪ 10/84‬وقال الحاكم‪" :‬صحيح‬
‫على شرط الشيخين"‪ .‬ووافقه الذهبي‪.‬‬

‫وقال الحافظ المنذري ‪":1/237‬رواه النسائي بإسناد صحيح"‪.‬‬

‫وقال العراقي ‪ ... ":4/205‬بإسناد جيد"‪ - [.‬آداب الزفاف في السنة المطهرة (ص‪])230 :‬‬
‫قال ما فعلت القبة قالوا شكا إلينا صاحبها‪ #‬إعراضك عنه فأخبرناه فهدمها‪ #‬فقال أما إن كل بناء وبال على‬
‫صاحبه إال ما ال إال ما ال ‪.‬‬

‫رواه أبو داود‪ 34‬واللفظ له وابن ماجه أخصر منه ولفظه قال مر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بقبة‬
‫على باب رجل من األنصار‪ #‬فقال ما هذه قالوا قبة بناها فالن فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كل‬
‫ما كان هكذا فهو وبال على صاحبه يوم القيامة فبلغ األنصاري‪ #‬ذلك فوضعها فمر النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم بعد فلم يرها فسأل عنها فأخبر‪ #‬أنه وضعها‪ #‬لما بلغه فقال ي رحمه هللا ي رحمه هللا ‪.‬‬

‫‪-‬وعن أبي العالية «أن العباس بن عبد المطلب بنى غرفة‪ ،‬فقال له النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪" :-‬‬
‫‪35‬‬
‫اهدمها "‪ .‬فقال‪ :‬أهدمها أو أتصدق بثمنها؟ فقال‪ " :‬اهدمها»‪.‬‬

‫وروى الطبراني‪ 36#‬أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مر ببنية قبة لرجل من األنصار‪ #‬فقال ما هذه ؟‬
‫قالوا ‪ :‬قبة ‪ .‬فقال النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ ":‬كل بناء وأشار‪ #‬بيده على رأسه أكثر من هذا فهو وبال‬
‫على صاحبه يوم القيامة "‪.‬‬

‫خريم األسدي لوال‬‫‪ -‬وعن ابن الحنظلية قال ‪ :‬قال لنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ " :‬نعم الرجل ُ‬
‫طول جمته وإسبال إزاره" ‪ .‬فبلغ ذلك خريما فعجل فأخذ شفرة فقطع بها جمته إلى أذنيه ورفع‪ #‬إزاره‬
‫‪37‬‬
‫إلى أنصاف ساقيه ‪.‬‬

‫_ قصة الصحابة الذين بادروا‪ #‬إلى التبرك ب َطهوره صلى هللا عليه وسلم ‪...‬‬

‫عن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي قراد السلمي رضي‪ #‬هللا عنه قال ‪ :‬كنا عند النبي صلى هللا عليه‬
‫بطهور فغمس يده فتوضأ فتتبعناه فحسوناه فقال النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ ":‬ما حملكم على‬ ‫وسلم فدعا َ‬
‫ما فعلتم ؟ قلنا ‪ :‬حب هللا ورسوله ‪ .‬قال ‪ ":‬فإن أحببتم أن يحبكم هللا ورسوله فأدوا‪ #‬إذا ائتمنتم واصدقوا‬
‫إذا حدثتم وأحسنوا‪ #‬جوار من جاوركم " ‪.38‬‬

‫‪ - 34‬أخرجه أبو داود ‪ 5237‬قال العراقي في تخريج أحاديث اإلحياء = المغني عن حمل األسفار (ص‪)1592 :‬‬
‫‪:3‬أخرجه أبو داود من حديث أنس بإسناد جيد ‪ .‬وقال الشيخ األلباني في صحيح الترغيب والترهيب (‪1874)182 /2‬‬
‫‪( -‬حسن صحيح)وانظر " الصحيحة " (‪)8830‬‬

‫‪ -‬رواه الطبراني في الكبير‪ ،‬وهو مرسل‪ ،‬ورجاله رجال الصحيح قاله الهيثمي‪ #‬في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (‪)70 /4‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪ - 36‬في األوسط ‪ . 3081‬وقال الهيثمي ‪ ":‬رواه الطبراني في األوسط‪ ،‬ورجاله ثقات"انظر مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (‪.)70 /4‬‬
‫‪ - 37‬أخرجه تاما أبو داود (‪ )4089‬أحمد ‪ , 17622‬وأخرجه كذلك الطبراني في "الكبير" (‪ )5616‬و (‪ ، )5617‬والبيهقي في "الشعب" (‬
‫‪ ، )6204‬وفي "اآلداب" (‪، )594‬‬

‫قال النووي في رياض الصالحين ‪ :‬رواه أبو داود بإسناد حسن إال قيس بن بشر فاختلفوا في توثيقه وتضعيفه وقد روى له مسلم ‪.‬‬

‫وقال األرنؤوط ‪ :‬إسناده محتمل للتحسين‪ ،‬وذكر عدة شواهد للتدليل على ذلك ( انظر تخريج الحديث رقم ‪ 17622‬في المسند) وضعفه‬
‫األلباني في ضعيف سنن أبي داود ‪.‬‬

‫‪ - 38‬رواه الطبراني ‪ ,‬وقال األلباني ‪( :‬حسن لغيره)[ صحيح الترغيب والترهيب (‪])71 /3‬‬
‫ويشهد له ما رواه ابن شهاب قال‪ :‬حدثني رجل من األنصار أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان إذا‬
‫توضأ أو تنخم ابتدر من حوله من المسلمين وضوءه ونخامته‪ ،‬فشربوه‪ ،‬ومسحوا‪ #‬به جلودهم‪ ، #‬فلما‬
‫رآهم يصنعون ذلك سألهم‪ :‬لم تفعلون هذا؟ قالوا‪ :‬نلتمس الطَّهور والبركة بذلك‪ ،‬فقال رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪ " :‬من كان منكم يحب أن يحبه هللا ورسوله فليصدق‪ #‬الحديث‪ ،‬وليؤد األمانة وال يؤذ‬
‫‪39‬‬
‫جاره "‪.‬‬

‫‪-‬قصة جليبيب ‪:‬‬

‫عن أبي برزة األسلمي‪ ،‬أن جليبيبا كان امرأ يدخل على النساء‪ ،‬يمر بهن ويالعبهن فقلت المرأتي‪ :‬ال‬
‫يدخلن عليكم جليبيب؛ فإنه إن دخل عليكم‪ ،‬ألفعلن وألفعلن‪ .‬قال‪ :‬وكانت األنصار‪ #‬إذا كان ألحدهم أيم‬
‫لم يزوجها حتى يعلم هل للنبي صلى هللا عليه وسلم فيها حاجة؟ أم ال‪ .‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم لرجل من األنصار‪ " :‬زوجني ابنتك "‪ .‬فقال‪ :‬نعم وكرامة يا رسول هللا ونعم عيني‪ .‬قال‪ " :‬إني‬
‫لست أريدها لنفسي "‪ .‬قال‪ :‬فلمن يا رسول هللا؟ قال‪ " :‬لجليبيب "‪ :.‬قال‪ :‬فقال‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬أشاور‬
‫أمها فأتى أمها فقال‪ :‬رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يخطب ابنتك‪ .‬فقالت‪ :‬نعم‪ .‬ونعمة عيني‪ .‬فقال‪ :‬إنه‬
‫ليس يخطبها‪ #‬لنفسه إنما يخطبها لجليبيب‪ .‬فقالت‪ :‬أجليبيب إنية؟ أجليبيب إنية؟ أجليبيب إنية؟ ال‪َ .‬لَعْمُر‬
‫هللا لا نزوجه‪ .‬فلما أراد أن يقوم ليأتي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فيخبره بما قالت أمها‪ :‬قالت‬
‫الجارية‪ :‬من خطبني إليكم؟ فأخبرتها‪ #‬أمها فقالت‪ :‬أتردون على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أمره؟‬
‫ادفعوني؛ فإنه لم يضيعني‪ .‬فانطلق‪ #‬أبوها إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فأخبره فقال‪ :‬شأنك بها‬
‫فزوجها‪ #‬جليبيبا قال‪ :‬فخرج رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في غزوة له‪ .‬قال‪ :‬فلما أفاء هللا عليه قال‬
‫ألصحابه‪ " :‬هل تفقدون من أحد؟ " قالوا‪ :‬نفقد فالنا ونفقد فالنا‪ .‬قال‪ " :‬انظروا هل تفقدون من أحد؟ "‬
‫قالوا‪ :‬ال‪ .‬قال‪ " :‬لكني أفقد جليبيبا "‪ .‬قال‪ " :‬فاطلبوه في القتلى "‪ .‬قال‪ :‬فطلبوه فوجدوه إلى جنب سبعة‬
‫قد قتلهم‪ ،‬ثم قتلوه‪ .‬فقالوا‪ :‬يا رسول هللا ها هو ذا إلى جنب سبعة قد قتلهم‪ ،‬ثم قتلوه‪ ،‬فأتاه النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم فقام عليه فقال‪ " :‬قتل سبعة وقتلوه هذا مني وأنا منه‪ .‬هذا مني وأنا منه " مرتين أو ثالثا‪ ،‬ثم‬
‫وضعه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على ساعديه وحفر له ما له سرير إال ساعدا رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪ ،‬ثم وضعه في قبره‪ ،‬ولم يذكر أنه غسله‪ .‬قال ثابت‪ :‬فما كان في األنصار أيم أنفق منها‪.‬‬
‫وحدث إسحاق بن عبد هللا بن أبي طلحة ثابتا قال‪ :‬هل تعلم ما دعا لها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم؟‬
‫قال‪ " :‬اللهم صب عليها الخير صبا‪ ،‬وال تجعل عيشها كدا كدا "‪ .‬قال فما كان في األنصار أيم أنفق‬
‫منها " ‪.40‬‬
‫‪ - 39‬ذكره اإلمام الشاطبي في كتابه القيم " االعتصام " (‪ - 139 / 2‬المنار) ‪ ،‬ورواه عبد الرزاق في " المصنف " (‪ )19748 / 7 / 11‬عن‬
‫معمر عن الزهري به‪ .‬قلت‪ :‬وهذا اإلسناد رجاله ثقات غير الرجل األنصاري‪ ،‬فإن كان تابعيا‪ ،‬فهو مرسل‪ ،‬وال بأس به في الشواهد ‪ ،‬وإن كان‬
‫صحابيا‪ ،‬فهو مسند صحيح ألن جهالة اسم الصحابي ال تضر‪ ،‬كما هو مقرر في علم الحديث‪ ،‬ويغلب على الظن أنه أنس بن مالك رضي هللا‬
‫عنه الذي في الطريق األولى فإنه أنصاري‪ ،‬ويروي عنه اإلمام الزهري كثيرا‪ [.‬من سلسلة األحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (‪/6‬‬
‫‪)1265‬‬

‫‪ - 40‬إسناده صحيح على شرط مسلم ‪.‬‬

‫أخرجه أحمد ‪ 19778 , 19784‬و البغوي في "شرح السنة" ‪[ 3997‬مسند أحمد ط الرسالة (‪])30 - 28 /33‬‬
‫قوله‪":‬أيم"‪ :،‬بفتح فتشديد‪ #،‬أي‪ :‬بنت بال زوج‪.‬‬

‫ونْعم عين"‪ :‬بضم فسكون‪ ،‬وفي بعض النسخ ‪ :‬ونُْعمة عين‪ ،‬بضم فسكون أيضا‪ ،‬وقيل‪ :‬يجوز‬ ‫وقوله‪ُ " :‬‬
‫فيهما ضم النون وفتحها‪ ،‬أي‪ :‬نكرمك بها كرامة ونسر عينك مسرة‪ ،‬ونعمة العين‪ :‬قرة العين ومسرتها‪.‬‬
‫قاله السندي‪.‬‬

‫وقولها‪" :#‬إنيه" قال ابن األثير في "النهاية" ‪ :79-1/78‬قد اختلف في ضبط هذه اللفظة اختالفا كثيرا‪،‬‬
‫فرويت بكسر الهمزة والنون وسكون الياء وبعدها هاء‪ ،‬ومعناها أنها لفظة تستعملها العرب في‬
‫اإلنكار‪ ،‬يقول القائل‪ :‬جاء زيد‪ ،‬فتقول أنت‪ :‬أزيدنيه‪ ،‬وأزيد‪ #‬إنيه‪ ،‬كأنك استبعدت مجيئه‪ .‬ورويت أيضا‬
‫بكسر الهمزة وبعدها‪ #‬باء ساكنة ثم نون مفتوحة‪ ،‬وتقديرها‪ :#‬ألجليبيب ابنتي؟ فأسقطت الياء ووقفت‬
‫عليها بالهاء‪ .‬قال أبو موسى‪ :‬وهو في "مسند" أحمد بن حنبل بخط أبي الحسن بن الفرات‪ ،‬وخطه‬
‫حجة‪ ،‬وهو هكذا معجم مقيد في مواضع‪ ،‬ويجوز‪ #‬أن ال يكون قد حذف الياء‪ ،‬وإنما هي ابنة نكرة‪ ،‬أي‪:‬‬
‫أتزوج جليبيبا ببنت؟ تعني أنه ال يصلح أن يزوج ببنت‪ ،‬إنما يزوج مثله بأمة استنقاصا‪ #‬له‪ ،‬وقد رويت‬
‫مثل هذه الرواية الثالثة بزيادة ألف والم للتعريف‪ ،‬أي‪ :‬ألجليبيب االبنة؟ ورويت‪ :‬ألجليبيب األمة؟ تريد‬
‫الجارية‪ ،‬كناية عن بنتها‪.‬‬

‫ورواه بعضهم‪ #‬أمية‪ ،‬أو آمنة‪ ،‬على أنه اسم البنت‪.‬‬

‫‪ -‬عبد هللا بن عمر يغضب على ابنه ‪:‬‬

‫عن مجاهد‪ ،‬عن ابن عمر‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬ائذنوا للنساء بالليل إلى‬
‫المساجد» فقال ابن له‪ :‬يقال له واقد‪ :#‬إذن يتخذنه دغال‪ .‬قال‪ :‬فضرب في صدره وقال‪ " :‬أحدثك عن‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وتقول‪ :‬ال "‬
‫‪41‬‬
‫وفي رواية أبي داود ‪ : " :‬فسبه وغضب" ‪.‬وفي رواية الترمذي قال له ‪ : " :‬فعل هللا بك وفعل " ‪.‬‬

‫(فيتخذنه دغال) بفتح الدال والغين المعجمة وهو الفساد والخداع والريبة‬

‫قال الحافظ وأصله الشجر الملتف ثم استعمل في المخادعة لكون المخادع يلف في نفسه أمرا ويظهر‬
‫غيره وكأنه قال ذلك لما رأى من فساد بعض النساء في ذلك الوقت وحملته على ذلك الغيرة (قال) أي‬
‫مجاهد (فسبه وغضب) الضمير المرفوع‪ #‬راجع إلى بن عمر والمنصوب إلى ابنه‬

‫وفي رواية لمسلم فأقبل‪ #‬عليه عبد هللا فسبه سبا سيئا ما سمعته سبه مثله قط وفسر عبد هللا بن هبيرة في‬
‫رواية الطبراني السب المذكور‪ #‬باللعن ثالث مرات‬

‫وإنما أنكر عليه ابن عمر لتصريحه بمخالفة الحديث‬

‫‪ - 41‬أخرجه البخاري (‪ ، )899‬ومسلم (‪ ، )139( )442‬وأبو داود (‪ ، )568‬والترمذي (‪)570‬‬


‫وأخذ من إنكار عبد هللا على ولده تأديب المعترض على السنن برأيه وعلى العالم بهواه وتأديب الرجل‬
‫ولده وإن كان كبيرا إذا تكلم بما ال ينبغي له وجواز‪ #‬التأديب بالهجران فقد وقع في رواية بن أبي نجيح‬
‫عن مجاهد عند أحمد فما كلمه عبد هللا حتى مات وهذا إن كان محفوظا يحتمل أن يكون أحدهما مات‬
‫‪42‬‬
‫عقب هذه القصة بيسير‪ . #‬قاله الحافظ بن حجر في فتح الباري"‪.‬‬

‫‪-‬عبد هللا بن مغفل يقاطع رجال خالف قول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬

‫عن عبد هللا بن بريدة ‪ ،‬عن عبد هللا بن مغفل ؛ أنه رأى رجال يخذف ‪ ،‬فقال له ‪ :‬ال تخذف ؛ فإن رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم نهى عن الخذف ‪ ،‬أو كان يكره الخذف ‪ ،‬وقال ‪ :‬إنه ال ُيصاد به صيد ‪ ،‬وال‬
‫ُينكى به عدو ‪ ،‬ولكنها قد تكسر السن ‪ ،‬وتفقأ العين " ‪.‬‬

‫ثم رآه بعد ذلك يخذف ‪ ،‬فقال له ‪ :‬أحدثك عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬أنه نهى عن الخذف ‪ ،‬أو‬
‫كره الخذف ‪ ،‬وأنت تخذف ؟! ال أكلمك كذا وكذا‬

‫وفي‪ #‬رواية ‪ :‬نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن الخذف ‪ ،‬وقال ‪ :‬إنها ال ينكأ بها عدو ‪ ،‬وال‬
‫‪43‬‬
‫يصاد بها صيد‪.‬‬

‫فيه ‪ :‬هجران أهل البدع والفسوق ومنابذي السنة مع العلم ‪ .‬وأنه يجوز هجرانه دائما ‪ ،‬والنهي عن‬
‫الهجران فوق ثالثة أيام إنما هو فيمن هجر لحظ نفسه ومعايش الدنيا ‪ ،‬وأما أهل البدع ونحوهم‬
‫‪45‬‬
‫فهجرانهم دائما ‪ ،‬وهذا الحديث مما يؤيده مع نظائر له كحديث كعب بن مالك‪ 44‬وغيره ‪.‬‬
‫‪ -‬عبادة بن الصامت وإنكاره على معاوية ‪:‬‬
‫روى ابن ماجه ‪ 46‬أن عبادة بن الصامت األنصاري‪ #‬النقيب صاحب رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫غزا مع معاوية أرض الروم‪ ،‬فنظر إلى الناس وهم يتبايعون كسر الذهب بالدنانير وكسر الفضة‬
‫بالدراهم فقال‪ :‬يا أيها الناس إنكم تأكلون الربا‪ ،‬سمعت رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬يقول‪" :‬ال‬
‫تبتاعوا الذهب بالذهب إال مثال بمثل‪ ،‬ال زيادة بينهما وال َنظِ رة"‪ .‬فقال له معاوية‪ :‬يا أبا الوليد ال أرى‬
‫الربا في هذا إال ما كان من نظرة‪ ،‬فقال عبادة‪ :‬أحدثك عن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬وتحدثني‪#‬‬
‫عن رأيك‪ ،‬لئن أخرجني هللا ال أساكنك بأرض لك علي فيها إمرة‪ .‬فلما قفل لحق بالمدينة فقال له عمر‬
‫بن الخطاب‪ :‬ما أقدمك يا أبا الوليد؟ فقص عليه القصة‪ ،‬وما قال من مساكنته‪ ،‬فقال ارجع يا أبا الوليد‬
‫إلى أرضك‪ ،‬فقبح هللا أرضا لست فيها وأمثالك‪ .‬وكتب إلى معاوية‪ :‬ال إمرة لك عليه‪ ،‬واحمل الناس‬
‫على ما قال فإنه هو األمر‪.‬‬
‫‪ - 42‬عون المعبود وحاشية ابن القيم (‪)193 /2‬‬

‫‪ - 43‬أخرجه أحمد ‪ )16917(4/86‬وفي ‪ )20835(5/56‬والبخاري ( ‪ )5479( 7/112‬ومسلم( ‪ )5091( 6/71‬وفي (‪)5092‬‬


‫والنسائي ( ‪ ) 8/47‬وفي "الكبرى"‪ . 6990‬قوله ( يخذف ) بخاء معجمة وآخره فاء أي يرمي بحصاة أو نواة بين سبابتيه أو بين اإلبهام‬

‫‪ - 44‬قال كعب بن مالك في حديثه الطويل يحكي عن قصة توبته حين تخلف عن غزوة تبوك ‪ ":‬ونهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم المسلمين‬
‫ت لي في نفسي األرضُ ‪ ،‬فما هي باألرض التي كنت‬‫تنكر ْ‬
‫عن كالمنا ‪-‬أيها الثالثة ‪-‬من بين من تخلف عنه‪ ،‬فاجتنَبنَا الناس وتغيّروا لنا‪ ،‬حتى َ‬
‫أعرف‪ ،‬فلبثنا على ذلك خمسين ليلة"‪ .‬أخرجه أحمد (‪ )459 - 3/456‬والبخاري برقم (‪ )889‬وبرقم (‪ )2757‬ومسلم برقم (‪.)2769‬‬
‫‪ - 45‬شرح النووي على مسلم ‪3612)444 / 6( -‬‬

‫‪ - 46‬أخرجه النسائي (‪ )4576 /318 - 317 /7‬وابن ماجه (‪ .)18 /9 - 8 /1‬وصححه األلباني ‪.‬‬
‫‪ -‬مناظرة الشافعي إلسحاق بن راهويه‬

‫في هذه المناظرة احتج ال َّشافِعِي على جواز كراء دور مكة بقول النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪:-‬‬
‫"وهل ترك لنا عقيل من دار؛" الحديث‪ .‬ثم عارضه إسحاق بن راهويه إياه بقول بعض التابعين‬

‫قال ال َّشافِعِي رحمه اهُلل ‪ :‬من هذا؟‬

‫قيل‪ :‬إسحاق بن إبراهيم الحنظلي‪ :‬فقال له ال َّشافِعِي‪ :‬أنت الذي يزعم أهل خراسان أنك فقيههم؟‬

‫قال إسحاق‪ :‬هكذا يزعمون‪.‬‬

‫قال ال َّشافِعِي رحمه هللا‪ :‬ما أحوجني أن يكون غيرك في موضعك‪ ،‬فكنت آمر بعرك أذنيه‬

‫أنا أقول‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ ،-‬وأنت تقول‪ :‬عطاء‪ ،‬وطاووس‪ #،‬وإبراهيم‪ #،‬والحسن‬
‫‪47‬‬
‫هؤالء ال يرون ذلك‪ ،‬وهل ألحد مع رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬حجة؟!‬

‫إرشادات لنيل محبة الرسول صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬

‫وأختم هذا البحث القيم ببعض اإلرشادات التي يجب أنيتبعها كل من يحب رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم ويطبقها‪ #‬ويدعو إلى تطبيقها ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬قراءة سيرته صلى هللا عليه وسلم وتعلم الدروس المستفادة منها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الاقتداء به في هيئته وأقواله وأفعاله فمن تشبه بقوم حشر معهم فمن تشبه بالنبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم حشر معه ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الاقتداء به في معامالته مع أهله وجيرانه وأقاربه ‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الاقتداء به في أخالقه في صدقه وأمانته وحيائه وحلمه وصفحه وعفوه‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬الاقتداء به في عبادته في المحافظة علي الصالة وفي صيام النوافل وفي قيام الليل وفي قراءة‬
‫‪48‬‬
‫القرآن وفي اإلنفاق في سبيل هللا‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬قراءة سيرة أصحابه رضوان هللا تعالى عليهم واالقتداء بهم ‪ ,‬وكذلك سيرة التابعين الذين‬
‫شهد لهم رسول هللا بالخيرية حيث قال ‪ ":‬خير أمتي القرن الذين بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين‬

‫‪ - 47‬نقال من تفسير اإلمام الشافعي (‪ )1080 -1079 /3‬تح وجمع د ‪ .‬أحمد الفران بتصرف يسير ‪ .‬وانظر كذلك كتاب المعرفة للبيهقي‬
‫حيث أشار هذا األخير أنه فصل في هذه المناظرة ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫‪ -‬مقتطف من كتاب الورد والريحان فى دروس ليالى رمضان جمع وترتيب محمود دياب من موقع صيد الفوائد‬
‫يلونهم ‪ -‬وهللا أعلم أذكر الثالث أم ال‪ -‬ثم يظهر قوم يشهدون وال يستشهدون وينذرون وال يوفون‬
‫ويخونون وال يؤتمنون ويفشو فيهم السمن " ‪.49‬‬

‫‪ - 49‬رواه البخاري ‪ 190 / 5‬في الشهادات‪ ،‬باب ال يشهد على شهادة جور إذا شهد‪ ،‬وفي فضائل أصحاب النبي ص لى هللا عليه وس لم‪ ،‬ب اب‬
‫فضائل أصحاب النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وفي الرقاق باب ما يحذر من زهرة ال دنيا والتن افس فيه ا‪ ،‬وفي األيم ان والن ذور‪ ،‬ب اب إثم من ال‬
‫يفي بالنذر‪ ،‬ومسلم رقم (‪ )2535‬في فضائل الصحابة‪ ،‬باب فضل الصحابة ثم الذي يلونهم ثم الذي يلونهم‪ ،‬والترمذي رقم (‪ )2222‬في الفتن‪،‬‬
‫باب ما جاء في القرن الثالث‪ ،‬ورقم (‪ )2303‬في الشهادات‪ ،‬ب اب خ ير الق رون‪ ،‬وأبو داود رقم (‪ )4657‬في الس نة‪ ،‬ب اب في فضل أص حاب‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬واللفظ له‪ ،-‬والنسائي ‪ 17 / 7‬و ‪ 18‬في األيمان النذور‪ ،‬باب الوفاء بالنذر‪.‬‬

You might also like