Professional Documents
Culture Documents
اللاجئون البيئيون .. المشاكل والحلول
اللاجئون البيئيون .. المشاكل والحلول
76
العدد ٤٢١
77
أمن البيئة
78
العدد ٤٢١
79
أمن البيئة
80
العدد ٤٢١
الم�شاركون في الحوار
81
أمن البيئة
82
العدد ٤٢١
اخللفية بالنزوح ال�سكاين ،املُرتبط بتغري املناخ ،غالبــًا ما وقد كانت البداية مع مانويل كاريالو ،املدير التنفيذي
تكون ملمو�سة يف «اجلنوب»� ،إ َّال �أنها ال تقت�صر على البلدان للمركز الدويل للهجرة وال�صحة والتنمية ،يف جنيف فقال:
النامية فح�سب ،فقد �شهدت �أمريكا ال�شمالية و�أوروبا، يف زمن الهجرة الناجتة عن تغري املناخ ،تزايد انتقال
تزايدً ا كب ًريا يف �أعداد املهاجرين والالجئني ،وبالتايل املالريا ،وحمى ال�ضنك مع النا�س ،ومن املعلوم �أن بع�ض
تواجه كال املنطقتني نوعــًا جديدً ا� ،أو �أكرث خطورة ،من املناطق يف جنوب �شرق �آ�سيا ،و�أمريكا اجلنوبية والو�سطى،
التحديات ال�صحية ،وقد �شهدت �أغلب مناطق �أوروبا التي تت�أثر بارتفاع من�سوب �سطح البحر� ،أو ارتفاع في�ضان
ال�سل ،ج َّراء
الغربية بالفعل حاالت جديدة من مر�ض ُ الأنهار ،هي مناطق ت�ستوطن فيها املالريا وال�ضنك وحمى
الهجرة املُتزايدة من �أوروبا ال�شرقية ،وغريها من املناطق �شيكو نغونيا ،وقد ت ؤ�دِّي التح ُّركات ال�سكانية ،من هذه
التي بقيت فيها ُمع َّدالت انت�شار مر�ض ال�سل ُمرتفعة� ،أو املناطق �إلى غريها يف نف�س البلدان� ،أو عرب احلدود ،حيث
تزايدت مع انت�شار مر�ض الإيدز ،كما �أن حركة ال�سكان يف ُيتيح ارتفاع درجات احلرارة والرطوبة ،مناخــًا ُمنا�سبـًا
املناطق الفقرية يف �أوروبا ،والبلدان النامية ،قد أ� َّدت كذلك للبعو�ض ،ثم انت�شار ًا وا�سع ًا ملثل هذه الأمرا�ض ،وكذلك
�إلى تف�شي مر�ض االلتهاب الكبدي ،خا�صة من الفئتني قد تنتج عن تغري �أمناط توزيع املياه� ،إثر حدوث في�ضانات
( ،)A-Bيف دول �أوروبية �أخرى ،مل يكن هذا املر�ض ُيثل ُمتكررة� ،إلى جانب ارتفاع درجة احلرارة ،واحلركة
ُم�شكلة كبرية فيها ،ف�ض ًال عن تر ُّكز انت�شار حاالت جديدة، لل�س َّكان� ،آثار بعيدة املدى �أي�ضــًا ،على الأمرا�ض
الق�سرية ُ
من فريو�س نق�ص املناعة املُكتَ�سبة ،والأمرا�ض اجلن�سية ً
املُرتبطة باملياه ،كالبلهار�سيا مثال ،وتُ�شري التقديرات �إلى
املعدية الأخرى ،يف العديد من مناطق �أوروبا �أكرث ف�أكرث، �أن عدد املُ�صابني بهذا املر�ض ،ي�صل �إلى 200مليون ن�سمة
ِ�ضمن الوافدين من البلدان التي كانت فيها و�سائل منع حول العامل ،كما �أنه يت�سبب يف ارتفاع ُمع َّدالت االعتالل
انت�شار فريو�س نق�ص املناعة الب�شرية �أقل جناحـًا ،مما والوفيات ،وقد �أظهرت جليــًا م�شروعات تنمية املوارد
كانت عليه �أغلب بلدان �أوروبا الغربية ،وقد ارتبطت هجرة املائية ،يف عدد من البلدان ،مدى ال�سهولة التي ُيكن
بتغي الأمناط والتحديات ال�صحية، �أمريكا ال�شمالية �أي�ضـًا ُّ �أن ينت�شر فيها مر�ض البلهار�سيا ،مع احلركة ال�سكانية،
فقد ِوجد على �سبيل املثال� ،أن التح ُّركات املو�سمية لل ُعمال وعلى الرغم من �أن العديد من الت�أثريات ال�صحية ،ذات
83
أمن البيئة
ال�صدمة النف�سية النا�شئة عن النزوح الق�سري. الزارعيني ،من �أمريكا الو�سطى واجلنوبية ،حيث يعي�ش
وكانت درا�سة حديثة ،قد �أ�شارت �إلى �أن �أكرب التداعيات نحو 63مليون ن�سمة باملر�ض املعروف با�سم (�شاغا�س)،
والتحديات النا�شئة ج َّراء ظاهرة اللجوء البيئي ،زيادة قد �أدت �إلى ظهور ما يقرب من � 500ألف �إ�صابة جديدة،
االختالل بالتوازن الب�شري ،وبالتايل زيادة التناف�س القوي يف �أجزاء من الواليات املتحدة الأمريكية ،وبخا�صة والية
واخلطري بني الدول واملجتمعات ،من �أجل احل�صول على لويزيانا ،وجنوب والية تك�سا�س ،ووالية كاليفورنيا ،حيث
حاجات الإن�سان الأ�سا�سية. يتوافد كثري من ه�ؤالء العمال املو�سميني ،للبحث عن عمل،
وكان تقرير �صادر عن برنامج الأمم املتحدة للبيئة و�إلى جانب التداعيات ال�صحية البدنية ،ثمة ُم�شكالت
(يونيب) ،بعنوان «من النزاع �إلى بناء ال�سالم :دور املوارد نف�سية واجتماعية �أي�ضـًا ب�سبب �أن الهجرة ،التي دائمـًا
الطبيعية والبيئة» ,قد �أ�شار �إلى حتد مهم ،على خلفية ما تكون م�صحوبة بتجربة ع�صبية ،فهي ت�ستلزم بطبيعة
تداعيات النزوح البيئي ،وهو تهديد الأمن العاملي ،نتيجة احلال قطع الروابط الأُ�سرية ،واملغادرة بدون �ضمان
تزايد ال�صراع على املوارد الطبيعية ,ور�صد التقرير 18 النجاح يف احل�صول على عمل ،وكذلك عدم معرفة كيفية
نزاعــًا عنيفــًا على الأقل ،خالل الفرتة من عام 1990م ا�ستجابة املجتمعات امل�ستقبلة لهم ،ويف كثري من احلاالت
حتى العام 2009م فقط� ،أذكاها ا�ستغالل موارد الطبيعة، الطرق التي ينتقل عربها املهاجرون ،للو�صول �إلى تكون ُ
و�أن %40على الأقل من جميع النزاعات داخل الدول، مق�صدهم ،حمفوفة باملخاطر امل�ؤثرة على ال�صحة،
يف ال�ستني �سنة الأخرية ،كان لها ارتباط وثيق مبوارد جلدد، كما �أنه يف ِظل مناخ �سيا�سيُ ،يقاوم الوافدين ا ُ
الطبيعة ،و�أن النتائج الأولية للنزاعات الداخلية ،ت�شري وال يتعاطف معهم ،فقد تزداد بدرجة كبرية ِحدة ومدى
84
العدد ٤٢١
�أك�سفورد � :إن �أحد املو�ضوعات ال�سائدة يف النقا�شات �إلى احتمالية تكرار النزاعات املُرتبطة مبوارد الطبيعة،
الدائرة حول احلقوق ،هو وجوب �أال ي�ؤدِّي النزوح �إلى يف غ�ضون ال�سنوات اخلم�س القادمة� ،أكرب ب�ضعفني على
انتهاك احلقوق ،لذلك فهناك �صكوك قانونية ،وعهود الأقل.
وقواعد را�سخة على املُ�ستوى العاملي ،حلماية حقوق ويقول ال�سيد نيكوال �شرتن� ،أحد كبار االقت�صاديني يف
الأ�شخا�ص النازحني ق�س ًرا ،ب�سبب ال�صراع ،واال�ضطهاد، البنك الدويل � :أن العامل ُمهدد ب�أن ُي�سجل هبوطـًا قيا�سيـًا
ولكن ما يدعو للده�شة هو غياب �إطار ُم�شابه حلماية يف نهاية القرن ،يرتاوح ما بني � 5إلى 20يف املائة ،على
حقوق الأ�شخا�ص الذين ُيجربون على النزوح ،ب�سبب خلفية كوارث املناخ ،وعمليات النزوح الق�سريُ ،ويكن
التغي البيئي ،الناجم عن ا�ضطرابات املناخ ،و ُي�ضيف � :إن
ُّ �أن يتلف نحو 8,5تريليون دوالر من الرثوة العاملية ،على
�إدراك دور التدخل الإن�ساين ،وحاجة الدول �إلى الرتكيز خلفية ا�ستنزاف البيئة ،وتراجع االقت�صاد العاملي .
على حماية احلقوق ،فيما يتع َّلق بالنزوح الناجم عن التغري
البيئي ،ملن الق�ضايا املُ َّلحة ،التي يجب �أال تُرتك هكذا، الالجئون البيئيون..والقانون الدولي
حتى ال تكون عواقبها املُ�ستقبلية وخيمة..وت�شري الباحثة وبرغم �أن النزوح ،نتيجة تداعيات املناخ وتدهور البيئة،
ماريا �ستافروبولو ،من مفو�ضية الأمم املتحدة ل�ش�ؤون حقيقة واقعة ،وتتزايد حتدياتها يومــًا بعد يوم� ،إ َّال �أن
الالجئني� ،إلى �أن ثمة جدل وا�سع ،حول مفهوم الالجئون العامل مل يتَّفق حتى الآن على و�ضع و�صف قانوين للجوء
البيئيون ،ومن ثم تت�ضارب الآراء ،حول و�ضعهم القانوين، البيئي.
حيث يري البع�ض ب�أن �أولئك النازحني نتيجة للتغري البيئي يقول روجرز يرت مدير مركز درا�سات الالجئني يف
85
أمن البيئة
مدير الربامج يف املعهد الدويل للتنمية امل�ستدامة :الجئون �أو املناخي ،هم الجئون فعليون ،ومن ثم يدافعون عن
بيئيون� ،أم مهاجرون بيئيون ،هذه لي�ست ُم َّرد فروق �ضرورة تو�سيع تعريف الالجئني ،يف اتفاقية الالجئني لعام
لفظية ،فالت�سمية املقبولة �ستت�ض َّمن التزامات حقيقية من 1951م ،لت�شملهم ،وتُقنن �أو�ضاعهم ،بينما يدعو �آخرون
املُجتمع الدويل ،ويف �إطار ت�شريع قانوين دويل ،وي�ضيف لتبني اتفاقيات جديدة ،من �ش�أنها توفري قدر ُياثل ما
� :إن كلمة الجئ ترن يف �أ�سماع العامة ،الذين ُيكنهم يلقاه الالجئون من حماية ،كما جند كذلك فئة ثالثة ترى
التعاطف مع الإح�سا�س ال�ضمني بالكارثة ،كما �أنها حتمل �أن �أي اعتقاد عن وجود الجئني بيئيني ،وحاجتهم حلماية
�أي�ضـًا داللة لوجوب ُ�سرعة ُّ
التدخل الإن�ساين� ،أكرث بكثري ُماثلة للحماية التي يتمتع بها الالجئون ،هو اعتقاد ُمبالغ
من كلمة املُهاجر ،التي تت�ضمن التح ُّرك الطوعي ،باجتاه فيه على �أف�ضل تقدير ،ومدفوع ب�أعرا�ض �سيا�سية على
�أ�سلوب للحياة �أكرث جاذبية ورفاهية. �أ�سو أ� تقدير ،و ِوفقــًا له�ؤالء ف�إن مثل هذه املفاهيم ال تُفيد
�إن بع�ض الدول ال ُكربى تخ�شى من القبول ُمب�صطلح «الجئ �سوى يف ن�شر اخللط يف املفهوم التقليدي لالجئني .
بيئي» ،حيث قد ُيجربهم ذلك على توفري احلماية ،على وحول جفاء القانون الدويل ،لو�ضع الالجئني البيئيني،
قدم املُ�ساواة ،مع الالجئ ال�سيا�سي..هذا على ُم�ستوى وعدم تقنني حقوقهم على نحو وا�ضح حتى الآن ،يقول د.
الالجئ البيئي ،الذي يرتك موطنه� ،إلى خارج حدود هانز فان جينكل ،من جامعة الأمم املتحدة :نحن بال ِفعل
الرتاب الوطني..واجلدل ُمتد �أي�ضــًا �إلى الالجئ البيئي، يف حاجة ُم ِل َّحة لو�ضع ت�شريع دويل لالجئني البيئيني ،فمثل
الذي يرتك م�سقط ر�أ�سه ،باجتاه مكان �آخر داخل الرتاب هذا الت�شريع� ،سوف ُي�ساعد كث ًريا يف مواجهة الإ�شكالية،
الوطني ،وهذا اجلدل ت�شهده �أروقة الأمم املتحدة ،حيث وو�ضع حلول لها ،مع الإ�شارة �إلى �أن اتفاقية و�ضع الالجئني،
ثمة من يرى ب�أن مفهوم اللجوء ،البد �أن ُيط َّبق فقط على التي مت توقيعها عام 1951م ،مل ت�شملهم ،حيث ورد فيها
من يجتازون حدود ًا دولية ،ومن ثم ال تدخل ق�ضايا اللجوء تعريف الالجئ ،على النحو التايل « :هو ال�شخ�ص الذي
الداخلي� ،ضمن �صالحيات املفو�ضية الدولية ل�ش�ؤون لديه �أ�سباب قو َّية ،تدفعه للخوف من التع ُّر�ض لال�ضطهاد،
الالجئني� ،إ َّال ب�شكل هام�شي..بينما يري مندوب الأمم ب�سبب ال ِعرق� ،أو الدين� ،أو القومية� ،أو االنتماء �إلى جماعة
هجرينهجرين والالجئني� ،أن جميع املُ َّاملتحدة ل�ش�ؤون املُ َّ معينة� ،أو لتبنيه ر�أيــًا �سيا�سيــًا ُمعينــًا « ،ويقول �أويل براون،
86
العدد ٤٢١
نحن �أمام ظاهرة واقعية ،بحاجة ما�سة لإقرار معاهدة والالجئني ،يجتمعون �ضمن فئة قانونية واحدة ،وحمايتهم
دولية تعرتف باللجوء البيئي ر�سميــًا ،ومن ال�ضروري واجبة ب�صورة ُمت�ساوية..واملعار�ضون لهذا الر�أي ،داخل
-من وجهة نظري اخلا�صة � -أن تكون هذه املُعاهدة املفو�ضية العليا ،يعتقدون �أن تطبيق ذلك ُيكن �أن
ُمنف�صلة عن اتفاقية جنيف ب�شان الالجئني لعام 1951م، ُي ِ�ضعف و�ضع الالجئني ،كما �أن البنية ال�ضرورية لتح ُّمل
وخ�صو�صــًا يف ِظل ِخالف على و�صفهم بالالجئني� ،أو هذه امل�س�ؤولية ،ي�صعب �إيجادها..وتقول كيت رومر ،من
املهاجرين ،من ِقبل الدول الغربية ،التي ترف�ض بع�ضها ن�سقة رفيعة امل�ستوى لربنامجاملنظمة الدولية للهجرة ،و ُم ِّ
تبني ُم�صطلح «الجئ بيئي» ،خ�شية ا�ضطرارها �إلى الدول ،مع منظمة الر�ؤية الدولية يف �أ�سرتاليا« :علينا
توفري احلماية لهم ..وتذكر لنا �إيزابيال بيا�سينتيني دي ت�شجيع احلكومات ،على االعرتاف ُمب�شكلة نازحي البيئة،
�أندرادي �أ�ستاذة القانون الدويل وحقوق الإن�سان يف جامعة ودعم تطوير اتفاقيات الهجرة ،ملُ�ساعدة الأ�شخا�ص
بوزيتيفو ،وباحثة معنية ب�ش�ؤون الهجرة الق�سرية ،جتربة املُع َّر�ضني للنزوحُ ،ويكن اتخاذ اتفاقية نيوزلندا ،مع
الربازيل مع الالجئني البيئيني ،فتقول :لقد واجه الت�شريع دول البا�سيفيك ،مثا ًال على ذلك ،كما �أن علينا ت�شجيع
الربازيلي عددًا متزايدً ا من الوافدين الهاييتيني ،بعد احلكومات ،على اال�شرتاك يف املبادئ املوجهة للنزوح
زلزال 2010م ،لأنه مل يكن كافيــًا للتعامل مع هذه الفئة الداخلي ،وااللتزام بها ،لالعرتاف بحقهم ،يف احل�صول
من املهاجرين بالطريقة املُنا�سبة ،فمن مفهوم ُ
ال�سلطات تغيات املناخ ،داخل على احتياجات احلماية ،ب�سبب ُّ
الربازيلية مل يكن النازحون الهاييتيون واقعني ِ�ضمن حدود البالد» .
تعريف «الجئ» ،على اعتبار �أن نزوحهم كان لدواعي وحول قوننة و�ضع الالجئني البيئيني ،و�ضمان حقوقهم
ُمتع ِّلقة بالكوارث البيئية. دوليــًا ،يقول جانو�س بوغاردي ،مدير معهد البيئة والأمن
وحول اجلدل الذي مازال دائ ًرا يف الأو�ساط القانونية الب�شري ،التابع جلامعة الأمم املتحدة :ال داعي ملِثل هذا
الدولية ،وبني �صانعي ال�سيا�سة العاملية ،تقول ماريا خو�سيه ف�شئنا �أم �أبينا ،طال الوقت �أم ق�صر، اجلدل العقيمِ ،
87
أمن البيئة
الإفريقي ،وجنوب �شرق �آ�سيا)� ،إ�ضافة �إلى االجتماعات فرينانديز ،الباحثة يف العالقات الدولية ،يف جامعة �سالتا
املُنف�صلة ،التي جرت مع املجتمع املدين ،يف املناطق بالأرجنتني� :إذا �س ِّلمنا بوجود ظاهرة ُّ
التغي املناخي،
ذاتها ،وقد �أكدت هذه املُ�شاورات على تن ُّوع العوامل امل�ؤدية التي يت�سبب فيها الب�شر ب ِن�سبة كبرية ،ف�إنه ال ُيكننا
للتهجري العابر للحدود ،وو�ضوحها على طبيعة التنقل �أن ُننكر ال�ضمانات الوا�ضحة لها على حقوق الإن�سان،
الب�شري ب�شكل عام�ِ ،ضمن �سياقات التهجري ،وعالوة على لكن الأمر الذي مازال غري وا�ضح ،كيفية ودرجة و�صف
ذلك �س َّلطت املُ�شاورات ال�ضوء على الطبيعة الإقليمية لهذه ت�أثريات التغري املناخي ،على �أنها متثل انتهاكـًا حلقوق
التح ُّركات. الإن�سان ،باملعنى القانوين البحت ،فالقانون ال يرى �شيئــًا
و�أخري ًا فقد �أجمع امل�شاركون على �ضرورة �أن ت�ستعد ا�سمه «الجئو املناخ» ،رغم اال�ستخدام الوا�سع لذلك
حكومات العامل ،ملوجات من الهجرات اجلماعية ،الناجمة املُ�صطلح،كون الق�ضايا املناخية والبيئة ،ال تقع ِ�ضمن
عن االرتفاع العاملي يف درجات احلرارة� ،أو احتمال تعريف «الالجئ» يف اتفاقية عام1951م ،ومع ذلك ُيكن
مواجهة نتائج كارثية ،كما �أجمعوا على �أهمية العمل على تطبيق مبد�أ عدم الإعادة الق�سرية ،على احلاالت التي ال
احلد من ظاهرة الهجرة من الريف �إلى املُدن ،وذلك من يوجد فيها �أمل معقول بعودة املهاجرين� ،إلى الأو�ضاع التي
ل�سكان الريف، ِخالل مزيد من العناية والرعاية والدعم ُ تُهدد حياتهم ،فالتغري املناخي غالبـًا ما ُينظر �إليه على �أنه
التم�سك ب�أرا�ضيهم ،وت�أمني ُّ وجعلهم �أكرث حر�صــًا على ُعن�صر ُم�ضاعف للمخاطر ،يف �سياق الظروف االجتماعية
التو�صل �إلى اتفاقية
ُ�سبل احلياة الكرمية لهم ،و�ضرورة ُّ واالقت�صادية والبيئية القائمة ُم�سبقـًا ،والتي متثل عنا�صر
دولية ،تتع َّلق بق�ضايا اللجوء البيئي ،بحيث ُيكن للدول �أ�سا�سية من عنا�صر اخلطر ،ل ُكل ُمتمع حم ِّلي..
ال�سعي ب�شكل جاد ،يف طريق و�ضع حلول واقعية ،وينبغي
و�سبل الإ�سهام التوعية باملُ�شكلة ،و�أبعادها ،وخماطرهاُ ، ُمـبـادرة نـانـسن
يف ح ِّلها ،على �أن تُ�س َتخدَ م يف التوعية و�سائط الإعالم وبرغم �أن ق�ضية اللجوء البيئي ،مل تُ�صنف على �صعيد
املُختلفة ،املرئية وامل�سموعة واملقروءة� ،إلى جانب االهتمام القانون الدويل� ،إ َّال �أن ثمة جهود تُبذل ،يف حماولة
والرعاية ال�صحية املُتكاملة ،ل�ضحايا النزوح البيئي ،ملنع لإيجاد ت�شريع دويل ،يفك الطال�سم الفل�سفية املُثارة
انت�شار الأمرا�ض املُعدية ،فيما بينهم� ،أو لغريهم ،من حول هذه الق�ضية ،ومن �أهم هذه اجلهود�..إطالق ُكل
قاطني املناطق املُ�ستقبلة لهم ،واال�ستفادة من التط ُّور من احلكومتني الرنويجية وال�سوي�سرية ،يف �أواخر عام
التقني ،يف عمليات غوث و�إجالء وتوطني الالجئني ،وكذا 2012م ،ملُبادرة (نان�سن) ،بهدف بناء �إجماع دويل ،حول
التنب�ؤ ور�صد الكوارث الطبيعية ،املُرتبطة بالتغري املناخي، املبادئ والعنا�صر الرئي�سة املُتع ِّلقة بحماية املهجرين عرب
ف�إذا كان هذا التغري املناخي قد �أوجد ظاهرة جديدة، احلدود الدولية ،يف �سياق الكوارث ،مبا يف ذلك التهجري
وخطرية ،متتد تداعياتها وحتدياتها �إلى االقت�صاد املُرتبط بتداعيات التغري املناخي .
واالجتماع وال�سيا�سة ،ناهيك عن اخلطر الأكرب على وحول هذه املُبادرة و�أهميتها ،حتدث والرت كالني ،مبعوث
البيئة ،بكل عنا�صرهاُ ،مك ِّوناتها ،ف�إن هذا التغري يجب رئا�سة مبادرة نان�سن ،قائ ًال :على مدار ما ُيناهز الثالث
�أن يخ ِلق مفهومــًا جديدً ا ،و�أقوى للت�ضامن� « ،إذ �أنه يف�سح �سنوات ،حددت عملية ُمبادرة نان�سن اال�ست�شارية،
الطريق للتعاون الدويل ،يف مواجهة املُ�شكالت العاملية ،ويف جمموعة �أدوات وخيارات ال�سيا�سة املُحتملة ،املعن َّية
ُمقدِّ متها ُم�شكلتي النزوح ،واالحرتار العاملي ،اللتان تُذ ِّكرنا بالت�صدِّ ي لتحديات التهجري العابر للحدود ،واال�ستعداد
ب�أن كل الأ�شياء ترتبط بع�ضها البع�ض ،فحتى لو كان العامل واال�ستجابة لها ،يف �أوقات الكوارث ،مبا فيها �آثار تغري
بطرق عديدة ،فمازال ُمنق�سمــًا ،وكانت ال�شعوب ُم�صنـَّفةُ ، املناخ ،فقد ُع ِقدت ُم�شاورات حكومية دولية ،يف �ضيافة
يجمعنا كوكب واحد ،هو كوكب الأر�ض ،الذي نحن جميعــًا �أع�ضاء الفريق التوجيهي ملبادرة نان�س ،يف مناطق فرعية
ُجزء منه. (منطقة املحيط الهادي ،و�أمريكا الو�سطى ،والقرن
88
العدد ٤٢١
89