Professional Documents
Culture Documents
مدخل الى النظرية الماركسية
مدخل الى النظرية الماركسية
النظرية الماركسية
المحتويات:
مقدمة ️▪
️▪ مصادر الماركسية الثالثة و أقسامها المكونة الثالثة
️▪أهمية النظرية الماركسية
2
مدخل الى النظرية الماركسية
مقدمة:
3
مدخل الى النظرية الماركسية
إن المادية هي فلسفة الماركسية ،في غضون كل تاريخ أوروبا الحديث ،السيما في أواخر القرن الثامن عشر ،في
فرنسا ،حيث كان يجري نضال حاسم ضد كل نفايات القرون الوسطى ،ضد اإلقطاعية في النهاية ،واألمينة لجميع
تعاليم العلوم الطبيعية ،والمعادية لألوهام ولتصّن ع التقوى و ...الخ ،ولذا بذل أعداء الديموقراطية كل قواهم
لـ"دحض" المادية ،لتقويضها ،لالفتراء عليها؛ ودافعوا عن شتى أشكال المثالية الفلسفية التي تؤول ابرادا ،على نحو
أو آخر ،إلى الدفاع عن الدين أو إلى نصرته.
وقد دافع ماركس وانجلس بكل حزم عن المادية الفلسفية وبّي نا مرارا عديدة ما في جميع االنحرافات عن هذا
األساس من أخطاء عميقة ،ووجهات نظرهم معروضة بأكثر ما يكون من الوضوح والتفاصيل في مؤلفي أنجلس:
"لودفيغ فورباخ" و"دحض دوهرينغ" ،اللذين هما ،على غرار "البيان الشيوعي" ،الكتابان المفضالن لدى كل عامل
واع.
ولكن ماركس لم يتوقف عند مادية القرن الثامن عشر ،بل دفع الفلسفة خطوات إلى األمام ،فأغناه بمكتسبات
الفلسفة الكالسيكية األلمانية ،والسيما بمكتسبات مذهب هيغل ،الذي قاد بدوره إلى مادية فيورباخ .وأهم هذه
المكتسبات ،الديالكتيك ،أي نظرية التطور بأكمل مظاهرها وأشدها عمقا ،وأكثرها بعدا عن ضيق األفق ،نظرية نسبية
المعارف اإلنسانية التي عكس المادية في تطورها الدائم .إن أحدث اكتشافات العلوم الطبيعية – الراديوم،
وااللكترونات ،وتحّو ل العناصر – قد أثبتت بشكل رائع صحة مادية ماركس الديالكتيكية ،رغم أنف مذاهب الفالسفة
البرجوازيين ورغم رّد اتهم "الجديدة" نحور المثالية القديمة المهترئة.
وقد عمق ماركس المادية الفلسفية وطّو رها ،فانتهى بها إلى نهايتها المنطقية ووسع نطاقها من معرفة الطبيعة إلى
معرفة المجتمع البشري .إن مادية ماركس التأريخية كانت أكبر انتصار أحرزه الفكر العلمي ،فعلى إثر البلبلة
واالعتباط اللذين كان سائدان حتى ذلك الحين في مفاهيم السياسة والتاريخ ،جاءت نظرية علمية ،روعة في
التناسق والتجانس واالنسجام ،تبّي ن كيف ينبثق ويتطور ،من شكل معين من التنظيم االجتماعي ،ومن جراء نمو
القوى المنتجة ،شكل آخر ،أرفع – ،كيف تولد الرأسمالية من اإلقطاعية ،مثًال.
وكما أن معرفة اإلنسان تعكس الطبيعة القائمة بصورة مستقلة عنه ،أي المادة في طريق التطور ،كذلك تعكس معرفة
اإلنسان االجتماعية (أي مختلف اآلراء والمذاهب الفلسفية أو الدينية والسياسية ،الخ ).نظام المجتمع االقتصادي،
إن المؤسسات السياسية تقوم كبناء فوقي على أساس اقتصادي ،فإننا نرى ،مثال كيف أن مختلف األشكال السياسية
للدول األوروبية العصرية هي أداة لتعزيز سيطرة البرجوازية على البروليتاريا.
إن فلسفة ماركس هي مادية فلسفية كاملة ،أعطت اإلنسانية ،والطبقة العاملة بخاصة ،أدوات جبارة للمعرفة.
بعدما الحظ ماركس أن النظام االقتصادي يشكل األساس الذي يقوم عليه البناء الفوقي السياسي ،أعار انتباهه أكثر
ما أعاره لدراسة هذا النظام االقتصادي ،ومؤلف ماركس الرئيسي "رأس المال" مكّر س لدراسة النظام االقتصادي في
المجتمع الحديث ،أي الرأسمالي.
لقد تكون االقتصاد السياسي الكالسيكي ،ما قبل ماركس في انجلترا ،وكان أكثر البلدان الرأسمالية تطورا .فقد درس
آدم سميث ودافيد ريكاردو النظام االقتصادي فسجال بداية نظرية "قيمة العمل" .وواصل ماركس عملهما .فأعطى
هذه النظرية أساسا علميا خالصا وطورها بصورة منسجمة إلى النهاية ،وبّي ن أن قيمة كل بضاعة مشروطة بوقت
العمل الضروري إجماال إلنتاج هذه البضاعة.
وحيث كان االقتصاديون البرجوازيون يرون عالقات بين األشياء (مبادلة بضاعة ببضاعة أخرى) ،اكتشف ماركس
عالقات بين الناس المنفردين .والمال (النقد) يعني أن هذه الصلة تزداد وثوقا ،جامعة في كل واحد ال يتجزأ كل
حياة المنتجين المنفردين االقتصادية .والرأسمال يعني استمرار تطور هذه الصلة .فإن قوة عمل اإلنسان تغدو
بضاعة .فاألجير يبيع قوة عمله لمالك األرض ولصاحب المصنع وأدوات اإلنتاج ،والعامل يستخدم قسما من يوم
العمل لتغطية نفقات إعالته وإعالة أسرته (األجرة)؛ ويستخدم القسم اآلخر للشغل مجانا ،خالقا للرأسمالي القيمة
الزائدة ،التي هي مصدر ربح ،مصدر إثراء للطبقة الرأسمالية.
4
مدخل الى النظرية الماركسية
إن نظرية القيمة الزائدة تشكل حجر الزاوية في نظرية ماركس االقتصادية.
إن الرأسمال الذي يخلقه عمل العامل ينيخ بثـقله على العامل ،يخرب صغار أرباب العمل ،وينشئ جيشا من العاطلين
عن العمل .وانتصار اإلنتاج الضخم في الصناعة أمر ظاهر من نظرة األولى؛ ولكننا لنالحظ ظاهرة مماثلة في الزراعة
أيضا :فإن تفوق االستثمار الزراعي الرأسمالي الضخم واستخدام اآلالت يزدادان ،واالستثمارات الفالحية تقع في
ربقة الرأسمالي النقدي وتنحط ويحل بها الخراب تحت وطأة تكنيكها المتـأخر ،إن أشكال هذا االنحطاط في اإلنتاج
الصغير تختلف في الزراعة عنها في الصناعة ،ولكن االنحطاط نفسه واقع ال جدال فيه.
إن الرأسمال ،إذ يغلب على اإلنتاج الصغير ،يؤدي إلى زيادة إنتاجية العمل وإلى خلق وضع احتكاري في صالح
جمعيات الرأسماليين الكبار .وصفة اإلنتاج االجتماعية تزداد بروزا يوم بعد يوم .مئات اآلالف والماليين من العمال
ُي جمعون في هيئة اقتصادية متناسقة ،بينما قبضة من الرأسماليين تستملك نتاج العمل المشترك .وتشتد فوضى
اإلنتاج ،واألزمات والركض المجنون وراء األسواق ،وعدم ضمان العيش لسواد السكان.
إن النظام الرأسمالي يزيد من تبعية العمال إزاء الرأسمال ويخلق في الوقت نفسه قدرة العمل الموحد الكبيرة.
لقد تتبع ماركس تطور الرأسمالية من عناصر االقتصاد البضاعي األولية والتبادل البسيط وحتى أشكالها العليا،
اإلنتاج الكبير.
وإن تجربة جميع البلدان الرأسمالية ،القديمة منها والجديدة ،تبّي ن بوضوح وسنة بعد سنة ،صحة مذهب ماركس
هذا لعدد متزايد أبدا من العمال.
لقد انتصرت الرأسمالية في العالم بأسره ،ولكن هذا النتصار ليس سوى المقدمة النتصار العمال على الرأسمال.
عندما ُد ك النظام االقطاعي ،ورأى المجتمع الرأسمالي "الحر" النور ،تبين فورا أن هذه الحرية تعني نظاما جديدا
الضطهاد الشغيلة واستثمارهم ،وفورا أخذت تنبثق شتى المذاهب االشتراكية انعكاسا لهذا االضطهاد واحتجاجا
عليه ،ولكن االشتراكية البدائية كانت اشتراكية طوباوية .فقد كانت تنتقد المجتمع الرأسمالي ،تشجبه ،تلعنه ،وتحلم
بازالته ،وتتخيل نظاما أفضل؛ وتسعى إلى إقناع األغنياء بأن االستثمار مناف لألخالق.
ولكن االشتراكية الطوباوية لم تكن بقادرة على اإلشارة إلى مخرج حقيقي .ولم تكن لتعرف كيف تفسر طبيعة
العبودية المأجورة في ظل النظام الرأسمالي ،وال كيف تكتشف قوانين تطور الرأسمالية ،وال كيف تجد القوة
الجماعية القادرة على انتصار خالقة المجتمع الجديد.
غير أن الثورات العاصفة التي رافقت سقوط اإلقطاعية ،القنانة ،في كل مكان من أوروبا وخاصة في فرنسا ،بّي ـنت
بوضوح متزايد على الدوام أن النضال الطبقي هو أساس كل التطور وقوته المحركة.
فما من حرية سياسية تم انتزاعها من طبقة اإلقطاعيين دون مقاومة يائسة .وما من بلد رأسمالي قام على أساس
حر ،ديموقراطي ،إلى هذا الحد أو ذاك ،دون قيام نضال حتى الموت بين مختلف طبقات المجتمع الرأسمالي.
ومن عبقرية ماركس ،أنه كان أول من استخلص هذا االستنتاج الذي ينطوي عليه التاريخ العالمي وطبقه بصورة
منسجمة إلى النهاية ،وهذا االستنتاج هو مذهب النضال الطبقي.
لقد كان الناس وسيظلون أبدا ،في حقل السياسة ،أناسا سذجا يخدعهم اآلخرون ويخدعون أنفسهم ،ما لم يتعلموا
استشفاف مصالح هذه الطبقات أو تلك وراء التعابير والبيانات والوعود األخالقية والدينية والسياسية
واالجتماعية .فإن أنصار اإلصالحات والتحسينات سيكونون أبدا عرضة لخداع المدافعين عن األوضاع القديمة
طالما أدركوا أن قوى هذه الطبقات السائدة أو تلك تدعم كل مؤسسة قديمة مهما ظهر فيها من بربرية واهتراء،
فلكي نسحق مقاومة هذه الطبقات ليس ثمة سوى وسيلة واحدة هي أن نجد في نفس المجتمع الذي يحيط بنا
القوى التي تستطيع – وينبغي عليها بحكم وضعها االجتماعي – أن تغدو القوة القادرة على تكنيس القديم وخلق
الجديد ثم أن نثـقف هذه القوى وننظمها للنضال.
فقط مادية ماركس الفلسفية بينت للبروليتاريا الطريق الواجب سلوكه للخروج من العبودية الفكرية التي كانت
تتخبط فيها حتى ذلك جميع الطبقات المظلومة .فقط نظرية ماركس االقتصادية أوضحت وضع البروليتاريا
الحقيقي في مجمل النظام الرأسمالي.
إن المنظمات البروليتارية المستقلة تتكاثر في العالم بأسره من أمريكا إلى اليابان ومن اسوج إلى إفريقيا الجنوبية،
والبروليتاريا تتعلم وتتربى في غمرة نضالها الطبقي وتتحرر من أوهام المجتمع البرجوازي وتزداد تالحما على
الدوام وتتعلم كيف تقدر نجاحاتها حق قدرها وتوطد قواها وتنمو بشكل ال مرد له.
5
مدخل الى النظرية الماركسية
6
مدخل الى النظرية الماركسية
لنأخذ بعض األمثلة على ذلك .في نوفمبر ،1918استطاعت الثورة في ألمانيا اإلطاحة بالقيصر وبناء مجالس عمالية
مثل السوفيتات في روسيا ،إال أن الجنراالت ومالك المصانع قد حافظوا على مواقعهم في المجتمع .وفي 1919
اغتال ضباط الجيش كل من روزا لكسمبرج وكارل ليبكنخت وعدد آخر من القادة الشيوعيين ،وبعد عدد من
السنوات اعتلى النازيون السلطة في ألمانيا .هكذا تحولت ثورة الجماهير إلى ثورة مضادة عليهم.
في ،1979تطورت سلسلة من اإلضرابات العمالية في إيران إلى إضراب عام في البالد بقيادة مجالس العمال
(شورى) واستطاعت اإلطاحة بالشاه .كان كل من الحزب الشيوعي اإليراني (تودة) وحركة الفدائيين ،يمثلون القيادة
الحقيقية للعمال ،لكنهما كانا تابعين لسياسات موسكو .ولألسف قام الشيوعيون بالتحالف مع آية الله الخوميني،
وهو نفسه الذي ذبحهم بعد ذلك.
مثال آخر من أندونيسيا .عندما نال الشعب األندونيسي االستقالل عن هولندا في ،1949تولى البرجوازي الوطني
أحمد سوكارنو قيادة البلد .كانت أيديولوجيته ترتكز على مبادئ الـ”بانكاسيال” ،وأسسها الرئيسية هي اإليمان بالله
وبالوحدة الوطنية .لألسف الشديد لم يقم الحزب الشيوعي بتحدي سوكارنو ،بل على العكس اتفق معه تماما على
الحاجة إلى الوحدة الوطنية .وكانت النتيجة أن كلمات سان جوست تحققت .كان لدى الحزب الشيوعي اإلندونيسي
من األعضاء ما يفوق بكثير عدد أعضاء الحزب البلشفي وقت الثورة :ثالثة ماليين عضو في مقابل ربع مليون
عضو .الطبقة العاملة اإلندونيسية كانت أكبر من الطبقة العاملة الروسية عشية الثورة .الفالحون كانوا أكثر عددا في
إندونيسيا منهم في روسيا .ولكن في 1965نظم جنرال عّي نه سوكارنو ،اسمه سوهارتو ،انقالبا بدعم الواليات
المتحدة وحكومتي حزب العمال في بريطانيا واستراليا .والنتيجة أن ما بين نصف مليون ومليون شخص تم
ذبحهم.
يجب علينا أن نتعلم من تجارب الماضي من أجل االستعداد للمستقبل .يجب ،على سبيل المثال ،أن ندرس االقتصاد
الماركسي لنفهم تناقضات النظام الرأسمالي التي تدفعه للسقوط في هوة أزمات وانفجارات عنيفة.
والقيادة في النضال تتطلب وضع استراتيجيات واضحة للمستقبل ،ولذلك يجب على القيادة الثورية أن يكون لديها
فهم نظري عميق للمجتمع واالقتصاد والسياسة والتاريخ والفلسفة ،إلخ.
ليس من الجيد أن يكون الفهم النظري الذي نتحدث عنه محصورًا في إطار مجموعة صغيرة من أعضاء الحزب،
وهكذا جادل لينين حول ضرورة معرفة كل عضو من أعضاء الحزب الثوري بالماركسية .بيد أن الحزب الثوري ال
يمكن أن يكون نسخة موازية للمصنع أو الجيش في ظل النظام الرأسمالي .حيث أنه في المصنع يقرر الرأسماليون
والمديرون كل شيء وعلى العمال أن ينفذوا القرارات فقط ،وفي الجيش يصدر الضباط األوامر وما على الجنود إال
الطاعة العمياء .أما في الحزب الثوري ،يجب أن يكون لكل عضو الحق والمساحة والقدرة على التفكير والمشاركة
في اتخاذ القرار وتنفيذه أيضًا .
يمكن بالتأكيد أن يكون هناك تفاوت في مستوى الوعي والمعرفة النظرية بين أعضاء منظمة أو حزب ثوري واحد.
لكن هذه الدرجة من التفاوت يجب ،بشكل إرادي ،أن يتم تجاوزها عن طريق رفع مستوى وعي ومعرفة كافة
األعضاء .حيث أن أخطر شيء يمكن أن يلحق بالحزب الثوري من الداخل هو أن يسيطر على قرارات الحزب
مجموعة من المثقفين المعزولين عن الواقع ،وأن يدعوا أنهم يمثلون السياسة الثورية للبروليتاريا .يمكن اعتبار ذلك
بمثابة إهانة حقيقية للعمال داخل الحزب ،حيث أن ذلك ينفي قدرة العمال على فهم النظرية واستيعابها وبالتالي
المشاركة في صياغة توجهات الحزب.
7
مدخل الى النظرية الماركسية
قضى ماركس 26عامًا من حياته في كتابة “رأس المال” .لماذا إذن كل تلك الفترة الطويلة؟! مع العلم بأنه لم ينه
الكتاب حتى وفاته .تم نشر الجزء األول فقط أثناء حياته ،أما األجزاء الثاني والثالث فقد حررهما إنجلز بعد وفاة
ماركس .لماذا أيضًا كان الماركسيون الروس ينظمون ندوات ومحاضرات ليلية طوال تسعينات القرن التاسع عشر
لتعليم العمال الماركسية الثورية؟ تكمن اإلجابة على هذه األسئلة في إدراك أهمية النظرية الثورية بالنسبة للحركة
الثورية.
أحد أهم األعمال التي تدافع عن دور النظرية في بناء وعمل الحزب الثوري هو كتاب لينين “ما العمل؟” ،الذي أنجزه
عام ،1902حيث جادل لينين في هذا الكتاب ضد خصومه (االقتصادويين) الذين كانوا يزعمون أن وعي العمال ال
يمكن أن يتجاوز الوعي االقتصادي ،وبالتالي فإن نضالهم ال يمكن هو اآلخر أن يتجاوز النضال النقابي من أجل رفع
األجور أو تقليص عدد ساعات العمل .كما أكد الماركسي اإليطالي ،أنطونيو جرامشي ،في كثير من كتاباته ،على
ضرورة أن يتسلح العمال بالنظرية الثورية.
وعلى الرغم من أهمية أن يتسلح الثوريين ويتماسكوا على النظرية الثورية ،والدور الهام الذي يلعبه المثقفون
الثوريون في صفوف أحزابهم ،إال أن هناك العديد من األمثلة التاريخية التي توضح كيف أن الكثير منهم كان في
موضع هجوم شرس ،فقط ألنهم مثقفون .هكذا كان الجناح اليميني في الحزب االشتراكي الديمقراطي األلماني
يهاجم روزا لكسمبرج بكل حدة .ربما كانوا يكرهون حقيقة أنها امرأة ،أو أنها ليست ألمانية (كانت روزا من أصل
بولندي) .وهكذا أيضًا كان الوضع مشابه لما حدث مع ليون تروتسكي منذ 1923حينما كان لينين على فراش الموت،
حيث هاجمه ستالين باعتباره “من المثقفين” ،والحقًا قام بإبعاده تمامًا باعتباره “من الغرباء” في إشارة سافرة إلى
أصله اليهودي.
لكن بشكل عام ،فإن سوء تقدير أو تسفيه أهمية دور النظرية الثورية والتماسك عليها والتسلح بها ،يعد إهانة
واحتقار للعمال ،حيث أن ذلك يفترض خطئًا أن العمال غير قادرين على استيعاب األفكار الثورية أو على األقل غير
مهتمين بها.
إال أن قراءة األدبيات أو االستماع إلى بعض المحاضرات حول الماركسية الثورية ليسا كافيين لتماسك عضوية
حزب أو منظمة ثورية على األفكار الماركسية ،فالتماسك على األفكار يجب أن يأخذ منحى أكثر عملية في الواقع.
وحينما أكد لينين على أن كل عضو في الحزب الثوري هو قائد للنضال ،كان يعني أن كل عامل في الحزب ينبغي أن
تكون لديه القدرة على قيادة نضال زمالئه غير األعضاء في الحزب .وبهذا المعنى ينبغي على كل عضو في الحزب
الثوري أن يقدم إجابات حية لتساؤالت زمالئه في العمل أو جيرانه ،إلخ ،حول ما يجري حولنا من أحداث.
لنعطي مثاًال على ذلك :الكثير من الناس يتساءلون “لماذا نسعى لثورة ..ألم تؤدي الثورة الروسية إلى الطغيان
واالستبداد؟!” .في هذه الحالة ،على عضو الحزب الثوري أن يكون لديه القاعدة النظرية والمعرفة التي تؤهله لكي
يوضح ويشرح ما حدث لروسيا بعد الثورة ،مثل هزيمة الثورة في ألمانيا مما أدى لعزلة روسيا ،النحطاط السلطة
فيها ،لصعود ستالين الذي قضى على الثورة وبنى رأسمالية الدولة في روسيا التي اعتمدت القهر واالستبداد
السياسي واالقتصادي .وهكذا فإن الحوارات الدائمة بين األعضاء الحزبيين والناس العاديين توضح لألعضاء ما
يعرفونه وما يريدون إقناع الناس به ،واألهم من ذلك ،ما ال يعرفونه وما يجب أن يطلعوا عليه ويتعلموه.
إن جوهر الماركسية يكمن في فلسفة الجدل (الديالكتيك) .لذا فإن الحوار والجدال الدائم حول األفكار بين أعضاء
الحزب وبقية الناس ،أمر حيوي للغاية .لكن كيف يمكن أن ينخرط عضو الحزب في نقاشات مثل هذه مع بقية الناس
غير األعضاء في الحزب؟ قد يكون أحد الوسائل إلى ذلك هو بيع الجريدة الثورية ،ليس فقط في المظاهرات وفي
الشوارع ،لكن األهم من ذلك على زمالئهم في أماكن العمل أو الجامعات وعلى جيرانهم ،وفي األوساط التي
يتواجدون فيها بشكل طبيعي.
تلك هي إحدى األفكار األساسية للينين ،حيث اعتبر الجريدة الثورية بمثابة الناظم الجماعي ألعضاء الحزب الثوري.
8
تيار اليسار الثوري في سوريا
www.revoleftsyria.org
اتصل بنا
(0045) 91 60 50 22